مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة

التويجري، محمد بن إبراهيم

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة إنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِيْنُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [آل عمران/ 102]. { ... يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} [النساء/1]. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب/70 - 71]. أما بعد: فإن خيرَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرُ الهُدَى هُدَى محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وشرُّ الأمورِ مُحْدثَاتُها، وكلُّ مُحْدَثة بِدْعةٌ، وكلُّ بِدْعَةٍ ضلالةٌ، وَكُلُّ ضَلالَةٍ في النَّارِ. أخي المسلم الكريم: لا ريب أن الفقه في الدين أفضل الأعمال وأزكاها وأشرفها وأعظمهاوأجلها، فهو معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، ومعرفة دينه وشرعه، ومعرفة أنبيائه ورسله، والعمل بموجب ذلك إيماناً واعتقاداً .. قولاً وعملاً ..

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّيْنِ» متفق عليه (¬1). وحيث أن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، ولتفشي الشرك والجهل، وانتشار البدع والمعاصي وغيرها مما عمَّ وطمَّ، وقياماً بواجب الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتذكرةً لنفسي وإخواني، طالباً مرضاة ربي أولاً، وعسى أن يتفقه طالب، ويتعلم جاهل، ويتذكر ناس، ويتوب عاص، ويهتدي ضال، ويلين قاس، لذا رأيت من واجبي وشكراً لنعمة الله عليَّ مشاركة إخواني في نشر هذا الدين، والدعوة إليه. فيسَّر الله لي بمنِّه وفضله، وتوفيقه وعونه، وضع هذا الكتاب وإعداده، وجمعه وترتيبه من كتب متعددة، ومراجع متنوعة في التوحيد والإيمان، والأخلاق والآداب، والأذكار والأدعية، والأحكام ... الخ. وقد جاء الكتابُ بفضل الله مزيناً ومتوجاً بالآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الصحيحة، وجعلته في الفروع على قول واحد، راجياً من الله أن يكون هو الصواب، وذلك ليسهل على المستفيد - وخاصة المبتدئ - تحصيل مطلوبه بيسر. وقد اختصرته وسهَّلت أسلوبه وعرضه لينتفع به العالمُ والمبتدئ، بقليل من الوقت، ويسير من الجهد. فجاء الكتابُ بفضل الله وحده مملؤاً بالعلم، خفيفاً في الحمل، وسطاً في الحجم. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (71)، ومسلم برقم (1037).

يستفيد منه العابد في عبادته، والواعظ في وعظه، والمفتي في فتواه، والمعلم في تدريسه، والقاضي في حكمه، والتاجر في معاملاته، والداعي في دعوته، والمسلم في سائر أحواله .. فللَّه الحمد والمنَّة، وهو المحمود أولاً وآخراً. وقد اخترت عامة أصوله ومسائله في الفروع من كتب الفقهاء المطولة والمختصرة وغيرها، إلى جانب فتاوى كبار علماء السلف في الماضي والحاضر، واعتمدت الراجح من أقوال الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله وغيرهم من علماء الإسلام إذا ظهرت قوة دليله. وقد اجتهدت أن تكون مسائلُ الكتاب في أبواب التوحيد والإيمان والأحكام وغيرها مبنيةً على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة الصحيحة، أو من أحدهما. وما لم يرد فيه نص صريح صحيح اعتمدت فيه أقوال واختيارات الأئمة المجتهدين من سلف الأمة في الماضي والحاضر. وبسطت ذكر الأدلة الشرعية في أبواب التوحيد والإيمان، والعلم، والفضائل، والأخلاق، والآداب، والأذكار، والأدعية؛ لحاجة كل مسلم إلى ذلك. واكتفيت غالباً بالحكم عن الدليل والتعليل في جميع أبواب فقه الأحكام؛ لئلا يطول الكتاب، وتتشعب مسائله، ويخرج عن الهدف الذي كُتب من أجله. ومن أراد معرفة الأدلة الشرعية فليطلبها في كتب الفقه المطولة كالمغني، والفتاوى، والأم، والمبسوط، والمدونة وغيرها من كتب الفقه والحديث.

ومن أراد بسط مسائل أعمال القلوب بأدلتها من الكتاب والسنة فليرجع إلى كتابنا (موسوعة فقه القلوب) (4) مجلدات، ومن أراد بسط مسائل التوحيد والإيمان والأحكام الشرعية بأدلتها من الكتاب والسنة فليرجع إلى كتابنا المبسوط (موسوعة الفقه الإسلامي) (5) مجلدات. وأحياناً أذكر الدليل في مسائل الأحكام إما لأهمية المسألة، أو كثرة وقوعها، أو للترغيب بها، أو الترهيب منها. والمادة العلمية للكتاب تستند إلى أصلين عظيمين هما: القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة بفهم سلف الأمة. وقد وفقني الله فعزوت الآيات القرآنية الكريمة إلى مكانها بذكر اسم السورة ورقم الآية. أما الأحاديث النبوية: فقد اجتهدت ألّا أُثبت في الكتاب إلا ما كان حديثاً صحيحاً، أو حسناً، مع ذكر مصدره في كتب الحديث، والحكم عليه بالصحة أو الحسن كما يلي: 1 - تم نقل وضبط جميع الأحاديث الواردة في الكتاب من أصولها الصحيحة. 2 - إذا كان الحديث في صحيحي (البخاري ومسلم) ذكرت رقمه في كل منهما، وإن كان في أحدهما ذكرته مع رقمه فيه، وأحياناً أذكر مع أحدهما مَنْ أخرج الحديث في كتب السنة الأخرى لزيادة فائدة وأثبت لفظه. 3 - إذا كان الحديث في غير الصحيحين كالمسند، والسنن الأربع، والدارمي

وغيرها من كتب السنة الأخرى ذكرت له مصدرين، وأحياناً أقل، وأحياناً أكثر، مع ذكر رقمه في الأصل. 4 - اعتمدت في تخريج الأحاديث ذكر رقم الحديث من مصدره، وإذا لم يكن للمصدر ترقيم عام ذكرت رقم الجزء والصفحة. 5 - إذا كان الحديث في غير الصحيحين، فعند التخريج اعتمدت كتابة (صحيح أو حسن) أمام كل حديث للحكم بصحة الحديث أو حسنه، مستنداً في ذلك إلى أئمة هذا الشأن من المتقدمين والمتأخرين. 6 - إذا تكرر الحديث في موضع آخر كررت تخريجه معه غالباً، وأحياناً أُدرج الحديث الصحيح أو بعضه لبيان حكم، أو ترغيب، أو ترهيب. والكتاب الذي بين أيدينا تعريف عام بدين الإسلام، عقيدة وأحكاماً، وأخلاقاً وآداباً، جمعت فيه ما تفرق، وألّفت بين أبوابه ومسائله وأدلته. وسميته «مختصر الفقه الإسلامي» أوله التوحيد والإيمان، وأوسطه السنن والأحكام، وآخره الدعوة إلى الله. وقد جعلته في عشرة أبواب مرتبة على النحو التالي: 1 - الباب الأول: التوحيد والإيمان. 2 - الباب الثاني: فقه القرآن والسنة في الفضائل، والأخلاق، والآداب، ... والأذكار، والأدعية. 3 - الباب الثالث: العبادات.

4 - الباب الرابع: المعاملات. 5 - الباب الخامس: كتاب النكاح وتوابعه. 6 - الباب السادس: كتاب الفرائض. 7 - الباب السابع: كتاب القصاص والحدود. 8 - الباب الثامن: كتاب القضاء. 9 - الباب التاسع: كتاب الجهاد في سبيل الله. 10 - الباب العاشر: الدعوة إلى الله. وهذا الكتاب المقصود منه معرفة الرب المعبود، وبيان أحكام الدين، وترغيب الناس في لزوم الصراط المستقيم. وقد جاء هذا الوعاء الواسع للفقه بفضل الله وحده سهل المأخذ، داني القطوف، حسن الألفاظ، غزير المعاني، مختصر العبارة. يسعف الغني والمحتاج بطلبته .. ويعينه على بلوغ غايته .. دون عناء أو سأم أو ملل. محرك للقلوب إلى أجلِّ مطلوب. مشتمل على بدائع الفوائد .. ممتع للقارئ والسامع .. مثير ساكن العزمات إلى روضات الجنات. يلامس القلوب المؤمنة .. ويداوي الجراح المنفجرة .. ويسكن الأوجاع الملتهبة .. ويطرد كل بدعة وجهالة .. ويقمع كل جبار ومنافق ومعاند.

جمعته وألفته ليكون جليساً للمقيم، وزاداً للمسافر، وأنيساً للمستوحش، وروضة للأسرة، ومأدبة للأمة. وقد جاء هذا الغيث المنسجم بفضل الله جامعاً بين القرآن والسنة .. والمنقول والمعقول .. والترغيب والترهيب. يَسْبح في فلك التوحيد والشريعة، ويقرر الحق والسنة والفضيلة، ويحطم الشرك والبدع والرذيلة. أسأل الله عز وجل أن يجعله قرة لعيون الموحدين، ومصباحاً للمتعبدين، وزاداً للدعاة والمعلمين، ومناراً للتائهين، ونوراً للسائرين. وإليك أخي المسلم هذا الروض الذي تفتحت أزهاره، وطابت ثماره، وتفيأت ظلاله، وهو محض فضل الله عليّ ورحمته، ما كان فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان. وأسأله سبحانه العفو عمّا زل به اللسان، أو وقع سهواً في غير محله، فكل مؤلِّف ومصنِّف مع الحرص والتأني، وإمعان النظر، ومواصلة البحث والتأليف، وكثرة المسائل والأبواب، والبسط والاختصار قلما ينفك عن زلة، أو خطأ غير مقصود، خاصة في هذا الزمان الذي قلَّما يصفو للمؤلف فيه الذهن؛ لكثرة المشاغل والطوارق، وهجوم المنغصات والمزعجات، وتتابع البلايا والهموم. وكل بني آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون، فنسأله المغفرة والرضوان.

والقلم كالمكلف يخطئ ويصيب، ويبدي ويعيد، وليس من زلة البنان والأذهان أمان. فرحم الله مسلماً شكر ما رآه فيه من صواب، وأرشدني إلى ما رأى فيه من خطأ، من ناصح أمين، وصادق حكيم، يعالج الجروح التي قلَّما يسلم منها أحد، ولا يكسر العظام، ويزرع الفتن بين الخاص والعام. وهذا الدين العظيم بلا ريب لمن عمل به، ودعا إليه، وذب عنه، وصبر عليه. وفي الختام أسأل الله الكريم أن ينفعني به والمسلمين، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يتقبله مني، وأن يغفر لي، ويتجاوز عني، وعن والديَّ، وأهل بيتي، وعن كل من قرأه، أو سمعه، أو انتفع به، أو علّمه، أو أعان على نشره، وعن المسلمين أجمعين، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. كتبه الفقير إلى عفو ربه محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري المملكة العربية السعودية - بريدة جوال: 0508013222 - 0504953332 [email protected]

الباب الأول التوحيد والإيمان

الباب الأول التوحيد والإيمان 1 - التوحيد 2 - أقسام التوحيد 3 - العبادة 4 - الشرك 5 - أقسام الشرك 6 - الإسلام 7 - أركان الإسلام 8 - الإيمان 9 - من خصال الإيمان 10 - أركان الإيمان 11 - الإحسان 12 - كتاب العلم

1 - التوحيد

كتاب التوحيد والإيمان 1 - التوحيد - التوحيد: هو إفراد الله تعالى بما يختص به وما يجب له سبحانه. بأن يتيقن العبد أن الله واحد لا شريك له في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته. ومعناه: أن يتيقن العبد ويقر أن الله وحده رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق وحده، والمدبر للكون كله وحده، وأنه سبحانه هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وأن كل معبود سواه فهو باطل، وأنه سبحانه متصف بصفات الكمال، منزه عن كل عيب ونقص، له الأسماء الحسنى والصفات العلا. قال الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)} [طه/8]. - فقه التوحيد: الله جل جلاله واحد لا شريك له، أحد لا مثيل له في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، له الملك والخلق والأمر وحده لا شريك له. هو الملك وكل ما سواه مملوك له .. وهو الرب وكل ما سواه عبد له .. وهو الخالق وكل ما سواه مخلوق: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا} [الإخلاص/1 - 4]. وهو سبحانه القوي وكل ماسواه ضعيف .. وهو القادر وكل ما سواه عاجز .. وهو الكبير وكل ما سواه صغير .. وهو الغني وكل ما سواه فقير إليه .. وهو

العزيز، وكل ماسواه ذليل .. وهو الحق وكل معبود سواه باطل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30)} [لقمان/30]. وهو سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه .. العلي الذي لا اعلى منه .. الكبير الذي لا أكبرمنه .. الرحمن الذي لا أرحم منه. وهو سبحانه القوي الذي خلق القوة في كل قوي .. القادر الذي خلق القدرة في كل قادر .. الرحمن الذي خلق الرحمة في كل راحم .. العليم الذي علّم كل مخلوق .. الرزاق الذي الذي خلق جميع الأرزاق والمرزوقين: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)} [الأنعام/102]. وهو سبحانه الإله الحق الذي يستحق العبادة وحده دون سواه، لذاته وجلاله وجماله وجميل إحسانه، وله وحده الأسماء الحسنى والصفات العلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى/ 11]. وهو الحكيم العليم الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف/ 54]. وهو سبحانه الأول قبل كل شيء .. الآخر بعد كل شيء .. الظاهر فوق كل شيء .. الباطن دون كل شيء .. العليم بكل شيء وحده لا شريك له: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)} [الحديد/ 3].

2 - أقسام التوحيد

2 - أقسام التوحيد - التوحيد الذي دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب نوعان: 1 - الأول: توحيد في المعرفة والإثبات، ويسمى توحيد الربوبية والأسماء والصفات، وهو إثبات حقيقة ذات الرب تعالى، وتوحيد الله بأسمائه وصفاته وأفعاله. ومعناه: أن يتيقن العبد ويقر أن الله وحده هو الرب الخالق المالك المتصرف المدبر لهذا الكون، الكامل في ذاته، وأسمائه وصفاته، وأفعاله، العليم بكل شيء، المحيط بكل شيء، بيده الملك وهو على كل شيء قدير. له وحده الأسماء الحسنى، والصفات العلا: { ... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى/ 11]. 2 - الثاني: توحيد في القصد والطلب، ويسمى توحيد الألوهية والعبادة وهو إفراد الله بجميع أنواع العبادة كالدعاء والصلاة والخوف والرجاء ونحوها. ومعناه: أن يتيقن العبد ويقر أن الله وحده ذو الألوهية على خلقه أجمعين، وأنه سبحانه المستحق للعبادة وحده دون سواه، فلا يجوز صرف شيء من أنواع العبادة كالدعاء والصلاة والاستعانة والتوكل والخوف والرجاء والذبح والنذر ونحوها إلا للهِ وحده دون سواه، ومن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)} [المؤمنون/117]. - حكم الإقرار بالتوحيد: 1 - توحيد الألوهية والعبادة كَفَر به وجحده أكثر الخلق، ومن أجل ذلك أرسل الله الرسل إلى الناس، وأنزل عليهم الكتب، ليأمروهم بعبادة الله وحده، وتَرْك عبادة ما سواه. 1 - قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)} [الأنبياء/25].

حقيقة التوحيد ولبابه

2 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/36]. 2 - توحيد الربوبية يقر به الإنسان بموجب فطرته ونظره في الكون، والإقرار به وحده لا يكفي للإيمان بالله والنجاة من العذاب، فقد أقر به إبليس، وأقر به المشركون فلم ينفعهم لأنهم لم يقروا بتوحيد العبادة للهِ وحده. فمن أقر بتوحيد الربوبية فقط لم يكن موحداً ولا مسلماً، ولم يَحْرم دمه ولا ماله حتى يقر بتوحيد الألوهية، فيشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ويقر بأن الله وحده هو المستحق للعبادة دون سواه، ويلتزم بعبادة الله وحده لا شريك له. - توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية متلازمان: 1 - توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، فمن أقر بأن الله وحده هو الرب الخالق المالك الرازق لزمه أن يقر بأنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده، فلا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يصرف شيئاً من أنواع العبادة إلا للهِ وحده دون سواه، وتوحيد الألوهية مستلزم لتوحيد الربوبية فكل من عبد الله وحده ولم يشرك به شيئاً لا بد أن يكون قد اعتقد أن الله ربه وخالقه ومالكه. 2 - الربوبية والألوهية تارة يذكران معاً فيفترقان في المعنى فيكون معنى الرب المالك المتصرف ويكون معنى الإله المعبود بحق المستحق للعبادة وحده دون سواه كما قال سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3)} [الناس/1 - 3]. وتارة يذكر أحدهما مفرداً عن الآخر فيجتمعان في المعنى كقوله سبحانه: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام/164]. - حقيقة التوحيد ولبابه: أن يرى الإنسان الأمور كلها من الله تعالى رؤيةً تقطع الالتفات عن غيره من الأسباب والوسائط، فلا يرى الخير والشر، والنفع والضر ونحوهما إلا منه تعالى، وأن يعبده سبحانه عبادة يفرده بها ولا يعبد غيره معه.

- ثمرات حقيقة التوحيد: التوكل على الله وحده، وترك شكاية الخلق، وترك لومهم، والرضا عن الله تعالى، ومحبته، والتسليم لحكمه، وحسن عبادته، ولزوم طاعته. 3 - فضل التوحيد: 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)} [الأنعام/82]. 2 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيْسَى عَبْدُاللهِ وَرَسُولُه وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ». متفق عليه (¬1). - جزاء أهل التوحيد: 1 - قال اللهُ تعالى: { ... وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)} [البقرة/25]. 2 - وعن جابر رضي الله عنه قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله ما الموجبتان؟ فقال: «مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ النَّار». أخرجه مسلم (¬2). - عظمة كلمة التوحيد: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ... أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحاً - صلى الله عليه وسلم - لما حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ قَالَ لابنهِ: «إنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الوَصِيَّةَ: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بـ (لا إلَهَ إلَّا الله) فَإنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3435)، واللفظ له، ومسلم برقم (28). (¬2) أخرجه مسلم برقم (93).

صفة الطاغوت

وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ، رَجحَتْ بِهِنَّ لا إلَهَ إلا اللهُ، وَلَو أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، وَالأرْضِينَ السَّبْعَ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً قَصَمَتْهُنَّ لا إلَهَ إلا اللهُ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإنَّهَا صَلاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالكِبْرِ ... ». أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد (¬1). - كمال التوحيد: التوحيد لا يتم إلا بعبادة الله وحده لا شريك له، واجتناب الطاغوت كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/36]. - صفة الطاغوت: الطاغوت: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود كالأصنام، أو متبوع كالكهان وعلماء السوء، أو مطاع كالأمراء والرؤساء الخارجين عن طاعة الله. والطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة: إبليس أعاذنا الله منه، ومن عُبد وهو راض، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئاً من علم الغيب، ومن حَكَم بغير ما أنزل الله. قال الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)} [البقرة/257]. ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (6583)، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (558)، انظر السلسلة الصحيحة للألباني رقم (134).

3 - العبادة

3 - العبادة - معنى العبادة: الذي يستحق العبادة هو الله وحده، والعبادة تطلق على شيئين: 1 - الأول: التعبد: وهو التذلل للهِ عز وجل بفعل أوامره، واجتناب نواهيه محبة له وتعظيماً. 2 - الثاني: المتعبد به: ويشمل كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة كالدعاء، والذكر، والصلاة، والمحبة ونحوها، فالصلاة مثلاً عبادة، وفعلها تعبد للهِ، فنعبد الله وحده بالتذلل له، محبة له وتعظيماً له، ولا نعبده إلا بما شرع. - حكمة خلق الجن والإنس: لم يخلق الله الثقلين -الجن والإنس- عبثاً أو سدى، لم يخلقهم ليأكلوا ويشربوا، ويلهوا ويلعبوا ويضحكوا. إنما خلقهم ربهم لأمر عظيم ليعبدوا الله عز وجل، ويوحدوه، ويعظموه، ويكبروه ويطيعوه: بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، والوقوف عند حدوده، وترك عبادة ما سواه، كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات/56]. فإذا فعلوا ذلك سعدوا في الدنيا، وفازوا بالجنة والقرب من ربهم كما قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} [القمر/54 - 55]. - حكمة العبادة: امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه مبنيّ على الإيمان بالله عز وجل، وإدامة تصور عظمة الخالق ومالك الملك في القلوب، وذلك بكثرة ذكره، ولإدامة هذا التصور ورسوخه في القلب شرع الله لعباده مُذكِّراً مكرَّراً، وعملاً متجدداً، وهو

طريق العبودية

العبادة، وإذا زاد الإيمان وقوي زادت الأعمال وقويت، ثم صلحت الأحوال بالفوز بسعادة الدارين، والعكس بالعكس. 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} ... [الأحزاب/41 - 42]. 2 - وقال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف/96]. - طريق العبودية: عبادة الله عز وجل مبنية على أصلين عظيمين: حب كامل للهِ عز وجل وذل تام له. وهذان الأصلان مبنيان على أصلين عظيمين وهما: مشاهدة منة الله وفضله وإحسانه ورحمته التي توجب المحبة، ومطالعة عيب النفس والعمل الذي يورث الذل التام للهِ عز وجل. وأقرب باب يدخل منه العبد إلى ربه باب الافتقار إلى ربه، فلا يرى نفسه إلا مفلساً ولا يرى لنفسه حالاً ولا مقاماً ولا سبباً يتعلق به، ولا وسيلة يمن بها، بل يشهد ضرورته كاملة إلى ربه عز وجل، وأنه إن تخلى عنه خسر وهلك. 1 - قال الله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)} [النحل/53]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)} [فاطر/15]. - أكمل الناس عبادة: أكمل الناس عبادة الأنبياء والرسل؛ لأنهم أكملهم معرفة بالله، وعلماً به، وتعظيماً له من غيرهم، ثم زادهم الله فضلاً بإرسالهم إلى الناس، فصار لهم فضل الرسالة، وفضل العبودية الخاصة.

حق الله على العباد

ثم يليهم الصديقون الذين كمل تصديقهم للهِ ولرسوله واستقاموا على أمره، ثم الشهداء، ثم الصالحون، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} [النساء/69]. - حق الله على العباد: حق الله على أهل السماوات وأهل الأرض أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، بأن يطاع فلا يعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ومن الذي لم يصدر منه خلاف ما خُلق له إما عجزاً وإما جهلاً، وإما تفريطاً وإما تقصيراً. لذا فلو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم. عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له عفير قال: فقال: «يَا مُعَاذُ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى العِبَادِ، وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ؟» قال: قلت: اللهُ ورسولُهُ أعلمُ، قال: «فَإنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَحَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ عَزّ وَجَلّ أَنْ لا يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً» قال: قلتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلا أبشرُ النَّاسَ؟ قال: «لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوْا». متفق عليه (¬1). - كمال العبودية: 1 - كل عبد يتقلب بين ثلاث: نعم من الله تترادف عليه، فواجبه فيها الحمد والشكر، وذنوب اقترفها، فواجبه الاستغفار منها، ومصائب يبتليه الله بها، فواجبه فيها الصبر، ومن قام بواجب هذه الثلاث سعد في الدنيا والآخرة. 2 - الله عز وجل يبتلي عباده ليمتحن صبرهم وعبوديتهم لا ليهلكهم ويعذبهم، فلله على عبده عبودية في الضراء كما له عبودية في السراء، وله عبودية فيما يكره ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2856)، ومسلم برقم (30)، واللفظ له.

فقه العبودية

كما له عبودية فيما يحب، وأكثر الناس يعطون العبودية فيما يحبون، والشأن إعطاء العبودية في المكاره، وهم متفاوتون في ذلك، فالوضوء بالماء البارد في شدة الحر عبودية، ونكاح زوجته الحسناء عبودية، والوضوء بالماء البارد في شدة البرد عبودية، وترك المعاصي التي ترغبها النفس من غير خوف الناس عبودية، والصبر على الجوع والأذى عبودية، ولكن فرق بين العبوديتين. فمن كان قائماً للهِ بالعبوديتين في حال السراء والضراء، وحال المكروه والمحبوب، فهو من عباد الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وليس لعدوه سلطان عليه فالله يحفظه، ولكن قد يغتاله الشيطان أحياناً، فإن العبد قد بلي بالغفلة والشهوة والغضب، ودخول الشيطان على العبد من هذه الأبواب الثلاثة. وقد سلط الله على كل عبد نفسه وهواه وشيطانه وابتلاه هل يطيعها أم يطيع ربه. والله عز وجل له على الإنسان أوامر، والنفس لها أوامر، والله يريد من الإنسان تكميل الإيمان والأعمال الصالحة، والنفس تريد تكميل الأموال والشهوات، والله عز وجل يريد منا العمل للآخرة، والنفس تريد العمل للدنيا، والإيمان هو سبيل النجاة والمصباح الذي يبصر به الحق من غيره وهذا محل الابتلاء. 1 - قال الله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} [العنكبوت 2 - 3]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)} [يوسف/53]. - فقه العبودية: الأرض قابلة لما يُغرس فيها من حلو ومر، وأرض الفطرة رحبة قابلة لما يُغرس فيها فمن غرس شجرة الإيمان والتقوى جني حلاوة الأبد. ومن غرس شجرة الكفر والجهل والمعاصي جنى شقاوة الأبد. وأعظم المعارف أن تعرف ربك، وما يجب له.

فتقر له بالجهل في العلم .. والتقصير في العمل .. والعيب في النفس .. والتفريط في حق الله .. والظلم في معاملته. فهذا العارف حقاً: إن عمل حسنة رآها منة من الله عليه، فإنْ قَبِلها فمنَّة ثانية، فإن ضاعفها فمنَّة ثالثة، وإن ردها فلكون مثلها لا يصلح أن يواجه به. وإن عمل سيئة رآها من تخلِّي ربه عنه، وإمساك عصمته عنه. إنْ أَخَذه بذنوبه رأى عدله، وإن لم يؤاخذه بها رأى فضله، وإن غفرها له فبمحض إحسانه وكرمه. وجميع ما في السماوات والأرض عبيد لله. وكل إنسان يجب أن يقر أنه عبداً لله كوناً وشرعاً: فأنت عبده كوناً؛ لأنه الخالق لك، والمالك لك، المدبر لأمرك، وأنت عبده إن شاء أعطاك، وإن شاء منعك، وإن شاء أغناك، وإن شاء أفقرك، وإن شاء هداك، وإن شاء أضلك. يفعل بك ما يشاء حسب ما تقتضيه حكمته ورحمته. وأنت عبده شرعاً ً، يجب أن تعبده بما شرع، تفعل الأوامر، وتجتنب النواهي، وتؤمن بالله؛ لتسعد في الدنيا والآخرة. وجميع الخلق فقراء إلى الله، وفقرهم قسمان: 1 - فقر اضطراري، وهو فقر جميع المخلوقات إلى ربها في وجودها وحركتها وما يلزمها. 2 - وفقر اختياري، وهو ثمرة معرفتين: معرفة العبد ربه، ومعرفة العبد نفسه. فمن عرف ربه بالغنى المطلق، عرف نفسه بالفقر المطلق، ولزم باب العبودية إلى أن يلقى ربه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر/15].

4 - الشرك

4 - الشرك - الشرك: هو جعل شريك للهِ تعالى في ربوبيته، أو ألوهيته، أو أسمائه وصفاته. فإذا اعتقد الإنسان أن مع الله خالقاً أو معيناً فهو مشرك، ومن اعتقد أن أحداً سوى الله يستحق أن يعبد فهو مشرك، ومن اعتقد أن للهِ مثيلاً في أسمائه وصفاته فهو مشرك. - خطر الشرك: 1 - الشرك بالله ظلم عظيم؛ لأنه اعتداء على حق الله تعالى الخاص به وهو التوحيد. فالتوحيد أعدل العدل، والشرك أظلم الظلم وأقبح القبيح؛ لأنه تَنقُّص لرب العالمين، واستكبار عن طاعته، وصرف خالص حقه لغيره، وعدل غيره به، ولعظيم خطره فإن من لقي الله مشركاً فإن الله لا يغفر له كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء/48]. 2 - الشرك بالله أعظم الذنوب، فمن عبد غير الله فقد وضع العبادة في غير موضعها، وصرفها لغير مستحقها، وذلك ظلم عظيم كما قال سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} [لقمان/13]. 3 - الشرك الأكبر محبط لجميع الأعمال، وموجب للهلاك والخسران، وهو من أكبر الكبائر: 1 - قال الله تعالى: ... {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)} [الزمر/65]. 2 - وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» ثَلاثاً، قاَلوُا: بلَىَ ياَ رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ»، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتّكِئاً «أَلا وَقُولُ الزُّوْرِ» قَال: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. متفق عليه (¬1). - قبائح الشرك: ذكر الله عز وجل للشرك أربع قبائح في أربع آيات وهي: ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2654)، واللفظ له، ومسلم برقم (87).

عقوبة أهل الشرك

1 - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)} [النساء/48]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116)} [النساء /116]. 3 - وقال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72)} [المائدة /72]. 4 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31)} [الحج/31]. - عقوبة أهل الشرك: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)} [النساء/150 - 151]. 2 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ نِدَّاً دَخَلَ النَّارَ». متفق عليه (¬1). - أساس الشرك: أساس الشرك وقاعدته التي بني عليها هو التعلق بغير الله، ومن تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به، وعذبه به، وخذله من جهة ما تعلق به، وصار مذموماً لا حامد له، مخذولاً لا ناصر له كما قال سبحانه: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)} [الإسراء /22]. - فقه الشرك: الإشراك بالله في أسمائه وصفاته .. والإشراك بالله في حكمه .. والإشراك بالله في عبادته .. كل هذه الأقسام شرك بالله. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4497)، واللفظ له، ومسلم برقم (92).

فالأول شرك في الربوبية، والثاني شرك في الطاعة، والثالث شرك في العبادة. والله عز وجل هو الرب العلي الكبير، وهو الخالق لكل شيء وحده. فله وحده حق التشريع، وله وحده حق العبادة. والشرك بالله في حكمه كالشرك بالله في عبادته، كلاهما شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام؛ لأن العبادة حق لله وحده لاشريك له كما قال سبحانه: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)} [الكهف/110]. والحكم حق لله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)} [الكهف / 26]. وكل من اتبع تشريعاً سوى ما أنزل الله فهو مشرك كافر بالله، وربه ذلك التشريع الذي وضعه إبليس على ألسنة أوليائه من الكفرة كما قال سبحانه: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)} [التوبة / 31]. وعبادة الشيطان هي اتباع نظامه وشرعه، الذي يجرُّ به الخلق إلى الشرك. وقد حذرنا الله من هذا العدو بقوله سبحانه: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)} [يس / 60 - 61]. والكفار الذين يسجدون للأصنام كفرة فجرة، فإذا غيروا حكم الله، واتبعوا تشريع الشيطان، كان ذلك كفراً جديداً زائداً على كفرهم الأول كما قال سبحانه: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)} [التوبة / 37].

5 - أقسام الشرك

5 - أقسام الشرك - الشرك نوعان: شرك أكبر، وشرك أصغر. 1 - فالشرك الأكبر مخرج من الملة، ومحبط لجميع الأعمال، وصاحبه حلال الدم والمال، ومخلد في النار إذا مات ولم يتب منه، وهو صرف العبادة أو بعضها لغير الله كدعاء غير الله، والذبح والنذر لغير الله من أهل القبور والجن والشياطين وغيرهم، وكدعاء غير الله مما لا يقدر عليه إلا الله كسؤال الغنى والشفاء، وطلب الحاجات ونزول الغيث من غير الله، ونحو ذلك مما يقوله الجاهلون عند قبور الأولياء والصالحين، أو عند الأصنام من أشجار وأحجار ونحوها. - من أنواع الشرك الأكبر: 1 - الشرك في الخوف: وهو أن يخاف غير الله من وثن أو صنم أو طاغوت أو ميت أو غائب من جن أو إنس أن يضره أو يصيبه بما يكره. وهذا الخوف من أعظم مقامات الدين وأجلِّها، فمن صرفه لغير الله فقد أشرك بالله الشرك الأكبر، قال الله تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)} [آل عمران/175]. 2 - الشرك في التوكل: التوكل على الله في جميع الأمور وفي جميع الأحوال من أعظم أنواع العبادة التي يجب إخلاصها للهِ وحده، فمن توكل على غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله كالتوكل على الموتى والغائبين ونحوهم في دفع المضار، وتحصيل المنافع والأرزاق فقد أشرك بالله الشرك الأكبر. قال الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)} [المائدة/23]. 3 - الشرك في المحبة: محبة الله هي المحبة التي تستلزم كمال الذل وكمال الطاعة للهِ، وهذه المحبة خالصة للهِ، لا يجوز أن يشرك معه فيها أحد، فمن أحب من دون الله شيئاً كما يحب الله تعالى فقد اتخذ من دون الله أنداداً في الحب والتعظيم وهذا شرك.

أقسام النفاق

قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة/165]. 4 - الشرك في الطاعة: من الشرك في الطاعة: طاعة العلماء والأمراء والرؤساء والحكام في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، فمن أطاعهم في ذلك فقد اتخذهم شركاء للهِ في التشريع، والتحليل، والتحريم وهذا من الشرك الأكبر كما قال سبحانه: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)} [التوبة /31]. - أقسام النفاق: 1 - النفاق الأكبر: وهو النفاق الاعتقادي: بأن يُظهر الإنسان الإسلام ويبطن الكفر، وصاحبه كافر في الدرك الأسفل من النار. قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)} [النساء/145]. 2 - النفاق الأصغر: وهو النفاق في الأعمال ونحوها، وصاحبه لا يخرج من ملة الإسلام لكنه عاصٍ للهِ ورسوله. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنّ فِيْهِ كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيْهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إذَا ائْتُمِنَ خَانَ، وَإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإذَا خَاصَمَ فَجَرَ». متفق عليه (¬1). 2 - الشرك الأصغر: هو ما سماه الشارع شركاً ولم يصل إلى الأكبر، يُنقص التوحيد لكنه لا يخرج من الملة، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر، وحكم فاعله حكم عصاة الموحدين، ولا يحل دمه ولا ماله. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (34)، واللفظ له، ومسلم برقم (58).

والشرك الأكبر محبط لجميع الأعمال. أما الشرك الأصغر فيحبط العمل الذي قارنه، كأن يعمل عملاً للهِ يريد به ثناء الناس عليه، كأن يُحسِّن صلاته أو يتصدق أو يصوم أو يذكر الله لأجل أن يراه الناس، أو يسمعوه، أو يمدحوه، فهذا الرياء إذا خالط العمل أبطله. ولم يرِد لفظ الشرك في القرآن إلا ويراد به الأكبر، أما الأصغر فقد وردت به السنة المتواترة. 1 - قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)} [الكهف/110]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيْهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ». أخرجه مسلم (¬1). - ومن الشرك الأصغر الحلف بغير الله، وقول الإنسان: «ما شاء الله وشاء فلان، أو لولا الله وفلان، أو هذا من الله وفلان، أو مالي إلا الله وفلان ونحوها». والواجب أن يقول: ما شاء الله ثم شاء فلان وهكذا. 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). 2 - وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ فُلانٌ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ مَا شَاءَ فُلان». أخرجه أحمد وأبو داود (¬3). - الشرك الأصغر قد يكون أكبر على حسب ما يكون في قلب صاحبه، فيجب على المسلم الحذر من الشرك مطلقاً: الأكبر والأصغر، فالشرك ظلم عظيم ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2985). (¬2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3251)، وأخرجه الترمذي برقم (1535)، واللفظ له. (¬3) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (2354)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (137)، وأخرجه أبو داود برقم (4980)، واللفظ له.

أفعال وأقوال من الشرك أو من وسائله

كما قال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} [لقمان/13]. - أفعال وأقوال من الشرك أو من وسائله: هناك أفعال وأقوال مترددة بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر بحسب ما يقوم بقلب فاعلها، وما يصدر عنه، وهي تنافي التوحيد، أو تعكر صفاءه، وقد حذر الشرع منها، ومن ذلك: 1 - لبس الحلقة والخيط ونحوهما بقصد رفع البلاء أو دفعه، وذلك شرك. 2 - تعليق التمائم على الأولاد سواء كانت من خرز، أو عظام، أو كتابة، وذلك اتقاء للعين، وذلك شرك. 3 - التطير: وهو التشاؤم بالطيور أو الأشخاص أو البقاع أو نحوها، وذلك شرك؛ لكونه تعلق بغير الله باعتقاد حصول الضرر من مخلوق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، وهو من إلقاء الشيطان ووسوسته، وهو ينافي التوكل. 4 - التبرك بالأشجار والأحجار والآثار والقبور ونحوها، فطلب البركة ورجاؤها واعتقادها في تلك الأشياء شرك؛ لأنه تعلق بغير الله في حصول البركة. 5 - السحر: وهو ما خفي ولطف سببه. وهو عبارة عن عزائم ورقى وكلام يتكلم به، وأدوية، فيؤثر في القلوب والأبدان، فيمرض أو يقتل، أو يفرق بين المرء وزوجه، وهو عمل شيطاني. والسحر شرك؛ لما فيه من التعلق بغير الله من الشياطين، ولما فيه من ادعاء علم الغيب. ومن ضروب السحر: السِّيرْك، الذي يُعرَض في بعض المسارح والقنوات، فيحرم فعله ومشاهدته، وبذل المال من أجله، والتكسب به. قال الله تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة / 102].

6 - الكهانة: وهي ادعاء علم الغيب كالإخبار بما سيقع في الأرض استناداً إلى الشياطين، وذلك شرك؛ لما فيها من التقرب إلى غير الله، ودعوى مشاركة الله في علم الغيب. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: «مَنْ أَتَى كَاهِناً أَوْ عَرَّافاً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ». أخرجه أحمد والحاكم (¬1). 7 - التنجيم: وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية كأوقات هبوب الرياح، ومجيء المطر، وحدوث الأمراض والوفيات، وظهور الحر والبرد، وتغير الأسعار ونحوها، وذلك شرك؛ لما فيه من نسبة الشريك للهِ في التدبير، وفي علم الغيب. 8 - الاستسقاء بالنجوم: وهو عبارة عن نسبة نزول المطر إلى طلوع النجم أو غروبه كأن يقول: مُطرنا بنوء كذا وكذا، فينسب نزول المطر إلى الكوكب لا إلى الله، فهذا شرك؛ لأن نزول المطر بيد الله لا بيد الكوكب ولا غيره. 9 - نسبة النعم إلى غير الله، فكل نعمة في الدنيا والآخرة فمن الله، فمن نسبها إلى غيره فقد كفر وأشرك بالله، كمن ينسب نعمة حصول المال أو الشفاء إلى فلان أو فلان، أو ينسب نعمة السير والسلامة في البر والبحر والجو إلى السائق والملاح والطيار، أو ينسب نعمة حصول النعم واندفاع النقم إلى جهود الحكومة أو الأفراد أو العَلَم ونحو ذلك. فيجب نسبة جميع النعم إلى الله وحده وشكره عليها، وما يجري على يد بعض المخلوقين إنما هي أسباب قد تثمر، وقد لا تثمر، وقد تنفع، وقد لا تنفع. قال الله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)} [النحل /53]. ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (9536)، وهذا لفظه، وأخرجه الحاكم برقم (15).

حكم التصوير

- حكم التصوير: تصوير كل ذي روح محرم، بل هو من كبائر الذنوب. والتصوير بأنواعه له أثره البالغ المشين في إفساد الدين والخُلُق أولاً وآخراً. فأولاً التصوير هو: سبب أول كفر وقع في الأرض، وهو تصوير الصالحين من قوم نوح (ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا) بقصد حسن، ليروهم ويتذكروا عبادتهم فينشطوا، ثم طال الزمن فعبدوهم من دون الله. فأول جناية شركية على التوحيد في الدنيا إنما كانت بسبب التصوير. وآخراً: أن التصوير الآن سَبَّب فساد الدين، وضياع الأخلاق، وانتشار الرذيلة، والقضاء على مكارم الأخلاق، بتصوير النساء عاريات متبرجات، وعَرْضهن أمام غرائز الشباب، ليفسدوا دينهم وأخلاقهم. وهذه أعظم جناية على الأخلاق. ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وما أفضى إلى محرم فهو محرم، فكيف إذا كان هو محرم ثم أفضى إلى محرم.

6 - الإسلام

6 - الإسلام - حاجة البشرية إلى الإسلام: لا سعادة للبشرية في الدنيا والآخرة إلا بالإسلام، وحاجتهم إليه أعظم من حاجتهم للطعام والشراب والهواء، وكل إنسان مضطر الى الشرع، فهو بين حركتين: حركة يجلب بها ما ينفعه، وحركة يدفع بها ما يضره، والإسلام هو النور الذي يبين ما ينفعه وما يضره. - دين الإسلام ثلاث مراتب وهي: الإسلام، والإيمان، والإحسان، وكل مرتبة لها أركان. - الفرق بين الإسلام والإيمان والإحسان: 1 - الإسلام والإيمان إذا قُرِن أحدهما بالآخر فالمقصود بالإسلام: الأعمال الظاهرة، وهي الأركان الخمسة، والمقصود بالإيمان: الأعمال الباطنة، وهي أركان الإيمان الستة، وإذا انفرد أحدهما شمل معنى الآخر وحكمه. 2 - دائرة الإحسان أعم من دائرة الإيمان، ودائرة الإيمان أعم من دائرة الإسلام، فالإحسان أعم من جهة نفسه؛ لأنه يشمل الإيمان، فلا يصل العبد إلى مرتبة الإحسان إلا إذا حقق الإيمان، والإحسان أخص من جهة أهله؛ لأن أهل الإحسان طائفة من أهل الإيمان، فكل محسن مؤمن، وليس كل مؤمن محسناً. 3 - والإيمان أعم من الإسلام من جهة نفسه؛ لأنه يشمل الإسلام، فلا يصل العبد إلى مرتبة الإيمان إلا إذا حقق الإسلام، والإيمان أخص من جهة أهله؛ لأن أهل الإيمان طائفة من أهل الإسلام ليسوا كلهم، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً. - الفرق بين الإسلام والكفر والشرك: الإسلام: هو الاستسلام للهِ بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله. فمن استسلم للهِ وحده فهو مسلم، ومن استسلم للهِ ولغيره فهو مشرك، ومن لم

النعمة الكبرى

يستسلم للهِ فهو كافر مستكبر. والكفر: جحد للرب بالكلية. والشرك: تنقص رب العالمين بجعل غيره شريكاً له. والكفر أعظم من الشرك؛ لأن الشرك فيه إثبات للرب، وإثبات شريك له، والكفر جحد للرب، ويطلق كل واحد منهما على الآخر، وإذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا شمل كل واحد معنى الآخر وحكمه. - النعمة الكبرى: الإسلام هو أعظم نعمة أنعم الله بها على البشرية. والقرآن الكريم أعظم كتاب أورثه الله من اصطفاه من خلقه كما قال سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)} [فاطر /32]. وقد قسَّم الله هذه الأمة التي أورثها هذا الكتاب العظيم إلى ثلاثة أقسام: ظالم لنفسه .. ومقتصد .. وسابق بالخيرات. فالظالم لنفسه: الذي يطيع ربه مرة، ويعصيه مرة، ويخلط العمل الصالح بالسيِّئ. وبدأ به في الآية لئلا يقنط، وإظهاراً لفضل الله عليه، ولأنهم أكثر أهل الجنة. والمقتصد: هو الذي يؤدي الواجبات، ويترك المحرمات. والسابق بالخيرات: هو الذي يؤدي الواجبات، ويترك المحرمات، ويتقرب إلى الله بالنوافل، وأخَّر ذكره في الآية لئلا يُعجب بعمله فيحبط، ولأنه أولى الناس بدخول الجنة التي ذكرها بعده، وأكثر أهل الجنة الظالمون لأنفسهم، وأقلهم السابقون. ولما كان الظالمون لأنفسهم أكثر أهل الجنة بدأ بهم. وقد وعد الله جميع الأقسام الثلاثة بدخول الجنة كما قال سبحانه: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}] فاطر/33].

7 - أركان الإسلام

7 - أركان الإسلام - أركان الإسلام خمسة: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيْتِ». متفق عليه (¬1). - معنى شهادة أن (لا إله إلا الله): أن يعترف الإنسان بلسانه وقلبه أنه لا معبود بحق إلا الله عز وجل، وما سواه من المعبودات فألوهيتها باطلة وعبادتها باطلة. وهي مشتملة على نفي وإثبات، (لا إله) أي نفي جميع ما يُعبد من دون الله (إلا الله) إثبات العبادة للهِ وحده لا شريك له في عبادته كما أنه لا شريك له في ملكه. - معنى شهادة أن (محمداً رسول الله): طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (8)، ومسلم برقم (16) واللفظ له.

8 - الإيمان

8 - الإيمان - الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. فالإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. - شُعب الإيمان: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الإيْمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيْمَانِ». أخرجه مسلم (¬1). - درجات الإيمان: الإيمان له طعم، وله حلاوة، وله حقيقة. 1 - أما طعم الإيمان فبَيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «ذَاقَ طَعْمَ الإيْمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإسْلامِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وأما حلاوة الإيمان فبيَّنها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإيْمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلا للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّار». متفق عليه (¬3). 3 - وأما حقيقة الإيمان فتحصل لمن كان عنده كمال اليقين وحقيقة الدين، وقام بجهد الدين، عبادةً ودعوة، هجرة ونصرة، جهاداً وإنفاقاً. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (35). (¬2) أخرجه مسلم برقم (34). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (16)، واللفظ له، ومسلم برقم (43).

كمال الإيمان

يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} [الأنفال /2 - 4]. 2 - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)} [الأنفال/74]. 3 - وقال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)} [الحجرات /15]. - لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. - كمال الإيمان: المحبة التامة للهِ ولرسوله تستلزم وجود محبوباته ومحبتها، فإذا كان حبه للهِ وبغضه للهِ، وهما عمل قلبه، وعطاؤه للهِ، ومنعه للهِ، وهما عمل بدنه دل ذلك على كمال الإيمان، وكمال محبة الله عز وجل. عَنْ أبي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عنْ رسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنهُ قالَ: «مَنْ أحَبَّ للهِ وأبغَضَ للهِ وأعْطَى للهِ وَمَنَعَ للهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإيمَانَ». أخرجه أبو داود (¬1). - أعلى درجات الإيمان: الإيمان له لفظ، وصورة، وحقيقة. وأعلى درجات الإيمان هو اليقين؛ لأنه إيمان لا شك معه ولا تردد، بأن تتيقن ما غاب عنك كما تشاهد ما حضر بين يديك على حد سواء، فإذا صار ما أخبر الله به من الغيب فيما يتعلق بالله وأسمائه وصفاته وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخربمنزلة المشاهَد، فهذا هو كمال اليقين، وحق اليقين، وبالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة /24]. ¬

(¬1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (4681)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (380).

9 - من خصال الإيمان

9 - من خصال الإيمان - حب الرسول - صلى الله عليه وسلم -: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ». متفق عليه (¬1). - حب الأنصار: عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «آيَةُ الإيْمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ وآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ». متفق عليه (¬2). - حب المؤمنين: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوْا، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ». أخرجه مسلم (¬3). - حب أخيه المسلم: عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيْهِ ـ أَوْ قَالَ لِجَارِهِ ـ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». متفق عليه (¬4). - إكرام الجار والضيف، والصمت إلا عن خير: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (15)، واللفظ له، ومسلم برقم (44). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (17)، واللفظ له، ومسلم برقم (74). (¬3) أخرجه مسلم برقم (54). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (13)، ومسلم برقم (45)، واللفظ له.

الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي

وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ». متفق عليه (¬1). - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيْمَانِ». أخرجه مسلم (¬2). - النصيحة: عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ: «للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَأَئِمَّةِ المسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». أخرجه مسلم (¬3). - الإيمان أفضل الأعمال: عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ» قِيْلَ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» قِيلَ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ». متفق عليه (¬4). - الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي: 1 - قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)} [الفتح/4]. 2 - وقال الله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124)} [التوبة/124]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6018)، ومسلم برقم (47)، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (49). (¬3) أخرجه مسلم برقم (55). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (26)، واللفظ له، ومسلم برقم (83).

حكم أعمال الكافر التي عملها قبل إسلامه

وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ». متفق عليه (¬1). 4 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ»، وفي رواية: «مِنْ إيمَانٍ» مكان «مِنْ خَيْرٍ». متفق عليه (¬2). - حكم أعمال الكافر التي عملها قبل إسلامه: 1 - إذا أسلم الكافر ثم أحسن فالسيئات تُغفر له لقوله سبحانه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38)} [الأنفال/38]. 2 - وأعمال الخير يثاب عليها؛ لما ثبت أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرأيتَ أموراً كنتُ أَتَحَنَّثُ بها في الجاهلية هل لي فيها من شيء؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ». متفق عليه (¬3). 3 - ومن أسلم ثم أساء فيؤاخذ بالأول والآخر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَحْسَنَ فِي الإسْلامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإسْلامِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2475)، ومسلم برقم (57)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (44)، واللفظ له، ومسلم برقم (193). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1436)، ومسلم برقم (123)، واللفظ له. (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6921)، ومسلم برقم (120).

10 - أركان الإيمان

10 - أركان الإيمان أركان الإيمان ستة، وهي المذكورة في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حينما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان؟ فقال: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ». متفق عليه (¬1). - قوة رابطة الإيمان: رابطة الإيمان أعظم الروابط على الإطلاق، ولشدة قوتها ربطت بين الخالق والمخلوق، وربطت بين السماء والأرض، وربطت يبن الأمة ورسولها العظيم، وربطت بين بني آدم في الأرض، وربطت بين بني آدم والملائكة، وربطت بين بني آدم والجن، وربطت بين الدنيا والآخرة. ومن أجلها خلق الله السماوات والأرض وما فيهن، وخلق الجنة والنار. ومن أجلها كان الله ولي المؤمنين، ومن أجلها أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، وشرع الجهاد في سبيل الله. قال الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)} [البقرة/257]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (50) , ومسلم برقم (8) واللفظ له.

1 - الإيمان بالله

1 - الإيمان بالله - الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور: 1 - الإيمان بوجود الله تعالى: - فقد فطر الله كل مخلوق على الإيمان بخالقه كما قال سبحانه وتعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم/30]. - ودَلَّ العقلُ على أن لهذا الكون خالقاً، فإن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لابد لها من خالق أَوْجَدَها، وهي لا يمكن أن تُوْجِدَ نفسها بنفسها، ولا أن تُوْجَدَ صدفة، فتعيَّن أن يكون لها مُوجِد وهو الله رب العالمين كما قال سبحانه وتعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36)} [الطور/35 - 36]. - ودَلَّ الحسُّ على وجود الله سبحانه، فإننا نرى تقليب الليل والنهار، ورزق الإنسان والحيوان، وتدبير أمور الخلائق، مما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44)} [النور/44]. - والله أيّد رسله وأنبياءه بآيات ومعجزات رآها الناس، أو سمعوا بها، وهي أمور خارجة عن قدرة البشر، ينصر الله بها رسله ويؤيدهم بها، وهذا برهان قاطع على وجود مرسلهم وهو الله عز وجل، كما جعل الله النار برداً وسلاماً على إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وفلق البحر لموسى - صلى الله عليه وسلم -، وأحيا الموتى لعيسى - صلى الله عليه وسلم -، وشق القمر لمحمد - صلى الله عليه وسلم -. - وكم أجاب الله من الداعين، وأعطى السائلين، وأغاث المكروبين، مما يدل بلا ريب على وجوده، وعلمه، وقدرته سبحانه. 1 - قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)} [الأنفال /9].

2 - الإيمان بأن الله هو الرب وحده لا شريك له

2 - وقال تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)} [الأنبياء/83 - 84]. - ودَلَّ الشرعُ على وجود الله سبحانه وتعالى، فالأحكام المتضمنة لمصالح الخلق، والتي أنزلها الله عز وجل في كتبه على أنبيائه ورسله دليل على أنها من رب حكيم قادر، عليم بمصالح عباده. 2 - الإيمان بأن الله هو الرب وحده لا شريك له: والرب من له الخلق والملك والأمر، فلا خالق إلا الله، ولا مالك إلا الله، والأمر كله للهِ وحده، الخلق خلقه، والملك ملكه، والأمر أمره، العزيز الرحيم، الغني الحميد، يرحم إذا استُرْحِم، ويغفر إذا اسْتُغْفِر، ويعطي إذا سُئل، ويجيب إذا دُعي، حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم. 1 - قال الله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف/54]. 2 - وقال الله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)} [المائدة/ 120]. - فنعلم ونتيقن أن الله عز وجل خلق المخلوقات، وأوجد الموجودات، وصوَّر الكائنات، وخلق الأرض والسماوات، خلق الشمس والقمر، وخلق الليل والنهار، والماء والنبات، والإنسان والحيوان، والجبال والبحار {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)} [الفرقان/2]. - خلق الله كل شئ بقدرته، ليس له وزير ولا مشير ولا معين، سبحانه هو الواحد القهار، استوى على العرش بقدرته، ودحا الأرض بمشيئته، وخلق الخلائق بإرادته، وقهر العباد بقوته، رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو الحي القيوم. - ونعلم ونتيقن أن الله سبحانه قدير على كل شيء، محيط بكل شيء، مالك لكل شيء، عليم بكل شيء، قاهر فوق كل شيء، خضعت الأعناق لعظمته،

وخشعت الأصوات لهيبته، وذل الأقوياء لقوته، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس/82]. - يعلم سبحانه ما في السماوات وما في الأرض، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، يعلم مثاقيل الجبال، ويعلم مكاييل البحار، ويعلم عدد قطر الأمطار، ويعلم عدد ورق الأشجار، وعدد ذرات الرمال، ويعلم ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام/59]. - ونعلم ونتيقن أن الله جل جلاله كل يوم هو في شأن، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يدبر الأمر، ويرسل الرياح، وينزل الغيث، ويحيي الأرض بعد موتها، يعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويحيي ويميت، ويعطي ويمنع، ويضع ويرفع {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)} [الحديد/3]. - ونعلم ونتيقن أن خزائن السماوات والأرض كلها للهِ، وكل شيء في الوجود فخزائنه عند الله: خزائن المياه، خزائن النبات، خزائن الهواء، خزائن المعادن، خزائن الصحة، خزائن الأمن، خزائن النعيم، خزائن العذاب، خزائن الرحمة، خزائن الهداية، خزائن القوة، خزائن العزة، كل هذه الخزائن وغيرها عند الله وبيد الله وحده {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} [الحجر/21]. - وإذا علمنا ذلك وتيقنا على قدرة الله، وعظمة الله، وقوة الله، وكبرياء الله، وعلم الله، وخزائن الله، ورحمة الله، ووحدانية الله أقبلت القلوب إليه، وانشرحت الصدور لعبادته، وانقادت الجوارح لطاعته، ولهجت الألسن بذكره تعظيماً وتكبيراً، وتسبيحاً وتحميداً، فلا تسأل إلا إياه، ولا تستعين إلا به، ولا تتوكل

3 - الإيمان بألوهيته سبحانه

إلا عليه، ولا تخاف إلا منه، ولا تعبد إلا إياه {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)} [الأنعام /102]. 3 - الإيمان بألوهيته سبحانه: - أن نعلم ونتيقن أن الله وحده هو الإله الحق لا شريك له. وأنه وحده المستحق للعبادة، فهو رب العالمين، وإله العالمين، ونعبده بما شرع، مع كمال الذل له، وكمال الحب، وكمال التعظيم. - ونعلم ونتيقن أن الله كما أنه واحد في ربوبيته لا شريك له، فكذلك هو واحد في ألوهيته لا شريك له، فنعبده وحده لا شريك له، ونجتنب عبادة ما سواه. قال الله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} [البقرة/163]. - والله هو الإله الحق، وكل معبود من دون الله فألوهيته باطلة، وعبادته باطلة {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)} [الحج/62]. 4 - الإيمان بأسماء الله وصفاته: ومعناه: فهمها وحفظها والاعتراف بها، والتعبد للهِ بها، والعمل بمقتضاها، فمعرفة أوصاف العظمة للهِ والكبرياء والمجد والجلال تملأ قلوب العباد هيبة للهِ وتعظيماً له. ومعرفة أوصاف العزة والقدرة والجبروت تملأ القلوب ذلة وانكساراً وخضوعاً بين يدي ربها. ومعرفة أوصاف الرحمة والبر والجود والكرم تملأ القلوب رغبة وطمعاً في فضل الله وإحسانه وجوده. ومعرفة أوصاف العلم والإحاطة توجب للعبد مراقبة ربه في حركاته وسكناته. ومجموع هذه الصفات توجب للعبد محبة الله، والشوق إليه، والأنس به، والتوكل عليه، والتقرب إليه بعبادته وحده لا شريك له.

أركان الإيمان بأسماء الله وصفاته

- ونثبت للهِ سبحانه ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الأسماء والصفات، ونؤمن بها، وبما دلت عليه من المعاني والآثار. فنؤمن بأن الله (رحيم) ومعناه أنه ذو رحمة، ومن آثار هذا الاسم: أنه يرحم من يشاء، وهكذا القول في بقية الأسماء، ونثبت ذلك على ما يليق بجلاله سبحانه من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل على حد قوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى/11]. - ونعلم ونتيقن أن الله وحده له الأسماء الحسنى والصفات العلا، وندعوه بها: 1 - قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)} [الأعراف/180]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِيْنَ اسْماً، مِائَةً إلَّا وَاحِداً، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ». متفق عليه (¬1). - أركان الإيمان بأسماء الله وصفاته: الإيمان بأسماء الله وصفاته يقوم على ثلاثة أصول: الأول: تنزيه خالق السماوات والأرض عن مشابهة المخلوقين في الذات والأسماء والصفات. الثاني: الإيمان بما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله من الأسماء الصفات. الثالث: قطع الطمع عن إدراك كيفية أسماء الله وصفاته، فكما لا نعلم كيفية ذاته كذلك لا نعلم كيفية أسمائه وصفاته كما قال سبحانه: { ... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى/11]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7392)، ومسلم برقم (2677).

أسماء الله الحسنى

أسماء الله الحسنى أسماء الله عز وجل دالة على أوصاف كماله، وهي مشتقة من الصفات، فهي أسماء، وهي أوصاف، وبذلك كانت حسنى. والعلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم، وأعظمها وأوجبها. ومن أسماء الله عز وجل: الله: وهو المألوه المعبود الذي تأْلَهه الخلائق وتحبه، وتعظمه، وتخضع له، وتفزع إليه في الحوائج. وهو الرحمن الرحيم: الذي وسعت رحمته كل شيء، ووصلت رحمته إلى كل مخلوق. وهو الملك: الذي ملك الخلائق كلها، المالك: الذي ملك الممالك والملوك والعبيد، المليك: النافذ أمره في ملكه، بيده الملك، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء. وهو القدوس: المنزه عن النقائص والعيوب، الموصوف بصفات الكمال. وهو السلام: الذي سلم من كل عيب وآفة ونقص. وهو المؤمن: الذي أَمِنَ خلقه من أن يظلمهم، خلق الأمن ومنَّ به على من شاء من عباده. وهو المهيمن: الشاهد على خلقه بما يصدر منهم، لا يغيب عنه شيء. وهو العزيز: الذي له العزة كلها، فهو العزيز الذي لا يرام جنابه، والقاهر الذي لا يُغلب، والقوي الشديد الذي خضعت له المخلوقات. وهو الجبار: العالي على خلقه، القاهر لهم على ما أراد، ذو الجبروت والعظمة الذي يجبر عباده ويصلح أحوالهم. وهو المتكبر: الذي تكبر عن صفات الخلق فلا شيء مثله، الذي تكبر عن كل سوء وظلم.

وهو الكبير: الذي كل شيء دونه صغير، وله الكبرياء في السماوات والأرض. وهو الخالق: المبدع للخلق على غير مثال سبق. الخلاق: الذي خلق ويخلق كل شيء بقدرته. وهو البارئ: الذي برأ الخلق فأوجدهم بقدرته، وميز بعض خلقه عن بعض، وجعلهم أبرياء. وهو المصور: الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة، من الطول والقصر، والكبر والصغر. وهو الوهاب: الذي يجود بالعطاء والنعم على الدوام. وهو الرزاق: الذي وسع الخلق كلهم رزقه. الرازق: الذي خلق الأرزاق وأوصلها الى خلقه. وهو الغفور الغفار: المعروف بالغفران والعفو والصفح. الغافر: الساتر لذنوب عباده. وهو القاهر: العالي والقاهر فوق عباده، الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة. وهو القهار: الذي قهر الخلائق كلها على ما أراد، فهو القاهر وما سواه مقهور. وهو الفتاح: الذي يحكم بين عباده بالحق والعدل، ويفتح لهم أبواب الرحمة والرزق، الناصر لعباده المؤمنين، المتفرد بعلم مفاتح الغيب. وهو العليم: الذي لا يخفى عليه شيء، العالم بالسر والخفيات، والظواهر والبواطن، والأقوال والأفعال، والغيب والشهادة، علام الغيوب. وهو المجيد: الذي تمجَّد بأفعاله، ومجَّده خلقه لعظمته، فهو المحمود على مجده، وعظمته، وإحسانه. وهو الرب: المالك المتصرف، رب الأرباب، ومالك الخلائق، الذي يربي خلقه ويقوم بأمورهم في الدنيا والآخرة، لا إله غيره، ولا رب سواه. وهو العظيم: ذو العظمة والجلال في ملكه وسلطانه.

وهو الواسع: الذي وسعت رحمته كل شيء، ووسع رزقه الخلق أجمعين، واسع العظمة والملك والسلطان، واسع الفضل والإحسان. وهو الكريم: الذي له قدر عظيم، الكثير الخير دائمه، المنزه عن النقائص والآفات، الأكرم: الذي عمَّ الجميع بعطائه وفضله. وهو الودود: المحب لمن أطاعه وأناب إليه، المثني عليهم، المحسن إليهم وإلى غيرهم. وهو المقيت: الحافظ لكل شيء، القائم على كل شيء، المعطي لأقوات الخلق. وهو الشكور: الذي يضاعف الحسنات، ويمحو السيئات. الشاكر: الذي يشكر اليسير من الطاعة، فيعطي الثواب الجزيل، ويعطي الكثير من النعم، ويرضى باليسير من الشكر. وهو اللطيف: الذي لا يخفى عليه شيء، البَرُّ بعباده الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون، لطيف لا تدركه الأبصار. وهو الحليم: الذي لا يَعْجَل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم، بل يمهلهم ليتوبوا. وهو الخبير: الذي لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه، من متحرك وساكن، وناطق وصامت، وصغير وكبير. وهو الحفيظ: الذي حفظ ما خلقه، وأحاط علمه بكل شيء. الحافظ: الذي حفظ أعمال العباد، وحفظ أولياءه من الوقوع في الذنوب، الذي لا يغيب عما يحفظه. وهو السميع: الذي يسمع جميع الأصوات، وسع سمعه الأصوات، لا يشغله سمع عن سمع مع اختلاف الألسنة واللغات والحاجات، يستوي عنده السر والعلانية، والقريب والبعيد. وهو البصير: الذي يبصر كل شيء، العليم بحاجات وأعمال العباد، ومن يستحق

الهداية، ومن يستحق الضلالة، لا يعزب عنه شيء، ولا يغيب عنه شيء. وهو العلي الأعلى المتعال: ذو العلو والارتفاع، الذي كل شيء تحت قهره وسلطانه، فهو العظيم الذي لا أعظم منه، العلي الذي لا أعلى منه، الكبير الذي لا أكبر منه. وهو الحكيم: الذي يضع الأشياء في محلها بحكمته وعدله، الحكيم في أقواله وأفعاله. الحكم الحاكم: الذي سلم له الحكم فلا يجور ولا يظلم أحداً. وهو القيوم: القائم بنفسه فلا يحتاج الى أحد، المقيم لغيره، القائم بتدبير الخلائق كلها لا تأخذه سنة ولا نوم. وهو الواحد الأحد: الذي توحَّد بجميع الكمالات لا يشاركه فيها أحد. وهو الحي: الباقي الذي لا يجوز عليه الموت ولا الفناء. وهو الحاسب الحسيب: الكافي لعباده الذي لا غنى لهم عنه أبداً، المحاسب لعباده. وهو الشهيد: المطَّلع على جميع الأشياء، الذي أحاط علمه بكل شيء، والذي شهد لعباده وعلى عباده بما عملوه. وهو القوي المتين: التام القوة، الذي لا يغلبه غالب، ولا يفوته هارب، الشديد القوي الذي لا تنقطع قوته. وهو الولي: مالك التدبير، المولى: المحب الناصر المعين لعباده المؤمنين. وهو الحميد: الذي يستحق الحمد، المحمود على أسمائه وصفاته، وأفعاله وأقواله، وإحسانه، وشرعه وقدره. وهو الصمد: الذي بلغ الكمال في سؤدده وعظمته وجوده، الذي يُصمد إليه في الحوائج. وهو القدير القادر المقتدر: كامل القدرة، لا يعجزه شيء، ولا يفوته شيء، الذي

له القدرة التامة الدائمة الشاملة. وهو الوكيل: القائم بأمر الخلائق كلها. وهو الكفيل: الحفيظ لكل شيء، القائم على كل نفس، المتكفل بأرزاق الخلائق، ورعاية مصالحهم. وهو الغني: الذي استغنى عن الخلق، ولا حاجة له إلى أحد أصلاً. وهو الحق المبين: الذي لا شك ولا ريب في وجوده، الذي لا يخفى على خلقه، المبين: الذي أوضح لخلقه سبل النجاة في الدنيا والآخرة. وهو النور: الذي أنار السماوات والأرض، ونوَّر قلوب المؤمنين بمعرفته والإيمان به. وهو ذو الجلال والإكرام: الذي يستحق أن يُهاب ويُثنى عليه وحده، ذو العظمة والكبرياء، وذو الرحمة والإحسان. وهو البَرُّ: الرحيم بعباده، العطوف عليهم، المحسن إليهم. وهو التواب: الذي يتوب على التائبين، ويغفر ذنوب المنيبين، خلق التوبة وقَبِلها من عباده. وهو العفو: الذي وسع عفوه ما يصدر من ذنوب عباده لا سيما مع التوبة والاستغفار. وهو الرؤوف: ذو الرأفة، والرأفة: شدة الرحمة وأعلاها. وهو الأول: الذي ليس قبله شيء، والآخر: الذي ليس بعده شيء. والظاهر: الذي ليس فوقه شيء، والباطن: الذي ليس دونه شيء. وهو الوارث: الباقي بعد فناء خلقه، وإليه مرجع كل شيء ومصيره، الحي الذي لا يموت. وهو المحيط: الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه، فلا يقدرون على فوته، أو الفرار منه، أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً.

وهو القريب من كل أحد، القريب من الداعي، والمتقرَّب إليه بأنواع الطاعة والإحسان. وهو الهادي: الذي هدى سائر الخلق إلى مصالحهم، الهادي عباده، المبين لهم طريق الحق من الباطل. وهو البديع: الذي لا مثيل له ولا شبيه، الذي فطر المخلوقات على غير مثال سبق. وهو الفاطر: الذي خلق المخلوقات، وفطر السماوات والأرض وقد كانتا عدماً. وهو الكافي: الذي كفى عباده جميع ما يحتاجون إليه ويضطرون إليه. وهو الغالب: القاهر أبداً، الغالب لكل طالب، لا يملك أحد أن يرد ما قضى، أو يمنع ما أمضى، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه. وهو الناصر النصير: الذي ينصر رسله وأتباعهم على أعدائهم، بيده النصر وحده لا شريك له. وهو المستعان: الذي لا يَطلب العون، بل يُطلب منه العون، يسأله أولياؤه وأعداؤه، ويمد هؤلاء وهؤلاء. وهو ذو المعارج: الذي تعرج إليه الملائكة والروح، وتصعد إليه الأعمال والأقوال الصالحة والطيبة. وهو ذو الطَّول: الذي بسط الفضل والنعم والمنن على خلقه. وهو ذو الفضل: الذي يملك كل شيء، ويتفضل على عباده بأنواع النعم. وهو الرفيق: الذي يحب الرفق وأهله، رؤوف بالعباد، رحيم بهم. وهو الجميل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. وهو الطيب: المنزه عن النقائص والعيوب. وهو الشافي لكل آفة وعاهة ومرض وحده لا شريك له. وهو السبوح: المنزه عن كل عيب ونقص، الذي تسبح له السماوات السبع

والأرض ومن فيهن، ويسبح بحمده كل شيء. وهو الوتر: الذي لا شريك له ولا مثيل ولا نظير، وتر يحب الوتر من الأعمال والطاعات. وهو الديان: الذي يحاسب العباد ويجازيهم، ويحكم بينهم يوم المعاد. وهو المقدِّم والمؤخِّر: يقدم من يشاء، ويؤخر من يشاء، ويرفع من شاء، ويضع من شاء. وهو المَنَّان: الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، كثير العطاء، يمن على عباده بأنواع الإحسان والإنعام والأرزاق والعطايا. وهو القابض: الذي يطوي بره ومعروفه عمن يريد. الباسط: الذي ينشر فضله، ويوسع رزقه على من شاء من عباده. وهو الحيي السِّتِّير: الذي يحب أهل الحياء والستر من عباده، ويستر على عباده الكثير من الذنوب والعيوب. وهو السيد: الذي كمل في سؤدده وعظمته وقوته وسائر صفاته. وهو المحسن: الذي غمر الخلق جميعاً بإحسانه وفضله.

زيادة الإيمان

زيادة الإيمان - أساس الدين هو الإيمان بالله عز وجل، واليقين على ذاته وعلى أسمائه وصفاته، وأفعاله وخزائنه، ووعده ووعيده، وجميع الأعمال والعبادات مبناها وقبولها مبني على هذا الأصل العظيم، وإذا ضعف هذا الإيمان ونقص ضعفت الأعمال والعبادات فساءت الأحوال. وحتى يأتي الإيمان في حياتنا ويزيد لا بد من العلم بأمور: الأول: أن نعلم ونتيقن أن خالق كل شيء هو الله ظاهراً كان أو باطناً، صغيراً كان أو كبيراً، فخالق السماء هو الله، وخالق الأرض هو الله، وخالق العرش هو الله، وخالق الملائكة هو الله، وخالق النجوم هو الله، وخالق البحار والجبال هو الله، وخالق الإنسان والحيوان والنبات والجماد هو الله، وخالق الجنة هو الله، وخالق النار هو الله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)} [الزمر/62]. نتكلم بذلك، ونسمعه، ونفكر به، وننظر في الآيات الكونية والآيات القرآنية نظر اعتبار وتفكر حتى يرسخ الإيمان في قلوبنا، وقد أمرنا الله بذلك. 1 - قال الله تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101)} [يونس/101]. 2 - وقال الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)} [محمد/24]. 3 - وقال الله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124)} [التوبة/124]. الثاني: أن نعلم ونتيقن أن الله خلق المخلوقات وخلق فيها الأثر، فخلق العين وخلق فيها الأثر: وهو البصر، وخلق الأذن وخلق فيها الأثر: وهو السمع، وخلق اللسان وخلق فيه الأثر: وهو الكلام، وخلق الشمس وخلق فيها الأثر: وهو النور، وخلق النار وخلق فيها الأثر: وهو الإحراق، وخلق الشجر وخلق فيه

الأثر: وهو الثمر وهكذا. الثالث: أن نعلم ونتيقن أن الذي يملك جميع المخلوقات، ويتصرف فيها، ويدبرها هو الله وحده لا شريك له، فكل ما في السماء والأرض من المخلوقات كبيرهم وصغيرهم كلهم عبيد فقراء إلى الله، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا نصراً، ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً، فالله مالكهم، وهم محتاجون إليه، وهو غني عنهم. وهو سبحانه الذي يصرف الكون ويدبر أمور جميع خلقه، فالذي يتصرف في السماء والأرض، وفي المياه والبحار، وفي النار والرياح، وفي الأنفس والنباتات، وفي الكواكب والجمادات، وفي الرؤساء والوزراء، وفي الأغنياء والفقراء، وفي الأقوياء والضعفاء وغيرهم هو الله وحده لا شريك له. فالله عز وجل يتصرف بقدرته وحكمته وعلمه كيف يشاء، فقد يخلق الشيء ويسلب أثره بقدرته، فقد توجد العين ولا تبصر، والأذن ولا تسمع، واللسان ولا يتكلم، والبحر ولا يغرق، والنار ولا تحرق، وقد فعل ذلك سبحانه؛ لأنه الذي يتصرف في الخلق كيف يشاء، لا إله إلا هو الواحد القهار وهو على كل شيء قدير. - وبعض القلوب تتأثر بالشيء أكثر من خالق الشيء، فتتعلق بالشيء وتغفل عن خالق الشيء سبحانه، والواجب أن نصل بهذا العلم وبهذا النظر من المخلوق إلى الخالق الذي خلقه وصوره، فنعبده وحده لا شريك له. قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)} [يونس/31 - 32]. الرابع: أن نعلم ونتيقن أن خزائن جميع الأشياء عند الله وحده لا عند غيره، فكل شيء في الوجود فخزائنه عند الله، خزائن الطعام والشراب، والحبوب والثمار،

والمياه والرياح، والأموال والبحار، والجبال وغيرها كلها عند الله، فكل ما نحتاجه نطلبه من الله ونسأله إياه، ونكثر من العبادات والطاعات، فهو سبحانه قاضي الحاجات، ومجيب الدعوات، هو خير المسؤولين، وخير المعطين، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع. 1 - قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} ... [الحجر/21]. 2 - وقال الله تعالى: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)} [المنافقون/7]. - قدرة الله عز وجل: الله عز وجل له القدرة المطلقة: 1 - أحياناً يعطي ويرزق بالأسباب كما جعل الماء سبباً للإنبات، ووطء المرأة سبباً للإنجاب، ونحن في دار الأسباب فنأخذ بالأسباب المشروعة، ولا نتوكل إلا على الله. 2 - وأحياناً يعطي ويرزق بدون الأسباب، يقول للشيء كن فيكون، كما رزق مريم طعاماً بلا شجر، وابناً بلا ذكر. 3 - وأحياناً يستعمل قدرته سبحانه بضد الأسباب كما جعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وكما نجى موسى - صلى الله عليه وسلم - وأغرق فرعون وقومه في البحر، وكما نجى يونس - صلى الله عليه وسلم - في ظلمة بطن الحوت والبحر. قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس/82]. هذا بالنسبة للمخلوقات، أما بالنسبة للأحوال: 1 - فنعلم ونتيقن أن خالق جميع الأحوال هو الله وحده من الغنى والفقر .. والصحة والمرض .. والفرح والحزن .. والضحك والبكاء .. والعزة والذلة .. والحياة والموت .. والأمن والخوف .. والبرد والحر .. والهداية والضلالة .. والسعادة

والشقاوة .. فهذه وغيرها من الأحوال خلقها الله سبحانه. 2 - أن نعلم ونتيقن أن الذي يدبر الأمر ويُصَرِّف هذه الأحوال هو الله وحده، فلا يتبدل الفقر بالغنى إلا بأمر الله، ولا المرض بالصحة إلا بأمر الله، ولا تتغير الذلة بالعزة إلا بأمر الله، ولا الضحك بالبكاء إلا بأمر الله، ولا يموت حي إلا بإذن الله، ولا يتغير البرد بالحر إلا بأمر الله، ولا تتبدل الضلالة بالهداية إلا بأمر الله وهكذا. فتأتي الأحوال بأمره سبحانه، وتزيد بأمره، وتنقص بأمره، وتبقى بأمره، وتنتهي بأمره، فعلينا أن نطلب تغيير الأحوال ممن يملكها بالتقرب إليه وحده بما شرع: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} [آل عمران/26]. 3 - أن نعلم ونتيقن أن خزائن جميع الأحوال السابقة وغيرها عند الله وحده لا شريك له، فلو أعطى الله سبحانه الصحة أو الغنى أو غيرهما كل الناس لم ينقص ما في خزائنه سبحانه إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، لا إله إلا هو الغني الحميد. عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي! إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلا تَظَالَمُوا. يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أهْدِكُمْ. يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلا مَنْ أطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ. يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ عَارٍ إلا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أكْسُكُمْ. يَا عِبَادِي! إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأنَا أغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أغْفِرْ لَكُمْ. يَا عِبَادِي! إنَّكُمْ لَنْ تبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي. يَا عِبَادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ

وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَألُونِي، فَأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْألَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلا كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحْرَ. يَا عِبَادِي! إنَّمَا هِيَ أعْمَالُكُمْ أحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ». أخرجه مسلم (¬1). - فالذي يؤمن بالله، ويمتثل أوامر الله على هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالله عز وجل يرضى عنه، ويعطيه من خزائنه - غنياً كان أو فقيراً -، ويؤيده وينصره، ويدخله الجنة، ويحفظه ويعزه بالإيمان، سواء كانت عنده أسباب العزة كأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، أو لم تكن عنده أسباب العزة كبلال وعمار وسلمان رضي الله عنهم وغيرهم. ومن لم يؤمن بالله: فإن كانت عنده أسباب العزة من الملك والمال أذله الله بها كما أذل فرعون وقارون وهامان، وغيرهم. وإن كانت عنده أسباب الذلة أذله الله بها كفقراء المشركين. - والله خلق الإنسان للإيمان والأعمال الصالحة، وعبادة ربه وحده لا شريك له، ولم يخلقه ليستكثر من الأموال والأشياء والشهوات، فإن شغل نفسه بهذه الأشياء عن عبادة ربه سلطها الله عليه، وجعلها سبباً في شقائه وهلاكه وخسارته في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)} [التوبة/55]. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2577).

أسباب الفوز والفلاح

- أسباب الفوز والفلاح: أعطى الله عز وجل كل إنسان أسباب الفوز والفلاح أياً كان غنياً أو فقيراً، والأسباب التي ليس فيها فوز ولا فلاح كالمال والجاه أعطى منها بعض الناس دون بعض، فالإيمان والأعمال الصالحة هي السبب الوحيد للفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، وهي حق مبذول لكل أحد، وكذلك مكان الإيمان وهي القلوب موجودة عند كل أحد، ومكان الأعمال وهي الجوارح مملوكة لكل أحد، فمن في قلبه الإيمان وصدرت من جوارحه الأعمال الصالحة فاز في الدنيا والآخرة وما سواه فهو من الخاسرين. 1 - يحصل الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة فقط بالإيمان والأعمال الصالحة، وقيمة الإنسان عند الله بقدر ما فيه من الإيمان، وما يقوم به من الأعمال الصالحة، لا بما يملك من الأموال والأشياء والمناصب. وقد اعتقد قوم أن الفوز والفلاح في الملك والدولة كنمرود وفرعون، واعتقد آخرون أنه في القوة كقوم عاد، واعتقد آخرون أنه في التجارة كقوم شعيب، واعتقد آخرون أنه في الزراعة كقوم سبأ، واعتقد آخرون أنه في الصناعة كقوم ثمود، واعتقد آخرون أنه في المال كقارون. وقد أرسل الله عز وجل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لهؤلاء الأقوام يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ويبينون لهم أن الفوز والفلاح ليس في هذه الأشياء بل بالإيمان والأعمال الصالحة. 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)} [النور/52]. 2 - وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ} [البقرة/3 - 5]. 2 - وهؤلاء الأقوام لما كذبوا الرسل، واستمروا على كفرهم، واغتروا بما عندهم

فقه تزكية النفوس

دَمَّرهم الله وأنجى أنبياءه ورسله وأتباعهم، ونصرهم على أعدائهم. 1 - قال الله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)} [العنكبوت/40]. 2 - وقال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67)} [هود/66 - 67]. - فقه تزكية النفوس: التزكية: طهارة الظاهر والباطن من كل درن ونجاسة. والتزكية لها ثلاث متعلقات: 1 - في حق الله: يتزكى الإنسان ويتطهر من الشرك والنفاق والرياء، فيعبد الله مخلصاً له الدين. 2 - في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم -: يتزكى ويتطهر من الابتداع، فيعبد الله على مقتضى شريعة الله ورسوله. 3 - في حق الناس: يزكي نفسه ويطهرها من الأخلاق السيئة كالغل والحسد والكذب والغيبة والإعتداء على الخلق. ومن رُزِق هذا فقد نال الدرجات العالية في الإيمان والعلم والعمل والخُلُق. قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} [الشمس/9 - 10] والفلاح هو الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب.

تفاضل أهل الإيمان

- تفاضل أهل الإيمان: 1 - إيمان الخلق درجات متفاوتة: 1 - فإيمان الملائكة ثابت لا يزيد ولا ينقص، فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وهم درجات. 2 - وإيمان الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يزيد ولا ينقص؛ لكمال معرفتهم بالله، وهم درجات. 3 - وإيمان سائر المسلمين يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهم درجات في الإيمان، والإيمان درجات: فأول درجات الإيمان تجعل المسلم يؤدي العبادة للهِ عز وجل ويتلذذ بها ويحافظ عليها، ولحسن المعاملة مع من فوقه أو مثله من الناس يحتاج إلى إيمان أقوى يحجزه عن الظلم لنفسه ولغيره، ولحسن المعاشرة لمن دونه من الخلق كالحاكم مع رعيته، والرجل مع أهله يحتاج إلى إيمان أقوى يحجزه عن الظلم لمن دونه، وكلما زاد الإيمان زاد اليقين وزاد العمل الصالح، وصار العبد يؤدي حق الله وحقوق عباده، فهو حسن الخُلق مع الخالق ومع المخلوق، فهذا بأرفع المنازل في الدنيا والآخرة. 2 - كل عبد سائر لا واقف، فإما إلى فوق وإما الى أسفل، وإما إلى أمام وإما إلى وراء، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف ألبتة. فكل عبد ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار، فمسرع ومبطئ، ومتقدم ومتأخر، وليس في الطريق واقف ألبتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير وفي السرعة والبطء، فمن لم يتقدم إلى الجنة بالإيمان والأعمال الصالحة فهو متأخر إلى النار بالكفر والأعمال السيئة. قال الله تعالى: {نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37)} [المدثر/36 - 37].

3 - أهل الإيمان متفاوتون فيه تفاوتاً عظيماً، فإيمان الأنبياء والرسل ليس كإيمان غيرهم، وإيمان الصحابة رضي الله عنهم ليس كإيمان غيرهم، وإيمان المؤمنين الصالحين ليس كإيمان الفاسقين. وهذا التفاوت بحسب ما في القلب من العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وما شرعه لعباده، وخشية الله وتقواه، وتفاوت نور (لا إله إلا الله) في قلوب أهلها لا يحصيه إلا الله تعالى. 4 - أعرف الخلق بالله أشدهم حبّاً له، ولهذا كانت الرسل أعظم الناس حباً للهِ، وتعظيماً له. ومحبة الله لذاته وإحسانه وجماله وجلاله أصل العبادة، وكلما قويت المحبة كانت الطاعة أتم، والتعظيم أوفر، والسرور والأنس بالله أكمل.

وعد الله على الإيمان

وعد الله على الإيمان - وعد الله عز وجل المؤمنين بموعودات كثيرة في الدنيا والآخرة. أ- موعودات المؤمنين في الدنيا منها: 1 - الفلاح كما قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)} [المؤمنون/1]. 2 - الهداية كما قال سبحانه: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)} [الحج/54]. 3 - النصر كما قال سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)} [الروم/47]. 4 - العزة كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} ... [المنافقون/8]. 5 - الخلافة والتمكين في الأرض كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور/55]. 6 - الدفاع عنهم كما قال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج/38]. 7 - الأمن كما قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)} [الأنعام/82]. 8 - النجاة كما قال سبحانه {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103)} [يونس/103]. 9 - الحياة الطيبة كما قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} [النحل/97]. 10 - عدم تسليط الكفار عليهم كما قال سبحانه: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)} [النساء/141].

11 - حصول البركات كما قال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف/96]. 12 - معية الله الخاصة كما قال سبحانه: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)} [الأنفال/19]. ب - أما الموعودات في الآخرة فمنها: 1 - دخول المؤمنين الجنة والخلود فيها، والرضوان من الله تعالى كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} [التوبة/72]. 2 - رؤية الله عز وجل والقرب منه كما قال سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة/22 - 23]. - الصفات الموعودة في الدنيا غير موجودة في حياة كثير من المسلمين اليوم، مما يدل على ضعف إيمانهم، ولا سبيل للحصول عليها أو رؤيتها إلا بتقوية الإيمان الموجود بالإيمان المطلوب؛ لنحصل على موعودات الله المذكورة في الدنيا على الإيمان، بأن يكون إيماننا وأعمالنا كإيمان الأنبياء والصحابة وأعمالهم. 1 - قال الله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)} [البقرة/137]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)} [النساء/136]. 3 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)} [البقرة/208].

2 - الإيمان بالملائكة

2 - الإيمان بالملائكة - الإيمان بالملائكة: هو التصديق الجازم بأن للهِ ملائكةً موجودين، نؤمن بمن سمى الله منهم كجبريل - صلى الله عليه وسلم -، ومن لم نعلم اسمه منهم فنؤمن بهم إجمالاً، ونؤمن بما علمنا من صفاتهم وأعمالهم. - وهم من حيث الرتبة: عباد مكرمون، عابدون للهِ تعالى، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، وهم عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور. - وهم من حيث العمل: يعبدون الله ويسبحونه: {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)} [الأنبياء/19 - 20]. - وهم من حيث الطاعة للهِ: منحهم الله عز وجل الانقياد التام لأمره، والقوة على تنفيذه، وهم مجبولون على الطاعة: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} ... [التحريم/6]. - عدد الملائكة: الملائكة عدد كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى، منهم حملة العرش، وخزنة الجنة، وخزنة النار، والحفظة، والكتبة وغيرهم، يُصلي منهم كل يوم في البيت المعمور سبعون ألف ملك، فإذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم. ففي قصة المعراج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أتى السماء السابعة قال: « ... فَرُفِعَ لِي البَيْتُ المعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ: هَذَا البَيْتُ المعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيهِمْ». متفق عليه (¬1). - أسماء وأعمال الملائكة: الملائكة عباد مكرمون، خلقهم الله لطاعته وعبادته، ولا يعلم عددهم إلا الله، منهم من أعلمنا الله بأسمائهم وأعمالهم، ومنهم من اختص الله بعلمهم، وقد ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3207)، واللفظ له، ومسلم برقم (162).

وظيفة الكرام الكاتبين

وَكَّلهم الله بأعمال، ومنهم: 1 - جبريل عليه الصلاة والسلام: وهو الموكل بالوحي إلى الأنبياء والرسل. 2 - ميكائيل عليه الصلاة والسلام: وهو الموكل بالقطر والنبات. 3 - إسرافيل عليه الصلاة والسلام: وهو الموكل بالنفخ في الصور. وهؤلاء أعظم الملائكة، وهم موكلون بأسباب الحياة، فجبريل موكل بالوحي الذي به حياة القلوب، وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة الأرض بعد موتها، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي به حياة الأجساد بعد موتها. 4 - مالك خازن النار: وهو الموكل بالنار. 5 - رضوان خازن الجنة: وهو الموكل بالجنة. ومنهم ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت. ومنهم حملة العرش، وخزنة الجنة، وخزنة النار. ومنهم الملائكة الموكلون بحفظ بني آدم، وحفظ أعمالهم وكتابتها لكل شخص، ومنهم الموكل بالعبد دائماً، ومنهم ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار، ومنهم ملائكة يتبعون مجالس الذكر. ومنهم الملائكة الموكلون بالأجنة في الأرحام يكتبون رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد بأمر الله. ومنهم الملائكة الموكلون بسؤال الميت في قبره عن ربه ودينه ونبيه. وغيرهم كثير مما لا يحصيه إلا الله الذي أحصى كل شيء عدداً. - وظيفة الكرام الكاتبين: خلق الله الملائكة الكرام الكاتبين، وجعلهم علينا حافظين، يكتبون الأقوال والأعمال والنيات، مع كل إنسان ملكان: صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه، واحد

عظمة خلق الملائكة

من ورائه، وواحد من أمامه. 1 - قال الله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} [الانفطار/10 - 12]. 2 - وقال الله تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق/17 - 18]. 3 - وقال الله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد/ 11]. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَقولُ اللهُ: إذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا له بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ». متفق عليه (¬1). - عظمة خلق الملائكة: 1 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ. متفق عليه (¬2). 2 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللهِ مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ إنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ». أخرجه أبو داود (¬3). - ثمرات الإيمان بالملائكة: 1 - العلم بعظمة الله تعالى، وقدرته، وقوته، وحكمته، فقد خلق الملائكة الذين لا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7501)، واللفظ له، ومسلم برقم (128). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4857)، واللفظ له، ومسلم برقم (174). (¬3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4727)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (151).

يعلم عددهم إلا الله، وجعل منهم حملة العرش الواحد منهم ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة، فكيف بعظمة العرش؟ وكيف عظمة من فوق العرش؟ فسبحان من له الملك: {وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)} [الجاثية/37]. 2 - حَمْد الله وشكره على عنايته ببني آدم حيث وكَّل من الملائكة من يقوم بحفظهم، ونصرتهم، وكتابة أعمالهم. 3 - محبة الملائكة على ما يقومون به من عبادة الله تعالى، والدعاء، والاستغفار للمؤمنين كما قال الله عز وجل عن حملة العرش ومن حوله: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)} [غافر/7 - 9].

3 - الإيمان بالكتب

3 - الإيمان بالكتب - الإيمان بالكتب: هو التصديق الجازم بأن الله تعالى أنزل كتباً على أنبيائه ورسله هداية لعباده، وهي من كلامه حقيقة، وأن ما تضمنته حق لا ريب فيه، منها ما سمى الله في كتابه، ومنها ما لا يعلم أسماءها وعددها إلا الله عزوجل. - عدد الكتب السماوية المذكورة في القرآن: بَيَّن الله عز وجل في القرآن أنه أنزل الكتب الآتية: 1 - «صحف إبراهيم» - صلى الله عليه وسلم -. 2 - «التوراة»: وهي الكتاب الذي أنزله الله على موسى - صلى الله عليه وسلم -. 3 - «الزبور»: وهو الكتاب الذي أنزله الله على داود - صلى الله عليه وسلم -. 4 - «الإنجيل»: وهو الكتاب الذي أنزله الله على عيسى - صلى الله عليه وسلم -. 5 - «القرآن»: وهو الكتاب الذي أنزله الله على محمد - صلى الله عليه وسلم - للناس كافة. - حكم الإيمان والعمل بالكتب السماوية السابقة: نؤمن بأن الله عز وجل أنزل هذه الكتب، ونصدق ما صح من أخبارها كأخبار القرآن، وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة، ونعمل بأحكام ما لم ينسخ منها مع الرضا والتسليم، وما لم نعلم اسمه من الكتب السماوية نؤمن به إجمالاً. - جميع الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها منسوخة بالقرآن العظيم كما قال سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [المائدة/48].

حكم الإيمان والعمل بالقرآن الكريم

- حكم ما في أيدي أهل الكتاب من الكتب: ما في أيدي أهل الكتاب مما يسمى بالتوراة والإنجيل لا تصح نسبته كله إلى أنبياء الله ورسله، فقد وقع فيهما التحريف والتبديل، كنسبتهم الولد إلى الله، وتأليه النصارى لعيسى بن مريم عليه السلام، ووصف الخالق بما لا يليق بجلاله، واتهام الأنبياء ونحو ذلك، فيجب رد ذلك كله، وعدم الإيمان إلا بما جاء في القرآن أو السنة تصديقه. - إذا حدثنا أهل الكتاب فلا نصدقهم ولا نكذبهم، ونقول: آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان ما قالوه حقاً لم نكذبهم، وإن كان ما قالوه باطلاً لم نصدقهم. - حكم الإيمان والعمل بالقرآن الكريم: القرآن الكريم الذي أنزله الله عز وجل على خاتم الأنبياء وأفضلهم محمد - صلى الله عليه وسلم - هو آخر الكتب السماوية، وأعظمها، وأكملها، وأحكمها، أنزله الله تبياناً لكل شيء، وهدى ورحمة للعالمين. فهو أفضل الكتب، نزل به أفضل الملائكة وهو جبريل، على أفضل الخلق وهو محمد - صلى الله عليه وسلم -، على أفضل أمة أخرجت للناس، بأفضل الألسنة وأفصحها وهو اللسان العربي المبين، فيجب على كل أحد الإيمان به، والعمل بأحكامه، والتأدب بآدابه، ولا يقبل الله العمل بغيره بعد نزوله، تكفل الله بحفظه، فسلم من التحريف والتبديل، ومن الزيادة والنقصان. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر/9]. 2 - وقال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} [الشعراء/192 - 195].

دلالة آيات القرآن

- دلالة آيات القرآن: آيات القرآن فيها تبيان كل شيء، وهي إما خبر أو طلب: والخبر قسمان: 1 - إما خبر عن الخالق وأسمائه وصفاته وأفعاله وأقواله وهو الله عز وجل. 2 - وإما خبر عن المخلوق كالسماء والأرض، والعرش والكرسي، والإنسان والحيوان، والجماد والنبات، والجنة والنار، وأخبار الأنبياء والرسل وأتباعهم وأعدائهم، وجزاء كل فريق ونحو ذلك. والطلب قسمان: 1 - إما أَمْر بعبادة الله وحده، وطاعة الله ورسوله، وفِعْل ما أمر الله به كالصلاة والصيام وغير ذلك من أوامر الله. 2 - وإما نهي عن الشرك بالله، وتحذير مما حرم الله كالربا والفواحش وغير ذلك مما نهى الله عنه. - فلله الحمد والشكر، وله المنة والفضل، حيث أرسل إلينا أفضل رسله، وأنزل علينا أفضل كتبه، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس: 1 - قال الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)} [الزمر/23]. 2 - وقال الله تعالى: {شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ} [آل عمران/164].

4 - الإيمان بالرسل

4 - الإيمان بالرسل - الإيمان بالرسل: هو التصديق الجازم بأن الله عز وجل بعث في كل أمة رسولاً يدعوهم إلى عبادة الله وحده، والكفر بما يعبد من دونه، وأنهم جميعاً مرسلون صادقون، وقد بلَّغوا جميع ما أرسلهم الله به، منهم مَنْ أعلمنا الله باسمه، ومنهم مَنْ استأثر الله بعلمه. - تربية الأنبياء وأتباعهم: الله عز وجل يربي الأنبياء وأتباعهم ليجتهدوا أولاً على أنفسهم للحصول على الإيمان بالعبادة والتزكية والنظر والتفكر، والصبر والتضحية بكل شيء من أجل الدين، والبذل والترك من أجل إعلاء كلمة الله حتى يكمل الإيمان في حياتهم، ويأتي اليقين في قلوبهم على أن الله خالق كل شيء، وبيده كل شيء، وأنه المستحق للعبادة وحده، ثم يجتهدون على حفظ الإيمان بالبيئات الصالحة كالمساجد المعمورة بالإيمان والأعمال الصالحة. ثم يجتهدون لقضاء حاجات الدين وحاجاتهم على الاستفادة من الإيمان، فيرون أن الله معهم حيثما كانوا ينصرهم ويرزقهم ويؤيدهم كما حصل من النصر للمسلمين في بدر وفتح مكة وحنين وغيرها، يتوكلون عليه سبحانه، ولا يتوكلون على أحد سواه، ثم يجتهدون على نشر الإيمان بين أقوامهم ومن أُرسلوا إليه؛ ليعبدوا الله وحده لا شريك له، ويعلمونهم أحكامه، ويتلون عليهم آيات ربهم. قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} [الجمعة/ 2 - 4]. - الرسول: هو من أوحى الله إليه بشرع وأمره بتبليغه إلى من لا يعلمه، أو يعلمه ولكنه خالفه.

النبي

- النبي: هو من أوحى الله إليه بشرع سابق، ليُعْلِم مَنْ حوله مِنْ أصحاب ذلك الشرع ويجدده، فكل رسول نبي ولا عكس. - بعث الأنبياء والرسل: لم تخل أمة من رسول يبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلى قومه، أو نبي يوحي إليه بشريعة مَنْ قبله ليجددها. 1 - قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/36]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ} [المائدة/44]. - عدد الأنبياء والرسل: الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كثيرون. 1 - منهم مَنْ بَيَّنَ الله أسماءهم في القرآن وقص علينا أخبارهم، وهم خمسة وعشرون. 1 - آدم - صلى الله عليه وسلم - {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)} [طه/115]. 2 - 19 قال الله تعالى ذاكراً بعض أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} [الأنعام/83 - 89].

أولو العزم من الرسل

20 - إدريس - صلى الله عليه وسلم - {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56)} [مريم/56]. 21 - هود - صلى الله عليه وسلم - {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125)} [الشعراء/123 - 125]. 22 - صالح - صلى الله عليه وسلم - {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143)} [الشعراء/141 - 143]. 23 - شعيب - صلى الله عليه وسلم - {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178)} [الشعراء/176 - 178]. 24 - ذو الكفل - صلى الله عليه وسلم - {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48)} [ص/48]. 25 - محمد - صلى الله عليه وسلم - كما قال سبحانه: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب/40]. 2 - ومن الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام من لم نعلم أسماءهم ولم يقص الله علينا خبرهم فنؤمن بهم إجمالاً. 1 - قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر/78]. 2 - وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَمْ وَفَّى عِدَّةُ الْأَنْبِيَاءِ؟ قَالَ: «مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ، جَمًّا غَفِيرًا». أخرجه أحمد والطبراني (¬1). - أولو العزم من الرسل: أولو العزم من الرسل خمسة وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وقد ذكرهم الله بقوله سبحانه: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى/13]. ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (22644)، وأخرجه الطبراني في الكبير (8/ 217).

أول الرسل

- أول الرسل: الأنبياء والرسل دينهم واحد، وشرائعهم مختلفة، أولهم يبشر بآخرهم ويؤمن به، وآخرهم يصدق بأولهم ويؤمن به. وأول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض نوح - صلى الله عليه وسلم -، أرسله الله لقوم كافرين، ليدعوهم إلى الله، ويأمرهم بعبادة الله وحده، وينهاهم عن الشرك. 1 - قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)} [آل عمران/81]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء/163]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه - مرفوعاً - في حديث الشفاعة، وفيه أن آدم - صلى الله عليه وسلم - قال: «اذْهَبُوا إلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحاً فَيَقُولُونَ: يَا نُوْحُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسلِ إلَى أَهْلِ الأرْضِ». متفق عليه (¬1). - آخر الرسل: آخر الرسل محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب/40]. - إلى مَنْ بعث الله الأنبياء والرسل: 1 - بعث الله الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام إلى أقوامهم خاصة كما قال سبحانه: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)} [الرعد/7]. 2 - وبعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين وأفضلهم، فهو سيد ولد آدم، وحامل لواء الحمد يوم القيامة، أرسله الله رحمة للعالمين. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3340)، واللفظ له، ومسلم برقم (194).

الحكمة من بعثة الأنبياء والرسل

1 - قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)} [سبأ/28]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء/107]. - الحكمة من بعثة الأنبياء والرسل: 1 - دعوة الناس إلى عبادة الله وحده، والنهي عن عبادة ما سواه. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/36]. 2 - بيان الطريق الموصل إلى الله. قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)} [الجمعة/2]. 3 - بيان حال الناس بعد الوصول إلى ربهم يوم القيامة. قال الله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51)} [الحج/49 - 51]. 4 - إقامة الحجة على الناس. كما قال سبحانه: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء/165]. 5 - الرحمة. كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء/107]. - صفات الأنبياء والرسل: 1 - جميع الأنبياء والرسل رجال من البشر، اختارهم الله عز وجل، واصطفاهم واجتباهم من بين سائر عباده، فَضَّلهم بالنبوة والرسالة، وأيَّدهم بالمعجزات،

أكرمهم الله بالرسالة وكلفهم بها، وأمرهم بإبلاغها إلى الناس ليعبدوا الله وحده ويتركوا عبادة ما سواه، ووعدهم على ذلك الجنة، وقد صدقوا وبلَّغوا عليهم الصلاة والسلام. 1 - قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [النحل/43]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)} [آل عمران/33]. 3 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/36]. 2 - أمر الله جميع الأنبياء والمرسلين بالدعوة إلى الله، وعبادته وحده لا شريك له، وشرع لكل قوم من الشرائع ما يناسب أحوالهم كما قال سبحانه: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة/48]. 3 - أن الله تعالى لما اصطفى الأنبياء والرسل وصفهم بالعبودية له في أعلى مقاماتهم كما قال عن محمد - صلى الله عليه وسلم - في مقام التنزيل: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} [الفرقان/1]. وقال في عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم -: { ... إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)} [الزخرف/59]. 4 - أن جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام بشر مخلوقون يأكلون ويشربون، وينسون، وينامون، ويصيبهم المرض والموت، وهم كغيرهم لا يملكون شيئاً من خصائص الربوبية والألوهية، فلا يملكون النفع والضر لأحد إلا ما شاء الله، ولا يملكون شيئاً من خزائن الله، ولا يعلمون من الغيب إلا ما أطلعهم الله عليه. قال الله سبحانه لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ

خصائص الأنبياء والرسل

يُؤْمِنُونَ (188)} [الأعراف/188]. - خصائص الأنبياء والرسل: الأنبياء والرسل أطهر البشر قلوباً، وأذكاهم عقولاً، وأصدقهم إيماناً، وأحسنهم أخلاقاً، وأكملهم ديناً، وأقواهم عبودية، وأكملهم أجساماً، وأحسنهم صورة، وقد خصهم الله بخصائص أهمها: 1 - أن الله اصطفاهم بالوحي والرسالة. 1 - قال الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج/75]. 2 - وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف/110]. 2 - أنهم معصومون فيما يبلغونه للناس من العقيدة والأحكام، ولو أخطؤا فالله عز وجل يردهم إلى الحق والصواب. قال الله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)} [النجم/1 - 5]. 3 - أنهم لا يورثون بعد موتهم. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقةً». متفق عليه (¬1). 4 - أنهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم. عن أنس رضي الله عنه في قصة الإسراء -وفيه- فقال أنس: وَالنَّبِيُ - صلى الله عليه وسلم - نَائِمَةٌ عَينَاهُ، وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ، وَلا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ. أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6730)، واللفظ له، ومسلم برقم (1757). (¬2) أخرجه البخاري برقم (3570).

حكم الإيمان بالأنبياء والرسل

5 - أنهم يخيرون عند الموت بين الدنيا والآخرة. عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إلا خُيِّرَ بَينَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». متفق عليه (¬1). 6 - أنهم يقبرون حيث ماتوا. عن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَنْ يُقْبَرَ نَبِيٌّ إلا حَيْثُ يَمُوتُ». أخرجه أحمد (¬2). 7 - أنهم أحياء في قبورهم يصلون. 1 - عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِم يُصَلُّونَ». أخرجه أبو يعلى (¬3). 2 - عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الكثيبِ الأَحْمَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ». أخرجه مسلم (¬4). 8 - أن أزواجهم لا تُنكح من بعدهم. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} ... [الأحزاب/53]. - حكم الإيمان بالأنبياء والرسل: يجب الإيمان بجميع الأنبياء والرسل، ومَنْ كفر بواحد منهم فقد كفر بهم جميعاً، ويجب تصديق ما صح عنهم من أخبارهم، والاقتداء بهم في صدق الإيمان، وكمال التوحيد وحسن الخلق، والعمل بشريعة من أُرسل إلينا منهم وهو خاتمهم وأفضلهم، المرسل إلى الناس كافة وإلى العالم قاطبة، محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4586)، واللفظ له، ومسلم برقم (2444). (¬2) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (27). (¬3) جيد/ أخرجه أبو يعلى برقم (3425)، وانظر السلسلة الصحيحة رقم (621). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2375).

تفاضل الأنبياء والرسل

رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)} [النساء/136]. - تفاضل الأنبياء والرسل: الأنبياء سواء من جهة النبوة التي هي خصلة واحدة لا تفاضل فيها، وإنما يكون التفاضل بين الأنبياء والرسل في زيادة الأحوال، والخصائص، والآيات، والمعجزات، والألطاف. ولهذا منهم رسل، ومنهم أنبياء، ومنهم أولو عزم، ومنهم من اتخذه الله خليلاً، ومنهم من كلم الله، ورفع بعضهم درجات ونحو ذلك من الفضائل. وأفضلهم في ذلك كله سيد ولد آدم محمد - صلى الله عليه وسلم -. 1 - قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة/253]. 2 - قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55)} [الإسراء/55]. 3 - قال الله تعالى: { ... وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)} [النساء/125]. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ». أخرجه مسلم (¬1). 5 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الْأُولَى». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (523). (¬2) متفق عليه/ أخرجه البخاري برقم (2412)، واللفظ له، ومسلم برقم (2374).

ثمرات الإيمان بالأنبياء والرسل

- ثمرات الإيمان بالأنبياء والرسل: معرفة رحمة الله عز وجل بعباده، وعنايته بهم، حيث أرسل إليهم الرسل يهدونهم إلى عبادة ربهم، وكيف يعبدونه. ومنها: حمد الله وشكره على هذه النعمة. ومنها: محبة الرسل والثناء عليهم من غير إطراء؛ لأنهم رسل الله، قاموا بعبادته، وإبلاغ رسالته، والنصح لعباده.

أفضل الأنبياء والرسل محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

أفضل الأنبياء والرسل محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - نسبه ونشأته - صلى الله عليه وسلم -: هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وأمه (آمنة بنت وهب). ولد - صلى الله عليه وسلم - بمكة عام الفيل الموافق لعام (570م)، مات والده (عبد الله) وهو حمل في بطن أمه، ولما ولد كفله جده (عبد المطلب) وماتت والدته آمنة وهو ابن ست سنين، ولما مات جده كفله عمه (أبو طالب). وعاش - صلى الله عليه وسلم - عظيم الأخلاق، طيب الشمايل، حتى لقبه قومه (بالأمين)، وعلى رأس الأربعين من عمره نبئ محمد - صلى الله عليه وسلم -، إذ جاءه الحق وهو بغار حراء. ثم بدأ - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى الإيمان بالله ورسوله، وعبادة الله وحده، فلقي صنوفاً من الأذى، فصبر حتى أظهر الله دينه، وهاجر إلى المدينة، فشُرعت الأحكام، وعز الإسلام، وكَمُل الدين. ثم مات - صلى الله عليه وسلم - يوم الإثنين من ربيع الأول عام أحد عشر من الهجرة، وعمره ثلاث وستون سنة، ولحق بالرفيق الأعلى بعدما بَلَّغ البلاغ المبين، ودَلَّ الأمة على كل خير، وحذرها من كل شر، فصلوات الله وسلامه عليه. - خصائصه - صلى الله عليه وسلم -: من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسالته عامة للثقلين، أرسله الله رحمة للعالمين، وأُسري به إلى بيت المقدس، وعُرج به إلى السماء، وناداه الله بوصف النبوة والرسالة. وقد خصه الله دون الأنبياء بخمس. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ

بدء الوحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -

يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُوراً، فَأيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أمَّتِي أدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً». متفق عليه (¬1). ومما يخصه - صلى الله عليه وسلم - دون أمته: الوصال في الصيام، والزواج بلا مهر، ونكاح أكثر من أربع نساء، وعدم أكل الصدقة، وأنه يسمع ما لا يسمع الناس، ويرى ما لا يرون كما رأى جبريل - صلى الله عليه وسلم - على صورته التي خلقه الله عليها، وأنه لا يورث. - بدء الوحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: عَنْ عَائِشَةَ أمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّهَا قَالَتْ: أوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ -وَهُوَ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلَى أهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قال: «مَا أنَا بِقَارِئٍ». قال: «فَأخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قلت: «مَا أنَا بِقَارِئٍ»، فَأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقلت: «مَا أنَا بِقَارِئٍ»، فَأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)}. فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها فَقَالَ «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأخْبَرَهَا الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي». فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلا وَاللهِ مَا يُخْزِيكَ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (335)، واللفظ له، ومسلم برقم (521).

أفعاله - صلى الله عليه وسلم -

اللهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أسَدِ ابْنِ عَبْدِالعُزَّى، ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ، وَكَانَ امْرَءاً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإنْجِيلِ بِالعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أخِيكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأى. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعاً، لَيْتَنِي أكُونُ حيّاً إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ». قال: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إلا عُودِيَ، وَإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّراً. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ. متفق عليه (¬1). - أفعاله - صلى الله عليه وسلم -: حكم أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أقسام: الأول: الفعل الجبلِّي المحض، الذي تقتضيه الطبيعة البشرية كالقيام والقعود، والأكل والشرب، والنوم والسهر، فهذا لم يفعله - صلى الله عليه وسلم - للتشريع والتأسي، فلا يقول أحد: أقوم وأقعد تقرباً إلى الله، واقتداء بنبيه - صلى الله عليه وسلم -. الثاني: الفعل التشريعي المحض كأفعال الصلاة، وأفعال الحج ونحو ذلك من أحكام الشريعة، فهذا وأمثاله فَعَله النبي - صلى الله عليه وسلم - من أجل التأسي به فنفعله. الثالث: الفعل المحتمل للتشريعي والجبلِّي. وضابطه: أن تكون الجبلَّة البشرية تقتضيه، ولكنه وقع متعلقاً بعبادة أو في ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3)، واللفظ له، ومسلم برقم (160).

أزواجه - صلى الله عليه وسلم -

وسيلتها كالركوب في الحج، وجلسة الاستراحة في الصلاة، والرجوع من صلاة العيد من طريق أخرى، والضجعة على الشق الأيمن بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح، والنزول بالمحصَّب بعد النفر من منى ونحو ذلك. فهذا وأمثاله محتمل للأمرين، ولمن شاء فِعْله أو تَرْكه. - أزواجه - صلى الله عليه وسلم -: أمهات المؤمنين هن زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة، وكلهن مسلمات، طيبات، طاهرات، نقيات، مبرآت من كل سوء يقدح في أعراضهن، وهن: خديجة بنت خويلد، وعائشة بنت أبي بكر، وسَودة بنت زَمْعة، وحفصة بنت عمر، وزينب بنت خزيمة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وصفية بنت حيي، وميمونة بنت الحارث رضي الله عنهن أجمعين. مات قبله منهن خديجة، وزينب بنت خزيمة، وتوفيت الباقيات بعده. وأفضل أزواجه - صلى الله عليه وسلم - خديجة وعائشة رضي الله عنهن أجمعين. - أولاد الرسول - صلى الله عليه وسلم -: 1 - ولد للرسول - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أبناء: (القاسم)، و (عبد الله)، من خديجة، و (إبراهيم) من سُرِّيَّته مارية القبطية، وجميعهم ماتوا صغاراً. 2 - أما البنات: فولد له عليه الصلاة والسلام أربع بنات (زينب) و (رقية) و (أم كلثوم) و (فاطمة) وكلهن وُلدن من خديجة، وتزوجن ومتن قبله إلا فاطمة، فماتت بعده، وجميعهن مسلمات طيبات طاهرات رضي الله عنهن أجمعين. - أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هم خير القرون، ولهم فضل عظيم على جميع الأمة،

اختارهم الله لصحبة نبيه، فآمنوا بالله ورسوله، وقاموا بنصرة الله ورسوله، وهاجروا من أجل الدين، وآووا ونصروا من أجل الدين، وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، حتى رضي الله عنهم ورضوا عنه، وأفضلهم المهاجرون ثم الأنصار. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِيْنَهُ، وَيَمِيْنُهُ شَهَادَتَهُ». متفق عليه (¬1). - محبة أصحابه - صلى الله عليه وسلم -: من علامات الإيمان: محبتهم جميعاً بالقلب، والثناء عليهم باللسان، والترضي عنهم، والاستغفار لهم، والكف عما شجر بينهم، وعدم شتمهم؛ وذلك لما لهم من المحاسن والفضائل، والمعروف والإحسان، ونصرة الله ورسوله بالطاعة والجهاد في سبيل الله، والدعوة إليه، والهجرة والنصرة، وبذل أموالهم وأنفسهم في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله، فرضي الله عنهم أجمعين. 1 - قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} [التوبة/100]. 2 - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)} [الأنفال/74]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2652)، واللفظ له، ومسلم برقم (2533). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3673)، ومسلم برقم (2540)، واللفظ له.

5 - الإيمان باليوم الآخر

5 - الإيمان باليوم الآخر - اليوم الآخر: هو يوم القيامة الذي يبعث الله فيه الخلائق للحساب والجزاء، سمي بذلك: لأنه لا يوم بعده، حيث يستقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار. - أشهر أسماء اليوم الآخر: يوم القيامة، يوم البعث، يوم الفصل، يوم الخروج، يوم الدين، يوم الخلود، يوم الحساب، يوم الوعيد، يوم الجمع، يوم التغابن، يوم التلاق، يوم التناد، يوم الحسرة، الصاخة، الطامة الكبرى، الغاشية، الواقعة، الحاقة، القارعة. وكثرة الأسماء تدل على عظمة المسمى. - الإيمان باليوم الآخر: هو التصديق الجازم بكل ما أخبر الله ورسوله به مما يكون في ذلك اليوم العظيم من البعث، والحشر، والحساب، والصراط، والميزان، والجنة، والنار وغير ذلك مما يجري في عرصات القيامة. ويلحق بذلك ما يكون قبل الموت من علامات الساعة وأشراطها، وما يكون بعد الموت من فتنة القبر، وعذاب القبر ونعيمه. - عظمة اليوم الآخر: الإيمان بالله واليوم الآخر أعظم أركان الإيمان، وعليهما مع بقية أركان الإيمان مدار استقامة الإنسان وفلاحه وسعادته في الدنيا والآخرة. ولأهمية هذين الركنين يقرن الله بينهما كثيراً في آيات القرآن. 1 - قال الله تعالى: {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [الطلاق/2]. 2 - وقال الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} [النساء/87].

فتنة القبر

3 - وقال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء/59]. - فتنة القبر: 1 - عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة .. ... -وفيه- قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَا دِيْنُكَ؟ فَيَقُولُ: دِيْنِيَ الإسْلامُ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيْكُمْ؟ قَالَ: فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ... ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬1). 2 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العَبْدُ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقَولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ. فَيُقَالُ: انْظُرْ إلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَداً مِنَ الجَنَّةِ». قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فَيَرَاهُمَا جَمِيعاً». وَأَمَّا الكَافِرُ أَوِ المنَافِقُ فَيَقُولُ: لا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ: لا دَرَيْتَ وَلا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيْدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيْحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيْهِ إلا الثَّقَلَيْنِ». متفق عليه (¬2). - أنواع عذاب القبر: عذاب القبر نوعان: 1 - عذاب دائم لا ينقطع إلى قيام الساعة، وهو عذاب الكفار والمنافقين كما قال سبحانه عن آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر/46]. ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (18733)، وأخرجه أبو داود برقم (4753)، وهذا لفظه. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1338)، واللفظ له، ومسلم برقم (2870).

نعيم القبر

2 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْل الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ الله إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». متفق عليه (¬1). 2 - عذاب له أمد ثم ينقطع، وهو عذاب عصاة الموحدين فيعذب بحسب جرمه، ثم يخفف عنه العذاب، أو ينقطع بسبب رحمة الله، أو حصول مكفرات للذنوب من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ونحو ذلك. 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ إلَيه يَومَ القِيَامَةِ». متفق عليه (¬2). 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ» ثُمَّ قَالَ: «بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ وَكَانَ الْآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا أَوْ إِلَى أَنْ يَيْبَسَا». متفق عليه (¬3). - نعيم القبر: نعيم القبر للمؤمنين الصادقين. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)} [فصلت/30]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1375)، ومسلم برقم (2866)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1379)، واللفظ له، ومسلم برقم (2866). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (216)، واللفظ له، ومسلم برقم (292).

مستقر الأرواح بعد الموت إلى قيام الساعة

2 - وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره: « ... فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ، أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَافْرِشُوهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَاباً إلَى الجَنَّةِ، قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيْبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬1). - وينجي المؤمن من أهوال القبر وفتنته وعذابه أمور كالشهادة في سبيل الله، والرباط، ومن قتله بطنه ونحو ذلك. - مستقر الأرواح بعد الموت إلى قيام الساعة: الأرواح في البرزخ متفاوتة تفاوتاً عظيماً: فمنها أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهم متفاوتون في منازلهم. ومنها أرواح في صورة طير يعلق في شجر الجنة، وهي أرواح المؤمنين. ومنها أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة، وهي أرواح الشهداء. ومنها أرواح محبوسة في القبر كالغالِّ من الغنيمة، ومنها ما يكون محبوساً على باب الجنة بسبب دين عليه، ومنها ما يكون محبوساً في الأرض بسبب روحه السفلية. ومنها أرواح في تنور الزناة والزواني. ومنها أرواح تسبح في نهر الدم وتُلقم الحجارة، وهم أكلة الربا ... الخ. عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ قَالَ كَذَا كَانَ يَقُولُ الْجُرَيْرِيُّ فَقَالَ مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الْأَقْبُرِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قَالَ فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ قَالَ مَاتُوا فِي الْإِشْرَاكِ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا فَلَوْلَا ¬

(¬1) صحيح، أخرجه أحمد برقم (18733)،وهذا لفظه، وأخرجه أبوداود برقم (4753).

أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ فَقَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ قَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ قَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ». أخرجه مسلم (¬1). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2867).

أشراط الساعة

أشراط الساعة - علم الساعة: العلم بوقت قيام الساعة لا يعلمه إلا الله كما قال سبحانه: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)} [الأحزاب/63]. - علامات الساعة: أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمارات وعلامات تدل على قرب قيام الساعة، وهي: علامات صغرى، وعلامات كبرى. 1 - أشراط الساعة الصغرى - علامات الساعة الصغرى ثلاثة أقسام: 1 - علامات وقعت وانتهت، ومنها: بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - .. وموته .. وانشقاق القمر آية له - صلى الله عليه وسلم - .. وفتح بيت المقدس .. وخروج نار من أرض الحجاز. عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اعْدُدْ سِتّاً بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ، مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ ... ». أخرجه البخاري (¬1). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الحِجَازِ تُضيءُ أَعْنَاقَ الإبِلِ بِبُصْرَى». متفق عليه (¬2). 2 - علامات ظهرت وما زالت مستمرة، ومنها: ظهور الفتن .. ظهور مدعي النبوة .. انتشار الأمن .. قبض علم الشرع .. ظهور الجهل .. كثرة الشُّرَط وأعوان الظلمة .. ظهور المعازف واستحلالها .. ظهور ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (3176). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7118)، ومسلم برقم (2902).

3 - علامات لم تظهر وستقع بلا شك

الزنى .. كثرة شرب الخمر واستحلالها .. تطاول الحفاة العراة رعاة الشاة في البنيان .. تباهي الناس في المساجد وزخرفتها .. كثرة الهرج وهو القتل .. تقارب الزمان .. إسناد الأمر إلى غير أهله .. أن تُرفع الأشرار .. وتُوضع الأخيار .. ويُفتح القول .. ويُخزن العمل .. تقارب الأسواق .. ظهور الشرك في هذه الأمة .. كثرة الشح .. كثرة الكذب .. كثرة المال .. فشو التجارة .. كثرة الزلازل .. تخوين الأمين، وائتمان الخائن .. ظهور الفحش .. وقطيعة الرحم .. وسوء الجوار .. ارتفاع الأسافل .. بيع الحكم .. تسليم الخاصة .. التماس العلم عند الأصاغر .. ظهور القلم .. ظهور الكاسيات العاريات .. كثرة شهادة الزور .. كثرة موت الفجأة .. عدم تحري الرزق الحلال .. عَوْد أرض العرب مروجاً وأنهاراً .. تكليم السباع للإنس .. تكليم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله، ويخبره فخذه بما حَدَّث أهله بعده .. أن تُحاصَر العراقُ ويُمنع عنها الطعام والدرهم .. ثم تُحاصَر الشامُ ويُمنع عنها الطعام والدينار .. ثم تكون هدنة بين المسلمين والروم .. ثم يغدر الروم بالمسلمين. عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مستقبلُ المشرقِ يقولُ: «أَلا إنَّ الفِتْنَةَ هَاهُنَا، أَلا إنَّ الفِتْنَةَ هَاهُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». متفق عليه (¬1). 3 - علامات لم تظهر وستقع بلا شك كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنها: انحسار نهر الفرات عن جبل من ذهب .. فتح القسطنطينية بدون سلاح .. قتال الترك .. قتال اليهود ونصر المسلمين عليهم .. خروج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه ويدينون له بالطاعة .. قلة الرجال وكثرة النساء حتى يكون خمسين امرأة قَيِّم واحد .. نفي المدينة لشرارها ثم خرابها .. ومنها: هدم الكعبة على يد رجل من الحبشة يقال له ذو السويقتين ثم لا تعمر بعده، وذلك آخر الزمان. والله أعلم. - جميع ما ذكرنا من العلامات السابقة ثبتت بالأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7093)، ومسلم برقم (2905)، واللفظ له.

2 - أشراط الساعة الكبرى

2 - أشراط الساعة الكبرى - عن حذيفة بن أَسيد الغفاري رضي الله عنه قال: اطَّلع النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا ونحن نتذاكر فقال: «مَا تَذَاكَرُوْنَ؟» قالوا: نذكر الساعة. قال: «إنَّهَا لَنْ تَقُوْمَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ» فذكر الدخانَ، والدجالَ، والدابةَ، وطلوعَ الشمس من مغربها، ونزولَ عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم -، ويأجوجَ ومأجوج، وثلاثةَ خسوفٍ، خسفٌ بالمشرق، وخسفٌ بالمغرب، وخسفٌ بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. أخرجه مسلم (¬1). 1 - خروج الدجال: الدجال رجل من بني آدم، يظهر في آخر الزمان ويدعي الربوبية، يخرج من المشرق من خراسان، ثم يسير في الأرض فلا يترك بلداً إلا دخله إلا مسجد المقدس والطور ومكة والمدينة فلا يستطيع دخولها؛ لأن الملائكة تحرسها، ينزل بالسبخة، فترجف المدينة ثلاث رجفات يخرج إليه منها كل كافر ومنافق. - عن عبدِاللهِ بنَ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كُنَّا قُعُوداً عندَ رسُول اللهِ فَذَكرَ الفتَنَ فأكثرَ في ذِكرهَا حَتَّى ذَكرَ فتْنةَ الأحلاسِ فَقالَ قائلٌ: يا رسُولَ اللهِ وما فتنةُ الأحلاسِ؟ قالَ: «هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّراء دَخَنُها من تحتِ قَدَمَي رَجُلٍ من أهلِ بيتي يَزعُمُ أنَّهُ مني وَلَيْس مِني وإنَّمَا أوليائي المُتَّقُونَ، ثُمَّ يَصطَلحُ النَّاسُ على رجلٍ كَوَرِكٍ على ضِلَعٍ. ثمَّ فِتنةُ الدُّهَيْماء لا تَدَعُ أحداً من هذِهِ الأمة إلا لَطَمَتْهُ لطمَة، فإذا قيلَ انقضَتْ تَمادتْ يُصبحُ الرَّجُلُ فيها مؤمِناً ويُمْسي كافِراً حتى يَصيرَ النَّاسُ إلى فُسطاطَينِ، فُسْطاطِ إيمانٍ لا نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطاطِ نِفاقٍ لا إيمانَ فيهِ، فإذا كانَ ذَاكُمْ فانتظرُوا ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2901).

الدَّجّال من يومِهِ أو منْ غَدِهِ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬1). - فتنة الدجال: خروج الدجال فتنة عظيمة بسبب ما يخلق الله معه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول، فقد ثبت أن معه جنةً وناراً، ناره جنة، وجنته نار، وأن معه جبال الخبز، وأنهار الماء، يأمرُ السماء فتمطر، ويأمرُ الأرض فتنبت، وتتبعه كنوز الأرض، ويقطع الأرض بسرعة عظيمة كالغيث إذا استدبرته الريح. يمكث في الأرض أربعين يوماً يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا، ثم يقتله عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم - عند باب لُدّ بفلسطين. - صفات الدجال: حذرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - من اتباع الدجال أو تصديقه، وبين لنا صفاته لنحذر منه، فبيّن أنه رجل شاب أحمر أعور لا يولد له، مكتوب بين عينيه «كافر» يقرؤه كل مسلم. عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مَسِيْحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيْرٌ، أَفْحَجُ، جَعْدٌ، أَعْوَرُ، مَطْمُوسُ العَيْنِ، لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ وَلا جَحْرَاءَ، فَإنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬2). - مكان خروج الدجال: عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدجالَ وفيه: « ... إنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ فَعَاثَ يميناً وَعَاثَ شِمَالاً». أخرجه مسلم (¬3). - الأماكن التي لا يدخلها الدجال: 1 - عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ ¬

(¬1) صحيح / أخرجه أحمد برقم (6168)، وأخرجه أبو داود برقم (4242) وهذا لفظه. (¬2) صحيح / أخرجه أحمد برقم (23144)، وهذا لفظه، وأخرجه أبو داود برقم (4320). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2937).

2 - نزول عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم -

إلَّا مَكَّةَ وَالمدِيْنَةَ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الدّجّال -وفيه- قال: «وَلَا يَقْرَبُ أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ، مَسْجِدَ الحَرَامِ، وَمَسْجِدَ المَدِينَةِ، وَمَسْجِدَ الطُّورِ، وَمَسْجِدَ الأَقْصَى». أخرجه أحمد (¬2). - أتباع الدجال: أكثر أتباع الدجال من اليهود، والعجم، والترك، وأخلاط من الناس غالبهم من الأعراب والنساء. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفاً عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ». أخرجه مسلم (¬3). - الوقاية من فتنة الدجال: تكون بالإيمان بالله عز وجل، والتعوذ من فتنة الدجال خاصة في الصلاة، والفرار منه و «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ»، وفي لفظ: «فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ». أخرجه مسلم (¬4). 2 - نزول عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم -: بعد خروج الدجال وإفساده في الأرض يبعث الله عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم - فينزل إلى الأرض عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين فيقتل الدجال، ويحكم بالإسلام، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال، وتذهب الشحناء، يمكث سبع سنين ليس بين اثنين ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1881)، ومسلم برقم (2943). (¬2) صحيح / أخرجه أحمد برقم (24085) انظر السلسلة الصحيحة رقم (2934). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2944). (¬4) أخرجه مسلم برقم (809) ورقم (2937).

3 - خروج يأجوج ومأجوج

عداوة، ثم يموت ويصلي عليه المسلمون. ثم يرسل الله ريحاً باردة طيبة من قِبَل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، ويبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع، يتهارجون تهارج الحمر، ثم يأمرهم الشيطان بعبادة الأوثان، وعليهم تقوم الساعة. - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِيْ نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوْشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ حَكَماً عَدْلاً، فَيَكْسِرَ الصّلِيبَ، وَيْقْتُلَ الخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الوَاحِدَةُ خَيْراً مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا». ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: واقرؤا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}. متفق عليه (¬1). 3 - خروج يأجوج ومأجوج: يأجوج ومأجوج أمتان عظيمتان من بني آدم، وهم رجال أقوياء لا طاقة لأحد بقتالهم، وخروجهم من أشراط الساعة الكبرى، يفسدون في الأرض، ثم يدعو عليهم عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فيموتون. 1 - قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)} [الأنبياء /96]. 2 - وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدجال وأن عيسى يقتله بباب لد ... -وفيه- «إذْ أَوْحَى اللهُ إلَى عِيْسَى: إنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَاداً لِي لا يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلَى الطُّوْرِ، وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيْهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بِهَذَهِ مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيْسَى وَأَصْحَابُهُ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3448)، واللفظ له، ومسلم برقم (155).

4 - 5 - 6 - الخسوفات الثلاثة

حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْراً مِنْ مِائَةِ دِيْنَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيْسَى وَأَصْحَابُهُ فَيُرْسِلُ اللهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيْسَى وَأَصْحَابُهُ إلَى الأرْضِ ... ». أخرجه مسلم (¬1). - بعد نزول عيسى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى الأرض يدعو الله، فيرسل الله عز وجل طيوراً تحمل يأجوج ومأجوج وتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطراً يغسل الأرض، ثم تنزل البركة في الأرض، وتظهر البقول والثمار، وتحل البركة في النبات والحيوان. 4 - 5 - 6 - الخسوفات الثلاثة: الخسوفات الثلاثة من أشراط الساعة الكبرى، وهي خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وهي لم تقع بعد. 7 - الدخان: ظهور الدخان في آخر الزمان من علامات الساعة الكبرى. 1 - قال الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)} [الدخان/10 - 11]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتاً: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَو الدُّخَانَ، أَو الدَّجَّالَ، أَو الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ العَامَّةِ». أخرجه مسلم (¬2). 8 - طلوع الشمس من مغربها: طلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة الكبرى، وهي أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، ومن أدلة خروجها: 1 - قال الله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2937). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2947).

9 - خروج الدابة

كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام/158]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا آمَنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ، فيومئذ: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}». متفق عليه (¬1). 3 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أَوَّلَ الآيَاتِ خُرُوجاً طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحَىً، وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالأُخْرَى عَلَى إثْرِهَا قَرِيباً». أخرجه مسلم (¬2). 9 - خروج الدابة: خروج دابة الأرض في آخر الزمان علامة على قرب قيام الساعة، فتخرج فتسم الناس على خراطيمهم، تخطم أنف الكافر، وتجلو وجه المؤمن، ومن أدلة خروجها: 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)} [النمل/82]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلاثٌ إذَا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إيْمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيْمَانِهَا خَيراً: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الأَرْضِ». أخرجه مسلم (¬3). 10 - خروج النار التي تحشر الناس: وهي نار عظيمة تخرج من المشرق من اليمن من قعر عدن، وهي آخر أشراط الساعة الكبرى، وأول الآيات المؤذنة بقيام الساعة، فتخرج من اليمن ثم تنتشر ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4635)، ومسلم برقم (157)، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2941). (¬3) أخرجه مسلم برقم (158).

في الأرض وتسوق الناس إلى أرض المحشر في الشام. - كيفية حشر النار للناس: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلاثِ طَرَائِقَ: رَاغِبِينَ، وَرَاهِبينَ، وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، ثَلاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، أَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، عَشْرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، يَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالوُا، وَتَبيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا». متفق عليه (¬1). - أول أشراط الساعة: عن أنس رضي الله عنه أن عبد الله بن سلام لما أسلم سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مسائل، ومنها: ما أول أشراط الساعة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إلَى المَغْرِبِ». أخرجه البخاري (¬2). - تتابع الآيات وتغير الأحوال: 1 - إذا ظهر أول أشراط الساعة الكبرى تتابعت بعدها الآيات يتلو بعضها بعضاً كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الأمَارَات خَرَزَاتٌ مَنْظُومَاتٌ بِسِلْكٍ، فَإذا انْقَطَعَ السِّلْكُ تَبِعَ بَعْضُهُ بَعْضاً». أخرجه الحاكم (¬3). 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لا يُقَالَ فِي الأَرْضِ اللهُ اللهُ». أخرجه مسلم (¬4). 3 - وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ بْنُ لُكَعٍ». أخرجه الترمذي (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه, أخرجه البخاري برقم (6522)، واللفظ له، ومسلم برقم (2861). (¬2) أخرجه البخاري برقم (3329). (¬3) صحيح/ أخرجه الحاكم برقم (8639)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1762). (¬4) أخرجه مسلم برقم (148). (¬5) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2209).

النفخ في الصور

النفخ في الصور - الصور قرن كالبوق، يأمر الله عز وجل إسرافيل - صلى الله عليه وسلم - أن ينفخ في الصور النفخة الأولى وهي نفخة الصعق، فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم يأمره أن ينفخ النفخة الثانية وهي نفخة البعث. - أحوال الخلائق عند النفخ في الصور: 1 - قال الله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)} [القمر/6 - 8]. 2 - وقال الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)} [الزمر/68]. 3 - وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87)} [النمل/87]. - مقدار ما بين النفختين: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَينِ أَرْبَعُونَ» قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوماً؟ قال: أبيتُ، قالوا: أربعون شهراً؟ قال: أبيتُ، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيتُ. متفق عليه (¬1). - متى تقوم الساعة: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ طَرْفَ صَاحِبِ الصُّورِ مُنْذُ وُكِّلَ بِهِ مُسْتَعِدٌّ يَنْظُرُ نَحْوَ العَرْشِ، مَخَافَةَ أَنْ يُؤْمَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إلَيْهِ طَرْفُهُ، كَأَنَّ عَيْنَيْهِ كَوْكَبَانِ دُرِّيَّانِ». أخرجه الحاكم (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4935)، ومسلم برقم (2955)، واللفظ له. (¬2) صحيح /أخرجه الحاكم برقم (8676)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1078).

البعث والحشر

2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَومُ الجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا فِي يَومِ الجُمُعَةِ». أخرجه مسلم (¬1). البعث والحشر - الدور التي يمر بها العبد: الدور ثلاث: دار الدنيا، ثم دار البرزخ، ثم دار القرار في الجنة أو النار، وقد جعل الله لكل دار أحكاماً تخصها، وَرَكَّبَ هذا الإنسان من بدن وروح، وجعل أحكام الدنيا على الأبدان والأرواح تبعاً لها، وجعل أحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبعاً لها، وجعل أحكام يوم القيامة من النعيم والعذاب على الأبدان والأرواح معاً. - البعث: هو إحياء الموتى حين يُنفخ في الصور النفخة الثانية، فيقوم الناس لرب العالمين حفاةً عراةً غرلاً غير مختونين، ويُبعث كل عبد على ما مات عليه. 1 - قال الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)} [يس/ 51 - 52]. 2 - وقال الله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)} [المؤمنون/15 - 16]. - صفة البعث: يُنزل الله من السماء ماءً فينبت الناس كما يَنبت البقل. 1 - قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (854).

من يحشر يوم القيامة

سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)} [الأعراف/57]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَينِ أَرْبَعُونَ» قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوماً؟ قال: أبيتُ، قالوا: أربعون شهراً؟ قال: أبيتُ، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيتُ «ثُمَّ يُنْزِلُ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ البَقْلُ، وَلَيْسَ مِنَ الإنْسَانِ شَيْءٌ إلَّا يَبْلَى إلَّا عَظْماً وَاحِداً وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلْقُ يَومَ القِيَامَةِ». متفق عليه (¬1). - أول مَنْ ينشق عنه القبر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَومَ القِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ القَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ». أخرجه مسلم (¬2). - مَنْ يُحشر يوم القيامة: 1 - قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50)} [الواقعة/49 - 50]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)} [مريم/93 - 95]. 3 - وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)} [الكهف/47]. - صفة أرض المحشر: 1 - قال الله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)} [ابراهيم/48]. 2 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَومَ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4935)، ومسلم برقم (2955)، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2278).

صفة حشر الخلق يوم القيامة

القِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ، كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ، لَيْسَ فِيْهَا عَلَمٌ لأَحَدٍ». متفق عليه (¬1). - صفة حشر الخلق يوم القيامة: للحشر حالتان: الأولى: حشر من القبور إلى محل القضاء، وهذا يكون بحشر الناس مشاة حفاة عراة غُرلاً. عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَومَ القِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرلاً» قلت: يا رسول الله النساء والرجال جميعاً، ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عَائِشَةُ الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ». متفق عليه (¬2). الثانية: حشر من محل القضاء إلى الجنة والنار كما يلي: 1 - يُحشر المؤمنون وفداً مكرمين كما قال سبحانه: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)} [مريم/85]. 2 - ويُحشر الكافرون على وجوههم عمياً، وبكماً، وصماً، عطاشاً، زرقاً، يحبس أولهم على آخرهم فيساقون إلى النار مجتمعين. 1 - قال الله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا} [الإسراء/97 - 98]. 2 - وقال الله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)} [مريم/86]. 3 - وقال الله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102)} [طه/102]. 4 - وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19)} [فصلت/19]. 5 - وقال الله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6521)، ومسلم برقم (2790)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6527)، ومسلم برقم (2859)، واللفظ له.

لقاء الله في الآخرة

إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)} [الصافات/22 - 23]. 6 - وعن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيْفَ يُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «ألَيْسَ الَّذِي أمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، قَادِرًا عَلَى أنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟». متفق عليه (¬1). يَحشرُ الله يوم القيامة الدواب، والبهائم، والوحوش، والطيور، ثم يحصل القصاص بين الدواب، فيقتص للشاة الجمَّاء من القرناء نطحتها، فإذا فرغ الله من القصاص بين الدواب قال لها: كوني تراباً. قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)} [الأنعام/38]. - لقاء الله في الآخرة: كل إنسان سوف يلاقي ربه يوم القيامة بما عمل من خير أو شر، المؤمن والكافر، والبر والفاجر. 1 - قال الله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)} [الأحزاب/44]. 2 - وقال الله تعالى: { ... وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)} [البقرة/223]. 3 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)} [الانشقاق /6]. 4 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ الله أَحَبَّ الله لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ الله كَرِهَ الله لِقَاءَهُ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4760)، ومسلم برقم (2806) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6507)، واللفظ له، ومسلم برقم (2683).

أهوال يوم القيامة

أهوال يوم القيامة - يوم القيامة يوم عظيم أمره، شديد هَوْلُه، يصاب فيه العباد بالرعب والفزع، وتشخص فيه أبصار الظلمة، جعله الله عز وجل على المؤمنين كقدر ما بين الظهر والعصر، وعلى الكافرين مقدار خمسين ألف سنة، ومن أهواله: 1 - قال الله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16)} [الحاقة/13 - 16]. 2 - وقال الله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6)} [التكوير/1 - 6]. 3 - وقال الله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)} [الانفطار/1 - 4]. 4 - وقال الله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)} [الانشقاق/1 - 5]. 5 - وقال الله تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6)} [الواقعة/1 - 6]. 6 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى يَومِ القِيَامَةِ كَأنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ فَلْيَقْرَأْ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} و {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} و {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}. أخرجه أحمد والترمذي (¬1). - تبديل الأرض والسماء يوم القيامة: 1 - قال الله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)} [إبراهيم/48]. ¬

(¬1) صحيح / أخرجه أحمد برقم (4806)، وأخرجه الترمذي برقم (3333)، وهذا لفظه.

أين يكون الناس يوم تبدل الأرض والسماوات

2 - وقال الله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)} [الأنبياء/104]. - أين يكون الناس يوم تبدل الأرض والسماوات: عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كنت قائماً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء حَبرٌ من أَحبار اليهود .. - وفيه- فقال اليهودي: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الجِسْرِ»، وفي رواية: «عَلَى الصِّرَاطِ». أخرجه مسلم (¬1). - شدة الحرارة في الموقف وهوله: يجمع الله الخلائق بعد بعثهم في ساحة واحدة في عرصات القيامة؛ وذلك لفصل القضاء حفاة عراة غرلاً، فتدنو الشمس في ذلك اليوم، ويذهب العرق سبعين ذراعاً، ويعرق الناس على قدر أعمالهم. 1 - عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَومَ القِيَامَةِ مِنَ الخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ، فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي العَرَقِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ العَرَقُ إلْجَاماً» قال: وأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده إلى فيه. أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَقْبِضُ اللهُ الأرضَ يَومَ القِيَامَةِ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأرْضِ؟». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (315)، ورقم (2791) عن عائشة رضي الله عنها. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2864). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7382)، ومسلم برقم (2787).

- من يظلهم الله في الموقف: 1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي الله اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ؛ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». متفق عليه (¬1). 2 - وعَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ». أخرجه أحمد وابن خزيمة (¬2). - مجيء الله لفصل القضاء: يَجيء الله عز وجل يوم القيامة لفصل القضاء، فتشرق الأرض بنوره، وتصعق الخلائق لهيبته وعظمته وجلاله. 1 - قال الله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر/21 - 22]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاتُخَيِّرُوْنِي عَلَى مُوسَى، فَإنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَومَ القِيَامَةِ فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ العَرْشِ، فَلا أَدْرِي أَكَانَ فِيْمَنْ صَعِقَ فأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّن اسْتَثْنَى اللهُ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (660)، واللفظ له، ومسلم برقم (1031). (¬2) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (17333) وهذا لفظه، وابن خزيمة برقم (2431). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2411)، واللفظ له، ومسلم برقم (2373).

فصل القضاء

فصل القضاء - إذا حُشر الناس إلى ربهم يوم القيامة، وبَلغ العناء منهم مبلغاً عظيماً لشدة الهول وصعوبة الموقف، يرغبون إلى ربهم في أن يحكم فيهم، ويفصل بينهم، فإذا طال موقفهم وعظم كربهم، ذهبوا إلى الأنبياء ليشفعوا لهم عند ربهم ليفصل بينهم. 1 - قال الله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (37) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (38) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39)} ... [المرسلات/35 - 39]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَومَ القِيَامَةِ وَهَلْ تَدْرُونَ بِمَ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُم الدَّاعِيُ، وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الغَمِّ وَالكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ، وَمَا لا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَلا تَرَوْنَ مَا أَنْتُمْ فِيْهِ؟ أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إلَى رَبِّكُمْ؟ فيَقَوُلُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: ائْتُوا آدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوْحِهِ، وَأَمَرَ الملائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلا تَرَى إلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟. فَيَقُولُ آدَمُ: إنَّ رَبِّي غَضِبَ اليَومَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إلَى غَيْرِي» فيأتون نوحاً، فإبراهيم، فموسى، فعيسى، فيعتذر كل واحدٍ، وكلهم يقولون: «إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَومَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَه مِثْلَه، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَه مِثْلَه ... نَفْسِي نَفْسِي». ثم يقول عيسى: «اذْهَبُوا إلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَأْتُونِّي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَغَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا

تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيْهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِداً لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ، وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يَفْتَحْهُ لأَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي. فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلِ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيْمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَينِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى». متفق عليه (¬1). - ثم يفصل الله بين الناس، فتُعطى الكتب، وتُوضع الموازين، ويُحاسب الناس، فآخذ كتابه بيمينه إلى الجنة، وآخذ كتابه بشماله إلى النار: 1 - قال الله تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)} ... [الزمر/75]. 2 - وعن أبِي سَعِيد الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قال: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ إذَا كَانَتْ صَحْوًا». قُلْنَا: لا. قال: «فَإنَّكُمْ لا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ إلا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا». ثُمَّ قال: «يُنَادِي مُنَادٍ: لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَيَذْهَبُ أصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأصْحَابُ الأوْثَانِ مَعَ أوْثَانِهِمْ، وَأصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ، حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ، مِنْ بَرٍّ أوْ فَاجِرٍ، وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أهْلِ الكِتَابِ. ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأنَّهَا سَرَابٌ، فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ، لَمْ يَكُنْ للهِ صَاحِبَةٌ وَلا وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ أنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ: اشْرَبُوا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4712)، ومسلم برقم (194)، واللفظ له.

ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابْنَ اللهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ، لَمْ يَكُنْ للهِ صَاحِبَةٌ وَلا وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نُرِيدُ أنْ تَسْقِيَنَا، فَيُقَالُ: اشْرَبُوا، فَيَتَسَاقَطُونَ. حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ، مِنْ بَرٍّ أوْ فَاجِرٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ؟ فَيَقُولُونَ: فَارَقْنَاهُمْ وَنَحْنُ أحْوَجُ مِنَّا إلَيْهِ اليَوْمَ، وَإنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي: لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَإنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا. قال: فَيَأْتِيهِمُ الجَبَّارُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي رَأوْهُ فِيهَا أوَّلَ مَرَّةٍ. فَيَقُولُ: أنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أنْتَ رَبُّنَا، فَلا يُكَلِّمُهُ إلا الأنْبِيَاءُ. فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ، فَيَقُولُونَ: السَّاقُ، فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ للهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا. ثُمَّ يُؤْتَى بِالجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ». قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الجَسْرُ؟ قال: «مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ، وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عَقِيفة، تَكُونُ بِنَجْدٍ، يُقَالُ لَهَا: السَّعْدَانُ، المُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالبَرْقِ وَكَالرِّيحِ، وَكَأجَاوِيدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا، فَمَا أنْتُمْ بِأشَدَّ لِي مُنَاشَدَةً فِي الحَقِّ، قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مَنْ المُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ. وَإذَا رَأوْا أنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِي إخْوَانِهِمْ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا إخْوَانُنَا، كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إيمَانٍ فَأخْرِجُوهُ، وَيُحَرِّمُ اللهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ. فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إلَى قَدَمِهِ، وَإلَى أنْصَافِ سَاقَيْهِ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا. ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا.

ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ فَأخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا». قال أبُو سَعِيدٍ: فَإنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي فَاقْرَؤُوا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}. «فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالمَلائِكَةُ وَالمُؤْمِنُونَ، فَيَقُولُ الجَبَّارُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتِي، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ أقْوَامًا قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ بِأفْوَاهِ الجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيْهِ كَمَا تَنْبُتُ الحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، قَدْ رَأيْتُمُوهَا إلَى جَانِبِ الصَّخْرَةِ، وَإلَى جَانِبِ الشَّجَرَةِ، فَمَا كَانَ إلَى الشَّمْسِ مِنْهَا كَانَ أخْضَرَ، وَمَا كَانَ مِنْهَا إلَى الظِّلِّ كَانَ أبْيَضَ. فَيَخْرُجُونَ كَأنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ، فَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمُ الخَوَاتِيمُ، فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فَيَقُولُ أهْلُ الجَنَّةِ: هَؤُلاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ، أدْخَلَهُمُ الجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، وَلا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: لَكُمْ مَا رَأيْتُمْ وَمِثْلَهُ مَعَهُ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7439)، واللفظ له، ومسلم برقم (183).

الحساب والميزان

الحساب والميزان - الحساب: هو أن يوقف الله عباده بين يديه ويعرفهم بأعمالهم التي عملوها، ثم يجازيهم حسب أعمالهم، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والسيئة بمثلها. - كيفية أخذ الكتب: يعطى كل واحد من أهل الموقف كتابه، مكتوب فيه ما عمل من خير أو شر، فمنهم مَنْ يعطى كتابه بيمينه وهم السعداء، ومنهم مَنْ يعطى كتابه بشماله من وراء ظهره وهم الأشقياء: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12)} [الانشقاق/6 - 12]. 2 - وقال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)} [الحاقة/25 - 27]. - نصب الموازين: توضع الموازين يوم القيامة لحساب الخلائق، ويتقدم الناس واحداً واحداً للحساب، فيحاسبهم ربهم، ويسألهم عن أعمالهم، فإذا تم الحساب كان بعده وزن الأعمال، وهو ميزان حقيقي له كفتان. 1 - قال الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)} [الأنبياء/ 47]. 2 - وقال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)} [القارعة/6 - 11].

3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يُدْنَى المُؤْمِنُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَعْرِفُ قَالَ: فَإنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَإنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ اليَومَ، فَيُعْطَى صَحِيْفَةَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكُفَّارُ وَالمنَافِقُونَ فَيُنَادِي بِهِمْ عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ». متفق عليه (¬1). - ما يُسأل عنه الناس يوم القيامة: 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)} [الإسراء/36]. 2 - وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62)} [القصص/ 62]. 3 - وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)} [القصص/65]. 4 - وقال الله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} [الحجر 92 - 93]. 5 - وقال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34)} [الإسراء/34]. 6 - وقال الله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [التكاثر/8]. 7 - وقال الله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)} [الأعراف/6 - 7]. 8 - وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاهُ». أخرجه الترمذي والدارمي (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2441)، ومسلم برقم (2768)، واللفظ له. (¬2) صحيح / أخرجه الترمذي برقم (2417)، وهذا لفظه، وأخرجه الدارمي برقم (543).

كيفية الحساب

- كيفية الحساب: المحاسبون يوم القيامة صنفان: 1 - منهم من يُحاسب حساباً يسيراً وهو العرض. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَومَ القِيَامَةِ إلَّا هَلَكَ»، فقلت: يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا ذَلِكَ العَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الحِسابَ يَومَ القِيَامَةِ إلَّا عُذِّبَ». متفق عليه (¬1). 2 - ومنهم من يُحاسب حساباً عسيراً، ويُسأل عن كل صغيرة وكبيرة، فإن صدق حوسب بما أقرّ به، وإن حاول الكذب أو الكتمان فإنه يُختم على فمه، وتستنطق جوارحه كما قال سبحانه وتعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)} [يس/65]. - المحاسبون من الأمم: 1 - الحساب يوم القيامة عام لجميع الناس إلا من استثناهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم سبعون ألفاً من هذه الأمة يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. 2 - الكفار يحاسبون وتعرض عليهم أعمالهم يوم القيامة توبيخاً لهم، وهم متفاوتون في العذاب، فعقاب من كثرت سيئاته أعظم من عقاب من قلَّت سيئاته، ومن له حسنات يخفف عنه العذاب لكنه لا يدخل الجنة. 3 - أول مَنْ يحاسب من الأمم يوم القيامة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأول ما يحاسب عليه المسلم يوم القيامة من الأعمال الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله، وأول ما يُقضى بين الناس في الدماء. - كيفية الوزن: توزن أعمال العباد يوم القيامة من حسنات أو سيئات، فمن رجحت حسناته ¬

(¬1) متفق عليه, أخرجه البخاري برقم (6537)، واللفظ له، ومسلم برقم (2876).

فاز، ومن رجحت سيئاته هلك، يوزن العامل وعمله وصحيفة عمله؛ إظهاراً لعدله سبحانه بين جميع عباده، وأثقل شيء يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حُسن الخلق. 1 - قال الله تعالى: { ... وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)} [الأعراف 8 - 9]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ لا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وقال: اقْرَؤُوا إن شئتم: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}». متفق عليه (¬1). - حكم أعمال الكفار في الآخرة: الكفار والمنافقون لا تقبل قُرَبُهُم وطاعاتهم؛ لفقدها شرطها وهو الإيمان، وأعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وينادى بهم على رؤوس الخلائق يوم القيامة: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم. 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)} [هود/18]. 2 - وقال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18)} ... [إبراهيم/ 18]. 3 - وقال الله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)} [الفرقان/22 - 23]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4729)، واللفظ له، ومسلم برقم (2785).

- رؤية الأعمال: تعرض أعمال العباد عليهم يوم القيامة، ويَرى المرءُ عمَلَه وهو يباشره صغيراً كان أو كبيراً، خيراً كان أو شراً كما قال سبحانه: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة/6 - 8]. - جزاء الأعمال في الدنيا والآخرة: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً، يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا للهِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إذَا أَفْضَى إلَى الآخِرَةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا». أخرجه مسلم (¬1). - حكم الأطفال يوم القيامة: أطفال المؤمنين يدخلون الجنة كما يدخلها الكبار على صورة أبيهم آدم - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك أطفال المشركين، ويتزوجون كما يتزوج الكبار، ومن مات ولم يتزوج من النساء أو الرجال فإنه يتزوج في الآخرة فليس في الجنة أعزب. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2808).

الحوض

الحوض - خلق الله عز وجل لكل نبي حوضاً، وحوض نبينا - صلى الله عليه وسلم - أعظمها، وأحلاها، وأكثرها وارداً يوم القيامة. - صفة حوض النبي - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حَوْضِي مَسِيْرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيْحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلا يَظْمَأُ أَبَداً». متفق عليه (¬1). وفي لفظ: «عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ قَدْرَ حَوضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ اليَمَنِ، وَإنَّ فِيْهِ مِنَ الأَبَارِيق كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ». متفق عليه (¬3). - مَنْ يُطرد عن الحوض: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَرِدُ عَلَيَّ يَومَ القِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَيُجْلَونَ عَنِ الحَوضِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إنَّكَ لا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إنَّهُم ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ القَهْقَرَى». متفق عليه (¬4). والرهط: من ثلاثة إلى عشرة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6579)، واللفظ له، ومسلم برقم (2292). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2300). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6580)، واللفظ له، ومسلم برقم (2303). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6585)، واللفظ له، ومسلم برقم (2290)، (2291).

الصراط

الصراط - الصراط: هو الجسر المنصوب على ظهر جهنم يعبر المسلمون عليه إلى الجنة. - مَنْ يمر على الصراط: الذين يمرون على الصراط هم المسلمون، أما الكفار والمشركون فتتبع كل فرقة منهم ما كانت تعبد في الدنيا من الأصنام والشياطين ونحوهما من الآلهة الباطلة، فترد النار مع معبودها أولاً. ثم يبقى بعد ذلك من كان يعبد الله وحده في الظاهر سواء كان صادقاً أم منافقاً، وهؤلاء الذين ينصب لهم الصراط. ثم يتميز المنافقون عن المؤمنين بامتناعهم عن السجود، والنور الذي يعم للمؤمنين، فيعود المنافقون إلى الوراء إلى النار، ويعبر المؤمنون الصراط إلى الجنة. ويكون المرور على الصراط بعد الحساب ووزن الأعمال والفراغ منها. ثم يضطر الناس إلى المرور على الصراط كما قال سبحانه: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} [مريم/71 - 72]. - صفة الصراط والمرور عليه: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في حديث الرؤية وصفة الصراط ... -وفيه- قيل يا رسول الله: وما الجسر؟ قال: «دَحْضٌ مَزَلَّةٌ، فِيْهِ خَطَاطِيفُ، وَكَلالِيبُ، وَحَسَكٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ، فِيْهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، فَيَمُرُّ المُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ العَينِ، وَكَالبَرْقِ، وَكَالرِّيحِ، وَكَالطَّيْرِ، وَكَأَجَاوِيْدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ

مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ». متفق عليه (¬1). - أول مَنْ يعبر الصراط: أول من يَعبُر الصراط محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته، ولا يَعبُر الصراط إلا المؤمنون، فيعطون نورهم على قدر إيمانهم وأعمالهم، ثم يمرون على الصراط بحسب ذلك. وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلِّم سلِّم. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث الرؤية: «وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَي جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَلا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إلا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ». متفق عليه (¬2). - ماذا يكون للمؤمنين بعد عبور الصراط: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَخْلُصُ المؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتّى إذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيِا». أخرجه البخاري (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7439) , ومسلم برقم (183)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (806)، ومسلم برقم (182)، واللفظ له. (¬3) أخرجه البخاري برقم (6535).

الشفاعة

الشفاعة - الشفاعة: هي طلب العون للغير. - أقسام الشفاعة: الشفاعة يوم القيامة قسمان: 1 - شفاعة خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي أنواع: 1 - فأعظمها شفاعته - صلى الله عليه وسلم - العظمى في أهل الموقف ليُقضى بينهم، فيشفع فيهم، ويقضي الله بينهم، وهي المقام المحمود له. 2 - ومنها شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في أناسٍ من أمته، فيدخلون الجنة بغير حساب، وهم السبعون ألفاً، حيث يقول الله له: أَدْخِل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن كما سبق. 3 - شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فيشفع فيهم ليدخلوا الجنة. 4 - شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في رفع درجات من يدخل الجنة فوق ما كان يقتضيه ثواب أعمالهم. 5 - شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في عمه أبي طالب أن يخفف عنه عذابه. 6 - ومنها شفاعته - صلى الله عليه وسلم - أن يؤذن لجميع المؤمنين في دخول الجنة. 2 - شفاعة عامة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأنبياء، والملائكة، والمؤمنين، وهي الشفاعة فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها. 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ فَهِيَ نَائِلَةٌ إنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً». متفق عليه (¬1). 2 - وقال الله تعالى عن الملائكة: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6304)، ومسلم برقم (199)، واللفظ له.

مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26)} [النجم/26]. 3 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُشفَّعُ الشَّهِيْدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ». أخرجه أبو داود (¬1). - ويشترط لهذه الشفاعة شرطان: 1 - إذن الله في الشفاعة كما قال سبحانه: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة/255]. 2 - رضا الله عن الشافع والمشفوع له كما قال سبحانه: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26)} [النجم/26]. - الكافر لا شفاعة له فهو مخلد في النار لا يدخل الجنة، ولو فُرض أن أحداً شفع له لم تنفعه الشفاعة كما قال سبحانه عن المجرمين: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)} [المدثر/48]. - طلب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أراد شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - فليطلبها من الله عز وجل كأن يقول: اللهم ارزقني شفاعة نبيك، ويُتْبِع ذلك بالعمل الصالح الموجب لها كإخلاص العبادة للهِ وحده، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسؤال الوسيلة له. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ لا إلَهَ إلَّا اللهُ خَالِصاً مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ». أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) صحيح / أخرجه أبو داود برقم (2522). (¬2) أخرجه البخاري برقم (99).

مراحل حياة الإنسان

- مراحل حياة الإنسان: الإنسان يركب طبقاً بعد طبق، وينتقل من محل إلى محل، خلقه الله أولاً من التراب، ثم انتقل من أصل التراب إلى أصل النطفة، ثم إلى العلقة، ثم إلى المضغة، ثم إلى العظام، ثم كسا الله العظام لحماً، ثم أنشأه الله خلقاً آخر، ثم أخرجه إلى الدنيا، ثم ينتقل إلى القبر، ثم إلى المحشر، ثم إلى دار القرار في الجنة أو النار. 1 - قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)} [المؤمنون /12 - 14]. 2 - وقال الله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)} [الانشقاق/19]. - دار القرار: الدنيا دار العمل والآخرة دار الجزاء، لكن لا ينقطع العمل والسؤال إلا بعد دخول دار القرار (في الجنة أو النار) أما في البرزخ وعرصات القيامة فلا ينقطع ذلك، كسؤال الملكين الميت في قبره، ودعوة الخلائق إلى السجود للهِ يوم القيامة، وامتحان المجانين، ومن مات في الفترة، ثم يحكم الله بين العباد حسب إيمانهم وأعمالهم، فريق في الجنة وفريق في السعير. 1 - قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)} ... [الشورى/7]. 2 - وقال الله تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57)} [الحج/56 - 57]. 3 - وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)} [الروم/14 - 16].

صفة الجنة

صفة الجنة - الجنة: هي دار السلام التي أعدها الله للمؤمنين والمؤمنات في الآخرة. - سيكون الحديث عن الجنة إن شاء الله تعالى من كتاب من خلقها وخلق نعيمها وخلق أهلها وهو الله سبحانه، ومن أخبار من دخلها ووطئت أقدامه أرضها، وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - كما ورد في القرآن الكريم، والسنة الصحيحة. - أشهر أسماء الجنة: الجنة واحدة في الذات، متعددة الصفات، ومن أشهر أسمائها: 1 - الجنة: قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)} [النساء/13]. 2 - جنات الفردوس: قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)} [الكهف/107]. 3 - جنة عدن: قال الله تعالى: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50)} [ص/49 - 50]. 4 - جنة الخلد: قال الله تعالى: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15)} [الفرقان/15]. 5 - جنات النعيم: قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8)} [لقمان/8]. 6 - جنة المأوى: قال الله تعالى: {أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19)} [السجدة/19]. 7 - دار السلام: قال الله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)} [الأنعام/127].

مكان الجنة

- مكان الجنة: 1 - قال الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)} [الذاريات/22]. 2 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)} [النجم/13 - 15]. 3 - وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَأقَامَ الصَّلاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللهِ، أوْ جَلَسَ فِي أرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أفَلا نُنَبِّئُ النَّاسَ بِذَلِكَ؟ قال: «إنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ، فَإذَا سَألْتُمُ اللهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإنَّهُ أوْسَطُ الجَنَّةِ، وَأعْلَى الجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أنْهَارُ الجَنَّةِ». أخرجه البخاري (¬1). 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ المُؤْمِنَ إذَا حَضَرَهُ المَوْتُ حَضَرَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ، فَإذَا قُبِضَتْ نَفْسُهُ جُعِلَتْ في حَرِيرةٍ بَيْضَاءَ فَيُنْطَلَقُ بِهَا إلَى بَابِ السَّمَاءِ، فَيَقُولُونَ مَا وَجَدْنَا رِيْحاً أَطْيَبَ مِنْ هَذِهِ .. ». أخرجه الحاكم وابن حبان (¬2). - أسماء أبواب الجنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَينِ فِي سَبِيْلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ. يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابَ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ». ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (7423). (¬2) صحيح / أخرجه الحاكم برقم (1304)، وأخرجه ابن حبان برقم (3013).

عدد أبواب الجنة

فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على مَنْ دُعِيَ من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: «نَعَمْ؛ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». متفق عليه (¬1). - سعة أبواب الجنة: 1 - عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه قال: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ مَسِيْرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيْظٌ مِنَ الزِّحَامِ. أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أُتيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً بلحم ... - وفي آخره قال-: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إَنَّ مَا بَيْنَ المصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ لكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى». متفق عليه (¬3). - عدد أبواب الجنة: 1 - قال الله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)} [الزمر/73]. 2 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيْهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لا يَدْخُلُهُ إلَّا الصَّائِمُونَ». متفق عليه (¬4). - أبواب الجنة مفتحة لأهلها: قال الله تعالى: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50)} [ص/49 - 50]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1897)، واللفظ له، ومسلم برقم (1027). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2967). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4712)، ومسلم برقم (194)، واللفظ له. (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3257)، واللفظ له، ومسلم برقم (1152).

الأوقات التي تفتح فيها أبواب الجنة في الدنيا

- الأوقات التي تفتح فيها أبواب الجنة في الدنيا: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ يَومَ الإثْنَيْنِ، ويَومَ الخَمِيْسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً إلا رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا -ثَلاثاً-». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». متفق عليه (¬2). 3 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ (أَوْ فيُسْبِغُ) الوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ». أخرجه مسلم (¬3). - أول من يدخل الجنة: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آتِي بَابَ الجَنَّةِ يَومَ القِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟، فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ». أخرجه مسلم (¬4). - أول أمة تدخل الجنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نَحْنُ الآخِرُونَ الأوَّلُونَ يَومَ القِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ». متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2565). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3277)، واللفظ له، ومسلم برقم (1079). (¬3) أخرجه مسلم برقم (234). (¬4) أخرجه مسلم برقم (197). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (876)، ومسلم برقم (855)، واللفظ له.

أول زمرة يدخلون الجنة

- أول زمرة يدخلون الجنة: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إضَاءَةً، لا يَبُولُونَ، وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَتْفِلُونَ، وَلا يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الألُوَّةُ، وَأَزْوَاجُهُمُ الحُورُ العِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيْهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعاً فِي السَّمَاءِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُون أَلْفاً أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ مُتَمَاسِكُونَ آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، لا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ». متفق عليه (¬2). 3 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ فُقَرَاءَ المُهَاجِرِيْنَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ يَومَ القِيَامَةِ إلَى الجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً». أخرجه مسلم (¬3). - سن أهل الجنة: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ جُرْداً مُرْداً مُكَحَّلِينَ أَبْنَاءَ ثَلاثِينَ، أَوْ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً». أخرجه أحمد والترمذي (¬4). - صفة وجوه أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)} [المطففين/22 - 24]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3327)، واللفظ له، ومسلم برقم (2834). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6543)، ومسلم برقم (219)، واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم برقم (2979). (¬4) حسن / أخرجه أحمد برقم (7920)، وأخرجه الترمذي برقم (2545)، وهذا لفظه.

صفة استقبال أهل الجنة

2 - وقال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة/22 - 23]. 3 - وقال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10)} [الغاشية/8 - 10]. 4 - وقال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39)} [عبس/38 - 39]. 5 - وقال الله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)} [آل عمران/107]. 6 - وقال الله تعالى: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)} [الإنسان /11]. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إضَاءَةً قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لا تَبَاغُضَ بَينَهُمْ وَلا تَحَاسُدَ». متفق عليه (¬1). - صفة استقبال أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)} [الزمر/73]. 2 - وقال الله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)} [الرعد/23 - 24]. 3 - وقال الله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)} [الأنبياء/103]. - مَنْ يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب: 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَأَجِدُ النَّبِيَّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ العَشَرَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الخَمْسَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قُلْتُ: يَا جِبْريلُ، ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3254)، واللفظ له، ومسلم برقم (2834).

صفة أرض الجنة وبنائها

هَؤُلاءِ أُمَّتِي؟ قَالَ: لا، وَلَكِن انْظُرْ إلَى الأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإذَا سَوادٌ كَثِيرٌ. قَالَ: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفاً قُدَّامَهُمْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عَذَابَ. قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: كَانُوا لا يَكْتَوونَ، ولا يَسْتَرْقونَ، وَلا يَتَطَيَّرُون، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «وَعَدَنِي رَبِّي سُبْحَانَهُ أَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفاً لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ، وَلا عَذَابَ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفاً، وَثَلاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬2). - صفة أرض الجنة وبنائها: 1 - عن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عُرج به إلى السماء قال: « ... ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى بِي السِّدْرَةَ المنْتَهَى، فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لا أَدْرِي مَا هِيَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فَإذَا فِيْهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإذَا تُرَابُها المِسْكُ». متفق عليه (¬3). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله ... الجنة ما بناؤها؟ قال: «لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَمِلاطُهَا المسْكُ الأَذْفَرُ، وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَاليَاقُوتُ، وَتُرْبَتُهَا الزَّعْفَرَانُ، مَنْ دَخَلَهَا يَنْعَمُ وَلا يَبْأَسُ، وَيُخَلَّدُ وَلا يَمُوتُ، لا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ وَلا يَفْنَى شَبَابُهُمْ». أخرجه الترمذي والدارمي (¬4). 3 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن ابن صياد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تربة الجنة؟ فقال: «دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ، مِسْكٌ خَالِصٌ». أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6541)، واللفظ له، ومسلم برقم (220). (¬2) صحيح / أخرجه الترمذي برقم (2437)، وأخرجه ابن ماجه برقم (4286)، وهذا لفظه. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3342)، واللفظ له، ومسلم برقم (163). (¬4) صحيح / أخرجه الترمذي برقم (2526)، وهذا لفظه، وأخرجه الدارمي برقم (2717). (¬5) أخرجه مسلم برقم (2928).

صفة خيام أهل الجنة

- صفة خيام أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} [الرحمن/72]. 2 - وعن عبد الله بن قيس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِي الجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ، طُولُهَا سِتُّونَ مِيلاً، لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المؤْمِنُ، فَلا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً». متفق عليه (¬1). - سوق الجنة: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ ِفي الجَنَّةِ لَسُوقاً يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ، فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْناً وَجَمَالاً، فَيَرْجِعُونَ إلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدْ ازْدَادُوا حُسْناً وَجَمَالاً، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْناً وَجَمَالاً، فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُمْ وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْناً وَجَمَالاً». أخرجه مسلم (¬2). - قصور الجنة: خلق الله عز وجل داخل مساكن وقصور الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين. قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} [التوبة/72]. - تفاضل أهل الجنة في القصور: 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)} [الإنسان/20]. 2 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ مِنَ الأُفُقِ مِنَ المشْرِقِ أَوِ المغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ»، قالوا يا رسول الله: تلك منازل ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4879)، ومسلم برقم (2838)، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2833).

صفة غرف أهل الجنة

الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال: «بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ». متفق عليه (¬1). - صفة غرف أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58)} [العنكبوت/58]. 2 - وقال الله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)} [الزمر/20]. 3 - وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفاً تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا» فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِمَنْ أَطَابَ الكَلامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَى للهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ». أخرجه أحمد والترمذي (¬2). - صفة فُرش أهل الجنة: قال الله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن/54]. - صفة البسط والنمارق: 1 - قال الله تعالى: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)} [الغاشية/15 - 16]. 2 - وقال الله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)} [الرحمن/76]. «النمارق» الوسائد، «الزرابي» البسط. - أرائك الجنة: وهي الأسرة عليها الكلل، أو الكراسي ذات الوسائد. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)} [المطففين/22 - 23]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3256)، ومسلم برقم (2831)، واللفظ له. (¬2) حسن / أخرجه أحمد برقم (1338)، وأخرجه الترمذي برقم (1984).

صفة سرر أهل الجنة

2 - وقال الله تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)} [الإنسان/13]. 3 - وقال الله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56)} [يس/55 - 56]. - صفة سُرر أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)} [الحجر/47]. 2 - وقال الله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)} [الطور/ 20]. 3 - وقال الله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16)} [الواقعة/15 - 16]. 4 - وقال الله تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13)} [الغاشية/13]. - صفة أواني أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18)} [الواقعة/17 - 18]. 2 - وقال الله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)} [الزخرف/71]. 3 - وقال الله تعالى: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16)} [الإنسان/15 - 16]. 4 - وعن عبد الله بن قيس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيْهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَومِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إلَى رَبِّهِمْ إلا رِدَاءُ الكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ». متفق عليه (¬1). - صفة حلي أهل الجنة ولباسهم: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7444)، ومسلم برقم (180).

أول طعام يأكله أهل الجنة

تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23)} [الحج/23]. 2 - وقال الله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)} [الكهف/31]. 3 - وقال الله تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)} [الإنسان/21]. - أول من يُكسى في الجنة: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « ... وإنَّ أَوَّلَ الخَلائِقِ يُكْسَى يَومَ القِيَامَةِ إبْرَاهِيْمُ الخَلِيْلُ». أخرجه البخاري (¬1). - صفة خدم أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18)} [الواقعة/17 - 18]. 2 - وقال الله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)} [الإنسان/ 19]. 3 - وقال الله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24)} [الطور/24]. - أول طعام يأكله أهل الجنة: 1 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عبد الله بن سلام رضي الله عنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ فقال: «زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ». أخرجه البخاري (¬2). 2 - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: كنت قائماً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء حَبر من أحبار اليهود ... -وفيه-: فقال اليهودي .. فَمَنْ أول الناس إجازة؟ قال: «فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ» قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: «زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ» فقال فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: «يُنْحَرُ لَهُمْ ثَورُ الجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6526). (¬2) أخرجه البخاري برقم (3329).

صفة طعام أهل الجنة

مِنْ أَطْرَافِهَا» قال: فما شرابهم عليه قال: «مِنْ عَيْنٍ فِيْهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً». أخرجه مسلم (¬1). - صفة طعام أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (70)} [الزخرف/70 - 71]. 2 - وقال الله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد/35]. 3 - وقال الله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)} [الواقعة/ 20 - 21]. 4 - وقال الله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)} [الحاقة/24]. 5 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تَكُونُ الأَرْضُ يَومَ القِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَتَكَفَّؤُهَا الجبَّارُ بِيَدِهِ، كَمَا يَكْفَؤُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ نُزُلاً لأهْلِ الجَنَّةِ». -وفيه- فأتى رجل من اليهود ... فقال: أَلا أُخْبِرُكَ بِإدَامِهِمْ؟ قال: إدَامُهُمْ بَالامٌ وَنُونٌ، قالوا: ومَا هَذَا؟ قَالَ: ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفاً. متفق عليه (¬2). 6 - وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيْهَا، وَيَشْرَبُونَ، وَلا يَتْفِلُونَ، وَلا يَبُولُونَ، وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَمْتَخِطُون» قالوا: فما بال الطعام؟ قال: «جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ المسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيْحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ». أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (315). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6520)، واللفظ له، ومسلم برقم (2792). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2835).

صفة شراب أهل الجنة

7 - وعن عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه قال: كنت جالساً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابي فقال: يا رسول الله أسمعك تذكر شجرة في الجنة لا أعلم في الدنيا شجرة أكثر شوكاً منها -يعني الطلح- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فَإنَّ اللهَ يَجْعَلُ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ مِثْلَ خِصْيَةِ التَّيْسِ المَلْبُودِ -يعني المخصي- فِيهَا سَبْعُونَ لَوْناً مِنَ الطَّعَامِ لا يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الآخَرِ». أخرجه الطبراني في الكبير وفي مسند الشاميين (¬1). - صفة شراب أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)} [الإنسان/5]. 2 - وقال الله تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17)} [الإنسان/17]. 3 - وقال الله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)} [المطففين/25 - 28]. 4 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ، حَافَتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَجْرَاهُ عَلَى الدُّرِّ وَاليَاقُوتِ، تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَمَاؤُهُ أَحْلَى مِنَ العَسَلِ، وَأَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ».أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬2). - صفة أشجار الجنة وثمارها: 1 - قال الله تعالى: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14)} [الإنسان/14]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42)} [المرسلات 41 - 42]. 3 - وقال الله تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51)} [ص/51]. ¬

(¬1) صحيح / أخرجه الطبراني في الكبير (7/ 130) وفي مسند الشاميين (1/ 282)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2734). (¬2) صحيح / أخرجه الترمذي برقم (3361)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (4334).

صفة أنهار الجنة

4 - وقال الله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [محمد/15]. 5 - وقال الله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32)} [النبأ/31 - 32]. 6 - وقال الله تعالى: {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52)} ... {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)} [الرحمن/52، 68]. 7 - وقال الله تعالى: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55)} [الدخان/55]. 8 - وقال الله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33)} [الواقعة/27 - 33]. 9 - وقال الله تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)} [الحاقة/22 - 24]. 10 - وعن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما في قصة المعراج - وفيه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ المنْتَهَى فَإذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلالُ هَجَرَ، وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الفُيُولِ، فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَألْتُ جِبْريلَ، فَقَالَ: أَمَّا البَاطِنَانِ فَفِي الجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالفُرَاتُ». متفق عليه (¬1). 11 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيْرُ الرَّاكِبُ الجَوادَ أَو المضَمَّرَ السَّريعَ مائَةَ عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا». متفق عليه (¬2). 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما فِي الجَنَّةِ شَجَرَةٌ إلَّا وَسَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ». أخرجه الترمذي (¬3). - صفة أنهار الجنة: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3207)، واللفظ له، ومسلم برقم (162). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6553)، واللفظ له، ومسلم برقم (2828). (¬3) صحيح / أخرجه الترمذي برقم (2525).

صفة عيون الجنة

الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11)} [البروج/11]. 2 - وقال الله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} [محمد/15]. 3 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} [القمر/54 - 55]. 4 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَيْنَمَا أَنَا أَسيرُ فِي الجَنَّةِ إذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإذَا طيبُهُ، أَوْ طينُهُ مِسْكٌ أذْفَرُ». أخرجه البخاري (¬1). 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ، وَالفُرَاتُ وَالنِّيلُ، كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الجَنّةِ». أخرجه مسلم (¬2). - صفة عيون الجنة: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)} [الحجر/45]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6)} [الإنسان/5 - 6]. 3 - وقال الله تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)} [المطففين/ 27 - 28]. 4 - وقال الله تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50)}، {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66)} [الرحمن 50، 66]. 5 - وقال الله تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18)} [الإنسان/17 - 18]. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6581). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2839).

صفة نساء أهل الجنة

- صفة نساء أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)} [آل عمران/ 15]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)} [الواقعة/35 - 40]. 3 - وقال الله تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49)} [الصافات/ 48 - 49]. 4 - وقال الله تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)} [الواقعة/22 - 24]. 5 - وقال الله تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)} [الرحمن/56 - 58]. 6 - وقال الله تعالى: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} [الرحمن/70 - 72]. 7 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ، أَوْ مَوْضِعُ قِيْدٍ -يَعْنِي سَوْطَهُ- خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلملأَتْهُ رِيحاً، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». متفق عليه (¬1). 8 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلىَ صُورَةِ القْمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى أَضْوَءِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ، وَمَا فِي الجَنَّةِ أعْزَبٌ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2796)، واللفظ له، ومسلم برقم (1880). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3246)، ومسلم برقم (2834)، واللفظ له.

عطور وروائح الجنة

- عطور وروائح الجنة: وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، وتفاوت منازلهم، ودرجاتهم. 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ أوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إضَاءَةً، لا يَبُولُونَ وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَتْفِلُونَ وَلا يَمْتَخِطُونَ، أمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأُلُوَّةُ -الألَنْجُوجُ، عُودُ الطِّيبِ- وَأزْوَاجُهُمُ الحُورُ العِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَاماً». أخرجه البخاري (¬2). 3 - وفي لفظٍ: «وَإنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفاً». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬3). - غناء أزواج أهل الجنة: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أَزْوَاجَ أَهْلِ الجَنَّةِ لَيُغَنِّينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطّ، إنّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ: نَحْنُ خَيرُ الحِسَانِ، أَزْوَاجُ قَومٍ كِرَامٍ، يَنْظُرْنَ بِقُرَّةِ أَعْيَانِ. وَإنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ: نَحْنُ الخَالِدَاتُ فَلا يَمُتْنَهْ، نَحْنُ الآمِنَاتُ فَلا يَخَفْنَهْ، نَحْنُ المقيمَاتُ فَلا يَظْعَنَّهْ». أخرجه الطبراني في الأوسط (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3327) واللفظ له، ومسلم برقم (2834). (¬2) أخرجه البخاري برقم (3166). (¬3) صحيح / أخرجه الترمذي برقم (1403)، وأخرجه ابن ماجه برقم (2687). (¬4) صحيح / أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (4917)، انظر صحيح الجامع رقم (1561).

جماع أهل الجنة

- جماع أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56)} [يس/55 - 56]. 2 - وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالشَّهْوَةِ وَالجِمَاعِ»، فقال رجل من اليهود: فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حَاجَةُ أَحَدِهِمْ عَرَقٌ يَفِيضُ مِنْ جِلْدِهِ، فَإذَا بَطْنُهُ قَدْ ضَمِرَ». أخرجه الطبراني والدارمي (¬1). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله: هل نصل إلى نسائنا في الجنة؟ فقال: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَصِلُ فِي اليَوْمِ إلَى مِائَةِ عَذْرَاءَ». أخرجه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في صفة الجنة (¬2). - الولد في الجنة: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤْمِنُ إذَا اشْتَهَى الوَلَدَ فِي الجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ كَمَا يَشْتَهِي». أخرجه أحمد والترمذي (¬3). - دوام نعيم أهل الجنة: إذا دخل أهل الجنة الجنة تلقتهم الملائكة، وبشرتهم بما في الجنة من النعيم والخلود بشرىً لم يسمعوا بمثلها قط. ¬

(¬1) صحيح / أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (5/ 178)، وهذا لفظه، وأخرجه الدارمي برقم (2721)، وانظر صحيح الجامع رقم (1627). (¬2) صحيح / أخرجه الطبراني في الأوسط برقم (5263)، وأخرجه أبو نعيم في صفة الجنة برقم (373)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (367). (¬3) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (11079)، وأخرجه الترمذي برقم (2563).

درجات الجنة

1 - قال الله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)} [الرعد/35]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يُنَادِي مُنَادٍ: إنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فلا تَسْقَمُوا أَبَداً، وَإنّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فلا تَمُوتُوا أَبَداً، وَإنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أَبَداً، وَإنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلا تَبْأَسُوا أَبَداً» فذلك قوله عزوجل: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أخرجه مسلم (¬1). 3 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله: هل ينام أهل الجنة؟ قال: «لا، النَّوْمُ أَخُو المَوْتِ». أخرجه البزار (¬2). - درجات الجنة: 1 - قال الله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)} [الإسراء/21]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)} [طه/75 - 76]. 3 - وقال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)} [الواقعة/10 - 14]. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقاً عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، جَاهَدَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا» فقالوا يا رسول الله: أفلا نبشر الناس؟. قال: «إنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَينِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَإذَا سَأَلْتُمُ اللهَ فَاسْأَلُوهُ الفِرْدَوسَ فَإنَّهُ أَوْسَطُ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2837). (¬2) صحيح / أخرجه البزار -كشف الأستار- برقم (3517)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1087).

صفة ظل الجنة

الجَنَّةِ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ»، أراه قال: «وَفَوقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ». أخرجه البخاري (¬1). - رفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)} [الطور/21]. - صفة ظل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57)} ... [النساء/ 57]. 2 - وقال الله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)} [الواقعة/27 - 30]. 3 - وقال الله تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14)} ... [الإنسان/13 - 14]. 4 - وقال الله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)} [الرعد/35]. - علو الجنة وسعتها: 1 - قال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11)} [الغاشية/8 - 11]. 2 - وقال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)} [آل عمران/133]. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2790).

أعلى منزلة في الجنة

3 - وقال الله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} [الحديد/21]. - أعلى منزلة في الجنة: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذَا سَمِعْتُمُ المؤذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ». أخرجه مسلم (¬1). - أعلى أهل الجنة منزلة، وأدناهم منزلة: عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ: مَا أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلكِ مَلِكٍ مِن مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيْتُ رَبِّ، فَيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ، وَمِثْلُهُ، وَمِثْلُهُ، وَمِثْلُهُ، فَقَالَ فِي الخَامِسَةِ رَضِيتُ رَبِّ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ، فَيَقُولُ: رَضِيْتُ رَبِّ. قَالَ: رَبِّ فَأَعْلاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أَوْلَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُّ، غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» قال: ومصداقه في كتاب الله عز وجل: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}. أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (384). (¬2) أخرجه مسلم برقم (189).

أعظم نعيم أهل الجنة

وفي لفظ في بيان أدنى أهل الجنة: «فَإنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا». متفق عليه (¬1). - أعظم نعيم أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} ... [التوبة/ 72]. 2 - وقال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة/22 - 23]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن ناساً قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ؟». قالوا: لا يا رسول الله، قال: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُوْنَهَا سَحَابٌ؟». قالوا: لا يا رسول الله، قال: «فَإنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ». متفق عليه (¬2). 4 - وعن صهيب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيْدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ». أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6571)، ومسلم برقم (186) عن ابن مسعود رضي الله عته. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (806)، ومسلم برقم (182)، واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم برقم (181).

وصف نعيم الجنة

وصف نعيم الجنة - هذه صور من أوصاف الجنة، وما فيها من النعيم المقيم، جعلنا الله وإياكم والمسلمين من أهلها إنه جواد كريم. 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)} [الزخرف/69 - 73]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56)} [الدخان/51 - 56]. 3 - وقال الله تعالى: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)} [الإنسان/12 - 22]. 4 - وقال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)} [الواقعة/10 - 26].

ذكر وكلام أهل الجنة

5 - وقال الله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)} [الواقعة/27 - 40]. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قَالَ اللهُ عَزّ وَجَلَّ: أَعْدَدْتُّ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ». مصداق ذلك في كتاب الله {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. متفق عليه (¬1). - ذِكْرُ وكلام أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)} [الزمر/74]. 2 - وقال الله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)} [يونس/10]. 3 - وقال الله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)} [الواقعة/ 25 - 26]. 4 - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ قَالُوا فَمَا بَالُ الطَّعَامِ قَالَ جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ». أخرجه مسلم (¬2). - سلام الرب على أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)} [الأحزاب/44]. 2 - وقال الله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)} [يس/58]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3244)، ومسلم برقم (2824)، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2835).

لقاء الرضوان

- لقاء الرضوان: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ اللهَ يَقُولُ لأَهْلِ الجَنَّةِ، يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، وَالخَيْرُ فِي يَدَيكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَداً». متفق عليه (¬1). اللهم ارض عنا، وعن والدينا، وأهلينا، والمسلمين أجمعين، وأدخلنا برحمتك في جنات النعيم. - مقدار أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في الجنة: أكرم الله تعالى هذه الأمة بأن جعلها شطر أهل الجنة، ثم تفضل عليهم بالزيادة إلى الثلثين. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في قُبَّةٍ فقال: «أَتَرْضَونَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟» قلنا نعم قال: «أَتَرْضَونَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟» قلنا نعم، قال: «أَتَرْضَونَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ؟» قلنا: نعم، قال: «إنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الجَنَّةَ لا يَدْخُلُهَا إلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إلَّا كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّورِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّورِ الأَحْمَرِ». متفق عليه (¬2). - صفوف أهل الجنة: عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَهْلُ الجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6549)، ومسلم برقم (2829)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6528)، واللفظ له، ومسلم برقم (221). (¬3) صحيح / أخرجه الترمذي برقم (2546)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (4289).

أهل الجنة

- أهل الجنة: 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)} [البقرة/82]. 2 - وعن عياض بن حمار رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « .. وَأَهْلُ الجَنَّةِ ثَلاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيْمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ .. ». أخرجه مسلم (¬1). 3 - وعن حارثة بن وهب رضي الله عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ؟» قالوا: بَلَى، قال - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَو أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ ... ». متفق عليه (¬2). - أكثر أهل الجنة: عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». متفق عليه (¬3). - آخر من يدخل الجنة: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ آخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولاً الجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجاً مِنَ النَّارِ: رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْواً، فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ: ادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: رَبِّ، الجَنَّةُ مَلأى، فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَكُلَّ ذَلِكَ يُعيدُ عَلَيهِ: الجَنَّةُ مَلأى، فَيَقُولُ: إنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مِرَارٍ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2865). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري (4918)، ومسلم برقم (2853)، واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3241)، واللفظ له، ومسلم برقم (2737). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7511)، واللفظ له، ومسلم برقم (186).

صفة النار

صفة النار - النار: هي دار العذاب التي أعدها الله للكافرين والمنافقين والعصاة في الآخرة. - سنتحدث هنا إن شاء الله تعالى عن النار دار البوار، وما فيها من ألوان العذاب؛ ليكون ذلك باعثاً على الرهبة والفرار من النار، وإنما يحصل الفوز بالجنة، والنجاة من النار، بالإيمان والأعمال الصالحة، واجتناب الشرك والمعاصي، نسأل الله الفوز بالجنة، والنجاة من النار، وسيكون الحديث عن النار على ضوء ما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة. - أشهر أسماء النار: النار واحدة في الذات، متعددة الصفات، ومن أشهر أسمائها: 1 - النار: قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء/14]. 2 - جهنم: قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)} [النساء/140]. 3 - الجحيم: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10)} [المائدة/10]. 4 - السعير: قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64)} [الأحزاب/ 64]. 5 - سقر: قال الله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48)} [القمر/ 48]. 6 - الحطمة: قال الله تعالى: {كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)} [الهمزة/4 - 6]. 7 - لظى: قال الله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17)} [المعارج/15 - 17].

مكان النار

8 - دار البوار: قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29)} [إبراهيم/28 - 29]. - مكان النار: 1 - قال الله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)} [المطففين/7]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « ... وَأَمَّا الكَافِرُ فَإذَا قُبِضَتْ نَفْسُهُ وَذُهِبَ بِهَا إلَى بَابِ الأَرْضِ يَقُولُ خَزَنَةُ الأَرْضِ: مَا وَجَدْنَا رِيحاً أَنْتَنَ مِنْ هَذِهِ، فَتَبْلُغُ بِهَا إلى الأَرْضِ السُّفْلَى». أخرجه الحاكم وابن حبان (¬1). - خلود أهل النار: الكفار والمشركون والمنافقون مخلدون في النار، وأما عصاة الموحدين فهم تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء غفر لهم، وإن شاء عذبهم بقدر ذنوبهم. 1 - قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68)} [التوبة/68]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء/ 48]. - صفة وجوه أهل النار: 1 - قال الله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60)} [الزمر/60]. 2 - وقال الله تعالى: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)} [عبس/40 - 42]. 3 - وقال الله تعالى: ... {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)} [القيامة/24 - 25]. 4 - وقال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4)} [الغاشية/2 - 4]. ¬

(¬1) صحيح /أخرجه الحاكم برقم (1304)، وأخرجه ابن حبان برقم (3013).

عدد أبواب النار

5 - وقال الله تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)} [المؤمنون/104]. - عدد أبواب النار: قال الله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)} [الحجر/43 - 44]. - أبواب النار مغلقة على أهلها: قال الله تعالى: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)} [الهمزة/8 - 9]. - مجيء النار في عرصات القيامة: 1 - قال الله تعالى: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91)} [الشعراء/91]. 2 - وقال الله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)} [الفجر/21 - 23]. 3 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَومَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا». أخرجه مسلم (¬1). - ورود النار وأول من يعبر الصراط: 1 - قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} [مريم/71 - 72]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن ناساً قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ... -وفيه- فقال: «وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجيزُ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2842). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (806)، ومسلم برقم (182)، واللفظ له.

قعر النار:

- قعر النار: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ سمع وَجْبَةً، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قال: قلنا الله ورسوله أعلم، قال: «هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفاً فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الآنَ حَتَّى انْتَهَى إلَى قَعْرِهَا». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه سمع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إلَى حُجْزَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إلَى عُنُقِهِ». أخرجه مسلم (¬2). - عَظمة خَلق أهل النار: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ضِرْسُ الكَافِرِ أَوْ نَابُ الكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلاثٍ». أخرجه مسلم (¬3). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا بَيْنَ مَنْكِبَي الكَافِرِ فِي النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ لِلرَّاكِبِ المُسْرعِ». متفق عليه (¬4). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ضِرْسُ الَكَافِرِ يَومَ القِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَعَرْضُ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً، وَعَضُدُه مِثْلُ البَيْضَاءِ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ وَرقَانٍ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مَا بَيْنِي وَبَينَ الرَّبَذَةِ». أخرجه أحمد والحاكم (¬5). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2844). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2845). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2851). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6551)، ومسلم برقم (52)، واللفظ له. (¬5) صحيح / أخرجه أحمد برقم (8327) وأخرجه الحاكم برقم (8759)، وهذا لفظه، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1105).

قوة حرارة النار

- قوة حرارة النار: 1 - قال الله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا} [الإسراء/ 97 - 98]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ» قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: «فَإنّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتّينَ جُزْءاً كُلُّها مِثْلُ حَرِّهَا». متفق عليه (¬1). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اشْتَكَتِ النَّارُ إلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضاً، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَينِ، نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ». متفق عليه (¬2). - وقود النار: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} [التحريم/6]. 2 - وقال الله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)} [البقرة/24]. 3 - وقال الله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)} [الأنبياء/98]. - دركات النار: النار دركات بعضها أسفل من بعض، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار؛ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3265)، ومسلم برقم (2843)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3260)، واللفظ له، ومسلم برقم (617).

خزنة النار

لغلظ كفرهم، وتمكنهم من أذى المؤمنين كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)} [النساء/145]. - صفة ظل النار: 1 - قال الله تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43)} [الواقعة/41 - 43]. 2 - وقال الله تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)} [الزمر/16]. 3 - وقال الله تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31)} [المرسلات/30 - 31]. - خزنة النار: 1 - قال الله تعالى: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [المدثر/26 - 31]. 2 - ومالك خازن النار، كما قال سبحانه: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77)} [الزخرف/77]. - بعث النار: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَقولُ اللهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيقُولُ: أخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَه يَشِيبُ الصَّغِيرُ {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الوَاحِدُ؟ قَالَ: «أَبْشِرُوا فَإنَّ مِنْكُمْ رَجُلاً، وَمِنْ

كيفية دخول أهل النار النار

يَأْجُوجَ وَمَأجُوجَ أَلْفٌ». متفق عليه (¬1). - كيفية دخول أهل النار النار: 1 - قال الله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)} [الزمر/ 71 - 72]. 2 - وقال الله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41)} [الرحمن/41]. 3 - وقال الله تعالى: {وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14)} [الفرقان/11 - 14]. 4 - وقال الله تعالى: {كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)} ... ] الهمزة/4 - 6 [. 5 - وقال الله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14)} [الطور/13 - 14]. 6 - وقال الله تعالى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50)} [إبراهيم/49 - 50]. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَومَ القِيَامَةِ، لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرانِ، وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ: إنِّي وُكِّلْتُ بِثَلاثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللهِ إلَهاً آخَرَ، وَبِالمصَوِّرِينَ». أخرجه أحمد والترمذي (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3348) واللفظ له، ومسلم برقم (222). (¬2) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (8411)، وأخرجه الترمذي برقم (2574) وهذا لفظه.

أول من تسعر بهم النار

- أول مَنْ تُسَعَّر بهم النار: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ، رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهَ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟، قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ القُرآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ القُرآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرأتَ القُرآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إلا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ». أخرجه مسلم (¬1). - أهل النار: 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)} [البقرة/39]. 2 - وعن عياض بن حمار رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « .. وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيْكُمْ تَبَعاً لا يَتْبَعُونَ أَهْلاً وَلا مَالاً، وَالخَائِنُ الَّذِي لا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإنْ دَقَّ إلا خَانَهُ، وَرَجٌل لا يُصْبِحُ وَلا يُمْسِي إلا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ» وذكر البخل أو الكذب «والشِّنْظِيرُ الفَحَّاشُ». أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1905). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2865).

أكثر أهل النار

- أكثر أهل النار: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «أُرِيْتُ النَّارَ، فَإذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ» قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟، قَالَ: «يَكْفُرنَ العَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الإحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيئاً، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيراً قَطُّ». متفق عليه (¬1). - أشد أهل النار عذاباً: 1 - قال الله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)} [ق/24 - 26]. 2 - وقال الله تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} ... [غافر/45 - 46]. 3 - وقال الله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88)} [النحل/88]. 4 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)} [النساء/145]. 5 - وقال الله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)} [مريم/68 - 70]. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَومَ القِيَامَةِ، لَهَا عَينَانِ تُبْصِرانِ، وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ: إنِّي وُكِّلْتُ بِثَلاثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللهِ إلَهاً آخَرَ، وَبِالمصَوِّرِينَ». أخرجه أحمد والترمذي (¬2). 7 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ أَشَدَّ النَّاسِ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (29) واللفظ له، ومسلم برقم (907). (¬2) صحيح /أخرجه أحمد برقم (8411)، وأخرجه الترمذي برقم (2574)، وهذا لفظه.

أهون أهل النار عذابا

عَذَاباً يَومَ القِيَامَةِ المصَوِّرُونَ». متفق عليه (¬1). 8 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً يَومَ القِيَامَةِ رَجُلٌ قَتَلَهُ نَبِيٌّ، أَوْ قَتَلَ نَبِيّاً، وَإمَامُ ضَلالَةٍ، وَمُمَثِّلٌ مِنَ المُمَثِّلِينَ». أخرجه أحمد والطبراني (¬2). - أهون أهل النار عذاباً: 1 - عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَومَ القِيَامَةِ رَجُلٌ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي المِرْجَلُ بِالقُمْقُمِ». متفق عليه (¬3). 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَينِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ». أخرجه مسلم (¬4). 3 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وَذُكِرَ عنده عمه أبوطالب فقال-: «لَعَّلَهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَومَ القِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ». متفق عليه (¬5). - ما يقال لأهون أهل النار عذاباً: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36)} [المائدة/ 36]. 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَومَ القِيَامَةِ: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أَنْ لا تُشْرِكَ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5950)، ومسلم برقم (2109)، واللفظ له. (¬2) جيد/ أخرجه أحمد برقم (3868) وهذا لفظه، وأخرجه الطبراني في الكبير (10/ 260). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6562)، واللفظ له، ومسلم برقم (213). (¬4) أخرجه مسلم برقم (212). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6564)، واللفظ له، ومسلم برقم (210).

سلاسل جهنم وأغلالها

بِي شَيْئاً، فَأَبَيْتَ إلَّا أَنْ تُشْرِكَ بِيْ». متفق عليه (¬1). - سلاسل جهنم وأغلالها: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4)} ... [الإنسان/4]. 2 - وقال الله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)} [غافر/70 - 72]. 3 - وقال الله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13)} [المزمل/12 - 13]. 4 - وقال الله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34)} [الحاقة/30 - 34]. - صفة طعام أهل النار: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)} [الدخان/43 - 46]. 2 - وقال الله تعالى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)} [الصافات/62 - 68]. 3 - وقال الله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)} [الغاشية/6 - 7]. 4 - وقال الله تعالى: {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)} [الحاقة/35 - 37]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6557)، واللفظ له، ومسلم برقم (2805).

صفة شراب أهل النار

- صفة شراب أهل النار: 1 - قال الله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)} [إبراهيم/15 - 17]. 2 - وقال الله تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)} [محمد/15]. 3 - وقال الله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)} [الكهف/29]. 4 - وقال الله تعالى: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58)} [ص/55 - 58]. - صفة ثياب أهل النار: 1 - قال الله تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)} [الحج/19]. 2 - وقال الله تعالى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50)} [إبراهيم/49 - 50]. - فُرش أهل النار: قال الله تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)} [الأعراف/41]. - حسرة أهل النار: 1 - قال الله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)} [البقرة/167]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَدْخُلُ أَحَدٌ الجَنَّةَ إلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ، لِيَزْدَادَ شُكْراً، وَلا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إلا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ

كلام أهل النار

الجَنَّةِ لَو أَحْسَنَ، لِيَكُونَ عَلَيهِ حَسْرَةً». أخرجه البخاري (¬1). 3 - وعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ اللهَ يَقُولُ لأهْوَنِ أهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أنَّ لَكَ مَا فِي الأرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قال: نَعَمْ، قال: فَقَدْ سَألْتُكَ مَا هُوَ أهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أنْ لا تُشْرِكَ بِي، فَأبَيْتَ إلَّا الشِّرْكَ». متفق عليه (¬2). - كلام أهل النار: 1 - قال الله تعالى: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39)} [الأعراف 38 - 39]. 2 - وقال الله تعالى: {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25)} [العنكبوت/ 25]. 3 - وقال الله تعالى: {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14)} [الفرقان/ 14]. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6569). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3334)، واللفظ له، ومسلم برقم (2805).

صور من أصناف المعذبين في النار

صور من أصناف المعذبين في النار 1 - الكفار والمنافقون: قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68)} [التوبة/68]. 2 - قاتل النفس المعصومة عمدا: 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} [النساء/93]. 2 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ وَإنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعينَ عَاماً». أخرجه البخاري (¬1). 3 - الزناة والزواني: عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني مما يكثر أن يقول لأصحابه: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ من رُؤْيَا؟» -وفيه- أنه قال ذات غداة: «إنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإنَّهُمَا ابْتَعثَانِي وَإنَّهُمَا قَالا لِي انْطَلِقْ ... فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإذَا فِيْهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، قَالَ: فَاطَّلَعْنَا فِيْهِ، فَإذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإذَا أَتَاهُمْ ذَلِكُ اللهَبُ ضَوْضَوْا، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاءِ؟ ... -وَفِيهِ- فَقَالا: وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ... ». أخرجه البخاري (¬2). 4 - آكلو الربا: في حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه السابق قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (3166). (¬2) أخرجه البخاري برقم (7047).

أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهْر وعلى شَطِّ النَّهْرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهْرِ، فَإذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيْهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ ... قَالَ والَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُو الرِّبَا». أخرجه البخاري (¬1). 5 - المصورون: 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْساً فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد سَتَرْتُ سَهْوَةً لي بِقِرَامٍ فيه تماثيل، فلما رآه هتكه وتلوَّن وجهه وقال: «يَا عَائِشَةُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِنْدَ اللهِ يَومَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ» قالت عائشة: فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين. متفق عليه (¬3). 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَومَ القِيَامَةِ وَلَيسَ بِنَافِخٍ». متفق عليه (¬4). 6 - آكل مال اليتيم: قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)} [النساء/10]. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (1386). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2110). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5954)، ومسلم برقم (2107)، واللفظ له. (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7042)، ومسلم برقم (2110)، واللفظ له.

تخاصم أهل النار

7 - أهل الكذب والغيبة والنميمة: 1 - قال الله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)} [الواقعة/92 - 94]. 2 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر -وفيه- فقلت يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬1). 8 - الذين يكتمون ما أنزل الله: قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)} [البقرة/174]. - تخاصم أهل النار: حينما يرى الكفار ما أعد الله لهم من العذاب، ويعانون تلك الأهوال، يمقتون أنفسهم، ويمقتون أحبابهم وخلانهم في الدنيا، وتنقلب كل محبة بينهم إلى عداوة، وعند ذلك يخاصم أهل النار بعضهم بعضاً، ويحاج بعضهم بعضاً على اختلاف طبقاتهم. 1 - مخاصمة العابدين لمعبوديهم: {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99)} [الشعراء/ 96 - 99]. 2 - مخاصمة الضعفاء للسادة المستكبرين: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2616)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3973).

خطبة إبليس في أهل النار

مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48)} [غافر/47 - 48]. 3 - تخاصم الأتباع مع قادة الضلال: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33)} [الصافات/27 - 33]. 4 - تخاصم الكافر وقرينه الشيطان: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)} [ق/27 - 29]. 5 - ويبلغ الأمر أشده عندما يخاصم الإنسان أعضاءه: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21)} [فصلت/19 - 21]. - طلب أهل النار من ربهم رؤية مَنْ أضلوهم وتضعيف العذاب عليهم: 1 - قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)} [فصلت/29]. 2 - وقال الله تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)} [الأحزاب/66 - 68]. - خطبة إبليس في أهل النار: إذا قضى الله الأمر، وفصل بين العباد، خطب إبليس في أهل النار؛ ليزيد من كربهم وندامتهم وحسرتهم. قال الله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ

طلب النار المزيد

وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)} [إبراهيم/22]. - طلب النار المزيد: 1 - قال الله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)} [ق/30]. 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ العِزَّةِ فِيْهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلا يَزَالُ فِي الجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللهُ لَهَا خَلْقاً، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الجَنَّةِ». متفق عليه (¬1). صور من أحوال أهل النار - قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)} [النساء/56]. - وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76)} [الزخرف/74 - 76]. - وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)} [الأحزاب/64 - 66]. - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)} [فاطر/36]. - وقال الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4848)، ومسلم برقم (2848)، واللفظ له.

بكاء أهل النار وصراخهم

مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} [هود/106 - 107]. - وقال الله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)} [مريم/68 - 70]. - وقال الله تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26)} [النبأ /21 - 26]. - وقال الله تعالى: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9)} [الملك/6 - 9]. - وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48)} [القمر/47 - 48]. - وقال الله تعالى: {كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)} [الهمزة/4 - 9]. - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَومَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: يَا فُلانُ مَا شَأنُكَ؟ أَلَيسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالمعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ المُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالمعْرُوفِ وَلا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ المنْكَرِ وآتِيْهِ». متفق عليه (¬1). - بكاء أهل النار وصراخهم: 1 - قال الله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3267) واللفظ له، ومسلم برقم (2989).

دعاء أهل النار

فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)} [التوبة/81 - 82]. 2 - وقال الله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)} [فاطر/37]. 3 - وقال الله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100)} [الأنبياء/100]. 4 - وقال الله تعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14)} [الفرقان/13 - 14]. 5 - وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)} [الفرقان/27]. 6 - وقال الله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)} [البقرة/167]. - دعاء أهل النار: إذا دخل أهل النار فيها وأصابهم العذاب الشديد استغاثوا ونادوا لعلهم يجدون من يغيثهم ويجيبهم، فينادون أهل الجنة، وخزنة النار، ومالك خازن النار، وينادون ربهم، فلا يجابون إلا بما يزيد حسرتهم، ثم يفقدون الأمل ويأخذون في الزفير والشهيق. 1 - قال الله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)} [الأعراف/50]. 2 - وقال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50)} [غافر/49 - 50]. 3 - وقال الله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)} [الزخرف/77 - 78].

ميراث أهل الجنة منازل أهل النار

4 - وقال الله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)} [المؤمنون/106 - 108]. 5 - فإذا فقد أهل النار الأمل في الخروج من النار ويئسوا من أي خير أخذوا في الزفير والشهيق كما قال سبحانه: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} [هود/106 - 107]. عياذاً بالله من غضب الله وسخطه وعقوبته، اللهم ارزقنا الجنة .. وأجرنا من النار .. أنت مولانا .. فنعم المولى .. ونعم النصير. - ميراث أهل الجنة منازل أهل النار: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا لَهُ مَنْزِلانِ: مَنْزِلٌ فِي الجَنَّةِ، وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَإذَا مَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ، وَرِثَ أَهْلُ الجَنَّةِ مَنْزِلَهُ، فَذَلِكَ قَولُه تَعَالَى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}. أخرجه ابن ماجه (¬1). - خروج عصاة الموحدين من النار: 1 - عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُعَذَّبُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ التَّوحِيدِ فِي النَّارِ حَتّى يَكُونُوا فِيهَا حُمَماً، ثُمَّ تُدْرِكُهُمُ الرَّحْمَةُ، فَيُخْرَجُونَ وَيُطْرَحُونَ عَلَى أَبْوابِ الجَنّةِ» قال: «فَيَرُشُّ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الجَنَّةِ المَاءَ فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الغُثَاءُ فِي حِمَالَةِ السَّيْلِ ثُمَّ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ». أخرجه أحمد والترمذي (¬2). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيْرَةً، ثُمَّ يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا ¬

(¬1) صحيح / أخرجه ابن ماجه برقم (4341). (¬2) صحيح / أخرجه أحمد برقم (15268)، وأخرجه الترمذي برقم (2597)، وهذا لفظه.

أشد عذاب أهل النار

إلَهَ إلَّا اللهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً». متفق عليه (¬1). - أشد عذاب أهل النار: 1 - أفضل نعيم في الجنة فرح المؤمنين وسرورهم برؤية ربهم جل وعلا، ورضاه عنهم كما قال سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة/22 - 23]. وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} [التوبة/ 72]. 2 - وأشد عذاب في النار حجاب أهل النار عن رؤية ربهم جل وعلا كما قال سبحانه: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)} [المطففين/ 15 - 16]. - خلود أهل الجنة والنار: 1 - قال الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)} [هود/106 - 108]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37)} [المائدة/36 - 37]. 3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا صَارَ أَهْلُ الجَنَّةِ إلَى الجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إلَى النَّارِ جِيءَ بِالموتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَينَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ لا مَوْتَ، يَا أَهْلَ النَّارِ لا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَرَحاً ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (44)، ومسلم برقم (193)، واللفظ له.

إلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً إلَى حُزْنِهِمْ». متفق عليه (¬1). - أكثر أهل الجنة والنار: الرجال في الجنة أكثر من النساء، والنساء في النار أكثر من الرجال، والحور أكثر من الرجال في الجنة. 1 - عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الجَنَّةِ النِّسَاءُ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن عمران رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». متفق عليه (¬3). 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ» قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْراً قَطُّ». متفق عليه (¬4). 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَتْفِلُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمُ الْأَلُوَّةُ الْأَلَنْجُوجُ عُودُ الطِّيبِ وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ». متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6548)، واللفظ له، ومسلم برقم (2850). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2738). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3241)، واللفظ له، ومسلم برقم (2737). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (29)، واللفظ له، ومسلم برقم (907). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3327)، واللفظ له، ومسلم برقم (2834).

حجاب الجنة والنار

- حجاب الجنة والنار: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ وَحُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ». متفق عليه (¬1). - قرب الجنة والنار: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الجَنَّةُ أَقْرَبُ إلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ». أخرجه البخاري (¬2). - احتجاج الجنة والنار وحكم الله بينهما: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تَحَاجَّتِ النَّارُ وَالجَنَّةُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالمُتَكَبِّرِينَ وَالمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ: فَمَالِي لا يَدْخُلُنِي إلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ، فَقَالَ اللهُ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي، أَرْحَمُ بِكَ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابي، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمْ مِلْؤُهَا .. ». متفق عليه (¬3). - اتقاء النار وطلب الجنة: 1 - قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)} [آل عمران/131 - 132]. 2 - وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». متفق عليه (¬4). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6487) واللفظ له، ومسلم برقم (2823). (¬2) أخرجه البخاري برقم (6488). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4850)، ومسلم برقم (2846)، واللفظ له. (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6563)، واللفظ له، ومسلم برقم (1016).

مَنْ أَبَى». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى». متفق عليه (¬1). - اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7280)، واللفظ له، ومسلم برقم (1835).

6 - الإيمان بالقدر

6 - الإيمان بالقدر - القدر: هو علم الله تعالى بكل شيء، وبكل ما أراد إيجاده أو وقوعه من الخلائق، والعوالم، والأحداث، والأشياء، وتقدير ذلك وكتابته في اللوح المحفوظ. والقدر سر الله في خلقه، لم يَطَّلع عليه مَلَك مقرب، ولا نبي مرسل. - الإيمان بالقدر: هو التصديق الجازم بأن كل ما يقع من الخير والشر وكل شيء فهو بقضاء الله وقدره كما قال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر/49]. - أركان الإيمان بالقدر: الإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور: 1 - الإيمان بأن الله تعالى عالم بكل شيء جملة وتفصيلاً: سواء كان مما يتعلق بفعله سبحانه كالخلق، والتدبير، والإحياء، والإماتة ونحو ذلك، أو مما يتعلق بفعل المخلوقين كأقوال الإنسان وأفعاله وأحواله، وكأحوال الحيوان والنبات والجماد، وكل شيء فالله به عليم كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق/12]. 2 - الإيمان بأن الله تعالى كتب مقادير كل شيء في اللوح المحفوظ من المخلوقات، والأحوال، والأرزاق: كتب كميته، وكيفيته، وزمانه، ومكانه، فلا يتغير ولا يتبدل، ولا يزيد ولا ينقص إلا بأمره سبحانه. 1 - قال الله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70)} [الحج/70].

سر القدر

2 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ وَعَرْشُهُ عَلَى المَاءِ». أخرجه مسلم (¬1). 3 - الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله وإرادته. فكل شيء واقع بمشيئة الله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن سواء كان مما يتعلق بفعله سبحانه كالخلق والتدبير، والإحياء، والإماتة ونحو ذلك، أو مما يتعلق بأفعال المخلوقين من الأفعال والأقوال والأحوال. 1 - قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص/68]. 2 - وقال الله تعالى: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} [إبراهيم/27]. 3 - وقال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام/112]. 4 - وقال الله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} [التكوير/28 - 29]. 4 - الإيمان بأن الله تعالى خالق كل شيء، خلق جميع الكائنات بذواتها وصفاتها وحركاتها، لا خالق غيره، ولا رب سواه. 1 - قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)} [الزمر/62]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر/49]. 3 - وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات/96]. - سر القدر: ما يفعله الله ويقضيه ويقدره على خلقه فيه مصالح وحِكم عظيمة: فما يفعله سبحانه من المعروف والإحسان دالٌّ على رحمته، وما يفعله من البطش والانتقام دالٌّ على غضبه، وما يفعله من اللطف والإكرام دالٌّ على ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2653).

فقه القدر

محبته، وما يفعله من الإهانة والخذلان دالٌّ على بغضه ومقته، وما يفعله بمخلوقاته من النقص ثم الكمال دالٌّ على وقوع المعاد. - فقه القدر: أقدار الرب عز وجل نوعان: الأول: ما يجريه الله في الكون من الخلق والرزق، والحياة والموت، والتصريف والتدبير ونحو ذلك من الأوامر الكونية. فهذه الأقدار العظيمة يجريها الله أمامنا ولنعلم بها عظمة الله، وعظمة ملكه وقدرته، وإحاطة علمه بكل شيء، فإذا عرفنا ذلك آمنا بالله سبحانه، وأطعناه وعبدناه كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق/12]. الثاني: ما يجريه الله على الإنسان من خير أو شر، فهذا يكون بحسب عمله: فمن آمن وعمل صالحاً أسعده الله في الدنيا، ثم زاد سعادته عند الموت، ثم زاد سعادته في القبر، ثم تبلغ سعادته كمالها في الجنة كما قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} [النحل/97]. ومن كفر وعصى الله شقي في الدنيا، ثم زاد شقاؤه عند الموت، ثم زاد عذابه في القبر، ثم ينال كامل العذاب في النار كما قال سبحانه: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)} [النساء/123]. فيجري قدر الله على الإنسان بحسب ما يصدر من الإنسان من خير أو شر، أو

طاعة أو معصية، وأكثر الناس لا يعلمون سر هذه الأقدار، ولهذا تتراكم المصائب على العصاة، فيتوجهون إلى المخلوق في حلها، فلا ترتفع بل تزداد. والحقيقة أن حلها بأيديهم، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإذا غيروا الكفر بالإيمان، والمعصية بالطاعة، والإساءة بالإحسان، أصلح الله أحوالهم فوراً، وإن غيروا الخير بالشر عذبهم بذنوبهم كما قال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53)} [الأنفال/53].

الاحتجاج بالقدر

الاحتجاج بالقدر - ما قدَّره الله وقضاه بالنسبة للإنسان نوعان: 1 - ما قضاه الله وقدره من أعمال وأحوال خارج إرادة الإنسان: سواء كانت فيه كطوله وقصره، أو حسنه وقبحه، أو حياته وموته، أو وقعت عليه بغير اختياره كالمصائب، والأمراض، ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وغيرها من المصائب التي تارة تكون عقوبة للعبد، وتارة تكون امتحاناً له، وتارةً رفعةً لدرجاته. وهذه الأعمال التي تجري فيه أو تقع عليه دون إرادة منه لا يُسأل عنها الإنسان ولا يحاسب عليها، ويجب عليه الإيمان أن ذلك كله بقضاء الله وقدره، وعليه الصبر والرضا والتسليم، فما من حادثة في الكون إلا وللعليم الخبير فيها حكمة. 1 - قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)} [الحديد/22]. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً فقال: «يَا غُلامُ إنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بِشَيْءٍ قَدَ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ». أخرجه أحمد والترمذي (¬1). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِيْنِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) صحيح / أخرجه أحمد برقم (2669)، وأخرجه الترمذي برقم (2516)، وهذا لفظه. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4826)، ومسلم برقم (2246).

متى يجوز الاحتجاج بالقدر

2 - ما قضاه الله وقدره من الأفعال التي يقدر عليها الإنسان ويفعلها بما وهبه الله من العقل، والقدرة، والاختيار كالإيمان والكفر .. والطاعات والمعاصي .. والإحسان والإساءة. فهذه وأمثالها: يحاسب عليها الإنسان، وبحسبها يكون الثواب والعقاب؛ لأن الله أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبيَّن الحق من الباطل، ورَغَّب في الإيمان والطاعات، وحَذَّر من الكفر والمعاصي، وزوَّد الإنسان بالعقل، وأعطاه القدرة على الاختيار، فيسلك ما شاء بمحض اختياره، وأي الطريقين اختار فهو داخل تحت مشيئة الله وقدرته، إذ لا يقع في ملك الله شيء بدون علمه ومشيئته. 1 - قال الله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف/ 29]. 2 - وقال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)} [فصلت/46]. 3 - وقال الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44)} [الروم/44]. 4 - وقال الله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} [التكوير/27 - 29]. - متى يجوز الاحتجاج بالقدر: 1 - يجوز أن يحتج الإنسان بالقدر على المصائب كما في القسم الأول، فإذا مرض الإنسان، أو مات، أو ابتلي بمصائب بغير اختياره فله أن يحتج بقدر الله فيقول: قَدَّرَ الله وما شاء فعل، وعليه أن يصبر، ويرضى إن استطاع؛ لينال الثواب كما قال سبحانه: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة/155 - 157].

2 - لا يجوز أن يحتج الإنسان بالقدر على المعاصي فيترك الواجبات، أو يفعل المحرمات؛ لأن الله أمر بفعل الطاعات، واجتناب المعاصي، وأمر بالعمل، ونهى عن الاتكال على القدر. ولو كان القدر حجة لأحد لم يعذب الله المكذبين للرسل كقوم نوح وعاد وثمود ونحوهم، ولم يأمر بإقامة الحدود على المعتدين. ومن رأى القدر حجة لأهل المعاصي يرفع عنهم الذم والعقاب فعليه ألّا يذم أحداً ولا يعاقبه إذا اعتدى عليه، ولا يفرِّق بين من يفعل معه خيراً أو شراً، وهذا باطل. - حكم فعل الأسباب: ما قدَّره الله للعبد من خير أو شر قدَّره مربوطاً بأسبابه، فللخير أسبابه وهي الإيمان والطاعات، وللشر أسبابه وهي الكفر والمعاصي. والإنسان يعمل بمحض الإرادة التي قدرها الله له، والاختيار الذي منحه الله له، ولا يصل العبد إلى ما كتب الله عليه وقدره له من سعادة أو شقاء إلا بواسطة تلك الأسباب التي يفعلها باختياره الذي منحه الله إياه، فلدخول الجنة أسباب يجب فعلها، ولدخول النار أسباب يجب تركها. 1 - قال الله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)} [الأنعام/ 148]. 2 - وقال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)} [آل عمران/132]. 3 - وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْكُمْ مِنْ نَفْسٍ إلَّا وَقَدْ عُلِمَ مَنْزِلُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَلِمَ نَعْمَلُ؟ أَفَلا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: «لَا، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)

فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} متفق عليه (¬1). - يشرع دفع القدر بالقدر فيما يأتي: 1 - دفع القدر الذي قد انعقدت أسبابه ولَمّا يقع بأسباب أخرى من القدر تقابله، كدفع العدو بقتاله، ودفع الحر والبرد ونحو ذلك. 2 - دفع القدر الذي قد وقع واستقر بقدر آخر يرفعه ويزيله، كدفع قدر المرض بقدر التداوي، ودفع قدر الذنب بقدر التوبة، ودفع قدر الإساءة بقدر الإحسان، وهكذا. - مشيئة الله عامة لكل شيء: فعل الخير والشر من العبد لا ينافي نسبتهما إلى الله خلقاً وإيجاداً، فالله خالق كل شيء، ومن ذلك خلق الإنسان وأفعاله، ولكن ليست مشيئة الله عز وجل دليلاً على رضاه. فالكفر والمعاصي والفساد كائنة بمشيئة الله ولكن الله لا يحبها، ولا يرضاها، ولا يأمر بها، بل يبغضها وينهى عنها، وكون الشيء مبغوضاً مكروهاً لا يخرجه عن مشيئة الله المتضمنة لخلق كل شيء، فلكل شيء خلقه الله حكمة مقصودة واقعة على أساس تدبيره لملكه وخلقه سبحانه. - أفضل الناس: أكمل الناس وأفضلهم الذين يحبون ما أحبه الله ورسوله، ويبغضون ما أبغض الله ورسوله، وليس عندهم حب ولا بغض لغير ذلك، فيأمرون بما أمر الله ورسوله به، ولا يأمرون بغير ذلك وهكذا. فالمسلم في الدنيا يتقلب بين خمسة أمور: أمر من أوامر الله يمتثله، ونهي يجتنبه، وقدر يرضى به، ونعم يشكر ربه عليها، وذنوب يستغفر ربه منها. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4945)، ومسلم برقم (2647)، واللفظ له.

حكم الرضا بالقدر

- حكم الرضا بالقدر: الرضا بالقدر ثلاثة أقسام: 1 - الرضا بالطاعات، وهذا واجب. 2 - الرضا بالمصائب، وهذا مستحب. 3 - الكفر والفسوق والعصيان فهذا لا يؤمر بالرضا به، بل يؤمر ببغضه وسخطه فإن الله لا يحبه ولا يرضاه، وهو وإن خلقه وهو لا يحبه فإنه يفضي إلى ما يحبه كما خلق الشياطين، فنحن نرضى بما خلق الله، أما نفس الفعل المذموم وفاعله فلا نرضى به ولا نحبه. فالأمر الواحد يُحَبّ من وجه ويُبْغض من وجه كالدواء الكريه، فهو مكروه لكنه يفضي إلى محبوب، والطريق إلى الله أن نرضيه، بأن نفعل ما يحبه ويرضاه، ليس أن نرضى بكل ما يحدث ويكون، ولسنا مأمورين أن نرضى بكل ما قضاه وقدره، ولكننا مأمورون أن نرضى بما أمرنا الله ورسوله أن نرضى به. - قضاء الله خيراً أو شراً له وجهان: أحدهما: تعلقه بالرب ونسبته إليه، فمن هذا الوجه يرضى به العبد، فقضاء الله كله خير وعدل وحكمة. الثاني: تعلقه بالعبد ونسبته إليه، فهذا منه ما يُرضى به كالإيمان والطاعات، ومنه ما لا يُرضى به كالكفر والمعاصي، وكذلك الله لا يرضاها ولا يحبها ولا يأمر بها. 1 - قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)} [القصص/68]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر/7]. 3 - وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات/96].

أفعال العباد مخلوقة

- أفعال العباد مخلوقة: الله عز وجل خلق العبد، وخلق أفعاله، وعلم ذلك، وكتبه قبل وقوعه، فإذا فعل العبد خيراً أو شراً انكشف لنا ما علمه الله وخلقه وكتبه، وَعِلْم الله بفعل العبد عِلْم إحاطة، فالله قد أحاط بكل شيء علماً، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. 1 - قال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات/96]. 2 - وقال الله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام/59]. 3 - وقال الله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)} [يونس/61]. 4 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق: «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوماً، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ. فَوالَّذِي لا إلَهَ غَيْرُهُ، إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا. وَإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3208)، ومسلم برقم (2643)، واللفظ له.

العدل والإحسان

- العدل والإحسان: أفعال الله عز وجل دائرة بين العدل والإحسان، لا يمكن أن يظلم أحداً، إما أن يعامل عباده بالعدل، وإما أن يعاملهم بالإحسان، فالمسيء يعامله بالعدل، كما قال سبحانه: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى/40]. والمحسن يعامله بالفضل والإحسان كما قال سبحانه: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} ... [الأنعام/160]. - الأوامر الشرعية والكونية: للهِ عز وجل نوعان من الأوامر: أوامر كونية، وأوامر شرعية. والأوامر الكونية ثلاثة أنواع: 1 - أمر الخلق والإيجاد، وهو متوجه من الله إلى جميع المخلوقات كما قال سبحانه: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)} [الزمر/62]. 2 - أمر البقاء، وهو متوجه من الله إلى جميع المخلوقات بالبقاء. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)} [فاطر/41]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25)} [الروم/25]. 3 - أمر النفع والضر والحركة والسكون والحياة والموت ... الخ، وهو متوجه من الله إلى جميع المخلوقات. 1 - قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)} [الأعراف/188]. 2 - وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ

أوامر الله عز وجل نوعان

الشَّاكِرِينَ (22)} [يونس/22]. 3 - وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)} [غافر/68]. أما الأوامر الشرعية الإلهية فهي موجهة من الله للثقلين الإنس والجن فقط وهي الدين الذي بعث الله به رسله، وأنزل كتبه. وهي تشمل التوحيد والإيمان، والعبادات، والمعاملات، والمعاشرات، والأخلاق، وبمقدار قوة اليقين، على أسماء الله وصفاته وأفعاله وأوامره الكونية يأتي عند العباد الشوق والرغبة والتلذذ بامتثال أوامر الله الشرعية. وأسعد الناس بذلك أعظمهم معرفة بربهم، وهم الأنبياء ثم من سار على هديهم، وبامتثال أوامر الله الشرعية يفتح الله لنا بركات السماوات والأرض في الدنيا، ويدخلنا الجنة في الآخرة. - أوامر الله عز وجل نوعان: 1 - أوامر شرعية قد تقع، وقد يخالفها العبد بإذن الله، ومنها: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء/23]. 2 - أوامر كونية لابد من وقوعها، ولا يمكن للإنسان مخالفتها، وهي نوعان: 1 - أمر رباني مباشر لازم الوقوع، كما قال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس/82]. 2 - أوامر ربانية كونية، وهي السنن الكونية التي تتكون من أسباب ونتائج يتفاعل بعضها مع بعض، ولكل سبب كوني نتيجة، ومن السنن الكونية: 1 - قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال/53]. 2 - وقال الله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)} [الإسراء/16].

أقسام الحسنات والسيئات

وهذه السنة الكونية يمكن لإبليس وأتباعه محاولة تسخيرها لتكون سبباً في هلاك بعض الناس، وقد شرع الله لنا الدعاء والاستغفار للنجاة من ذلك، والدعاء لجوء إلى الله الذي خلق السنن الكونية كلها، فهو القادر على إبطال مفعولها أو تغيير نتيجتها في أي وقت شاء، وكيف شاء كما أبطل مفعول النار على إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)} ... [الأنبياء/69]. - أقسام الحسنات والسيئات: الحسنات قسمان: 1 - حسنة سببها الإيمان والعمل الصالح، وهي الطاعة للهِ عز وجل ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -. 2 - حسنة سببها الإنعام الإلهي على الإنسان بما يؤتيه الله من مال، وصحة، ونصر، وعزة ونحو ذلك. والسيئات قسمان: 1 - سيئة سببها الشرك والمعاصي، وهي ما يصدر من الإنسان من شرك ومعصية. 2 - سيئة سببها الابتلاء، أو الانتقام الإلهي كأمراض الجسم، وضياع المال، والهزيمة ونحو ذلك. - فالحسنة بمعنى الطاعة لا تنسب إلا إلى الله، فهو الذي شرعها للعبد، وعلَّمه إياها، وأمره بفعلها، وأعانه عليها. - والسيئة بمعنى المعصية للهِ ورسوله إذا فعلها العبد بإرادته واختياره مُؤْثِراً المعصية على الطاعة، فهذه السيئة تنسب للعبد فاعلها، ولا تنسب إلى الله؛ لأن الله لم يشرعها، ولم يأمر بها، بل حَرَّمها وتوعَّد عليها، كما قال سبحانه: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)} [النساء/79]. - أما الحسنة بمعنى النعمة كالمال، والولد، والصحة، والنصر، والعزة، والسيئة بمعنى النقمة، والابتلاء كالنقص في المال، والأنفس، والثمرات، والهزيمة

دفع عقوبة السيئات

وأمثالها، فهاتان الحسنة والسيئة بهذا المعنى من عند الله؛ لأنه عز وجل يبلو عباده ابتلاء وانتقاماً، ورفعة؛ تربية لعباده كما قال سبحانه: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78)} [النساء/78]. - دفع عقوبة السيئات: إذا عمل المؤمن سيئة فعقوبتها تندفع عنه بما يلي: إما أن يتوب إلى الله فيتوب الله عليه .. أو يستغفر فيغفر الله له .. أو يعمل حسنات تمحوها .. أو يدعو له إخوانه المؤمنون ويستغفروا له .. أو يهدوا له من ثواب أعمالهم ما ينفعه الله به .. أو يبتليه الله في الدنيا بمصائب تكفِّر عنه .. أو يبتليه في البرزخ بمصائب فيكفِّر بها عنه .. أو يبتليه في عرصات القيامة بما يكفِّر عنه .. أو يشفع فيه نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - .. أو يرحمه أرحم الراحمين، والله غفور رحيم. - الطاعات والمعاصي: الطاعة تُولِّد المنفعة، وتثمر الأخلاق الحسنة، والمعصية تُولِّد المضرة، وتثمر الأخلاق السيئة، فالشمس والقمر، والنبات والحيوان، والبر والبحر أطاعت ربها فخرج منها منافع كثيرة لا يحصيها إلا الله تعالى، والأنبياء لما أطاعوا الله خرج منهم من الخير ما لا يحصيه إلا الله تعالى. وإبليس لما عصى ربه وأبى واستكبر خرج بسببه من الشرور والفساد في الأرض ما لا يحصيه إلا الله تعالى. وهكذا الإنسان إذا أطاع ربه خرج منه من الخير والمنافع له ولغيره ما لا يحصيه إلا الله تعالى، وإذا عصى ربه خرج منه من الشر والمضار له ولغيره ما لا يحصيه إلا الله تعالى. - آثار الطاعات والمعاصي: جعل الله عز وجل للطاعات والحسنات آثاراً لذيذة طيبة محبوبة، لذّتها فوق لذة

الهداية والإضلال

المعصية بأضعاف مضاعفة، وجعل سبحانه للمعاصي والسيئات آثاراً وآلاماً مكروهة تورث الحسرة والندم، وتُرْبي على لذة تناولها بأضعاف مضاعفة، وما حصل لعبد حال مكروهة قط إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر. والذنوب مضرة بالقلوب مثل السموم مضرة بالأبدان، والله خلق الإنسان على الفطرة حسناً جميلاً، فإن تلوَّث بالذنوب والخطايا نُزِع منه حسنه وجماله، وإذا تاب إلى الله عاد إليه حسنه وجماله، وبلغ كماله في الجنة. - الهداية والإضلال: الله عز وجل له الخلق والأمر يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، فالملك ملكه، والخلق خلقه، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، ومن رحمته سبحانه أن أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وأوضح السبل، وأزاح العلل، ومَكَّن من أسباب الهداية والطاعة بالأسماع والأبصار والعقول، وبعد ذلك: 1 - فَمَنْ آثر الهداية، ورغب فيها، وطلبها، وعمل بأسبابها، وجاهد في سبيل تحصيلها هداه الله إليها، وأعانه على تحصيلها وتكميلها، وهذا من رحمة الله بعباده، وفضله عليهم. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت/69]. 2 - وَمَنْ آثر الضلالة، ورغب فيها، وطلبها، وعمل بأسبابها تمَّت له، وولَّاه الله ما تولى، ولم يجد من الله صارفاً عنها، وهذا عدل الله. قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} [النساء/115]. - ثمرات الإيمان بالقدر: الإيمان بالقضاء والقدر مصدر الراحة والطمأنينة والسعادة لكل مسلم، فيعلم أن

ثمرات أركان الإيمان

كل شيء بقدر الله، فلا يُعجب بنفسه عند حصول مراده، ولا يقلق بفوات محبوب، أو حصول مكروه؛ لأنه يعلم أن ذلك كله بقدر الله، وهو كائن لا محالة. 1 - قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)} [الحديد/22 - 23]. 2 - وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عَجَباً لأَمْرِ المؤمِنِ، إنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إَنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْراً لَهُ». أخرجه مسلم (¬1). 3 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ إنْ أَصَابَهُ خَيرٌ حَمِدَ اللهَ وشَكَرَ، وَإنْ أَصَابَتْهُ مُصِيْبَةٌ حَمِدَ اللهَ وصَبَرَ، فالمؤمنُ يُؤجرُ فِي كُلِّ أَمْرِهِ، حَتَّى يُؤجَرَ فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إلى فِي امْرَأَتِهِ». أخرجه أحمد وعبد الرزاق (¬2). - وبهذا تمت بفضل الله أركان الإيمان الستة، وهي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وكل ركن منها يثمر للمؤمن ثمرات نافعة. - ثمرات أركان الإيمان: 1 - الإيمان بالله عز وجل: يُثمر محبة الله، وتعظيمه، وشكره، وعبادته، وطاعته وخشيته، وامتثال أوامره. 2 - والإيمان بالملائكة: يُثمر محبتهم، والاستحياء منهم، والاعتبار بطاعتهم. 3 - 4 والإيمان بالكتب والرسل: يُثمر قوة الإيمان بالله ومحبته، ومعرفة شرائع الله، وما يحبه الله، وما يكرهه الله، ومعرفة أحوال الدار الآخرة، ومحبة رسل الله وطاعتهم. 5 - والإيمان باليوم الآخر: يُثمر الرغبة في فعل الطاعات والخيرات، والنفرة من المعاصي والمنكرات. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2999). (¬2) حسن /أخرجه أحمد برقم (1492)، وهذا لفظه، وأخرجه عبد الرزاق برقم (20310).

6 - والإيمان بالقدر: يُثمر طمأنينة النفس، وسكونها، ورضاها بما قدر الله، وإذا تحقق ذلك في حياة المسلم كان مؤهلاً لدخول الجنة، وذلك لا يتم إلا بطاعة الله ورسوله، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)} [النساء/13].

11 - الإحسان

11 - الإحسان - الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)} [النحل/128]. 2 - وقال الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)} [الشعراء/ 217 - 220]. 3 - وقال الله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)} [يونس/61]. - مراتب دين الإسلام: دين الإسلام ثلاث مراتب بعضها فوق بعض وهي: الإسلام، والإيمان، والإحسان وهو أعلاها، وكل مرتبة لها أركان. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بَيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عَلَينَا رَجُلٌ شَدِيدُ بِيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عَلَيهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإسْلامِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الإسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيْتَ إنِ اسْتَطَعْتَ إلَيهِ سَبيلاً». قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَومِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإحْسَانِ؟

فقه الإحسان

قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإنَّهُ يَرَاكَ» قَال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: «مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بَأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا؟ قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الحفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي البُنْيَانِ» قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيّاً ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكُمْ». أخرجه مسلم (¬1). - فقه الإحسان: الحكمة التي خلق الله من أجلها السماوات والأرض، وخلق من أجلها المخلوقات، وخلق من أجلها الحياة والموت: هي الابتلاء بحسن العمل. والطريق إلى إحسان العمل هو معرفة خالق السماوات والأرض، ومراقبة الله في كل عمل، والعلم بأن الله بكل شيء عليم، وعلى كل شيء شهيد، لا يعزب عنه مثقال ذرة. وهذا أعظم واعظ في القرآن يدعو المسلم إلى إحسان العمل لربه، فيؤديه لله بالمحبة والتعظيم كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه. فليحسن العبد عمله لله؛ ليفوز برضاه، وينجو من عقابه، ومَنْ أحسن فلنفسه، ومن أساء فعليها. 1 - قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ} [هود/7]. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (8).

مراتب الإحسان

2 - وقال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7)} [الكهف/7]. 3 - وقال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)} [الملك/2]. - مراتب الإحسان: الإحسان مرتبتان: المرتبة الأولى: أن يعبد الإنسان ربه كأنه يراه عبادة طلب، وشوق، ورغبة ومحبة، فهو يطلب مَنْ يحب وهو الله عز وجل، ويقصده ويعبده كأنه يراه، وهذه أعلى المرتبتين «أن تعبد الله كأنك تراه». المرتبة الثانية: إذا لم تعبد الله كأنك تراه وتطلبه، فاعبده كأنه هو الذي يراك عبادة خائف منه، هارب من عذابه وعقابه، متذلل له «فإن لم تكن تراه فإنه يراك». - كمال العبودية: عبادة الله تعالى مبنية على أمرين: غاية الحب للهِ، وغاية التعظيم والذل له، ويحصل ذلك بمعرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله. فالحب يُولِّد الشوق والطلب، والتعظيم والذل له يُولِّد الخوف والهرب، وهذا هو الإحسان في عبادة الله سبحانه، والله يحب المحسنين. 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النساء/125]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22)} [لقمان/22].

التجارة الرابحة

3 - وقال الله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)} [البقرة/112]. - التجارة الرابحة: في القرآن الكريم تجارتان: تجارة المؤمنين .. وتجارة المنافقين: 1 - فتجارة المؤمنين رابحة، تحقق السعادة في الدنيا والآخرة وهي الدين كما قال الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)} [الصف/10 - 13]. 2 - وتجارة المنافقين خاسرة، تسبب الشقاء في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه عن المنافقين: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)} [البقرة/ 14 - 16].

12 - كتاب العلم

12 - كتاب العلم - فضل العلم: 1 - قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)} [المجادلة/11]. 2 - وعَنْ عُثْمَانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». أخرجه البخاري (¬1). - فضل طلب العلم وأنه قبل القول والعمل: 1 - قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)} [محمد/19]. 2 - وقال الله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)} [طه/114]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « .. وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيْهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إلَى الجَنَّةِ». أخرجه مسلم (¬2). - فضل من دعا إلى هدى: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ دَعَا إلَى هُدَىً كَانَ لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً، وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئاً». أخرجه مسلم (¬3). - وجوب إبلاغ العلم: 1 - قال الله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم/52]. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (5027). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2699). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2674).

عقوبة من كتم العلم

2 - وعن أبي بكرة رضي الله عنه -في حجة الوداع -وفيه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « ... لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ». متفق عليه (¬1). 3 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ... ». أخرجه البخاري (¬2). - عقوبة مَنْ كتم العلم: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)} [البقرة/159 - 160]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَومَ القِيَامَةِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). - عقوبة مَنْ طلب العلم لغير الله: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « .. إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (67) واللفظ له، ومسلم برقم (1679). (¬2) أخرجه البخاري برقم (3461). (¬3) حسن صحيح / أخرجه أبوداود برقم (3658) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2649). (¬4) أخرجه مسلم برقم (1905).

عقوبة الكذب على الله ورسوله

- عقوبة الكذب على الله ورسوله: 1 - قال الله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)} [الأنعام/144]. 2 - وقال الله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)} [النحل/ 116 - 117]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». متفق عليه (¬1). - فضل من عَلِم وعَلَّم: 1 - قال الله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)} ... [آل عمران/79]. 2 - وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضاً، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الكَلأَ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ المَاءَ فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا، وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْساً وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ». متفق عليه (¬2). 3 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَينِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهِا وَيُعَلِّمُهَا» متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (110)، ومسلم برقم (3) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (79) واللفظ له، ومسلم برقم (2282). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (73) واللفظ له، ومسلم برقم (816).

رفع العلم وكيف يقبض

- رفع العلم وكيف يُقبض: 1 - عن أنس رضي الله عنه قال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحدثكم أحد بعدي سمعه منه: «إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَفْشُوَ الزِّنَى، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَذْهَبَ الرِّجَاُل، وَتَبْقَى النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ اللهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوساً جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا». متفق عليه (¬2). - فضل الفقه في الدين: 1 - عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَاللهُ المعْطِي، وَأَنَا القَاسِمُ، وَلا تَزَالُ هَذِهِ الأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». متفق عليه (¬3). 2 - وعن عثمان رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». أخرجه البخاري (¬4). - فضل مجالس الذكر: في الدنيا روضتان من رياض الجنة: إحداهما ثابتة، والأخرى متجددة في الزمان والمكان. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (81)، ومسلم برقم (2671) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (100) واللفظ له، ومسلم برقم (2673). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3116) واللفظ له، ومسلم برقم (1037). (¬4) أخرجه البخاري برقم (5027).

1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الجَنَّةِ فَارْتَعُوا» قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الجَنَّةِ؟ قال: «حِلَقُ الذِّكْر». أخرجه أحمد والترمذي (¬2). 3 - وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنهما شهدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا حَفَّتْهُمُ الملائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ». أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1196)، ومسلم برقم (1391). (¬2) حسن / أخرجه أحمد برقم (12551)، وأخرجه الترمذي برقم (3510). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2700).

آداب طلب العلم

آداب طلب العلم - العلم عبادة، والعبادة لها شرطان: الإخلاص للهِ تعالى، والمتابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والعلماء ورثة الأنبياء، والعلوم أقسام: أعلاها وأشرفها وأزكاها ما جاء به الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، من العلم بالله، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، ودينه، وشرعه. قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)} [محمد/19]. - وللعلم آداب، منها ما يتعلق بالمعلم، ومنها ما يتعلق بالمتعلم، وهذه إشارة إلى بعضها.

1 - آداب المعلم

1 - آداب المعلم - التواضع وخفض الجناح: قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)} [الشعراء/215]. - التحلي بالأخلاق الحسنة: 1 - قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم/4]. 2 - وقال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف/199]. - أن يَتَخوَّل المعلم الناس بالموعظة والعلم لئلا يسأموا فينفروا: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَوَّلُنَا بِالموْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. متفق عليه (¬1). - أن يرفع صوته بالعلم، ويعيده مرتين أو ثلاثاً ليفهم عنه: 1 - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: تخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافرناها، فَأَدْرَكَنا وقد أَرْهَقَتْنا الصلاة ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: «وَيْلٌ للأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مرتين أو ثلاثاً. متفق عليه (¬2). 2 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاثاً حَتَّى تُفْهَمَ، وإذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاثاً. أخرجه البخاري (¬3). - الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى أو سمع ما يكره: عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رجل يا رسول الله، لا أكاد ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (68) واللفظ له، ومسلم برقم (2821). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (60) واللفظ له، ومسلم برقم (241). (¬3) أخرجه البخاري برقم (95).

أُدرك الصلاة مما يُطوِّل بنا فلان، فما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في موعظة أشدَّ غضباً من يومئذ، فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإنَّ فِيْهِمُ المرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الحَاجَةِ». متفق عليه (¬1). - إجابة السائل أحياناً بأكثر مما سأل: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَلْبَسُوا القُمُصَ، وَلا العَمَائِمَ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ، وَلا البَرَانِسَ، وَلا الخِفَافَ إلَّا أَحَدٌ لا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَينِ، وَلا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ الزَّعْفَرانُ وَلا الوَرْسُ» متفق عليه (¬2). - طرح المعلم المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟» فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي، قَالَ عَبْدُاللهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ». متفق عليه (¬3). - عدم ذكر المتشابه عند العامة، وأن يخص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا: 1 - عَن أَنَسِ بنِ مَالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ نَبِيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - ومعاذُ بنُ جَبَلٍ رَدِيفُهُ عَلى الرَّحْلِ، قَالَ: «يَا مُعاذُ» قالَ: لَبَّيكَ رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعاذُ» قالَ: لَبَّيكَ رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعاذُ» قالَ: لَبَّيكَ رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ، قال: «مَا مِنْ عَبِدٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إلَّا حَرَّمَهُ اللهُ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (90) واللفظ له، ومسلم برقم (466). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1542)، ومسلم برقم (1177) واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (61) واللفظ له، ومسلم برقم (2811).

عَلَى النَّارِ».قالَ: يا رَسُولَ الله، أَفَلا أُخْبِرُ بِها النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: «إذاً يَتَّكِلُوا» قَأَخْبَرَ بِها مُعاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأثُّماً. متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَو بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ. أخرجه البخاري (¬2). - ترك تغيير المنكر إذا خشي الوقوع في أشد منه: عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «يَا عَائِشَةُ لَولا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لأمَرْتُ بِالبَيْتِ فَهُدِمَ فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ، وَأَلْزَقْتُهُ بِالأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابينِ، بَاباً شَرْقِيّاً وَبَاباً غَرْبِيّاً، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إبْرَاهِيمَ». متفق عليه (¬3). - بذل العلم للرجال والنساء إذا كُنَّ على حِدَة: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم -: غَلَبَنَا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن: «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاثَةً مِنْ وَلَدِهَا إلَّا كَانَ لَهَا حِجَاباً مِنَ النَّارِ» فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: وَاثْنينِ؟ فَقَاَل: «وَاثْنَينِ». متفق عليه (¬4). - وعظ العالم الناس، وتعليمهم في الليل أو النهار، على الأرض، أو على ظهر الراحلة: 1 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فقال: «سُبْحَانَ اللهِ. مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيلَةَ مِنَ الفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ». أخرجه البخاري (¬5). 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء في آخر حياته، فلما ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (128)، ومسلم برقم (32) واللفظ له. (¬2) أخرجه البخاري برقم (120). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1586) واللفظ له، ومسلم برقم (1333). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (101) واللفظ له، ومسلم برقم (2633). (¬5) أخرجه البخاري برقم (115).

سَلَّم قام فقال: «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأرْضِ أَحَدٌ». متفق عليه (¬1). 3 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت ردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له عُفيرٌ قال: فقال: «يَا مُعَاذُ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى العِبَادِ؟ وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ؟» قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فَإنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَحَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ عَزّ وَجَلَّ أَنْ لا يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيئاً». قال قلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال «لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا». متفق عليه (¬2). - ما يقوله في ختام المجلس من الدعاء والذكر: 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: «اللهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَينَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَينَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلا تَجْعَلْ مُصِيْبَتَنَا فِي دِيْنِنَا، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لا يَرْحَمُنَا». أخرجه الترمذي (¬3). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيْهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ إلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ». أخرجه أحمد والترمذي (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (116) واللفظ له، ومسلم برقم (2537). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2856)، ومسلم برقم (30) واللفظ له. (¬3) حسن / أخرجه الترمذي برقم (3502)، انظر صحيح الجامع رقم (1268). (¬4) صحيح / أخرجه أحمد برقم (10420).

2 - آداب طالب العلم

2 - آداب طالب العلم - هيئة الجلوس لطلب العلم: 1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بَيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ... متفق عليه (¬1). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج فقام عبد الله بن حذافة فقال: مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ» ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي» فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبّاً، وَبِالإسْلامِ دِيْناً، وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نَبِيّاً فَسَكَتَ. أخرجه البخاري (¬2). - الاهتمام بحضور حلق العلم والذكر في المسجد، وأين يجلس إذا دخل والناس في الحلقة: عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذهب واحد، قال: فوقفا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهباً، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَلا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ؟: أَمَّا أَحَدُهُمْ فَآوَى إلَى اللهِ فَآوَاهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (50)، ومسلم برقم (8) واللفظ له. (¬2) أخرجه البخاري برقم (93). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (66) واللفظ له، ومسلم برقم (2176).

- الجلوس حلقاً في مجالس الذكر والعلم: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الجَنَّةِ فَارْتَعُوا» قالُوا: وَمَا رِيَاضُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: «حِلَقُ الذِّكْر». أخرجه أحمد والترمذي (¬1). - توقير العلماء والكبار: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)} [الحجرات/ 2]. 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء شيخ يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا». أخرجه الترمذي والبخاري في الأدب المفرد (¬2). - الإنصات للعلماء: عن جرير رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له في حجة الوداع: «اسْتَنْصِتِ النَّاْسَ»، فقال: «لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». متفق عليه (¬3). - إذا سمع شيئاً لم يعرفه راجع العالم حتى يعرفه: عن ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجَعَتْ فيه حتى تعرفه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ» قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت: أَوَلَيْسَ يقول الله تعالى {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} قالت: فَقَالَ: «إنَّمَا ذَلِكَ العَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ يَهْلِكْ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) حسن / أخرجه أحمد برقم (12551)، وأخرجه الترمذي برقم (3510). (¬2) صحيح /أخرجه الترمذي برقم (1919) وهذا لفظه، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (363)، وانظر السلسلة الصحيحة رقم (2196). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (121) واللفظ له، ومسلم برقم (65). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (103) واللفظ له، ومسلم برقم (2876).

- تعاهد المحفوظات من القرآن وغيره: عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تَعَاهَدُوا القُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أشَدُّ تَفَصِّياً مِنَ الإبِلِ فِي عُقُلِهَا». متفق عليه (¬1). - حضور القلب وحسن الاستماع: قال الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)} [ق/37]. - الخروج في طلب العلم، وتحمل المشقة في طلبه، والاستكثار منه، ولزوم التواضع في كل حال: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلإٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ، جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لا، فَأَوْحَى اللهُ إلَى مُوسَى: بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيْلَ إلَيْهِ، فَجَعَلَ اللهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً. وَقِيلَ لَهُ: إذَا فَقَدْتَ الحُوتَ، فَارْجِعْ فَإنَّكَ سَتَلْقَاهُ، وَكَان يَتَّبِعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إذْ أَوَيْنَا إلَى الصَّخْرَةِ فَإنِّي نَسِيْتُ الحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيْهُ إلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَه، قَالَ: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا خَضِراً فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ». متفق عليه (¬2). - الحرص على تحصيل العلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قيل يا رسول الله: مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَومَ القِيَامَةِ؟ قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَاهُرَيرةَ أَنْ لا يَسْأَلَنِي ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5033) واللفظ له، ومسلم برقم (791). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (74) واللفظ له، ومسلم برقم (2380).

عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَومَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ خَالِصاً مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ». أخرجه البخاري (¬1). - كتابة العلم: 1 - عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ؟ قَالَ: لا، إلَّا كِتَابُ اللهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيْفَةِ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: العَقْلُ، وَفَكاكُ الأَسيرِ، وَلا يُقْتَلُ مسْلِمٌ بِكَافِرٍ. أخرجه البخاري (¬2). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثاً عَنْهُ مِنِّي إلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِاللهِ بنِ عَمْرو، فَإنَّه كَانَ يَكْتُبُ وَلا أَكْتُبُ. أخرجه البخاري (¬3). - إذا استحيا من السؤال أمر غيره أن يسأل: عن علي رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً، وَكُنْتُ أَسْتَحِيي أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَأَمْرتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ». متفق عليه (¬4). - اغتنام فرصة وجود العالم بسؤاله: عن ابن عباس رضي الله عنه قَالَ: قال: رفعت امرأة صبيا لها. فقالت: يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: «نعم. ولك أجر». أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (99). (¬2) أخرجه البخاري برقم (111). (¬3) أخرجه البخاري برقم (113). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (269)، ومسلم برقم (303) واللفظ له. (¬5) أخرجه مسلم برقم (1336) ..

- الدنو من الإمام عند الموعظة: عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «احْضُرُوا الذِّكْرَ، وَادْنُوا مِنَ الإمَامِ، فَإنَّ الرَّجُلَ لا يَزَالُ يَتَبَاعَدُ حَتَّى يُؤَخَّرَ فِي الجَنَّةِ وَإنْ دَخَلَهَا». أخرجه أبو داود (¬1). - التأدب بآداب المجلس المشروعة، ومنها: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)} [المجادلة/11]. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَقْعَدِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيْهِ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا». متفق عليه (¬2). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ». أخرجه مسلم (¬3). 4 - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كُنَّا إذَا أَتَيْنَا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي. أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). 5 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يُجْلَسْ بَيْنَ رَجُلَينِ إلَّا بِإذْنِهِمَا». أخرجه أبو داود (¬5). 6 - وعن الشريد بن سويد رضي الله عنه قال: مَرّ بِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا جَالِسٌ هَكَذَا، وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِيَ اليُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي وَاتَّكَأْتُ عَلَى أَلْيَةِ يَدِي، فَقَالَ: ¬

(¬1) حسن/ أخرجه أبوداود برقم (1108). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6270)، ومسلم برقم (2177) واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم برقم (2179). (¬4) صحيح / أخرجه أبوداود برقم (4825)، وأخرجه الترمذي برقم (2725). (¬5) حسن / أخرجه أبوداود برقم (4844).

«أَتَقْعُدُ قِعْدَةَ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬1). 7 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فَلا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا فَإنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ» متفق عليه (¬2). - مشاورة العلماء في أمور الدين والدنيا: 1 - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء رَجُلٌ إلى اِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: «أحَيٌّ وَالِدَاكْ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ». متفق عليه (¬3). 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا». فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) صحيح / أخرجه أحمد برقم (19683)، وأخرجه أبوداود برقم (4848). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6290)، ومسلم برقم (2184) واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3004)، واللفظ له، ومسلم برقم (2549). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2772)، واللفظ له، ومسلم برقم (1632).

الباب الثاني فقه القرآن والسنة

الباب الثاني فقه القرآن والسنة ويشتمل على ما يلي: 1 - كتاب الفضائل 2 - كتاب الأخلاق 3 - كتاب الآداب 4 - كتاب الأذكار 5 - كتاب الأدعية

1 - كتاب الفضائل

1 - كتاب الفضائل ويشتمل على ما يلي: 1 - فضائل التوحيد 2 - فضائل الإيمان 3 - فضائل العبادات: وتشمل: 1 - فضائل الوضوء 2 - فضائل الأذان 3 - فضائل الصلاة 4 - فضائل الزكاة 5 - فضائل الصيام 6 - فضائل الحج والعمرة 7 - فضائل الجهاد 8 - فضائل الذكر 9 - فضائل الدعاء 4 - فضائل المعاملات 5 - فضائل المعاشرات 6 - فضائل الأخلاق 7 - فضائل القرآن الكريم 8 - فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - 9 - فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -

كتاب الفضائل · أوردت في هذا الكتاب بعض الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة الواردة في فضائل الأعمال التي تُقرب إلى الله، وتكون سبباً للرغبة في العمل، وإحسانه، والحرص عليه، والإكثار منه، والتنافس فيه، والتلذذ به. فَذِكْرُ كل عمل مع بيان فضيلته يُولِّد في النفس الرغبة والشوق للعمل، ويبعث النشاط في الروح والبدن، ويطرد العجز والكسل، ويحرك الجوارح للطاعة والعبادة. قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)} [البقرة/ 25]. · فضل الإخلاص وحسن النية: 1 - قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة/5]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)} [فصلت/30 - 32]. 3 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6689) واللفظ له، ومسلم برقم (1907).

4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله لا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ». أخرجه مسلم (¬1). · فضل مَنْ هَمَّ بحسنة: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى، قال: «إنَّ الله كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً وَإنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله سَيِّئَةً وَاحِدَةً». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2564). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6491)، ومسلم برقم (131) واللفظ له.

1 - فضائل التوحيد

1 - فضائل التوحيد 1 - قال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)} [الأنبياء/83 - 84]. 2 - قال الله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء/87 - 88]. 3 - قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)} [فصلت/30 - 32]. 4 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ أَدْخَلَهُ الله الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ». متفق عليه (¬1). 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: َ قُلْتُ يَا رَسُولَ الله: مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا الله خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ». أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3435)، واللفظ له، ومسلم برقم (28). (¬2) أخرجه البخاري برقم (6570).

2 - فضائل الإيمان

2 - فضائل الإيمان 1 - قال الله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} ... [الحديد/21]. 2 - وقال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} [التوبة/72]. 3 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)} [الكهف/107]. 4 - وقال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)} [الأنعام/82]. 5 - وقال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)} [التغابن/11]. 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إيْمَانٌ بِالله وَرَسُولِهِ» قِيْلَ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌ مَبْرُورٌ». متفق عليه (¬1). 7 - وعن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّه لا إلَهَ إلَّا الله دَخَلَ الجَنَّةَ». أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (26) واللفظ له، ومسلم برقم (83). (¬2) أخرجه مسلم برقم (26).

3 - فضائل العبادات

3 - فضائل العبادات 1 - فضائل الوضوء - فضل الوضوء: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ». أخرجه مسلم (¬1). - فضل التيمُّن في الوضوء وغيره: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ. متفق عليه (¬2). - فضل الصلاة بعد الوضوء: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَينِ مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إلَّا وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ». أخرجه مسلم (¬3). - فضل الذكر بعد الوضوء: عن عمررضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ (أَوْ فَيُسْبِغُ) الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّ مَحمَّدًا عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (245). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (168) واللفظ له، ومسلم برقم (268). (¬3) أخرجه مسلم برقم (234). (¬4) أخرجه مسلم برقم (234).

2 - فضائل الأذان

2 - فضائل الأذان - فضل الأذان: 1 - عن عبد الله بن عبد الرحمن أن أبا سعيد الخدري قال له: إنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ، فَإذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ لِلصَّلاةِ فَارْفَعْ صَوتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإنَّهُ «لا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلا إنْسٌ وَلا شَيْءٌ إلا شَهِدَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا .. ». متفق عليه (¬2). 3 - وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقاً يَومَ القِيَامَةِ». أخرجه مسلم (¬3). - فضل إجابة المؤذن: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا الله لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (609). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (615) واللفظ له، ومسلم برقم (437). (¬3) أخرجه مسلم برقم (387). (¬4) أخرجه مسلم برقم (384).

3 - فضائل الصلاة

3 - فضائل الصلاة - فضل المشي إلى الصلاة، وصلاة الجماعة في المسجد: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صَلاةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلاتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْساً وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإنَّ أَحَدَكُمْ إذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وَأَتَى المَسْجِدَ لا يُرِيدُ إلَّا الصَّلاةَ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إلَّا رَفَعَهُ الله بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، وَإذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كَانَ فِي صَلاةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّي عَلَيْهِ الملائِكَةُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيْهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». متفق عليه (¬2). - فضل من غدا إلى المسجد وراح: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ الله لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ». متفق عليه (¬3). - فضل إتيان الصلاة بوقار وسكينة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا ثُوِّبَ لِلصَّلاةِ فَلا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَونَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِيْنَةَ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا، فَإنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلاةِ فَهُوَ فِي صَلاةٍ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (477) واللفظ له، ومسلم برقم (649). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (645) واللفظ له، ومسلم برقم (650). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (662) واللفظ له، ومسلم برقم (669). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (636)، ومسلم برقم (602) واللفظ له.

- فضل التأمين: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ، وَقَالَتِ الملائِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمينَ، فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (¬1). - فضل الصلاة على وقتها: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللهِ؟ قَالَ: «الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا» قَالَ ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «بِرُّ الوَالِدَينِ» قَالَ ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيْلِ اللهِ» قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولَوِ اسْتَزَدْتُّهُ لَزَادَنِي. متفق عليه (¬2). - فضل صلاة الفجر والعصر: 1 - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ». متفق عليه (¬3). 2 - وعن أبي بَصرة رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر بالمخمَّص فقال: «إنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوها، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ .. ». أخرجه مسلم (¬4). - فضل صلاة العشاء والصبح: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (781) واللفظ له، ومسلم برقم (410). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (527) واللفظ له، ومسلم برقم (85). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (574) واللفظ له، ومسلم برقم (635). (¬4) أخرجه مسلم برقم (830).

فَكَأَنَّمَا صَلَّى الَّليلَ كُلَّهُ». أخرجه مسلم (¬1). - فضل انتظار الصلاة بعد الصلاة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهَ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: «إسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إلَى المسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ». أخرجه مسلم (¬2). - فضل الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح: عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: نَعَمْ كَثِيراً، كَانَ لا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوِ الغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ. أخرجه مسلم (¬3). - فضل يوم الجمعة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَومُ الجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا فِي يَومِ الجُمُعَةِ». أخرجه مسلم (¬4). - فضل من اغتسل واستمع لخطبة الجمعة وصلى: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ اغْتَسَلَ، ثُمَّ أَتَى الجُمُعَةَ، فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى وَفَضْلُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ». أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (656). (¬2) أخرجه مسلم برقم (251). (¬3) أخرجه مسلم برقم (670). (¬4) أخرجه مسلم برقم (854). (¬5) أخرجه مسلم برقم (857).

- فضل الساعة التي في يوم الجمعة وهي بعد العصر: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوم الجمعة فقال: «فِيْهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي، يَسْأَلُ الله شَيْئاً إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ» زاد قتيبة في روايته: وأشار بيده يقللها. متفق عليه (¬1). - فضل السنن الراتبة: عن أم حبيبة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَومٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعاً غَيْرَ فَرِيضَةٍ إلَّا بَنَى الله لَه بَيْتاً فِي الجَنَّةِ، أَوْ إلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ» قالت أم حبيبة: فما بَرِحْتُ أُصَلِّيهنَّ بَعْدُ. أخرجه مسلم (¬2). - فضل قيام الليل: 1 - قال الله تعالى في صفة المؤمنين: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} [السجدة/16 - 17]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ الله المُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ». أخرجه مسلم (¬3). - فضل الوتر آخر الليل: عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوْتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوْتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ؛ فَإنَّ صَلاةَ آخِرِ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (935)، ومسلم برقم (852) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (728). (¬3) أخرجه مسلم برقم (1163).

اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ». أخرجه مسلم (¬1). - فضل الصلاة والدعاء آخر الليل: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ». متفق عليه (¬2). - فضل الدعاء في الليل: عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ فِي اللَّيلِ لَسَاعَةً، لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ الله خَيراً مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ». أخرجه مسلم (¬3). - فضل صلاة الضحى، وأفضل وقتها: 1 - عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى». أخرجه مسلم (¬4). 2 - وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صَلاةُ الأَوَّابِينَ حِيْنَ تَرْمَضُ الفِصَالُ». أخرجه مسلم (¬5). - فضل كثرة السجود: 1 - عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (755). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1145) واللفظ له، ومسلم برقم (758). (¬3) أخرجه مسلم برقم (757). (¬4) أخرجه مسلم برقم (720). (¬5) أخرجه مسلم برقم (748).

فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: «سَلْ» فَقُلْتُ أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ قَالَ: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ» قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن ثوبان رَضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ للهِ، فَإنَّكَ لا تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إلا رَفَعَكَ الله بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً». أخرجه مسلم (¬2). - فضل صلاة النوافل في البيت: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « ... فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلاةِ فِي بُيُوتِكُمْ فَإنَّ خَيْرَ صَلاةِ المرءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الصَّلاةَ المكْتُوبَةَ». متفق عليه (¬3). - فضل أداء الفرائض والنوافل: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيهِ. وَمَا زَالَ عَبْدِي يَتَقَّرَبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أَحْبَبْتُهُ، فَكُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المؤمِنِ يَكْرَهُ الموتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ». أخرجه البخاري (¬4). - فضل الأذكار بعد السلام من الصلاة المكتوبة: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَبَّحَ الله فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (489). (¬2) أخرجه مسلم برقم (488). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (731)، ومسلم برقم (781) واللفظ له. (¬4) أخرجه البخاري برقم (6502).

ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَحَمِدَ الله ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَكَبَّرَ الله ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ المِائَةِ: لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ». أخرجه مسلم (¬1). - فضل الصلاة على الجنازة واتباعها: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَينِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ». متفق عليه (¬2). - فضل من صلى عليه المسلمون: 1 - عن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ المسْلِمينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَه إلا شُفِّعُوا فِيهِ». أخرجه مسلم (¬3). 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً، لا يُشْركُونَ بِالله شَيئاً إلَّا شَفَّعَهُمُ الله فِيهِ». أخرجه مسلم (¬4). - فضل من مات صفيُّه واحتسبه عند الله عز وجل: عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَقُولُ الله تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إلَّا الجَنَّةَ». أخرجه البخاري (¬5). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (597). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (47) واللفظ له، ومسلم برقم (945). (¬3) أخرجه مسلم برقم (947). (¬4) أخرجه مسلم برقم (948). (¬5) أخرجه البخاري برقم (6424).

- فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ، وَصَلاةٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ». أخرجه أحمد وابن ماجه (¬2). - فضل الصلاة في بيت المقدس: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: تَذاكَرْنا ونحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيُّهما أفضل: مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أم مسجد بيت المقدس؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذا أفْضَلُ مِنْ أرْبَعِ صَلَواتٍ فِيهِ وَلَنِعْمَ المُصَلَّى .. ». أخرجه الحاكم (¬3). - فضل الصلاة في مسجد قباء: عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ، فَصَلَّى فِيهِ صَلاةً، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ». أخرجه النسائي وابن ماجه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1190) واللفظ له، ومسلم برقم (1394). (¬2) صحيح / أخرجه أحمد برقم (14750)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1406) وهذا لفظه. (¬3) صحيح /أخرجه الحاكم برقم (8553) انظر السلسلة الصحيحة رقم (2902). (¬4) صحيح / أخرجه النسائي برقم (699)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1412) وهذا لفظه.

4 - فضائل الزكاة

4 - فضائل الزكاة - فضل أداء الزكاة: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)} [البقرة/277]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)} ... [الروم/39]. 3 - وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة/274]. 4 - وقال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)} [التوبة/103]. 5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابياً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: دُلَّني على عمل إذا عملتُه دخلتُ الجنة. قال: «تَعْبُدُ الله لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا، فلما ولَّى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إلَى هَذَا». متفق عليه (¬1). - فضل الصدقة من الكسب الطيب: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلا يَقْبَلُ الله إلَّا الطَّيِّبَ، وَإنَّ الله يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1397) واللفظ له، ومسلم برقم (14). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410) واللفظ له، ومسلم برقم (1014).

5 - فضائل الصيام

5 - فضائل الصيام - فضل شهر رمضان: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا دَخَلَ شهر رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». وفي رواية: «فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ». متفق عليه (¬1). - فضل الصيام: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «قَالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصِّيَامَ فَإنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ، فَإنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». متفق عليه (¬2). - فضل أهل الصيام: عن سهل رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لا يَدْخُلُهُ إلا الصَّائِمُونَ». متفق عليه (¬3). - فضل من صام رمضان إيماناً واحتساباً: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَام رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1899) و (1898) واللفظ له، ومسلم برقم (1079). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1904) واللفظ له، ومسلم برقم (1151). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3257) واللفظ له، ومسلم برقم (1152). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (38) واللفظ له، ومسلم برقم (760).

- فضل من قام رمضان إيماناً واحتساباً: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (¬1). - فضل من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (¬2). - فضل من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». أخرجه مسلم (¬3). - فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما -وفيه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «وصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (37) واللفظ له، ومسلم برقم (759). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1901) واللفظ له، ومسلم برقم (760). (¬3) أخرجه مسلم برقم (1164). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1976) واللفظ له، ومسلم برقم (1159).

6 - فضائل الحج والعمرة

6 - فضائل الحج والعمرة - فضل عشر ذي الحجة: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي هَذِهِ» قَالُوا: وَلا الجِهَادُ؟ قال: «وَلا الجِهَادُ إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ». أخرجه البخاري (¬1). - فضل الحج المبرور: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حَجَّ للهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». متفق عليه (¬2). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئِلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إيمَانٌ بِالله وَرَسُولِهِ» قِيلَ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ» قيل ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ». متفق عليه (¬3). - أفضل جهاد النساء: عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: يَا رَسُولَ الله نَرَى الجِهَادَ أَفْضَلُ العَمَلِ، قَالَ: «لَكُنَّ أَفْضَلُ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ». أخرجه البخاري (¬4). - فضل العمرة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العُمْرَةُ إلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لما بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلا الجَنَّةُ». متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (969). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1521) واللفظ له، ومسلم برقم (1350). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1519) واللفظ له، ومسلم برقم (83). (¬4) أخرجه البخاري برقم (1520). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1773) واللفظ له، ومسلم برقم (1349).

7 - فضائل الجهاد في سبيل الله

7 - فضائل الجهاد في سبيل الله - فضل الجهاد في سبيل الله: قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)} [التوبة/111]. - فضل الغدوة والروحة في سبيل الله: 1 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيِا وَمَا فِيهَا». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «غَدْوَةٌ فِي سَبِيْلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مما طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ». أخرجه مسلم (¬2). - فضل من خرج إلى الجهاد في سبيل الله ثم مات أو قُتل: 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)} [النساء/100]. 2 - وقال الله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)} [آل عمران/157 - 158]. - فضل من أراد الجهاد فحبسه مرض أو عذر: عن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزاة فقال: «إنَّ أَقْوَاماً بِالمدينَةِ خَلْفَنَا مَا سَلَكْنَا شِعْباً وَلا وَادِياً إلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ». أخرجه البخاري (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2792) واللفظ له، ومسلم برقم (1880). (¬2) أخرجه مسلم برقم (1883). (¬3) أخرجه البخاري برقم (2839).

- فضل من جهز غازياً في سبيل الله: عن زيد بن خالد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ جَهَّزَ غَازِياً فِي سَبِيلِ الله فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِياً فِي سَبِيلِ الله بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا». متفق عليه (¬1). - فضل من بذل نفسه وماله في سبيل الله: 1 - قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121)} [التوبة/120 - 121]. 2 - وعن أبي عبس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ الله حَرَّمَهُ الله عَلَى النَّارِ». أخرجه البخاري (¬2). - فضل النفقة في سبيل الله: 1 - قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} [البقرة/ 261]. 2 - وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَكَ بِهَا يَومَ القِيَامَةِ سَبْعُمِائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ». أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2843) واللفظ له، ومسلم برقم (1895). (¬2) أخرجه البخاري برقم (907). (¬3) أخرجه مسلم برقم (1892).

- فضل من قُتل في سبيل الله: 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} [آل عمران/169 - 171]. 2 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أَرَأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ الله أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «نَعَمْ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ إلَّا الدَّيْنَ، فَإنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ لي ذَلِكَ». أخرجه مسلم (¬1). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1885).

8 - فضائل الذكر

8 - فضائل الذكر - فضل الذكر: 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)} [الرعد/28]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَقُولُ الله تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إذَا ذَكَرَنِي، فَإنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُه فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيهِ ذِرَاعاً، وَإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إلَيهِ بَاعاً، وَإنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». متفق عليه (¬1). 3 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ». أخرجه البخاري (¬2). - فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة، وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات: عن حنظلة الأسيدي رضي الله عنه -وفيه-: فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا ذَاكَ؟»، قلت يا رسول الله نكون عندك تُذَكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عَافَسْنا الأزواج والأولاد والضَّيْعات فنسينا كثيراً. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إَنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الملائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثلاث مرات. أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7405) واللفظ له، ومسلم برقم (2675). (¬2) أخرجه البخاري برقم (6407). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2750).

9 - فضائل الدعاء

9 - فضائل الدعاء - فضل الدعاء: 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} [البقرة/186]. 2 - وقال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [غافر/60]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إذَا دَعَانِي». متفق عليه (¬1). - فضل الدعاء بمغفرة الذنوب والثبات والنصر على الأعداء: 1 - قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)} [آل عمران/147 - 148]. 2 - وعن طارق بن أشيم رضي الله عنه أنه سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي قَالَ: «قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي» وَيَجْمَعُ أَصَابِعَهُ إِلَّا الْإِبْهَامَ «فَإِنَّ هَؤُلَاءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ». أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7405)، ومسلم برقم (2675) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2697).

4 - فضائل المعاملات

4 - فضائل المعاملات - فضل الدعوة إلى الله: 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} [فصلت/33]. 2 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم خيبر: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلَى الإسْلامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ الله فِيهِ، فَوَالله لأَنْ يَهْدِيَ الله بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». متفق عليه (¬1). - فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 1 - قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران/104]. 2 - وقال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران/110]. 3 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ». أخرجه مسلم (¬2). - فضل النصيحة: عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ: «للهِ، وَلِكِتَابِه، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ المسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2942)، ومسلم برقم (2406) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (49). (¬3) أخرجه مسلم برقم (55).

- فضل التواصي بالحق: 1 - قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر/1 - 3]. 2 - وقال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} [التوبة/71]. - فضل مَنْ سَنَّ في الإسلام سنة حسنة: عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « .. مَنْ سَنَّ فِي الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ». أخرجه مسلم (¬1). - فضل الإصلاح بين الناس: 1 - قال الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)} [النساء/114]. 2 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ؟» قَالُوا بَلَى، قَالَ: «إصْلاحُ ذَاتِ البَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ البَيْنِ الحَالِقَةُ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). - فضل تعاون المؤمنين: 1 - قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة/2]. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1017). (¬2) صحيح / أخرجه أبو داود برقم (4919) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2509).

2 - وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ المؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً» وشبك - صلى الله عليه وسلم - أصابعه. متفق عليه (¬1). - فضل مواساة المؤمنين بعضهم بعضاً: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ الله عَلَيهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً، سَتَرَهُ الله فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَالله فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيْهِ ... ». أخرجه مسلم (¬2). - فضل عيادة المريض: عن ثوبان رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الجَنَّةِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ الله وَمَا خُرْفَةُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: «جَنَاهَا».أخرجه مسلم (¬3). - فضل الصدقة: قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18)} [الحديد/18]. - فضل السماحة في البيع والشراء والاقتضاء: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رَحِمَ الله رَجُلاً سَمْحاً إذَا بَاعَ، وَإذَا اشْتَرَى، وَإذَا اقْتَضَى». أخرجه البخاري (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (481)، واللفظ له، ومسلم برقم (2585). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2699). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2568). (¬4) أخرجه البخاري برقم (2076).

- فضل الجهاد والهجرة والنصرة في سبيل الله عزوجل: 1 - قال الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96)} [النساء/95 - 96]. 2 - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)} ... [الأنفال/74]. - فضل الزيارة في الله: 1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أنَّ رَجُلاً زَارَ أخاً لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأرْصَدَ الله لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أتَى عَلَيْهِ قال: أيْنَ تُرِيدُ؟ قال: أرِيدُ أخاً لِي فِي هَذِهِ القَرْيَةِ، قال: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قال: لا، غَيْرَ أنِّي أحْبَبْتُهُ فِي الله عَزَّ وَجَلَّ، قال: فَإنِّي رَسُولُ الله إلَيْكَ بِأنَّ الله قَدْ أحَبَّكَ كَمَا أحْبَبْتَهُ فِيهِ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قَالَ الله تَبارَكَ وَتَعالَى: وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحابِّينَ فِيَّ، وَالمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ». أخرجه مالك وأحمد (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2567). (¬2) صحيح / أخرجه مالك برقم (1779) وهذا لفظه، وأخرجه أحمد برقم (22380).

5 - فضائل المعاشرات

5 - فضائل المعاشرات - فضل بر الوالدين: 1 - قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)} [الإسراء/23 - 25]. 2 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللهِ؟ قَالَ: «الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا» قَال: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «بِرُّ الوَالِدَينِ» قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ». متفق عليه (¬1). - فضل حسن صحبة الوالدين: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ «ثُمَّ أَبُوكَ». متفق عليه (¬2). - فضل صلة الرحم: 1 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». متفق عليه (¬3). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَقَالَ اللهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (527) واللفظ له، ومسلم برقم (85). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5971) واللفظ له، ومسلم برقم (2548). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5986)، واللفظ له، ومسلم برقم (2557). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5988) واللفظ له, ومسلم برقم (2554).

3 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيْسَ الوَاصِلُ بالمكَافِئِ وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا». أخرجه البخاري (¬1). - فضل حسن معاشرة الأولاد وتربيتهم: 1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ: «مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيئاً، فَأَحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْراً مِنَ النَّارِ». متفق عليه (¬2). 2 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذني فَيُقْعِدُني على فَخذه، ويُقعد الحسن على فخذه الآخر ثم يضمهما، ثم يقول: «اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإنِّي أَرْحَمُهُمَا». أخرجه البخاري (¬3). - فضل من يعول يتيماً: عن سهل رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا» وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئاً. متفق عليه (¬4). - فضل صلة أصدقاء الوالدين: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ مِنْ أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْد أَنْ يُوَلِّي». أخرجه مسلم (¬5). - فضل السعي على الأرملة والمسكين: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ ¬

(¬1) أخرجه البخاري رقم (5991). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5995)، واللفظ له، ومسلم برقم (2629). (¬3) أخرجه البخاري برقم (6003). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5304) واللفظ له، ومسلم برقم (2983). (¬5) أخرجه مسلم برقم (2552).

وَالمِسْكِينِ كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ». متفق عليه (¬1). - فضل تربية البنات: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ» وَضَمَّ أَصَابِعَهُ. أخرجه مسلم (¬2). - فضل صلة الجار: 1 - قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء/36]. 2 - وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوْصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». متفق عليه (¬3). 3 - وعن أبي شريح رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وَالله لا يُؤْمِنُ، وَالله لا يُؤْمِنُ، وَالله لا يُؤْمِنُ» قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ». أخرجه البخاري (¬4). 4 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ، أَوْ قَاَل لِجَارِهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». متفق عليه (¬5). - فضل رحمة الناس: عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5353) واللفظ له، ومسلم برقم (2982). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2631). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6014) واللفظ له، ومسلم برقم (2624). (¬4) أخرجه البخاري برقم (6016). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (13)، ومسلم برقم (45) واللفظ له.

يَرْحَمُ النَّاسَ». متفق عليه (¬1). - فضل بر الأقارب المشركين إذا لم يحصل منهم أذى للمسلمين: 1 - قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة/8]. 2 - وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قَدِمَتْ عَليَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ: إنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: «نَعْم، صِلِي أُمَّكِ». متفق عليه (¬2). - فضل رحمة المؤمنين والعطف عليهم: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَرَى المؤْمِنِينَ فَي تَرَاحُمِهِمْ، وَتَوَادِّهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الجَسَدِ إذَا اشْتَكَى عُضْواً تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى». متفق عليه (¬3). - فضل حسن الخلق والعشرة مع النساء والخدم: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسْتَوصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإنَّ المرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ، فَإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوصُوا بِالنِّسَاءِ». متفق عليه (¬4). 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ، وَلا لِمَ صَنَعْتَ؟ وَلا أَلا صَنَعْتَ. متفق عليه (¬5). - فضل حسن الولاية وحسن المعاشرة: 1 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كُلُّكُمْ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7376) واللفظ له، ومسلم برقم (2319). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2620) واللفظ له، ومسلم برقم (1003). (¬3) متفق عليه, أخرجه البخاري برقم (6011) واللفظ له, ومسلم برقم (2586). (¬4) متفق عليه, أخرجه البخاري برقم (3331) واللفظ له, ومسلم برقم (1468). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6038) واللفظ له، ومسلم برقم (2309).

رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ: الإمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمرأةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ الله رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلَّا حَرَّمَ الله عَلَيْهِ الجَنَّةَ». متفق عليه (¬2). - فضل حسن معاشرة المسلم، وقضاء حاجته، وتفريج كربته، وستر زلته: 1 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ الله فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ». متفق عليه (¬3). 2 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل على راحلة له، قال: فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ» قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حَقَّ لأحد منا في فضْل. أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه, أخرجه البخاري برقم (893) واللفظ له, ومسلم برقم (1829). (¬2) متفق عليه, أخرجه البخاري برقم (7150) , ومسلم برقم (142) واللفظ له. (¬3) متفق عليه, أخرجه البخاري برقم (2442) , ومسلم برقم (2580) واللفظ له. (¬4) أخرجه مسلم برقم (1728).

6 - فضائل الأخلاق

6 - فضائل الأخلاق - فضل حسن الخلق: 1 - قال الله تعالى مثنياً على رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم/4]. 2 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشاً، ولا متفحشاً، وكان يقول: «إنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاقاً». متفق عليه (¬1). - فضل العلم: 1 - قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)} [المجادلة/11]. 2 - وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ، وَالله يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ الله لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ». متفق عليه (¬2). - فضل الصبر: حث الإسلام على الصبر بأنواعه الثلاثة: 1 - الصبر على طاعة الله عز وجل حتى يؤديها. 2 - الصبر عن معصية الله حتى لا يقارفها. 3 - الصبر على أقدار الله المؤلمة. 1 - قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة/ 155 - 157]. 2 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه -وفيه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « ... ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3559) واللفظ له، ومسلم برقم (2321). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (71) واللفظ له، ومسلم برقم (1037).

وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيراً وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ». متفق عليه (¬1). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ». متفق عليه (¬2). 4 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الله قَالَ: إذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيْبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ». يُرِيدُ عَيْنَيْهِ. أخرجه البخاري (¬3). - فضل الصدق: 1 - قال الله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)} [المائدة/119]. 2 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلَى البِرِّ، وَإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلَى الجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله صِدِّيقاً، وَإيَّاكُمْ وَالكَذِبَ، فَإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلَى الفُجُورِ، وَإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذَّاباً». متفق عليه (¬4). - فضل الاستغفار والتوبة: 1 - قال الله تعالى: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)} [هود/52]. 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الله أَفْرَحُ بِتَوبَةِ عَبْدِهِ مِنْ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1469) واللفظ له، ومسلم برقم (1053). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6114) واللفظ له، ومسلم برقم (2609). (¬3) أخرجه البخاري برقم (5653). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6094)، ومسلم برقم (2607)، واللفظ له.

أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلاةٍ». متفق عليه (¬1). - فضل التقوى: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)} [الأنفال/29]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} [الحجرات/13]. - فضل اليقين والتوكل: 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)} [آل عمران/173 - 174]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [الطلاق/2 - 3]. 3 - وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ.». قال: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». أخرجه البخاري (¬2). - فضل المجاهدة: 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت/69]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6309) واللفظ له، ومسلم برقم (2747). (¬2) أخرجه البخاري برقم (6306).

2 - وعن زياد قال: سمعت المغيرة رضي الله عنه يقول: إنْ كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيَقُومُ أَو لَيُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ أَوْ سَاقَاهُ: فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: «أَفَلا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً». متفق عليه (¬1). - فضل خوف الله: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)} [آل عمران/175]. 2 - وقال الله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)} [الرحمن/46]. - فضل الرجاء: 1 - قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر/53]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ الله بِكُمْ، وَلجَاءَ بَقَومٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ الله فَيَغْفِرُ لَهُمْ». أخرجه مسلم (¬2). - فضل الرحمة: 1 - قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح/29]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1130) واللفظ له، ومسلم برقم (2819). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2749). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5997) واللفظ له، ومسلم برقم (2318).

- فضل سعة رحمة الله: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَمَّا قَضَى الله الخَلْقَ، كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوقَ العَرْشِ، إنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ للهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ، أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الجِنِّ وَالإنْسِ وَالبَهَائِمِ وَالهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ الله تِسْعاً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» متفق عليه (¬2). - فضل العفو والصفح والحلم: 1 - قال الله تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)} [النور/22]. 2 - وقال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف/ 199]. 3 - وقال الله تعالى: {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)} [الحجر/ 85]. 4 - وقال الله تعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)} [التغابن/14]. - فضل الرفق: 1 - عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَا عَائِشَةُ إنَّ الله رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لا يُعْطِي عَلَى العُنْفِ، وَمَا لا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ» متفق عليه (¬3). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إلَّا شَانَهُ». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3194) واللفظ له، ومسلم برقم (2751). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6000)، ومسلم برقم (2752)، واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6927)، ومسلم برقم (2593) واللفظ له. (¬4) أخرجه مسلم برقم (2594).

- فضل الحياء: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ» متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». أخرجه البخاري (¬2). - فضل الصمت وحفظ اللسان إلا من خير: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ». متفق عليه (¬3). 2 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله: أَيُّ الإسْلامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» متفق عليه (¬4). - فضل الاستقامة على أوامر الله: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)} [فصلت/30 - 32]. 2 - وعن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال: قُلتُ يَا رَسُولَ الله: قُلْ لِي فِي الإسْلامِ قَولاً لا أَسْألُ عَنْهُ أَحَداً بَعْدَكَ قَالَ: «قُلْ آمَنْتُ بِالله فَاسْتَقِمْ». أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (9) واللفظ له، ومسلم برقم (35). (¬2) أخرجه البخاري برقم (3484). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6475) واللفظ له، ومسلم برقم (47). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (11) واللفظ له، ومسلم برقم (42). (¬5) أخرجه مسلم برقم (38).

- فضل الورع: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وَإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوْشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلا وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً، أَلا وَإنَّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ، أَلا وَإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ القَلْبُ» متفق عليه (¬1). - فضل الإحسان: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (44)} [المرسلات/41 - 44]. 2 - وقال الله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)} [البقرة/112]. 3 - وقال الله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} [البقرة/ 195]. - فضل الحب في الله: 1 - عن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإيمَانِ: أَنْ يَكُونَ الله وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» متفق عليه (¬2). 2 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» متفق عليه (¬3). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله يَقُولُ يَومَ القِيَامَةِ: ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (52)، ومسلم برقم (1599) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (16)، واللفظ له، ومسلم برقم (43). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (13) واللفظ له، ومسلم برقم (45).

أَيْنَ المُتَحَابُّونَ بِجَلالِي، اليَومَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي». أخرجه مسلم (¬1). - فضل البكاء من خشية الله: 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)} [المائدة 83 - 85]. 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أصحابه شيء فخطب فقال: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَو تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً». قَالَ: فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَومٌ أَشَدُّ مِنْهُ، قَالَ: غَطَّوا رُؤُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ. متفق عليه (¬2). 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ، عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ». أخرجه الترمذي (¬3). - فضل طيب الكلام وطلاقة الوجه: 1 - قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران/159]. 2 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئاً وَلَو أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2566). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4621)، ومسلم برقم (2359) واللفظ له. (¬3) صحيح / أخرجه الترمذي برقم (1639). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2626).

- فضل الزهد في الدنيا: 1 - قال الله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)} [العنكبوت/64]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتاً» متفق عليه (¬1). 3 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ البُرِّ ثَلاثَ لَيَالٍ تِبَاعاً حَتَّى قُبِضَ. متفق عليه (¬2). - فضل الإنفاق في وجوه الخير: 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)} ... [البقرة/ 262]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً». متفق عليه (¬3). - فضل الصبر على البلاء: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا يَزَالُ البَلاءُ بِالمؤْمِنِ وَالمؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ، وَوَلَدِهِ، وَمَالِهِ، حَتَّى يَلْقَى الله وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ». أخرجه الترمذي (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6460)، ومسلم برقم (1055) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5416) واللفظ له، ومسلم برقم (2970). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1442) واللفظ له، ومسلم برقم (1010). (¬4) حسن / أخرجه الترمذي برقم (2399)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2280).

- فضل الإكثار من أعمال البر: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ اليَومَ صَائِماً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ: أَنَا. قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ اليَومَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ: أَنَا. قَالَ: «فَمَن أَطْعَمَ مِنْكُمُ اليَومَ مِسْكِيناً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ: أَنَا. قَالَ: «فَمَن عَادَ مِنْكُمُ اليَوْمَ مَرِيضاً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ بَنَى مَسْجِداً للهِ بَنَى الله لَهُ فِي الجَنَّةِ مِثْلَهُ». متفق عليه (¬2). - فضل التواضع: 1 - قال الله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)} ... ] القصص/83 [. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ الله عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلَّا رَفَعَهُ الله». أخرجه مسلم (¬3). - فضل العدل والإحسان: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل/90]. 2 - وقال الله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)} ... ] البقرة/112 [. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1028). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (450)، ومسلم برقم (533) واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم برقم (2588).

3 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا». أخرجه مسلم (¬1). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1827).

7 - فضائل القرآن الكريم

7 - فضائل القرآن الكريم - فضل القرآن الكريم: 1 - قال الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)} [الزمر/23]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)} [الإسراء/9]. - فضل قارئ القرآن العامل به: 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)} [الأعراف/170]. 2 - عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ. وَالمُؤْمِنُ الَّذِي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِه كَالتَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَالرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ. وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَالحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ أَوْ خَبِيثٌ وَرِيحُهَا مُرٌّ». متفق عليه (¬1). - فضل تعلُّم القرآن وتعليمه: 1 - قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)} [آل عمران/79]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5059) واللفظ له، ومسلم برقم (797).

2 - وعن عثمان رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». أخرجه البخاري (¬1). - فضل الماهر بالقرآن: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المَاهِرُ بِالقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الكَِرامِ البَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ». متفق عليه (¬2). - فضل الاجتماع على تلاوة القرآن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه-: « ... وَمَا اجْتَمَعَ قَومٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله، يَتْلُونَ كِتَابَ الله، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الملائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ الله فِيْمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُه، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ». أخرجه مسلم (¬3). - فضل تعاهد القرآن: عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تَعَاهَدُوا القُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّياً مِنَ الإبِلِ فِي عُقُلِهَا». متفق عليه (¬4). - أثر التفكر في آيات الله: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اقْرَأْ عَلَيَّ» قُلْتُ يَا رَسُولَ الله آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى هَذِهِ الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ» فَالتَفَتُّ إلَيهِ فَإذَا ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (5027). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4937)، ومسلم برقم (798) واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم برقم (2699). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5033) واللفظ له، ومسلم برقم (791).

عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. متفق عليه (¬1). - فضل مَنْ يقوم بالقرآن: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَينِ: رَجُلٌ آتَاهُ الله القُرْآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ الله مَالاً، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ». متفق عليه (¬2). - فضل تحسين الصوت بالقرآن: عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ». متفق عليه (¬3). - فضل سورة الفاتحة: عن أبي سعيد بن المعلَّى رضي الله عنه ... قلت يا رسول الله إنك قلت: «أَلا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرآنِ» قَالَ: «الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ المثَانِي، وَالقُرآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ». أخرجه البخاري (¬4). - فضل سورة الإخلاص: عن أبي سعيد رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». أخرجه البخاري (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5050) واللفظ له، ومسلم برقم (800). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5025)، ومسلم برقم (815) واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5024)، ومسلم برقم (792) واللفظ له. (¬4) أخرجه البخاري برقم (5006). (¬5) أخرجه البخاري برقم (5013).

- فضل المعوذات: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ». أخرجه مسلم (¬1). - فضل سورة البقرة: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ». أخرجه مسلم (¬2). - فضل الوصية بالقرآن: عن طلحة قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: آوْصَى النَبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ: لا، فَقُلْتُ كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ، أُمِرُوا بِهَا وَلَمْ يُوْصِ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللهِ. متفق عليه (¬3). - فضل قراءة القرآن: 1 - عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اقْرَؤُوا القُرْآنَ، فَإنَّهُ يِأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: البَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَومَ القِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فَإنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلا يَسْتَطِيعُهَا البَطَلَةُ». أخرجه مسلم (¬4). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟» قُلْنَا نَعَمْ، قَالَ: «فَثَلاثُ آيَاتٍ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (814). (¬2) أخرجه البخاري برقم (780). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5022) واللفظ له، ومسلم برقم (1634). (¬4) أخرجه مسلم برقم (804).

يَقْرَأُ بِهِنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ». أخرجه مسلم (¬1). 3 - وعَنْ عبدِالله بنِ عَمْروٍ رَضِيَ الله عَنْهُما قالَ: قالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُقَالُ لِصَاحِبِ القُرآنِ اقْرَأ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (802). (¬2) حسن صحيح / أخرجه أبو داود برقم (1464) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2914).

8 - فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم -

8 - فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - - فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم -: عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الله اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشاً مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ». أخرجه مسلم (¬1). - أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم -: عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ لِيْ أَسْمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو الله بِيَ الكُفْرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ، وَأَنَا العَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ». وفي لفظ: «وَنَبِيُّ التَّوبَةِ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ». متفق عليه (¬2). - فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأنبياء: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُوْراً وَمَسْجِداً، وَأُرْسِلْتُ إلَى الخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ». أخرجه مسلم (¬3). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَثَلِي وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَاناً فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ، قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2276). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4896)، ومسلم برقم (2354) (2355)، واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم برقم (523). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3535)، ومسلم برقم (2286) واللفظ له.

- فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الناس: 1 - قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} [الجمعة/2 - 4]. 2 - وقال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة/128]. 3 - وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)} [الفتح/28]. - فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - على جميع الخلائق: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَومَ القِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ القَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ». أخرجه مسلم (¬1). - الإسراء والمعراج بالنبي - صلى الله عليه وسلم -: 1 - قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)} [الإسراء/1]. 2 - وعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُتِيتُ بِالبُرَاقِ (وَهُوَ دَابَّةٌ أبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الحِمَارِ وَدُونَ البَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ) قال: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ، قال، فَرَبَطْتُهُ بِالحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ. قال: ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ. فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِإنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ - صلى الله عليه وسلم -: اخْتَرْتَ الفِطْرَةَ. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2278).

ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إلَى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ: مَنْ أنْتَ؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإذَا أنَا بِآدَمَ، فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقِيلَ: مَنْ أنْتَ؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإذَا أنَا بِابْنَيِ الخَالَةِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى ابْنِ زَكَرِيَّا صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمَا، فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِي إلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أنْتَ؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإذَا أنَا بِيُوسُفَ - صلى الله عليه وسلم -، إذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ، قال: وَقَدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا. فَإذَا أنَا بِإدْرِيسَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، قال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)}. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إلَى السَّمَاءِ الخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قال: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا. فَإذَا أنَا بِهَارُونَ - صلى الله عليه وسلم -، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا فَإذَا أنَا بِمُوسَى - صلى الله عليه وسلم -، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قال: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ. قال: مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قال: قَدْ بُعِثَ إلَيْهِ،

فَفُتِحَ لَنَا، فَإذَا أنَا بِإبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم -، مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلَى البَيْتِ المَعْمُورِ، وَإذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إلَيْهِ. ثُمَّ ذَهَبَ بِي إلَى السِّدْرَةِ المُنْتَهَى، وَإذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الفِيَلَةِ، وَإذَا ثَمَرُهَا كَالقِلالِ، قال، فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أمْرِ الله مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ، فَمَا أحَدٌ مِنْ خَلْقِ الله يَسْتَطِيعُ أنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا. فَأوْحَى الله إلَيَّ مَا أوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. فَنَزَلْتُ إلَى مُوسَى - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلاةً، قال: ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ، فَاسْألْهُ التَّخْفِيفَ، فَإنَّ أمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَإنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ. قال: فَرَجَعْتُ إلَى رَبِّي فَقُلْتُ: يَا رَبِّ! خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا. فَرَجَعْتُ إلَى مُوسَى فَقُلْتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسًا، قال: إنَّ أمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِكَ فَارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَاسْألْهُ التَّخْفِيفَ. قال: فَلَمْ أزَلْ أرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قال: يَا مُحَمَّدُ! إنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا، فَإنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً. قال: فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إلَى مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرْتُهُ، فَقَالَ ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ». متفق عليه (¬1). - فضل الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7517)، ومسلم برقم (162) واللفظ له.

عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب/56]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله عَلَيهِ عَشْراً». أخرجه مسلم (¬1). 3 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ للهِ مَلائِكَةً سَيّاحِينَ فِي الأرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلامَ». أخرجه أحمد والنسائي (¬2). - أكمل كيفية للصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيْدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (408). (¬2) صحيح /أخرجه أحمد برقم (3666)، وأخرجه النسائي برقم (1282). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3370) واللفظ له، ومسلم برقم (406).

9 - فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -

9 - فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - - فضل الصحابة: 1 - قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} [التوبة/100]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذهباً مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ». متفق عليه (¬1). - فضل آل البيت: 1 - عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قَالَ: «{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَالَ لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «فَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». متفق عليه (¬3). 3 - وعن سعد قَالَ: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3673)، ومسلم برقم (2540)، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2424). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6357)، واللفظ له، ومسلم برقم (406).

التُّرَابِ، فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَنْ أَسُبَّهُ، لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَهُ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ الله خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا، فَقَالَ: «ادْعُوا لِي عَلِيًّا»، فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آل عمران/ 61]، دَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» متفق عليه (¬1). 4 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي»، ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ، فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُهَا، فَقَالَتْ: أَسَرَّ إِلَيَّ إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلَا أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ. متفق عليه (¬2). - فضل المهاجرين والأنصار: 1 - قال الله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3706)، ومسلم برقم (2404)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3623)، ومسلم برقم (2450).

مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)} [الحشر/8 - 9]. 2 - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)} [الانفال/74]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْلا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءاً مِنَ الأْنصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِياً وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِياً أَوْ شِعْباً لَسَلَكْتُ وَادِي الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ». متفق عليه (¬1). - فضل الخلفاء الراشدين: 1 - عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ حَائطاً وَأمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الحَائِطِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ». فَإذَا أبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ». فَإذَا عُمَرُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ» فَإذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. متفق عليه (¬2). 2 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: خَلَّفَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! تُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ: «أمَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟». متفق عليه (¬3). 2 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7244)، واللفظ له، ومسلم برقم (1059). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3695)، واللفظ له، ومسلم برقم (2403). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4416، ومسلم برقم (2404))، واللفظ له. (¬4) أخرجه مسلم برقم (2417).

2 - كتاب الأخلاق

2 - كتاب الأخلاق ويشتمل على ما يلي: 1 - فضل حسن الخلق 2 - حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - 3 - كرمه - صلى الله عليه وسلم - 4 - حياؤه - صلى الله عليه وسلم - 5 - تواضعه - صلى الله عليه وسلم - 6 - شجاعته - صلى الله عليه وسلم - 7 - رفقه - صلى الله عليه وسلم - 8 - عفوه - صلى الله عليه وسلم - 9 - رحمته - صلى الله عليه وسلم - 10 - ضحكه - صلى الله عليه وسلم - 11 - بكاؤه - صلى الله عليه وسلم - 12 - غضبه - صلى الله عليه وسلم - 13 - شفقته - صلى الله عليه وسلم - 14 - زهده - صلى الله عليه وسلم - 15 - عدله - صلى الله عليه وسلم - 16 - حلمه - صلى الله عليه وسلم - 17 - صبره - صلى الله عليه وسلم - 18 - نصحه - صلى الله عليه وسلم - 19 - شمايله - صلى الله عليه وسلم -

فضل حسن الخلق

كتاب الأخلاق - فضل حسن الخلق: 1 - قال الله تعالى مثنياً على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم/4]. 2 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي المِيْزَانِ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). 3 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَومَ القِيَامَةِ؟» فَسَكَتَ القَومُ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثاً، قَالَ القَومُ: نَعَم يَا رَسُولَ الله، قَالَ: «أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً». أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد (¬2). - أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، ويدرك المؤمن بحسن خلقه درجة الصائم القائم، وخيار الناس أحاسنهم أخلاقاً، وأفضل المؤمنين أحسنهم خلقاً، ومن هنا كان اكتساب الأخلاق الفاضلة خيراً من اكتساب الذهب والفضة. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإسْلامِ إذَا فَقُهُوا، وَالأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) صحيح /أخرجه أبو داود برقم (4799)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2002). (¬2) صحيح/أخرجه أحمد برقم (6735)، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (275). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3493) و (3336)، ومسلم برقم (2638) واللفظ له.

- أحسن الناس أخلاقاً: أفضل الطرق وأسهلها وأيسرها للتحلي بالأخلاق الحسنة هو الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان خُلقه القرآن، وكان أحسن الناس خَلقاً وخُلقاً، يُعطي مَنْ حَرَمَه، ويعفو عمَّن ظلمه، ويصل مَنْ قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، وهذه أصول الأخلاق، فعلينا الاقتداء به في سائر أحواله، إلا ما خصه الله به، فذلك خاص به لا يشاركه فيه غيره كالنبوة، والوحي، ونكاح أكثر من أربع زوجات، وحرمة نكاح نسائه بعده، وحرمة الأكل من الصدقة، وعدم إرثه ونحو ذلك مما هو معلوم. - أوردت في هذا الباب أهم الأخلاق التي دعا إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وتخلّق بها، والشمايل التي كان يتحلى بها؛ لتكون قدوة لكل مسلم يتحلى بها، ويتجمل بها، ويُوطِّن نفسه على اكتسابها. 1 - قال الله سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب/21]. 2 - وقال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف/ 199].

حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -

- حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -: 1 - قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} ... [القلم/4]. 2 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشاً، ولا مُتفحِّشاً، وكان يقول: «إنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقاً». متفق عليه (¬1). 3 - وعن أنس رضي الله عنه قال: خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ، وَلا لِمَ صَنَعْتَ، وَلا أَلَا صَنَعْتَ. متفق عليه (¬2). - كرمه - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن جابر رضي الله عنه قال: مَا سُئِلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَيْءٍ قَطُّ فَقَالَ: لا. متفق عليه (¬3). 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرآنَ فَلَرَسُولُ الله أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيْحِ المُرْسَلَةِ. متفق عليه (¬4). 3 - وعن أنس رضي الله عنه قال: مَا سُئِلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإسْلامِ شَيْئاً إلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَماً بَينَ جَبَلَينِ، فَرَجَعَ إلَى قَومِهِ فَقَالَ: يَا قَومِ أَسْلِمُوا فَإنَّ مُحَمَّداً يُعْطِي عَطاءً لا يَخْشَى الفَاقَةَ. أخرجه مسلم (¬5). - حياؤه - صلى الله عليه وسلم -: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3559) واللفظ له، ومسلم برقم (2321). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6038) واللفظ له، ومسلم برقم (2309). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6034) واللفظ له، ومسلم برقم (2311). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6) واللفظ له، ومسلم برقم (2308). (¬5) أخرجه مسلم برقم (2312).

تواضعه - صلى الله عليه وسلم -

فِي خِدْرِهَا، فَإذَا رَأَى شَيْئاً يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ. متفق عليه (¬1). - تواضعه - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقَولُ: «لا تُطْرُوْنِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ». أخرجه البخاري (¬2). 2 - وعن أنس رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ الله: إنَّ لِي إلَيكَ حَاجَةً، فَقَالَ: «يَا أُمَّ فُلانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ» فَخَلا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا. أخرجه مسلم (¬3). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَوْ دُعِيتُ إلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ». أخرجه البخاري (¬4). - شجاعته - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ ناسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَاجِعاً، وَقَدْ سَبَقَهُمْ إلَى الصَّوتِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لأبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ: «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا» قَالَ: «وَجَدْنَاهُ بَحْراً، أَوْ إنَّهُ لَبَحْرٌ» قَالَ: وَكَانَ فَرَساً يُبطَّأُ. متفق عليه (¬5). 2 - وعن علي رضي الله عنه قال: لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَومَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلوذُ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6102) واللفظ له، ومسلم برقم (2320). (¬2) أخرجه البخاري برقم (3445). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2326). (¬4) أخرجه البخاري برقم (2568). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2908)، ومسلم برقم (2307) واللفظ له.

رفقه - صلى الله عليه وسلم -

أَقْرَبُنَا إلَى العَدُوِّ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَومَئِذٍ بَأساً. أخرجه أحمد (¬1). - رفقه - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابياً بال في المسجد، فثار إليه الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دَعُوهُ وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوباً مِنْ مَاءٍ، أَوْ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، فَإنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرينَ» متفق عليه (¬2). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا وَسَكِّنُوا وَلا تُنَفِّرُوا». متفق عليه (¬3). 3 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَا عَائِشَةُ إنَّ الله رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لا يُعْطِي عَلَى العُنْفِ، وَمَا لا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ». متفق عليه (¬4). - عفوه - صلى الله عليه وسلم -: 1 - قال الله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)} [المائدة/13 [. 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا خُيِّرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَينَ أَمْرَينِ إلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إثْماً، فَإنْ كَانَ إثْماً كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِه، إلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله فَيَنْتَقِمَ للهِ بِهَا. متفق عليه (¬5). - رحمته - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي العَاصِ ¬

(¬1) صحيح / أخرجه أحمد برقم (654). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6128) واللفظ له، ومسلم برقم (284). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6125)، ومسلم برقم (1734). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6927)، ومسلم برقم (2593) واللفظ له. (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3560) واللفظ له، ومسلم برقم (2327).

ضحكه - صلى الله عليه وسلم -

عَلَى عَاتِقِهِ فَصَلَّى، فَإذَا رَكَعَ وَضَعَ، وَإذَا رَفَعَ رَفَعَهَا. متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَبَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قَبَّلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ». متفق عليه (¬2). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ، وَالسَّقِيمَ، وَالكَبِيرَ، وَإذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ». متفق عليه (¬3). 4 - ومن رحمته بالخدم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «هُمْ إخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَلا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». متفق عليه (¬4). 5 - ومن رحمته - صلى الله عليه وسلم - بالأعداء: عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَال لَهُ: «أَسْلِمْ» فَنَظَرَ إلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ». أخرجه البخاري (¬5). - ضحكه - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَجْمِعاً قَطُّ ضَاحِكاً حَتَّى ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5996) واللفظ له، ومسلم برقم (543). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5997) واللفظ له، ومسلم برقم (2318). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (703) واللفظ له، ومسلم برقم (467). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (30)، ومسلم برقم (1661) واللفظ له. (¬5) أخرجه البخاري برقم (1356).

بكاؤه - صلى الله عليه وسلم -

أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. متفق عليه (¬1). 2 - وعن جرير رضي الله عنه قال: مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلا رآنِي إلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي. متفق عليه (¬2). - بكاؤه - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اقْرَأْ عَلَيَّ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قال: «نَعَمْ»، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى أَتَيْتُ إلَى هَذِهِ الآيةِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قال: «حَسْبُكَ الآنَ»، فَالتَفَتُّ إلَيهِ فَإذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. متفق عليه (¬3). 2 - وعن عبد الله بن الشِّخِّير رضي الله عنه قال: رأيتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى مِنَ البُكَاءِ - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه أبو داود والنسائي (¬4). وفي رواية للنسائي: «كأزيزِ المِرْجَلِ». - غضبه - صلى الله عليه وسلم - لأمر الله: 1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عَلَيَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت قِرَام فيه صور، فتلوَّن وجهه ثم تناول الستر فهتكه، وقالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ». متفق عليه (¬5). 2 - وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني لأتأخر عَنْ صلاة الغداة من أجل فلان مما يُطيل بنا، قال: فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط أشدَّ غضباً في موعظةٍ منه يومئذ، قال: فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ مِنكُم ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6092) واللفظ له، ومسلم برقم (899). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6089) واللفظ له، ومسلم برقم (2475). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5050) واللفظ له، ومسلم برقم (800). (¬4) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (904)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (1214). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6109) واللفظ له، ومسلم برقم (2107).

شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته

مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ، فَلْيَتَجَوَّزْ فَإنَّ فِيهِمُ المريضَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ». متفق عليه (¬1). - شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته: 1 - قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة/128]. 2 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَاراً فَجَعَلَ الجَنَادِبُ وَالفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيْهَا، وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا، وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي». أخرجه مسلم (¬2). - انبساطه - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إنْ كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لأَخٍ لِي صَغِيرٍ «يَا أَبَا عُمَيرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ». متفق عليه (¬3). - زهده - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتاً». متفق عليه (¬4). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ قَدِمَ المدِيْنَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلاثَ لَيَالٍ تِبَاعاً حَتَّى قُبِضَ. متفق عليه (¬5). 3 - وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: وَالله يَا ابْنَ أُخْتِي إنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إلَى الهِلالِ ثُمَّ الهِلالِ، ثُمَّ الهِلالِ، ثَلاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَينِ، وَمَا أُوْقِدَ فِي ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6110) واللفظ له، ومسلم برقم (466). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2285). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6129) واللفظ له، ومسلم برقم (2150). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6460) واللفظ له، ومسلم برقم (1055). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5416)، ومسلم برقم (2970) واللفظ له.

عدله - صلى الله عليه وسلم -

أَبْيَاتِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - نَارٌ، قَالَ: قُلْتُ يَا خَالَةُ فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ؟ قَالَتْ: الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالمَاءُ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - جِيرانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ. متفق عليه (¬1). 4 - وعَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ قال: مَا تَرَكَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَلا عَبْدًا وَلا أمَةً، إلا بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلاحَهُ، وَأرْضًا جَعَلَهَا لابْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً. أخرجه البخاري (¬2). - عدله - صلى الله عليه وسلم -: عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمَّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت .. -وفيه-: فكلَّمه أسامة بن زيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُوْدِ اللهِ؟» ثُمَّ قَام فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: «إنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيْهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيهِ الحَدَّ، وَأيْمُ الله لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». متفق عليه (¬3). - حلمه - صلى الله عليه وسلم -: عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ فقال: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَومِكِ وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بنِ عَبْدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلَى مَا أَرَدْتُّ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلَّا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإذَا فِيْهَا جِبْرِيلُ. فَنَادَانِي فَقَالَ: إنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَولَ قَومِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوْا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إلَيكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ: قَالَ فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ وَسَلَّمَ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2567)، ومسلم برقم (2972) واللفظ له. (¬2) أخرجه البخاري برقم (4461). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3475) واللفظ له، ومسلم برقم (1688).

صبره - صلى الله عليه وسلم -

عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إنَّ الله قَدْ سَمِعَ قَولَ قَومِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ؟ إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيهِمُ الأَخْشَبَينِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ الله مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ الله وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً». متفق عليه (¬1). - صبره - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُوعَكُ فَمَسَسْتُهُ بِيَدِي فَقُلْتُ: يَارَسُولَ اللهِ: إنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكاً شَديداً. فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَجَلْ إنِّي أُوْعَكُ كَمَا يُوْعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ» قَالَ فَقُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - «أَجَلْ» متفق عليه (¬2). 2 - وعن خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه قال: شَكَونَا إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟، أَلا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيْهَا، فَيُجَاءُ بِالمِنْشَارِ فَيُوْضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَينِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مِن دُونِ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِيْنِهِ، وَالله لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إلَى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخَافُ إلَّا الله وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ». أخرجه البخاري (¬3). - نصحه - صلى الله عليه وسلم -: - كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3231)، ومسلم برقم (1795) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5667)، ومسلم برقم (2571) واللفظ له. (¬3) أخرجه البخاري برقم (6943). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4621) واللفظ له، ومسلم برقم (2359).

- وَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ». أخرجه الترمذي والنسائي (¬1). - وَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلاثِ ليَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ». متفق عليه (¬2). - وَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلا تَحَسَّسُوا، وَلا تَجَسَّسُوا، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ الله إخْوَاناً». متفق عليه (¬3). - وَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلا شُهَدَاءَ يَومَ القِيَامَةِ». أخرجه مسلم (¬4). - وَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: « ... مِنْ شِرَارِ النَّاِس ذَا الوَجْهَينِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاءِ بِوَجْهٍ». متفق عليه (¬5). - وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أخِيهِ كَانَ الله فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ». متفق عليه (¬6). - وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ». أخرجه مسلم (¬7). ¬

(¬1) حسن صحيح/أخرجه الترمذي برقم (2307)، وأخرجه النسائي برقم (1824). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6237)، ومسلم برقم (2560) واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6066) واللفظ له، ومسلم برقم (2563). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2598). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6058)، ومسلم برقم (2526) واللفظ له. (¬6) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2442) واللفظ له، ومسلم برقم (2580). (¬7) أخرجه مسلم برقم (2578).

- وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذَا رَأيْتُمُ المَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ». أخرجه مسلم (¬1). - وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تُزَكُّوا أنْفُسَكُمْ الله أعْلَمُ بِأهْلِ البِرِّ مِنْكُمْ». أخرجه مسلم (¬2). - وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإنْ كَانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْراً لِي، وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْراً لِي». متفق عليه (¬3). - وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أنْ يَنْفَعَ أخَاهُ فَلْيَفْعَلْ». أخرجه مسلم (¬4). - وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أوْ لِيَصْمُتْ، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ». متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (3002). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2142). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6351) واللفظ له، ومسلم برقم (2680) (¬4) أخرجه مسلم برقم (2199). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6475) واللفظ له، ومسلم برقم (47).

شمايله - صلى الله عليه وسلم -

شمايله - صلى الله عليه وسلم - - «كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أحْسَنَ النَّاسِ وَجْهاً، وَأحْسَنَهُ خَلْقاً، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الذَّاهِبِ وَلا بِالقَصِيرِ». متفق عليه (¬1). - و «كان - صلى الله عليه وسلم - إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاثاً حَتَّى تُفْهَمَ، وَإذَا أَتَى عَلَى قَومٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّم عَلَيهِمْ ثَلاثاً». أخرجه البخاري (¬2). - وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا رَاعَهُ شيء قال: «هُوَ الله رَبِّي لا أُشْرِكُ بِهِ شَيئاً». أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (¬3). - و «كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي يَنَامُ عَلَيْهِ أَدَمًا حَشْوهُ لِيْفٌ». متفق عليه (¬4). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - رَحِيماً، وَكَانَ لا يَأْتِيهِ أَحَدٌ إلَّا وَعَدَهُ وَأَنْجَزَ لَهُ إنْ كَانَ عِنْدَه». أخرجه البخاري في الأدب المفرد (¬5). - و «كَانَ كَلامُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَلاماً فَصْلاً يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ». أخرجه أبو داود (¬6). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - لا يُسْأَلُ شَيْئاً إلَّا أَعْطَاهُ أَوْ سَكَتَ». أخرجه الحاكم (¬7). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - لا يَنَامُ إلَّا وَالسِّوَاكُ عِنْدَهُ فَإذَا اسْتَيْقَظَ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ». أخرجه أحمد (¬8). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3549) واللفظ له، ومسلم برقم (2337). (¬2) أخرجه البخاري برقم (95). (¬3) صحيح/أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة برقم (657)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2070). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6456)، ومسلم برقم (2082) واللفظ له. (¬5) حسن/ أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (281) , انظر السلسلة الصحيحة رقم (2094). (¬6) حسن/ أخرجه أبوداود برقم (4839). (¬7) صحيح /أخرجه الحاكم برقم (2591)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2109). (¬8) حسن/ أخرجه أحمد برقم (5979)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2111).

- و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَلَّفُ فِي المَسِيرِ، فَيُزْجِي الضَّعِيفَ، وَيُرْدِفُ، وَيَدْعُوْ لَهُمْ». أخرجه أبو داود (¬1). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إذَا اشْتَدَّ البَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاةِ، وَإذَا اشْتَدَّ الحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلاةِ». أخرجه البخاري (¬2). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ». متفق عليه (¬3). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ». متفق عليه (¬4). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إذَا اكْتَحَلَ اكْتَحَلَ وِتْراً وَإذَا اسْتَجْمَرَ اسْتَجْمَرَ وِتْراً». أخرجه أحمد (¬5). - و «كان - صلى الله عليه وسلم - تعجبه الريح الطيبة». أخرجه أحمد وأبو داود (¬6). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلا صَوتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ». أخرجه مسلم (¬7). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ». أخرجه مسلم (¬8). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إذَا دَعَا لأحَدٍ بَدَأَ بِنَفْسِهِ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬9). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ». متفق عليه (¬10). ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2639). (¬2) أخرجه البخاري برقم (906). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4439)، ومسلم برقم (2192) واللفظ له. (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6102)، ومسلم برقم (2320) واللفظ له. (¬5) صحيح/أخرجه أحمد برقم (17562)، انظر صحيح الجامع رقم (4680). (¬6) صحيح / أخرجه أحمد برقم (26364)، وأخرجه أبو داود برقم (4074). (¬7) أخرجه مسلم برقم (867). (¬8) أخرجه مسلم برقم (253). (¬9) صحيح/أخرجه أحمد برقم (21126) وهذا لفظه، وأخرجه أبو داود برقم (3984). (¬10) صحيح/أخرجه أحمد برقم (21126) وهذا لفظه، وأخرجه أبو داود برقم (3984).

- و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ». أخرجه مسلم (¬1). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً إذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيْحٌ سَبَّحَ، وَإذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ». أخرجه مسلم (¬2). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيهِ بِالمُعَوِّذَاتِ». أخرجه مسلم (¬3). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوقَ الإزَارِ وَهُنَّ حُيَّضٌ». متفق عليه (¬4). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَرَّى صَومَ الإثْنَينِ وَالخَمِيسِ». أخرجه الترمذي والنسائي (¬5). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ». متفق عليه (¬6). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ الله تَعَالَى عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ». أخرجه مسلم (¬7). - وقال كعب بن مالك رضي الله عنه: لقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ إذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ إلَّا يَوْمَ الخَمِيسِ. أخرجه البخاري (¬8). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ، فَإذَا أَرَادَ الفَرِيْضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ». أخرجه البخاري (¬9). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2531). (¬2) أخرجه مسلم برقم (772). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2192). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (303)، ومسلم برقم (294) واللفظ له. (¬5) صحيح /أخرجه الترمذي برقم (745) وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (2361). (¬6) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (168) واللفظ له، ومسلم برقم (268). (¬7) أخرجه مسلم برقم (373). (¬8) أخرجه البخاري برقم (2949). (¬9) أخرجه البخاري برقم (400).

- و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإرْبِهِ». متفق عليه (¬1). - و «كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَطْرُقُ أَهْلَهُ، كَانَ لا يَدْخُلُ إلَّا غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً». متفق عليه (¬2). - و «كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ العَسَلَ وَالحَلْوَاءَ، وَكَانَ إذَا انْصَرَفَ مِنَ العَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْ إحْدَاهُنَّ». متفق عليه (¬3). - و «كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - القَمِيْصُ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إذَا أَرَادَ الحَاجَةَ أَبْعَدَ». أخرجه أحمد والنسائي (¬5). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً سَهْلاً». أخرجه مسلم (¬6). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - لا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إلَّا نَهَاراً فِي الضُّحَى، فَإذَا قَدِمَ بَدَأَ بِالمسْجِدِ، فَصَلَّى فِيْهِ رَكْعَتَينِ، ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ». متفق عليه (¬7). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬8). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُوجِزُ فِي الصَّلاةِ وَيُتِمُّ». أخرجه مسلم (¬9). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - لا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَو الغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ». أخرجه مسلم (¬10). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1927) واللفظ له، ومسلم برقم (1106). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1800) واللفظ له، ومسلم برقم (1928). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5268) واللفظ له، ومسلم برقم (1474). (¬4) صحيح /أخرجه أبو داود برقم (4025)، وأخرجه الترمذي برقم (1762). (¬5) صحيح/أخرجه أحمد برقم (15746)، وأخرجه النسائي برقم (16). (¬6) أخرجه مسلم برقم (1213). (¬7) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3088)، ومسلم برقم (716) واللفظ له. (¬8) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (4210)، وأخرجه النسائي برقم (5244). (¬9) أخرجه مسلم برقم (469). (¬10) أخرجه مسلم برقم (670).

- و «كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرْبُوعاً، بَعِيدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، لَهُ شَعْرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ». متفق عليه (¬1). - و «كَانَ شَعَرُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رَجِلاً، لَيْسَ بِالسَّبِطِ وَلا الجَعْدِ، بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ». متفق عليه (¬2). - و «كَانَ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - خَاتِمُ فِضَّةٍ يَتَخَتَّمُ بِهِ فِي يَمِينِهِ». أخرجه النسائي (¬3). - و «كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الغُسْلِ». أخرجه الترمذي والنسائي (¬4). - و «كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَحِيماً رَفِيقاً». أخرجه البخاري (¬5). - و «كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬6). - و «كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ الإثْنَينِ والخَمِيسَ مِنْ هَذِهِ الجُمُعَةِ والإثْنينِ مِنَ المُقْبِلَةِ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬7). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيُحْيِي آخِرَهُ». متفق عليه (¬8). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَبِيْتُ اللَّيَالِيَ المُتَتَابِعَةَ طَاوِياً، وَأَهْلُهُ لا يَجِدُوْنَ عَشَاءً، وَكَانَ عَامَّةُ خُبْزِهِمْ خُبْزَ الشَّعِيْرِ». أخرجه أحمد والترمذي (¬9). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - رَحِيماً رَقِيقاً». أخرجه مسلم (¬10). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3551) واللفظ له، ومسلم برقم (2337). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5905)، واللفظ له، ومسلم برقم (2338). (¬3) صحيح/أخرجه النسائي برقم (5197). (¬4) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (107)، وأخرجه النسائي برقم (430) وهذا لفظه. (¬5) أخرجه البخاري برقم (631). (¬6) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (92)، وأخرجه النسائي برقم (347) وهذا لفظه. (¬7) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2451)، وأخرجه النسائي برقم (2365) وهذا لفظه. (¬8) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1146)، ومسلم برقم (739) واللفظ له. (¬9) صحيح/أخرجه أحمد برقم (2303)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2360). (¬10) أخرجه مسلم برقم (1641).

- و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ». متفق عليه (¬1). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ». متفق عليه (¬2). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ». أخرجه البخاري (¬3). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - ِإذَا عَطَسَ غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ». أخرجه أبوداود والترمذي (¬4). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيُقِلُّ اللَّغْوَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاة، َ وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ، وَلَا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ وَالمسْكِينِ فَيَقْضِيَ لَهُ الحَاجَةَ». أخرجه النسائي (¬5). - و «كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا مَشَى مَشَى مُجْتَمِعًا لَيْسَ فِيهِ كَسَلٌ». أخرجه أحمد والبزار (¬6). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (428)، واللفظ له، وأخرجه مسلم برقم (524). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4439)،وأخرجه مسلم برقم (2192))، واللفظ له. (¬3) أخرجه البخاري برقم (214). (¬4) صحيح / أخرجه أبو داود برقم (5029)،وأخرجه الترمذي برقم (2745)، وهذا لفظه. (¬5) صحيح / أخرجه النسائي برقم (1414). (¬6) صحيح / أخرجه أحمد برقم (3033)،وأخرجه البزار برقم (2391) - كشف الأستار-.

3 - كتاب الآداب

3 - كتاب الآداب ويشتمل على ما يلي: 1 - آداب السلام 2 - آداب الأكل والشرب 3 - آداب الطريق والسوق 4 - آداب السفر 5 - آداب النوم والاستيقاظ 6 - آداب الرؤيا 7 - آداب الاستئذان 8 - آداب العطاس 9 - آداب عيادة المريض 10 - آداب اللباس

كتاب الآداب الأدب: استعمال ما يُحمد من الأقوال، والأفعال، ومكارم الأخلاق. - الآداب الإسلامية: الإسلام دين كامل، نظم حياة الإنسان في جميع أحواله: فأمره بحسن العبادة مع ربه، وحسن الأدب مع خلقه، وحسن المعاملة مع غيره. ودعاه إلى العدل والإحسان ومكارم الأخلاق. وجمَّل ظاهره وباطنه، وحَفِظ لسانه وجوارحه، وضَبَط سمعه وبصره. وأمره بما ينفعه في دنياه وآخرته، ونهاه عمّا يضره في دنياه وآخرته. وشرع له آداباً مع نفسه، وآداباً مع غيره، وعند أكله وشربه، وعند نومه ويقظته، وفي حضره وسفره، وفي حال صحته ومرضه، وفي سائر أحواله. 1 - قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة/2]. 2 - وقال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)} [المائدة/3]. 3 - وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)}] الأحزاب/21]. 4 - وقال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)} [الحشر/7]. 5 - وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل/90]. ومن هذه الآداب الواردة في القرآن وصحيح السنة ما يلي:

1 - آداب السلام

1 - آداب السلام - فضل السلام: 1 - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الإسلام خير؟ فقال: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ». أخرجه مسلم (¬2). 3 - وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّهَا النَّاسُ: أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلامٍ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬3). - صفة السلام: 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)} [النساء/86]. 2 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «عَشْرٌ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله، فَرَدَّ عَلَيهِ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: «عِشْرُونَ»، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيهِ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: «ثَلاثُونَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (12) واللفظ له، ومسلم برقم (39). (¬2) أخرجه مسلم برقم (54). (¬3) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (2485) وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (1334). (¬4) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (5195)، وأخرجه الترمذي برقم (2689).

- فضل مَنْ بدأ بالسلام: 1 - عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالله مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلامِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). - الأَوْلى بالسلام: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ، وَالمَارُّ عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثيرِ». متفق عليه (¬3). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثير». متفق عليه (¬4). - السلام على النساء والصبيان: 1 - عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: مَرَّ عَلَينَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا. أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬5). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. متفق عليه (¬6). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6077)، ومسلم برقم (2560)، واللفظ له. (¬2) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (5197) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2694). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6321) ومسلم برقم (2160). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6232) ومسلم برقم (2160). (¬5) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (5204)، وأخرجه ابن ماجه برقم (3701). (¬6) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6247) واللفظ له، ومسلم برقم (2168).

- تسليم النساء على الرجال عند أَمْنِ الفتنة: عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت: ذَهَبْتُ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: «مَرْحَباً بِأُمِّ هَانِئ». متفق عليه (¬1). - السلام عند دخول البيت: 1 - قال الله تعالى: { ... فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)} [النور/61]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)} [النور/ 27]. - عدم السلام على أهل الذمة: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تَبْدَؤُوا اليَهُودَ وَلا النَّصَارَى بِالسَّلامِ، فَإذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إلَى أَضْيَقِهِ».أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا سَلَّم عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيكُمْ». متفق عليه (¬3). - مَنْ مَرَّ بمجلس فيه مسلمون وكفار سلَّم وقصد المسلمين: عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد سعد بن عبادة .. -وفيه-: حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان، واليهود، .. فسلم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم وقف، فنزل، فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن. متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6158) واللفظ له، ومسلم برقم (336). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2167). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6258) واللفظ له، ومسلم برقم (2163). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5663)، ومسلم برقم (1798) واللفظ له.

- السلام عند الدخول وعند الخروج: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إلَى المَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ، فَإذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ، فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الآخِرَةِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - عدم الانحناء عند اللقاء: عنْ أنسِ بنِ مَالكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قالَ: قالَ رَجُلٌ يا رسُولَ الله الرَّجلُ منَّا يَلقى أخاهُ أو صَديقهُ أينحنِي لَهُ؟ قالَ: «لا» قالَ: أفيلتزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قالَ: «لا» قالَ: فيأخُذُ بيدهِ ويُصافِحه؟ قالَ: «نعمْ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬2). - فضل المصافحة: عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ مُسْلِمَينِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا». أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). - متى تكون المصافحة والمعانقة: عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا تَلاقَوْا تَصَافَحُوا، وَإذَا قَدِمُوا مِنْ سَفَرٍ تَعَانَقُوا. أخرجه الطبراني في الأوسط (¬4). - صفة رد السلام على الغائب: عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «يَا عَائِشَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ ¬

(¬1) حسن/أخرجه أخرجه أبو داود برقم (5208)، وأخرجه الترمذي برقم (2706). (¬2) حسن/أخرجه الترمذي برقم (2728) وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3702). (¬3) حسن/ أخرجه أبوداود برقم (5212)، وأخرجه الترمذي برقم (2727). (¬4) جيد/أخرجه الطبراني في الأوسط برقم (97)، وانظر السلسلة الصحيحة رقم (2647).

عَلَيكِ السَّلامَ» فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لا أَرَى. متفق عليه (¬1). - ما جاء في القيام للقادم إكراماً له: 1 - عن أبي سعيد أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه فجاء فقال: «قُوْمُوْا إلَى سَيِّدِكُمْ أَوْ قَالَ خَيرِكُمْ». متفق عليه (¬2). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا رَأَيْتُ أَحَداً كَانَ أَشْبَهَ سَمْتاً وَهَدْياً وَدَلاًّ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ فَاطِمَة كَرَّمَ الله وَجْهَهَا، كَانَتْ إذَا دَخَلَتْ عَلَيهِ قَامَ إلَيْهَا، فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إذَا دَخَلَ عَلَيهَا قَامَتْ إلَيهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ، فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا. أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). - عقوبة من سره أن يتمثل له الرجال قياماً: عن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَاماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). - التسليم ثلاثاً إذا لم يُسمع سلامه: عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاثاً حَتَّى تُفْهَمَ، وَإذَا أَتَى عَلَى قَومٍ فَسَلَّمَ عَلَيهِمْ، سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاثاً. أخرجه البخاري (¬5). - عدم السلام والرد أثناء قضاء الحاجة: 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلاً مَرَّ وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَبُولُ فَسَلَّم، فَلَمْ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3217) واللفظ له، ومسلم برقم (2447). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6262) واللفظ له، ومسلم برقم (1768). (¬3) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (5217) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (3872). (¬4) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (5229)، وأخرجه الترمذي برقم (2755) وهذا لفظه. (¬5) أخرجه البخاري برقم (95).

يَرُدَّ عَلَيهِ. أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه أنه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يَبُولُ فَسَلَّم عليه فَلَمْ يَرُدَّ عَليهِ حتَّى تَوَضَّأَ ثمَّ اعْتَذَرَ إليهِ فقال: «إنِّي كَرِهْتُ أَنْ أذكُرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا عَلَى طُهْرٍ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬2). - استحباب تأنيس القادم، وسؤال الغريب عن نفسه لِيُعرف فَيُنزل منزلته: عن أبي جمرة قال: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَينَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَينَ النَّاسِ فَقَالَ: إنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ أَتَوُا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «مَنِ الوَفْدُ؟ أَوْ مَنِ القَومُ؟» قَالُوا: رَبِيْعَةُ، فَقَالَ: «مَرْحَباً بِالقَومِ أَوْ بِالوَفْدِ غَيرَ خَزَايَا وَلا نَدَامَى». متفق عليه (¬3). - كراهية الابتداء بـ (عليك السلام): عَنْ أَبِي جُرَيٍّ الْهُجَيْمِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «لَا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلَامُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى». أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). - ما يقول من التحايا بعد السلام ورده: عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ قَالَتْ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ» فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ فُلَانَ ابْنَ هُبَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَاكَ ضُحًى. متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (370). (¬2) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (17) وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (38). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (87) واللفظ له، ومسلم برقم (17). (¬4) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (5209) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2722). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (357) واللفظ له، ومسلم برقم (336).

2 - آداب الأكل والشرب

2 - آداب الأكل والشرب - السنة أن يبدأ الكبير والفاضل بالأكل قبل الناس: 1 - عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَضَعَ يَدَهُ. أخرجه مسلم (¬1). - الأكل من الطعام الطيب الحلال: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)} [البقرة/172]. 2 - وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ... } [الأعراف/157]. - التسمية على الطعام والأكل مما يليه: 1 - عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: كُنْتُ غُلاماً فِي حَجْرِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ يِدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَال لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا غُلامُ سَمِّ الله، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ. متفق عليه (¬2). 2 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ نَسِيَ أنْ يَذْكُرَ الله فِي أوَّلِ طَعَامِهِ فَلْيَقُلْ حِينَ يَذْكُرُ: بِاسْمِ الله فِي أوَّلِهِ وَآخِرِهِ، فَإنَّهُ يَسْتَقْبِلُ طَعَامَهُ جَدِيداً، وَيَمْنَعُ الخَبِيثَ مَا كَانَ يُصِيبُ مِنْهُ».أخرجه ابن حبان وابن السني (¬3). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2017). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5376) واللفظ له، ومسلم برقم (2022). (¬3) صحيح/أخرجه ابن حبان برقم (5213)، وابن السني برقم (461)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (198).

- الأكل والشرب باليمين: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِه، وَإذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ». أخرجه مسلم (¬1). - التنفس عند الشرب خارج الإناء: عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلاثاً، وَيَقُولُ: «إنَّهُ أَرْوَى، وَأَبْرَأ، وَأَمْرَأ». متفق عليه (¬2). - كيف يسقي غيره: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَشَرِبَ ثُمَّ أَعْطَى الأَعْرَابِيَّ وَقَالَ: «الأَيْمَنُ فَالأَيْمَنُ». متفق عليه (¬3). - السنة الشرب جالساً: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - زَجَرَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِماً. أخرجه مسلم (¬4). - جواز الشرب قائماً: عَنْ النَّزَّالِ قَالَ: أَتَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى بَابِ الرَّحَبَةِ فَشَرِبَ قَائِمًا فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ. أخرجه البخاري (¬5). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2020). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5631)، ومسلم برقم (2028) واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2352)، ومسلم برقم (2029) واللفظ له. (¬4) أخرجه مسلم برقم (2025). (¬5) أخرجه البخاري برقم (5615).

- عدم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة: عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَلا الدِّيبَاجَ، وَلا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآخِرَةِ». متفق عليه (¬1). - كيف يأكل الطعام: 1 - عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ بِثَلاثِ أَصَابِعَ، وَيَلْعَقُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا. أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن أنس رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا أَكَلَ طَعَاماً لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلاثَ، قَالَ: وقالَ: «إذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الأَذَى، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ». وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ القَصْعَةَ قَالَ: «فَإنَّكُمْ لا تَدْرُونَ فِيْ أَيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَةُ». أخرجه مسلم (¬3). 3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْرِنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ. متفق عليه (¬4). 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ، وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ، وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ، وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ». أخرجه ابن ماجه (¬5). - مقدار ما يأكل: 1 - قال الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)} [الأعراف/ 31]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5426) واللفظ له، ومسلم برقم (2067). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2032). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2034). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2455)، ومسلم برقم (2045) واللفظ له. (¬5) صحيح/أخرجه ابن ماجه برقم (3266)، وانظر السلسلة الصحيحة رقم (1236).

2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعاً حَتَّى قُبِضَ. متفق عليه (¬1). - عدم عيب الطعام: عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: مَا عَابَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَاماً قَطُّ، إنْ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. متفق عليه (¬2). - عدم الإكثار من الأكل: عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَالمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعَىً وَاحِدٍ». متفق عليه (¬3). - فضل الإطعام والمواساة فيه: 1 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «طَعَامُ الوَاحِدِ يَكْفِي الإثْنَينِ، وَطَعَامُ الإثْنَينِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الأَرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيةَ». أخرجه مسلم (¬4). 2 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَعَلَى مَنْ لَمْ تَعْرِفْ». متفق عليه (¬5). 3 - وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أُتِيَ بِطَعَامٍ أكَلَ مِنْهُ وَبَعَثَ بِفَضْلِهِ إلَيَّ. أخرجه مسلم (¬6). ¬

(¬1) متفق عليه/أخرجه البخاري برقم (5416)، ومسلم برقم (2970)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5409) واللفظ له، ومسلم برقم (2064). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5393)، ومسلم برقم (2060) واللفظ له. (¬4) أخرجه مسلم برقم (2059). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6236) واللفظ له، ومسلم برقم (39). (¬6) أخرجه مسلم برقم (2053).

- مدح الآكل الطعام الذي يأكل منه: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل أهله الأُدم فقالوا: ما عندنا إلا خَلٌّ، فدعا به، فجعل يأكل به ويقول: «نِعْمَ الأُدُمُ الخَلُّ، نِعْمَ الأُدُمُ الخَلُّ». أخرجه مسلم (¬1). - عدم النفخ في الشراب: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ القَدَحِ، وَأَنْ يُنْفَخَ فِي الشَّرَابِ. أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). - الساقي آخر القوم شرباً: عن أبي قتادة رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وفي آخره- قال: «إنَّ سَاقِيَ القَومِ آخِرُهُمْ شُرْباً». أخرجه مسلم (¬3). - إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه: 1 - قال الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27)} [الذاريات/24 - 27]. 2 - وعن أبي شريح الكعبي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَومٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2052). (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3722)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1887). (¬3) أخرجه مسلم برقم (681).

فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ». متفق عليه (¬1). - كيفية جلوس الناس على الطعام: قال الله تعالى: ... {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور/61]. - هيئة الجلوس للأكل: 1 - عن أبي جُحَيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنِّي لا آكُلُ مُتَّكِئاً». أخرجه البخاري (¬2). 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُقْعِياً يَأْكُلُ تَمْراً. أخرجه مسلم (¬3). 3 - وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: أُهْدِيَتْ للنبي - صلى الله عليه وسلم - شاة فجثى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ركبتيه يأكل، فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟ فقال: «إنَّ الله جَعَلَنِي عَبْداً كَرِيماً، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً عَنِيداً». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬4). - صفة أكل المشغول: عن أنس رضي الله عنه قال: أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتمر، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسمه وهو مُحْتَفِزٌ، يأكل منه أكلاً ذَرِيْعَاً. وفي رواية: أكلاً حثيثاً. أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6135) واللفظ له، ومسلم في كتاب اللقطة برقم (48). (¬2) أخرجه البخاري برقم (5398). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2044). (¬4) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3773)، وأخرجه ابن ماجه برقم (3263)، وهذا لفظه. (¬5) أخرجه مسلم برقم (2044).

- إيكاء السقاء، وذكر اسم الله عليها عند النوم: عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... -وفيه-: «وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ الله، وَأطْفِئْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ الله، وَأَوكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ الله، وَخَمِّرْ إنَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ الله وَلَو تَعْرُضُ عَلَيهِ شَيْئاً». متفق عليه (¬1). - الأكل مع الخادم: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَينِ، أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَينِ، فَإنَّه وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلاجَهُ». متفق عليه (¬2). - تقديم الأكل إذا حضر على الصلاة: عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا وُضِعَ العَشاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَابْدَؤُوا بِالعَشاءِ». متفق عليه (¬3). - كيف يأكل من الصحفة: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً فَلا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ، وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَإنَّ البَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلاهَا». أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3280) واللفظ له، ومسلم برقم (2012). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5460) واللفظ له، ومسلم برقم (1663). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5463) واللفظ له، ومسلم برقم (557). (¬4) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3772)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1805).

- ما يفعله إذا شرب لبناً: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَنًا، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَمَضْمَضَ وَقَالَ: «إنَّ لَهُ دَسَمًا». متفق عليه (¬1). - فضل حمد الله على الطعام وبعده: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا». أخرجه مسلم (¬2). - ما يقول عند الفراغ من الطعام: 1 - عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: «الحَمْدُ للهِ كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلا مُوَدَّعٍ وَلا مُسْتَغْنَىً عَنْهُ رَبَّنَا». أخرجه البخاري (¬3). 2 - وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ وَقَالَ مَرَّةً إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ». أخرجه البخاري (¬4). 3 - وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجاً». أخرجه أبو داود (¬5). 4 - «اللَّهُمَّ أَطْعَمْتَ وَأَسْقَيْتَ وَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ وَهَدَيْتَ وَأَحْيَيْتَ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلَى ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (211)، ومسلم برقم (358) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2734). (¬3) أخرجه البخاري برقم (5458). (¬4) أخرجه البخاري برقم (5459). (¬5) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3851).

مَا أَعْطَيْتَ». أخرجه أحمد (¬1). - وقت دخول الضيف وخروجه: قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ... } [الأحزاب/53]. - دعاء الضيف لأهل الطعام: 1 - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مَا رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبز وزيت فأكل ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيكُمُ المَلائِكَةُ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬3). - الدعاء لمن سقاه أو إذا أراد ذلك: «اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي، وَأَسْقِ مَنْ أَسْقَانِي». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (16712)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (71). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2042). (¬3) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3854)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (1747). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2055).

3 - آداب الطريق والسوق

3 - آداب الطريق والسوق - حق الطريق: 1 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ»، فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فيها، فقال: «فَإذَا أَبَيْتُمْ إلَّا المجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ»، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المنْكَرِ». متفق عليه (¬1). 2 - وفي لفظ: «اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ» فقلنا: إنما قعدنا لغير ما بأس، قعدنا نتذاكر ونتحدث قال: «إمَّا لا، فَأَدُّوا حَقَّهَا: غَضُّ البَصَرِ، وَرَدُّ السَّلامِ، وَحُسْنُ الكَلامِ». أخرجه مسلم (¬2). 3 - وفي لفظ: «وَتُغِيثُوا المَلْهُوفَ، وَتَهْدُوا الضَّالَّ». أخرجه أبو داود (¬3). - إماطة الأذى عن الطريق: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِي الجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ». متفق عليه (¬4). - عدم قضاء الحاجة في الطريق: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ». أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6229)، واللفظ له، ومسلم برقم (2121). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2161). (¬3) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4817). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (652)، ومسلم في كتاب البر برقم (129) واللفظ له. (¬5) أخرجه مسلم برقم (269).

- عدم التفل تجاه القبلة في الطريق وغيره: عن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ تَفَلَ تُجَاهَ القِبْلَةِ، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ تَفْلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْه .. ». أخرجه ابن خزيمة وأبو داود (¬1). - ما يقوله عند ركوب الراحلة: قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)} [الزخرف/13 - 14]. - مراعاة مصلحة الدواب في السير، وعدم النزول ليلاً على الطريق: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا سَافَرْتُمْ فِي الخِصْبِ، فَأَعْطُوا الإبِلَ حَظَّهَا مِنَ الأَرْضِ. وَإذَا سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ فَأَسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ، وَإذَا عَرَّسْتُمْ بِاللَّيْلِ، فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ، فَإنَّهَا مَأْوَى الهَوَامِّ بِاللَّيْلِ». أخرجه مسلم (¬2). - اجتناب مشية الخيلاء: 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)} [لقمان/18]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي قَدْ أَعْجَبَتْهُ جُمَّتُهُ وَبُرْدَاهُ إِذْ خُسِفَ بِهِ الْأَرْضُ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ». متفق عليه (¬3). - السماحة في البيع والشراء: عن جابر بن عبد الله رَضِيَ الله عنهما أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رَحِمَ الله رَجُلاً، ¬

(¬1) صحيح/أخرجه ابن خزيمة برقم (1314)، وأخرجه أبو داود برقم (3824). (¬2) أخرجه مسلم برقم (1926). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5789)، ومسلم برقم (2088)، واللفظ له.

سَمْحًا إذَا بَاعَ، وَإذَا اشْتَرَى، وَإذَا اقْتَضَى». أخرجه البخاري (¬1). - وفاء الدين إذا حل: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، فِإذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ». متفق عليه (¬2). - إنظار المعسر والتجاوز عنه: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإذَا رَأَى مُعْسِراً قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ الله أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ الله عَنْهُ». متفق عليه (¬3). - عدم البيع والشراء في أوقات الصلوات: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)} [الجمعة/9 - 10]. - العدل في جميع الأحوال: قال الله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} [المطففين/1 - 6]. - تجنب كثرة الحلف: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الحَلِفُ مَنْفَقَةٌ ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2076). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2287)، واللفظ له، ومسلم برقم (1564). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2078)، واللفظ له، ومسلم برقم (1562).

لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلرِّبْحِ». متفق عليه (¬1). - اجتناب البيوع والمعاملات والأشياء المحرمة والخبيثة: 1 - قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة/275]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} [المائدة/90]. 3 - وقال الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} ... [الأعراف/157]. - عدم الغش والكذب: 1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أصَابِعُهُ بَلَلاً، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قال: أصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ الله! قال: «أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أوْ قال: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». متفق عليه (¬3). - عدم احتكار السلع: عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الله رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَحْتَكِرُ إلا خَاطِئٌ». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2087)، ومسلم برقم (1606) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (102). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2079)، واللفظ له، ومسلم برقم (1532). (¬4) أخرجه مسلم برقم (1605).

4 - آداب السفر

4 - آداب السفر - طلب الوصية من أهل الخير: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إني أريد أن أسافر فأوصني، قال: «عَلَيْكَ بِتَقْوَى الله، وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرفٍ» فَلَمَّا أَنْ وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ: «اللَّهُمَّ اطْوِ لَهُ الأَرْضَ، وَهَوِّنْ عَلَيهِ السَّفَرَ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬1). - ما يقوله المقيم للمسافر عند السفر: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُوَدِّعنا فيقول: «أَسْتَوْدِعُ الله دِيْنَكَ، وَأَمَانَتَكَ، وَخَوَاتِيْمَ عَمَلِكَ». أخرجه الترمذي (¬2). - ما يقوله المسافر للمقيم عندما يُوَدِّعه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ودَّعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أَسْتَودِعُكَ الله الَّذِي لا يُضِيعُ وَدَائِعَهُ». أخرجه أحمد (¬3). - السفر مع رفقة صالحين: عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَثَلُ الجَلِيْسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ. فَحَامِلُ المِسْكِ إمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحاً خَبِيْثَةً». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) حسن/ أخرجه الترمذي برقم (3445)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2771). (¬2) صحيح / أخرجه الترمذي برقم (3443)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (14). (¬3) جيد/ أخرجه أحمد برقم (9230)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (16). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5534)، واللفظ له، ومسلم برقم (2628).

- عدم السفر وحده إلا لحاجة: عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيلٍ وَحْدَهُ». أخرجه البخاري (¬1). - عدم اصطحاب الكلب والجرس في السفر: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تَصْحَبُ المَلائِكَةُ رُفْقَةً فِيْهَا كَلْبٌ وَلا جَرَسٌ». أخرجه مسلم (¬2). - إعانة الرفيق في السفر وغيره: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالاً فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا زَادَ لَهُ». أخرجه مسلم (¬3). - دعاء الركوب: قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)} [الزخرف/ 13 - 14]. - دعاء السفر: عن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجاً إلَى سَفَرٍ كَبَّر ثَلاثاً، ثُمَّ قَالَ: «{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)} اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ العَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَينَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2998). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2113). (¬3) أخرجه مسلم برقم (1728).

وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبةِ المنْظَرِ، وَسُوءِ المُنْقَلَبِ فِي المَالِ وَالأَهْلِ». وَإذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيْهِنَّ: «آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». أخرجه مسلم (¬1). - ما يفعله إذا خرج اثنان في سفر: عن أبي موسى رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ ومُعَاذاً إلَى اليَمَنِ فَقَالَ: «يَسِّرَا وَلا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلا تَخْتَلِفَا». متفق عليه (¬2). - ما يفعله إذا خرج ثلاثة فأكثر في سفر: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا خَرَجَ ثَلاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ». أخرجه أبو داود (¬3). - ما يقوله المسافر إذا صعد وإذا هبط: 1 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِي اللهُ عَنْهمَا قَالَ: «كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا». أخرجه البخاري (¬4). 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما ... -وفيه- قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَجُيُوشُهُ إذَا عَلَوا الثَّنَايَا كَبَّرُوا، وَإذَا هَبَطُوا سَبَّحُوا. أخرجه أبو داود (¬5). - ما يفعله المسافر إذا مر بديار الظَّلَمة: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما مر بالحجر قال: «لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ وَهُوَ عَلَى الرَّحْلِ». متفق عليه (¬6). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1342). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4344)، ومسلم برقم (1733) واللفظ له. (¬3) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (2608)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1322). (¬4) أخرجه البخاري برقم (2993). (¬5) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2599). (¬6) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3380)، واللفظ له، ومسلم برقم (2980).

- كيفية النوم في السفر: عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا كَاَن ِفي سَفَرٍ فَعَرَّسَ بِلَيلٍ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ، وَإذَا عَرَّسَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَه، وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفِّهِ. أخرجه مسلم (¬1). - ما يقوله إذا نزل منزلاً: عن خولة بنت حكيم السلمية رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ». أخرجه مسلم (¬2). - ما يقوله المسافر إذا أسحر: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان في سفر وأسحر يقول: «سَمَّعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ الله وَحُسْنِ بَلائِهِ عَلَينَا، رَبَّنَا صَاحِبْنَا وَأَفْضِلْ عَلَينَا، عَائِذاً بِالله مِنَ النَّارِ». أخرجه مسلم (¬3). - ما يقوله إذا عثرت دابته: «بِاسْمِ اللهِ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬4). - ما يقوله إذا رأى قرية: عن صهيب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير قرية يريد دخولها إلَّا قال حين يراها: «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ، فَإنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ القَرْيَةِ، وَخَيْرَ أَهْلِهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ أَهْلِهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا». أخرجه ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (683). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2708). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2718). (¬4) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (20867)، وأخرجه أبو داود برقم (4982).

النسائي في الكبرى والطحاوي (¬1). - وقت السفر: عن كعب بن مالك رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَومَ الخَمِيسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَومَ الخَمِيسِ، وَفي لفظٍ: لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ إذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ إلَّا يَومَ الخَمِيسِ. أخرجه البخاري (¬2). - الخروج للسفر بكرة والسير ليلاً: 1 - عن صخر الغامدي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا». وَكَانَ إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أو جَيْشاً بَعَثَهُمْ في أَوَّلِ النَّهَارِ. أخرجه أحمد وأبو داود (¬3). 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ، فَإنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيل». أخرجه أحمد وأبو داود (¬4). - ما يقوله إذا قفل من سفر الحج أو غيره: عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاثَ تَكْبِيراتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ الله وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه النسائي في السنن الكبرى برقم (8826)، وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار برقم (5693) انظر السلسلة الصحيحة رقم (2759). (¬2) أخرجه البخاري برقم (2950) و (2949). (¬3) صحيح/أخرجه أحمد برقم (15522)، وأخرجه أبو داود برقم (2606)، وهذا لفظه. (¬4) صحيح/أخرجه أحمد برقم (15157)، وأخرجه أبو داود برقم (2571)، وهذا لفظه. (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1797)، واللفظ له، ومسلم برقم (1344).

- ما يفعله المسافر إذا قضى حاجته من سفره: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَومَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إلَى أَهْلِهِ». متفق عليه (¬1). - وقت القدوم من السفر: 1 - عن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إلَّا نَهَارًا فِي الضُّحَى، فَإذَا قَدِمَ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَينِ، ثُمَّ جَلَسَ فِيْهِ. متفق عليه (¬2). 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَطْرُقُ أَهْلَهُ، كَانَ لا يَدْخُلُ إلَّا غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً. متفق عليه (¬3). - السنة لمن أراد الدخول ليلاً أن يُعلم أهله: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا دَخَلْتَ لَيْلاً فَلا تَدْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ حَتَّى تَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ، وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3001)، واللفظ له، ومسلم برقم (1927). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4418)، ومسلم برقم (716) واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1800)، واللفظ له، ومسلم برقم (1928). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5246)، واللفظ له، ومسلم في كتاب الإمارة برقم (715).

5 - آداب النوم والاستيقاظ

5 - آداب النوم والاستيقاظ - ماذا يفعل إذا أراد أن يرقد: عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا اسْتَجْنَحَ اللَّيْلُ، أوْ: جُنْحُ اللَّيْلِ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ فَخَلُّوهُمْ، وَأغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللهِ، وَأطْفِئْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللهِ، وَأوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللهِ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللهِ، وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ شَيْئًا». متفق عليه (¬1). - غسل اليد من الدسم قبل النوم: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). - فضل النوم على طهارة: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلَى ذِكْرِ اللهِ طَاهِراً، فَيَتَعَارُّ مِنْ اللَّيْلِ، فَيَسْأَلُ اللهَ خَيْراً مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ». أخرجه أحمد (¬3). - ما يقرؤه المسلم من القرآن عند النوم: 1 - عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيْهِمَا، فَقَرَأَ فِيهِمَا: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. أخرجه البخاري (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3280)، واللفظ له، ومسلم برقم (2012). (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3852) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1860). (¬3) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (22048). (¬4) أخرجه البخاري برقم (5017).

2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وَكَّلَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَّ الحَدِيثَ- فَقَالَ: إذَا أَوَيْتَ إلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَمْ يَزَلْ مَعَكَ مِنَ الله حَافِظٌ، وَلا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ». أخرجه البخاري معلقاً (¬1). - التكبير والتسبيح والتحميد عند النوم: عن علي رضي الله عنه أن فاطمة رضي الله عنها جاءت تسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - خادماً فلم توافقه، قالت ... : فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا ... فقال: «أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَانِي؟ إذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، فَكَبِّرَا الله أَرْبَعاً وَثَلاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ فَإنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ». متفق عليه (¬2). - عدم الإكثار من الفُرُش إلا لحاجة: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: «فِراشٌ لِلرَّجُلِ وَفِراشٌ لامْرَأتِهِ، وَالثّالِثُ لِلضَّيْفِ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطانِ». أخرجه مسلم (¬3). - النوم بعد صلاة العشاء وعدم السمر إلا لحاجة: 1 - عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِاللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَنَامُ أَوَّلَهُ، وَيَقُومُ آخِرَهُ، فَيُصَلِّي ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَثَبَ، فَإِنْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ اغْتَسَلَ وَإِلَّا تَوَضَّأَ وَخَرَجَ. متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) أخرجه البخاري معلقاً برقم (5010)، ووصله النسائي وغيره بسند صحيح، انظر مختصر صحيح البخاري للألباني (2/ 106). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3113)، واللفظ له، ومسلم برقم (2727). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2084). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1146)، واللفظ له، ومسلم برقم (739).

2 - وعَنْ أَبِي بَرْزَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا. متفق عليه (¬1). 3 - وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَسْمُرُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَا مَعَهُمَا. أخرجه أحمد والترمذي (¬2). - نفض الفراش ثلاثاً: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إزَارِهِ، فَإنَّه لا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيه، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي، وبِكَ أَرْفَعُهُ، إنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِه عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ». متفق عليه (¬3). وفي لفظ: «فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ». أخرجه البخاري (¬4). - الوضوء، ثم النوم على الشق الأيمن: عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأ وَضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعَ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، وَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إلَيكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيكَ، لا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إلَّا إلَيكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإنْ مِتَّ، مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ». متفق عليه (¬5). - ما يقوله ويفعله عند النوم والاستيقاظ: 1 - عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا أوَى إلَى فِرَاشِهِ قال: «الحَمْدُ للهِ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (568)، واللفظ له، ومسلم برقم (648). (¬2) صحيح، أخرجه أحمد برقم (175)، والترمذي برقم (169)، وهذا لفظه. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6320)، واللفظ له، ومسلم برقم (2714). (¬4) أخرجه البخاري برقم (7393). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6311)، واللفظ له، ومسلم برقم (2710).

الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لا كَافِيَ لَهُ وَلا مُؤْوِيَ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - «اللَّهُمَّ خَلَقْتَ نَفْسِي وَأَنْتَ تَوَفَّاهَا، لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا، إنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا، وَإنْ أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ العَافِيَةَ». أخرجه مسلم (¬2). 3 - يضطجع على شقه الأيمن، ثم يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ، وَرَبَّ الأَرْضِ، وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّورَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ». أخرجه مسلم (¬3). 4 - «اللَّهُمَّ عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فاطِرَ السَّماوَاتِ والأرضِ ربَّ كُلِّ شيءٍ وَمليكَهُ أشْهَدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ أعُوذُ بكَ من شَرِّ نَفْسي وَمِنْ شَرِّ الشَّيطانِ وَشِرْكِه». أخرجه الطيالسي والترمذي (¬4). 5 - وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا نامَ وَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَومَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ». أخرجه أحمد (¬5). 6 - وعن أبي الأزْهَرِ الأنماري رضي الله عنه أنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا أخَذَ مَضْجَعَهُ منَ الليلِ قالَ: «بِاسمِ الله وضَعْتُ جَنْبي اللَّهُمَ اغْفِرْ لِي ذَنبِي، وَأخْسِئْ شَيْطانِي، وَفُكَّ رِهَانِي، وَاجْعَلني في النَّدِيِّ الأعْلَى». أخرجه أبو داود (¬6). 7 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيلِ وَضَعَ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2715). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2712). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2713). (¬4) صحيح/ أخرجه الطيالسي برقم (9)، وأخرجه الترمذي برقم (3392). (¬5) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (18659)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2754). (¬6) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (5054).

يَدَه تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا». وَإذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَمَا أَمَاتَنَا وَإلَيهِ النُّشُورُ». أخرجه البخاري (¬1). - ما يقوله ويفعله إذا تقلب ليلاً: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لا إلَه إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ للهِ، وَسُبْحَانَ الله، وَالله أَكْبَرُ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِالله، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ». أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6314). (¬2) أخرجه البخاري برقم (1154).

6 - آداب الرؤيا

6 - آداب الرؤيا - أقسام الرؤيا: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ». متفق عليه (¬1). - ما يقول ويفعل إذا رأى في منامه ما يحب أو يكره: 1 - عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الرُّؤْيا الحَسَنَةُ مِنَ الله، فَإذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ، فَلا يُحَدِّثْ بِهِ إلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ، فَلْيَتَعَوَّذْ بِالله مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلْيَتْفِلْ ثَلاثاً، وَلا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَداً، فَإنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ». متفق عليه (¬2). 2 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا فَإنَّهَا مِنَ الله فَلْيَحْمَدِ الله عَلَيْهَا». أخرجه البخاري (¬3). 3 - وعن جابر رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثاً، وَلْيَسْتَعِذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلاثاً، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ». وفي لفظ: «فَإنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7017)، ومسلم برقم (2263)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7044)، واللفظ له، ومسلم برقم (2261). (¬3) أخرجه البخاري برقم (7045). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2262) ورقم (2263).

- الاستبشار بالرؤيا الصالحة: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلَّا المُبَشِّرَاتُ» قَالُوا: وَمَا المُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ». أخرجه البخاري (¬1). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سَتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ». متفق عليه (¬2). - رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، وَمَنْ رآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رآنِي، فَإنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ فِي صُوْرَتِي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». متفق عليه (¬3). - عدم الإخبار بتلعُّب الشيطان به في المنام: عن جابر رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله رأيت في المنام كأن رأسي قُطع، قال: فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «إذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأحَدِكُمْ فِي مَنَامِهِ فَلا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6990). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6983)، واللفظ له، ومسلم برقم (2263). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (110)، واللفظ له، ومسلم برقم (2134) و (2266). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2268).

7 - آداب الاستئذان

7 - آداب الاستئذان - آداب دخول البيوت: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)} [النور/27]. 2 - وقال الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور/61]. - كيفية الاستئذان: 1 - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاثاً فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن ربعي قال: حدثنا رجل من بني عامر: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: أَلِجُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِخَادِمِهِ: «اخْرُجْ إلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الاسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلْ: السَّلامُ عَلَيكُمْ أَأَدْخُلُ؟» فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيكُمْ أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ. أخرجه أحمد وأبو داود (¬2). - أين يقف من يريد الاستئذان: عن عبد الله بن بُسر رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلْ البَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الأَيْمَنِ أَوِ الأَيْسَرِ، وَيَقُولُ: «السَّلامُ عَلَيكُم، السَّلامُ عَلَيكُمْ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬3). - ما يقوله المستأذن إذا سئل عن اسمه: 1 - عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6245)، واللفظ له، ومسلم برقم (2154). (¬2) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (23515)، وأخرجه أبو داود برقم (5177)، وهذا لفظه. (¬3) صحيح/أخرجه أحمد برقم (17844)، وأخرجه أبو داود برقم (5186)، وهذا لفظه.

عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، قالت فسلمت عليه فقال: «مَنْ هَذِهِ» فقلت أنا أم هانئ بنت أبي طالب فقال: «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن جابر بن عبد الله قال: استأذنت على النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: «مَنْ ذَا؟»، فقلت: أنا، فَقَالَ: «أَنَا أَنَا» كأنه كرهها. متفق عليه (¬2). - أوقات استئذان المماليك والصغار: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)} [النور/ 58]. - عدم نجوى اثنين إلا بإذن الثالث: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فَلا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا فَإنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ». متفق عليه (¬3). - عدم النظر في بيت غيره إلا بإذنه: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَوْ أنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (357)، واللفظ له، ومسلم برقم (336). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6250)، واللفظ له، ومسلم برقم (2150). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6290)، ومسلم برقم (2184) واللفظ له. (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6888)، ومسلم برقم (2158) واللفظ له.

8 - آداب العطاس

8 - آداب العطاس - تشميت العاطس إذا حمد الله: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الله يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإذَا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإذَا قَالَ: هَاءْ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ». أخرجه البخاري (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ». قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ». أخرجه مسلم (¬2). - كيف يُشمّت العاطس؟: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ للهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ الله، فإَذِاَ قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ الله، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ الله وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ». أخرجه البخاري (¬3). - ما يقال للكافر إذا عطس: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كَانَتِ اليَهُودُ تَعَاطَسُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: يَرْحَمُكُمُ الله، فَكَانَ يَقُولُ: «يَهْدِيكُمُ الله، وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6223). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2162). (¬3) أخرجه البخاري برقم (6224). (¬4) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (5038)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2739).

- ما يفعل عند العطاس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوبَهُ عَلَى فِيهِ وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بِهَا صَوتَهُ. أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - متى يُشمَّت العاطس: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: عَطَسَ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: «هَذَا حَمِدَ الله، وَهَذَا لَمْ يَحْمَدِ الله». متفق عليه (¬2). - كم مرة يُشمَّت العاطس؟: 1 - عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: «يَرْحَمُكَ الله» ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّجُلُ مَزْكُومٌ». أخرجه مسلم (¬3). 2 - وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُشَمَّتُ العَاطِسُ ثَلاثاً، فَمَا زَادَ فَهْوَ مَزْكُومٌ». أخرجه ابن ماجه (¬4). - ما يفعله عند التثاؤب: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ». متفق عليه (¬5). 2 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ». أخرجه مسلم (¬6). ¬

(¬1) حسن صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (5029)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2745). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6221)، واللفظ له، ومسلم برقم (2991). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2993). (¬4) صحيح/ أخرجه ابن ماجه برقم (3714). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6223)، ومسلم برقم (2994) واللفظ له. (¬6) أخرجه مسلم برقم (2995).

9 - آداب عيادة المريض

9 - آداب عيادة المريض - فضل عيادة المريض: عن ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ». أخرجه مسلم (¬1). - حكم عيادة المريض: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أَمَرَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِاتِّبَاِع الجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَإجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإبْرَارِ القَسَمِ، وَرَدِّ السَّلامِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالحَرِيرِ، وَالدِّيْبَاجِ، وَالقَسِّيِّ، وَالاسْتَبْرَقِ. متفق عليه (¬2). - ما يقوله إذا رأى صاحب بلاء: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ رَأَى مُبْتَلَىً فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلاءُ». أخرجه الطبراني في الأوسط (¬3). - أين يقعد العائد: 1 - عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ» فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ». أخرجه البخاري (¬4). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2568). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1239)، واللفظ له، ومسلم برقم (2066). (¬3) صحيح/ أخرجه الطبراني في الأوسط برقم (5320)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2737). (¬4) أخرجه البخاري برقم (1356).

2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا عَادَ المرِيضَ جَلَسَ عِنْدَ رَأسِهِ ... . أخرجه البخاري في الأدب المفرد (¬1). - ما يدعو به للمريض عند عيادته: 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَلُ الله العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ إلَّا عَافَاهُ الله مِنْ ذَلِكَ المرَضِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: «أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا»، فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَقُلَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ لِأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى» قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى. متفق عليه (¬3). 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ... وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُوْدُهُ قَالَ: «لا بَأْسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ الله». أخرجه البخاري (¬4). - عيادة النساء للرجال عند أمن الفتنة: عن عائشة رضي الله عنها قالت: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ وُعِكَ أَبُوبَكْرٍ وَبِلالٌ رَضِيَ الله عَنهُمَا قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ ... قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَينَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالجُحْفَةِ». متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (546). (¬2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3106)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2083). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5675)، ومسلم برقم (2191)، واللفظ له. (¬4) أخرجه البخاري برقم (3616). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5654)، واللفظ له، ومسلم برقم (1376).

- عيادة المشرك: عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدِمُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: «أسْلِمْ» فَنَظَرَ إلَى أَبِيْهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أطِعْ أَبَا القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ». أخرجه البخاري (¬1). - النفث على المريض: عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي المَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. متفق عليه (¬2). - إرشاد المريض إلى ما ينفعه: 1 - عن عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه أَنَّهُ شَكَا إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَجَعاً يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ: بِاسْمِ الله ثَلاثاً، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِالله وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ». أخرجه مسلم (¬3). 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأنهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ». متفق عليه (¬4). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ فِي الحَبَّةِ السَّودَاءِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إلَّا السَّامَ». متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (1356). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5735)، واللفظ له، ومسلم برقم (2192). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2202). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5681)، واللفظ له، ومسلم برقم (2205). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5688)، ومسلم برقم (2215) واللفظ له.

- ما يقال من الدعاء عند المريض والميت: 1 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا حَضَرْتُمُ المرِيضَ أَوِ المَيِّتَ فَقُولُوا خَيراً، فَإنَّ الملائكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَة أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَدْ مَاتَ. قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ، وَأعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً» قَالَتْ: فَقُلْتُ. فَأَعْقَبَنِيَ الله مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُ مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: دَخَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ... -وَفِيهِ- ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالمَينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنوِّرْ لَهُ فِيهِ». أخرجه مسلم (¬2). - تقبيل الميت: عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَبَّلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مَيِّتٌ. أخرجه البخاري (¬3). - صفة رقية المريض: 1 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أَنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا فِي سَفَرٍ فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ، فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: نَعَمْ، فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ الرَّجُلُ، فَأُعْطِيَ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَقَالَ: حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (919). (¬2) أخرجه مسلم برقم (920). (¬3) أخرجه البخاري برقم (5709).

مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ» ثُمَّ قَالَ: «خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ اليُمْنَى وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ البَأْسَ، وَاشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَماً». متفق عليه (¬2). 3 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي الرُّقْيةِ: «بِاسْمِ الله تُرْبَةُ أَرْضِنَا، وَرِيقَةُ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإذْنِ رَبِّنَا». متفق عليه (¬3). - يأخذ بسبابته من ريق نفسه، ثم يضعها على التراب، ويمسح بما علق بها على موضع الجرح أو العلة، ويقول هذا الدعاء أثناء المسح. 4 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه أَنَّ جِبريلَ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: بِاسْمِ الله أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، الله يَشْفِيكَ، بِاسْمِ الله أَرْقِيكَ. أخرجه مسلم (¬4). - ما يفعله المسلم إذا وقع الطاعون في بلد: عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيل أوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ فَلا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإذَا وَقَعَ بِأرْضٍ وَأنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا فِرَاراً مِنْهُ». متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2276)، ومسلم برقم (2201)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5743)، واللفظ له، ومسلم برقم (2191). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5746)، واللفظ له، ومسلم برقم (2194). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2186). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3473)، واللفظ له، ومسلم برقم (2218).

10 - آداب اللباس

10 - آداب اللباس - فوائد اللباس: الأولى: الزينة وستر العورة كما قال سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف/26]. الثانية: الوقاية مما يضر كما قال سبحانه: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [النحل/81]. - أفضل اللباس: 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البِسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ فَإنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوتَاكُمْ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كَان أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْبسَهَا الحِبَرَةُ. متفق عليه (¬2). 3 - وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - القَمِيصَ. أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). - موضع الإزار للرجال والنساء: 1 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إزْرَةُ المُسْلِمِ إلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَلا حَرَجَ أَوْ لا جُنَاحَ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَينِ، مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَينِ فَهُوَ فِي النَّارِ، مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَراً لَمْ يَنْظُرِ الله إلَيهِ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬4). 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جَرَّ ثَوبَهُ خُيلاءَ لَمْ يَنْظُرِ الله إلَيهِ يَومَ القِيَامَةِ»، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ: ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4061)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (1472). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5813)، واللفظ له، ومسلم برقم (2079). (¬3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4025)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1764). (¬4) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4093)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3573).

«يُرخِينَ شِبْرًا»، فَقَالَتْ: إذاً تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعاً لا يَزِدْنَ عَلَيهِ». أخرجه الترمذي والنسائي (¬1). - ما جاء في الإسبال من الوعيد: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَينِ مِنَ الإزَارِ فَفِي النَّارِ». أخرجه البخاري (¬2). 2 - وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ الله يَومَ القِيَامَةِ وَلا يَنْظُرُ إلَيهِمْ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثَلاثَ مِرَارٍ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «المُسْبِلُ وَالمَنَّانُ وَالمُنَفِّقُ سِلعَتَهُ بِالحَلَفِ الكَاذِبِ». أخرجه مسلم (¬3). 3 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإسْبَالُ فِي الإزَارِ وَالقَمِيصِ وَالعِمَامَةِ مَنْ جَرَّ مِنْهَا شَيئاً خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ الله إلَيهِ يَومَ القِيَامَةِ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬4). - المنهي عنه من اللباس والفُرُش: 1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ فَإنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ». متفق عليه (¬5). 2 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلَّ لإنَاثِهِمْ». أخرجه الترمذي والنسائي (¬6). 3 - وعن البراء رضي الله عنه قال: أَمَرَنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ: عِيادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالقَسِّيِّ وَالاسْتَبْرَقِ وَالمَيَاثِرِ الحُمْرِ. متفق عليه (¬7). ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (1731)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5336). (¬2) أخرجه البخاري برقم (5787). (¬3) أخرجه مسلم برقم (106). (¬4) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4094)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5334). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5834)، واللفظ له، ومسلم برقم (2069). (¬6) صحيح/ أخرجه الترمذي رقم (1720)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5265). (¬7) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5849)، واللفظ له، ومسلم برقم (2066).

4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا. قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المَائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا». أخرجه مسلم (¬1). 5 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: رَأَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَيَّ ثَوبَينِ مُعَصْفَرَينِ فَقَالَ: «إنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الكُفَّارِ فَلا تَلْبَسْهَا» أخرجه مسلم (¬2). 6 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: نَهَانَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيهِ. أخرجه البخاري (¬3). 7 - وعن خالد قال: وَفَدَ المِقْدَامُ بْنُ مَعْدِيكَرِبَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُبُوسِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا قَالَ: نَعَمْ. أخرجه أبو داود والنسائي (¬4). - ولا يجوز لبس ثياب فيها صليب، أو صورة ذي روح، أو ثياب شهرة. - المنهي عنه من هيئات المشي واللباس: 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} [لقمان/18 - 19]. 2 - وقال الله تعالى عن النساء: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور/31]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لِبْسَتَينِ: أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ بِالثَّوبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيهِ. أخرجه البخاري (¬5). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2128). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2077). (¬3) أخرجه البخاري برقم (5837). (¬4) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (4131)، وأخرجه النسائي برقم (4255)، وهذا لفظه. (¬5) أخرجه البخاري برقم (5821).

4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إذْ خَسَفَ الله بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ». متفق عليه (¬1). 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَعَنَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. أخرجه البخاري (¬2). 6 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَومٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬3). - عدم تبرج النساء باللباس والزينة: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)} [الأحزاب/ 59]. 2 - وقال الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور/31]. 3 - وقال الله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)} [النور/60]. - الاهتمام بالزينة والنظافة: 1 - عن أبي الأحوص عن أبيه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ثَوبٍ دُونٍ فَقَالَ: «أَلَكَ مَالٌ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «مِنْ أَيِّ المَالِ؟» قَالَ: قَدْ آتَانِي الله مِنَ الإبِلِ وَالغَنَمِ وَالخَيلِ وَالرَّقِيقِ. قَالَ: «فَإذَا آتَاكَ الله مَالاً فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ الله عَلَيكَ وَكَرَامَتِهِ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬4). 2 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتَاَناَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَى رَجُلاً شَعِثاً قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ فَقَالَ: «أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ»؟ وَرَأَى رَجُلاً آخَرَ وَعَلَيْهِ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5789)، واللفظ له، ومسلم برقم (2088). (¬2) أخرجه البخاري برقم (5885). (¬3) حسن/أخرجه أحمد برقم (5114)، وأخرجه أبو داود برقم (4031). (¬4) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4063)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5224).

ثِيَابٌ وَسِخَةٌ فَقَالَ: «أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوبَهُ». أخرجه أبوداود والنسائي (¬1). - لباس الرأس: عن عمرو بن حُريث رضي الله عنه قال: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المِنْبَرِ وَعَليَه ِعِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَينَ كَتِفَيهِ. أخرجه مسلم (¬2). - ما يقوله إذا لبس ثوباً جديداً ونحوه: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا اسْتَجَدَّ ثَوباً سَمَّاهُ بِاسْمِهِ: إمَّا قَمِيصاً أَوْ عِمَامَةً ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ كَسَوتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ مِن خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ» قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا لَبِسَ أَحَدُهُمْ ثَوباً جَدِيداً قِيلَ لَهُ: تُبْلِي وَيُخْلِفُ الله تَعَالَى. أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). - ما يُدعى به لمن لبس ثوباً جديداً: عن أم خالد بنت خالد قالت: أُتِيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيْصَةٌ سَودَاءُ فَقَالَ: «مَنْ تَرَونَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الخَمِيصَةَ؟» فَأُسْكِتَ القَومُ. فَقَالَ: «ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ» فَأُتِيَ بِيَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ، وَقَالَ: «أبْلِي وَأخْلِقِي» مَرَّتَينِ. أخرجه البخاري (¬4). - كيفية لبس النعلين: 1 - عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي غَزْوَةٍ غَزَوْنَاهَا: «اسْتَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ؛ فَإنَّ الرَّجُلَ لا يَزَالُ رَاكِباً مَا انْتَعَلَ». أخرجه مسلم (¬5). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأ بِاليَمِينِ، وَإذَا انْتَزَعَ فَلْيَبْدَأ بِالشِّمَالِ، لِتَكُنِ اليُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وآخِرَهُمَا تُنْزَعُ». متفق عليه (¬6). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4062)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5236). (¬2) أخرجه مسلم برقم (1359). (¬3) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4020)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1767). (¬4) أخرجه البخاري برقم (5845). (¬5) أخرجه مسلم برقم (2096). (¬6) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5856)، واللفظ له، ومسلم برقم (2097).

- ما ورد في خواتيم الرجال، وأين تُلبس؟: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ. متفق عليه (¬1). 2 - وعن أنس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ. أخرجه البخاري (¬2). 3 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ، فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ، كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ. أخرجه مسلم (¬3). 4 - وعن أنس رضي الله عنه قال: صنع النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتماً، فقال: «إنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَماً وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشاً، فَلا يَنْقُشْ عَلَيهِ أَحَدٌ» قَالَ: فَإنِّي لأَرَى بَرِيقَهُ فِي خِنْصَرِهِ. أخرجه البخاري (¬4). - ما يباح للنساء لبسه من الذهب: 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما: شَهِدتُّ العِيدَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبةِ، فَأَتَى النِّسَاءَ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الفَتَخَ وَالخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ. متفق عليه (¬5). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلادَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً فَوَجَدَهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاةُ وَلَيسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا فَشَكَوْا ذَلِكَ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَنَزْلَ الله آيَةَ التَّيَمُّمِ. متفق عليه (¬6). - التواضع في اللباس والفراش: 1 - عن أبي بردة قال: أخْرَجَتْ إلَيْنَا عَائِشَةُ كِسَاءً وَإزَاراً غَلِيظاً، فَقَالَتْ: قُبِضَ رُوحُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَيْنِ. متفق عليه (¬7). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إنَّمَا كَانَ فِراشُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، الَّذِي يَنَامُ عَلَيْهِ، أَدَماً حَشْوُهُ لِيفٌ. أخرجه مسلم (¬8). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5864)، ومسلم برقم (2089). (¬2) أخرجه البخاري برقم (5870). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2094). (¬4) أخرجه البخاري برقم (5874). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5880)، واللفظ له، ومسلم برقم (884). (¬6) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (336)، واللفظ له، ومسلم برقم (367). (¬7) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5818)، واللفظ له، ومسلم برقم (2080). (¬8) أخرجه مسلم برقم (2082).

4 - كتاب الأذكار

4 - كتاب الأذكار ويشتمل على ما يلي: 1 - فضائل الأذكار 2 - أنواع الأذكار: وتشمل: 1 - أذكار الصباح والمساء 2 - الأذكار المطلقة 3 - الأذكار المقيدة: وتشمل: 1 - أذكار الأحوال العادية 2 - الأذكار التي تقال في أوقات الشدة 3 - أذكار الأمور العارضة 3 - ما يعتصم به العبد من الشيطان من الأدعية والأذكار 4 - علاج السحر والمس 5 - رقية العين

1 - فضائل الأذكار

كتاب الأذكار 1 - فضائل الأذكار - هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذكر: النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل الخلق ذكراً للهِ عز وجل، فكان يذكر الله في كل أحيانه، وعلى جميع أحواله، فكلامه كله في ذكر الله وما والاه، وكان أمره ونهيه وتشريعه ذكراً منه للهِ سبحانه، وكان إخباره عن ربه في أسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه ذكراً منه لربه، وكان حمده لربه وتسبيحه وتمجيده له، وثناؤه عليه، وسؤاله له، ودعاؤه إياه، وخوفه منه، ورجاؤه إياه ذكراً منه لربه فصلوات الله وسلامه عليه. - ذكرت في هذا الباب ما تيسر من الأذكار الشرعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة. - ذِكْرُ الله عز وجل من أيسر العبادات وأسهلها وأَجَلِّها وأفضلها، فحركة اللسان أخف حركات الجوارح، وقد رتب الله عليه من الفضل والعطاء ما لم يرتب على غيره من الأعمال. - صفة الذكر والدعاء: الأصل في الذكر والدعاء هو الإسرار، والجهر في الذكر والدعاء استثناء لا يكون إلا بما ورد به الشرع. 1 - قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205)} [الأعراف/205]. 2 - وقال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55)} [الأعراف/55].

- فوائد ذكر الله عز وجل: ِذِكْر الله عز وجل له فوائد عظيمة وكثيرة أهمها: أنه يُرضي الرحمن، ويطرد الشيطان، ويُسهِّل الصعب، ويزيل الشر، ويُذهب الهمّ والغم عن القلب، ويقوي القلب والبدن، وينوِّر القلب والوجه، ويجلب الرزق، ويُذهب المخاوف، وهو غراس الجنة. وذِكْر الله عز وجل يحط الخطايا ويُذهبها، وينجي من عذاب الله، ويزيل الوحشة بين العبد وربه، ويورث ذكر الله لعبده، ومحبة الله والأنس به، والإنابة إليه، والقرب منه، وذِكْر الله سبحانه يعطي الذاكر قوة، ويكسوه جلالة ومهابة ونضرة، وهو سبب لنزول السكينة على الذاكرين، وغشيان الرحمة لهم، تحفهم الملائكة، ويذكرهم الله فيمن عنده، ويباهي بهم ملائكته، ولذلك أمرنا الله عز وجل بدوام ذكره. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} [الأحزاب/41 - 42]. - الباقيات الصالحات: الباقيات الصالحات: كل عمل صالح يُرضي الله عز وجل من الأدعية والأذكار وسائر الطاعات، ومن ذلك: 1 - سبحان الله: معناها تقديس الله وتنزيهه عن العيوب والنقائص، ونفي الشريك له في ربوبيته وألوهيته، ونفي الشبيه له في أسمائه وصفاته. 2 - الحمد لله: معناها إثبات جميع المحامد له، فهو المحمود في ذاته وأسمائه وصفاته، وهو المحمود على أفعاله وإنعامه وعلى دينه وشرعه. 3 - لا إله إلا الله: معناها لا معبود بحق إلا الله، فهي تنفي العبادة عن جميع المخلوقات وتثبتها للهِ وحده لا شريك له. 4 - الله أكبر: معناها إثبات صفات الجلال والعظمة والكبرياء للهِ وحده لا شريك له.

5 - لا حول ولا قوة إلا بالله: معناها أن الله وحده صاحب الحول والقوة، فلا يغير الأحوال إلا الله، ولا نتمكن من أي عمل إلا بمعونة الله. - فضل ذكر الله تعالى: 1 - قال الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)} [البقرة/152]. 2 - وقال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)} [الرعد/28]. 3 - وقال الله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} [الأحزاب/35]. 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَقُولُ الله تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إذَا ذَكَرَنِي، فَإنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإنْ تَقَرَّبَ شِبراً إلَيَّ تَقَرَّبْتُ إلَيهِ ذِرَاعاً، وَإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إلَيهِ بَاعاً، وَإنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». متفق عليه (¬1). 5 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ». أخرجه البخاري (¬2). 6 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير في طريق مكة، فمر على جبل يقال له جمدان. فقال «سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ» قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: «الذَّاكِرُونَ الله كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتُ». أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7405)، واللفظ له، ومسلم برقم (2675). (¬2) أخرجه البخاري برقم (6407). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2676).

- فضل مجالس الذكر: 1 - عن الأغر أبي مسلم أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنهما شهدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يَقْعُدُ قَومٌ يَذْكُرُونَ الله عَزَّ وَجَلَّ إلا حَفَّتْهُمُ الملائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عليهمُ السَّكِينةُ، وَذَكَرَهُمُ الله فِيْمَنْ عِنْدَهُ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على حلقة من أصحابه فقال: «مَا أَجْلَسَكُمْ»، قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومن به علينا. قال: «آلله مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟»، قالوا: والله! ما أجلسنا إلا ذاك. قال: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ». أخرجه مسلم (¬2). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً فُضُلًا يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِساً فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ». متفق عليه (¬3). - ذكر الله تعالى والصلاة على نبيه - صلى الله عليه وسلم - في كل مجلس: 1 - قال الله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8)} [المزمل/8]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا جَلَسَ قَومٌ مَجْلِساً لَمْ يَذْكُرُوا الله فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ، إلا كَانَ عَلَيهِمْ تِرَةً، فَإنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ». أخرجه أحمد والترمذي (¬4). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ قَومٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2700). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2701). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6408)، ومسلم برقم (2689)، واللفظ له. (¬4) صحيح/أخرجه أحمد برقم (9580)، وأخرجه الترمذي برقم (3380)، وهذا لفظه.

لا يَذْكُرُونَ الله فِيهِ إلَّا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ، وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - فضل دوام ذكر الله تعالى: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)} [آل عمران/190 - 191]. 2 - وقال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)} [الجمعة/10]. 3 - وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إنَّ شرائع الإسلام قد كثرت عَلَيَّ فأخبرني بشيء أَتَشَبَّثُ به قال: «لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ الله». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬2). 4 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيرٌ لَكُمْ مِنْ إنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ» قَالُوا: بَلَى قَالَ: «ذِكْرُ الله تعالى». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬3). 5 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ الله عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4855)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (3380). (¬2) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3375)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3793). (¬3) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3377)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3790). (¬4) أخرجه مسلم برقم (373).

2 - أنواع الأذكار

2 - أنواع الأذكار 1 - أذكار الصباح والمساء - وقت الأذكار: في الصباح: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. وفي المساء: من دخول وقت العصر إلى غروب الشمس، والأمر فيها واسع لمن عرض له شغل أو نسي. قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)} [ق/39]. - أذكار الصباح والمساء: - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ، وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مِائةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَومَ القِيَامَةِ بَأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، أَوْ زَادَ عَلَيهِ». أخرجه مسلم (¬1). وفي لفظ: «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَو كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ». متفق عليه (¬2). - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَومَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2692). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6405)، ومسلم برقم (2691) واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6403)، ومسلم برقم (2691)، واللفظ له.

- وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي إنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ» قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيلِ، وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ». أخرجه البخاري (¬1). - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كَانَ نَبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا أَمْسَى قَالَ: «أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى المُلْكُ للهِ، وَالحَمْدُ للهِ، لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيرِ هَذِهِ اللَّيلَةِ، وَخَيرِ مَا فِيهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وَالهَرَمِ، وَسُوءِ الكِبَرِ، وَفِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ القَبْرِ». وَإذَا أَصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أَيْضاً «أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْكُ للهِ ... الخ». أخرجه مسلم (¬2). - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا أَصْبَحَ قَالَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإلَيكَ النُّشُورُ»، وإذَا أَمْسَى قَالَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإلَيكَ المَصِيرُ». أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود (¬3). - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: يا رسول الله علِّمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال: «يا أبَا بَكْرٍ قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَات ِوَالأَرْضِ، عَالِمَ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيْكَهُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءاً أَوْ أَجُرَّهُ إلَى مُسْلِمٍ». أخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي (¬4). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6306). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2723). (¬3) صحيح/أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (1234)، وأخرجه أبو داود برقم (5068). (¬4) صحيح/أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (1239) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (3529).

- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَعُ هؤلاء الدعوات حين يمسي، وحين يصبح: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَينِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوقِي، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). - وعن أبي عياش رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَالَ إذَا أَصْبَحَ لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَانَ لَهُ عِدْلُ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، وَكُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ فِي حِرْزٍ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإنْ قَالَهَا إذَا أَمْسَى، كَانَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬2). - وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَومٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِاسْمِ الله الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬3). - وعن عبد الله بن أبزى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إذَا أَصْبَحَ وَإذَا أَمْسَى: «أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الإسْلامِ، وَعَلَى كَلِمَةِ الإخْلاصِ، وَعَلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَعَلَى مِلَّةِ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ المشْرِكِينَ». أخرجه أحمد والدارمي (¬4). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (5074)، وأخرجه ابن ماجه برقم (3871)، وهذا لفظه. (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (5077)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3867). (¬3) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3388)، وأخرجه ابن ماجه برقم (3869)، وهذا لفظه. (¬4) صحيح/أخرجه أحمد برقم (15434) وهذا لفظه، وأخرجه الدارمي برقم (2588).

- وعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه كان له جُرْنٌ من تمر، فكان ينقص، فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم، فسلم عليه، فرد عليه السلام، فقال: ما أنت؟ جنيّ أو إنسيّ؟ قال: لا، بل جني ... -وفيه- فقال أُبيّ: فما ينجينا منكم؟ قال: هذه الآية التي في سورة البقرة: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ... من قالها حين يمسي أُجير منا حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح أُجير منا حتى يمسي، فلما أصبح أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: «صَدَقَ الخَبِيْثُ». أخرجه الحاكم والطبراني (¬1). - وعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَقُولُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ حِينَ يُمْسِي أَوْ يُصْبِحُ: رَضِيتُ بِالله رَبّاً، وَبِالإسْلامِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً، إلَّا كَانَ حَقّاً عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُرْضِيَهُ يَومَ القِيَامَةِ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬2). - وعن معاذ بن عبد الله عن أبيه قال: أَصَابَنَا طَشٌّ وَظُلْمَةٌ فَانْتَظَرْنَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّيَ بِنَا ... فَخَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّيَ بِنَا فَقَالَ: «قُلْ» فَقُلْتُ مَا أَقُولُ: قَالَ: «قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلاثاً يَكْفِيكَ كُلَّ شَيْءٍ». أخرجه الترمذي والنسائي (¬3). - وعن أبي مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْكُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيرَ هَذَا اليَومِ فَتْحَهُ وَنَصْرَهُ وَنُورَهُ وَبَرَكَتَهُ وَهُدَاهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ، وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ، ثُمَّ إذَا أَمْسَى فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ». أخرجه أبو داود (¬4). - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة: «مَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَسْمَعِي مَا أُوْصِيكِ بِهِ؟ أَنْ تَقُولِي إذَا أَصْبَحْتِ وَإذَا أَمْسَيتِ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلا تَكِلْنِي إلَى نَفْسي طَرْفَةَ عَينٍ». ¬

(¬1) صحيح/أخرجه الحاكم برقم (2064)، وأخرجه الطبراني في الكبير (1/ 201). (¬2) حسن/أخرجه أحمد برقم (23499)، وهذا لفظه، وأخرجه أبوداود برقم (5072). (¬3) حسن/أخرجه الترمذي برقم (3575)، وأخرجه النسائي برقم (5428)، وهذا لفظه. (¬4) حسن/أخرجه أبو داود برقم (5084).

أخرجه النسائي في الكبرى والحاكم (¬1). - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: حَسْبِيَ الله لا إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، كَفَاهُ الله عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». أخرجه ابن السني (¬2). - ما يقول صباحاً: وعن جويرية رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: «ما زِلْتِ عَلى الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْها؟» قالت: نعم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ اليَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ». أخرجه مسلم (¬3). - ما يقول مساء: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة، قال: «أَمَا لَو قُلْتَ حِينَ أَمْسَيتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ تَضُرَّكَ». أخرجه مسلم (¬4). - ما يقول ليلاً: عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه النسائي في السنن الكبرى رقم (10405)، وأخرجه الحاكم برقم (2000)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (227). (¬2) صحيح/أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة برقم (71). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2726). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2709). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4008)، واللفظ له، ومسلم برقم (807)

2 - الأذكار المطلقة

2 - الأذكار المطلقة - أوردت في هذا الباب فضائل التسبيح، والتهليل، والتحميد، والتكبير، والاستغفار ونحوها من الأذكار المشروعة في كل وقت. - عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَن: ِ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ». متفق عليه (¬1). - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَحَبُّ الكَلامِ إلَى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ». أخرجه مسلم (¬2). - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيهِ الشَّمْسُ». أخرجه مسلم (¬3). - وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإيْمَانِ، وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ، وَسُبْحَانَ الله وَالحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ أَوْ تَمْلأُ مَا بَينَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَالصَّلاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالقُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَايِعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوْبِقُهَا». أخرجه مسلم (¬4). - وعن أبي ذر رضي الله عنه أَنْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ أَيُّ الكَلامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَا اصْطَفَى الله لِمَلائِكَتِهِ أَوْ لِعِبَادِهِ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ». أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6682)، واللفظ له، ومسلم برقم (2694). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2137). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2695). (¬4) أخرجه مسلم برقم (223). (¬5) أخرجه مسلم برقم (2731).

- وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَومٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟» فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: «يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ». أخرجه مسلم (¬1). وفي لفظ: «تُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، وَتُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ سَيِّئَةٍ». أخرجه أحمد والترمذي (¬2). - وعن جابر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَالَ سُبْحاَنَ الله العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ». أخرجه الترمذي (¬3). - وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَالَ لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مِرَارٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ». أخرجه مسلم (¬4). - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: عَلِّمْنِي كَلاماً أَقُولُه: قال: «قُلْ لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، الله أَكْبَرُ كَبِيراً، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيراً، سُبْحَانَ الله رَبِّ العَالَمِينَ، لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِالله العَزِيزِ الحَكِيمِ» قَالَ: فَهَؤلاءِ لِرَبِّي فَمَا لِي؟ قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي». أخرجه مسلم (¬5). - وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2698). (¬2) صحيح/أخرجه أحمد برقم (1496)، وأخرجه الترمذي برقم (3463)، وهذا لفظه. (¬3) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3465)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (64). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2693). (¬5) أخرجه مسلم برقم (2696).

مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا من الضُّحَى». أخرجه مسلم (¬1). - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَالَ: رَضِيْتُ بِالله رَبّاً، وَبِالإسْلامِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ». أخرجه مسلم وأبو داود (¬2). - وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «يَا عبْدَالله بْنَ قَيسٍ أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟» فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: «قُلْ: لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ». متفق عليه (¬3). - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «وَالله إنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إلَيهِ فِي اليَومِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً». أخرجه البخاري (¬4). - وعن الأغر المزني رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله فِي اليَومِ مِائَةَ مَرَّةٍ». أخرجه مسلم (¬5). - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله عَلَيهِ عَشْراً». أخرجه مسلم (¬6). - وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إلَهَ إلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيهِ ثلاثاً، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإنْ كَانَ فَارّاً مِنَ الزَّحْفِ». أخرجه الحاكم (¬7). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (720). (¬2) أخرجه مسلم برقم (1884)، وأخرجه أبو داود برقم (1529)، وهذا لفظه. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6384)، ومسلم برقم (2704) واللفظ له. (¬4) أخرجه البخاري برقم (6307). (¬5) أخرجه مسلم برقم (2702). (¬6) أخرجه مسلم برقم (408). (¬7) صحيح/أخرجه الحاكم برقم (2550)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2727).

3 - الأذكار المقيدة

3 - الأذكار المقيدة 1 - أذكار الأحوال العادية - ما يقول إذا لبس ثوباً جديداً وما يقال له: 1 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا اسْتَجَدَّ ثَوباً سَمَّاه بِاسْمِهِ: إمَّا قَمِيصاً أَوْ عِمَامَةً ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيْهِ أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ، وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ، وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ». قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا لَبِسَ أَحَدُهُمْ ثَوباً جَدِيداً قِيلَ لَهُ: تُبْلِي وَيُخْلِفُ الله تَعَالَى. أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). 2 - وعن أم خالد رضي الله عنها قالت: أُتِيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِثِيَابٍ فِيهَا خَميصَةٌ سَودَاءُ فَقَالَ: «مَنْ تَرَونَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الخَميصَةَ؟» فَأُسْكِتَ القَومُ فَقَالَ: «ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ» فَأُتِيَ بِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ وَقَالَ: «أبْلِي وَأخْلِقِي» مَرَّتينِ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَى عَلَمِ الخَميصَةِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إلَيَّ، وَيَقُولُ: «يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنا» أي: حسن. أخرجه البخاري (¬2). - ما يقول عند دخول البيت: عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ الله عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ، لا مَبِيتَ لَكُمْ وَلا عَشَاءَ، وَإذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ الله عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ، وَإذَا لَمْ يَذْكُرِ الله عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ». أخرجه مسلم (¬3). - ما يقول عند الخروج من البيت: 1 - عن أم سلمة رضي الله عنها أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خَرج مِنْ بَيْتِه قَالَ: «بسم الله ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4020)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1767). (¬2) أخرجه البخاري برقم (5845). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2018).

تَوكّلت عَلى الله اللَّهُمَّ إنّا نعُوذُ بِكَ من أَنْ نزِلَّ أَوْ نضِلَّ، أَوْ نظْلِمَ أَوْ نُظْلَمَ، أَوْ نجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَينا». أخرجه الترمذي والنسائي (¬1). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِاسْمِ الله، تَوَكَّلْتُ عَلَى الله، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ» قَالَ: «يُقَالُ حِينَئِذٍ هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). - ما يقول إذا أراد دخول الخلاء: عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبْثِ وَالخَبَائِثِ». متفق عليه (¬3). - ما يقول إذا خرج من الخلاء: عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا خَرَجَ مِنَ الغَائِطِ قَالَ: «غُفْرَانَكَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). - ما يقول عند دخول المسجد والخروج منه: 1 - «اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ» أخرجه مسلم (¬5). 2 - «أَعُوذُ بِالله العَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ القَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». أخرجه أبو داود (¬6). وَإذَا خَرَجَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ» أخرجه مسلم (¬7). ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (3427)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5486). (¬2) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (5095)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (3426). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (142)، ومسلم برقم (375) (¬4) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (30)، وأخرجه الترمذي برقم (7). (¬5) أخرجه مسلم برقم (713). (¬6) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (466). (¬7) أخرجه مسلم برقم (713).

- ما يقول حين يسمع الأذان: 1 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذَا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى الله عَلَيهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا الله لِيَ الوَسِيلَةَ فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِالله رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَبِالإسْلامِ دِيناً، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ». أخرجه مسلم (¬2). 3 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَومَ القِيَامَةِ». أخرجه البخاري (¬3). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (384). (¬2) أخرجه مسلم برقم (386). (¬3) أخرجه البخاري برقم (614).

2 - الأذكار التي تقال في أوقات الشدة

2 - الأذكار التي تقال في أوقات الشدة - ما يقول عند الكرب: 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: «لا إلَهَ إلَّا الله العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا الله رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا الله رَبُّ السَّماَوَاتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ الكَريمِ». متفق عليه (¬1). 3 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: «لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ» فإنه لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلَّا اسْتَجَابَ الله لَهُ». أخرجه الترمذي (¬2). - ما يقول إذا راعه شيء: عن ثوبان رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا رَاعَهُ شَيْءٌ قَالَ: «هُوَ الله رَبِّي لا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً». أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (¬3). - ما يقول إذا أصابه هَمّ أو حزن: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلا حُزْنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِن خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ القُرآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6346)، ومسلم برقم (2730). (¬2) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3505). (¬3) صحيح/أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة برقم (657)، انظر «السلسلة الصحيحة» رقم (2070).

هَمِّي، إلَّا أَذْهَبَ الله هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحَاً» قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله ألا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ: «بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا». أخرجه أحمد (¬1). - ما يقول إذا خاف قوماً: 1 - «اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - «اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ».أخرجه أحمد وأبو داود (¬3). - ما يقول عند لقاء العدو: 1 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا غَزَا قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قَالَهَا إبرَاهِيمُ عَلَيهِ السَّلامُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}. أخرجه البخاري (¬5). - ما يقول إذا لحقه العدو: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى المدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَابٌّ لَا يُعْرَفُ، قَالَ فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (3712)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (199). (¬2) أخرجه مسلم برقم (3005). (¬3) صحيح/أخرجه أحمد برقم (19958)، وأخرجه أبو داود برقم (1537)، وهذا لفظه. (¬4) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2632)، وأخرجه الترمذي برقم (3584). (¬5) أخرجه البخاري برقم (4563).

يَهْدِينِي السَّبِيلَ، قَالَ فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الخَيْرِ، فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ يَا رَسُولَ الله هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا، فَالْتَفَتَ نَبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ» فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ ثُمَّ قَامَتْ ُتحَمْحِمُ. أخرجه البخاري (¬1). - ما يقول عند طلب النصر على العدو: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». متفق عليه (¬2). - ما يقول من الدعاء على مَنْ ظلم المسلمين: 1 - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَومَ الخَنْدَقِ فَقَالَ: «مَلأَ الله قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَاراً كَمَا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ». متفق عليه (¬3). 2 - «اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيهِمْ سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ». متفق عليه (¬4). - ما يقول إذا غلبه أمر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إلَى الله مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِالله وَلا تَعْجَزْ، وَإنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلا تَقُلْ: لَو أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (4563). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2966)، ومسلم برقم (1742). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6396) واللفظ له، ومسلم برقم (627). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1006)، ومسلم برقم (675) واللفظ له.

وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ الله وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ». أخرجه مسلم (¬1). - ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً: عن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْباً فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَينِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ الله إلَّا غَفَرَ الله لَهُ»، ثم قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} إلى آخر الآية. أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). - ما يقول من عليه دين عجز عنه: 1 - عن علي رضي الله عنه أَنَّ مُكَاتَباً جَاءَهُ فَقَالَ: إنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي قَالَ: أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ ثَبِيرٍ دَيْناً أَدَّاهُ الله عَنْكَ؟ قال: قُلْ: «اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغَنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ». أخرجه أحمد والترمذي (¬3). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّينِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». أخرجه البخاري (¬4). - ما يقول من أصابته نكبة صغيرة أو كبيرة: 1 - قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة/155 - 157]. 2 - وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2664). (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1521)، وأخرجه الترمذي برقم (3006). (¬3) حسن/أخرجه أحمد برقم (1319)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (266)، وأخرجه الترمذي برقم (3563). (¬4) أخرجه البخاري برقم (6369).

تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إنَّا للهِ وَإنَّا إلَيهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيراً مِنْهَا إلَّا أَجَرَهُ الله فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيراً مِنْهَا». أخرجه مسلم (¬1). - ما يقول لطرد الشيطان ووساوسه: 1 - قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)} [فصلت/36]. 2 - الأذان، المحافظة على الأذكار، تلاوة القرآن، آية الكرسي، ونحو ذلك مما سيأتي إن شاء الله. - ما يقول عند الغضب: عن سليمان بن صُرَد رضي الله عنه قال: اسْتَبَّ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ مُغْضَباً قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَو قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَو قَالَ: أَعُوذُ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .. ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (918). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6115) واللفظ له، ومسلم برقم (2610).

3 - أذكار الأمور العارضة

3 - أذكار الأمور العارضة - ما يقول عند القيام من المجلس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ، إلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ». أخرجه أحمد والترمذي (¬1). - ما يقول إذا سمع صياح الديكة، ونهيق الحمير، ونباح الكلاب: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ، فَإنَّهَا رَأَتْ مَلَكاً، وَإذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ فَإنَّهَا رَأَتْ شَيْطَاناً». متفق عليه (¬2). 2 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الكِلابِ، وَنَهِيقَ الحُمُرِ بِاللَّيلِ فَتَعَوَّذُوْا بِالله، فَإنَّهُنَّ يَرَيْنَ مَا لا تَرَوْنَ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬3). - ما يقول إذا رأى مبتلى بمرض أو غيره: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ رَأَى مُبْتَلَىً فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً لَمْ ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (10420)، وأخرجه الترمذي برقم (3433)، وهذا لفظه. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3303) واللفظ له، ومسلم برقم (2729). (¬3) صحيح/أخرجه أحمد برقم (14334)، وأخرجه أبو داود برقم (5103)، وهذا لفظه.

يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلاءُ». أخرجه الطبراني في الأوسط (¬1). - ما يقول لمن نُصح ثم استكبر: عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِشِمَالِهِ فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِيْنِكَ» قَالَ: لا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: «لا اسْتَطَعْتَ» مَا مَنَعَهُ إلَّا الكِبْرُ، قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إلَى فِيْهِ. أخرجه مسلم (¬2). - ما يقول إذا شرع في إزالة المنكر: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: دَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ وَحَوْلَ البَيْتِ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُباً، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: «{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ}». متفق عليه (¬3). - ما يقوله لمن صنع إليه معروفاً: 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الخَلاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وُضُوءاً، قَالَ: «مَنَ وَضَعَ هَذَا؟» فَأُخْبِرَ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». متفق عليه (¬4). 2 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صُنِعَ إلَيهِ معْرُوفٌ فقال لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ الله خَيراً، فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ».أخرجه الترمذي (¬5). 3 - وعن عبد الله بن أبي ربيعة رضي الله عنه قال: اسْتَقْرَضَ مِنِّي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعِينَ ¬

(¬1) صحيح/أخرجه الطبراني في الأوسط برقم (5320)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2737). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2021). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2478) واللفظ له، ومسلم برقم (1781). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (143) واللفظ له، ومسلم برقم (2477). (¬5) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (2035).

أَلْفاً فَجَاءَهُ مَالٌ فَدَفَعَهُ إلَيَّ وَقَالَ: «بَارَكَ الله لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، إنَّمَا جَزَاءُ السَّلَفِ الحَمْدُ وَالأَدَاءُ». أخرجه النسائي وابن ماجه (¬1). - ما يقوله إذا رأى الباكورة من الثمر: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: كَانَ النَّاسُ إذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاؤُوْا بِهِ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَإذَا أَخَذَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِيْنَتِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا ... » قَالَ: ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ لَهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ. أخرجه مسلم (¬2). - ما يفعله إذا أتاه أمر يسره: عن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذَا أَتَاهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ أَوْ يُسَرُّ بِهِ خَرَّ سَاجِداً شُكْراً للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬3). - ما يقال عند التعجب والسرور: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّهُ لَقِيَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ المَدِيْنَةِ وَهُوَ جُنُبٌ فَانْسَلَّ فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ فَتَفَقَّدَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا جَاءَهَ قَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيرَةَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ الله لَقِيْتَنِي وأَنَاَ جُنُبٌ فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ حَتَّى أَغْتَسِلَ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «سُبْحَانَ الله إنَّ المُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ». متفق عليه (¬4). 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما -وفيه- .. قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ الله: أَطَلَّقْتَ ¬

(¬1) حسن/أخرجه النسائي برقم (4683)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2424). (¬2) أخرجه مسلم برقم (1373). (¬3) حسن/ أخرجه الترمذي برقم (1578)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1394)، وهذا لفظه. (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (283)، ومسلم برقم (371) واللفظ له.

نِسَاءَكَ، فَرَفَعَ إلَيَّ بَصَرَهُ فَقَالَ: «لا» فَقُلْتُ: الله أَكْبَرُ ... متفق عليه (¬1). - ما يقول إذا هاجت الريح: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفت الريح قال: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ». أخرجه مسلم (¬2). - ما يقول إذا رأى السحاب والمطر: 1 - عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى المطر قال: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا». أخرجه البخاري (¬3). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا رأى سَحَاباً مُقبلاً من أُفُقٍ منَ الآفاقِ ترَكَ ما هُوَ فيه وإنْ كانَ في صَلاتِهِ حَتَّى يَسْتَقْبِلَهُ فيقُولُ: «اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ من شَرّ مَا أُرْسِلَ بِهِ» فإنْ أمطَرَ قالَ: «اللَّهُمَّ سَيْباً نَافِعاً» مَرَّتْينِ أو ثلاثةً، وإنْ كَشَفَهُ الله عزَّ وجلَّ ولمْ يُمطِرْ حَمِدَ الله على ذَلكَ. أخرجه البخاري في الأدب المفرد وابن ماجه (¬4). - ما يقوله بعد نزول المطر «مُطِرْنَا بِفَضْلِ الله وَرَحْمَتِهِ». متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5191) واللفظ له، ومسلم برقم (1479). (¬2) أخرجه مسلم برقم (899). (¬3) أخرجه البخاري برقم (1032). (¬4) صحيح/ أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (707)، وأخرجه ابن ماجه برقم (3889). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1038)، ومسلم برقم (71).

- ما يقول من الدعاء لخادمه: عن أنس رضي الله عنه قال: قالت أمي: يا رسول الله خادمك ادع الله له، فقال: «اللَّهُمَّ أكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ». متفق عليه (¬1). - ما يقول إذا أراد مدح مسلم: عن أبي بكرة رضي الله عنه -وفيه- .. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحاً صَاحِبَهُ لا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلاناً، وَالله حَسِيْبُهُ، وَلا أُزَكِّي عَلَى الله أَحَداً، أَحْسِبُهُ -إنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَاكَ- كَذَا وَكَذَا». متفق عليه (¬2). - ما يقول إذا زُكِّي: عن عدي بن أرطأة قال: كان الرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا زُكي قال: اللَّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ. أخرجه البخاري في الأدب المفرد (¬3). - ما يقول من أراد المال والولد: قال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح / 10 - 12]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6344) واللفظ له، ومسلم برقم (660). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2662)، ومسلم برقم (3000) واللفظ له. (¬3) صحيح/أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (782).

3 - ما يعتصم به العبد من الشيطان من الأدعية والأذكار

3 - ما يعتصم به العبد من الشيطان من الأدعية والأذكار - الأمراض: أنواعها وعلاجها: الأمراض نوعان: أمراض القلوب، وأمراض الأبدان، وأمراض القلوب نوعان: 1 - مرض شبهة كما قال الله عز وجل عن المنافقين: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)} [البقرة/10]. 2 - مرض شهوة كما قال الله عز وجل لأمهات المؤمنين: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب/32]. أما أمراض الأبدان فهو ما يصيبها من الأدواء والعلل. وطب القلوب يعرف بواسطة الرسل عليهم الصلاة والسلام فقط، فإنه لا صلاح للقلوب إلا أن تكون عارفة بربها وفاطرها، وبأسمائه وصفاته، وأفعاله وشرعه، مُؤْثِرة لمرضاته ومحابه، متجنبة لمناهيه ومساخطه. وطب الأبدان نوعان: نوع فطر الله عليه الحيوان ناطقه وبهيمه فهذا لا يحتاج إلى طبيب كطب الجوع والعطش والتعب تعالج بأضدادها، ونوع يحتاج إلى فكر وتأمل وعلاجه يكون بالأدوية الطبيعية، أو الإلهية، أو بهما معاً. - أمراض القلب: مرض القلب خروجه عن صحته واعتداله، فإن صحته أن يكون عارفاً بالحق، محباً له، مُؤْثِراً له على غيره، فمرضه إما بالشك فيه، وإما بإيثار غيره عليه، فمرض المنافقين مرض شك وشبهة، ومرض العصاة مرض شهوة، وللقلب أمراض أخرى من الرياء، والكبر، والعجب، والحسد، والفخر، والخيلاء وحب الرئاسة والعلو في الأرض، وهذه الأمراض مركبة ومتولدة من مرضي الشبهة والشهوة نسأل الله الصحة والعافية.

دفع شرور شياطين الإنس والجن

- دفع شرور شياطين الإنس والجن: 1 - أمر الله بمصانعة العدو الإنسي وملاطفته والإحسان إليه ليرده عنه طبعه الطيب الأصل إلى الموالاة وكريم الأخلاق، فقال سبحانه: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} ... [فصلت/34 - 35]. 2 - وأمر الله عز وجل بالاستعاذة بالله من العدو الشيطاني الذي لا يقبل مصانعة ولا إحساناً، بل طبعه إغواء بني آدم وعداوتهم، فقال سبحانه: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)} [فصلت/36]. - المَلَك والشيطان يتعاقبان على قلب ابن آدم تعاقب الليل والنهار، فمن الناس من يكون ليله أطول من نهاره، ومنهم من يكون نهاره أطول من ليله، ومنهم من يكون زمانه كله ليلاً، ومنهم من يكون زمانه كله نهاراً، وللملك بقلب ابن آدم لَمَّة، وللشيطان لَمَّة، وما أَمَر الله بأمرٍ إلا وللشيطان فيه نزغتان: فإما إلى غلو ومجاوزة، وإما إلى تفريط وتقصير. - عداوة الشيطان لبني آدم: اختص الله عز وجل المخلوقات المكلفة وهي الإنس والجن بثلاث نعم أساسية وهي: العقل، والدين، وحرية الاختيار، وإبليس أول من أساء استخدام هذه النعم بتمرده على أمر ربه، بل أصر على العصيان، وطلب الإمهال إلى يوم البعث لاستغلال هذه النعم أسوأ استغلال بإغواء بني آدم، وتزيين المعاصي لهم ليتبعوه إلى النار. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)} [فاطر/6]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5)} [يوسف/5]. 3 - وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ عَرْشَ إبْلِيسَ

مظاهر عداوة الشيطان

عَلَى البَحْرِ فَيَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ، فَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً». أخرجه مسلم (¬1). - مظاهر عداوة الشيطان: عداوة الشيطان للإنسان أشكال وألوان يعرضها على بني آدم بصور مختلفة: فمنها: إغواء بني آدم وتزيين الشرور والآثام لهم، ثم يتبرأ منهم. ومنها: إغواء بني آدم بالوسوسة في العمل. ومنها: أنه يضل بني آدم ويَعِدُهم ويُمنِّيهم وينزغ بينهم. ومنها: أنه يَؤُزُّهم إلى المعاصي وسائر المحرمات. ومنها: أنه قعد لابن آدم بطرق الخير كلها يمنعه منها، ويثبطه، ويَعُوقه، ويخوِّفه. ومنها: أنه يسعى في التحريش بينهم، وإلقاء العداوة والبغضاء بينهم. ومنها: إثارة الحسد والغل في قلوبهم. ومنها: إيذاؤهم بأنواع الشرور والأسقام، وصدهم عن سبيل الله بكل ما يقدر عليه. ومنها: أنه يبول في أذن العبد حتى ينام إلى الصباح، ويعقد على رأسه عقداً تمنعه من اليقظة. فمن سمع للشيطان وأطاعه، وانقاد له، صار من حزبه، وحُشر معه في النار، ومن أطاع ربه، وعصى الشيطان، حفظه منه، وأدخله الجنة. 1 - قال الله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19)} [المجادلة/19]. 2 - وقال الله تعالى: {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2813).

سبل الشيطان

الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)} [الإسراء/63 - 65]. 3 - وعن سبرة بن أبي فاكه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لابْنِ آدَمَ بَأَطْرُقِهِ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الإسلاِم، فَقَالَ: تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وآبَاءِ أَبِيكَ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ. ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الهِجْرَةِ فَقَالَ: تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ، وَإنَّمَا مَثَلُ المُهَاجِرِ كَمَثَلِ الفَرَسِ فِي الطِّوَلِ فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ. ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الجِهَادِ، فَقَالَ: تُجَاهِدُ فَهُوَ جُهْدُ النَّفْسِ وَالماَلِ فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ المَرْأَةُ، وَيُقْسَمُ المَالُ، فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ» فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقّاً عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ .. ». أخرجه أحمد والنسائي (¬1). - سبل الشيطان: السبل التي يسلكها الإنسان أربعة: اليمين والشمال، والأمام والخلف، وأي سبيل سلكها الإنسان من هذه وجد الشيطان عليها رصداً له. فإن سلكها العبد في طاعة وجد الشيطان عليها يثبطه عنها ويبطئه ويعوقه. وإن سلكها في معصية وجده عليها حاملاً له وخادماً ومعيناً ومزيناً. قال الله تعالى: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)} [الأعراف/ 16 - 17]. - مداخل الشيطان: المداخل التي يأتي الشيطان من قِبلها إلى الإنسان ثلاثة: الشهوة، والغضب، والهوى، فالشهوة بهيمية، وبها يصير الإنسان ظالماً لنفسه، ومن نتائجها ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (16054)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2979)، وأخرجه النسائي برقم (3134)، وهذا لفظه.

خطوات الشيطان

الحرص والبخل. والغضب سبعية، وهو آفة أعظم من الشهوة، وبالغضب يصير الإنسان ظالماً لنفسه ولغيره، ومن نتائجه العجب والكبر. والهوى شيطانية، وهو آفة أعظم من الغضب، وبالهوى يتعدى ظلمه إلى خالقه بالشرك والكفر، ومن نتائجه الكفر والبدعة، وأكثر ذنوب الخلق بهيمية؛ لعجزهم عن غيرها، ومنها يدخلون إلى بقية الأقسام. - خطوات الشيطان: جميع الشرور في العالم الشيطان هو السبب فيها، ولكن ينحصر شره في سبع خطوات، لا يزال بابن آدم حتى ينال منه واحداً أو أكثر: فأول وأعظم شر يريده من العبد شر الكفر والشرك وعداوة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. فإن يئس منه نقله إلى شر البدعة وهي الثانية. فإن عجز عنه نقله إلى شر الكبائر على اختلافها وهي الثالثة. فإن عجز عنه نقله إلى شر الصغائر وهي الرابعة. فإن عجز عنه أشغله بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب عن الطاعات والواجبات وهي الخامسة. فإن عجز عنه أشغله بالعمل المفضول عن الفاضل كإشغاله بالنوافل حتى تفوت الفرائض وهكذا وهي السادسة. فإن عجز عنه سلط عليه حزبه من شىطين الإنس والجن بأنواع الأذى؛ ليشغله ويشوِّش عليه، فالمؤمن لا يزال في جهاد حتى يلقى الله، نسأل الله العون والثبات. - ما يعتصم به العبد من الشيطان: يتحصن العبد من الشيطان ويحترز من شره بما ورد في القرآن الكريم وثبت في السنة النبوية الصحيحة من الأدعية والأذكار، وفيهما الشفاء والرحمة والهدى والعصمة من جميع الشرور في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى، ومن ذلك:

الحرز الأول: الاستعاذة بالله العظيم، فقد أمر الله عز وجل رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يستعيذ بالله من الشيطان على وجه العموم، وعند قراءة القرآن، وعند الغضب، وعند الوسوسة، وعند الحُلْم المكروه على وجه الخصوص. 1 - قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)} [فصلت/36]. 2 - وقال الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99)} [النحل/98 - 99]. الحرز الثاني: التسمية، فالتسمية حرز من الشيطان، وعصمة من مخالطته للإنسان في طعامه وشرابه، وجماعه، ودخوله بيته ونحو ذلك مما ورد. 1 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ الله عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لا مَبِيتَ لَكُمْ وَلا عَشَاءَ، وَإذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ الله عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ، وَإذَا لَمْ يَذْكُرِ الله عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَو أَنَّ أَحَدَكُمْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَقَالَ: بِاسْمِ الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإنَّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا». متفق عليه (¬2). الحرز الثالث: قراءة المعوذتين: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} عند النوم، وأدبار الصلوات، وعند المرض، ونحو ذلك كما سبق. عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَينَ الجُحْفَةِ وَالأَبْوَاءِ إذْ غَشِيَتْنَا رِيْحٌ وَظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ بـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} وَيَقُولُ: «يَا عُقْبَةُ تَعَوَّذْ بِهِمَا فَمَا تَعَوَّذَ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2018). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7396) واللفظ له، ومسلم برقم (1434).

مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا».قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَؤُمُّنَا بِهِمَا فِي الصَّلاةِ. أخرجه أحمد وأبو داود (¬1). الحرز الرابع: قراءة آية الكرسي: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وَكَّلَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَصَّ الحَدِيثَ فَقَالَ: إذَا أَوَيْتَ إلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَمْ يَزَلْ مَعَكَ مِنَ الله حَافِظٌ، وَلا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ». أخرجه البخاري معلقاً (¬2). الحرز الخامس: قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ ... } إلى آخر السورة. عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَرَأَ هَاتَينِ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». متفق عليه (¬3). الحرز السادس: قراءة سورة البقرة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ». أخرجه مسلم (¬4). الحرز السابع: كثرة ذكر الله تعالى بقراءة القرآن، والتسبيح والتحميد، والتكبير والتهليل، ونحوها. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (17483)، وأخرجه أبو داود برقم (1463)، وهذا لفظه. (¬2) أخرجه البخاري معلقاً برقم (5010)، ووصله النسائي وغيره بسند صحيح، انظر مختصر صحيح البخاري للألباني (2/ 106). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5009)، ومسلم برقم (808) واللفظ له. (¬4) أخرجه مسلم برقم (780).

وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَومَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ إلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ». متفق عليه (¬1). الحرز الثامن: دعاء الخروج من المنزل: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِاسْمِ الله، تَوَكَّلْتُ عَلَى الله، لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ» قَالَ: «يُقَالُ حِيْنَئِذٍ هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). الحرز التاسع: الدعاء إذا نزل منزلاً: عن خولة بنت حكيم السلمية رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَإنَّهُ لا يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ». أخرجه مسلم (¬3). الحرز العاشر: كظم التثاوب، ووضع اليد على الفم: 1 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ». أخرجه مسلم (¬4). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «التّثَاوُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ». متفق عليه (¬5). الحرز الحادي عشر: الأذان: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ، حَتَّى إذَا ثُوِّبَ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6403) واللفظ له، ومسلم برقم (2691). (¬2) صحيح/ أخرجه أبوداود برقم (5095)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (3426). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2708). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2995). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3289)، ومسلم برقم (2994) واللفظ له.

لِلصَّلاةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُر حَتَّى َيظَلَّ الرَّجُلُ لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى». متفق عليه (¬1). الحرز الثاني عشر: دعاء دخول المسجد: عن عقبة قال: حدثنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ إذَا دَخَلَ المَسْجِدَ قَالَ: «أَعُوذُ بِالله العَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ القَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» قَالَ: أَقَطُّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإذَا قَالَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْطَانُ: حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ اليَومِ. أخرجه أبو داود (¬2). الحرز الثالث عشر: الوضوء والصلاة، ولا سيما عند الغضب والشهوة، فما أطفأ العبد جمرة الغضب والشهوة بمثل الوضوء والصلاة. الحرز الرابع عشر: طاعة الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتجنب فضول النظر، والكلام، والطعام، والمخالطة. الحرز الخامس عشر: تطهير البيت من الصور، والتماثيل، والكلاب، والأجراس. 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتاً فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ تَصَاوِيرُ». أخرجه مسلم (¬3). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تَصْحَبُ المَلائِكَةُ رُفْقَةً فِيْها كَلْبٌ وَلا جَرَسٌ». أخرجه مسلم (¬4). الحرز السادس عشر: اجتناب مساكن الجن والشياطين كالأماكن الخربة، والأماكن النجسة، كالحشوش، والمزابل، والأماكن الخالية من الإنس كالصحاري، وشواطئ البحار البعيدة ومرابض الإبل ونحوها. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (608)، واللفظ له، ومسلم برقم (389). (¬2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (466). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2112). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2113).

4 - علاج السحر والمس

4 - علاج السحر والمس - السحر: هو عزائم ورقى وعُقَد تؤثر في القلوب والأبدان. - السحر شر محض، وظلم وبغي وعدوان، واعتداء على حقوق العبد إما في بدنه، أو ماله، أو عقله، أو علاقته مع غيره. - المس: هو صرع الجن للإنس. - أحوال الإنس مع الجن: الجن أحياء عقلاء، مأمورون منهيون، لهم طاعات ومعاص، ولهم ثواب وعقاب: 1 - فمن كان من الإنس يأمر الإنس ويأمر الجن بما أمر الله ورسوله به من الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فهذا من أفضل أولياء الله. 2 - ومن استعمل الجن فيما نهى الله ورسوله عنه إما في الشرك، أو قتل معصوم الدم، أو عدوان كأن يمرضهم، وإما في فاحشة، فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان. 3 - ومن استعان بهم على ما يظن أنه من الكرامات فهذا مغرور قد مكروا به. 4 - ومن استعمل الجن في أمور مباحة فهذا يمنع منه؛ لعدم وروده في الشرع. - أسباب المس: المس يقع بشكل مباشر من الجن إما عن شهوة وهوى وعشق كما يقع للإنس، أو يقع عن بغض ومجازاة لمن ظلمهم أو آذاهم من الإنس إما بقتل بعضهم، أو صب ماء حار، أو البول على بعضهم، وقد يكون عن عبث من الجن وشر كسفهاء الناس. - علاج السحر والمس له حالتان: الأولى: أن يُعرف موضع السحر فيُستخرج ويُتلف فيبطل معه السحر بإذن الله،

وهذا أبلغ ما يُعالج به المسحور، ويمكن معرفة موضع السحر: إما بالرؤيا في المنام، أو يوفقه الله لرؤيته أثناء البحث عن السحر، أو عن طريق الجن إذا قرأ على المسحور فينطق الجني ويخبر بمكان السحر. - عن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سُحِرَ حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلا يَأْتِيهِنَّ. قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَعَلِمْتِ أَنَّ الله قَدْ أَفْتَانِي فِيْمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ. فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بنُ الأَعْصَمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ كَانَ مُنَافِقاً، قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، قَالَ: وَأَيْنَ؟ قَالَ: فِي جُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ تَحْتَ رَعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ» قَالَتْ: فَأَتَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - البِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ ... متفق عليه (¬1). الثانية: ألاّ يعرف موضع السحر فيعالج حينئذ بأمرين: 1 - الرقية الشرعية: وهي ما اجتمع فيها ثلاثة شروط: أن تكون بكلام الله تعالى، فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، أو كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وباللسان العربي، أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بقدرة الله تعالى. 2 - الدواء المباح شرعاً كالعسل، والعجوة، والحبة السوداء، والحجامة ونحوها. - عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ». أخرجه البخاري (¬2). - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5765)، واللفظ له، ومسلم برقم (2189). (¬2) أخرجه البخاري برقم (5681).

تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ اليَومَ سُمٌّ وَلا سِحْرٌ». متفق عليه (¬1). وفي رواية لمسلم: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِمَّا بَيْنَ لابَتَيْهَا حِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ حَتَّى يُمْسِيَ». - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ فِي الحَبَّةِ السَّودَاءِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إلَّا السَّامَ». متفق عليه (¬2). - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَإحْدَى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ». أخرجه أبو داود (¬3). - يتوضأ الراقي ثم يبدأ بالقراءة على المريض، مرتلاً للآيات، وينفث على المريض بما تيسر من القرآن، ومن ذلك: سورة الفاتحة، آية الكرسي، خواتم سورة البقرة، سورة الكافرون، سورة الإخلاص، والمعوذتان، وآيات السحر والجان، ومنها: - {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)} [الأعراف/ 117 - 122]. - {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82)} [يونس/ 79 - 82]. - {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5769)، ومسلم برقم (2047) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5688)، ومسلم برقم (2215) واللفظ له. (¬3) حسن/أخرجه أبو داود برقم (3861)، انظر صحيح الجامع رقم (5968).

السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)} [طه/65 - 69]. - {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ... } إلخ الآية [البقرة/102]. - {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)} [الصافات/ 1 - 10]. - {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32)} ... [الأحقاف/ 29 - 32]. - {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36)} [الرحمن/33 - 36]. - {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)} [القلم/51 - 52]. - {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)} [المؤمنون/115]. - ثم يدعو بالأدعية النبوية الصحيحة كما سيأتي إن شاء الله في رقية العين.

5 - رقية العين

5 - رقية العين - العين: هي سهام تخرج من نَفْس الحاسد والعائن نحو المحسود والمَعِين. تصيبه تارة، وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفاً لا وقاية عليه أثَّرت فيه ولا بد، وإن صادفته حذراً مُحصَّناً لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه. - العينُ التي تصيب بني آدم نتيجة من نتائج الحسد، أو انبهار شديد بما يرى العائن مع غفلة عن ذكر الله تعالى، وقد يتبعها شيطان من شياطين الجن. - كيفية الإصابة بالعين: يطلق العائن الوصف على من يريد بدون ذكر اسم الله تعالى ولا تبريك، فَتَتَلَقَّفُه الأرواح الشيطانية الحاضرة، وتعمد إلى إهلاك المعيون أو إيذائه إذا أراد الله عز وجل، ولم يكن ثمة تحصين. - من أصابته عين فله حالتان: 1 - إن عَرف العائن فعليه أن يأمره بالاغتسال، وعلى العائن أن يمتثل ويغتسل طاعة للهِ عز وجل ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يُؤخذ الماء الذي اغتسل فيه العائن ويُصب من خلف المعين دفعة واحدة فيبرأ بإذن الله تعالى. 2 - عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العَيْنُ حَقٌّ، وَلَو كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَينُ، وَإذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا». أخرجه مسلم (¬1). - صفة الاغتسال: 1 - عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن أباه حدثه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ .. -وَفِيهِ- فَلُبِطَ بِسَهْلٍ، فَأُتِيَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ وَالله مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ، قَالَ: «هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَظَرَ إلَيهِ عَامِرُ بنُ رَبِيعَةَ. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2188).

فَدَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَامِراً فَتَغَيَّظَ عَلَيهِ وَقَالَ: «عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ هَلَّا إذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ» ثُمَّ قَالَ له: «اغْتَسِلْ لَهُ» فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ صَبَّ ذَلِكَ المَاءَ عَلَيهِ يَصُبُّه رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ يُكْفِئُ القَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفَعَلَ به ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. أخرجه أحمد وابن ماجه (¬1). 2 - إذا لم يُعرف العائن فيُرقى المريض بالقرآن والأدعية الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع حسن الظن بالله، ويقين القارئ والمقروء عليه على أن الشافي هو الله عز وجل، وأن القرآن شفاء، ويرقيه بما تيسر من القرآن والأدعية الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنها: - الفاتحة، آية الكرسي، خواتم سورة البقرة، سورة الإخلاص، المعوذتان، وإن شاء قرأ: - {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)} [البقرة/137]. - {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)} [القلم/51]. - {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)} [النساء/54]. - {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)} [الإسراء/82]. - {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت/44]. وغير ذلك مما تيسر من القرآن. - ثم يدعو بالأدعية الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنها: - «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أذْهِبِ البَأْسَ، وَاشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (16076)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3509).

شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَماً». متفق عليه (¬1). - «بِاسْمِ الله أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ الله يَشْفِيكَ بِاسْمِ الله أَرْقِيكَ». أخرجه مسلم (¬2). - «بِاسْمِ الله يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إذَا حَسَدَ، وَشَرِّ كُلِّ ذِيْ عَينٍ». أخرجه مسلم (¬3). - «امْسَحِ البَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ، لا كَاشِفَ لَهُ إلَّا أَنْتَ». أخرجه البخاري (¬4). - «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ». أخرجه البخاري (¬5). - «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ». أخرجه مسلم (¬6). - «بِاسْمِ اللهِ (ثَلاثاً) أَعُوذُ بِالله وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» سبع مرات واضعاً يده على مكان الألم. أخرجه مسلم (¬7). - «أَسْأَلُ الله العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ» سبع مرات. أخرجه أبو داود والترمذي (¬8). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5743) واللفظ له، ومسلم برقم (2191). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2186). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2185). (¬4) أخرجه البخاري برقم (5744). (¬5) أخرجه البخاري برقم (3371). (¬6) أخرجه مسلم برقم (2709). (¬7) أخرجه مسلم برقم (2202). (¬8) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (3106)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2083).

5 - كتاب الأدعية

5 - كتاب الأدعية ويشتمل على ما يلي: 1 - أحكام الأدعية: وتشمل: 1 - أنواع الدعاء. 2 - قوة الدعاء. 3 - إجابة الدعاء. 4 - موانع إجابة الدعاء. 5 - حالات الدعاء مع البلاء. 6 - فضل الدعاء. 7 - آداب الدعاء وأسباب الإجابة. 8 - ما يجوز من الدعاء وما لا يجوز. 9 - أفضل الأوقات والأماكن والأحوال التي يستجاب فيها الدعاء. 2 - بعض الأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة. 1 - الدعاء من القرآن الكريم. 2 - من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -.

1 - أحكام الأدعية

كتاب الأدعية 1 - أحكام الأدعية - أنواع الدعاء: الدعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، وكل واحد منهما مستلزم للآخر. 1 - دعاء العبادة: هو التوسل إلى الله تعالى لحصول مطلوب، أو دفع مكروه، أو كشف ضر بإخلاص العبادة له وحده. قال الله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء/87 - 88]. 2 - دعاء المسألة: هو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع، أو كشف ضر. قال الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)} [آل عمران/ 16]. - قوة الدعاء: الأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه لا بحده فقط، فمتى كان السلاح تاماً لا آفة به، والساعد ساعداً قوياً، والمانع مفقوداً حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلّف واحد من الثلاثة تخلّف الأثر، والدعاء سلاح المؤمن ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وبقدر قوة اليقين على الله، والاستقامة على أوامر الله، وبذل الجهد لإعلاء كلمة الله تكون إجابة الدعاء وحصول المطلوب. - إجابة الدعاء: إذا حصل الدعاء بشروطه، فالله إما أن يعطي السائل حالاً، أو يؤخره ليكثر المسلم من البكاء والتضرع، أو يعطيه شيئاً آخر أنفع له من سؤاله، أو يدفع به

موانع إجابة الدعاء

عنه بلاء، أو يؤخره إلى يوم القيامة، فالله أعلم بما يصلح لعباده، فلا نستعجل {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [الطلاق/3]. قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} [البقرة/186]. - موانع إجابة الدعاء: الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف عنه أثره، إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله؛ لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله تعالى وقت الدعاء، وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام، واستيلاء الغفلة والسهو، وتراكم الذنوب على القلب، وإما استعجال الإجابة وترك الدعاء، وربما منعه في الدنيا ليعطيه في الآخرة أعظم منه، وربما منعه وصرف عنه من الشر مثله، وربما كان في حصول المطلوب زيادة إثم فكان المنع أولى، وربما منعه لئلا ينشغل به عن ربه فلا يسأله ولا يقف ببابه. - حالات الدعاء مع البلاء: الدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يمنع نزوله، ويرفعه إذا نزل، أو يخففه، وله معه ثلاث حالات: الأولى: أن يكون الدعاء أقوى من البلاء فيدفعه. الثانية: أن يكون الدعاء أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء. الثالثة: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه. - فضل الدعاء: 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} [البقرة/186].

آداب الدعاء وأسباب الإجابة

2 - وقال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [غافر/60]. - آداب الدعاء وأسباب الإجابة: منها: الإخلاص للهِ عز وجل، وأن يبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الدعاء وآخره. حضور القلب أثناء الدعاء، خفض الصوت بالدعاء، الاعتراف بالذنب والاستغفار منه، الاعتراف بالنعمة وشكر الله تعالى عليها، الدعاء ثلاثاً، الإلحاح في الدعاء، وعدم استبطاء الإجابة، الجزم في الدعاء مع اليقين بالإجابة، ألاّ يدعو بإثم أو قطيعة رحم، ألاّ يعتدي في الدعاء. عدم الدعاء على الأهل والنفس والمال والولد، أن يكون مطعمه ومشربه وملبسه من حلال، رد المظالم إن كانت، التضرع والخشوع، والطهارة من الحدث والخبث، ورفع اليدين إلى المنكبين ضاماً لهما وبطونهما نحو السماء، وإن شاء قَنَّعَ بهما وجهه وظهورهما نحو القبلة، واستقبال القبلة أثناء الدعاء، الدعاء في الرخاء والشدة، الدعاء بالأدعية التي هي مظنة الإجابة مما ثبت. - ما يجوز من الدعاء وما لا يجوز: الدعاء أنواع: 1 - نوعٌ أُمر العبد به إما أَمر إيجاب، أو أَمر استحباب كالأدعية الواردة في الصلاة وغيرها مما ورد في القرآن والسنة فهذا يحبه الله ويرضاه. 2 - نوعٌ نُهي العبد عنه كالاعتداء في الدعاء، مثل أن يسأل العبد ما هو من خصائص الرب، كأن يسأل الله أن يجعله بكل شيء عليم، أو على كل شيء قدير، أو يطلعه على الغيب ونحو ذلك، فهذا لا يحبه الله ولا يرضاه. 3 - نوعٌ مباح كأن يسأل الفضول التي لا معصية فيها.

أفضل الأوقات والأماكن والأحوال التي يستجاب فيها الدعاء

- أفضل الأوقات والأماكن والأحوال التي يستجاب فيها الدعاء: 1 - أفضل أوقات الدعاء: جوف الليل الآخر، ليلة القدر، دبر الصلوات المكتوبات، بين الأذان والإقامة، ساعة من كل ليلة، ساعة من يوم الجمعة وهي آخر ساعة بعد العصر، وعند النداء للصلوات المكتوبة، إذا نام على طهارة ثم استيقظ من الليل ودعا، الدعاء في شهر رمضان ونحو ذلك. 2 - أفضل أماكن الدعاء: دعاء يوم عرفة في عرفة، والدعاء على الصفا، والدعاء على المروة، والدعاء عند المشعر الحرام، والدعاء بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى في النسك، ونحو ذلك. 3 - أفضل الأحوال: عند الدعاء بـ «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، الدعاء حالة إقبال القلب على الله عز وجل، الدعاء بعد الوضوء، دعاء المسافر، دعاء المريض، دعاء المظلوم، دعاء الوالد لولده، دعاء المضطر، الدعاء حال السجود، وعند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر، وعند صياح الديكة، وإذا تعارَّ المرء من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده ... إلخ ثم استغفر ودعا ونحو ذلك. - وإليك بعض الأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة:

2 - بعض الأدعية من القرآن الكريم والسنة الصحيحة

2 - بعض الأدعية من القرآن الكريم والسنة الصحيحة 1 - الدعاء من القرآن الكريم - أنزل الله القرآن تبياناً لكل شيء، وهدى ورحمة وشفاء، وهذه بعض الأدعية مما ورد في القرآن الكريم يدعو بها المسلم ويختار منها ما يناسب حاله: - { ... بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة / 1 - 7]. - {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)} [الحشر /22 - 24]. - {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36)} [يس / 36]. - {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82)} [الزخرف / 82]. - {حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)} [التوبة / 129]. - {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)} [الأنبياء / 87]. - {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [الأعراف/ 23]. - {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)} [الممتحنة/4 - 5].

- {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)} [آل عمران/53]. - {رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109)} [المؤمنون/109]. - {رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)} [المائدة/83]. - {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)} [آل عمران/16]. - {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)} [التحريم/8]. - {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)} [الحشر/10]. - {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)} [البقرة/127 - 128]. - {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86)} [يونس/85 - 86]. - {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)} [آل عمران/147]. - {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)} [الكهف/10]. - {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} [الفرقان/74]. - {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66)} [الفرقان/65 - 66]. - {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)} [البقرة/201].

- {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)} [البقرة/285]. - {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)} [البقرة/286]. - {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)} [آل عمران/8 - 9]. - {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)} [آل عمران/191 - 194]. - {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)} [إبراهيم/41]. - {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)} [النمل/19]. - {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)} [إبراهيم/ 40]. - {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)} [الأحقاف/15]. - {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص/16]. - {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)} [طه/25 - 28]. - {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)} [هود/47].

- {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85)} [الشعراء/83 - 85]. - {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)} [نوح/28]. - {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38)} [آل عمران/38]. - {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89)} [الأنبياء/89]. - {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100)} [الصافات/100]. - {رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)} [المؤمنون/118]. - {رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)} ... [المؤمنون/ 97 - 98]. - {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)} [طه/114]. - {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80)} [الإسراء/80]. - {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29)} [المؤمنون/29]. - {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (17)} [القصص/17]. - {رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)} [العنكبوت/30].

2 - من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -

2 - من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - - عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ وَلا يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي، فَإنَّهُ لا مُسْتَكْرِهَ لَهُ». متفق عليه (¬1). - هذه بعض الأدعية الصحيحة التي كان يدعو بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى المسلم أن يدعو بها، ويختار منها ما يناسب حاله، مع الأخذ بالأسباب المشروعة. - «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الحَقُّ، وَقَولُكَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الحَقُّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ. اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيكَ تَوَكَّلْتُ، وَإليكَ خَاصَمْتُ، وَبِكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ». متفق عليه (¬2). - «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). - «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محَمَّدٍ وَعَلَى آلِ محَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى محَمَّدٍ وَعَلَى آلِ محَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6338)، واللفظ له، ومسلم برقم (2678). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7442)، واللفظ له، ومسلم برقم (769). (¬3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1425)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (464). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3370)، واللفظ له، ومسلم برقم (406).

- «اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ». متفق عليه (¬1). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالهَرَمِ وَالبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ». متفق عليه (¬2). - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يتعوذ بِالله مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ». متفق عليه (¬3). - «اللَّهُمَّ أصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيرٍ، وَاجْعَلِ المَوتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ». أخرجه مسلم (¬4). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى». أخرجه مسلم (¬5). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَالهَرمِ وَعَذَابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَولاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا». أخرجه مسلم (¬6). - «اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي» «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالسَّدَادَ». أخرجه مسلم (¬7). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَاعَمِلْتُ، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ». أخرجه مسلم (¬8). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6389)، ومسلم برقم (2688). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2823)، ومسلم برقم (2706) واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6616)، واللفظ له، ومسلم برقم (2707). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2720). (¬5) أخرجه مسلم برقم (2721). (¬6) أخرجه مسلم برقم (2722). (¬7) أخرجه مسلم برقم (2725). (¬8) أخرجه مسلم برقم (2716).

وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». أخرجه البخاري (¬1). - «لا إلَهَ إلَّا الله العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا الله رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا الله رَبُّ السَّمَاوَاتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ». متفق عليه (¬2). - «اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ». أخرجه مسلم (¬3). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ القَبْرِ». أخرجه البخاري (¬4). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالهَرَمِ، وَالمَغْرَمِ، وَالمَأْثَمِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ القَبْرِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ. اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَينَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَينَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ». متفق عليه (¬5). - «اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ». متفق عليه (¬6). - «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيكَ تَوَكَّلْتُ، وَإلَيكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ، وَالجِنُّ وَالإنْسُ يَمُوتُونَ». متفق عليه (¬7). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6369). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6346)، ومسلم برقم (2730). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2654). (¬4) أخرجه البخاري برقم (6374). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6375)، واللفظ له، ومسلم برقم (589) في كتاب الذكر. (¬6) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (834)، ومسلم برقم (2705) واللفظ له. (¬7) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7383)، ومسلم برقم (2717) واللفظ له.

- «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيْئَتِي وَجَهْلِي، وَإسْرَافِي فِي أَمْرِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّيْ وَهَزْلِيْ، وَخَطَئِي وَعَمْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». متفق عليه (¬1). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ». أخرجه مسلم (¬2). - «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي». أخرجه مسلم (¬3). - «اللَّهُمَّ إنِّي عَبْدُكَ وابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ القُرآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجَلاءَ حُزنِي، وَذَهَابَ هَمِّي». أخرجه أحمد (¬4). - «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ». أخرجه أحمد والترمذي (¬5). - قال - صلى الله عليه وسلم -: «اسْأَلُوا الله العَفْوَ وَالعَافِيَةَ، فَإنَّ أَحَداً لَمْ يُعْطَ بَعْدَ اليَقِينِ خَيراً مِنَ العَافِيةِ». أخرجه الترمذي (¬6). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي». أخرجه الترمذي والنسائي (¬7). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6398)، ومسلم برقم (2719) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2739). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2697). (¬4) صحيح/أخرجه أحمد برقم (4318)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (199). (¬5) صحيح/أخرجه أحمد برقم (12107)، وأخرجه الترمذي برقم (2140). (¬6) حسن صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3558). (¬7) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3492)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5455).

- «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ وَالجُنُونِ وَالجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬1). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلاقِ وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ». أخرجه الترمذي (¬2). - «رَبِّ أَعِنِّي وَلا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرنِي وَلا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلا تَمْكُر عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الهُدَى لِي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّاراً، لَكَ ذَكَّاراً، لَكَ رَهَّاباً، لَكَ مِطْوَاعاً، لَكَ مُخْبِتاً، إليكَ أَوَّاهاً مُنِيباً. رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي». أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الجَنَّةَ ومَا قَرَّبَ إلَيْهَا مِنْ قَولٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إلَيْهَا مِنْ قَولٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْراً». أخرجه أحمد وابن ماجه (¬4). - «اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَينَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تَهُوِّنُ بِهِ عَلَينَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُوَّتِنَا، مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1554)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5493). (¬2) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3591). (¬3) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (1510)، وأخرجه الترمذي برقم (3551)، وهذا لفظه. (¬4) صحيح/أخرجه أحمد برقم (25533)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1542)، وأخرجه ابن ماجه برقم (3846)، وهذا لفظه.

هَمِّنَا، وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لا يَرْحَمُنَا». أخرجه الترمذي (¬1). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الغَرَقِ وَالحَرَقِ والهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِيَ الشَّيْطَانُ عِنْدَ المَوتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِراً، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغاً». أخرجه أبو داود والنسائي (¬2). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ فَإنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الخِيَانَةِ فَإنَّهَا بِئْسَتِ البِطَانَةُ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬3). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ من الفَقْرِ، وَالقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬4). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ يَا الله بِأَنَّكَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬5). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الحَمْدُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ المنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، يَاذَا الجَلالِ وَالإكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ إنِّي أَسْأَلُكَ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬6). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ الله لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي ¬

(¬1) حسن/أخرجه الترمذي برقم (3502). (¬2) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (1552)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5531). (¬3) حسن/أخرجه أبوداود برقم (1547)، وأخرجه النسائي برقم (5468). (¬4) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (1544)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5460). (¬5) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (985)، وأخرجه النسائي برقم (1301)، وهذا لفظه. (¬6) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (1495)، وأخرجه النسائي برقم (1300)، وهذا لفظه.

لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬1). - «رَبِّ اغْفِرْ لي وَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬2). - «اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الحَيَاةَ خَيراً لِي، وَتَوفَّني إذَا عَلِمْتَ الوَفَاةَ خَيْراً لِي، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الحَقِّ فِي الرِّضَا وَالغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ القَصدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَى. وَأَسْأَلُكَ نَعِيماً لا يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَينٍ لا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ القَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ العَيْشِ بَعْدَ الموْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوقَ إلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ». أخرجه النسائي (¬3). - «اللَّهُمَّ مَتِّعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، وَاجْعَلْهُمَا الوَارِثَ مِنِّي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ يَظْلِمُنِي، وَخُذْ مِنْهُ بِثَأرِي». أخرجه الترمذي (¬4). - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَفِي ثِمَارِنَا وَفِي مُدِّنَا وَفِي صَاعِنَا، بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ». أخرجه مسلم (¬5). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّينِ، وَغَلَبَةِ العَدُوِّ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ». أخرجه أحمد والنسائي (¬6). - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِن تَحْتِي». أخرجه أبو داود والنسائي (¬7). - «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كُلَّهُ، اللَّهُمَّ لا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلا ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (3475)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3857). (¬2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (3434)، وأخرجه ابن ماجه برقم (3814)، وهذا لفظه. (¬3) صحيح/أخرجه النسائي برقم (1305). (¬4) حسن/ أخرجه الترمذي برقم (3604). (¬5) أخرجه مسلم برقم (1373). (¬6) حسن/ أخرجه أحمد برقم (6618)، وأخرجه النسائي برقم (5475)، وهذا لفظه. (¬7) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (5074)، وأخرجه النسائي برقم (5529)، وهذا لفظه.

هَادِي لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلا مُضِلَّ لمن هَدَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيتَ، وَلا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ. اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ المُقِيمَ الَّذِي لا يَحُولُ وَلا يَزُولُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَومَ العَيْلَةِ، وَالأَمْنَ يَومَ الخَوفِ، اللَّهُمَّ إنِّي عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَينَا الإيمَانَ، وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إلَينَا الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ. اللَّهُمَّ تَوَفّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْينَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالحينَ، غَيرَ خَزَايَا وَلا مَفْتُونِينَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إلَهَ الحَقِّ». أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد (¬1). - «اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ كَرِىمٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي».أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬2). - «اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي». أخرجه أحمد وابن ماجه (¬3). - «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عَقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (15573)، وهذا لفظه، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (720). (¬2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (3513)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3850). (¬3) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (25898)، وأخرجه ابن ماجه برقم (3850). (¬4) أخرجه مسلم برقم (486).

الباب الثالث العبادات

الباب الثالث العبادات وتشتمل على ما يلي: 1 - كتاب الطهارة 2 - كتاب الصلاة 3 - كتاب الجنائز 4 - كتاب الزكاة 5 - كتاب الصيام 6 - كتاب الحج والعمرة

عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «بُنِي الإسلامُ على خَمْسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزّكاةِ، والحَجِّ، وصومِ رمضان» متفق عليه (¬1) ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (8) واللفظ له، ومسلم برقم (16).

1 - كتاب الطهارة

العبادات 1 - كتاب الطهارة ويشتمل على ما يلي: 1 - الطهارة 2 - الاستنجاء والاستجمار 3 - من سنن الفطرة 4 - الوضوء 5 - المسح على الخفين 6 - نواقض الوضوء 7 - الغسل 8 - التيمم 9 - الحيض والنفاس

- الأصول والقواعد الشرعية: من الأصول والقواعد الشرعية في الفقه الإسلامي: أن اليقين لا يزول بالشك .. والأصل الطهارة في كل شيء إلا ما دل الدليل على نجاسته .. والأصل براءة الذمة إلا بدليل .. والأصل الإباحة إلا ما دل الدليل على نجاسته أو تحريمه .. وأن المشقة تجلب التيسير .. والضرورات تبيح المحظورات .. والضرورة تُقَدَّر بقدرها .. وأنه لا واجب مع العجز .. ولا محرم مع الضرورة .. وأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .. ويختار أعلى المصلحتين ويرتكب أخف المفسدتين عند التزاحم .. وأن الحكم يدور مع علته ثبوتاً وعدماً ... وأن الواجبات تلزم المكلفين .. والإتلافات تجب على المكلفين وغيرهم ... والأصل في العبادات الحظر إلا ما دل الدليل عليه .. والأصل في العادات والمعاملات الإباحة إلا ما ورد الشرع بتحريمه .. والأصل في الأوامر الشرعية الوجوب إلا إذا دل الدليل على الاستحباب أو الإباحة .. والأصل في النواهي التحريم إلا إذا دل الدليل على الكراهة ... والأصل في المنافع الحل وفي المضار الحرمة. - حكم فعل الأوامر الشرعية: أوامر الله عز وجل مبنية على السهولة واليسر والسماحة، فيؤدي العبد الأوامر منها بقدر استطاعته، ويجتنب المنهيات مطلقاً. 1 - قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} [التغابن/16]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ

مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أمَرْتُكُمْ بِأمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». متفق عليه (¬1). - شروط قبول العمل الصالح: العمل الصالح هو ما استكمل ثلاثة أمور: الأول: أن يكون خالصاً لله عزوجل؛ لأن الله يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة/5]. الثاني: أن يكون موافقاً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأنه الله يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)} [الحشر/7]. الثالث: أن يكون فاعله مؤمناً؛ لأن الله يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} [النحل/97]. وإذا اختل شرط منها بطل العمل. - آفة العمل: يعرض للعامل إذا عمل عملاً صالحاً كالصلاة، والصيام، والصدقات ونحوها ثلاث آفات، وهي: رؤية العمل، وطلب العوض عليه، ورضاه به وسكونه إليه. 1 - فالذي يخلِّصه من رؤية عمله: مطالعته لمنة الله عليه، وتوفيقه له، وأنه من الله وبه لا من العبد. 2 - والذي يخلِّصه من طلب العوض عليه: علمه بأنه عبد محض مملوك لسيده لا يستحق على الخدمة أجرة، فإن أعطاه سيده شيئاً من الأجرة والثواب فهو ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7288) واللفظ له، ومسلم برقم (1337).

إحسان وإنعام من سيده لا عوضاً عن العمل. 3 - والذي يخلِّصه من رضاه بعمله وسكونه إليه: مطالعة عيوبه، وتقصيره في عمله وما فيه من حظ النفس والشيطان، وعلمه بعظيم حق الله، وأن العبد أعجز وأضعف أن يقوم به على الوجه الأكمل، نسأل الله الإخلاص والعون والاستقامة. - حفظ العمل: ليس الشأن في العمل الصالح فحسب، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه، فالرياء وإن دق مفسد للعمل، وهو أبواب كثيرة لا تحصر، وكون العمل غير مقيد باتباع السنة محبط للعمل، والمن به على الله تعالى بقلبه مفسد له، وأذى الخلق منقص له، وتعمد مخالفة أوامر الله والاستهانة بها مبطل له ونحو ذلك.

1 - أحكام الطهارة

العبادات 1 - كتاب الطهارة 1 - أحكام الطهارة - الطهارة: هي النظافة والنزاهة عن الأقذار الحسية والمعنوية. - أنواع الطهارة: الطهارة نوعان: 1 - طهارة الظاهر: وتكون بالوضوء أو الغسل بالماء إلى جانب طهارة الثوب والبدن والبقعة من النجاسة. 2 - طهارة الباطن: وتكون بخلوص القلب من الصفات السيئة كالشرك، والكفر، والكبر، والعجب، والحقد، والحسد، والنفاق، والرياء ونحوها، وامتلاء القلب بالصفات الحسنة كالتوحيد، والإيمان، والصدق، والإخلاص، واليقين، والتوكل ونحوها، ويُكمِّل ذلك بكثرة التوبة والاستغفار وذكر الله عز وجل. - أقذر النجاسات: أقذر النجاسات هو الشرك، فكل مشرك نجس حسياً ومعنوياً. فهو نجس معنى، وهو أعظم من النجاسة الحسية؛ لأن شركه بالله أنتن شيء وأقذره وأنجسه، وهو نجس حساً لأنه لا يتوضأ، ولا يتطهر من جنابة وغائط وبول، ولا يتجنب الأنجاس والقاذورات، يأكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير ونحو ذلك. 1 - ولأجل نجاسة المشرك المعنوية والحسية أمر الله أن يُبْعَد عن المسجد الحرام ولا ... يقرب منه بقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا

أقسام المياه

الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)} [التوبة/28]. هيئة العبد عند مناجاة ربه: إذا طَهُر ظاهرُ الإنسان بالماء، وطَهُر باطنه بالتوحيد والإيمان، صفت روحه، وطابت نفسه، ونشط قلبه، وصار مهيئاً لمناجاة ربه في أحسن هيئة: بدن طاهر، وقلب طاهر، ولباس طاهر، في مكان طاهر، وهذا غاية الأدب، وأبلغ في التعظيم والإجلال لرب العالمين من القيام بالعبادة بضد ذلك، ومن هنا صار الطُّهور شطر الإيمان. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة/222]. 2 - وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإيْمَانِ، والحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ ... ». أخرجه مسلم (¬1). - عافية البدن والروح: خلق الله الإنسان من بدن وروح، والبدن تتراكم عليه الأوساخ من جهتين: من الداخل كالعرق، ومن الخارج كالغبار، ولعافيته لا بدّ من الأغسال المتكررة، والروح تتأثر من جهتين: بما في القلب من الأمراض كالحسد والكبر، وبما يقترفه الإنسان من الذنوب الخارجية كالظلم والزنى، ولعافية الروح لا بدّ من الإكثار من التوبة والاستغفار. - الطهارة من محاسن الإسلام، وتكون باستعمال الماء الطاهر على الصفة المشروعة في رفع الحدث وإزالة الخبث، وهي المقصودة في هذا الكتاب. - أقسام المياه: المياه قسمان: ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (223).

حكم استعمال أواني الذهب والفضة

1 - ماء طاهر: وهو الباقي على خلقته كماء المطر، وماء البحر، وماء النهر، وما نبع من الأرض بنفسه أو بآلة، عذباً أو مالحاً، حاراً أو بارداً، وهذا هو الماء الطهور الذي يجوز التطهر به. 2 - ماء نجس: وهو ما تغير لونه، أو طعمه، أو ريحه بنجاسة قليلاً كان الماء أو كثيراً، وحكمه: أنه لا يجوز التطهر به. - يَطْهُر الماء النجس بزوال تغيره بنفسه، أو بنزحه، أو إضافة ماء إليه حتى يزول التغير. - إذا شك المسلم في نجاسة ماء أو طهارته بنى على الأصل وهو الطهارة. - إذا اشتبه ماء طاهر بنجس ولم يجد غيرهما توضأ مما غلب على ظنه طهارته. - إذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة أو محرمة ولم يجد غيرهما اجتهد وصلى فيما غلب على ظنه طهارته، وصلاته صحيحة إن شاء الله. - الطهارة من الحدث الأصغر أو الأكبر تكون بالماء، فإن لم يوجد الماء، أو خاف الضرر باستعماله تيمم. - الطهارة من الخبث على البدن، أو الثوب، أو البقعة تكون بالماء، أو غيره من السوائل، أو الجامدات الطاهرة التي تزيل تلك العين الخبيثة بأي مزيل طاهر. - يباح استعمال كل إناء طاهر للوضوء وغيره ما لم يكن الإناء مغصوباً، أو كان من الذهب أو الفضة فيحرم اتخاذه أو استعماله، فإن توضأ أحد منها فوضوءه صحيح مع الإثم. - تباح آنية الكفار وثيابهم إن جَهل حالها؛ لأن الأصل الطهارة، فإن عَلم نجاستها وجب غسلها بالماء. - حكم استعمال أواني الذهب والفضة: يحرم على الرجال والنساء الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، وجميع أنواع الاستعمال إلا التحلي للنساء، والفضة للرجال، وما له ضرورة كسن من

أنواع النجاسات

ذهب ونحوه. 1 - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَلا الدِّيبَاجَ، ولا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلا تَأكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآخِرَةِ». متفق عليه (¬1). 2 - عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي إنَاءِ الفِضَّةِ، إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ». متفق عليه (¬2). - أنواع النجاسات: النجاسات الحسية التي يجب على المسلم أن يتنزه عنها ويغسل ما أصابه منها مرة أو أكثر حتى يزول الأثرهي: بول الآدمي ورجيعه، والدم المسفوح، ودم الحيض والنفاس، والودي، والمذي، والميتة ما عدا السمك والجراد، ولحم الخنزير، وبول وروث ما لا يؤكل لحمه كالبغل والحمار، ولعاب الكلب ويغسل سبعًا أولاهن بالتراب. 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَقَالَ: «إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِيْ كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». متفق عليه (¬3). وهذا من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «طُهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّات ٍأُوْلاهُنَّ بِالتُّرَابِ». متفق عليه (¬4). - يَطْهُر النعل والخف المتنجس بالدلك بالأرض حتى يذهب أثر النجاسة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5426) واللفظ له، ومسلم برقم (2067). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5634) واللفظ له، ومسلم برقم (2065). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1361) واللفظ له، ومسلم برقم (292). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (172) ومسلم برقم (279) واللفظ له.

2 - الاستنجاء والاستجمار

2 - الاستنجاء والاستجمار - الاستنجاء: هو إزالة الخارج من السبيلين بالماء. - الاستجمار: هو إزالة الخارج من السبيلين بحجر، أو ورق، أو نحوهما. - ما يقول ويفعل عند دخول الخلاء والخروج منه: 1 - يسن عند دخول الخلاء تقديم رجله اليسرى وقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبْثِ وَالخَبَائِثِ». متفق عليه (¬1). 2 - يسن عند الخروج من الخلاء تقديم رجله اليمنى وقول: «غُفْرَانَكَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). - يسن عند دخول المسجد ولبس الثوب والنعل تقديم اليمنى، وعند الخروج من المسجد ونزع الثوب والنعل تقديم اليسرى. - يسن لمن أراد قضاء الحاجة في الفضاء أو الصحراء بُعده عن العيون، واستتاره، وارتياده مكانًا رخوًا لبوله؛ لئلا يتنجس. - السنة أن يبول الرجل قاعدًا، ويجوز بوله قائماً إن أمن تلوثاً، وأَمِنَ من الناظر إليه. - يحرم على الذكر والأنثى كشف العورة أمام الناس. - يحرم الدخول بالمصحف إلى الحمام، فإن خاف أن يُسرق فله أن يدخل به، وإن وجد أحداً يحفظه له حتى يخرج أعطاه إياه. - يجوز دخول الحمام بشيء فيه ذكر الله تعالى، والأفضل عدم الدخول به. - يكره بول الإنسان في شق، ومس فرجه بيمينه، واستنجاؤه واستجماره بها، ورفع ثوبه قبل دنوه من الأرض في الفضاء، ويكره لمن يبول أو يتغوط أن يرد السلام، فإذا قضى حاجته تطهر ثم رد. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (142) ومسلم برقم (375). (¬2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (30)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (7).

حكم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة

- حكم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة: يحرم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة، في الفضاء أو البنيان. عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَتَيْتُمُ الغَائِطَ، فَلا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بُنيتْ قِبَل القبلة فننحرف ونستغفر الله تعالى. متفق عليه (¬1). - الأماكن التي يحرم قضاء الحاجة فيها: يحرم البول والغائط في المسجد، والطريق، والظل النافع، وتحت شجرة مثمرة، والموارد، ونحو ذلك من الأماكن التي يرتادها الناس. - صفة الاستجمار: الاستجمار يكون بثلاثة أحجار منقية، فإن لم تنق زاد، ويسن قطعه على وتر، كثلاث أو خمس ونحوهما. ويحرم الاستجمار بعظم، وروث، وطعام، ومحترم. ويزال الخارج من السبيلين بالماء، أو بالأحجار، أو المناديل، أو الورق، والماء أفضل؛ لأنه أبلغ في التنظيف. يجب غسل موضع النجاسة من الثوب بالماء، فإن خَفي موضعها غَسل الثوب كله. يُنضح بول الغلام، ويُغسل بول الجارية، وهذا ما لم يطعما، فإذا طعما غُسلا جميعاً. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (394) واللفظ له، ومسلم برقم (264).

3 - من سنن الفطرة

3 - من سنن الفطرة 1 - السواك: عود لين من أراك، أو زيتون ونحوهما. والسواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. - صفة التسوك: أن يمسك السِّواك بيده اليمنى أو اليسرى ويمره على لثته وأسنانه، ويبدأ من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر من الفم، وأحياناً يجعل السواك على طرف لسانه. - حكم السواك: السواك مسنون كل وقت، ويتأكد السواك عند الوضوء، والصلاة، وقراءة القرآن، ودخول المنزل، وعند القيام من الليل، وعند تغير رائحة الفم. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي - أَوْ لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى النَّاسِ- لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ». متفق عليه (¬1). 2 - الختان: وهو قطع الجلدة التي تغطي حشفة الذكر؛ لئلا يجتمع فيها الوسخ والبول. - حكمه: الختان واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء. 3 - قص الشارب، وإعفاء اللحية وتوفيرها: عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خَالِفُوْا المُشْرِكِينَ، وَوَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ». متفق عليه (¬2). 4 - حلق العانة، ونتف الإبط، وقص الأظافر، وغسل البراجم: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (887) واللفظ له، ومسلم برقم (252). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5892) واللفظ له، ومسلم برقم (259).

5 - الطيب بالمسك أو غيره

الفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَقَصُّ الشَارِبِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الإبِطِ، وَحَلْقِ العَانَةِ أَنْ لا نَتْرُكَ أَكْثَرْ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. أخرجه مسلم (¬2). 5 - الطيب بالمسك أو غيره. 6 - إكرام شعر الرأس، ودهنه وتسريحه، ويكره القزع: وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه، ما لم يتشبه بالكفار فيحرم. 7 - تغيير الشيب بالحناء والكتم ونحوهما: ويجوز صبغ الشعر بالسواد، سواء كان للزينة أو في الحرب؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بتغيير الشيب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن الأحسن، ولم يمنع السواد، وأما رواية «وجَنِّبوهُ السَّوَاد» في صحيح مسلم فشاذة. أما صبغه بالسواد من أجل الخداع فيحرم. 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبغُونَ فَخَالِفُوهُمْ». متفق عليه (¬3). 2 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أُتي بأبي قُحافة يوم فتح مكة، ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «غَيِّرُوْا هَذَا بِشَيْءٍ». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5889) واللفظ له، ومسلم برقم (257). (¬2) أخرجه مسلم برقم (258). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5899) واللفظ له، ومسلم برقم (2103). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2102).

3 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ هَذَا الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ». أخرجه أبوداود والترمذي (¬1). - حكم حلق اللحية: إعفاء اللحية وتوفيرها من سمة الأنبياء والرسل الكرام، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كث اللحية، وهو أجمل الرجال، وأحسنهم صورة. واللحية جمال، وأعظم وسام يميز الرجال عن النساء. والعجب أن كثيراً من المسلمين غرهم الشيطان، ومسخ ذوقهم، فحلقوا لحاهم، وغيروا خلق الله، وتشبهوا بالكفار والنساء، وعصوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصاروا يفرون من فحولة الذكورة، وشرف الرجولة، إلى نعومة الأنوثة، ومثَّلوا بوجوههم بحلق لحاهم، وأضاعوا أزمانهم وأموالهم، وتشبهوا بالنساء اللاتي لُعن من تشبه بهن. فيجب إعفاء اللحية، ويحرم حلقها؛ طاعة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. 1 - قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)} [الحشر/7]. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أبوداود برقم (4205)، وأخرجه الترمذي برقم (1453). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5892) واللفظ له، ومسلم برقم (259).

4 - الوضوء

4 - الوضوء - الوضوء: هو التعبد لله باستعمال ماء طهور في أعضاء الإنسان على صفة مخصوصة. - فضل الوضوء: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبلال عند صلاة الفجر: «يَا بِلالُ، حَدِّثنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإسْلامِ، فَإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ» قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرَجَى عِنْدِيْ أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُوراً فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إلَّا صَلَّيتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّي. متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوِ الْمُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ». أخرجه مسلم (¬2). - أهمية النية: النية شرط لصحة العمل وقبوله وإجزائه، ومحلها القلب، وهي لازمة في كل عمل، لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى». متفق عليه (¬3). - النية في الشرع: هي العزم على فعل العبادة تقرباً إلى الله تعالى، وهي قسمان: 1 - نية العمل: بأن ينوي الوضوء، أو الغسل، أو الصلاة مثلاً. 2 - نية المعمول له، وهو الله عز وجل، فينوي بالوضوء، أو الغسل، أو الصلاة، ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1149) واللفظ له، ومسلم برقم (2458). (¬2) أخرجه مسلم برقم (244). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1) واللفظ له، ومسلم برقم (1907).

معنى الإخلاص

أو غيرها التقرب إلى الله وحده، وهي أهم من الأولى. - معنى الإخلاص: الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن بتصفية العمل للهِ عن ملاحظة المخلوقين، والصدق في الإخلاص أن يكون باطنه أعمر من ظاهره، وإذا أخلص العبد اجتباه ربه، فأحيا قلبه، وجذبه إليه، وحبَّب إليه الطاعات، وكَرَّه إليه المعاصي، بخلاف القلب الذي لم يخلص، فإن فيه طلباً وشوقاً وإرادة، تارة إلى الرئاسة، وتارة إلى الدرهم والدينار. - فروض الوضوء: 1 - غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق. 2 - غسل اليدين مع المرفقين. 3 - مسح الرأس، ومنه الأذنان. 4 - غسل الرجلين إلى الكعبين. 5 - الترتيب بين الأعضاء السابقة. 6 - الموالاة بين غسل الأعضاء. - سنن الوضوء: من سنن الوضوء: السواك، غسل الكفين ثلاثاً، البدء بالمضمضة ثم الاستنشاق قبل غسل الوجه، وتخليل اللحية الكثيفة، والتيامن، والغسلة الثانية والثالثة، والدعاء بعد الوضوء، وصلاة ركعتين بعده. - مقدار ماء الوضوء: السنة في الوضوء أن لا يجاوز المسلم في غسل أعضائه أكثر من ثلاث مرات،

ما يفعله اذا قام من النوم

وأن يتوضأ بمد، ولا يسرف في الماء، ومن زاد فقد أساء وتعدى وظلم. - ما يفعله اذا قام من النوم: من قام من النوم وأراد الوضوء فعليه أن يغسل كفيه ثلاثاً؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَومِهِ، فَلا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثاً، فَإنَّهُ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». متفق عليه (¬1). - صفة الوضوء المجزئ: أن ينوي الوضوء، ثم يتمضمض، ويستنشق، ويغسل وجهه، ويغسل يديه من أطراف الأصابع إلى المرفقين، ويمسح رأسه مع الأذنين، ويغسل رجليه مع الكعبين مرة لكل عضو من أعضائه. - صفة الوضوء الكامل: أن ينوي، ثم يغسل كفيه ثلاثاً، ثم يتمضمض ويستنشق من كف واحد، نصف الغرفة لفمه، ونصفها لأنفه، يفعل ذلك ثلاثاً بثلاث غرفات، ثم يغسل وجهه ثلاثاً، ثم يغسل يده اليمنى مع المرفق ثلاثاً، ثم اليسرى كذلك. ثم يمسح رأسه بيديه مرة واحدة من مُقدَّمِه إلى قفاه، ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه، ثم يدخل سبابتيه في باطن أذنيه، ويمسح بإبهاميه ظاهرهما، ثم يغسل رجله اليمنى مع الكعب ثلاثاً، ثم اليسرى كذلك، ويُسبِغ الوضوء، ويُخلل بين الأصابع، ثم يدعو بما ورد كما سيأتي إن شاء الله. - صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -: عن حمران مولى عثمان أنه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بإناء، فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء، فمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (162) ومسلم برقم (278) واللفظ له.

مرار إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه (¬1). - ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وكل هذا سنة، والأفضل للمسلم أن يُنوِّع، فيأتي بهذا مرة، وبهذا مرة، إحياء للسنة. 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تَوَضَّأَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّةً مَرَّةً. أخرجه البخاري (¬2). 2 - وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ مَرَّتَينِ مَرَّتَينِ. أخرجه البخاري (¬3). - حكم الوضوء لكل صلاة: يجب على المحدث أن يتوضأ إذا أراد الصلاة، ويسن تجديد الوضوء لكل صلاة فريضة، وله أن يصلي صلوات بوضوء واحد. 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة/6]. 2 - وعن عمرو بن عامر عن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، قُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُون؟ َ قَالَ: يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ. أخرجه البخاري (¬4). 3 - وعن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الصَّلَوَاتِ يَوْمَ الْفَتْحِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ صَنَعْتَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ، قَالَ: ... «عَمْدًا صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ». أخرجه البخاري (¬5). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (159) واللفظ له، ومسلم برقم (226). (¬2) أخرجه البخاري برقم (157). (¬3) أخرجه البخاري برقم (158). (¬4) أخرجه البخاري برقم (214). (¬5) أخرجه البخاري برقم (277).

- مواضع تقديم اليمين والشمال: أفعال الإنسان نوعان: أحدهما: مشترك بين اليمنى واليسرى، فتقدم اليمنى إذا كانت من باب الكرامة كالوضوء والغسل واللباس والانتعال، ودخول المسجد والمنزل ونحو ذلك. وتقدم اليسرى في ضد ذلك كالخروج من المسجد، وخلع النعل، ودخول الخلاء. الثاني: ما يختص بأحدهما، إن كان من باب الكرامة كان باليمين كالأكل والشرب والمصافحة والأخذ والعطاء ونحو ذلك. وإن كان ضد ذلك كان باليسرى كالاستجمار، ومس الذكر، والامتخاط ونحو ذلك. عن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ. متفق عليه (¬1). - صفة الدعاء بعد الفراغ من الوضوء: 1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيكَ، كُتِبَ في رَقٍّ، ثم طُبِعَ بِطَابَعٍ، فلم يُكْسَر إلَى يَومِ القِيَامَةِ». أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة والطبراني في الأوسط (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (168)، واللفظ له، ومسلم برقم (268). (¬2) أخرجه مسلم برقم (234). (¬3) صحيح/أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة برقم (81)، والطبراني في الأوسط برقم (1478).

5 - المسح على الخفين

5 - المسح على الخفين - المسح: هو التعبد لله بمسح الخفين على صفة مخصوصة. - مدة المسح على الخفين: يجوز المسح على الخفين يوماً وليلة للمقيم، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وتبدأ مدة المسح من أول مسح بعد لبس. عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: جَعَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْماً وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ. أخرجه مسلم (¬1). - شروط المسح على الخفين: أن يكون الملبوس مباحاً، طاهراً، ساتراً للكعبين، ملبوساً على طهارة، وأن يكون المسح في الحدث الأصغر، وفي المدة للمقيم أو المسافر. - صفة المسح على الخفين: يُدخل المسلم يديه بالماء، ثم يمسح بيده اليمنى ظاهر قدم الخف اليمنى من أصابعه إلى ساقه مرة واحدة دون أسفله وعقبه، واليسرى بيده اليسرى كذلك. - من مسح في السفر يوماً ثم دخل بلده أتم مسح مقيم يوماً وليلة، وإن سافر مقيم وقد مسح على خفّيه يوماً أتم مسح مسافر ثلاثة أيام بلياليهن. - يبطل المسح على الخفين بما يلي: 1 - إذا نُزع الملبوس من القدم. 2 - إذا لزمه غسل كالجنابة. 3 - إذا تمت مدة المسح. أما الطهارة فلا تنتقض إلا بأحد نواقض الوضوء. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (276).

صفة المسح على العمامة والخمار

- صفة المسح على العمامة والخمار: يجوز المسح على عمامة الرجل، وعلى خمار المرأة عند الحاجة بلا توقيت. ويكون المسح على أكثر العمامة أو الخمار، والأولى لبسهما على طهارة. عن عمرو بن أمية رضي الله عنه قال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيهِ. أخرجه البخاري (¬1). - يجوز المسح على الخفين، والجوربين، والنعلين، والعمامة، وخمار المرأة، في الحدث الأصغر كالبول، والغائط، والنوم ونحوها، فإن أصابته جنابة في مدة المسح فلا يمسح، ويلزمه الغسل لكامل بدنه. - صفة المسح على الجبيرة: يجب المسح على الجبيرة واللفائف من جميع الجهات إلى حَلِّها ولو طال الزمن، أو أصابته جنابة، أو لبسها على غير طهارة، وإن لم يمكنه المسح إلا على بعضها أجزأه ذلك. - الجرح إن كان مكشوفاً فالواجب غسله بالماء، فإن تضرر مَسَحَ الجرح بالماء، فإن تعذر المسح بالماء، عَدَل إلى التيمم، وإن كان الجرح مستوراً مَسَحه بالماء، فإن تعذر عدل إلى التيمم، وفي كلا الحالين يكون التيمم بعد الفراغ من الوضوء. - لا تتوقت مدة المسح للمسافر الذي يشق عليه اشتغاله بالخلع واللبس كرجال المطافئ ورجال الإنقاذ في النكبات والكوارث العامة، وكالبريد المجهَّز في مصلحة المسلمين ونحوه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (205).

6 - نواقض الوضوء

6 - نواقض الوضوء - نواقض الوضوء ستة: 1 - الخارج من السبيلين كالبول، والغائط، والريح، والمني، والمذي، والدم ونحوها، أما الداخل فيهما كالتحاميل فلا ينقض الوضوء. 2 - زوال العقل بنوم مستغرق، أو إغماء، أو مسكر، أو جنون. 3 - مس الفرج باليد من غير حائل. 4 - كل ما أوجب غسلاً كالجنابة، والحيض، والنفاس. 5 - الردة عن الإسلام. 6 - أكل لحم الجزور، وهو كل ما حمل خف البعير. عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: «إَنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإنْ شِئْتَ فَلا تَوَضَّأْ» قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإبْلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ فَتَوَضَّأ مِنْ لُحُومِ الإِبلِ». أخرجه مسلم (¬1). - متى يتوضأ من شك في الطهارة: من تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على اليقين وهو الطهارة، ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين وهو الحدث فليتطهر. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئاً فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ، أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لا، فَلا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً أَوْ يَجِدَ رِيحاً». أخرجه مسلم (¬2). - يستحب الوضوء عند كل حدث، ولكل صلاة، ما لم يكن محدثاً فيجب. - إذا قَبَّل زوجته ولو بشهوة لم ينتقض وضوءه إلا أن يخرج منه شيء. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (360). (¬2) أخرجه مسلم برقم (362).

- بول مايؤكل لحمه وروثه ومنيه ومني الآدمي كله طاهر، وسؤر الهرة طاهر. - ما يخرج من الإنسان نوعان: 1 - طاهر: وهو الدمع والمخاط والبصاق والريق والعرق والمني. فهذا كله لا ينقض الوضوء إلا المني فيجب منه الغسل. 2 - نجس: وهو الغائط والبول والودي والمذي والدم الخارج من السبيلين. فهذا كله ينقض الوضوء. - حكم خروج الدم: الدم الخارج من الإنسان نوعان: 1 - الدم الخارج من السبيلين ينقض الوضوء. 2 - الدم الخارج من بقية البدن من الأنف، أو السن، أو الجرح، أو ما أشبه ذلك فإنه لا ينقض الوضوء، قليلاً كان الدم أو كثيراً، لكن يحسن غسله من باب النظافة والنزاهة. - حكم النوم اليسير: النوم اليسير من قائم وجالس ومضطجع لا ينقض الوضوء. 1 - عَنْ أَنَسٍ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَجِيٌّ لِرَجُلٍ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ وَنَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنَاجِي الرَّجُلَ فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ. متفق عليه (¬1). 2 - وعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنَاجِي رَجُلًا فَلَمْ يَزَلْ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى بِهِمْ. متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (642)، ومسلم برقم (376)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (642)، ومسلم برقم (376)، واللفظ له.

7 - الغسل

7 - الغسل - الغسل: هو التعبد لله بغسل جميع البدن بماء طهور على صفة مخصوصة. - موجبات الغسل ستة: 1 - خروج المني دفقاً بلذة من رجل، أو امرأة، استمناءً، أو جماعاً، أو احتلاماً. 2 - تغييب حشفة الذكر في الفرج ولو لم ينزل. 3 - إذا مات المسلم إلا شهيد المعركة في سبيل الله. 4 - إذا أسلم الكافر. 5 - الحيض. 6 - النفاس. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ». متفق عليه (¬1). - صفة الغسل المجزئ: أن ينوي الغسل، ثم يعم بدنه بالغسل مرة واحدة. - صفة الغسل الكامل: أن ينوي الغسل، ثم يغسل يديه ثلاثاً، ثم يغسل فرجه وما لوَّثه، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً، ثم يُروي رأسه ثلاثاً، ويخلِّل شعره بيده، ثم يغسل بقية جسده مرة واحدة، ويتيامن، ويدلكه، ولا يسرف في الماء. - صفة غسل النبي - صلى الله عليه وسلم -: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حَدَّثَتْنِي خَالَتِي مَيْمُونَةُ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: أَدْنَيْتُ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - غُسْلَهُ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثاً، ثُمَّ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (291)، واللفظ له، ومسلم برقم (348).

أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإنَاءِ، ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ، وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الأَرْضَ، فَدَلَكَهَا دَلْكاً شَدِيداً، ثُمَّ تَوَضّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ حَفَنَاتٍ مِلءَ كَفِّهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ. متفق عليه (¬1). - السنة أن يتوضأ المسلم وضوءه للصلاة قبل الغسل، فإن اغتسل ولم يتوضأ قبله، أو أتى بالوضوء قبل الغسل فإنه لا يشرع له الوضوء بعد الغسل. - يحرم على الجنب ما يلي: الصلاة، الطواف بالكعبة. - صفة نوم الجنب: السنة أن يغتسل الإنسان بعد الجماع، ويجوز أن ينام الإنسان وهو جنب، والأفضل أن لا ينام إلا بعد أن يغسل فرجه ويتوضأ، لقول عائشة رضي الله عنها: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ. متفق عليه (¬2). - يجوز للرجل أن يغتسل من الجنابة مع زوجته من إناء واحد ولو رأى كل منهما عورة الآخر، لقول عائشة رضي الله عنها: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ جَنَابَةٍ. متفق عليه (¬3). - صفة غسل من كرر الجماع: يستحب لمن جامع أهله ثم أراد أن يعود أو أراد أن يطوف على نسائه، أن يغتسل بين الجماعين، فإن لم يتيسر توضأ؛ فذلك أنشط للعَوْد. ويجزئ الغسل مرة لمن جامع مرتين أو أكثر، لزوجة أو أكثر؛ لما ثبت عن أنس ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (276)، ومسلم برقم (317) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (288)، واللفظ له، ومسلم برقم (305). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (263)، واللفظ له، ومسلم برقم (321).

رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. متفق عليه (¬1). - الأغسال المستحبة: من الأغسال المستحبة: غُسل الإحرام بالحج أو العمرة، غُسْل من غَسَّلَ الميت، إذا أفاق من جنون أو إغماء، غسل دخول مكة، الغسل لكل جماع، غسل من دفن المشرك. - يجب الاستتار من الناس عند الغسل، فإن اغتسل وحده في الخلوة جاز له التعري، ولكن التستر أفضل ولو كان وحده، فالله أحق أن يُستحى منه من الناس. - يجزئ غسل واحد عن حيض وجنابة، أو عن جنابة وجمعة ونحو ذلك. - غسل المرأة كالرجل، ولا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل من الجنابة، ويستحب ذلك في الغسل من الحيض أو النفاس. - من سنن الغسل: الوضوء قبله، وإزالة الأذى، وإفراغ الماء على الرأس ثلاثاً، والتيامن. - مقدار ماء الغسل: السنة أن يغتسل الجنب بالصاع إلى خمسة أمداد، فإن نقص أو دعت الحاجة إلى الزيادة على ما سبق كثلاثة آصع ونحوها جاز، ولا يجوز الإسراف في ماء الوضوء والغسل. عن أنس رضي الله عنه قال: كَان النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَغْسِلُ أَوْ كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأ بِالمُدِّ. متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (268)، ومسلم برقم (309) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (201)، واللفظ له، ومسلم برقم (325).

- حكم الاغتسال في المراحيض: يكره الاغتسال في المراحيض؛ لأنها محل النجاسات، والغسل فيها يؤدي إلى الوسواس، ولا يبول في مكان ثم يغتسل فيه؛ لئلا يتنجس. - حكم من اغتسل ثم خرج منه الماء: من اغتسل ثم خرج منه المني بدون تدفق ولا شهوة فلا يعيد الغسل، لكن يجب عليه غسله، والوضوء إذا أراد الصلاة. - حكم غسل يوم الجمعة: غسل الجمعة سنة مؤكدة على كل مسلم تجب عليه صلاة الجمعة. ويجب الغسل على من به رائحة كريهة تؤذي المصلين والملائكة. ومن ترك الغسل ممن به رائحة كريهة فصلاته صحيحة، لكنه قصر في واجب الغسل. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (858)، واللفظ له، ومسلم برقم (846).

8 - التيمم

8 - التيمم - التيمم: هو التعبد لله بضرب الصعيد الطيب باليدين بنية استباحة الصلاة وغيرها. - التيمم من خصائص الأمة الإسلامية، وهو بدل طهارة الماء. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً». متفق عليه (¬1). - حكم التيمم: يشرع التيمم للمحدث حدثاً أصغر أو أكبر إذا تعذر استعمال الماء، إما لفقده، أو التضرر باستعماله، أو العجز عن استعماله. قال الله تعالى: { .. وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)} [المائدة/6]. - ما يجوز التيمم به: يجوز التيمم بكل ما على الأرض من طاهر من تراب، أو رمل، أو حجر، أو طين رطب أو يابس. - صفة التيمم: أن ينوي، ثم يضرب الأرض مرة بباطن يديه، ثم ينفخهما لتخفيف الغبار عنهما، ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (335)، واللفظ له، ومسلم برقم (521).

ثم يمسح بهما وجهه، ثم كفيه، يمسح ظهر اليمنى بباطن اليسرى، ثم يمسح ظهر اليسرى بباطن اليمنى، وأحياناً يقدم مسح اليدين على الوجه. 1 - عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أَنَّا كنا في سفر أنا وأنت فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فَتَمَعَّكْتُ فصليت فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا»، وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه. متفق عليه (¬1). 2 - وعن عمار -في صفة التيمم- -وفيه-: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا» فضرب بكفيه ضربة على الأرض ثم نفضها، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بها وجهه». متفق عليه (¬2). - ماذا يرفع التيمم؟: إذا نوى بتيممه أحداثاً متنوعة كما لو بال، وتغوط، واحتلم، أجزأه التيمم عن الكل. - يباح للمتيمم ما يباح للمتوضئ من الصلاة، والطواف ونحو ذلك. - مبطلات التيمم: يبطل التيمم بما يلي: 1 - وجود الماء. 2 - زوال العذر من مرض أو حاجة ونحوهما. 3 - أحد نواقض الوضوء السابقة. - مَنْ عَدِم الماء وما يجوز التيمم عليه، أو لم يقدر على استعمالهما، صلى على ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (338)، واللفظ له، ومسلم برقم (368) .. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (347)، واللفظ له، ومسلم برقم (368).

حسب حاله بلا وضوء ولا تيمم، ولا إعادة عليه. - ما يشرع له التيمم: يشرع التيمم للطهارة من الحدث الأصغر أو الأكبر، أما طهارة الخَبث، سواء كانت على البدن أو الثوب فليس لها تيمم، فيزيلها، فإن لم يستطع إزالتها صلى بحسب حاله. - مَنْ جُرح وخاف أن يضره الماء مسح عليه وغسل الباقي، فإن تضرر بالمسح تيمم له وغسل الباقي. - ماذا يفعل المتيمم إذا صلى ثم وجد الماء في الوقت: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء، فتيمما صعيداً طيباً، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: «أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ»، وقال للذي توضأ وأعاد: «لَكَ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬1). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (338)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (433).

9 - الحيض والنفاس

9 - الحيض والنفاس - الحيض: هو دم طبيعة وجِبِلَّة يرخيه الرحم فيخرج من فرج المرأة في أوقات معلومة، وغالبه ستة أو سبعة أيام. - أصل دم الحيض: خلق الله دم الحيض لحكمة غذاء الولد في بطن أمه، لذلك قَلَّ أن تحيض الحامل، فإذا ولدت قَلَبه الله لبناً يَدرُّ من ثدييها، لذلك قَلَّ أن تحيض المرضع، فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع بقي لا مصرف له، فيستقر في الرحم ثم يخرج في كل شهر ستة أو سبعة أيام. - حد الحيض: لا حد لأقل الحيض، ولا لأكثره، ولا لبدايته، ولا لنهايته، ولا حد لأقل الطهر بين الحيضتين ولا لأكثره. - النفاس: هو الدم الخارج من قُبل المرأة عند الولادة، أو معها، أو قَبلها. - غالب مدة النفاس: غالب مدة النفاس أربعون يوماً، فإن طهرت قبله صلت وصامت بعد أن تغتسل، ولزوجها وطؤها، وإن زاد إلى ستين فهو نفاس، لكن إن استمر فهو دم فساد. - حكم الدم الذي يخرج من الحامل: الحامل إذا خرج منها دم كثير ولم يسقط الولد فهو دم فساد لا تترك الصلاة لأجله، لكن تتوضأ لكل صلاة، وإذا رأت دم الحيض المعتاد الذي يأتيها في وقته وشهره وحاله فهو حيض، تترك من أجله الصلاة والصوم وغير ذلك. - ما يحرم على الحائض والنفساء: يحرم على الحائض والنفساء الصلاة، والصوم، والطواف بالبيت الحرام، والوطء في الفرج حتى تطهر وتغتسل.

- حكم تناول ما يقطع الحيض: 1 - المرأة متى كان الحيض معها موجوداً فإنها لا تصلي سواء كان الحيض موافقاً للعادة، أو زائداً عنها، أو ناقصاً، فإذا طهرت اغتسلت وصلت، وتقضي الحائض الصوم لا الصلاة. 2 - يجوز للمرأة إن احتاجت تناول ما يقطع الحيض ما لم تتضرر، ويكون طهراً تصوم فيه وتصلي. - علامة طهر الحائض: أن ترى سائلاً أبيض يخرج إذا توقف الحيض، ومن لم تر هذا السائل فعلامة طهرها أن تُدخل قطنة بيضاء في محل الحيض فإن خرجت ولم تتغير فهو علامة طهرها. - حكم الصفرة والكدرة: الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض، وإن رأت ذلك قبل العادة أو بعدها فليس بحيض، فتصلي وتصوم، ولزوجها أن يباشرها، وإن تجاوزت الصفرة أو الكدرة العادة الغالبة للنساء فتغتسل وتصلي كالطاهرات. - المرأة إذا حاضت بعد دخول وقت الصلاة، أو طهرت قبل خروج وقت الصلاة وجب عليها أن تصلي تلك الصلاة، ومثلها النفساء. - حكم مباشرة الحائض: يجوز للرجل مباشرة زوجته وهي حائض من فوق الإزار، لما ثبت عن ميمونة قالت: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوقَ الإزَارِ وَهُنَّ حُيَّض. متفق عليه (¬1). - حكم وطء الحائض: يحرم وطء الحائض في الفرج. قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (303)، ومسلم برقم (294) واللفظ له.

الفرق بين الحيض والاستحاضة

وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة/222]. - لا يجوز وطء الحائض حتى ينقطع دم حيضها وتتطهر -أي تغتسل-، ومن وطئها قبل الغسل فهو آثم. - إذا وطئ الرجل زوجته مختاراً متعمداً عالماً أنها حائض فهو آثم، وعليه التوبة والاستغفار، والمرأة مثله. - المستحاضة: هي من استمر خروج الدم منها في غير أوانه. - الفرق بين الحيض والاستحاضة: 1 - الحيض: سيلان دم عرق في قعر الرحم يسمى العاذر، ولون هذا الدم أسود ثخين، غليظ، منتن كريه، لا يتجمد إذا ظهر. 2 - أما الاستحاضة: فهي سيلان دم عرق في أدنى الرحم يسمى العاذل، ولون هذا الدم أحمر، رقيق، غير منتن، يتجمد إذا خرج؛ لأنه دم عرق عادي. - صفة غسل الحائض والمستحاضة والنفساء: غسل الحائض والمستحاضة والنفساء كغسل الجنب، إلا أنه يستحب للحائض والمستحاضة والنفساء نقض شعر رأسها. والمستحاضة تغتسل مرة واحدة عند إدبار الحيض، ولا يلزمها الوضوء لكل صلاة عن هذا الدم، وتحشو فرجها بخرقة أو نحوها. - أحوال المستحاضة: المستحاضة لها أربع حالات وهي: 1 - أن تكون مدة الحيض معروفة لها فتجلس تلك المدة، ثم تغتسل وتصلي. 2 - أن تكون مدة الحيض غير معلومة لها فتجلس ستة أو سبعة أيام؛ لأن ذلك غالب مدة الحيض، ثم تغتسل وتصلي. 3 - أن لا تكون لها عادة ولكنها تستطيع تمييز دم الحيض الأسود من غيره، فإذا انقطع دم الحيض المميَّز اغتسلت وصلت.

حكم ما يخرج من المرأة

4 - أن لا تكون لها عادة، ولا تستطيع أن تميز الدم فتجلس ستة أو سبعة أيام ثم تغتسل وتصلي وتسمى المبتدأة. - حكم ما يخرج من المرأة: إذا وضعت المرأة نطفة فهذا ليس بحيض ولا نفاس، وإن وضعت الجنين لأربعة أشهر فهذا نفاس، وإن وضعت علقة أو مضغة غير مُخلَّقة فليس بنفاس ولو رأت الدم، وإن وضعت مضغة مُخلَّقة بأن تم له ثلاثة أشهر تأكد أنه ولد، وأنه نفاس. - ما تفعله المستحاضة: يجب على المستحاضة أن تصلي الفرائض، وتصوم رمضان، ويسن لها كغيرها فعل التطوعات من صلاة، أو صوم، أو طواف، أو اعتكاف. عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: «لا، إنَّ ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَكِن دَعِي الصَّلاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي». متفق عليه (¬1). - يجوز للجنب والحائض والنفساء والمحدث حدثاً أصغر مس المصحف وقراءة القرآن، والأفضل مسه وقراءته على طهارة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (325)، واللفظ له، ومسلم برقم (333).

2 - كتاب الصلاة

2 - كتاب الصلاة ويشتمل على ما يلي: 1 - معنى الصلاة وحكمها وفضلها 2 - الأذان والإقامة 3 - أوقات الصلوات الخمس 4 - شروط الصلاة 5 - صفة الصلاة 6 - أذكار أدبار الصلوات الخمس 7 - أحكام الصلاة 8 - أركان الصلاة 9 - واجبات الصلاة 10 - سنن الصلاة 11 - سجود السهو 12 - صلاة الجماعة 13 - أحكام الإمامة 14 - صلاة أهل الأعذار: وتشمل: 1 - صلاة المريض 2 - صلاة المسافر 3 - صلاة الخوف 4 - صلاة الجمعة 15 - صلاة التطوع: وتشمل: 1 - السنن الراتبة 2 - صلاة التهجد 3 - صلاة الوتر 4 - صلاة التراويح 5 - صلاة العيدين 6 - صلاة الكسوف والخسوف 7 - صلاة الاستسقاء 8 - صلاة الضحى 9 - صلاة الاستخارة

1 - معنى الصلاة وحكمها وفضلها

2 - كتاب الصلاة 1 - معنى الصلاة وحكمها وفضلها · حكم الصلوات الخمس: الصلوات الخمس هي: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء. والصلوات الخمس آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي واجبة على كل مسلم ومسلمة مهما كانت الأحوال، في حال الأمن والخوف، وفي حال الصحة والمرض، وفي حال الحضر والسفر، ولكل حالةٍ صلاة تناسبها في الهيئة والعدد. · الصلاة: عبادة لله ذات أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم. · حكمة مشروعية الصلاة: 1 - الصلاة نور، فكما أن النور يستضاء به فكذلك الصلاة تهدي إلى الصواب، وتمنع من المعاصي، وتنهى عن الفحشاء والمنكر. 2 - الصلاة صلة بين العبد وربه، وهي عماد الدين، يجد فيها المسلم لذة مناجاة ربه، فتطيب نفسه، وتقر عينه، ويطمئن قلبه، وينشرح صدره، وتُقضى حاجته، وبها يرتاح من هموم الدنيا وآلامها. 3 - الصلاة لها ظاهر يتعلق بالبدن كالقيام والجلوس، والركوع والسجود، وسائر الأقوال والأعمال، ولها باطن يتعلق بالقلب، ويكون بتعظيم الله تعالى، وتكبيره، وخشيته، ومحبته، وطاعته، وحمده، وشكره، وذل العبد وخضوعه لربه، فالظاهر يتحقق بفعل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، والباطن يتحقق بالتوحيد والإيمان، والإخلاص، والخشوع. 4 - الصلاة لها جسد وروح: فجسدها القيام والركوع والسجود والقراءة وروحها:

تعظيم الله وخشيته، وحمده، وسؤاله، واستغفاره، والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآله وعلى عباد الله الصالحين. 5 - أمر الله كل مسلم بعد إقراره بالشهادتين أن يقيد حياته بأربعة أشياء (الصلاة، الزكاة، الصيام، الحج) وهذه أركان الإسلام، وفي كل منها تمرين لتنفيذ أوامر الله على نفس الإنسان، وماله، وشهوته، وطبيعته؛ ليقضي حياته حسب أمر الله ورسوله، وحسب ما يحب الله ورسوله، لا حسب هواه. 6 - المسلم في الصلاة ينفذ أوامر الله على كل عضو من أعضائه ليتدرب على طاعة الله وتنفيذ أوامر الله في شؤون حياته كلها، في أخلاقه، ومعاملاته، وطعامه، ولباسه، وهكذا حتى يكون مطيعاً لربه داخل الصلاة وخارج الصلاة. 7 - والصلاة زاجرة عن فعل المنكرات، وسبب لتكفير السيئات. عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أَرَأيْتُمْ لَو أَنَّ نَهراً بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟» قَالُوا: لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ: «فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو الله بِهِنَّ الخَطَايَا». متفق عليه (¬1). · استقامة القلب: إذا استقام القلب استقامت الجوارح، وإنما يستقيم القلب بأمرين: 1 - تقديم ما يحبه الله تعالى على ما تحبه النفس. 2 - تعظيم الأمر والنهي وهو الشريعة، وذلك ناشئ عن تعظيم الآمر الناهي وهو الله عزوجل، فالإنسان قد يفعل الأمر لنظر الخلق إليه، وطلب الجاه والمنزلة عندهم، وقد يتقي المناهي خشية سقوطه من أعينهم، أو خوفاً من العقوبات الدنيوية التي رتبها الله على المناهي كالحدود، فهذا ليس فعله وتركه صادراً عن تعظيم الأمر والنهي، ولا تعظيم الآمر الناهي. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (528)، ومسلم برقم (667) واللفظ له.

· علامة تعظيم أوامر الله: أن يراعي العبد أوقاتها وحدودها، ويأتي بأركانها وواجباتها وسننها، ويحرص على كمالها ويسارع إليها عند وجوبها فرحاً بها، ويحزن عند فواتها كمن فاتته صلاة الجماعة ونحوها، وأن يغضب للهِ إذا انتهكت محارمه، ويحزن عند معصيته، ويفرح بطاعته، ولا يسترسل مع الرخص، ولا يكون دأبه البحث عن علل الأحكام، فإن ظهرت له الحكمة حمله ذلك على مزيد الانقياد والعمل. · فقه الأوامر الشرعية: أوامر الله عز وجل نوعان: 1 - أوامر محبوبة للنفس كالأمر بالأكل من الطيبات، ونكاح ما طاب من النساء إلى أربع، وصيد البر والبحر ونحو ذلك. 2 - أوامر مكروهة للنفس وهي نوعان: 1 - أوامر خفيفة كالأدعية والأذكار والآداب والنوافل والصلوات وتلاوة القرآن ونحوها. 2 - أوامر ثقيلة كالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله. والإيمان يزيد بامتثال الأوامر الخفيفة والثقيلة معاً، فإذا زاد الإيمان صار المبغوض محبوباً، وصار الثقيل خفيفاً، وتحقق مراد الله من العبد بالدعوة والعبادة، وتحركت بذلك جوارحه. · صفات النفس: ركَّب الله سبحانه في كل إنسان نفسين: نفساً أمَّارة بالسوء، ونفساً مطمئنة، وهما متعاديتان، فكل ما خَفَّ على هذه ثقل على الأخرى، وكل ما التذت به هذه تألمت به الأخرى، مع هذه مَلَك، ومع تلك شيطان، والحق كله مع الملك والمطمئنة، والباطل كله مع الشيطان والأمَّارة، والحرب سجال.

· حكم الصلاة: تجب الصلوات الخمس في اليوم والليلة على كل مسلم مكلف، ذكراً كان أو أنثى، إلا حائضاً ونفساء حتى تطهرا، وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)} [النساء/ 103]. 2 - وقال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} [البقرة/238]. 3 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإقَامِ الصَّلاةِ، وَإيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفق عليه (¬1). 4 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذاً إلَى اليَمَنِ فَقَالَ: «ادْعُهُمْ إلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إلَهَ إلا الله، وَأَنِّي رَسُولُ الله، فَإنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ الله افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كَلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ... ». متفق عليه (¬2). · علامات البلوغ: المسلم المكلف هو (البالغ العاقل)، وعلامات البلوغ: منها ما هو مشترك بين الرجل والمرأة: وهو إتمام خمس عشرة سنة، ونبات شعر العانة، وإنزال المني. ومنها ما هو خاص بالرجال فقط: وهو نبات شعر اللحية والشارب. ومنها ما هو خاص بالنساء فقط: وهو الحمل والحيض، ويؤمر الصغير بالصلاة إذا تم له سبع سنين، ويضرب عليها إذا تم له عشر سنين. · أهميَّة الصلاة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (8)، ومسلم برقم (16)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1395)، واللفظ له، ومسلم برقم (19).

القِيَامَةِ صَلاتُهُ، فَإنْ وُجِدَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ تَامَّةً، وَإنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ، قَالَ: انْظُرُوا هَلْ تَجِدُوْنَ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ يُكَمِّلُ لَهُ مَا ضَيَّعَ مِنْ فَرِيضَةٍ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ سَائِرُ الأَعْمَالِ تَجْرِي عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ». أخرجه النسائي وابن ماجه (¬1). · عدد الصلوات المفروضة: فرض الله الصلاة ليلة الإسراء على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بدون واسطة قبل الهجرة بسنة، وفرضها الله سبحانه خمسين صلاة في اليوم والليلة على كل مسلم، وهذا يدل على أهميتها، وعلى محبه الله لها، ثم خُففت فجعلها الله سبحانه خمساً في العمل وخمسين في الأجر فضلاً منه ورحمة. · الصلوات المفروضة في اليوم والليلة على كل مسلم ومسلمة خمس صلوات، وهي: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر. وصلاة الجمعة يوم الجمعة في الأسبوع مرة. · حكم من جحد وجوب الصلاة أو تركها: من جحد وجوب الصلاة كفر، وكذا تاركها تهاوناً وكسلاً، فإن كان جاهلاً يُعلَّم، وإن كان عالماً بوجوبها وتركها يُستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قُتِل كافراً. 1 - قال الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة/11]. 2 - وعن جابر رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ، وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ». أخرجه مسلم (¬2). 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ». أخرجه البخاري (¬3). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه النسائي برقم (564)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1425). (¬2) أخرجه مسلم برقم (82). (¬3) أخرجه البخاري برقم (3017).

· الآثار المترتبة على جاحد الصلاة أو تاركها: 1 - في الحياة: لا يحل له الزواج بمسلمة، وتسقط ولايته، ويسقط حقه في الحضانة، ولا يرث، ويحرم ما ذكاه من حيوان، ولا يحل له دخول مكة وحرمها؛ لأنه كافر. 2 - إذا مات لا يُغسَّل، ولا يُكفَّن، ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين؛ لأنه ليس منهم، ولا يُدعى له بالرحمة، ولا يورث، ويخلد في النار؛ لأنه كافر. · من ترك الصلاة تركاً مطلقاً بحيث لا يصلي أبداً فهو كافر مرتد عن دين الإسلام، ومن يصلي أحياناً ويتركها أحياناً فليس بكافر، لكنه فاسق، ومرتكب إثماً عظيماً، وجان على نفسه جناية كبيرة، وعاص للهِ ورسوله. · فضل انتظار الصلاة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَزَالُ العَبْدُ فِي صَلاةٍ مَا كَانَ فِي مُصَلَّاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ، وَتَقُولُ المَلائِكَةُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، حَتَّى يَنْصَرِفَ أَوْ يُحْدِثَ». متفق عليه (¬1). · فضل المشي إلى الصلاة في المسجد على طهارة: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بِيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله، لِيَقْضِي فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله، كَانَتْ خَطْوَتاهُ إحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيْئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّراً إلَى صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الحَاجِّ المُحْرِم، وَمَنْ خَرَجَ إلَى تَسْبِيحِ الضُحَى لا يَنْصِبُهُ إلا إيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ المعْتَمِرِ، وَصَلاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلاةٍ لا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ في عِلِّيِّينَ». أخرجه أبو داود (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (176)، ومسلم برقم (649)، في كتاب المساجد، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (666). (¬3) حسن/أخرجه أبوداود برقم (558).

· بم يحصل الخشوع في الصلاة: يحصل الخشوع في الصلاة بأمور، منها: 1 - حضور القلب بين يدي الله في الصلاة. 2 - الفهم والإدراك لما يقرأ أو يسمع. 3 - التعظيم، ويتولد من أمرين: معرفة جلال الله وعظمته، ومعرفة حقارة النفس، فيتولد منهما الانكسار للهِ، والخشوع له. 4 - الهيبة، وهي أسمى من التعظيم، وتتولد من المعرفة بقدرة الله، وعظمته، وتقصير العبد في حقه سبحانه. 5 - الرجاء، وهو أن يرجو بصلاته ثواب الله عز وجل. 6 - الحياء، ويتولد من معرفة نعم الله، وتقصيره في حق الله سبحانه. · صفة البكاء المشروع: بكاؤه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بشهيق ورفع صوت، بل كانت تدمع عيناه، ويُسمع لصدره أزيز كأزيز المِرْجَل من البكاء. وكان بكاؤه - صلى الله عليه وسلم - تارة من خشية الله، وتارة خوفاً على أمته وشفقة عليها، وتارة رحمة للميت، وتارة عند سماع القرآن حينما يسمع آيات الوعد والوعيد، وذكر الله وآلائه ونعمه، وأخبار الأنبياء ونحو ذلك. · المحافظة على فضيلة تتعلق بذات العبادة كالخشوع في الصلاة مثلاً أهم من فضيلة تتعلق بمكانها، فلا يصلي في مكان يذهب معه الخشوع كالزحام ونحوه. · فقه الأمر والنهي: الله عز وجل حكيم عليم، لا يأمر العبد إلا بما فيه صلاحه، ولا ينهاه إلا عما في فعله فساده. وابتلى العباد بالأوامر والشهوات، والواجبات والمحرمات، ليميز بذلك من

يطيعه ممن يعصيه. فالأوامر كالواجبات والمستحبات، والنواهي كالمحرمات والمكروهات. فالمأمور به بمنزلة الغذاء الذي هو قوام البدن. والمنهي عنه بمنزلة السم الذي فيه هلاك البدن. ومن تيقن هذا انشرح صدره لطاعة الله ورسوله، وطابت نفسه لفعل الأوامر، واجتناب النواهي، محبة لله، وتعظيماً له، وتقرباً إليه بما يحب. وإذا ضعف الإيمان مال الإنسان إلى الحيل والبدع والمعاصي، وكسل عن الطاعات، وتساهل في الأوامر والنواهي، واتبع الشهوات، وجمع بين النفاق الأصغر والأكبر، وزلّت به قدمه في النار: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)} [مريم/59 - 60]. · أوقات عرض الأعمال على الله عز وجل: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2565). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (555)، ومسلم برقم (632)، واللفظ له.

2 - الأذان والإقامة

2 - الأذان والإقامة - الأذان: هو التعبد للهِ بالإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص. - شُرِع الأذان في السنة الأولى من الهجرة. - حكمة مشروعية الأذان: 1 - إعلان التوحيد، وتذكير الناس به ليلاً ونهاراً. 2 - الأذان إعلام بدخول وقت الصلاة ومكانها، ودعاء إلى الصلاة والجماعة التي فيها خير كثير. 3 - الأذان تنبيه للغافلين، وتذكير للناسين لأداء الصلاة التي هي من أجلِّ النعم، والتي تُقرِّب العبد إلى ربه وهذا هو الفلاح. والأذان دعوة للمسلم حتى لا تفوته هذه النعمة. - الإقامة: هي التعبد للهِ بالإعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص. - حكم الأذان والإقامة: الأذان والإقامة فرض كفاية على الرجال دون النساء، حضراً وسفراً، والأذان والإقامة يكونان فقط للصلوات الخمس وصلاة الجمعة. - مؤذنو النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة: بلال بن رباح وعمرو بن أم مكتوم رضي الله عنهما في مسجده - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وسعد القَرَظ رضي الله عنه في مسجد قباء، وأبو محذورة رضي الله عنه في المسجد الحرام بمكة. وأبو محذورة كان يُرجِّع الأذان ويُثَنِّي الإقامة، وبلال كان لا يُرجِّع الأذان ويفرد الإقامة. - فضل الأذان: يسن للمؤذن أن يرفع صوته بالأذان، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنٌّ ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، والمؤذن يُغفر له مدى صوته، ويُصَدِّقه من سَمِعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه.

1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا». متفق عليه (¬1). 2 - وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقاً يَومَ القِيَامَةِ». أخرجه مسلم (¬2). - صفات الأذان الواردة والثابتة في السنة: 1 - الصفة الأولى: أذان بلال رضي الله عنه الذي كان يُؤذِّن به في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو خمس عشرة جملة: 1 - اللهُ أَكْبَرُ ... 9 - حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ 2 - اللهُ أَكْبَرُ ... 10 - حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ 3 - اللهُ أَكْبَرُ ... 11 - حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ 4 - اللهُ أَكْبَرُ ... 12 - حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ 5 - أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله ... 13 - اللهُ أَكْبَرُ 6 - أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله ... 14 - اللهُ أَكْبَرُ 7 - أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله ... 15 - لا إلَهَ إلَّا الله (¬3) 8 - أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله 2 - الصفة الثانية: أذان أبي محذورة رضي الله عنه وهو تسع عشرة جملة، التكبير أربعاً في أوله مع الترجيع. - عن أبي محذورة رضي الله عنه قال: أَلقى عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التأذين هو بنفسه فقال: «قُلْ: الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله [مرتين، مرتين] قال: ثُمَّ ارْجِعْ فَمُدَّ مِنْ صَوْتِكَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله، أَشْهَدُ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (615)، ومسلم برقم (437). (¬2) أخرجه مسلم برقم (387). (¬3) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (499)، وأخرجه ابن ماجه برقم (706).

أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الفَلاحِ، الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، لا إلَهَ إلَّا الله». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). 3 - الصفة الثالثة: مثل أذان أبي محذورة رضي الله عنه السابق إلا أن التكبير في أوله مرتان فقط، فيكون سبع عشرة جملة. أخرجه مسلم (¬2). 4 - الصفة الرابعة: أن يكون الأذان كله مثنى مثنى، وكلمة التوحيد في آخره مفردة، فيكون ثلاث عشرة جملة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كَانَ الأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَثْنَى مَثْنَى، وَالإقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، إلَّا أَنَّكَ تَقُولُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ. أخرجه أبو داود والنسائي (¬3). - السنة أن يؤذن بهذه الصفات كلها، بهذا مرة، وبهذا مرة، وهذا في مكان، وهذا في مكان؛ حفظاً للسنة، وإحياءً لها بوجوهها المشروعة المتنوعة، ما لم تخش فتنة. - يزيد المؤذن في أذان الفجرالثاني بعد حي على الفلاح (الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّومِ، الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّومِ)، وذلك في جميع صفات الأذان السابقة. - شروط صحة الأذان: أن يكون الأذان مرتباً، متوالياً، وأن يكون بعد دخول الوقت، وأن يكون المؤذن مسلماً، ذكراً، أميناً، عاقلاً، عدلاً بالغاً أو مميزاً، وأن يكون الأذان باللغة العربية على حسب ما جاء في السنة، والإقامة كذلك. - ما يسن في الأذان: يسن ترتيل الأذان، ورفع الصوت به، وأن يلتفت يميناً عند قوله (حي على الصلاة) وشمالاً عند قوله (حي على الفلاح)، وأحياناً يقسم كل جملة من ¬

(¬1) حسن صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (503)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (192). (¬2) أخرجه مسلم برقم (379). (¬3) حسن/ أخرجه أبوداود برقم (510)، وأخرجه النسائي برقم (628)، وهذا لفظه.

الجملتين على الجهتين، والأول هو ظاهر السنة، ويسن الالتفات في الأذان ولو مع وجود مكبرات الصوت؛ لثبوته شرعاً. - يسن للمؤذن أن يكون صَيِّتاً، عالماً بالوقت، مستقبل القبلة، متطهراً، قائماً، واضعاً أصبعيه في أذنيه حال الأذان، وأن يؤذن على مكان مرتفع. - حكم الأذان قبل الوقت: لا يجزئ ولا يجوز الأذان قبل دخول الوقت في جميع الصلوات الخمس. ويسن أن يؤذن قبل الفجر بقدر ما يتسحر الصائم؛ ليرجع القائم، ويستيقظ النائم، ويختم من يتهجد صلاته بالوتر، فإذا طلع الفجر أذن لصلاة الصبح. - ما يقوله من سمع الأذان: يسن لمن سمع المؤذن ما يلي: 1 - أن يقول مثله لينال مثل أجره إلا في الحيعلتين، فيقول السامع: (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ). 2 - بعد انتهاء الأذان يسن أن يُصلِّي على النبي - صلى الله عليه وسلم -. 3 - ويُسن أن يقول بعد ما يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاةِ القَائمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَومَ القِيَامَةِ». أخرجه البخاري (¬1). 4 - أن يقول بعد فراغ المؤذن من الشهادتين ما يلي: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِالله رَبّاً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإسْلامِ دِيناً، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ». أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (614). (¬2) أخرجه مسلم برقم (386).

5 - ثم يدعو لنفسه بما شاء. - فضل متابعة المؤذن: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذَا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَى الله عَلَيهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا الله لِي الوَسِيلَةَ، فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ». أخرجه مسلم (¬1). - إذا أَخَّر صلاة الظهر لشدة حر، أو أَخَّر العشاء إلى الوقت الأفضل، فالسنة أن يُؤذِّن عند إرادة فعل الصلاة إذا كان في السفر، وعند دخول الوقت إذا كان في الحضر. - من يقدّم في الأذان: إذا تَشَاحَّ مؤذنان فأكثر قُدِّم الأفضل صوتاً، ثم الأفضل في دينه وعقله، ثم مَنْ يختاره أهل المسجد، ثم قرعة، ويباح اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد. - قوة الأذان: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا نُودِيَ لِلْصَّلاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ، حَتَّى إذَا ثُوِّبَ لِلصَّلاةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِه يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (384). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (608)، واللفظ له، ومسلم برقم (389).

- حكم تعدد الأذان: جميع الصلوات الخمس يؤذن لكل صلاة أذان واحد إذا دخل وقتها، ويستثنى من ذلك الفجر والجمعة، فيؤذن لكل واحدة أذانين. والسنة إيقاع الأذان الأول للفجر في السحر، وهو سدس الليل الأخير. وإيقاع النداء الأول للجمعة قبل النداء الثاني بوقت يتسع للغسل والمجيء إلى المسجد. ومن جمع بين صلاتين، أو قضى فوائت، أذن للأولى، ثم أقام لكل فريضة. - الأذان يوم الجمعة يكون حين يجلس الإمام على المنبر للخطبة، وحين كثر الناس في عهد عثمان رضي الله عنه زاد قبله النداء الثاني، ووافقه الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، والإقامة هي النداء الثالث. - حكم أخذ الأجرة على الأذان: لا يأخذ الإمام على إمامة المصلين أجراً، ولا يأخذ المؤذن على أذانه أجراً، ويجوز له أخذ الجُعْل الذي يُصرف من بيت المال لأئمة المساجد ومؤذنيها، إذا قام بوظيفته للهِ عز وجل. - حكم من دخل المسجد والمؤذن يؤذن: من دخل المسجد والمؤذن يؤذن يستحب له أن يتابع المؤذن، ثم يدعو بعد الفراغ من الأذان، ولا يجلس حتى يصلي تحية المسجد ركعتين. - حكم من خرج من المسجد بعد الأذان: إذا أذن المؤذن فلا يجوز لأحدٍ الخروج من المسجد إلا لعذر من مرض، وتجديد وضوء ونحوهما. - صفات الإقامة الواردة والثابتة في السنة: يجب أن تكون الإقامة مرتبة ومتوالية بإحدى الصفات الآتية:

الصفة الأولى: إحدى عشرة جملة، وهي إقامة بلال رضي الله عنه التي كان يقيم بها بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي: (1 - اللهُ أَكْبَرُ، 2 - اللهُ أَكْبَرُ، 3 - أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا الله، 4 - أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، 5 - حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، 6 - حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ، 7 - قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، 8 - قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، 9 - اللهُ أَكْبَرُ، 10 - اللهُ أَكْبَرُ، 11 - لَا إلَهَ إلَّا الله). أخرجه أبو داود (¬1). الصفة الثانية: سبع عشرة جملة، وهي إقامة أبي محذورة رضي الله عنه: (التكبير أربعاً، والتشهدان أربعاً، والحيعلتان أربعاً، وقد قامت الصلاة مرتين، والتكبير مرتين، ولا إله إلا الله مرة). أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). الصفة الثالثة: عشر جمل (الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا الله، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، الله أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا الله). أخرجه أبو داود والنسائي (¬3). - يسن أن يقيم بهذا مرة، وبهذا مرة؛ حفظاً للسنة بوجوهها المتنوعة، وإحياءً لها، ما لم تُخش فتنة. - يسن الدعاء والصلاة وذكر الله، وتلاوة القرآن بين الأذان والإقامة. - يجوز استعمال مكبر الصوت في الأذان، والإقامة، والصلاة، والخطبة إذا دعت الحاجة إليه، فإن حصل به ضرر أو تشويش أزيل. - مَنْ يؤذن ويقيم: يسن أن يتولى الأذان والإقامة رجل واحد، والمؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة، فلا يقيم المؤذن إلا بإشارته أو رؤيته أو قيامه ونحو ذلك. - يسن إفراد كل جملة من جُمل الأذان بنَفَسٍ واحد إلا (اللهُ أكبر) فيجمع ¬

(¬1) حسن صحيح/أخرجه أبو داود برقم (499). (¬2) حسن صحيح/أخرجه أبوداود برقم (502)، وأخرجه الترمذي برقم (192)، وقال: حسن صحيح. (¬3) حسن/أخرجه أبو داود برقم (510)، وأخرجه النسائي برقم (628).

الجملتين بنَفَسٍ واحد، وأحياناً يفرد كل جملة، ويجيبه السامع كذلك، أما الإقامة، فلم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر مشروع يقوله من سمع الإقامة. - صفة الأذان في المطر والبرد الشديد: يسن للمؤذن في البرد الشديد أو الليلة المطيرة ونحوهما أن يقول بعد الحيعلتين، أو بعد الأذان ما ثبت في السنة: (أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ) متفق عليه (¬1). أو يقول: (صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ) متفق عليه (¬2). يفعل هذا مرة، وهذا مرة، إحياءً للسنة. ومن أحب الحضور شُرع له ولو تكلف. - حكم الأذان والإقامة في السفر: عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: أتى رجلان النبي - صلى الله عليه وسلم - يريدان السفر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا». متفق عليه (¬3). - حكم الأذان والإقامة للصلوات: للصلوات بالنسبة لمشروعية الأذان والإقامة أربع حالات: 1 - صلاة لها أذان وإقامة: وهي الصلوات الخمس، والجمعة. 2 - صلاة لها إقامة ولا أذان لها: وهي الصلاة المجموعة إلى ما قبلها، والصلوات المقضيَّة. 3 - صلاة لها نداء بألفاظ مخصوصة: وهي صلاة الكسوف والخسوف. 4 - صلاة لا أذان لها ولا إقامة: وذلك مثل صلاة النفل، وصلاة الجنازة، والعيدين، والاستسقاء ونحوها. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (666)، ومسلم برقم (697). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (901)، ومسلم برقم (699). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (630)، واللفظ له، ومسلم برقم (674).

3 - أوقات الصلوات الخمس

3 - أوقات الصلوات الخمس - فرض الله سبحانه على كل مسلم ومسلمة خمس صلوات في اليوم والليلة. - أوقات الصلوات المفروضة خمسة، وهي: 1 - وقت الظهر: ويبدأ من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله غير ظل الاستواء، وتعجيلها أفضل إلا في شدة حر فيسن تأخيرها والإبراد بها، وهي أربع ركعات. 2 - وقت العصر: ويبدأ من خروج وقت الظهر إلى اصفرار الشمس، والضرورة إلى غروبها، ويسن تعجيلها، وهي أربع ركعات. 3 - وقت المغرب: ويبدأ من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر، ويسن تعجيلها، وهي ثلاث ركعات. 4 - وقت العشاء: ويبدأ من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، والضرورة إلى طلوع الفجر الثاني، وتأخيرها إلى ثلث الليل أفضل إن تيسر، وهي أربع ركعات. 5 - وقت الفجر: ويبدأ من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، وتعجيلها أفضل، ويسن أن يدخل فيها بغلس، وينصرف بغلس، وأحياناً ينصرف حين يسفر، وهي ركعتان. 1 - قال الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)} [الإسراء/78]. 2 - وقال الله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)} [الروم/17 - 18]. 3 - وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ رَجُلاً سَألَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ لَهُ: «صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ». (يَعْنِي اليَوْمَيْنِ) فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أمَرَ بِلالاً فَأذَّنَ، ثُمَّ أمَرَهُ فَأقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أمَرَهُ فَأقَامَ العَصْرَ، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، ثُمَّ أمَرَهُ

فَأقَامَ المَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أمَرَهُ فَأقَامَ العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أمَرَهُ فَأقَامَ الفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الفَجْرُ. فَلَمَّا أنْ كَانَ اليَوْمُ الثَّانِي أمَرَهُ فَأبْرَدَ بِالظُّهْرِ، فَأبْرَدَ بِهَا، فَأنْعَمَ أنْ يُبْرِدَ بِهَا، وَصَلَّى العَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، أخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ، وَصَلَّى المَغْرِبَ قَبْلَ أنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى العِشَاءَ بَعْدَمَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى الفَجْرَ فَأسْفَرَ بِهَا. ثُمَّ قال: «أيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاةِ؟». فَقَالَ الرَّجُلُ: أنَا يَا رَسُولَ اللهِ! قال: «وَقْتُ صَلاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأيْتُمْ». أخرجه مسلم (¬1). - متى تكون الصلاة عند اشتداد الحر؟ إذا اشتد الحر فالسنة أن تُؤخر صلاة الظهر إلى قُرب العصر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ، فَإنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». متفق عليه (¬2). - أوقات الصلاة إذا خفيت الأوقات: من كان يقيم في بلاد لا تغيب الشمس عنها صيفاً، ولا تطلع فيها الشمس شتاء، أو في بلاد يستمر نهارها ستة أشهر وليلها ستة أشهر مثلاً، فعليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، ويقدِّرون أوقاتها على أقرب بلد إليهم تتميز فيه أوقات الصلوات المفروضة بعضها عن بعض. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (613). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (536)، واللفظ له، ومسلم برقم (616).

4 - شروط الصلاة

4 - شروط الصلاة - شروط الصلاة: يشترط لصحة الصلاة ما يلي: 1 - أن يكون المسلم طاهراً من الحدث الأصغر والأكبر. 2 - طهارة البدن والثوب ومكان الصلاة من النجاسات. 3 - دخول وقت الصلاة. 4 - اتخاذ الزينة بثياب ساترة للعورة والمنكبين. 5 - استقبال القبلة. 6 - النية. بأن ينوي بقلبه الصلاة التي يصليها قبل تكبيرة الإحرام ولا يتلفظ بها بلسانه. - صفة اللباس في الصلاة: 1 - يسن للمسلم أن يصلي في ثوب جميل نظيف فالله أحق من تزيّن له، وموضع الإزار إلى أنصاف الساقين والعضلة، فإن أبيت فمن وراء الساق، ولا حق للكعبين في الإزار، ويحرم الإسبال في الثياب وغيرها داخل الصلاة وخارجها. 2 - يلبس المسلم من الملابس ما شاء، ولا يحرم عليه من اللباس إلا ما كان محرماً لعينه كالحرير للرجال، أو فيه صور ذوات الأرواح فيحرم على الذكور والإناث، أو كان محرماً لوصفه كصلاة الرجل في ثوب المرأة، أو ثوب فيه إسبال، أو كان محرماً لكسبه كالثوب المغصوب، أو المسروق ونحو ذلك. - حد عورة الرجل والمرأة: عورة الرجل من السُّرة إلى الركبة، والمرأة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها،

وكفيها، وقدميها، فإن كانت بحضرة رجال أجانب سترت جميع بدنها. - حكم تغيير النية أثناء الصلاة: 1 - كل عمل لا بُدّ له من نية، ولا يجوز تغيير النية من معين لمعين كتغيير نية العصر إلى الظهر، ولا يجوز أيضاً من مطلق لمعين كمن يصلي نافلة ثم ينوي بها الفجر، وتجوز من معين لمطلق، كمن يصلي فريضة منفرداً ثم يحوّلها لنافلة لحضور جماعة مثلاً. 2 - يجوز للمصلي أن يغير نيته وهو في الصلاة من مأموم أو منفرد إلى إمام، أو من مأمومٍ إلى منفرد، أو من نية فرض إلى نفل لا العكس. 3 - إذا قطع المصلي النية أثناء الصلاة بطلت صلاته ووجب عليه الابتداء من أولها. - يتجه المصلي ببدنه إلى مُعظَّم بأمر الله وهو الكعبة، ويتجه بقلبه إلى الله. - مكان الصلاة: 1 - الأرض كلها مسجد تصح الصلاة فيها إلا الحمام، والحش، والمكان النجس، ومأوى الإبل، والمقبرة، ويستثنى من ذلك صلاة الجنازة، فتصح في المقبرة. 2 - السنة أن يصلي المصلي على الأرض، ويجوز أن يصلي المصلي على الفراش، أو الحصير، أو الخمرة وهي حصير أو نسيجة خوص بمقدار الوجه. 3 - تصح الصلاة بالطريق لضرورة، بأن ضاق المسجد بأهله إذا اتصلت الصفوف. 4 - الأحسن أن يصلي الرجل في المسجد الذي يليه ولا يتتبع المساجد، إلا لسبب شرعي. - إذا أفاق مجنون، أو أسلم كافر، أو طهرت حائض بعد دخول الوقت لزمهم أن يصلوا صلاة ذلك الوقت. - كيف يصلي من لا يعرف القبلة؟: يجب على المسلم أن يصلي إلى جهة القبلة، فإن خفيت عليه ولم يجد من

يسأله عنها اجتهد وصلى إلى ما غلب على ظنه أنه قبلة، ولا إعادة عليه لو تبين أنه صلى لغير القبلة. - حكم الصلاة في النعال: 1 - السنة أن يصلي المسلم في نعليه أو خفيه إذا كانتا طاهرتين، ويصلي حافياً أحياناً، فإن خشي تقذر المسجد، أو أذية المصلين، صلى حافياً. 2 - إذا نزع المصلي خفيه أو نعليه فلا يضعهما عن يمينه، بل يضعهما بين رجليه أو عن يساره إذا لم يكن عن يساره أحد، والسنة عند لبس النعل أن يبدأ باليمنى، وعند خلع النعل أن يبدأ باليسرى، ولا يمشي في نعل واحدة. - صفة صلاة العراة: العراة إن لم يجدوا ثياباً يصلون قياماً إن كانوا في ظلمة ولا يبصرهم أحد، ويتقدمهم إمامهم، فإن كان حولهم أحد أو في نور صلوا قعوداً وإمامهم وسطهم، وإن كانوا رجالاً ونساء صلى كل نوع وحده. - ترك المأمور لا يُعذر فيه بالجهل والنسيان، فمن صلى بغير وضوء جاهلاً أو ناسياً فلا إثم عليه، لكن يجب عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة وهكذا، أما فعل المحظور فيعذر فيه بالجهل والنسيان، فمن صلى وفي ثوبه نجاسة يجهلها أو علمها ثم نسيها فصلاته صحيحة. كيفية قضاء الصلوات من الصلوات ما يُقضى إذا فات وقته من حين زوال العذر كالصلوات الخمس، ومنها ما لا يُقضى إذا فات كالجمعة، فيصلي بدلها ظهراً، ومنها ما لا يُقضى إلا في وقته وهي صلاة العيد. 1 - يجب فوراً قضاء الفوائت مرتبة، ويسقط الترتيب بالنسيان، أو الجهل، أو خوف خروج وقت الحاضرة، أو خوف فوات الجمعة. 2 - من شرع في صلاة فرض ثم ذكر أنه لم يصل التي قبلها أتم ما دخل فيه ثم قضى

الفائتة، فمن فاتته صلاة العصر مثلاً فدخل المسجد فوجد المغرب قد أقيمت صلى المغرب مع الإمام ثم يصلي العصر. - كيف يقضي الصلاة من نام عنها في السفر: من كانوا في سفر ثم غلبتهم أعينهم فلم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس مثلاً، فالسنة أن يتحولوا من مكانهم، ثم يتوضؤون، ثم يؤذن أحدهم، ثم يصلون ركعتي الفجر، ثم يقيم، ثم يصلون الفجر. - من زال عقله كيف يقضي الصلاة؟: من زال عقله بنوم أو سكر لزمه قضاء الفوائت، وكذا لو زال عقله بفعل مباح كالبنج والدواء فعليه القضاء، وإن زال عقله بغير اختياره كالإغماء فلا قضاء عليه. - كيف تقضي الحائض والجنب الصلاة؟: الحائض إذا انقطع دمها في الوقت ولم يمكنها الاغتسال إلا بعد خروج الوقت اغتسلت وصلت ولو خرج الوقت، وكذا الجنب الذي استيقظ، فإن اغتسل طلعت الشمس، فالسنة أن يغتسل ويصلي بعد طلوع الشمس؛ لأن الوقت في حق النائم من حين يستيقظ. - حكم من نام عن صلاة أو نسيها: من نام عن صلاة أو نسيها صلاها إذا ذكرها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ نَسِيَ صَلاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (597)، ومسلم برقم (684)، واللفظ له.

آداب دخول المسجد يسن للمسلم أن يخرج إلى المسجد بسكينة ووقار. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا ثُوِّبَ لِلصَّلاةِ فَلا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَونَ، وَائْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا، فَإنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلاةِ فَهُوَ فِي صَلاةٍ». متفق عليه (¬1). 1 - يسن للمسلم إذا أتى المسجد أن يقدم رجله اليمنى في الدخول قائلاً: «اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ» (¬2). «أَعُوذُ بِالله العَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ القَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». أخرجه أبو داود (¬3). 2 - وإذا خرج قدم رجله اليسرى قائلاً: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ» (¬4). - ماذا يفعل المسلم إذا دخل المسجد؟: إذا دخل المسلم المسجد سلَّم على من فيه، ثم صلى ركعتين تحية المسجد، ويستحب له أن يبكر ويشتغل بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، والنوافل حتى تقام الصلاة، ويجتهد أن يكون في الصف الأول، على يمين الإمام. - حكم النوم في المسجد: النوم في المسجد أحياناً للمحتاج كالغريب والفقير الذي لا سكن له جائز، وأما ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (908)، ومسلم برقم (602)، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (713). (¬3) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (466). (¬4) أخرجه مسلم برقم (713).

اتخاذ المسجد مبيتاً ومقيلاً فهو منهي عنه إلا لمعتكف ومستريح ونحوهما. - حكم السلام على من يصلي: يستحب لمن مر بمن يصلي أن يسلم عليه، ويرد المصلي السلام عليه بالإشارة بأصبعه أو يده أو رأسه لا بالكلام. عن صهيب رضي الله عنه قال: مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ إلَيَّ إشَارَةً. أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - حكم حجز مكان في المسجد: السنة أن يسبق الرجل بنفسه الى المسجد، فإذا قدَّم المفروش من سجادة ونحوها وتأخر هو فقد خالف الشريعة من جهتين: من جهة تأخره وهو مأمور بالتقدم. ومن جهة غصبه لطائفة من المسجد ومنعه غيره من السابقين أن يصلوا فيه، ومن فرش في المسجد وتأخر فلمن سبق إليه أن يرفع ذلك ويصلي في مكانه ولا إثم عليه. - فقه مناجاة الرب جل جلاله في الصلاة: إقامة الصلاة تكمل بأمرين: حسن العبادة، وحسن مناجاة المعبود. فالعابد حقاً من فتش عن قلبه الضائع قبل الشروع في الصلاة، فحضور القلب بين يدي الله أول منزل من منازل الصلاة، فإذا أنزلته انتقلت إلى بادية المعنى، فإذا رحلت عنها أنَخْت بباب المناجاة، فكان أول قِرْى الضيف كشف الحجاب لعين ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (925)، وأخرجه الترمذي برقم (367)، وهذا لفظه.

القلب، فإذا انكشف الحجاب صار يعبد الله كأنه يراه، فخشع القلب، وذرفت الدموع، واشتد الحياء، وعظم الانكسار، وتلذذ القلب بمناجاة الرب؛ لما يرى من عظمة الله، وكبريائه، وعظيم إحسانه، فأكثر التكبير والتحميد، والتسبيح والاستغفار. فإذا حضر القلب، وانقادت الجوارح للطاعة، وحصلت المناجاة، اقترب العبد من ربه، وتناثر عليه البر من فوق رأسه إلى أخمص قدميه، وقَبِل الرب صلاته، وغفر ذنوبه، واقترب منه. فسبحان من تكرم على عبده بهذا اللقاء اليومي، وهذه الصلاة التي تصل العبد بربه، وهذه المناجاة التي تجمع بين الفقير والغني في أحسن هيئة وصورة، وأفضل مكان وزمان. فهذه هي الصلاة التي تصلح أن تكون مهراً للجنة، بل ثمناً للمحبة، بل سلّماً للقرب من الرب الملك الكريم الرحيم.

5 - صفة الصلاة

5 - صفة الصلاة - فرض الله سبحانه على كل مسلم ومسلمة خمس صلوات في اليوم والليلة، وهي: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر. - يتوضأ من أراد الصلاة، ثم يقف مستقبلاً القبلة، قريباً من السترة بينه وبين السترة قدر ثلاثة أذرع، وبين موضع سجوده والسترة قدر ممر شاة، ولا يدع شيئاً يمر بينه وبين السترة، ومن مر بين المصلي وسترته فهو آثم. عن أبي جهيم رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْراً لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ». متفق عليه (¬1). صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من التكبير إلى التسليم: - ينوي من أراد الصلاة بقلبه فعل الصلاة، ثم يكبر تكبيرة الإحرام قائلاً: (الله أكبر)، ويرفع يديه تارة مع التكبير، وتارة بعد التكبير، وتارة قبله، ويرفعهما ممدودتي الأصابع، بطونهما إلى القبلة إلى حذو منكبيه، وأحياناً يرفعهما حتى يحاذي بهما فروع أذنيه. يفعل هذا مرة، وهذا مرة، إحياء للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة. - ثم يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ والساعد، ويجعلهما على صدره، وأحياناً يقبض باليمنى على اليسرى ويجعلهما على صدره، وأحياناً يضع اليد اليمنى على الذراع اليسرى بلا قبض، وينظر بخشوع إلى موضع سجوده. - ثم يستفتح صلاته بما ورد من الأدعية والأذكار، ومنها: 1 - أن يقول: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِيْ وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ من الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْني مِنْ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (510)، ومسلم برقم (507).

خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالمَاءِ وَالبَرَدِ». متفق عليه (¬1). 2 - أو يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتعَالَى جَدُّكَ، وَلا إلَهَ غَيْرُكَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). 3 - أو يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيْمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيْهِ مِنَ الحَقِّ بِإذْنِكَ، إنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ». أخرجه مسلم (¬3). 4 - أو يقول: «الله أَكْبَرُ كَبِيراً، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيراً، وَسُبْحَانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلاً». أخرجه مسلم (¬4). 5 - أو يقول: «الحَمْدُ للهِ حَمْداً كَثِيراً طَيَّباً مُبَارَكاً فِيْه». أخرجه مسلم (¬5). يقول هذا مرة، وهذا مرة، إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المتنوعة. - ثم يقول سراً: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم). أو يقول: «أَعُوْذُ بِالله السَّمِيْعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ، وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬6). - ثم يقول سراً: «بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيْمِ» متفق عليه (¬7). - ثم يقرأ الفاتحة ويقف على رأس كل آية، ولا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، وتجب قراءة الفاتحة سراً في كل ركعة إلا فيما يجهر فيه الإمام من الصلوات والركعات فينصت لقراءة الإمام. - فإذا انتهى من قراءة الفاتحة قال: (آمين) إماماً، أو مأموماً، أو منفرداً، يمد بها ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (744)، ومسلم برقم (598). (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (775)، وأخرجه الترمذي برقم (243). (¬3) أخرجه مسلم برقم (770). (¬4) أخرجه مسلم برقم (601). (¬5) أخرجه مسلم برقم (600). (¬6) حسن/أخرجه أبو داود برقم (775)، وأخرجه الترمذي برقم (242)، انظر الإرواء رقم (341). (¬7) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (743)، ومسلم برقم (399).

صوته، ويجهر بها الإمام والمأموم معاً في الصلوات الجهرية. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا أَمَّنَ الإمَامُ فَأَمِّنُوا فَإنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِيْنُهُ تَأْمِينَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». قال ابن شهاب: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «آمِينَ». متفق عليه (¬1). - ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة، أو بعض ما تيسر من القرآن في كل من الركعتين الأوليين، يُطيل أحياناً، ويقصر أحياناً لعارض سفر، أو سعال، أو مرض، أو بكاء صبي، يقرأ سورة كاملة في أغلب أحواله، وتارة يقسمها في ركعتين، وأحياناً يعيدها كلها في الركعة الثانية، وأحياناً يجمع في الركعة الواحدة بين سورتين أو أكثر، يرتل القرآن ترتيلاً، ويحسِّن صوته به. - يجهر بالقراءة في صلاة الصبح، وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، ويُسر بها في صلاة الظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والأخريين من العشاء، ويقف على رأس كل آية. - ومن السنة أن يقرأ في الصلوات الخمس ما يلي: 1 - صلاة الفجر: يقرأ فيها بعد الفاتحة في الركعة الأولى بطوال المفصل {ق} ونحوها، وأحياناً يقرأ بأوساط وقصار المفصل كـ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ... } و {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ... } ونحوهما، وأحياناً يقرأ بأطول من ذلك، يُطوِّل في الركعة الأولى، ويقصر في الثانية، يصليها يوم الجمعة بـ {الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ ... } السجدة في الركعة الأولى، وفي الثانية بسورة {الْإِنْسَانِ}. 2 - صلاة الظهر: يقرأ في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة سورة في كل ركعة، يُطوِّل في الأولى ما لا يطوِّل في الثانية، يقرأ في كل ركعة منهما قدر ثلاثين آية، وأحياناً يطيل القراءة، وأحياناً يقرأ من قصار السور، ويقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب، ويسمعهم الإمام الآية أحياناً. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (780)، ومسلم برقم (410).

3 - صلاة العصر: يقرأ في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة سورة في كل ركعة، يُطوِّل في الأولى ما لا يُطوِّل في الثانية، يقرأ في كل ركعة منهما قدر خمس عشرة آية، ويقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب، ويسمعهم الإمام الآية أحياناً. 4 - صلاة المغرب: يقرأ فيها أحياناً بعد الفاتحة بقصار المفصل، وأحياناً بطوال المفصل وأوساطه، وأحياناً يقرأ في الركعتين بـ (الأعراف)، وتارة بـ (الأنفال) في الركعتين، ويقتصر في الثالثة على الفاتحة. 5 - صلاة العشاء: يقرأ في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة من وسط المفصل، والمفصل من «ق إلى آخر القرآن»، وطوال المفصل من «ق إلى عم»، وأوساط المفصل من «عم إلى الضحى»، وقصار المفصل من «الضحى إلى الناس»، والمفصل أربعة أجزاء وشيء. - ثم إذا فرغ من القراءة سكت سكتة، ثم يرفع يديه حذو منكبيه، أو حذو أذنيه، ويقول: (الله أكبر) ويركع، ويضع كفيه على ركبتيه، كأنه قابض عليهما، ويُفرِّج بين أصابعه، ويُجافي مرفقيه عن جنبيه، ويَبسط ظهره، ويَجعل رأسه حيال ظهره، ويَطمئن في ركوعه، ويعظم فيه ربه. - ثم يقول في ركوعه أنواعاً من الأذكار والأدعية، ومنها: 1 - «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - أو يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي» ويكثر منه في ركوعه وسجوده. متفق عليه (¬2). 3 - أو يقول: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلائِكَةِ وَالرُّوحِ». أخرجه مسلم (¬3). 4 - أو يقول: «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (772). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (794)، ومسلم برقم (484). (¬3) أخرجه مسلم برقم (487).

وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي». أخرجه مسلم (¬1). 5 - أو يقول: «سُبْحَانَ ذِي الجَبَرُوتِ، وَالمَلَكُوتِ، وَالكِبْرِيَاءِ، وَالعَظَمَةِ» يقوله في ركوعه وسجوده. أخرجه أبو داود والنسائي (¬2). يقول هذا مرة، وهذا مرة، إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة. - ثم يرفع رأسه من الركوع حتى يعتدل قائماً، ويُقيم صلبه حتى يعود كل فقار مكانه، ويرفع يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه كما سبق، ثم يرسلهما أو يضعهما على صدره كما سبق، ويقول إن كان إماماً أو منفرداً «سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَه». متفق عليه (¬3). - فإذا اعتدل قائماً قال: إماماً، أو مأموماً، أو منفرداً: 1 - «رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ». متفق عليه (¬4). 2 - أو يقول: «رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ». أخرجه البخاري (¬5). 3 - أو يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ». متفق عليه (¬6). 4 - أو يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ». أخرجه البخاري (¬7). يقول هذا مرة، وهذا مرة، إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المتنوعة. - وتارة يزيد على ذلك «حَمْدًا كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيْهِ». أخرجه البخاري (¬8). - وتارة يضيف «مِلْءُ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءُ الأَرْض وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ، لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (771). (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (873)، وأخرجه النسائي برقم (1049). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (732)، ومسلم برقم (411). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (732)، ومسلم برقم (411) (¬5) أخرجه البخاري برقم (789). (¬6) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (796)، ومسلم برقم (409) (¬7) أخرجه البخاري برقم (795) (¬8) أخرجه البخاري برقم (799).

يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ». أخرجه مسلم (¬1). - وتارة يضيف «مِلْءُ السَّماَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ العَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ». أخرجه مسلم (¬2). - والسنة إطالة هذا القيام والاطمئنان فيه. - ثم يُكبِّر ويَهوي ساجداً قائلاً (الله أكبر)، ويسجد على سبعة أعضاء، وهي: الكفان، والركبتان، والقدمان، والجبهة، والأنف، ويضع يديه على الأرض قبل ركبتيه، ثم جبهته مع أنفه، ويعتمد على كفيه، ويبسطهما، ويضم أصابعهما، ويوجههما نحو القبلة، ويجعلهما حذو منكبيه، وأحياناً حذو أذنيه. ويُمكِّن أنفه وجبهته من الأرض، ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، ويرفع مرفقيه وذراعيه عن الأرض. ويُمكِّن ركبتيه وأطراف قدميه من الأرض، ويجعل رؤوس أصابع رجليه نحو القبلة، وينصب رجليه، ويفرّج بين قدميه، وكذا بين فخذيه، ويطمئن في سجوده، ويكثر من الدعاء، ولا يقرأ القرآن في الركوع أو السجود. - ثم يقول في سجوده ما ورد من الأدعية والأذكار، ومنها: 1 - «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى». أخرجه مسلم (¬3). 2 - أو يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي». متفق عليه (¬4). 3 - أو يقول: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلائِكَةِ وَالرُّوحِ». أخرجه مسلم (¬5). 4 - أو يقول: «اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِيَ لِلَّذِي ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (478). (¬2) أخرجه مسلم برقم (477). (¬3) أخرجه مسلم برقم (772). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (794)، ومسلم برقم (484). (¬5) أخرجه مسلم برقم (487).

خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخَالِقِينَ». أخرجه مسلم (¬1). 5 - أو يقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلانِيَتَهُ وَسِرَّهُ». أخرجه مسلم (¬2). 6 - أو يقول: «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ». أخرجه مسلم (¬3). 7 - أو يقول: «سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ». أخرجه مسلم (¬4). يقول هذا مرة، وهذا مرة، إحياءً للسنة، ويكثر من الدعاء بما ورد، ويطيل سجوده، ويطمئن فيه. - ثم يرفع رأسه من السجود قائلاً: (الله أكبر)، ويجلس مفترشاً رجله اليسرى، ناصباً رجله اليمنى وأصابعها إلى القبلة، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى أو على الركبة، واليسرى كذلك، ويبسط أصابع يديه على ركبتيه أو فخذيه، يفعل هذا مرة ... وهذا مرة ... إحياء للسنة. وله أحياناً أن يقعي في هذا الجلوس، فينتصب على عقبيه، وصدور قدميه، ويطمئن في هذا الجلوس حتى يستوي قاعداً ويرجع كل عظم إلى موضعه. - ثم يقول في هذه الجلسة ما يلي: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي». أخرجه أبو داود والنسائي (¬5). يكرر هذا الدعاء بحسب طول الجلسة وقِصَرها. - ثم يكبر ويسجد السجدة الثانية قائلاً: (الله أكبر)، ويصنع في هذه السجدة مثل ما ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (771). (¬2) أخرجه مسلم برقم (483). (¬3) أخرجه مسلم برقم (486). (¬4) أخرجه مسلم برقم (485). (¬5) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (874)، وأخرجه النسائي برقم (1145).

صنع في الأولى كما سبق، ثم يرفع رأسه قائلاً (الله أكبر)، ثم يستوي قاعداً على رجله اليسرى معتدلاً حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، وهذا الجلوس يسمى جلسة الاستراحة ولا ذكر فيها ولا دعاء. - ثم ينهض معتمداً على الأرض إلى الركعة الثانية، ويصنع في هذه الركعة مثل ما يصنع في الأولى إلا أنه يجعلها أقصر من الأولى، ولا يستفتح. - ثم يجلس للتشهد الأول بعد الفراغ من الركعة الثانية من الصلاة الثلاثية أو الرباعية مفترشاً رجله اليسرى، ناصباً رجله اليمنى، ويفعل بيديه وأصابعه كما سبق في الجلسة بين السجدتين، لكن يقبض أصابع كفه اليمنى كلها، ويشير بأصبعه التي تلي الإبهام إلى القبلة، ويرفعها، ويحركها يدعو بها، أو يرفعها بلا تحريك، ويرمي ببصره إليها حتى يُسلِّم، وإذا أشار بأصبعه وضع إبهامه على إصبعه الوسطى، وتارة يُحلِّق بهما حلقة، أما اليد اليسرى فيبسطها كما سبق. - ثم يتشهد سراً بما ورد من الصيغ، ومنها: 1 - تشهد ابن مسعود رضي الله عنه الذي عَلَّمه إياه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو: «التَّحِيَّاتُ للهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا، وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ». متفق عليه (¬1). 2 - أو تشهد ابن عباس رضي الله عنهما الذي عَلَّمه إياه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو: «التَّحِيَّاتُ المُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ للهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله». أخرجه مسلم (¬2). يتشهد بهذا مرة، وبهذا مرة، حفظاً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (831)، ومسلم برقم (402) (¬2) أخرجه مسلم برقم (403).

- ثم يصلي أحياناً سراً على النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ورد من الصيغ، ومنها: 1 - «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». متفق عليه (¬1). 2 - أو يقول: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». متفق عليه (¬2). يقول هذا مرة، وهذا مرة، ويترك مرة؛ إحياءً للسنة، وحفظاً لها بوجوهها المتنوعة. - ثم إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء قرأ التشهد الأول بعد الركعتين الأوليين، وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سبق، ثم نهض إلى الركعة الثالثة مكبراً قائلاً: (الله أكبر)، يقوم معتمداً على يديه، ويرفع يديه مع هذا التكبير إلى حذو منكبيه، أو أذنيه، ويضع يديه على صدره كما سبق، ثم يقرأ الفاتحة، ثم يركع ويسجد كما سبق ثم يجلس بعد إتمام الركعة الثالثة من المغرب للتشهد الأخير. - وإن كانت الصلاة رباعية، فإذا أراد القيام إلى الركعة الرابعة قال: (الله أكبر)، ثم يستوي قاعداً لجلسة الاستراحة على رجله اليسرى معتدلاً، حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يقوم معتمداً على الأرض بيديه حتى يستوي قائماً. ويقرأ في كل من الركعتين الأخيرتين من الرباعية (الفاتحة). - ثم يجلس للتشهد الأخير بعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء، وبعد الثالثة من المغرب متوركاً بإحدى الصفات الآتية: ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3370) واللفظ له، ومسلم برقم (406) (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6360)، ومسلم برقم (407) واللفظ له.

1 - أن يَنصب الرجل اليمنى، ويَفرش الرجل اليسرى، ويُخرجها من تحت فخذه اليمنى وساقه، ويقعد على مقعدته على الأرض. أخرجه البخاري (¬1). 2 - أن يُفضي بوركه اليسرى إلى الأرض، ويُخرج قدميه من ناحية واحدة. أخرجه أبو داود (¬2). 3 - أن يفرش اليمنى، ويُدخل اليسرى بين فخذ وساق الرجل اليمنى. أخرجه مسلم (¬3). يفعل هذا مرة، وهذا مرة، اتباعاً للسنة، وإحياء لها بوجوهها المتنوعة. - ثم يقرأ التشهد فيقول: (التَّحِيَّاتُ .. ) كما سبق، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سبق في التشهد الأول. - ثم يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ». أخرجه مسلم (¬4). - ثم يتخير مما ورد من الأدعية في الصلاة أعجبه إليه فيدعو به: تارة بهذا، وتارة بهذا، ومن ذلك: 1 - «اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ». متفق عليه (¬5). 2 - «اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ». أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود (¬6). 3 - «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الجُبْنِ، وَأعُوذُ بِكَ أنْ أُرَدَّ إلَى أرْذَلِ العُمُرِ، وَأعُوذُ بِكَ ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (828). (¬2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (731). (¬3) أخرجه مسلم برقم (579). (¬4) أخرجه مسلم برقم (588). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (834)، ومسلم برقم (2705). (¬6) صحيح/أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (771)، وأخرجه أبو داود برقم (1522).

مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ». أخرجه البخاري (¬1). - ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ». أخرجه مسلم (¬2). - ثم يسلم جهراً عن يمينه قائلاً: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ» حتى يُرى بياض خده الأيمن، وعن يساره «السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ» حتى يُرى بياض خده الأيسر. أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه (¬3). - وأحياناً إذا قال عن يمينه «السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ»، اقتصر على قوله عن يساره «السَّلامُ عَلَيْكُمْ». أخرجه النسائي (¬4). - وإن كانت الصلاة ثنائية فرضاً كانت أو نفلاً جلس للتشهد بعد السجدة الثانية من الركعة الأخيرة: «جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَنَصَبَ اليُمْنَى». أخرجه البخاري (¬5). - ثم يفعل كما سبق (يقرأ التشهد، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يتعوذ، ثم يدعو، ثم يسلم). والسنة أن يقارب المصلي بين الأركان في الطول والقِصَر. عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسُجُودُهُ، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَإذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، مَا خَلا القِيَامَ وَالقُعُودَ، قَرِيباً مِنَ السَّوَاءِ. متفق عليه (¬6). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2822). (¬2) أخرجه مسلم برقم (771). (¬3) أخرجه مسلم برقم (582)، وأخرجه أبو داود برقم (996)، وأخرجه ابن ماجه برقم (914). (¬4) حسن صحيح/أخرجه النسائي برقم (1321). (¬5) أخرجه البخاري برقم (828). (¬6) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (792) واللفظ له، ومسلم برقم (471)

- وتفعل المرأة في الصلاة كما يفعل الرجل؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صَلُّوْا كَمَا رَأَيْتُمُوْنِي أُصَلِّي». أخرجه البخاري (¬1). - صفة انصراف الإمام إلى المأمومين: ينصرف الإمام إلى المأمومين عن يمينه، وتارة عن شماله، وكل ذلك سنة. 1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ، وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلالِ وَالإكْرَامِ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن هٌلْب رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤمنا فينصرف على جانبيه جميعاً: على يمينه وعلى شماله. أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). يفعل هذا مرة، وهذا مرة، إحياء للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (631). (¬2) أخرجه مسلم برقم (592). (¬3) حسن صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1041)، وأخرجه الترمذي برقم (301)، وهذا لفظه.

6 - أذكار أدبار الصلوات الخمس

6 - أذكار أدبار الصلوات الخمس إذا فرغ المصلي من صلاة الفريضة وسلم، يسن أن يقول ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأذكار بعد الصلاة، يجهر بها كلُّ مصلٍّ بمفرده، وهي: - «أَسْتَغْفِرُ الله، أَسْتَغْفِرُ الله، أَسْتَغْفِرُ الله». أخرجه مسلم (¬1). - ثم يقول: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ، وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ يَاذَا الجَلالِ وَالإكْرَام». أخرجه مسلم (¬2). - «لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ». متفق عليه (¬3). - «لا إلَهَ إلَّا الله وَحَدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِالله، لا إلَهَ إلَّا الله وَلا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ، لا إلَهَ إلَّا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ». أخرجه مسلم (¬4). - ثم يقول ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَنْ سَبَّحَ الله فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ (ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ)، وَحَمِدَ الله (ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ)، وَكَبَّرَ الله (ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ)، فَتِلْكَ (تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ)، وَقَالَ تَمَامَ المِائَةِ لا إلَهَ إلَّا الله، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ». أخرجه مسلم (¬5). - أو يقول: «سُبْحَانَ الله (خَمْسَاً وَعِشْرِيْنَ) مَرَّةً، وَالحَمْدُ للهِ (خَمْسَاً وَعِشْرِيْنَ) ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (591). (¬2) أخرجه مسلم برقم (592). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (844)، ومسلم برقم (593). (¬4) أخرجه مسلم برقم (594). (¬5) أخرجه مسلم برقم (597).

مَرَّةً، وَالله أَكْبَرُ (خَمْسَاً وَعِشْرِيْنَ) مَرَّةً، وَلا إلَهَ إلَّا الله (خَمْسَاً وَعِشْرِيْنَ) مَرَّةً». أخرجه الترمذي والنسائي (¬1). - أو يقول ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مُعَقِّبَاتٌ لا يَخِيبُ قَائِلُهُنّ (أَوْ فَاعِلُهُنّ) دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلاثٌ وَثَلاثُوْنَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً». أخرجه مسلم (¬2). - أو يقول ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «خَلَّتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ يُسَبِّحُ أَحَدُكُمْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا وَيَحْمَدُ عَشْرًا وَيُكَبِّرُ عَشْرًا فَهِيَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ فِي اللِّسَانِ وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ». أخرجه الترمذي والنسائي (¬3). - السنة أن يعقد التسبيح بأصابع يديه أو أناملهما: 1 - عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللهُ عَنْهمَا قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ». أخرجه الترمذي والنسائي (¬4). 2 - عن يسيرة رضي الله عنها قالت: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ، وَاعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ، فَإنَّهُنَّ مَسْؤُولاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ، وَلا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬5). - قراءة المعوذتين دبر كل صلاة: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}. أخرجه أبو داود والترمذي (¬6). - قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ ¬

(¬1) حسن صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3413)، وأخرجه النسائي برقم (1351). (¬2) أخرجه مسلم برقم (596). (¬3) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3410)، وأخرجه النسائي برقم (1348)، وهذا لفظه. (¬4) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3411)، وأخرجه النسائي برقم (1355). (¬5) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1501)، وأخرجه الترمذي برقم (3583)، وهذا لفظه. (¬6) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1523)، وأخرجه الترمذي برقم (2903).

الكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ، لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الجَنَّةِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ». أخرجه النسائي في الكبرى والطبراني (¬1). - آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)} [البقرة/255]. - فضل القعود للذكر بعد الصبح والعصر: 1 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ الله تَعَالَى مِنْ صَلاةِ الغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إَسْمَاعِيلَ، وَلأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ الله مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَةً». أخرجه أبو داود (¬2). 2 - عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا صَلَّى الفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا. أخرجه مسلم (¬3). - مكان الذكر والدعاء: 1 - الدعاء بعد النافلة غير مشروع ولا أصل له، ومن أراد أن يدعو الله فليدع قبل السلام في فريضة أو نافلة، وإن دعا بعد الصلاة أحياناً لعارض فلا بأس. 2 - كل ما ورد مقيداً (بدبر الصلاة): إن كان دعاءً فهو قبل السلام، وإن كان ذكراً فهو بعد السلام. ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه النسائي في السنن الكبرى برقم (9928)،وأخرجه الطبراني في الكبير (8/ 114). (¬2) حسن/أخرجه أبو داود برقم (3667)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2916). (¬3) أخرجه مسلم برقم (670).

7 - أحكام الصلاة

7 - أحكام الصلاة - حكم قراءة الفاتحة في الصلاة: تجب قراءة الفاتحة على المصلي سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً، وسواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، فرضاً أو نفلاً، وتجب قراءتها في كل ركعة، ولا يستثنى من ذلك إلا المسبوق إذا أدرك الإمام راكعاً ولم يتمكن من قراءة الفاتحة، والمأموم فيما يجهر فيه الإمام من الصلوات والركعات. - من لا يعرف الفاتحة يقرأ في صلاته ما تيسر من القرآن، فإن كان لا يعرف شيئاً من القرآن، قال: «سُبْحَانَ الله، وَالحَمْدُ للهِ، وَلا إلَهَ إلَّا الله، وَالله أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬1). - إذا فات المصلي أول الصلاة فما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، وبعد السلام يُتم ما فاته. - كيف ينصرف من أحدث في الصلاة: إذا أحدث أثناء الصلاة، أو تذكر أنه على حدث انصرف بقلبه وبدنه ولا حاجة أن يسلم عن يمينه وعن شماله. - ما يقرأ المسلم في الصلاة: 1 - السنة أن يقرأ المصلي سورة كاملة في كل ركعة وأن يقرأ السور على ترتيب المصحف، ويجوز له أن يقسم السورة على الركعتين، وأن يقرأ عدة سور في ركعة واحدة، وأن يكرر السورة الواحدة في ركعتين، وأن يقدم سورة على سورة، لكن لا يكثر من ذلك، بل يفعله أحياناً. 2 - يجوز أن يقرأ المصلي في الفرض والنفل أوائل السور وأواخرها وأواسطها. ¬

(¬1) حسن/أخرجه أبو داود برقم (832)، وأخرجه النسائي برقم (924).

- مكان السكوت في الصلاة: المصلي سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً له سكتتان: إحداهما: بعد تكبيرة الإحرام من أجل دعاء الاستفتاح. الثانية: عقب الفراغ من القراءة كلها قبل الركوع بقدر ما يتراد إليه نفسه. وما سوى ذلك فلا دليل عليه، كسكوت الإمام بعد الفاتحة ليقرأها المأموم. - أدعية الاستفتاح ثلاثة أنواع: أعلاها ما كان ثناءً على الله كـ «سبحانك اللهم ... »، ويليه ما كان خبراً من العبد عن عبادة الله كـ «وجهت وجهي ... »، ثم ما كان دعاء من العبد كـ «اللهم باعد ... ». - حكم تأخير الصلاة: يحرم تأخير الصلاة المفروضة عن وقتها إلا لناوي الجمع، أو في شدة خوف، أو مرض ونحو ذلك، ويحرم على المصلي أثناء الصلاة أن يرفع بصره إلى السماء. - ما يجتنبه المصلي: يكره في الصلاة التفات المصلي إلا لحاجة كخوف ونحوه، ويكره تغميض عينيه، وتغطية وجهه، وإقعاؤه كإقعاء الكلب، وعبثه، وتخصُّره وهو أن يضع يده على خاصرته، والنظر إلى ما يُلهي، وافتراش ذراعيه في السجود، وأن يكون حاقناً، أو حاقباً، أو محتبس الريح، أو يصلي وهو بحضرة طعام يشتهيه وهو قادر على تناوله، والسدل، واللثام على فمه وأنفه، وكف الشعر أو الثوب، والتثاؤب في الصلاة، والبصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها، ولا يجوز أن يتفل تجاه القبلة في الصلاة وخارجها. - يجب على من يدافعه بول أو غائط أو ريح أن يُحدِث ثم يتوضأ ويصلي، فإن

عَدِم الماء أحدث وتيمم وصلى، وذلك أخشع له. - حكم الالتفات في الصلاة: الالتفات في الصلاة اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، منه ما هو مبطل للصلاة، ومنه ما هو محرم، والالتفات نوعان: حسي بالبدن، ومعنوي بالقلب، ولمعالجة المعنوي: يَتفل عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ولمعالجة الحسي: يتوجه مباشرة بكلِّيَّته إلى القبلة. - حكم اتخاذ السترة في الصلاة: يُسن للإمام والمنفرد أن يصلي إلى سترة قائمة كجدار، أو عامود، أو صخرة، أو عصى، أو حربة ونحوها، رجلاً كان أو امرأة، في الحضر والسفر، وفي الفريضة والنافلة، أما المأموم: فسترة الإمام سترة لمن خلفه، أو الإمام سترة للمأموم. - حكم المرور بين يدي المصلي: 1 - يَحرم المرور بين المصلي وسترته، وعلى المصلي رد المار في مكة أو غيرها، فإن غلبه فالإثم على المار وصلاته لا تنقص إن شاء الله. 2 - صلاة الإمام والمنفرد تبطل بمرور المرأة، والحمار، والكلب الأسود إن لم تكن سترة، فإن مر أحد هؤلاء أمام المأموم فلا تبطل صلاة المأموم ولا الإمام، ومن صلى إلى سترة فليدن منها؛ لئلا يمر أحد من شيطان وغيره بينه وبينها. - مواضع رفع اليدين في الصلاة: 1 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلاةِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وإذا قال: «سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ» فَعَلَ مِثْلَهُ، وَقَالَ: «رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كَانَ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاةِ كَبَّرَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (738) واللفظ له، ومسلم برقم (390).

وَإذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإذَا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَينِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عَمَرَ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري (¬1). - ما يباح للمصلي أثناء الصلاة: 1 - يباح للمصلي أثناء الصلاة إذا احتاج لف العمامة، أو الغترة، والالتحاف بالثوب، وكف المشلح، أو الغترة، والتقدم والتأخر، والصعود على المنبر والنزول، والبصق عن يساره لا عن يمينه ولا أمام وجهه في غير مسجد، وفي المسجد في ثوبه، ويباح له قتل حية وعقرب ونحوها، وحمل صغير ونحوه. 2 - يباح في الصلاة السجود على ثياب المصلي أو عمامته أو غترته لعذر كشدة حر ونحوه. - إذا استؤذن على الرجل وهو يصلي فإذنه التسبيح، وإذا استؤذن على المرأة وهي تصلي فإذنها التصفيق. - يستحب في الصلاة حمد الله عند العطاس، وإذا تجددت له نعمة وهو في الصلاة رفع يديه وحمد الله. - المنفرد إن جهر بالقراءة جهر بـ (آمين)، وإن أَسَرَّ بالقراءة أَسَرَّ بـ (آمين). - حكم جهر المنفرد بالقراءة: المنفرد رجلاً كان أو امرأة مُخَيَّر: إما ألّا يجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية - وهو الأَوْلى -، وإما أن يجهر بها ما لم يؤذ أحداً كنائم، ومريض ونحوهما، أو تكون المرأة بحضرة أجانب. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (739).

8 - أركان الصلاة

8 - أركان الصلاة - أركان الصلاة التي لا تصح صلاة الفريضة إلا بها أربعة عشر ركناً، وهي: 1 - القيام مع القدرة. 2 - تكبيرة الإحرام. 3 - قراءة الفاتحة في كل ركعة إلا فيما يجهر فيه الإمام. 4 - الركوع. 5 - الاعتدال منه. 6 - السجود على الأعضاء السبعة. 7 - الجلوس بين السجدتين. 8 - السجود الثاني. 9 - الجلوس للتشهد الأخير. 10 - التشهد الأخير. 11 - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله. 12 - الطمأنينة في الكل. 13 - الترتيب بين الأركان. 14 - التسليم. · حكم من ترك أحد أركان الصلاة: 1 - إذا ترك المصلي ركناً من هذه الأركان عمداً بطلت صلاته، وإن ترك تكبيرة الإحرام جهلاً أو سهواً لم تنعقد صلاته أصلاً. 2 - ما تركه المصلي من هذه الأركان ناسياً أو جاهلاً وهو في الصلاة فإنه يعود إليه ويأتي به وبما بعده ما لم يصل إلى مكانه من الركعة الثانية، فحينئذ تقوم الركعة الثانية مقام التي تركه منها، وتبطل الركعة السابقة، كمن نسي الركوع، ثم سجد، فيجب عليه أن يعود متى ذكر إلا إذا وصل إلى الركوع من الثانية، فتقوم الركعة الثانية مكان التي ترك، ويلزمه سجود السهو بعد السلام. · الجاهل إذا ترك ركناً أو شرطاً، فإن كان في الوقت أعاد الصلاة، وإن خرج الوقت فلا إعادة عليه.

· حكم قراءة الفاتحة في الصلاة: قراءة الفاتحة للإمام والمنفرد ركن في كل ركعة، وتبطل الركعة بتركها، أما المأموم فيقرؤها سراً في كل ركعة إلا فيما يجهر فيه الإمام من الصلوات والركعات فينصت لقراءة الإمام إذا قرأ، ولا ينبغي للإمام أن يسكت ليقرأ المأموم الفاتحة؛ لعدم الدليل. · وجوب تحسين الصلاة وإتمامها: أعظم أركان الصلاة القيام، والركوع، والسجود. فالقيام في الصلاة أفضل بذكره وهو قراءة القرآن. والركوع والسجود أفضل الهيئات والأفعال؛ لما فيهما من كمال الخضوع للرب، وكثرة الركوع والسجود وطول القيام سواء. فالقيام فيه أفضل الأذكار وهو القرآن، والركوع والسجود فيهما أفضل الأعمال والهيئات، وهو كمال الخضوع للرب عز وجل. والنبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس صلاة، يفعل هذا تارة .. ويفعل ذاك تارة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً ثم انصرف فقال: «يَا فُلَانُ أَلَا تُحْسِنُ صَلَاتَكَ؟ أَلَا يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي؟ فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ، إِنِّي والله لَأُبْصِرُ مِنْ وَرَائِي كَمَا أُبْصِرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ. ً». أخرجه مسلم (¬1). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (423).

9 - واجبات الصلاة

9 - واجبات الصلاة 1 - جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام. 2 - تعظيم الرب حال الركوع. 3 - قول (سمع الله لمن حمده) للإمام والمنفرد. 4 - قول (ربنا ولك الحمد) للإمام والمأموم والمنفرد. 5 - الدعاء حال السجود. 6 - الدعاء بين السجدتين. 7 - الجلوس للتشهد الأول. 8 - قراءة التشهد الأول. - حكم من ترك واجباً من واجبات الصلاة: إذا ترك المصلي واجباً من هذه الواجبات عمداً بطلت صلاته، وإن تركه ناسياً بعد مفارقة محله وقبل أن يصل إلى الركن الذي يليه رجع فأتى به، ثم يكمل صلاته، ثم يسجد للسهو، ثم يسلم. وإن ذكره بعد وصوله إلى الركن الذي يليه سقط ولا يرجع إليه، ويسجد للسهو، ثم يسلم. - الفرق بين الركن والواجب: 1 - الركن إذا تركه المصلي سهواً فإنه لا يسقط، بل يأتي به وبما بعده، ثم يسجد للسهو بعد السلام. 2 - الواجب إذا تركه المصلي سهواً فإنه لا يأتي به، وإنما يأتي بسجود السهو قبل السلام بدلاً عنه.

10 - سنن الصلاة

10 - سنن الصلاة - كل ما عدا الأركان والواجبات مما ذكر في صفة الصلاة آنفاً فهو سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وهي: سنن أقوال وأفعال. فسنن الأقوال: كدعاء الاستفتاح، والتعوذ، والبسملة، وقول آمين، وقراءة سورة بعد الفاتحة، ونحوها. ومن سنن الأفعال: رفع اليدين عند التكبير في المواضع السابقة، وضع اليمين على الشمال حال القيام، والافتراش، والتورك، ونحوها. - مبطلات الصلاة: تبطل الصلاة بما يلي: 1 - إذا ترك ركناً أو شرطاً عمداً أو سهواً، أو ترك واجباً عمداً. 2 - الحركة الكثيرة لغير ضرورة. 3 - كشف العورة عمداً. 4 - الكلام والضحك والأكل والشرب عمداً. - حكم الاستغفار بعد الفريضة: الاستغفار بعد كل صلاة مفروضة مشروع؛ لثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأن كثيراً من المصلين يُقصِّر ويُفرِّط في الصلاة، إما بالمشروعات الظاهرة كالقراءة، والركوع، والسجود ونحوها، وإما بالمشروعات الباطنة كالخشوع، وحضور القلب ونحوها، فيستغفر الله من ذلك التقصير. - صفة الذكر: 1 - يجوز الذكر بالقلب واللسان للمحدث، والجنب، والحائض والنفساء، وذلك كالتسبيح، والتهليل، والتحميد، والتكبير، والدعاء، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. 2 - الإسرار بالذكر والدعاء هو الأفضل مطلقاً إلا فيما ورد كأدبار الصلوات

الخمس، والتلبية، أو لمصلحة كأن يُسمِعَ جاهلاً ونحو ذلك، فالأفضل الجهر. - حكم من قام ناسياً للتشهد: إذا قام الإمام من الركعتين ولم يجلس للتشهد، فإن ذكر قبل أن يستوي قائماً فليجلس، فإن استوى قائماً فلا يجلس، ويسجد سجدتي السهو قبل السلام. - حكم من خرج فوجد الناس قد صلوا: من خرج يريد الصلاة فوجد الناس قد صلوا فله مثل أجر من صلاها. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوا أَعْطَاهُ الله جَلَّ وَعَزَّ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلاهَا وَحَضَرَهَا، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِمْ شَيْئاً». أخرجه أبو داود والنسائي (¬1). - حكم التأمين داخل الصلاة وخارجها: يسن التأمين في موضعين: 1 - داخل الصلاة بعد قراءة الفاتحة من إمام، أو مأموم، أو منفرد، يجهر به الإمام والمأموم، ويؤمن المأموم مع الإمام، لا قبله، ولا بعده، ويشرع أيضاً في دعاء القنوت في وتر، أو نازلة ونحوهما. 2 - خارج الصلاة بعد قراءة الفاتحة من قارئ، ومستمع، وعلى الدعاء مطلقاً أو مقيداً كدعاء الخطيب في الجمعة، أو الاستسقاء، أو الكسوف ونحو ذلك. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (564)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (855).

11 - سجود السهو

11 - سجود السهو - سجود السهو: سجدتان في الفريضة أو النافلة، يؤتى بهما من جلوس، يسلم بعدهما ولا يتشهد. - حكمة مشروعية سجود السهو: خلق الله الإنسان عرضة للنسيان، والشيطان حريص على إفساد صلاته بزيادة، أو نقص، أو شك، وقد شرع الله سجود السهو إرغاماً للشيطان، وجبراً للنقصان، وإرضاءً للرحمن. - السهو في الصلاة وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مقتضى الطبيعة البشرية، ولهذا لما سها في صلاته قال: « ... إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي». متفق عليه (¬1). - أسباب سجود السهو ثلاثة: الزيادة .. والنقص .. والشك. - سجود السهو له أربع حالات: 1 - إذا زاد المصلي فعلاً من جنس الصلاة سهواً كقيام، أو ركوع، أو سجود، كأن يركع مرتين، أو يقوم في محل القعود، أو يصلي الرباعية خمس ركعات مثلاً فيجب عليه سجود السهو للزيادة بعد السلام سواء ذكر ذلك قبل السلام أو بعده. 2 - إذا نقص المصلي ركناً من أركان الصلاة، فإن ذكره قبل أن يصل إلى محله من الركعة التي بعده وجب عليه الرجوع فيأتي به وبما بعده، وإن ذكره بعد أن وصل إلى محله فإنه لا يرجع وتبطل الركعة هذه، وإن ذكره بعد السلام أتى به وبما بعده فقط، ويسجد للسهو بعد السلام، وإن سلم عن نقص كمن صلى ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (401) واللفظ له، ومسلم برقم (572).

ثلاثاً من الرباعية ثم سلم ثم نُبِّه قام بدون تكبيرة بنية الصلاة، ثم أتى بالرابعة، ثم تشهد وسلم، ثم سجد للسهو. 3 - إذا نقص المصلي واجباً من واجبات الصلاة، مثل أن ينسى التشهد الأول، فحينئذ يسقط عنه التشهد، ويجب عليه سجود السهو قبل السلام. 4 - إذا شك المصلي في عدد الركعات هل صلى ثلاثاً، أم أربعاً، فيأخذ بالأقل ويتم ويسجد للسهو قبل السلام، فإن غلب على ظنه أحد الاحتمالين عمل به، وسجد بعد السلام. - إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه كقراءة قرآن في ركوع، أو سجود، أو تشهد في قيام لم تبطل صلاته، ولا يجب عليه سجود السهو، بل يستحب. - إذا تخلف المأموم عن الإمام بركن أو أكثر لعذر فإنه يأتي به ويلحق إمامه. - ما يقول في سجود السهو: يقال في سجود السهو ما يقال في سجود الصلاة من الذكر والدعاء. - إن سلم سهواً قبل تمام الصلاة وذكر قريباً أتمها وسلم، ثم سجد للسهو، وإن نسي سجود السهو ثم سلم وفعل ما ينافي الصلاة من كلام وغيره سجد للسهو ثم سلم. - إن لزمه سجودان: قبل السلام، وبعد السلام، سجد قبل السلام. - متى يسجد المسبوق للسهو: المأموم يسجد تبعاً لإمامه، فإن كان المأموم مسبوقاً وسجد الإمام بعد السلام: فإن كان السهو فيما أدرك معه لزمه أن يسجد بعد السلام، وإن كان سهو الإمام قبل أن يدخل معه فلا يلزمه سجود السهو.

12 - صلاة الجماعة

12 - صلاة الجماعة - حكمة مشروعية صلاة الجماعة: صلاة الجماعة مظهر عظيم من مظاهر الإسلام، يُشبه صفوف الملائكة في عبادتها، ومواكب الجيوش في قيادتها، وهي سبب للتواد بين الناس، وتعارفهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، وظهور عزتهم، وقوتهم، ووحدتهم. - أعظم اجتماعات المسلمين: شرع الله للمسلمين الاجتماع في أوقات معلومات. منها ما يكون في اليوم والليلة كالصلوات الخمس. ومنها ما يكون في الأسبوع مرة كالجمعة. ومنها ما يكون في السنة مرتين كالعيدين في كل بلد. ومنها ما يكون في السنة مرة لعموم المسلمين كموقف عرفة. ومنها ما يكون عند تغير الأحوال كصلاة الاستسقاء والكسوف. - حكم صلاة الجماعة: تجب صلاة الجماعة على كل مسلم، مكلف، قادر من الرجال، للصلوات الخمس، حضراً وسفراً، في حال الأمن، وحال الخوف. 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء/ 102]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ».

متفق عليه (¬1). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَجِبْ». أخرجه مسلم (¬2). - فضل صلاة الجماعة في المسجد: كل خطوة يخطوها المسلم إلى الصلاة في المسجد له بكل خطوة صدقة، ورَفْع درجة، وحَطّ خطيئة، وثواب كثير، وهذا فضل عظيم من رب كريم. 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». وفي لفظ: «بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». متفق عليه (¬3). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله، لِيَقْضِي فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً». أخرجه مسلم (¬4). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ الله لَهُ فِي الجَنَّةِ نُزُلاً كَلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ». متفق عليه (¬5). 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ قَالَ تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ قَالَ وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (644)، واللفظ له، ومسلم برقم (651). (¬2) أخرجه مسلم برقم (653). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (645) (646)، واللفظ له، ومسلم برقم (650) (649). (¬4) أخرجه مسلم برقم (666). (¬5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (662)، ومسلم برقم (669)، واللفظ له.

وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». متفق عليه (¬1). - أين يصلي الجماعة؟: الأفضل للمسلم أن يصلي الفرائض في مسجد الحي الذي هو فيه، ثم يليه الأكثر جماعة، ثم يليه الأبعد، إلا المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، فإن الصلاة فيها أفضل مطلقاً. - تجوز صلاة الجماعة في مسجد قد صَلَّى فيه الإمام بجماعته ذلك الوقت. - تستحب صلاة أهل الثغر في مسجد واحد، فإن كانوا يخشون من العدو إذا اجتمعوا صلى كل إنسان في مكانه. - حكم خروج النساء الى المساجد: يباح للنساء حضور صلاة الجماعة في المساجد منفردات عن الرجال مع الستر التام، وتسن لهن الجماعة منفردات عن الرجال سواء كانت إمامتهن منهن أو من الرجال، وخروجهن في الليل أفضل من النهار. عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إلَى المَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ». متفق عليه (¬2). - أقل الجماعة: أقل الجماعة اثنان، وكلما كثرت الجماعة كان أزكى لصلاته، وأحبَّ إلى الله عز وجل. - حكم من صلى وحده ثم وجد جماعة: من صلى الفريضة في رحله ثم دخل مسجد قوم وهم يصلون فالسنة أن يصلي ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2989)، ومسلم برقم (1009)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (865)، واللفظ له، ومسلم برقم (442).

معهم وتكون له نافلة. ومن صلاها مع الإمام في المسجد جماعة ثم دخل مسجداً آخر فوجدهم يصلون فكذلك. - إذا أقيمت صلاة الفريضة فلا صلاة إلا المكتوبة، وإن أقيمت الصلاة وهو في نافلة أتمها خفيفة ودخل في الجماعة ليدرك تكبيرة الإحرام. - حكم التخلف عن الجماعة: من تخلف عن صلاة الجماعة في المسجد، فإن كان معذوراً لمرض، أو خوف أو نحوهما فهذا يكتب له أجر من صلى في جماعة، وإن تخلف لغير عذر وصلى وحده فصلاته صحيحة، لكنه يخسر أجراً عظيماً، ويأثم إثماً كبيراً.

13 - أحكام الإمامة

13 - أحكام الإمامة - فضل الإمامة: الإمامة فضلها عظيم، ولأهميتها تولاها النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه، وخلفاؤه الراشدون من بعده رضي الله عنهم. والإمام عليه مسؤولية كبرى، وهو ضامن، وله أجر كبير إن أحسن، وله من الأجر مثل أجر من صلى معه. - حكم متابعة الإمام: يجب على المأموم متابعة الإمام في صلاته كلها لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوْا، وإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإذَا قَالَ: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإذَا صَلَّى قَائِماً فَصَلُّوا قِيَاماً، وَإذَا صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمَعُونَ». متفق عليه (¬1). - الأحق بالإمامة: الأقرأ، وهو الأكثر حفظاً للقرآن، العالم فقه صلاته، ثم الأعلم بالسنة، ثم أقدمهم هجرة، ثم أقدمهم إسلاماً، ثم الأكبر سناً، ثم قُرعة، وهذا فيما إذا حضرت الصلاة وأرادوا أن يقدموا أحدهم، فإن كان للمسجد إمام وحضر فهو المقدَّم. عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله، فَإنْ كَانُوا فِي القِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإنْ كَانُوا فِي الهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً». أخرجه مسلم (¬2). - ساكن البيت وإمام المسجد أحق بالإمامة إلا من ذي سلطان. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (722)، ومسلم برقم (417) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (673).

- حكم الصلاة خلف الفاسق: يجب تقديم الأَوْلى في الإمامة، وإن لم يوجد إلا فاسق كمن يحلق لحيته أو يشرب الدخان ونحوهما صحَّت الصلاة خلفه مع الكراهة. والفاسق: مَنْ خرج عن طاعة الله تعالى بفعل كبيرة من كبائر الذنوب. ولا تصح الصلاة خلف من صلاته فاسدة بحدث أو غيره إلا لمن لم يعلم، فتصح صلاة المأموم، وعلى الإمام الإعادة. - حكم مسابقة الإمام: تحرم مسابقة الإمام في الصلاة، ومن سابقه عالماً ذاكراً بطلت صلاته، أما التخلف عنه، فإن تخلف عن الإمام لعذر كما لو سها، أو غفل، أو لم يسمع الإمام حتى سبقه فإنه يأتي بما تخلف به مباشرة، ويتابع الإمام، ولا حرج عليه. - أحوال المأموم مع الإمام: للمأموم مع الإمام أربع حالات: 1 - المسابقة: وهي أن يسبق المأمومُ الإمامَ في التكبير، أو الركوع، أو السجود، أو السلام، أو غيرها، وهذا الفعل لا يجوز، ومن فعله فعليه أن يرجع ليأتي به بعد الإمام، فإن لم يفعل بطلت صلاته، وإن سبقه في تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته. 2 - الموافقة: وهي أن تتوافق حركة الإمام والمأموم في الانتقال من ركن إلى ركن كالتكبير، أو الركوع ونحوهما، وهذا مكروه، إلا إن وافقه في تكبيرة الإحرام فلا تنعقد صلاته. 3 - المتابعة: وهي أن تحصل أفعال المأموم عقب أفعال الإمام، وهي الأمر المطلوب من المأموم، وبها يحصل الاقتداء الشرعي. 4 - المخالفة: وهي أن يتأخر المأموم عن إمامه حتى يدخل في ركن آخر، وهي لا تجوز؛ لما فيها من ترك الاقتداء.

- من دخل المسجد وقد فاتته الصلاة مع الإمام الراتب فالواجب عليه وعلى من تخلف معه أن يصلوا جماعة، ولكن فضلها ليس كفضل الجماعة الأولى. - أحوال المسبوق: 1 - من أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الجماعة، ومن أدرك الركوع مع الإمام أدرك الركعة، فيكبر تكبيرة الإحرام قائماً ثم يكبر تكبيرة الركوع إن أمكنه، وإن لم يمكنه نواهما بتكبيرة واحدة. 2 - من دخل فوجد الإمام قائماً، أو راكعاً، أو ساجداً، أو جالساً دخل معه، وله أجر ما أدرك، لكن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع، وتدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام ما لم يشرع في قراءة الفاتحة. - حكم التخفيف في الصلاة: يسن للإمام التخفيف مع الإتمام؛ لأنه قد يكون في المأمومين الضعيف، والسقيم، والكبير، وذو الحاجة ونحوهم، وإذا صلى منفرداً أطال كيف شاء. - صفة التخفيف المسنون: التخفيف المسنون في الصلاة هو الذي يصحبه إتمام الصلاة بأداء أركانها وواجباتها وسننها كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، وواظب عليه، وأمر به، لا إلى شهوة المأمومين، ولا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، ولا لمن ينقر صلاته. - أين يقف المأموم؟: 1 - السنة أن يقف المأمومون خلف الإمام، وإن كان واحداً فعن يمين الإمام، وإمامة النساء تقف وسط صفهن، وتقف النساء خلف الرجال. 2 - يصح أن يقف المأمومون عن يمين الإمام، أو عن جانبيه، ولا يصح قدّامه ولا عن يساره فقط إلا لضرورة.

- صفة صف الرجال والنساء خلف الإمام: 1 - يلي الإمام الرجال في الصف الأول الكبار والصغار، وتصف النساء جميعاً خلف الرجال، ويشرع في صفوف النساء ما يشرع في صفوف الرجال من إكمال الصف الأول فالأول، وسد الفرج، وتسوية الصفوف ... الخ. 2 - إذا صلت النساء جماعة وحدهن فخير صفوفهن أولها، وشرها آخرها كالرجال، ولا يجوز أن تصف النساء أمام الرجال أو يصف الرجال خلف النساء إلا لضرورة من زحام ونحوه. وإن وقفت المرأة في صف الرجال للضرورة من زحام ونحوه وصلّت لم تبطل صلاتها، ولا صلاة من خلفها. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهاَ آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا». أخرجه مسلم (¬1). - كيفية تسوية الصفوف: 1 - السنة أن يُقبل الإمام على المأمومين بوجهه، ويقول: «أَقِيْمُوا صُفُوْفَكُمْ، وَتَرَاصُّوا». أخرجه البخاري (¬2). 2 - أو يقول: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإنّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إقَامَةِ الصَّلاةِ». متفق عليه (¬3). 3 - أو يقول: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ، وَحَاذُوا بَيْنَ المَنَاكِبِ، وَسُدُّوا الخَلَلَ، وَلِيْنُوا بِأَيْدِي إخْوَانِكُمْ، وَلا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفّاً وَصَلَهُ الله، وَمَنْ قَطَعَ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (440). (¬2) أخرجه البخاري برقم (719). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (723) واللفظ له، ومسلم برقم (433).

صَفّاً قَطَعَهُ الله». أخرجه أبو داود والنسائي (¬1). 4 - أو يقول: «اسْتَوُوا، اسْتَوُوا، اسْتَوُوا». أخرجه النسائي (¬2). - حكم تسوية الصفوف: يجب تسوية الصفوف في الصلاة بالمناكب، والأكعب، وسد الخلل، وإتمام الصف الأول فالأول، و «مَنْ سَدَّ فُرجَةً بَنَى الله لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ، وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَةً». أخرجه المحاملي والطبراني في الأوسط (¬3). - يصح أذان الصبي المميز وإمامته في الفرض والنفل، وإن وُجد أولى منه وجب تقديمه. - كل من صحت صلاته صحت إمامته ولو كان عاجزاً عن القيام أو الركوع ونحوها، إلا المرأة فلا تؤمُّ الرجال لكن تؤمُّ مثلها من النساء. - يصح ائتمام مفترض بمتنفل، ومن يصلي الظهر بمن يصلي العصر، ومن يصلي العشاء أو المغرب بمن يصلي التراويح، فإذا سلم الإمام أكمل الصلاة. - حكم اختلاف النية: يجوز اختلاف النية بين الإمام والمأموم في الصلاة، ولا يجوز الاختلاف في الأفعال إلا أن يكون يسيراً، فيجوز أن يصلي العشاء خلف من يصلي المغرب، فإذا سلم الإمام قام وجاء بركعة، ثم تشهد وسلم، وإذا صلى المغرب خلف من يصلي العشاء، فهنا إذا قام الإمام إلى الرابعة، فإن شاء تشهد وسلم، أو جلس وانتظر ليسلم معه، وهو الأحسن. وإن كان الاختلاف كثيراً فلا يصح الاقتداء كمن يصلي الفجر خلف من يصلي الكسوف. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود رقم (666)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (819). (¬2) صحيح/أخرجه النسائي برقم (813). (¬3) صحيح/أخرجه المحاملي في الأمالي (ق36/ 2)، وأخرجه الطبراني في الأوسط برقم (5797)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1892).

- صفة إمامة الصبيان والنساء: إذا أمَّ الإمام صبيين أو أكثر وقد بلغا سبعاً جعلهما خلفه، فإن كان واحداً جعله عن يمينه، والنساء خلف الصبيان. - المأموم إذا لم يسمع قراءة الإمام في الجهرية يقرأ الفاتحة وغيرها ولا يسكت. - حكم الإمام إذا أحدث: إذا أحدث الإمام أثناء الصلاة قطع صلاته واستخلف من يكمل بالمأمومين صلاتهم، فإن تَقدَّم أحد المأمومين، أو قدَّموه فأكمل الصلاة بهم، أو أكملوا صلاتهم فرادى فصلاتهم صحيحة إن شاء الله. - صفة قضاء المأموم ما فاته من الركعات: 1 - من أدرك مع الإمام ركعة من الظهر، أو العصر، أو العشاء وجب عليه بعد سلام الإمام قضاء الركعات الثلاث، فيأتي بركعة يقرأ فيها الفاتحة وسورة ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يأتي بركعتين يقرأ فيهما الفاتحة فقط، ثم يجلس للتشهد الأخير، ثم يسلم، وكل ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو أول صلاته. 2 - من أدرك مع الإمام ركعة من المغرب قام بعد سلام الإمام وجاء بركعة يقرأ فيها الفاتحة وسورة، ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بركعة يقرأ فيها الفاتحة، ثم يجلس للتشهد الأخير ويسلم كما سبق. 3 - من أدرك مع الإمام ركعة من الفجر أو الجمعة قام بعد سلام الإمام وجاء بركعة يقرأ فيها الفاتحة وسورة ثم يجلس للتشهد ويسلم كما سبق. 4 - إذا دخل أَحدٌ والإمام في التشهد الأخير، فالسنة أن يدخل معه، ويتم صلاته إذا سلم الإمام. - حكم الصلاة خلف الصف: لا تصح صلاة الرجل الواحد خلف الصف إلا لعذر كمن لم يجد مكاناً في الصف، فيصلي خلف الصف، ولا يجذب أحداً ممن في الصف، وصلاة المرأة الواحدة خلف الصف صحيحة إذا كانت مع جماعة رجال، أما إذا كانت مع

جماعة نساء فقط فحكمها حكم الرجل فيما سبق. - حكم صلاة النوافل جماعة: يجوز أن تُصلَّى النوافل جماعة أحياناً في الليل أو النهار، في البيت أو غيره. - يسن لمن رأى من يصلي الفريضة وحده أن يصلي معه. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبصر رجلاً يصلي وحده فقال: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - يستحب للمأموم ألّا يقوم قبل انصراف إمامه إلى المأمومين. - صفة اقتداء المأموم بالإمام: يصح اقتداء المأموم بالإمام في المسجد وإن لم يره أو لم ير من وراءه إذا سمع التكبير، وكذا خارج المسجد إن سمع التكبير واتصلت الصفوف. - كيفية انصراف الإمام إلى المأمومين: السنة أن ينصرف الإمام إلى المأمومين بعد السلام، فإن صلى معه نساء لبث قليلاً لينصرفن، ويكره تطوعه بعد صلاة المكتوبة في موضعها فوراً. - يجوز إذا ضاق المكان أن يصلي الإمام ومعه، ووراءه، وفوقه، وأسفل منه مصلون. - المصافحة عقيب الصلاة المفروضة بدعة، وجهر الإمام والمأمومين بالدعاء جميعاً عقب صلاة الفريضة بدعة، وإنما المشروع ما ورد من الأذكار في الهيئة والعدد كما سبق. - أحوال انفراد المأموم عن الإمام: لانفراد المأموم عن الإمام حالتان: الأولى: أن ينفرد ويبني على ما مضى من صلاته، كما لو أطال الإمام إطالة خارجة عن السنة، أو أسرع في صلاته سرعة تنافي الطمأنينة ونحو ذلك. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (574)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (220).

الثانية: أن يقطع صلاته ثم يستأنف من جديد، كما لو طرأ على المأموم عذر يمنعه من الاستمرار كمدافعة بول، أو غائط، أو ريح، أو خاف على نفسه أو غيره ونحو ذلك مما يمنع الاستمرار في الصلاة. - أحوال جهر الإمام في الصلاة: يجهر الإمام في أداء التكبير، والقراءة في الجهرية، والتأمين في الصلاة، والتسميع، والتسليم، ويجتنب التمطيط في ذلك. - حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله: من يدعو غير الله، أو يستغيث بغير الله، أو يذبح لغير الله عند القبور أو غيرها، أو يدعو أهل القبور، فلا تجوز الصلاة خلفه؛ لأنه كافر، وصلاته باطلة. - أعذار ترك الجمعة والجماعة: يُعذر بترك جمعة وجماعة: مريض يشق عليه أن يصلي مع الجماعة، ومدافع أحد الأخبثين، ومن خشي فوات رفقة، ومن خاف ضرر نفسه أو ماله، أو رفيقه، أو تأذى بمطر، أو وحل، أو ريح شديدة، ومن بحضرة طعام محتاج إليه متمكن من تناوله، ولا يجعل ذلك عادة له، وكذا طبيب، وحارس، ورجال الأمن، والمطافئ، وغيرهم ممن يشتغل بمصالح المسلمين الضرورية إذا جاء وقت الصلاة وهم يؤدون عملهم صلوا في مكانهم، ولهم أن يصلوا بدل الجمعة ظهراً عند الحاجة. - كل ما ألهى عن الصلاة، أو كان فيه إضاعة للوقت، أو ضرر للبدن، أو العقل فهو محرم كلعب الورق، وشرب الدخان، والشيشة، والمسكر، والمخدر، ونحو ذلك كالجلوس أمام شاشات التلفاز وغيره مما يعرض فيه الكفر والخنا والرذيلة. - حكم صلاة الإمام بالنجاسة: إذا صلى الإمام بالجماعة بنجاسة يجهلها وانقضت الصلاة فصلاتهم جميعاً

صحيحة، وإن علم بالنجاسة أثناء الصلاة، فإن أمكن إبعادها أو إزالتها فَعَلَ ذلك وأتم صلاته، وإن كان لا يمكنه انصرف واستخلف من يتم بالمأمومين صلاتهم. - من زار قوماً فلا يؤمهم، ولكن يؤمهم رجل منهم، إلا أن يقدموه. - مواطن الفضيلة في الصفوف: الصف الأول أفضل من الصف الثاني، فالله عز وجل وملائكته يصلون على الصف الأول، وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - للصف الأول ثلاثاً، وللثاني واحدة، ويمين الصف أفضل من يساره. - أهل الصف الأول: الأحق بالصف الأول والقرب من الإمام هم أولو الأحلام والنُّهى أهل العلم والتقى، وهم قدوة الناس فليبادروا إلى ذلك. عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاةِ وَيَقُولُ: «اسْتَوُوا وَلا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أولُو الأحْلامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». أخرجه مسلم (¬1). - صفة إطالة الصلاة وتخفيفها: يسن للإمام إذا أطال القراءة أطال بقية الأركان، وإذا خففها خفف بقية الأركان. عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: رَمَقْتُ الصَّلاةَ مَعَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ فَرَكْعَتَهُ، فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجَلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجَلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ والانْصِرافِ، قَرِيباً مِنَ السَّوَاءِ. متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (432). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (801)، ومسلم برقم (471) واللفظ له.

14 - صلاة أهل الأعذار

14 - صلاة أهل الأعذار - أهل الأعذار: أهل الأعذار هم: المرضى، والمسافرون، والخائفون الذين لا يستطيعون أداء الصلاة على صفتها التي يؤديها غير المعذور، ومن رحمة الله أن يَسَّر لهم ورفع عنهم الحرج، ولم يحرمهم كسب الأجر، فأمرهم أن يصلوا حسب استطاعتهم على ما جاءت به السنة، كما يلي: 1 - صلاة المريض - صفة صلاة المريض: 1 - تلزم المريض الصلاة المفروضة قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً متربعاً، أو على هيئة جلوس التشهد، يحني ظهره راكعاً وساجداً، فإن لم يستطع أومأ برأسه فإن لم يستطع الجلوس فعلى جنبه الأيمن ووجهه إلى القبلة، فإن شق عليه فعلى الأيسر، فإن لم يستطع صلى مستلقياً على ظهره ورجلاه إلى القبلة، إن تيسر، وإلا صلى حسب حاله، ويومئ برأسه راكعاً وساجداً إلى صدره، ويخفض السجود أكثر من الركوع، ولا تسقط الصلاة مادام العقل موجوداً، فيصلي على حسب حاله كما ورد. 2 - المريض كغيره يلزمه استقبال القبلة في الصلاة، فإن لم يستطع صلى حسب حاله إلى أي جهة تسهل عليه، ولا تصح صلاة المريض إيماءً بطرفه، أو إشارة بأصبعه، بل يصلي كما ورد. 1 - قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} ... [التغابن/ 16]. 2 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -

عن الصلاة؟ فقال: «صَلِّ قَائِماً، فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». أخرجه البخاري (¬1). 3 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنه وكان مبسوراً قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الرجل قاعداً فقال: «إنْ صَلَّى قَائِماً فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِداً فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِماً فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَاعِدِ». أخرجه البخاري (¬2). - صفة طهارة المريض: يجب على المريض أن يتطهر للصلاة بالماء، فإن لم يستطع تيمم، فإن لم يستطع سقطت الطهارة، وصلى حسب حاله. - أحكام صلاة المريض: 1 - إذا صلى المريض قاعداً ثم قدر على القيام، أو صلى جالساً ثم قدر على السجود، أو صلى على جنب ثم قدر على القعود أثناءها، انتقل إلى ما قدر عليه؛ لأنه الواجب في حقه. 2 - يجوز للمريض أن يصلي مستلقياً مع القدرة على القيام لمداواة بقول طبيب ثقة. 3 - إن قدر المريض على قيام وقعود دون ركوع وسجود أومأ بركوع قائماً، وبسجود قاعداً. 4 - من لم يستطع السجود على الأرض يركع ويسجد وهو جالس، يجعل سجوده أخفض من ركوعه، ويضع يديه على ركبتيه، ولا يرفع إلى جبهته شيئاً كالوسادة ونحوها. - متى يجمع المريض الصلاة: إن شق على المريض أو عجز أن يصلي كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (1117). (¬2) أخرجه البخاري برقم (1115).

- المشقة في الصلاة هي: ما يزول بها الخشوع. والخشوع هو: حضور القلب والطمأنينة. - أين يصلي المريض؟: المريض الذي يستطيع الذهاب إلى المسجد تلزمه صلاة الجماعة فيصلي قائماً إن استطاع، وإلا صلى حسب قدرته مع الجماعة. وإن لم يستطع الذهاب إلى المسجد صلى جماعة في مكانه، فإن لم يستطع صلى منفرداً حسب حاله. - ما يُكتب للمريض والمسافر من العمل: يكتب الله عز وجل للمريض والمسافر من الأعمال مثل ما كان يعمل المريض حال الصحة، والمسافر حال الإقامة، ويغفر للمريض ذنوبه. عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيْماً صَحِيحاً». أخرجه البخاري (¬1). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2996).

2 - صلاة المسافر

2 - صلاة المسافر - السفر: هو مفارقة محل الإقامة. - من محاسن الإسلام مشروعية القصر والجمع في السفر؛ لأنه غالباً توجد فيه المشقة، والإسلام دين رحمة وتيسير. عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فقد أَمِنَ الناس!، فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ». أخرجه مسلم (¬1). - حكم القصر والجمع: 1 - القصر في السفر سنة مؤكدة في حال الأمن أو الخوف، وهو قصر الصلاة الرباعية (الظهر والعصر والعشاء) إلى ركعتين، ولا يجوز إلا في السفر فقط، أما المغرب والفجر فلا تقصران أبداً، وأما الجمع فيسن في الحضر والسفر عند وجود سببه، فتجمع الظهر مع العصر، وتجمع المغرب مع العشاء، في وقت إحداهما. 2 - إذا سافر المسلم ماشياً، أو راكباً، براً، أو بحراً، أو جواً، سُنَّ له قصر الصلاة الرباعية ركعتين، ويسن له أن يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما إذا احتاج إلى ذلك حتى ينتهي سفره. قالت عائشة رضي الله عنها: الصَّلاةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلاةُ الحَضَرِ. متفق عليه (¬2). - كل ما يسمى سفراً في العرف تعلقت به أحكام السفر، وهي: القصر، والجمع، ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (686). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1090) واللفظ له، ومسلم برقم (685).

والفطر، والمسح على الخفين. - متى يبدأ المسافر في أحكام السفر: يبدأ المسافر القصر والجمع إذا فارق عامر قريته، ولا حد للمسافة في السفر وإنما يرجع ذلك إلى العرف، فمتى سافر ولم ينو الإقامة المطلقة أو الاستيطان فهو مسافر تنطبق عليه أحكام السفر حتى يعود إلى بلده. - القصر في السفر هو السنة، ويقصر في كل ما يُسمى سفراً، وإن أتم فصلاته صحيحة. - صفة صلاة المسافر خلف المقيم: 1 - إذا صلى المسافر خلف مقيم أتم، وإن صلى مقيم خلف مسافر فالسنة أن يَقصُر المسافر، أما المقيم فعليه الإتمام بعد السلام. 2 - السنة إذا صلى المسافر بالمقيمين في بلدهم أن يصلي بهم ركعتين، ثم يقول: أتموا صلاتكم فإنا قوم سَفْر. - حكم صلاة النوافل في السفر: السنة ترك الرواتب في السفر ما عدا التهجد، والوتر، وسنة الفجر. أما النوافل المطلقة فهي مشروعة في السفر والحضر، وكذا ذوات الأسباب كسنة الوضوء، وسنة الطواف، وتحية المسجد، وصلاة الضحى ونحوها. - الأذكار بعد الصلوات الخمس سنة للرجال والنساء، حضراً وسفراً. - حكم من سفره مستمر طوال العام: قائد الطائرة، أو السيارة، أو السفينة، أو القطار، ومَنْ سفره مستمر طول الزمن يجوز له أن يأخذ برخص السفر كالقصر، والجمع، والفطر، والمسح.

- ما يفعله المسافر إذا عاد إلى بلده: يسن للمسافر إذا عاد إلى بلده أن يبدأ بالمسجد فيصلي فيه ركعتين. - أحكام القصر في السفر: 1 - العبرة في القصر اعتبار المكان لا الزمان، فإذا نسي المسافر صلاة حضر ثم ذكرها في سفر قَصَرها، وإن ذكر صلاة سفر في حضر أتمها. 2 - إذا حُبِسَ المسافر ولم ينو إقامة، أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة مطلقة ولو طالت قَصَر أبداً. 3 - إذا دخل وقت الصلاة ثم سافر فله أن يقصر ويجمع، وإن دخل وقت الصلاة وهو في السفر ثم دخل بلده فإنه يتم، ولا يجمع، ولا يقصر. - صفة الصلاة في الطائرة: إذا كان في الطائرة مثلاً ولم يجد مكاناً للصلاة صلى في مكانه قائماً مستقبلاً القبلة، ويومئ بالركوع حسب قدرته، ثم يجلس على الكرسي، ثم يومئ بالسجود حسب قدرته. - حكم المسافر إذا وصل إلى مكة: من سافر إلى مكة أو غيرها أتم خلف الإمام، فإن لم يدرك الصلاة معه فالسنة له القصر، ومن سافر ومر بقرية وسمع الأذان أو الإقامة ولم يكن صلى، فإن شاء نزل وصلى مع الجماعة، وإن شاء واصل سيره. - حكم الأذان والإقامة في السفر: من أراد أن يجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء يُؤذن ثم يقيم ويصلي الأولى، ثم يقيم ويصلي الثانية، يؤديها المصلون جماعة كلهم، فإن كان هناك برد، أو ريح، أو مطر صلوا في رحالهم.

- صفة الجمع والقصر في السفر: يسن للمسافر الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء إذا وُجِد سببه، في وقت إحداهما مرتباً، وله أن يجمع في الوقت الذي بينهما، فإن كان نازلاً فَعَل الأرفق به، وإن كان سائراً فالسنة إذا غابت الشمس قبل أن يرتحل أن يجمع بين المغرب والعشاء تقديماً، وإن ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخَّر المغرب إلى العشاء وجمع بينهما تأخيراً. وإذا زالت الشمس قبل أن يركب جمع بين الظهر والعصر تقديماً، وإن ركب قبل أن تزول الشمس أخَّر الظهر إلى العصر وجمع بينهما تأخيراً. 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاةِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ إذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ. أخرجه البخاري (¬1). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمّ رَكِبَ. متفق عليه (¬2). 3 - وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا إِلَى الْعَصْرِ فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعًا، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ سَارَ، وَكَانَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ المَغْرِبَ أَخَّرَ المَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاء، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ المَغْرِبَ عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ المَغْرِبَ. أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (1107). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1112) واللفظ له، ومسلم برقم (704). (¬3) صحيح/ أخرجه ابو داود برقم (1220) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (553).

- حكم الجمع والقصر في عرفة ومزدلفة: يسن في الحج لمن كان بعرفة أن يقصر ويجمع بين الظهر والعصر تقديماً، وفي مزدلفة يَقْصر ويجمع بين المغرب والعشاء تأخيراً كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -. - حكم الجماعة في السفر: يجب على المسافرين أن يصلوا جماعة إن تيسر، وإلا صلوا فرادى حسب الاستطاعة، فيصلي في الطائرة أو السفينة أو القطار ونحوها قائماً، فإن لم يستطع صلى قاعداً وأومأ بالركوع والسجود، ويصلي الفريضة مستقبل القبلة، ويسن له الأذان والإقامة وإن كان وحده. - صفة التطوع على ظهر الراحلة: يسن للمسافر التنفل على ظهر الراحلة، ويسن أن يستقبل القبلة عند تكبيرة الإحرام إن تيسر، وإلا صلى حيثما توجهت به الراحلة قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً يومئ برأسه. - حكم الجمع في الحضر: يسن الجمع في الحضر بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء لمريض يلحقه بتركه مشقة، وفي الليلة المطيرة، أو الباردة، أو وحل، أو ريح شديدة باردة، وللمستحاضة، ومن به سلس بول، ومن خاف على نفسه، أو أهله، أو ماله ونحو ذلك.

3 - صلاة الخوف

3 - صلاة الخوف - الإسلام دين سماحة ويسر، والصلوات المفروضة لأهميتها ومنفعتها لا تسقط بحال، فإذا كان المسلمون في ساحة الجهاد في سبيل الله وخافوا من عدوهم لهم أن يصلوا صلاة الخوف بصور مختلفة، وهذه أشهرها: - صفات صلاة الخوف: 1 - إذا كان العدو في جهة القبلة، فيصلون كما يلي: يُكبِّرُ الإمام، ويصف المسلمون خلفه صفَّيْن، ويكبرون جميعاً، ويركعون جميعاً، ويرفعون جميعاً، ثم يسجد الصف الذي يلي الإمام مع الإمام، فإذا قاموا سجد الصف الثاني ثم قاموا، ثم يتقدم الصف الثاني، ويتأخر الصف الأول، ثم يصلي بهم الركعة الثانية كالأولى، ثم يسلم بهم جميعاً. 2 - إذا كان العدو في غير جهة القبلة، فيصلون كما يلي: 1 - يُكبِّرُ الإمام، وتصف معه طائفة، وتقف الطائفة الأخرى تجاه العدو، فيصلي بالتي معه ركعة ثم يثبت قائماً، ويتمون لأنفسهم، ثم ينصرفون، ويقفون تجاه العدو، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعة الباقية، ثم يجلس، وَيُتِمُّون لأنفسهم وهو جالس، ثم يسلم بهم، وعليهم حمل سلاح خفيف أثناء صلاتهم، مع الحذر من عدوهم. 2 - أو يصلي الإمام بإحدى الطائفتين ركعتين فتسلم قبله، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعتين الأخيرتين ثم يسلم بهم، فتكون له أربعاً، ولكل طائفة ركعتان. 3 - أو يصلي بالطائفة الأولى صلاة كاملة ركعتين ثم يسلم، ثم يصلي بالأخرى كذلك ثم يسلم. 4 - أو تصلي كل طائفة ركعة واحدة فقط مع الإمام، فيصلي الإمام ركعتين، وكل طائفة ركعة من غير قضاء، وكل هذه الصفات ثابتة في السنة.

3 - إذا اشتد الخوف، وتواصل الطعن والضرب صَلَّوا رجالاً وركباناً ركعة واحدة يومئون بالركوع والسجود للقبلة وغيرها، فإن لم يتمكنوا أخَّروا الصلاة حتى يقضي الله بينهم وبين عدوهم ثم صَلَّوا. 1 - قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)} ... [البقرة/ 238 - 239]. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فَرَضَ الله الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِي الحَضَرِ أَرْبَعاً، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَينِ، وَفِي الخَوْفِ رَكْعَةً. أخرجه مسلم (¬1). - إذا كانت صلاة المغرب فلا يدخلها القصر، وللإمام أن يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، وبالطائفة الثانية ركعة، أو العكس. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (687).

15 - صلاة الجمعة

15 - صلاة الجمعة - حكمة مشروعية الجمعة: شرع الله سبحانه للمسلمين اجتماعات متعددة من أجل توطيد أواصر الألفة والمحبة بينهم، اجتماعات حَيٍّ: في الصلوات الخمس، واجتماعات بلد: في الجمعة والعيدين، واجتماعات أقطار: في الحج بمكة، فهذه اجتماعات المسلمين صغرى ومتوسطة وكبرى. - فضل يوم الجمعة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فِيْهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيْهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيْهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ». أخرجه مسلم (¬1). - حكم صلاة الجمعة: 1 - صلاة الجُمعة ركعتان، وتجب على كل مسلم ذكر، بالغ، عاقل، مقيم ببناء يشمله اسم واحد، ولا تجب الجمعة على المرأة، والمريض، والصبي، والمسافر، ومن حضرها منهم أجزأته، والمسافر إن كان نازلاً وسمع النداء لزمته الجمعة. 2 - صلاة الجمعة تكفي عن صلاة الظهر، فلا يجوز لمن صلاها أن يصلي بعدها ظهراً، وتجب المحافظة على صلاة الجمعة، ومن ترك ثلاث جُمَعٍ متهاوناً بها طبع الله على قلبه. - وقت صلاة الجمعة: وقت صلاة الجمعة الأفضل: بعد زوال الشمس إلى آخر وقت صلاة الظهر، وتجوز قبل الزوال. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (854).

- أذان الجمعة: الأولى أن يكون بين النداء الأول للجمعة والنداء الثاني فاصل زمني يتمكن فيه المسلم خاصة البعيد والنائم والغافل من الاستعداد للصلاة، والأخذ بآدابها، وسننها، والسعي إليها، وذلك بمقدار ساعة مثلاً. - شروط إقامة الجمعة: يجب أداء صلاة الجمعة في وقتها، وأن يحضرها جماعة لا يقلون عن ثلاثة، من أهل البلد، وأن يتقدمها خطبتان. - فضل الاغتسال والتبكير للجمعة: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشاً أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإذَا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ غَسَّلَ يَومَ الجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬2). - وقت غسل الجمعة: يبدأ وقت الغسل يوم الجمعة من طلوع فجر يوم الجمعة، ويمتد إلى قبيل أداء صلاة الجمعة، ويستحب تأخير الغسل إلى قبيل الرواح إلى صلاة الجمعة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (881)، واللفظ له، ومسلم برقم (850). (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (345)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (1087).

- أفضل وقت السعي إلى الجمعة: 1 - وقت السعي المستحب إلى الجمعة يبدأ من طلوع الشمس، أما وقت السعي الواجب إلى الجمعة فهو عند النداء الثاني إذا دخل الإمام. 2 - يعرف المسلم الساعات الخمس بأن يقسم ما بين طلوع الشمس إلى مجيء الإمام إلى خمسة أقسام، وبذلك يعرف مقدار كل ساعة. - حكم السفر يوم الجمعة: يجوز السفر يوم الجمعة قبل النداء الثاني. ولا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في يومها بعد الأذان الثاني إلا لضرورة كخوف فوت رفقة، أو راحلة كسيارة، أو سفينة، أو طائرة. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)} [الجمعة /9]. - المسبوق متى يدرك الجمعة؟: من أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة جاء بركعة أخرى وأتمها جمعة، وإن أدرك أقل من ركعة فينويها ظهراً ويصلي أربع ركعات. - متى يأتي الإمام إلى الجمعة؟: السنة أن يبكر المأموم للجمعة والعيدين والاستسقاء، أما الإمام فيأتي في الجمعة والاستسقاء عند الخطبة، وفي العيدين يأتي عند وقت الصلاة. - بم تكون الخطبة؟: السنة أن تكون الخطبتان يوم الجمعة باللغة العربية لمن يحسنها، وإن ترجمت للحاضرين بلغتهم لكونهم لا يفهمون العربية فهو أولى، فإن لم يمكن خَطَبَ بلغتهم، أما الصلاة فلا تصح إلا بالعربية. - هل تجب الجمعة على المسافر؟: إذا مر المسافر ببلد تقام فيه الجمعة وسمع النداء وأراد أن يستريح في هذا البلد

لزمته صلاة الجمعة، وإن خطب بهم وصلى بهم الجمعة صحت صلاة الجميع. - صفة الخطيب: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ. أخرجه مسلم (¬1). - ما يفعله الخطيب إذا دخل: 1 - يسن أن يخطب الإمام على منبر له ثلاث درجات، فإذا دخل صعد المنبر، ثم واجه المصلين وسلم عليهم، ثم يجلس حتى يؤذن المؤذن، ثم يخطب الخطبة الأولى قائماً، ثم يجلس، ثم يخطب الخطبة الثانية قائماً كذلك، ويجوز قطع الخطبة لعارض ثم يواصل. 2 - السنة أن يخطب الإمام خطبة قصيرة حفظاً، فإن لم يقدر خطب بورقة. - صفة الخطبة: يستفتح أحياناً بخطبة الحاجة، وأحياناً بغيرها، ونص خطبة الحاجة: «إنّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِالله مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (867).

«أما بعد». وأحياناً لا يذكر هذه الآيات، ويسن أحياناً أن يقول بعد قوله: «أما بعد»: «فَإنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ الله، وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ». أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه (¬1). - موضوع خطبة الجمعة: خُطب النبي - صلى الله عليه وسلم - وخُطب أصحابه رضي الله عنهم تشتمل على بيان التوحيد والإيمان، وذكر صفات الرب جل جلاله، وأصول الإيمان، وذكر آلاء الله تعالى التي تُحببه إلى خلقه، وأيامه التي تخوفهم من بأسه، والأمر بذكره وشكره، وذم الدنيا، وذكر الموت، والجنة، والنار، والحث على طاعة الله ورسوله، والزجر عن المعصية ونحو ذلك. فيذكر الخطيب من عظمة الله، وأسمائه، وصفاته، ونعمه ما يحببه إلى خلقه، ويأمر بطاعته، وشكره، وذكره، ما يحببهم إليه، فينصرفون وقد أحبوه وأحبهم، وامتلأت قلوبهم بالإيمان والخشية، وتحركت قلوبهم وجوارحهم لذكره وطاعته وعبادته. - مقدار الخطبة والصلاة: 1 - يسن للإمام أن يَقْصر الخطبة ويُطيل الصلاة على ما ورد في السنة. عن جابر بن سَمرة رضي الله عنه قال: كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَتْ صَلاتُهُ قَصْداً، وَخُطْبَتُهُ قَصْداً. أخرجه مسلم (¬2). 2 - يسن للخطيب أن يقرأ من القرآن في خطبته، وأن يخطب أحياناً بسورة «ق». - صفة الجلوس لسماع الخطبة: يستحب للمأمومين أن يستقبلوا الإمام بوجوههم إذا استوى على المنبر ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2118)، وأخرجه النسائي برقم (1578)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1892)، وأصله في مسلم برقم (867) (868). (¬2) أخرجه مسلم برقم (866).

للخطبة، وذلك أحضر للقلب، وأشجع للخطيب، وأبعد عن النوم. - صفة صلاة الجمعة: صلاة الجمعة ركعتان، يُسنُّ أن يقرأ جهراً في الأولى بعد الفاتحة بـ (الجمعة) وفي الثانية بـ (المنافقون)، أو يقرأ في الأولى بـ (الجمعة)، وفي الثانية بـ (الغاشية)، أو يقرأ في الأولى بـ (الأعلى) وفي الثانية بـ (الغاشية)، وإن قرأ بغيرهما جاز، فإذا صلى الركعتين سلم. - صفة سنة الجمعة: يسن أن يصلي بعد الجمعة في بيته ركعتين، ويصلي في بعض الأحيان أربعاً بسلامين، أما إذا صلى في المسجد فيصلي أربعاً بسلامين، ولا سنة للجمعة قبلها بل يصلي ما شاء. - حكم الكلام أثناء الخطبة: الكلام أثناء الخطبة يُفسد الأجر ويُلحق الإثم، فلا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا للإمام ومن يكلمه الإمام لمصلحة، ورد السلام، وتشميت العاطس، ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها، ويحرم تخطي رقاب الناس يوم الجمعة والإمام يخطب. - حكم إقامة الجمعة في البلد: إقامة الجمعة في البلد إذا تمت الشروط لا يشترط لها إذن الإمام، فتقام أَذِنَ أو لم يأذن، أما تعدد الجمعة في أكثر من موضع بالبلد فلا يجوز إلا لحاجة أو ضرورة بعد إذن الإمام، وتقام في المدن والقرى لا في البادية. - ماذا يفعل من دخل والإمام يخطب؟: من دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يصلي ركعتين يتجوّز فيهما، ومن نعس وهو في المسجد فالسنة أن يتحول من مجلسه ذلك إلى غيره.

- حكم غسل الجمعة: 1 - غسل الجمعة سنة مؤكدة، ويجب على من به رائحة كريهة تتأذى منها الملائكة والناس أن يغتسل؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «الغُسْلُ يَومَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». متفق عليه (¬1). 2 - يسن بعد أن يغتسل يوم الجمعة أن يتنظف، ويتطيب، ويلبس أحسن ثيابه، ويخرج مبكراً إلى المسجد، ويدنو من الإمام، ويصلي ما كُتب له، ويُكثر من الدعاء، وقراءة القرآن. - الإمام يتولى الخطبة والصلاة، ويجوز أن يخطب رجل، ويصلي الجمعة آخر لعذر. - ما يسن يوم الجمعة من القراءة: يُسن أن يقرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها، ومن قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين. - ما يسن أن يقرأ في فجر يوم الجمعة: يسن أن يقرأ الإمام في الركعة الأولى من صلاة الفجر يوم الجمعة {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، وفي الركعة الثانية {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}. - حكم الدعاء أثناء الخطبة: لا يشرع للإمام ولا للمأمومين رفع اليدين أثناء الدعاء في الخطبة إلا إذا استسقى الإمام فيرفع ويرفعون، أما التأمين على الدعاء فمشروع مع خفض الصوت. - يستحب للإمام أن يدعو في خطبته، والأَوْلى جعل الدعاء للإسلام والمسلمين، وحفظهم، ونصرتهم، والتأليف بين قلوبهم ونحو ذلك، ويشير الإمام أثناء الدعاء بأصبعه السبابة ولا يرفع يديه. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (858)، ومسلم برقم (846).

- وقت ساعة الإجابة: ساعة الإجابة تُرجى في آخر ساعة من نهار يوم الجمعة بعد العصر، ويستحب فيها الإكثار من الذكر والدعاء، فالدعاء في هذا الوقت حريّ بالإجابة، وهي ساعة خفيفة. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوم الجمعة فقال: «فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ الله تَعَالَى شَيْئاً إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ». وأشار بيده يقللها. متفق عليه (¬1). - حكم ترك الجمعة: من فاتته صلاة الجمعة قضاها ظهراً أربع ركعات، فإن كان معذوراً فلا إثم عليه، وإن كان غير معذور أثم؛ لتفريطه بصلاة الجمعة. عن أبي الجعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهَاوُناً بِهَا طَبَعَ الله عَلَى قَلْبِهِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). - الحكم إذا وافق العيد يوم الجمعة: إذا اتفق عيد في يوم جمعة سقط حضور الجمعة عمّن صلى العيد، ويصلون ظهراً، إلا الإمام فإنها لا تسقط عنه، وكذا من لم يصل العيد، وإن صلاها من صلى العيد أجزأته عن صلاة الظهر. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (935)، واللفظ له، ومسلم برقم (852). (¬2) حسن صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1052)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (500).

16 - صلاة التطوع

16 - صلاة التطوع - حكمة مشروعية التطوع: من رحمة الله بعباده أنه شرع لكل فرض تطوعاً من جنسه؛ ليزداد المؤمن إيماناً بفعل هذا التطوع، ويكمل به الفرائض يوم القيامة، فالفرائض يعتريها النقص. والصلاة منها الواجب والتطوع، والصيام منه الواجب والتطوع، وهكذا الحج، والصدقة ونحوها، ولا يزال العبد يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه الله تعالى. - أنواع صلاة التطوع: صلاة التطوع أنواع: 1 - منها ما يشرع له الجماعة كالتراويح والاستسقاء والكسوف والعيدين. 2 - ومنها ما لا يشرع له الجماعة كصلاة الاستخارة. 3 - ومنها ما هو تابع للفرائض كالسنن الرواتب. 4 - ومنها ما ليس بتابع كصلاة الضحى. 5 - ومنها ما هو مؤقت كصلاة التهجد. 6 - ومنها ما ليس بمؤقت كالنوافل المطلقة. 7 - ومنها ما هو مقيد بسبب كتحية المسجد وركعتي الوضوء. 8 - ومنها ما ليس مقيداً بسبب كالنوافل المطلقة. 9 - ومنها ما هو مؤكد كصلاة العيدين والاستسقاء والكسوف والوتر. 10 - ومنها ما ليس بمؤكد كالصلاة قبل صلاة المغرب ونحوها. وهذا من فضل الله على عباده، حيث شرع لهم ما يتقربون به إليه، ونوَّع لهم الطاعات ليرفع لهم بها الدرجات، ويحط عنهم السيئات، ويضاعف لهم الحسنات، فلله الحمد والشكر.

1 - السنن الراتبة

1 - السنن الراتبة - السنن الرواتب: هي التي تُصلى قبل الفريضة أو بعدها، وهي قسمان: - أقسام السنن الرواتب: 1 - رواتب مؤكدة، وهي اثنتا عشرة ركعة: 1 - أربع ركعات قبل صلاة الظهر. 2 - ركعتان بعد الظهر. 3 - ركعتان بعد المغرب. 4 - ركعتان بعد العشاء. 5 - ركعتان قبل الفجر. - عن أم حبيبة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَي عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعاً غَيْرَ فَرِيضَةٍ إلَّا بَنَى الله لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ، أَوْ إلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ». أخرجه مسلم (¬1). - وأحياناً يصليها عشر ركعات كما سبق إلا أنه يصلي قبل الظهر ركعتين. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ الظُّهْر سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ المَغْرِبِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ العِشَاءِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ الجُمُعَةِ سَجْدَتَيْنِ، فَأَمَّا المَغْرِبُ وَالعِشَاءُ وَالجُمُعَةُ فَصَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهِ. متفق عليه (¬2). 2 - رواتب غير مؤكدة يفعلها ولا يداوم عليها: ركعتان قبل صلاة العصر، والمغرب، والعشاء، وتسن المحافظة على أربع ركعات قبل العصر. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (728). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (937)، ومسلم برقم (729)، واللفظ له.

- حكم التطوع المطلق: التطوع المطلق مشروع بالليل والنهار، مثنى مثنى، وأفضله صلاة الليل. - آكد السنن الرواتب: آكد السنن الرواتب ركعتا الفجر، ويُسن تخفيفهما، وأن يقرأ فيهما بعد الفاتحة بـ (سورة الكافرون) في الركعة الأولى، وفي الثانية بـ (سورة الإخلاص). أو في الأولى بـ {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)} [البقرة/136]. وفي الثانية بـ {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)} [آل عمران/64]. وأحياناً {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)} [آل عمران/52]. - من فاته شيء من هذه السنن الرواتب لعذر سُنَّ له قضاؤه. - إذا توضأ المسلم ودخل المسجد بعد أذان الظهر مثلاً وصلى ركعتين ونوى بهما تحية المسجد، وسنة الوضوء، وراتبة الظهر أجزأه ذلك. - يسن الفصل بين الفرض وراتبته القَبْلية أو البَعْدية بانتقال أو كلام. - تُصلى هذه النوافل في المسجد أو في البيت، والأفضل صلاتها في البيت؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: « ... فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإنَّ أَفْضَلَ

الصَّلاةِ صَلاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا المَكْتُوبَةَ». متفق عليه (¬1). - صفة صلاة التطوع: 1 - يجوز في صلاة التطوع الجلوس مع القدرة على القيام، ومن صلى قائماً فهو أفضل، أما الفريضة فالقيام فيها ركن إلا لمن لم يقدر عليه فيصلي حسب حاله كما سبق. 2 - من صلى النوافل قاعداً لغير عذر فله نصف أجر صلاة القائم، ومع العذر فأجره كالقائم، وصلاة المضطجع تطوعاً بعذر فأجره كالقائم، وبدون عذر فله نصف أجر صلاة القاعِد. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (731)، واللفظ له، ومسلم برقم (781).

أوقات النهي - أوقات النهي عن الصلاة خمسة، وهي: 1 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صَلاةَ بَعْدَ صَلاةِ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلا صَلاةَ بَعْدَ صَلاةِ الفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ. أخرجه مسلم (¬2). - تجوز صلاة النفل بعد العصر إذا كانت الشمس بيضاء نقية مرتفعة. عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَن الصَّلاةِ بَعْدَ العَصْرِ إلا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. أخرجه أبو داود والنسائي (¬3). - حكم الصلاة في أوقات النهي: 1 - يجوز قضاء الفرائض في تلك الأوقات الخمسة، وصلاة ركعتي الطواف، وما له سبب كتحية المسجد، وركعتي الوضوء، وصلاة الكسوف ونحو ذلك. 2 - يشرع للمعذور قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر، وسنة الظهر بعد صلاة العصر. 3 - تجوز الصلاة في المسجد الحرام في كل وقت. عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لا تَمْنَعُوا أَحَداً طَافَ بِهَذَا البَيْتِ وَصَلَّى أَيّة سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (586)، ومسلم برقم (827)، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (831). (¬3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1274)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (573). (¬4) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (868)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1254).

2 - صلاة التهجد

2 - صلاة التهجد - حكم قيام الليل: قيام الليل من النوافل المطلقة، وهو سنة مؤكدة، أمر الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم -. 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)} [المزمل / 1 - 4]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} [الإسراء/79]. 3 - وذكر الله سبحانه من صفات المتقين أنهم: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} [الذاريات/17 - 18]. - فضل قيام الليل: قيام الليل من أفضل الأعمال، وهو أفضل من تطوع النهار؛ لما في سِرِّيَّته من الإخلاص للهِ تعالى، ولما فيه من المشقة بترك النوم، واللذة التي تحصل بمناجاة الله عز وجل، وجوف الليل أفضل. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)} [المزمل/6]. 2 - وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ العَبْدِ جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ الله عَزَّ وَجَلَّ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ، فَإنَّ الصَّلاةَ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ .. ». أخرجه الترمذي والنسائي (¬1). 3 - وَسُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ فقال: «أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ ¬

(¬1) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3579)، واخرجه النسائي برقم (572)، وهذا لفظه.

الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ». أخرجه مسلم (¬1). - ساعة إجابة الدعاء في الليل: 1 - عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ الله خَيْراً مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِيْنَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟». متفق عليه (¬3). - يسن أن ينام المسلم طاهراً مبكراً بعد العشاء ليستيقظ لصلاة الليل نشيطاً، والسنة أن يقوم إذا سمع الصارخ. عَنْ أبِي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ على مكان كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ. فَإنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ الله انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيْطاً طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإلَّا أَصْبَحَ خَبِيْثَ النَّفْسِ كَسْلانَ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1163). (¬2) أخرجه مسلم برقم (757). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1145)، واللفظ له، ومسلم برقم (758). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1142)، واللفظ له، ومسلم برقم (776).

- فقه قيام الليل: ينبغي أن يحرص المسلم على قيام الليل ولا يتركه؛ فقد كَانَ النَّبِيُ - صلى الله عليه وسلم - يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ الله وَقَدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْداً شَكُوراً». متفق عليه (¬1). - مقدار صلاة التهجد: إحدى عشرة ركعة مع الوتر، أو ثلاث عشرة ركعة مع الوتر. - وقت صلاة التهجد: وقت صلاة التهجد من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني. وأفضل صلاة الليل ثلث الليل بعد نصفه، فتقسم الليل أنصافاً، ثم تقوم في الثلث الأول من النصف الثاني، ثم تنام آخر الليل. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَحَبُّ الصَّلاةِ إلَى الله صَلاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إلَى الله صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوماً، وَيُفْطِرُ يَوماً». متفق عليه (¬2). - صفة صلاة التهجد: 1 - يسن أن ينوي الإنسان قيام الليل عند النوم، فإن غلبته عيناه ولم يقم كُتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه. وإذا قام للتهجد مسح النوم عن وجهه، وقرأ العشر آيات من آخر ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4837)، واللفظ له، ومسلم برقم (2820). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1131)، واللفظ له، ومسلم برقم (1159).

آل عمران {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ ... }، ويَستاك، ويتوضأ، ثم يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِح صَلاتَهُ بِرَكْعَتَينِ خَفِيْفَتَيْنِ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - ثم يصلي مثنى مثنى، فيسلم من كل ركعتين؛ لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إن رَجُلاً قال: يا رَسولَ اللهِ، كيف صلاة الليل؟ قال: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ». متفق عليه (¬2). 3 - وله أن يصلي أحياناً أربعاً بسلام واحد. 4 - ويستحب أن يكون له ركعات معلومة، فإن نام عنها قضاها شفعاً، وقد سُئلت عائشة رضي الله عنها عن صَلاة رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالليل فقالت: سَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإحْدَى عَشْرَةَ سِوَى رَكْعَتَي الفَجْرِ. أخرجه البخاري (¬3). 5 - ويسن أن يكون تهجده في بيته، وأن يوقظ أهله، ويصلي بهم أحياناً، ويطيل صلاته حسب نشاطه، فإن غلبه نعاس رقد، يجهر بالقراءة أحياناً، ويُسِرُّ بها أحياناً، إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية عذاب استجار، وإذا مر بآية فيها تنزيه لله تعالى سبّح. 6 - ثم يختم تهجده بالليل بالوتر لقوله عليه الصلاة والسلام: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْراً». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (768). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1137)، واللفظ له، ومسلم برقم (749). (¬3) أخرجه البخاري برقم (1139). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (998)، ومسلم برقم (751).

3 - صلاة الوتر

3 - صلاة الوتر - حكم الوتر: الوتر سنة مؤكدة، حث عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «الوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬1). - وقت الوتر: من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني، وآخر الليل لمن وَثق بنفسه أفضل؛ لقول عائشة رضي الله عنها: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَأَوْسَطِهِ، وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إلَى السَّحَرِ. متفق عليه (¬2). - أقل الوتر وأكثره: 1 - أقل الوتر ركعة، وأكثره إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، يصليها مثنى مثنى، ويوتر بواحدة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات بسلامين، أو بسلام واحد، وتشهد واحد في آخرها، ويسن أن يقرأ في الأولى بـ «الأعلى» وفي الثانية بـ «الكافرون» وفي الثالثة بـ «الإخلاص». 2 - وإن أوتر بخمس تشهد مرة واحدة في آخرها ثم سلم، وإن أوتر بسبع فكذلك، وإن تشهد بعد السادسة بلا سلام ثم قام وصلى السابعة فلا بأس. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاثٍ، لا أدَعُهُنَّ حَتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ. متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1422)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (1712). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (996)، ومسلم برقم (745) واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1178)، واللفظ له، ومسلم برقم (721).

- وإن أوتر بتسع تشهد مرتين: مرة بعد الثامنة ولا يسلم، ثم يقوم للتاسعة ويتشهد ويسلم، ولكن الأفضل أن يوتر بواحدة مستقلة، ثم يقول بعد السلام: (سبحان الملك القدوس) ثلاث مرات، ويمد صوته في الثالثة. - وقت صلاة الوتر: يصلي المسلم الوتر بعد صلاة التهجد، فإن خاف ألّا يقوم أوتر قبل نومه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ». أخرجه مسلم (¬1). - من أوتر أول الليل، ثم قام آخره، صلى شفعاً بدون وتر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). - حكم القنوت في الوتر: القنوت في الوتر يفعل أحياناً، من شاء فعله، ومن شاء تركه، والأَوْلى أن يكون الترك أكثر من الفعل، ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قنت في الوتر. - صفة دعاء القنوت في الوتر: إذا صلى ثلاث ركعات مثلاً رفع يديه بعد القيام من الركعة الثالثة، أو قبل الركوع بعد انتهاء القراءة فيحمد الله عز وجل ويثني عليه، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يدعو بما شاء مما ورد، ومنه: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيْمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيْمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيْمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيْمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (755). (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1439)، وأخرجه الترمذي برقم (470).

وَتَعَالَيْتَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - ويستفتح أحياناً قنوته بما ثبت عن عمر رضي الله عنه وهو: «اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالكَافِرِينَ مُلْحِقٌ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ الخَيْرَ وَلا نَكْفُرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْضَعُ لَكَ، وَنَخْلَعُ مَنْ يَكْفُرُكَ». أخرجه البيهقي (¬2). - وله أن يزيد من الأدعية مما ثبت ولا يطيل، ومنها: «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِيْنِيَ الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِيَ الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ». أخرجه مسلم (¬3). «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَالهَرَمِ وَعَذَابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَولاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا». أخرجه مسلم (¬4). - ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر قنوت الوتر، ولا يمسح وجهه بيديه بعد الفراغ من الدعاء في قنوت الوتر وغيره؛ لعدم ثبوت ذلك في السنة. - يكره القنوت في غير الوتر إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة أو مصيبة، فيسن أن يقنت الإمام في الفرائض بعد الركعة الأخيرة، وأحياناً قبل أن يركع. - القنوت في النوازل يكون بالدعاء للمسلمين المستضعفين، أو الدعاء على ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1425)، وأخرجه الترمذي برقم (464). (¬2) صحيح/ أخرجه البيهقي برقم (3144)، انظر إرواء الغليل رقم (428). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2720). (¬4) أخرجه مسلم برقم (2722).

الكفار الظالمين، أو بهما معاً. - أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة، وما يشرع له الجماعة كالكسوف، والتراويح ونحوهما فيصليها في المسجد جماعة. - حكم الوتر في السفر: من كان في سفر على ظهر سيارة أو قطار أو طائرة أو سفينة، فالسنة أن يصلي الوتر على راحلته مستقبلاً القبلة عند تكبيرة الإحرام إن تيسر، وإلا صلى حيثما توجهت به حسب حاله قائماًن فإن لم يستطع فقاعداً يومئ برأسه. - يجوز أحياناً لمن صلى الوتر أن يصلي بعده ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع. - صفة قضاء الوتر: من نام عن صلاة الوتر أو نسيها صلاها إذا استيقظ أو ذكر، ويقضيها بين أذان الفجر والإقامة على صفتها، ويقضيها نهاراً شفعاً لا وتراً، فإن كان يُوتر بإحدى عشرة ركعة ليلاً صلاها نهاراً اثنتي عشرة ركعة مثنى مثنى وهكذا. عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً. أخرجه مسلم (¬1). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (746).

4 - صلاة التراويح

4 - صلاة التراويح - حكم صلاة التراويح: صلاة التراويح سنة مؤكدة، ثبتت بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي من النوافل التي تُشرع لها الجماعة في رمضان. - صلاة التراويح سميت بذلك؛ لأن الناس كانوا يجلسون للاستراحة بين كل أربع ركعات؛ لأنهم كانوا يطيلون القراءة. - وقت صلاة التراويح: تُصلى في رمضان من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وهي سنة للرجال والنساء، وقد رَغَّب النبي - صلى الله عليه وسلم - في قيام رمضان بقوله: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (¬1). - صفة صلاة التراويح: 1 - السنة أن يصلي الإمام بالمسلمين صلاة التراويح إحدى عشرة ركعة، وهذا هو الأفضل، وأحياناً يصليها ثلاث عشرة ركعة، يصلي كل ركعتين بسلام، وهذا هو الأفضل، وأحياناً كل أربع بسلام، يفعل هذا مرة .. وهذا مرة .. إحياء للسنة. 1 - سئلت عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ فقالت: مَا كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَزِيْدُ فِي رَمَضَانَ وَلا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعاً فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُوْلِهِنَّ، ثُمّ يُصَلِّي أَرْبَعاً فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُوْلِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثاً ... أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2009)، واللفظ له، ومسلم برقم (759). (¬2) أخرجه البخاري برقم (1147).

2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعةً. متفق عليه (¬1). 3 - وعن عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي فِيْمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاةِ العِشَاءِ إلَى الفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوْتِرُ بِوَاحِدَةٍ. أخرجه مسلم (¬2). 2 - السنة أن يصلي الإمام صلاة التراويح إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، في أول رمضان وآخره، لكن يختص آخره (العشر الأواخر) بالإطالة -إطالة القيام والركوع والسجود-؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحيي فيها الليل، وإن صلى أقل أو أكثر فلا بأس. - متى يكتب للمأموم قيام ليلة؟: 1 - الأفضل للمأموم أن يقوم مع الإمام حتى ينصرف، سواء صلى إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، أو ثلاثاً وعشرين أو أقل أو أكثر حتى يُكتب له أجر قيام ليلته؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). 2 - إن صلى التراويح بالناس إمامان فيكتب أجر قيام ليلة لمن صلى معهما معاً؛ لأن الثاني نائب عن الأول في إكمال الصلاة. - من يؤم المصلين في التراويح: يؤم المصلين في رمضان أحسنهم قراءة وأجودهم حفظاً، فإن لم يتيسر قرأ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1138)، ومسلم برقم (764) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (736). (¬3) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1375)، وأخرجه الترمذي برقم (806)، وهذا لفظه.

الإمام من المصحف، والأولى أن يُسمع المأمومين القرآن كله في رمضان، فإن لم يتيسر قرأ بهم بعضه. - حكم الدعاء عند ختم القرآن: الدعاء عند ختم القرآن داخل الصلاة ليس له أصل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم. أما الدعاء عند ختم القرآن خارج الصلاة فقد ثبت عن أنس رضي الله عنه، فمن شاء دعا، ومن شاء ترك. وليس هناك دعاء مخصوص عند ختم القرآن، فيدعو المسلم بما شاء. - من كان له تهجد -وهو القيام آخر الليل- يجعل الوتر بعد التهجد، فإن صلى مع إمام وأوتر أوتر معه، فإن قام آخر الليل صلى شفعاً. - إذا أرادت المرأة أن تخرج إلى المسجد لصلاة فريضة أو نافلة فعليها أن تخرج متبذلة غير متطيبة.

5 - صلاة العيدين

5 - صلاة العيدين - الاجتماع على العبادات والطاعات نوعان: أحدهما: سنة راتبة إما واجب كالصلوات الخمس والجمعة، أو مسنون كالعيدين والتراويح والكسوف والاستسقاء، فهذا سنة راتبة ينبغي المحافظة والمداومة عليها. الثاني: ما ليس بسنة راتبة كالاجتماع لصلاة تطوع كقيام الليل، أو دعاء، فهذا يجوز فعله أحياناً، ولا يتخذ عادة راتبة. - خطب النبي - صلى الله عليه وسلم -: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - نوعان: الأول: الخطب الراتبة: مثل خطبة الجمعة، والعيدين، والاستسقاء، والكسوف. ففي الجمعة يخطب خطبتين قبل الصلاة، وفي العيدين والكسوف خطبة واحدة بعد الصلاة، وفي الاستسقاء خطبة واحدة قبل الصلاة. الثاني: الخطب العارضة: يخطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وُجِد سببها، كما خطب عن الرشوة، وكما خطب في شأن المخزومية التي سرقت ونحو ذلك. فينبغي للقاضي أو المفتي أو العالم أو الداعية أن يخطب الناس في الأمور العارضة التي يحتاجون فيها إلى بيان الحق، وكذلك في الخطب الراتبة. والخطب ينبغي أن تحرك القلوب، وتؤثر في النفوس في موضوعها، ومقدارها، وكيفية أدائها.

- أعياد المسلمين: الأعياد في الإسلام ثلاثة: 1 - عيد الفطر يوم «1» شوال من كل عام. 2 - عيدالأضحى يوم «10» من ذي الحجة من كل عام. 3 - عيد الأسبوع يوم الجمعة من كل أسبوع، وقد سبق الحديث عنه. - حكمة مشروعية صلاة العيد: صلاة عيد الفطر بعد إتمام صيام شهر رمضان، وصَلاةُ عيد الأضحى بعد فريضة الحج واختتام عشر ذي الحجة، وهما من محاسن الإسلام، يؤديهما المسلمون بعد أداء تلك العبادتين العظيمتين شكراً للهِ تبارك وتعالى. عن أنس رضي الله عنه قال: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْراً مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬1). - حكم صلاة العيدين: صلاة العيدين سنة مؤكدة على كل مسلم ومسلمة. - وقت صلاة العيدين: من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال، فإن لم يعلموا بالعيد إلا بعد الزوال صلوا من الغد في وقتها ولا يضحون إلا بعد صلاة عيد الأضحى. - صفة الخروج لصلاة العيدين: 1 - يسن أن يتنظف الذاهب إليها، ويلبس أحسن ثيابه؛ إظهاراً للفرح والسرور بهذا ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1134)، وهذا لفظه، والنسائي برقم (1556).

اليوم، والنساء لا يتبرجن بزينة ولا يتطيبن، ويخرجن للصلاة مع الناس، والحُيَّضُ من النساء يشهدن الخطبة ويعتزلن المصلى. 2 - يسن أن يبكر إليها المأموم بعد الصبح ماشياً إن قدر، أما الإمام فيتأخر إلى وقت الصلاة، والسنة أن يذهب إليها من طريق، ويعود من طريق آخر؛ إظهاراً لهذه الشعيرة، واتباعاً للسنة. 3 - يسن للمسلم أن يأكل قبل الخروج لصلاة عيد الفطر تمرات وتراً، وأن يمسك عن الأكل في عيد الأضحى حتى يأكل من أضحيته إن ضحى. - مكان صلاة العيدين: السنة أن تصلى صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد، فإذا وصل المصلى صَلَّى ركعتين تحية المسجد وجلس يذكر الله تعالى، ولا تصلى صلاة العيد في المساجد إلا لعذر من مطر أو برد ونحوهما إلا في مكة فتصلى في المسجد الحرام. - يجوز لمن دخل مُصلَّى العيد أن يصلي تطوعاً قبل الصلاة وبعدها ما لم يكن وقت نهي فلا يشرع له إلا تحية المسجد، ويشتغل بعبادة الوقت وهي التكبير إلى أن يدخل الإمام. - صفة صلاة العيدين: إذا حان وقت الصلاة تقدم الإمام وصلى بهم ركعتين بلا أذان ولا إقامة، يُكبِّر في الأولى سبعاً أو تسعاً بتكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمساً بعد القيام. ثم يسن أن يقرأ جهراً بعد الفاتحة بـ (الأعلى) في الأولى، وفي الثانية بعد الفاتحة بـ (الغاشية) أو يقرأ في الأولى بـ (ق) وفي الثانية بـ (اقتربت الساعة) يقرأ تارة بهذا، وتارة بهذا، إحياءً للسنة، وعملاً بوجوهها المشروعة.

- خطبة العيد: إذا سلم الإمام خطب خطبة واحدة مستقبل الناس، فيها حَمْد الله تعالى، وشكره، والثناء عليه، وحث الناس على العمل بشرعه، ويرغبهم في عيد الأضحى في الأضحية، ويبين لهم أحكامها. - أحكام صلاة العيد: إذا وافق العيد يوم جمعة، فمن صلى العيد سقطت عنه الجمعة وصلى ظهراً، أما الإمام ومن لم يصل العيد فتلزمه صلاة الجمعة. وإذا نسي الإمام إحدى التكبيرات الزوائد وشرع في القراءة سقطت؛ لأنها سنة فات محلها، ويرفع المصلي يديه مع التكبير كما ورد في صلاة الفرض والنفل، ولا يرفع يديه مع التكبيرات الزوائد في الركعتين في العيدين والاستسقاء، ويسن للإمام وعظ النساء في خطبته، وتذكيرهن بما يجب عليهن، وترغيبهن في الصدقة. ومن أدرك الإمام قبل سلامه من صلاة العيد قام بعد سلام الإمام وأتمها على صفتها، ومن فاتته فإنه لا يقضيها. - إذا صلى الإمام صلاة العيد، فمن أحب أن ينصرف فلينصرف، ومن أحب أن يجلس ويسمع الخطبة -وهو الأفضل- فليجلس. - حكم التكبير يوم العيد: يسن التكبير أيام العيدين جهراً لعموم المسلمين في البيوت، والأسواق، والطرق، والمساجد، وغيرها، والنساء لا تجهر بالتكبير بحضرة الأجانب. - أوقات التكبير: 1 - يبدأ وقت التكبير في عيد الفطر من ليلة العيد حتى يصلي صلاة العيد.

2 - ويبدأ وقت التكبير في عيد الأضحى من دخول عشر ذي الحجة إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر. - صفة التكبير: 1 - إما أن يكبر شفعاً، فيقول: «الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد». 2 - أو يكبر وتراً فيقول: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد». 3 - أو يكبر وتراً في الأولى، وشفعاً في الثانية، فيقول: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد». يفعل هذا مرة، وهذا مرة، والأمر في ذلك واسع. - حكم اللهو في العيد: عن عائشة رضي الله عنها قالت: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا». متفق عليه (¬1). - حكم الأعياد المحدثة: أعياد الميلاد الفردية، وغيرها من المناسبات كأول يوم من السنة الهجرية، أو الميلادية، أو ليلة الإسراء، أو ليلة النصف من شهر شعبان، أو يوم المولد النبوي، أو عيد الأم، وغيرها مما انتشر في أوساط كثير من المسلمين، فكلها بدع محدثة مردودة، ومن فعلها، أو أقرها، أو دعا إليها، أو أنفق عليها فهو آثم وعليه وزرها، ووزر من عمل بها. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (952)، واللفظ له، ومسلم برقم (892).

6 - صلاة الكسوف والخسوف

6 - صلاة الكسوف والخسوف - الخسوف: ذهاب ضوء القمر أو بعضه ليلاً. - الكسوف: انحجاب ضوء الشمس أو بعضه نهاراً. - حكم صلاة الخسوف والكسوف: صلاة الخسوف والكسوف سنة مؤكدة، على كل مسلم ومسلمة، في الحضر والسفر. - معرفة وقت الكسوف والخسوف: الخسوف والكسوف له أوقات مقدرة كما لطلوع الشمس والهلال وقت مقدر، وقد أجرى الله العادة أن وقت الكسوف يكون في نهاية الشهر، ووقت خسوف القمر يكون وقت الإبدار في الليالي البيض. - أسباب الكسوف والخسوف: إذا كسفت الشمس، أو خسف القمر فزع الناس إلى الصلاة في المساجد، أو البيوت، والمساجد أفضل، فالزلازل لها أسباب، والصواعق لها أسباب، والبراكين لها أسباب، والكسوف والخسوف لهما أسباب طبيعية يقدرها الله حتى تكون هذه المسببات، والحكمة: تخويف العباد؛ ليرجعوا إلى الله. - وقتها: من ابتداء الكسوف أو الخسوف إلى ذهابه. - صفة صلاة الكسوف: صلاة الكسوف والخسوف ليس لها أذان ولا إقامة، لكن يُنَادَى لها ليلاً أو نهاراً بلفظ: (الصلاة جامعة) مرة أو أكثر. فيكبر الإمام ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة جهراً، ثم يركع ركوعاً طويلاً، ثم يرفع من الركوع قائلاً: (سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد) ولا يسجد، ثم يقرأ الفاتحة ثم سورة أقصر من الأولى، ثم يركع أقل من الركوع الأول، ثم يرفع، ثم

يسجد سجدتين طويلتين، الأولى أطول من الثانية، بينهما جلوس، ثم يقوم ويأتي بركعة ثانية على هيئة الأولى، لكنها أخف، ثم يتشهد ويسلم. - صفة خطبة الكسوف: يسن أن يخطب الإمام بعدها خطبة يعظ فيها الناس، ويذكرهم بأمر هذا الحدث الجلل العظيم لترق قلوبهم، ويأمرهم بالإكثار من الدعاء، والاستغفار. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي، فَأطَالَ القِيَامَ جِدّاً، ثُمَّ رَكَعَ فَأطَالَ الرُّكُوعَ جِدّاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأطَالَ القِيَامَ جِدّاً، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأطَالَ الرُّكُوعَ جِدّاً، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ. ثُمَّ قَامَ فَأطَالَ القِيَامَ، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأطَالَ الرُّكُوعَ، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ، فَأطَالَ القِيَامَ، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأطَالَ الرُّكُوعَ، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ الله وَأثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قال: «إنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ مِنْ آيَاتِ الله، وَإنَّهُمَا لا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، فَإذَا رَأيْتُمُوهُمَا فَكَبِّرُوا، وَادْعُوا الله وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا، يَا أمَّةَ مُحَمَّدٍ! إنْ مِنْ أحَدٍ أغْيَرَ مِنَ الله أنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أوْ تَزْنِيَ أمَتُهُ، يَا أمَّةَ مُحَمَّدٍ! وَالله! لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلا، ألا هَلْ بَلَّغْتُ؟». متفق عليه (¬1). - قضاء صلاة الكسوف: تُدرك الركعة في صلاة الكسوف بإدراك الركوع الأول من كل ركعة، ولا تُقضى صلاة الكسوف إن فاتت إذا انجلى الكسوف. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1044)، ومسلم برقم (901) واللفظ له.

- إذا انجلى الكسوف وهم في الصلاة أتموها خفيفة، وإن صلوا ولم ينجل الكسوف أكثروا من الدعاء والتكبير والصدقة حتى ينكشف ما بهم. - فقه آية الكسوف: ظاهرة الكسوف تدفع النفس إلى إخلاص التوحيد للهِ، والإقبال على الطاعة، والبعد عن المعاصي والذنوب، والخوف من الله، والعودة إليه. 1 - قال الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)} [الإسراء/59]. 2 - وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ الله يُخَوِّفُ الله بِهِمَا عِبَادَهُ، وَإنَّهُمَا لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَإذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمَا شَيْئاً فَصَلُّوا وَادْعُوا الله حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ». متفق عليه (¬1). - حكم صلاة الآيات: تشرع صلاة الآيات أربع ركعات وأربع سجدات، في كل ركعة ركوعان وسجدتان، والآيات كالزلازل والطوفان والبراكين والكوارث ونحوها. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1041)، ومسلم برقم (911) واللفظ له.

7 - صلاة الاستسقاء

7 - صلاة الاستسقاء - معنى الاستسقاء: الاستسقاء: هو الدعاء بطلب السقيا من الله تعالى على صفة مخصوصة. - حكم صلاة الاستسقاء: صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة، وتصلى في كل وقت إلا في أوقات النهي، والأفضل أن تصلى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح. - حكمة مشروعية صلاة الاستسقاء: إذا أجدبت الأرض، واحتبس المطر شُرعت صلاة الاستسقاء، ويخرج لها المسلمون في الصحراء متبذلين، خاشعين، متذللين، متضرعين، متواضعين، رجالاً، ونساءً، وصبياناً. ويُحدد لهم الإمام يوماً يخرجون فيه لصلاة الاستسقاء. - أنواع الاستسقاء: الاستسقاء يكون: إما بصلاة الاستسقاء جماعة، وهذه أفضلها وأكملها، أو بالدعاء في خطبة الجمعة، أو بالدعاء من غير صلاة ولا خطبة. - صفة صلاة الاستسقاء: يتقدم الإمام ويصلي بالمسلمين ركعتين بلا أذان ولا إقامة، يكبر في الأولى سبعاً بتكبيرة الإحرام، ثم يقرأ الفاتحة وسورة من القرآن جهراً، ثم يركع ويسجد، ثم يقوم فيكبر في الركعة الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام، ثم يقرأ الفاتحة وسورة من القرآن جهراً، فإذا صلى الركعتين تشهد، ثم سلم. - وقت الخطبة: السنة أن يخطب الإمام قبل صلاة الاستسقاء. 1 - عن عباد بن تميم عن عمه قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خرج يستسقي قال: فَحَوَّلَ

إلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالقِرَاءَةِ. متفق عليه (¬1). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر - صلى الله عليه وسلم - وحمد الله عز وجل، ثم قال: «إنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ .. » ... ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين. أخرجه أبو داود (¬2). - صفة خطبة الاستسقاء: يَخطب الإمام خطبة واحدة قبل الصلاة قائماً، يحمد الله تعالى ويكبره، ويستغفره، ويقول ما ثبت في السنة، ومنه: «إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ وَقَدْ أَمَرَكُمُ الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَدْعُوهُ وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ» ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لَا إِلَهَ إِلَّا الله يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الله لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ». أخرجه أبو داود (¬3). «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا». متفق عليه (¬4). «اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا». أخرجه البخاري (¬5). «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً، مُغِيثاً، مَرِيئاً، مَرِيعاً، نَافِعاً غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ». أخرجه أبو داود (¬6). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1025)، واللفظ له، ومسلم برقم (894). (¬2) حسن/أخرجه أبو داود برقم (1173). (¬3) حسن/أخرجه أبوداود برقم (1173). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1014)، ومسلم برقم (897). (¬5) أخرجه البخاري برقم (1013). (¬6) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1169).

«اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبِهَائِمَكَ وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأحْيِ بَلَدَكَ المَيِّتَ». أخرجه مالك وأبو داود (¬1). - وإذا كثر المطر وخيف الضرر سُن أن يقول: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالجِبَالِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». متفق عليه (¬2). - المطر حديث عهد بربه، والسنة إذا نزل المطر أن يحسر ثوبه ليصيب المطر بعض بدنه قائلاً: «اللهم صَيِّباً نَافِعاً». أخرجه البخاري (¬3). - ويقول بعد نزول المطر: «مُطِرْنَا بِفَضْلِ الله وَرَحْمَتِهِ». متفق عليه (¬4). - إذا استسقى الإمام فالسنة أن يرفع يديه ويرفع الناس أيديهم، ويؤمِّنون على دعاء الإمام أثناء الخطبة. - ما يفعل بعد الخطبة: إذا فرغ الإمام من الخطبة استقبل القبلة يدعو، ثم يحول رداءه فيجعل الأيمن على الأيسر، ويرفع الناس أيديهم يدعون، ثم يصلي بهم صلاة الاستسقاء ركعتين كما سبق. - طلب السقيا بالاستغفار: قال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} ... [نوح/10 - 12]. ¬

(¬1) حسن/أخرجه مالك في الموطأ برقم (449)، وأخرجه أبو داود برقم (1176)، وهذا لفظه. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1013)، واللفظ له، ومسلم برقم (897). (¬3) أخرجه البخاري برقم (1032). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1038)، ومسلم برقم (71).

8 - صلاة الضحى

8 - صلاة الضحى - صلاة الضحى سنة، أقلها ركعتان، ولا حد لأكثرها. - وقتها: بعد ارتفاع الشمس قيد رمح (متر) أي بعد (خمس عشرة دقيقة) تقريباً إلى قبيل الزوال، وأفضل وقتها إذا اشتد الحر حين تَرْمَض الفصال. - فضل صلاة الضحى: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أَوْصَانِي خَلِيلِي - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاثٍ: صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوْتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ. متفق عليه (¬1). 2 - وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قال: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلامَى مِنْ أحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى». أخرجه مسلم (¬2). 3 - وعَنْ زَيْد بْن أَرْقَم رضي الله عنه أَنّه رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى فَقَالَ: أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ». أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1981)، واللفظ له، ومسلم برقم (721). (¬2) أخرجه مسلم برقم (720). (¬3) أخرجه مسلم برقم (748).

9 - صلاة الاستخارة

9 - صلاة الاستخارة - الاستخارة: هي طلب الخيرة من الله تعالى في أمر من الأمور الواجبة، أو المندوبة إذا تعارضت، أو المباحة إذا لم تظهر مصلحتها. - حكم الاستخارة: صلاة الاستخارة سنة، وهي ركعتان، ودعاء الاستخارة يكون قبل السلام أو بعده، والدعاء قبل السلام أفضل، ويجوز للمستخير أداء هذه العبادة أكثر من مرة، في أوقات مختلفة، ويفعل ما ينشرح به صدره مما لم يكن له فيه هوىً قبل الاستخارة. - الاستخارة والاستشارة تكون لمن هَمَّ في أمر غير محرم ولا مكروه، وهما مستحبتان، فما ندم من استخار الخالق واستشار المخلوق كما قال سبحانه: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران/159]. - صفة الاستخارة: عن جابر رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ: «إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وآجِلِهِ- قَاقْدُرْهُ لِي. وَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ». أخرجه البخاري (¬1). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6382).

سجود التلاوة - حكم سجود التلاوة: سجود التلاوة سنة في الصلاة وخارجها، ويسن سجود التلاوة للقارئ والمستمع في كل وقت، وإذا لم يسجد القارئ لم يسجد المستمع. - عدد السجدات في القرآن: في القرآن خمس عشرة سجدة: في سورة الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، وفي الحج سجدتان، والفرقان، والنمل، والسجدة، وص، وفصلت، والنجم، والانشقاق، والعلق. - آيات السجود في القرآن نوعان: أخبار وأوامر، فهي إما خبر من الله عن سجود مخلوقاته له عموماً وخصوصاً، فيسن للتالي والمستمع أن يتشبه بهم. وإما آيات تأمر بالسجود للهِ سبحانه فيبادر لطاعة ربه عز وجل. - صفة سجود التلاوة: سجود التلاوة سجدة واحدة، يُكبر إذا سجد وإذا رفع في الصلاة، وإذا سجد خارج الصلاة سجد بلا قيام، ولا تكبير، ولا تشهد، ولا تسليم. - فضل سجود التلاوة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ، -وَفِي رِوَايَةٍ- يَا وَيْلِي أُمِرَ ابْنُ

آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنّةَ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِي النَّارُ». أخرجه مسلم (¬1). - إذا سجد الإمام لزم المأموم متابعته، ولا يكره للإمام قراءة آية أو سورة فيها سجدة في صلاة سرية. - ما يقول في سجود التلاوة: يقول في سجود التلاوة ما يقول في سجود الصلاة من الذكر والدعاء. - يسن السجود للتلاوة على طهارة، ويجوز للمحدث، والجنب، والحائض، والنفساء السجود للتلاوة إذا مرّوا بآية سجدة. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (81).

سجود الشكر - متى يشرع سجود الشكر؟: 1 - يسن سجود الشكر عند تجدد النعم كمن بُشِّر بهداية أحد، أو إسلامه، أو بنصر المسلمين، أو بُشِّر بمولود ونحو ذلك. 2 - ويسن سجود الشكر عند اندفاع النقم كمن نجا من غرق، أو حرق، أو قتل، أو لصوص ونحو ذلك. - صفة سجود الشكر: سجود الشكر سجدة واحدة بلا تكبير ولا تسليم، ومحله خارج الصلاة، ويسجد حسب حاله قائماً أو قاعداً، طاهراً أو محدثاً، والطهارة أفضل. عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتاه أمر يَسُرُّه، أو يُسَرُّ به خَرَّ ساجداً شكراً للهِ تبارك وتعالى. أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). - ما يقول في سجود الشكر: يقول في سجود الشكر ما يقول في سجود الصلاة من الذكر والدعاء. ¬

(¬1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (2774)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1394)، وهذا لفظه.

3 - كتاب الجنائز

العبادات 3 - كتاب الجنائز ويشتمل على ما يلي: 1 - الموت وأحكامه 2 - غسل الميت 3 - تكفين الميت 4 - صفة الصلاة على الميت 5 - حمل الميت ودفنه 6 - التعزية 7 - زيارة القبور

1 - الموت وأحكامه

3 - كتاب الجنائز 1 - الموت وأحكامه - أحوال الإنسان: الإنسان يركب طبقاً بعد طبق، ويتحول من حال إلى حال، سواء كان في الزمان .. أو المكان .. أو الأبدان .. أو القلوب. 1 - فأحوال الزمان تتقلب على الإنسان من أمن إلى خوف، ومن صحة إلى سقم، ومن سلم إلى حرب، ومن خصب إلى جدب، ومن فرح إلى حزن ونحو ذلك من التقلبات. 2 - وأحوال المكان ينتقل الإنسان فيها كل يوم من منزل إلى منزل، ومن مكان إلى مكان، ومن بطن الأم إلى الدنيا، ومن الدنيا إلى القبر، ومن القبر إلى الحشر، إلى أن تنتهي به المنازل في دار القرار في الجنة أو النار. 3 - وأحوال الأبدان يَرْكب الإنسان فيها طبقاً عن طبق، فيكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم طفلاً، ثم شاباً، ثم هرماً، ثم يموت. 4 - وأحوال القلوب عجيبة، فتارة تتعلق بالله، وتارة تتعلق بالدنيا، وتارة تتعلق بالأموال، وتارة تتعلق بالنساء، والقصور ونحو ذلك وأعظم تعلقات القلب أن يكون معلقاً بالله عز وجل، فيستخدم الدنيا من أجل تحقيق العبودية لله تعالى. وهذه أعظم الأحوال الأربعة، فعلى الإنسان أن يتفقد قلبه؛ ليحفظه من التعلق بغير الله، ويزكيه ويشغله بذكر الله وطاعته وعبادته. - أجل الموت: الموت: هو مفارقة الحياة بخروج الروح من البدن. والبقاء لله وحده، وقد كتب الله الموت والفناء على كل مخلوق.

فالإنسان مهما طال أجله فلا بد أن يموت، وينتقل من دار العمل إلى دار الجزاء، والقبر أول منازل الآخرة. 1 - قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)} [الجمعة/ 8]. 2 - وقال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)} [آل عمران/185]. 3 - وقال الله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن/26 - 27]. 4 - وقال الله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء/78]. - ما يجب على المريض: يجب على المريض أن يؤمن بقضاء الله، ويصبر على قدره، ويحسن الظن بربه، ولا يتمنى الموت، وأن يؤدي حقوق الله تعالى، وحقوق الناس، وأن يكتب وصيته، ويسن أن يوصي لأقاربه الذين لا يرثونه بالثلث فأقل وهو الأفضل، وأن يتداوى بمباح، ويطلب الشفاء من الله. وتسن عيادة المريض، وتذكيره التوبة والوصية، ويتداوى عند طبيب مسلم لا كافر، إلا إذا احتاج إليه، وأمن مكره. والسنة أن يشكو المريض حاله إلى ربه، وله أن يصف حاله لغيره على وجه الإخبار، لا على وجه التسخط. - ما يقوله من أيس من حياته: عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول قبل أن يموت، وهو مسند إلى صدرها، وأصغت إليه وهو يقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ.». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4440)، ومسلم برقم (2444)، واللفظ له.

- حكم تمني الموت: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإنْ كَانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّياً لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْراً لِي، وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْراً لِي». متفق عليه (¬1). - صفة الاستعداد للموت: يجب على المسلم أن يستعد للموت ويكثر من ذكره، والاستعداد للموت يكون بالتوبة من المعاصي، وإيثار الآخرة، والخروج من المظالم، والإقبال على الله بالطاعات، واجتناب المحرمات. - حكم تلقين الميت: من حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا مرض، ويتبع جنازته إذا مات. ويسن لمن شهد مَنْ حضرته الوفاة أن يُلقنه الشهادة، فَيذكِّره بقول: «لا إله إلا الله»، وأن يدعو له، ولا يقول في حضوره إلا خيراً. ولا بأس أن يحضر المسلم وفاة الكافر ليعرض عليه الإسلام، ويقول له: «قل لا إله إلا الله». - علامات حسن الخاتمة: 1 - نطق الميت بالشهادة عند الموت. 2 - موت المؤمن بعرق الجبين. 3 - الاستشهاد أو الموت في سبيل الله. 4 - الموت مرابطاً في سبيل الله. 5 - الموت دفاعاً عن نفسه، أو ماله، أو أهله. 6 - الموت بذات الجنب، أو بداء السل. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6351)، واللفظ له، ومسلم برقم (2680).

7 - الموت بالطاعون، أو بداء البطن، أو الغرق، أو الحرق، أو الهدم. 8 - موت المرأة في نفاسها بسبب الولادة ونحو ذلك. 9 - الموت على عمل صالح. وكل ذلك ثابت في الأحاديث النبوية الصحيحة. - فقه الموت: يجب على المسلم أن يتذكر دائماً الموت لا على أنه فراق للأهل والأحباب ولذات الدنيا، فهذه نظرة قاصرة، بل على أن الموت فيه فراق للعمل والحرث للآخرة، وبهذا يستعد ويزيد في عمل الآخرة، والإقبال على الله تعالى، أما النظرة الأولى فتزيده حسرة وندماً، وإذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له فيها حاجة. - ويجب على المسلم أن يحسن الظن بالله تعالى عند الموت، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِالله عَزَّ وَجَلَّ». أخرجه مسلم (¬1). - علامات الموت: يُعرف موت الإنسان بانخساف صدغيه، وميل أنفه، وانفصال كفيه، واسترخاء رجليه، وشخوص بصره، وبرودته، وانقطاع نَفَسِهِ. - ما يفعل بالمسلم إذا مات: 1 - إذا مات المسلم سُن تغميضُ عينيه، ويدعو عند تغميضه بقوله: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِفُلانٍ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي المَهْدِيِّينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ». أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2877). (¬2) أخرجه مسلم برقم (920).

ثم يشد لحييه بعصابة، ويلين مفاصله برفق، ويرفعه من الأرض، ويخلع ثيابه، ويستره بثوب يستر جميع بدنه، ثم يغسله. 2 - وتسن المبادرة بقضاء دَيْنه، وتَنفيذ وصيته، وإسراع تجهيزه، والصلاة عليه، ودفنه في البلد الذي مات فيه، ويجوز لمن حضره ولغيرهم كشف وجه الميت، وتقبيله، والبكاء عليه. - يجب قضاء حقوق الله تعالى عن الميت إن كانت كالزكاة والنذر والكفارة، وحجة الإسلام، وتُقدَّم على حقوق الورثة في التركة، وعلى الديون، فالله أحق بالوفاء، ونفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. - يجب على الزوجة أن تُحِدَّ على زوجها إذا مات أربعة أشهر وعشراً، ويجوز للمرأة أن تُحِدَّ على وفاة ولدها أو غيره ثلاثة أيام. قال الله تعالى: { ... وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة/ 234]. - يحرم على أقارب الميت وغيرهم النياحة على الميت، وهي أمر زائد على البكاء، والميِّت يُعذب في قبره بما نِيح عليه، ويحرم عند المصيبة لطم الخدود، وشق الجيوب، وحلق ونشر الشعر. - حكم إعلام الناس بمن مات: يسن إعلام الناس بموته ليشهدوا جنازته والصلاة عليه ودفنه. ويحرم النعي: وهو الإعلام بوفاة الميت على وجه التفاخر والتباهي ونحوهما. - ما يقوله ويفعله المصاب عند المصيبة: يجب على أقارب الميت وغيرهم إذا علموا بموته الصبر، ويسن لهم الرضا بالقدر، والاحتساب، والاسترجاع. 1 - عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيْبُهُ مُصِيْبَةٌ فَيَقُولُ: إنَّا للهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجُرْنِي فِي

مُصِيْبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْراً مِنْهَا إلَّا أَجَرَهُ الله فِي مُصِيْبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْراً مِنْهَا». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنَ النَّاسِ مِنْ مُسْلِمٍ يُتَوَفَّى لَهُ ثَلاثةٌ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ إلَّا أَدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إيَّاهُمْ». أخرجه البخاري (¬2). - الصبر هو حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والجوارح عن المحرم كلطم الخد وشق الثوب ونحوهما. - حكم تشريح جثة الميت: يجوز تشريح جثة المسلم إن كان الغرض منه التحقق من دعوى جنائية، أو التحقق عن أمراض وبائية؛ لما في ذلك من المصالح التي تعود على الأمن والعدل، ووقاية الأمة من الأمراض الخطيرة المعدية، وإن كان التشريح لغرض التعلم والتعليم فالمسلم له كرامته حياً وميتاً، فيُكتفى بتشريح جثث غير المسلمين إلا عند الضرورة بشروطها. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (918). (¬2) أخرجه البخاري برقم (1248).

2 - غسل الميت

2 - غسل الميت - من يغسل الميت؟: 1 - السنة أن يُغسِّل الميت أعرف الناس بسنة الغسل، وله أجر عظيم إذا ابتغى بذلك وجه الله وستر عليه، ولم يحدِّث بما رآه منه من مكروه. 2 - الأَوْلى بغسل الرجل عند المشاحة وصيُّه، ثم أبوه، ثم جده، ثم الأقرب فالأقرب من عصباته، ثم ذوو أرحامه، والأنثى وصيتها، ثم أمها، ثم جدتها، ثم الأقرب فالأقرب وهكذا، ويجوز لكل من الزوجين غسل صاحبه، ويجزئ غسل الميت ذكراً كان أو أنثى مرة واحدة يعم جميع بدنه. - يَحضر غسل الميت الغاسل ومن يُعينه على الغسل، ويكره لغيرهم حضوره. - حكم غسل الحرقى: 1 - إذا اجتمع مسلمون وكفار وماتوا بحرق ونحوه ولم يمكن تمييزهم غُسِّلوا، وكُفِّنوا، وصُلِّي عليهم، ودفنوا بنية المسلمين منهم. 2 - من تعذر غسله لاحتراق، أو تمزق ونحوهما، أو عُدِم الماء، كُفِّن بلا غسل، ولا وضوء، ولا تيمم، وَصُلِّي عليه، وتصح الصلاة على بعض أجزاء الميت كيد، ورجل ونحوهما إذا تعذر الحصول على بقية البدن. - يجوز لرجل وامرأة غسل من له سبع سنين ذكراً كان أو أنثى، وإذا مات رجل بين نسوة أجانب، أو ماتت امرأة بين رجال أجانب، أو تعذر غسله، صُلي عليه ودفن بلا غسل. - شهيد المعركة في سبيل الله لا يُغَسَّل، وما سواه من الشهداء يُغسَّل. - حكم غسل الكافر: يحرم أن يُغَسِّل مسلم كافراً، أو يكفنه، أو يصلي عليه، أو يَتْبَع جنازته، أو يدفنه، بل يواريه بالتراب إذا عُدِمَ من يواريه من أقاربه، ولا يشرع لأقارب المشرك من

المسلمين أن يَتْبَعوا جنازته. - صفة الغسل المسنون للميت: إذا أراد أحد غسل الميت وضعه على سرير الغسل، ثم ستر عورته، ثم جَرَّده من ثيابه، ثم رفع رأسه إلى قرب جلوسه، ثم يعصر بطنه برفق ويكثر صب الماء، ثم يلف على يده خرقة أو قفازين وينجِّيه. ثم ينوي غسله، ويوضئه ندباً كوضوء الصلاة بعد أن يضع على يده خرقة أخرى، ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه، لكن يدخل أصبعيه مبلولتين في أنفه وفمه. ثم يغسله بالماء والسدر أو الصابون يبدأ برأسه ولحيته، ثم شقه الأيمن من عنقه إلى قدمه. ثم يقلبه على جنبه الأيسر، ويغسل شق ظهره الأيمن، ثم يغسل جانبه الأيسر كذلك. ثم يغسله مرة ثانية وثالثة مثل الغسل الأول فإن لم ينق زاد حتى ينقي وتراً، ويجعل في الغسلة الأخيرة مع الماء كافوراً أو طيباً، وإن كان شاربه طويلاً، أو أظافره طويلة أَخَذ منها، ثم يُنَشَّف بثوب. والمرأة يُجعل شعرها ثلاثة قرون، ويُسدل من ورائها. وإن خرج منه شيء بعد الغسل غَسَل المحل ووضأه، وحشى المحل بقطن.

3 - تكفين الميت

3 - تكفين الميت - يجب تكفين الميت من ماله، فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته من الأصول والفروع. - صفة تكفين الميت: يسن أن يكفن الرجل في ثلاث لفائف بيض جديدة، تُجمَّر بالبخور ثلاثاً، ثم تبسط بعضها فوق بعض، ويجعل الحنوط وهو أخلاط من الطيب فيما بين اللفائف. ثم يوضع الميت على اللفائف مستلقياً على ظهره، ويجعل من الحنوط في قطن بين إليتيه، ويشد فوقه خرقة على هيئة سروال صغير يستر عورته، ويطيَّب ذلك مع سائر بدنه. ثم يرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن، ثم يرد طرفها الأيمن على الأيسر فوقها، ثم الثانية كذلك، ثم الثالثة كذلك. ويجعل الفاضل عند رأسه، أو عند رأسه ورجليه إن زاد. ثم يعقد عرضاً على اللفائف أحزمة لئلا تنتشر، وَتُحلُّ في القبر، والمرأة كالرجل فيما سبق، ويكفن الصبي في ثوب واحد، ويجوز في ثلاثة أثواب. عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ. متفق عليه (¬1). - يجب تكفين الميت بثوب واحد يستر جميع بدنه، والسنة أن يكون بثلاثة أثواب. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1264)، واللفظ له، ومسلم برقم (941).

- صفة تكفين الشهيد: شهيد المعركة في سبيل الله يُدفن في ثيابه التي استشهد فيها، ولا يغسل، ويستحب تكفينه بثوب أو أكثر فوق ثيابه. - صفة تكفين المحرم: المُحْرِم إذا مات يُغَسَّل بماء وسدر أو صابون، ولا يُقَرَّب طيباً، ولا يُلبس مخيطاً، ولا يُغطى رأسه إن كان رجلاً؛ لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً على حالته، ولا يقضى عنه بقية النسك، ويكفن في ثوبيه الذي مات فيهما. - السقط إذا مات وله أربعة أشهر غُسِّل، وكُفِّن، وَصُلِّي عليه. - إذا خرج من الميت بعد تكفينه نجاسة لم يُعد الغسل ولا الوضوء؛ لما فيه من الحرج والمشقة.

4 - صفة الصلاة على الميت

4 - صفة الصلاة على الميت - فقه الجنائز: شهود الجنازة واتباعها فيه فوائد جمة أهمها: أداء حق الميت بالصلاة عليه، والشفاعة فيه والدعاء له، وأداء حق أهله، وجبر خاطرهم عند مصيبتهم في ميتهم، وتحصيل الأجر العظيم للمشيع، وحصول العظة والاعتبار بمشاهدة الجنائز والمقابر وغير ذلك. - حكم صلاة الجنازة: صلاة الجنازة فرض كفاية، وهي زيادة في أجر المصلين، وشفاعة في حق الميتين، ويستحب كثرة المصلين عليها، وكلما كان المصلون أكثر وأتقى فهو أفضل. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً، لا يُشْرِكُونَ بِالله شَيْئًا إلا شَفَّعَهُمُ الله فِيهِ». أخرجه مسلم (¬1). - صفة الصلاة على الميت: 1 - يتوضأ من أراد الصلاة على الميت، ويستقبل القبلة، ويجعل الجنازة بينه وبين القبلة. 2 - السنة أن يقوم الإمام عند رأس الرجل الميت، وعند وسط المرأة، ويكبر أربعاً، وأحياناً يكبر خمساً، أو ستاً، أو سبعاً، أو تسعاً، خاصة على أهل العلم والفضل، والصلاح والتقوى، ومَنْ لهم قدم صدق في الإسلام، يفعل هذا مرة، وهذا مرة، إحياء للسنة. 3 - يكبر التكبيرة الأولى رافعاً يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه، ثم يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى على صدره ولا يستفتح، ثم يتعوذ، ويسمي، ويقرأ الفاتحة سراً، وأحياناً يقرأ معها سورة. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (948).

4 - ثم يكبر الثانية ويقول: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». متفق عليه (¬1). 5 - ثم يكبر الثالثة ويدعو بإخلاص بما ورد، ومنه: 1 - «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإسْلامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإيمَانِ، اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬2). 2 - «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ (أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ)». أخرجه مسلم (¬3). 3 - «اللَّهُمَّ إنَّ فُلانَ بْنَ فُلانٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الوَفَاءِ وَالحَقِّ، فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬4). - وإن كان الميت صغيراً دعا بالدعاء الأول ثم يقول: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا سَلَفًا، وَفَرَطاً، وَأَجْراً، وَذُخْراً». أخرجه البيهقي (¬5). 6 - ثم يكبر الرابعة، ثم يسلم واحدة عن يمينه، وإن سلم ثانية عن يساره أحياناً فلا بأس. - من فاته شيء من التكبير قضاه على صفته، ويكون ما أدركه معه هو أول صلاته ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3370)، واللفظ له، ومسلم برقم (406). (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3201)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1498)، وهذا لفظه. (¬3) أخرجه مسلم برقم (963). (¬4) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3202)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1499)، وهذا لفظه. (¬5) حسن/أخرجه البيهقي برقم (6794)، انظر أحكام الجنائز للألباني ص (161).

فيقرأ الفاتحة ثم يكمل صلاته، وإن خشي رفعها تابع التكبيرثم سلم، وإن لم يقضه وسلم مع الإمام فصلاته صحيحة إن شاء الله تعالى. - رفع اليدين في التكبيرة الأولى على الجنازة سنة، وأما رفعها في باقي التكبيرات فيرفع تارة، ويترك تارة، ويكون الترك أكثر. - كيفية صف الجنائز أمام الإمام: السنة أن يُصلَّى على الميت جماعة، وألّا تنقص الصفوف عن ثلاثة، وإذا اجتمعت جنائز فيسن أن يلي الإمام الرجال، ثم الأطفال، ثم النساء، ويُصلَّى عليهم صلاة واحدة، ويجوز أن يُصلَّى على كل جنازة صلاة. - صفة الدعاء في صلاة الجنازة: يكون الدعاء في صلاة الجنازة على حسب الميت، فالرجل كما سبق، ويُؤَنَّثُ الضمير مع الأنثى، ويُجْمَع الضمير إذا تعددت الجنائز، وإن كن نساء قال: اللهم اغفر لهن وهكذا، وإن كان لا يعلم المقدم ذكراً أو أنثى، جاز أن يخاطب الميت أو الجنازة فيقول: اللهم اغفر له، أو اغفر لها. - حكم الصلاة على الشهيد: شهداء المعركة في سبيل الله الإمام مخير فيهم، إن شاء صلى عليهم، وإن شاء ترك، والصلاة أفضل، ويدفنون في مصارعهم. وما سواهم من الشهداء كالغريق، والحريق ونحوهم فهم شهداء في ثواب الآخرة، لكن يُغَسَّلون، ويُكَفَّنون، ويُصَلَّى عليهم كغيرهم. - من يُصلى عليه صلاة الجنازة: 1 - تشرع الصلاة على الميت المسلم، بَرَّاً كان أو فاجراً، لكن تارك الصلاة أبداً لا يُصلى عليه. 2 - قاتل نفسه والغال من الغنيمة للإمام أو نائبه ألّا يصلي عليهما؛ عقوبة لهما،

وزجراً لغيرهما، ويصلي عليهما المسلمون. 3 - المسلم الذي أقيم عليه حد الرجم، أو القصاص، يُغَسَّل، ويُصلى عليه صلاة الجنازة. - فضل الصلاة على الجنازة واتباعها حتى تدفن: السنة اتباع الجنازة إيماناً واحتساباً حتى يُصلى عليها ويُفرغ من دفنها، واتباع الجنائز للرجال دون النساء، ولا تُصحب الجنازة بصوت، ولا نار، ولا قراءة، ولا ذكر. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيْرَاطَينِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ». متفق عليه (¬1). - مكان الصلاة على الجنائز: السنة أن يُصلَّى على الجنائز في مكان معد للصلاة على الجنائز وهو الأفضل، ويجوز أن يُصلَّى عليها في المسجد أحياناً، ومن فاتته الصلاة عليها في أحدهما صلى عليها حيث أدركها في المقبرة أو خارجها، ومن دُفن ولم يصل عليه صُلِّي عليه في قبره. - إذا مات الميت وأنت أهل للصلاة، ومخاطب بالصلاة عليه، ولم تصل عليه صلاة الجنازة فالسنة أن تصلي عليه في قبره. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ فَسَأَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ، فقَالَ: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ أَوْ قَالَ قَبْرِهَا» فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا. متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (47)، واللفظ له، ومسلم برقم (945). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (458)، واللفظ له، ومسلم برقم (956).

- حكم الصلاة على الغائب: تسن صلاة الجنازة على الغائب الذي مات ولم يُصَلَّ عليه. عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ فِي اليَومِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَخَرَجَ بِهِمْ إلَى المُصَلَّى، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيراتٍ. متفق عليه (¬1). - حكم تعجيل الجنازة: السنة الإسراع بتجهيز الجنازة، والصلاة عليها، والذهاب بها إلى المقبرة، ودفنها. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَسْرِعُوا بِالجَنَازَةِ، فَإنْ تَكُ صَالِحَةً، فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ». متفق عليه (¬2). - المرأة كالرجل إذا حضرت الجنازة في المصلى، أو المسجد فإنها تصلي عليها مع المسلمين، ولها من الأجر مثل ما للرجل في الصلاة والتعزية. - ما يقوله الميت إذا حُمل إلى القبر: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِي وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ». أخرجه البخاري (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1327)، ومسلم برقم (951) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1315)، واللفظ له، ومسلم برقم (944). (¬3) أخرجه البخاري برقم (1314).

5 - حمل الميت ودفنه

5 - حمل الميت ودفنه - صفة حمل الميت: يحمل الميت الرجال دون النساء، ويسن أن يكون المشاة أمامها وخلفها، والركبان خلفها، فإن كانت المقبرة بعيدة، أو وجدت مشقة فلا بأس بحملها على الراحلة. - مكان دفن المسلم: يدفن المسلم في مقابر المسلمين رجلاً كان أو امرأة، كبيراً أو صغيراً، ولا يجوز دفنه في مسجد ولا في مقابر المشركين ونحوها. - صفة دفن الميت: يجب تعميق القبر وتوسيعه وتحسينه، فإذا بلغ أسفل القبر حفر فيه مما يلي القبلة مكاناً بقدر الميت يوضع فيه الميت يسمى (اللحد)، وهو أفضل من الشق، ويقول مُدْخِله: «باِسْمِ الله، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ الله -وفي رواية- وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). ويضعه في لحده على شقه الأيمن مستقبل القبلة، ثم ينصب اللبن عليه نصباً، ويشرك بينها بالطين، ثم يدفن بالتراب، ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر مُسَنَّماً. - حكم البناء على القبر: يحرم البناء على القبر وتجصيصه والوطء عليه، والصلاة عنده، واتخاذه مسجداً وإيقاد السرج عليه، ونثر الورود عليه، والطواف به، والكتابة عليه، واتخاذه عيداً. ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3213)، وأخرجه الترمذي برقم (1046).

- حكم بناء المسجد على القبر: لا يجوز بناء مسجد على قبر، ولا يجوز دفن ميت في مسجد، فإن كان المسجد بني قبل الدفن سُوِّيَ القبر، أو نُبِش إن كان جديداً ودُفِن في المقبرة، وإ ن بني المسجد على القبر فإما أن يزال المسجد، وإما أن تزال صورة القبر، وكل مسجد بني على قبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل. - السنة أن يُعمَّق القبر تعميقاً يمنع خروج الريح منه، وحفر السباع له، وأن يكون في أسفله لحداً كما سبق وهو الأفضل، أو الشق: وهو أن يحفر في قاع القبر حفرة في الوسط، يوضع فيها الميت، ثم ينصب عليه اللبن، ثم يدفن. - السنة دفن الميت نهاراً، ويجوز الدفن ليلاً. - صفة دفن الأموات: لا يجوز أن يدفن في القبر أكثر من واحد إلا لضرورة ككثرة القتلى، وقلة من يدفنهم، ويقدم في اللحد الأفضل منهم، ولا يشرع لأحد أن يحفر قبره قبل أن يموت، ولا أن يعد كفنه. - حكم نقل الميت من قبره: يجوز نقل الميت من قبره إلى قبر آخر إن كان هناك مصلحة للميت كأن يغمر قبره الماء، ويجب نقله إذا دفن في مسجد أو قُبر في مقابر الكفار ونحو ذلك، فالقبور دار الأموات ومنازلهم، ومحل زيارتهم، وهم قد سبقوا إليها، فلا يحل نبشهم من قبورهم إلا لمصلحة الميت. - من يتولى إنزال الميت: يتولى إنزال الميت في قبره الرجال دون النساء، وأولياء الميت أحق بإنزاله، ويتولى إنزال المرأة من لم يجامع أهله في تلك الليلة، ويسن أن يُدخل الميت

في قبره من عند رجلي القبر،، ثم يُدخل رأسه سَلًّا في القبر، ويجوز إدخال الميت القبر من أيِّ جهة، ويحرم كسر عظم الميت. - حكم اتباع النساء الجنائز: لا يجوز للنساء اتباع الجنائز؛ لما عندهن من الضعف، والرقة، والجزع، وعدم تحمل المصائب، فيخرج منهن أقوال وأفعال محرمة تنافي الصبر الواجب. - حكم تعليم القبر بعلامة: يسن لولي الميت أن يُعلم قبره بحجر ونحوه؛ ليدفِن إليه من يموت من أهله، ويعرف بها قبر ميته. - من مات في البحر وخُشي تغيره غُسِّلَ وَكُفِّنَ وصُلِّي عليه، وأُرْسِبَ في الماء، وإن أمكن بقاؤه بلا تغير انتُظِر به حتى يدفن في المقبرة. - العضو المقطوع من المسلم الحي بأي سبب لا يجوز إحراقه، ولا يغسل ولا يصلى عليه، بل يلف في خرقة ويدفن في المقبرة. - يستحب للمسلم أن يقوم للجنازة إذا مرت به، ومن جلس فلا حرج عليه. - حكم الموعظة عند القبر: يسن الجلوس إذا وضعت الجنازة، وأثناء الدفن، وتذكير الحاضرين أحياناً بالموت وما بعده من كبير القوم وعالمهم. عن علي رضي الله عنه قال: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَتَانَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِلَّا قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً» فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ الله أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ قَالَ: «أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ

السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ» ثُمَّ قَرَأَ: ... {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} الآية. متفق عليه (¬1). - ماذا يفعل المسلم بعد دفن الميت: يسن بعد دفن الميت أن يقف من حضر على القبر ويدعو له بالتثبيت، ويستغفر له، ويأمر الحاضرين بالاستغفار له، وسؤال الله له التثبيت، ولا يُلَقِّنه؛ لأن التلقين عند الوفاة قبل الموت. - الأوقات التي لا يدفن فيها الأموات ولا يصلى عليهم فيها: عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَنِيَّ رضي الله عنه قَالَ: ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَانَا أنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ. أخرجه مسلم (¬2). - ما يُفعل بالمسلم إذا مات في بلاد الكفر: من مات في بلاد الكفر يغسل، ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين هناك. فإن لم توجد مقابر للمسلمين نُقل إلى بلاد المسلمين إن أمكن، فإن لم يمكن دُفن في فلاة من الأرض، ويخفى قبره؛ لئلا يتعرض له الكفار بأذى. والسنة أن يُدفن الإنسان حيث مات، ويجوز نقله إلى بلده إذا لم يكن فيه انتهاك لحرمته، أو تعرضه للتغيّر. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1362)، واللفظ له، ومسلم برقم (2647). (¬2) أخرجه مسلم برقم (831).

6 - التعزية

6 - التعزية - وقت التعزية: تسن تعزية المصاب بالميت قبل الدفن أو بعده، فيقال لمصاب بميت مسلم: «إنَّ للهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». متفق عليه (¬1). - حكم التعزية: تسن تعزية أهل الميت ولا حد لها، ويعزيهم بما يظن أنه يسليهم، ويكف من حزنهم في حدود الشرع، ويحملهم على الصبر والرضا، ويدعو للميت والمصاب. - مكان التعزية: تجوز التعزية في كل مكان: في المقبرة، والسوق، والمصلى، والمسجد، والبيت، ويجوز أن يجتمع أهل الميت في بيت أو مكان فيقصدهم من أراد التعزية، ويعزيهم ثم ينصرف. - لا يجوز لأهل الميت تخصيص لباس معين للتعزية كالأسود مثلاً؛ لما فيه من التسخط على قضاء الله وقدره. - حكم تعزية الكفار: تجوز تعزية الكفار من غير دعاء لميتهم إن كانوا ممن لا يظهر العداء للإسلام والمسلمين. - يسن أن يُصنع لأهل الميت طعام ويُبعث به إليهم، ويكره لأهل الميت صنع طعام للناس واجتماعهم عليه إلا لحاجة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7377)، واللفظ له، ومسلم برقم (923).

- حكم البكاء على الميت: يجوز البكاء على الميت إن لم يكن معه ندب أو نياحة، ودمع العين من الرحمة، مما يجعله الله في قلوب عباده الرحماء، ويحرم شق الثوب، ولطم الخد، ورفع الصوت ونحوه، والميت يُعذَّب -أي يتألم ويتكدر- في قبره إذا نيح عليه بوصية منه. 1 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَأَخَذَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - تَذْرِفَانِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم وَأَنْتَ يَا رَسُولَ الله فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ» ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ». متفق عليه (¬1). 2 - عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلاثاً أَنْ يَأْتِيَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ: «لا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ اليَومِ»، ثم قال: «ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي» فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ فقال: «ادْعُوا لِي الحَلَّاقَ» فأمره فحلق رؤوسنا. أخرجه أبو داود والنسائي (¬2). 3 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1303)، واللفظ له، ومسلم برقم (2315). (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4192)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (5227). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1292)، واللفظ له، ومسلم برقم (927).

7 - زيارة القبور

7 - زيارة القبور - حكمة زيارة القبور: زيارة المسلم للقبور لها ثلاث مقاصد: الأول: تذكر الآخرة، والاعتبار، والاتعاظ بالأموات. الثاني: الإحسان إلى الميت بالدعاء له بالمغفرة والرحمة؛ لأنه يُسرّ بذلك ويفرح كما يفرح الحي بمن يزوره ويهدي إليه. الثالث: إحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنة الشرعية في زيارة القبور، وكسب الأجر. - حكم زيارة القبور: تسن زيارة القبور للرجال؛ لأنها تذكر بالآخرة والموت، والزيارة تكون للاعتبار، والاتعاظ، والسلام عليهم، والدعاء لهم، لا للدعاء عند قبورهم، أو التبرك بهم، أو بتراب قبورهم، فذلك كله من وسائل الشرك. - حكم زيارة النساء للقبور: زيارة المرأة للقبور من كبائر الذنوب، فلا تجوز زيارة النساء للقبور، لكن إذا مرت المرأة بالمقبرة بدون قصد الزيارة فيسن أن تسلم على أهل القبور، وتدعو لهم بما ورد من غير أن تدخلها. - حكم دعاء الأموات: يحرم على جميع الأحياء دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، وسؤالهم قضاء الحاجات، وكشف الكربات، والطواف على قبور الأنبياء والصالحين وغيرهم، والذبح عند القبور، واتخاذها مساجد وكل ذلك من الشرك الذي توعد الله صاحبه بالنار.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: «لَعَنَ الله اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِد». قَالَتْ: فَلَوْلا ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أنَّهُ خُشِيَ أنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. متفق عليه (¬1). - ما يقال عند دخول المقبرة وزيارة القبور: 1 - «السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ الله المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخِرِينَ، وَإنَّا إنْ شَاءَ الله بِكُمْ لَلَاحِقُونَ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - أو يقول: «السَّلامُ عَلَيكُمْ دَارَ قَومٍ مُؤْمِنِينَ، وَإنَّا إنْ شَاءَ الله بِكُمْ لاحِقُونَ». أخرجه مسلم (¬3). 3 - أو يقول: «السَّلامُ عَلَىكم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَإنَّا إَنْ شَاءَ الله للَاحِقُون، أَسْأَلُ الله لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ». أخرجه مسلم (¬4). - أحوال من يزور القبور: 1 - أن يدعو الله للأموات، ويستغفر لهم، ويعتبر بحال الموتى وتذكر الآخرة فهذه زيارة شرعية. 2 - أن يدعو الله تعالى لنفسه أو لغيره عند القبور معتقداً أن الدعاء عند القبور أفضل من المساجد، فهذه بدعة منكرة. 3 - أن يدعو الله تعالى متوسلاً بجاه أو حق فلان كأن يقول: أسألك يا ربي بجاه فلان، فهذا محرم؛ لأنه وسيلة إلى الشرك. 4 - ألّا يدعو الله تعالى، بل يدعو أصحاب القبور كأن يقول: يا نبي الله، أو يا ولي الله، أو يا فلان أعطني كذا أو اشفني ونحو ذلك فهذا شرك أكبر. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1330)، ومسلم برقم (529) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (974). (¬3) أخرجه مسلم برقم (249). (¬4) أخرجه مسلم برقم (975).

- حكم زيارة قبور المشركين: تجوز زيارة قبر من مات على غير الإسلام للعبرة فقط، ولا يدعو له ولا يستغفر له، بل يبشره بالنار. - المقابر محل العظة والاعتبار، فلا يجوز التعرض لها لا بتشجير، ولا بتبليط، ولا إنارة، ولا بأي شيء من أنواع التجميل. - ما يتبع الميت بعد موته: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ، وَيَبْقَى مَعَه وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُه وَمَالُهُ وَعَمَلُه، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ» متفق عليه (¬1). - حكم فعل القُرَب للميت: فعل القُرَب من مسلم لمسلم حي أو ميت لا يجوز إلا في حدود ما ورد في الشرع فعله مثل الدعاء له، والاستغفار له، والحج والعمرة عنه، والصدقة عنه، والصوم الواجب عمن مات وعليه صوم واجب كنذر، وأما استئجار قوم يقرؤن القرآن ويهدون ثوابه للميت فهي بدعة محدثة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6514)، واللفظ له، ومسلم برقم (296).

4 - كتاب الزكاة

العبادات 4 - كتاب الزكاة ويشتمل على ما يلي: 1 - معنى الزكاة وحكمها وفضلها 2 - زكاة النقدين 3 - زكاة بهيمة الأنعام 4 - زكاة الخارج من الأرض 5 - زكاة عروض التجارة 6 - زكاة الفطر 7 - إخراج الزكاة 8 - مصارف الزكاة 9 - صدقة التطوع

1 - معنى الزكاة وحكمها وفضلها

4 - كتاب الزكاة 1 - معنى الزكاة وحكمها وفضلها - أنواع الزكاة: الزكاة التي شرعها الله ثلاثة أنواع: الأول: الزكاة الواجبة في الأموال، وتجب في أربعة أموال هي: 1 - الذهب والفضة، والأوراق المالية. 2 - بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم). 3 - الخارج من الأرض من حبوب وثمار ومعادن. 4 - عروض التجارة. الثاني: الزكاة الواجبة في الذمة، وهي زكاة الفطر التي تجب على كل مسلم في نهاية شهر رمضان. الثالث: صدقة التطوع، وهي ما يخرجه المسلم إحساناً إلى غيره؛ طلباً لزيادة الأجر من الله. وتطلق الصدقة على الزكاة؛ لأنها تدل على صدق إيمان مُخرِجها. - حكمة تنوع العبادات: شرع الله لعباده عبادات متنوعة، منها ما يتعلق بالبدن كالصلاة، ومنها ما يتعلق ببذل المال المحبوب إلى النفس كالزكاة، والصدقة، ومنها ما يتعلق بالبدن وبذل المال كالحج والجهاد، ومنها ما يتعلق بكف النفس عن محبوباتها وما

تشتهيه، كالصيام، وَنَوَّع الله العبادات ليختبر العباد، من يقدِّم طاعة ربه على هوى نفسه، وليقوم كل واحد بما يسهل عليه ويناسبه منها. - شروط المال الذي ينفع صاحبه: المال لا ينفع صاحبه إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط: أن يكون حلالاً، وألّا يشغل صاحبه عن طاعة الله ورسوله، وأن يؤدي حق الله فيه. - الزكاة: هي النماء والزيادة، وهي التعبد لله بإخراج حق واجب، في مال خاص، لطائفة مخصوصة، في وقت خاص. - وقت فرض الزكاة: فُرضت الزكاة في مكة، أما تقدير نصابها، وبيان الأموال التي تُزكى، وبيان مصارفها فكان في المدينة في السنة الثانية من الهجرة. - حكم الزكاة: الزكاة أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام. 1 - قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)} [التوبة/103]. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَحَجِّ البَيْتِ». متفق عليه (¬1). - حكمة مشروعية الزكاة: 1 - ليس الهدف من أخذ الزكاة جمع المال وإنفاقه على الفقراء والمحتاجين فحسب، بل الهدف الأول أن يعلو بالإنسان عن المال، ليكون سيداً له لا عبداً له، ومن هنا جاءت الزكاة لتزكي المعطي والآخذ وتطهرهما. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (8)، ومسلم برقم (16) واللفظ له.

2 - الزكاة وإن كانت في ظاهرها نقص من كمية المال لكن آثارها زيادة المال بركة، وزيادة المال كمية، وزيادة الإيمان في قلب صاحبها، وزيادة في خُلقه الكريم، فهي بذل وعطاء، وبذل محبوب إلى النفس من أجل محبوب أعلى منه، وهو إرضاء ربه سبحانه، والفوز بجنته. - من يملك المال: نظام المال في الإسلام يقوم على أساس الاعتراف بأن الله وحده هو المالك الأصيل للمال، وله سبحانه وحده الحق في تنظيم قضية التملك، وإيجاب الحقوق في المال، وتحديدها وتقديرها، وبيان مصارفها، وطرق اكتسابها، وطرق إنفاقها. 3 - الزكاة تكفر الخطايا، وهي سبب لدخول الجنة، والنجاة من النار. 4 - شرع الله الزكاة وحث على أدائها لما فيها من تطهير النفس من رذيلة الشح والبخل، وهي جسر قوي يربط بين الأغنياء والفقراء، فتصفو النفوس، وتطيب القلوب، وتنشرح الصدور، وينعم الجميع بالأمن، والمحبة، والأخوة. 5 - والزكاة تزيد في حسنات مؤدِّيها، وتقي المال من الآفات، وتثمره، وتنميه وتزيده، وتسد حاجة الفقراء والمساكين، وتمنع الجرائم المالية كالسرقات، والنهب، والسطو. - مقادير الزكاة: جعل الله قدر الزكاة على حسب التعب في المال الذي تُخْرج منه: 1 - فأوجب في الركاز وهو ما وجد من دفن الجاهلية بلا تعب (الخمس) = 20%. 2 - وما فيه التعب من طرف واحد وهو ما سُقي بلا مؤنة (نصف الخمس) أي العشر = 10%. 3 - وما فيه التعب من طرفين (البذر والسقي) وهو ما سُقي بمؤنة (ربع الخمس) أي نصف العشر = 5 %.

4 - وفيما يكثر فيه التعب والتقلب طول العام، كالنقود، وعروض التجارة (ثمن الخمس) أي ربع العشر = 2.5%. - فضل أداء الزكاة: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)} [البقرة/277]. 2 - وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} ... [البقرة/ 274]. - شروط الزكاة: 1 - تجب الزكاة في مال الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والمعتوه والمجنون إذا كان المال مستقراً، وبلغ نصاباً، وحال عليه الحول، وكان المالك مسلماً، حراً. 2 - الكافر لا تجب عليه الزكاة وكذا سائر العبادات، لكنه يحاسب عليها يوم القيامة، أما في الدنيا فلا يُلزم بها، ولا تُقبل منه حتى يسلم؛ لأنها عبادة. - ما لا يشترط له الحول: الخارج من الأرض، ونتاج السائمة، وربح التجارة تجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب ولا يشترط لها تمام الحول، أما الركاز فتجب الزكاة في قليله وكثيره، ولا يشترط له نصاب ولا حول. - نتاج السائمة، وربح التجارة حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً. - حكم زكاة الوقف: الأوقاف التي على جهات خيرية عامة كالمساجد، والمدارس، والربط ونحوها ليس فيها زكاة، وكل ما أُعد للإنفاق في وجوه البر العامة فهو كالوقف، لا زكاة فيه، وتجب الزكاة في الوقف على معين كأولاده مثلاً.

- هل تجب الزكاة على من عليه دين؟: الزكاة واجبة مطلقاً ولو كان المزكِّي عليه دين ينقص النصاب، إلا ديناً وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه ثم يزكي ما بقي بعده، وبذلك تبرأ الذمة. - الأموال التي تُخرج منها الزكاة: تجب الزكاة في عين المال، الحب من الحب، والشاة من الغنم، والنقود من النقود وهكذا، ولا يعدل عن ذلك إلا لحاجة ومصلحة. - الأموال التي لا تجب فيها الزكاة: ما أُعد من الأموال للقنية والاستعمال فلا زكاة فيه كدور السكنى، والثياب، وأثاث المنزل، والدواب، والسيارات ونحوها. عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ». متفق عليه (¬1). - إذا اجتمع عند الإنسان نقود تبلغ النصاب، وحال عليها الحول، ففيها الزكاة سواء أعدها للنفقة، أو الزواج، أو شراء عقار، أو لقضاء دين، أو غير ذلك. - إذا مات من عليه الزكاة ولم يخرجها أخرجها الوارث من التركة قبل الوصية وقسمة التركة. - إذا نقص النصاب في بعض الحول، أو باعه لا فراراً من الزكاة انقطع الحول، وإن أبدله بجنسه بنى على حوله. - إذا مات المسلم وعليه زكاة ودين وخلَّف مالاً لا يفي بهما أخرج الزكاة؛ لأن الزكاة حق الله التي أوجبها لأهل الزكاة، والله أحق بالوفاء. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1463)، ومسلم برقم (982) واللفظ له.

2 - زكاة النقدين

2 - زكاة النقدين - حكم زكاة الذهب والفضة: تجب الزكاة في الذهب والفضة، سواء كانت نقوداً، أو سبائك، أو حلياً، أو تِبْراً، إذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول. 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} ... ] التوبة/34 - 35 [. 2 - وعن أَبي سَعِيدٍ الخدري رَضِي اللَّه عَنْه قال قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». متفق عليه (¬1). - مقدار نصاب الذهب: يجب في الذهب إذا بلغ عشرين ديناراً فأكثر ربع العشر. - الدينار يساوي من الذهب مثقالاً، والمثقال يزن بالميزان المعاصر (4.25) غرام. - عشرون ديناراً تساوي بالوزن (85) جراماً من الذهب. 20 × 4.25 = 85 جراماً من الذهب، هي أقل نصاب الذهب. - مقدار نصاب الفضة: يجب في الفضة إذا بلغت بالعدد (مائتي درهم فأكثر) أو بالوزن (خمس أواق فأكثر) ربع العشر. - مائتي درهم تساوي بالوزن (595) جراماً، وهي قدر (56) ريالاً سعودياً فضياً، وقيمة ريال الفضة السعودي تساوي الآن سبعة ريالات سعودية ورقية، فيكون ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1405)، واللفظ له، ومسلم برقم (979).

حاصل ضرب 56 × 7 = 392 هو أقل نصاب العملة الورقية السعودية، وفيها ربع العشر (9.8) ريالات يعادل (2.5%) وهكذا. - تصنيع الذهب والفضة له ثلاث حالات: 1 - إن كان القصد من التصنيع التجارة ففيه زكاة عروض التجارة ربع العشر؛ لأنه صار سلعة تجارية فَيُقَوّم بنقد بلده ثم يزكى. 2 - وإن كان القصد من التصنيع اتخاذه تحفاً كالأواني من سكاكين وملاعق وأباريق ونحوها فهذا محرم، لكن تجب فيه الزكاة إذا بلغ نصاباً ربع العشر. 3 - وإن كان القصد من التصنيع الاستعمال المباح، أو الإعارة ففيه ربع العشر إذا بلغ نصاباً، وحال عليه الحول. - زكاة الأوراق المالية: الأوراق المالية الحالية كالريال والدولار ونحوها حكمها حكم الذهب والفضة، فَتقوَّم على أساس القيمة، فإذا بلغت نصاب أحد النقدين وجبت فيها الزكاة، ومقدارها ربع العشر إذا حال عليها الحول. - كيفية إخراج نصاب الأوراق المالية: تُقوَّم بنصاب أحد النقدين، فإذا كان أقل نصاب الذهب (85) جراماً، وقيمة الجرام (40) ريالاً سعودياً مثلا، فنضرب نصاب الذهب بقيمة الجرام (85 × 40 = 3400) ريال هي أقل نصاب الأوراق المالية، وفيها ربع العشر، (85) ريالاً سعودياً، وهو يعادل (2.5%) وهكذا. - لإخراج مقدار زكاة الأوراق المالية عدة طرق: 1 - يُقسم المال على (40) فيخرج ربع العشر، وهو الواجب في زكاة النقدين وما يلحق بهما، فمثلاً: لو كان عنده ثمانون ألف ريال (80000 ÷ 40 = 2000) ريال هي مقدار زكاة ذلك المبلغ، وهي ربع العشر وهكذا.

2 - أو نقسم المال على (10) والناتج يُقسم على (4) والحاصل هو مقدار الزكاة الواجبة، فلو كان المال (100000 ÷ 10 = 10000)، ثم نقسم: (10000 ÷ 4 = 2500) هو مقدار الزكاة الواجبة، وهي ربع العشر وهكذا. - حكم زكاة الحلي المعد للاستعمال: يباح للنساء لبس ما جرت عادتهن بلبسه من غير إسراف ذهباً كان أو فضة، وعليهن زكاته كل عام إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول، ومَنْ جهل الحكم يلزمه إخراج الزكاة من حين عَلِم، وما مضى من الأعوام قبل العلم فليس فيه زكاة؛ لأن الأحكام الشرعية إنما تلزم بعد العلم بها. - حكم زكاة الألماس واللؤلؤ: الألماس واللؤلؤ والأحجار الثمينة ونحوها إذا كانت للُّبس لا زكاة فيها، أما إذا كانت للتجارة فتقوَّم قيمتها بنصاب أحد النقدين، فإن بلغت نصاباً وحال عليه الحول ففيها ربع العشر. - لا يُضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب، وتضم قيمة العروض إلى كل منهما.

3 - زكاة بهيمة الأنعام

3 - زكاة بهيمة الأنعام - بهيمة الأنعام هي (الإبل، والبقر، والغنم). - حكم زكاة بهيمة الأنعام: زكاة بهيمة الأنعام لها حالتان: 1 - تجب الزكاة في الإبل والبقر والغنم إذا كانت سائمة ترعى الحول أو أكثره في الصحاري والقفار المباحة. فإذا بلغت النصاب وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة سواء كانت للدر، أو النسل، أو التسمين، ويُخْرِج من كل جنس بحسبه. ولا يؤخذ في الزكاة خيار أموال الناس ولا شرارها، بل يؤخذ أوسطها. 2 - وإذا كانت الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو غيرها من الحيوانات والطيور يعلفها أو يطعمها صاحبها من بستانه، أو يشتري لها، أو يجمع لها ما تأكله فهذه إن كانت للتجارة وحال عليها الحول تُقوَّم قيمتها، فإن بلغت نصاباً ففيها ربع العشر، وإن لم تكن للتجارة كما لو اتخذها للدر والنسل وعلفها فلا زكاة فيها. - نصاب بهيمة الأنعام: أقل نصاب الغنم (40) شاة، وأقل نصاب البقر (30) بقرة، وأقل نصاب الإبل (5) من الإبل. 1 - عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سألها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط: (في أربع وعشرين من الإبل فما دونها، من الغنم، من كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها

بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت - يعني - ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة، إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمسا من الإبل ففيها شاة. وفي صدقة الغنم: في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها. أخرجه البخاري (¬1). 2 - وعن معاذ رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعاً أَوْ تَبِيعَةً وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً. أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (1454). (¬2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1576)، وهذا لفظه، والترمذي برقم (623).

1 - أنصبة الغنم

1 - أنصبة الغنم من ... إلى ... مقدار الزكاة 40 120 ... شاة 121 200 ... شاتان 201 399 ... ثلاث شياه - ثم في كل مائة: شاة، ففي (399) ثلاث شياه، وفي (400) أربع شياه، وفي (499) أربع شياه وهكذا. 2 - أنصبة البقر من ... إلى ... مقدار الزكاة 30 39 ... تبيع أو تبيعة، وهو ما له سنة 40 59 ... مسنة من البقر، وهي ما لها سنتان 60 69 ... تبيعان أو تبيعتان - ثم في كل (30): تبيع أو تبيعة، وفي كل (40): مسنة، ففي (50): مسنة، وفي (70): تبيع ومسنة وفي (100): تبيعان ومسنة، وفي (120): أربع تبيعات، أو ثلاث مسنات وهكذا.

3 - أنصبة الإبل

3 - أنصبة الإبل من ... إلى ... مقدار الزكاة 5 9 ... شاة 10 14 ... شاتان 15 19 ... ثلاث شياه 20 24 ... أربع شياه 25 35 ... بنت مخاض من الإبل، وهي ما لها سنة 36 45 ... بنت لبون، وهي ما لها سنتان 46 60 ... حقة، وهي ما لها ثلاث سنين 61 75 ... جذعة، وهي ما لها أربع سنين 76 90 ... بنتا لبون 91 120 ... حقتان - فإذا زادت عن (120) فالواجب في كل (40): بنت لبون، وفي كل (50): حقة، ففي (121) ثلاث بنات لبون، وفي (130): حقة وبنتا لبون، وفي (150): ثلاث حقائق، وفي (160): أربع بنات لبون، وفي (180): حقتان وبنتا لبون، وفي (200): خمس بنات لبون، أو أربع حقائق وهكذا. - مَنْ وجبت عليه بنت لبون وعَدِمَها فله أن يُخرج بنت مخاض ويدفع جبراناً، والجبران: (شاتان أو عشرون درهماً)، أو يدفع حِقة ويأخذ الجبران، والجبران خاص في الإبل فقط.

- ما يؤخذ في زكاة بهيمة الأنعام: 1 - يؤخذ في زكاة الغنم الجذع من الضأن، وهو ما له ستة أشهر، أو الثنية من المعز، وهي ما لها سنة. 2 - لا يؤخذ في الزكاة إلا الأنثى، ولا يجزئ الذكر إلا في زكاة البقر، وابن اللبون أو الحِق أو الجَذَع مكان بنت مخاض من الإبل، أو إذا كان النصاب كله ذكوراً. - حكم الجمع والتفريق خشية الصدقة: لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة في بهيمة الأنعام، فمن كان عنده أربعون شاة لا يجوز له أن يفرقها في مكانين فإذا جاء العامل لم يجد النصاب، أو يكون عنده أربعون شاة، وعند الآخر مثلها، وعند الثالث مثلها، فيجمعونها حتى لايؤخذ منهم إلا شاة، ولو فَرَّقوها لوجب عليهم ثلاث شياه، فهذا كله من الحيلة التي لا تجوز. - لا يأخذ الساعي كرائم الأموال، فلا يأخذ الحامل ولا الفحل ولا التي تربي ولدها ولا السمينة المعدة للأكل، وإنما يأخذ من الوسط وهكذا في بقية الأصناف.

4 - زكاة الخارج من الأرض

4 - زكاة الخارج من الأرض - أنواع الخارج من الأرض: الخارج من الأرض: الحبوب، والثمار، والمعادن، والركاز ونحوها. - حكم زكاة الحبوب والثمار: تجب الزكاة في الحبوب كلها، وفي كل ثمر يكال وَيُدَّخَر كتمر وزبيب. 1 - قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ... ] الأنعام/141 [. 2 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». متفق عليه (¬1). - شروط زكاة الحبوب والثمار: يشترط أن يكون الخارج من الأرض مملوكاً له وقت وجوب الزكاة، وبلوغ النصاب، ومقداره (خمسة أوسق)، وهي ثلاثمائة صاع نبوي، أي ما يعادل (612) كيلو جراماً من البر تقريباً. - الصاع النبوي بالوزن يساوي (2.40) كيلو جراماً من البر تقريباً، فالإناء الذي يتسع لهذا يعادل الصاع النبوي، وهو ما يعادل أربعة أمداد متوسطة. - تُضم ثمرة العام الواحد في تكميل النصاب إذا كانت جنساً واحداً كأنواع التمر مثلا. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1405)، واللفظ له، ومسلم برقم (979).

- الواجب في زكاة الحبوب والثمار: 1 - العشر = 10%، فيما سقي بلا مؤنة كالذي يشرب من مياه الأمطار، أو العيون ونحوها. 2 - نصف العشر = 5%، فيما سقي بمؤنة كمياه الآبار التي تخرج بالآلات أو غيرها. عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيّاً العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ». أخرجه البخاري (¬1). 3 - ثلاثة أرباع العشر = 7.5%، لما سقي بهما معاً، بماء الآبار تارة , وتسقيه الأمطار تارة. - وقت وجوب الزكاة: وقت وجوب الزكاة في الحبوب والثمار إذا اشتد الحب، وبدأ صلاح الثمرة، وصلاح الثمر: أن يَحْمَرَّ أو يَصْفَرَّ، فإذا باعه صاحبه بعد ذلك فزكاته عليه لا على المشتري. - إذا تلفت الحبوب والثمار بغير تعد ولا تفريط من المالك سقطت الزكاة الواجبة فيها. - لا زكاة في الخضروات والفواكه إلا إذا أعدت للتجارة، فيخرج من قيمتها ربع العشر إذا حال عليها الحول، وبلغت النصاب. - مقدار زكاة العسل: إذا جنى العسل من مُلكه، أو من موات من الأشجار والجبال ففيه العشر، ونصابه (160) رطلاً عراقياً، وهو ما يساوي (62) كيلو جراماً، وإن اتَّجر في العسل زَكَّاهُ زكاة عروض التجارة: ربع العشر. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (1483).

- حكم زكاة البساتين المؤجرة: تجب الزكاة العشر أو نصف العشر على مستأجر الأرض أو البستان دون مالكها في جميع ما يخرج منها من مكيل ومدخر من الحبوب والثمار، أو غيرها، وعلى المؤجر زكاة ما أخذ من أجرتها من النقود إذا كان نصاباً، وحال عليه الحول من تاريخ عقد الإجارة. - حكم زكاة ما يخرج من البحر: كل ما يخرج من البحر كاللؤلؤ، والمرجان، والأسماك ونحو ذلك لا زكاة فيه، فإن كان للتجارة فيُخرج من قيمته ربع العشر إذا بلغ نصاباً، وحال عليه الحول. - مقدار زكاة المعادن: كل خارج من الأرض غير النبات من المعادن ونحوها فزكاته إذا بلغ نصاب أحد النقدين ربع عشر قيمته، أو ربع عشر عينه إن كان أثماناً كالنقدين. ويجب إخراج زكاة المعادن ربع العشر من حين الحصول عليها إذا بلغت النصاب؛ لأنها مال مستفاد لا يعتبر له الحول. - مقدار زكاة الركاز: الركاز: هو ما وُجِد من دفن الجاهلية، والواجب فيه الخمس، قَلَّ أو كثر، ولا يشترط له نصاب ولا حول كما تقدم، ويصرف مصرف الفيء، والباقي أربعة أخماس لواجده.

5 - زكاة عروض التجارة

5 - زكاة عروض التجارة - عروض التجارة: هي ما أُعد لبيع وشراء لأجل الربح من عقار، وحيوان، وطعام، وشراب، وآلات ونحوها. - حكم زكاة عروض التجارة: عروض التجارة إذا كانت للتجارة، وبلغت نصاباً، وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة، وتقوَّم عند الحول بالأحظ لأهل الزكاة ذهباً أو فضة، ويخرج ربع العشر من كامل القيمة، أو من العروض نفسها. - أحوال الأموال: 1 - البيوت، والعقارات، والسيارات، والآلات ونحوها إذا كانت معدة للسكنى أو الاستعمال لا للتجارة فلا زكاة فيها. 2 - وإن كانت معدة للآجار فالزكاة على الأجرة من حين العقد إذا بلغت نصاباً، وحال عليها الحول قبل أن يُنفقها. 3 - وإن كانت معدة للتجارة وجبت الزكاة في قيمتها ربع العشر إذا بلغت نصاباً، وحال عليها الحول. - آلات المزارع والمصانع والمتاجر ونحوها لا زكاة في قيمتها؛ لأنها لم تعد للبيع، بل أعدت للاستعمال. - إخراج زكاة الأسهم في الشركات: 1 - الشركات الزراعية: إن كان استثمارها في الحبوب والثمار ونحوهما مما يكال ويُدَّخر ففيها زكاة الحبوب والثمار بشروطها، وإن كان في بهيمة الأنعام ففيها زكاة بهيمة الأنعام بشروطها، وإن كان لها مال سائل ففيه زكاة النقود ربع العشر بشروطها. 2 - الشركات الصناعية: مثل شركات الأدوية والكهرباء والإسمنت والحديد

ونحوها فهذه تجب الزكاة في صافي أرباحها ربع العشر إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول قياساً على العقارات المعدة للكراء. 3 - الشركات التجارية: كالاستيراد والتصدير والبيع والشراء والمضاربات والتحويلات المالية ونحو ذلك مما يجوز التعامل به شرعاً، فهذه تجب فيها زكاة عروض التجارة في رأس المال وصافي الأرباح ربع العشر إذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول. - زكاة الأسهم لها حالتان: 1 - إن كان صاحبها قصده الاستمرار في التملك وأخذ عائدها السنوي ففيها الزكاة على الأرباح فقط ربع العشر كما سبق. 2 - وإن كان قصده المتاجرة فيها بيعاً وشراء يبيع هذا ويشتري هذا طلباً للربح فالزكاة واجبة في جميع ما يملك من أسهم وأرباحها، وزكاتها زكاة عروض التجارة ربع العشر، والمعتبر عند إخراج الزكاة قيمتها السوقية وقت وجوبها كالسندات. - حكم زكاة الأموال المحرمة: الأموال المحرمة قسمان: 1 - إن كان المال حراماً بأصله كالخمر والخنزير ونحوهما فهذا لا يجوز تملّكه، وليس مالاً زكوياً، فيجب إتلافه والتخلص منه. 2 - وإن كان المال حراماً بوصفه لا بذاته لكنه مأخوذ بغير حق ولا عقد كالمغصوب والمسروق، أو مقبوض بعقد فاسد كالربا والقمار فهذا النوع له حالتان: 1 - إن عَرف أهله رده عليهم، وهم يُخرجون زكاته بعد قبضه لعام واحد. 2 - وإن جَهِل أهله تصدق به عنهم، فإن ظهروا وأجازوا، وإلا ضمنه لهم، وإن أبقاه في يده فهو آثم، وعليه زكاته.

6 - زكاة الفطر

6 - زكاة الفطر - زكاة الفطر: هي الصدقة التي تجب على المسلم بالفطر من رمضان. - حكمة مشروعية زكاة الفطر: شرع الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين ليستغنوا بها عن السؤال يوم العيد، ويشتركوا مع الأغنياء في فرحة العيد. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فَرَضَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ. أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). - حكم زكاة الفطر: زكاة الفطر واجبة على كل مسلم، ذكراً كان أو أنثى، حراً أو عبداً، صغيراً أو كبيراً، مَلَكَ صاعاً من طعام، فاضلاً عن قوته وقوت مَنْ تلزمه نفقته من المسلمين، ويستحب إخراجها عن الجنين. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. متفق عليه (¬2). - وقت وجوب زكاة الفطر: تجب زكاة الفطر بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان على كل شخص بنفسه، وإذا أخرجها الأب عن أسرته أو غيرهم بإذنهم ورضاهم جاز، وهو مأجور. ¬

(¬1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1609)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (1827). (¬2) متفق عليه أخرجه البخاري برقم (1506)، واللفظ له، ومسلم برقم (985).

- وقت إخراج زكاة الفطر: يبدأ الوقت من غروب الشمس ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد، والأفضل: إخراجها يوم العيد قبل صلاة العيد. ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين. ومن أداها بعد صلاة العيد فهي صدقة من الصدقات ويأثم إلا إن كان معذوراً، وإن أخرها عن يوم العيد من غير عذر فهو آثم، وإن كان معذوراً قضاها ولا إثم عليه. - مقدار زكاة الفطر: يجوز إخراج زكاة الفطر من كل ما كان قوتاً لأهل البلد كالبر، والشعير، والتمر، والزبيب، والأقط، والأرز، والذرة وغيرها، وأفضلها ما كان أنفع للفقير. ومقدارها عن كل شخص صاع يساوي بالوزن (2.40) كيلو جراماً، يعطيه فقراء البلد الذي وجبت عليه فيه، ولا يجوز إخراج القيمة بدل الطعام، والفقراء والمساكين أخص بها من غيرهم. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فَرَضَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّىَ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلاةِ. متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1503)، واللفظ له، ومسلم برقم (984) (986).

7 - إخراج الزكاة

7 - إخراج الزكاة - أنواع أموال الزكاة: الأموال التي تجب فيها الزكاة نوعان: الأول: ما هو نام في نفسه كالحبوب والثمار، أو غير نام كالمعادن. فهذه تجب الزكاة فيها عند الحصول عليها إذا بلغت النصاب، ولا يشترط لها حول. الثاني: ما يُرصد للنماء والتجارة كالذهب والفضة، والأوراق النقدية، والمواشي، وعروض التجارة ونحوها. فهذه تُخرج زكاتها إذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول. - آداب إخراج الزكاة: إخراجها وقت وجوبها، وأن يخرجها طيبة بها نفسه، وأن يتصدق من أطيب ماله وأجوده، وأحبه إليه، وأقربه من الحلال، وأن يُرضي المُصَدِّق، وأن يستصغر عطيته؛ ليسلم من العُجب، وأن يُخفيها؛ ليسلم من الرياء، ويظهرها أحياناً؛ إحياء لهذا الواجب، وترغيباً للأغنياء للاقتداء به، وألّا يبطلها بالمن والأذى. - أفضل أهل الزكاة: الأفضل أن يبتغي المزكي لصدقته الأتقى، والأقرب، والأحوج، ويطلب لصدقته من تزكو به الصدقة من الأقارب، والأتقياء، وطلبة العلم، والفقراء المتعففين، والأسر الكبيرة المحتاجة ونحوهم، وإخراج ما عنده من زكاة أو صدقة ونحوهما قبل حصول الموانع، وكلما كثرت صفات الاستحقاق في

شخص كان أحق بالزكاة، كفقير قريب، وفقير طالب علم ... وهكذا. قال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10)} [المنافقون/10]. - وقت إخراج الزكاة: 1 - يجب إخراج الزكاة على الفور إذا حَلَّ وقت وجوبها إلا لضرورة. 2 - يجوز تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب، فيجوز تعجيل زكاة الماشية والنقدين وعروض التجارة إذا ملك النصاب. 3 - يجوز إخراج الزكاة قبل سنة أو سنتين، وصرفها للفقراء على شكل رواتب شهرية إذا اقتضت المصلحة ذلك. 4 - من ملك أموالاً متفاوتة في الزمن كالرواتب، وأجور العقارات، والإرث، أخرج زكاة كل مال بعد تمام حوله، وإن طابت نفسه وآثر جانب الفقراء وغيرهم جعل لإخراج زكاته شهراً واحداً من شهور السنة كرمضان فهذا أعظم لأجره. - حكم تفريق الزكاة: يجوز أن يُعطى الجماعة من الزكاة ما يلزم الواحد وعكسه، والأفضل أن يفرق الزكاة بنفسه سراً وعلانية حسب المصلحة، والإسرار هو الأصل إلا لمصلحة. - حكم دفع الزكاة للحاكم: 1 - يجوز للحاكم إذا كان عادلاً أميناً على مصالح المسلمين أن يأخذ الزكاة من الأغنياء ويصرفها في مصارفها الشرعية، ويجب عليه بعث السعاة لقبض زكاة الأموال الظاهرة كسائمة بهيمة الأنعام، والزروع، والثمار ونحوها؛ لأن من الناس من يجهل وجوب الزكاة، ومنهم من يتكاسل، أو ينسى. 2 - إذا طلب ولي الأمر الزكاة من الأغنياء وجب دفعها إليه، وتبرأ الذمة بذلك، ولهم أجرها، والإثم على مَن بَدَّلها.

- حكم ضمان الزكاة: الزكاة بعد وجوبها أمانة في يد المزكي، فإذا تلفت: فإن تعدى أو فرّط ضمن، وإن لم يتعد ولم يفرط لم يضمن. - أين تُخرج الزكاة؟: الأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده، ويجوز نقلها إلى بلد آخر لمصلحة، أو قرابة، أو شدة حاجة، والأفضل أن يخرجها بنفسه، ويجوز أن يوكِّل من يخرجها عنه. - صفة إخراج زكاة الدين: 1 - من كان له دين على مليء فيخرج زكاته إذا قبضه لما مضى، والأفضل أن يزكيه قبل قبضه، وإن كان الدَّيْن على معسر أو مماطل فيزكيه إذا قبضه لسنة واحدة. 2 - لا يجوز لمن له مال على أحد لا يستطيع سداده أن يسقطه عنه بنية الزكاة. - حكم المال غير المقدور عليه: المال غير المقدور عليه لا زكاة فيه حتى يقبضه، فمن له مال لم يتمكن من قبضه بسبب غير عائدٍ إليه كنصيبه من عقار، أو إرث فلا زكاة فيه حتى يقبضه، ويبتدئ له حولاً جديداً تبدأ الزكاة منه؛ لأنه قبل ذلك لا يملك التصرف فيه. - زكاة المال تتعلق بالمال، فيخرجها في بلده، وزكاة الفطر تتعلق بالبدن فيخرجها المسلم حيثما وجد. - عقوبة مانع الزكاة: 1 - مَن منع الزكاة جاحداً لوجوبها وهو عارفٌ بالحكم كفر، وأُخذت منه، وقُتل إن لم يتب؛ لأنه مرتد، وإن منعها بخلاً لم يكفر، وأُخذت منه، وعُزِّر بأخذ شطر ماله.

2 - يجب على من ملك نصاباً إخراج زكاته، وقد توعد الله عز وجل بالعذاب الأليم كل من منع إخراجها. 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} [التوبة/34 - 35]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ آتَاهُ الله مَالاً فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ شُجَاعاً أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَان، يُطَوِّقُهُ يَومَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ -يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ-، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ»، ثُمَّ تَلا {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ... } الآية. أخرجه البخاري (¬1). 3 - وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إلا أُحْمِيَ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُجْعَلُ صَفَائِحَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبَاهُ وَجَبِينُهُ، حَتَّى يَحْكُمَ الله بَيْنَ عِبَادِهِ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ». أخرجه مسلم (¬2). 4 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، أوْ: وَالَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ -أوْ كَمَا حَلَفَ- مَا مِنْ رَجُلٍ تَكُونُ لَهُ إبِلٌ، أوْ بَقَرٌ، أوْ غَنَمٌ، لا يُؤَدِّي حَقَّهَا، إلا أُتِيَ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ أعْظَمَ مَا تَكُونُ وَأسْمَنَهُ، تَطَؤُهُ بِأخْفَافِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، كُلَّمَا جَازَتْ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولاهَا، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (1403). (¬2) أخرجه مسلم برقم (987). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1460)، واللفظ له، ومسلم برقم (990).

8 - مصارف الزكاة

8 - مصارف الزكاة - أهل الزكاة: أهل الزكاة الذين يجوز صرفها لهم ثمانية وهم المذكورون في قول الله سبحانه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)} [التوبة/60]. - جهات صرف الزكاة: الله عز وجل بحكمته قد يُعيِّن المسْتَحِق وقدر ما يَسْتحِقه كالفرائض وأهلها، وقد يُعيِّن ما يُستحق دون من يَستحقه كالكفارات، مثل كفارة الظهار، واليمين ونحوهما، وقد يعين المستَحِق دون قدر ما يَستحقه كأهل الزكاة، وهم ثمانية: 1 - الفقراء: وهم الذين لا يجدون شيئاً، أو يجدون بعض الكفاية. 2 - المساكين: وهم الذين يجدون أكثر الكفاية، أو نصفها. 3 - العاملون عليها: وهم جباتها، وحُفَّاظها، والقاسمون لها، فإن كان لهم مرتب من الإمام فلا يعطون من الزكاة. 4 - المؤلفة قلوبهم: مسلمون أو كفار، وهم رؤساء قومهم، ممن يرجى إسلامه، أو كف شره، أو يرجى بعطيته قوة إيمانه، أو إسلامه، أو إسلام نظيره، يُعطون من الزكاة بقدر ما يتحقق به المقصود. 5 - في الرقاب: وهم الأرقاء والمكاتبون، الذين اشتروا أنفسهم من أسيادهم، فيعتقون ويعانون من الزكاة، ويدخل فيهم فداء أسرى الحروب من المسلمين. 6 - الغارمون: الغارم: مَنْ عليه دين، وهم نوعان: 1 - غارم لإصلاح ذات البين، فيُعطى بقدر ما غرم ولو كان غنياً. 2 - غارم لنفسه، بأن تَحمَّل ديوناً، ولم يكن عنده وفاء.

7 - في سبيل الله: وهم الغزاة المجاهدون في سبيل الله لإعلاء كلمة الله تعالى ونحوهم كالدعاة إلى الله، فهؤلاء يُعطون من الزكاة إذا لم يكن لهم مرتب، أو لهم مرتب لا يكفيهم. 8 - ابن السبيل: وهو المسافر المنقطع به سفره وليس معه ما يوصله إلى بلده، فيعطى ما يسد حاجته في سفره ولو كان غنياً. - لا يجوز صرف الزكاة لغير هؤلاء الأصناف الثمانية، وَيَبدأ بمن حاجته أشد. - يجوز صرف الزكاة إلى صنف واحد من أهل الزكاة، ويجوز دفعها إلى شخص واحد من أهل الزكاة في حدود حاجته، وإن كانت كثيرة فيستحب تفريقها على تلك الأصناف. - من راتبه الشهري ألفي ريال لكنه يحتاج إلى ثلاثة آلاف ريال شهرياً لتغطية نفقاته ونفقات من يعول فإنه يعطى من الزكاة بقدر حاجته. - إذا دفع الزكاة إلى من يظنه أهلاً مع الاجتهاد والتحري، فبان أنه غير أهل للزكاة فزكاته مجزئة. - حكم تنمية أموال الزكاة: ما وجب من الزكاة يُصرف فوراً لأهل الزكاة، ولا يجوز تأخيره من أجل تنميته، والتجارة فيه لصالح فرد، أو جمعية ونحوهما، وإن كان المال من غير الزكاة فلا مانع من التجارة فيه، وصرفه في أبواب البر. - صور ممن يجوز دفع الزكاة إليهم: 1 - يجوز صرف الزكاة لمن أراد أن يؤدي فريضة الحج وليس عنده ما يكفيه، ويجوز صرفها لفك الأسير المسلم، وصرفها لمسلم أراد الزواج وهو فقير يريد إعفاف نفسه، ويجوز سداد دين الميت من الزكاة. 2 - يجوز لمن له دين على فقير أن يعطي الفقير من زكاته إذا لم يكن عن تواطؤٍ بينهما بأن يعطيه ليسدد له، ولا يجوز إسقاط الدين واعتباره من الزكاة.

3 - إذا تفرغ قادر على التكسب لطلب العلم فإنه يعطى من الزكاة؛ لأن طلب العلم نوع من الجهاد في سبيل الله، ونفعه متعدٍّ. 4 - يسن دفع الزكاة إلى الفقراء الأقارب الذين لا تلزمه نفقتهم كالإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات ونحوهم. - الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة. - حكم دفع الزكاة للوالد أو الولد أو الزوج: 1 - يجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا، وإلى الأولاد وإن سفلوا إذا كانوا فقراء وهو عاجز عن نفقتهم ما لم يدفع بذلك واجباً عليه، وكذا لو تحملوا ديناً أو دية فيجوز أن يقضي عنهم ذلك، وهم أحق به. 2 - يجوز للزوج دفع زكاته إلى زوجته إذا تحمَّلت ديناً، أو كفارة، أما الزوجة فيجوز أن تدفع زكاتها لزوجها إن كان من أهل الزكاة. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي الله عَنْه أن زَيْنَبَ امْرَأَة ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ الله إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ».متفق عليه (¬1). - الذين لا يجوز صرف الزكاة لهم: 1 - لا يجوز دفع الزكاة لبني هاشم ومواليهم؛ إكراماً لهم؛ لأنها أوساخ الناس. عن عبد الْمطَّلبِ بن ربِيعة والفضل بن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ محَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاس». أخرجه مسلم (¬2). 2 - لا يجوز أن تدفع الزكاة لكافر إلا إن كان مؤلَّفاً، ولا إلى عبد إلا إن كان مكاتباً. 3 - لا يجوز أن تُدفع الزكاة إلى غني إلا إذا كان من العاملين عليها، أو من المؤلفة ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1462)، واللفظ له، ومسلم برقم (80). (¬2) أخرجه مسلم برقم (1072).

قلوبهم، أو من المجاهدين في سبيل الله، أو ابن سبيل منقطع. - الغني: من يجد كفاف عيشه وعيش من يعولهم طول العام، إما مِنْ مال موجود، أو تجارة، أو صنعة ونحو ذلك. - ما يقوله من أخذ الزكاة: يسن لمن أُعطي الزكاة أن يدعو لمن أعطاه قائلاً: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ». متفق عليه (¬1). أو يقول: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلانٍ». متفق عليه (¬2). أو يقول: «اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَفِي إبِلِهِ». أخرجه النسائي (¬3). - حكم الإخبار بالزكاة: مَنْ يُخرج الزكاة إذا كان يعلم أن فلاناً من أهل الزكاة وأنه يقبل الزكاة فيعطيه ولا يخبره أنها زكاة، وإن كان لا يَدري عنه، أو كان لا يقبل الزكاة فهنا يخبره أنها زكاة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4166)، ومسلم برقم (1078). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1497)، ومسلم برقم (1078). (¬3) صحيح/أخرجه النسائي برقم (2458).

9 - صدقة التطوع

9 - صدقة التطوع - حكمة مشروعية الصدقة: دعا الإسلام إلى البذل وحض عليه رحمة بالضعفاء، ومواساة للفقراء، إلى جانب ما فيه من كسب الأجر، ومضاعفته، والتخلق بأخلاق الأنبياء، من البذل والإحسان. - حكم الصدقة: تسن صدقة التطوع بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. والصدقة سنة كل وقت، وتتأكد في زمان وأحوال: 1 - فالزمان: كرمضان، وعشر ذي الحجة. 2 - والحالات: أوقات الحاجة أفضل: دائمة كفصل الشتاء، أو طارئة كأن تحدث مجاعة، أو جدب ونحو ذلك. وأفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح، والكاشح: من يضمر العداوة. - فضل الصدقة: 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة/ 274]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلا يَقْبَلُ الله إلا الطَّيِّبَ، وَإنَّ الله يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا

لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ». متفق عليه (¬1). - أولى الناس بالصدقة: أولى الناس بالصدقة أولاد المتصدق، وأهله، وأقاربه، وجيرانه، وخير صدقة تصدق بها المرء على نفسه وأهله، ويثبت أجر الصدقة وإن وقعت في يد غير أهلها. - خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وجهد المقل أفضل صدقة، وهو ما زاد عن كفايته وكفاية من يمونه. - حكم صدقة المرأة من بيت زوجها: - يجوز للمرأة أن تتصدق من بيت زوجها إذا علمت رضاه، ولها نصف الأجر، ويحرم إذا علمت أنه لا يرضى، فإن أذن لها فلها مثل أجره. - أفضل أوقات الصدقة: الصدقة في حال الصحة أفضل منها في حال المرض، وفي حال الشدة أفضل منها في حال الرخاء إذا قصد بها وجه الله عز وجل. قال الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)} [الإنسان/8 - 9]. - النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تحل له الزكاة الواجبة ولا صدقة التطوع، وبنو هاشم ومواليهم لا تحل لهم الزكاة الواجبة، وتحل لهم صدقة التطوع. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410)، واللفظ له، ومسلم برقم (1014).

- حكم الصدقة على الكفار: تجوز صدقة التطوع على الكافر غير المحارب تأليفاً لقلبه، وسداً لجوعته، ويثاب عليها المسلم، وفي كل كبد رطبة أجر. - حكم إعطاء السائل: يسن إعطاء السائل وإن صغرت العطية. عن أم بُجَيْد رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، صلى الله عليك، إن المسكين ليقوم على بابي، فما أجد له شيئاً أعطيه إياه، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنْ لَمْ تَجِدِي لَهُ شَيْئاً تُعْطِينَهُ إيَّاهُ إلَّا ظِلْفاً مُحْرَقاً، فَادْفَعيهِ إلَيْهِ فِي يَدِهِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - عقوبة السؤال من غير حاجة: 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْألُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ». متفق عليه (¬2). 2 - وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَألَ النَّاسَ أمْوَالَهُمْ تَكَثُّراً، فَإنَّمَا يَسْألُ جَمْراً، فَلْيَسْتَقِلَّ أوْ لِيَسْتَكْثِرْ». أخرجه مسلم (¬3). - من تحل له المسألة؟: تحرم المسألة إلا من سلطان، أو في أمر لا بد منه كأن يتحمل حمالة، أو تصيبه ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1667)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (665). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1474)، ومسلم برقم (1040) واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم برقم (1041).

جائحة، أو أصابته فاقة وليس عنده ما يكفي لذلك، وما سوى ذلك فهو سحت. عن سمرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدحُ بِهَا الرّجُلُ وَجْهَهُ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ، أَوْ فِي أَمْرٍ لا يَجِدُ مِنْهُ بُدّاً». أخرجه أحمد وأبو داود (¬1). - يسن الإكثار من الإنفاق في وجوه البر، وذلك سبب لحفظ ماله وكثرته. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ يَومٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إلا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً». متفق عليه (¬2). - إذا أسلم المشرك فله أجر صدقته قبل الإسلام: عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت أشياء كنت أتَحَنَّثُ بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة، أو صلة رحم، فهل فيها من أجر؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ». متفق عليه (¬3). - آداب الصدقة: الصدقة عبادة من العبادات، ولها آداب وشروط أهمها: 1 - أن تكون الصدقة خالصة لوجه الله عز وجل، لا يعتريها، ولا يشوبها رياء، ولا سمعة. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّمَا ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (20529)، وأخرجه أبو داود برقم (1639)، وهذا لفظه. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1442)، ومسلم برقم (1010). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1436)، واللفظ له، ومسلم برقم (123).

الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى». متفق عليه (¬1). 2 - أن تكون الصدقة من الكسب الحلال الطيب، فالله طيب لا يقبل إلا طيباً. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)} [البقرة/267]. 3 - أن تكون الصدقة من جيد ماله وأحبه إليه. قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)} [آل عمران/92]. 4 - ألّا يستكثر ما تصدق به، ويتجنب الزهو والإعجاب. قال الله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6)} ... [المدثر/6]. 5 - أن يحذر مما يبطل الصدقة كالمن والأذى. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)} [البقرة/264]. 6 - الإسرار بالصدقة، وعدم الجهر بها إلا لمصلحة. قال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)} [البقرة/271]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1)، واللفظ له، ومسلم برقم (1907).

7 - أن يعطي الصدقة مبتسماً بوجه بشوش، ونفس طيبة، ويرضي السعاة ببذل الواجب. عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أَتَاكُمُ الْمُصَدِّقُ فَلْيَصْدُرْ عَنْكُمْ وَهُوَ عَنْكُمْ رَاضٍ». أخرجه مسلم (¬1). 8 - أن يسارع بصدقته في حال حياته، وأن يدفعها للأحوج، والقريب المحتاج أولى من غيره، وهي عليه صدقة وصلة. 1 - قال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10)} [المنافقون/10]. 2 - وقال الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)} [الأنفال/75]. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (989) في باب إرضاء الساعي ما لم يطلب حراماً.

5 - كتاب الصيام

العبادات 5 - كتاب الصيام ويشتمل على ما يلي: 1 - معنى الصوم وحكمه وفضله 2 - أحكام الصيام 3 - سنن الصيام 4 - صوم التطوع 5 - الاعتكاف

1 - معنى الصوم، وحكمه، وفضله

5 - كتاب الصيام 1 - معنى الصوم، وحكمه، وفضله - حكمة تنوع العبادات: الله عز وجل نوَّع العبادات ليختبر العبد هل يتبع هواه، أم يمتثل أمر ربه، فجعل من الدين ما ينقسم إلى كف عن المحبوبات كالصيام، فإنه امتناع عن المحبوبات من الطعام، والشراب، والجماع، ابتغاء وجه الله. ومن الدين ما هو بذل للمحبوبات كالزكاة، والصدقة، وذلك بذل للمحبوب وهو المال ابتغاء وجه الله. وربما يهون على المرء أن ينفق ألف ريال ولا يصوم يوماً واحداً، أو بالعكس، فنوَّع الله العبادات ليختبر العباد. - صلاح القلب: صلاح القلب واستقامته بإقباله بالكلية على ربه وأنسه به، ولما كان فضول الطعام والشراب والكلام والمنام، وفضول مخالطة الأنام مما يقطعه عن ربه، ويزيده شعثاً، ويشتته في كل واد، اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أنْ شرع لهم من الصوم ما يُذهب فضول الطعام والشراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات التي تعوقه عن سيره إلى الله تعالى. وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده عكوف القلب على الله وجمعيّته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن غيره، وشرع للأمة حبس اللسان عن كل ما لا ينفع في الآخرة، وشرع لهم قيام الليل الذي ينفع القلب والبدن. - الصوم: هو الإمساك عن الأكل، والشرب، والجماع، وسائر المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، بنية الصوم، تقرباً إلى الله عز وجل.

- حكمة مشروعية الصيام: 1 - الصيام وسيلة لتقوى الله عز وجل بفعل الواجبات وترك المحرمات. 2 - والصيام يُعوِّد الإنسان على ضبط النفس، وكبح جماحها، وتدريبٌ على تحمل المسؤولية، والصبر على المشاق. 3 - والصوم يجعل المسلم يشعر ويحس بآلام إخوانه، فيدفعه ذلك إلى البذل والإحسان إلى الفقراء والمساكين، فتتحقق بذلك المحبة والأخوة. 4 - وفي الصوم تزكية للنفس، وتطهير لها من الأخلاق الرذيلة، والأخلاط الرديئة، وفيه راحة للجهاز الهضمي، يستريح فيه من الامتلاء والتفريغ فيستعيد نشاطه وقوته. - مكانة الصيام: صيام رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام، أضافه الله إليه تشريفاً وتعظيماً له، فرضه الله عز وجل في السنة الثانية من الهجرة، وقد صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع رمضانات. - أفضل الأوقات الشرعية: شهر رمضان أفضل الشهور، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة؛ لأن فيها ليلة القدر، وأيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر الأواخر من رمضان؛ لأن فيها يوم النحر، ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، ويوم النحر أفضل أيام العام، وليلة القدر أفضل ليالي العام. - حكم صوم رمضان: يجب صوم رمضان على كل مسلم، بالغ، عاقل، قادر على الصوم، مقيم، ذكراً كان أو أنثى، خال من الموانع كالحيض، والنفاس، وهذا خاص بالنساء. وقد أوجب الله الصيام على هذه الأمة كما أوجبه على الأمم قبلها.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [البقرة/183]. - فضل شهر رمضان: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} [سورة القدر]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ». متفق عليه (¬1). - فضل الصوم: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّومَ، فَإنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِه، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ». متفق عليه (¬2). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (¬3). 3 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّان، لا يَدْخُلُهُ إلَّا الصَّائِمُونَ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3277)، ومسلم برقم (1079)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1894)، ومسلم برقم (1151)، واللفظ له. (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1901)، ومسلم برقم (760). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3257) واللفظ له، ومسلم برقم (1152).

2 - أحكام الصيام

2 - أحكام الصيام - يجب صوم رمضان بأحد أمرين: 1 - رؤية هلال رمضان من مسلم، عدل، قوي البصر، رجلاً كان أو امرأة. 2 - إكمال شعبان ثلاثين يوماً. - أحكام رؤية هلال رمضان: إذا لم يُر الهلال مع صحو ليلة الثلاثين من شعبان أصبحوا مفطرين، وكذا لو حال دونه غيم أو قتر، وإذا صام الناس ثمانية وعشرين يوماً ثم رأوا الهلال أَفطروا ولزمهم صوم يوم بعد العيد، وإن صاموا بشهادة واحد ثلاثين يوماً فلم يُر الهلال لم يفطروا حتى يُرى الهلال. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ». متفق عليه (¬1). - من يلزمه الصوم بالرؤية: إذا رأى الهلال أهلُ بلدٍ لزمهم الصوم، وحيث إن مطالع الهلال مختلفة، فلكل إقليم أو قطر حكم يخصه في بدء الصيام ونهايته حسب رؤيتهم، وإن صام المسلمون جميعاً في أقطار الأرض برؤية واحدة فهذا حسن، وهو مظهر يدل على الوحدة والإخاء والاجتماع، وإلى أن يتحقق ذلك إن شاء الله تعالى، فعلى كل مسلم أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم أهل البلد على أنفسهم فيصوم بعضهم معها، وبعضهم مع غيرها؛ حسماً لمادة الفرقة التي نهى الله عنها. - من رأى وحده هلال رمضان ورُدَّ قوله، أو رأى هلال شوال ورُدَّ قوله فيصوم سراً، ويفطر سراً، وإن رُئي الهلال نهاراً فهو لليلة المقبلة، فإن غاب قبل الشمس فهو لليلة الماضية. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1909) واللفظ له، ومسلم برقم (1081).

- يجب على إمام المسلمين أن يُعلن بالوسائل المشروعة والمباحة دخول شهر رمضان إذا ثبتت رؤية هلاله شرعاً، وكذا خروجه. - حكم صوم من جهل الوقت: مَنْ جهِل وقت الصوم كالأعمى والسجين مثلاً فله ثلاث حالات: فإن وافق صومه الشهر أو بعده فصومه صحيح عدا الأيام التي لا يصح صومها، وإن صام قبل الشهر لم يصح؛ لأنه جاء بالعبادة قبل وقتها، وإن وافق صومه الليل دون النهار لم يصح؛ لأن الليل ليس وقتاً للصوم. - حكم من صام في بلد ثم سافر: إذا صام المسلم في بلد ثم سافر إلى بلد آخر فحكمه في الصيام والإفطار حكم البلد الذي انتقل إليه، فيفطر معهم إذا أفطروا، لكن إن أفطر لأقل من تسعة وعشرين يوماً قضى يوماً بعد العيد، ولو صام أكثر من ثلاثين يوماً فلا يفطر إلا معهم. - حكم نية الصيام: 1 - يجب على المسلم ليحصل على الأجر أن يصوم رمضان إيماناً واحتساباً، لا رياءً، ولا سمعة، ولا تقليداً للناس، أو متابعة لأهل بلده، فيصوم لأن الله أَمَره، ويحتسب الأجر عند الله، وكذا سائر العبادات. 2 - يجب تعيين نية الصوم من الليل قبل طلوع الفجر لصوم رمضان وغيره، ويصح صوم النفل بنية من النهار إن لم يفعل ما يُفطِّر بعد طلوع الفجر. 3 - يصح صوم الفرض بنية من النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل، كما لو قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار فإنه يمسك بقية يومه، ولا يلزمه قضاء وإن كان قد أكل. 4 - من وجب عليه الصوم نهاراً كالمجنون يفيق، والصبي يبلغ، والكافر يسلم هؤلاء تُجزيهم النية من النهار حين الوجوب ولو بعد أن أكلوا أو شربوا، ولا قضاء عليهم.

5 - من نوى الصوم ثم تسحر، وغلبه النوم ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس فصومه صحيح ولا قضاء عليه. 6 - من نوى الإفطار أفطر؛ لأن الصيام مركب من ركنين: النية، والإمساك عن المفطرات، فإذا نوى الإفطار سقط الركن الأول وهو أساس الأعمال، وأعظم مقومات العبادة وهو النية. 7 - من نام ليلة الثلاثين من شعبان وقال: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، فتبين أنه رمضان فصومه صحيح. - صيام الكبير والمريض: 1 - من أفطر لكبر أو مرض لا يُرجى برؤه مقيماً كان أو مسافراً أطعم عن كل يوم مسكيناً، ويكفيه ذلك عن الصيام، فيصنع طعاماً بعدد الأيام التي عليه، ويدعو إليه المساكين، وهو بالخيار: إن شاء أطعم عن كل يوم بيومه، وإن شاء أَخَّره إلى آخر يوم، وله أن يخرج عن كل يوم نصف صاع من طعام ويعطيه المسكين. 2 - من أصابه الخرف والتخليط فلا صيام عليه ولا كفارة؛ لأنه مرفوع عنه القلم. - حكم صيام الحائض والنفساء: يحرم الصوم على الحائض والنفساء، فتفطران وتقضيان فيما بعد، وإذا طَهُرتا أثناء النهار، أو مسافر قدم مفطراً أثناء النهار، لا يلزمهم الإمساك، بل يلزمهم القضاء فقط. - الحامل والمرضع إن خافتا على أنفسهما، أو على أنفسهما وولديهما أفطرتا في رمضان، ثم قضتا فيما بعد. - حكم الصيام في السفر: 1 - لكل مسلم في الصلاة والصيام حكم المكان الذي هو فيه، فالصائم يمسك

ويفطر في المكان الذي هو فيه سواء كان على سطح الأرض، أو كان على طائرة في الجو، أو على سفينة في البحر. 2 - الأفضل للصائم الفطر في السفر مطلقاً، والمسافر في رمضان إن كان الفطر والصيام بالنسبة له سواء فالصيام أولى، وإن كان يشق عليه الصيام في السفر فالفطر أولى، وإن كان يشق عليه الصيام في السفر مشقة شديدة فالفطر في حقه واجب، ويقضي فيما بعد. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ، وَلا المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. متفق عليه (¬1). - حكم صوم المغمى عليه: 1 - من نوى الصوم ثم صام فأغمي عليه جميع النهار أو بعضه فصومه صحيح. 2 - من فقد شعوره في رمضان وغيره بإغماء أو مرض أو جنون، ثم أفاق، فلا يلزمه قضاء الصوم والصلاة؛ لارتفاع التكليف عنه، ومن فقده بفعله واختياره ثم أفاق لزمه القضاء. - إذا أكل المسلم، أو شرب، أو جامع، ناسياً، في نهار رمضان، فصيامه صحيح. - إذا احتلم المسلم وهو صائم فصيامه صحيح، وعليه الاغتسال، ولا إثم عليه. - من كان مريضاً يشق عليه الصوم ويضره فالصوم عليه حرام، والفطر واجب، ويقضي فيما بعد. - الأفضل للمسلم أن يكون على طهارة دائماً، ويجوز تأخير غسل الجنابة وغسل الحيض والنفاس لمن كان صائماً إلى طلوع الفجر، والصيام صحيح. - السنة لمن أراد سفراً في رمضان أن يفطر -إن شاء- إذا فارق العمران، ومن أفطر متعمداً لمصلحة غيره كإنقاذ غريق، أو إطفاء حريق ونحوهما فله أجر عظيم، وعليه القضاء فقط. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1947)، ومسلم برقم (1118).

- كيفية الصيام في البلاد التي لا تغيب عنها الشمس: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً ولا تطلع فيها الشمس شتاء، أو في بلاد يستمر نهارها ستة أشهر وليلها كذلك، أو أكثر، أو أقل، فعليهم الصلاة والصيام معتمدين على أقرب بلد إليهم يتمايز فيه الليل من النهار، ويكون مجموعهما أربعاً وعشرين ساعة، فيحددون أول شهر الصيام ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار حسب توقيت ذلك البلد. - إذا أقلعت الطائرة قبل غروب الشمس، وارتفعت في الجو، فلا يحل للصائم الفطر حتى تغرب الشمس. - حكم من ترك صيام رمضان: من ترك صوم رمضان جاحداً لوجوبه كفر، ومن ترك الصوم تهاوناً وكسلاً فلا يكفر، وتصح صلاته، لكنه آثم إثماً عظيماً. - الأشياء التي يفسد بها الصوم ما يلي: 1 - الأكل والشرب في نهار رمضان. 2 - الجماع في نهار رمضان. 3 - إنزال المني يقظة بمباشرة، أو تقبيل، أو استمناء، أو نحوها. 4 - استعمال الإبر المغذية للبدن في نهار رمضان. وهذه المفطرات يفطر بها الصائم إذا فعلها متعمداً، عالماً، ذاكراً لصومه. 5 - خروج دم الحيض والنفاس في نهار رمضان. 6 - الردة عن الإسلام.

- أنواع المفطرات: المفطرات ترجع إلى نوعين: 1 - دخول أشياء تفيد البدن وتغذيه وتقويه كالأكل والشرب وما يقوم مقامهما، أو أشياء تضره كشرب الدم والمسكر ونحوهما. 2 - خروج أشياء منهكة للجسم، مضعفة له، فتزيده ضعفاً إلى ضعف كتعمد الاستمناء، ودم الحيض، والنفاس. - حكم من سمع أذان الفجر والإناء في يده: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالإنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ». أخرجه أبو داود (¬1). - من أكل معتقداً أنه في ليل فبان نهاراً، أو أكل معتقداً أن الشمس قد غربت فبان أنها لم تغرب فصومه صحيح، ولا قضاء عليه. - الأشياء التي لا يفسد بها الصوم كثيرة، ومنها: الكحل، والحقنة، وما يُقطر في إحليله، ومداواة الجروح، والطيب، والدهن، والبخور، والحناء، والقطرة في العين أو الأذن أو الأنف، والقيء، والحجامة، والفصد للعرق، واستخراج الدم، والرعاف، والنزيف، ودم الجروح، وخلع الضرس، وخروج المذي والودي، وبخاخ الربو، ومعجون الأسنان كل ذلك لا يفطر الصائم. - تحليل الدم، والإبرة إذا كانت للدواء لا للتغذية لا تفسد الصوم كإبرة السكر ونحوها، وتأخيرها إلى الليل إن قدر أولى. - يجوز للمرأة تناول ما يمنع الحيض لأجل الصيام أو الحج إذا قرر أهل الخبرة من الأطباء أن ذلك لا يضرها، وخير لها أن تكف عن ذلك. ¬

(¬1) حسن صحيح/ أخرجه أبوداود برقم (2350).

- غسيل الكلى: يكون بإخراج الدم من الجسم ثم إعادته نقياً مع إضافة بعض المواد إليه، وهذا الغسيل مفسد للصوم. - ما يكره للصائم وما يجب وما يجوز: - يكره للصائم المبالغة في المضمضة والاستنشاق، وذوق طعام بلا حاجة، والحجامة ونحوها إن أضعفته. - يجب على الصائم الإمساك عن المفطرات من الأكل والشرب وغيرهما إذا تبين له طلوع الفجر الثاني. - يجب اجتناب كذب وغيبة وشتم في كل وقت، وفي رمضان آكد. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». أخرجه البخاري (¬1). - يجوز للصائم استعمال معجون الأسنان مع التحفظ عن ابتلاع شيء منه، والاغتسال للتبرد من الحر والعطش ونحو ذلك. - يجوز للصائم بلع ريقه، ويحرم بلع النخامة على الصائم وغيره؛ لأنها مستقذرة مضرة، لكنها لا تفطر، وإذا ظهر دم من لسانه، أو أسنانه، فلا يبلعه، وإذا بلعه الصائم فإنه يفطر. - حكم تقبيل ومباشرة الزوجة للصائم: تقبيل الرجل امرأته، ولمسه ومباشرته لها من وراء الثوب وهو صائم كل ذلك جائز، ولا حرج فيه، ولو تحركت شهوته، إذا أمن على نفسه، فإن خشي الوقوع فيما حرم الله من نزول المني حرم عليه ذلك. عن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبِيُ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإرْبِهِ. متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6057). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1927) واللفظ له، ومسلم برقم (1106).

- الوصال ما يحل منه وما يحرم: الوصال: صوم يومين فأكثر من غير أكل وشرب بينهما، وقد نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ» قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله قال: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وَسَاقٍ يَسْقِينِ». أخرجه البخاري (¬1). - حكم الجماع في نهار رمضان: 1 - إذا أنزل الصائم باستمناء، أو مباشرة زوجته بدون جماع فهو آثم، وعليه القضاء دون الكفارة. 2 - من سافر في رمضان وصام في سفره ثم جامع زوجته في النهار فعليه القضاء دون الكفارة. 3 - من جامع في نهار رمضان وهو مقيم فعليه القضاء والكفارة والإثم إن كان متعمداً، عالماً، ذاكراً، فإن كان مُكرهاً، أو جاهلاً، أو ناسياً فصومه صحيح، ولا قضاء عليه ولا كفارة، والمرأة كالرجل في الحالتين. - كفارة الفطر بالجماع في نهار رمضان: عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من طعام، فإن لم يجد سقطت، وهي لا تجب بغير الجماع في نهار رمضان ممن يلزمه الصوم إذا فعله عالماً متعمداً، فمن واقع في صوم نفل، أو نذر، أو قضاء، فلا كفارة عليه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هَلكتُ يا رسول الله. قال: «مَا أَهْلَكَكَ؟» قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟» قال: لا، قال: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (1967).

قال: لا، قال: «فَهَلْ تَجِدُ ما تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟» قال: لا، قال: ثم جلس، فأُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه تمر فقال: «تَصَدَّقْ بِهَذَا» قال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهلُ بيتٍ أحوجُ إليه منا، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه، ثم قال: «اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». متفق عليه (¬1). - الأشياء التي لا ينقطع بها تتابع الصيام: الأشياء التي لا ينقطع بها تتابع الصيام لمن عليه صيام شهرين ونحوهما هي: العيدان، والسفر، والمرض المبيح للفطر، والحيض والنفاس. - إذا جامع زوجته في يومين أو أكثر في نهار رمضان لزمه كفارة وقضاء بعدد الأيام، وإن كرره في يوم واحد فكفارة واحدة مع القضاء. - إذا قدم المسافر مفطراً في يوم كانت زوجته طاهرة من الحيض أو النفاس في أثنائه جاز له أن يجامعها. - صفة قضاء صيام رمضان: 1 - الله عز وجل أوجب صيام رمضان أداءً في حق غير ذوي الأعذار، وقضاء في حق ذوي الأعذار التي تزول كالسفر، والحيض، والإطعام في حق من لا يستطيع الصيام أداء ولا قضاء كالكبير ونحوه. 2 - يسن قضاء رمضان فوراً متتابعاً، وإذا ضاق الوقت وجب التتابع، وإن أَخَّرَ قضاء رمضان إلى ما بعد رمضان آخر بغير عذر فهو آثم، وعليه القضاء. - حكم قضاء الصيام عن الميت: 1 - من مات وعليه صيام من رمضان، فإن كان معذوراً بمرض ونحوه فلا يلزم عنه قضاء ولا إطعام، وإن أمكنه القضاء فلم يفعل حتى مات صام عنه وليه. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1936)، ومسلم برقم (1111)، واللفظ له.

عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ». متفق عليه (¬1). 2 - من مات وعليه صوم نذر، أو حج نذر، أو اعتكاف نذر، أو نحو ذلك استحب لوليه قضاؤه، والولي هو الوارث، وإن قضاه غيره صح وأجزأ. 3 - من أفطر رمضان، أو بعضه، عالماً، متعمداً، ذاكراً، بلا عذر، فلا يشرع له القضاء ولا يصح منه، وهو آثم إثماً عظيماً، فعليه التوبة والاستغفار. - النهي إن عاد إلى نفس العبادة فهي حرام وباطلة كما لو صام المسلم يوم العيد، فصومه حرام وباطل. وإن كان النهي يعود إلى قول أو فعل يختص بالعبادة فهذا يبطلها كمن أكل وهو صائم فسد صومه. وإن كان النهي عاماً في العبادة وغيرها فهذا لا يُبطلها كالغيبة للصائم، فهي حرام لكنها لا تبطل الصيام، وهكذا في كل عبادة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1952)، ومسلم برقم (1147).

3 - سنن الصيام

3 - سنن الصيام 1 - يسن للصائم أن يتسحر؛ لأن في السحور بركة، ونعم سحور المؤمن التمر، ويسن تأخيره، ومن بركة السحور التقوي على طاعة الله وعبادته، وهو سبب للقيام من النوم وقت السحر وقت الاستغفار والدعاء، وصلاة الفجر مع الجماعة، ومخالفة أهل الكتاب. 2 - يسن تعجيل الفطر، وأن يكون على تمر قبل أن يصلي، فإن عدم التمر فعلى ماء، فإن لم يجد أفطر على ما تيسر من طعام أو شراب حلال، فإن عدم ما يفطر عليه نوى بقلبه الفطر. - الصائم يفقد كمية من السكر المخزون في جسمه، وهبوط نسبة السكر عند الإنسان عن حدها المعتاد يسبب ما يشعر به الصائم من ضعف وكسل وزوغان البصر، وأكل التمر بإذن الله يعيد إليه ما فقده من السكر والنشاط. - يسن تفطير الصائم، ومن فطر صائماً فله مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً. 3 - يسن للصائم أن يكثر من الذكر والدعاء، فيسمي عند أكل الفطور، ويحمد الله إذا انتهى، فإذا أفطر قال: «ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ العُرُوقُ، وَثَبَتَ الأَجْرُ إنْ شَاءَ الله». أخرجه أبو داود (¬1). 4 - يسن للصائم وغيره السواك في كل وقت، أول النهار وآخره. 5 - يسن للصائم إذا شاتمه أو قاتله أحد أن يقول: إني صائم، إني صائم. 6 - يسن للصائم الزيادة والإكثار من أعمال الخير كالذكر، وتلاوة القرآن، والجود، والصدقة، ومواساة الفقراء والمحتاجين، والاستغفار، والتوبة، والتهجد، وصلة الرحم، وعيادة المريض ونحو ذلك. 7 - تسن صلاة التراويح في ليالي شهر رمضان بعد صلاة العشاء الآخرة (إحدى ¬

(¬1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (2357).

عشرة ركعة مع الوتر، أو ثلاث عشرة ركعة مع الوتر) هذا هو السنة، ومن زاد فلا حرج ولا كراهية، ومن صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة. 8 - يسن لمن دُعي إلى طعام نهاراً وهو صائم أن يقول: إني صائم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ». أخرجه مسلم (¬1). 9 - يسن للصائم وغيره إذا أكل عند قوم أن يقول: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الملائِكَةُ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬2). 10 - وتسن العمرة في رمضان، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: « ... عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً، أَوْ حَجَّةً مَعِي». متفق عليه (¬3). - من أحرم بالعمرة في آخر يوم من رمضان ولم يشرع في أعمالها إلا ليلة العيد فهذه العمرة تعتبر في رمضان؛ لأن العبرة بوقت الدخول فيها. 11 - ويسن أن يجتهد في العشر الأواخر من رمضان بأنواع العبادة، ويحيي الليل كله، ويوقظ أهله. - فضل ليلة القدر: ليلة القدر ليلة عظيمة القدر، فيها يفرق كل أمر حكيم، وتقدَّر الأرزاق والآجال والأحوال لتلك السنة. وترجى ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان، وآكدها ليلة سبع وعشرين. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1150). (¬2) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (3854)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (1747). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1863)، ومسلم برقم (1256)، واللفظ له.

- خصائص ليلة القدر: ليلة القدر خير من ألف شهر، وذلك ثلاثة وثمانون عاماً وأربعة أشهر، فيستحب إحياؤها، وكثرة الدعاء فيها بما ورد. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} [القدر/ 1 - 5]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (¬1). 3 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن عَلمت أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟ قال: «قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1901)، ومسلم برقم (760). (¬2) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (3513)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3850).

4 - صوم التطوع

4 - صوم التطوع - صفة صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وإفطاره: 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مَا صَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَهْراً كَامِلاً قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لا وَالله لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لا وَالله لا يَصُومُ. متفق عليه (¬1). 2 - وعن حميد أنه سمع أنساً رضي الله عنه يقول: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئاً، وَكَانَ لا تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّياً إلَّا رَأيْتَهُ، وَلا نَائِماً إلَّا رَأيْتَهُ. أخرجه البخاري (¬2). - أقسام الصيام: الصيام نوعان: واجب: كصيام شهر رمضان. وتطوع: وهو نوعان: تطوع مطلق، وتطوع مقيد، وبعضه آكد من بعض. وصوم التطوع فيه ثواب عظيم، وزيادة في الأجر، وجبر لما يحصل في الصيام الواجب من نقص أو خلل. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «قَالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1971)، واللفظ له، ومسلم برقم (1157). (¬2) أخرجه البخاري برقم (1972). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1904) واللفظ له، ومسلم برقم (1151).

أنواع صيام التطوع

- أنواع صيام التطوع: 1 - أفضل صيام التطوع صيام داود - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً. 2 - أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم، وآكده العاشر، ثم التاسع، وصوم العاشر يكفر ذنوب السنة الماضية، ويستحب أن يصوم التاسع ثم العاشر مخالفة لليهود. 3 - صيام ست من شوال، قال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». أخرجه مسلم (¬1). والأفضل أن تكون متتابعة بعد العيد، ويجوز تفريقها. 4 - صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهي كصيام الدهر، ويسن أن تكون أيام البيض، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر، وإن شاء صام من أول الشهر أو آخره. 5 - صيام تسعة أيام من أول شهر ذي الحجة، وأفضلها التاسع، وهو يوم عرفة لغير حاج، وصيامه يكفر السنة الماضية والقادمة. 6 - الصيام في سبيل الله. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوماً فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ الله وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً». متفق عليه (¬2). 7 - ويستحب الإكثار من الصيام في شهر شعبان من أوله. عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ». متفق عليه (¬3). 8 - صيام يوم الإثنين من كل أسبوع. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1164). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2840)، واللفظ له، ومسلم برقم (1153). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1969) واللفظ له، ومسلم برقم (1156).

عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن صومه ... ... - وفيه- وسئل عن صوم يوم وإفطار يوم؟ قال: «ذَاكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام» قال: وسئل عن صوم يوم الإثنين؟ قال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدتُ فِيهِ، وَيَومٌ بُعِثْتُ (أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ)»، وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فقال: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ»، وسئل عن صوْم يوم عاشوراء؟ فقال: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ». أخرجه مسلم (¬1). - حكم صيام يوم السبت والأحد: يستحب صيام يوم السبت والأحد؛ لأنهما عيدان للمشركين، وبصيامهما تحصل المخالفة لهم، ويستحب للمسافر صيام يوم عرفة وعاشوراء؛ لأنه يفوت وقتهما. - ما يحرم صومه من الأيام: 1 - يحرم صوم يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى وصوم يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا قصد به الاحتياط لرمضان، وصوم أيام التشريق إلا عن دم متعة وقران فقط فيجوز، ولا يشرع صوم الدهر، ويكره صوم يوم عرفة للحاج. 2 - يحرم إفراد صيام رجب كله؛ لأنه من شعائر الجاهلية، فإن صام معه غيره فلا يحرم، ويكره إفراد صوم يوم الجمعة؛ لأنه من أعياد المسلمين، فإن صام معه غيره فلا يكره. - لا يجوز لامرأة أن تصوم نفلاً وزوجها حاضر إلا بإذنه، أما صوم رمضان وقضاء رمضان إذا ضاق وقته فإنها تصوم بدون إذنه. - حكم صيام ست من شوال قبل القضاء: من كان عليه قضاء من رمضان فصام ستاً من شوال قبل القضاء لم يحصل على ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1162).

ثوابها المذكور، بل عليه أن يكمل صيام رمضان أولاً، ثم يُتبعه بستٍ من شوال؛ ليحصل له الأجر المترتب عليه. - حكم قطع صيام النفل: من صام تطوعاً ثم بدا له أن يفطر فله ذلك، ويجوز صوم التطوع بنية من النهار، وله قطعه إن شاء، ولا يلزمه قضاؤه، ولا ينبغي أن يقطعه إلا لغرض صحيح. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: دخل عَلَيَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقُلْنَا: لا، قال: «فَإنِّي إذَنْ صَائِمٌ» ثم أتانا يوماً آخرَ فقلنا: يا رسول الله أُهدي لنا حَيْسٌ. فقال: «أَرِيْنِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِماً» فَأَكَلَ. أخرجه مسلم (¬1). - هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صوم التطوع: صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - التطوع ثلاثة أنواع: الأول: ما رغَّب فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وداوم علي صيامه كصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والعاشر من محرم. الثاني: ما رغَّب فيه وأكثر من صيامه كصوم شعبان. الثالث: ما رغَّب فيه ولم ينقل أنه صامه كصيام ست من شوال، وصيام يوم الإثنين، وصوم يوم وفطر يوم، وصوم شهر محرم، وذلك لانشغاله بعذر. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1154).

5 - الاعتكاف

5 - الاعتكاف - الاعتكاف: هو لزوم مسجدٍ لطاعة الله تعالى على صفة مخصوصة من رجل أو امرأة. - فقه الاعتكاف: الاعتكاف حبس النفس على عبادة الله تعالى والأنس به، وقطع العلائق عن الخلائق، وإخلاء القلب من كل ما يشغل عن ذكر الله عز وجل. - حكم الاعتكاف: الاعتكاف مسنون كل وقت، ويصح بلا صوم، ويجب بالنذر. ويسن في رمضان، وأفضله وآكده في العشر الأواخر من رمضان؛ تحرياً لليلة القدر. وهو في المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، أو المسجد الأقصى أفضل من غيرها، فإن عيَّن الأعلى كالمسجد الحرام لم يجز فيما دونه، وإن عَيَّن الأدنى، جاز الاعتكاف فيه وفي الأعلى. - شروط صحة الاعتكاف: يشترط لصحة الاعتكاف: الإسلام، نية الاعتكاف، أن يكون في مسجد تقام فيه الجماعة، وهو مع الصوم أفضل. - حكم اعتكاف المرأة في المسجد: يشرع للمرأة الاعتكاف كالرجل، وسواء كانت طاهراً، أو حائضاً، أو مستحاضة، لكن ينبغي أن تتحفظ؛ لئلا تلوِّث المسجد.

- يشترط لاعتكاف المرأة: أن يأذن لها وليّها، وألَّا يكون في اعتكافها فتنة لها. أو لغيرها، وأن تعتزل الرجال في مكان خاص بالنساء. - أفضل المساجد: المسجد الحرام، والصلاة فيه بمائة ألف صلاة، ثم المسجد النبوي، والصلاة فيه بألف صلاة، ثم المسجد الأقصى، والصلاة فيه بمائتين وخمسين صلاة. - حكم نذر الاعتكاف: من نذر الصلاة أو الاعتكاف في أحد المساجد الثلاثة لزمه كما سبق. ومن نذر الصلاة أو الاعتكاف في غيرها فلا يلزمه إلا لمزية شرعية فيصلي ويعتكف في أي مسجد شاء. - بداية الاعتكاف ونهايته: 1 - من نذر اعتكافاً في زمن معين دخل معتكفه قبل ليلته الأولى قبل غروب الشمس، وخرج بعد غروب شمس اليوم الأخير، كأن يقول: علي أن أعتكف أسبوعاً من شهر رمضان مثلا. 2 - إذا أراد المسلم اعتكاف العشر الأواخر من رمضان دخل معتكفه قبل غروب شمس ليلة إحدى وعشرين، وخرج بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان. - ما يفعله المعتكف: 1 - يسن للمعتكف الاشتغال والاجتهاد بأنواع العبادة كتلاوة القرآن، والذكر، والدعاء، والاستغفار، وصلاة النوافل، والتهجد، واجتناب ما لا يعنيه، من قول أو فعل.

2 - يجوز للمعتكف أن يخرج من المسجد لقضاء حاجة، ووضوء، وصلاة جمعة، وأكل، وشرب ونحو ذلك كزيارة مريض، أو اتباع جنازة من له حق عليه كأحد الوالدين، أو قريب، أو نحوهما. 3 - يجوز للمرأة أن تزور زوجها في معتكفه، وتتحدث معه ساعة ونحوها، وكذا أهله وأصحابه. - أفضل أوقات الاعتكاف: أفضل أوقات الاعتكاف اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، وإن قطعها أو قطع بعضها فلا حرج عليه إلا أن يكون اعتكافه منذوراً. ويسن الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان للرجل والمرأة. عن عائشة رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفق عليه (¬1). - مبطلات الاعتكاف: يبطل الاعتكاف بالخروج لغير حاجة، ووطء امرأته، وردته، وسكره. - النوم في المسجد أحياناً للمحتاج كالغريب، والفقير الذي لا سكن له جائز، وأما اتخاذ المسجد مبيتاً ومقيلاً فهو منهي عنه إلا لمعتكف ونحوه. - مدة الاعتكاف: يجوز الاعتكاف في أي زمن، وفي أي مدة، ليلاً أو نهاراً، أو أياماً. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2026) واللفظ له، ومسلم برقم (1172).

1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: يَا رَسُولَ الله، إنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أنْ أعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَراَمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَوْفِ نَذْرَكَ». فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً. متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ عَشْرَةَ أيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْماً. أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2042) واللفظ له، ومسلم برقم (1656) في كتاب الإيمان. (¬2) أخرجه البخاري برقم (2044).

6 - كتاب الحج والعمرة

6 - كتاب الحج والعمرة ويشتمل على ما يلي: 1 - معنى الحج وحكمه وفضله 2 - المواقيت 3 - الإحرام 4 - الفدية 5 - أنواع النسك 6 - معنى العمرة وحكمها 7 - صفة العمرة 8 - صفة الحج 9 - أحكام الحج والعمرة 10 - زيارة المسجد النبوي 11 - الهدي والأضحية العقيقة

1 - معنى الحج وحكمه وفضله

6 - كتاب الحج والعمرة 1 - معنى الحج وحكمه وفضله - الحج: هو التعبد لله عز وجل بقصد مكة في وقت محدد لأداء مناسك الحج. - مكانة البيت الحرام: جعل الله عز وجل البيت الحرام معظَّماً، وجعل المسجد الحرام فناءً له، وجعل مكة فناء للمسجد الحرام، وجعل الحرم فناء لمكة، وجعل المواقيت فناء للحرم، وجعل جزيرة العرب فناء للمواقيت، كل ذلك تعظيماً وتشريفاً وتكريماً لبيته الحرام. قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} ... [آل عمران/ 96 - 97]. - محاسن وأسرار الحج: 1 - الحج مظهر عملي للأخوة الإسلامية، ووحدة الأمة الإسلامية، حيث تذوب في الحج فوارق الأجناس والألوان واللغات والأوطان والطبقات، وتبرز حقيقة العبودية والأخوة، فالجميع بلباس واحد، يتجهون لقبلة واحدة، ويعبدون إلهاً واحدا. 2 - والحج مدرسة يتعود فيها المسلم على الصبر، ويتذكر فيها اليوم الآخر وأهواله، ويستشعر فيه لذة العبودية لله، ويعرف عظمة ربه، وافتقار الخلائق كلها إليه. 3 - والحج موسم كبير لكسب الأجور، وتكفير السيئات، يقف فيه العبد بين يدي ربه مقراً بتوحيده، معترفاً بذنبه وعجزه عن القيام بحق ربه، فيرجع من الحج نقياً من الذنوب كيوم ولدته أمه.

4 - وفي الحج تذكير بأحوال الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وعبادتهم، ودعوتهم وجهادهم، وأخلاقهم، وتوطين النفس على فراق الأهل والولد. 5 - والحج ميزان يعرف به المسلمون أحوال بعضهم، وما هم عليه من علم، أو جهل، أو غنى، أو فقر، أو استقامة، أو انحراف. - حكم الحج: الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب على كل مسلم، حر، بالغ، عاقل، قادر، في عمره مرة على الفور. وقد فُرض الحج في السنة التاسعة من الهجرة، وحج النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة واحدة هي حجة الوداع. 1 - قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران /97]. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيْتِ». متفق عليه (¬1). - القادر على الحج: هو من كان صحيح البدن، قادراً على السفر، ووجد زاداً وراحلة يتمكن بهما من أداء الحج ويرجع، بعد قضاء الواجبات كالديون الحالَّة، والنفقات الشرعية له ولعياله، وأن يكون ما عنده زائداً على حوائجه الأصلية. - من يجب عليه الحج: من كان قادراً على الحج بماله وبدنه لزمه الحج بنفسه، ومن كان قادراً بماله عاجزاً ببدنه وجب عليه أن ينيب من يحج عنه، ومن كان قادراً ببدنه عاجزاً بماله لم يجب عليه الحج، ومن كان عاجزاً عن الحج بماله وبدنه سقط عنه الحج. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (8)، ومسلم برقم (16) واللفظ له.

- يجوز لمن ليس لديه مال أن يأخذ من الزكاة مالاً يحج به، فالحج من سبيل الله تعالى. - فضل الحج والعمرة: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: «إيمَانٌ بِالله وَرَسُولِهِ» قيل: ثم ماذا؟ قال: «جِهَادٌ فِي سَبِيلِ الله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «حَجٌّ مَبْرُورٌ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حَجَّ للهِ، فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». متفق عليه (¬2). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العُمْرَةُ إلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ». متفق عليه (¬3). - إذا مات من لزمه الحج ولم يحج أُخرج من تركته مال يُحَج به عنه. - حكم حج المرأة وعمرتها بلا مَحْرم: 1 - يشترط لوجوب الحج على المرأة وجود مَحْرم لها من زوج، أو من يَحْرم عليه نكاحها أبداً كأب، أو أخ، أو ابن، أو نحوهم، فإن أبى المَحْرم أن يحج بها فإنه لا يجب عليها الحج، فإن حجت بلا مَحْرم فهي آثمة، وحجها صحيح. 2 - لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها مَحْرم سواء كانت شابة، أم عجوزاً، وسواء كان معها نساء أم لا، وسواء كان السفر طويلاً أم قصيراً؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1519) واللفظ له، ومسلم برقم (83). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1521) واللفظ له، ومسلم برقم (1350). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1773)، ومسلم برقم (1349). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1862)، ومسلم برقم (1341).

- حكم الحج عن الغير: من حج عن غيره لكبر سن، أو مرض لا يرجى برؤه، أو عن ميِّت، أحرم من أي المواقيت شاء، ولا يلزم أن ينشئ السفر مِنْ بلد مَنْ يحج عنه، ولا يحج المسلم عن غيره قبل أن يحج عن نفسه، ولا يلزم الموكِّل الإمساك عن محظورات الإحرام وقت النسك. عن بريدة رضي الله عنه قال: بينما أنا جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت، قال: فقال: «وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْميرَاثُ»، قالت: يا رسول الله! إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: «صُومِي عَنْهَا» قالت: إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال «حُجِّي عَنْهَا». أخرجه مسلم (¬1). - يصح أن يستنيب غير القادر بدنياً غيره في نفل حج، أو عمرة، بأجرة، وبدونها. - من مات وهو حاج فلا يُقضى عنه ما بقي من أعمال الحج؛ لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً، ومن مات وهو لا يصلي أبداً فلا يجوز أن يُحج أو يُتصدق عنه؛ لأنه مرتد. - صفة إحرام الحائض والنفساء: يجوز للحائض والنفساء الاغتسال والإحرام بالحج أو العمرة، وتبقى على إحرامها، وتؤدي نسك الحج، لكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر ثم تغتسل وتكمل نسكها ثم تحل، أما إن أحرمت بالعمرة فتبقى حتى تطهر ثم تغتسل ثم تؤدي نسك العمرة ثم تحل. - فضل المتابعة بين الحج والعمرة: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1149).

فَإنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إلا الجَنَّةُ». أخرجه أحمد والترمذي (¬1). - حكم خروج القادم من مكة لأداء العمرة: يكره للقادم إلى مكة إذا حج أو اعتمر الخروج من مكة لعمرة تطوع، وذلك بدعة لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا أصحابه رضي الله عنهم، لا في رمضان ولا في غيره، ولم يأمر عائشة رضي الله عنها بها، بل أذن لها بعد المراجعة تطييباً لقلبها، والطواف بالبيت أفضل من الخروج إليها. وعمرة عائشة من التنعيم خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إتمام عمرة الحج كعائشة، فلا تشرع لغيرها من النساء الطاهرات فضلاً عن الرجال. - حكم حج الصغير وعمرته: 1 - إذا أحرم الصبي بالحج صح نفلاً، فإن كان مميزاً فعل كما يفعل البالغ من الرجال والنساء، وإن كان صغيراً عَقد عنه الإحرام وليه، ويطوف ويسعى به، ويرمي عنه الجمرات، والأفضل أن يؤدي ما قدر عليه من مناسك الحج أو العمرة، وإذا بلغ فيما بعد لزمه أن يحج حجة الإسلام. 2 - إذا حج الصغير أو المملوك، ثم بلغ الصغير وعتق المملوك فعلى كل واحد منهما حجة أخرى. 3 - يسن الحج بالصبي، ومن حج به فهو مأجور. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رفعت امرأةٌ صبياً لها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: «نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ». أخرجه مسلم (¬2). - حكم دخول المشرك المسجد: لا يجوز للمشرك دخول المسجد الحرام، ويجوز دخوله بقية المساجد لمصلحة شرعية. ¬

(¬1) حسن/أخرجه أحمد برقم (3669)، وأخرجه الترمذي برقم (810)، وهذا لفظه. (¬2) أخرجه مسلم برقم (1336).

1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)} [التوبة/28]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خيلاً قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثُمامة بن أُثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. متفق عليه (¬1). - خصائص الحرم: لحرم مكة خصائص أهمها: مضاعفة أجر الصلاة فيه، وتعظيم إثم السيئات فيه، وأنه يحرم على المشرك دخوله، ويحرم البدء بالقتال فيه، ويحرم قطع شجره وحشيشه إلا الإذخر، ويحرم التقاط لقطته إلا لمنشد، ويحرم قتل أو تنفير صيده، وفيه أول بيت وضع للناس. قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران/ 96 - 97]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (462) واللفظ له، ومسلم برقم (1764).

2 - المواقيت

2 - المواقيت - المواقيت: جمع ميقات، وهو موضع العبادة وزمنها. - حكمة تعيين المواقيت: لما كان بيت الله الحرام معظَّماً مشرَّفاً جعل الله له حصناً وهو مكة، وحِمَىً وهو الحرم، وللحرم حرم وهي المواقيت التي لا يجوز لمريد الحج أو العمرة تجاوزها إليه إلا بالإحرام؛ تعظيماً لله تعالى، ولبيته الحرام. - أقسام المواقيت: المواقيت قسمان: 1 - زمانية: وهي أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة. فبداية الحج في شوال، وآخر وقت بدء الإحرام بالحج قبل فجر ليلة النحر، وجميع أعمال الحج تنتهي بغروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة إلا الطواف والسعي للمعذور، فيجوز تأخيرهما إلى نهاية ذي الحجة. 2 - مكانية: وهي التي يحرم منها من أراد الحج أو العمرة، وهي خمسة: 1 - ذو الحليفة: وهو ميقات أهل المدينة ومن مر بها، ويبعد عن مكة (420) كيلو متراً تقريباً، وهو أبعد المواقيت عن مكة، ويسمى (وادي العقيق)، ومسجدها يسمى مسجد الشجرة، وهو جنوب المدينة بينه وبين المسجد النبوي (13) كيلومتراً، وتستحب الصلاة في هذا الوادي المبارك. 2 - الجحفة: وهي ميقات أهل الشام وتركيا ومصر والمغرب ومن حاذاها أو مر بها، وهي قرية قرب رابغ، وتبعد عن مكة (186) كيلو متراً تقريباً، ويُحرم الناس الآن من (رابغ) الواقعة غرباً عنها. 3 - يلملم: وهو ميقات أهل اليمن ومن حاذاها أو مر بها، ويلملم واد يبعد عن مكة (120) كيلو متراً تقريباً، ويسمى الآن (السَّعدية).

4 - قرن المنازل: وهو ميقات أهل نجد والطائف ومن حاذاه أو مر به، وهو المشهور الآن بـ (السيل الكبير)، بينه وبين مكة (75) كيلو متراً تقريباً، ووادي مَحْرَم هو أعلى قرن المنازل. 5 - ذات عرق: وهي ميقات أهل العراق ومن حاذاها أو مر بها، وهي واد، وتسمى (الضريبة)، بينها وبين مكة (100) كيلو متراًَ تقريباً. ومن كان منزله دون المواقيت من جهة مكة أحرم منه. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا». متفق عليه (¬1). - صفة الإحرام من دون المواقيت الخمسة: من أراد الحج من مكة فالسنة أن يحرم منها، وإن أحرم من الحل أجزأ، ومن أراد العمرة من أهل مكة أحرم من الحل خارج الحرم كمسجد عائشة رضي الله عنها في التنعيم أو الجعرانة، يُحرم من الأسهل عليه، فإن أحرم للعمرة من الحرم متعمداً، عالماً بالحكم انعقد إحرامه ولكنه آثم، وعليه التوبة والاستغفار. - حكم تجاوز الميقات بلا إحرام: 1 - لا يجوز لحاج أو معتمر تجاوز الميقات بلا إحرام، ومن تجاوزه بلا إحرام لزمه الرجوع إليه والإحرام منه، فإن لم يرجع وأحرم من موضعه متعمداً، عالماً بالحكم فهو آثم، وحجته وعمرته صحيحة، وإن أحرم قبل الميقات صح مع الكراهة. 2 - من جاوز الميقات وهو لا يريد الحج أو العمرة ثم أنشأ نية الحج أو العمرة ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1526) واللفظ له، ومسلم برقم (1181).

فيحرم من حيث أنشأ إلا العمرة المفردة إن نواها من الحرم خرج إلى الحل، وإن نواها من الحل أحرم من حيث أنشأ النية. - أهل مكة يحرمون بالحج مفردين أو قارنين من مكة، أما إن أرادوا الإحرام بالعمرة وحدها أو متمتعين بها الى الحج فيخرجون للإحرام بذلك من الحل كالتنعيم، أو الجعرانة ونحوهما. - صفة الإحرام في الطائرة: من ركب الطائرة مريداً للحج، أو العمرة، أو لهما معاً فإنه يحرم بالطائرة إذا حاذى أحد هذه المواقيت، فيلبس ملابس الإحرام، ثم ينوي الإحرام، فإن لم يكن معه ملابس الإحرام أحرم بالسراويل وكشف رأسه، فإن لم يكن معه سراويل أحرم في قميصه، فإذا نزل اشترى ملابس الإحرام ولبسها. ولا يجوز أن يؤخر الإحرام حتى ينزل في مطار جدة ويحرم منه، فإن فعل لزمه الرجوع إلى أقرب هذه المواقيت للإحرام منه، فإن لم يرجع وأحرم في المطار أو دون الميقات متعمداً، عالماً بالحكم فهو آثم، ونسكه صحيح. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفاتٍ فقال: «مَنْ لَمْ يَجِدِ الإزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ». متفق عليه (¬1). - حكم من مر بميقاتين: يجب على من يمر بميقاتين وهو يريد الحج أو العمرة ألا يتجاوز أولهما إلا محْرِماً، فَيُحْرِم من أول ميقات يمر به. فإذا مر المصري أو الشامي أو المغربي ونحوهم بميقات أهل المدينة قبل الوصول إلى ميقاته الأصلي الجحفة أحرم من ذي الحليفة، ولا يجوز له تأخير الإحرام حتى يصل إلى ميقاته الجحفة؛ لأن المواقيت لأهلها، ولمن مر بها ممن أراد الحج أو العمرة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1843)، ومسلم برقم (1178).

3 - الإحرام

3 - الإحرام - الإحرام: هو نية الدخول في النسك حجاً كان أو عمرة. - حكمة الإحرام: جعل الله لبيته الحرام حرماً ومواقيت لا يتعداها من يريد الدخول إلى الحرم إلا إذا كان على وصف معين، ونية معينة. - حدود حرم مكة: من الغرب: الشميسي (الحديبية)، ويبعد عن المسجد الحرام (22) كيلومتراً على طريق جدة. ومن الشرق: ضفة وادي عرنة الغربية، وتبعد (15) كيلومتراً، ويمره طريق الطائف، ومن جهة الجعرانة شرائع المجاهدين ويبعد (16) كيلومتراً تقريباً. ومن الشمال: التنعيم، ويبعد (7) كيلومترات تقريباً. ومن الجنوب: أضاة لين طريق اليمن، وتبعد (12) كيلومتراً تقريباً. - كيفية الإحرام: 1 - يسن للرجل إذا أراد الإحرام بالحج أو العمرة أن يغتسل، ويتنظف، ويتطيب في بدنه، ولا يطيب ثيابه، ويلبس إزاراً ورداء أبيضين نظيفين، بعد أن يتجرد من المخيط، ويلبس نعلين، والمرأة يسن لها أن تغتسل للإحرام ولو كانت حائضاً أو نفساء، وتلبس ما شاءت من الثياب الساترة، وتجتنب لباس الشهرة، والثياب الضيقة، وما فيه تشبه بالرجال أو الكفار، ولا تلبس النقاب ولا القفازين. 2 - ويسن أن يحرم عقب صلاة فريضة إن تيسر، وليس للإحرام صلاة تخصه، وإن أحرم عقب ركعتين مسنونتين كتحية المسجد، أو ركعتي الوضوء، أو صلاة الضحى فلا حرج، وينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده، من حج أو عمرة، ويسن إحرامه وإهلاله دبر الصلاة في المسجد، أو إذا استقلت به راحلته مستقبلاً القبلة.

3 - يسن للمحرم أن يذكر نسكه فيقول المعتمر: «لبيك عمرة» ويقول المفرد: «لبيك حجاً»، وإن كان قارناً قال: «لبيك عمرة وحجاً» وإن كان متمتعاً قال: «لبيك عمرة» ويقول الحاج: «اللهم هذه حجة لا رياء فيها ولا سمعة». - حكم اشتراط التحلل من النسك عند العذر: إذا كان المُحْرِم مريضاً أو خائفاً سن له أن يقول عند عقد الإحرام بالنسك، (إنْ حَبَسنِيْ حَابِسٌ فَمَحلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي) فإن عرض له شيء يمنعه، أو زاد مرضه، حَلّ ولا هدي عليه، وإذا لم يشترط المحْرِم، وحبسه عذر، لزمه دم يذبحه ثم يحل. 1 - قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة/196]. 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ضباعة بنت الزبير. فقال لها: «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟» قَالَتْ: والله لَا أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي». متفق عليه (¬1). - صفة التلبية: 1 - يسن أن يقول المحْرِم عقب الإحرام وإذا استوى على راحلته بعد حمد الله عز وجل، وتسبيحه، وتكبيره: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ». متفق عليه (¬2). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان من تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَبَّيْكَ إلَهَ الحَقِّ». أخرجه النسائي وابن ماجه (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5089)، واللفظ له، ومسلم برقم (1207). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1549)، ومسلم برقم (1184). (¬3) صحيح/أخرجه النسائي برقم (2752)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2920).

- فضل التلبية: عَنْ سَهْلِ بنِ سَعدٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِنْ مُسْلِمٍ يُلبي إلا لبَّي مَنْ عنْ يَمينِه أو عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجرٍ أو شَجرٍ أو مَدَرٍ حتَّى تَنْقَطِعَ الأرضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬1). - يسن للمحرم أن يكثر من التلبية، فالتلبية شعار الحج والعمرة، يصوت بها الرجل والمرأة ما لم تُخشَ الفتنة، يلبي حيناً، ويهلل حيناً، ويكبر حيناً. - تُقطع التلبية في العمرة إذا دخل في أدنى حدود الحرم، وتقطع في الحج إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد. - إذا أحرم البالغ بالحج أو العمرة لزمه الإتمام، أما الصبي فلا يلزمه الإتمام؛ لأنه غير مكلف، ولا ملزم بالواجبات. - ما يجب على الحاج فعله: يجب على الحاج وغيره الاجتهاد في فعل الطاعات، واجتناب المحرمات. قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197)} [البقرة/197]. - محظورات الإحرام: محظورات الإحرام هي الأعمال الممنوعة على المحرم بسبب إحرامه. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلا العَمَائِمَ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ، وَلا البَرَانِسَ، وَلا الخِفَافَ، إلا أَحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ¬

(¬1) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (828)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2921).

وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ». متفق عليه (¬1). - يحرم على المحْرِم ذكراً كان أو أنثى ما يلي: 1 - حلق الشعر أو تقصيره. 2 - تقليم الأظافر. 3 - تغطية رأس الرجل. 4 - لبس الذكر للمخيط، وهو ما خيط على قدر البدن كله كالقميص، أو على قدر نصفه الأعلى كالفنيلة، أو نصفه الأسفل كالسراويل، وما خيط على قدر العضو لليدين كالقفازين، وللرجلين كالخفين، وللرأس كالعمامة والطاقية ونحوهما. 5 - استعمال الطيب أو البخور في البدن أو اللباس بأي وجه. 6 - قتل صيد البر المأكول أو اصطياده. 7 - عقد النكاح. 8 - تغطية وجه المرأة بالنقاب أو البرقع ونحوهما، ويديها بالقفازين. 9 - الجماع: وهو أشد محظورات الإحرام، فإن كان قبل التحلل الأول فسد نسكهما مع الإثم، ويجب في ذلك بدنة، ويمضيان فيه، ويقضيان ثاني عام، وإن كان الجماع بعد التحلل الأول فلا يفسد النسك لكنه آثم، وعليه الفدية والغسل. 10 - مباشرة الرجل المرأة فيما دون الفرج، فإن أنزل لم يفسد حجه ولا إحرامه لكنه آثم، وعليه فدية الأذى. - لا يجوز للرجل أن يُحرم بالجوربين ولا بالخفين إلا إذا لم يجد نعلين، فيلبس الخفين ولا يقطعهما، والمراد بالخفين: ما يغطي الكعبين، ويجوز للمرأة ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1542) واللفظ له، ومسلم برقم (1177).

المحرمة لبس الجوربين والخفين، أما القفازان فلا يجوز للمحرم ولا للمحرمة لبسهما كما سبق. - المرأة كالرجل فيما سبق من المحظورات إلا في لبس المخيط فتلبس ما شاءت غير متبرجة، وتجتنب لبس النقاب وتغطي رأسها، وتسدل خمارها على وجهها إذا كانت بحضرة رجال أجانب، وتجتنب لبس القفازين، ويباح لها التحلي. - التحلل الأول في الحج يحل فيه للحاج كل شيء إلا النساء، ويحصل برمي جمرة العقبة. ومن ساق الهدي توقف إحلاله على نحره مع الرمي. - حكم المحرمة إذا حاضت: إذا حاضت المرأة المتمتعة قبل الطواف وخشيت فوات الحج أحرمت به، وصارت قارنة، ومثلها المعذور، والحائض والنفساء تفعل المناسك كلها غير الطواف بالبيت، وإن أصابها الحيض أثناء الطواف خرجت منه وأحرمت بالحج، وصارت قارنة. - ما يجوز للمحرم فعله: 1 - يجوز للمحرم ذبح بهيمة الأنعام والدجاج ونحوها، وله قتل الصائل المؤذي في الحل والحرم كالأسد، والذئب، والنمر، والفهد، والحية، والعقرب، والفأرة، وكل مؤذٍ كالوزغ، وقتله في أول ضربه أفضل، وله فيها مائة حسنة، كما يجوز له صيد البحر وطعامه. 1 - قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)} [المائدة/96]. 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: العَقْرَبُ، وَالفَأرَةُ، والحُديَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1829)، ومسلم برقم (1198) واللفظ له.

2 - يجوز للمحرم بعد إحرامه أن يغتسل ويغسل رأسه وثيابه، وله تبديلها، ويجوز للمحرم أن يلبس خاتم الفضة، ونظارة العين، وسماعة الأذن، والساعة في اليد، ولبس الحزام، والحذاء ولو كانا مخيطين، ويجوز له أن يحتجم ويكتحل لوجع ونحوه. 3 - يجوز للمحرم شمُّ الريحان، والاستظلال بالخيمة، أو الشمسية، أو سقف السيارة، وحك الرأس ولو سقط منه بعض الشعر. - من أراد أن يضحي وحج في عشر ذي الحجة فلا ينبغي له عند الإحرام أن يأخذ من بدنه وشعره وظفره شيئاً، ويجوز له فقط حلق أو تقصير رأسه إن كان متمتعاً؛ لكون الحلق أو التقصير نسكاً. - ما يُفعل بالمحرم إذا مات: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً وَقَصَهُ بعيره ونحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوبَيْنِ، وَلا تُمِسُّوُه طِيباً، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإنَّ الله يَبْعَثُهُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّياً». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1267) واللفظ له، ومسلم برقم (1206).

4 - الفدية

4 - الفدية - محظورات الإحرام من حيث الفدية تنقسم إلى أربعة أقسام: 1 - ما لا فدية فيه: وهو عقد النكاح. 2 - ما فديته مغلظة: وهو الجماع في الحج قبل التحلل الأول، وفديته بدنة. 3 - ما فديته الجزاء أو بدله: وهو قتل الصيد البري المأكول. 4 - ما فديته فدية أذى: وهو بقية المحظورات كالحلق، والطيب ونحوها. - مَنْ كان مريضاً أو معذوراً واحتاج إلى فعل محظور من محظورات الإحرام السابقة غير الوطء كحلق شعر الرأس، ولبس المخيط ونحوهما فله ذلك، وعليه فدية الأذى. - فدية الأذى يخير فيها بين ثلاثة أشياء: 1 - صيام ثلاثة أيام. 2 - أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من بر، أو أرز، أو تمر، أو نحوها، أو وجبة طعام لكل مسكين حسب العرف والعادة. 3 - أو يذبح شاة. قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة/196]. يجزئ الصيام في كل مكان، أما الإطعام والذبيحة فلفقراء مكة. - حكم من فعل شيئاً من محظورات الإحرام: مَنْ فعل شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً، أو ناسياً، أو مكرهاً فلا إثم عليه ولا فدية، وعليه أن يتخلى عن المحظور فوراً. وَمَنْ فعلها متعمداً لحاجة فعليه الفدية ولا إثم عليه.

وَمَنْ فعلها متعمداً بلا عذر ولا حاجة فعليه الفدية مع الإثم. - فدية قتل الصيد البري: مَنْ قتل صيداً بَرِّياً متعمداً وهو محرم: فإن كان له مِثْل من النَّعَم خُيِّر بين إخراج المثل يذبحه ويطعمه مساكين الحرم، أو يقوَّم المِثْل بدراهم يشتري بها طعاماً فيطعم كل مسكين نصف صاع، أو يصوم عن طعام كل مسكين يوماً، وإن كان الصيد ليس له مِثْل يقوَّم الصيد بدراهم، ثم يخير بين الإطعام والصيام. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة/95]. - فدية الجماع في الحج والعمرة: 1 - فدية الجماع في الحج قبل التحلل الأول بدنة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وإن كان الجماع بعد التحلل الأول فكفدية الأذى، والمرأة كالرجل في ذلك إلا إن كانت مكرهة. 2 - فدية مَنْ وقع على امرأته في العمرة قبل السعي أو التقصير فدية الأذى. - حكم قطع شجر الحرم وقتل صيده: 1 - يحرم على المُحْرِم والحلال قطع شجر حرم مكة وحشيشه إلا الإذخر، وما زرعه الآدمي، ولا فدية فيه، كما يحرم قتل صيد الحرم، فإن فعل فعليه الفدية. 2 - ويحرم صيد حرم المدينة، وقطع شجره، ولا فدية فيه، لكن يعزر من صاده ويأثم، ويؤخذ من حشيشه ما يُحتاج إليه للعلف، وليس في الدنيا حرم إلا هذان الحرمان. - حدود حرم المدينة: من الشرق الحرة الشرقية، ومن الغرب الحرة الغربية، ومن الشمال جبل ثور

خلف جبل أحد، ومن الجنوب جبل عير وبسفحه الشمالي وادي العقيق. - حكم من كرر محظوراً: مَنْ كرر محظوراً من جنس واحد ولم يفد فدى مرة واحدة، بخلاف صيد، ومن كرر محظوراً من أجناس بأن حلق رأسه، ومس طيباً فدى لكل جنس مرة. - يحرم عقد النكاح حال الإحرام ولا يصح، ولا فدية فيه، وتصح الرجعة. - من يجب عليه الهدي: يجب الهدي على المتمتع والقارن إن لم يكونا من حاضري المسجد الحرام، وهو: شاة، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، فمن لم يجد الهدي أو عجز عنه، صام ثلاثة أيام في الحج قبل عرفة أو بعدها، ويكون آخرها يوم الثالث عشر وهو الأفضل وسبعة إذا رجع إلى أهله، أما المفرد فلا هدي عليه. قال الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)} [البقرة/ 196]. - كل هدي أو إطعام فلمساكين الحرم ذبحاً وتفريقاً، وفدية الأذى، واللبس ونحوهما، ودم الإحصار حيث وُجد سببه، وجزاء الصيد في الحرم لمساكين الحرم، ويجزئ الصيام في كل مكان. - هدي التمتع والقران يسن أن يأكل منه، ويهدي، ويطعم منه فقراء الحرم. - المُحْصَر يجب عليه أن يذبح ما استيسر من الهدي ثم يحلق، فإن لم يجد هدياً حَلَّ، ولا شيء عليه. - حكم الصيد الذي له مِثل والذي ليس له مِثل: 1 - الصيد الذي له مِثل من النعم مِثل النعامة فيها بدنة، وحمار الوحش، وبقرته، والوعل، والأيِّل فيه بقرة، وفي الضبع كبش، وفي الغزال عنز، وفي الوبر

والضب جدي، وفي اليربوع جَفْرة، وفي الأرنب عَنَاق، وفي الحمامة وأشباهها شاة، وما سوى ذلك يحكم به عدلان من ذوي الخبرة. 2 - الصيد الذي لا مثل له يقوَّم الصيد بدراهم ويشتري بها طعاماً، ويعطي مُداً لكل مسكين، أو عدل ذلك صياماً. - أقسام الدماء في الحج: 1 - دم التمتع والقران، يأكل منه الحاج ويهدي ويطعم الفقراء. 2 - دم الفدية لمن فعل شيئاً من محظورات الإحرام كحلق الرأس، أو لبس المخيط ونحوهما. 3 - دم الجزاء لمن قتل الصيد البري المأكول. 4 - دم الإحصار لمن حُبس عن إتمام النسك، أو عن البيت، ولم يشترط. 5 - دم الوطء إذا وطئ قبل أن يحل. وهذه الدماء الأربعة الأخيرة دماء جبران؛ لنقص النسك، لا يأكل منها، بل يذبحها ويطعمها فقراء مكة. - حكم نقل اللحوم خارج الحرم: ما يذبحه الحجاج ثلاثة أنواع: 1 - هدي التمتع أو القران يذبح في الحرم، ويأكل منه، ويطعم الفقراء، وله نقله خارج الحرم. 2 - ما يذبح داخل الحرم جزاء لصيد، أو فدية لأذى، أو فعل محظور فهذا كله لفقراء الحرم، ولا يأكل منه. 3 - ما يذبح خارج الحرم كهدي الإحصار، أو فدية جزاء، أو غيرهما فهذا يوزع حيث ذبح، وله نقله إلى مكان آخر، ولا يأكل منه.

5 - أنواع النسك

5 - أنواع النسك - الأنساك ثلاثة: التمتع، والقران، والإفراد. 1 - صفة التمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج من مكة، أو قُرْبها في عَامِه، ويستمر في الإحرام إلى أن يرمي جمرة العقبة يوم العيد، وعليه هدي التمتع، وصفة النطق به: (لبيك عمرة). 2 - صفة القِران: أن يحرم بالعمرة والحج معاً، أو يحرم بالحج أولاً ثم يدخل العمرة عليه، وصفة النطق به: (لبيك عمرة وحجاً)، ويجوز لمن كان معذوراً أن يدخل الحج على العمرة قبل الشروع في طوافها كمن أصابها الحيض أو النفاس مثلاً. 3 - صفة الإفراد: أن يحرم بالحج مفرداً، وصفة النطق به: (لبيك حجاً)، وعمل القارن كعمل المفرد سواء، إلا أن القارن عليه هدي، والمفرد لا هدي عليه، والقران أفضل من الإفراد، والتمتع أفضل منهما. ويسن للمسلم أن يهل بالتمتع مرة، وبالقِران مرة، وبالإفراد مرة، إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة. عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ» قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِي الله عَنْهَا: فَأَهَلَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِحَجٍّ، وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ، وَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ. أخرجه مسلم (¬1). - أفضل الأنساك: ينبغي لكل حاج أن يحج متمتعاً، والتمتع أفضل الأنساك وأولاها؛ لأنه الذي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه به، وعزم عليهم أن يحلوا في حجة الوداع إلا من ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1211).

ساق الهدي، والتمتع أيسر الأنساك وأسهلها. - إذا أحرم الإنسان قارناً أو مفرداً فالأولى أن يقلب نسكه إلى عمرة ليصير متمتعاً ولو بعد أن طاف وسعى إذا لم يسق معه الهدي، فيقصِّر ويحل؛ اتباعاً لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما من ساق الهدي فيظل في إحرامه ولا يتحلل إلا بعد الرمي يوم النحر. - صفة دخول مكة: إذا أحرم المسلم بالحج أو العمرة قصد مكة ملبياً، ويسن دخوله من أعلاها إن كان أرفق لدخوله، وأن يغتسل إن تيسر، ويدخل المسجد الحرام من أي جهة شاء، فإذا أراد دخول المسجد الحرام قدم رجله اليمنى، ثم قال ما يقال عند دخول المساجد: «اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ». أخرجه مسلم (¬1). «أَعُوذُ بِالله العَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ القَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». أخرجه أبو داود (¬2). - ما يفعله إذا دخل المسجد الحرام: 1 - إذا دخل المحْرِم المسجد الحرام بدأ بالطواف مباشرة إلا أن يكون وقت فريضة فيصليها ثم يطوف. 2 - يبدأ المعتمر عمرة مفردة، أو عمرة تمتع بطواف العمرة، ويبدأ القارن والمفرد بطواف القدوم، وهو سنة ليس بواجب. - أحوال التحلل من النسك: التحلل من النسك يكون بما يلي: إما بإتمام النسك، أو التحلل لعذر إن اشترط، أوالتحلل بالحصر بعد ذبح الهدي. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (713). (¬2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (466).

6 - معنى العمرة وحكمها

6 - معنى العمرة وحكمها - العمرة: هي التعبد للهِ بالطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق، أو التقصير. - حكم العمرة: العمرة واجبة في العمر مرة، وتسن في كل وقت من العام، وفي أشهر الحج أفضل من سائر العام، والعمرة في رمضان تعدل حجة. - عدد عُمَر النبي - صلى الله عليه وسلم -: اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع عمر كلها في أشهر الحج وهي: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، وعمرته مع حجته - صلى الله عليه وسلم -، وكلها كانت في ذي القعدة. - أركان العمرة: الإحرام، والطواف، والسعي. - واجبات العمرة: الإحرام من الميقات، والحلق أو التقصير، ومن ترك واحداً منها متعمداً، عالماً بالحكم فهو آثم، لكن لا دم عليه، وعمرته صحيحة. - شروط صحة الطواف: النية .. الطهارة من الحدث الأكبر .. ستر العورة .. الطواف سبعاً .. أن يبدأ من الحجر الأسود ويختم به .. الطواف بكامل البيت .. أن يجعل البيت عن يساره .. الموالاة بين الأشواط إلا لعذر.

7 - صفة العمرة

7 - صفة العمرة - صفة العمرة التي فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيَّنها: أن يحرم من يريد العمرة بها من الميقات إذا كان ماراً به، ومن كان دون الميقات أحرم من حيث أنشأ، وإن كان من أهل مكة خرج إلى الحل كالتنعيم ليحرم منه، ويستحب أن يدخل مكة ليلاً أو نهاراً من أعلاها، ويخرج من أسفلها إن كان أيسر له، ويقطع التلبية إذا دخل أدنى حدود الحرم. - فإذا وصل المسجد الحرام دخله متوضئاً، ويبدأ بالطواف بالكعبة من الحجر الأسود، ويجعل البيت عن يساره. ويسن أن يضطبع قبل أن يطوف، بأن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر في جميع الأشواط. ويسن أن يرمل، وهو المشي بقوة ونشاط في الأشواط الثلاثة الأولى من الحَجَر إلى الحَجَر، ويمشي في الأشواط الأربعة الأخيرة، والاضطباع والرمل سنة للرجال فقط دون النساء، في طواف القدوم وطواف العمرة فقط. - فإذا حاذى الحجر الأسود استقبله واستلمه بيده، وقبَّله بفمه، فإن لم يستطع وضع يده اليمنى عليه وَقبَّلها، فإن لم يستطع استلمه بمحجن، أو عصا ونحوهما مما في يده وَقبَّلها، فإن لم يستطع أشار إليه بيده اليمنى ولا يقبلها، ويمضي ولا يقف، ويقول إذا حاذاه: (الله أكبر) مرة واحدة، ويفعل ذلك في كل شوط، ثم يدعو أثناء طوافه بما شاء من الأدعية الشرعية ويذكر الله ويوحده. - فإذا مر بالركن اليماني استلمه بيده اليمنى بدون تقبيل في كل شوط ولا يكبر، فإن شق استلامه مضى في طوافه بلا تكبير ولا إشارة، ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} فيطوف سبعة أشواط كاملة من وراء الكعبة والحِجر، يكبر كلما حاذى الحجر الأسود، ويستلمه، ويقبِّله في كل شوط إن أمكن، ولا يستلم الركنين

الشاميين، وله أن يلتزم ما بين الركن والباب بعد طواف القدوم، أو الوداع، أو غيرهما فيضع صدره، ووجهه، وذراعيه عليه، ويدعو ويسأل الله تعالى. - فإذا فرغ من الطواف غطى كتفه الأيمن وتقدم إلى مقام إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة/125]. - ثم يسن أن يصلي ركعتين خفيفتين خلف مقام إبراهيم إن تيسر وإلا في أي مكان من المسجد الحرام، ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة (الكافرون) وفي الثانية بعد الفاتحة سورة (الإخلاص)، ثم ينصرف من حين يسلم، والدعاء بعد الركعتين هنا غير مشروع، وكذلك الدعاء عند مقام إبراهيم لا أصل له. - ثم إذا فرغ من الصلاة يسن أن يذهب إلى الحجر الأسود ويستلمه إن تيسر. - ثم يخرج إلى الصفا، ويسن أن يقرأ إذا قرب منه: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} [البقرة/158]. ويقول: أبدأ بما بدأ الله به، فإذا صعد على الصفا ورأى البيت يقف مستقبلاً القبلة ويكبر ثلاثاً رافعاً يديه للذكر والدعاء، لا على هيئة تكبير الصلاة، يوحد الله ويكبره ويحمده قائلاً: «لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلا الله وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ». متفق عليه (¬1). ثم يدعو، ثم يعيد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو، ثم يعيد الذكر مرة ثالثة، يجهر بالذكر، ويسر بالدعاء. - ثم ينزل من الصفا متجهاً إلى المروة بخشوع وتذلل، ويمشي حتى يحاذي العلم الأخضر، فإذا حاذاه سعى سعياً شديداً إلى العلم الأخضر الثاني، ثم يمشي إلى المروة، وفي كل ذلك يهلل، ويكبر، ويدعو. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4114)، ومسلم برقم (1218)، واللفظ له.

- فإذا وصل إلى المروة رقاها واستقبل البيت رافعاً يديه ووقف يذكر الله تعالى ويدعو، ويقول ما قاله على الصفا، ويكرره ثلاثاً، ثم ينزل من المروة إلى الصفا، يمشي في موضع مشيه، ويسعى في موضع سعيه، يفعل ذلك سبعاً، ذهابه سَعْية، ورجوعه سَعْية، يبدأ بالصفا، ويختم بالمروة، وتسن للسعي الطهارة والموالاة. والسنة أن يطوف ويسعى في الدور الأرضي، ويجوز أن يطوف ويسعى فيما فوقه من الأدوار لعذر من مرض أوشدة زحام ونحوهما. - وتسن الموالاة بين الطواف والسعي: فإذا أتم السعي حلق وهو الأفضل، أو قصَّر من شعر رأسه يعمّه بالتقصير، وتُقصّر المرأة من شعرها قدر أنملة، وبذلك تمت العمرة، وحل له كل شيء حَرُم عليه وهو مُحْرِم كاللباس، والطيب، والنكاح ونحو ذلك. - المرأة كالرجل في الطواف والسعي إلا أنها لا ترمل في طواف، ولا تسرع في سعي، ولا تضطبع، وتجتنب إظهار الزينة، وكشف الوجه أمام الرجال، ورفع الصوت، ومزاحمة الرجال. - حكم من جامع زوجته وهو مُحْرِم بالعمرة: إذا جامع الرجل زوجته بعد الإحرام بالعمرة لزمه أن يتمها ثم يقضيها؛ لأنه أفسدها بالجماع، وإن جامعها بعد الطواف والسعي وقبل الحلق أو التقصير فلا تفسد عمرته، وعليه فدية الأذى. - إذا أقيمت الصلاة وهو في الطواف أو السعي فإنه يدخل مع الجماعة ويصلي، فإذا انتهت الصلاة أتم الشوط من حيث وقف، ولا يلزمه أن يأتي به من أول الشوط. - حكم تقبيل الحجر الأسود: تقبيل الحجر الأسود واستلامه والإشارة إليه والتكبير كل ذلك سنة، فمن شق

عليه شيء منها تركها ومضى. والسنة تقبيل الحجر الأسود واستلامه لمن سهل عليه ذلك في حال الطواف، وبين الطواف والسعي، أما مع الزحام وأذية الطائفين فلا يشرع، وتركه أولى، خاصة النساء؛ لأن الاستلام والتقبيل سنة، وأذىة الناس محرمة، فلا يفعل السنة ويرتكب المحرَّم في آن واحد. - أصل الحجر الأسود أنه نزل من الجنة أشد بياضاً من اللبن، فسوَّدته خطايا بني آدم، ولولا ما مسّه من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي، يبعثه الله يوم القيامة فيشهد على من استلمه بحق، وَمَسْحُ الحجر الأسود والركن اليماني يحطَّان الخطايا حطّاً. - فضل الطواف بالبيت: يستحب للمسلم أن يكثر من الطواف بالبيت؛ طلباً لزيادة الأجر. عَنْ عَبْدِا? بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: مَا لِي لَا أَرَاكَ تَسْتَلِمُ إِلَّا هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ الحَجَرَ الأَسْوَدَ وَالرُّكْنَ اليَمَانِيَ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ أَفْعَلْ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ ا? - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ اسْتِلَامَهُمَا يَحُطُّ الخَطَايَا» قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ طَافَ أُسْبُوعًا يُحْصِيهِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ» قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَا رَفَعَ رَجُلٌ قَدَمًا وَلَا وَضَعَهَا إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ». أخرجه أحمد والترمذي (¬1). - الطواف بالبيت على طهارة أفضل وأكمل، وإن طاف بلا وضوء صح، أما الطهارة من الحدث الأكبر كالجنابة والحيض فتجب. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (4462) وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (959).

8 - صفة الحج

8 - صفة الحج - صفة الحج الذي بينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأمر به أصحابه رضي الله عنهم. - يُسن للمحلين بمكة وأهل مكة الاغتسال والتنظف والتطيب ثم الإحرام بالحج يوم التروية قبل الزوال وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، يُحرم من مكانه الذي هو نازل فيه، ويقول في إهلاله: (لبيك حجاً) وأما القارن والمفرد فيبقى على إحرامه حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر. - ثم يخرج ملبياً كل من أراد الحج إلى منى قبل الزوال، فيصلي بها مع الإمام إن تيسر الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع، وإن لم يتيسر صلى في موضع رحله قصراً بلا جمع، ويبيت في منى تلك الليلة. - ثم إذا طلعت الشمس من اليوم التاسع وهو يوم عرفة سار من منى إلى عرفة ملبياً ومكبراً، فينزل بنمرة إلى الزوال، وهي مكان قريب من عرفات وليس منها. - حدود عرفات: من الشرق الجبال المحيطة المطلَّة على ميدان عرفات، ومن الغرب وادي عرنة، ومن الشمال ملتقى وادي وصيق بوادي عرنة، ومن الجنوب ما بعد مسجد نمرة جنوباً بنحو كيلو ونصف تقريباً. - فإذا زالت الشمس رحل إلى أول عرفة جهة مسجد عرفات، وفي ذلك المكان (بطن عرنة) يخطب الإمام بالناس وهو الآن داخل المسجد، ثم يؤذن المؤذن لصلاة الظهر، ثم يقيم، ثم يصلي الإمام بهم الظهر والعصر جمعاً وقصراً، ركعتين ركعتين، يجمع بينهما جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين، فإن لم يتيسر له صلى جماعة مع رفقته في منزله جمعاً وقصراً كما سبق. - ثم يسن له بعد الصلاة أن يتوجه إلى عرفات، ويقف عند الجبل المسمى جبل عرفة، فيجعله بينه وبين القبلة، ويستقبل القبلة جاعلاً حبل المشاة بين يديه.

ويظل واقفاً عند الصخرات أسفل الجبل، يذكر الله، ويدعوه، ويستغفره بخشوع وتذلل، رافعاً يديه، يدعو ويلبي ويهلل، وله الوقوف راكباً على الراحلة، أو جالساً على الأرض، أو واقفاً أو ماشياً، والأفضل ما كان فيه الأخشع له، والأحضر لقلبه. - ويكثر من الدعاء بما ورد في القرآن والسنة الصحيحة، وبما شاء، ويكثر من الاستغفار، والتوبة، والتكبير، والتهليل، والثناء على الله عز وجل، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويُظهر الافتقار إلى الله عز وجل، ويُلحُّ في الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة، ويظل يذكر الله ويدعوه حتى يغيب قرص الشمس. - إن لم يتيسر له أن يقف عند الجبل قرب الصخرات وقف فيما تيسر له من عرفة في منزله أو غيره، وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة. - وقت الوقوف بعرفة: يبدأ بعد زوال الشمس من يوم عرفة إلى غروب الشمس، ويستمر زمن الوقوف إلى طلوع الفجر من ليلة العاشر، ومن دخل قبل الزوال أو دخل ليلة عرفة جاز، لكن السنة الدخول بعد الزوال، وَمَنْ وقف ليلاً ولو لحظة أجزأه، ومعنى الوقوف: المكث على الراحلة أو الأرض لا الوقوف على القدمين، ومن وقف بعرفة نهاراً ثم دفع قبل الغروب فقد ترك أمراً مستحباً، ولا دم عليه، وحجه صحيح. عن عُرْوَةَ بن مُضَرِّسٍ رَضِيَ الله عَنْهُ أنَّهُ أدْرَكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة حين خرج لصلاة الفجر ... فقالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ شَهِدَ صَلاتَنَا هذِهِ وَوَقَفَ مَعنا حتَّى نَدْفَعَ وَقَد وَقَفَ بِعَرفَةَ قَبْلَ ذلكَ ليْلَا أو نَهاراً فَقدْ أتمَّ حَجَّهُ وَقَضى تَفَثَهُ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1950)، وأخرجه الترمذي برقم (891)، وهذا لفظه.

- وقت الإفاضة من عرفات: فإذا غابت الشمس أفاض من عرفات إلى مزدلفة ملبياً وعليه السكينة والهدوء، ولا يزاحم الناس بنفسه أو دابته، وإذا وجد فجوة أسرع، فإذا وصل إلى مزدلفة صلى بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين، يجمع بينهما جمع تأخير بأذان واحد وإقامتين، ويبيت بها ويصلي التهجد والوتر. - وقت الوقوف بمزدلفة: ثم يصلي الفجر مع سنتها بغلس بعد دخول الوقت، فإذا صلى الفجر أتى المشعر الحرام وهو الآن مسجد مزدلفة، ويقف هناك مستقبلاً القبلة، يذكر الله تعالى، ويحمده، ويهلله، ويكبره، ويلبي، ويدعو راكباً، أو على الأرض حتى يسفر جداً كما قال سبحانه: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ... } [البقرة/198]. - وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام فمزدلفة كلها موقف فيدعو في مكانه مستقبلاً القبلة. ويجوز للضعفة وذوي الأعذار من الرجال والنساء ومن يرافقهم أن يدفعوا من مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر أو إذا مضى أكثر الليل، ثم يرموا جمرة العقبة إذا وصلوا منى. - وقت الدفع من مزدلفة إلى منى: ثم يدفع الحاج من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس وعليه السكينة، فإذا بلغ محسِّراً -وهو واد بين مزدلفة ومنى -وهو من منى- أسرع راكباً أو ماشياً قدر رمية حجر. ويلتقط سبع حصيات من عند الجمرات، أو من طريقه إلى الجمرات من منى، وإن أخذها من مزدلفة جاز، ويلبي ويكبر في طريقه، ويقطع التلبية إذا رمى جمرة العقبة.

- وقت رمي جمرة العقبة: فإذا وصل جمرة العقبة وهي آخر الجمرات من جهة منى رماها بسبع حصيات بعد طلوع الشمس، جاعلاً منى عن يمينه ومكة عن يساره، يرفع يده اليمنى بالرمي، ويكبر مع كل حصاة. والسنة في حصى الجمار أن تكون صغيرة بين الحمص والبندق مثل حصى الخذف، ولا يجوز الرمي بحصاة كبيرة، ولا يجوز الرمي بغير الحصى كالخفاف، والنعال، والجواهر والمعادن ونحوها، ولا يؤذي، ولا يزاحم المسلمين عند الرمي وغيره. - ما يفعله الحاج بعد الرمي: ثم بعد الرمي يذبح المتمتع والقارن الهدي، ويقول عند الذبح أو النحر: (باسم الله والله أكبر، اللهم تقبل مني). عن أنس رضي الله عنه قال: ضَحَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. متفق عليه (¬1). ويسن أن يأكل من لحمه، ويشرب من مرقه، ويطعم منه المساكين، وله أن يتزود منه لبلده، أما المفرد فيحلق بعد الرمي؛ لأنه لا هدي عليه. ثم بعد ذبح الهدي يحلق رأسه، أو يقصره إن كان رجلاً، والحلق أفضل، والسنة أن يبدأ الحالق بيمين المحلوق، والمرأة تُقصر من شعر رأسها قدر أنملة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟ قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟ قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟ قال: «وَلِلْمُقَصِّرِينَ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5558)، ومسلم برقم (1966)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1728)، ومسلم برقم (1302)، واللفظ له.

- التحلل الأول: فإذا فعل ما سبق حلَّ له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، فيحل له اللباس والطيب وتغطية الرأس ونحوها، ولو رمى جمرة العقبة فقط حل له كل شيء من المحظورات إلا النساء ولو لم يحلق أو يذبح الهدي إلا من ساق الهدي فلا يحل حتى يرمي ويذبح الهدي، ويسمى هذا (التحلل الأول). - الطواف والسعي: ويسن للإمام أن يخطب ضحى يوم النحر بمنى عند الجمرات، يُعَلِّم الناس مناسكهم، ثم يلبس الحاج ثيابه ويتطيب ويفيض إلى مكة ضحى فيطوف بالبيت طواف الحج، ويسمى (طواف الإفاضة أو الزيارة) ولا يرمل فيه. ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً وهو الأجود، وإن اكتفى المتمتع بسعي واحد بين الصفا والمروة فلا بأس، وإن كان قارناً أو مفرداً ولم يسع مع طواف القدوم طاف وسعى كالمتمتع، وإن سعى بعد طواف القدوم وهو الأفضل فلا سعي عليه بعد طواف الإفاضة، ثم قد حل له كل شيء مما حرم عليه في الإحرام حتى النساء، ويسمى هذا (التحلل الثاني). - أول وقت طواف الزيارة: بعد مضي معظم ليلة النحر لمن وقف بعرفة، ويسن في يومه، وله تأخيره، ولا يؤخره عن شهر ذي الحجة إلا لعذر. - وقت الرجوع إلى منى: ثم يرجع إلى منى ويصلي بها الظهر، ويمكث فيها بقية يوم العيد وأيام التشريق ولياليها، فيبيت بمنى ليلة الحادي عشر، وليلة الثاني عشر، وليلة الثالث عشر -إن تأخر- وهو الأفضل، فإن لم يتيسر المبيت بات معظم الليل من ليالي منى بمنى من أوله، أو وسطه، أو آخره.

- وقت الرمي في أيام التشريق: يصلي الحاج الصلوات الخمس مع الجماعة في أوقاتها قصراً بلا جمع في مسجد الخيف إن تيسر، وإلا صلى جماعة في أي مكان من منى، ويرمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق بعد الزوال، يلتقط حصى كل يوم من أي مكان في منى. 1 - السنة أن يذهب إلى الجمرات ماشياً إن تيسر، فيرمي في اليوم الحادي عشر بعد الزوال (الجمرة الأولى) وهي الصغرى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات، يرفع يده اليمنى مع كل حصاة، ويقول: (الله أكبر) مستقبلاً القبلة إن تيسر. فإذا فرغ تقدم قليلاً عن يمينه، فيقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، ويدعو طويلاً بقدر سورة البقرة. 2 - ثم يسير إلى (الجمرة الوسطى) ويرميها بسبع حصيات كما سبق، ويرفع يده اليمنى مع كل حصاة ويكبر، ثم يتقدم ذات الشمال، ويقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، ويدعو طويلاً أقل من دعائه في الأولى. 3 - ثم يسير إلى (جمرة العقبة) ويرميها بسبع حصيات، جاعلاً مكة عن يساره ومنى عن يمينه، ولا يقف عندها للدعاء، وبذلك يكون قد رمى إحدى وعشرين حصاة، ويجوز للمعذور ألّا يبيت في منى، وأن يجمع رمي يومين في يوم واحد، أو يؤخر الرمي إلى آخر أيام التشريق، أو يرمي في الليل. - ثم يفعل في اليوم الثاني عشر كما فعله في اليوم الحادي عشر، يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق. والسنة أن يرمي الجمار الثلاث في الدور الأرضي، ويجوز الرمي فيما فوقه من الأدوار لعذر من مرض أو شدة زحام ونحوهما. - فإن أحب التعجل في يومين خرج من منى قبل الغروب في اليوم الثاني عشر، وإن تأخر إلى اليوم الثالث عشر رمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق وهو الأفضل؛ لأنه فِعْل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والمرأة كالرجل في كل ما سبق، وبذلك فرغ الحاج من أعمال الحج.

- حج النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة واحدة هي حجة الوداع قام فيها بأداء النسك، والدعوة إلى الله، وحمّل الأمة مسؤولية الدعوة إلى الله، ففي عرفة تم إكمال الدين، وفي يوم النحر تحميل الأمة مسؤولية الدين كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حجته: «لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الغَائِبَ». متفق عليه (¬1). - يشرع للمسلم كلما فرغ من عبادة كالصلاة والصيام والحج أن يذكر الله عز وجل الذي وفقه لأداء الطاعة، ويحمده على ما يسر له من أداء الفريضة، ويستغفره عن التقصير، لا كمن يرى أنه أكمل العبادة، ومنّ بها على ربه. قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ... } [البقرة/200]. - ثم بعد رمي اليوم الثالث عشر بعد الزوال يخرج من منى، ومن السنة أن ينزل بالأبطح إن تيسر ويصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويبيت به بعض الليل. - وقت طواف الوداع: ثم ينزل إلى مكة ويطوف طواف الوداع إن كان من غير أهل مكة، والحائض والنفساء لا طواف عليهما للوداع، فإذا طاف للوداع نفر إلى بلده، وله أن يحمل معه من ماء زمزم ما تيسر إن شاء. عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالبَيْتِ، إِلَّا أنَّهُ خُفِّفَ عَنْ المَرْأَةِ الحَائِضِ. متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (67) واللفظ له، ومسلم برقم (1679). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1755)، ومسلم برقم (1328).

9 - أحكام الحج والعمرة

9 - أحكام الحج والعمرة - أركان الحج: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة، والسعي. - واجبات الحج: الإحرام من الميقات المعتبر له، والمبيت ليالي أيام التشريق بمنى لغير أهل السقاية والرعاية ونحوهم، والمبيت بمزدلفة ليلة النحر، أو معظم الليل للضعفاء ونحوهم، ورمي الجمار، والحلق أو التقصير، وطواف الوداع لغير أهل مكة عند الخروج منها. - مَنْ ترك الإحرام لم ينعقد نسكه إلا به، ومَنْ ترك ركناً من أركان الحج أو العمرة لم يتم نسكه إلا به. ومَنْ ترك واجباً متعمداً، عالماً بالحكم فهو آثم، لكن لا دم عليه، ونسكه صحيح، لكنه ناقص غير كامل. ومَنْ ترك سنة فلا شيء عليه، والسنة ما عدا الركن والواجب من حج، أو عمرة أو غيرهما، سواء كانت أقوالاً، أو أفعالاً. - أعمال يوم النحر: الأفضل للحاج أن يرتب الأعمال يوم العيد -وهو العاشر من شهر ذي الحجة- كما يلي: رمي جمرة العقبة، ثم ذبح الهدي، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف، ثم السعي، وهذا هو السنة، فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج كأن يحلق قبل أن يذبح، أو يطوف قبل أن يرمي ونحو ذلك. - يمتد وقت الذبح للهدي من يوم العيد إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال: «اذْبَحْ وَلا حَرَجَ» فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟

قال: «ارْمِ وَلا حَرَجَ» فما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: «افْعَلْ وَلا حَرَجَ». متفق عليه (¬1). - يجوز للرعاة ومن يشتغل بمصالح الحجاج العامة كرجال المرور، والأمن، والمطافئ، والأطباء ونحوهم أن يبيتوا ليالي منى خارجها إذا لزم الأمر، ولا فدية عليهم. - وقت رمي الجمار في أيام التشريق: 1 - رمي الجمار بعد يوم العيد كله بعد الزوال، ومن رمى قبل الزوال لزمه أن يعيده بعد الزوال، فإن لم يعد وغابت شمس اليوم الثالث عشر فهو آثم، ولا يرمي؛ لفوات وقت الرمي، ونسكه صحيح. 2 - أيام التشريق الثلاثة بالنسبة إلى الرمي كاليوم الواحد، فمن رمى عن يوم منها في يوم آخر أجزأه، ولا شيء عليه، لكنه ترك الأفضل. - حكم الرمي مساءً: الأفضل للحاج أن يرمي الجمرات في أيام التشريق بعد الزوال في النهار، فإن خشي من الزحام رماها مساءً؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وَقَّت ابتداء الرمي ولم يؤقت آخره. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ فَقَالَ: «لا حَرَجَ» قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ قَالَ: «لا حَرَجَ». متفق عليه (¬2). - حكم تأخير رمي الجمار: السنة أن يرمي الحاج الجمار في أوقاتها. ويجوز للرعاة والمرضى، ومن له عذر، أو يضره الزحام أن يؤخروا رمي أيام التشريق إلى اليوم الثالث عشر، ويرمي مرتباً لكل يوم، فيرمي لليوم الحادي عشر الأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة، ثم اليوم الثاني عشر كذلك، ثم الثالث ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (83) واللفظ له، ومسلم برقم (1306). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1723) واللفظ له، ومسلم برقم (1306).

عشر كذلك، فإن أخره عن اليوم الثالث عشر من غير عذر فهو آثم، وإن أخره لعذر فلا إثم عليه، ولا يرمي في كلا الحالين؛ لفوات وقته، ونسكه صحيح. - حكم الإنابة في الرمي: تجوز الإنابة في الرمي لمن لا يقدر عليه من الضعفاء من الرجال والنساء والأطفال، فيرمي عن نفسه ثم يرمي عن موكله عند كل جمرة في مكانه. - حدود منى: شرقاً وغرباً بين وادي محسر وجمرة العقبة، وشمالاً وجنوباً الجبلان المرتفعان. - حدود مزدلفة: من الشرق مفيض المأزمين الغربي، ومن الغرب وادي محسر، ومن الشمال جبل ثبير، ومن الجنوب جبال المريخيات. - حكم تأخير طواف الإفاضة: السنة أن يطوف الحاج طواف الزيارة يوم العيد، ويجوز له تأخيره إلى أيام التشريق، وإلى نهاية شهر ذي الحجة، ولا يجوز تأخيره عن ذي الحجة إلا لعذر كالمريض الذي لا يستطيع الطواف ماشياً أو محمولاً، أو امرأة نَفِست قبل أن تطوف ونحو ذلك. - حكم حج مَنْ حُبِس عن المزدلفة: إذا دفع من عرفة إلى مزدلفة، وحبسه عذر، كزحام، وخشي خروج وقت العشاء فيصلي في الطريق، ومن حُبس عاجزاً عن الوصول إلى مزدلفة ولم يَصل إلا بعد طلوع الفجر، أو بعد طلوع الشمس وقف بمزدلفة قليلاً، ثم يستمر متجهاً إلى منى ولا إثم ولا دم عليه، وحجه صحيح. - مَنْ رمى الحصى دفعة واحدة أجزأ عن واحدة، ويكمل الست الباقية، والمرمي: هو مجتمع الحصى، وليس الجدار المنصوب للدلالة على الحوض.

- حكم طواف الحائض: إذا حاضت المرأة قبل طواف الزيارة أو نفست فلا تطوف حتى تطهر، وتبقى في مكة حتى تغتسل ثم تطوف، فإن كانت مع رفقة لا ينتظرونها ولا تستطيع البقاء في مكة فلها أن تَتَلَجَّمَ بخرقة وتطوف؛ لأنها مضطرة، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وحجها صحيح إن شاء الله تعالى. - إذا أحرمت المرأة بالعمرة ثم حاضت قبل الطواف فإن طهرت قبل اليوم التاسع أتمت عمرتها ثم أحرمت بالحج وخرجت إلى عرفة، وإن لم تطهر قبل يوم عرفة أدخلت الحج على العمرة بقولها: (لبيك حجاً وعمرة) فتصير قارنة، وتقف مع الناس، فإذا طهرت اغتسلت، وطافت بالبيت. - المفرد أو القارن إذا قدم مكة وطاف وسعى يسن له أن يقلب نسكه إلى عمرة ليكون متمتعاً، وله قلب نسكه إلى التمتع قبل الطواف، ولا يحول المفرد نسكه إلى قارن، ولا يحول القارن نسكه إلى إفراد، بل السنة أن يحول نسكه مفرداً أو قارناً إلى التمتع إن لم يكن مع القارن هدي. - يجب على الحاج أو المعتمر أن يصون لسانه عن الكذب، والغيبة، والجدال، وسيئ الأخلاق، وأن يختار لصحبته الرفقة الصالحة، وأن يأخذ لحجه وعمرته المال الحلال الطيب. - حكم دخول الكعبة: دخول الكعبة ليس بفرض ولا سنة مؤكدة بل دخولها حسن، ومن دخلها يستحب له أن يصلي فيها ويكبر الله ويدعوه، فإذا دخل مع الباب تقدم حتى يصير بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع والباب خلفه ثم يصلي. - في الحج ست وقفات للدعاء: على الصفا، وعلى المروة، وهذان في السعي، وفي عرفة، وفي مزدلفة، وبعد الجمرة الأولى، وبعد الجمرة الوسطى.

- إفاضات الحجاج ثلاث: الأولى: من عرفة إلى مزدلفة ليلة عيد النحر. الثانية: من مزدلفة إلى منى. الثالثة: من منى إلى مكة لطواف الإفاضة. - صفة النزول في المشاعر: 1 - منى ومزدلفة وعرفات من مشاعر الحج فلا يجوز لأحد تملكها. ومنى مناخ مَنْ سبق، وَمَنْ ترك المبيت بمنى ليلتين أو ثلاثاً من ليالي أيام التشريق من غير عذر فهو آثم، ونسكه صحيح، ومن لم يجد مكاناً في منى نزل بجوار آخر خيمة من منى من أي جهة ولو كان خارج منى، ولا حرج ولا دم عليه، ولا يبيت بمنى على الأرصفة، أو في الطرق فيضر نفسه، ويؤذي غيره. 2 - منى ومزدلفة وعرفات مشاعر كالمساجد، لا يجوز لأحد أن يبني فيها بيتاً ويؤجره، أو يأخذ أرضاً ويؤجرها، فإن فعل فالناس معذورون ببذل الأجرة، والإثم على من أخذها، وعلى الإمام أن ينظم نزول الناس في المشاعر بما يراه مناسباً يحقق المصلحة والراحة للحجاج. عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خَطَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ بِمِنىً، وَنَزَّلَهُمْ مَنَازِلَهُمْ فَقَالَ: «لِيَنْزِلِ المُهَاجِرُونَ هَاهُنَا» وَأَشَارَ إلَى مَيْمَنَةِ القِبْلَةِ «وَالأَنْصَارُ هَاهُنَا» وَأَشَارَ إلَى مَيْسَرَةِ القِبْلَةِ «ثُمَّ لِيَنْزِلِ النَّاسُ حَوْلَهُمْ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬1). - إذا أَخَّرَ الحاج طواف الزيارة فطافه عند الخروج أجزأ عن الوداع إذا نواه للزيارة، لكنه ترك الأفضل. - مَنْ وجب عليه طواف الوداع وخرج قبل أن يطوف للوداع لزمه أن يرجع ويطوف للوداع، فإن لم يرجع فهو آثم، ونسكه صحيح. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (1951)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (2996).

صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -

صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي العَاشِرَةِ: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حَاجٌّ، فَقَدِمَ المَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: «اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي» فَصَلَّى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي المَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى البَيْدَاءِ، نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ القُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ، وَلَزِمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تَلْبِيَتَهُ. قَالَ جَابِرٌ رَضِي اللهُ عَنْهُ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ العُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا البَيْتَ مَعَهُ، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ?} [البقرة/ 125]، فَجَعَلَ المَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البَيْتِ، فَكَانَ أَبِي يَقُولُ -وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: «{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ... } [البقرة/ 158]، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ» فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى البَيْتَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ الله وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى المَرْوَةِ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ

الوَادِي سَعَى، حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى، حَتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى المَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى المَرْوَةِ، فَقَالَ: «لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الأُخْرَى، وَقَالَ: «دَخَلَتِ العُمْرَةُ فِي الحَجِّ مَرَّتَيْنِ، لَا بَلْ لِأَبَدٍ أَبَدٍ». وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رَضِي الله عَنْهَا مِمَّنْ حَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا، قَالَ: فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الحَجَّ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ: «فَإِنَّ مَعِيَ الهَدْيَ فَلَا تَحِلُّ» قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَنِ، وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِائَةً. قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَقَصَّرُوا، إِلَّا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، فَأَهَلُّوا بِالحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ وَالفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ القُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَقَالَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِباً أَضَعُ رِبَانَا رِبَا

عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ الله، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ الله، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ؛ كِتَابُ الله، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى العَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَى المَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ القَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ المُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، حَتَّى غَابَ القُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، وَدَفَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ اليُمْنَى: «أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا، حَتَّى تَصْعَدَ، حَتَّى أَتَى المُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، وَصَلَّى الفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ، أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الفَضْلِ، فَحَوَّلَ الفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ، فَحَوَّلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ عَلَى وَجْهِ الفَضْلِ، يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، مِثْلِ حَصَى الخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى

أحكام الفوات والإحصار

المَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَفَاضَ إِلَى البَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، فَقَالَ: «انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ» فَنَاوَلُوهُ دَلْواً، فَشَرِبَ مِنْهُ. أخرجه مسلم (¬1). - ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو غيرهما: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قفل من الجيوش، أو السرايا، أو الحج، أو العمرة إذا أوفى على ثنية أَوْ فَدْفَدٍ، كبر ثلاثاً، ثم قال: «لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ الله وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ». متفق عليه (¬2). - أحكام الفوات والإحصار: مَنْ فاته الوقوف بعرفة فاته الحج، وتحلل بعمرة، ويقضيه فيما بعد إن كان فَرْضه، ويهدي، وإن اشترط حَلَّ ولا شيء عليه. ومن صده عدو عن البيت أهدى ثم حلق أو قَصَّر ثم حَلَّ، وإن صُدَّ عن عرفة تحلل بعمرة. وإن حصره مرض أو ذهاب نفقة، فإن كان مشترطاً حَلَّ ولا شيء عليه، وإن لم يكن اشترط في إحرامه ذبح ما تيسر من الهدي ثم حلق أو قصر ثم حَلَّ، ومن كُسِرَ أو مرض أو عَرِجَ فقد حَلّ، وعليه الحج من قابل إن كان فرضه. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1218). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1797)، ومسلم برقم (1344)، واللفظ له.

10 - زيارة المسجد النبوي

10 - زيارة المسجد النبوي - حدود حرم المدينة النبوية: من الشرق الحرة الشرقية .. ومن الغرب الحرة الغربية .. ومن الشمال جبل ثور خلف جبل أحد .. ومن الجنوب جبل عير وبسفحه الشمالي وادي العقيق. وحَرَم المدينة لا يُقطع شجرة، ولا يُنَفَّر صيده، وصيد مكة فيه الإثم والجزاء، وصيد المدينة فيه الإثم دون الجزاء. 1 - عَنْ علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ وَقَالَ ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ». متفق عليه (¬1). 2 - وعَنْ جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ المدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا».أخرجه مسلم (¬2). - خصائص المساجد الثلاثة: المساجد الثلاثة هي: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى. 1 - المسجد الحرام بناه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وابنه إسماعيل، وهو قبلة المسلمين، وإليه حجهم، وهو أول بيت وضع للناس، جعله الله مباركاً وهدىً للعالمين. والمسجد النبوي بناه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم وقد أسس على التقوى. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1870)، ومسلم برقم (1370)، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (1362).

حكم زيارة المسجد النبوي

والمسجد الأقصى بناه يعقوب - صلى الله عليه وسلم -، وهو أولى قبلتي المسلمين. 2 - مضاعفة ثواب الصلاة في هذه المساجد الثلاثة، ولهذه الخصائص وغيرها لا تشد الرحال إلا لهذه المساجد الثلاثة. - يحرم شد الرحال لزيارة القبور مطلقاً، سواء كانت لنبي أو غيره. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى». متفق عليه (¬1). - حكم زيارة المسجد النبوي: يسن للمسلم أن يزور المسجد النبوي، ويصلي فيه إذا دخل ركعتين تحية المسجد. ثم يذهب إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقف أمامه ويسلم عليه قائلاً: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ثم يأتي بالدعاء الوارد في زيارة القبور، ثم يخطو خطوة عن يمينه ويسلم على أبي بكر رضي الله عنه كذلك. ثم يخطو خطوة عن يمينه ويسلم على عمر رضي الله عنه كذلك. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ الله عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬2). - فضل الصلاة في المسجد النبوي: الصلاة في المسجد النبوي بالمدينة تعدل ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام. 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيْمَا سِوَاهُ إلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1189)، واللفظ له، ومسلم برقم (1397). (¬2) حسن/أخرجه أحمد برقم (10827)، وأخرجه أبو داود برقم (2041). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1190)، ومسلم برقم (1395)، واللفظ له.

فضل الصلاة في مسجد قباء

2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوضِي». متفق عليه (¬1). - وتسن زيارة البقيع، وشهداء أحد، والسلام عليهم، والدعاء والاستغفار لهم. ويقول عند زيارة القبور: 1 - «السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ الله المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخِرِينَ، وَإنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - أو يقول: «السَّلامُ عَلَيكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَإنَّا إَنْ شَاءَ الله لَلاحِقُونَ، أَسْأَلُ الله لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ». أخرجه مسلم (¬3). - فضل الصلاة في مسجد قباء: يسن للمسلم أن يتوضأ في بيته ويذهب إلى مسجد قباء راكباً أو ماشياً، ويصلي فيه ركعتين فإنها تعدل عمرة، وإن كانت الزيارة يوم السبت فهو أفضل. 1 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا. متفق عليه (¬4). 2 - عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ صَلاةً، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ». أخرجه النسائي وابن ماجه (¬5). - زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ليست من مناسك الحج أو العمرة، ويتم الحج والعمرة بدونها، وإنما تسن زيارة مسجده عليه الصلاة والسلام للصلاة فيه في أي وقت. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1196)، ومسلم برقم (1391). (¬2) أخرجه مسلم برقم (974). (¬3) أخرجه مسلم برقم (975). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1193)، واللفظ له، ومسلم برقم (1399). (¬5) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (699)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1412)، وهذا لفظه.

11 - الهدي والأضحية والعقيقة

11 - الهدي والأضحية والعقيقة - الهدي: هو ما يهدى إلى الحرم من بهيمة الأنعام؛ تقرباً إلى الله تعالى، وما وجب بسبب تمتع، أو قران، أو إحصار. - الأضحية: هي ما يذبح في أيام الأضحى من الإبل والبقر والغنم تقرباً إلى الله تعالى. - حكم الأضحية: سنة مؤكدة على كل قادر عليها من المسلمين. قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} [الكوثر/ 2]. - وقت ذبح الهدي: الهدي نوعان: الأول: هدي التمتع والقران والتطوع، يبدأ وقت ذبحه من صباح يوم النحر إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من أيام التشريق، ويستحب أن يأكل منه، ويطعم الفقراء والمساكين. ويذبح داخل حدود الحرم في مكة، أو منى، أو مزدلفة، أو غيرها. قال الله تعالى: { ... وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36)} [الحج/36]. الثاني: هدى الإحصار، ووقته عند وجود سببه في الحل أو الحرم، يطعمه الفقراء والمساكين، ولا يأكل منه. - وقت ذبح الأضحية: من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى آخر أيام التشريق. (يوم العيد، وثلاثة أيام بعده). - يستحب أن يأكل من الأضحية، ويُهدي منها، ويتصدق على الفقراء، وللأضحية فضل عظيم؛ لما فيها من التقرب إلى الله عز وجل، والتوسعة على الأهل، ونفع الفقراء، وصلة الرحم والجيران.

شروط الهدي والأضحية والعقيقة

- شروط الهدي والأضحية والعقيقة: 1 - لا يجزئ في الهدي والأضحية والعقيقة إلا ما كان من الإبل ثني له خمس سنين فأكثر، ومن البقر ثني له سنتان فأكثر، ومن الضأن جذع له ستة أشهر فأكثر، ومن المعز ثني له سنة فأكثر، وإذا تَعَيَّنَت الأضحية لم يجز بيعها، ولا هبتها، إلا أن يبدلها بخير منها. 2 - يجب أن تكون الأضحية أو العقيقة أو الهدي من بهيمة الأنعام، وأن تبلغ السن المعتبر شرعاً، وأن تكون سليمة من العيوب، وأفضلها أسمنها وأغلاها وأنفسها عند أهلها. - تُجزئ الشاة عن واحد، والبدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، ويجوز أن يُضحي بشاة، أو بدنة، أو بقرة عنه وعن أهل بيته الأحياء والأموات، ويستحب للحاج الموسر الإكثار من الهدي، أما الأضحية فالسنة الاقتصار على واحدة لأهل البيت. - وتسن الأضحية عن الحي، وتجوز عن الميت تبعاً لا استقلالاً إلا من أوصى بذلك. - ما يحرم على من أراد أن يضحي: يحرم على من يضحي أن يأخذ من شعره، أو بشرته، أو ظفره شيئاً في العشر الأُوَل من شهر ذي الحجة، فإن فعل شيئاً من ذلك استغفر الله ولا فدية عليه. عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا دَخَلَتِ العَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئاً». أخرجه مسلم (¬1). - من ضحى عنه وعن أهل بيته يسن أن يقول عند الذبح: (باسم الله، والله أكبر، اللهم تقبل مني، اللهم هذا عني وعن أهل بيتي). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1977).

- كيفية النحر والذبح: السنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، ويَذبح غيرها من البقر والغنم، ويجوز العكس، والنحر للإبل يكون في أسفل الرقبة من جهة الصدر، والذبح للبقر أو الغنم في أعلى الرقبة عند الرأس، يضجعها على جنبها الأيسر ويضع رجله اليمنى على رقبتها، ثم يُمسك برأسها ويذبح، ويقول عند الذبح أو النحر: (باسم الله والله أكبر). عن أنس رضي الله عنه قال: ضَحَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ، أَمْلَحَيْنِ، أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. متفق عليه (¬1). - يسن أن يذبح الهدي أو الأضحية بنفسه، فإن لم يحسن الذبح حضره، ولا يعطي الجزار منها أجرته، ويُسمي مَنْ هي له أو عنه عند الذبح، وتَحلُّ الذبيحة بقطع الحلقوم، والمريء، والودجين أو أحدهما، وإنهار الدم. - ما لا يجزئ من الأضاحي: عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أَرْبَعَةٌ لا يَجْزِينَ فِي الأَضَاحِي، العَورَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُها، وَالعَرْجَاءُ البَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالكَسِيرَةُ الَّتِي لاتُنْقِي». أخرجه أبو داود والنسائي (¬2). - إذا ذبح المسلم الهدي أو الأضحية ونحوهما من ذبائح القُرَب ولم يعلم بمرضها إلا بعد الذبح فإنها لا تجزئ؛ لفوات المقصود منها. - مقطوعة الإلية أو بعضها، ومجبوبة السنام، والعمياء، ومقطوعة الساق، كلها لا تجزئ في الهدي، والأضحية ونحوهما من ذبائح القُرَب. - أفضل الهدي: الأفضل في الهدي والأضحية بدنة كاملة، ثم بقرة كاملة، ثم شاة، ثم سُبع بدنة ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5565)، ومسلم برقم (1966). (¬2) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (2802)، وأخرجه النسائي برقم (4370)، وهذا لفظه.

حكم العقيقة ووقتها

أو بقرة، أما العقيقة فلا تجزئ البدنة أو البقرة أو الشاة إلا عن واحد، والشاة أفضل من البدنة؛ لأنها التي وردت في السنة، والذَّكَر أفضل. - العقيقة كالأضحية في الأحكام في السن، والصفة، إلا أن العقيقة لايجزئ فيها شَرَك في دم، فلا تصح العقيقة إلا عن واحد، شاة، أو بقرة، أو بدنة. - العقيقة: هي الذبيحة عن المولود، تُذبح تقرباً إلى الله تعالى. - حكم العقيقة ووقتها: تشرع العقيقة بالولادة، فمتى وُلِد حياً سُن أن يُعق عنه. والعقيقة سنة مؤكدة، عن الغلام شاتان، وعن البنت شاة، تذبح في اليوم السابع للمولود، ويُسمى فيه، ويُحلق رأسه، فإن فات وقتها: فإن كان لعذر ذبحها في أي وقت، وإن كان لغير عذر لم يذبحها؛ لفوات وقتها، ويُسن أن يحنكه بتمرة أو نحوها. - المرأة تناصف الرجل في خمسة أشياء: في الميراث، والدية، والشهادة، والعقيقة، والعتق. - العقيقة شكر للهِ على نعمة متجددة، وفداء للمولود، وقربة إلى الله تعالى، ولما كان الذَّكَر أعظم نعمة وامتناناً من الله تعالى كان الشكر عليه أكثر، فصار له شاتان، وللجارية شاة. - حكم البشارة بالمولود: يسن للمسلم أن يبادر إلى مسرة أخيه وإعلامه بما يفرحه، ويحسن تهنئة المولود له، والدعاء له. قال الله تعالى: {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)} [مريم/ 7].

وقت تسمية المولود

- وقت تسمية المولود: 1 - السنة أن يسمى المولود يوم ولادته. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ». رواه مسلم (¬1). 2 - الأفضل ألا تتأخر التسمية عن اليوم السابع من ولادته، والأمر فيه واسع، فتجوز قبل ذلك وبعده. عَنْ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى». أخرجه أحمد وأبو داود (¬2). - تسمية المولود: يسن أن يُختار للمولود أحسن الأسماء وأحبها إلى الله تعالى كعبد الله وعبد الرحمن، ثم التسمية بالتعبيد لأيٍّ من أسماء الله الحسنى كعبد العزيز وعبد الملك ونحوهما، ثم التسمية بأسماء الأنبياء والرسل، ثم بأسماء الصالحين، ثم ما كان وصفاً صادقاً للإنسان مثل يزيد وحسن ونحوهما. ويجب تغيير الاسم المحرم إلى اسم حسن. ¬

(¬1) رواه مسلم برقم (2315). (¬2) صحيح/أخرجه أحمد برقم (20188)، وهذا لفظه، وأخرجه أبو داود برقم (2838).

الباب الرابع المعاملات

الباب الرابع المعاملات وتشتمل على ما يلي: 1 - كتاب البيع 2 - الخيار 3 - السلم 4 - الربا 5 - القرض 6 - الرهن 7 - الضمان والكفالة 8 - الحوالة 9 - الصلح 10 - الحجر 11 - الوكالة 12 - الشركة 13 - المساقاة والمزارعة 14 - الإجارة 15 - السبق 16 - العارية 17 - الغصب 18 - الشفعة والشفاعة 19 - الوديعة 20 - إحياء الموات 21 - الجعالة 22 - اللقطة واللقيط 23 - الوقف 24 - الهبة والصدقة 25 - الوصية 26 - العتق

1 - كتاب البيع

المعاملات 1 - كتاب البيع · الفرق بين العبادات والمعاملات: الإسلام دين كامل جاء بتنظيم المعاملات بين الخالق والمخلوق بالعبادات التي تزكي النفوس، وتطهر القلوب. وجاء بتنظيم المعاملات بين المخلوقين بعضهم مع بعض بالمعاملات الدائرة بين العدل والإحسان كالبيوع، والنكاح، والمواريث، والحدود وغيرها؛ ليعيش الناس إخوة في أمن، وعدل، ورحمة، يؤدون حق الله، وحق عباده. · المصالح الكبرى في الدين: المصالح التي عليها مدار الشرائع السماوية ثلاث: الأولى: درء المفاسد، وتسمى الضروريات. الثانية: جلب المصالح، وتسمى الحاجيات. الثالثة: الجري على مكارم الأخلاق، وتسمى التحسينات. فالضروريات تكون بدرء المفاسد عن خمسة أشياء هي: الدين .. والنفس .. والعقل .. والعرض .. والمال. وجلب المصالح يكون بإباحة الحاجات والمصالح المشتركة بين الناس على الوجه المشروع، يستجلب كل شخص حاجته ومصلحته من الآخر كالبيوع والإجارات ونحوها. والجري على مكارم الأخلاق يكون بفعل الفضائل التي تزيد الحياة حُسناً، وطمأنينة، ومحبة، وأمناً.

أقسام العقود

· أقسام العقود: أقسام العقود ثلاثة: 1 - عقد معاوضة محضة كالبيع، والإجارة، والشركة ونحوها. 2 - عقد تبرع محض كالهبة، والصدقة، والعارية، والضمان ونحوها. 3 - عقد تبرع ومعاوضة معاً كالقرض، فهو تبرع لأنه في معنى الصدقة، ومعاوضة حيث إنه يَردّ مثله. · البيع: مبادلة مال بمال من أجل التملك. · أقسام الناس في البيع: الناس في البيع ثلاثة أقسام: فمن الناس مَنْ يبيع بالعدل .. ومنهم من يبيع بالظلم .. ومنهم من يبيع بالإحسان. فالذي يبيع بالعدل هو الذي يعطي الشيء ويأخذ ثمنه بالعدل، فلا يَظلم ولا يُظلم. والذي يبيع بالظلم والجَور كالغشاش والكذاب والمرابي ونحوهم. والذي يبيع بالإحسان هو من كان سمحاً في البيع والشراء، ويمهل في القضاء، ويبادر بالوفاء، ولا يزيد في الثمن، فهذا أفضل الأقسام، والأول جائز، والثاني محرم. 1 - قال الله تعالى { ... إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل/90]. 2 - وقال الله تعالى: { ... وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)} [البقرة/275]. 3 - وعن جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى». أخرجه البخاري (¬1). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2076).

شروط صحة البيع

· حكمة القيام بالأعمال الكسبية: المسلم يعمل في أي عمل كسبي لإقامة أمر الله في ذلك العمل .. وإرضاء الرب بامتثال أوامره .. وإحياء سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك العمل .. وفعل الأسباب المأمور بها .. ثم يرزقه الله رزقاً حسناً .. ويوفقه لأن يصرفه في مصرف حسن. · حكمة مشروعية البيع: لما كانت النقود والسلع والعروض موزعة بين الناس كلهم، وحاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه وهو لا يبذله بغير عوض. وفي إباحة البيع قضاء لحاجته، ووصول إلى غرضه، وإلا لجأ الناس إلى النهب، والسرقة، والحيل، والمقاتلة. لذا أحلَّ الله البيع لتحقيق تلك المصالح، وإطفاء تلك الشرور، وهو جائز بالإجماع، قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة/ 275]. · شروط صحة البيع: يشترط لصحة البيع ما يلي: 1 - التراضي من البائع والمشتري إلا من أُكره بحق. 2 - أن يكون العاقد جائز التصرف بأن يكون كل منهما حراً، مكلفاً، رشيداً. 3 - أن يكون المبيع مما يباح الانتفاع به مطلقاً، فلا يجوز بيع ما لا نفع فيه كالباعوض، والصراصير، ولا ما نفعه محرم كالخمر، والخنزير، ولا ما فيه منفعة لا تباح إلا حال الحاجة والاضطرار كالكلب، والميتة، إلا السمك والجراد. 4 - أن يكون المبيع مملوكاً للبائع، أو مأذوناً له في بيعه وقت العقد. 5 - أن يكون المبيع معلوماً للمتعاقدين برؤية، أو صفة. 6 - أن يكون الثمن معلوماً.

7 - أن يكون المبيع مقدوراً على تسليمه، فلا يصح بيع السمك في البحر، أو الطير في الهواء ونحوهما؛ لوجود الغرر، وهذه الشروط لدفع الظلم، والغرر، والربا عن الطرفين. · بم ينعقد البيع: ينعقد البيع بإحدى صفتين: 1 - قولية: بأن يقول البائع: بعتك أو مَلَّكْتُكَ أو نحوهما، ويقول المشتري: اشتريت، أو قَبِلت ونحوهما مما جرى به العرف. 2 - فعلية: وهي المعاطاة كأن يعطيه عشرة ريالات ليأخذ بها جبناً، فيعطيه بلا قول، ونحو ذلك مما جرى به العرف إذا حصل التراضي. · حكم البيع والشراء من المشركين: يجوز البيع والشراء من كل مسلم وكافر فيما هو مباح شرعاً. عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً» قَالَ: لَا، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً. متفق عليه (¬1). · فضل الورع في المعاملات: يجب على كل مسلم أن يكون بيعه وشراؤه، وطعامه وشرابه، وسائر معاملاته على السنة، فيأخذ الحلال البيِّن ويتعامل به، ويجتنب الحرام البيِّن ولا يتعامل به، أما المشتبه فينبغي تركه؛ حماية لدينه وعرضه، ولئلا يقع في الحرام. عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وَإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2216)، واللفظ له، ومسلم برقم (2056).

وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوْشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيْهِ، أَلا وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً أَلا وَإنَّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ، أَلا وَإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ القَلْبُ». متفق عليه (¬1). · أين تُصرف الأموال المشتبهة: المشتبهات من الأموال ينبغي صرفها في الأبعد عن المنفعة فالأبعد. فأقربها ما دخل في البطن، ثم ما ولي الظاهر من اللباس، ثم ما عرض من المراكب كالخيل والسيارة ونحوهما. · فضل الكسب الحلال: 1 - قال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)} [الجمعة/10]. 2 - وعن المقدام رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإنَّ نَبِيَّ الله دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». أخرجه البخاري (¬2). · وكان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبايعون وَيَتَّجِرُونَ، ولكنهم إذا نابهم حق من حقوق الله تعالى لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله حتى يؤدوه إلى الله تعالى. · أفضل المكاسب: المكاسب تختلف باختلاف الناس، والأفضل لكل أحد ما يناسب حاله من زراعة، أو صناعة، أو تجارة، بشروطها الشرعية. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (52)، ومسلم برقم (1599)، واللفظ له. (¬2) أخرجه البخاري برقم (2072).

· حكم الكسب: يجب على الإنسان أن يجتهد في طلب الرزق الحلال؛ ليأكل وينفق على أهله وفي سبيل الله، ويستعفّ عن سؤال الناس، وأطيب الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلاً فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ». متفق عليه (¬1). · فضل السماحة في البيع والشراء: ينبغي أن يكون الإنسان في معاملته سهلاً سمحاً حتى ينال رحمة الله. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رَحِمَ الله رَجُلاً سَمْحاً إذَا بَاعَ، وَإذَا اشْتَرَى، وَإذَا اقْتَضَى». أخرجه البخاري (¬2). · خطر كثرة الحلف في البيع: كثرة الحلف في البيع منفقة للسلعة، ممحقة للربح، وقد نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «إيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الحَلِفِ فِي البَيْعِ، فَإنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ». أخرجه مسلم (¬3). · الصدق في البيع والشراء سبب لحصول البركة، والكذب سبب لمحق البركة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1470) واللفظ له، ومسلم برقم (1042). (¬2) أخرجه البخاري برقم (2076). (¬3) أخرجه مسلم برقم (1607).

مفاتيح الرزق وأسبابه

مفاتيح الرزق وأسبابه أهم مفاتيح الرزق وأسبابه التي يُسْتَنزل بها الرزق من الله عز وجل: · الاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل من الذنوب: 1 - قال الله تعالى عن نوح - صلى الله عليه وسلم -: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح/10 - 12]. 2 - وقال الله تعالى عن هود - صلى الله عليه وسلم -: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)} [هود/52]. · التبكير في طلب الرزق: ينبغي التبكير في طلب الرزق، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). · الدعاء: 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} [البقرة/ 186]. 2 - وقال الله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114)} [المائدة/114]. · تقوى الله عز وجل: 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق/2 - 3]. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2606)، وأخرجه الترمذي برقم (1212).

2 - وقال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف/96]. · اجتناب المعاصي: قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)} [الروم/41]. · التوكل على الله عز وجل: ومعناه: اعتماد القلب على الوكيل وحده سبحانه، وطلب الرزق بالبدن. 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [لطلاق/3]. 2 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى الله حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصَاً وَتَرُوحُ بِطَاناً». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬1). · حضور القلب أثناء العبادة: عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَقُولُ رَبُّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ قَلْبَكَ غِنَىً، وَأمْلأْ يَدَيْكَ رِزْقاً، يَا ابْنَ آدَمَ لا تَبَاعَدْ مِنِّي فَأَمْلأ قَلْبَكَ فَقْراً وَأَمْلأ يَدَيْكَ شُغْلاً». أخرجه الحاكم (¬2). · المتابعة بين الحج والعمرة: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَإنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَيسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إلَّا الجَنَّةَ». أخرجه الترمذي والنسائي (¬3). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (2344)، وأخرجه ابن ماجه برقم (4164)، وهذا لفظه. (¬2) صحيح/أخرجه الحاكم برقم (7926)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1359). (¬3) حسن/أخرجه الترمذي برقم (810)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (2631).

· الإنفاق في سبيل الله تعالى: 1 - قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)} [سبأ/39]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ». أخرجه مسلم (¬1). · الإنفاق على طلبة العلم: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا المُحْتَرِفُ أَخَاهُ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ». أخرجه الترمذي (¬2). · صلة الرحم: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». متفق عليه (¬3). · إكرام الضعفاء والإحسان إليهم: 1 - عن مصعب بن سعد قال: رأى سعد رضي الله عنه أَنَّ له فضلاً عَن مَنْ دونه، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟». أخرجه البخاري (¬4). 2 - وفي لفظ: «إنَّمَا يَنْصُرُ الله هَذِهِ الأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا، بِدَعْوَتِهِمْ، وَصَلاتِهِمْ، وَإخْلاصِهِمْ». أخرجه النسائي (¬5). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (993). (¬2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2345). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2067) واللفظ له، ومسلم برقم (2557). (¬4) أخرجه البخاري برقم (2896). (¬5) صحيح/أخرجه النسائي برقم (3178).

حكم الصدق والبيان في المعاملات

· الهجرة في سبيل الله: قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)} [النساء/100]. · حكم الصدق والبيان في المعاملات: يجب الصدق والبيان في جميع المعاملات بين الناس. فيجب على البائع والمشتري وغيرهما أن يصدقا ويبينا؛ لتحصل البركة في هذا البيع، ويكون عبادة فيه أجر وثواب. فالصدق من جهة البائع يكون ببيان الصفات المرغوبة، ومقدار السوم ونحوهما، والبيان يكون ببيان الصفات المكروهة، والصدق من جهة المشتري يكون بالوفاء. فإذا وصف السلعة بما فيها فقد صدق، وإن وصفها بما ليس فيها من الصفات المرغوبة فقد كذب، وإن باعه السلعة، وبيّن العيب، فقد بيّن ولم يكتم، وإن باعه السلعة، وكتم ما فيها من الصفات المكروهة، فهذا كتم ولم يبيّن. ولا تحصل البركة أبداً إلا بالصدق والبيان. عن حكيم بن حزام رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2082)، واللفظ له، ومسلم برقم (1532)،.

صور من البيوع المباحة

صور من البيوع المباحة 1 - بيع التولية: وهي أن يقول البائع وليتك السلعة بما اشتريتها به. 2 - بيع المرابحة: وهي أن يذكر السلعة وثمنها، ثم يقول بعتكها بربح خمسه مثلاً. 3 - بيع المواضعة: وهي أن يذكر السلعة وثمنها، ثم يقول بعتكها بخسارة عشره مثلاً. 4 - بيع المساومة: وهي أن يسوم السلعة بثمن، ثم يشتريها إن رضي البائع بالسوم. 5 - بيع الشركة: وهي أن يقول المشتري بعد قبض السلعة أشركتك فيما اشتريته بالنصف أو الربع مثلاً. 6 - بيع المبادلة: وهي أن يبيع سلعة بسلعة أخرى، وتسمى المقايضة. 7 - بيع المزايدة: وهي أن يبيع السلعة بين الناس بأعلى ثمن تصل إليه. صور من البيوع المنهي عنها أباح الإسلام كل شيء يجلب الخير والبركة والنفع المباح، وَحَرَّم بعض البيوع والأصناف؛ لما في بعضها من الجهالة والغرر، أو الإضرار بأهل السوق، أو إيغار الصدور، أو الغش والكذب، أو ضرر على البدن والعقل ونحوها مما يسبب الأحقاد، والتشاحن، والتناحر، والأضرار. فتحرم تلك البيوع ولا تصح، ومنها: 1 - بيع الملامسة: كأن يقول البائع للمشتري مثلاً: أي ثوب لمسته فهو لك بعشرة، وهذا البيع فاسد؛ لوجود الجهالة والغرر. 2 - بيع المنابذة: كأن يقول المشتري للبائع: أي ثوب نبذته إليّ فهو عليّ بكذا، وهذا البيع فاسد؛ لوجود الجهالة والغرر.

3 - بيع الحصاة: كأن يقول البائع: ارم هذه الحصاة فعلى أي سلعة وقعت فهي لك بكذا، وهذا البيع فاسد، لوجود الجهالة والغرر. 4 - بيع النجش: وهو أن يزيد في السلعة مَنْ لا يريد شراءها، وهذا البيع حرام؛ لأن فيه تغريراً بالمشترين الآخرين وخداعاً لهم. 5 - بيع الحاضر للبادي: وهو السمسار الذي يبيع السلعة بأغلى من سعر يومها، وهذا البيع غير صحيح؛ لما فيه من الضرر والتضييق على الناس، لكن إن جاء إليه البادي وطلب منه أن يبيع أو يشتري له فلا بأس. 6 - بيع السلعة قبل قبضها لا يجوز؛ لأنه يُفضي إلى الخصام والفسخ، خاصة إذا رأى أن المشتري سيربح فيها. 7 - بيع العينة: وهو أن يبيعه سلعة إلى أجل ثم يشتريها منه بأقل من قيمتها نقداً، فاجتمع فيه بيعتان في بيعة، وهذا البيع حرام وباطل؛ لأنه ذريعة إلى الربا، فإن اشتراها بعد قبض ثمنها، أو بعد تغير صفتها، أو من غير مشتريها جاز. 8 - بيع الرجل على بيع أخيه: كأن يشتري رجل سلعة بعشرة وقبل إنهاء البيع يجيء آخر ويقول: أنا أبيعك مثلها بتسعة أو أقل مما اشتريت به، ومثله الشراء، كأن يقول لمن باع سلعة بعشرة أنا أشتريها منك بخمسة عشر ليترك الأول ويدفعها له، وهذا البيع والشراء حرام؛ لما فيه من الإضرار بالمسلمين، وإيغار صدور بعضهم على بعض. 9 - البيع بعد نداء الجمعة الثاني ممن تلزمه الجمعة محرم لا يصح، وكذا سائر العقود، كما يحرم البيع والشراء في كل مسجد. 10 - كل ما كان حراماً، كالخمر والخنزير والتماثيل أو وسيلة إلى محرم كآلات اللهو فبيعه وشراؤه حرام. 11 - بيوع الجهالة والغرر. ومن البيوع المحرمة: بيع حَبَل الحَبَلة .. وبيع الملاقيح: وهو ما في بطون

أنواع المحرمات

الأمهات .. وبيع المضامين: وهو ما في أصلاب الفحول .. وضراب الجمل .. وعسب الفحل .. ويحرم ثمن الكلب والسنور .. ومهر البغي .. وحلوان الكاهن .. وبيع المجهول .. وبيع الغرر .. وبيع ما يعجز عن تسليمه كالطيور في الهواء. 12 - بيع الثمار قبل بدو صلاحها ونحو ذلك مما سيأتي. · أنواع المحرمات: المحرمات في الشرع نوعان: 1 - المحرمات من الأعيان: كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، والخبائث، والنجاسات ونحوها. 2 - المحرمات من التصرفات: كالربا، والميسر، والقمار، والاحتكار، والغش، وبيوع الغرر ونحو ذلك مما فيه ظلم وأكل لأموال الناس بالباطل. فالأول تعافه النفس، والثاني تشتهيه، فاحتاج إلى رادع وزاجر وعقوبة تمنع من الوقوع فيه. · حكم بيع المشاع: إذا باع مشاعاً بينه وبين غيره صح في نصيبه بقسطه، وللمشتري الخيار إن جهل الحال. · حكم بيع الماء والكلأ والنار: المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار، فماء السماء وماء العيون لا يُملك، ولا يصح بيعه ما لم يحزه في قِرْبته، أو بركته، أو نحوهما، والكلأ سواء كان رطباً أو يابساً ما دام في أرضه لا يجوز بيعه. والنار سواء وقودها كالحطب، أو جذوتها كالقبس، لا يجوز بيعها. فهذه من الأمور التي أشاعها الله بين خلقه، فيجب بذلها لمحتاجها، ويحرم منع أحد منها.

حكم الزيادة أو النقص في المبيع

· حكم الزيادة أو النقص في المبيع: 1 - إذا باع شخص داراً تناول البيع أرضها، وأعلاها، وأسفلها، وكل ما فيها، وإن كانت المباعة أرضاً شمل البيع كل ما فيها ما لم يستثن منها. 2 - إذا باع داراً على أنها مائة متر فبانت أقل أو أكثر صح البيع، والزيادة للبائع، والنقص عليه، ولمن جهله وفات غرضه الخيار. · حكم الجمع بين البيع والإجارة: إذا جمع بين بيع وإجارة فقال: بعتك هذا البيت بمائة ألف، وأجَّرتك هذا البيت بعشرة آلاف، فقال الآخر: قبلت، صح البيع والإجارة، وكذا لو قال: بعتك هذا البيت، وأجرتك هذا البيت بمائة ألف صح، ويقسط العوض عليهما عند الحاجة. · حكم ترويج السلع بالهدايا: الهدايا والجوائز المقدمة من المحلات التجارية لمن يشتري من بضائعهم المعروضة محرمة، وهي من القمار؛ إذ فيها إغراء للناس على الشراء منهم دون غيرهم، وشراء ما لا يحتاج أو يحرم طمعاً في الجائزة، وإضرار بالتجار الآخرين، والجائزة التي يأخذها منهم محرمة؛ لكونها من الميسر المحرم شرعاً. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} [المائدة/90]. · حكم بيع المجلات والصحف السيئة: المجلات والصحف التي تحمل فكراً سيئاً كمحاربة الدين وأهله، والمجلات والصحف الخليعة التي تدعو إلى التهتك والفجور، وأشرطة الفيديو والكاسيت التي تحمل الأغاني وأصوات المعازف، والتي تظهر فيها صور النساء سافرات، غناء وتمثيلاً، وكل ما يحمل الكلام الساقط، والغزل الفاحش، ويدعو إلى الرذيلة.

حكم التأمين التجاري

فذلك كله يحرم بيعه وشراؤه، وسماعه، والنظر إليه، والتجارة فيه، والمال الذي منه بيعاً أو شراءً أو تأجيراً كله سحت حرام لا يحل لصاحبه. · حكم التأمين التجاري: التأمين التجاري عقد يلزم فيه المؤمِّن أن يدفع للمؤمَّن له عوضاً مادياً يتفق عليه عند وقوع خطر، أو خسارة، مقابل رسم يؤديه المؤمَّن له، وهو محرم؛ لما فيه من الغرر والجهالة، وهو ضرب من الميسر، وأكل لأموال الناس بالباطل سواء كان على النفس، أو على البضائع، أو الآلات أو غيرها. · حكم بيع ما يضر: لا يجوز بيع عصير ممن يتخذه خمراً، ولا سلاح في فتنة، ولا بيع حيّ بميت. · حكم الشرط في البيع: كل بيع معلق على شرط لا يُحل حراماً ولا يُحرم حلالاً فهو صحيح كأن يشترط البائع سكنى الدار شهراً، أو يشترط المشتري حمل الحطب، وتكسيره ونحو ذلك. · حكم بيع أو تأجير أرض المشاعر: أرض منى ومزدلفة وعرفات مشاعر كالمساجد لعموم المسلمين، فلا يجوز بيعها أو تأجيرها، ومن فعل ذلك فهو عاص آثم ظالم، والأجرة عليه حرام، ومن دفعها محتاجاً فلا إثم عليه. · حكم بيع التقسيط: بيع التقسيط صورة من بيع النسيئة وهو جائز، فبيع النسيئة مؤجل لأجل واحد، وبيع التقسيط مؤجل لآجالٍ متعددة. 1 - تجوز الزيادة في ثمن السلعة لأجل التأجيل أو التقسيط كأن يبيعه سلعة قيمتها

حكم بيع البساتين

مائة حالَّة بمائة وعشرين مؤجلة لأَجَلٍ واحد، أو آجال محددة، بشرط ألّا تكون الزيادة فاحشة، أو يستغل المضطرين. 2 - البيع إلى أجل أو بالتقسيط يكون مستحباً إذا قصد به الرفق بالمشتري، فلا يزيد في الثمن لأجل الأجل، وبذلك يثاب فيه البائع على إحسانه، ويكون مباحاً إذا قُصد به الربح والمعاوضة، فيزيد في الثمن لأجل الأجل، ويسدَّد على أقساط معلومة، لآجال معلومة. 3 - لا يجوز للبائع أن يأخذ من المشتري زيادة على الدين إذا تأخر في دفع الأقساط؛ لأن ذلك ربا محرم، لكن له رهن المبيع حتى يستوفي دينه من المشتري. · حكم بيع البساتين: 1 - إذا باع أرضاً فيها نخل أو شجر، فإن كان النخل قد أُبِّر (لُقِّح)، والشجر ثمره باد فهو للبائع إلا أن يشترطه المشتري فهو له، وإن كان النخل لم يُؤَبَّر، والشجر لم يظهر طَلْعُه فهو للمشتري. 2 - لا يصح بيع ثمر النخيل أو غيرها من الأشجار حتى يبدو صلاحها، ولا يصح بيع الزرع قبل اشتداد حبه، وإذا باع الثمر قبل بدوّ صلاحه مع أصوله، أو باع الزرع الأخضر مع الأرض جاز ذلك، أو باع الثمرة بشرط القطع في الحال جاز. 3 - إذا اشترى أحد ثمرة وتركها إلى الحصاد أو الجذاذ بلا تأخير ولا تفريط، ثم أصابتها آفة سماوية كالريح والبرد ونحوهما فأتلفتها فللمشتري أن يرجع بالثمن على البائع. وإن أتلفها آدمي خُيِّرَ مشتر بين الفسخ أو الإمضاء، ومطالبة من أتلفها ببدله. · حكم المحاقلة: هي بيع الحب المشتد في سنبله بحب من جنسه، وهي لا تجوز؛ لأنها جمعت محذورين: الجهالة في المقدار والجودة، والربا؛ لعدم انضباط التساوي.

حكم المزابنة

· حكم المزابنة: المزابنة هي: أن يباع ثمر النخل بالتمر كيلاً، وهي لا تجوز كالمحاقلة. · حكم بيع العرايا: لا يجوز شراء التمر بالرطب على رؤوس النخل؛ لما فيه من الغرر والربا، إلا أنه رُخِّصَ في بيع العرايا للحاجة، بأن يَخْرُصَ الرطب في النخل، ثم يعطيه قدره من التمر القديم، بشرط ألّا تزيد على خمسة أوسق، مع التقابض في مجلس العقد. · حكم بيع الأعضاء: 1 - لا يجوز بيع العضو أو الجزء من الإنسان قبل الموت أو بعده، وإن لم يحصل عليه المضطر إلا بثمن جاز الدفع للضرورة، وحَرُم على الآخذ، وإن وهبه بعد الموت للمضطر وأُعطِي مكافأة قبل الموت فلا بأس بأخذها. 2 - لا يجوز بيع الدم لعلاج ولا غيره، فإن احتاجه لعلاج ولم يحصل عليه إلا بعوض جاز له أخذه بعوض، وحَرُم أخذ العوض على باذله. · معنى الغرر: الغرر: هو ما طُوي عن الإنسان علمه، وخفي عليه باطنه من معدوم أو مجهول، أو معجوز عنه، أو غير مقدور عليه. · حكم بيع الغرر والميسر: الغرر والميسر والقمار من المعاملات الخطرة المدمرة المحرمة، أفقرت بيوتاً تجارية كبرى، وسببت ثراء قوم بلا جهد، وفقر آخرين بالباطل، فكان الانتحار، والعداوة، والبغضاء، وهذا كله من عمل الشيطان. قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} ... [المائدة/ 91].

مفاسد بيع الغرر

· مفاسد بيع الغرر: بيوع الغرر تجر مفسدتين كبيرتين: الأولى: أكل أموال الناس بالباطل، فأحدهما إما غارم بلا غُنْم، أو غانم بلا غرم؛ لأنها رهان ومقامرة. الثانية: العداوة والبغضاء بين المتبايعين إلى جانب الحقد والتناحر.

2 - الخيار

2 - الخيار - حكمة مشروعية الخيار: الخيار في البيع من محاسن الإسلام، إذ قد يقع البيع بغتة من غير تفكير، ولا تأمل، ولا نظر في القيمة، فيندم المتبايعان أو أحدهما، من أجل ذلك أعطى الإسلام فرصة للتروِّي تسمى الخيار، يتمكن المتبايعان أثناءها من اختيار ما يناسب كلاً منهما من إمضاء البيع، أو فسخه. عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أوْ قال: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». متفق عليه (¬1). - أقسام الخيار: للخيار عدة أقسام، ومنها: 1 - خيار المجلس: ويثبت في البيع والصلح والإجارة وغيرها من المعاوضات التي يُقصد منها المال، وهو حق للمتبايعين معاً، ومدته من حين العقد إلى التفرق بالأبدان، وإن أسقطاه سقط، وإن أسقطه أحدهما بقي خيار الآخر، فإذا تفرقا لزم البيع، وتحرم الفرقة من المجلس خشية أن يستقيله. 2 - خيار الشرط: بأن يشترط المتبايعان أو أحدهما الخيار إلى مدة معلومة فيصح ولو طالت، ومدته من حين العقد إلى أن تنتهي المدة المشروطة، وإذا مضت مدة الخيار ولم يفسخ المشترط المبيع لزم البيع، وإن قطعا الخيار أثناء المدة بطل؛ لأن الحق لهما. 3 - خيار الخلاف في السلعة أو الثمن: كما لو اختلفا في قدر الثمن، أو عين البيع، أو صفته، ولم تكن بيّنة فالقول قول البائع مع يمينه، ويُخيَّر المشتري بين القبول أو الفسخ. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2079) واللفظ له، ومسلم برقم (1532).

4 - خيار العيب: وهو ما يُنقص قيمة المبيع، فإذا اشترى سلعة ووجد بها عيباً فهو بالخيار، إما أن يردها ويأخذ الثمن، أو يمسكها ويأخذ أرش العيب، فتقوّم السلعة سليمة، ثم تقوّم معيبة، ويأخذ الفرق بينهما، وإن اختلفا عند مَنْ حدث العيب كعرج، وفساد طعام، فقول بائع مع يمينه، أو يترادان. 5 - خيار الغبن: وهو أن يُغبن البائع أو المشتري في السلعة غبناً يخرج عن العادة والعرف، وهو محرم، فإذا غُبن فهو بالخيار بين الإمساك والفسخ، كمن انخدع بمن يتلقى الركبان، أو بزيادة الناجش الذي لا يريد الشراء، أو كان يجهل القيمة ولا يحسن المماكسة في البيع فله الخيار. 6 - خيار التدليس: وهو أن يظهر البائع السلعة بمظهر مرغوب فيه وهي خالية منه، مثل إبقاء اللبن في الضرع عند البيع؛ ليوهمه بكثرة اللبن ونحو ذلك، وهذا الفعل محرم، فإذا وقع ذلك فهو بالخيار بين الإمساك أو الفسخ، فإذا حلبها ثم ردها، رد معها صاعاً من تمر عوضاً عن اللبن. 7 - خيار الخيانة: فإذا كان الثمن خلاف الواقع أو بان أقل مما أخبر به، فللمشتري الخيار بين الإمساك وأخذ الفرق، أو الفسخ، كما لو اشترى قلماً بمائة، فجاءه رجل وقال: بعنيه برأس ماله، فقال: رأس ماله مائة وخمسون، فباعه عليه، ثم تبين كذب البائع فللمشتري الخيار، ويثبت هذا الخيار في التولية، والشركة، والمرابحة، والمواضعة، ولا بد في جميعها من معرفة البائع والمشتري رأس المال. 8 - خيار الإعسار: فإذا ظهر أن المشتري معسر أو مماطل فللبائع الفسخ إن شاء؛ حفاظاً على ماله. 9 - خيار الرؤية: وهو أن يشتري شيئاً لم يره، ويَشْتَرِط أن له الخيار إذا رآه. فهذا بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذ المبيع بالثمن، وإن شاء رده.

خطر الغش

- خطر الغش: الغش محرم في كل شيء، ومع كل أحد، وفي أي معاملة، فهو محرم في المعاملات كلها، ومحرم في الأعمال المهنية، ومحرم في الصناعات، ومحرم في العقود والبيوع وغيرها؛ لما فيه من الكذب والخداع، ولما يسببه من التشاحن والتناحر. عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». أخرجه مسلم (¬1). - الإقالة: هي فسخ العقد ورجوع كل من المتعاقدين بما كان له، وتجوز بأقل أو أكثر منه. - حكم الإقالة: الإقالة سنة للنادم من بائع ومشتر، وهي سنة في حق المقيل، مباحة في حق المستقيل، وتشرع إذا ندم أحد المتبايعين، أو زالت حاجته بالسلعة، أو لم يقدر على الثمن ونحو ذلك. - الإقالة من معروف المسلم على أخيه إذا احتاج إليها، رَغَّبَ فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً أَقَالَهُ الله عَثْرَتَهُ يَومَ القِيَامَةِ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬2). - حكم البيع إلى أجل: البيع إلى أجل قسمان: 1 - إن كان المعجل السلعة، والمؤجل الثمن، فهذا الذي يسمى بيع التقسيط. 2 - وإن كان المعجل الثمن، والمؤجل السلعة، فهذا بيع السَّلَم، وكلا القسمين جائز شرعاً. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (102). (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3460)، وأخرجه ابن ماجه برقم (2199)، وهذا لفظه.

3 - السلم

3 - السَّلَم - أنواع العقود: العقود من حيث التسليم أربعة أنواع: 1 - بيع حالٍّ بحالّ: فهذا جائز، كأن يبيع كتاباً بعشرة ريالات نقداً. 2 - بيع مؤجل بمؤجل: كأن يبيعه سيارة صفتها كذا، تُسلَّم بعد سنة بعشرة آلاف مؤجلة إلى سنة، فهذا لا يجوز؛ لأنه بيع دَيْن بدَيْن. 3 - أن يُعجل الثمن ويؤخر السلعة، وهذا هو السلم، وهو جائز. 4 - أن يعجل السلعة، ويؤخر الثمن؛ وهذا جائز، كأن يبيعه سيارة بمائة ألف تحلّ بعد سنة. - السَّلَم: هو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد. أباحه الله توسيعاً على المسلمين، وقضاء لحاجتهم، ويسمى (السلف)، فهو بيع عُجِّل ثمنه وأُجِّل مثمنه. - حكم السلم: حكم السلم جائز، ومثاله: كأن يعطيه مائة ريال، على أن يُسلِّمه خمسين كيلاً من التمر الفلاني بعد سنة. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». متفق عليه (¬1). - شروط صحة السلم: يشترط له شروط زائدة على شروط البيع لضبطه وهي: العلم بالمُسْلَم به، والعلم بالثمن، وقبضه في مجلس العقد، وأن يكون المسلَّم فيه في الذمة، وصفه صفة تنفي عنه الجهالة، ذكر أجله ومكان حلوله. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2240) واللفظ له، ومسلم برقم (1604).

مسائل تتعلق بالبيع والشراء 1 - التسعير: هو وضع ثمن محدد للسلع، بحيث لا يُظلم المالك، ولا يُرهق المشتري. - حكم التسعير: 1 - يحرم التسعير إذا تضمن ظلم الناس، أو إكراههم بغير حق بشيء لا يرضونه، أو منعهم مما أباح الله لهم. 2 - يجوز التسعير إذا كانت لا تتم مصلحة الناس إلا به كأن يمتنع أصحاب السلع من بيعها إلا بزيادة مع حاجة الناس إليها، فتسعَّر بقيمة المثل لا ضرر ولا ضرار. 2 - الاحتكار: هو شراء السلع التي يحتاجها الناس وحبسها لِتَقِلَّ بين الناس فيرتفع سعرها. - حكم الاحتكار: الاحتكار حرام؛ لما فيه من الجشع، والطمع، والتضييق على الناس، ومن احتكر فهو خاطئ. عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِاللهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ». رواه مسلم (¬1). 3 - التورق: أن يشتري الإنسان سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها على غير البائع بثمن أقل مما اشتراها به. - حكم التورق: إذا احتاج الإنسان إلى نقد ولم يجد من يقرضه فيجوز أن يشتري سلعة إلى أجل، ثم يبيعها على غير الأول، وينتفع بثمنها. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1605).

4 - بيع العربون: هو بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع على أنه إن أخذ السلعة احتسب المبلغ من ثمنها، وإن تركها فالمبلغ المدفوع للبائع الذي هو العربون. وهذا البيع جائز إذا قُيِّدت فترة الانتظار بزمن محدد. 5 - بيع المزايدة: عقد المزايدة: هو عقد معاوضة، يُدعى الناس للمشاركة فيه، ثم تباع السلع بأعلى سعر وصلت إليه برضا البائع. وبيع المزايدة جائز بشروط البيع المعلومة، سواء كان المالك للسلع فرداً، أو جهة حكومية، أو شركة معتبرة. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِي الله عَنْه أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَاحْتَاجَ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟» فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ الله بِكَذَا وَكَذَا فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2141)، واللفظ له، ومسلم برقم (997).

4 - الربا

4 - الربا - أحكام الأموال ثلاثة: عدل .. وفضل .. وظلم. فالعدل هو البيع، والفضل هو الصدقة، والظلم هو الربا ونحوه. - أصول المعاملات المحرمة: مدار المعاملات المحرمة على ثلاثة أشياء هي: الربا .. والظلم .. والغرر. فكل معاملة اشتملت على واحد من هذه الثلاثة فالشرع قد حرمها، وما عدا ذلك فهو حلال؛ لأن الأصل في المعاملات الحل والإباحة. قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)} ... ] البقرة/ 29 [. - الربا: هو الزيادة في بيع شيئين يجري فيهما الربا. فالمرابي إما أن يزيد في شيء على شيء، أو يؤخر القبض مقابل الزيادة. - حكم الربا: 1 - الربا من كبائر الذنوب، وهو محرم في جميع الأديان السماوية؛ لما فيه من الضرر العظيم، فهو يسبب العداوة بين الناس، ويؤدي إلى تضخّم المال على حساب سلب مال الفقير، وفيه ظلم للمحتاج، وتسلّط الغني على الفقير، وإغلاق باب الصدقة والإحسان، وقتل مشاعر الشفقة في الإنسان، حيث ينطبع قلب المرابي بالأثرة، والبخل، وضيق الصدر، وقساوة القلب، والعبودية للمال. قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)} [البقرة/ 275].

عقوبة الربا

2 - والربا أكل لأموال الناس بالباطل، وفيه تعطيل للمكاسب والتجارة والصناعات التي يحتاجها الناس، فالمرابي يزيد ماله بدون تعب، فيترك التجارة والمصالح التي ينتفع بها الناس، وما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة. - عقوبة الربا: الربا من أعظم الذنوب، وقد أعلن الله عز وجل الحرب على آكل الربا ومُوكِله من بين سائر الذنوب: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة/278 - 279]. 2 - وعن جابر رضي الله عنه قال: لَعَنَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - آكِلَ الرِّبَا، وَمُوْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ. أخرجه مسلم (¬1). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إلَّا بِالحَقِّ، وأكلُ الرِّبَا، وأكلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ». متفق عليه (¬2). - أقسام الربا: 1 - ربا النسيئة: وهو الزيادة التي يأخذها البائع من المشتري مقابل التأجيل كأن يعطيه ألفاً نقداً على أن يرده عليه بعد سنة ألفاً ومائة مثلا. - ومنه قلب الدين على المعسر، بأن يكون له مال مؤجل على رجل، فإذا حَلّ الأجل قال له: أتَقضي أم تُرْبِي، فإن وفّاه وإلا زاد هذا في الأجل، وزاد هذا في المال، فيتضاعف المال في ذمة المدين. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1598). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2766) واللفظ له، ومسلم برقم (89).

وهذا هو أصل الربا في الجاهلية، فحرمه الله عز وجل، وأوجب إنظار المعسر، وهو أخطر أنواع الربا، لعظيم ضرره. وقد اجتمع فيه الربا بأنواعه: ربا النسيئة، وربا الفضل، وربا القرض. 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)} [آل عمران/130]. 2 - وقال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} [البقرة/280]. - ومنه ما كان في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، مع تأخير قبضهما، أو قبض أحدهما، كبيع الذهب بالذهب، والبر بالبر ونحوهما، وكذا بيع جنس بآخر من هذه الأجناس مؤجلا. 2 - ربا الفضل: وهو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام مع الزيادة، وهو محرم، وقد نص الشرع على تحريمه في ستة أشياء. عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالبُرُّ بِالبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالمِلْحُ بِالمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَداً بِيَدٍ، فَإذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ». أخرجه مسلم (¬1). - ما يُلحق بربا الفضل: يقاس على هذه الأصناف الستة كل ما وافقها في العلة: في الذهب والفضة (الثَّمَنِيَّة)، وفي الأربعة الباقية (الكيل والطعم) أو (الوزن والطعم). - المكيال مكيال المدينة، والميزان ميزان أهل مكة، وما لم يوجد فيهما يرجع فيه إلى العرف، وكل شيء حَرُم فيه ربا الفضل حَرُم فيه ربا النسيئة. 3 - ربا القرض: وصفته أن يُقرض الإنسان أحداً شيئاً ويشترط عليه أن يرد أفضل ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1587).

منه، أو يشترط عليه نفعاً ما، نحو أن يسكنه داره شهراً مثلا، وهو حرام، فإن لم يشترط وبذل المقترض النفع أو الزيادة بنفسه جاز وأُجر. - أحكام ربا الفضل: 1 - إذا كان البيع في جنس واحد ربوي حرم فيه التفاضل والنَّسَأ كأن يبيع أحد ذهباً بذهب، أو براً ببر ونحوهما، فيشترط لصحة هذا البيع التساوي في الكمية، والقبض في الحال؛ لاتفاق البدلين في الجنس والعلة. 2 - إذا كان البيع في جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، واختلفا في الجنس حرم النَّسَأ وجاز التفاضل كأن يبيع ذهباً بفضة، أو براً بشعير ونحوهما، فيجوز البيع مع التفاضل إذا كان القبض في الحال يداً بيد؛ لأنهما اختلفا في الجنس، واتحدا في العلة. 3 - إذا كان البيع بين جنسين ربويين لم يتفقا في العلة جاز الفضل والنَّسَاء كأن يبيع طعاماً بفضة، أو طعاماً بذهب ونحوهما، فيجوز التفاضل والتأجيل؛ لاختلاف البدلين في الجنس والعلة. 4 - إذا كان البيع بين جنسين ليسا ربويين جاز الفضل والنسيئة كأن يبيع بعيراً ببعيرين، أو ثوباً بثوبين ونحوهما فيجوز التفاضل والتأجيل. - لا يجوز بيع أحد نوعي جنس بالآخر إلا أن يكونا في مستوى واحد في الصفة، فلا يباع الرطب بالتمر؛ لأن الرطب ينقص إذا جف، فيحصل التفاضل المحرم. - حكم بيع الذهب المصوغ: لا يجوز بيع المصوغ من الذهب أو الفضة بجنسه متفاضلاً؛ لأجل الصنعة في أحد العوضين، لكن يبيع ما معه بالدراهم ثم يشتري المصوغ. - حكم الفوائد التي تأخذها البنوك: الفوائد التي تأخذها البنوك اليوم على القروض من الربا المحرم، والفوائد التي

تدفعها البنوك مقابل الإيداع رباً لايحل لأحد أن ينتفع به بل يتخلص منه. - حكم الإيداع في البنوك الربوية: 1 - يجب على المسلمين إذا احتاجوا الإيداع والتحويل بواسطة البنوك الإسلامية، فإن لم توجد جاز للضرورة الإيداع في غيرها لكن بدون فائدة، والتحويل من غيرها ما لم يخالف الشرع. 2 - يحرم على المسلمين العمل في أي بنك أو مؤسسة تأخذ أو تعطي الربا، والمال الذي يأخذه العامل فيه سحت يحاسب عليه. - حكم أخذ الربا: إذا أودع المسلم أمواله في بنوك ربوية، ثم أعطوه فوائد ربوية على ماله، فلا يجوز له أخذها؛ لأنها سحت، ولا يجوز له التصرف بها؛ لأنها كسب خبيث، والله طيب لا يقبل إلا طيباً. والحَلّ: أن يتركه ولا يأخذه منهم، وإن صرفوه في محرم، أو في حرب المسلمين، فأنت لم تأمرهم بذلك، ولم تعطهم إياه؛ لأنك لم تملكه. فأكل الربا من كبائر الذنوب، وقد أعلن الله الحرب على من أخذه، فيحرم الربا عطاءً وأخذاً، سواء كان قليلاً أو كثيراً، وعاقبته أبداً المحق والحرب من الله ورسوله كما حصل ويحصل. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة/278 - 279]. - كيف يتخلص من الأموال الربوية: الربا من أعظم الذنوب، وإذا منّ الله على المرابي، وتاب إلى الله عز وجل، وله وعنده أموال مجتمعة من الربا، ويريد التخلص منها فلا يخلو من حالين:

حكم بيع الحيوان

1 - أن يكون الربا له في ذمم الناس لم يقبضه، فهنا يأخذ رأس ماله، ويترك ما زاد عليه من الربا. 2 - أن تكون أموال الربا مقبوضة عنده فلا يردها على أصحابها ولا يأكلها؛ لأنها كسب خبيث، ولكن يتخلص منها بالتبرع بها، أو جعلها في مشاريع نافعة تخلصاً منها كإنارة الطرق وتعبيدها، وبناء الحمامات ونحوها. - حكم بيع الحيوان: لا ربا في الحيوان ما دام حياً، وكذا كل معدود. فيجوز بيع البعير بالبعيرين والثلاثة، فإذا صار موزوناً أو مكيلاً جرى فيه الربا. فلا يجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم الغنم، ويجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر؛ لاختلاف الجنس، إذا حصل التقابض في الحال. - يجوز شراء الذهب للقُنْية، أو لقصد الربح كأن يشتريه حينما ينخفض سعره، ويبيعه عندما يزيد سعره. - حكم بيع الصرف والأوراق المالية: الصرف: هو بيع نقد بنقد سواء اتحد الجنس أو اختلف، وسواء كان النقد من الذهب والفضة، أو من الأوراق النقدية المتعامل بها الآن، فهي تأخذ حكم الذهب والفضة؛ لاشتراكهما في الثَّمَنية. - إذا باع نقداً بجنسه كذهب بذهب، أو ورق نقدي بجنسه كريال بريال ورقي، أو معدني، وجب التساوي في المقدار، والتقابض في المجلس. - وإن باع نقداً بنقد من غير جنسه كذهب بفضة، أو ريالات ورقية سعودية بدولارات أمريكية مثلاً جاز التفاضل في المقدار، ووجب التقابض في المجلس. - إذا افترق المتصارفان قبل قبض الكل أو البعض صح العقد فيما قبض، وبطل فيما لم يقبض كأن يعطيه ديناراً ليصرفه بعشرة دراهم، فلم يجد إلا خمسة دراهم فيصح العقد في نصف الدينار، ويبقى نصفه أمانة عند البائع. -

5 - القرض

5 - القرض - أقسام العقود: عقود المعاملات تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: عقود معاوضات كالبيع، والإجارة ونحوهما. الثاني: عقود تبرعات كالهبة، والوصية، والوقف، والقرض، والصدقة ونحوها من عقود الإرفاق والإحسان والتبرع. الثالث: عقود توثيقات كالرهن، والضمان، والكفالة، والشهادة ونحوها من عقود الإثبات والتوثيق. - القرض: هو دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله، أو ينتفع به دون قضاء؛ طلباً للثواب من الله تعالى في كلا الحالين. - حكمة مشروعية القرض: القرض قربة مندوب إليه؛ لما فيه من الإحسان إلى المحتاجين، وقضاء حاجتهم، وكلما كانت الحاجة أشد، والعمل أخلص للهِ تعالى، كان الثواب أعظم. - فضل القرض: 1 - قال الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)} [البقرة/245]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ الله عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ الله فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَالله فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيْهِ». أخرجه مسلم (¬1). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2699).

- حكم القرض: 1 - القرض مستحب للمُقرِض، ومباح للمقتَرِض، وكل ما صح بيعه صح قرضه إذا كان معلوماً، والمقرض ممن يصح تبرعه، وعلى المقترض أن يرد بدل ما اقترضه، المِثْل في المثليات، والقيمة في غيرها. 2 - كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم كأن يقرضه شيئاً ويشترط أن يسكن داره، أو يقرضه مالاً بفائدة كأن يقرضه ألفاً بألف ومائتين بعد سنة. - حكم الإحسان في القرض: الإحسان في القرض مستحب إن لم يكن شرطاً كأن يقرضه من الإبل بكراً فيعطيه بدله رباعياً؛ لأن هذا من حسن القضاء ومكارم الأخلاق، وَمَنْ أقرض مسلماً مرتين فكأنما تصدق عليه مرة. عن أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسلف من رجل بَكْراً، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال: «أَعْطِه إيَّاهُ، إنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً». أخرجه مسلم (¬1). - حكم الحط من الدين من أجل تعجيله: يجوز الحط من الدين المؤجل لأجل تعجيله، سواء كان بطلب من الدائن أو المدين، ومن أدى عن غيره واجباً عليه من دين، أو نفقة، رجع عليه به إن شاء. - فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه: إنظار المعسر من مكارم الأخلاق، وأفضل منه التجاوز عنه. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1600).

1 - قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} [البقرة/280]. 2 - وعن أبي اليسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ الله فِي ظِلِّهِ». أخرجه مسلم (¬1). - حالات المدين: المدين له أربع حالات: 1 - ألّا يكون عنده شيء مطلقاً، فهذا يجب إنظاره وترك ملازمته. 2 - أن يكون ماله أكثر من دينه فهذا يجوز طلبه، ويُلزم بالقضاء. 3 - أن يكون ماله بقدر دينه فَيُلزم بالوفاء. 4 - أن يكون ماله أقل من دينه فهذا مفلس يُحجر عليه بطلب الغرماء أو بعضهم، ويُقسم ماله بين الغرماء حسب النِّسَب. - عقوبة من اقترض المال وهو لا يريد رده: يجب على مَن اقترض مالاً أن يَعزم على أدائه، وإلا أتلفه الله عز وجل كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى الله عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إتْلافَهَا أَتْلَفَهُ الله». أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (3006). (¬2) أخرجه البخاري برقم (2387).

6 - الرهن

6 - الرهن - أقسام العقود: العقود ثلاثة أقسام: 1 - عقود لازمة من الطرفين كالبيع، والإجارة ونحوهما. 2 - عقود جائزة من الطرفين لكل منهما فسخها كالوكالة ونحوها. 3 - عقود جائزة من أحدهما دون الآخر كالرهن جائز من قبل المرتهن، لازم من قبل الراهن ونحو ذلك مما يكون الحق فيه لواحد على الآخر. - الرهن: هو توثقة دين بعين يمكن استيفاؤه منها، أو من ثمنها إن تعذر الاستيفاء من ذمة المدين. - حكمة مشروعية الرهن: الرهن مشروع لحفظ المال؛ لئلا يضيع حق الدائن، فإذا حَلّ الأجل لزم الراهن الوفاء، فإن امتنع عن الوفاء فإن كان الراهن أذن للمرتهن في بيعه باعه ووفّى الدين، وإلا أجبره الحاكم على وفائه أو بيع الرهن، فإن لم يفعل باعه الحاكم ووفّى دينه. 1 - قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة/283]. 2 - وعن عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى طَعَاماً مِنْ يَهُودِيٍّ إلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعاً مِنْ حَدِيدٍ. متفق عليه (¬1). - الرهن أمانة في يد المرتهن أو أمينه، لا يضمنه إلا أن يتعدى أو يفرط. - شروط صحة الرهن: يشترط لصحة الرهن ما يلي: ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2068)، ومسلم برقم (1603).

أن يكون الراهن جائز التصرف .. والإيجاب والقبول بين الطرفين .. معرفة الرهن وجنسه .. وجود العين المرهونة ولو مشاعة .. ملك العين المرهونة .. قبض المرتهن للعين المرهونة. فإذا تمت هذه الشروط صح الرهن ولزم. - من ينفق على الرهن: مؤنة الرهن على الراهن، وما يَحتاج إلى مؤنة فللمرتهن أن يَركب ما يُركب، ويَحلب ما يُحلب بقدر نفقته. - حكم بيع الرهن: لا يصح بيع الراهن للرهن إلا بإذن المرتهن، فإن باعه وأجازه المرتهن صح البيع، وإن لم يجزه فالعقد فاسد. - انتهاء عقد الرهن: ينتهي عقد الرهن بما يلي: تسديد كل الدين للمرتهن .. تسليم المرهون لصاحبه .. البيع الجبري الصادر من الراهن بأمرالقاضي .. فسخ الرهن من قِبَل الراهن .. البراءة من الدين بأي وجه .. هلاك العين المرهونة .. التصرف في المرهون ببيع أو هبة برضا الطرفين. فإذا حصل واحد من هذه الأمور انفك الرهن وانتهى.

7 - الضمان والكفالة

7 - الضمان والكفالة - الضمان: هو التزام المكلف بأداء ما وجب على غيره من الحقوق المالية. - حكم الضمان: الضمان عقد جائز، والمصلحة تقتضيه، بل قد تدعو الحاجة إليه، وهو من التعاون على البر والتقوى، وفيه قضاء لحاجة المسلم، وتنفيس لكربته. - شروط صحة الضمان: يشترط لصحة الضمان: أن يكون الضامن جائز التصرف، راضياً غير مكره. - ما يصح به الضمان: 1 - يصح الضمان بكل لفظ يدل عليه كضمنته، أو تحمَّلت عنه، أو نحو ذلك. 2 - يصح الضمان لكل مالٍ معلومٍ كألف مثلا، أو مجهولٍ كأن يقول: أنا ضامن لك مالك على فلان، أو ما يُقضى به عليه -حياً كان المضمون عنه أو ميتاً-. - الآثار المترتبة على الضمان: إذا ضمن الدين ضامن لم يبرأ المدين، وصار الدين عليهما جميعاً، وللدائن مطالبة أيهما شاء. - انتهاء عقد الضمان: يبرأ الضامن إذا استوفى الدائن من المضمون عنه أو أبرأه. - الكفالة: هي التزام رشيد برضاه إحضار مَنْ عليه حق مالي لربه. - حكمة مشروعيتها: حفظ الحقوق واستحصالها. - حكم الكفالة: الكفالة جائزة، وهي من التعاون على البر والتقوى، وهي من الكفيل مستحبة؛ لأنها إحسان إلى المكفول.

قال الله تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)} [يوسف/ 66]. - إذا كفل إنسان إحضار مدين فلم يحضره، غَرِم ما عليه. - متى يبرأ الكفيل: يبرأ الكفيل بما يلي: موت المكفول، أو إذا سَلَّم المكفول نفسه لرب الحق، أو تلفت العين المكفولة بفعل الله تعالى. - الفرق بين الضمان والكفالة: الضمان: هو التزام مكلف بأداء ما وجب على غيره من الحقوق. والكفالة: هي التزام جائز التصرف إحضار الشخص الذي عليه الحق. فالكفالة إحضار المدين .. والضمان إحضار الدَّين. والكفالة أدنى من الضمان؛ لأنها متعلقة بالبدن لا بالدَّيْن. فإذا أحضر الكفيل المكفول لصاحب الحق فقد برئ منه، سواء أوفاه أو لم يوفه. - حكم سفر من عليه دين: من أراد سفراً وعليه حق يُستحق قبل مدة سفره فلصاحب الحق منعه، فإن أقام ضميناً مليئاً، أو دفع رهناً يفي بالدين عند الحلول فله السفر؛ لزوال الضرر. - حكم خطاب الضمان: خطاب الضمان الذي تصدره البنوك: إذا كان له غطاء كامل، أو كان الضمان مسبوقاً بتسليم جميع المبلغ المضمون للمصرف فيجوز أخذ الأجرة عليه مقابل الخدمة، وإن كان خطاب الضمان غير مُغَطَّى فلا يجوز للبنك إصداره وأخذ الأجرة عليه.

8 - الحوالة

8 - الحَوَالة - الحوالة: هي نقل الدين من ذمة المُحيل إلى ذمة المحال عليه. - حكم الحوالة: جائزة. - حكمة مشروعية الحوالة: شرع الله الحوالة تأميناً للأموال، وقضاء لحاجة الإنسان، فقد يحتاج إلى إبراء ذمته من حق لغريم، أو استيفاء حقه من مدين له، وقد يحتاج لنقل ماله من بلد إلى آخر، ويكون نقل هذا المال غير متيسر، إما لمشقة حمله، أو لبعد المسافة، أو لكون الطريق غير مأمون فشرع الله الحوالة لتحقيق هذه المصالح. - شروط الحوالة: يشترط لصحة الحوالة ما يلي: 1 - أن يكون المحيل والمحال عليه جائز التصرف. 2 - أن يكون المحال عليه مديناً للمحيل. 3 - أن يكون الدين المحال عليه قد حلّ. 4 - أن يكون الدين المحال مساوياً للمحال عليه في المقدار والجنس والصفة. 5 - الإيجاب والقبول بين المحيل والمحال حسب العرف. - حكم قبول الحوالة: إذا أحال المدين دائنه على مليء لزمه أن يحتال، وإن أحاله على مفلس ولم يعلم رجع بحقه على المحيل، وإن علم ورضي بالحوالة عليه فلا رجوع له، ومماطلة الغني حرام؛ لما فيها من الظلم. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، فَإذَا أُتْبِعَ

أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتَّبِعْ». متفق عليه (¬1). - ما يترتب على الحوالة: إذا تمت الحوالة انتقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، وبرأت ذمة المحيل. - فضل التجاوز عن المعسر: إذا تمت الحوالة ثم أفلس المحال عليه اسْتُحِبّ إنظاره، أو التجاوز عنه وهو الأفضل. 1 - قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} [البقرة/280]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإذَا رَأَى مُعْسِراً قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ الله أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ الله عَنْهُ». متفق عليه (¬2). - حكم التحويل البنكي: التحويل البنكي: هو أن يسلِّم الإنسان نقوداً لبنك البلد الذي هو فيه، ثم يأخذمن البنك شيكاً أو حوالة ليقبض بها نقوده في بلد آخر أو مكان آخر. وهذه المعاملة جائزة؛ لما فيها من تسهيل قضاء حوائج الناس، وحفظ الأموال من السراق، سواء كانت النقود المحولة من جنس النقود المدفوعة أو من غير جنسها. ويقوم تسليم الشيك أو الحوالة مقام القبض في مسألة صرف النقود بالتحويل. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2287) واللفظ له، ومسلم برقم (1564). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2078) واللفظ له، ومسلم برقم (1562).

9 - الصلح

9 - الصلح - الصلح: عقد يحصل به قطع النزاع بين المتخاصمين. - حكمة مشروعية الصلح: شرع الله الصلح للتوفيق بين المتخاصمين، وإزالة الشقاق بينهما، وبذلك تصفو النفوس، وتزول الأحقاد، والإصلاح بين الناس من أَجَلِّ القربات، وأعظم الطاعات إذا قام به ابتغاءً لمرضاة الله تعالى. - فضل الإصلاح بين الناس: 1 - قال الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)} [النساء/114]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ». متفق عليه (¬1). - حكم الصلح: الإصلاح بين الناس مستحب، بل هو من أعظم القربات؛ لما فيه من المحافظة على المودة، وقطع النزاع، والصلح مشروع بين المسلمين والكفار، وبين أهل العدل والبغي، وبين الزوجين عند الشقاق، وبين الجيران والأقارب والأصدقاء، وبين المتخاصمين في غير مال، وبين المتخاصمين في المال. 1 - قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} [الحجرات/ 9 - 10]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2707) واللفظ له، ومسلم برقم (1009).

2 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟» قالوا: بلى يارسول الله، قال: «إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ». أخرجه أبوداود والترمذي (¬1). - أقسام الصلح: ينقسم الصلح إلى قسمين: صلح على مال .. وصلح على غير مال. والصلح في المال ينقسم إلى قسمين: 1 - صلح على إقرار: كأن يكون لأحد على آخر عين أو دين لا يعلمان مقداره، وأقرّ به، فصالحه على شيء صح، وإن كان له عليه دين حالّ، وأقرّ به، فوضع بعضه وَأَجَّل باقيه صح الإسقاط والتأجيل، وإن صالح عن المؤجل ببعضه حالاً صح، وإنما يصح هذا الصلح إذا لم يكن مشروطاً في الإقرار كأن يقول: أقر لك بشرط أن تعطيني كذا، ولا يمنعه حقه بدونه. 2 - صلح على إنكار: بأن يكون للمدعي حق لا يعلمه المدعى عليه فينكره، فإذا اصطلحا على شيء صح الصلح، لكن إن كذب أحدهما لم يصح الصلح في حقه باطناً، وما أخذه حرام. - الصلح الجائز: المسلمون على شروطهم، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحَلَّ حراماً، أو حَرَّمَ حلالاً. والصلح الجائز هو العادل الذي أمر الله ورسوله به، وهو ما يقصد به رضا الله ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أبوداود برقم (4919)، والترمذي برقم (2509)، وهذا لفظه.

تعالى عنه، ثم رضا الخصمين، وقد مدحه الله تعالى بقوله: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء/128]. - شروط الصلح: الصلح العادل له شروط أهمها: أهلية المتصالحين بأن تصح منهما التصرفات الشرعية .. وألّا يشتمل الصلح على تحريم حلال أو تحليل حرام .. وألّا يكون أحد المتصالحين كاذباً في دعواه .. وأن يكون المصلح تقياً عالماً بالوقائع، عارفاً بالواجب، قاصداً العدل. - حكم الصلح عن الدَّين المؤجل: إذا صالح الإنسان عن دَيْنِه المؤجل ببعضه حالاًّ صح. عن كعب رضي الله عنه أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى «يَا كَعْبُ» قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ الله قَالَ: «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا» وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَيِ الشَّطْرَ، قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ الله قَالَ: «قُمْ فَاقْضِهِ». متفق عليه (¬1). - حقوق الجار: يحرم على المالك أن يحدث بملكه ما يضر بجاره من ماكينة قوية، أو فرن ونحوهما، فإن لم يضر فلا بأس، وللجار على جاره حقوق كثيرة أهمها: صلته، وبره، والإحسان إليه، وكف الأذى عنه، والصبر على أذاه ونحو ذلك مما يجب على المسلم. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (457)، واللفظ له، ومسلم برقم (1558). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6015)، ومسلم برقم (2625).

10 - الحجر

10 - الحَجْر - الحجر: هو منع إنسان من تصرفه في ماله لسبب شرعي. - حكمة مشروعية الحجر: أمر الله بحفظ المال وجعل من وسائل ذلك الحجر على مَنْ لا يحسن التصرف في ماله كالمجنون، أو في تصرفه وجهُ إضاعة كالصبي، أو في تصرفه وجه تبذير كالسفيه، أو يتصرف بما في يده تصرفاً يُضِر بحق الغير كالمفلس الذي أثقلته الديون، فشرع الله الحجر حفظاً لأموال هؤلاء. - أقسام الحجر: الحجر نوعان: 1 - حجر لحظ غيره: كالحجر على المفلس لحظ الغرماء. 2 - حجر لحظ نفسه: كالحجر على الصغير، والسفيه، والمجنون لحفظ ماله. - حكم المفلس: المفلس: هو مَنْ دينه أكثر من ماله، ويُحجر عليه من الحاكم بطلب غرمائه، أو بعضهم، ويحرم عليه التصرف بما يضر غرماءه، ولا ينفذ تصرفه ذلك ولو لم يحجر عليه. - أحكام المفلس: 1 - مَنْ ماله قدر دينه أو أكثر لم يُحجر عليه، ويؤمر بوفائه، فإن أبى حُبس بطلب صاحبه، فإن أصر ولم يبع ماله باعه الحاكم وقضاه. 2 - مَنْ كان ماله أقل مما عليه من الدين الحال فهو مفلس يجب الحجر عليه وإعلام الناس به؛ لئلا يغتروا به، ويُحجر عليه بطلب غرمائه أو بعضهم. 3 - إذا تم الحجر على المفلس انقطع الطلب عنه، وليس له التصرف بماله، فيبيع

الحاكم ماله، ويقسم ثمنه بقدر ديون غرمائه الحالة، فإن لم يبق عليه شيء انفك الحجر عنه؛ لزوال موجبه. 4 - إذا قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه انقطعت المطالبة عنه، ولا تجوز ملازمته، ولا حبسه بهذا الدين، بل يخلَّى سبيله، ويُمهل إلى أن يرزقه الله ويسدد ما بقي لغرمائه. - حكم من عجز عن وفاء دينه: مَنْ لم يقدر على وفاء دينه لم يُطالب به، وحَرُم حبسه، ويجب إنظاره، وإبراؤه مستحب؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)} [البقرة/280]. - حكم حبس المدين: يجب على المدين الموسر وفاء دينه الحال. فإن كان معسراً أُمهل إلى وقت اليسار، وحرم حبسه، والعفو أفضل. وإن كان موسراً مماطلاً حبسه الحاكم؛ لأن مطل الغني ظلم، فيُحبس تأديباً له؛ ليسارع في وفاء ما عليه من الدَّين الحال. - شروط حبس المدين: يشترط لحبس المدين ما يلي: أن يكون الدَّين حالاًّ .. وأن يكون المدين قادراً على الوفاء .. وأن يكون مماطلاً .. وأن يكون المدين غيرالوالدين .. وأن يطلب صاحب الدَّين من الحاكم حبسه.

- فضل إنظار المعسر: إنظار المعسر إذا حَلَّ الدَّين فيه ثواب عظيم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « ... مَنْ أَنْظَرَ مُعْسراً فَلَهُ بِكُلِّ يَومٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ». أخرجه أحمد (¬1). - حكم من أدرك متاعه عند المفلس: مَنْ أدرك متاعه بعينه عند إنسان مفلس فهو أحق به إذا لم يقبض من ثمنه شيئاً، وكان المفلس حياً، وكان المتاع بصفته في ملكه لم يتغير. - حكم الحجر على الصغير والمجنون: الحجر على السفيه والصغير والمجنون لا يحتاج لحاكم، ووليهم الأب إن كان عدلاً رشيداً، ثم الوصي، ثم الحاكم، وعلى الولي التصرف بالأحظ لهم. - متى يزول الحجر عن الصغير؟ يزول الحجر عن الصغير بأمرين: 1 - البلوغ كما سبق. 2 - الرشد: وهو حسن التصرف في المال، بأن يُعطى مالاً ويُمتحن بالبيع والشراء حتى يُعلم حسن تصرفه. قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ... } [النساء/6]. - متى يزول الحجر عن السفيه والمجنون؟ إذا عقل المجنون ورشد، أو رشد السفيه بأن يحسن التصرف في المال فلا يغبن، ولا يصرفه في حرام، أو في غير فائدة؛ زال الحجر عنهما، وردت إليهما أموالهما. - لَيُّ الواجد ظلم يُحِلُّ عِرْضه وعقوبته، فيشرع حبس المدين الموسر المماطل تأديباً له، أما المعسر فله حق الإنظار، والعفو خير وأحسن. - ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (23434)، انظر إرواء الغليل رقم (1438).

11 - الوكالة

11 - الوكالة - الوكالة: هي استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة. - حكمة مشروعية الوكالة: الوكالة من محاسن الإسلام، فكل أحد بحكم ارتباطه بغيره قد تكون له حقوق، أو تكون عليه حقوق، فإما أن يباشرها بنفسه أخذاً وعطاءً، أو يتولاها عنه غيره، وليس كل إنسان قادراً على مباشرة أموره بنفسه، ومن هنا أجاز له الإسلام توكيل غيره ليقوم بها نيابة عنه. - حكم الوكالة: الوكالة عقد جائز، يجوز لكل من الوكيل والموكِّل فسخها في أي وقت. - الوكالة تنعقد بكل ما يدل عليها من قول، أو فعل. - ما تصح فيه الوكالة: الحقوق ثلاثة أنواع: 1 - نوع تصح الوكالة فيه مطلقاً، وهو ما تدخله النيابة كالعقود، والفسوخ، والحدود ونحوها. 2 - ونوع لا تصح الوكالة فيه مطلقاً وهو العبادات البدنية المحضة كالطهارة، والصلاة ونحوهما. وكالوكالة في فعل المحرم كأن يوكل من يبيع له الخمر، أو قتل معصوم، أو غصب مال ونحو ذلك. 3 - ونوع تصح فيه الوكالة مع العجز كحج فرض وعمرته. - حالات الوكالة: الوكالة: تصح مؤقتة كأن يقول أنت وكيلي شهراً .. وتصح معلقة بشرط كأن

يقول: إذا تمت إجارة داري فبعها .. وتصح مُنَجَّزة كأن يقول أنت وكيلي الآن، ويصح قبولها على الفور والتراخي. - حكم توكيل الموكَّل: ليس للوكيل أن يوكل فيما وُكِّل فيه إلا إذا أذن له الموكِّل بذلك، فإن عجز فله التوكيل إلا في الأمور المالية، فلا بدّ من إذن الموكل. - انتهاء الوكالة: تبطل الوكالة بما يلي: 1 - فسخ أحدهما لها. 2 - عزل الموكل للوكيل. 3 - موت أحدهما أو جنونه. 4 - حجر السفه على أحدهما. - صفة التوكيل: يجوز التوكيل بأجر أو بغير أجر، والوكيل أمين فيما وُكِّل فيه لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط، فإن تعدى أو فَرَّط ضَمِن، ويُقبل قوله في نفي التفريط مع يمينه. - حكم طلب الوكالة: مَنْ علم من نفسه الكفاءة والأمانة ولم يخش من نفسه الخيانة ولم تُشغله الوكالة عما هو أهم فهي مستحبة في حقه؛ لما فيها من الأجر والثواب، حتى لو كانت بأجرة مع حسن الإخلاص، وإتمام العمل.

12 - الشركة

12 - الشركة - الشركة: هي اجتماع في استحقاق أو تصرف بين اثنين أو أكثر. - حكمة مشروعية الشركة: الشركة من محاسن الإسلام، وهي سبب لحصول البركة ونماء المال إذا قامت على الصدق والأمانة، والأمة بحاجة إليها خاصة في المشاريع الكبرى التي لا يستطيعها الشخص بمفرده كالمشاريع الصناعية، والعمرانية، والتجارية، والزراعية ونحوها. - حكم الشركة: الشركة عقد جائز مع المسلم وغيره، فتجوز مشاركة الكافر بشرط ألّا ينفرد الكافر بالتصرف من دون المسلم فيتعامل بما حرم الله كالربا، والغش، والتجارة فيما حرم الله من خمر، وخنزير، وأصنام ونحو ذلك. 1 - قال الله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص/ 24]. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما افتتحت خيبر سألت يهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرهم فيها. على أن يعملو على نصف ما خرج منها. متفق عليه (¬1). - أنواع الشركة: الشركة نوعان: 1 - شركة أملاك: وهي اشتراك اثنين فأكثر في استحقاق مالي كالاشتراك في تملُّك عقار، أو تملُّك مصنع، أو تملُّك سيارات ونحو ذلك، ولا يجوز لأحدهما أن يتصرف إلا بإذن صاحبه، فإن تصرف نفذ في نصيبه فقط إلا أن يجيزه صاحبه فينفذ في الكل. ¬

(¬1) متفق عليه /أخرجه البخاري برقم (2331)، واللفظ له، ومسلم برقم (1551).

2 - شركة عقود: وهي الاشتراك في التصرف كالبيع والشراء والتأجير ونحو ذلك، وهي أقسام: 1 - شركة العنان: وهي أن يشترك اثنان فأكثر ببدنيهما وماليهما المعلوم ولو متفاوتاً ليعملا فيه ببدنيهما، أو يعمل فيه أحدهما ويكون له من الربح أكثر من الآخر، ويشترط أن يكون رأس المال معلوماً من النقود أو العروض المقدرة بها، ويكون الربح والخسارة على قدر مال كل واحد منهما من المال المشترك حسب الاشتراط والتراضي. 2 - شركة المضاربة: وهي أن يَدفع أحد الشريكين إلى الآخر مالاً فَيَتَّجِر به، بجزء معلوم مشاع من ربحه كالنصف أو الثلث ونحوهما، وعلى أي ذلك حصل التراضي صح، والباقي للآخر، وإن خسر المال بعد التصرف جُبر من الربح وليس على العامل شيء، وإن تلف المال بغير تعد ولا تفريط لم يضمنه العامل المضارب، والمضارب أمين في قبض المال، ووكيل في التصرف، وأجير في العمل، وشريك في الربح. - التعدي: فعل ما لا يجوز من التصرفات، والتفريط: ترك ما يجب فعله. 3 - شركة الوجوه: أن يشتريا في ذمتيهما بجاههما دون أن يكون لهما رأس مال، اعتماداً على ثقة التجار بهما، فما ربحا فبينهما، وكل واحد منهما وكيل صاحبه، وكفيل عنه، والملك بينهما على ما شرطاه، والخسارة على قدر ملكيهما، والربح على ما شرطاه حسب الاتفاق والتراضي. 4 - شركة الأبدان: أن يشترك اثنان فأكثر فيما يكتسبان بأبدانهما من المباح كالاحتطاب، وسائر الحِرف والمهن، وما رزق الله فهو بينهما، حسب الاتفاق والتراضي. 5 - شركة المفاوضة: وهي أن يفوض كل من الشركاء إلى صاحبه كل تصرف مالي وبدني من أنواع الشركة بيعاً وشراء في الذمة، وهي الجمع بين الشركات الأربع

السابقة، والربح بينهما حسب الشرط، والخسارة على قدر ملك كل واحد منهم من الشركة. - فوائد الشركة: 1 - شركة العنان والمضاربة والوجوه والأبدان خير وسيلة لتنمية المال، ونفع الأمة، وتحقيق العدل. فالعنان مال وعمل من الطرفين سوياً، والمضاربة مال من أحدهما، وعمل من الآخر، والأبدان عمل منهما معاً، والوجوه بما يأخذان بجاههما من الناس. 2 - بمثل هذه الشركات والمعاملات يُستغنى عن الربا الذي هو ظلم وأكل لأموال الناس بالباطل، وتتسع دائرة الاكتساب في حدود المباح، فقد أباحت شريعة الإسلام للإنسان الاكتساب منفرداً أو مشتركاً مع غيره حسب ما ورد في الشرع. - شروط الشركات الحلال: الشركات التي أباحها الشرع يشترط فيها ما يلي: 1 - أن يكون رأس المال معلوماً من كل شريك. 2 - أن يكون الربح مقسوماً بين الشركاء حسب أموالهم، أو لأحدهما الثلث، أو الربع، والباقي للآخر. 3 - أن يكون عمل الشركة في الأمور والأشياء المباحة شرعاً. - حكم استخدام اسم الشخص في التجارة: إذا اتفقت إحدى الشركات مع مواطن تستخدم اسمه ووجاهته ولا تطالبه بمال ولا عمل وتعطيه مقابل ذلك مبلغاً معيناً من المال أو نسبة من الربح فهذا العمل غير جائز، والعقد غير صحيح؛ لما فيه من الكذب والخداع والغرر والضرر، وفي الشركات السابقة غنية عنه.

13 - المساقاة والمزارعة

13 - المساقاة والمزارعة - المساقاة: هي دفع شجر له ثمر كالنخيل والعنب إلى آخر، ليقوم بسقيه وما يحتاج إليه، بجزء معلوم مشاع من ثمره كالنصف، أو الربع، أو نحوهما، والباقي للآخر. - المزارعة: هي دفع أرض لمن يزرعها، ويقوم عليها بجزء معلوم مشاع مما يخرج منها كالنصف، أو الربع، أو نحوهما، والباقي لمالك الأرض. - فضل المساقاة والمزارعة: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعاً فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».متفق عليه (¬1). - حكمة مشروعية المساقاة والمزارعة: من الناس مَنْ يملك الأرض والشجر، أو يملك الأرض والحب ولكن لا يستطيع سقيها والعناية بها، إما لعدم معرفته، أو لانشغاله. ومن الناس من يملك القدرة على العمل لكن ليس في ملكه شجر ولا أرض. فلمصلحة الطرفين أباح الإسلام المساقاة والمزارعة؛ عمارة للأرض، وتنمية للثروة، وتشغيلاً للأيدي العاملة التي تملك القدرة على العمل، ولا تملك المال والشجر. - حكم المساقاة والمزارعة: المساقاة والمزارعة عقد لازم، ولا يجوز فسخها إلا برضى الآخر، ويشترط لها مدة معلومة ولو طالت، وأن تكون برضى الطرفين. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2320)، ومسلم برقم (1553).

- حكم الجمع بين المساقاة والمزارعة: يجوز الجمع بين المساقاة والمزارعة في بستان واحد، بأن يساقيه على الشجر، بجزء معلوم مشاع من الثمرة، وبزرعه الأرض بجزء معلوم مشاع من المزروع. عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ. متفق عليه (¬1). - المخابرة: أن يجعل المزارع لصاحب الأرض ما على الجداول والسواقي، أو يجعل له جانباً معيناً من الزرع. وهي محرمة؛ لأن في ذلك غرراً وجهالة وخطراً، فقد يسلم هذا ويهلك هذا، فتقع الخصومة. - حكم إجارة الأرض: تجوز إجارة الأرض بالنقود، وبجزء معلوم مشاع مما يخرج منها كالنصف أو الثلث ونحوهما. - تجوز معاملة الكفار في الزراعة والصناعة والتجارة والبناء ونحو ذلك بما لا يتنافى مع الشرع من ربا أو غش أو محرم. - حكم اقتناء الكلاب: يحرم على المسلم اقتناء الكلاب إلا ما فيه مصلحة، ككلب صيد، أو ماشية، أو زرع؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ اقْتَنَى كَلْباً لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أَرْضٍ، فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيْرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ».متفق عليه (¬2). - حكم من أحرق مال غيره بغير قصد: من أوقد النار في ملكه لغرض صحيح، فطيرتها الريح فأحرقت مال غيره، ولا يملك ردها، فلا يضمنه. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2328) واللفظ له، ومسلم برقم (1551). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2322)، ومسلم برقم (1575)، واللفظ له.

14 - الإجارة

14 - الإجارة - الإجارة: عقد على منفعة مباحة، معلومة، مدة معلومة، بعوض معلوم. - حكم الإجارة: الإجارة عقد لازم من الطرفين، وتنعقد بكل لفظ يدل عليها كأجَّرتك وأكريتك ونحو ذلك مما جرى به العرف. - حكمة مشروعية الإجارة: الإجارة فيها تبادل المنافع بين الناس بعضهم بعضاً، فهم يحتاجون أرباب الحرف للعمل، والبيوت للسكنى، والدواب والسيارات والآلات ونحوها للحمل والركوب والانتفاع، لذا أباح الله الإجارة تيسيراً على الناس، وقضاءً لحاجاتهم بيسير من المال مع انتفاع الطرفين، فلله الحمد والمنة. - أنواع الإجارة: الإجارة نوعان: 1 - أن تكون على عين معلومة كأجَّرتك هذه الدار أو السيارة بكذا. 2 - أن تكون على عمل معلوم كأن يستأجر شخصاً لبناء جدار، أو حرث أرض ونحوهما. - شروط الإجارة: يشترط لصحة الإجارة ما يلي: 1 - أن تكون من جائز التصرف. 2 - معرفة المنفعة كسكنى الدار، أو خدمة الآدمي. 3 - معرفة الأجرة. 4 - أن تكون المنفعة مباحة كدار للسكن، فلا تصح على نفع محرم كأن يؤجر داراً

أو محلاً لبيع الخمر، ودوراً للبغي، وجعل داره كنيسة أو لبيع المحرمات. 5 - يشترط في العين المؤجرة معرفتها برؤية، أو صفة، وأن يعقد على نفعها دون أجزائها، وأن يقدر على تسليمها، وأن تشتمل على المنفعة المباحة، وأن تكون مملوكة للمؤجر، أو مأذوناً له فيها. - حكم تأجير العين المؤجرة: يجوز للمستأجر أن ينتفع بالعين المؤجرة بنفسه، وله إجارتها لمن يقوم مقامه بما شاء إن كان مثله، أو أقل منه، لا بأكثر منه ضرراً. - أحوال دفع الأجرة المعتادة: إن ركب طائرة أو سيارة أو سفينة، أو أعطى ثوبه خياطاً، أو استأجر حمَّالاً بلا عقد، صح ذلك كله بأجرة العادة، وهكذا في كل شيء معتاد معلوم متكرر. - حكم إجارة الوقف: تصح إجارة الوقف، فإن مات المؤجر وانتقل إلى من بعده، لم تنفسخ، وللثاني حصته من الأجرة. - كل ما حرم بيعه حرمت إجارته إلا الوقف، والحر، وأم الولد. - متى تجب الأجرة؟: تجب الأجرة بالعقد، ويجب تسليم الأجرة بعد مضي المدة، وإن تراضيا على التأجيل، أو التعجيل، أو التقسيط جاز، ويستحق الأجير أجرته إذا قضى عمله متقناً تاماً، فَيُعطى أُجرته قبل أن يجف عرقه. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قَالَ الله تَعَالَى: ثَلاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرّاً فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيراً فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ». أخرجه البخاري (¬1). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2270).

- حكم بيع العين المؤجرة: يجوز بيع العين المؤجرة كالدار والسيارة ونحوهما، ويأخذها المشتري بعد استيفاء المستأجر منفعته وانتهاء مدة إجارته. - حكم ضمان العين المؤجرة: لا يضمن الأجير ما تلف بيده، ما لم يفرط أو يتعدَّ، ولا يجوز للمرأة تأجير نفسها لعمل أو رضاع إلا بإذن زوجها. - يجوز أخذ الأجرة على التعليم، وبناء المساجد ونحوها. - حكم أخذ الرَّزْق على القُرَب: يجوز أن يأخذ الإمام، أو المؤذن، أو المعلم للقرآن رَزْقاً من بيت المال، ومَنْ عمل منهم للهِ تعالى أثيب، ولو أخذ رَزْقاً، وما يأخذه من بيت المال إعانة على الطاعة لا عوضاً أو أجرة على عمله. - حكم عمل المسلم عند الكافر: يجوز للمسلم العمل عند الكافر بثلاثة شروط: 1 - أن يكون عمله يحل للمسلم فعله كبناء، وحرث ونحوهما. 2 - ألا يُعِيْنهم على ما يعود ضرره على المسلمين. 3 - ألا يكون في العمل إذلال للمسلم. - يجوز أن يستأجر المسلم كافراً عند الضرورة كأن لم يجد مسلماً. - حكم تأجير أهل المحرمات: لا يجوز تأجير البيوت والمحلات على من يبيع حراماً كآلات اللهو المحرمة، والأفلام الخليعة، والصور الفاتنة، وكذا مَنْ يتعاطى المعاملات المحرمة كالبنوك الربوية، ومَنْ يتخذ البيت معملاً للخمر، أو مأوىً لأهل الملاهي

والزنى ونحو ذلك كمحلات بيع الدخان، وحلق اللحى، وأشرطة الفيديو والغناء؛ لأن في تأجير ذلك إعانة على المحرم الذي نهى الله عنه. قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة/2]. - حكم دفع بدل الخلو: قد يكون السكن أو الدكان في مكان مرغوب مطلوب، وهنا يجوز دفع بدل الخلو للمستأجر أثناء مدة الإجارة مقابل تخلِّيه عن بقية مدة الإجارة ولو زاد عن الأجرة الدورية لا بعد انقضاء المدة. - حكم الشرط الجزائي: الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود بين الناس شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به، فهو جائز لإتمام العقد في وقته، وفيه سد لأبواب الفوضى والتلاعب بحقوق العباد ما لم يكن هناك عذر شرعي فيكون العذر مسقطاً لوجوبه، وإن كان الشرط كثيراً عرفاً فيجب الرجوع إلى العدل والإنصاف حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة عند الحاكم. ومثاله: كأن يتفق رجل مع آخر على أن يبني له بيتاً خلال سنة بمائة ألف، وإذا تأخر عن السنة فعليه أن يدفع عن كل شهر ألف ريال، فتأخر عن السنة أربعة أشهر بلا عذر، فيلزمه أن يدفع أربعة آلاف ريال لصاحب الدار.

15 - السبق

15 - السبق - السَّبْق: بلوغ الغاية قبل غيره، والمسابقة جائزة، وقد تكون مستحبة، حسب النية والقصد، والسَّبَق: هو العوض المبذول لمن سبق. - حكمة مشروعية المسابقة: المسابقة والمصارعة من محاسن الإسلام، وهما مشروعتان؛ لما فيهما من المرونة والتدريب على الفنون العسكرية، والكر والفر، وتقوية الأجسام، والصبر والجلد، وتهيئة الأعضاء والأبدان للجهاد في سبيل الله تعالى. - أنواع المسابقة: المسابقة: تكون بالعَدْو بين الأشخاص، وتكون بالرمي بالسهام والأسلحة، وتكون بالخيل والإبل. - شروط صحة المسابقة: يشترط لصحة المسابقة ما يلي: 1 - أن يكون المركوب أو الآلة التي يرمي بها من نوع واحد. 2 - تحديد المسافة ومدى الرمي. 3 - أن يكون العوض معلوماً مباحاً. 4 - تعيين المركوبين أو الراميين. - حكم المصارعة والملاكمة: 1 - تباح المصارعة والسباحة، وكل ما يقوي الجسم، ويبعث على الصبر والجلد: إذا لم يُشغل عن واجب، أو عن ما هو أهم منه، أويكون فيه ارتكاب محظور، أو تكثر أخطاره. 2 - الملاكمة والمصارعة الحرة التي تمارس اليوم في حلبات الرياضة محرمة؛ لما

فيها من الخطر والضرر، وكشف العورات، وتحكيم غير شرع الله. - لا يجوز التحريش بين البهائم وإغراء بعضها ببعض، ولا يجوز اتخاذها غرضاً للرمي. - حكم أخذ العوض في المسابقات: لا تصح المسابقة بعوض إلا في إبل، أو خيل، أو رمي؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا سَبَقَ إلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - أخذ العوض في المسابقات له ثلاث حالات: 1 - يجوز بعوض، وهو المسابقة في الإبل أو الخيل أو الرمي. 2 - لا يجوز بعوض ولا بغير عوض كالنرد والشطرنج والقمار ونحوها. 3 - يجوز بلا عوض ولا يجوز بعوض وهذا هو الأصل والأغلب كالمسابقة على الأقدام والسفن والمصارعة ونحوها، لكن يجوز أن يعطى الفائز تشجيعاً له جائزة أو عوضاً غير محدد، ولا مسمى. - القمار: هو كل معاملة مالية يحصل بها الغُنم أو الغُرم بلا جهد. - حكم القمار والميسر: يحرم القمار، والميسر، واللعب بالنَّرْد: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة/90]. 2 - وَعَنْ بُريدةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: «مَنْ لَعِبَ بالنَّرْدَ شِيرِ فَكَأنَّماَ صَبَغَ يَدَهُ في لَحْمِ خِنْزِيرٍ ودَمِهِ». أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (2574)، وأخرجه الترمذي برقم (1700)، وهذا لفظه. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2260).

- حكم اللعب بالكرة المعاصرة: اللعب بالكرة المعاصرة من اللهو الباطل. واللعب بها عن طريق الأندية والفِرَق والدول لا يجوز. لما في ذلك من التشبه بالكفار .. والتحاكم إلى الطاغوت والقانون عند الإصابة وغيرها .. وضياع الأوقات في اللهو واللعب .. وإضاعة الأموال .. وكشف العورات والأفخاذ .. والفتنة بالمردان .. والاختلاط بين الرجال والنساء .. والصد عن ذكر الله وعن الصلاة تركاً أو تأخيراً .. وإيقاع الفرقة والعداوة والبغضاء بين اللاعبين والمشجعين خاصة عند المباريات .. وإثارة الفتن والتحزبات .. وحصول السب والشتم من بعضهم لبعض .. والإشغال عن طلب العلم .. والدعوة إلى الله .. ولما تسببه غالباً من التصادم والكسور بين اللاعبين. فهي من اللهو الباطل الذي شغل الأعداء به الناس عما خلقوا من أجله وهو العبادة والدعوة إلى الله، نسأل الله السلامة والعافية. فإن خلت من تلك المحاذير أبيحت. - حكم أخذ الهدايا من الأسواق التجارية: الهدايا والجوائز التي تقدم في الأسواق على كمية المبيعات، وفي المسابقات والعروض والمهرجانات الرياضية والتجارية والفنية ومسابقات الرسم والتصوير لذوات الأرواح ومسابقات عرض الأزياء ومسابقات ملكات الجمال ونحو ذلك مما يوقع فيما حرم الله. كل ذلك من اللعب بعقول الأمة، وأكل أموالها بالباطل، وإضاعة أوقاتها، وإفساد دينها وأخلاقها، واشتغالها بذلك عما خلقت من أجله، فعلى المسلم الحذر من ذلك.

16 - العارية

16 - العارية - العارية: هي إباحة نفع عين تبقى بعد استيفائه ثم ردها بلا عوض. - حكمة مشروعيتها: قد يحتاج الإنسان إلى الانتفاع بعين من الأعيان وهو لا يستطيع أن يتملكها، ولا يملك مالاً فيدفع أجرتها، وبعض الناس قد لا تقوى نفسه على الصدقة أو الهبة، ومن هنا شرع الإسلام العارية قضاءً لحاجة المستعير، مع حصول الأجر والثواب للمعير ببذل المنفعة لأخيه مع بقاء العين له. - حكم العارية: العارية سنة مندوب إليها؛ لما فيها من الإحسان، وقضاء الحاجات، وجلب المودة والمحبة، وتنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها. عن أَنَس بن مالك رضي الله عنه قال: كَانَ فَزَعٌ بِالمدِينَةِ فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَساً مِنْ أَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ الْمَنْدُوبُ فَرَكِبَ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: «مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْراً». متفق عليه (¬1). - شروط صحة العارية: شروط صحة العارية: أن تكون العين منتفعاً بها مع بقائها، وأن يكون النفع مباحاً، وأن يكون المعير أهلاً للتبرع، ومالكاً لما يعيره. - ما تباح إعارته: يباح إعارة كل ذي نفع مباح كالدار، والدابة، والسيارة، والآلة ونحوها من المباحات. ¬

(¬1) متفق عليه, أخرجه البخاري برقم (2627)، واللفظ له، ومسلم برقم (2307).

- ما يحرم إعارته: يحرم إعارة ما فيه معصية للهِ تعالى كالأواني لشرب الخمر، والدور للبغاء، ونحوها من المحرمات. - حفظ العارية: يجب على المستعير المحافظة على العارية وردها سليمة إلى صاحبها، ولا يجوز للمستعير أن يعير العارية لغيره إلا بإذن مالكها. - ضمان العارية: تُضمن العارية مطلقاً إن تلفت بيد المستعير سواء فرط أو لم يفرط، فإنَّ على اليد ما أخذت حتى تؤديه، إلا أن يتنازل عنها المعير فيسقط الضمان. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} [النساء/58]. 2 - وعن يعلي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أتتكَ رُسُلي فأعْطِهِم ثلاثينَ دِرْعاً وثلاثينَ بَعيراً» قال: فقلت: يارسول الله، أعاريةٌ مضمونة أو عارية مؤدَّاة؟ قال: «بَلْ مُؤدَّاةٌ». أخرجه أبوداود (¬1). - انتهاء عقد العارية: ينتهي عقد العارية بما يلي: 1 - رد المستعير العارية. 2 - موت أحد العاقدين أو جنونه. 3 - الحجر على المعير بسبب الإفلاس. 4 - الحجر على أحد العاقدين بالسفه. ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أبوداود برقم (3566).

17 - الغصب

17 - الغصب - الغصب: هو الاستيلاء على مال غيره قهراً بغير حق، من عقار، ومنقول. - أقسام الظلم: الظلم ثلاثة: ظلم لا يتركه الله .. وظلم يُغفر .. وظلم لا يُغفر. فأما الظلم الذي لا يُغفر فالشرك لا يغفره الله. وأما الظلم الذي يُغفر فظلم العبد فيما بينه وبين ربه. وأما الظلم الذي لا يُترك فظلم العباد يقتص الله لبعضهم من بعض. - حكم الغصب: الغصب حرام، ولا يحل لأحد أن يأخذ من غيره شيئاً مهما كان إلا بطيبة من نفسه. 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)} [البقرة/188]. 2 - وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ أَخَذَ شِبْراً مِنَ الأَرْضِ ظُلْماً فَإنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». متفق عليه (¬1). - حكم من أحدث في الأرض المغصوبة: 1 - إذا غَصب أرضاً فغرسها، أو بنى فيها، لزمه القلع، وإزالة البناء، وضمان النقص، والتسوية إن طالبه المالك بذلك، وإن تراضيا على القيمة جاز. 2 - إذا زرع الغاصب الأرض وردها بعد أخذ الزرع فهو للغاصب وعليه أجرة الأرض لمالكها، وإن كان الزرع قائماً فيها، خُيِّر ربها بين تركه إلى الحصاد بأجرة مثله، وبين أخذه بنفقته. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3198) واللفظ له، ومسلم برقم (1610).

- حكم رد المغصوب: يجب على الغاصب رد ما غصبه على صاحبه ولو غرم أضعافه؛ لأنه حق غيره فوجب رده، وإن اتجر في المغصوب فالربح بينهما مناصفة، وإن كانت للمغصوب أجرة فعلى الغاصب رده وأجرة مثله مدة بقائه في يده. - الحكم إذا غير المغصوب: إذا نسج الغاصب الغزل، أو قصّر الثوب، أو نجر الخشب ونحو ذلك لزمه رده لمالكه وأرش نقصه، ولا شيء للغاصب. - حكم خلط المغصوب بغيره: إذا خلط الغاصب ما أخذه بما لا يتميز كزيت بمثله، أو أرز بمثله ونحوهما، فإن لم تنقص القيمة ولم تزد فهما شريكان بقدر ماليهما، وإن نقصت ضمنها الغاصب، وإن زادت قيمة أحدهما فلصاحبه. - الحكم إذا تلف المغصوب: ما تلف أو تعيَّب من مغصوب مثلي غرم مثله، وإلا يكن مثلي فقيمته يوم تعذَّر المثل. - حكم تصرفات الغاصب: تصرفات الغاصب من بيع ونكاح وحج ونحو ذلك موقوفة على إجازة المالك، فإن أجازها وإلا بطلت. - من يُقبل قوله في الغصب: القول في قيمة التالف أو قدره أو صفته قول الغاصب مع يمينه ما لم تكن بينة للمالك، والقول في رده وعدم عيبه قول المالك ما لم تكن بينة.

- حكم من فوَّت الملك على غيره: 1 - إذا فتح قفصاً، أو باباً، أو حَلّ وكاءً، أو رباطاً، أو قيداً، فذهب ما فيه، أو تلف، ضمنه، سواء كان مكلفاً أو غير مكلف؛ لأنه فَوّته عليه. 2 - من اقتنى كلباً عقوراً، أو أسداً، أو ذئباً فأطلقه، أو طيراً جارحاً، فأتلف شيئاً ضمنه. - حكم ما أتلفته البهائم: إذا أتلفت البهائم شيئاً من الزروع ونحوها ليلاً ضمنه صاحبها؛ لأن عليه حفظها ليلاً، وما أتلفته نهاراً لم يضمنه؛ لأن على أهل المزارع حفظها نهاراً، إلا إن فَرَّط صاحبها فيضمن ما أتلفته. - أحكام رد المغصوب: 1 - إذا أراد رد المغصوب وجهل صاحبه سلمه الحاكم إن كان عدلاً، أو تصدق به عنه، ويضمنه إن لم يجزه صاحبه فيما بعد. 2 - إذا كانت بيد الغاصب أموال مغصوبة، وسرقات، وأمانات، وودائع للناس، ورهون ونحوها، ولم يعرف أصحابها، فله الصدقة بها، وله صرفها في مصالح المسلمين ويبرأ من عهدتها، وله تسليمها للحاكم الأمين. - حكم المال الحرام: من كسب مالاً حراماً كثمن خمر ثم تاب، فإن كان لم يعلم بالتحريم ثم علم جاز له أكله، وإن كان يعلم بالتحريم ثم تاب فإنه يتخلص منه فينفقه في وجوه البر ولا يأكله. - حكم إتلاف الأشياء المحرمة: لا ضمان في إتلاف آلات اللهو، والصلبان، وأواني الخمر، وكتب الضلال والمجون، وآلات السحر ونحوها؛ لأنها محرمة لا يجوز بيعها، لكن يكون

إتلافها بأمر الحاكم ورقابته؛ ضماناً للمصلحة، ودفعاً للمفسدة. - حكم ما أكلته النار: مَنْ أَجَّج ناراً بملكه فتعدت إلى ملك غيره بتفريطه فأتلفت شيئاً ضمنه، لا إن طرأت ريح فلا ضمان عليه؛ لأنه ليس من فعله، ولا بتفريطه. - حكم هلاك البهائم على الطرق: البهائم إذا اعترضت الطرق العامة المعبدة بالإسفلت ونحوه، فضربتها سيارة فهلكت، فهي هدر لا ضمان على مَنْ أتلفها إن لم يفرط أو يتعدَّ، وصاحبها آثم بتركها وإهمالها، واعتراضها في طرق السيارات. - حكم المال المغصوب: يحرم على الغاصب الانتفاع بالمغصوب، ويجب عليه رده، وكذا سائر المظالم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِيْنَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ». أخرجه البخاري (¬1). - يحق للإنسان الدفاع عن نفسه وماله إذا قصده آخر لقتله، أو أَخْذ ماله. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ الله أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: «فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ» قَالَ أَرَأَيْتَ إنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: «قَاتِلْهُ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: «فَأَنْتَ شَهِيْدٌ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: «هُوَ فِي النَّارِ». أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2449). (¬2) أخرجه مسلم برقم (140).

18 - الشفعة والشفاعة

18 - الشفعة والشفاعة - الشفعة: هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه من يد مشتريها بالثمن الذي استقر عليه العقد مع المشتري. - حكمة مشروعية الشفعة: الشفعة من محاسن الإسلام، شرعت لدفع الضرر عن الشريك؛ لأنه ربما يشتري نصيب شريكه عدو له، أو ذو أخلاق سيئة فيحدث بسبب ذلك التباغض، ويتأذى الجار، وفي ثبوت الشفعة دفع للأذى والضرر. - حكم الشفعة: الشفعة جائزة للشفيع، وتثبت الشفعة في كل شيء لم يقسم من أرض، أو دار، أو حائط، ويحرم التحيُّل لإسقاطها؛ لأنها شُرعت لإزالة الضرر عن الشريك. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قَضَىَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلا شُفْعَةَ. متفق عليه (¬1). - وقت الشفعة: 1 - الشفعة حق للشريك متى علم بالبيع، فإن أخرها بطلت شفعته إلا أن يكون غائباً، أو معذوراً فيكون على شفعته متى قدر عليها، وإن أمكنه الإشهاد على المطالبة بها ولم يشهد بطلت شفعته. 2 - إذا مات الشفيع ثبتت الشفعة لورثته، ويأخذ الشفيع المبيع بكل الثمن، فإن عجز عن بعضه سقطت. - ثبوت الشفعة: لا يجوز للشريك أن يبيع نصيبه حتى يؤذِن شريكه، فإن باع ولم يؤذِنه فهو أحق به، وإن أذن له وقال لا غرض لي فيه لم يكن له المطالبة به بعد البيع. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2257) واللفظ له، ومسلم برقم (1608).

- حكم شفعة الجار: الجار أحق بشفعة جاره، فإذا كان بين الجارين حق مشترك من طريق أو ماء ثبتت الشفعة لكل منهما لقوله عليه الصلاة والسلام: «الجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ يُنْتَظَرُ بِهَا وَإنْ كَانَ غَائِباً إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِداً». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). - الشفاعة: هي طلب العون للغير. - أقسام الشفاعة: الشفاعة قسمان: حسنة وسيئة. 1 - الشفاعة الحسنة: هي ما كانت فيما استحسنه الشرع، كأن يشفع لإزالة ضرر، أو جَرّ منفعة إلى مُسْتَحِق، أو رفع مظلمة عن مظلوم، فهذه محمودة، وصاحبها مأجور. 2 - الشفاعة السيئة: هي ما كانت فيما حرَّمه الشرع، كأن يشفع في إسقاط حد، أو هضم حق، أو إعطائه لغير مستحقه، فهذه مذمومة، وصاحبها مأزور غير مأجور. قال الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)} [النساء/85]. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (3518)، وأخرجه ابن ماجه برقم (2494).

19 - الوديعة

19 - الوديعة - الوديعة: هي المال المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض. - حكمة مشروعيتها: قد تطرأ على الإنسان أحوال يكون فيها غير قادر على حفظ ماله، إما لفقد المكان، أو لعدم الإمكان، ويكون عند غيره من إخوانه القدرة على حفظ ماله. ومن هنا أباح الإسلام الوديعة لحفظ المال من جهة، وكسب الأجر من جهة المودَع، وفي حفظها ثواب جزيل، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. - حكم الوديعة: الوديعة عقد جائز، إن طلبها صاحبها وجب ردها إليه، وإن ردها المستودَع لزم صاحبها قبولها. والوديعة مباحة للمودِع، سنة للمودَع عنده؛ لأنها من الإحسان الذي يحبه الله، وفيها قضاء حاجة المسلم. - حكم قبول الوديعة: يستحب قبول الوديعة لمن علم أنه قادر على حفظها؛ لأنه من التعاون على البر والتقوى، وفيها ثواب جزيل، وتكون من جائز التصرف لمثله. - ضمان الوديعة: 1 - إذا تلفت الوديعة من بين ماله ولم يتعد ولم يفرط لم يضمن، ويلزم حفظها في حرز مثلها، فإن أذن للمودَع أن يتصرف فيها صارت قرضاً مضموناً. 2 - إذا حصل خوف وأراد المودَع أن يسافر فإنه يجب عليه رد الوديعة إلى صاحبها أو وكيله، فإن لم يمكن دَفَعها إلى الحاكم إن كان عدلاً، فإن لم يمكن أودعها عند ثقة ليردها إلى صاحبها.

3 - من أودع دابة فركبها لغير نفعها، أو دراهم فأخرجها من حرزها أو خلطها بغير متميز فضاع الكل أو تلف ضمن. 4 - المودَع أمين لا يضمن إلا إن تعدى أو فرط، ويُقبل قول المودَع مع يمينه في رد الوديعة، وتلفها، وعدم التفريط، ما لم تكن بينة. - حكم رد الوديعة: 1 - الوديعة مالاً كانت أو غيره أمانة عند المودَع، يجب ردها عندما يطلبها صاحبها، فإن لم يَردها بعد طلب صاحبها من غير عذر فتلفت ضمنها. قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء/58]. 2 - إذا طلب أحد المودعين نصيبه من مكيل، أو موزون، أو معدود ينقسم، أعطي إياه. - حكم الأموال المودعة في البنك: الأموال المودعة في البنك قرض لا وديعة؛ لأن البنك يتصرف فيها بالتجارة، والوديعة تُحفظ ولا يُتصرف فيها. فعلى هذا إذا احترق البنك بأمواله بدون تعد ولا تفريط،، ضمن البنك القروض، ولا يضمن الودائع؛ لأن المودَع أمين قَبَض المال بإذن صاحبه، ولمصلحة مالكه، فلا يضمن إلا إن تعدى أو فرط. والمستقرض استقرض لمصلحة نفسه بإذن مالكه، فيضمن القرض لصاحبه.

20 - إحياء الموات

20 - إحياء الموات الموات: الأرض التي لا مالك لها، وهي الأرض المنفكة عن لاختصاصات، وملك معصوم. والاختصاصات كمجاري السيول، ومواضع الحطب، ومناطق الرعي، المصالح العامة كالحدائق والمقابر. ومُلك المعصوم هو ما مَلَكه الإنسان، والمعصوم من بني آدم أربعة: المسلم .. والمعاهد .. والذمي .. والمستأمن. فهؤلاء لا يجوز لأحد الاعتداء على ما يملكون. - حكمة مشروعية إحياء الموات: إحياء الموات فيه اتساع دائرة الرزق، وانتفاع المسلمين بما يخرج منها من طعام وغيره، ومن زكاة تُفَرَّق على المستحقين. - فضل إحياء الموات لمن حسنت نيته: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».متفق عليه (¬1). - حكم إحياء الموات: 1 - من أحيا أرضاً ميتة ليست لأحد فهي له، من مسلم وذمي، بإذن الإمام وعدمه، في دار الإسلام وغيرها، ما لم تتعلق بمصالح المسلمين كالمقبرة، ومحل الاحتطاب، وموات الحرم، وعرفات فلا يملك بالإحياء. عن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَعْمَرَ أَرْضاً لَيْسَتْ لأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ». أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2320) واللفظ له، ومسلم برقم (1553). (¬2) أخرجه البخاري برقم (2335).

2 - وإذا رأى الإمام ضبط الأمور، وتحقيق العدل، وقطع النزاع، فأمر الناس أن يستأذنوا عند الإحياء فتجب طاعته؛ لأن طاعة ولي الأمر واجبة في غيرمعصية الله. - كيفية إحياء الأرض الموات: يحصل إحياء الأرض بما يلي: إما بحائط منيع مما جرت به العادة، أو بإجراء الماء، أو حفر بئر فيها، أو غرس شجر، ويُرجع في ذلك إلى العرف، فما عده الناس إحياءً فإنه تملك به الأرض الموات. فَمَنْ أحياها إحياءً شرعياً ملكها بجميع ما فيها، كبيرة كانت أو صغيرة، وإن عجز فللإمام أخذها وإعطاؤها لمن يقدر على إحيائها. - حكم تملُّك الأرض القريبة: الأرض الواقعة في البلد، أو القريبة منه لا تُملك إلا بإذن الإمام. فقد يحتاجها المسلمون لمقبرة، أو بناء مسجد، أو مدرسة أو نحوها، وامتلاكها يفوِّت هذه المصالح العامة. الأرض الموات التي ينحدر سيلها إلى أرض مملوكة فهي تبع لها على وجه الاختصاص، لا يسوغ إحياؤها، ولا إقطاعها لغير أهل الأرض المملوكة إلا بإذنهم، دفعاً للضرر عنهم. - ما يجوز للإمام إقطاعه: يجوز للإمام إقطاع موات لمن يحييه، وإقطاع الجلوس في الأسواق الواسعة للبيع والشراء ما لم يُضيق على الناس، ومن غير إقطاع يجوز الجلوس فيها لمن سبق، فإن سبقا معاً اقترعا، وإذا اختلف الناس في الطريق جُعل سبعة أذرع، وللحاكم تنفيذ ما تتحقق به المصلحة العامة.

- حكم الحجر على الأرض: التحجر لا يفيد التملك، وإنما يفيد الاختصاص، والأحقية من غيره كأن يحيط الأرض بجدار ليس بمنيع، أو بشبك، أو خندق، أو حاجز ترابي، أو يحفر بئراً ولا يصل إلى الماء، فيضرب له ولي الأمر مدة لإحيائها، فإن أحياها إحياءً شرعياً وإلا نزعها من يده، وسلَّمها لمتشوِّف لإحيائها. يجوز لمن في أعلى الماء المباح كماء النهر، والوادي، السقي، وحبس الماء إلى الكعبين، ثم يرسله إلى مَنْ تحته. - حكم اتخاذ الحِمى: يجوز للإمام دون غيره حمى مرعىً للدواب والخيل التي تتبع بيت مال المسلمين كخيل الجهاد، وإبل الصدقة ونحوهما ما لم يضر بالمسلمين. - مَنْ سبق إلى مباح وحازه فهو له كصيد، وعنبر، وحطب ونحو ذلك. - المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار، ولا يجوز الحمى إلا لمصالح المسلمين العامة. - حكم التعدي على حق الغير: يحرم على المسلم الاعتداء على حق غيره من مال، أو عقار وغيرهما. 1 - عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ ظَلَمَ قِيْدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئاً بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ إلَى سَبْعِ أَرَضِينَ». أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2453) واللفظ له، ومسلم برقم (1612). (¬2) أخرجه البخاري برقم (2454).

21 - الجعالة

21 - الجعالة - الجعالة: هي جعل مال معلوم لمن يعمل له عملاً مباحاً معلوماً أو مجهولاً كبناء حائط، أَوْ رَدِّ شارد ونحوهما. - حكم الجعالة: جائزة؛ لحاجة الناس إليها، ولكلٍ من الطرفين فسخها إلا إذا تضمنت ضرراً على الآخر، فلا يجوز فسخها. قال الله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)} [يوسف/72]. - صفة الجعالة: أن يقول الإنسان مثلاً: مَنْ بنى لي هذا الجدار، أو خاط هذا الثوب، أو رَدَّ هذا الفرس فله كذا مالاً، فمن فعله استحق الجُعْل. والفرق بين الإجارة والجعالة: أن الإجارة مع شخص معين بنفسه، والجعالة مع كل أحد، فلمن شاء قام بالعمل وأخذها. - حكم فسخ الجعالة: يجوز فسخ الجعالة، فإن كان الفسخ من العامل لم يستحق شيئاً. وإن كان الفسخ من الجاعل: فإن كان قبل الشروع في العمل لم يستحق العامل شيئاً. وإن كان بعده فللعامل أجرة عمله. - حكم من بذل منفعة: 1 - من رد لقطة أو ضالة أو نحوهما من غير جعل لم يستحق عوضاً، ويستحب إعطاؤه ما تيسر. 2 - من استنقذ مال غيره من الهلكة ورده إلى صاحبه استحق أجرة المثل ولو بغير شرط.

22 - اللقطة واللقيط

22 - اللقطة واللقيط - اللقطة: هي مال أو مختص ضل عنه ربه والتقطه غيره. - حكم اللقطة: جواز أخذ اللقطة وتعريفها من محاسن الإسلام؛ لما فيها من حفظ مال الغير، وحصول الأجر لمن التقطها وعرَّفها. - المال الضائع على ثلاثة أقسام: 1 - ما لا تتبعه همة أوساط الناس كالسوط، والعصا، والرغيف، والثمرة ونحوها، فهذا يُملك بأخذه إن لم يجد صاحبه، ولا يجب تعريفه، والأفضل أن يتصدق به. 2 - الضوال التي تمتنع من صغار السباع كالإبل، والبقر، والخيل، والضبا، والطيور ونحوها فهذه لا تُلتقط، وَمَنْ أخذها لزمه ضمانها وتعريفها أبداً. 3 - سائر الأموال كالنقود والأمتعة والحقائب والحيوانات التي لا تمتنع بنفسها من السباع كالغنم والفصلان ونحوها، فهذه يجوز أخذها إن أمن نفسه عليها، وقوي على تعريفها، فَيُشهد عليها عدلين، ويحفظ عفاصها ووكاءها، ثم يعرِّفها سنة كاملة في المجتمعات العامة كالأسواق، وأبواب المساجد ونحوها من وسائل الإعلام المباحة. - حكم اللقطة بعد التعريف: 1 - إذا عَرَّف اللقطة سنة كاملة، فإن وجد صاحبها سلمها إليه بلا بينة ولا يمين، وإن لم يجده عَرَف صفاتها وقدرها ثم تصرف فيها وَتَمَلَّكها، ومتى جاء صاحبها فوصفها دفعها إليه أو مثلها إن كانت قد تلفت. 2 - إن هلكت اللقطة أو تلفت في حول التعريف بغير تعدٍّ منه ولا تفريط فلا ضمان عليه.

- ما يفعل باللقطة: إن كانت اللقطة شاة، أو فصيلاً، أو نحوهما، أو ما يُخشى فساده، فللملتقط أن يفعل الأحظ لمالكه من أكله وعليه قيمته، أو بيعه وحِفْظ ثمنه، أو حفظه مدة التعريف، ويرجع بما أنفق عليه على مالكه. عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة، الذهب، أو الوَرِق؟ فقال: «اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ فَإنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْماً مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إلَيْهِ». وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الإبلِ فَقَالَ: «مَا لَكَ وَلَهَا دَعْهَا فَإنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا تَرِدُ المَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَها رَبُّهَا». وَسَأَلَهُ عَنِ الشَّاةِ فَقَالَ: «خُذْهَا فَإنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». متفق عليه (¬1). - السفيه والصغير يُعرِّف لقطتهما وليهما. - حكم لقطة الحرم: لقطة الحرم لا يجوز أخذها إلا إذا خاف عليها التلف أو الضياع، ويجب على آخذها تعريفها ما دام في مكة. وإذا أراد الخروج سلّمها لجهات الاختصاص من حاكم أو نائبه، أو من ينوب عنه، ولا يجوز تَمَلُّك لقطة مكة بحال، ولا يجوز أخذها إلا لمن يُعرِّفها أبداً، أما لقطة الحاج فيحرم التقاطها سواء كانت في الحل أو الحرم. عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «حَرَّمَ اللَّهُ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ» فَقَالَ الْعَبَّاسُ ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (91)، ومسلم برقم (1722)، واللفظ له.

رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَالَ: «إِلَّا الْإِذْخِرَ» متفق عليه (¬1). - حكم إنشاد الضالة في المسجد: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي المَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: «لا رَدَّهَا الله عَلَيْكَ فَإنَّ المَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا». أخرجه مسلم (¬2). - اللقيط: هو طفل لا يُعرف نسبه ولا رِقّه، نُبِذ في مكان، أو ضل الطريق. - حكم التقاطه: فرض كفاية، ولمن أخذه وربَّاه أجر عظيم. - حكم اللقيط: اللقيط إذا وُجِدَ في دار الإسلام حُكِمَ بإسلامه، ويُحْكَمُ بحرِّيَّته أينما وجد؛ لأنها الأصل ما لم يتبين خلاف ذلك. - حضانة اللقيط: حضانة اللقيط لواجده إن كان مكلفاً، أميناً، عدلاً، ونفقته على بيت مال المسلمين، وإن وُجِدَ معه شيء أُنْفِقَ عليه منه. - حكم ميراث اللقيط وديته: ميراث اللقيط وديته لبيت المال إن لم يخلِّف وارثاً، ووليّه في قتل العمد الإمام، يخيَّر فيه بين القصاص والدية لبيت المال. - من يُرَدّ إليه اللقيط: إن أقر رجل أو امرأة ذات زوج مسلم أو كافر أنه ولده لحق به، وإن ادعاه جماعة قُدِّم ذو البينة، فإن لم تكن بينة فَمَنْ ألحقته القافة به لحقه. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1349) واللفظ له، ومسلم برقم (1353). (¬2) أخرجه مسلم برقم (568).

23 - الوقف

23 - الوقف - الوقف: هو تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة؛ طلباً للثواب من الله عز وجل. - حكمة مشروعية الوقف: يَرْغب مَنْ وَسَّع الله عليهم من ذوي الغنى واليسار أن يتزودوا من الطاعات، ويكثروا من القربات، فيجعلوا شيئاً من أموالهم العينية مما يبقى أصله وتستمر منفعته وقفاً؛ خشية أن يؤول بعد الموت إلى من لا يحفظه ولا يصونه، لذا شرع الله الوقف. - حكم الوقف: الوقف مستحب، وهو من أفضل الصدقات التي حث الله تعالى عليها، وأجلّ أعمال القُرَب والبر والإحسان وأعمّها وأكثرها فائدة، وهو من الأعمال التي لا تنقطع بعد الموت، ويصح بكل قول أو فعل يدل عليه. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلاثَةٍ إلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». أخرجه مسلم (¬1). - شروط صحة الوقف: يشترط لصحة الوقف ما يلي: 1 - أن يكون في عين معلومة يُنتَفع بها مع بقاء عينها. 2 - أن يكون على بر كالمساجد، والقناطر، والأقارب، والفقراء. 3 - أن يقف على معين من جهة كمسجد كذا، أو شخص كزيد مثلا، أو صنف كالفقراء. 4 - أن يكون الوقف مؤبداً، مُنَجَّزاً غير مؤقت ولا معلَّق إلا إذا علَّقه بموته. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1631).

5 - أن يكون الواقف ممن يصح تصرفه. - ما ينعقد به الوقف: ينعقد الوقف بالقول كأن يقول: وَقَّفت، وحَبَّست، وسَبَّلت ونحوها. ويصح بالفعل كمن بنى مسجداً وأَذِنَ للناس بالصلاة فيه، أو مقبرة وأَذِنَ للناس بالدفن فيها. - صفة التصرف في الوقف: يجب العمل بشرط الواقف في جمع، وتقديم، وترتيب ونحوها ما لم يخالف الشرع، فإن أطلق ولم يشترط عُمِل بالعادة والعرف ما لم يخالف الشرع، وإلا فهم سواء في الاستحقاق. - ما يشترط في العين الموقوفة: يشترط في العين الموقوفة المنفعة دائماً من عقار، وحيوان، وبستان، وسلاح، وأثاث ونحوها، وأن تكون مباحة النفع. ويستحب أن يكون الوقف من أطيب المال وأحسنه. - كيف يُكتَب الوقف: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر بخيبر أرضاً، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أَصَبْتُ أَرْضاً لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: «إنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا» فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلا يُوْهَبُ وَلا يُوْرَثُ، فِي الفُقَرَاءِ وَالقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ الله وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ، لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقاً غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2772) واللفظ له، ومسلم برقم (1632).

- أحكام الوقف: 1 - إذا وقف على جماعة يمكن حصرهم وجب تعميمهم، والتساوي بينهم، فإن لم يمكن جاز التفضيل والاقتصار على بعضهم. 2 - إذا وقف على أولاده، ثم على المساكين، فهو لأولاده الذكور والإناث وأولادهم وإن نزلوا للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان لبعضهم عيال، أو به حاجة، أو عاجزاً عن الكسب، أو خص ذا الدين والصلاح بالوقف فلا بأس. 3 - إذا قال: هذا الوقف وقف على أبنائي أو بني فلان اختص بالذكور دون الإناث إلا أن يكون الموقوف عليهم قبيلة كبني هاشم ونحوها فيدخل النساء مع الرجال. - الحكم إذا تعطلت منافع الوقف: الوقف عقد لازم لا يجوز فسخه، ولا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، ولا يرهن، فإن تَعَطَّلت منافعه بخراب أو غيره، وجب بيعه، ويصرف ثمنه في مثله كالمسجد تتعطل منافعه يباع وينقل لمسجد آخر؛ حفظاً لمصلحة الوقف، ما لم يترتب على ذلك مفسدة، أو مضرة لأحد. - حكم تغيير صورة الوقف: يستحب تغيير صورة الوقف إذا تعطلت بعض منافعه للمصلحة كجعل الدور حوانيت، والبساتين دوراً، ونفقة الوقف من غلته ما لم يشترط من غيرها، وتجوز مخالفة نص الواقف إلى ما هو أصلح وأنفع وأحب إلى الله تعالى. - ناظر الوقف: إذا لم يعين الواقف ناظراً للوقف، فالنظر يكون للموقوف عليه إن كان معيناً، وإن كان على جهة كالمساجد، أو مَنْ لا يمكن حصرهم كالمساكين، فالنظر على الوقف للحاكم.

- أفضل أبواب الوقف: أفضل أبواب الوقف ما عمَّت منفعته المسلمين في كل زمان ومكان. كالوقف على المساجد .. ودور العلم الشرعي .. وطلبة العلم .. والمجاهدين في سبيل الله عز وجل .. والأقارب .. وفقراء المسلمين وضعفائهم .. والأيتام والأرامل .. والعيون وآبار الماء .. والمزارع والبساتين ونحو ذلك. - الوقف أصل ثابت يجوز دفعه إلى آخر يقوم بتعميره من ماله بنسبة معينة من الرَّيع. - حكم زكاة الوقف: الوقف له حالتان: الأولى: أن يكون الوقف على جهة تستحق الزكاة كالفقراء، والمساكين، فهذا لا زكاة فيه. الثانية: أن يكون الوقف على جهة لا تستحق الزكاة، فهذا بمجرد صرف الأموال لكل واحد من الموقوف عليهم يستقبل به الحول، ثم يزكيه إذا حال عليه الحول، وبلغ النصاب. - حكم وقف الكافر: الوقف قربة يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل. ويصح الوقف المشروع من الكافر، لكن يثاب على صدقاته في الدنيا، ولا حظ له من الثواب في الآخرة؛ لكفره المانع من قبول عمله. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا.» أخرجه مسلم (¬1). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2808).

24 - الهبة والصدقة

24 - الهبة والصدقة - المواساة بالمال على ثلاث مراتب: الأولى: أن تُنزِّل المحتاج منزلة عبدك، فتعطيه ابتداءً، ولا تحوجه إلى السؤال، وهي أدناها. الثانية: أن تُنزِّله منزلة نفسك، وترضى بمشاركته إياك في مالك. الثالثة: وهي أعلاها أن تُؤثره على نفسك، وهذه مرتبة الصِّدِّيقين. - الهبة: هي تمليك المال في الحياة لغيره بغير عوض، وفي معناها الهدية والعطية. - الصدقة: هي ما يُعطى للفقراء والمحتاجين من مال؛ طلباً للثواب من الله تعالى. - حكم الهبة والصدقة: الهبة والصدقة كلاهما مستحب، وقد حث الإسلام على الهبة والهدية والعطية والصدقة؛ لما فيها من تأليف القلوب، وتوثيق عرى المحبة بين الناس، وتطهير النفوس من رذيلة البخل والشح والطمع، وجَعَلَ لمن فعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى الأجر الجزيل، والثواب العظيم. - هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الإنفاق: الله جواد كريم، يحب الجود والسخاء، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان يقبل الهدية، ويثيب عليها، ويدعو إلى قبولها، ويُرَغِّبُ فيها، وكان أعظم الناس صدقة بما ملكت يده، لا يسأله أحد شيئاً إلا أعطاه، قليلاً كان أو كثيراً، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه. وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه منه، إذا عرض له محتاج آثره على نفسه.

وكان ينوِّع في أصناف عطائه وصدقته، تارة بالهبة، وتارة بالصدقة، وتارة بالهدية، وتارة يشتري الشيء فيعطي أكثر من ثمنه، وتارة يقترض الشيء فيرد أكثر منه، وتارة يشتري الشيء ثم يعطي البائع الثمن والسلعة جميعاً، ولذلك كان أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً فصلوات الله وسلامه عليه. - فضل الجود والإحسان: 1 - قال الله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} [البقرة/ 272]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلا يَقْبَلُ الله إلَّا الطَّيِّبَ وَإنَّ الله يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ». متفق عليه (¬1). - حكم أخذ العطاء: مَنْ جاءه مال، أو شيء، من غير إشراف، ولا مسألة فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه، فإن شاء تموَّله، وإن شاء تصدق به. عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُعْطِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ العَطَاءَ فَيَقُولُ لَهُ عُمَرُ: أعْطِهِ يَا رَسُولَ الله أفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ أوْ تَصَدَّقْ بِهِ، وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ وَأنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ». متفق عليه (¬2). - تجوز الصدقة على المسلم وغيره من أهل الأديان. - ما تنعقد به الهبة: تنعقد الهبة بأي صيغة تفيد تمليك المال بلا عوض كوهبتك، أو أهديتك، أو ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410) واللفظ له، ومسلم برقم (1014). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7164)، ومسلم برقم (1045)، واللفظ له.

أعطيتك، وبكل معاطاة دالة عليها، وتجوز هبة كل عين يصح بيعها، ويكره ردها وإن قَلَّت. - كيف يعطي الإنسان أولاده: 1 - يجوز للإنسان أن يُعطي أولاده حال حياته، ويجب عليه التسوية بينهم على حسب ميراثهم، فإن فَضَّل بعضهم على بعض سُوِّي برجوع أو زيادة. 2 - إذا أعطى الإنسان أحد أولاده لمعنى فيه من حاجة، أو زَمانة، أو كثرة أولاد، أو مرض، أو لاشتغاله بالعلم ونحوه جاز التخصيص من أجل ذلك، ويحرم ذلك على سبيل الأثرة. عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال: إن أباه أتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني نَحَلْت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟» فقال: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فَارْجِعْهُ». متفق عليه (¬1). - حكم الرجوع في الهبة: لا يجوز لواهب أن يرجع في هبته المقبوضة إلا الأب، ويجوز للأب أن يأخذ من مال ولده ما لا يضره ولا يحتاجه، وليس للولد مطالبة أبيه بدين ونحوه إلا بنفقته الواجبة عليه. عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ». متفق عليه (¬2). - ما يسن للمهدي والمهدى له: الهدية عبادة، تجلب المحبة والمودة. ويستحب الإهداء للأقارب، والأصدقاء، والوجهاء، والكبار وسائر الناس. ويستحب قبول الهدية، والإثابة عليها؛ مقابلة للجميل بمثله، أو أفضل منه؛ لئلا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2586)، ومسلم برقم (1623)، واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2589)، ومسلم برقم (1622).

يكون لأحد عليه منَّة، فإن لم يجد دعا له. 1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا. أخرجه البخاري (¬1). 2 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ صُنِعَ إلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ الله خَيْراً فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ». أخرجه الترمذي (¬2). - أفضل الصدقة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ عَلَيه الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فَقَالَ: يَارَسُولَ الله أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْراً؟ قَالَ: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ وَتَأْمُلُ الغِنَى وَلا تُمْهِلُ حَتَّى إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلانٍ كَذَا وَلِفُلانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ». متفق عليه (¬3). - حكم العطاء عند الموت: مَنْ مرضه مَخوف كالطاعون، وذات الجَنْب ونحوهما فلا يلزم ولا يصح تبرعه لوارث بشيء إلا بإجازة الورثة بعد الموت، كما لا يلزم ولا يصح تبرعه بما فوق الثلث لغير وارث إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت. - مَنْ شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فَقَبِلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا. - حكم رد الهدية: يجوز رد الهدية لسبب كأن يعلم أن المُهْدي صاحب مِنَّة، أو يُعيِّرك بها، أو يتحدث بها ونحو ذلك، ويجب رد الهدية إذا كانت مسروقة أو مغصوبة. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه البخاري برقم (2585). (¬2) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (2035). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1419) واللفظ له، ومسلم برقم (1032).

- حكم الهدية للمشرك وقبولها منه: تجوز الهدية للمشرك وقبولها منه؛ تأليفاً لقلبه، وطمعاً في إسلامه. 1 - قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} ... ] الممتحنة/8 [. 2 - وعن أنس رضي الله عنه قال: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جُبَّةُ سُنْدُسٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا». متفق عليه (¬1). 3 - وعن أسماء رضي الله عنها قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ». متفق عليه (¬2). - حكم الهدية لمصلحة: مَنْ أهدى هدية لولي أمر ليفعل معه ما لا يجوز، كان حراماً على المهدي والمهدى إليه، وهي من الرشوة الملعون آخذها ومعطيها، وإن أهداه هدية ليكف ظلمه عنه، أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراماً على الآخذ، وجاز للدافع أن يدفعها إليه؛ اتّقاء لشره، وحفظاً لحق الدافع. - خير الصدقة: خير الصدقة وأفضلها ما كان عن ظهر غنى، وأن يبدأ بمن يعول، لقوله عليه الصلاة والسلام: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلأَهْلِكَ، فَإنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2615) واللفظ له، ومسلم برقم (2469). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2620)، ومسلم برقم (1003)، واللفظ له.

وَهَكَذَا». يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ. أخرجه مسلم (¬1). - فضل النفقة في وجوه البر: النفقة في سبيل الله وفي مصالح المسلمين من أعظم القُرَب. وثوابها الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والنفقة في سبيل الله بسبعمائة حسنة، والله يضاعف لمن يشاء. ويتفاوت الإنفاق بحسب حال المنفق ونيته، وإيمانه، وإخلاصه، وإحسانه، وانشراح صدره، وسروره بذلك، وبحسب قدر النفقة، ونفعها، ووقوعها موقعها، وبحسب طيب المنفَق منه، وسلامته، وطهارته، وكيفية إنفاقه. 1 - قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} [البقرة/ 261]. 2 - وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة/ 274]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إسْلامَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (997). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (42)، ومسلم برقم (129)، واللفظ له.

25 - الوصية

25 - الوصية - الوصية: هي الأمر بالتصرف بعد الموت، أو التبرع بالمال بعد الموت. - حكمة مشروعية الوصية: شرع الله عز وجل على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - الوصية لطفاً بعباده، ورحمة بهم، حينما جعل للمسلم نصيباً من ماله يفرضه قبل وفاته في أعمال البر التي تعود على الفقراء، والمحتاجين بالخير والفضل، ويعود على الموصي بالثواب والأجر في وقتٍ حيل بينه وبين العمل. قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)} [البقرة/180]. - حكم الوصية: 1 - الوصية مستحبة لمن له مال كثير، ووارثه غير محتاج، فيوصي بشيء من ماله لا يتجاوز الثلث، يُصرف في وجوه البر والإحسان؛ ليصل إليه ثوابه بعد موته. 2 - وتجب الوصية على من في ذمته دين للهِ تعالى، أو لآدمي، أو عنده أمانة لغيره فيكتبها ويبينها؛ لئلا تضيع الحقوق، أو ترك مالاً كثيراً فيلزمه أن يوصي لأقاربه غير الوارثين بما لا يزيد على الثلث. 3 - الوصية المحرمة كأن يوصي لأحد الورثة كابنه الأكبر، أو زوجته، بمال من بين سائر الورثة. - مقدار المال الموصى به: تسن الوصية لمن له وارث بالخمس، أو الربع، إن ترك خيراً -وهو المال الكثير عرفاً-، والخمس أفضل. وتجوز الوصية بالثلث لغير وارث، وتكره وصية فقير ورثته محتاجون، وتجوز الوصية بالكل لمن لا وارث له.

ولا تجوز الوصية لأجنبي لمن له وارث بأكثر من الثلث، ولا تجوز الوصية لوارث. وإن أوصى لأمه وأبيه وأخيه ونحوهم بحجة أو أضحية وهم أحياء جاز؛ لأن هذا من باب البر والإحسان إليهم بالثواب لا من باب الوصية التي يقصد بها التمليك. - شروط الوصي في التصرف: يشترط في الموصَى إليه بالتصرف أن يكون مسلماً، عاقلاً، مميزاً، حسن التصرف فيما أوصي إليه فيه، رجلاً كان أو امرأة. - من تصح وصيته: تصح الوصية من البالغ الرشيد، ومن الصبي العاقل، والسفيه بالمال ونحوهم، ذكراً كان أو أنثى. - الفرق بين الوصية والهبة: الوصية: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع. والهبة: تمليك المال لغيره في الحال، وكلاهما يصح من مسلم وكافر. والأفضل تعجيل الوصية لجهات البر في الحياة؛ لأن الصدقة والهبة في حال الحياة أفضل من الوصية. - صفة الوصية: تصح الوصية بلفظ مسموع من الموصِي، أو خطه، ويستحب أن يكتب وصيته، وَيُشهد عليها؛ قطعاً للنزاع. عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوْصِي فِيه ِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2738) واللفظ له، ومسلم برقم (1627).

- يجوز الرجوع في الوصية ونقصها وزيادتها، فإذا مات استقرت. - من تصح له الوصية: تصح الوصية لمن يصح تملكه من مسلم، وكافر معيَّن، بكل شيء فيه نفع مباح، وتصح للمساجد، والقناطر، ودور العلم ونحو ذلك. - وجوه الوصية: 1 - الوصية تكون بالتصرف المعلوم بعد الموت كأن يزوج بناته وينظر لصغاره، أو يفرق ثلثه، وهي مندوب إليها، وقربة يثاب عليها من قدر عليها. 2 - وتكون الوصية بالتبرع بالمال كأن يوصي بخُمُس ماله للفقراء، أو أهل العلم أو المجاهدين في سبيل الله، أو لبناء مسجد، أو حفر بئر ماء للشرب ونحو ذلك من وجوه البر والخير. - تستحب الوصية للوالدين اللذين لا يرثان، وللأقارب الفقراء الذين لا يرثون؛ لأنها عليهم صدقة وصلة. - حكم تبديل الوصية: يجب أن تكون الوصية بالمعروف، فإن قصد الموصِي مضارَّة الوارث حَرُمَ عليه ذلك وهو آثم. ويحرم على الموصَى إليه وغيره تبديل الوصية العادلة، ويسن لمن علم أن في الوصية جنفاً أو إثماً أن ينصح الموصِي بالأحسن والأعدل، وينهاه عن الجور والظلم، فإن لم يستجب أصلح بين الموصى إليهم؛ ليحصل العدل والتراضي، وبراءة ذمة الميت. قال الله تعالى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)} [البقرة/181 - 182].

- حكم الوصية لجهات المعاصي: لا تصح الوصية ولا تجوز على جهة معصية، كالوصية لبناء الكنائس، وأماكن اللهو واللعب، ومحلات البغاء والغناء، وعمارة الأضرحة، سواء كان الموصِي مسلماً أو كافراً، ومن أوصى بذلك فهو آثم، وعليه إثم من ضل أو فسد بسببه. - وقت اعتبار الوصية: الاعتبار بصحة الوصية وعدم صحتها بحال الموت. فلو أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث، كأخ حُجب بابن تجدد صحَّت الوصية، ولو أوصى لغير وارث فصار عند الموت وارثاً، كما لو أوصى لأخيه مع وجود ابنه حال الوصية ثم مات ابنه فإنها تبطل الوصية إن لم تجزها الورثة. - إذا مات الإنسان يُخرج من تركته الدين، ثم الوصية، ثم الميراث. - حكم تصرف الأوصياء: يجوز أن يكون الموصَى إليه واحداً أو أكثر، فإذا تعدد الأوصياء، وحُدد لكل واحد اختصاصه صح فيما خصه به، وإن أوصى إلى وصيين في شيء واحد كالنظر في أمر أولاده، أو أمواله فليس لأحدهما التصرف منفرداً. - وقت قبول الوصية: يصح قبول الموصَى إليه الوصية في حياة الموصي، وبعد موته، فإن امتنع عنها قبل الموت أو بعده سقط حقه؛ لعدم قبوله. - إذا أوصى الموصي بأن قال: أوصيت لفلان بمثل نصيب ابني، أو أيَّ وارث، فله مثل نصيبه مضموماً إلى المسألة، وإن أوصى بجزءٍ، أو حظ، أعطاه الورثة ما شاؤا. - إذا مات الإنسان بموضع لا حاكم فيه، ولا وصي كالمفاوز والقفار، جاز لمن حوله من المسلمين حَوْز تركته، والتصرف فيها بما يحقق المصلحة.

- نص الوصية: يكتب في صدر الوصية - إن شاء - ما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم: هذا ما أوصى به فلان ابن فلان، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث مَنْ في القبور، وأوصَى مَنْ ترك بعده من أهله أن يتقوا الله حق تقاته، وأن يصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: {يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132)}. أخرجه البيهقي والدارقطني (¬1). ثم يذكر ما يريد أن يوصي به. - مبطلات الوصية: تبطل الوصية بما يلي: 1 - إذا جُنَّ الموصَى له بالتصرف. 2 - إذا تلف الموصَى به. 3 - إذا رجع الموصِي عن الوصية. 4 - إذا ردها الموصَى له. 5 - إذا مات الموصَى له قبل موت الموصِي. 6 - إذا قتل الموصَى له الموصِي. 7 - إذا انتهت مدة الوصية، أو انتهى العمل الذي عُهد إلى الوصي القيام به. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه البيهقي برقم (12463)، وأخرجه الدارقطني (4/ 154)، انظر إرواء الغليل رقم (1647).

26 - العتق

26 - العتق - العتق: هو تحرير رقبة آدمي وتخليصها من الرق. - الحرية والرق في الإسلام: الناس في الإسلام كلهم أحرار لا يطرأ عليهم الرق إلا بسبب واحد، وهو أن يؤسروا وهم كفار مقاتلون. وجعل لتحريرهم عدة أسباب لتخليصهم من ذل الرق، فجعل العتق الكفارة الأولى في الوطء في نهار رمضان، وفي الظهار، وفي قتل الخطأ، كما جعله من مكفرات اليمين وغير ذلك. - حكمة مشروعية العتق: العتق من أعظم القرب المندوب إليها؛ لأن الله تعالى جعله كفارة للقتل وغيره من الذنوب، ولما فيه من تخليص الآدمي المعصوم من ضرر الرق، وتمكينه من التصرف في نفسه وماله حسب اختياره. وأفضل الرقاب أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها. وقد جاء الإسلام والرق موجود، ففتح الأبواب للتخلص منه. - أفضل الرقاب: عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أي الأعمال أفضل؟ قال: «إِيمَانٌ بالله وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ» قال قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: «أَغلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2518) واللفظ له، ومسلم برقم (84).

- حكم التدبير: التدبير: هو تعليق العتق بالموت. كأن يقول لرقيقه: إذا مت فأنت حر بعد موتي، فإذا مات عَتُق إن لم يزد على ثلث المال، ويجوز بيع المدبَّر وهبته. عن جابر رضي الله عنه قال: بَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ فَبَاعَهُ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَرْسَلَ بِثَمَنِهِ إِلَيْهِ. متفق عليه (¬1). - ما يقع به العتق: يقع العتق من الجاد والهازل بكل لفظ يدل عليه كأنت حر، أو عتيق ونحوهما، ومن ملك ذا رَحِم محرَّم عَتُق عليه بالملك كأمه وأبيه ونحوهما، وأيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته. - فضل العتق: 1 - قال الله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12)} [البلد/11 - 13]. 2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَءاً مُسْلِماً اسْتَنْقَذَ الله بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً مِنَ النَّارِ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7186) واللفظ له، ومسلم برقم (997). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2517) واللفظ له، ومسلم برقم (1509).

- المكاتبة: بيع السيد رقيقه نفسه بمال في ذمته. - حكم المكاتبة: 1 - تجب إذا دعا العبد الذي فيه خير سيده إليها، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} ... [النور/33]. 2 - يجب على السيد أن يُعِين المكاتب بشيء من ماله كالربع، أو يضع عنه قدره ونحوه، ويجوز بيع المكاتب، ومشتريه يقوم مقام مكاتبه، فإن أدّى ما عليه عتق، وإن عجز عاد رقيقاً. اللهم أعتق رقابنا جميعاً من النار، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

الباب الخامس النكاح وتوابعه

الباب الخامس النكاح وتوابعه ويشتمل على ما يلي: 1 - كتاب النكاح 2 - كتاب الطلاق 3 - الرجعة 4 - الخلع 5 - الإيلاء 6 - الظهار 7 - اللعان 8 - العدة 9 - الرضاع 10 - الحضانة 11 - النفقات (الأطعمة والأشربة والذكاة والصيد)

1 - كتاب النكاح

1 - كتاب النكاح أحكام النكاح - فقه الزواج: الزواج والزوجية سنة من سنن الله تعالى في الخلق، وهي عامة مطلقة في عالم الحيوان وعالم النبات. أما الإنسان: فإن الله لم يجعله كغيره من العوالم المطلقة الغرائز، بل وضع له النظام الملائم لسيادته، والذي يحفظ شرفه، ويصون كرامته، وذلك بالنكاح الشرعي الذي يجعل اتصال الرجل بالمرأة اتصالاً كريماً، قائماً على الرضا، وعلى الإيجاب والقبول، والأُنس والمحبة. وبذلك أَشبع الغريزة بالطريق السليم، وحَفظ النسل من الضياع، وصان المرأة عن أن تكون مطية لكل راكب. - فضل الزواج: النكاح من آكد سنن المرسلين، ومن السنن التي رَغَّبَ فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم -. 1 - قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} [الروم/21]. 2 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد/ 38]. 3 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - شباباً لا نجد شيئاً فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5066)، واللفظ له، ومسلم برقم (1400).

حكمة مشروعية الزواج

- النكاح: هو عقد شرعي يقتضي حِلّ استمتاع كل من الزوجين بالآخر. - حكمة مشروعية الزواج: 1 - الزواج بيئة صالحة تؤدي إلى بناء وترابط الأسرة، وإعفاف النفس، وصيانتها عن الحرام، وهو سكن وطمأنينة؛ لما يحصل به من الألفة، والمودة، والانبساط بين الزوجين. 2 - الزواج خير وسيلة لإنجاب الأولاد، وتكثير النسل، مع المحافظة على الأنساب التي يحصل بها التعارف والتعاون والتآلف والتناصر. 3 - الزواج أحسن وسيلة لإرواء الغريزة الجنسية، وقضاء الوطر، مع السلامة من الأمراض. 4 - والزواج يحصل به تكوين الأسرة الصالحة التي هي نواة المجتمع، فالزوج يكد ويكتسب وينفق ويعول، والزوجة تربي الأطفال وتدبر المنزل وتنظم المعيشة، وبهذا تستقيم أحوال المجتمع. 5 - وفي الزواج إشباع لغريزة الأبوة والأمومة التي تنمو بوجود الأطفال. - حكم النكاح: للنكاح خمسة أحكام: 1 - النكاح سنة لمن له شهوة ولا يخاف الزنى؛ لاشتماله على مصالح كثيرة للرجال والنساء، والأمة جمعاء. 2 - يجب النكاح على مَنْ يخاف على نفسه الوقوع في الزنى إذا لم يتزوج، وينبغي للزوجين أن ينويا بنكاحهما إعفاف نفسيهما، وإحصانهما من الوقوع فيما حَرَّمَ الله عز وجل، فتكتب مباضعتهما صدقة لهما. 3 - يباح النكاح لغني لا شهوة له من أجل مصلحة الزوجة. 4 - يكره النكاح لفقير لا شهوة له؛ لعدم حاجته.

اختيار الزوجة

5 - يحرم النكاح لمن عنده زوجة، وخاف عدم العدل بينهن. - اختيار الزوجة: يُسن لمن أراد الزواج أن يتزوج المرأة الودود الولود البكر، ذات الدين والعفاف. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ». متفق عليه (¬1). - أفضل النساء: أفضل النساء المرأة الصالحة التي تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره، وتفعل ما أمرها الله به، وتجتنب ما نهى الله عنه. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ». أخرجه مسلم (¬2). - حكمة تعدد الزوجات: 1 - أباح الله عز وجل للرجل أن يتزوج بأربع نساء لا يزيد عليها، بشرط أن يكون عنده قدرة بدنية، وقدرة مالية، وقدرة على العدل بينهن، لما في ذلك من المصالح الكثيرة من عفة فرجه، وإعفاف من يتزوجهن، والإحسان إليهن، وتكثير النسل الذي تكثر به الأمة، ويكثر به مَنْ يعبد الله وحده، فإنْ خاف أن لا يعدل بينهن فليس له أن يتزوج إلا واحدة، أو ما ملكت يمينه، وملك اليمين لا يجب عليه القسم لها. قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5090)، واللفظ له، ومسلم برقم (1466). (¬2) أخرجه مسلم برقم (1467).

ما يفعله إذا أراد خطبة المرأة

وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)} [النساء/3]. 2 - ولما أباح العليم الحكيم تعدد الزوجات نهى أن يكون ذلك بين الأقارب الذين تجمعهم نسب قريبة جداً كالجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها؛ لما يجر من قطيعة الرحم، ويولد العداوة بين الأقارب، فإن الغيرة بين الضَّرَّات شديدة جداً. - ما يفعله إذا أراد خطبة المرأة: يستحب لمن أراد خطبة امرأة أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها بلا خلوة، ولا يصافحها، أو يمس بدنها، ولا ينشر ما رأى منها، وللمرأة أن تنظر إلى خطيبها كذلك، فإن لم يتيسر له النظر إليها بعث امرأة ثقة تنظر إليها ثم تصفها له. - المرأة إذا توفي عنها زوجها ثم تزوجت بعده فهي لآخر أزواجها يوم القيامة. - حكم الخطبة على خطبة أخيه: يحرم تبادل الصور في الخطبة وغيرها، ويحرم على الرجل أن يخطب على خطبة أخيه حتى يترك، أو يأذن له، أو يُرد الأول، فإن خطب على خطبة الأول صح العقد لكنه آثم وعاصٍ للهِ ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -. - يجب على ولي المرأة أن يتحرى لنكاحها الرجل الصالح، ولا بأس أن يعرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير والصلاح بقصد الزواج. - حكم خطبة المعتدة: 1 - يحرم التصريح بخطبة المعتدة من وفاة، والمبانة، ويجوز التعريض كقوله: إني في مثلك راغب، وتجيبه: ما يُرغب عنك ونحو ذلك. 2 - يباح التصريح والتعريض في خطبة المعتدة لزوجها الذي طلقها طلاقاً بائناً دون الثلاث كرجعية، ويحرم التصريح والتعريض من غير زوج لمطلقة رجعية في عدتها، والمبانة بثلاث من زوجها.

أركان عقد النكاح

- أركان عقد النكاح: أركان عقد النكاح ثلاثة: 1 - وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح كالرضاع، واختلاف الدين ونحوهما. 2 - حصول الإيجاب وهو اللفظ الصادر من الولي أو مَنْ يقوم مقامه بأن يقول: زَوَّجتك، أو أنكحتك، أو ملَّكتك فلانة ونحوه. 3 - حصول القبول، وهو اللفظ الصادر من الزوج أو مَنْ يقوم مقامه، بأن يقول: قَبِلت هذا النكاح ونحوه، فإذا حصل الإيجاب والقبول انعقد النكاح. - حكم استئذان المرأة في الزواج: يجب على ولي المرأة المكلفة أن يستأذنها قبل الزواج بكراً كانت أو ثيباً، ولا يجوز له إجبارها على مَنْ تَكْرَه، فإن عقد عليها وهي غير راضية فلها فسخ العقد. 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: «أَنْ تَسْكُتَ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن خنساء بنت خدام الأنصارية رضي الله عنها: أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَتَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ نِكَاحَهُ. أخرجه البخاري (¬2). - يجوز للأب تزويج من دون تسع سنين بكفئها ولو بلا إذنها ولا رضاها. - يحرم على الرجل لبس خاتم الذهب الذي يسمى خاتم الخطبة، فهذا مع كونه تشبهاً بالكفار فهو محرم شرعاً. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5136)، ومسلم برقم (1419). (¬2) أخرجه البخاري برقم (5138).

حكم خطبة النكاح

- حكم خطبة النكاح: يستحب أن يخطب العاقد قبل العقد بخطبة الحاجة كما تقدم في خطبة الجمعة وهي في النكاح وغيره «إن الحمد للهِ نحمده ونستعينه ... الخ» ثم يتلو الآيات الواردة، ثم يعقد بينهما ويُشهد على ذلك رجلين. - حكم التهنئة بالنكاح: تستحب التهنئة بالنكاح، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رَفَّأَ قال: «بَارَكَ الله لَكُمْ، وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيرٍ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). - يجوز للإنسان بعد العقد أن يجتمع بزوجته ويخلو بها ويستمتع بها؛ لأنها زوجته، ويحرم ذلك قبل العقد ولو بعد الخطبة. - وقت العقد على المرأة: يجوز عقد النكاح على المرأة في حال الطهر وحال الحيض، أما الطلاق فيحرم حال الحيض، ويجوز حال الطهر كما سيأتي إن شاء الله تعالى. - شروط النكاح: يشترط لصحة النكاح ما يلي: 1 - تعيين الزوجين. 2 - رضا الزوجين. 3 - الولي، فلا يجوز نكاح امرأة إلا بولي. 4 - أن يكون النكاح على مهر. 5 - خلو الزوجين من الموانع بأن لا يكون بهما أو بأحدهما ما يمنع التزويج من نسب، أو سبب كرضاع، واختلاف دين ونحوهما. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2130)، وأخرجه ابن ماجه برقم (1905)، وهذا لفظه.

شروط الولي

- شروط الولي: يشترط أن يكون الولي ذكراً، حراً، بالغاً عاقلاً، رشيداً، ويشترط الاتفاق في الدين، وللسلطان تزويج كافرة لا ولي لها. والولي: هو أبو المرأة، وهو أحق بتزويجها، ثم وصيُّه في النكاح، ثم جدها لأب، ثم ابنها، ثم أخوها، ثم عمها، ثم أقرب العصبة نسباً، ثم السلطان. - حكم الإشهاد على عقد النكاح: يسن الإشهاد على عقد النكاح بشاهدين عدلين مكلفين. وإذا كان النكاح معلناً مشهوداً عليه من اثنين فهذا كماله، وإن كان معلناً بدون شاهدين أو مشهوداً عليه بدون إعلان فهو صحيح. - إذا عضل الأقرب من الأولياء، أو لم يكن أهلاً، أو غاب ولم تمكن مراجعته إلا بمشقة زَوَّج مَنْ بعده في الولاية. - حكم النكاح بدون ولي: النكاح بدون ولي فاسد يجب فسخه عند حاكم، أو الطلاق من الزوج، وإن وطئها بنكاح فاسد فلها مهر مثلها بما استحل من فرجها. - الكفاءة المعتبرة في النكاح: الكفاءة المعتبرة بين الزوجين هي في الدين والحرية، فإذا زوَّج الولي عفيفة بفاجر، أو حرة بعبد فالنكاح صحيح، وللمرأة الخيار في البقاء أو فسخ النكاح. - مقاصد الجماع: مقاصد الجماع ثلاثة، وهي: حفظ النسل .. وإخراج الماء الذي يضر احتباسه .. وقضاء الوطر، ونيل اللذة، والتمتع بالنعمة، وهذه الأخيرة تنفرد وتبلغ كمالها في الجنة.

ما يفعله الزوج إذا دخل على زوجته

- ما يفعله الزوج إذا دخل على زوجته: 1 - يسن للرجل إذا دخل على زوجته أن يلاطفها، ويضع يده على مقدمة رأسها ويسمي الله تعالى، ويدعو بالبركة، ثم يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبلْتهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ مَا جَبلْتهَا عَلَيْهِ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). 2 - وتسن التسمية عند الوطء وقول ما ورد: «بِاسْمِ الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإنَّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَداً». متفق عليه (¬2). 3 - يجوز للزوج أن يأتي زوجته في قبلها من أي جهة شاء، من أمامها أو من خلفها، ويحرم إتيانها في دبرها. 4 - يحرم على الزوجين الوطء بمرأى أحد، وإفشاء الأسرار الزوجية المتعلقة بالوقاع بينهما. - حكم اغتسال الزوج والزوجة معاً: إذا وطئ الرجل زوجته وأراد العَوْد سن له أن يتوضأ وضوءه للصلاة فهو أنشط لِلْعَوْدِ، والغسل أفضل، ويجوز لهما أن يغتسلا معاً في مكان واحد ولو رأى منها ورأت منه في حمام في دارهما. عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل في القدح، وهو الفرق وكنت أغتسل أنا وهو في الإناء الواحد، قال قتيبة: قال سفيان: والفرق ثلاثة آصع. متفق عليه (¬3). - ويستحب ألّا يناما جنبين إلا إذا توضئا. ¬

(¬1) حسن/ أخرجه أبوداود برقم (2160) وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2252). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6388)، واللفظ له، ومسلم برقم (1434). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (250)، ومسلم برقم (319) واللفظ له.

المحرمات في النكاح

المحرمات في النكاح - يشترط في المرأة التي يريد الزوج أن يعقد عليها أن تكون غير محرَّمة عليه. - المحرمات من النساء قسمان: 1 - محرمات إلى الأبد وهن ثلاثة أقسام: 1 - محرمات بالنسب وهن: الأم وإن علت، والبنت وإن سفلت، والأخت، والخالة، والعمة، وبنت الأخ، وبنت الأخت. 2 - محرمات بالرضاع، فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فكل امرأة حَرُمَت من النسب حَرُمَ مثلها من الرضاع إلا أم أخيه، وأخت ابنه من الرضاع فلا تحرم. والرضاع المحرِّم: خمس رضعات فأكثر إذا كانت في الحولين. 3 - محرمات بالمصاهرة، وهن: أم الزوجة، وبنت الزوجة من غيره إذا دخل بأمها، وزوجة الأب، وزوجة الابن، وتحرم الملاعنة على الملاعن. فالمحرمات بالنسب سبع، والمحرمات بالرضاع سبع مثلهن، والمحرمات بالمصاهرة أربع. قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)} ... [النساء/23]. - أسباب التحريم المؤبد هي: النسب، والرضاع، والمصاهرة.

- ضابط المحرمات من النسب: جميع أقارب الرجل من النسب حرام عليه إلا بنات أعمامه، وبنات عماته، وبنات أخواله، وبنات خالاته، فهذه الأربع حلال له. 2 - محرمات إلى أمد محدد، وهن: 1 - يحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها من نسب أو رضاع، فإذا ماتت أو طُلِّقت حَلَّت الأخرى بعد انتهاء العدة. 2 - المعتدة حتى تخرج من العدة. 3 - مطلقته ثلاثاً حتى تنكح زوجاً غيره. 4 - المُحْرِمَةُ بحج أو عمرة حتى تَحِلَّ. 5 - تحرم المسلمة على الكافر حتى يسلم. 6 - تحرم الكافرة غير الكتابية على المسلم حتى تسلم. 7 - زوجة الغير ومعتدته إلا ما ملكت يمينه. 8 - تحرم الزانية على الزاني وغيره حتى تتوب وتنقضي عدتها. فهؤلاء النساء يحرمن جميعاً عليه حتى يزول السبب المانع. 9 - الخنثى المشكل حتى يتبين أمره. - يحرم على الرجل أن يتزوج ابنته من الزنى، ويحرم على الأم تزوج ابنها من الزنى. - لا ينكح عبد سيدته، ولا سيد أمته؛ لأنه يملكها بملك اليمين، ومَنْ حَرُمَ وطؤها بعقد حَرُمَ بملك يمين إلا أمة كتابية فلا يجوز نكاحها، ويجوز وطؤها بملك اليمين، ولا يجوز وطء امرأة في الشرع إلا بنكاح، أو ملك يمين. - حكم أم الولد: أم الولد: هي الأَمَة التي حملت من سيدها وولدت له، يجوز وطؤها وخدمتها

وتأجيرها كالأَمَة، ولا يجوز بيعها ولا هبتها ولا وقفها كالحرة، وتعتد بحيضة واحدة يُعلم بها براءة رحمها. - حكم الشروط التي لا تنافي العقد: إذا شرطت المرأة أو وليها ألّا يتزوج عليها، أو لا يخرجها من دارها أو بلدها، أو زيادة في مهرها ونحو ذلك مما لا ينافي العقد صح الشرط، فإن خالفه فلها الفسخ إن شاءت. - حكم امرأة المفقود: إذا تزوجت امرأة المفقود، فقدم الأول قبل وطء الثاني فهي للأول، وبعد الوطء له أخذها زوجة بالعقد الأول بدون طلاق الثاني، ويطؤها بعد إكمال عدتها، وله تركها معه ويأخذ قدر الصداق الذي أعطاها من الثاني. - حكم النكاح إذا كان أحد الزوجين لا يصلي: 1 - إذا كان زوج المرأة لا يصلي فلا يحل لها أن تبقى معه، ويحرم عليه وطؤها؛ لأن ترك الصلاة كفر، ولا ولاية لكافر على مسلمة، فإنْ تَرَكَتْها هي وجب فراقها إن لم تتب إلى الله تعالى؛ لأنها كافرة. 2 - إذا كانت الزوجة والزوج لا يصليان حين العقد فالعقد صحيح، أما إن كانت الزوجة تصلي حين العقد وزوجها لا يصلي، أو كانت الزوجة لا تصلي وزوجها يصلي وتزوجا ثم اهتديا فالواجب تجديد عقد النكاح؛ لأن أحدهما حين العقد كافر. - نكاح المرأة في عدة أختها إن كان الطلاق رجعياً فباطل، وإن كانت العدة من طلاق بائن فهو محرم.

الشروط في النكاح

الشروط في النكاح - الشروط في النكاح قسمان: الأول: شروط صحيحة، مثل اشتراط زيادة المهر، أو ألا يخرجها من بلدها، أو ألا يتزوج عليها، أو يشترطها بكراً أو نسيبة. الثاني: شروط فاسدة، وهي نوعان: الأول: شروط فاسدة تبطل العقد، ومنها: 1 - نكاح الشغار: وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليها على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته ونحو ذلك، وهذا النكاح فاسد ومحرم، سواء سُمِّي فيه مهر أو لم يسم فيه شيء. - إذا وقع مثل هذا النكاح فعلى كل واحد تجديد العقد دون شرط الأخرى، ويتم العقد بمهر جديد، وعقد جديد، كما سبق، والأخرى كذلك ولا حاجة إلى الطلاق. عن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الشِّغَارِ. متفق عليه (¬1). 2 - نكاح المحلل: وهو أن يتزوج الرجل المطلقة ثلاثاً بشرط أنه متى حَلَّلها للأول طلقها، أو نوى التحليل بقلبه، أو اتفقا عليه قبل العقد. وهذا النكاح فاسد ومحرم، ومَنْ فعله فهو ملعون، لقوله عليه الصلاة والسلام: ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5112)، واللفظ له، ومسلم برقم (1415).

حكم زواج المسلمة بغير المسلم

«لَعَنَ الله المُحَلِّلَ وَالمُحَلَّلَ لَهُ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). 3 - نكاح المتعة: وهو أن يعقد الرجل على المرأة يوماً، أو أسبوعاً، أو شهراً، أو سنة، أو أقل، أو أكثر، ويدفع لها مهراً فإذا انتهت المدة فارقها. وهذا النكاح فاسد لا يجوز؛ لأنه يضر بالمرأة ويجعلها سلعة تنتقل من يد إلى يد، ويضر بالأولاد كذلك، حيث لا يجدون بيتاً يستقرون ويتربَّون فيه، فالمقصود به قضاء الشهوة لا النسل والتربية، وقد أُحلّ في أول الإسلام لفترة ثم حُرِّم إلى الأبد. عن سبرة الجهني رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وَإنَّ الله قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إلَى يَومِ القِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيْلَهُ، وَلا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً». أخرجه مسلم (¬2). - مَنْ تزوج بأربع نساء ثم عقد على خامسة فالعقد عليها فاسد، والنكاح باطل يجب إنهاؤه. - حكم زواج المسلمة بغير المسلم: يحرم زواج المسلمة بغير المسلم، سواء كان من أهل الكتاب أو غيرهم؛ لأنها أعلى منه بتوحيدها وإيمانها وعفَّتها، وإذا وقع هذا الزواج فهو فاسد ومحرم يجب إنهاؤه؛ لأنه لا ولاية لكافر على مسلم أو مسلمة. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2076)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1119). (¬2) أخرجه مسلم برقم (1406).

قال الله تعالى: ... {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة/221]. الثاني: شروط فاسدة لا تبطل عقد النكاح، ومنها: 1 - إذا شرط الزوج في عقد النكاح إسقاط حق من حقوق المرأة كأن شرط ألّا مهر لها، أو لا نفقة لها، أو أن يقسم لها أقل من ضرتها، أو أكثر، أو شرطت طلاق ضرتها فالنكاح صحيح، والشرط باطل. 2 - إذا شرطها الزوج مسلمة فبانت كتابية، أو شرطها بكراً فبانت ثيباً، أو شرط نفي عيب لا ينفسخ به النكاح كالعمى، والخرس ونحوهما فبانت بخلاف ما ذكر فالنكاح صحيح، وله الفسخ إن شاء. 3 - إذا تزوج امرأة على أنها حرة فبانت أمة فله الخيار إن كانت ممن تحل له، وإذا تزوجت المرأة رجلاً حراً فبان عبداً فلها الخيار في البقاء أو الفسخ.

العيوب في النكاح

العيوب في النكاح - العيوب في النكاح نوعان: 1 - عيوب تمنع الوطء، ففي الرجل جَبّ ذكره، وقطع خصيتيه، وعِنَّته، وفي المرأة الرَّتَق والقَرَن والعَفَل. فالرَّتَق: انسداد الفرج بأصل الخلقة، والقَرَن: انسداد طارئ في الفرج، والعَفَل: سائل في الفرج يمنع لذة الوطء. 2 - عيوب لا تمنع الاستمتاع ولكنها منفِّرة أو معدية في الرجل أو المرأة كالبرص والجنون والجذام والباسور والناسور وقروح سيَّالة في الفرج ونحو ذلك. - مَنْ وجدت زوجها مجبوباً، أو بقي له ما لا يطأ به فلها الفسخ، فإن علمت ورضيت به قبل العقد أو رضيت به بعد الدخول سقط حقها في الفسخ. - كل عيب يُنَفِّرُ الزوج الآخر منه كالبرص، والخرس، وعيوب في الفرج، وقروح سيَّالة، وجنون، وجذام، واستطلاق بول، وخصاء، وسل، وبخر الفم، وريح منكرة ونحوها يثبت لكل واحد من الزوجين الفسخ إن شاء، ومن رضي بالعيب وعقد النكاح فلا خيار له، وإن حدث العيب بعد العقد فللآخر الخيار. - إذا تم الفسخ لأجل أحد هذه العيوب السابقة ونحوها، فإن كان الفسخ قبل الدخول، فلا مهر للمرأة، وإن كان الفسخ بعد الدخول فلها المهر المسمى في العقد، ويرجع الزوج ليأخذ المهر ممن غرّه، ولا يصح نكاح خنثى مشكل قبل تبيُّن أمره. - إذا بان الزوج عقيماً ثبت الخيار للمرأة؛ لأن لها حقاً في الولد. - العِنِّين: هو العاجز عن الإيلاج، ومَنْ وجدت زوجها عنِّيناً أُجِّل سنة منذ تحاكمه، فإن وطئ فيها وإلا فلها الفسخ، وإن رضيت به عنِّيناً قبل الدخول أو بعده سقط خيارها.

نكاح الكفار

نكاح الكفار - نكاح الكفار من أهل الكتاب وغيرهم حكمه كنكاح المسلمين فيما يجب به من مهر ونفقة ووقوع طلاق ونحوها، ويحرم عليهم من النساء مَنْ تحرم علينا. - الكفار يُقَرّونَ على أنكحتهم الفاسدة بشرطين: 1 - أن يعتقدوا صحتها في دينهم. 2 - ألّا يترافعوا إلينا، فإن ترافعوا إلينا حكمنا عليهم بما أنزل الله علينا. - صفة عقد نكاح الكفار: إذا جاءنا الكفار قبل عقد النكاح بينهم عقدناه على حكمنا، بإيجاب، وقبول، وولي، وشاهدي عدل منا. وإن جاؤا بعد عقد النكاح بينهم، فإن كانت المرأة خالية من موانع النكاح أقررناهم عليه، وإن كان بالمرأة مانع من موانع النكاح فرَّقنا بينهما. - حكم مهر الكافرة: مهر الكافرة: إن كانت قد سُمِّي لها مهر وقبضته، استقر صحيحاً كان أو فاسداً كخمر وخنزير، وإن لم تقبضه: فإن كان صحيحاً أخذته، وإن كان فاسداً أو لم يفرض لها مهر فلها مهر المثل صحيحاً. - إذا أسلم الزوجان معاً، أو أسلم زوج كتابية بقيا على نكاحهما. - إن أسلم زوج غير كتابية قبل الدخول بها بطل النكاح. - إذا أسلمت المرأة الكافرة قبل دخول الكافر بها بطل النكاح؛ لأن المسلمة لا تحل لكافر. - الحكم إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين: إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين بعد الدخول فالنكاح موقوف: فإذا أسلم الرجل، فإن أسلمت المرأة قبل انقضاء عدتها فهي زوجته، وإن أسلمت هي

وانقضت عدتها ولم يسلم هو فلها أن تنكح زوجاً غيره، وإن أحبت انتظرته، فإن أسلم كانت زوجته من غير تجديد نكاح ولا عقد ولا مهر، ولا تمكِّنه من نفسها حتى يسلم. - حكم النكاح إذا ارتد أحد الزوجين: إذا ارتد الزوجان أو أحدهما عن الإسلام، فإن كان قبل الدخول بطل النكاح، وإن كان بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة، فإن تاب فيها مَنْ ارتد فعلى نكاحهما، وإن لم يتب انفسخ النكاح بعد انقضاء العدة منذ وقت الردة. - حالات الزوج إذا أسلم: 1 - إذا أسلم الزوج، فإن كان تحته كتابية فالنكاح باق، وإن كان تحته كافرة غير كتابية فإن أسلمت وإلا فارقها. 2 - إذا أسلم الكافر وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن، أو كن كتابيات، اختار أربعاً وفارق الباقي. 3 - إذا أسلم الكافر وتحته أختان اختار منهما واحدة، وإن جمع بين امرأة وعمتها أو خالتها اختار واحدة، وكل مَنْ أسلم تجري عليه أحكام الإسلام في النكاح وغيره. قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران/85].

الصداق

الصداق - الصداق: هو العوض الواجب على الزوج بعقد النكاح. - فقه الصداق: رفع الإسلام مكانة المرأة وأعطاها حقها في التملك، وفرض لها المهر إذا تزوجت، وجعله حقاً لها على الرجل يكرمها به؛ جبراً لخاطرها، وإشعاراً بقدرها، وعوضاً عن الاستمتاع بها، يُطَيِّب نفسها، ويرضيها بقوامة الرجل عليها. قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)} ... [النساء/4]. - حكم دفع المهر للمرأة: المهر حق للمرأة، يجب على الرجل دفعه لها بما استحل من فرجها، ولا يحل لأحد أن يأخذ منه شيئاً إلا برضاها، ولأبيها خاصة أن يأخذ من صداقها ما لا يضرها، ولا تحتاج إليه، ولو لم تأذن. - مقدار صداق المرأة: 1 - يسن تخفيف مهر المرأة، وخير الصداق أيسره، وكثرة الصداق قد يكون سبباً في بُغض الزوج لزوجته، ويحرم إذا بلغ حد الإسراف والمباهاة، وأثقل كاهل الزوج بالديون والمسألة، وتيسير المهرذريعة إلى كثرة النكاح المطلوب شرعاً. عن أبي سلمة أنه سأل عائشة رضي الله عنها: كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لأَزْوَاجِهِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوْقِيةً وَنَشّاً، قَالَتْ: أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟ قَالَ: قُلْتُ: لا. قَالَتْ: نِصْفُ أُوْقِيَّةٍ فَتِلْكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَهَذَا صَدَاقُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لأَزْوَاجِهِ. أخرجه مسلم (¬1). 2 - كانت مهور نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسمائة درهم، تعادل اليوم (140) ريالاً سعودياً ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1426).

تقريباً، ومهور بناته أربعمائة درهم، تعادل اليوم (110) ريالات سعودية تقريباً، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، مع مراعاة اختلاف الأزمان، وتغير قيمة السلع والأثمان. 3 - تجوز الزيادة في المهر بلا إسراف؛ لأن الأصل الجواز. قال الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20)} [النساء/20]. - أنواع المهر: كل ما صح ثمناً صح مهراً وإن قل، ولا حَدَّ لأكثره، وإن كان معسراً جاز أن يجعل صداقها منفعة كتعليم قرآن أو خدمة ونحوهما، ويجوز أن يعتق الرجل أمته ويجعل عتقها صداقاً لها وتكون زوجته. - وقت دفع المهر: يستحب تعجيل الصداق كله، ويجوز تأجيله، أو تعجيل البعض وتأجيل البعض الآخر، وإذا لم يُسمَّ المهر في العقد صح العقد ووجب مهر المثل، وإن تراضيا ولو على قليل صح. - إذا زَوَّجَ رجل ابنته بمهر مثلها، أو أقل، أو أكثر صح، وتَملك المرأة صداقها بالعقد، ويستقر كاملاً بالدخول والخلوة. - حكم من مات زوجها ولم يفرض لها صداقاً: إذا توفي الزوج بعد العقد، وقبل الدخول، ولم يفرض لها صداقاً، فلها مثل صداق نسائها، وعليها العدة، ولها الميراث. - يجب مهر المثل لمن وُطِئت في نكاح باطل كالخامسة، والمعتدة، والموطوءة بشبهة ونحو ذلك. - إذا اختلف الزوجان في قدر الصداق أو عينه فقول الزوج مع يمينه، وإن اختلفا في قبضه فقول الزوجة ما لم تكن بينة لأحدهما. -

إعلان النكاح

إعلان النكاح 1 - يسن إعلان النكاح، وضرب الجواري عليه بالدف وبالغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال والمفاتن وذكر الفجور ونحوه. عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عَائِشَةُ مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ فَإِنَّ الْأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ». أخرجه البخاري (¬1). 2 - لا يجوز اختلاط الرجال بالنساء في حفلات الزواج وغيرها، ولا يجوز دخول الزوج على زوجته بين النساء السافرات وغيرهن. 3 - يحرم في الزواج وغيره الإسراف في الطعام والشراب واللباس وغيرها. قال الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)} ... ] الأعراف /31 [. 4 - لا يجوز الغناء الذي يصف مفاتن النساء وشعورهن، ويحرم استعمال آلات اللهو كعود ومزمار وموسيقى في الزواج وغيره، ويحرم استئجار مغنين ومغنيات للغناء في الزواج وغيره. عن أبي عامر الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ لحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَداً فَيُبَيِّتُهُمُ الله وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». أخرجه البخاري معلقاً ووصله أبو داود (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (5162). (¬2) صحيح/أخرجه البخاري معلقاً برقم (5590) واللفظ له، ووصله أبو داود برقم (4039)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (91).

حكم التصوير في النكاح وغيره

- حكم التصوير في النكاح وغيره: 1 - يحرم التصوير لكل ذي روح، وهو من الكبائر، ويحرم تعليق الصور على الجدران، مجسمة أو غير مجسمة، لها ظل أو لا ظل لها، يدوية أو فوتغرافية، ولا يجوز من التصوير إلا ما كان لضرورة كالطب والتعرف على المجرمين ونحو ذلك، فيجوز للحاجة. 2 - يحرم تصوير حفل الزفاف رجالاً أو نساء أو كلاهما، وأشد منه وأقبح تصويره بالفيديو، وأقبح منه بيعه في الأسواق وعرضه على الناس، ومن أباح التصوير للناس من غير حاجة وحسَّنه لهم فعليه وزره ووزر من عمل به إلى يوم القيامة. عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». متفق عليه (¬1). - ما يحرم على المرأة فعله: يحرم على النساء نتف الحواجب، ولبس الباروكة، ووصل الشعر، والوشم، والنمص، ووشر الأسنان، ورقص النساء مع الرجال، وإطالة الأظفار أكثر من أربعين يوماً؛ لمخالفتها الفطرة، ولبس ملابس الرجال، وثياب الشهرة والاختيال، وما فيه إسراف، والسفور، والتعري، والاختلاط بالرجال في المناسبات. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5951)، واللفظ له، ومسلم برقم (2108).

- ما يجوز للرجال والنساء: 1 - يجوز للرجل إزالة شعر جسده من الظهر والصدر والساقين والفخذين إذا لم يضر بدنه، ولم يقصد التشبه بالنساء. 2 - يجوز للنساء لبس الذهب والحرير، ويحرم ذلك على الرجال، ويجوز صبغ أظافر النساء بما لا يمنع وصول الماء كالحناء ونحوه، وإزالة شعر نبت في الوجه في غير موضعه. ويحرم التشبه بالكافرات، ومن تشبه بقوم فهو منهم. - حكم تشبه المرأة بالكافرات: لا يجوز للمرأة لبس البنطلون؛ لأنه يبين تفاصيل البدن، ولما فيه من التشبه بالرجال والكافرات، ويحرم عليها صبغ الشعر بالألوان المزرية؛ لما فيه من الشهرة، والتشبه بالكافرات، أما صبغ الشيب فيسن بالحناء والكتم، ويجوز صبغ الشعر بلونه الخلقي سواء كان أسوداً أو أصفراً. ولبس الكعب العالي محرم؛ لما فيه من التشبه بالكافرات، ولأنه من التبرج الذي نهى الله عنه، وتُمنع المرأة من النقاب والبرقع؛ لأن ذلك ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز وقد حصل.

وليمة العرس

وليمة العرس - وليمة العرس: هي طعام العرس خاصة لاجتماع الزوجين. - وقت الوليمة: تكون الوليمة عند العقد، أو بعده، أو عند الدخول، أو بعده، حسب أعراف الناس وعاداتهم، في الليل أو النهار. - حكم الوليمة: 1 - تجب الوليمة للعرس على الزوج، وتُسن بشاة أو أكثر، حسب اليسر والعسر، ويحرم الإسراف في الوليمة وغيرها. 2 - يسن أن يدعو للوليمة الصالحين فقراء كانوا أم أغنياء، وتجوز بأي طعام حلال، ويحرم أن يخص بالدعوة الأغنياء دون الفقراء. 3 - يستحب أن يشارك ذوو الفضل والسعة بأموالهم في إعداد الوليمة للعرس. عن انس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ: «فَبَارَكَ الله لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.» متفق عليه (¬1). - حكم إجابة دعوة العرس: تجب إجابة الدعوة إذا كان الداعي مسلماً، وإذا عيَّنه بالدعوة، وكان في اليوم الأول، ولم يكن له عذر، ولم يكن ثَمّ منكر لا يقدر على تغييره، ولم يكن عليه ضرر. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5155)، ومسلم برقم (1427)، واللفظ له.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإنْ كَانَ صَائِماً فَلْيصلِّ، وَإنْ كَانَ مُفْطِراً فَلْيَطْعَمْ». أخرجه مسلم (¬1). - ما يقوله من حضر الوليمة: يستحب لمن حضر الوليمة وأجاب الدعوة أن يدعو لصاحبها عند الفراغ بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنه: 1 - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُم». أخرجه مسلم (¬2). 2 - «اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي وَأسْقِ مَنْ سَقَانِي». أخرجه مسلم (¬3). 3 - «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الملائِكَة». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬4). - يستحب للزوج صبيحة بنائه بأهله أن يأتي أقاربه الذين أتوه في داره، ويسلم عليهم ويدعو لهم، وأن يقابلوه بالمثل فيسلمون عليه ويدعون له. - حكم الأكل من طعام الوليمة: يستحب الأكل من طعام الوليمة ولا يجب، ومَنْ صومه واجب حضر ودعا وانصرف، والمتنفل في الصيام إذا دُعي يستحب أن يفطر لجبر قلب أخيه المسلم وإدخال السرور عليه. - إذا دخل المسلم على قوم سلَّم عليهم، وجلس حيث ينتهي به المجلس، وسيد ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1431). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2042). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2055). (¬4) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3854)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (1747).

ما يفعله إذا رأى امرأة فأعجبته

المجالس قبالة القبلة، فإذا أراد أن يخرج سلّم. - حكم حضور الوليمة التي فيها منكر: إذ علم أن في الوليمة منكراً يقدر على تغييره حضر وغيَّره، وإن لم يقدر فلا يلزمه الحضور، وإن حضر ثم علم به أزاله، وإلا يقدر انصرف، وإن علم بالمنكر ولم يره أو يسمعه خُيِّر بين البقاء والانصراف. - ما يفعله إذا رأى امرأة فأعجبته: عن جابر رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَأى امْرَأةً، فَأتَى امْرَأتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى أصْحَابِهِ فَقَالَ: «إنَّ المَرْأةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإذَا أبْصَرَ أحَدُكُمُ امْرَأةً فَلْيَأْتِ أهْلَهُ، فَإنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ». أخرجه مسلم (¬1). - إكرام الوجيه والعالم بالطعام: عن سهل بن سعد قال: دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي عُرْسِهِ، وَكَانَتِ امْرَأتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ وَهِيَ العَرُوسُ، قَالَ سَهْلٌ: تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَّا أَكَلَ سَقَتْهُ إيَّاهُ. متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1403). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5176)، واللفظ له، ومسلم برقم (2006).

الحقوق الزوجية

الحقوق الزوجية - للزواج آداب وحقوق على الطرفين: وهي أن يقوم كل واحد من الزوجين بما لصاحبه من حقوق، ويراعي ما له من واجبات، لتتحقق السعادة، ويصفو العيش، وتهنأ الأسرة. قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)} [البقرة/228]. - حقوق الزوجة على زوجها: 1 - على الزوج القيام بالإنفاق على زوجته وأولاده، وما يتبعه من كسوة ومسكن بالمعروف، وأن يكون طيب النفس، حسن العشرة، حسن الصحبة، يعاشر زوجته باللطف واللين والبشاشة، يحلم إذا غضبت، ويرضيها إن سخطت، يتحمل الأذى منها، ويعتني بعلاجها إن مرضت، ويعينها في خدمة بيتها، ويأمرها بفعل الواجبات، وترك المحرمات، يعلمها الدين إن جهلت أو أهملت، ولا يكلِّفها ما لا تطيق، ولا يَحْرِمها ما تطلب من الممكن المباح، ويحفظ كرامة أهلها ولا يمنعها عنهم. 2 - وله أن يستمتع بزوجته الاستمتاع المباح في أي وقت، وعلى أي حال ما لم يضرّ بها الاستمتاع أو يشغلها عن واجب. 3 - وعليه أن يُطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يُقَبِّح، ولا يهجر إلا في الفراش. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « .. وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً، فَإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإنَّ أعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أعْلاهُ، فَإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5186)، واللفظ له، ومسلم برقم (1468).

حقوق الزوج على زوجته

- حقوق الزوج على زوجته: على الزوجة أن تقوم بخدمة زوجها، وإصلاح بيته، وتدبير منزله، وتربية أولاده، والنصح له. وأن تحفظ زوجها في نفسها وماله وبيته، وأن تقابله بالطلاقة والبشاشة، وتتزين له، وأن تجلَّه وتوقِّره وتعاشره بالحسنى، وتهيئ له أسباب الراحة، وتُدخل على نفسه السرور؛ ليجد في بيته السعادة والانشراح. وأن تطيعه في غير معصية الله، وتتجنب ما يُغضبه، ولا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تفشي له سراً، ولا تتصرف في ماله إلا بإذنه، ولا تُدخل بيته إلا من يحب، وأن تحافظ على كرامة أهله، وتعينه ما أمكن عند مرضه، أو عجزه. - وبهذا نعلم أن المرأة في بيتها تؤدي لزوجها ومجتمعها أعمالاً كبيرة لا تقل عن عمل الرجل خارج البيت، فالذين يريدون إخراجها من بيتها ومكان عملها لتشارك الرجال في أعمالهم وتزاحمهم قد ضلوا عن معرفة مصالح الدين والدنيا ضلالاً بعيداً، وأضلوا غيرهم ففسدت مجتمعاتهم. - يحرم مطل كل واحد من الزوجين بما يلزمه للآخر، والتكره لبذله، والمن والأذى. - حكم وطء المرأة وقت الحيض: 1 - يحرم على الرجل وطء المرأة وهي حائض حتى تطهر، فإن وطئها فقد ارتكب إثماً عظيماً، وعليه التوبة والاستغفار. 2 - يحرم وطء المرأة في المحيض والدبر، ولا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها، والدبر: محل الأذى والقذر. 3 - إذا طهرت المرأة من الحيض وانقطع الدم عنها جاز لزوجها وطؤها بعد أن تغتسل. قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة/222].

صفة العدل بين الزوجات

- للزوج إجبار زوجته على غسل حيض، ونجاسة، وأخذ ما تعافه النفس من شعر وغيره. - سر الشبه والإنجاب: 1 - إذا جامع الرجل زوجته، فإن سبق ماؤه كان الشبه له، وإن سبق ماؤها كان الشبه لها. 2 - وإن علا ماء الرجل ماء المرأة أَذْكَر بإذن الله تعالى، وإن علا ماء المرأة أَنْثَى بإذن الله تعالى. - حكم العزل: يجوز للرجل أن يعزل ماءه عن المرأة، وترك العزل أولى؛ لأنه يُفَوِّت لذة المرأة، ويُفَوِّت تكثير النسل وهو من مقاصد النكاح. - حكم إلقاء النطفة: يباح لعذر أو حاجة إلقاء النطفة قبل أربعين يوماً بدواء مباح، بشرط إذن الزوج، وعدم تضرر الزوجة، ولا يجوز إسقاطه خوفاً من كثرة الأولاد، أو عجزاً عن معيشته، أو تربيته. - حكم جمع الزوجات في البيت الواحد: يحرم على الزوج جمع زوجتين فأكثر في منزل واحد إلا برضاهما، وليس له السفر بإحداهن إلا بقرعة، ومَنْ كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. - صفة العدل بين الزوجات: يجب على الزوج العدل بين زوجاته في القسم، وفي المبيت، والنفقة، والسكن، والمعاملة، أما الجماع فلا يجب، فإن أمكن فهو المستحب، ولا جناح عليه في الميل القلبي؛ لأنه لا يملكه. قال الله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا

كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129)} [النساء/ 129]. - ما يفعله إذا تزوج ثانية: 1 - السنة إذا تزوج الرجل بكراً وعنده غيرها أن يقيم عندها سبعاً ثم يقسم، وإن تزوج ثيباً أقام عندها ثلاثاً ثم قسم، وإن أحبت سبعاً فعل وقضى مثله للبواقي، ثم قسم بعد ذلك ليلة لكل واحدة. عن أم سلمة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثاً وَقَالَ: «إنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي». أخرجه مسلم (¬1). 2 - الزوجة البكر غريبة على الزوج، وغريبة على فراق أهلها فاحتاجت لزيادة الإيناس وإزالة الوحشة بخلاف الثيّب. - أحكام القَسْم بين الزوجات: مَنْ وهبت يومها لضرتها بإذن زوجها، أَوْ لَهُ فجعله لأخرى جاز. ويجوز لمن له عدة زوجات أن يدخل على المرأة التي ليس لها ذلك اليوم ويدنو منها لكن بدون جماع ويتفقد أحوالها، فإذا جاء الليل انقلب إلى صاحبة النوبة فخصها بالليل. وإذا سافرت المرأة بلا إذن زوجها، أو أبت السفر معه، أو المبيت عنده في فراشه فلا قَسْم لها ولا نفقة؛ لأنها عاصية كالناشز. - وقت القَسْم: القَسْم بالليل لمن معاشه بالنهار، ومن معاشه بالليل فقَسْمه في النهار. ويقسم للطاهر والحائض، وإن اتفق معها أنه لا يقسم للحائض أو المريضة جاز، ويقسم للكبيرة والصغيرة، ومن أسقطت حقها لم يقسم لها إن شاء. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1460).

حكم مصافحة المرأة الأجنبية

- صفة قدوم الغائب: يسن للزوج الغائب أن لا يفاجئ أهله بقدومه، بل يعلمهم بوقت قدومه لتستقبله زوجته على أحسن هيئة، وتمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة. - حكم مصافحة المرأة الأجنبية: المرأة الأجنبية التي تحرم مصافحتها أو الخلوة بها هي: من ليست زوجة، ولا محرماً للرجل. والمَحْرم: من يحرم عليه نكاحها على التأبيد إما بالقرابة، أو بالرضاع، أو بالمصاهرة. لا يجوز لإخوان الزوج، أو أعمامه، أو أخواله، أو بني عمه أن يصافحوا زوجات إخوانهم، أو أعمامهم، أو أخوالهم، أو بني عمهم كسائر الأجنبيات؛ لأن الأخ ليس محرماً لزوجة أخيه وكذا مَنْ سبق. ولا يجوز لأحد أن يصافح أجنبية منه، وأشد منه أن يُقَبِّلها، سواء كانت شابة أو عجوزاً، وسواء كان المصافح شاباً أو شيخاً كبيراً، بحائل أو بغير حائل لقوله عليه الصلاة السلام: «إنِّي لا أُصَافِحُ النِّسَاءَ». أخرجه النسائي وابن ماجه (¬1). ويحرم على المرأة المسلمة مصافحة الأجانب عنها، ويحرم ركوبها في السيارة وحدها مع الأجنبي وحده كالسائق. - حكم من دعاها زوجها للجماع فأبت: يحرم على المرأة إذا دعاها زوجها إلى الفراش أن تمتنع منه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه النسائي برقم (4181)، وأخرجه ابن ماجه برقم (2874). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5194)، واللفظ له، ومسلم برقم (1436).

حكم سفر المرأة بلا محرم

- حكم سفر المرأة بلا محرم: يحرم على المرأة أن تسافر بلا محرم، سواء كانت في سيارة، أو طائرة، أو سفينة، أو قطار، أو غير ذلك، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ». متفق عليه (¬1). - صفة الحجاب الشرعي: 1 - أن يكون حجاب المرأة ساتراً لجميع بدنها، ثخيناً لا يشفّ عمّا تحته، فضفاضاً غير ضيّق، غير مزيّن يستدعي أنظار الرجال، وغير مطيّب، وألّا يكون لباس شُهرة، وألّا يشبه لباس الرجال والكافرات، وألّا يكون فيه تصاليب ولا تصاوير. 2 - الحجاب الشرعي واجب على كل مسلمة بالغة، وهو أن تحجب المرأة كل ما يفتن الرجال بنظرهم إليه كالوجه، والكفين، والشعر، والعنق، والقدم، والساق، والذراع ونحو ذلك، لقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب/53]. 3 - لا يجوز للمرأة أن تختلط بالرجال الأجانب في الوظائف والمدارس والمستشفيات وغيرها، كما يحرم عليها التبرج وإظهار مفاتنها وإبراز محاسنها لغير زوجها؛ لما في ذلك من أسباب الفتنة. 4 - يجب على المرأة أن تحتجب ممن ليس بمحرم لها كزوج أختها، وأبناء عمها، وأبناء خالها ونحوهم؛ لأنهم ليسوا بمحارم لها. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1862)، واللفظ له، ومسلم برقم (1341).

أحكام الحمل

أحكام الحمل - حكم تناول ما يمنع الحمل: 1 - النسل نعمة كبرى مَنّ الله بها على عباده، حث الإسلام عليها ورغَّب فيها، فلا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق. قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)} [الإسراء/31]. 2 - يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل والمرأة، وهو ما يعرف بالإعقام، إلا لضرر محقق. 3 - يجوز للمرأة برضا زوجها تناول ما يمنع الحمل لضرر محقق كأن تكون المرأة لا تلد ولادة عادية، أو مريضة يضرها أن تحمل كل سنة، فلا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره إذا رضي الزوجان بذلك، وكان بوسيلة مشروعة لا ضرر فيها على المرأة، وقرر ذلك طبيب ثقة. - حكم الإنجاب بالتلقيح: 1 - إذا حملت الزوجة من مائين أجنبيين، أو من بيضتها وماء أجنبي فهذا حمل سفاح محرم شرعاً. 2 - إذا حملت الزوجة من ماء زوجها بعد انتهاء عقد الزوجية بوفاة أو طلاق فهذا محرم. 3 - إذا كان الماء من الزوجين، والرحم أجنبي مستعار فهذا محرم أيضاً. 4 - إذا كان الماء من الزوجين في رحم زوجة له أخرى بتلقيح داخلي أو خارجي فهذا محرم. 5 - إذا كان الماء من الزوجين في رحم الزوجة ذات البويضة بتلقيح داخلي أو

خارجي في أنبوب ثم ينقل إلى رحم الزوجة نفسها، فهذا يَحُفُّ به عدد من المخاطر والمحاذير فيباح للمضطر، والضرورة تقدَّر بقدرها، وعلى المكلف إذا ابتلي بهذا سؤال مَنْ يثق بدينه وعلمه. - الذكر والأنثى إذا كملت أعضاء خلقهما لا يحل تحويل أحدهما إلى النوع الآخر، ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقاب؛ لأنها تغيير لخلق الله وهو محرم. - من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال فَيُنظر: فإن غلبت عليه الذكورة جاز علاجه طبياً بما يزيل الاشتباه في أنوثته بالجراحة أو الهرمونات. - حمل المرأة: 1 - تفرز المرأة بأمر الله كل شهر بويضة، فإذا جاء موعد القدر، ولقح الحيوان المنوي تلك البويضة اتحدت النطفتان، وحملت المرأة، وهي نطفة الأمشاج. 2 - أكثر ما تلد النساء مولوداً واحداً كل سنة، وقد تلد توأمين ذكرين، أو أنثيين، أو ذكراً وأنثى، وقد تلد ثلاثة أو أكثر. والتوائم نوعان: أحدهما: يحدث من حيوان منوي واحد وبيضتين يكون منهما توأمان متشابهان تمام التشابه. والثاني: توأم غير متشابه وذلك يحدث بأمر الله من حيوانين منويين يلقحان بيضتين كل واحد يلقح بيضة والله أعلم. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)} [الإنسان/2]. 2 - وقال الله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)} [الشورى/49 - 50].

النشوز وعلاجه

النشوز وعلاجه - النشوز: هو معصية الزوجة لزوجها فيما يجب عليها. - النفوس مجبولة على عدم الرغبة في بذل ما عليها، والحرص على الحق الذي لها، ومما يسهِّل الصلح قلع هذا الخلق الدنيء واستبداله بضده وهو السماحة ببذل الحق الذي عليك، والقناعة ببعض الحق الذي لك، وبذلك تصلح الأمور. - حكم النشوز: النشوز هو العصيان، وهو محرم؛ لما فيه من الظلم ومنع الحقوق. والنشوز يكون من الزوجة بمعصية زوجها فيما يجب عليها. ويكون النشوز من الرجل إذا منعها حقها وما يجب لها. وإذا أحست المرأة من زوجها نفوراً أو إعراضاً، وخافت أن يفارقها فلها أن تُسقط عنه حقها، أو بعضه، من مبيت، أو نفقة، أو كسوة، أو غيرها، وله أن يقبل منها ذلك ولا جناح عليهما، وهذا أفضل من الفرقة والمنازعة والمخاصمة كل يوم. قال الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128)} [النساء/128]. - صفة علاج المرأة الناشز: 1 - إذا ظهر من المرأة أمارات النشوز كأن لا تجيبه إلى الفراش، أو الاستمتاع، أو تجيبه متبرِّمة، أو متكرِّهة وعظها وخوَّفها بالله عز وجل، وأدبها بالأسهل فالأسهل، فإن أصرت هجرها في المضجع ما شاء، وفي الكلام ثلاثة أيام. فإن أصرت ضربها ضرباً غير مبرح عشرة أسواط فأقل، ولا يضرب الوجه، ولا

يُقبِّح، فإن حصل المقصود بما سبق وأطاعت المرأة ترك معاتبتها على ما مضى. قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)} [النساء/ 34]. 1 - إذا ادعى كل من الزوجين ظلم الآخر له، وأصرت المرأة على نشوزها، وترفُّعها، وسوء عشرتها، وتعذر الإصلاح بينهما بعث الحاكم حَكَماً من أهلها وحَكَماً من أهل الزوج، ويفعلان الأصلح من جمع أو تفريق، بعوض أو بدون عوض. 2 - فإن لم يتفق الحكمان، أو لم يوجدا، وتعذَّرت العِشرة بالمعروف بين الزوجين، نظر القاضي في أمرهما، وفسخ النكاح حسبما يراه شرعاً، بعوض أو بدون عوض، لإزالة الضرر والحرج. قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)} ... [النساء/35].

2 - كتاب الطلاق

2 - كتاب الطلاق أحكام الطلاق - الطلاق: هو حَلُّ قيد النكاح أو بعضه. - حكمة مشروعيته: شرع الله النكاح لإقامة الحياة الزوجية المستقرة، المبنية على المحبة والمودة بين الزوجين، وإعفاف كل منهما صاحبه، وتحصيل النسل، وقضاء الوطر. وإذا اختلت هذه المصالح وفسدت النوايا بسبب سوء خلق أحد الزوجين، أو تنافرت الطباع، أو ساءت العشرة بينهما أو نحوها من الأسباب التي تؤدي إلى الشقاق المستمر الذي تصعب معه العشرة الزوجية، فإذا وصل الأمر إلى هذه الحال فقد شرع الله عز وجل رحمة بالزوجين فرجاً بالطلاق. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} [الطلاق/1]. - من يملك الطلاق: 1 - الطلاق مِنْ حق الرجل وحده؛ لأنه أحرص على بقاء الزوجية التي أنفق في سبيلها المال، وهو أكثر تريثاً وصبراً وتفكيراً بعقله لا بعواطفه. 2 - أما المرأة فهي أسرع غضباً، وأقل احتمالاً، وأقصر رؤيةً، وليس عليها من تبعات الطلاق مثل ما على الزوج، ولو كان الطلاق بيد كل من الزوجين، لتضاعفت حالات الطلاق لأتفه الأسباب. 3 - الطلاق بيد الرجال، فالحر يملك ثلاث تطليقات سواء كانت زوجته حرة أو أمة، والعبد يملك تطليقتين.

حكم الطلاق

- من يقع منه الطلاق: يقع الطلاق من كل بالغ عاقل مختار، ولا يقع الطلاق من مكره، ولا سكران لا يعقل ما يقول، ولا غضبان لا يدري ما يقول، كما لا يقع الطلاق من المخطئ، والغافل، والناسي، والمجنون ونحوهم. - حكم الطلاق: يُباح الطلاق للحاجة كسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها. ويحرم الطلاق لغير حاجة، بأن كانت حياة الزوجين مستقرة. ويستحب الطلاق للضرورة كما لو تضررت الزوجة في البقاء معه، أو كرهت زوجها ونحو ذلك. ويجب الطلاق على الزوج إذا كانت امرأته لا تصلي، أو كانت غير نزيهة في عرضها ما لم تتب وتقبل النصح. - الأحوال التي يحرم فيها الطلاق: يحرم على الزوج أن يطلق زوجته حال الحيض، وفي طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها، وأن يطلقها ثلاثاً بلفظ واحد أو بمجلس واحد. - يصح وقوع الطلاق من الزوج أو وكيله، ويطلق الوكيل واحدة ومتى شاء إلا أن يعين له وقتاً وعدداً. - صيغ الطلاق: ينقسم الطلاق من حيث اللفظ إلى قسمين: 1 - الطلاق الصريح: ويكون بالألفاظ التي لا تحتمل إلا الطلاق ولا تحتمل غيره كطلقتك، أو أنت طالق، أو أنت مطلقة، أو عليَّ الطلاق ونحو ذلك. 2 - الطلاق بالكناية: وهو اللفظ الذي يحتمل الطلاق وغيره كقوله: أنت بائن، أو الحقي بأهلك ونحوها.

- يقع الطلاق باللفظ الصريح لظهور معناه، أما الكناية فلا يقع بها الطلاق إلا بنية مقارنة للفظ. - إذا قال لزوجته (أنت علي حرام) فهو بحسب نيته، يكون طلاقاً إن نواه، ويكون يميناً فيها كفارة يمين إن نواه، ويكون ظهاراً فيه كفارة ظهار إن نواه. - يقع الطلاق من جاد وهازل؛ صيانة لعقد النكاح من اللعب والاحتيال. - صور الطلاق: الطلاق إما أن يكون مُنَجَّزاً، أو مُضافاً، أو مُعلَّقاً كما يلي: 1 - الطلاق المنجز: أن يقول للزوجة أنت طالق، أو طلقتك ونحوها، وهذا الطلاق يقع في الحال؛ لأنه لم يقيد بشيء. 2 - الطلاق المضاف: أن يقول لزوجته مثلاً أنت طالق غداً، أو رأس الشهر، وهذا الطلاق لا يقع إلا بعد حلول الأجل الذي حدده. 3 - الطلاق المعلق: وهو ما جعل الزوج حصول الطلاق فيه معلقاً على شرط وهو قسمان: 1 - إن كان يقصد بطلاقه الحمل على الفعل أو الترك، أو الحظ أو المنع، أو تأكيد الخبر ونحو ذلك كقوله: إن ذهبت إلى السوق فأنت طالق، يقصد منعها فهذا لا يقع، ويجب فيه كفارة يمين إذا خالفت. والكفارة: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام. 2 - أن يقصد إيقاع الطلاق عند حصول الشرط كقوله: إن أعطيتيني كذا، فأنت طالق مثلاً، وهذا الطلاق يقع عند حصول المعلق عليه. - حكم الشك في الطلاق: الأصل بقاء ما كان على ما كان، فالأصل بقاء النكاح، فلا يزول إلا بيقين.

فمن شك في طلاق أو شرطه لم يلزمه، وإن شك في عدده فطلقة. ومن أوقع الطلاق مع الشك فقد ارتكب ثلاثة محاذير: التفريق بين الزوجين .. إحلال هذه المرأة لغير زوجها وهي في عصمته .. حرمانها من النفقة والميراث إذا مات. - حكم طلاق من لم يسم لها مهراً: إذا طُلِّقت مَنْ لم يسم لها مهر قبل الدخول وجبت المتعة على الزوج، على الموسر قدره وعلى المقتر قدره، وإن طُلِّقت مَنْ لم يسم لها مهر بعد الدخول فلها مهراً المثل من غير متعة. قال الله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)} [البقرة/236]. - حكم طلاق من فرض لها المهر: إذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول أو الخلوة وقد فرض لها صداقاً فلها نصفه إلا أن تعفو أو يعفو وليها، وإن كانت الفرقة من قِبَلها سقط حقها كله. وإن كانت الفرقة بعد الدخول لزم الزوج المهر كله. قال الله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)} [البقرة/237]. - إذا افترق الزوجان في نكاح فاسد قبل الدخول فلا مهر ولا متعة، وبعد الدخول يجب لها المهر المسمى بما استحل من فرجها.

الطلاق السني والبدعي

الطلاق السني والبدعي - صور الطلاق السني: 1 - الطلاق السني: هو أن يطلق الزوج امرأته المدخول بها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، وله مراجعتها ما دامت في العدة، وهي ثلاثة قروء. فإذا انقضت العدة ولم يراجعها طَلُقَت، ولا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، وإن راجعها في العدة فهي زوجته. - وإن طلقها ثانية فيطلقها كالطلقة الأولى، فإن راجعها في العدة فهي زوجته، وإن لم يراجعها طَلُقَت، ولا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين. - ثم إن طلقها الثالثة كما سبق بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره بنكاح صحيح، وهذا الطلاق بهذه الصفة وهذا الترتيب سُنِّي من جهة العدد، وسُنِّي من جهة الوقت. 2 - ومن الطلاق السني: أن يطلق الزوج زوجته بعدما يتبين حملها طلقة واحدة، وإن كانت زوجته ممن لا تحيض كالآيسة طلقها أي وقت شاء. قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ... }. ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)} [البقرة/229 - 230]. - فإذا تم الطلاق وحصلت الفرقة فيسن للزوج أن يُمَتِّعها بما يناسب حاله وحالها جبراً لخاطرها، وأداء لبعض حقوقها كما قال سبحانه: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)} ... [البقرة/241]. - الطلاق البدعي: هو الطلاق المخالف للشرع، وهو نوعان:

1 - بدعي في الوقت: كأن يطلقها في حيض، أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها. وهذا الطلاق حرام ويقع، وفاعله آثم، ويجب عليه أن يراجعها منه إن لم تكن الثالثة. وإذا راجع الحائض أو النفساء أمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلقها، ومن طلقها في طهر جامعها فيه أمسكها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلقها. 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا طَاهِراً أَوْ حَامِلاً». متفق عليه (¬1). 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيْضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ يُطَلِّقُ بَعْدُ أَوْ يُمْسِكُ». متفق عليه (¬2). 2 - بدعي في العدد: كأن يطلقها ثلاثاً بكلمة واحدة، أو يطلقها ثلاثاً متفرقات في مجلس واحد كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وهذا الطلاق محرم ويقع، وفاعله آثم، لكن الطلاق ثلاثاً بكلمة أو كلمات في طهر واحد لا يقع إلا واحدة مع الإثم. - إذا كانت المرأة لا تحيض لصغر أو إياس، أو غير مدخول بها، فلا سنة ولا بدعة في الطلاق هنا، فيطلقها متى شاء. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5251)، ومسلم برقم (1471) (5) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5251)، ومسلم برقم (1471) (6) واللفظ له.

الطلاق الرجعي والبائن

الطلاق الرجعي والبائن 1 - الطلاق الرجعي: هو أن يطلق الزوج امرأته المدخول بها طلقة واحدة، وله مراجعتها إن رغب ما دامت في العدة، فإن راجعها ثم طلقها الثانية فله مراجعتها ما دامت في العدة، وهي في الحالتين زوجته ما دامت في العدة، يرثها وترثه، ولها النفقة والسكنى. - أين تعتد المطلقة الرجعية: يجب على المطلقة طلاقاً رجعياً وهي المطلقة طلقة واحدة أو طلقتين، بعد الدخول أو الخلوة أن تبقى وتعتد في بيت زوجها لعله يراجعها. ويستحب لها أن تتزين له ترغيباً له في مراجعتها، ولا يجوز للزوج إخراجها من بيتها إن لم يراجعها حتى تنقضي عدتها. 2 - الطلاق البائن: هو الطلاق الذي تنفصل به الزوجة عن زوجها نهائياً. وهذا الطلاق قسمان: 1 - بائن بينونة صغرى: وهو الطلاق دون الثلاث، فإذا طلق زوجته كما سبق طلقة واحدة ثم انتهت عدتها ولم يراجعها فهذا يسمى طلاقاً بائناً بينونة صغرى. ومن حقه كغيره أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين ولو لم تنكح زوجاً غيره، وكذا لو طلقها الطلقة الثانية ولم يراجعها في العدة بانت منه، وله نكاحها بعقد ومهر جديدين ولو لم تنكح زوجاً غيره. 2 - بائن بينونة كبرى: وهو الطلاق المكمل للثلاث، فإذا طلقها الطلقة الثالثة انفصلت عنه نهائياً، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً شرعياً بنية الدوام، ودخل الثاني بها

متى يجوز للمرأة طلب الطلاق؟

ووطئها بعد العدة، فإن طلقها الثاني وفرغت من العدة جاز لزوجها الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين كغيره. - أين تعتد المطلقة البائن ثلاثاً: المطلقة ثلاثاً تعتد في بيت أهلها؛ لأنها لا تحل لزوجها، ولا نفقة لها ولا سكنى، ولا تخرج من بيت أهلها إلا لحاجة. - إذا شك الزوج في الطلاق أو شرطه فالأصل بقاء النكاح حتى يجزم بزواله. - إذا قال الزوج لزوجته (أمرك بيدك) ملكت طلاق نفسها ثلاثاً على السنة إلا أن ينوي الزوج واحدة. - متى يجوز للمرأة طلب الطلاق؟ يجوز للمرأة طلب الطلاق أمام القاضي إذا تضررت تضرراً لا تستطيع الحياة في ظله، كما في هذه الصور: 1 - إذا قَصَّر الزوج في النفقة. 2 - إذا أضر الزوج بزوجته إضراراً لا تستطيع معه دوام العشرة مثل سبها، أو ضربها، أو إيذائها بما لا تطيقه، أو إكراهها على منكر ونحو ذلك. 3 - إذا تضررت بغيبة زوجها وخافت على نفسها الفتنة. 4 - إذا حُبس زوجها مدة طويلة وتضررت بفراقه. 5 - إذا رأت المرأة بزوجها عيباً مستحكماً كالعقم، أو عدم القدرة على الوطء، أو مرضاً خطيراً منفِّراً ونحو ذلك. - يحرم على المرأة أن تسأل زوجها طلاق ضرتها لتنفرد به. - إذا قال لزوجته إن حضت فأنت طالق طلقت بأول حيض متيقن.

- أنواع البينونة: بينونة المرأة من زوجها لها ثلاث حالات هي: بينونة فسخ النكاح .. وبينونة طلاق على عوض - وهو الخلع - .. وبينونة طلاق تم به العدد، وهو بعد الطلقة الثالثة. - متى يقع الطلاق بائناً؟: يقع الطلاق بائناً إذا كان على عوض .. أو كان قبل الدخول .. أو كان مكمِّلاً للثلاث. - حكم الطلاق المعلق: إذا قال لزوجته: إن ولدت ذكراً فأنت طالق طلقة، وإن ولدت أنثى فأنت طالق طلقتين، فولدت ذكراً ثم أنثى، طلقت بالأول، ثم بانت بالثاني. - حكم الطلاق في النفاس: يجوز أن يطلق الرجل زوجته في النفاس؛ لأن النفاس لا يحسب من العدة، فتشرع في العدة مباشرة، بخلاف الحيض؛ لأنها لا تَشْرع في عدتها مباشرة.

3 - الرجعة

3 - الرجعة - الرجعة: إعادة مطلقة غير بائن إلى ما كانت عليه بغير عقد في زمن العدة. - حكمة مشروعية الرجعة: قد يقع الطلاق في حالة غضب واندفاع، وقد يصدر بدون تدبر وتَرَوٍّ وتصور لعاقبة الطلاق وما يترتب عليه من المضار والمفاسد، لذا شرع الله تعالى الرجعة للحياة الزوجية، وهي حق من حقوق الزوج وحده كالطلاق. - من محاسن الإسلام جواز الطلاق، وجواز الرجعة، فإذا تنافرت النفوس، واستحالت الحياة الزوجية جاز الطلاق. وإذا تحسنت العلاقات، وعادت المياه إلى مجاريها جازت الرجعة، فلله الحمد والمنة. قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة/228]. - حكم الزوجة الرجعية: المرأة الرجعية زوجة لها، حكم الزوجات، فتعتد في بيت زوجها، وتجب لها النفقة، ويلزمها طاعته، ويجوز لها أن تكشف له وجهها، وأن تتطيب له، وأن تخرج معه، وتأكل معه، وتفعل كل ما يجوز للزوجة مع زوجها إلا في القَسْم فلا قَسْم لها؛ لأنها انفصلت عنه. ولا يجوز للرجعية أن تخرج من بيت زوجها وتعتد في بيت أهلها إلا لعذر مبيح.

1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} [الطلاق/1]. 2 - وقال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)} [البقرة/228]. - شروط صحة الرجعة: 1 - أن تكون المطلقة مدخولاً بها. 2 - أن يكون الطلاق دون ما يملك من العدد كالطلاق دون الثلاث. 3 - أن يكون بلا عوض، فإن كان على عوض فهي بائن. 4 - أن تكون الرجعة في العدة من نكاح صحيح. - ما تحصل به الرجعة: تحصل الرجعة بالقول كقوله: راجعت امرأتي، أو أمسكتها ونحوهما. وتحصل بالفعل كالوطء إذا نوى به الرجعة. - حكم الإشهاد على الطلاق والرجعة: يسن الإشهاد على الطلاق وعلى الرجعة بشاهدين، ويصح الطلاق والرجعة من غير إشهاد، والمطلقة الرجعية زوجة ما دامت في العدة، وينتهي وقت الرجعة بانتهاء العدة. - لا تفتقر الرجعة إلى ولي، ولا صداق، ولا رضا المرأة، ولا علمها. -

4 - الخلع

4 - الخلع - الخلع: هو فراق الزوج زوجته بعوض يُدفع له. - حكمة مشروعيته: إذا عُدمت المحبة بين الزوجين، وحَلّ محلها الكراهة والبغضاء، ووجدت المشاكل، وظهرت العيوب من الزوجين أو من أحدهما، فإن الله عز وجل جعل للخروج من ذلك سبيلاً ومخرجاً. فإن كان ذلك من قِبَل الزوج فقد جعل الله بيده الطلاق، وإن كان من قِبَل المرأة فقد أباح الله لها الخلع، بأن تعطي الزوج ما أخذت منه، أو أقل، أو أكثر؛ ليفارقها، والخلع قد يكون بطلب من الزوج أو الزوجة أو وليها. 1 - قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة/229]. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيْقَتَهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقْبَلِ الحَدِيْقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً». أخرجه البخاري (¬1). - موجبات الخلع: 1 - يباح الخلع إذا كرهت المرأة زوجها إما لسوء عشرته، أو سوء خُلقه، أو دمامته، أو خافت إثماً بترك حقه، ويستحب للزوج إجابتها إلى الخلع حيث أبيح. 2 - إذا كرهت الزوجة زوجها لنقص دينه كترك الصلاة، أو ترك العفة، فإذا لم يمكن تقويمه وجب عليها أن تسعى لمفارقته، وإذا فعل بعض المحرمات ولم يجبرها ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (5273).

على فعل محرم فلا يجب عليها أن تختلع، وأيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. - حكم عضل الزوجة: يحرم على الزوج عضل زوجته ليأخذ منها الصداق إلا إذا أتت بفاحشة مبينة فلا يحرم. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)} [النساء/19]. - حكم الخلع: الخلع فسخ، سواء وقع بلفظ (الخلع، أو الفسخ، أو الفداء)، وإن وقع بلفظ الطلاق أو كنايته مع نيته فهو طلاق، ولا يملك رجعتها بعده، وله أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين بعد العدة إذا لم يسبقه من عدد الطلاق ما يصير به ثلاثاً. - وقت الخلع: يجوز الخلع في كل وقت في الطهر والحيض، وتعتد المختلعة بحيضة واحدة، ويجوز للزوج أن يتزوج مَنْ خالعها برضاها بعقد ومهر جديدين بعد العدة. - مال الخلع: كل ما جاز أن يكون صداقاً جاز أن يكون عوضاً في الخلع، فإذا قالت اخلعني بألف ففعل بانت واستحق الألف، ولا ينبغي أن يأخذ منها أكثر مما أصدقها.

5 - الإيلاء

5 - الإيلاء - الإيلاء: هو حلف زوج قادر على الوطء بالله عز وجل، أو اسم من أسمائه، أو صفة من صفاته على ترك وطء زوجته في قُبُلها أبداً، أو أكثر من أربعة أشهر. - حكمة إباحة الإيلاء: الإيلاء فيه تأديب للنساء العاصيات الناشزات على أزواجهن، فأبيح منه بقدر الحاجة وهو أربعة أشهر فما دونها، وأما ما زاد على ذلك فهو حرام وظلم وجور؛ لأنه حلف على ترك واجب عليه. - حكمة تحديد مدة الإيلاء: كان الرجل في الجاهلية إذا كان لا يحب امرأته ولا يريد أن يتزوج بها غيره يحلف أن لا يمس امرأته أبداً أو السنة والسنتين بقصد الإضرار بها، فيتركها معلقة لا هي زوجة، ولا هي مطلقة، فأراد الله عز وجل أن يضع حداً لهذا الجور، فحدده بأربعة أشهر، وأبطل ما فوقها؛ دفعاً للضرر. - صفة الإيلاء: إذا حلف ألّا يقرب زوجته أبداً أو أكثر من أربعة أشهر صار مولياً، فإن وطئها في الأربعة أشهر انتهى الإيلاء ولزمته كفارة يمين (إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يستطع صام ثلاثة أيام)، وإن مضت الأربعة أشهر ولم يجامعها فللزوجة أن تطالبه بالوطء، فإن وطئ فلا شيء عليه إلا كفارة يمين. فإن أبى طالبته بالطلاق، فإن أبى طلق عليه الحاكم طلقة واحدة منعاً للضرر عن الزوجة، وإن ترك وطء زوجته إضراراً بها طالبناه بالرجوع، فإن لم يرجع طلق عليه الحاكم. قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)} [البقرة /226 - 227].

6 - الظهار

6 - الظهار - الظهار: هو تشبيه زوجته أو بعضها بكل أو ببعض مَنْ تحرم عليه أبداً كقوله: أنت عليّ كأمي، أو كظهر أختي ونحو ذلك. - حكمة إبطال الظهار: كان الرجل في الجاهلية يغضب على امرأته لأمر من الأمور ثم يقول: (أنت عليَّ كظهر أمي) فتطلق منه. فلما جاء الإسلام أنقذ المرأة من هذا الحرج، وبيَّن أن الظهار منكر من القول وزور؛ لأنه قائم على غير أصل، فالزوجة ليست أماً حتى تكون محرمة كالأم، وأبطل هذا الحكم، وجعل الظهار محرِّماً للمرأة حتى يكفِّر زوجها عمَّا حصل منه كفارة الظهار. - حكم الظهار: 1 - حكم الظهار: حرام، وقد ذم الله المظاهرين بقوله: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)} [المجادلة/2]. 2 - إذا ظاهر الرجل من امرأته وأراد أن يطأها حَرُم عليه وطؤها حتى يكفر كفارة الظهار. - صور الظهار: 1 - يكون الظهار مُنَجَّزاً كقوله: (أنتِ عليَّ كظهر أمي). 2 - ويكون معلقاً كقوله: (إذا دخل رمضان فأنتِ عليَّ كظهر أمي). 3 - ويكون مؤقتاً كقوله: (أنت علي كظهر أمي في شهر شعبان مثلاً) فإن خرج الشهر ولم يطأها فيه زال الظهار، وإن وطئها في شعبان فعليه كفارة الظهار.

- إذا ظاهر الزوج من زوجته أخرج الكفارة قبل الوطء، فإن وطئ قبل إخراجها أثِم وعليه إخراجها. - حكم كفارة الظهار: كفارة الظهار تجب بالترتيب الآتي: 1 - عتق رقبة مؤمنة. 2 - فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، ولا يقطع التتابع الفطر في العيدين، والحيض ونحوهما. 3 - فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً من قوت بلده، كل مسكين نصف صاع (كيلو وعشرين جراماً) تقريباً، وإن غدَّى المساكين أو عشَّاهم كفى. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)} [المجادلة/3 - 4]. - الله رؤوف بعباده حيث جعل إطعام الفقراء والمساكين كفارة للذنوب، وماحية للآثام. - إذا قال لزوجته: إذا ذهبت إلى مكان كذا فأنت علي كظهر أمي: فإن قصد بذلك تحريمها عليه فهو مظاهر، ولا يقربها حتى يكفر كفارة الظهار. وإن قصد به منعها من هذا الفعل ولم يقصد تحريمها فلا تحرم عليه، ويجب عليه كفارة يمين ثم ينحل يمينه. - إذا ظاهر من نسائه بكلمة واحدة لزمه كفارة واحدة، وإن ظاهر منهن بكلمات لزمه لكل واحدة كفارة. -

7 - اللعان

7 - اللعان - اللعان: هو شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين، مقرونة بلعن من الزوج، وغضب من الزوجة، عند الحاكم أو نائبه. - حكمة مشروعيته: إذا رأى الرجل امرأته تزني ولم يمكنه إقامة البينة، أو قذفها بالزنى ولم تقر هي بذلك، وحتى لا يلحقه العار بزناها ويفسد فراشه، أو يلحقه ولد غيره، شرع الله عز وجل اللعان حلًّا لمشكلته، وإزالة للحرج عنه، ويستحب وعظهما وتخويفهما بالله قبل اللعان. - إذا نكل الزوج وامتنع عن الأيمان فعليه حد القذف ثمانين جلدة، وإذا نكلت الزوجة وأقرت بالزنى أقيم عليها الحد وهو الرجم. - حكم من قذف غير زوجته: مَنْ قذف غير زوجته بفعل الفاحشة ولم يستطع إقامة البينة (أربعة شهود) يشهدون بصحة ما قال وجب جلده ثمانين جلدة، ويعتبر فاسقاً لا تقبل شهادته إلا إن تاب وأصلح. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} [النور/4 - 5]. - شروط اللعان: يشترط لصحة اللعان ما يلي: 1 - أن يكون بين زوجين مكلفين، عند الإمام أو نائبه. 2 - أن يتقدمه قذف الزوج امرأته بالزنى. 3 - أن تكذبه الزوجة وتستمر في تكذيبه إلى انقضاء اللعان.

- صفة اللعان: إذا قذف الرجل زوجته بالزنى ولم يقم البينة فعليه حد القذف، ولا يسقط عنه حد القذف إلا باللعان. وصفة اللعان كما يلي: 1 - يبدأ الزوج فيقول أربع مرات: (أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنى) يشير إليها إن كانت حاضرة، ويسميها إن كانت غائبة، ثم يزيد في الخامسة: {أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)} [النور/7]. 2 - ثم تقول الزوجة أربعاً: (أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى)، ثم تزيد في الخامسة: {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور/9]. - يُسن وعظ كل واحد من المتلاعنين عند الشروع في اللعان، ووضع اليد على فم الرجل عند الخامسة، ويقال له: (اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب). وكذلك يفعل مع المرأة، لكن لا يضع يده على فمها، والسنة أن يكون اللعان بحضرة الإمام أو نائبه، وأن يتلاعنان قياماً بحضرة جماعة من الناس. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} [النور/6 - 9]. - إذا تم اللعان ثبتت خمسة أحكام: 1 - سقوط حد القذف عن الزوج. 2 - سقوط حد الرجم عن الزوجة. 3 - الفرقة بين المتلاعنين. 4 - التحريم المؤبد بينهما. 5 - انتفاء الولد إن وجد عن الزوج ولحوقه بالمرأة. - المرأة المفسوخة باللعان لا تستحق في مدة العدة نفقة ولا سكنى. -

8 - العدة

8 - العدة - العدة: تربص محدود شرعاً بسبب فرقة نكاح شرعي. فالعدة: هي المدة التي تَنتظر فيها المرأة، وتمتنع عن الزواج بعد وفاة زوجها، أو فراقه لها. - حكم العدة: العدة واجبة على كل امرأة فارقها زوجها أو مات عنها بعد خلوته بها، سواء كانت الفرقة بطلاق، أو خلع، أو فسخ؛ لتعرف براءة رحمها بوضع حمل، أو مضي أقراء، أو أشهر. - حكمة مشروعية العدة: 1 - التأكد من براءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب. 2 - إتاحة الفرصة للمطلق أن يراجع امرأته إذا ندم كما في الطلاق الرجعي. 3 - تعظيم شأن النكاح وأنه لا ينعقد إلا بشروط، ولا ينفك إلا بانتظار وتريُّث. 4 - احترام المعاشرة بين الزوجين، فلا تنتقل لآخر إلا بعد انتظار وإمهال. 5 - صيانة حق الحمل إذا كانت المفارقة حاملاً. ففي العدة أربعة حقوق: حق الله، وحق الزوج، وحق الزوجة، وحق الولد. - أحكام العدة: المرأة إذا طُلقت قبل الدخول فلا عدة عليها، وإن طُلقت بعد الدخول فعليها العدة، أما المتوفى عنها زوجها قبل الدخول أو بعده فعليها العدة أربعة أشهر وعشرا؛ وفاء للزوج، ومراعاة لحقه، ولها الميراث. 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)} [الأحزاب/49].

2 - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)} [البقرة/234]. - أصناف المعتدات: المعتدات ست: 1 - الحامل: وعدتها من موت، أو طلاق، أو فسخ إلى وضع الحمل الذي تبيَّن فيه خلق إنسان، وأقل مدة الحمل ستة أشهر منذ نكاحها، وغالبه تسعة أشهر. قال الله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق/4]. 2 - المتوفَّى عنها زوجها: إن كانت حاملاً فعدتها إلى وضع الحمل، وإن لم تكن حاملاً فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وفي هذه المدة يتبين الحمل من عدمه. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة/234]. 3 - المفارقة لزوجها في الحياة بطلاق بلا حمل، وهي ذات الأقراء وهي الحِيَض فعدتها ثلاثة قروء كاملة، أما المفارقة لزوجها بخلع، أو فسخ فتعتد بحيضة واحدة، قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة/ 228]. 4 - مَنْ فارقها زوجها حياً ولم تحض لصغر، أو إياس، فعدتها ثلاثة أشهر. قال الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ... } [الطلاق/4]. 5 - مَنْ ارتفع حيضها ولم تدر ما سبب رفعه، فعدتها سنة، تسعة أشهر للحمل، وثلاثة للعدة.

6 - امرأة المفقود: وهو مَنْ انقطع خبره، فلم تعلم حياته ولا موته، فتنتظر زوجته قدومه، أو تَبَيُّن أمره في مدة يضربها الحاكم للاحتياط في شأنه، فإذا تمت تلك المدة ولم يأت، حَكَمَ الحاكم بوفاته، ثم اعتدت زوجته أربعة أشهر وعشرا عدة وفاة من وقت الحكم، ولها أن تتزوج بعد العدة إن شاءت. - عدة الأمة المطلقة ذات الحيض قرءان، والآيسة والصغيرة شهران، والحامل بوضع الحمل. - عدة غير الزوجة: 1 - إذا ملك الرجل أمة توطأ فلا يحل له أن يجامعها حتى يستبرئها: إن كانت حاملاً بوضع الحمل، والتي تحيض بحيضة، والآيسة والصغيرة بمضي شهر. 2 - الموطوءة بشبهة، أو زنى، أو بنكاح فاسد، أو مختلعة تعتد بحيضة واحدة لمعرفة براءة رحمها، وإذا مات زوج رجعية في عدة طلاق سقطت وابتدأت عدة وفاة منذ مات. - حكم الإحداد: يلزم الإحداد مدة العدة كل متوفَّى عنها زوجها. الإحداد: لزوم بيت زوجها واجتناب ما يدعو إلى جماعها من الزينة والطيب، ولباس زينة، وحناء، وحلي، وكحل ونحوه، وإن تركت الإحداد أثمت وتستغفر الله وتتوب إليه. عن أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، وَلا تَلْبَسُ ثَوْباً مَصْبُوغاً إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ وَلا تَكْتَحِلُ وَلا تَمَسُّ طِيباً إلا إذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5342)، ومسلم في كتاب الطلاق برقم (938)، واللفظ له.

- مدة الإحداد: يجوز الإحداد على غير زوج ثلاثة أيام، أما الإحداد على الزوج المتوفي عنها فإنه تابع للعدة أربعة أشهر وعشرا، وأما الحامل المتوفى عنها زوجها فإذا وضعت حملها سقط وجوب الإحداد عنها. - مكان العدة: 1 - تجب عدة الوفاة في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فإن تحولت خوفاً، أو قهراً، أو بحق، انتقلت حيث شاءت، ولها الخروج من بيتها إن احتاجت لذلك، وتنقضي العدة بمضي الزمان حيث كانت. 2 - المعتدة من طلاق رجعي تكون في بيت زوجها، ولها النفقة والسكنى؛ لأنها زوجة، ولا يجوز إخراجها من بيت زوجها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة من أقوال، أو أفعال يتضرر بها أهل البيت. 3 - المعتدة من طلاق بائن لها النفقة إن كانت حاملاً حتى تضع حملها، وإن كانت غير حامل فلا نفقة لها ولا سكنى. وتعتد المطلقة البائن والمفسوخة والمختلعة في بيت أهلها. - ما يجوز للمحادة فعله: يجوز للمرأة المحد ما يلي: النظافة .. والاغتسال .. وتسريح الشعر .. ولبس الثياب المعتادة .. والخروج لحاجتها محتشمة .. وتكليم الرجال من غير ريبة.

9 - الرضاع

9 - الرضاع - الرضاع: هو مص مَنْ دون الحولين لبناً ثاب عن حمل أو شربه ونحوه. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بِنْتِ حَمْزَةَ: «لا تَحِلُّ لِي، يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، هِيَ ابْنَةُ أخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ». متفق عليه (¬1). - المحرم من الرضاع: المحرم من الرضاع خمس رضعات في الحولين: إذا أرضعت المرأة الطفل خمس رضعات قبل استكمال الحولين صار ولدها وولد زوجها، ومحارم الزوج محارمه، ومحارم المرضعة محارم للمرتضع، وأولادهما إخوانه. أما أبوي المرتضع وأصولهما وفروعهما فلا تنتشر الحرمة عليهم، فيجوز لإخوته من الرضاع أن يتزوجوا بأخواته من النسب وبالعكس. - حد الرضعة: أن يمص الثدي ثم يتركه باختياره من غير عارض فذلك رضعة، أو انتقل من ثدي لآخر فذلك رضعة، فإن عاد فثنتان، ويُرجع في ذلك إلى العرف، والأفضل أن يرضعه حسنة الخَلق والخُلق والدين. - ما يثبت به الرضاع: يثبت الرضاع بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، أو بشهادة امرأة واحدة، مرضيَّة في دينها، سواء كانت المرضعة أو غيرها. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2645) واللفظ له، ومسلم برقم (1447).

- آثار الرضاع: 1 - إذا أرضعت امرأة طفلاً سواء كانت بكراً أو ثيباً صار ولدها في تحريم النكاح، وإباحة النظر، والخلوة، وفي المحرمية، دون وجوب النفقة والولاية والإرث. 2 - لبن البهيمة لا يحرِّم كلبن المرأة، فلو رضع طفلان من بهيمة لم ينشر الحرمة بينهما، ونقل الدم من رجل إلى امرأة أو العكس ليس برضاع، فلا ينشر الحرمة بينهما. 3 - إذا شك أحد في وجود الرضاع، أو شك في كماله خمس رضعات، وليس هناك بينة فلا تحريم؛ لأن الأصل عدم الرضاع. - حكم إرضاع الكبير: الرضاع المحرِّم خمس رضعات فأكثر في الحولين، فإن دعت الحاجة إلى إرضاع الكبير الذي لا يُستغنى عن دخوله البيت ويشق الاحتجاب عنه جاز. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي أرَى فِي وَجْهِ أبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ (وَهُوَ حَلِيفُهُ). فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أرْضِعِيهِ». قَالَتْ: وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ؟ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله وَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ». زَادَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا. متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4000)، ومسلم برقم (1453) واللفظ له.

10 - الحضانة

10 - الحضانة - الحضانة: هي حفظ صغير أو معتوه عما يضره، وتربيته والقيام بما يصلحه حتى يستقل بنفسه. - الولاية على الطفل نوعان: نوع يقدم فيه الأب على الأم، وهي ولاية المال والنكاح. ونوع تقدم فيه الأم على الأب، وهي ولاية الحضانة والرضاع. - الأحق بالحضانة: 1 - الحضانة من محاسن الإسلام وعنايته بالأطفال، فإذا افترق الأبوان، وبينهما ولد فالأحق بالحضانة الأم؛ لأنها أرفق بالصغير، وأصبر عليه، وأرحم به، وأعرف بتربيته وحمله وتنويمه. 2 - الحضانة حق للحاضن لا حقٌّ عليه، فمن أراد أن يتخلى عنها فله ذلك، وتنتقل إلى مَنْ بعده. ويقدَّم في الحضانة الأقرب مطلقاً، وإن تساويا في القرب قُدمت الأنثى، فأم وأب: تقدم الأنثى وهي الأم. وإن كانا ذكرين أو أنثيين فإنه يقرع بينهما إذا كانا في جهة واحدة. فأم وجد: تقدم الأم؛ لأنها أقرب. وأب وجدة: يقدم الأب؛ لأنه أقرب. وأم وأب: تقدم الأم؛ لأنهما تساويا في القرب، فتقدم الأنثى. وجد وجدة: تقدم الجدة، والخال والخالة: تقدم الخالة. وجدة من جهة الأب، وجدة من جهة الأم، تقدم الجدة من جهة الأب، فإن

كانا في جهة واحدة فقرعة .. وهكذا. - سقوط الحضانة: إذا امتنع مَنْ له الحضانة، أو كان غير أهل، أو لم تتحقق مصلحة الطفل انتقلت إلى مَنْ بعده، وإذا تزوجت الأم سقط حقها في الحضانة وانتقل إلى من بعدها إلا أن يرضى زوجها بالحضانة. - أين يكون المحضون بعد التمييز: 1 - إذا بلغ الغلام سبع سنين عاقلاً خُيِّر بين أبويه فكان مع مَنْ اختار منهما، ولا يُقر محضون بيد من لا يصونه ولا يصلحه، ولا حضانة لكافر على مسلم. 2 - الأنثى تكون عند أمها حتى يتسلمها زوجها؛ لأن الأم أشفق من غيرها حتى الأب؛ لأن الأب سيخرج لمصالحه، وتبقى البنت في البيت محرومة من أمها. 3 - يكون الذكر بعد رشده حيث شاء. - نفقة الحضانة: نفقة المحضون على أبيه، فإن كان الأب معسراً أُنفق على المحضون من ماله، فإن لم يكن له مال فعلى أبيه نفقته، ولا تسقط عنه إلا بأداء أو إبراء.

11 - النفقات

11 - النفقات - النفقات: هي كفاية مَنْ يمونه طعاماً وكسوة وسكنى وما يتبع ذلك. وأسباب وجوب النفقة ثلاثة: الزوجية .. والقرابة .. والملك. - فضل النفقة: 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} [البقرة/ 274]. 2 - وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا أَنْفَقَ المُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً». متفق عليه (¬1). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «السَّاعِي عَلَى الأرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله، أَوْ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ». متفق عليه (¬2). - أحوال الإنفاق على الزوجة: 1 - نفقة الزوجة واجبة على زوجها من مأكل، ومشرب، وملبس، ومسكن ونحو ذلك بما يصلح لمثلها، وذلك يختلف باختلاف أحوال البلاد والأزمنة، وحال الزوجين وعاداتهما. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ ... -وَفِيهِ- «فَاتَّقُوا الله فِي النِّسَاءِ، فَإنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ الله، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوْجَهُنَّ بِكَلِمَةِ الله ... وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ». أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5351) واللفظ له، ومسلم برقم (1002). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5353) واللفظ له، ومسلم برقم (2982). (¬3) أخرجه مسلم برقم (1218).

2 - يجب على الزوج نفقة زوجته المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها، لكن لا قسم لها، وإذا حصل بين الزوجين نزاع فالمعتبر في النفقة حال الزوج. قال الله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)} [الطلاق/7]. 3 - الزوجة البائن بفسخ أو طلاق لها النفقة إن كانت حاملاً، فإن لم تكن حاملاً فلا نفقة لها ولا سكنى. 4 - لا نفقة ولا سكنى لمتوفى عنها زوجها، فإن كانت حاملاً وجبت نفقتها من نصيب الحمل من التركة، فإن لم يكن فعلى وارثه الموسر. 5 - إذا نشزت المرأة أو حُبست عنه سقطت نفقتها إلا أن تكون حاملاً. - حقوق زوجة الغائب: 1 - إذا غاب الزوج ولم ينفق على زوجته لزمته نفقة ما مضى. 2 - إذا أعسر الزوج بالنفقة، أو الكسوة، أو السكن، أو غاب ولم يدع للزوجة نفقة وتعذَّر أخذها من ماله فلها الفسخ إن شاءت بإذن الحاكم. - حكم النفقة على الآباء والأولاد والأقارب: تجب النفقة لأبويه وإن علوا حتى ذوي الأرحام منهم، وتقدم الأم على الأب في البر والنفقة، وتجب لولده وإن سفل، حتى ذوي الأرحام منهم إن كان المنفِق غنياً والمنفَق عليه فقيراً، والوالد تجب عليه نفقة ولده كاملة ينفرد بها. 1 - قال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... } [البقرة/233]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ الله مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5971)، ومسلم برقم (2548) واللفظ له.

- شروط النفقة على القريب: 1 - تجب النفقة على كل من يرثه المنفق بفرض أو تعصيب. 2 - يشترط لوجوب النفقة على القريب من غير الأصول والفروع ما يلي: أن يكون المنفِق وارثاً للمنفَق عليه، فقر المنفَق عليه، غنى المنفِق، عدم اختلاف الدين. - حقوق المملوك: يجب على السيد نفقة رقيقه المملوك، وإن طلب نكاحاً زوَّجه سيده أو باعه، وإن طلبته أمة خُيِّر سيدها بين وطئها، أو تزويجها، أو بيعها. - حكم النفقة على البهائم: تجب النفقة على ما يملكه الإنسان من البهائم والطيور ونحوها، فيقوم بإطعامها وسقيها وما يصلحها، ولا يحمِّلها ما تعجز عنه، فإن عجز عن نفقتها أجبر على بيعها، أو إجارتها، أو ذبحها إن كانت مما يؤكل، ولا يجوز ذبحها للإراحة كالمريضة والكبيرة ونحوها، وعليه أن يقوم بما يلزمها. - أحوال المنفق: للمنفق حالتان: 1 - إن كان المنفق قليل المال وجب عليه أن يبدأ بالنفقات الواجبة من الزوجة، والفروع، والأصول، والمماليك فيبدأ بنفسه أولاً، ثم من تجب نفقتهم مع العسر واليسر وهم: الزوجة، والمماليك، والبهائم. ثم مَنْ تجب نفقتهم ولو لم يرثهم المنفق من الأصول، كالأم والأب، والفروع كالأولاد، ثم نفقة الحواشي إن كان المنفق يرثهم بفرض أو تعصيب. 2 - أما إن كان المنفق غنياً فينفق على الجميع، ويعطي كل ذي حق حقه.

- حكم الصندوق الخيري: الصندوق الخيري: هو أن يضع مجموعة من الناس صندوقاً يجمعون فيه ما تطيب به نفوسهم من المال، يؤخذ من كل واحد حسبما يتفقون عليه. ويكون مال الصندوق معداً للجوائح والنكبات التي تصيب الواحد منهم. فهذا العمل مشروع، وهو من التعاون على البر والتقوى، وفيه مواساة أهل المصائب. عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ.». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2486)، ومسلم برقم (2500).

الأطعمة والأشربة

الأطعمة والأشربة - الأطعمة: هي كل ما يؤكل ويُشرب. - حكم الأطعمة والأشربة: الأصل في المنافع والطيبات الحل، والأصل في المضار والخبائث الحرمة. وجميع الأعيان الأصل فيها الحل والإباحة للمؤمنين إلا ما ثبت النهي عنه، أو بان فيه مفسدة ظاهرة متحققة. قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)} [البقرة/29]. 1 - فكل ما فيه منفعة للروح والبدن من مأكول، ومشروب، وملبوس فقد أحله الله عز وجل؛ ليستعين به العبد على طاعة الله سبحانه. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)} [البقرة/168]. 2 - وكل ما فيه ضرر أو مضرته أكثر من منفعته فالله قد حرمه فقد أحلّ الله لنا الطيبات من كل شيء، وحرم علينا الخبائث، كما أخبر الله تعالى عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأنه: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف/157]. - أثر الطعام على الإنسان: الطعام يتغذى به الإنسان، وينعكس أثره على أخلاقه وسلوكه، فالأطعمة الطيبة يكون أثرها طيباً على الإنسان، والأطعمة الخبيثة بضد ذلك، ولذلك أمر الله العباد بالأكل من الطيبات ونهاهم عن الخبائث.

الأصل في الأطعمة والأشربة

- الأصل في الأطعمة والأشربة: الأطعمة والأشربة الأصل فيها الحل للمؤمنين دون الكفار. فيباح كل طعام أو شراب طاهر لا مضرة فيه من لحم، وحب، وثمر، وعسل، ولبن، وتمر ونحوها من الطيبات. أما الكفار: فالأطعمة والأشربة وسائر المنافع عليهم حرام. فكل كافر لا يرفع لقمة إلى فمه، ولا يشرب جرعة من ماء، ولا يلبس ثوباً، ولا يركب مركباً، ولا يسكن داراً ونحو ذلك من نعم الله إلا عوقب عليه يوم القيامة. قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)} [الأعراف/32]. ولا يحل نجس كالميتة والدم المسفوح، ولا ما فيه مضرة كالسم، والخمر، والمخدرات، والتبغ، والقات ونحوها؛ لأنها خبيثة مضرة بدنياً، ومالياً، وعقلياً. 1 - قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة/3]. 2 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)} [النساء/29]. - ما يفعله من دُعي إلى الطعام: 1 - السنة إذا دخل المسلم على أخيه المسلم فأطعمه من طعامه فليأكل ولا يسأله عنه، وإن سقاه من شرابه فليشرب من شرابه ولا يسأله عنه.

أنواع الأطعمة والأشربة

2 - المتباريان وهما المتفاخران في الضيافة رياء وسمعة وفخراً لا يجابان، ولا يؤكل طعامهما. - أنواع الأطعمة والأشربة: الأطعمة والأشربة الأصل فيها الإباحة، وهي ثلاثة أنواع: حيوانات .. ونباتات .. وسوائل. 1 - فالنباتات سواء كانت حباً كالأرز والبر، أو خضاراً كالقرع والملفوف، أو فاكهة كالموز والبرتقال ونحو ذلك كلها حلال. 2 - والحيوانات البرية والبحرية والطيور كلها حلال إلا ما استثني. 3 - والسوائل كالماء، والحليب، والعسل، كلها حلال. قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)} [البقرة/29]. - فضل التمور: التمر من أجود الأغذية، وبيت لا تمر فيه جياع أهله، وهو حرز من السم والسحر، وأفضله تمر المدينة، خاصة العجوة. عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ سُمٌّ وَلا سِحْرٌ». متفق عليه (¬1). - فوائد التمر: التمر مقو للكبد، ملين للطبع، خافض للضغط، وهو من أكثر الثمار تغذية للبدن، غني بالمواد السكرية، وأكله على الريق يقتل الدود، فهو فاكهة، وغذاء، ودواء، وحلوى. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5445) واللفظ له، ومسلم برقم (2047).

المحرم من الحيوانات والطيور

- مَنْ أكل تمراً عتيقاً فله أن يفتشه ويخرج السوس منه. - كل حيوان محرم الأكل فهو نجس، ويستثنى من ذلك ثلاثة: الآدمي، ما لا نفس له سائلة كالحشرات إلا ما تولد من النجاسات كالصراصير فهو نجس حياً وميتاً، ما يشق التحرز منه كالهرة والحمار، ويستثنى من ذلك الكلب. - المحرم من الحيوانات والطيور: هو كل ما نص الشرع على خبثه كالحمار الأهلي والخنزير. أو نص على جنسه ككل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير. أو كان خبثه معروفاً كالفأرة والحشرات. أو كان خبثه عارضاً كالجَلَّالة التي تتغذى بالنجاسة. أو أمر الشارع بقتله كالحية والعقرب، أو نهى عن قتله كالهدهد والصُّرَد والضفدع والنملة والنحلة ونحوها. أو كان معروفاً بأكل الجيف كالنسر والرَّخم والغراب. أو كان متولداً بين حلال وحرام كالبغل فهو من أنثى خيل نزا عليها حمار. أو لكونه ميتةً أو فسقاً وهو ما لم يُذكر اسم الله عليه. أو لم يأذن الشرع في تناوله كالمغصوب والمسروق. - أنواع السباع المحرمة: يحرم أكل كل ما له ناب من السباع يفترس به كالأسد، والنمر، والذئب، والفيل، والفهد، والكلب، والثعلب، والخنزير، وابن آوى، والسِّنَّور، والتمساح، والسلحفاة والقنفذ والقرد ونحوها، إلا الضبع فحلال.

أنواع الطيور المحرمة

- أنواع الطيور المحرمة: يحرم أكل كل ذي مخلب من الطير يصيد به كالعقاب، والبازي، والصقر، والشاهين، والباشق، والحدأة، والبومة ونحوها. ويحرم ما يأكل الجيف والزبل من الطيور كالنسر، والغراب، والرخم، والهدهد، والخطاف ونحوها. - الحلال من الحيوانات والطيور: 1 - حيوانات البر كلها مباحة إلا ما سبق ونحوه مما يلحق به، فيجوز أكل بهيمة الأنعام وهي: الإبل والبقر والغنم، ويجوز أكل الحمر الوحشية، والخيل، والضبع، والضب، والبقر الوحشي، والظباء والريم، والأرانب، والزرافة، وسائر الوحش إلا ما له ناب يفترس به فيحرم. 2 - والطيور كلها مباحة إلا ما سبق ونحوه فيجوز أكلها كالدجاج، والبط، والأوز، والحمام، والنعام، والعصفور، والبلبل والطاووس واليمام ونحوها. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ. أخرجه مسلم (¬1). 3 - حيوانات البحر التي لا تعيش إلا في البحر كلها مباحة، صغيرها وكبيرها ولا يستثنى منها شيء فكلها حلال؛ لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} ... [المائدة/96]. - ما يحرم أكله من الأطعمة: 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام/ 121]. 2 - وقال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1934).

الحلال من الميتة والدم

وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} ... [المائدة/3]. - ما قُطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة لا يجوز أكله. - الحلال من الميتة والدم: الميتة والدم المسفوح كلاهما حرام لا يجوز أكله، ويستثنى منهما ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حِلُّه بقوله: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، أَمَّا المَيْتَتَانِ: فَالحُوتُ وَالجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ: فَالكَبِدُ وَالطِّحَالُ». أخرجه أحمد وابن ماجه (¬1). - حكم الأدهان المضافة إلى الأطعمة: الأدهان والزيوت والجيلاتين المضافة إلى الأغذية والحلويات ونحوها إن كانت من نبات فهي حلال ما لم تختلط بنجاسة، وإن كانت من حيوان محرم كالخنزير والميتة فهي حرام، وإن كانت من حيوان مباح، فإن كانت ذكاته شرعية، ولم تختلط بنجاسة فهي حلال، وإلا فهي حرام. - حكم أكل الجَلَّالة: الجَلَّالة من بهيمة الأنعام أو الدجاج ونحوها هي التي أكثر علفها النجاسات، فيحرم ركوبها، وأكل لحمها، وشرب لبنها، وأكل بيضها، حتى تحبس، وتعلف الطاهر، ويغلب على الظن طهارتها. - متى يباح أكل المحرم: مَنْ اضطر إلى محرم غير السم حلَّ له منه ما يسد رمقه. قال الله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (5723)، وهذا لفظه، انظر السلسلة الصحيحة رقم (1118)، وأخرجه ابن ماجه برقم (3218).

حكم الخمر

فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)} [البقرة/ 173]. - حكم الخمر: 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن عمر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يَقْعُدَنَّ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الخَمْرُ». أخرجه أحمد والترمذي (¬2). - عقوبة شارب الخمر: 1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا، لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ». متفق عليه (¬3). 2 - عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إنَّ عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ عَهْداً لِمَنْ يَشْرَبُ المُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَالِ» قَالُوْا: يَا رَسُولَ الله: وَمَا طِينَةُ الخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ». أخرجه مسلم (¬4). - الملعونون في الخمر: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لَعَنَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي الخَمْرِ عَشْرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالمَحْمُولَةَ إلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالمُشْتَرِي لَهَا، وَالمُشْتَرَاةَ لَهُ. أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬5). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2003). (¬2) صحيح/أخرجه أحمد برقم (125)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2801). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5575)، ومسلم برقم (2003)، واللفظ له. (¬4) أخرجه مسلم برقم (2002). (¬5) حسن صحيح/أخرجه الترمذي برقم (1295)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (3380).

حكم الأكل من مال غيره

- النبيذ هو الماء يلقى فيه تمر، أو زبيب، أو نحوهما؛ ليحلو به الماء، وتذهب ملوحته، وهو مباح يجوز شربه ما لم يغل، أو تأتي عليه ثلاثة أيام. - حكم الأكل من مال غيره: إذا مر محتاج بثمر بستان في شجر، أو متساقط عنه، ولا حائط عليه، ولا ناظر فله الأكل منه مجاناً من غير حمل. ومن أخذ من غير حاجة فعليه غرامة مثليه والعقوبة. - حكم الأكل والشرب في الأواني المحرمة: يحرم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة أو المطلية بهما على الرجال والنساء على حد سواء، ولا يدخل الجنة جسد غُذِّي بالحرام، ولا يستجاب دعاؤه. - السنة إذا وقع الذباب في الإناء: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ فَإنَّ فِي إحْدَى جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الآخَرِ دَاءً». أخرجه البخاري (¬1). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (5782).

الذكاة

الذكاة - الذكاة: هي إنهار الدم من ذبيحة تحل. وتكون الذكاة بذبح أو نحر الحيوان المأكول البري بقطع الحلقوم والمريء مع الودجين أو أحدهما، أو عقر الممتنع منه كالشارد ونحوه. - كيفية الذكاة: السنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، بأن يطعنها بمحدد في لبتها، وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، وذبح البقر والغنم ونحوهما بسكين مضجعة على جانبها الأيسر، فيضجع الشاة على الأرض، ويطأ برجله على عنقها، ويرفع رأسها ويذبحها، ثم يتركها ترفس؛ ليسهل خروج الدم منها. ويحرم اتخاذ البهائم غرضاً للرمي. - ذكاة الجنين ذكاة أمه، فإن خرج حياً لم يحل أكله إلا بذبحه. - من اضطر لأكل حيوان محرم ذَبَحه كما سبق ثم أكل حاجته منه. - شروط صحة الذكاة: يشترط لصحة الذكاة ما يلي: 1 - قصد التذكية. 2 - أهلية المذكي: بأن يكون عاقلاً مسلماً أو كتابياً، رجلاً كان أو امرأة، فلا تباح ذكاة سكران، ومجنون، وكافر غير كتابي. 3 - الآلة: فتباح الذكاة بكل محدد يهريق الدم إلا السن والظفر. 4 - إنهار الدم بقطع الحلقوم والمريء، وتمام الذبح: بقطعهما مع الودجين.

أنواع الميتة

5 - أن يقول: «باسم الله» عند الذبح. 6 - ألّا يكون الصيد محرماً لحق الله كالصيد في الحرم، والصيد للمُحْرِم. - أنواع الميتة: كل ما مات بالخنق، أو بضرب الرأس، أو بالصعق الكهربائي، أو بالتغطيس في الماء الحار، أو بالغاز الخانق فهو حرام لا يجوز أكله، فإن الدم في هذه الحالات يحتقن باللحم فيضر الإنسان أكله، وأُزْهقت روحه على خلاف السنة، فهو كالميتة التي ماتت حتف نفسها. - حكم ذبائح أهل الكتاب: كل من دان بدين اليهود أو النصارى حَلَّ أكل ذبيحته، ولو كان عندهم تغيير وشرك ما داموا على دينهم. 1 - ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى حلال يجوز أكلها لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة/5]. 2 - إذا علم المسلم أن ذبائح أهل الكتاب ذبحت بغير الوجه الشرعي كالخنق، أو الصعق الكهربائي فلا يجوز أكلها، أما ذبائح الكفار من غير أهل الكتاب فلا يجوز أكلها مطلقاً. - متى يأكل المسلم ذبيحة الكتابي: إذا علم المسلم أن الكتابي ذكر اسم الله على الذبيحة جاز أكلها، وإن علم أنه لم يذكر اسم الله عليها فلا يحل له أكلها، وإن جهل الحال جاز أكلها؛ لأن الأصل حلها، ولا يجب أن يسأل أو يبحث كيف ذبحت، بل الأفضل عدم السؤال، وعدم البحث. - لا يباح شيء من الحيوان المقدور عليه بغير ذكاة إلا الجراد والسمك، وكل ما

حكم أكل الصيد

لا يعيش إلا في الماء فيؤكل بلا ذكاة. - حكم أكل الصيد: لا يجوز أكل حيوانات البر والطيور المباحة إلا بشرطين: ذكاتها .. وذِكر اسم الله عليها. - حكم ذبح الحيوان من أجل غيره: مَنْ ذبح حيواناً مأكولاً من بهيمة الأنعام أو غيرها وتصدق به عن شخص ميت ليكون ثوابه للميت فلا بأس، وإن ذبحه تعظيماً لهذا الميت وتقرباً له كان مشركاً شركاً أكبر، ولا يحل له ولا لغيره أكله. - صفة الإحسان في القتل والذبح: 1 - أن يذبح بآلة حادة ولا يذبح بآلة كالَّة فيعذب الحيوان، وألّا يذبح الحيوان وأليفه يراه فيرتاع الحيوان، وألّا يحد السكين بحضرة الحيوان، ولا يكسر عنق المذبوح أو يسلخه أو يقطع منه عضواً قبل أن تزهق روحه، وأن ينحر الإبل نحراً ويذبح غيرها من الحيوان. عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الله كَتَبَ الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوْا القِتْلَةَ، وَإذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - يستحب أن يوجه الذبيحة نحو القبلة، وأن يضيف التكبير إلى التسمية. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1955).

حكم التسمية على الذبيحة والصيد

فيقول: «بِاسْمِ الله وَالله أَكْبَرُ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - حكم التسمية على الذبيحة والصيد: يجب على المسلم عند الذكاة، أو الصيد أن يقول: (باسم الله). والتسمية شرط لحل الحيوان، ولا تسقط التسمية لا سهواً، ولا جهلاً. وإذا فُقدت التسمية لم تحل الذبيحة؛ لأن التسمية من الشروط الثبوتية كالوضوء للصلاة، فلا تسقط بالجهل أو النسيان، فمن ترك التسمية ناسياً أو جاهلاً لا يأثم، لكن لا يجوز أكل ذبيحته؛ لأنه لم يذكر اسم الله عليها فتحرم، كما أن من صلى بغير وضوء أعاد الصلاة، فلا يلزم من رفع الإثم صحة العمل. ومن ترك التسمية عمداً فهو آثم، ولا تحل ذبيحته. قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} [الأنعام/121]. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2810)، وأخرجه الترمذي برقم (1521).

الصيد

الصيد - الصيد: هو اقتناص حيوان حلال متوحش طبعاً، غير مملوك، ولا مقدور عليه، بآلة معتبرة، قاصداً له. - حكم الصيد: الصيد الأصل فيه الإباحة إلا في الحرم فيحرم، ويحرم صيد البر على المحرم. قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)} [المائدة/96]. - حالات الصيد: الصيد بعد إصابته وإمساكه له حالتان: الأولى: أن يدركه حياً حياة مستقرة فهذا لا بد من ذكاته الذكاة الشرعية. الثانية: أن يدركه مقتولاً بالاصطياد أو حياً حياة غير مستقرة، فهذا يحل بشروط الصيد. - شروط الصيد الحلال: يشترط في الصيد الحلال ما يلي: 1 - أن يكون الصائد من أهل الذكاة مسلماً أو كتابياً، بالغاً أو مميزاً. 2 - الآلة، وهي نوعان: 1 - محدد يُسيل الدم غير السن والظفر. 2 - الجارحة من الكلاب أو الطيور فيباح ما قتلته إن كانت مُعَلَّمة كالكلب والصقر.

ذكاة المعجوز عنه

3 - أن يرسل الجارحة من كلب أو صقر قاصداً الصيد. 4 - التسمية عند الرمي أو إرسال الجارحة. 5 - أن يكون الصيد مأذوناً في صيده شرعاً، فصيد المحْرِم وصيد الحرم لا يحل بالاصطياد. - ذكاة المعجوز عنه: ذكاة ما عجز عنه من الصيد أو الحيوان بجرحه في أي موضع كان من بدنه، وقتل الحيوان بغير حق ولا انتفاع حرام. - حكم اقتناء الكلاب: يحرم اقتناء الكلب؛ لما يسببه من ترويع الناس، وامتناع دخول الملائكة، ولما فيه من النجاسة والقذارة، ونقص أجر مقتنيه كل يوم قيراطين إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع فيجوز للحاجة والمصلحة. - إذا صاد كلب الصيد، أو أمسك بفيه، فلا يلزم غسل الصيد سبع مرات؛ لأن صيد الكلب مبني على التيسير. - إذا رمى بالمعراض كعصاً ونحوه فإن خزق الصيد جاز أكله، وإن أصابه بعرضه فمات فهو وقيذ لا يجوز أكله. - حكم العبث بالصيد: صيد الصيد لهواً وعبثاً كأن يصيده ويتركه لا يستفيد هو منه ولا غيره حرام؛ لما فيه من إضاعة المال، وإزهاق الأرواح من غير حاجة.

حكم تسلي الأطفال بالطيور

- الدم المسفوح الذي ينزف من الطيور أو الحيوانات عند صيدها أو ذبحها قبل أن تزهق روحها نجس، فيحرم الانتفاع به. - ما صيد بآلة مسروقة أو مغصوبة حلال لكن الصائد آثم. - لا يجوز أكل صيد أو ذبيحة تارك الصلاة مطلقاً؛ لأنه كافر. - تحرم الإشارة بالسلاح نحو آدمي معصوم من جاد ومازح. - حكم تسلي الأطفال بالطيور: صيد الصيد أو أخذه من أجل أن يتسلى به الصغار جائز، لكن يجب مراقبة الصبي حتى لا يؤذي هذا الصيد، أو يهمله ولا يطعمه.

الباب السادس كتاب الفرائض

الباب السادس كتاب الفرائض ويشتمل على ما يلي: 1 - أحكام الإرث 2 - أصحاب الفروض 3 - العصبة 4 - الحجب 5 - تأصيل المسائل 6 - قسمة التركة 7 - العول 8 - الرد 9 - ميراث ذوي الأرحام 10 - ميراث الحمل 11 - ميراث الخنثى المشكل 12 - ميراث المفقود 13 - ميراث الغرقى والهدمى ونحوهم 14 - ميراث القاتل 15 - ميراث أهل الملل 16 - ميراث المرأة

1 - أحكام الإرث

كتاب الفرائض 1 - أحكام الإرث - أهمية علم الفرائض: علم الفرائض من أَجَلِّ العلوم خطراً، وأرفعها قدراً، وأعظمها أجراً، ولأهميته فقد تولى الله سبحانه تقدير الفرائض بنفسه، فبيَّن ما لكل وارث من الميراث، وفصَّلها غالباً في آيات معلومة، إذ الأموال وقسمتها محط أطماع الناس، والميراث غالباً بين رجال ونساء، وكبار وصغار، وضعفاء وأقوياء، ولئلا يكون فيها مجال للآراء والأهواء. لذا تولى الله عز وجل قسمتها بنفسه، وفصلها في كتابه، وسوَّاها بين الورثة على مقتضى العدل والمصلحة التي يعلمها سبحانه. - أحوال الإنسان: للإنسان حالتان: حالة حياة، وحالة موت، وفي علم الفرائض معظم الأحكام المتعلقة بالموت، فالفرائض نصف العلم، والناس كلهم محتاجون إليه. - كان أهل الجاهلية يورثون الكبار دون الصغار، والرجال دون النساء، والجاهلية المعاصرة أعطت المرأة ما لا تستحقه من المناصب والأعمال والأموال فزاد الشر، وانتشر الفساد. أما الإسلام فقد أنصف المرأة وأكرمها وأعطاها حقها اللائق بها كغيرها، وأعطى كل ذي حق حقه بالعدل. - علم الفرائض: هو علم يُعرف به مَنْ يرث ومَنْ لايرث، ومقدار ما لكل وارث. - موضوعه: التركات، وهي ما يتركه الميت من الأموال والأشياء.

أركان الإرث

- ثمرته: إيصال الحقوق إلى مستحقيها من الورثة. - الفريضة: هي النصيب المقدر شرعاً لكل وارث كالثلث والربع ونحوهما. - الحقوق المتعلقة بالتركة: الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة، تنفذ مرتبة إن وجدت كما يلي: 1 - تُخرج من التركة مؤنة تجهيز الميت من كفن ونحوه. 2 - ثم الحقوق المتعلقة بعين التركة كدين برهن ونحوه. 3 - ثم الديون المطلقة، سواء كانت للهِ تعالى كالزكاة والكفارة ونحوهما، أو كانت لآدمي كالقرض وأجرة الدار ونحوهما. 4 - ثم الوصية. 5 - ثم الإرث، فيوزع ما بقي على الورثة بحسب إرثهم، وهو المقصود هنا. - أركان الإرث: أركان الإرث ثلاثة: 1 - المورِّث، وهو الميت. 2 - الوارث، وهو الحي بعد موت المورِّث. 3 - الحق الموروث، وهو التركة. - أسباب الإرث: أسباب الإرث ثلاثة: 1 - النكاح بعقد الزوجية الصحيح، فيرث به الزوج زوجته، والزوجة من زوجها بمجرد العقد. 2 - النسب، وهو القرابة من الأصول كالوالدين، والفروع كالأولاد، والحواشي كالإخوة، والعمومة، وبنوهم. 3 - الولاء، وهو عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق، فيرثه إن لم يكن له

شروط الإرث

وارث من عصبة النسب أو أصحاب الفروض. - شروط الإرث: يشترط للإرث من الميت ثلاثة شروط: 1 - التحقق من موت الميت. 2 - التحقق من حياة الوارث حين موت المورث. 3 - العلم بالسبب الموجب للإرث من نسب أو نكاح أو ولاء. - موانع الإرث: موانع الإرث ثلاثة: 1 - الرق: فلا يرث الرقيق ولا يورث؛ لأنه مملوك لسيده. 2 - القتل بغير حق: فلا يرث القاتلُ المقتولَ، عمداً كان القتل أو خطأً. 3 - اختلاف الدِّين: فلا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ. عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، وَلا الكَافِرُ المُسْلِمَ». متفق عليه (¬1). - حكم إرث المطلقة: 1 - الزوجة المطلقة طلاقاً رجعياً يثبت التوارث بينها وبين زوجها ما دامت في العدة. 2 - الزوجة إذا طلقها زوجها طلاقاً بائناً، فإن كان في حال الصحة فلا توارث، وإن كان في حال المرض المخوف، ولم يُتَّهم بقصد حرمانها، فإنها لا ترث كذلك، فإن اتُّهم بقصد حرمانها ورثته. - أقسام الإرث: ينقسم الإرث إلى قسمين: ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6764)، ومسلم برقم (1614).

الفروض الواردة في القرآن ستة

1 - إرث بالفرض: وهو أن يكون للوارث نصيب مقدر كالنصف والربع مثلا. 2 - إرث بالتعصيب: وهو أن يكون للوارث نصيب غير مقدر. - الفروض الواردة في القرآن ستة: النصف .. والربع .. والثمن .. والثلثان .. والثلث .. والسدس. أما ثلث الباقي فثابت بالاجتهاد. - أقسام الورثة: الورثة ثلاثة أقسام: 1 - أهل الفروض: وهم كل من له نصيب مقدر شرعاً. 2 - العصبة: وهم كل من يرث بلا تقدير، له ما أبقت الفروض، وإذا انفرد أخذ كل المال، وإذا استغرقت الفروض التركة سقط. 3 - ذوو الأرحام: وهم من يرث بغير فرض ولا تعصيب، ويرث إذا لم يوجد عاصب، أو ذو فرض غير الزوجين. - الوارثون من الرجال: الوارثون من الرجال على سبيل التفصيل خمسة عشر، وهم: الابن وابنه وإن سفل بمحض الذكور، والأب والجد وإن علا بمحض الذكور، والأخ الشقيق، والأخ لأب، والأخ لأم، وابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب وإن نزلا بمحض الذكور، والزوج، والعم الشقيق وإن علا، والعم لأب وإن علا، وابن العم الشقيق وابن العم لأب وإن نزلا بمحض الذكور، والمعتق وعصبته.

الوارثات من النساء

كل ما عدا هؤلاء من الذكور فمن ذوي الأرحام كالأخوال، وابن الأخ لأم، والعم لأم، وابن العم لأم ونحوهم. - الوارثات من النساء: الوارثات من النساء على سبيل التفصيل إحدى عشرة، وهن: البنت، وبنت الابن وإن سفل أبوها بمحض الذكور، والأم، والجدة من قِبَل الأم وإن علت بمحض الإناث، والجدة التي هي أم الأب وإن علت بمحض الإناث، والجدة التي هي أم أب الأب، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والزوجة، والمعتقة. كل ما عدا هؤلاء من الإناث فمن ذوي الأرحام كالعمات والخالات ونحوهن. 1 - قال الله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)} [النساء/7]. 2 - وقال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)} [النساء/11].

2 - أصحاب الفروض

أنواع الورثة 2 - أصحاب الفروض - الإرث نوعان: فرض وتعصيب. والورثة ينقسمون من حيث الإرث بهما إلى أربعة أقسام: 1 - مَنْ يرث بالفرض فقط وهم سبعة: الأم، الأخ لأم، الأخت لأم، الجدة من جهة الأم، الجدة من جهة الأب، الزوج، الزوجة. 2 - مَنْ يرث بالتعصيب فقط، وهم اثنا عشر: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب وإن نزلا، والعم الشقيق والعم لأب وإن عليا، وابن العم الشقيق وابن العم لأب وإن نزلا، والمعتق، والمعتقة، فهم جميع العصبة بالنفس ما عدا الأب والجد. 3 - مَنْ يرث بالفرض تارة، وبالتعصيب تارة، ويجمع بينهما تارة، وهم اثنان: الأب والجد، فيرث الواحد منهما السدس مع الفرع الوارث فرضاً، ويرث بالتعصيب وحده إذا لم يكن معه فرع وارث، ويرث بالفرض والتعصيب مع الأنثى من الفرع الوارث إذا بقي بعد الفرض أكثر من السدس كما لو مات أحد عن (بنت وأم وأب) فالمسألة من ستة: للبنت النصف، وللأم السدس، والباقي اثنان للأب فرضاً وتعصيباً. 4 - مَنْ يرث بالفرض تارة، وبالتعصيب تارة، ولا يَجمع بينهما أبداً، وهم أربعة: البنت فأكثر، وبنت الابن فأكثر وإن نزل أبوها، والأخت الشقيقة فأكثر، والأخت لأب فأكثر، فيرثن بالفرض مع عدم المعصب لهن وهو أخوهن، ويرثن بالتعصيب إذا كان هناك معصب كالابن مع البنت، والأخ مع الأخت، والأخوات مع البنات عصبات.

1 - ميراث الزوج

- عدد أصحاب الفروض: أصحاب الفروض أحد عشر، وهم: الزوج، والزوجة فأكثر، والأم، والأب، والجد، والجدة فأكثر، والبنات، وبنات الابن، والأخوات الشقائق، والأخوات لأب، والإخوة لأم ذكوراً أو إناثاً. وإرث أهل الفروض كما يلي: 1 - ميراث الزوج - حالات ميراث الزوج: 1 - يرث الزوج من زوجته النصف إن لم يكن لها فرع وارث، والفرع الوارث هم: «الأولاد بنون أو بنات، وأولاد الأبناء وإن نزلوا» أما أولاد البنات فهم فروع غير وارثين. 2 - يرث الزوج من زوجته الربع إذا كان لزوجته فرع وارث سواء كان منه أو من غيره. قال الله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... } [النساء/12]. - الأمثلة: 1 - توفيت امرأة عن زوج وأم وأخ شقيق، المسألة من ستة، للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخ الشقيق الباقي تعصيباً. 2 - توفيت امرأة عن زوج وابن، المسألة من أربعة، للزوج الربع، والباقي للإبن.

2 - ميراث الزوجة

2 - ميراث الزوجة - حالات ميراث الزوجة: 1 - ترث الزوجة من زوجها الربع إن لم يكن له فرع وارث. 2 - ترث الزوجة من زوجها الثمن إن كان له فرع وارث منها أو من غيرها. - تشترك الزوجات في الربع أو الثمن إنْ كن أكثر من واحدة. قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء/12]. - من له زوجتان، إحداهما مسلمة، والأخرى كتابية، ثم مات عنهما، فالميراث للمسلمة، ولا شيء للكتابية؛ لاختلاف الدِّين. - الأمثلة: 1 - توفي شخص عن زوجة وأم وعم شقيق، المسألة من اثني عشر، للزوجة الربع، وللأم الثلث، والباقي للعم تعصيباً. 2 - توفي شخص عن زوجة وابن، المسألة من ثمانية، للزوجة الثمن، والباقي للابن. 3 - توفي شخص عن ثلاث زوجات وبنت وابن، المسألة من ثمانية، للزوجات الثلاث الثمن، والباقي للابن والبنت، {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ... [النساء/11]. 3 - ميراث الأم - حالات ميراث الأم: 1 - ترث الأم الثلث بثلاثة شروط: عدم الفرع الوارث، عدم الجمع من الإخوة والأخوات، ألا تكون المسألة إحدى العمريتين.

4 - ميراث الأب

2 - ترث الأم السدس: إذا كان للميت فرع وارث، أو كان له جمع من الإخوة أو الأخوات. 3 - ترث الأم ثلث الباقي في العمريتين، وتسمى الغراوين، وهما: 1 - زوجة وأم وأب: المسألة من أربعة: للزوجة الربع واحد، وللأم ثلث الباقي واحد، والباقي اثنان للأب. 2 - زوج وأم وأب: المسألة من ستة: للزوج النصف ثلاثة، وللأم ثلث الباقي واحد، والباقي اثنان للأب. - أعطيت الأم ثلث الباقي؛ لئلا تزيد على نصيب الأب وهما في درجة واحدة من الميت، وليكون للذكر مثل حظ الأُنثيين. قال الله تعالى: { ... وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... } [النساء/11]. - الأمثلة: 1 - توفي شخص عن أم وعم، للأم الثلث، وللعم الباقي بالتعصيب. 2 - توفي شخص عن أم وابن، المسألة من ستة، للأم السدس، وللابن الباقي بالتعصيب. 4 - ميراث الأب - حالات ميراث الأب: 1 - يرث الأب السدس فرضاً بشرط وجود الفرع الوارث من الذكور كالابن أو ابن الابن وإن نزل. 2 - يرث الأب بالتعصيب إذا لم يكن للميت فرع وارث.

5 - ميراث الجد

3 - يرث الأب بالفرض والتعصيب معاً مع وجود الفرع الوارث من الإناث كالبنت أو بنت الابن، فله السدس فرضاً، والباقي تعصيباً كما سبق. - الإخوة الأشقاء أو لأب أو لأم جميعهم يسقطون بالأب والجد. - الأمثلة: 1 - توفي شخص عن أب وابن، للاب السدس، والباقي للابن. 2 - توفي شخص عن أم وأب، للأم الثلث، والباقي للأب. 3 - توفي شخص عن أب وبنت، للبنت النصف، وللأب السدس فرضاً والباقي تعصيباً. 4 - توفي شخص عن أب وأخ شقيق أو لأب أو لأم، المال كله للأب، ويسقط الأخ بالأب. 5 - ميراث الجد - الجد الوارث: هو مَنْ ليس بينه وبين الميت أنثى كأب الأب، فلا يرث أب الأم، لأن بينه وبين الميت أنثى. وميراث الجد كميراث الأب إلا في العمريتين، فإن للأم فيهما مع الجد ثلث جميع المال، ومع الأب ثلث الباقي بعد فرض الزوجية كما سبق. - حالات ميراث الجد: 1 - يرث الجد السدس فرضاً بشرطين: وجود الفرع الوارث الذكر، عدم الأب. 2 - يرث الجد بالتعصيب إذا لم يكن للميت فرع وارث، عدم الأب. 3 - يرث الجد بالفرض والتعصيب معاً مع وجود الفرع الوارث من الإناث كالبنت وبنت الابن. - الأمثلة: 1 - توفي شخص عن جد وابن، المسألة من ستة، للجد السدس، والباقي للابن.

6 - ميراث الجدة

2 - توفي شخص عن أم وجد، المسألة من ثلاثة، للأم الثلث، والباقي للجد. 3 - توفي شخص عن جد وبنت، المسألة من ستة، للبنت النصف فرضاً، وللجد السدس فرضاً، والباقي تعصيباً. 6 - ميراث الجدة - الجدة الوارثة: هي أم الأم، وأم الأب، وأم الجد وإن علون بمحض الإناث، اثنتان من قِبَل الأب، وواحدة من قِبَل الأم. - لا إرث للجدات مطلقاً مع وجود الأم، كما لا إرث للجد مطلقاً مع وجود الأب. - ميراث الجدة فأكثر السدس مطلقاً بشرط عدم الأم. - الأمثلة: 1 - توفي شخص عن جدة وابن، المسألة من ستة، للجدة السدس، وللابن الباقي تعصيباً. 2 - توفي شخص عن جدة وأم وابن، المسألة من ستة، للأم السدس، والباقي للابن، وتسقط الجدة لوجود الأم. 7 - ميراث البنت - حالات ميراث البنت: 1 - ترث البنت فأكثر بالتعصيب إذا كان معها أو معهن أخوهن، {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء/11]. 2 - ترث البنت النصف بشرط عدم المعصب لها وهو أخوها، وعدم المشاركة لها وهي أختها. 3 - ترث البنتان فأكثر الثلثين بشرط أن يَكنَّ اثنتين فأكثر، عدم المعصب لهن وهو أخوهن.

8 - ميراث بنت الابن

قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ... } [النساء/ 11]. - الأمثلة: 1 - توفي شخص عن جدة وبنت وابن، المسألة من ستة، للجدة السدس، والباقي للابن والبنت، {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء:11]. 2 - توفي شخص عن بنت وعم، المسألة من اثنين، للبنت النصف، والباقي للعم تعصيباً. 3 - توفي شخص عن أم وبنتين وجد، المسألة من ستة، للأم السدس، وللجد السدس، وللبنتين الثلثان. 8 - ميراث بنت الابن - حالات ميراث بنت الابن: 1 - ترث بنت الابن فأكثر بالتعصيب إذا كان معها أخ لها في درجتها وهو ابن الابن، مع عدم الفرع الوارث الذكر الأعلى منها كالابن. 2 - ترث بنت الابن النصف بشرط عدم المعصب لها وهو أخوها، وعدم المشاركة لها وهي أختها، عدم الفرع الوارث الأعلى منها كالابن، والبنت. 3 - ترث بنتا الابن فأكثر الثلثين بشرط أن يكن اثنتين فأكثر، عدم المعصب لهن وهو أخوهن، عدم الفرع الوارث الأعلى منهن. 4 - ترث بنت الابن فأكثر السدس بشرط عدم المعصب لهن وهو أخوهن، عدم الفرع الوارث الأعلى منهن إلا البنت صاحبة النصف، فإنها لا ترث السدس إلا معها، وكذا حكم بنت ابن ابن مع بنت ابن وهكذا.

9 - ميراث الأخت الشقيقة

- الأمثلة: 1 - توفي شخص عن بنت، وبنت ابن، وابن ابن، المسألة من اثنين، للبنت النصف، والباقي لبنت الابن، وابن الابن تعصيباً. 2 - توفي شخص عن بنت ابن وعم، المسألة من اثنين، لبنت الابن النصف، وللعم الباقي تعصيباً. 3 - توفي شخص عن بنتي ابن، وأخ شقيق، المسألة من ثلاثة، للبنتين الثلثان، والباقي للأخ الشقيق. 4 - توفي شخص عن بنت، وبنت ابن، وأخ لأب، المسألة من ستة، للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، والباقي للأخ لأب. 9 - ميراث الأخت الشقيقة - حالات ميراث الأخت الشقيقة: 1 - ترث الأخت الشقيقة النصف بشرط عدم المشاركة لها وهي أختها، وعدم المعصب لها وهو أخوها، وعدم الأصل الوارث وهو الأب أو الجد، عدم الفرع الوارث. 2 - ترث الأخوات الشقيقات الثلثين بشرط أن يكن اثنتين فأكثر، عدم الفرع الوارث، عدم الأصل الوارث من الذكور، عدم المعصب لهن وهو أخوهن. 3 - ترث الأخت الشقيقة فأكثر بالتعصيب إذا كان معها أو معهن المعصب لهن وهو أخوهن للذكر مثل حظ الأنثيين، أو كن مع الفرع الوارث من الإناث كالبنات. قال الله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ... } [النساء/176].

10 - ميراث الأخت لأب

- الأمثلة: 1 - توفي شخص عن أم وأخت شقيقة وأخوين لأم، المسألة من ستة، للأم السدس، وللأخت الشقيقة النصف، وللأخوين لأم الثلث. 2 - توفي شخص عن زوجة وأختين شقيقتين وابن أخ لأب، المسألة من اثني عشر، للزوجة الربع، وللأختين الثلثان، والباقي لابن الأخ الأب. 3 - توفي شخص عن زوجة وأخت شقيقة وأخ شقيق، المسألة من أربعة، للزوجة الربع، والباقي للأخ والأخت، {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء/11]. 4 - توفي شخص عن زوجة وبنت وأخت شقيقة، المسألة من ثمانية، للزوجة الثمن، وللبنت النصف، والباقي للأخت. 10 - ميراث الأخت لأب - حالات ميراث الأخت لأب: 1 - ترث الأخت لأب النصف بشرط عدم المشاركة لها وهي أختها، عدم المعصب لها وهو أخوها، عدم الأصل الوارث من الذكور، عدم الفرع الوارث، عدم الإخوة الأشقاء والشقائق. 2 - ترث الأخوات لأب الثلثين بشرط أن يكن اثنتين فأكثر، عدم المعصب لهن وهو أخوها، عدم الأصل الوارث من الذكور، عدم الفرع الوارث، عدم الأشقاء والشقائق. 3 - ترث الأخت لأب فأكثر السدس بشرط أن تكون مع أخت واحدة شقيقة وارثة بالفرض، عدم المعصب لها، عدم الفرع الوارث، عدم الأصل الوارث من الذكور، عدم الأخ الشقيق فأكثر. 4 - ترث الأخت لأب فأكثر بالتعصيب إذا كان معها أو معهن المعصب لهن وهو أخوهن فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين، أو كن مع الفرع الوارث من الإناث كالبنات.

11 - ميراث الإخوة لأم

- الأمثلة: 1 - توفي شخص عن أم وأخت لأب وأخوين لأم، المسألة من ستة، للأم السدس، وللأخت لأب النصف، وللأخوين لأم الثلث. 2 - توفي شخص عن زوجة وأختين لأب وابن أخ لأب، المسألة من اثني عشر، للزوجة الربع، وللأختين لأب الثلثان، والباقي لابن الأخ لأب. 3 - توفي شخص عن أم وأخت لأم وأخت شقيقة وأختين لأب، المسألة من ستة للأم السدس، وللأخت لأم السدس، وللأختين لأب السدس، وللأخت الشقيقة النصف. 4 - توفي شخص عن أم وأختين لأب وأخ لأب، المسألة من ستة، للأم السدس، والباقي للأخوات وأخيهن {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء/11]. 5 - توفيت امرأة عن زوج وبنت وأخت لأب، المسألة من أربعة، للزوج الربع، وللبنت النصف، والباقي للأخت. 11 - ميراث الإخوة لأم - الإخوة لأم لا يفضل ذكرهم على أنثاهم، وذكرهم لا يعصب أنثاهم، فيرثون بالسوية، وذكرهم يدلي بالأنثى فيرث، ويحجبون من أدلوا به وهي الأم حجب نقصان. - حالات ميراث الإخوة لأم: 1 - يرث الأخ لأم ذكراً كان أو أنثى السدس بشرط عدم الفرع الوارث، عدم الأصل الوارث من الذكور، أن يكون منفرداً. 2 - يرث الإخوة لأم ذكوراً كانوا أم إناثاً الثلث بشرط أن يكونوا اثنين فصاعداً، عدم الفرع الوارث، عدم الأصل الوارث من الذكور. قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ

وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} [النساء/12]. - الأمثلة: 1 - توفي شخص عن زوجة وأخ لأم وابن عم شقيق، المسألة من اثني عشر، للزوجة الربع، وللأخ لأم السدس، والباقي لابن العم الشقيق. 2 - توفيت امرأة عن زوج وأخوين لأم وعم شقيق، المسألة من ستة، للزوج النصف، وللأخوين لأم الثلث، وللعم الباقي. 3 - توفي شخص عن أم وأب وأخوين لأم، المسألة من ستة، للأب السدس، والباقي للأب، ويسقط الإخوة لأم لوجود الأب.

مسائل أهل الفروض - مسائل الفرائض بالنسبة لما فيها من الفروض على ثلاثة أقسام: 1 - ما كانت السهام فيها مساوية لأصل المسألة وتسمى بالعادلة. مثالها: زوج وأخت، المسألة من اثنين، للزوج النصف واحد، وللأخت النصف واحد. 2 - ما كانت السهام فيها أقل من أصل المسألة وتسمى بالناقصة، فيرد الباقي على أصحاب الفروض ما عدا الزوجين. فإذا لم تستغرق الفروض التركة، ولم يكن عاصب، فهم أحق به يأخذونه حسب فروضهم. مثالها: زوجة وبنت، المسألة من ثمانية، للزوجة الثمن: واحد، وللبنت سبعة فرضاً ورداً. 3 - ما كانت السهام فيها زائدة عن أصل المسألة وتسمى بالعائلة. مثالها: زوج وأختين لغير أم، فإن أُعطي الزوج النصف، لم يبق للأختين حقهما وهو الثلثان. فأصل المسألة من ستة وتعول إلى سبعة، للزوج النصف ثلاثة، وللأختين الثلثان أربعة، فيدخل النقص على الجميع حسب فروضهم.

3 - العصبة

3 - العصبة - العصبة هم مَنْ يرث بلا تقدير. - العصبة قسمان: عصبة بالنسب .. وعصبة بالسبب. 1 - ينقسم العصبة بالنسب إلى ثلاثة أقسام: 1 - العصبة بالنفس: وهم كل وارث من الذكور إلا (الزوج، والأخ لأم) وهم: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد وإن علا، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق وإن نزل، وابن الأخ لأب وإن نزل، والعم الشقيق، والعم لأب، وابن العم الشقيق وإن نزل، وابن العم لأب وإن نزل، والمعتق. - مَنْ انفرد من هؤلاء أخذ جميع المال، وإذا اجتمع مع أصحاب الفروض أخذ ما أبقت الفروض، وإن استغرقت الفروض التركة سقط. - جهات التعصيب بعضها أقرب من بعض وهي خمس على الترتيب: البنوة، ثم الأبوة، ثم الإخوة وبنوهم، ثم الأعمام وبنوهم، ثم الولاء. - إذا اجتمع عاصبان فأكثر فلهم حالات: الحالة الأولى: أن يتحدا في الجهة والدرجة والقوة كابنين، أو أخوين، أو عمين، ففي هذه الحالة يشتركان في المال بالسوية. الحالة الثانية: أن يتحدا في الجهة والدرجة ويختلفا في القوة كما لو اجتمع عم

2 - العصبة بالغير

شقيق وعم لأب فيقدم بالقوة فيرث العم الشقيق دون العم لأب. الحالة الثالثة: أن يتحدا في الجهة ويختلفا في الدرجة كما لو اجتمع ابن، وابن ابن، فيقدم بقرب الدرجة فيكون المال للابن. الحالة الرابعة: أن يختلفا في الجهة فيقدم في الميراث الأقرب جهة وإن كان بعيداً في الدرجة على الأبعد جهة وإن كان قريباً في الدرجة، فابن الابن مقدم على الأب، ويقدم ابن الأخ لأب على العم الشقيق. - أربعة من الذكور يعصبون أخواتهم، ويمنعونهن من الإرث بالفرض، وللذكر معهن مثل حظ الأنثيين وهم: الابن .. وابن الابن وإن نزل .. والأخ الشقيق .. والأخ لأب. وسائر العصبات ينفرد الذكور بالميراث دون الإناث وهم: بنو الإخوة، والأعمام وبنوهم. 2 - العصبة بالغير: وهن أربع: البنت فأكثر بالابن فأكثر، بنت الابن فأكثر بابن الابن فأكثر، الأخت الشقيقة فأكثر بالأخ الشقيق فأكثر، الأخت لأب فأكثر بالأخ لأب فأكثر، فيرثون للذكر مثل حظ الأنثيين، ولهم ما أبقت الفروض، وإن استغرقت الفروض التركة سقطوا. 1 - قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء/11].

3 - العصبة مع الغير

2 - وقال الله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)} [النساء/176]. 3 - العصبة مع الغير: وهم صنفان: الأخت الشقيقة فأكثر مع البنت فأكثر أو بنت الابن فأكثر أو هما معاً، والأخت لأب فأكثر مع البنت فأكثر أو بنت الابن فأكثر أو هما معاً، فالأخوات دائماً مع البنات أو بنات الابن وإن نزلن عصبات، فلهن ما أبقت الفروض، وإن استغرقت الفروض التركة سقطن. - حيث صارت الأخت الشقيقة عصبة مع الغير، صارت كالأخ الشقيق تحجب إخوة لأب ذكوراً كانوا أم إناثاً، ومن بعدهم من العصبات. وحيث صارت الأخت لأب عصبة مع الغير، صارت كالأخ لأب، تحجب بني إخوة، ومن بعدهم من العصبات. 2 - العصبة بالسبب: وهم المعتق ذكراً كان أو أنثى وعصبته المتعصبون بأنفسهم. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6732)، ومسلم برقم (1615).

قواعد في المواريث 1 - الأصول: كل قريب يحجب من فوقه إذا كان من جنسه، فالأب يُسقط الجد، والأم تُسقط الجدة، والأم لا تُسقط الجد، والأب لا يُسقط الجدة؛ لأنه ليس من جنسها. 2 - الفروع: كل ذكر يحجب من تحته، سواء كان من جنسه أو من غير جنسه، فالابن يحجب ابن الابن، ويحجب بنت الابن. أما الأنثى فلا تحجب من تحتها، فترث بنت الابن مع البنت. 3 - الحواشي: يحجبهم كل ذكر من الأصول أو الفروع. فالأب يحجب الأخ والأخت، والابن يحجب الأخ والأخت. وكل قريب من الحواشي يحجب البعيد مطلقاً، فالأخ يحجب ابن الأخ وهكذا، وإناث الحواشي لايرث منهن إلا الأخوات فقط. 4 - الضابط في ميراث الفروع: ألا يدلي أحد بأنثى، سواء كان ذكراً أو أنثى، فابن الابن وبنت الابن يرثان، وابن بنت وبنت بنت لا يرثان؛ لأنهم أدلوا بأنثى. 5 - كل من أدلى بوارث من الأصول فهو يرث كأمهات الجد. 6 - الجد مسقط للإخوة كلهم، الأشقاء، أو لأب، أو لأم، الذكور والإناث، كالأب تماماً. 7 - الجدات ميراثهن السدس فقط، مع الفرع الوارث، أو عدم الفرع الوارث، ومع الأخوة، وعدم الإخوة، ومع العاصب، وعدم العاصب. 8 - كل جدة أدلت بوارث فهي وارثة كأم الأب، وأم الأم.

9 - لا يختلف الميراث بين الواحد والمتعدد في ميراث الزوجات والجدات، فتشترك الزوجات في الربع أو الثمن، وتشترك الجدات في السدس. 10 - أربع لا يزيد الفرض بزيادتهن: الزوجات، والجدات، وبنات الابن مع البنت، والأخوات لأب مع الأخت الشقيقة. 11 - إذا اجتمع ذكر وأنثى في درجة واحدة، فإن للذكر مثل حظ الأنثيين كابن وبنت، أو أب وأم في العمريتين (زوج وأم وأب) من (6) (زوجة وأم وأب) من (4) للأم ثلث الباقي في المسألتين. 12 - ليس في الفرائض ما يتساوى فيه الذكر والأنثى إلا الإخوة لأم، فَذَكَرهم وأنثاهم في الميراث سواء. 13 - الأخوات مع البنات دائماً عصبات.

4 - الحجب

4 - الحجب - الحجب: هو منع من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية أو من أوفر حَظَّيه. - الحجب من أهم أبواب الفرائض وأعظمها، ومَنْ يجهله قد يمنع الحق أهله، أو يعطيه مَنْ لا يستحقه، وفي كليهما الإثم والظلم. - جهات العصبة: الابن وإن سفل .. والأخ الشقيق .. والأخ لأب .. وابن الأخ الشقيق .. وابن الأخ لأب .. والعم الشقيق .. والعم لأب .. وابن العم الشقيق .. وابن العم لأب. هؤلاء هم عصبة الإنسان الذين إذا انفرد أحدهم أخذ المال كله، ولهم مع الغير ما أبقت الفروض، فلو مات إنسان ولم يترك إلا ابن أخ شقيق فله المال كله. - أحوال الورثة: الورثة إذا اجتمعوا فلهم ثلاثة أحوال: 1 - إذا اجتمع كل الذكور ورث منهم ثلاثة فقط: الأب، والابن، والزوج. ومسألتهم من اثني عشر: للأب السدس اثنان، وللزوج الربع ثلاثة، والباقي سبعة للابن تعصيباً. 2 - إذا اجتمع كل النساء ورث منهن خمس فقط: البنت، وبنت الابن، والأم، والزوجة، والأخت الشقيقة، ويسقط الباقي. ومسألتهن من أربعة وعشرين: للزوجة الثمن ثلاثة، وللأم السدس أربعة، وللبنت النصف اثنا عشر، ولبنت الابن السدس أربعة، والباقي واحد للأخت الشقيقة تعصيباً. 3 - إذا اجتمع كل الذكور والإناث ورث منهم خمسة فقط: الأم، والأب، والابن، والبنت، وأحد الزوجين.

1 - فإن كان معهم الزوجة فالمسألة من أربعة وعشرين: للأب السدس أربعة، وللأم السدس أربعة، وللزوجة الثمن ثلاثة، والباقي للابن والبنت تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين. 2 - وإن كان معهم الزوج فالمسألة من اثني عشر: للأب السدس اثنان، وللأم السدس اثنان، وللزوج الربع ثلاثة، والباقي للابن والبنت تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين. - الأصول والفروع والحواشي: الأقارب: أصول .. وفروع .. وحواشي. فالأصول: من تفرعتَ منهم من آباء وأمهات. والفروع: من تفرعوا منك من بنين وبنات. والحواشي: من تفرعوا من أصولك، فيدخل فيهم الإخوة، والأعمام، والأخوال. وذوو الأرحام من الأصول: كل ذكر بينه وبين الميت أنثى كأب الأم. وذوو الأرحام من الفروع: كل ذكر بينه وبين الميت أنثى كابن البنت، وبنت البنت.

أقسام الحجب

أقسام الحجب - ينقسم الحجب إلى قسمين: 1 - الحجب بالوصف: وهو أن يتصف الوارث بمانع من موانع الإرث، وهو الرق، أو القتل، أو اختلاف الدين، وهو يدخل على جميع الورثة، فمن اتصف بأحد هذه الأوصاف لم يرث، ووجوده كعدمه. 2 - الحجب بالشخص: -وهو المراد هنا- وهو أن يكون بعض الورثة محجوباً بشخص آخر. وهذا القسم ينقسم إلى قسمين: حجب نقصان، وحجب حرمان، وبيانها كما يلي: 1 - حجب النقصان: وهو منع الشخص الوارث أوفر حَظَّيه، بأن ينقص ميراث المحجوب بسبب الحاجب، وهو يأتي على جميع الورثة. وينقسم حجب النقصان إلى قسمين: الأول: حجب نقصان سببه الانتقال، وهو أربعة أنواع: 1 - أن ينتقل المحجوب من فرض إلى فرض أقل منه، وهم خمسة: الزوجان، الأم، بنت الابن، الأخت لأب، كانتقال الزوج من النصف إلى الربع مثلا. 2 - أن ينتقل من تعصيب إلى فرض أقل منه، وهذا في حق الأب والجد فقط. 3 - أن ينتقل من فرض إلى تعصيب أقل منه، وهذا في حق ذوات النصف: البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب إذا كان مع كل واحدة أخوها. 4 - أن ينتقل من تعصيب إلى تعصيب أقل منه، وهذا يكون في حق العصبة مع الغير، فللأخت الشقيقة أو لأب مع البنت أو بنت الابن الباقي وهو النصف، ولو كان

معها أخوها كان الباقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. الثاني: حجب نقصان سببه الازدحام، وهو ثلاثة أنواع: 1 - ازدحام في الفرض، وهذا يكون في حق سبعة من الورثة وهم: الجد، والزوجة، والعدد من البنات وبنات الابن، والأخوات الشقائق، والأخوات لأب، والإخوة لأم، كازدحام بنتين أو أختين فأكثر في الثلثين. 2 - ازدحام في التعصيب: وهذا يكون في حق كل عاصب كالأبناء، والإخوة، والأعمام ونحوهم، كازدحام ابنين أو أخوين فأكثر في الميراث. 3 - ازدحام في العول: وهذا يكون في حق أصحاب الفروض إذا تزاحموا. 2 - حجب الحرمان: وهو أن يُسقط الشخص غيره من الإرث بالكلية، ويأتي على جميع الورثة ما عدا ستة: الأب، والأم، والزوج، والزوجة، والابن، والبنت. قواعد حجب الحرمان بالشخص 1 - كل وارث من الأصول يحجب مَنْ فوقه إذا كان من جنسه، فالأب يحجب الأجداد، والأم تحجب الجدات وهكذا. 2 - كل ذكر وارث من الفروع يحجب مَنْ تحته، سواء كان من جنسه أم لا، فالابن يحجب أبناء الابن، وبنات الابن، والأنثى من الفروع لا تحجب إلا من تحتها إذا استغرقن الثلثين فيسقط مَنْ تحتهن من الإناث إلا أن يُعَصَّبْنَ بذكر، فلهم الباقي تعصيباً. 3 - كل وارث من الأصول والفروع فإنه يَحجب الحواشي الذكور منهم والإناث بلا استثناء. والحواشي: هم الإخوة أو الأخوات الأشقاء أو لأب، وأبناؤهم، والإخوة لأم،

والأعمام الأشقاء أو لأب، وأبناؤهم، وأما الإناث من الأصول أو الفروع فلا يحجبن الحواشي إلا إناث الفروع وهن: البنات، وبنات الابن فيحجبن الإخوة لأم. 4 - الحواشي بعضهم مع بعض، فكل مَنْ يرث منهم بالتعصيب فإنه يحجب مَنْ دونه في الجهة، أو القرب، أو القوة. فالأخ لأب يسقط بالأخ الشقيق والأخت الشقيقة العاصبة مع الغير، وابن الأخ الشقيق يسقط بالأخ الشقيق، والأخت الشقيقة العاصبة مع الغير وبالأخ لأب وبالأخت لأب العاصبة مع الغير، وابن الأخ لأب يسقط بالأربعة المتقدمة وابن الأخ الشقيق. والعم الشقيق يسقط بالخمسة المتقدمة وابن الأخ لأب، والعم لأب يسقط بالستة المتقدمة وبالعم الشقيق، وابن العم الشقيق يسقط بالسبعة المتقدمة وبالعم لأب، وابن العم لأب يسقط بالثمانية المتقدمة وبابن العم الشقيق، وأما الإخوة لأم فيسقطون بالفرع الوارث والأصل الوارث من الذكور. 5 - الأصول لا يحجبهم إلا أصول، والفروع لا يحجبهم إلا فروع كما سبق، والحواشي يحجبهم أصول وفروع وحواشي -كما سبق-. 6 - الورثة بالنسبة لحجب الحرمان ينقسمون إلى أربعة أقسام: قسم يَحجبون ولا يُحجبون وهم الأبوان والولدان. وقسم يُحجبون ولا يَحجبون وهم الإخوة لأم. وقسم لا يَحجبون ولا يُحجبون وهم الزوجان. وقسم يَحجبون ويُحجبون وهم بقية الورثة. 7 - يسقط المعتق والمعتقة بكل عاصب من القرابة.

5 - تأصيل المسائل

5 - تأصيل المسائل - التأصيل: تحصيل أقل عدد يخرج منه فرض المسألة بلا كسر. - فائدة التأصيل: معرفة أصول المسائل، وتسهيل قسمة التركات. - مسائل الورثة لها ثلاث حالات: أصل كل مسألة يختلف باختلاف الورثة: 1 - فإن كانوا عصبة فقط فأصل المسألة من عدد رؤوسهم للذكر مثل حظ الأنثيين، كمن مات عن ابن وبنت، المسألة من ثلاثة، للابن اثنان، وللبنت واحد. 2 - وإن كان في المسألة صاحب فرض واحد وعصبة فأصلها من مخرج ذلك الفرض، كمن مات عن زوجة وابن، المسألة من ثمانية، للزوجة الثمن واحد فرضاً، وللابن الباقي تعصيباً. 3 - وإن كان في المسألة أصحاب فروض فقط، أو معهم عصبة، فإنه يُنظر بين مخارج الفروض بالنسب الأربع وهن (المماثلة، والمداخلة، والموافقة، والمباينة) والناتج يكون أصلاً للمسألة، والفروض كالنصف، والربع، والسدس، والثلث، والثمن، والثلثين، فالمتماثلان يُكتفى بأحدهما، والمتداخلان يُكتفى بأكبرهما، والمتوافقان يُضرب وفق أحدهما بكامل الآخر، والمتباينان: يُضرب كامل أحدهما في كامل الآخر، كما يلي: المماثلة ( ... ، ... ) المداخلة ( ... ، ... ) الموافقة ( ... ، ... ) المباينة ( ... ، ... ) وهكذا. - أصول مسائل ذوي الفروض سبعة وهي: اثنان، وثلاثة، وأربعة، وستة، وثمانية، واثنا عشر، وأربعة وعشرون. - إنْ بقي بعد أصحاب الفروض شيء ولا عصبة رُدّ على كل فرض بقدره عدا الزوجين، كزوج وبنت، المسألة من أربعة: للزوج الربع واحد، والباقي للبنت فرضاً ورداً .. وهكذا. -

6 - قسمة التركة

6 - قسمة التركة - التركة: هي ما يخلفه الميت من مال أو غيره. - طرق قسمة التركة: تقسم التركة على الورثة بإحدى الطرق الآتية: 1 - طريق النسبة: وهي أن تنسب سهم كل وارث من المسألة إليها وتعطيه من التركة بمثل ذلك، فلو هلك هالك عن (زوجة وأم وعم) والتركة مائة وعشرون، فالمسألة من اثني عشر، للزوجة الربع ثلاثة، وللأم الثلث أربعة، وللعم الباقي خمسة، فنسبة ثلاثة الزوجة إلى المسألة ربعها، فتأخذ ربع التركة ثلاثين، ونسبة أربعة الأم إلى المسألة ثلثها، فتأخذ ثلث التركة أربعين، ونسبة خمسة العم إلى المسألة ربعها وسدسها، فيأخذ ربع التركة وسدسها خمسين. 2 - وإن شئت ضربت نصيب كل وارث في التركة، ثم تقسم الحاصل على مصح المسألة فيخرج نصيبه من التركة، فللزوجة في المسألة السابقة الربع ثلاثة، تضربه في التركة (120) والناتج (360) تقسمه على أصل المسألة (12) يكون نصيبها من التركة (30) وهكذا. 3 - وإن شئت قسمت التركة على مصح المسألة، وحاصل القسمة تضرب به نصيب الوارث من المسألة، والناتج هو نصيبه من التركة. ففي المسألة السابقة تقسم التركة (120) على أصل المسألة (12) يكون الناتج (10)، تضرب به نصيب كل وارث، فنصيب الأم في المسألة السابقة الثلث أربعة، نضربه في عشرة (10×4 = 40) هو نصيبها من التركة وهكذا. - حكم إعطاء من حضر القسمة: إذا حضر قسمة الميراث أقارب الميت الذين لا يرثون، أو اليتامى، أو مَنْ لا مال لهم فيستحب إعطاؤهم شيئاً من المال قبل قسمة التركة، مع القول الحسن.

قال الله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)} [النساء/8]. - أقسام مسائل الورثة: تنقسم مسائل الورثة إلى ثلاثة أقسام: الأول: المسألة العادلة: وهي التي تساوت سهام فروضها مع أصل المسألة. المثال: زوج وأخت شقيقة، المسألة من اثنين، لكل واحد النصف، فالسهام (2) تساوى أصل المسألة (2). الثاني: المسألة الناقصة: وهي التي نقصت سهام فروضها عن أصل المسألة. المثال: زوجة، وأخت لأم، المسألة من (12)، للزوجة الربع (3)، وللأخت لأم السدس (2)، فمجموع السهام (3+5=8) أقل من أصل المسألة (12). الثالث: المسألة العائلة: وهي التي زادت سهام فروضها على أصل المسألة. المثال: أم، إخوة لأم، أختان شقيقتان، المسألة من (6)، للأم السدس (1)، وللإخوة لأم الثلث (2)، وللأختين الثلثان (4)، فمجموع سهام الفروض (7)، وهو أكثر من أصل المسألة (6)، فالمسألة عائلة إلى (7). - أقسام الورثة من حيث الإرث: ينقسم الورثة من حيث الإرث إلى خمسة أقسام: 1 - أهل فرض محض: وهم الزوجان، والأم، وولد الأم. 2 - أهل تعصيب محض: وهم الأبناء، وبنوهم، والإخوة وأبناؤهم، والأعمام وأبناؤهم. 3 - من يكون ذا فرض بنفسه وتعصيب بنفسه كالأب والجد. 4 - من يكون ذا فرض بنفسه وتعصيب بغيره كالأخوات مع البنات. 5 - من ليس بذي فرض ولا تعصيب وهم ذوو الأرحام.

7 - العول

7 - العول - العول: زيادة في السهام، ونقص في الأنصباء. - أثر العول على الورثة: إذا حصل عول في المسألة كما سبق، فإنه ينقص نصيب كل وارث عما كان له لو لم يكن في المسألة عول. - أقسام أصول المسائل من حيث العول: أصول المسائل سبعة: (2، 3، 4، 6، 8، 12، 24). وتنقسم أصول المسائل من حيث العول وعدمه إلى قسمين: الأول: أصول لا تعول وهي أربعة: (2، 3، 4، 8). الثاني: أصول تعول وهي ثلاثة: (6، 12، 24). - نهاية عول الأصول: 1 - أصل ستة يعول أربع مرات: 1 - فيعول إلى سبعة كما لو ماتت امرأة عن زوج، وأختين شقيقتين، المسألة من (6)، وتعول إلى (7)، للزوج النصف (3) وللأختين الثلثان (4). 2 - ويعول إلى ثمانية كما لو ماتت امرأة عن زوج، وأخت شقيقة، وأختين لأم، فالمسألة من (6)، وتعول إلى (8) للزوج النصف (3)، وللأخت الشقيقة النصف (3)، وللأختين لأم الثلث (2). 3 - ويعول إلى تسعة كما لو ماتت امرأة عن زوج، وأختين شقيقتين، وأخوين لأم، فالمسألة من (6)، وتعول إلى (9)، للزوج النصف (3)، وللأختين الشقيقتين الثلثان (4)، وللأخوين لأم الثلث (2). 4 - ويعول إلى عشرة كما لو ماتت امرأة عن زوج، وأم، وأختين شقيقتين، وأختين لأم، فالمسألة من (6)، وتعول إلى (10)، للزوج النصف (3)، وللأم السدس

(1)، وللأختين الشقيقتين الثلثان (4)، وللأختين لأم الثلث (2). 2 - أصل اثني عشر يعول ثلاث مرات: 1 - فيعول إلى (13) كما لو ماتت امرأة عن زوج، وأب، وأم، وبنت، فالمسألة من (12)، وتعول إلى (13)، للزوج الربع (3)، وللأب السدس (2)، وللأم السدس (2) وللبنت النصف (6). 2 - ويعول إلى (15) كما لو ماتت امرأة عن زوج، وأب، وأم، وبنتين، فالمسألة من (12)، وتعول إلى (15)، للزوج الربع (3)، وللأب السدس (2)، وللأم السدس (2)، وللبنتين الثلثان (8). 3 - ويعول إلى (17) كما لو مات شخص عن زوجة، وأم، وأختين لأب، وأختين لأم، فالمسألة من (12)، وتعول إلى (17)، للزوجة الربع (3)، وللأم السدس (2)، وللأختين لأب الثلث (8)، وللأختين لأم الثلث (4). 3 - أصل أربعة وعشرين يعول مرة واحدة إلى سبعة وعشرين. كما لو مات شخص عن زوجة، وأب، وأم، وبنتين، فالمسألة من (24)، وتعول إلى (27)، للزوجة الثمن (3)، وللأب السدس (4)، وللبنتين الثلثان (16).

8 - الرد

8 - الرد - الرد: هو إرجاع ما بقي في المسألة على من يستحقه من أهل الفروض. - سبب الرد: نقص في السهام، وزيادة في الأنصباء، فهو ضد العول. - أثر الرد: الرد زيادة في أنصباء الورثة. - الذين يُردّ عليهم: يُردّ على جميع أصحاب الفروض (ما عدا الزوجين والأب، والجد). وهم ثمانية: البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأم، والجدة، والأخ لأم، والأخت لأم. - شروط الرد: يشترط للرد ثلاثة شروط: 1 - أن لا تستغرق الفروض المسألة، لأنها إذا استغرقت لم يبق باق يُردّ. 2 - عدم وجود أحد من العصبة، لأن العاصب يأخذ الباقي، فلا يبقى ما يُردّ. 3 - وجود صاحب فرض. - صفة العمل في مسائل الرد: أهل الرد إما أن يكون معهم أحد الزوجين أو لا يكون. 1 - فإذا لم يكن معهم أحد الزوجين فلهم ثلاث حالات: الأولى: أن يكون الموجود منهم شخصاً واحداً كالبنت أو الأخت، فتأخذ جميع المال فرضاً ورداً.

الثانية: أن يكون الموجود منهم صنفاً واحداً كالبنات أو الأخوات مثلاً. فهؤلاء يجعل لهم مسألة من عدد رؤوسهم، كما لو مات ميت عن ثلاث بنات، فالمسألة من ثلاثة من عدد رؤوسهن. الثالثة: أن يكون الموجود منهم أكثر من صنف. وحينئذ يعطَى كل صاحب فرض فرضه، وتؤصل المسألة كأنه لا رد فيها. وجميع مسائل الرد تؤصل من ستة، ثم تجمع سهام الفروض، والحاصل نجعله أصل مسائل الرد. المثال: مات إنسان عن بنت، وبنت ابن، فالمسألة من (6)، وترجع بالرد إلى (4)، فللبنت النصف (3)، ولبنت الابن السدس (1)، والباقي (2)، فنجعل أصل مسألة الرد من مجموع سهام الفروض وهي (4)، فتأخذ البنت (3) فرضاً ورداً، وتأخذ بنت الابن (1) فرضاً ورداً ... وهكذا. 2 - وإن كان معهم أحد الزوجين، فإن أحد الزوجين يأخذ فرضه منسوباً إلى أصل التركة، والباقي يكون لأصحاب الفروض بحسب رؤوسهم، سواء كان الموجود منهم صنفاً واحداً كبنت، أو متعدداً كثلاث بنات، أو كانوا أكثر من صنف كأم وبنت.

9 - ميراث ذوي الأرحام

9 - ميراث ذوي الأرحام - ذوو الأرحام: هم كل قريب لا يرث بفرض ولا تعصيب. - يرث ذوو الأرحام بشرطين: عدم وجود أهل الفروض غير الزوجين، عدم وجود العصبة. قال الله تعالى: { ... وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)} [الأنفال/75]. - صفة ميراث ذوي الأرحام: كل من أدلى بأنثى فإنه لا يرث كأب الأم، وابن بنت، وبنت أخت، لكنه من ذوي الأرحام، وجهاتهم ثلاث: البنوة، والأبوة، والأمومة. وميراث ذوي الأرحام يكون بالتنزيل، فيُنَزَّل كل واحد من ذوي الأرحام منزلة مَنْ أدلى به، ثم يقسم المال بين المدلى بهم، فما صار لكل واحد أخذه المدلي كما يلي: 1 - ولد البنات، وولد بنات البنين بمنزلة أمهاتهم. 2 - بنات الإخوة وبنات بنيهم بمنزلة آبائهن، وأولاد الإخوة لأم بمنزلة الإخوة لأم، وأولاد الأخوات مطلقاً بمنزلة أمهاتهم. 3 - الأخوال والخالات وأبو الأم كالأم. 4 - العمات والعم لأم كالأب. 5 - الجدات الساقطات من جهة الأم أو الأب، كأم أب الأم، وأم أب الجد فالأولى بمنزلة الجدة لأم، والثانية بمنزلة الجدة لأب. 6 - الأجداد الساقطون من جهة الأب أو الأم، كأم الأب، وأب أم الأب، فالأول بمنزلة الأم، والثاني بمنزلة أم الأب. 7 - كل مَنْ أدلى بواحد من هذه الأصناف فهو بمنزلة من أدلى به كعمة العمة، وخالة الخالة ونحوها.

10 - ميراث الحمل

10 - ميراث الحمل - الحمل: هو الجنين في بطن أمه. - متى يرث الحمل: يرث الحمل إن استهلَّ صارخاً، وكان موجوداً في الرحم حين موت المورث ولو نطفة، واستهلاله أن يصيح أو يعطس أو يبكي ونحو ذلك. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُوْدٌ إلا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِيْنَ يُوْلَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنَهَا». متفق عليه (¬1). - مَنْ خَلَّفَ ورثة فيهم حمل فلهم حالتان: 1 - إما أن ينتظروا حتى تلد الحامل ويتبين الحمل ثم يقسم المال. 2 - وإما أن يطلبوا القسمة قبل الولادة، فهنا يوقف للحمل الأكثر من إرث ذكرين أو انثيين، فإذا ولد أخذ حقه وما بقي لمستحقه، ومَنْ لا يحجبه الحمل أخذ إرثه كالجدة، ومَنْ ينقصه أخذ الأقل كالزوجة والأم، ومَنْ سقط به لم يعط شيئاً كإخوة الميت، فيوقف نصيبه حتى يولد الحمل. فلو هلك رجل عن (زوجة حامل، وجدة، وأخ شقيق) فالمسألة من (24) للجدة السدس سواء كان الحمل ذكراً أو أنثى أو ميتاً. وللزوجة الثمن إن ولد حياً، والربع إن ولد ميتاً، فنعطيها اليقين وهو الثمن. والأخ الشقيق إن ولد الحمل ذكراً سقط، وإن ولد أنثى أخذ الباقي بعده، وإن ولد ميتاً أخذ الباقي، فيوقف ميراثه. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3431)، واللفظ له، ومسلم برقم (2366).

11 - ميراث الخنثى المشكل

11 - ميراث الخنثى المشكل - الخنثى المشكل من له فرج ذكر وفرج أنثى. - صفة ميراث الخنثى المشكل: الخنثى المشكل له حالتان: 1 - الخنثى المشكل إذا لم تتضح حاله يرث نصف ميراث ذكر، ونصف ميراث أنثى إن ورث بهما متفاضلاً. 2 - إن كان الخنثى يرجى اتضاح حاله انتظروا حتى يتبين أمره. فإن لم ينتظروا وطلبوا القسمة عومل هو ومَنْ معه بالأضر، ويوقف الباقي إلى أن تتميز حاله، فتُعمل المسألة على أنه ذكر، ثم تُعمل على أنه أنثى، ويدفع للخنثى وكل وارث أقل النصيبين، ويوقف الباقي حتى تتميز حاله. - علامات معرفة أمر الخنثى: يتضح أمر الخنثى بأمور: البول أو المني من إحدى الآلتين، فإن بال منهما اعتبر الأسبق، فإن استويا اعتبر الأكثر، الميول الجنسي، ظهور اللحية، والحيض، والحبل، وتَفَلّك الثديين، ونزول اللبن من الثديين ونحو ذلك. المثال: مات شخص عن (ابن، وبنت، وولد خنثى صغير) ومسألة الذكورة من (5): للابن (2)، وللبنت (1)، وللخنثى (2). ومسألة الأنوثة من (4): للابن (2)، وللبنت (1)، وللخنثى (1). فالأضر بالنسبة للابن والبنت أن يكون الخنثى ذكراً، فنعطيهما من مسألة الذكورة، والأضر في حق الخنثى كونه أنثى، فنعطيه من مسألة الأنوثة، ثم يوقف الباقي إلى أن يتبين أمره.

12 - ميراث المفقود

12 - ميراث المفقود - المفقود: هو مَنْ انقطع خبره فلا يُعلم أَحَيٌّ هو أم ميت. - أحكام المفقود: المفقود له حالتان: الموت أو الحياة، ولكل حالة منهما أحكام تخصها: أحكام بالنسبة لزوجته، وأحكام بالنسبة لإرثه من غيره، وإرث غيره منه، وإرث غيره معه. فإذا لم يترجح أحد الاحتمالين على الآخر، فلا بد من ضرب مدة يتأكد فيها من واقعه تكون فرصة للبحث عنه، ويُرجع في تقرير تلك المدة إلى اجتهاد الحاكم، وما يحصل من ضرر. - أحوال المفقود: 1 - إذا كان المفقود مورثاً، فإذا مضت مدة انتظاره ولم يتبين أمره فإنه يُحكم بموته، ويُقسم ماله الخاص، وما وُقِفَ له من مال مورثه إن كان على ورثته الموجودين حين الحكم بموته، دون من مات في مدة الانتظار. 2 - وإن كان المفقود وارثاً ولا مزاحم له وُقِف المال له إلى أن يتبين أمره، أو تمضي مدة الانتظار، وإن كان له مزاحم من الورثة وطلبوا القسمة فيعامل الورثة بالأضر، ويوقف الباقي إلى أن يتبين أمره، فإن كان حياً أخذ نصيبه وإلا رُدَّ على أهله. فتقسم المسألة على اعتبار المفقود حياً، ثم تقسم على اعتباره ميتاً، فمن كان يرث في المسألتين متفاضلاً أعطي الأقل، ومن يرث فيهما متساوياً يعطى نصيبه كاملاً، ومن يرث في إحدى المسألتين فقط لا يعطى شيئاً، ويوقف الباقي إلى أن يتبين أمر المفقود.

13 - ميراث الغرقى والهدمى ونحوهم

13 - ميراث الغرقى والهدمى ونحوهم - المقصود بهم: كل جماعة متوارثين ماتوا بحادث عام كغرق، أو حرق، أو قتال، أو هدم، أو حادث سيارات، أو طائرات، أو قطارات ونحو ذلك. - أحوال الغرقى والهدمى ونحوهم: للغرقى والهدمى ونحوهم خمس حالات: 1 - أن يُعلم المتأخر منهم بعينه فيرث من المتقدم ولا عكس. 2 - أن يُعلم موتهم جميعاً دفعة واحدة فلا توارث بينهم. 3 - أن يُجهل كيف وقع الموت، هل كان مرتباً؟ أو دفعة واحدة؟ فلا توارث بينهم. 4 - أن يعُلم أن موتهم مرتب، ولكن لا نعلم عين المتأخر منهم فلا توارث بينهم. 5 - أن يُعلم المتأخر ثم يُنسى فلا توارث بينهم. ففي هذه المسائل الأربع الأخيرة لا توارث بينهم، وعليه فيكون مال كل واحد منهم لورثته الأحياء فقط دون من مات معه. المثال: ما ت (أخوان، وأم) في حادث سيارة جميعاً. وترك الأخ الأول (زوجة، وبنت، وابن)، وترك الأخ الثاني (زوجة، وابن)، وتركت الأم (بنت، وبنت ابن، وعم) فيُقسم مال كل واحد على ورثته الأحياء فقط. فالمسألة الأولى من (8): للزوجة الثمن (1)، والباقي للابن والبنت تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين. والمسألة الثانية من (8): للزوجة الثمن (1)، وللابن الباقي (7) تعصيباً. والمسألة الثالثة من (6): للبنت النصف (3) ولبنت الابن السدس (1)، وللعم الباقي (2) تعصيباً .. وهكذا.

14 - ميراث القاتل

14 - ميراث القاتل - حكم ميراث القاتل: للقاتل حالتان: 1 - مَنْ انفرد بقتل مورثه أو شارك فيه مباشرة أو سبباً بلا حق لم يرثه. والقتل بغير حق: هو المضمون بقود، أو دية، أو كفارة كالعمد وشبه العمد والخطأ وما جرى مجرى الخطأ كالقتل بالسبب وقتل الصبي والنائم والمجنون. فالقاتل عمداً لا يرث، والحكمة فيه: الاستعجال للميراث، ومن تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه. وإن كان القتل غير عمد فَمَنْعه من الإرث سداً للذرائع صيانة للدماء؛ لئلا يكون الطمع سبباً لسفكها. 2 - إن كان القتل قصاصاً أو حداً أو دفاعاً عن النفس ونحو ذلك فلا يمنع الإرث. - ميراث المرتد واللقيط: 1 - المرتد لا يرث أحداً ولا يورث، فإن مات على ردته فماله لبيت مال المسلمين. 2 - اللقيط إن لم يخلف وارثاً فميراثه لبيت مال المسلمين.

15 - ميراث أهل الملل

15 - ميراث أهل الملل - لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم؛ لاختلاف دينهما، ولأن الكافر ميت لا يرث الميت. عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ المسْلِمَ». متفق عليه (¬1). - ميراث أهل الملل: 1 - الكفار يرث بعضهم بعضاً مع اتفاق أديانهم لا مع اختلافها، وهم ملل شتى، فاليهود ملة، والنصارى ملة، والمجوس ملة وهكذا. 2 - يتوارث اليهود فيما بينهم، والنصارى فيما بينهم، والمجوس فيما بينهم، وبقية الملل فيما بينهم، ولا يرث اليهودي النصراني وهكذا البقية. - ميراث من لا يُعلم أبوه: ابن الزنى، وابن الملاعنة، لا توارث بينهما وبين أبويهما، لانتفاء النسب الشرعي بينهما، وإنما يكون التوارث بينهما وبين أميهما فقط وقرابتها؛ لأن النسب من جهة الأب منقطع، ومن جهة الأم ثابت. الأمثلة: 1 - توفي شخص عن (أم وابن غير شرعي)، التركة للأم فرضاً ورداً، ولا شيء للابن. 2 - توفي ابن زنى عن (أمه وأبيها وأخيها) التركة كلها لأمه، ولا شيء للأب والأخ؛ لأنهما من ذوي الأرحام. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6764)، ومسلم برقم (1614).

16 - ميراث المرأة

16 - ميراث المرأة - أكرم الإسلام المرأة وأعطاها ما يناسب حالها من الميراث كما يلي: 1 - فتارة تأخذ مثل نصيب الذكر كما في الإخوة والأخوات لأم إذا اجتمعوا يرثون بالسوية. 2 - وتارة يكون نصيبها مثله، أو أقل منه كما في الأم مع الأب إن كان معهما أولاد ذكور، أو ذكور وإناث فلكل من الأم والأب السدس، وإن كان معهما أولاد إناث فللأم السدس، وللأب السدس والباقي إن لم يكن عصبة. 3 - وتارة تأخذ نصف ما يأخذه الذكر وهذا هو الأغلب. فالمرأة تناصف الرجل في خمسة أشياء: الميراث .. والشهادة .. والعقيقة .. والدية .. والعتق. - حكمة إعطاء الرجل من الميراث أكثر من المرأة: السبب: أن الإسلام يُلزم الرجل بأعباء وواجبات مالية لا تُلزم بمثلها المرأة كالمهر، والسكن، والإنفاق على الزوجة والأولاد والديات في العاقلة، أما المرأة فليس عليها شيء من النفقة، لا على نفسها ولا على أولادها. وبذلك أكرمها الإسلام حين طرح عنها تلك الأعباء وألقاها على الرجل، ثم أعطاها نصف ما يأخذ الرجل، فمالها يزداد، ومال الرجل ينقص بالنفقة عليه وعلى زوجته وأولاده، فهذا هو العدل والإنصاف بين الجنسين، وما ربك بظلام للعبيد، والله عليم حكيم. 1 - قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ... } [النساء/34]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} ... [النحل/ 90].

الباب السابع القصاص والحدود

الباب السابع القصاص والحدود 1 - كتاب القصاص ويشتمل على ما يلي: 1 - الجنايات: وتشمل: 1 - الجناية على النفس 2 - أقسام القتل: وتشمل: 1 - قتل العمد 2 - قتل شبه العمد 3 - قتل الخطأ 2 - الجناية على ما دون النفس وتشمل: 1 - الجناية على الأطراف 2 - الجناية بالجراح 3 - الديات: وتشمل: 1 - دية النفس 2 - الدية فيما دون النفس: وتشمل: 1 - دية الأعضاء ومنافعها 2 - دية الشجاج والجروح 3 - دية العظام

1 - الجنايات

1 - كتاب القصاص 1 - الجنايات 1 - الجناية على النفس - الجناية: هي التعدي على البدن خاصة بما يوجب قصاصاً، أو مالاً، أو كفارة. - حكمة مشروعية القصاص: خلق الله آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وكرَّمه على سائر المخلوقات، وجعله خليفة في الأرض لأمر عظيم، وهو أن يقوم بعبادة ربه وحده لا شريك له، وجعل البشرية كلها من نسله، وأرسل الله إليهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنزل عليهم الكتب، ليقوم الناس بعبادة الله وحده، ووعد مَنْ آمن وامتثل ما أمر الله به بالجنة، وتوعد من كفر بالله وفعل ما نهى الله عنه بالنار. وفي الناس مَنْ لا يستجيب لداعي الإيمان لضعف عقيدته، أو يستهين بالحاكم لضعف في عقله، فيقوى عنده داعي ارتكاب المحظورات، فيحصل منه تعد على الآخرين في أنفسهم، أو أعراضهم، أو أموالهم. فشرعت العقوبة في الدنيا لتمنع الناس من اقتراف هذه الجرائم؛ لأن مجرد الأمر والنهي لا يكفي عند بعض الناس على الوقوف عند حدود الله، ولولا هذه العقوبات لاجترأ كثير من الناس على ارتكاب الجرائم والمحرمات، والتساهل في المأمورات. وفي إقامة الحدود حفظ حياة ومصلحة البشرية، وزجر النفوس الباغية، وردع القلوب القاسية الخالية من الرحمة والشفقة. وإن في تنفيذ القصاص كفاً للقتل، وزجراً عن العدوان، وصيانة للمجتمع، وحياة للأمة، وحقناً للدماء، وشفاءً لما في صدور أولياء المقتول، وتحقيقاً للعدل والأمن، وحفظاً للأمة من وحشي يقتل الأبرياء، ويبث الرعب في البلد،

ويتسبب في ترميل النساء، وتيتيم الأطفال. قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} [البقرة/179]. - حفظ الضروريات الخمس: اعتنى الإسلام بحفظ الضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع الإلهية على حفظها، وهي: حفظ الدين .. والنفس .. والعقل .. والعرض .. والمال، واعتبر التعدي عليها جناية وجريمة تستلزم عقاباً مناسباً، يحقق الأمن، ويمنع الفساد والعدوان والظلم، وبحفظ هذه الضروريات يسعد المجتمع، ويطمئن كل فرد فيه. - أقسام الحقوق: الحقوق قسمان: 1 - حقوق بين العبد وربه، وأعظمها بعد التوحيد والإيمان الصلاة. 2 - حقوق بين العبد وغيره من الخلق، وأعظمها الدماء. فأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته، وأول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء. 1 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإشْرَاكُ بِالله، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ، أَوْ قَالَ: وَشَهَادَةُ الزُّورِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلا الله، وَأَنِّي رَسُولُ الله، إلا بِإحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِه، المفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6871) واللفظ له، ومسلم برقم (88). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6878)، ومسلم برقم (1676) واللفظ له.

- المساواة بين الناس: المؤمنون تتكافأ دماؤهم، فهم متساوون في الدية والقصاص، فليس أحد أفضل من أحد، لا في النسب، ولا في اللون، ولا في الجنس. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} [الحجرات/13]. - حكم القصاص: القصاص: أن يُفعل بالجاني كما فَعل. وقد رخص الله لهذه الأمة ثلاث مراتب: القصاص .. أو أخذ الدية .. أو العفو والأفضل ما يحقق المصلحة، ويدرأ المفسدة، فإن كانت المصلحة تقتضي القصاص فالقصاص أفضل، وإن كانت المصلحة تقتضي أخذ الدية فأخذ الدية أفضل، وإن كانت المصلحة تقتضي العفو فالعفو أفضل. فلكل حالةٍ حكم يحقق المصلحة العامة والخاصة، ويدفع الشر. وليس العفو أفضل مطلقاً، بل الأفضل ما يحقق المصلحة، ولسنا بأحق بالعفو من الله الذي أوجب القصاص والحدود لقمع الشر. 1 - قال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} [المائد/50]. 2 - وقال الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)} [المائدة/45]. 3 - وقال الله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)} [الشورى/40].

2 - أقسام القتل

2 - أقسام القتل - أقسام القتل: القتل ثلاثة أقسام: 1 - قتل العمد. 2 - قتل شبه العمد. 3 - قتل الخطأ. 1 - قتل العمد - قتل العمد: هو أن يقصد الجاني مَنْ يعلمه آدمياً معصوماً فيقتله بما يغلب على الظن موته به. - حكم قتل النفس عمداً: قتل النفس بغير حق من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، ولا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً. وجريمة القتل ذنب عظيم موجب للعقاب في الدنيا والآخرة. 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} ... [النساء/93]. - صور قتل العمد: لقتل العمد صور منها: 1 - أن يجرحه بِمَا لَهُ نفوذ في البدن كسكين وحربة وبندقية ونحوها فيموت بسبب ذلك. 2 - أن يضربه بمثقل كبير كحجر كبير وعصاً غليظة، أو يدهسه بسيارة، أو يلقي عليه حائطاً ونحوها فيموت بسبب ذلك. 3 - أن يلقيه بما لا يمكنه التخلص منه، كأن يلقيه في ماء يغرقه، أو نار تحرقه، أو سجن،

ويمنعه الطعام والشراب، فيموت بسبب ذلك. 4 - أن يخنقه بحبل أو غيره، أو يسد فمه فيموت. 5 - أن يلقيه بِزُبْيَة أسد ونحوه، أو يُنهشه حية، أو كلباً فيموت. 6 - أن يسقيه سماً لا يعلم به شاربه فيموت. 7 - أن يقتله بسحر يقتل غالباً. 8 - أن يَشهد عليه رجلان بما يوجب قتله فيُقتل، ثم يقولان عمدنا قتله، أو تكذب البينة فيقاد بذلك، ونحو ذلك من الصور. - ما يجب بقتل العمد: يجب بالقتل العمد القصاص، وهو قتل القاتل. ولولي الدم أن يقتص، أو يأخذ الدية، أو يعفو وهو الأفضل إن تحققت به المصلحة. 1 - قال الله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة/237]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « .. وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإمَّا أَنْ يُقْتَلَ ... ». متفق عليه (¬1). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ الله عَبْداً بِعَفْوٍ إلا عِزّاً، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إلَّا رَفَعَهُ الله».أخرجه مسلم (¬2). - شروط القصاص في النفس: يشترط في القصاص في النفس ما يلي: 1 - عصمة المقتول: والمعصومون أربعة: المسلم .. والذمي .. والمعاهد .. والمستأمن. فلو قتل المسلم حربياً أو مرتداً أو زانياً محصناً فلا قصاص عليه ولا دية، لكن ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6880)، ومسلم برقم (1355) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (2588).

يعزر؛ لافتياته على الحاكم. 2 - أن يكون القاتل بالغاً، عاقلاً، متعمداً، فلا قصاص على صغير، ومجنون، ومخطئ، وإنما تجب عليهم الدية. 3 - أن يكون المقتول مكافئاً للقاتل حال الجناية، وهي أن يساويه في الدين، فلا يُقتل مسلم بكافر، وعكسه يُقتل، ويُقتل الذكر بالأنثى، والأنثى بالذكر. سواء كان المسلم ذكراً أو أنثى، وسواء كان الكافر ذمياً أو معاهداً أو مستأمناً أو حربياً أو مرتداً. وإذا اختل شرط من الشروط السابقة سقط القصاص، وتعينت الدية المغلظة. 1 - قال الله تعالى: ({يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} [البقرة/178]. 2 - وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ؟ قَالَ: لَا إِلَّا كِتَابُ اللهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ الْعَقْلُ وَفَكَاكُ الْأَسِيرِ، وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ». متفق عليه (¬1). - شروط استيفاء القصاص: 1 - أن يكون ولي الدم بالغاً، عاقلاً، فإن كان صغيراً، أو غائباً، حُبس الجاني حتى يبلغ الصغير، ويقدم الغائب، ثم إن شاء اقتص، أو أخذ الدية، أو عفا وهو الأفضل. أما المجنون فلا يُنتظر، ولا حق له في المطالبة، ولا يمكنه ذلك. 2 - اتفاق جميع أولياء الدم على استيفائه، فليس لبعضهم استيفاؤه دون بعض، وإذا عفا أحد الأولياء سقط القصاص وتعينت الدية مغلظة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (111)، واللفظ له، ومسلم برقم (1370).

3 - أن يؤمَن في الاستيفاء التعدي إلى غير القاتل، فإذا وجب القصاص على امرأة حامل لم يقتص منها حتى تضع ولدها وتسقيه اللَّبأ، فإن وُجِد من يرضعه وإلا أُمهلت حتى تفطمه. - إذا تحققت هذه الشروط جاز استيفاء القصاص، فإن لم تتحقق فلا قصاص. - حكم الصغير أو المجنون إذا قتل: إذا قتل الصغير أو المجنون فلا قصاص عليهما، وتجب الكفارة في مالهما، والدية على عاقلتهما، ومن أمر صغيراً أو مجنوناً بقتل شخص فَقَتَله وجب القصاص على الآمر وحده؛ لأن المأمور آلة للآمر. - حكم الاشتراك في القتل: إذا أمسك إنسان آخر فقتله ثالث عمداً فيقتل القاتل، أما الممسك فإن علم أن الجاني سيقتل الممسوك قُتلا جميعاً، وإن لم يعلم أنه سيقتله فيعاقب الممسك بالسجن بما يراه الحاكم تأديباً له. - حكم من أكره على القتل: مَنْ أكره أحداً على قتل معصوم فقتله فالقصاص عليهما معاً. قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} [البقرة/179]. - حكم الجاهلية: كثير من الدول الكافرة جعلت عقوبة القاتل السجن؛ تمدُّناً ورحمة به، ولم ترحم المقتول الذي فقد حياته. ولم ترحم أهله وأولاده الذين فقدوا راعيهم وعمدتهم، ولم ترحم البشرية التي أضحت خائفة على دمائها وأعراضها وأموالها من هؤلاء المجرمين، فزاد الشر، وكثر القتل، وتنوعت الجرائم، ولا صلاح للبشرية إلا بحكم الله. قال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} [المائدة/50].

- ثبوت القصاص: يثبت القصاص بما يلي: 1 - اعتراف القاتل بالقتل. 2 - أو شهادة عدلين على القتل، أو القسامة -وستأتي إن شاء الله تعالى-. - تنفيذ القصاص: إقامة القصاص إذا ثبت واجبة على الإمام أو نائبه إذا طلب أولياء القتيل ذلك من الإمام، ولا يُستوفى القصاص إلا بحضرة سلطان أو نائبه، ولا يُستوفى إلا بآلة ماضية من سيف ونحوه يُضرب به عنقه، أو يُقتل بمثل ما قَتَل به، كأن يَرُضَّ رأسه بحجر فَيُرَض رأس الجاني بالحجارة حتى يموت. 1 - عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن أنس رضي الله عنه، أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ؟ أَفُلَانٌ أَفُلَانٌ! حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. متفق عليه (¬2). - ما يُفعل بالجاني عند القصاص: إذا وجب القصاص فإنه يقتص من الجاني في النفس أوما دون النفس. ولا يجوز أن يخدَّر الجاني في القصاص من أجل ألا يتألم؛ لأننا إذا خدَّرناه بالمخدر لم يتم القصاص بالعدل، لأنه قَتَل أو قَطَع أو جَرَح بدون مخدِّر، فيُقتص منه بدون مخدِّر. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1955). (¬2) متفق عليه/أخرجه البخاري برقم (2413)، واللفظ له، ومسلم برقم (1672).

وكذلك كل محدود من الجناة شرعاً فإنه لا يخدَّر، ليحصل الزجر، والألم، والبعد عن الجريمة. - أولياء الدم: ولي الدم الذي له أن يقتص أو يعفو: هم ورثة المقتول جميعاً من الرجال والنساء، كبارهم وصغارهم، فإن اختاروا القصاص جميعاً وجب القصاص، وإن عفوا جميعاً سقط القصاص، وإن عفا أحدهم سقط القصاص أيضاً ولو لم يعف الباقون. فإن كثر التحيل لإسقاط القصاص وخيف اختلال الأمن بكثرة العفو اختص العفو بالعصبة من الرجال دون النساء. - دية القتل العمد: إذا عفا ولي الدم من القصاص إلى الدية وجبت الدية مغلظة من مال الجاني، وهي مائة من الإبل، لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً دُفِعَ إلَى أَوْلِيَاءِ المَقْتُولِ، فَإنْ شَاءُوا قَتَلُوا، وَإنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ وَهِيَ ثَلاثُونَ حِقَّةً، وَثَلاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً، وَمَا صَالَحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ، وَذَلِكَ لِتَشْدِيدِ العَقْلِ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬1). - الدية التي يأخذها أولياء القتيل في قتل العمد ليست الدية الواجبة بالقتل، وإنما هي بدل عن القصاص، وللأولياء أن يصالحوا عليها، أو أكثر منها، أو أقل، والعفو أفضل إن تحققت به المصلحة. - دية القتل العمد: المعمول به في دية الرجل المسلم في بلاد الحرمين الآن: (مائة وعشرة آلاف ريال سعودي) في دية قتل العمد، ونصفها للأنثى لمن عفا عن القصاص. ¬

(¬1) حسن/أخرجه الترمذي برقم (1387)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2626).

وللأولياء أن يطلبوا أقل، أو أكثر، أو يعفون؛ لأن الحق لهم. - أحكام القتل العمد: 1 - تُقتل الجماعة بالواحد، وإن سقط القود أَدَّوا دية واحدة، وإن أَمَر بالقتل غير مكلف، أو مكلفاً يجهل تحريمه فَقَتَل فالقود أو الدية على الآمر، وإن قتل المأمور المكلف عالماً بتحريم القتل فالضمان عليه دون الآمر. 2 - إذا اشترك اثنان في قتل لا يجب القصاص على أحدهما لو انفرد، كمجنون ومكلف، أو مسلم وكافر في قتل كافر، وجب القصاص على شريك المجنون وعلى الكافر، ويعزر الآخران، فإنْ عَدَل إلى الدية فعلى كل واحد منهما نصف الدية. 3 - إذا قتل القاتل مَنْ يرثه سقط حقه من الميراث إن كان القتل عمداً. - القسامة: أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم. - حكم القسامة: تشرع القسامة في القتيل إذا وجد ولم يُعلم قاتله، واتُّهِم به شخص ولم تكن بينة، وقامت القرائن على صدق المدعي. - شروط القسامة: وجود العداوة، أو كون المتهم من المعروفين بالقتل، أو السبب البيِّن، كالتفرق عن قتل، واللَّطخ: وهو التكلم في عرضه، وأن يتفق الأولياء في الدعوى. - صفة القسامة: إذا توفرت شروطها يُبدأ بالمدعين فيحلف خمسون رجلاً خمسين يميناً، توزع عليهم (أن فلاناً هو الذي قتله) فيثبت به القصاص، فإن امتنعوا عن الحلف أو لم يكملوا الخمسين، حلف المدعى عليهم خمسين يميناً إن رضوا، فإذا حلفوا برئ. وإن امتنع الورثة عن الأيمان ولم يرضوا بأيمان المدعى عليهم، فدى الإمام

القتيل بالدية من بيت المال؛ لئلا يضيع دم المعصوم هدراً. - حكم من قتل نفسه متعمداً: يحرم أن يقتل الإنسان نفسه بأي وسيلة، ومَنْ قتل نفسه متعمداً فعقوبته الخلود في النار. 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ تَحَسَّى سُمّاً فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً». متفق عليه (¬1). 2 - عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ». متفق عليه (¬2). - حكم توبة القاتل عمداً: القاتل عمداً إذا تاب تاب الله عليه، ولكن لا تعفيه توبته من عقوبة القصاص؛ لأنه حق للمخلوق، فالقتل عمداً يتعلق به ثلاثة حقوق: حق للهِ عز وجل .. وحق للمقتول .. وحق للولي. فإذا سَلَّم القاتل نفسه طوعاً واختياراً إلى الولي، نادماً على ما فعل، وخوفاً من الله، وتوبة نصوحاً، سقط حق الله بالتوبة، وسقط حق الولي بالاستيفاء أو الصلح أو العفو، وبقي حق المقتول. وشرط التوبة منه استحلاله وهو هنا متعذر، فيبقى تحت مشيئة الله سبحانه، ورحمته وسعت كل شيء. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5778) واللفظ له، ومسلم برقم (109). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6365) واللفظ له، ومسلم برقم (10).

2 - قتل شبه العمد

2 - قتل شبه العمد - قتل شبه العمد: هو أن يقصد بجناية لا تقتل غالباً، إنساناً معصوم الدم، ولم يجرحه بها، فيموت بها المجني عليه. كمن ضربه في غير مقتل بسوط، أو عصاً صغيرة، أو لكزه ونحو ذلك. فالضرب مقصود، والقتل غير مقصود، فسمي شبه عمد، ولا قصاص فيه. - حكم قتل شبه العمد: حكم قتل شبه العمد: محرم؛ لأنه اعتداء على آدمي معصوم. - ما يجب بقتل شبه العمد: تجب الدية في قتل شبه العمد والخطأ مع الكفارة، أما قتل العمد العدوان فلا كفارة فيه؛ لأن إثمه لا يرتفع بالكفارة؛ لعظمه وشدته وشناعته. - يجب في قتل شبه العمد: الدية المغلظة والكفارة كما يلي: 1 - الدية المغلظة: مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: « ... أَلا إنَّ دِيَةَ الخَطَأِ شِبْهِ العَمْدِ، مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالعَصَا مِائَةً مِنَ الإبلِ: مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). - تتحمل العاقلة هذه الدية أو قيمتها كما سبق، وتكون هذه الدية مؤجلة على ثلاث سنين. 2 - الكفارة: وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين. - سر تنوع أحكام القتل: لم يجب القصاص في شبه العمد؛ لأن الجاني لم يقصد القتل، ووجبت الدية؛ ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4547)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2628).

لضمان النفس المتلفة، وجُعلت مغلظة؛ لوجود قصد الاعتداء، وجُعلت الدية على العاقلة؛ لأنهم أهل الرحمة والنصرة، ولزمت الكفارة الجاني خاصة عتقاً أو صياماً؛ لمحو الإثم. - يستحب لأولياء القتيل العفو عن الدية، فإن عفوا سقطت، أما الكفارة فهي لازمة للجاني. - حكم تشريح جثة الإنسان: يجوز تشريح الميت عند الضرورة لكشف الجريمة، ومعرفة سبب الوفاة باعتداء؛ صيانة لحق الميت، وصيانة لحق الجماعة من داء الاعتداء. كما يجوز عند الضرورة تشريح جثث الموتى من الكفار لكشف المرض، والتعلم والتعليم في مجال الطب. - حكم قتل الغِيْلة: قتل الغِيْلة: هو ما كان عمداً وعدواناً على وجه الحيلة والخداع، أو على وجه يأمن معه المقتول من غائلة القاتل، كمن يخدع إنساناً ويأخذه إلى مكان لا يراه فيه أحد ثم يقتله، أو يأخذ ماله قهراً ثم يقتله؛ لئلا يطالبه أو يفضحه ونحو ذلك. فهذا القتل غيلة من كبائر الذنوب، يُقتل فيه القاتل، مسلماً كان أو كافراً، حَدًّا لا قصاصاً، ولا يقبل ولا يصح فيه العفو من أحد، ولا خِيرة فيه لأولياء الدم. - مَنْ خَلَّص نفسه من يد ظالم له فتلفت نفس الظالم، أو شيء من أطرافه بذلك فلا دية له.

3 - قتل الخطأ

3 - قتل الخطأ - قتل الخطأ: هو أن يفعل ما له فعله، مثل أن يرمي صيداً، أو غرضاً فيصيب آدمياً معصوماً لم يقصده فيقتله، ويُلحق به: عمد الصبي، والمجنون، والقتل بالتسبب. - أقسام قتل الخطأ: قتل الخطأ ينقسم إلى قسمين: 1 - قسم فيه الكفارة على القاتل، والدية على العاقلة، وهو قتل المؤمن خطأ في غير صف القتال، أو كان القتيل من قوم بيننا وبينهم ميثاق، فتجب الدية المخففة على العاقلة، والكفارة على الجاني كما يلي: 1 - الدية المخففة: مائة من الإبل، لما روى عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَضَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ خَطَأً فَدِيَتُهُ مِائَةٌ مِنَ الإبلِ ثَلاثُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَثَلاثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَثَلاثُونَ حِقَّةً، وَعَشْرَةٌ بَنِي لَبُونٍ ذَكرٍ. أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). - تتحمل العاقلة هذه الدية أو قيمتها حسب كل عصر، والمعمول به الآن في بلاد الحرمين في دية قتل الخطأ (مائة ألف ريال سعودي) ونصفها للأنثى، وتكون هذه الدية مؤجلة على ثلاث سنين. 2 - الكفارة: وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، وتجب الكفارة في مال الجاني خاصة؛ لمحو الإثم الذي ارتكبه. ¬

(¬1) حسن/أخرجه أبو داود برقم (4541)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2630).

- يستحب لأولياء القتيل العفو عن الدية، إن تحقق بذلك مصلحة، ولهم الأجر من الله عز وجل، فإن عفوا سقطت، أما الكفارة فهي لازمة للجاني. 2 - وقسم تجب فيه الكفارة فقط، وهو المسلم الذي يقتله المسلمون بين الكفار في بلادهم يظنونه كافراً، فلا دية على قاتله بل عليه الكفارة: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)} [النساء/92]. - حكم قضاء الصيام عن الميت: من مات وعليه صيام واجب كرمضان أو صوم شهرين متتابعين كفارة أو صوم نذر فلا يخلو من حالين: 1 - إما أن يكون قادراً على الصيام فلم يصم فيصوم عنه وليه، أو أولياؤه، يتقاسمون الأيام بشرط التتابع، يصوم الأول، ثم الثاني وهكذا، حتى تنتهي الأيام. 2 - وإن كان معذوراً بمرض ونحوه فلا يلزم عنه القضاء ولا الإطعام. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1952)، ومسلم برقم (1147).

- عاقلة الإنسان: في قتل شبه العمد وقتل الخطأ تكون الدية على العاقلة، والكفارة على القاتل، وعاقلة الإنسان هم: الذكور من عصبته كلهم، قريبهم وبعيدهم، حاضرهم وغائبهم، يبدأ بالأقرب فالأقرب، ويدخل فيهم أصول الرجل دون فروعه، وتحمل العاقلة ما فوق الثلث من الدية. - ما لا تتحمله العاقلة: ولا تحمل العاقلة دية العمد، ولا دية العبد جانياً أو مجنياً عليه، ولا ما دون ثلث الدية كدية سن ونحوه، ولا الصلح، ولا الاعتراف. ولا عقل على غير مكلف، ولا على أنثى، ولا على فقير، ولا على مخالف لدين الجاني.

2 - الجناية على ما دون النفس

2 - الجناية على ما دون النفس - الجناية على ما دون النفس: هي كل أذى يقع على جسم الإنسان من غيره فلا يودي بحياته. - التعدي على الأطراف بالجرح أو القطع: إن كان عمداً ففيه القصاص، وإن لم يكن عمداً كالخطأ وشبه العمد ففيه الدية. - مَنْ أُقيد بأحد في النفس أقيد به في الطرف والجراح، ومن لا فلا كما سبق، فموجب القصاص في الأطراف والجراح هو موجب القصاص في النفس وهو العمد المحض، فلا قود في الخطأ وشبه العمد، بل فيهما الدية. - إذا كانت الجناية عمداً، فالقصاص فيما دون النفس نوعان: الأول: في الأطراف: فتؤخذ العين، والأنف، والأذن، والسن، والجفن، والشفة، واليد، والرجل، والإصبع، والكف، والذكر، والخصية ونحوها، كل واحد من ذلك بمثله. قال الله تعالى في بيان ذلك: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)} [المائدة/45]. - شروط القصاص في الأطراف: أن يكون المجني عليه معصوماً .. وأن يكون مكافئاً للجاني في الدين، فلا يقتص من مسلم لكافر .. وأن يكون الجاني مكلفاً .. وكانت الجناية عمداً. فإذا تحققت هذه الشروط وجب استيفاء القصاص إذا توفرت الشروط الآتية. - شروط استيفاء القصاص في الأطراف: 1 - الأمن من الحيف: وذلك بأن يكون القطع من مفصل أو له حد ينتهي إليه.

2 - المماثلة في الاسم والموضع: فتؤخذ العين بالعين مثلاً، ولا تؤخذ يمين بيسار، ولا خنصر ببنصر وهكذا. 3 - الاستواء في الصحة والكمال: فلا تؤخذ يد أو رجل صحيحة بشلَّاء، ولا عين صحيحة بعين لا تبصر، ويؤخذ عكسه ولا أرش. - إذا تحققت هذه الشروط جاز استيفاء القصاص، وإن لم تتحقق سقط القصاص وتعينت الدية. الثاني: في الجروح: فإذا جرحه عمداً فعليه القصاص. - يشترط لوجوب القصاص في الجروح ما يشترط لوجوب القصاص في النفس، مع إمكان استيفاء القصاص من غير حيف ولا زيادة، وذلك بأن يكون الجرح منتهياً إلى عظم كالموضحة: وهي كل جرح ينتهي إلى عظم في سائر البدن كالرأس، والفخذ، والساق ونحوها. - إذا لم يمكن استيفاء القصاص من غير حيف ولا زيادة سقط القصاص وتعينت الدية. - يستحب العفو عن القصاص في الأطراف والجروح إلى الدية، وأفضل من ذلك العفو مجاناً إن حقق مصلحة، ومن عفا وأصلح فأجره على الله، ويستحب طلبه ممن يملكه. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مَا رُفِعَ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْءٌ فِيْهِ القِصَاصُ إلا أَمَرَ فِيْهِ بِالعَفْوِ. أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). - حكم سراية الجناية: 1 - سراية الجناية مضمونة بقود أو دية في النفس وما دونها. فلو قطع أصبعاً فتآكلت حتى سقطت اليد وجب القود في اليد، وإن سرت الجناية إلى النفس فمات المجني عليه وجب القصاص. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4497)، وأخرجه ابن ماجه برقم (2692)، وهذا لفظه.

2 - مَنْ مات في حد كالجلد والسرقة ونحوهما، أو في قصاص في الأطراف والجراح فديته من بيت المال. 3 - لا يقتص من طرف أو عضو أو جرح قبل برئه؛ لاحتمال سراية الجناية في البدن، كما لا يُطلب له دية حتى يبرأ؛ لاحتمال السراية إلى غيره. 4 - إذا قطع إصبعاً عمداً، فعفى عنها المجني عليه، ثم سرت إلى الكف أو النفس، وكان العفو على غير شيء، فلا قصاص ولا دية. وإن كان العفو على مال فله تمام الدية. - حكم العدل في الحقوق: مَنْ ضرب غيره بيده، أو بعصا، أو سوط، أو لطمه اقتص منه، وفُعل بالجاني عليه كما فُعِل به، فلطمة بلطمة، وضربة بضربة في محلها، بالآلة التي لطمه بها أو مثلها إلا أن يعفو. - حكم من تكشّف عورات الناس: من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقؤوا عينه فلا دية له ولا قصاص. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ أَنَّ امْرَءاً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ». متفق عليه (¬1). - حكم نقل الدم من إنسان لآخر: 1 - نقل الدم من إنسان إلى آخر يجوز عند الضرورة، وعدم وجود بديل له مباح، إذا قام به طبيب ماهر، وغلب على الظن نفع التغذية به، ورضي المأخوذ منه مع عدم تضرره، فتجوز التغذية به بقدر ما ينقذ المريض من الهلكة. 2 - يجوز جمع الدم في (بنوك الدم)، تحسُّباً لوجود المضطر، ومفاجأة الأحوال كالحوادث، وحالات الولادة، وغير ذلك من حالات نزيف الدم. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6902) واللفظ له، ومسلم برقم (2158).

3 - الديات

3 - الديات 1 - دية النفس - الدية: هي المال المؤدى إلى مجنيٍّ عليه، أو ورثته بسبب جناية. - أجناس الدية: أجناس الدية ستة وهي: (100) من الإبل .. (200) من البقر .. (2000) شاة .. (1000) مثقال من الذهب .. (12000) درهم من الفضة .. (200) حلة من الثياب. - أصل دية المسلم: الأصل في الدية الإبل، والأجناس الأخرى أبدال عنها إذا غلت أو تعذرت. فأصل دية الرجل المسلم مائة من الإبل، فإن غلت الإبل أخذ بدلها، فإذا أحضر ما سواها فلا بد من موافقة مَنْ هي له. ولوَلي الأمر أن يختار من أجناس الديات ما فيه المصلحة واليسر على الناس. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قام خطيباً فقال: .. أَلا إنَّ الإبِلَ قَدْ غَلَتْ، قَالَ: فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الوَرِقِ اثْنَي عَشَرَ ألفاً، وَعَلَى أَهْلِ البَقَرِ مِائَتَي بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَي شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الحُلَلِ مِائَتَي حُلَّةٍ قَالَ: وَتَرَكَ دِيةَ أَهلِ الذِّمَّة لَمْ يَرْفَعْها فيمَا رَفَعَ مِنَ الدِّيةِ. أخرجه أبو داود والبيهقي (¬1). - ألف دينار من الذهب = 4250 جراماً. ¬

(¬1) حسن/أخرجه أبو داود برقم (4542)، وأخرجه البيهقي برقم (16171)، انظر إرواء الغليل رقم (2247).

- مقدار دية المرأة: دية المرأة إذا قُتلت خطأ نصف دية الرجل، وكذلك دية أطرافها وجراحاتها على النصف من دية الرجل وجراحاته. عن شريح قال: أَتَانِي عُرْوَةُ البَارِقِيُّ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ أَنَّ جِرَاحَاتِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ تَسْتَوِي فِي السِّنِّ وَالمُوْضِحَةِ، وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَدِيَةُ المَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ. أخرجه ابن أبي شيبة (¬1). - أقسام الدية: الدية من حيث جنسها ثلاثة أقسام: دية النفس .. ودية الأعضاء .. ودية المنافع. وكل من أتلف إنساناً بمباشرة أو سبب لزمته ديته. 1 - فإذا اجتمع مباشران فعليهما الدية. 2 - وإذا اجتمع متسببان فعليهما الدية. 3 - وإذا اجتمع مباشر ومتسبب فالضمان على المباشر إلا في ثلاث مسائل: 1 - إذا لم يمكن تضمين المباشر، كما لو ألقى أحد شخصاً مكتوفاً في حظيرة أسد فأكله. 2 - إذا كان المباشر لا يمكن تضمينه لعدم تكليفه كصغير ومجنون، فالضمان على من أمرهما بالجناية. 3 - إذا كانت المباشرة مبنية على سبب يسوغ العمل به شرعاً كما لو شهد جماعة على شخص بما يوجب قتله فقتل، ثم رجعوا عن الشهادة وقالوا عمدنا قتله، ¬

(¬1) صحيح/أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقم (27487)، انظر إرواء الغليل رقم (2250).

فالضمان على الشهود. - حكم الدية: تجب الدية على كل مَنْ أتلف إنساناً، بمباشرة أو سبب، سواء كان الجاني صغيراً أو كبيراً، عاقلاً أو مجنوناً، متعمداً أو مخطئاً، وسواء كان التالف مسلماً، أو ذمياً مستأمناً أو معاهداً. فإن كانت الجناية عمداً وجبت الدية حالَّة من مال الجاني. وإن كانت الجناية شبه عمد أو خطأ وجبت الدية على عاقلة الجاني مؤجلة ثلاث سنين. 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: « ... وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. متفق عليه (¬2). - أحوال وجوب الدية: تتعين الدية فيما يلي: إذا اختار ولي الدم الدية .. إذا عفا عن القصاص .. إذا هلك الجاني. فلو قتل الجاني أربعة أشخاص تعلق به أربع رقاب. فإذا اختار أحدهم القصاص قُتل الجاني، وللثلاثة ثلاث ديات؛ لأن لكل واحد منهم حقاً، لكن نبدأ بالأول فالأول. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6880)، ومسلم برقم (1355) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6904) واللفظ له، ومسلم برقم (1681).

- مقدار دية الكفار: الكافر سواء كان من أهل الكتاب، أو المجوس، أو عبدة الأوثان أو غيرهم من الكفار، الرجل منهم ديته نصف دية المسلم، والمرأة منهم نصف دية المرأة المسلمة، سواء كانت دية النفس، أو الأطراف، أو الجراح، وسواء كان القتل عمداً أو خطأ. فالجميع كفار؛ لأن أهل الكتاب كفروا بالإسلام بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهم في الكفر سواء مع الكفار، وفي العذاب سواء، وفي دخول النار سواء، وفي الدية سواء، إلا ما خصه الدليل من جواز نكاح نساء أهل الكتاب، وأكل ذبائحهم دون سائر الكفار. 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران/85]. 2 - وعن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ». وبهذا الإسناد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «دِيَةُ عَقْلِ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ عَقْلِ الْمُؤْمِنِ». أخرجه أبوداود والترمذي (¬1). - مقدار دية الجنين: دية الجنين إذا سقط ميتاً بجناية على أمه غُرَّة عبد أو أمة، قيمتها خمس من الإبل، عُشر دية أمه، ودية الرقيق قيمته، قَلّت أو كثرت. ¬

(¬1) حسن، أخرجه أبوداود برقم (4583)، وأخرجه الترمذي برقم (1413)، وهذا لفظه.

- من تلزمه الدية في الحوادث: إذا انقلبت سيارة، أو اصطدمت مع غيرها، وكان ذلك ناتجاً عن تعد أو تفريط من السائق فإنه يضمن كل ما نتج عن ذلك، وإن مات أحد لزمته الدية والكفارة. وإن وقع الحادث بغير تعد منه ولا تفريط، كما لو كانت عجلة السيارة سليمة ثم انفجرت فلا دية عليه ولا كفارة. - من يتحمل الدية: الدية يتحملها أحد ثلاثة وهم: 1 - القاتل: وتجب في ماله خاصة في قتل العمد، إذا تنازل أولياء المقتول عن القصاص. 2 - العاقلة: وتجب عليهم الدية في قتل شبه العمد، وقتل الخطأ. 3 - بيت المال: ويتحمل بيت المال الديون والديات في الأحوال الآتية: 1 - إذا مات أحد المسلمين وعليه دين ولم يخلِّف وفاء، فعلى ولي الأمر قضاؤه من بيت المال. 2 - إذا قتل أحد خطأ أو شبه عمد، ولم تكن له عاقلة موسرة، فالدية تؤخذ من الجاني، فإن كان معسراً أُخذت من بيت المال. 3 - كل مقتول لم يُعلم قاتله كمن مات في زحام، أو طواف، أو نحوهما، فديته من بيت المال. 4 - إذا حكم القاضي بالقسامة ونكل الورثة عن حلف الأيمان ولم يرضوا بيمين

المدعى عليه فداه الإمام من بيت المال. 5 - إذا وجبت الدية في خطأ ولي الأمر فيما هو من اختصاص وظيفته. - إذا أدب السلطان رعيته، أو أدب الرجل ولده، أو معلم صبيه، ولم يسرف، لم يضمن ما تلف به. - مَنْ استأجر شخصاً مكلفاً ليحفر له بئراً، أو يصعد شجرة ونحوها، ففعل فهلك بسبب ذلك لم يضمنه الآمر. - حكم قتل الذمي: يحرم قتل الذمي مستأمناً أو معاهداً، ومَنْ قتله فقد ارتكب إثماً عظيماً، لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإنَّ رِيحَهَا يُوْجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَاماً». أخرجه البخاري (¬1). - حكم الدية إذا مات الجاني: من قتل شخصاً عمداً، ثم مات الجاني، فيسقط القصاص، ويبقى حق أولياء المقتول في الدية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (3166).

2 - الدية فيما دون النفس

2 - الدية فيما دون النفس - إذا كانت الجناية فيما دون النفس عمداً ففيها القصاص. وإن كانت الجناية ليست عمداً فلا قصاص، وتجب الدية. - أقسام الدية فيما دون النفس: الدية فيما دون النفس من الأطراف والجراح تنقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: دية الأعضاء ومنافعها: 1 - ما كان في الإنسان منه شيء واحد: ففيه دية النفس كالأنف، واللسان، والذكر، واللحية، ومثلها ذهاب السمع، والبصر، والكلام، والعقل، والجلد، والصُّلب ونحوها. 2 - ما كان في الإنسان منه شيئان: كالعينين، والأذنين، والشفتين، والبيضتين واليدين، والرجلين، واللحيين، والإليتين، وأسكتي المرأة، والثديين ونحوها ففي كل واحد منهما نصف الدية، وفيهما معاً الدية كاملة. فإن ذهبت منفعة أحدهما ففيه نصف الدية، وإن ذهبت منفعتهما معاً فالدية كاملة، وفي عين الأعور الصحيحة إذا ذهبت الدية كاملة. 3 - ما كان في الإنسان منه أربعة أشياء: كأجفان العينين الأربعة، ففي كل واحد ربع الدية، وفي جميعها الدية كاملة.

4 - ما كان في الإنسان منه عشرة: كأصابع اليدين والرجلين، ففي كل أصبع عُشر الدية، وفي العشرة جميعاً الدية، وفي أنملة كل أصبع ثلث دية الأصبع، وفي أنملة الإبهام نصف ديته، وإن ذهبت منفعة أصبع ففيه عُشر الدية، وإن ذهبت منافع الأصابع ففيها الدية كاملة. 5 - الأسنان: أسنان الإنسان اثنان وثلاثون، أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة أنياب وعشرون ضرساً في كل جانب عشرة، ويجب في كل واحد من الأسنان خمس من الإبل، ودية جميع الأسنان (160) بعيراً. - دية الشعر: تجب الدية كاملة في كل واحد من الشعور الأربعة إذا ذهبت، وهي: شعر الرأس، وشعر اللحية، وشعر الحاجبين، وأهداب العينين، وفي الحاجب الواحد نصف الدية، وفي الهدب الواحد ربع الدية. - دية العضو المشلول: يجب في اليد الشلاء، والعين التي لا تبصر، والسن السوداء، في كل واحدة إذا ذهبت ثلث ديتها. القسم الثاني: دية الشجاج والجروح: - الشجة: اسم لجرح الرأس والوجه خاصة، والشجاج عشر: خمس فيها حكومة، وخمس فيها مقدر شرعي من الدية.

فالخمس التي فيها حكومة هي: 1 - الحارصة: وهي تحرص الجلد وتشقه ولا يظهر منه دم. 2 - البازلة: وهي التي يسيل منها الدم القليل. 3 - الباضعة: وهي التي تشق اللحم. 4 - المتلاحمة: وهي الغائصة في اللحم. 5 - السمحاق: وهي التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة تسمى السمحاق. - هذه الشجاج الخمس المتقدمة ليس فيها دية مقدرة بل فيها حكومة. والحكومة: أن يقوّم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به، ثم يقوّم وهي به قد برئت، فما نقص من القيمة فله مثل نسبته من الدية، ويجتهد الحاكم في تقديرها، ويراعى في الحكومة حصول الشَّين، وحصول الضرر، وحصول الألم. وأما الخمس التي فيها مقدر شرعي فهي: 1 - الموضحة: وهي التي وصلت إلى العظم وأوضحته، وديتها المقدرة شرعاً: خمس من الإبل. 2 - الهاشمة: وهي التي توضح العظم وتهشمه، وفيها عشر من الإبل. 3 - المُنَقِّلَة: وهي التي توضح العظم وتهشمه وتنقله، وفيها خمس عشرة من الإبل. 4 - المأمومة: وهي التي تصل إلى جلدة الدماغ، وفيها ثلث الدية.

5 - الدامغة: وهي التي تخرق جلدة الدماغ، وفيها ثلث الدية أيضاً. - إذا كان الجرح في سائر البدن، فإن بلغ الجوف ففيه ثلث الدية. وإن لم يبلغ الجوف ففيه حكومة. - الجائفة: هي الجرح الذي يصل إلى باطن الجوف، أو الظهر، أو الصدر، أو الحلق ونحوها، وفيها ثلث الدية. القسم الثالث: دية العظام: تجب الدية في كسر العظام كما يلي: 1 - الضلع إذا كُسر ثم جُبر مستقيماً ففيه بعير. 2 - الترقوة إذا كسرت ثم جبرت مستقيمة ففيها بعير، وفي الترقوتين بعيران. 3 - وفي كسر الذراع، أو العضد، أو الفخذ، أو الساق إذا جبر مستقيماً بعيران. 4 - إذا لم تجبر العظام السابقة مستقيمة ففيها حكومة. والصُّلب إذا كُسر فلم ينجبر ففيه الدية. - بقية العظام ليس فيها شيء مقدر بل فيها حكومة. - لو طلب المجني عليه من الجاني تكاليف العلاج بدلاً من الدية فليس من حقه ذلك، بل يعطيه المقدر شرعاً من الدية، قليلاً كان أو كثيراً، وعليه أن يرضى بحكم الله ورسوله. - وفي أحكام ما سبق روى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده

عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات: وفيه: « ... وَأَنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِائَةً مِنَ الإبِلِ، وَفِي الأَنْفِ إذَا أُوْعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي البَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ، وِفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ، وَفِي العَيْنَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الرِّجْلِ الوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي المَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي المُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الإبِلِ. وَفِي كُلِّ أَصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ اليَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنَ الإبِلِ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الإبِلِ، وَفِي المُوْضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الإبِلِ، وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالمَرْأَةِ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهبِ أَلْفُ دِينَارٍ». أخرجه النسائي والدارمي (¬1). ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (4853)، وأخرجه الدارمي برقم (2277). انظر إرواء الغليل رقم (2212)، وانظر نصب الراية (2/ 342).

2 - كتاب الحدود

2 - كتاب الحدود ويشتمل على ما يلي: 1 - حد الزنى 2 - حد القذف 3 - حد السرقة 4 - حد قطاع الطريق 5 - حد أهل البغي (التعزير، الردة، الأيمان، النذر)

مقدمة

قال الله تعالى: كتاب الحدود أحكام الحدود - الحد: هو عقوبة مقدرة شرعاً في معصية لأجل حق الله تعالى. - أقسام الحدود: الحدود في الإسلام خمسة، وهي: حد الزنى .. والقذف .. والسرقة .. وقطاع الطريق .. وأهل البغي. ولكل جريمة من هذه الجرائم عقوبة محددة شرعاً. - حكمة مشروعية الحدود: أمر الله عز وجل بعبادته وطاعته، وفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وحَدَّ حدوداً لمصالح عباده، ووعد على الالتزام بشرعه الجنة، وعلى مخالفته النار، فإذا جمحت نفس الإنسان وقارفت الذنب فتح الله لها باب التوبة والاستغفار. لكنها إذا أصرت على معصية الله وأبت إلا أن تغشى حماه، وتتجاوز حدوده كالتعدي على أموال الناس وأعراضهم فلا بد من كبح جماحها بإقامة حدود الله تعالى؛ ليتحقق للأمة الأمن والطمأنينة، والحدود كلها رحمة من الله تعالى، ونعمة على الجميع. - حفظ الضرورات الخمس: حياة الإنسان قوامها حفظ الضرورات الخمس، وإقامة الحدود تحمي تلك الضرورات، وتحافظ عليها. فبالقصاص تُصان الأنفس. وبإقامة حد السرقة تُصان الأموال.

فقه الحدود

وبإقامة حد الزنى والقذف تُصان الأعراض. وبإقامة حد الحرابة يُصان الأمن والمال والأنفس والأعراض. وبجلد السكران تُصان العقول. وبإقامة الحدود والتعزيرات يُصان الدين كله، والحياة كلها. - فقه الحدود: الحدود الشرعية: عقوبات مقدرة شرعاً على معصية، وليس هناك عقوبة في الشرع على غير معصية، فلا عقوبة على ترك واجب، أو مباح. وترك الواجب يتضمن فعل المحرم، لكن ليس فيه عقوبة إلا إذا كانت ردة ففيه القتل، والقتل بالردة، والقصاص بقتل العمد، ليسا من الحدود؛ لأن الحد حق لله لا بد من تنفيذه، ولا يمكن أن يسقط حتى لو تاب صاحبه. وأما القصاص فيسقط بالعفو؛ لأنه حق آدمي، فله أن يسقطه. والردة يسقط القتل فيها بالتوبة، والرجوع إلى الإسلام. - فقه إقامة الحدود: الحدود زواجر عن المعاصي، وجوابر لمن أقيمت عليه، تطهره من دنس الجريمة وإثمها، وتردع غيره عن الوقوع فيما وقع فيه. - حدود الله الشرعية: هي محارمه التي منع من ارتكابها وانتهاكها كالزنى، والسرقة ونحوهما، ومن حدوده ما حدَّه وقدَّره كالمواريث. والحدود المقدرة الرادعة عن محارم الله كحد الزنى والقذف ونحوهما مما حده الشرع لا تجوز فيه الزيادة ولا النقصان.

الفرق بين القصاص والحدود

- الفرق بين القصاص والحدود: جرائم القصاص الحق فيها لأولياء القتيل، والمجني عليه نفسه إن كان حياً من حيث استيفاء القصاص، أو العفو، والإمام منفذ لطلبهم. أما الحدود: فأمرها إلى الحاكم، فلا يجوز إسقاطها بعد أن تصل إليه. وكذلك جرائم القصاص قد يُعفى عنها ببدل كالدية، أو يُعفى عنها بلا مقابل. أما الحدود فلا يجوز العفو عنها ولا الشفاعة فيها مطلقاً بعوض أو بدون عوض. - من يقام عليه الحد: لا يُقام الحد إلا على بالغ، عاقل، متعمد، ذاكر، عالم بالتحريم، ملتزم لأحكام الإسلام من مسلم وذمي. 1 - عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ المَجْنُوْنِ حَتَّى يَعْقِلَ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬1). 2 - ولما نزلت: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة/286]، قال الله: «قَدْ فَعَلْتُ». أخرجه مسلم (¬2). - حكم تأخير إقامة الحد: يجب إقامة الحد فوراً إذا ثبت. ويجوز تأخير إقامة الحد لعارض يترتب عليه مصلحة للإسلام كما في الغزو، أو يترتب عليه مصلحة للمحدود ذاته كما في تأخيره عنه لحر أو بردٍ، أو مرض، أو لمصلحة مَنْ تعلق به كالحمل والرضيع ونحوهما. ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (940)، وأخرجه أبو داود برقم (4403)، وهذا لفظه. (¬2) أخرجه مسلم برقم (126).

من يتولى إقامة الحدود

- من يتولى إقامة الحدود: يتولى إقامة الحد إمام المسلمين، أو من ينيبه، بحضرة طائفة من المؤمنين، في مجامع الناس، ولا تقام الحدود في المساجد. - حكم إقامة الحدود في مكة: يجوز إقامة الحدود والقصاص في مكة، فالحرم لا يعيذ جانياً، فمن وجب عليه حد من حدود الله تعالى سواء كان جلداً، أو حبساً، أو قتلاً أقيم عليه الحد في الحرم وغيره. - صفة الجلد في الحدود: يكون الجلد بسوط لا جديد ولا خَلِق، ولا يُجرَّد المضروب من ملابسه، ويُفرَّق الضرب على بدنه، ويَتقي الوجه، والرأس، والفرج، والمقاتل، وتُشد على المرأة ثيابها. - الحكم إذا اجتمعت عليه حدود: إذا اجتمعت حدود للهِ تعالى من جنس واحد بأن زنى مراراً، أو سرق مراراً تداخلت، فلا يُحد إلا مرة واحدة. وإن كانت من أجناس كبكر زنى وسرق فلا تتداخل. ويُبدأ بالأخف، فيُجلد للزنى، ثم يُقطع. - أنواع الجلد في الحدود: أشد الجلد في الحدود جلد الزنى، ثم جلد القذف. - حكم من أقر بالحد عند الإمام: من أقر بحد عند الإمام ولم يبينه فالسنة أن يستر عليه ولا يسأله عنه. عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَهُ رَجُلٌ فقَالَ: يَا

فضل الستر على النفس والغير

رَسُولَ الله، إِنِّي أصَبْتُ حَدّاً، فَأقِمْهُ عَلَيَّ، قَالَ: وَلَمْ يَسْألْهُ عَنْهُ، قَالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاةَ، قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أصَبْتُ حَدّاً، فَأقِمْ فِيَّ كتاب الله. قَالَ: «ألَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟». قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنَّ الله قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ، أوْ قَالَ: حَدَّكَ». متفق عليه (¬1). - فضل الستر على النفس والغير: يستحب لمن أتى ذنباً أن يستر نفسه ويتوب إلى الله، ويستحب لمن علم به أن يستر عليه ما لم يعلن بفجوره حتى لا تشيع الفاحشة في الأمة. 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَى إلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحُ وَقَدْ سَتَرَهُ الله فَيَقُولُ: يَا فُلانُ عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ الله عَنْهُ». متفق عليه (¬2). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ الله عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ الله فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَالله فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ». أخرجه مسلم (¬3). - حكم الشفاعة في الحدود: يجب إقامة الحد على القريب والبعيد، والشريف والوضيع. وإذا بلغت الحدود الحاكم حَرُم أن يشفع في إسقاطها أحد، أو يعمل على تعطيلها. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6823) واللفظ له، ومسلم برقم (2764). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6069) واللفظ له، ومسلم برقم (2990). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2699).

حكم الصلاة على المقتول

ويحرم على الحاكم قبول الشفاعة، ويجب عليه إقامة الحد إذا بلغه، ولا يجوز أخذ المال من الجاني ليسقط عنه الحد. ومن أخذ المال من الزاني أو السارق ونحوهم ليعطل حدود الله فقد جمع بين فسادين عظيمين: تعطيل الحد، وأكل السحت، وترك الواجب، وفعل المحرم. عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إلا أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَكَلَّمَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُوْدِ الله؟» ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّمَا ضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإذَا سَرَقَ الضَعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ الله لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا». متفق عليه (¬1). - حكم الصلاة على المقتول: المقتول قصاصاً أو حداً أو تعزيراً إن كان مسلماً يُغسَّل ويُصَلَّى عليه، ويُدفن في مقابر المسلمين. والمقتول مرتداً كافر لا يُغسل ولا يُصَلَّى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، فيحفر له حفرة ويوارى فيها كالكافر. - وجوب إقامة الحدود: الجرائم لا يحسمها ويقي المجتمع من شرها إلا إقامة الحدود الشرعية على مرتكبيها. أما أخذ الغرامة المالية، أو سجنهم ونحو ذلك من العقوبات الوضعية فهو حكم بغير ما أنزل الله، وضياع، وزيادة شر. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6788) واللفظ له، ومسلم برقم (1688).

- الأنفس المعصومة: الأنفس المعصومة أربع: المسلم .. والذمي .. والمستأمن .. والمعاهد. أما الملتزمون لأحكام الإسلام فصنفان: المسلم .. والذمي. فالذمي ملتزم لأحكام الإسلام، لكنه لا يطالب بالعبادات، ولا يقام عليه الحد إلا فيما يعتقد تحريمه كالزنى. فالزنى محرم في كل شريعة، فإذا زنى بامرأة مثله أقمنا عليه الحد؛ لأن الزنى فيه علتان: المنع من الوقوع في مثلها، وتكفير الذنب، فإذا كان ليس أهلاً للتكفير لأنه كافر، أقمنا عليه الحد للعلة الثانية, وهي المنع من الوقوع في مثلها. عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ. متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1329) واللفظ له، ومسلم برقم (1699).

1 - حد الزنى

أقسام الحدود 1 - حد الزنى - الزنى: هو فعل الفاحشة في قُبل امرأة لا تحل له. - حكم الزنى: الزنى محرم، وهو من أعظم الجرائم، وأكبر الكبائر بعد الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق. وهو يتفاوت في الشناعة والقبح، فالزنى بذات زوج، والزنى بذات المحرم، والزنى بحليلة الجار من أعظم أنواعه. - أضرار الزنى: مفسدة الزنى من أعظم المفاسد، وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب، وحماية الفروج، وحفظ الحرمات، والزنى يجمع خلال الشر كلها، ويفتح على العبد أبواباً من المعاصي، ويولِّد الأمراض النفسية والقلبية، ويورث الفقر والمسكنة، ونفور العباد من الزناة، وسقوطهم من أعينهم، ويولد سيماء الفساد في وجه فاعله، ووحشته من الناس. وللزنى عقوبة شديدة، فعقوبته في الدنيا: الحد الصارم بالرجم للمحصن، والجلد والتغريب لغير المحصن، وعقوبته في الآخرة إن لم يتب: الوعيد الشديد، حيث يجمع الزناة والزواني عراة في تنور في نار جهنم. 1 - قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} [النور/2]. 2 - وعَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمْ أَتَى رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثَهُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ فَأَمَرَ بِهِ

المحصن

رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَ وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ. متفق عليه (¬1). - المحصن: هو الثيّب، وهو من وطئ زوجته في قُبلها بنكاح صحيح، وهما حران مكلفان، والبكر من ليس كذلك. - سبل الوقاية من الزنى: نظم الإسلام بالنكاح الشرعي أسلم طريقة لتصريف الغريزة الجنسية وحِفْظ النسل، وَمَنَعَ أي تصرف في غير هذا الطريق المشروع فأمر بالحجاب، وغض البصر، ونهى عن ضرب النساء بالأرجل، والتبرج، والاختلاط، وإبداء الزينة، وخلو الرجل بالأجنبية، أو مصافحتها، كما نهى عن سفر المرأة بغير محرم، وذلك كله لئلا يقع كل من الرجل والمرأة في فاحشة الزنى. - زنى الجوارح: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُتِبَ عَلَى ابنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الكَلامُ، وَاليَدُ زِنَاهَا البَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الخُطَا، وَالقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ». متفق عليه (¬2). - عقوبة الزاني: 1 - عقوبة الزاني المحصن: هي أن يُرجم بالحجارة حتى يموت، رجلاً كان أو امرأة، مسلماً أو كافراً. 2 - عقوبة الزاني غير المحصن: هي أن يجلد مائة جلدة، ويغرَّب سنة، رجلاً كان أو امرأة، والرقيق يُجلد خمسين جلدة، ولا يغرَّب، رجلاً كان أو امرأة. - إذا حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد فإنها تحد إن لم تَدَّع شبهة أو إكراهاً، ومن ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6814)، واللفظ له، ومسلم برقم (1691). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6243)، ومسلم برقم (2657) واللفظ له.

شروط حد الزنى

استكره امرأة على الزنى فعليه الحد دونها؛ لأنها معذورة، ولها المهر. - شروط حد الزنى: يشترط لوجوب الحد في الزنى ثلاثة شروط: 1 - تغييب حشفة أصلية كلها في قُبل امرأة حية. 2 - انتفاء الشبهة، فلا حد على من وَطئ امرأة ظنها زوجته ونحوه. 3 - ثبوت الزنى: 1 - إما بالإقرار: بأن يُقر به من عُرف بالعقل مرة واحدة، ويُقر به أربع مرات من كان متهماً في ضعف عقله، وفي كليهما يصرح بحقيقة الوطء، ويستمر على إقراره إلى إقامة الحد عليه. 2 - وإما بالشهادة: بأن يشهد عليه بالزنى أربعة رجال عدول مسلمين. - من يقام عليه حد الزنى: 1 - يقام حد الزنى على الزاني مسلماً كان أو كافراً؛ لأنه حد ترتب على الزنى فوجب على الكافر كوجوب القود في القتل والقطع في السرقة. 2 - إذا زنى المحصن بغير المحصنة، فلكلٍّ حده من رجم، أو جلد وتغريب. 3 - إذا زنى الحر بأمة وعكسه بأن زنت حرة بعبد فلكل واحد حكمه في الحد. 4 - يقام الحد على الزاني إذا كان مكلفاً، مختاراً، عالماً بالتحريم، بعد ثبوته عند الحاكم بإقرار أو شهادة، مع انتفاء الشبهة. - لا يُحفر للمرجوم في الزنى رجلاً كان أو امرأة، لكن المرأة تُشدُّ عليها ثيابها؛ لئلا تنكشف. - أيما امرأة حبلت من الزنى، أو اعترفت به فالإمام أول من يرجم، ثم الناس، فإن ثبت حد الزنى بشهادة أربعة شهود فهم أول من يرجم، ثم الإمام، ثم الناس.

حكم الزوجية بعد الزنى

- الجهل الذي يمنع من إقامة الحد: الجهل بما يترتب على الفعل المحرم ليس بعذر، أما الجهل بالفعل هل هو حرام أو ليس بحرام فهذا عذر، فمن يعلم أن الزنى حرام ولا يعلم أن حده الرجم أو الجلد فهذا لا يعذر بجهله، بل يقام عليه الحد وهكذا. - حكم الزوجية بعد الزنى: إذا زنى رجل وهو متزوج فلا تحرم عليه زوجته، وكذا لو زنت المرأة لا تحرم على زوجها، لكنهما ارتكبا إثماً عظيماً، فعليهما التوبة والاستغفار. 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)} [الإسراء/ 32]. 2 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: «أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدّاً وَهُوَ خَلَقَكَ» قَالَ: قُلْتُ لَهُ إنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». متفق عليه (¬1). - حكم من زنى بذات محرم: من زنى بذات محرم كأخته وبنته وامرأة أبيه ونحوهن وهو عالم بتحريم ذلك وجب قتله؛ لشناعة جرمه. 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)} [النساء/ 22]. 2 - وعن البراء رضي الله عنه قالَ: أَصَبْتُ عَمِّي وَمَعَهُ رَايةٌ فَقُلتُ أينَ تُريدُ؟ فقالَ: بَعثني رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وآخُذَ مَالَهُ. أخرجه الترمذي والنسائي (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6811)، ومسلم برقم (86) واللفظ له. (¬2) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (1362)، وأخرجه النسائي برقم (3332)، وهذا لفظه.

عمل قوم لوط

- عمل قوم لوط: هو فعل الفاحشة في الدبر، والاستغناء بالرجال عن النساء. - شناعة عمل قوم لوط: هو من أكبر الجرائم المفسدة للخُلق والفطرة، وعقوبته أغلظ من عقوبة الزنى؛ لغلظ حرمته، لأن الزنى فعل فاحشة في فرج يباح بالنكاح، أما عمل قوم لوط فهو فعل فاحشة في دبر لايباح أبداً. وعمل قوم لوط شذوذ جنسي خطير يسبب الأمراض النفسية والبدنية الخطيرة، وقد خسف الله بمن فعله، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، ولهم النار يوم القيامة. 1 - قال الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)} [الأعراف/ 80 - 81]. 2 - وقال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)} [هود/ 82 - 83]. - حكم عمل قوم لوط: عمل قوم لوط محرم. وعقوبته: أن يُقتل الفاعل والمفعول به محصناً أو غير محصن بما يراه الإمام من قَتْل بالسيف، أو رَجْم بالحجارة ونحوهما؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ وَجَدْتُمُوْهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولَ بِهِ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4462)، وأخرجه الترمذي برقم (1456).

حكم السحاق

- حكم السحاق: السحاق هو إتيان المرأة المرأة، وهو محرم، وفيه التعزير. - حكم الاستمناء: الاستمناء باليد أو نحوها حرام، وفي الصوم وقاية منه. 1 - قال الله تعالى مبيناً ما يباح للإنسان: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)} [المؤمنون/5 - 7]. 2 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قَالَ لَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». متفق عليه (¬1). - مَنْ وقع على بهيمة عُزِّر بما يراه الإمام، وتُذبح البهيمة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5066)، ومسلم برقم (1400) واللفظ له.

2 - حد القذف

2 - حد القذف - القذف: هو الرمي بزنى أو لواط، أو نفي نسب موجب للحد فيهما. - حكمة مشروعية حد القذف: حث الإسلام على حفظ الأعراض عما يدنسها ويشينها، وأمر بالكف عن أعراض الأبرياء، وحرم الوقوع في أعراضهم بغير حق؛ صيانة للأعراض وحماية لها من التلوث. وبعض النفوس تُقْدِمُ على ماحَرَّم الله من قذف، وتدنيس أعراض المسلمين لنوايا مختلفة، ولمَّا كانت النوايا من الأمور الخفية كُلِّف القاذف أن يأتي بما يثبت قوله بأربعة شهداء، فإن لم يفعل أقيم عليه حد القذف ثمانين جلدة. - حكم القذف: القذف محرم، وهو من الكبائر، وقد أوجب الله على القاذف عقوبات غليظة في الدنيا والآخرة. 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} ... [النور/4]. 2 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)} [النور/23]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوْبِقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إلا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ». متفق عليه (¬1). - حد القذف: ثمانون جلدة للحر، وأربعون جلدة للعبد. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2766)، واللفظ له، ومسلم برقم (89).

ألفاظ القذف

- ألفاظ القذف: 1 - القذف الصريح: كأن يقول: يا زاني، يا لوطي، يا عاهر، يا منيوكة ونحوها. 2 - الكناية: أن يقول ما يحتمل القذف وغيره، كقوله: يا قحبة، يا فاجرة ونحوهما، فإن قصد الرمي بالزنى حُدَّ للقذف، وإن لم يقصده لم يُحَدّ وعُزِّر. - شروط وجوب حد القذف: يشترط لوجوب حد القذف ما يلي: 1 - أن يكون القاذف مكلفاً، مختاراً. 2 - أن يكون المقذوف مسلماً، مكلفاً، حراً، عفيفاً، يجامع مثله. 3 - أن يطالب المقذوف بالحد. 4 - أن يقذفه بالزنى الموجب للحد، ولم يثبت قذفه. - ثبوت حد القذف: يثبت حد القذف إذا أقر القاذف على نفسه، أو شهد عليه رجلان عدلان بالقذف. - عقوبة القذف: تختلف عقوبة القذف باختلاف القاذف، واختلاف المقذوف. والقاذف قسمان: الأول: إذا كان القاذف حراً أو عبداً، والمقذوف محصناً، فحده ثمانون جلدة. الثاني: إذا قذف غير محصن فلا حد عليه، لكنه يعزر بما يردعه. والمحصن هنا: هو المسلم الحر المكلف العفيف الملتزم الذي يجامع مثله.

سقوط حد القذف

وحد القذف حق للمقذوف، ويترتب على ذلك ما يلي: أن حد القذف يسقط بعفوه. ولا يقام الحد حتى يطالب به المقذوف .. وأن العبد يحد كاملاً ثمانين جلدة. - سقوط حد القذف: يسقط حد القذف إذا اعترف المقذوف بالزنى، أو قامت عليه البينة بالزنى، أو قذف الرجل زوجته ولاعنها. - ما يترتب على ثبوت حد القذف: إذا ثبت حد القذف ترتب عليه: الجلد .. عدم قبول شهادة القاذف إلا بعد التوبة .. الحكم عليه بالفسق حتى يتوب. - حكم من قذف أحداً بغير الزنى أو عمل قوم لوط: إذا قذف غيره بغير الزنى أو عمل قوم لوط وهو كاذب فقد ارتكب محرماً، ولا يُحدُّ حد القذف، ولكن يعزر بما يراه الحاكم ملائماً لما حصل منه. ومثال القذف بغير الزنى: أن يرميه بالكفر، أو النفاق، أو السكر، أو السرقة، أو الخيانة ونحو ذلك. - صفة توبة القاذف: تحصل توبة القاذف بالاستغفار، والندم، والعزم على ألّا يعود، وأن يكذب نفسه فيما رمى غيره به.

3 - حد السرقة

3 - حد السرقة - السرقة: هي أخذ مال محترم لغيره لا شبهة فيه من موضع مخصوص، بقدر مخصوص، على وجه الخفية. - حكم السرقة: 1 - السرقة محرمة، وهي من كبائر الذنوب. 2 - أمر الإسلام بحفظ المال، وحرَّم الاعتداء عليه، فنهى عن السرقة والاغتصاب والنهب والاختلاس؛ لأن ذلك أكلٌ لأموال الناس بالباطل. - حكمة مشروعية حد السرقة: صان الله الأموال بإيجاب قطع يد السارق، فإن اليد الخائنة بمثابة عضو مريض يجب بتره ليسلم الجسم، وفي قطع يد السارق عبرة لمن تحدثه نفسه بسرقة أموال الناس، وتطهير للسارق من ذنبه، وإرساء لقواعد الأمن والطمأنينة في المجتمع، وحفظٌ لأموال الأمة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ». متفق عليه (¬1). - عقوبة السارق: 1 - قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)} [المائدة/38 - 39]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2475) واللفظ له، ومسلم برقم (57).

شروط قطع يد السارق

2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَعَنَ الله السَّارِقَ يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ». متفق عليه (¬1). - شروط قطع يد السارق: يجب القطع في حد السرقة إذا توفرت الشروط الآتية: 1 - أن يكون السارق مكلفاً (وهو البالغ العاقل)، مختاراً، مسلماً كان أو ذمياً. 2 - أن يكون المسروق مالاً محترماً، فلا قطع بسرقة آلة لهو، أو خمر ونحوهما. 3 - أن يبلغ المال المسروق نصاباً، وهو ربع دينار من الذهب فصاعداً، أو عَرض قيمته ربع دينار فصاعداً. 4 - أن يكون أخذ المال على وجه الخفية والاستتار. فإن لم يكن كذلك فلا قطع كالاختلاس، والاغتصاب، والانتهاب ونحوها، ففيها التعزير. 5 - أن يأخذ المال من حرزه ويخرجه منه. والحرز: ما تُحفظ فيه الأموال، ويختلف بحسب العادة والعرف، وحرز كل مال بحسبه، فحرز الأموال في الدور والبنوك والدكاكين، والمراح للغنم وهكذا. 6 - انتفاء الشبهة عن السارق، فلا يُقطع بالسرقة من مال والديه وإن علوا، ولا من مال ولده وإن سفل، ولا يُقطع أحد الزوجين بالسرقة من مال الآخر، وكذا مَنْ سرق في مجاعة. 7 - مطالبة المسروق منه بماله. 8 - ثبوت السرقة بأحد أمرين: 1 - الإقرار بالسرقة على نفسه مرتين. 2 - الشهادة، بأن يشهد عليه رجلان عدلان بأنه سرق. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6799) واللفظ له، ومسلم برقم (1687).

ما يترتب على ثبوت السرقة

- ما يترتب على ثبوت السرقة: يترتب على ثبوت السرقة ما يلي: 1 - السارق عليه حقان: حق خاص، وهو المسروق إن وجد، أو مثله أو قيمته إن كان تالفاً. وعليه حق عام هو حق الله تعالى، وهو قطع يده إن كملت الشروط، أو تعزيره إن لم تكمل الشروط. 2 - إذا وجب القطع قُطعت يده اليمنى من مفصل الكف، وحسمت بغمسها بزيت مغلي أو بما يقطع الدم. وعليه رد ما أخذ من مال أو بدله لمالكه، وتحرم الشفاعة في حد السرقة بعد بلوغه الحاكم. 3 - إذا عاد السارق مرة أخرى قُطعت رجله اليسرى من منتصف ظهر القدم، فإن عاد حُبس وعُزر حتى يتوب ولا يُقطع. - تقطع يد الطَّرَّار وهو الذي يبطُّ الجيب أو غيره، ويأخذ منه المال خفية، إن بلغ ما أخذه نصاباً؛ لأنه سارق من حرز. - مقدار نصاب السرقة: ربع دينار من الذهب فصاعداً، أو عَرض يساويه. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تُقْطَعُ اليَدُ فِي رُبْعِ دِيْنارٍ فَصَاعِداً». متفق عليه (¬1). - حكم درء الحدود بالشبهات: إذا اعترف السارق بالسرقة ولم توجد معه فيُشرع للقاضي تلقينه الرجوع عن اعترافه، فإن أصر ولم يرجع عن إقراره قُطع، وإذا اعترف السارق بالسرقة ثم ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6789)، واللفظ له، ومسلم برقم (1684).

حكم من سرق من بيت المال

رجع فلا قطع؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات. - حكم من سرق من بيت المال: مَنْ سرق من بيت المال فإنه يُعزَّر ويُغرَّم غرامة مثليَّة ولا يُقطع، لأن له نصيباً منه، ومثله مَنْ سرق من الغنيمة أو الخمس. - حكم جاحد العارية: يجب القطع على جاحد العارية إذ هو داخل في اسم السرقة. عن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ المَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا .... أخرجه مسلم (¬1). - حكم المال المسروق: من تمام توبة السارق ضمان المسروق لربه إذا كان تالفاً، فإن كان موسراً دفعه لصاحبه، وإن كان معسراً فنظرة إلى ميسرة، وإن كانت العين المسروقة موجودة بعينها فَرَدُّها لصاحبها شرط لصحة توبته. - حكم من تاب قبل القدرة عليه: مَنْ وجب عليه حد سرقة أو زنى أو غيرهما فتاب منه قبل ثبوته عند حاكم سقط عنه، ولا يشرع له كشف نفسه بعد أن ستره الله، لكن عليه رد ما أخذ من مال. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1688).

4 - حد قطاع الطريق

4 - حد قطاع الطريق - قطاع الطريق: هم الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء أو البنيان، فيغصبونهم المال قهراً، مجاهرة لا سرقة، ويسمون محاربين. - صفات قطاع الطريق: مَنْ أشهر السلاح وأخاف الطريق وله قوة بنفسه أو بغيره من العصابات المختلفة كعصابة القتل، وعصابة اللصوص للسطو على البيوت والبنوك، وعصابة خطف البنات للفجور بهن، وعصابة خطف الأطفال ونحوهم، فهؤلاء قطاع طريق. - حكم الحرابة: الحرابة هي التعرض للناس بالسلاح في الصحراء، أو البنيان، في البيوت، أو وسائل النقل؛ لسفك دمائهم، وانتهاك أعراضهم، وغصب أموالهم ونحو ذلك. ويدخل في حكم الحرابة كل ما يقع من ذلك في الطرق والمنازل والسيارات والقطارات والسفن والطائرات، سواء كان تهديداً بالسلاح، أو زرعاً لمتفجرات، أو نسفاً لمباني، أو حرقاً بالنار، أو أخذاً لرهائن. والحرابة من أعظم الجرائم، ولذا كانت عقوبتها من أقسى العقوبات. - عقوبة قطاع الطريق: قطاع الطريق لهم أربعة أحوال: 1 - إذا قتلوا وأخذوا المال قُتلوا وصُلبوا. 2 - إذا قتلوا ولم يأخذوا المال قُتلوا ولم يُصلبوا. 3 - إذا أخذوا المال ولم يَقتلوا قُطع من كل واحد منهم يده اليمنى ورجله اليسرى. 4 - إذا لم يَقتلوا ولم يأخذوا المال لكن أخافوا السبيل نُفوا من الأرض، وللإمام أن يجتهد في شأنهم بما يراه رادعاً لهم ولغيرهم؛ قطعاً لدابر الشر والفساد.

شروط وجوب الحد على قطاع الطريق

1 - قال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} [المائدة/33 - 34]. 2 - وعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ، فَأسْلَمُوا، فَاجْتَوَوُا المَدِينَةَ، فَأمَرَهُمْ أنْ يَأْتُوا إبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أبْوَالِهَا وَألْبَانِهَا، فَفَعَلُوا فَصَحُّوا، فَارْتَدُّوا وَقَتَلُوا رُعَاتَهَا، وَاسْتَاقُوا الإبِلَ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أيْدِيَهُمْ وَأرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أعْيُنَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا. متفق عليه (¬1). - شروط وجوب الحد على قطاع الطريق: يشترط لوجوب الحد على قاطع الطريق ما يلي: 1 - أن يكون قاطع الطريق -ويسمى المحارب- مكلفاً، مسلماً أو ذمياً، ذكراً أو أنثى. 2 - أن يكون المال الذي أخذه محترماً. 3 - أن يأخذ المال من حرز قليلاً كان أو كثيراً. 4 - ثبوت قطع الطريق منه بإقرار أو شاهدي عدل. 5 - انتفاء الشبهة كما ذكر في السرقة. - كيفية النفي من الأرض: قطاع الطريق إذا أخافوا الناس، ولم يقتلوا، ولم يأخذوا مالاً، ينفون من الأرض، فيطردون من الأرض التي قطعوا فيها الطريق، لإزالة شرهم عن الناس، وليرتدعوا. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6802)، واللفظ له، ومسلم برقم (1671).

حكم توبة المحارب

وقد يحصل النفي بالحبس؛ لأن الحبس سجن الدنيا، والمحبوس كالمنفي من الأرض، وحبسه أقرب إلى السلامة من شره. فإذا أمكن اتقاء شرهم بنفيهم نفيناهم، وإذا لم يمكن إلا بحبسهم حبسناهم؛ لدفع شرهم عن الناس. - حكم توبة المحارب: مَنْ تاب من قُطاع الطريق قبل أن يُقدر عليه سقط عنه ما كان للهِ من نفي، وقطع، وصلب، وتحتُّم قتل، وأُخذ بما للآدميين من نفس، وطرف، ومال إلا أن يُعفى له عنها، وإن قُبض عليه قبل التوبة أُقيم عليه حد الحرابة، لئلا يُتخذ ذلك ذريعة إلى تعطيل حدود الله عز وجل. - صفة الدفاع عن النفس: مَنْ صال على نفسه أو أهله أو ماله آدمي أو بهيمة دفعه بأسهل ما يغلب على ظنه، فإن لم يندفع إلا بالقتل فله ذلك، ولا ضمان عليه، فإن قُتل المعتدى عليه فهو شهيد. - حكم الزنديق: الزنديق: هو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر. والزنديق محارب للهِ ورسوله، ومحاربة الزنديق للإسلام بلسانه أعظم من محاربة قاطع الطريق بيده وسنانه، فإن فتنة هذا في الأموال والأبدان، وفتنة الزنديق في القلوب والإيمان. فإن تاب قبل القدرة عليه فتقبل توبته ويُحقن دمه، وأما بعد القدرة عليه فلا تقبل توبته بل يُقتل حداً من غير استتابة، إلا إن علمنا صدق توبته فلا نقتله.

5 - حد أهل البغي

5 - حد أهل البغي - البغاة: هم قوم لهم شوكة ومَنَعة يخرجون على الإمام بتأويل سائغ، يريدون خلعه، أو مخالفته، وشق عصا الطاعة له. - صفة البغاة: كل طائفة منعت الحق الذي عليها، أو تميزت عن إمام المسلمين، أو خلعت طاعته، فهم بغاة ظلمة، والبغاة المسلمون ليسوا كفاراً. - كيفية معاملة البغاة: 1 - إذا خرج البغاة على الإمام فعليه أن يراسلهم، ويسألهم ما ينقمون منه، فإن ذكروا مظلمة أزالها، وإن ادعوا شبهة كشفها. فإن رجعوا وإلا وعظهم وخَوَّفهم القتال، فإن أصروا قاتلهم، وعلى رعيته معونته حتى يندفع شرهم وتطفأ فتنتهم. 2 - إذا قاتلهم الإمام فلا يقتلهم بما يعم كالقذائف المدمرة، ولا يجوز قتل ذريتهم، ومُدْبِرهم، وجريحهم، ومَنْ ترك القتال منهم. ومَنْ أُسر منهم حُبس حتى تخمد الفتنة، ولا تُغنم أموالهم ولا تسبى ذراريهم. 3 - بعد انقضاء القتال وخمود الفتنة ما تلف من أموالهم حال الحرب فهو هدر، ومَنْ قُتل منهم فهو غير مضمون، وهم لا يضمنون مالاً، ولا أنفساً تلفت حال القتال. - ما يجب فعله عند اقتتال طائفتين: إذا اقتتلت طائفتان لعصبية، أو رئاسة فهما ظالمتان، وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى، ويجب الإصلاح بينهما. 1 - قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)} [الحجرات/9].

حكم الخروج على إمام المسلمين

2 - وعن عرفجة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيْعٌ، عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوْهُ». أخرجه مسلم (¬1). - حكم الخروج على إمام المسلمين: 1 - نصب الإمام من أعظم واجبات الدين، وتحرم معصيته والخروج عليه ولو جار وظلم، ما لم يرتكب كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان، سواء ثبتت إمامته بإجماع المسلمين، أو بعهد من الإمام الذي قبله، أو باجتهاد أهل الحل والعقد، أو بقهره للناس حتى أذعنوا له ودعوه إماماً، ولا يُعزل بفسقه، ما لم يرتكب كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان. 2 - الخارجون عن طاعة الإمام إما أن يكونوا قطاع طريق، أو يكونوا بغاة، أو يكونوا خوارج وهم الذين يُكفِّرون مرتكب الكبيرة، ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم، وهؤلاء فسقة يجوز قتالهم ابتداء. فهؤلاء الثلاثة خارجون عن طاعة الإمام، من مات منهم فحكمه حكم عصاة الموحدين. - ما يجب على إمام المسلمين: 1 - إمام المسلمين يجب أن يكون من الرجال لا من النساء، فلن يفلح قوم وَلَّوا أمرهم امرأة. ويلزم الإمام حماية بلاد الإسلام، وحفظ الدين، وتنفيذ أحكام الله، وإقامة الحدود، وتحصين الثغور، وجباية الصدقات، والحكم بالعدل، وجهاد الأعداء، والدعوة إلى الله، ونشر الإسلام. 2 - يجب على الإمام أن ينصح لرعيته، ولا يشق عليهم، وأن يرفق بهم في سائر أحوالهم، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ الله رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1852).

يجب على الأمة طاعة الإمام في غير معصية الله عز وجل

وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلَّا حَرَّمَ الله عَلَيْهِ الجَنَّةَ». متفق عليه (¬1). - يجب على الأمة طاعة الإمام في غير معصية الله عز وجل: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء/59]. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيْمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ». متفق عليه (¬2). - توبة من ارتكب جريمة توجب حداً: إن كانت توبته بعد القدرة عليه فهذه التوبة لا تُسقط الحد. وإن كانت توبة مرتكب الجريمة الحدِّيَّة قبل القدرة عليه فتُقبل توبته، وتُسْقِط عنه الحد، رحمة من رب العالمين برفع العقاب عن المذنبين التائبين. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} [المائدة/33 - 34]. 2 - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153)} [الأعراف/153]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7151)، ومسلم برقم (142) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2955)، ومسلم برقم (1839) واللفظ له.

التعزير

التعزير - التعزير: هو عقوبة غير مقدرة على معاص لا حد فيها ولا قصاص ولا كفارة. - العقوبة على المعاصي ثلاثة أنواع: 1 - ما فيه حد مقدر كالزنى، والسرقة، والقتل عمداً، فهذا لا كفارة فيه ولا تعزير، 2 - ما فيه كفارة ولا حد فيه كالجماع حال الإحرام، وفي نهار رمضان، والقتل خطأ، فهذا فيه الكفارة. 3 - ما ليس فيه حد ولا كفارة كالخمر والمخدرات ونحوها من المعاصي، فهذا فيه التعزير. - حكمة مشروعية التعزير: شرع الله عز وجل عقوبات مقدرة لا يزاد عليها ولا ينقص منها على الجرائم المخلة بمقومات الأمة من حفظ الدين، والنفس، والمال، والعرض، والعقل، وشرع لذلك حدوداً زاجرة، وهي جواهر لا يمكن للأمة أن تعيش إلا بالمحافظة عليها بإقامة الحدود. ولهذه الحدود شروط وضوابط، قد لا يثبت بعضها، فتتحول العقوبة من عقوبة محددة إلى عقوبة غير محددة يراها الإمام، وهي التعزير. - حكم التعزير: التعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، سواء كانت فعلاً للمحرمات، أو تركاً للواجبات، كاستمتاع لا حد فيه، وسرقة لا قطع فيها، وجناية لا قود فيها، وإتيان المرأة المرأة، والقذف بغير الزنى ونحوها، أو ترك الواجبات مع قدرته كقضاء الديون، وأداء الأمانات والودائع، ورد المغصوب والمظالم ونحو ذلك. ومن ارتكب معصية لا حد فيها ثم جاء تائباً نادماً فإنه لا يعزر.

- أقسام التعزير: ينقسم التعزير إلى قسمين: 1 - تعزير على التأديب والتربية: كتأديب الوالد لولده، والزوج لزوجته، والسيد لخادمه، في غير معصية، فهذا لا يجوز أن يزيد على عشرة أسواط لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إلا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ». متفق عليه (¬1). 2 - تعزير على المعاصي: فهذا تجوز فيه الزيادة للحاكم بحسب المصلحة والحاجة، وحجم المعصية، وكثرتها وقلتها، وليس لها حد معين، لكن إن كانت المعصية في عقوبتها مقدرة من الشارع كالزنى والسرقة ونحوها، فلا يبلغ بالتعزير الحد المقدر. - أنواع التعزير: التعزير مجموعة من العقوبات تبدأ بالنصح والوعظ، والهجر، والتوبيخ، والتهديد، والإنذار، والعزل عن الولاية، وتنتهي بأشد العقوبات كالحبس والجلد، وقد تصل إلى القتل تعزيراً إذا اقتضت المصلحة العامة كقتل الجاسوس، والمبتدع، وصاحب الجرائم الخطيرة. وقد يكون التعزير بالتشهير، أو الغرامة المالية، أو النفي. - عقوبة التعزير: عقوبة التعزير غير مقدرة، وللحاكم اختيار العقوبة التي تلائم الجاني كما سبق بشرط ألّا تخرج عما أمر الله به، أو نهى الله عنه، وذلك يختلف باختلاف الأماكن، والأزمان، والأشخاص، والمعاصي، والأحوال. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6850)، واللفظ له، ومسلم برقم (1708).

- عقوبة السكران: جميع الحدود التي رتبها الشارع على الجرائم لا يزاد فيها ولا يُنقص. وعقوبة السكران من باب التعزير الذي لا ينقص عن أقل تقدير وردت به السنة، وهو أربعون جلدة. وللحاكم أن يزيد عليه إذا رأى المصلحة في ذلك. وعقوبة شارب الخمر تعزير لا حد؛ لأنه لم يرد ذكر حده في القرآن ولا في السنة، وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا جيء بشارب الخمر ضربوه بالجريد والنعال ونحوها، ولو كان له حد لوجب ضبطه كغيره من الحدود. وجُلد شارب الخمر في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو أربعين، وكذلك في عهد أبي بكر رضي الله عنه، ولما أكثر الناس من شربه جَلد عمر رضي الله عنه شاربه ثمانين، وألحقه بعد مشاورة الصحابة بأخف الحدود وهو القذف ولو كان للخمر حد ما استطاع عمر رضي الله عنه ولا غيره تجاوزه؛ لأن الحدود لا تغير. فتبين بهذا أن عقوبة شارب الخمر تعزير لا حد. - حكم الخمر: اسم لكل ما خامر العقل وغطاه من أي نوع من الأشربة. - كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام. عن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البِتْعِ - وهو شراب العسل- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5586) واللفظ له، ومسلم برقم (2001).

عقوبة شارب الخمر

- حكمة تحريم الخمر: الخمر أم الخبائث، ويحرم تعاطيها بأي صورة كانت، شرباً، أو بيعاً، أو شراء، أو تصنيعاً، أو أيَّ خدمة تؤدي إلى شربها، وهي تغطي عقل شاربها فيتصرف تصرفات تضر البدن والروح، والمال والولد، والعرض والشرف، والفرد والمجتمع، وهي تزيد في ضغط الدم، وتسبب له ولأولاده البله، والجنون، والشلل، والميل إلى الإجرام. والسكر لذة ونشوة يغيب معها العقل الذي يحصل به التمييز، فلا يعلم صاحبه ما يقول، ومن أجل ذلك حرمها الإسلام وشرع عقوبة تعزيرية رادعة لمتعاطيها. 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} ... [المائدة/90 - 91]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ». متفق عليه (¬1). - ثبوت شرب الخمر: يثبت شرب الخمر بأحد أمرين: 1 - إقرار شاربها بأنه شرب الخمر. 2 - شهادة شاهدين عدلين. - عقوبة شارب الخمر: 1 - إذا شرب المسلم الخمر مختاراً عالماً أن كثيره يُسكر جُلد أربعين جلدة، وللإمام ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6772) واللفظ له، ومسلم برقم (57).

حكم المخدرات

أن يبلغ به الثمانين تعزيراً إن رأى انهماك الناس في الشراب. 2 - مَنْ شرب الخمر في المرة الأولى جُلد أربعين، فإن شرب ثانية جُلد، فإن شرب ثالثة جُلد، فإن شرب رابعة فللإمام حبسه أو قتله تعزيراً؛ صيانة للعباد، وردعاً للفساد. 3 - مَنْ شرب الخمر في الدنيا ولم يتب لم يشربها في الآخرة وإن أُدخل الجنة، ولا يدخل الجنة مدمن خمر، ومَنْ شربها وسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، وإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، ومَنْ كرر شربها سقاه الله يوم القيامة من عصارة أهل النار. 1 - عن جابر رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ وَجَيْشَانُ مِنْ الْيَمَنِ فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنْ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَوَمُسْكِرٌ هُوَ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ». رواه مسلم (¬1). 2 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ». متفق عليه (¬2). - يجوز للإمام التعزير بكسر أواني الخمر وتحريق أمكنة الخمارين بحسب المصلحة فيما يراه رادعاً وزاجراً عن شربها. - حكم المخدرات: المخدرات: مواد تفسد الجسم، وتورث الخدر والفتور على الجسم والعقل. والمخدرات داء عضال تسبب الشرور والأمراض. ويحرم تعاطيها، وتهريبها وترويجها، والتجارة فيها، وللإمام عقوبة مَنْ فعل ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2002). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5575) واللفظ له، ومسلم برقم (2003).

ذلك بما يحقق المصلحة من قتل، أو جلد، أو سجن، أو غرامة؛ قطعاً لدابر الشر والفساد، وحفظاً للأنفس والأموال والأعراض والعقول. - عقوبة أهل المخدرات: لخطر المخدرات العظيم، وضررها المهلك، أفتى بعض كبار العلماء بما يلي: 1 - مهرب المخدرات عقوبته القتل؛ لعظيم ضرره وشره. 2 - مُرَوِّج المخدرات بالبيع، والشراء، أو التصنيع، أو الاستيراد، أو الإهداء في المرة الأولى يعزر تعزيراً بليغاً بالحبس، أو الجلد، أو المال، أو بها كلها حسب رأي الحاكم. وإن تكرر منه ذلك فيعزر بما يقطع شره عن الأمة حتى ولو كان ذلك بالقتل؛ لأنه بفعله هذا من المفسدين في الأرض. - حكم المفترات: المفترات: هي كل ما يورث الفتور في البدن، والخدر في الأطراف. والمفترات تسبب الفتور والخدر في البدن كالدخان، والجراك، والقات، ونحوها مما لا يصل إلى حد الإسكار، ولا يغيب العقل، وهي محرمة لا يجوز تعاطيها لضررها الديني والصحي، والبدني، والمالي، والعقلي. - عقوبة تعاطي المفترات عقوبة تعزيرية يقدرها الحاكم حسب ما يحقق المصلحة. - كفارة من قَبَّل امرأة لا تحل له وجاء نادماً: عن ابن مسعود رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِن امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود/114]. قَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ الله أَلِيَ هَذَا؟ قَالَ: «لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (526)، واللفظ له، ومسلم برقم (2763).

الردة

الردة - المرتد: هو مَنْ كفر بعد إسلامه طوعاً. - حكم المرتد: المرتد أغلظ كفراً من الكافر الأصلي، والردة كفر مخرج من الملة، وموجب للخلود في النار إن لم يتب قبل الموت، وإذا قُتل المرتد أو مات ولم يتب فهو كافر لا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه ولا يُدفن في مقابر المسلمين. 1 - قال الله تعالى: ... {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)} [البقرة/217]. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ». أخرجه البخاري (¬1). - حكمة مشروعية قتل المرتد: الإسلام منهج كامل للحياة، ونظام شامل لكل ما يحتاجه البشر، موافق للفطرة والعقل، قائم على الدليل والبرهان، وهو من أكبر النعم، وبه تتحقق سعادة الدنيا والآخرة. ومن دخل فيه ثم ارتد عنه فقد انحط إلى أسفل الدركات، ورد ما رضيه الله لنا من الدين، وخان الله ورسوله، فيجب قتله؛ لأنه أنكر الحق الذي لا تستقيم الدنيا والآخرة إلا به. - أقسام الردة: تنقسم الردة إلى ثلاثة أقسام: 1 - الردة بالاعتقاد: كأن يعتقد الإنسان وجود شريك مع الله في ربوبيته، أو ألوهيته، ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (3017).

أو جحد ربوبيته، أو وحدانيته، أو صفة من صفاته، أو يعتقد تكذيب الرسل عليهم الصلاة والسلام، أو جحد الكتب المنزلة، أو ينكر البعث، أو الجنة، أو النار، أو يبغض شيئاً من الدين ولو عمل به. أو يعتقد أن الزنى أو الخمر ونحوهما من محرمات الدين الظاهرة حلال، أو جحد وجوب الصلاة، أو الزكاة، أو نحوهما من واجبات الدين الظاهرة ومثله لا يجهله، فإن جهله لم يكفر، فإن عرف حكمه وأصر على اعتقاده كفر، أو شك في شيء من واجبات الدين ومثله لا يجهله كالصلاة. 2 - الردة بالقول: كأن يسب الله، أو رسله، أو ملائكته، أو كتبه المنزلة، أو ادعى النبوة، أو دعا مع الله غيره، أو قال إن للهِ ولداً أو زوجة، أو أنكر تحريم شيء من المحرمات الظاهرة كالزنى والربا والخمر ونحوها، أو استهزأ بالدين أو شيء منه كوعد الله، أو وعيده، أو سب الصحابة أو أحداً منهم ونحو ذلك. 3 - الردة بالفعل: كأن يذبح لغير الله، أو يسجد لغير الله، أو يترك الصلاة. أو بترك الحكم بما أنزل الله رغبة عنه، أو يعرض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، أو يظاهر المشركين ويعاونهم على المسلمين ونحو ذلك. - ما يفعل بالمرتد: مَنْ ارتد عن الإسلام وهو بالغ عاقل مختار دُعي إليه وَرُغِّبَ فيه، وعُرضت عليه التوبة لعله يتوب، فإن تاب فهو مسلم، وإن لم يتب وأصر على ردته قُتل بالسيف كفراً لا حداً. عَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه أنَّ رَجُلاً أسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، فَأتَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ عِنْدَ أبِي مُوسَى، فَقَالَ: مَا لِهَذَا؟ قَالَ: أسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، قَالَ: لا أجْلِسُ حَتَّى أقْتُلَهُ، قَضَاءُ الله وَرَسُولِهِ؟. متفق عليه (¬1). - مَنْ كانت ردته بجحد شيء من الدين فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحود به. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7157)، واللفظ له، ومسلم برقم (1824) في كتاب الإمارة.

حكم السحر

- حكم ردة الزوج: إذا ارتد الزوج فلا تحل له زوجته، وله مراجعتها بعد التوبة ما دامت في العدة، فإن خرجت من العدة ولم يراجعها ملكت نفسها، فلم تحل إلا برضاها بعقد ومهر جديدين. - السحر: عُقَد ورُقَى تؤثر في بدن المسحور وعقله. - حكم السحر: السحر يحرم تعلمه، وتعليمه، وفعله، والدلالة عليه. وحكمه: 1 - إن كان السحر بواسطة الشياطين فإنه يكفر الساحر، ويُقتل إن لم يتب قَتْل ردة. 2 - وإن كان السحر بالأدوية والعقاقير فقط فليس هذا كفراً، بل معصية من الكبائر، يُقتل قتل الصائل إن لم يتب حسب اجتهاد الحاكم. 1 - قال الله تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة/102]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» قَالُوا يَا رَسُولَ الله وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِالله وَالسِّحْرُ ... » متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2766)، واللفظ له، ومسلم برقم (89).

الأيمان

الأيْمان - اليمين: هي توكيد الأمر المحلوف عليه بذكر الله، أو اسم من أسمائه، أو صفة من صفاته على وجه مخصوص، وتسمى الحلف أو القسم. - اليمين المنعقدة: اليمين التي تنعقد وتجب بها الكفارة إذا حنث هي اليمين بالله، أو اسم من أسمائه، أو صفة من صفاته، كأن يقول: والله، وبالله، وتالله، والرحمن، وعظمة الله، وجلاله وعزته، ورحمته ونحو ذلك. - حكم الحلف بغير الله: 1 - الحلف بغير الله محرم وهو شرك أصغر؛ لأن الحلف تعظيم للمحلوف به، والتعظيم لا يكون إلا للهِ عز وجل. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الله فَقَدْ أَشْرَكَ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). 2 - يحرم الحلف بغير الله كأن يقول: (والنبي، وحياتك، والأمانة، والكعبة، والآباء ونحو ذلك). قال عليه الصلاة والسلام: «أَلا إنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوْا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِالله أَوْ لِيَصْمُتْ». متفق عليه (¬2). - يجب حفظ الأيمان وعدم الاستهانة بها، وشأنها عظيم، فلا يجوز التساهل باليمين ولا الاحتيال للتخلص من حكمه، ويجوز القسم على الأمر المهم شرعاً. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3251)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1535). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2679)، ومسلم برقم (1646) واللفظ له.

- أقسام اليمين: أقسام اليمين من حيث الانعقاد ثلاثة: الأول: اليمين المنعقدة: وهي كما سبق تنعقد، وفيها الكفارة إن حنث. الثاني: اليمين الغموس: وهي محرمة، وصفتها أن يحلف على أمر ماض كاذباً عالماً، وهي التي تُهضم بها الحقوق، أو يُقصد بها الفسق والخيانة، وهي من أكبر الكبائر، وسميت غموساً؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار، ولا كفارة فيها، ولا تنعقد، وتجب المبادرة بالتوبة منها. الثالث: اليمين اللغو: وهي الحلف من غير قصد اليمين مما يجري على اللسان كقوله: لا والله، وبلى والله، أو والله لتأكلن، أو لتشربن ونحو ذلك، أو حلف على أمر ماضٍ يظن صدق نفسه فبان بخلافه. وهذه اليمين لا تنعقد، ولا كفارة فيها، ولا يؤاخَذ بها الحالف؛ لقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة/ 89]. - إذا استثنى في يمينه فقال: والله لأفعلن كذا إن شاء الله، لم يحنث إذا لم يفعله. - كفارة الحلف بغير الله: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللَّاتِ وَالعُزَّى فَلْيَقُلْ: لا إلَهَ إلا الله، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه حلف باللات والعزى، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قُلْ لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ ثَلاثاً، وَاتْفُلْ عَنْ شِمَالِكَ ثَلاثاً، وَتَعَوَّذ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلا تَعُدْ». اخرجه أحمد وابن ماجه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4860)، واللفظ له، ومسلم برقم (1647). (¬2) صحيح/أخرجه أحمد برقم (1622)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2097).

- أحكام اليمين: لليمين خمسة أحكام: 1 - يمين واجبة: وهي التي يُنقذ بها إنساناً معصوماً من هلكة. 2 - مندوبة: كالحلف عند الإصلاح بين الناس، وإذا توقف عليها فعل مستحب. 3 - مباحة: كالحلف على فعل مباح، أو تركه، أو توكيد أمر ونحو ذلك. 4 - مكروهة: كالحلف على فعل مكروه، أو ترك مندوب، والحلف في البيع والشراء. 5 - محرمة: كمن حلف كاذباً متعمداً، أو حلف على فعل معصية، أو ترك واجب. - حكم الحنث في اليمين: يسن الحنث في اليمين إذا كان خيراً، كمن حلف على فعل مكروه، أو ترك مندوب، فيفعل الذي هو خير ويكفِّر عن يمينه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَلْيَأْتِهَا، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ». أخرجه مسلم (¬1). - يجب نقض اليمين إذا حلف على ترك واجب كمن حلف لا يصل رحمه، أو حلف على فعل محرم كمن حلف ليشربن الخمر، فيجب نقض اليمين، ويكفر عنها. - ويباح نقض اليمين كما إذا حلف على فعل مباح، أو حلف على تركه، ويكفر عن يمينه. - شروط وجوب كفارة اليمين: يشترط لوجوب كفارة اليمين ما يلي: 1 - أن تكون اليمين منعقدة من مكلف على أمر مستقبل ممكن، كمن حلف لا يدخل دار فلان. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1650).

2 - أن يحلف مختاراً، فإن حلف مكرهاً لم تنعقد يمينه. 3 - أن يكون قاصداً لليمين، فلا تنعقد بلا قصد، كمن يجري على لسانه (لا والله، وبلى والله) في حديثه. 4 - الحنث في يمينه، بأن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله مختاراً ذاكراً. - صفة كفارة اليمين: يخير من لزمته كفارة يمين بين: 1 - إطعام عشرة مساكين نصف صاع من قوت البلد لكل واحد من بر، أو تمر، أو أرز ونحوها، وإن غدَّى المساكين العشرة أو عشَّاهم جاز. 2 - كسوة عشرة مساكين ما يُجزئ في الصلاة. 3 - عتق رقبة مؤمنة. وهو مخير في هذه الثلاثة السابقة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام، ولا يجوز الصيام إلا عند العجز عن الثلاثة السابقة. - حكم تقديم كفارة اليمين: يجوز تقديم الكفارة على الحنث، ويجوز تأخيرها عنه، فإن قدمها كانت محللة لليمين، وإن أخرها كانت مكفرة له. قال الله تعالى في بيان كفارة اليمين: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)} [المائدة/89]. - من حق المسلم على أخيه إبرار قسمه إذا أقسم عليه إذا لم يكن في معصية، ولم تلحقه مشقة.

- إذا حلف لا يفعل هذا الشيء ففعله ناسياً، أو مكرهاً، أو جاهلاً أنه المحلوف عليه لم يحنث، ولا كفارة عليه، ويمينه باقية. - إذا حلف على إنسان قاصداً إكرامه لا يحنث مطلقاً، فإن كان قاصداً إلزامه ولم يفعل فإنه يحنث. - الأعمال بالنيات، فمن حلف على شيء وَوَرَّى بغيره فالعبرة بنيته لا بلفظه. - حقيقة اليمين: اليمين تكون على نية المستحلف، فإذا حلَّفه القاضي في الدعوى أو غيرها، فيجب أن تكون على نية المحلِّف لا على نية الحالف، وإذا حلف بدون استحلاف فعلى نية الحالف. - حكم من حرم على نفسه حلالاً غير زوجته: من حرَّم على نفسه حلالاً سوى زوجته من طعام أو غيره لم يحرم عليه، وعليه إن فعله كفارة يمين؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)} [التحريم/1 - 2]. - حكم من حلف على معصية: مَنْ حلف لا يفعل الخير فلا يجوز له الإصرار على يمينه، بل يكفِّر عن يمينه ويفعل الخير؛ لقوله سبحانه: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)} [البقرة/224].

النذر

النذر - النذر: هو إلزام مكلف مختار نفْسَه للهِ تعالى شيئاً غير لازم بأصل الشرع، بكل قول يدل عليه. - حكم النذر: النذر مكروه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، وبين أنه لا يأتي بخير، وليس فيه فائدة، فهو لا يأت بخير، ولا يرد قدراً؛ لأن الله يفعل ما يشاء، سواء نذرت أو لم تنذر. والله عز وجل لم يُثن على الناذرين، وإنما أثنى على الموفين بالنذر إذا نذروا. فالنذر لا تحمد عقباه، وقد يتعذر الوفاء به فيلحقه الإثم، والناذر يشارط الله تعالى ويعاوضه على أنه إن حصل مطلوبه قام بما نذر، وإلا لم يقم، والله غني عن العباد وطاعاتهم. 1 - قال الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)} [الإنسان/7]. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النذر وقال: «إنَّهُ ... لا يَرُدُّ شَيْئاً وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ». متفق عليه (¬1). - حكم النذر لغير الله: النذر نوع من العبادة، لا يجوز صرفه لغير الله تعالى؛ لأنه يتضمن تعظيم المنذور له، والتقرب إليه بذلك، فمن نذر لغير الله تعالى من قبر، أو ملك، أو نبي، أو ولي فقد أشرك بالله الشرك الأكبر، وهو باطل يحرم الوفاء به. - من يصح منه النذر: لا يصح النذر إلا من بالغ، عاقل، مختار، مسلماً كان أو كافراً. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6608)، واللفظ له، ومسلم برقم (1639).

- أقسام النذر: ينقسم النذر إلى ستة أقسام: 1 - النذر المطلق: كقوله: للهِ عليّ نذر إن فعلت كذا وَفَعَله فيلزمه كفارة يمين. 2 - نذر اللجاج أو الغضب: وهو تعليق نذره بشرطٍ يقصد المنع منه، أو الحمل عليه، أو التصديق، أو التكذيب، كقوله: إن كلمتك فعليَّ الحج مثلاً، فيخير بين فعل ما نذره، وبين كفارة يمين. 3 - نذر فعل مباح: مثل أن ينذر أن يلبس ثوبه، أو يركب دابته ونحوهما، فيخير بين فعله، وكفارة يمين. 4 - النذر المكروه: كنذر الطلاق ونحوه فيسن أن يكفر عن يمينه ولا يفعله. 5 - نذر المعصية: مثل أن ينذر أن يقتل أحداً، أو يشرب الخمر، أو يزني، أو أن يصوم يوم العيد. وهذا النذر لا يصح، ويحرم الوفاء به، وعليه كفارة يمين، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). 6 - نذر الطاعة: سواء كان مطلقاً كفعل الصلاة، والصوم، والحج، والعمرة، والاعتكاف ونحوها بقصد التقرب إلى الله تعالى فيجب الوفاء به. أو كان معلقاً كقوله: إن شفى الله مرضي أو ربح مالي فلله عليَّ كذا من صدقة، أو صوم ونحوها، فإذا وُجِد الشرط لزمه الوفاء به، فالوفاء بالنذر عبادة يجب أداؤها، وقد مدح الله المؤمنين بأنهم يوفون بالنذر. 1 - قال الله تعالى في صفة الأبرار: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)} [الإنسان/7]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة/270]. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3290)، وأخرجه الترمذي برقم (1524).

3 - وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ الله فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ». أخرجه البخاري (¬1). - مَنْ نذر فعل طاعة ومات قبل فِعْلها فَعَلها عنه وليه كصيام، وصدقة ونحوهما مما تدخله النيابة. - حكم من عجز عن النذر: من نذر فعل طاعة ثم عجز عن الوفاء بما نذر فعليه كفارة يمين. ويكره له النذر، لقول ابن عمر رضي الله عنهما: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النذر وقال: «إنَّهُ لا يَرُدُّ شَيْئاً وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ». متفق عليه (¬2). - حكم النذر فيما يشق على الإنسان: يكره النذر في كل ما يشق على العبد من الأعمال والطاعات. فمن نذر نذراً لا يطيقه ويلحقه به مشقة كبيرة كمن نذر أن يقوم الليل كله، أو يصوم الدهر كله، أو يتصدق بماله كله، أو يحج أو يعتمر ماشياً لم يجب الوفاء بهذا النذر، وعليه كفارة يمين. - مصرف النذر: مصرف نذر الطاعة على ما نواه به صاحبه في حدود الشريعة المطهرة، فإن نوى بالمنذور من لحم أو غيره الفقراء فلا يجوز أن يأكل منه. وإن نوى بنذره أهل بيته، أو رفقته، أو أصحابه جاز له أن يأكل كواحد منهم. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6696). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6693)، واللفظ له، ومسلم برقم (1639).

- حكم من خلط في نذره طاعة بمعصية: مَنْ خلط في نذره طاعة بمعصية لزمه فعل الطاعة، وترك المعصية. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ». أخرجه البخاري (¬1). - حكم من نذر أن يصوم أياماً فوافق النحر أو الفطر: لا يجوز لأحد أن يصوم يومي العيد، ومن نذر ذلك كفر عن نذره. عن زياد بن جبير قال: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَألَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: نَذَرْتُ أنْ أصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثُلاثَاءَ أوْ أرْبِعَاءَ مَا عِشْتُ، فَوَافَقْتُ هَذَا اليَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: أمَرَ الله بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنُهِينَا أنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ مِثْلَهُ، لا يَزِيدُ عَلَيْهِ. متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (6704). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6706)، واللفظ له، ومسلم برقم (1139).

الباب الثامن كتاب القضاء

الباب الثامن كتاب القضاء ويشتمل على ما يلي: 1 - معنى القضاء وحكمه 2 - فضل القضاء 3 - خطر القضاء 4 - آداب القاضي 5 - صفة الحكم 6 - الدعاوى والبينات

1 - معنى القضاء وحكمه

كتاب القضاء 1 - معنى القضاء وحكمه - القضاء: هو تبيين الحكم الشرعي، والإلزام به، وفصل الخصومات. - حكمة مشروعية القضاء: شرع الله القضاء لحفظ الحقوق، وإقامة العدل، وصيانة الأنفس والأموال والأعراض، والله خلق الناس وجعل بعضهم محتاجاً لبعض في القيام بالأعمال كالبيع والشراء، وسائر الحرف، والنكاح، والطلاق، والإجارة، والنفقات ونحوها من ضروريات الحياة، ووضع الشرع لذلك قواعد وشروطاً تحكم التعامل بين الناس فيسود العدل والأمن. ولكن قد تحدث بعض المخالفات لتلك الشروط والقواعد إما عمداً، أو جهلاً، فتحدث المشاكل، ويحصل النزاع والشقاق، والعداوة والبغضاء، وقد تصل الحال إلى نهب الأموال، وإزهاق الأرواح، وتخريب الديار، فشرع الله العليم بمصالح عباده القضاء بشرع الله لإزالة تلك الخصومات، وحل المشكلات، والقضاء بين العباد بالحق والعدل. قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ... } [المائدة/48]. - حكم القضاء: القضاء فرض كفاية، ويجب على الإمام أن ينصب للناس قاضياً أو أكثر في كل إقليم أو بلد حسب الحاجة؛ لفصل الخصومات، وإقامة الحدود، والحكم بالحق والعدل، ورد الحقوق، وإنصاف المظلوم، والنظر في مصالح المسلمين ونحو ذلك.

والحكم بين الناس بالعدل فرض كفاية؛ لأن المقصود الفعل دون الفاعل، وإن كان المقصود الفعل والفاعل فهو فرض عين كالصلاة، وصوم رمضان ونحوهما. قال الله تعالى {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص/26]. - شروط القاضي: يشترط فيمن يتولى القضاء ما يلي: 1 - أن يكون القاضي قوياً أميناً، فالقاضي لا بد أن يكون قوياً في علمه، أميناً على القيام بعمله. 2 - أن يكون مسلماً؛ لأن القاضي يجب أن يحكم بما أنزل الله. 3 - أن يكون بالغاً عاقلاً؛ لأن الصغير والمجنون قاصر التصرف. 4 - أن يكون عدلاً؛ لأن الفاسق لا يؤمن أن يحيف لفسقه. 5 - أن يكون سميعاً؛ لأن الأصم لا يستطيع سماع كلام الخصوم. 6 - أن يكون متكلماً؛ ليستطيع الكلام مع الخصوم. 7 - أن يكون مجتهداً عارفاً بالأحكام؛ لأن المقلد والعامي لا يصلح أن يتولى القضاء. 8 - أن يكون ذكراً؛ لأن المرأة ناقصة العقل، سريعة العاطفة، ولهذا تُخدع كثيراً. وهذه الشروط تعتبر حسب الإمكان، ويفضل البصير على الأعمى، وتجب ولاية الأمثل فالأمثل.

- اختيار القاضي: الذي يعين القضاة إمام المسلمين. ويجب على إمام المسلمين أن يختار للقضاء بين الناس أفضلهم علماً وورعاً، وأحسنهم ذكاء وفراسة؛ لأن الناس منهم المحق والمبطل، ولئلا يضيع الحق ويخدعه الفاجر. ويختار أشدهم ورعاً؛ لأن الوَرِع لا يأكل الحرام، ولا يحابي أحداً. ويختار الأتقى؛ لأن في التقوى تسهيل الأمور، وتيسير كل عسير، ومعرفة الحق، ومحبته، والحكم به. ويختار القوي في علمه، الأمين في عمله، الصادق الفقيه. قال الله تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)} [القصص/26].

2 - فضل القضاء

2 - فضل القضاء - للقضاء بين الناس فضل عظيم لمن قوي عليه وأَمِنَ على نفسه من الظلم والحيف، وهو من أفضل القربات؛ لما فيه من الإصلاح بين الناس، وإنصاف المظلوم، ورد الظالم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، وأداء الحقوق إلى أهلها، وهو وظيفة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فلهذه الأمور العظيمة جعل الله فيه أجراً مع الخطأ، وأسقط عن القاضي حكم الخطأ إذا وقع باجتهاد، فإن أصاب فله أجران: أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد وهو أجر الاجتهاد ولا إثم عليه. 1 - قال الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)} [النساء/114]. 2 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ الله مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتاهُ الله حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا». متفق عليه (¬1). 3 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا». أخرجه مسلم (¬2). 4 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله تَعَالَى فِي ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (73)، ومسلم برقم (816) واللفظ له (¬2) أخرجه مسلم برقم (1827).

ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: إمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ الله، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي الله، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إنِّي أَخَافُ الله، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». متفق عليه (¬1). 5 - وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ، ثُمَّ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1423)، واللفظ له، ومسلم برقم (1031). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7352)، ومسلم برقم (1716).

3 - خطر القضاء

3 - خطر القضاء 1 - القضاء موضوعه الحكم بين الناس في دمائهم وأعراضهم وأموالهم وسائر حقوقهم، فلذلك خطره عظيم جداً؛ لأنه يُخشى حصول ميل من القاضي إلى أحد الخصمين، إما لكونه قريباً له، أو صديقاً له، أو صاحب جاه ترجى منفعته، أو صاحب رئاسة تُخاف سلطته ونحو ذلك، فيجور في الحكم متأثراً بما سبق. 2 - والقاضي يبذل جهداً كبيراً في معرفة الحكم الشرعي، والبحث في الأدلة، وإجهاد النفس للوصول إلى الصواب، مما يُنهك بدنه ويرهقه ويضعفه، والله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار وكله إلى نفسه. - أقسام القضاة وأعمالهم: 1 - قال الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص/26]. 2 - وعن بريدة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «القُضَاةُ ثَلاثَةٌ، اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الجَنَّةِ، رَجُلٌ عَلِمَ الحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الجَنَّةِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ جَارَ فِي الحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ جُعِلَ قَاضِياً بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّيْنٍ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬2). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3573)، وأخرجه ابن ماجه برقم (2315)، وهذا لفظه. (¬2) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3572)، وأخرجه ابن ماجه برقم (2308).

- حكم طلب القضاء: لا ينبغي طلب القضاء أو الحرص عليه، لقوله عليه الصلاة والسلام: «يَا عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لا تَسْأَلِ الإمَارَةَ فَإنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إلَيْهَا، وَإنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا». متفق عليه (¬1). - حكم تولية أهل البدع القضاء: القضاء بين الناس من أعظم المناصب في الإسلام، فلا يجوز توليته أهل البدع، لانتفاء الشروط اللازمة عنهم. وأهل البدع قسمان: الأول: أهل بدع مكفرة، فهؤلاء انتفى عنهم شرط الإسلام. الثاني: أهل بدع مفسقة، فهؤلاء انتفى عنهم شرط العدالة. فلا يولى القضاء لا هؤلاء، ولا هؤلاء، ولو على جنسهم. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7147)، واللفظ له، ومسلم برقم (1652). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2697)، واللفظ له، ومسلم برقم (1718).

4 - آداب القاضي

4 - آداب القاضي - يسن أن يكون القاضي قوياً من غير عنف؛ لئلا يطمع فيه الظالم، لَيِّناً من غير ضعف؛ لئلا يهابه صاحب الحق. - وينبغي للقاضي أن يكون حليماً؛ لئلا يغضب من كلام الخصم، فتأخذه العجلة والتسرع وعدم التثبت. وأن يكون ذا أناة؛ لئلا تؤدي عجلته إلى ما لا ينبغي، وأن يكون ذا فطنة؛ لئلا يخدعه بعض الخصوم. وأن يكون عفيفاً نزيهاً في نفسه وماله عن الحرام. وأن يكون أميناً مخلصاً عمله للهِ عز وجل، يبتغي بذلك الأجر والثواب، ولا يخاف في الله لومة لائم. وأن يكون بصيراً بأحكام القضاة قبله؛ ليسهل عليه الحكم. - وينبغي أيضاً للقاضي أن يحضر مجلسه الفقهاء والعلماء، وأن يشاورهم فيما يشكل عليه. - ويجب على القاضي أن يسوِّي بين الخصمين في الدخول عليه، والجلوس بين يديه، والإقبال عليهما، والاستماع لهما، والحكم بينهما بما أنزل الله. - يحرم على القاضي أن يقضي وهو غضبان كثيراً، أو حاقن، أو في شدة جوع أو عطش، أو هَمّ، أو ملل، أو كسل، أو نعاس، فإن خالف وأصاب الحق نفذ. - ويسن للقاضي أن يتخذ كاتباً مسلماً، مكلفاً، عدلاً، يكتب له الوقائع والقضايا ونحو ذلك.

- ما يجتنبه القاضي: يحرم على القاضي كغيره قبول رشوة، ولا يقبل هدية إلا ممن كان يهاديه قبل ولايته، والأَوْلى عدم قبولها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «هَدَايَا العُمَّالِ غُلُولٌ». أخرجه أحمد (¬1). - هل يقضي القاضي بعلمه؟: يجب على القاضي أن يحكم حسب الأمور الحسية الظاهرة، ولا يحكم بعلمه ولو كان متيقناً لئلا يُتهم. لكن لو تحاكم إليه خصمان يعلم علم اليقين أن الحق مع أحدهما، حوّل القضية إلى قاض آخر، وصار شاهداً. ولا يقضي القاضي بعلمه؛ لأن ذلك يفضي إلى تهمته، بل يقضي على نحو ما يسمع، ويجوز له أن يقضي بعلمه إذا لم يخف الظنون والتهمة، أو يكون الأمر قد تواتر عنده وتظافرت به الأخبار، بحيث اشترك في العلم به هو وغيره، أو بما علمه في مجلس الحكم. - فضل الإصلاح بين الناس ورحمتهم: يستحب للقاضي أن يصلح بين المتخاصمين، ويرغبهم في العفو والتسامح ما لم يتضح الحكم الشرعي فيحكم به. 1 - قال الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)} [النساء/114]. ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (23999)، انظر الإرواء رقم (2622).

2 - وقال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} [الحجرات/10]. 3 - وقال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح/29]. 4 - وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَرْحَمُ الله مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ». متفق عليه (¬1). - حكم وعظ الخصوم قبل الحكم: يستحب للقاضي موعظة الخصوم قبل الحكم. عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئاً فَلا يَأْخُذْهُ، فَإنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ». متفق عليه (¬2). - لا ينفذ حكم القاضي لنفسه، ولا لمن لا تقبل شهادته له كعمودي نسبه، والزوجية ونحوهما. - إذا حَكَّم اثنان فأكثر بينهما شخصاً صالحاً للقضاء نفذ حكمه بينهما. - خطر الحكم بغير ما أنزل الله: يجب على القاضي أن يحكم بين الناس بما أنزل الله، ولا يجوز لأحد أن يحكم بينهم بغير ما أنزل الله مهما كانت الأحوال فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7376)، واللفظ له، ومسلم برقم (2319). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7169)، واللفظ له، ومسلم برقم (1713).

ولما كانت الشريعة الإسلامية كفيلة بإصلاح أحوال البشرية في جميع المجالات، فيجب على القاضي النظر في كل ما يرد إليه من القضايا مهما كانت، والحكم فيها بما أنزل الله، فدين الله كامل كافٍ شافٍ. 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} [المائدة/44]. 2 - وقال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)} [المائدة/49]. - الفرق بين القاضي والمفتي: القاضي له ثلاث صفات، فهو من جهة الإثبات شاهد، ومن جهة بيان الحكم مفتٍ، ومن جهة الإلزام بالحكم ذو سلطان، والفرق بين القاضي والمفتي: أن القاضي يبين الحكم الشرعي ويُلزم به، والمفتي يبينه فقط.

5 - صفة الحكم

5 - صفة الحكم - إذا حضر عند القاضي خصمان قال: أيكما المدعي؟ وله أن يسكت حتى يَبدأ أحدهما، فمَنْ سبق بالدعوى قدَّمه، فإن أقر له خصمه حكم له عليه. - وإن أنكر الخصم قال القاضي للمدعي: إنْ كان لك بينة فأحضرها، فإن أحضرها سمعها وحكم بها، ولا يحكم بعلمه إلا في حالات خاصة كما سبق. - وإن قال المدعي ليس لي بينة، أعلمه القاضي أن له اليمين على خصمه، فإن طلب المدعي إحلاف خصمه أحلفه القاضي وخلَّى سبيله. - وإن نكل المدعى عليه عن اليمين وأبى أن يحلف قضى عليه بالنكول وهو السكوت؛ لأنه قرينة ظاهرة على صدق المدعي. وللقاضي أن يرد اليمين على المدعي إذا امتنع عنها المدعى عليه لا سيما إذا قوي جانب المدعي، فإذا حلف قضى له. - وإن حلف المنكِر وخلَّى القاضي سبيله ثم أحضر المدعي بينة حكم بها؛ لأن يمين المنكِر مزيلة للخصومة لا مزيلة للحق. ولا يُنقض حكم القاضي إلا إذا خالف الكتاب أو السنة، أو إجماعاً قطعياً. - الأصل في المسلمين العدالة، ما لم تظهر على المسلم الريبة. فإذا ظهرت عليه الريبة، فلا بد من تحقق العدالة ظاهراً وباطناً؛ لأنه لا يجوز استباحة دماء الناس وأموالهم إلا بمن عُرف بالعدالة ظاهراً وباطناً؛ لئلا يقع القاضي فيما حرم الله. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} [الحجرات/6].

6 - الدعاوى والبينات

6 - الدعاوى والبيِّنات - الدعوى: هي إضافة الإنسان إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره. - المدَّعي: هو الطالب للحق، وإذا سكت تُرك. - المدَّعى عليه: هو المطالَبُ بالحق، وإذا سكت لم يُترك. - أركان الدعوى: أركان الدعوى ثلاثة: المدعي، والمدعى عليه، والمدعى فيه، أو المدعى به. - البينة: هي كل ما يبين الحق من شهود، أو يمين، وقرائن الأحوال ونحوها. - صفة البينة: البينة: هي ما أبان الشيء وأظهره. سواء كانت حجة شرعية يجب قبولها كالشهادة، أم قرينة يباح الأخذ بها. وسمي الشهود بينة لأنهم يبينون من له الحق، ومن عليه الحق. - شروط صحة الدعوى: لا تصح الدعوى إلا محرَّرة مفصَّلة؛ لأن الحكم مرتب عليها، وأن تكون معلومة المدَّعى به، وأن يصرح المدعي بطلبه، وأن يكون المدَّعى به حالًّا إن كان دَيْناً. - صفة الدعوى: الدعوى أن يضيف الإنسان لنفسه شيئاً على غيره، سواء كان هذا الشيء عيناً، أو منفعة، أو حقاً، أو دَيناً. والإضافة ثلاثة أقسام: الأول: أن يضيف الإنسان لنفسه شيئاً على غيره، وهذه دعوى كأن يقول: لي على فلان كذا.

الثاني: أن يضيف الإنسان شيئاً لغيره على نفسه، وهذا إقرار. الثالث: أن يضيف الإنسان شيئاً لغيره على غيره، وهذه شهادة. - أحوال البينة: 1 - البينة تارة تكون بشاهدين، وتارة برجل وامرأتين، وتارة بأربعة شهداء، وتارة بثلاثة شهداء، وتارة بشاهد ويمين المدعي كما سيأتي إن شاء الله تعالى. 2 - يشترط في الشهادة عدالة البينة، ويحكم بها القاضي، فإن علم خلاف ما شهدت به لم يجز له الحكم بها، ومن جُهلت عدالته سأل عنه، وإن جَرح الخصم الشهود كُلِّف البينة به، وأُنظر ثلاثاً، فإن لم يأت ببينة حكم عليه. - الناس في التُّهم ثلاثة أصناف: 1 - صنف معروف عند الناس بالدين والورع، وأنه ليس من أهل التهم، فهذا لا يُحبس ولا يُضرب، ويؤدب من يتهمه. 2 - أن يكون المتَّهَم مجهول الحال لا يُعرف ببر ولا فجور، فهذا يُحبس حتى يكشف عن حاله؛ حفظاً للحقوق. 3 - أن يكون المتَّهَم معروفاً بالفجور والإجرام، ومثله يقع في الاتهام، وهذا أشد من القسم الثاني، فهذا يمتحن بالضرب والحبس حتى يقر؛ حفظاً لحقوق العباد. - إذا علم القاضي عدالة البينة حكم بها ولم يحتج إلى التزكية، وإن علم عدم عدالتها لم يحكم بها، وإن جهل حال البينة طلب من المدعي تزكيتهم بشاهدين عدلين. - صفة حكم القاضي: حُكْم القاضي لا يُحل حراماً، ولا يُحرم حلالاً، فإن كانت البينة صادقة حَلَّ للمدعي أخذ الحق، وإن كانت البينة كاذبة كشهادة الزور، وحكم له القاضي، فلا يحل له أخذه.

عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئاً بِقَوْلِهِ، فَإنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ، فَلا يَأْخُذْهُ». متفق عليه (¬1). - صفة الحكم على الغائب: يجوز الحكم على الغائب إذا ثبت عليه الحق بالبينة، وكان في حقوق الآدميين لا في حق الله، والغائب بعيد مسافة قصر فأكثر، وتعذَّر حضوره، فإن حضر الغائب فهو على حجته. - أين تقام الدعوى: تقام الدعوى في بلد المدعى عليه؛ لأن الأصل براءة ذمته، فإن هرب، أو ماطل، أو تأخر عن الحضور من غير عذر لزم تأديبه. - لا يُقبل في التزكية والجرح والرسالة إلا قول عدلين، ويُقبل في الترجمة قول واحد عدل، والاثنان إن أمكن أولى. - حكم كتاب القاضي إلى القاضي: يُقبل كتاب القاضي إلى القاضي في كل حق لآدمي كالبيع، والإجارة، والوصية، والنكاح، والطلاق، والجناية، والقصاص ونحوها، وفي كل حق لله كالحدود والواجبات. ولا ينبغي أن يكتب القاضي إلى القاضي في حدود الله كالزنى، والسكر ونحوها؛ لأنها مبنية على الستر، والدرء بالشبهات. وفائدة الكتابة إلى قاض آخر: راحة الخصوم من عناء السفر والتردد، أو يكون القاضي المكتوب إليه أكثر عملاً، فيحررها بشهودها من هو أقل عملاً، ثم يدفعها للقاضي الثاني ليحكم بهاونحو ذلك من المصالح. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2680)، واللفظ له، ومسلم برقم (1713).

- حكم المدعى به: المدعي والمدعى عليه إذا تداعيا عيناً فلا تخلو من ست حالات: 1 - إن كانت العين في يد أحدهما فهي له مع يمينه إن لم يكن للخصم بينة، فإن أقام كل منهما بينة فهي لمن هي في يده مع يمينه. 2 - أن تكون العين في يديهما ولا بينة فيتحالفان، وتقسم بينهما. 3 - أن تكون العين بيد غيرهما ولا بينة فيقترعان عليها، فمن خرجت له القرعة حلف وأخذها. 4 - ألّا تكون العين بيد أحد ولا بينة لأحدهما، فيتحالفان ويتناصفاها. 5 - أن يكون لكل واحد بينة وليست في يد واحد منهما، فهي بينهما على السوية. 6 - إذا تنازعا دابة أو سيارة وأحدهما راكب والآخر آخذ بزمامها فهي للأول بيمينه إن لم تكن بينة. - خطر اليمين الكاذبة: يحرم أن يحلف يميناً فاجرة يقتطع بها مال أخيه بغير حق؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الجَنَّةَ» فَقَالَ لَه رَجُلٌ: وَإنْ كَانَ شَيْئاً يَسِيراً يَا رَسُولَ الله قَالَ: «وَإنْ قَضِيباً مِنْ أَرَاكٍ». أخرجه مسلم (¬1). - حكم قسمة الأملاك: لا تجوز قسمة الأملاك التي لا تنقسم إلا بضرر أو رد عوض إلا برضا الشركاء، وما لا ضرر فيه ولا رد عوض في قسمته، فإذا طلب الشريك قسمتها أُجبر الآخر عليها، وللشركاء أن يتقاسموا بأنفسهم، أو بقاسم يختارونه، أو يسألون الحاكم نصبه وأجرته على قدر الأملاك، فإذا اقتسموا أو اقترعوا لزمت القسمة. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (137).

كيفية إثبات الدعوى

كيفية إثبات الدعوى تثبت الدعوى بواحد مما يلي: الإقرار .. الشهادة .. اليمين. 1 - الإقرار - الإقرار: هو إظهار مكلف مختار ما وجب عليه. - من يصح منه الإقرار: يصح الإقرار من كل بالغ، عاقل، مختار، غير محجور عليه، والإقرار سيد الأدلة. - حكم الإقرار: 1 - الإقرار واجب إذا كان في ذمة الإنسان حق للهِ كالزكاة ونحوها، أو حق لآدمي كالدين ونحوه. 2 - يجوز الإقرار إذا كان على المكلف حد من حدود الله تعالى كالزنى، والستر على نفسه والتوبة من ذلك أولى. 3 - إذا صح الإقرار وثبت، فإن كان متعلقاً بحق من حقوق الآدميين فلا يجوز الرجوع عنه ولا يُقبل. وإن كان متعلقاً بحق من حقوق الله كحد الزنى، أو الخمر، أو السرقة ونحوها فإنه يجوز الرجوع عنه؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات. 2 - الشهادة - الشهادة: هي الإخبار بما علمه بلفظ أشهد، أو رأيت، أو سمعت، أو نحو ذلك، شرعها الله لإثبات الحقوق.

قال الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق/2]. - شروط وجوب أداء الشهادة: أن يُدعى لذلك، وأن يقدر عليه، وألّا يترتب على أدائه لها ضرر يلحقه في بدنه، أو عرضه، أو ماله، أو أهله. - حكم أداء الشهادة: 1 - تَحمُّل الشهادة فرض كفاية إذا كانت في حقوق الآدميين، وأداؤها فرض عين على مَنْ تَحَمَّلها إن كانت في حقوق الآدميين، لقوله تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة/283]. 2 - أداء الشهادة في حق الله تعالى كمن شهد بحد من حدود الله كالزنى ونحوه فأداؤها مباح، وتركها أولى؛ لوجوب ستر المسلم، إلا إن كان مجاهراً معروفاً بالفساد فأداؤها أفضل؛ لقطع دابر الفساد والمفسدين. 3 - لا يحل لأحد أن يشهد إلا بعلم، والعلم يحصل بالرؤية، أو السماع، أو الاستفاضة، وهي الشهرة كزواج أحد، أو موته ونحوهما. - حكم شهادة الزور: شهادة الزور من أكبر الكبائر، وأعظم الذنوب فهي سبب في أكل أموال الناس بالباطل، وسبب لإضاعة الحقوق، وسبب لإضلال الحكام ليحكموا بغير ما أنزل الله. عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ» ثَلَاثاً؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الْإِشْرَاكُ بِاللهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ -وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ:- أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ». قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2654)، واللفظ له، ومسلم برقم (87).

- شروط من تُقبل شهادته: 1 - أن يكون بالغاً عاقلاً، فلا تقبل شهادة الصبيان إلا فيما بينهم. 2 - الكلام، فلا تقبل شهادة الأخرس إلا إذا أداها بخطه. 3 - الإسلام: فلا تجوز شهادة الكافر على المسلم إلا في الوصية أثناء السفر إن لم يوجد مسلم، وتجوز شهادة الكفار بعضهم على بعض. 4 - الحفظ: فلا تقبل من مغفل. 5 - العدالة: وهي في كل زمان ومكان بحسبها، ويعتبر لها شيئان: 1 - الصلاح في الدين: وهو أداء الفرائض، واجتناب المحرمات. 2 - استعمال المروءة: وهي فعل ما يجمِّله كالكرم، وحسن الخلق ونحوهما، واجتناب ما يُدَنِّسه كالقمار، والشعوذة، والشهرة بالرذائل ونحو ذلك. 6 - نفي التهمة. - تُقبل الشهادة على الشهادة في كل شيء إلا في الحدود، فإذا تعذَّرت شهادة الأصل بموت، أو مرض، أو غَيْبة قَبِل الحاكم شهادة الفرع إذا أنابه كقوله: اشهد على شهادتي ونحوه.

موانع الشهادة - موانع الشهادة ثمانية، وهي: 1 - قرابة الولادة: وهم الآباء وإن علوا، والأولاد وإن سفلوا، فلا تقبل شهادة بعضهم لبعض؛ للتهمة بقوة القرابة، وتقبل عليهم، وأما بقية القرابة كالإخوة والأعمام ونحوهما، فتقبل لهم وعليهم. 2 - الزوجية: فلا تقبل شهادة الزوج لزوجته، ولا الزوجة لزوجها، وتقبل عليهم. 3 - مَنْ يجر إلى نفسه نفعاً كشهادته لشريكه أو رقيقه. 4 - مَنْ يدفع عن نفسه ضرراً بتلك الشهادة. 5 - العداوة الدنيوية، فمن سره مساءة شخص، أو غمه فرحه فهو عدوه. 6 - مَنْ شهد عند حاكم ثم رُدَّت شهادته لخيانة ونحوها. 7 - العصبية، فلا شهادة لمن عُرف بالتعصب. 8 - إذا كان المشهود له مالكاً للشاهد أو خادماً عنده. أقسام المشهود به وعدد الشهود - ينقسم ذلك إلى سبعة أقسام: 1 - الزنى وعمل قوم لوط، لا بد فيه من شهادة أربعة رجال عدول، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} [النور/4].

2 - إذا ادعى مَنْ عُرف بالغنى أنه فقير ليأخذ من الزكاة فلا بد من شهادة ثلاثة رجال عدول. 3 - ما أوجب قصاصاً أو حداً غير الزنى أو تعزيراً فلا بد فيه من شهادة رجلين عدلين. 4 - قضايا الأموال كالبيع، والقرض، والإجارة ونحوها، والحقوق كالنكاح، والطلاق، والرجعة ونحوها، وكل ما سوى الحدود والقصاص فيُقبل فيه شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، ويُقبل في الأموال خاصة رجل ويمين المدعي إن تعذر إتمام الشهود. 1 - قال الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة/282]. 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ. أخرجه مسلم (¬1). 5 - ما لا يطَّلع عليه الرجال غالباً كالرضاع، والولادة، والحيض ونحو ذلك مما لا يحضره الرجال فيُقبل فيه رجلان، أو رجل وامرأتان، أو أربع نسوة، ويجوز من امرأة عدل، والأحوط اثنتان، أو رجل عدل، والأكمل كما سبق. 6 - ما يُقبل فيه قول واحد عدل، وهو رؤية هلال رمضان أو غيره. 7 - داء دابة، وموضحة، وهاشمة ونحوها يُقبل فيه قول طبيب، وبيطار واحد لعدم غيره، فإن لم يتعذر فاثنان. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1712).

- يجوز للقاضي الحكم بشهادة الرجل الواحد مع يمين المدعي في غير الحدود والقصاص إذا ظهر صدقه. - إذا حكم القاضي بشاهد ويمين ثم رجع الشاهد غَرِمَ الشاهد المال كله. - الحكم إذا رجع الشهود عن الشهادة: إذا رجع شهود المال بعد الحكم لم يُنقض، ويلزمهم الضمان دون من زكاهم، وإن رجع الشهود عن الشهادة قبل الحكم أُلغي، لا حكم ولا ضمان. 3 - اليمين - اليمين: هي الحلف بالله، أو باسم من أسمائه، أو بصفة من صفاته. - مشروعية اليمين: تُشرع اليمين في دعوى حقوق الآدميين خاصة، فهي التي يُستحلف فيها، أما حقوق الله كالعبادات والحدود فلا يُستحلف فيها، فلا يُستحلف إذا قال دفعت زكاة مالي، ولا يُستحلف منكر لحد من حدود الله كالزنى والسرقة؛ لأنه يستحب سترها، والتعريض بالرجوع عنها. - حكم اليمين في الدعوى: إذا عجز المدعي بحق على آخر عن البينة وأنكر المدعى عليه فليس له إلا يمين المدعى عليه، وهذا خاص بالأموال ونحوها، ولا يجوز في دعوى القصاص والحدود. اليمين تقطع الخصومة ولا تُسقط الحق، والبينة على المدعي، واليمين على من أنكر، هذا هو الأصل، فإذا أحضر المدعى البينة حكم القاضي بموجبها.

وإذا لم يحضرها طُلب من المدعي عليه الذي أنكر أن يحلف، فإذا لم يحلف رد اليمين على المدعي؛ لأنه لما نكل المدعى عليه قوي جانب المدعي، فيرد عليه اليمين ليتأكد. وللقاضي أن يقضي على المدعى عليه بالنكول، ولا يحلِّف المدعي. ويجوز للقاضي أن يُحلِّف المدعي، أو يحلِّف المدعى عليه حسب ما يراه، وهي مشروعة في أقوى الجانبين؛ لأن الأصل براءة الذمة إلا ببينة، فإذا لم تكن اكتفى منه باليمين. 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ». أخرجه الترمذي (¬2). - حكم تغليظ اليمين: يجوز للقاضي تغليظ اليمين فيما له خطر كجناية لا توجب قوداً، ومالٍ كثير ونحوهما إذا طلبها من توجهت له اليمين. والتغليظ في الزمان بعد العصر، وفي المكان في المسجد عند المنبر، وإن رأى القاضي ترك التغليظ كان مصيباً، ومن أبى التغليظ لم يكن ناكلاً عن اليمين، ومن حُلف له بالله فليرض. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4552)، ومسلم برقم (1711) واللفظ له. (¬2) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (1341).

- تُشرع اليمين في حق كل مدعى عليه، سواء كان مسلماً، أو من أهل الكتاب، فيحلف بالله إن لم تكن للمدعي بينة، ويَستحلف أهل الكتاب. فيقول لليهود مثلاً: «أُذَكِّرُكُمْ بِالله الَّذِي نَجَّاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَونَ، وَأَقْطَعَكُمُ البَحْرَ، وَظلَّلَ عَلَيْكُمُ الغَمَامَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْكُمُ الَمَنَّ وَالسَّلْوَى، وَأَنْزَلَ عَلَيْكُمُ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى ... ». أخرجه أبو داود (¬1). - شر الناس: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاءِ بِوَجْهٍ». متفق عليه (¬2). 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إلَى الله الأَلَدُّ الخَصِمُ». متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (3626). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7179)، واللفظ له، ومسلم برقم (2526). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7188)، واللفظ له، ومسلم برقم (2668).

الباب التاسع الجهاد في سبيل الله

الباب التاسع الجهاد في سبيل الله ويشتمل على ما يلي: 1 - معنى الجهاد وحكمه وفضله 2 - أقسام الجهاد 3 - آداب الجهاد في الإسلام 4 - عقد الذمة 5 - عقد الهدنة 6 - الخلافة والإمارة

1 - معنى الجهاد وحكمه وفضله

1 - معنى الجهاد وحكمه وفضله - الجهاد في سبيل الله: هو بذل الطاقة والوسع في قتال الكفار ابتغاء وجه الله - وهو المراد هنا -. - المجاهد في سبيل الله: عن أبي موسى رضي الله عنه قال: جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ الله؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ». متفق عليه (¬1). - حكمة مشروعية الجهاد: 1 - شرع الله الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله للهِ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ونشر الإسلام، وإقامة العدل، ومنع الظلم والفساد، وحماية المسلمين، ورد كيد الأعداء وقمعهم. 2 - شرع الله الجهاد ابتلاءً واختباراً لعباده؛ ليتبين الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق، وليُعلم المجاهد والصابر، وليس قتال الكفار لإلزامهم بالإسلام، ولكن لإلزامهم بالخضوع لأحكام الإسلام حتى يكون الدين كله للهِ. 3 - والجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة، يُذهب الله به الهم والغم، وتُنال به الدرجات العلى في الجنة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2810)، واللفظ له، ومسلم برقم (1904).

- أهداف الجهاد في سبيل الله: الهدف من القتال في الإسلام إزالة الكفر والشرك، وإخراج الناس من ظلمات الكفر والشرك والجهل إلى نور الإيمان والعلم، وقمع المعتدين، وإزالة الفتن، وإعلاء كلمة الله، وإبلاغ دين الله، وإزاحة من يقوم في وجه تبليغه ونشره، فإذا حصل ذلك بدون قتال لم يُحتج إلى القتال. ولا يكون قتال من لم تبلغه الدعوة إلا بعد الدعوة إلى الإسلام، فإن أبوا أمرهم الإمام بدفع الجزية، فإن أبوا استعان بالله وقاتلهم. فإن كانوا قد بلغتهم الدعوة جاز قتالهم ابتداءً. فالله خلق بني آدم لعبادته، فلا يجوز قتل أحد منهم إلا من عاند وأصر على الكفر، أو ارتد، أو ظلم، أو اعتدى، أو منع الناس من الدخول في الإسلام، أو آذى المسلمين، وما قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوماً قط إلا دعاهم إلى الإسلام. - حكم الجهاد في سبيل الله: الجهاد في سبيل الله فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين. ويجب الجهاد على كل مستطيع في الحالات الآتية: 1 - إذا حضر صف القتال. 2 - إذا استنفر الإمام الناس استنفاراً عاماً. 3 - إذا حَصَر بلده عدو. 4 - إذا احتيج إليه نفسه في القتال كطبيب وطيار ونحوهما.

1 - قال الله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)} [التوبة/41]. 2 - وقال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)} [التوبة/36]. - أحكام المجاهدين في سبيل الله: الجهاد في سبيل الله: تارة يكون واجباً بالنفس والمال في حال القادر مالياً وبدنياً. وتارة يكون واجباً بالنفس دون المال في حال من لا مال له. وتارة يكون واجباً بالمال دون النفس في حال من لا يقدر على الجهاد ببدنه. 1 - قال الله تعالى: ... {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)} [البقرة/193]. 2 - وعن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬1). - فضل الجهاد في سبيل الله: 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22)} [التوبة/20 - 22]. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2504)، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (3096).

2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله -وَالله أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ- كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ، وَتَوَكَّلَ الله لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِماً مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ». متفق عليه (¬1). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ». متفق عليه (¬2). - فضل من جهز غازياً أو خَلَفَهُ بخير: عن زيد بن خالد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ جَهَّزَ غَازِياً فِي سَبِيلِ الله فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِياً فِي سَبِيلِ الله بِخَيرٍ فَقَدْ غَزَا». متفق عليه (¬3). - عقوبة من ترك الجهاد في سبيل الله: عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ لَمْ يَغْزُ، أَوْ يُجَهِّزْ غَازِياً، أَوْ يَخْلُفْ غَازِياً فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ، أَصَابَهُ الله بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2787)، واللفظ له، ومسلم برقم (1876). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (26) واللفظ له، ومسلم برقم (83). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2843)، واللفظ له، ومسلم برقم (1895). (¬4) حسن /أخرجه أبو داود برقم (2503)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2762).

- كيفية التهلكة: الالقاء بالأيدي إلى التهلكة هو: الإقامة في البلاد، وإصلاح الأموال، وترك الجهاد في سبيل الله. فجمْع المال وإمساكه، والبخل عن إنفاقه في سبيل الله، والاشتغال به عن نصرة الحق، هو التهلكة التي هي ترْك ما أمر الله به، أو فِعْل ما نهى الله عنه، وهذا الدين لمن ذبّ عنه، لا لمن اشتغل عنه. فترْك الجهاد في سبيل الله يولِّد مصيبتين: فهو يوجب الذلة في الدنيا، بتسلط العدو، واستيلائه على بلاد المسلمين، ثم صدهم عن دينهم، كما أنه يوجب العذاب الأليم في الآخرة. وليس من انغمس في صفوف العدو ملقياً بيده إلى التهلكة، بل هو ممن شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله، وجاهد في سبيل الله. 1 - قال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} [البقرة/195]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)} [البقرة/207]. 3 - وعَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: غَزَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ نُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالرُّومُ مُلْصِقُو ظُهُورِهِمْ بِحَائِطِ الْمَدِينَةِ فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى الْعَدُوِّ فَقَالَ النَّاسُ: مَهْ مَهْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَمَّا نَصَرَ الله نَبِيَّهُ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ قُلْنَا

هَلُمَّ نُقِيمُ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحُهَا فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ الله وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) فَالْإِلْقَاءُ بِالْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحَهَا وَنَدَعَ الْجِهَادَ، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - شروط وجوب الجهاد في سبيل الله: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والذكورية، والسلامة من الضرر كالمرض الشديد، ووجود النفقة. - حكم استئذان الوالدين في الجهاد: 1 - لا يجاهد المسلم تطوعاً إلا بإذن والديه المسلمين؛ لأن الجهاد فرض كفاية إلا في حالات، وبر الوالدين فرض عين في كل حال، أما إذا وجب الجهاد فيجاهد بلا إذنهما. 2 - كل تطوع فيه منفعة للإنسان ولا ضرر على والديه فيه فلا يحتاج إلى إذنهما فيه كقيام الليل، وصيام التطوع ونحوهما، فإن كان فيه ضرر على الوالدين، أو أحدهما كجهاد التطوع فلهما منعه، وعليه أن يمتنع؛ لأن طاعة الوالدين واجبة، والتطوع ليس بواجب. - الرباط: هو لزوم الثغر بين المسلمين والكفار. - حكم حفظ حدود البلاد: يجب على المسلمين أن يحفظوا حدودهم من الكفار، إما بعهد وأمان، وإما بسلاح ورجال، حسب ما تقتضيه الحال. ¬

(¬1) صحيح /أخرجه أبو داود برقم (2512)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2972).

- فضل الرباط في سبيل الله: عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ... ». أخرجه البخاري (¬1). - فضل الإنفاق في سبيل الله: 1 - قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} [البقرة/261]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ الله دَعَاهُ خَزَنَةُ الجَنَّةِ كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ: أَيْ فُلُ هَلُمَّ .. ». متفق عليه (¬2). - فضل الغبار والصيام في سبيل الله: 1 - عن أبي عبس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ الله حَرَّمَهُ الله عَلَى النَّارِ». أخرجه البخاري (¬3). 2 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ الله وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيْفاً». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2892). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2841)، ومسلم برقم (1027). (¬3) أخرجه البخاري برقم (907). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2840)، واللفظ له، ومسلم برقم (1153).

- فضل من احتبس فرساً في سبيل الله: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ احْتَبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ الله إيمَاناً بِالله، وَتَصْدِيقاً بِوَعْدِهِ، فَإنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ، وَرَوْثَهُ، وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». أخرجه البخاري (¬1). - فضل الغدوة والروحة في سبيل الله: عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2853). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2792)، ومسلم برقم (1880).

2 - أقسام الجهاد

2 - أقسام الجهاد - أقسام الجهاد أربعة: 1 - جهاد النفس: وهو جهاد النفس على تعلم الدين، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه. 2 - جهاد الشيطان: وهو جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشهوات. 3 - جهاد أصحاب الظلم والبدع والمنكرات: ويكون باليد إذا قدر، فإن عجز فباللسان، فإن عجز فبالقلب، حسب الحال والمصلحة. 4 - جهاد الكفار والمنافقين: ويكون بالقلب، واللسان، والمال، والنفس -وهو المقصود هنا-. - درجات المجاهدين في سبيل الله في الجنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « ... إنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا الله لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ الله، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ، فَإذَا سَأَلْتُمُ الله فَاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ فَإنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ». أخرجه البخاري (¬1). - أحوال الجهاد في سبيل الله: للجهاد في سبيل الله أربع حالات: ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (2790).

1 - جهاد ضد الكفار والمشركين: وهو أمر لازم لحفظ المسلمين من شرهم، ولنشر الإسلام بينهم، ويُخيرون فيه على الترتيب بين الإسلام، أو دفع الجزية، أو القتال. 2 - جهاد ضد المرتدين عن الإسلام: ويُخيرون على الترتيب بين العودة إلى الإسلام، أو القتال. 3 - جهاد ضد البغاة: وهم الذين يخرجون على إمام المسلمين ويثيرون الفتنة، فإن رجعوا وإلا قُتلوا. 4 - جهاد ضد قطاع الطريق: ويخير الإمام فيهم بين قتلهم، أو صلبهم، أو تقطيع أيديهم وأرجلهم من خِلاف، أو نفيهم من الأرض، وعقوبتهم حسب جريمتهم، حسب ما يراه الإمام. - حكم جهاد النساء: يجوز عند الحاجة غزو النساء مع الرجال للخدمة. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْزُوْ بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ مَعَهُ إذَا غَزَا، فَيَسْقِينَ المَاءَ، وَيُدَاوِينَ الجَرْحَى. متفق عليه (¬1). - يستحب تشييع الغزاة والدعاء لهم، والخروج لاستقبالهم عند العودة من الغزو. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3811)، ومسلم برقم (1810) واللفظ له.

3 - آداب الجهاد في الإسلام

3 - آداب الجهاد في الإسلام - من آداب الجهاد في الإسلام: عدم الغدر، عدم قتل النساء والأطفال والشيوخ الكبار والرهبان إذا لم يقاتلوا، فإن قاتلوا أو حَرَّضوا أو كان لهم رأي وتدبير قُتلوا. ومنها البُعد عن العُجب والبطر والرياء، وعدم تمني لقاء العدو، وعدم تحريق الآدمي والحيوان بالنار. ومنها عرض الإسلام على العدو، فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا حَلَّ قتالهم. ومنها الصبر والإخلاص، واجتناب المعاصي، والدعاء وطلب النصر والتأييد من الله عز وجل، ومنه: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». متفق عليه (¬1). - ما يقوله المسلم إذا خاف العدو: 1 - «اللَّهُمَّ اكفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ». أخرجه مسلم (¬2). 2 - «اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ». أخرجه أحمد وأبو داود (¬3). - واجبات الإمام في الجهاد: يجب على الإمام أو من ينوب عنه أن يتفقد جيشه وأسلحته عند المسير إلى العدو، ويمنع المخذِّل والمرجف، وكل من لا يصلح للجهاد، ولا يستعين بكافر إلا لضرورة، ويُعد الزاد، ويسير بالجيش برفق، ويطلب لهم أحسن المنازل، ويمنع الجيش من الفساد والمعاصي، ويحدثهم بما يقوي نفوسهم ويرغبهم في الشهادة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2966)، ومسلم برقم (1742). (¬2) أخرجه مسلم برقم (3005). (¬3) صحيح/أخرجه أحمد برقم (19958)، وأخرجه أبو داود برقم (1537).

ويأمرهم بالصبر والاحتساب، ويقسم الجيش، ويُعيِّن عليهم العرفاء والحراس، ويبث العيون على العدو، ويُنفِّل من يرى من الجيش أو السرية كالربع بعد الخمس في الذهاب، والثلث بعد الخمس في الرجوع، ويشاور في أمر الجهاد أهل الدين والرأي. - ما يجب على المجاهدين في سبيل الله: يلزم الجيش طاعة الإمام أو نائبه في غير معصية الله، والصبر معه، ولا يجوز الغزو إلا بإذنه إلا أن يفاجئهم عدو يخافون شرَّه وأذاه فلهم أن يدافعوا عن أنفسهم، وإن دعا كافر إلى البِراز استحب لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة مبارزته بإذن الأمير. ومن خرج مجاهداً في سبيل الله فمات بسلاحه فله أجره مرتين. - حكم الخدعة في الجهاد: إذا أراد الإمام غزو بلدة أو قبيلة في الشمال مثلاً أظهر أنه يريد جهة الجنوب مثلاً، فالحرب خدعة. وفي هذا الفعل فائدتان: الأولى: أن خسائر الأرواح والأموال تقل بين الطرفين فتحل الرحمة محل القسوة. الثانية: توفير طاقة جيش المسلمين من رجال وعتاد لمعركة لا تجدي فيها الخدعة. عن كعب رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا. متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2948)، واللفظ له، ومسلم برقم (2769).

- وقت القتال: عن النعمان بن مقرِّن رضي الله عنه قال: شَهِدْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَخَّرَ القِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ النَّصَرُ. أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). - إذا فاجأ العدو المسلمين وأغار عليهم فيجب رده وصده في أي وقت أغار فيه. - متى ينزل نصر الله؟ كتب الله على نفسه النصر لأوليائه، ولكنه ربط هذا النصر بأمور: 1 - كمال حقيقة الإيمان في قلوب المجاهدين في سبيل الله: قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)} [الروم/47]. 2 - استيفاء مقتضيات الإيمان، وهي الأعمال الصالحة في حياتهم: قال الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)} [الحج/40 - 41]. 3 - استكمال العدة التي في طاقتهم: قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال/60]. 4 - بذل الجهد الذي في وسعهم: 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} ... [العنكبوت/69]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (2655)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1613).

لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} [الأنفال/45 - 46]. وبذلك تكون معهم معية الله، وينزل عليهم نصر الله كما نزل على الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وكما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم في غزواتهم. - أثر اليقين والصبر في العمل: إذا قام المسلم بالحق، وكان قيامه بالله ولله، لم يقم له شيء، ولو كادته السماوات والأرض ومن فيهن لكفاه الله مؤنتها، وإنما يؤتى العبد من تفريطه أو تقصيره في هذه الأمور الثلاثة أو في بعضها. فمن قام في باطل لم يُنصر، وإن نُصر فلا عاقبة له، وهو مذموم مخذول. وإن قام في حق لكن لم يقم للهِ، وإنما قام لطلب الحمد والشكر من الناس فهذا لا ينصر؛ لأن النصر لمن جاهد لتكون كلمة الله هي العليا، وإن نُصر فبحسب ما معه من الصبر والحق، وإن قام بالحق مستعيناً بغير الله فهو مخذول. فالصبر منصور أبداً، فإن كان الصابر محقاً كانت له العاقبة، وإن كان مبطلاً لم تكن له عاقبة. قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة/ 24]. - حكم الفرار من الزحف: إذا التقى الجيشان فيحرم الفرار من الزحف إلا في حالتين: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)} [الأنفال/15 - 16].

- أصناف الشهداء في سبيل الله: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن جابر بن عتيك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « ... الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى القَتْلِ فِي سَبِيلِ الله عَزَّ وَجَلَّ: المَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالمَبْطُونُ شَهِيدٌ، والغَرِيقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الجَنْبِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الحَرَقِ شَهِيدٌ، وَالمَرْأَةُ تَمُوْتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ». أخرجه أبو داود والنسائي (¬2). 3 - وعن سعيدِ بنِ زَيْد رضي الله عنه قالَ: سَمعْتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ قُتلَ دُونَ مالِهِ فَهُوَ شَهيدٌ، وَمنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهيدٌ، وَمَن قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهيدٌ، وَمَنْ قُتِل دونَ أهلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). - فضل الشهادة في سبيل الله: 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} [آل عمران/169 - 171]. 2 - وعن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إلا الشَّهِيدُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ». متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2829)، واللفظ له، ومسلم برقم (1914). (¬2) صحيح/أخرجه أبوداود برقم (3111)، وأخرجه النسائي برقم (1846)، وهذا لفظه. (¬3) صحيح/أخرجه أبو داود برقم (4772)، وأخرجه الترمذي برقم (1421)، وهذا لفظه. (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2817)، واللفظ له، ومسلم برقم (1877).

- كرامات الشهيد في سبيل الله: أرواح الشهداء في أجواف طير خضر، لها قناديل معلَّقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، وللشهيد عند الله خصال. عن المقدام رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إنّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ الله عزّ وجلّ خِصَالاً: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ويُحلَّى عليْه حُلَّةَ الإيمان، ويُزوَّج اثنتين وسبعين زوجَة من الحورِ العينِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ،، وَيَأْمَنُ يَوْمَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ، ويُوضَعُ على رأسِهِ تاجُ الوَقار الياقوتةُ منْهُ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إنْسَاناً مِنْ أَقَارِبِهِ». أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان (¬1). - من جُرح جرحاً في سبيل الله جاء يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك، عليه طابع الشهداء، والشهادة في سبيل الله تعالى تكفر الذنوب كلها إلا الدَّيْن. - حكم من حوصر وحده: من خشي الأسر من المسلمين ولا طاقة له بعدوه، فله أن يسلم نفسه، وله أن يقاتل حتى يُقتل أو يَغلب. - حكم من هاجم العدو وحده: من ألقى نفسه في أرض العدو، أو اقتحم في جيوش الكفار المعتدين بقصد التنكيل بالأعداء، وزرع الرعب في قلوبهم خاصة مع اليهود المعتدين، ثم قُتل، فقد نال أجر الشهداء الصابرين، والمجاهدين الصادقين، وهو أقل خسارة، وأكثر نكاية بالأعداء. ¬

(¬1) صحيح/ أخرجه سعيد بن منصور برقم (2562)، والبيهقي في شعب الإيمان برقم (3949)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (3213).

- حكم المقتول في سبيل الله: المقتول في سبيل الله يسمى شهيداً؛ لأنه أشهد الله والناس على صدق إيمانه، وأثبت باستشهاده أن هذا الدين حق. والشهيد في الحقيقة حي لا ميت، وقد نهى الله المؤمنين أن يقولوا للشهيد إنه ميت؛ لئلا يظن الإنسان أن الشهيد يموت، فيفر من الجهاد خوفاً من الموت، ولئلا ينكل الناس عن الجهاد، لفرار النفوس من الموت طبعاً. 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} [آل عمران/169]. 2 - وقال الله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)} [البقرة/154]. - أقسام الأسرى: أسرى الحرب قسمان: 1 - النساء والأطفال: يُسترقّون بمجرد السبي. 2 - الرجال المقاتلون: يُخيَّر الإمام فيهم بين إطلاقهم بلا فداء، أو مفاداتهم، أو قتلهم، أو استرقاقهم حسب المصلحة. - صفة قسمة الغنيمة: الغنيمة لمن شهد الوقعة من أهل القتال، فيُخرج الخمس ويُقسم: سهم للهِ ولرسوله يُصرف في مصالح المسلمين، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل. ثم باقي الغنيمة وهو أربعة أخماس يقسم بين الغانمين، (للراجل) سهم، (وللفارس) ثلاثة أسهم، ويحرم الغلول من الغنيمة، وللإمام تأديب الغال حسب المصلحة بما يناسب، وما أُخذ من مال مشرك بغير قتال كجزية وخراج

ونحوهما ففيء يصرف في مصالح المسلمين. والفيء: هو ما أُخِذ من مال الكفار بحق من غير قتال. 1 - قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)} [الأنفال/41]. 2 - وقال الله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)} [الحشر/7]. - حكم تنفيل بعض المجاهدين: يجوز لأمير الجيش أن يُنَفِّل بعض المجاهدين بشيء من الغنيمة إن رأى فيه مصلحة تنفع المسلمين، وإن لم ير مصلحة لم يُنَفِّل. - حكم الغنيمة: 1 - يشارك الجيش سراياه فيما غنمت، ويشاركونه فيما غنم، ومن قَتل قتيلاً في حالة الحرب فله سَلَبه. وسلبه: ما عليه من لباس، وما معه من سلاح، ومركب، ومال. 2 - لا يُسهم من الغنيمة إلا لمن فيه أربعة شروط: البلوغ، والعقل، والحرية، والذكورية، فإن اختل شرط رضخ له ولم يُسهم. - حكم وطء المسبيات: النساء المسبيات ينفسخ نكاحهن بمجرد السبي، ولا يجوز وطؤهن إلا بعد قسمتهن ثم تُستبرأ الحامل بوضع الحمل، وغير ذات الحمل بحيضة. إذا غنم المسلمون أرضاً من عدوهم عنوة خُيِّر الإمام بين قسمها على

المسلمين، أو وقفها عليهم، ويضرب عليها خراجاً مستمراً ممن هي في يده. تجوز مكافأة الكافر على إحسانه للمسلمين بما تيسر؛ وفاءً لجميله. - حكم نقل الأعضاء من إنسان إلى آخر: 1 - إذا احتاج حي من مجاهد وغيره إلى نقل عضو أو جزء من إنسان حي. فإن كان النقل يؤدي إلى ضرر بالغ بتفويت أصل الانتفاع أو جُلِّه كقطع يد، أو رجل، أو كِلْية فهذا محرم؛ لأنه تهديد لحياة متيقنة بعملية ظنية موهومة. وإن كان النقل يؤدي إلى الموت كنزع القلب، أو الرئة فهذا قتل للنفس، وهو من أشد المحرمات. 2 - نقل عضو أو جزء من إنسان ميت إلى حي، فإن كانت مصلحة الحي ضرورية تتوقف حياته عليها كنقل القلب، أو الرئة، أو الكِلْية فهذا يجوز عند الضرورة إذا أذن الميت قبل وفاته، ورضي المنقول إليه، وانحصر التداوي به، وقام بذلك طبيب ماهر.

4 - عقد الذمة

4 - عقد الذمة - عقد الذمة: هو إقرار الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية، والتزام أحكام الملة، ويعقده الإمام أو نائبه. - أهل الذمة: هم: أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، والمجوس يعاملون معاملة أهل الكتاب في شيء، ويبقون على الأصل في شيء آخر، فتؤخذ منهم الجزية، ولا تنكح نساؤهم، ولا تؤكل ذبائحهم. وأما المشركون فإنه لا ذمة لهم عند الله ولا عند رسوله ولا عند المؤمنين، فالمشرك يُعْرَض عليه الإسلام فإما أن يسلم، وإما أن يُقتل؛ لأن الإسلام لا يقر الشرك ولا الوثنية. أما أهل الكتاب فيخيرون بين ثلاثة أمور: الإسلام، أو الجزية، أو القتال. - مقدار الجزية: يفرضها الإمام أو نائبه، حسب العسر واليسر، من الذهب أوالفضة أو النقود، وغيرها من الأشياء المباحة كالثياب والحديد والمواشي ونحوها، ولا جزية على صبي، ولا امرأة، ولا عبد، ولا فقير، ولا مجنون، ولا أعمى، ولا راهب. - إذا بذل أهل الذمة ما عليهم من الجزية، أو الخراج، أو الدية، أو الدَّين، أو غير ذلك، من ثمن ما نعتقد تحريمه ولا يعتقدون تحريمه كالخمر والخنزير جاز قبوله منهم. - أحكام أهل الذمة: إذا أدى أهل الذمة الجزية لنا وَجب قبولها، وحَرم قتالهم، وإن أسلم منهم أحد سقطت عنه، ونُظهر لهم عند استلام الجزية القوة، ونستلمها من أيديهم وهم صاغرون. وتجوز عيادتهم وتعزيتهم والإحسان إليهم؛ تأليفاً لقلوبهم، وطمعاً في إسلامهم.

1 - قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)} [التوبة/29]. 2 - وقال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة/8]. - فضل مَنْ أسلم من أهل الكتاب: عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَالعَبْدُ المَمْلُوكُ إذَا أَدَّى حَقَّ الله تَعَالَى، وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ». متفق عليه (¬1). - حكم أهل الذمة بالإسلام: يجب على الإمام أخذ أهل الذمة بحكم الإسلام في النفس، والمال، والعرض، وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه كالزنى، لا فيما يعتقدون حله كالخمر والخنزير فلا يعاقبون عليه، لكن يُمنعون من إظهاره. - حكم تميز أهل الذمة عن المسلمين: يلزم أهل الذمة التميز عن المسلمين في الحياة وفي الممات؛ لئلا يغتر بهم الناس، فيلبسون ويركبون الأدنى ليتميزوا، ويجوز دخولهم المسجد إن رُجي إسلامهم إلا المسجد الحرام فلا يدخله مشرك. - صفة معاملة أهل الذمة: لا يجوز تصدير أهل الذمة في المجالس، ولا القيام لهم، ولا بُداءتهم بالسلام، فإن سلَّموا وجب الرد عليهم بقولنا (وعليكم). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (97)، واللفظ له، ومسلم برقم (154).

ولا يجوز تهنئتهم بأعيادهم، ويُمنعون من بناء الكنائس والبِيَع والمعابد، ومن إظهار خمر وخنزير وناقوس، وجهر بكتابهم، ومن تعلية بنيان على مسلم ونحو ذلك. ويحسن إكرامهم والإحسان إليهم بالقول والفعل رجاء إسلامهم. قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة/ 8]. - حكم القيام للقادم: يجوز القيام للمسلم القادم إجلالاً له وإكراماً، أو إعانة. ويجوز القيام إليه بالمشي خطوات إجلالاً وإكراماً له. أما القيام على الشخص وهو جالس فلا يجوز إلا إذا كان في ذلك حماية له، وإغاظة للمشركين كما فعل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين قام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقريش تراسله في صلح الحديبية. - متى ينتقض عهد الذمي: 1 - ينتقض عهد الذمي ويحل دمه وماله إذا أبى دفع الجزية، أو لم يلتزم أحكام الإسلام، أو تعدى على مسلم بقتل، أو زنى، أو قطع طريق، أو تجسس على المسلمين، أو ذكر الله أو ذكر رسوله أو كتابه أو شريعته بسوء. 2 - إذا انتقض عهد الذمي بما سبق صار حربياً، يُخير فيه الإمام بين القتل، أو الاسترقاق، أو المنّ بدون شيء، أو الفداء حسب المصلحة. - عقد الأمان: يجوز تأمين الكافر لمدة محدودة حتى يبيع تجارته، أو يسمع كلام الله ويرجع ونحو ذلك من كل مسلم، بالغ، عاقل، مختار، ما لم يُخش ضرره، ويصح من الإمام لجميع المشركين.

فإذا أُعطي الكافر العهد حَرُم قتله، وأسره، وأذيته. قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6)} [التوبة/6]. - حكم بقاء الكفار في جزيرة العرب: لا يجوز إقرار اليهود والنصارى وسائر الكفار في جزيرة العرب للسكنى، أما على وجه العمل فيجوز للضرورة بشرط أن نأمن شرهم، ولا يوجد غيرهم. 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعَ إِلَّا مُسْلِمًا.». أخرجه مسلم (¬2). - حكم دخول الكافر المسجد: 1 - لا يجوز للكفار دخول حرم مكة؛ لقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)} [التوبة/28]. 2 - لا يجوز للكفار دخول مساجد الحل إلا بإذن مسلم لحاجة، أو مصلحة. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3053)، ومسلم برقم (1637). (¬2) أخرجه مسلم برقم (1767).

- إثم من قتل معاهداً بغير جرم: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإنَّ رِيحَهَا يُوْجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامَاً». أخرجه البخاري (¬1). - حكم بناء الكنائس والبِيَع: المساجد بيوت الإيمان، والكنائس والبِيَع بيوت الشرك والكفر، والأرض للهِ عز وجل. وقد أمر الله ببناء المساجد وإقامة العبادة فيها للهِ، ونهى عن كل ما يُعبد فيه غير الله. لهذا يحرم بناء معابد الكفر والشرك؛ لما في بنائها من إقرار الباطل، واظهار شعائر الكفر، والتعاون على الإثم والعدوان، وغش الخلق. 1 - قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة/2]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران/85]. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (3166).

5 - عقد الهدنة

5 - عقد الهدنة - الهدنة: عقد الإمام أو نائبه على ترك قتال العدو مدة معلومة ولو طالت بقدر الحاجة. وهي لازمة، ويجوز عقدها للمصلحة، حيث جاز تأخير الجهاد لعذر كضعف المسلمين ولو بمال منا، ويجوز عقدها بعوض وبغير عوض. - يؤخذ المعاهدون بجنايتهم على مسلم من مال، وقود، وجلد. - حكم الوفاء بالعهد: يجب الوفاء بالعهد، ولا يجوز نقضه إلا إذا نقض العدو العهد، أو لم يستقيموا لنا، أو خفنا منهم خيانة، فهنا انتقض العهد، ولا يلزمنا البقاء عليه. ولنا إذا خفنا منهم خيانة أن نقاتلهم بعد إعلامهم بنبذ العهد. 1 - قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34)} [الإسراء/34]. 2 - وقال الله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58)} [الأنفال/58]. - الأحوال التي يجب فيها عقد الهدنة: يجب عقد الهدنة في حالتين: الأولى: إذا طلب العدو عقد الهدنة أجبناه؛ حقناً للدماء، ورغبة في السلم كما صالح النبي - صلى الله عليه وسلم - مشركي قريش على ترك الحرب عشر سنين في الحديبية. قال الله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)} [الأنفال/61 - 62]. الثانية: عدم البدء بالقتال في الأشهر الحرم وهي: (ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب).

فنعاهد العدو على ترك القتال في هذه الأشهر، فإن قاتَلَنا فيها قاتلناه، دفاعاً عن ديننا وأنفسنا وديارنا. قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)} [التوبة/36].

6 - الخلافة والإمارة

6 - الخلافة والإمارة أحكام الخليفة - حكم نصب الخليفة: نصب الإمام للمسلمين واجب؛ لحماية بيضة الإسلام، وتدبير أحوال المسلمين، وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، والحكم بما أنزل الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله. قال الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} ... [ص/26]. - أولو الأمر: أولو الأمر: هم الأمراء والعلماء. فالعلماء ولاة أمورنا في بيان شريعة الله .. والأمراء ولاة أمورنا في تنفيذ شريعة الله، والحكم بما أنزل الله. ولا يستقيم الأمراء إلا بالعلماء، ولا يستقيم العلماء إلا بالأمراء. فالأمراء عليهم أن يرجعوا إلى العلماء لمعرفة شريعة الله، والعلماء عليهم أن ينصحوا الأمراء، ويعظوهم؛ ليطبقوا شريعة الله في عباد الله، وعلى الأمراء أن يطيعوهم. وعلينا طاعة الأمراء والعلماء في غير معصية الله. 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ

تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء/59]. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى المرْءِ المسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ». متفق عليه (¬1). - صفة ثبوت ولاية الإمام: تثبت ولاية الإمام بواحد مما يلي: 1 - أن يُختار بإجماع المسلمين، ويتم نصبه بمبايعة أهل العقد له من العلماء، والصالحين، ووجوه الناس، وأعيانهم. 2 - أن تكون ولايته بنص الإمام الذي قبله. 3 - أن يُجعل الأمر شورى في عدد معين محصور من الأتقياء، ثم يتفقون على أحدهم. 4 - أن يتولى على الناس قهراً بقوته حتى يذعنوا له، ويَدْعُوه إماماً، فيلزم الرعية طاعته في غير معصية الله. ويبقى خليفة كما بقي الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم في الخلافة إلى أن ماتوا. ويبقى إمام المسلمين في الحكم مدة صلاحيته للإمامة حتى ينتهي أجله، أو يفقد قدرته وطاقته، ليأمن المِلَق والنفاق. - الخلافة في الأرض تُنال بالإيمان والأعمال الصالحة: قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7144)، ومسلم برقم (1839)، واللفظ له.

الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)} [النور/55]. - الخلافة في قريش، والناس تبع لقريش: 1 - عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ، لا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إلا كَبَّهُ الله فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ». أخرجه البخاري (¬1). 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لايَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ». متفق عليه (¬2). 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ». متفق عليه (¬3). - النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها: 1 - عن عبد الرحمن بن سمُرة رضي الله عنه قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عَبْدَالرَّحْمَنِ بِن سَمُرَةَ لا تَسْأَلِ الإمَارَةَ، فَإنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلتَ إلَيْهَا، وَإنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا .. ». متفق عليه (¬4). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (7139). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3501)، واللفظ له، ومسلم برقم (1820). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3495)، ومسلم برقم (1818). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7147) واللفظ له، ومسلم برقم (1652).

الإمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ القِيَامَةِ، فَنِعْمَ المُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ». أخرجه البخاري (¬1). 3 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَرَجُلانِ مِنْ قَومِي فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَينِ: أمِّرْنَا يَا رَسُولَ الله، وَقَالَ الآخَرُ مِثْلَهُ، فَقَالَ: «إنَّا لا نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَهُ وَلا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ». متفق عليه (¬2). - اجتناب الولايات، خاصة لمن كان فيه ضعف عن القيام بحقوقها: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: «يَا أَبَا ذَرٍّ إنَّك ضَعِيفٌ، وَإنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإنَّهَا يَومَ القِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إلا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيهِ فِيهَا». أخرجه مسلم (¬3). - فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر: 1 - قال الله تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)} [الحجرات/9]. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ إمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ .. » متفق عليه (¬4). 3 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (7148). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7149)، واللفظ له، ومسلم «في كتاب الإمارة» برقم (1733). (¬3) أخرجه مسلم برقم (1825). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1423) واللفظ له، ومسلم برقم (1031).

يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا». أخرجه مسلم (¬1). 4 - وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتهِ إلا حَرَّمَ الله عَلَيهِ الجَنَّةَ». متفق عليه (¬2). - الخلافة والإمامة للرجال دون النساء: عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: لَقَدْ نَفَعَنِي الله بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ فَارِساً مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَومٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً». أخرجه البخاري (¬3). - وظيفة الخليفة: 1 - قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)} [المائدة/49]. 2 - وقال الله تعالى لنبيه داود - صلى الله عليه وسلم -: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص/26]. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1827). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7150)، ومسلم برقم (142) واللفظ له. (¬3) أخرجه البخاري برقم (7099).

- كيف يبايع الناسُ الإمامَ: 1 - عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بَايَعْنَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَالمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لا نَخَافُ فِي الله لَومَةَ لائِمٍ -وفي رواية بعد - أَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ- قَالَ: «إلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُم مِنَ الله فِيهِ بُرْهَانٌ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بَايَعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَلَقَّنَنِي فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. متفق عليه (¬2). - حكم من فَرَّق أمر المسلمين وهو مجتمع: عن عرفجة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيْدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ». أخرجه مسلم (¬3). - الحكم إذا بويع لخليفتين: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَينِ، فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7056)، ومسلم في «كتاب الإمارة» برقم (1709) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7204)، واللفظ له، ومسلم برقم (56). (¬3) أخرجه مسلم برقم (1852). (¬4) أخرجه مسلم برقم (1853).

- خيار الأئمة وشرارهم: عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» قِيلَ: يَا رَسُولَ الله أَفَلا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: «لا. مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ، وَإذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاتِكُمْ شَيْئاً تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلُه، وَلا تَنْزِعُوا يَداً مِنْ طَاعَةٍ». أخرجه مسلم (¬1). - بطانة الإمام وأهل مشورته: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا بَعَثَ الله مِنْ نَبِيٍّ وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيْفَةٍ إلا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمَعْرُوفِ، وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ الله تَعَالَى». أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1855). (¬2) أخرجه البخاري برقم (7198).

واجبات الخليفة

واجبات الخليفة يجب على خليفة المسلمين ما يلي: 1 - إقامة الدين: وذلك بحفظه، والدعوة إليه، ودفع الشبه عنه، وتنفيذ أحكامه وحدوده بالحكم بما أنزل الله بين الناس، والجهاد في سبيل الله. 1 - قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} [النحل/125]. 2 - وقال الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص/26]. 3 - وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} [النساء/58]. 2 - اختيار الأكْفاء للمناصب والولايات: قال الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)} [القصص/26]. 3 - محاسبة الإمام عماله: عن أبي حُميدٍ الساعدي رضي الله عنه قال: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنَ الأزْدِ يُقَالُ لَهُ ابنُ اللتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي قَالَ: «فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ فَيَنْظُرَ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ

لا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئاً إلَّا جَاءَ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ إنْ كَانَ بَعِيراً لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ» ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إبْطَيْهِ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ» ثَلاثاً. متفق عليه (¬1). 4 - تفقد أحوال الرعية وتدبير أمورها: عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... ». متفق عليه (¬2). 5 - الرفق بالرعية والنصح لهم وعدم تتبع عوراتهم: 1 - عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدِّيْنُ النَّصِيحَةُ» قلنا: لمن؟ قال: «للهِ وَلِكَتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». أخرجه مسلم (¬3). 2 - وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ أَمِيْرٍ يَلِي أَمْرَ المُسْلِمِين، ثُمَّ لا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ، إلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الجَنَّةَ». متفق عليه (¬4). 6 - مشاورة أهل الشورى في الأمور: قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} [آل عمران/159]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2597)، واللفظ له، ومسلم برقم (1832). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (893)، ومسلم برقم (1829) واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم برقم (55). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7150)، ومسلم برقم (142) واللفظ له.

7 - رعاية مصالح الأمة الداخلية والخارجية: قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة/128]. 8 - أن يكون قدوة حسنة لرعيته: 1 - قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم/4]. 2 - وقال الله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} [الفرقان/74]. 3 - وقال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة/24].

واجبات الأمة

واجبات الأمة يجب على الأمة نحو إمام المسلمين ما يلي: 1 - طاعته في غير معصية الله: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء/59]. 2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيْمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إلا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ». متفق عليه (¬1). 2 - المناصحة: عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدِّيْنُ النَّصِيحَةُ» قلنا: لمن؟ قال: «للهِ وَلِكَتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». أخرجه مسلم (¬2). 3 - نصرته ومؤازرته في الحق: قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة/2]. 4 - عدم الغش والخيانة لولاة الأمر وغيرهم: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)} ... ] الأنفال/27 - 28 [. 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا». أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7144)، ومسلم برقم (1839) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (55). (¬3) أخرجه مسلم برقم (143).

5 - لزوم الصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم: 1 - عن أُسيد بن حُضير رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَلا بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَلا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاناً؟ فَقَالَ: «إنَّكُمْ سَتَلْقَونَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً فَلْيَصْبِرْ، فَإنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْراً مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». متفق عليه (¬2). 6 - طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله أَرَأَيْتَ إنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَ حَقَّهُمْ، وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثَمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثَمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ». أخرجه مسلم (¬3). 7 - لزوم جماعة المسلمين وإمامهم عند ظهور الفتن وفي كل حال: 1 - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا الله بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟. قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَومٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ» فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟. قَالَ: «نَعَمْ دُعَاةٌ على أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، فَقُلْتُ: يا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3792)، ومسلم برقم (1845) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7053)، واللفظ له، ومسلم برقم (1849). (¬3) أخرجه مسلم برقم (1846).

رَسُولَ الله صِفْهُمْ لَنَا، فَقَالَ: «نَعَمَ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله فَمَا تَرَى إنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟. قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإمَامَهُمْ» فَقُلْتُ: فَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَو أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الجَمَاعَةَ، فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغضبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ. وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرهَا، وَلا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ». أخرجه مسلم (¬2). 3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْراً فَمَاتَ إلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». متفق عليه (¬3). 8 - الإنكار بالحكمة على الأمراء فيما يخالف الشرع، وترك قتالهم ما صلَّوا: عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله أَلا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لا. مَا صَلَّوا». أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3606)، ومسلم برقم (1847) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (1848). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7054)، واللفظ له، ومسلم برقم (1849). (¬4) أخرجه مسلم برقم (1854).

الباب العاشر الدعوة إلى الله

الباب العاشر الدعوة إلى الله وتشتمل على ما يلي: 1 - كمال دين الإسلام 2 - حكمة خلق الإنسان 3 - عموم دين الإسلام 4 - الدعوة إلى الله 5 - وجوب الدعوة إلى الله 6 - أصول من دعوة الأنبياء والرسل

1 - كمال دين الإسلام

1 - كمال دين الإسلام - فقه السنن الكونية: الإسلام هو الدين الكامل الذي أكرم الله به البشرية، وبالإسلام تتحقق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، فالله عزَّ وجل خلق هذا الكون العظيم ليدل على عظمته وقدرته وكمال علمه، وجعل لكل مخلوق فيه سنة يسير عليها، وبها يتحقق مراد الله منه. فلكل شيء سنة لا تتبدل إلا بأمر الله وحده: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)} [الفتح/23]. فالشمسُ لها سنة، والقمرُ له سنة، والليلُ له سنة، والنهار له سنة، والنبات له سنة، والحيوان له سنة، والرياح لها سنة، والمياه لها سنة، والكواكب لها سنة، والبحار لها سنة، والجبال لها سنة، وهكذا: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)} [يس/40]. - فقه السنن الشرعية: والإنسان أيضاً مخلوق من مخلوقات الله، محتاج إلى سنة يسير عليها في جميع أحواله؛ ليسعد في الدنيا والآخرة، وهذه السنة هي الدين الذي أكرمه الله به ورضيه له، ولا يقبل منه غيره، وسعادته وشقاوته مرتبطة بمدى تمسكه به، أو إعراضه عنه، وهو مختار في قبوله أو رده. 1 - قال الله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف/29]. 2 - وقال الله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)} [البقرة/38 - 39].

أعظم النعم

- فضل الله على البشرية: ولما خلق الله الإنسان سَخَّر له ما في السماوات وما في الأرض، وأنزل عليه الكتب، وأرسل إليه الرسل، وزوَّده بآلات العلم والمعرفة كالسمع والبصر والعقل، وشرفه بعبادة الله وحده لا شريك له. 1 - قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان/20]. 2 - وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)} [النحل/78]. 3 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/36]. - أعظم النعم: امتن الله على عباده بنعم كثيرة لا تُحصى أهمها. نعمة الإيجاد .. ونعمة الإمداد .. ونعمة الهداية. وأعظم هذه النعم وأجلها نعمة الإسلام الذي أرسل الله به محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة. والإسلام دين الحق والعدل والإحسان وهو دين كامل شامل دائم: يُنظم علاقة الإنسان مع ربه بعبادته وتوحيده وشكره، والتوجه إليه في جميع أموره، والخوف منه، والتوكل عليه، والذل له، والمحبة له، والتقرب إليه، والاستعانة به، وطلب مرضاته، وسبل الوصول إلى جنته، وكيفية النجاة من غضبه وعقابه. - وينظم علاقة الإنسان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطاعته، ومحبته، واتباع سنته، وتصديق ما جاء به، والاقتداء به، وألّا يُعبد الله إلا بما شرع. - وينظم علاقة الإنسان مع غيره، كالأم والأب، والزوجة والأولاد، والأقارب

والجيران، والعالم والجاهل، والمسلم والكافر، والحاكم والمحكوم وغيرهم. - وينظم معاملات الإنسان المالية بكسب الحلال، وتجنب الغش، والسماحة في البيع والشراء، والإنفاق في وجوه الخير، وتحري الصدق، وتجنب الربا والكذب، وكيفية توزيع الصدقات، وتقسيم المواريث ونحوها. - وينظم الإسلام حياة الإنسان الزوجية، وتربية الأولاد، وصيانة الأسرة من الفساد، وينظم حياة الرجل والمرأة، في حال السراء والضراء، والغنى والفقر، والصحة والمرض، والأمن والخوف، والحضر والسفر. - وينظم الإسلام سائر العلاقات على جسور متينة من الحب في الله، والبغض في الله، ويدعو إلى مكارم الأخلاق وجميل الصفات كالكرم والجود، والحياء والعفة، والصدق والبر، والعدل والإحسان، والرحمة والشفقة ونحوها. - وينهى الإسلام عن كل شر وفساد، وظلم وطغيان، كالشرك بالله، والقتل بغير حق، والزنى، والكذب، والكبر، والنفاق، والسرقة، والغيبة، وأكل أموال الناس بالباطل، والربا، والخمر، والسحر، والرياء ونحو ذلك. - وينظم بعد ذلك كله حياة الإنسان في الآخرة، وأنها مبنية على حياته في الدنيا، فمن جاء بالإيمان والأعمال الصالحة دخل الجنة، وسعد برؤية ربه سبحانه، وتمتع بما فيها مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، خالدين فيها أبداً، ومن جاء بالكفر والمعاصي دخل النار، يخلد فيها الكافر، ويعذب فيها العاصي بقدر ذنوبه، أو يغفر الله له. 1 - قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة/3]. 2 - وقال الله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)} [آل عمران/164]. 3 - وقال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)

يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)} [المائدة/15 - 16]. 4 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء/13 - 14]. - وسيبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، ثم يعود غريباً كما بدأ. 1 - عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا ... ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - وعن تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَيَبْلُغَنَّ هَذا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ الله بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إلا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بذلِّ ذلِيلٍ، عِزّاً يُعِزُّ اللهُ بهِ الإسْلامَ، وَذلًّا يُذِلُّ اللهُ بهِ الكُفْرَ». أخرجه أحمد والحاكم (¬2). 3 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الإسْلامَ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ المَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا». أخرجه مسلم وأحمد (¬3). وفي لفظ لأحمد بعد «كَمَا بَدَأَ»: «فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» قيل: ومَنْ الغرباء؟ قال: «النُّزَّاعُ مِنَ القَبَائِلِ». ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2889). (¬2) صحيح/أخرجه أحمد برقم (17082)، وهذا لفظه، وأخرجه الحاكم برقم (8326)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (3). (¬3) أخرجه مسلم برقم (146)، واللفظ له، وأخرجه أحمد برقم (3784).

فقه حركات الإنسان

- سبيل الفوز والنجاة: أكمل الله لنا الدين، وأتم به النعمة، ورضي الإسلام لنا ديناً. فمن قَبِلَهُ سعد في الدنيا، ودخل الجنة يوم القيامة، ومن أعرض عنه شقي في الدنيا، ودخل النار يوم القيامة، ولن يقبل الله من أحد ديناً غير الإسلام. 1 - قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة/3]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران/85]. 3 - وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَسْمَعُ بِي أحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأَمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ بهِ، إلا كَانَ مِنْ أصْحَابِ النَّارِ». أخرجه مسلم (¬1). - فقه حركات الإنسان: كل ما في الدنيا عَرَض قليل عاجل، ولا قيمة للدنيا بالنسبة لما في الآخرة، وكل ما يفعله الإنسان في الدنيا فأثره راجع إلى نفسه. فإن كان شراَ فهو يجني شراً على نفسه، وإن كان خيراً فهو يجلب الخير لنفسه كما قال سبحانه: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} [الإسراء/7]. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (153).

وجميع حركات الإنسان في الدنيا إنما يبني بها مسكنه الذي سيصل إليه يوم القيامة، ويخلد فيه. فالإنسان مقبلاً ومدبراً، قائماً وقاعداً، متكلماً وسامعاً، معطياً ومانعاً، داعياً ومعلماً، مقيماً أو مسافراً، إنما يبني بهذه الحركات المختلفة منزله ومقره النهائي في الآخرة. فالمؤمن يبني به قصراً من قصور الجنة يخلد فيه، والكافر يبني به سجناً من سجون جهنم يخلد فيه. فليس للإنسان في الآخرة إلا ما جناه في الدنيا، ولا حصاد له إلا مِنْ زَرْعِه الذي زَرَعه كما قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)} [فصلت/46].

2 - حكمة خلق الإنسان

2 - حكمة خلق الإنسان 1 - خلق الله هذا الكون للدلالة على كمال قدرته وعلمه، وكل شيء فيه يسبح بحمده عز وجل، وإذا عرف الإنسان ذلك أقبل على عبادة ربه، وحقق مراد الله منه، وشارك باقي المخلوقات في عبادة الله. قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق/12]. 2 - خلق الله الجن والإنس لعبادته وحده لا شريك له. قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} [الذاريات/56 - 57]. - المراحل والدور التي يمرّ بها الإنسان: خلق الله الإنسان وجعله يمر بمراحل، وأزمنة، وأمكنة، وأحوال، وينتهي بالخلود، إما في الجنة أو النار. وهذه المراحل هي: 1 - بطن الأم: وهي أول مرحلة يمر بها الإنسان، وأول دار يسكنها، وإقامته فيها تسعة أشهر، تزيد أو تنقص، هيأ الله له في هذه الظلمات بقدرته وعلمه وحكمته ما يحتاجه من الطعام والشراب، وما يناسبه من السكن والمأوى، وهو في هذه المرحلة غير مكلف، والحكمة من وجوده هنا أمران: تكميل الأعضاء والجوارح، ثم يخرج إلى الدنيا بعد كمال خلقه ظاهراً وباطناً. 2 - دار الدنيا: وهي أوسع داراً من بطن الأم، والإقامة فيها أكثر مدة من بطن الأم، هيأ الله له في هذه الدار كل ما يحتاجه، وزوده بالعقل والسمع والبصر، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وأمره بطاعته، ونهاه عن معصيته، ووعده على الطاعة الجنة، وعلى المعصية النار، والحكمة من وجوده هنا أمران: تكميل الإيمان بالله، وتكميل الأعمال الصالحة التي جعلها الله سبباً لدخول

حكمة خلق المخلوقات

الجنة، ثم يخرج مع عمله إلى الدار التي تليها. 3 - دار البرزخ في القبر، وهو أول منازل الآخرة، يبقى فيه الإنسان حتى يكتمل موت الخلائق وتقوم الساعة، وإقامته فيه غالباً أكثر من إقامته في دار الدنيا، والأنس أو البؤس فيه أوسع وأكمل من دار الدنيا، وهو بحسب العمل: إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، يبدأ فيه الجزاء، ثم ينتقل منه إلى دار الخلود إما في الجنة أو النار. 4 - الدار الآخرة: وفيها الإقامة المطلقة، والنعيم المطلق للمؤمنين، وتكميل شهواتهم، فمن أكمل في الدنيا ما يُحب الله من الإيمان، والأخلاق، والأعمال، أكمل الله له يوم القيامة ما يحب، مما لم تره عين، ولم تسمعه أذن، ولم يخطر على قلب بشر. وإن لم يأت بالإيمان والأعمال الصالحة فجزاؤه جهنم خالداً فيها، وكلما خرج المؤمن من دار زَهد فيما كان عليه أولا، حتى يستقر المؤمن في الجنة. - حكمة خلق المخلوقات: خلق الله جميع المخلوقات لحكم عظيمة أهمها: 1 - عبادة الله جل جلاله كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)} [الذاريات/56 - 58]. 2 - إعلام الخلق بكمال قدرته، وإحاطة علمه بكل شيء، ليطيعوه ويعبدوه كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق/12]. 3 - إقامة البراهين العظيمة على أن الله وحده هو المستحق للعبادة وحده دون سواه

كمال نعيم القلب

كما قال سبحانه: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)} [ق/6 - 8]. 4 - ابتلاء الخلق بالأمر والنهي؛ ليختبرهم من يطيعه ومن يعصيه، وليبلوهم أيهم أحسن عملاً كما قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)} [هود/7]. 5 - جزاء العباد في الآخرة بحسب أعمالهم في الدنيا كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)} [النجم/31]. 6 - بيان عظمة رحمة الله وفضله وإحسانه بخلق أرزاق الخلق، ليسهل على العباد عبادة ربهم إذا رأوا فضله وإحسانه كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)} [الروم/40]. 7 - دخول الجنة، والقرب من الله يوم القيامة كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} [القمر/54 - 55]. - كمال نعيم القلب: خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكرمه على سائر المخلوقات، وجعل لكل عضو من أعضاء الإنسان كمالاً إن لم يحصل له فهو في قلق واضطراب وألم، فجعل كمال العين بالإبصار، وكمال الأذن بالسمع، وكمال اللسان بالنطق، وإذا

فقه الدنيا والآخرة

عدمت هذه الأعضاء القوى التي بها كمالها حصل الألم والنقص. وكذلك جعل الله كمال القلب، ونعيمه، وسروره، ولذته، وطمأنينته في معرفة ربه، ومحبته، والأنس به، والشوق إليه، والعمل بما يرضيه. فإذا عدم القلب ذلك كان أشد عذاباً واضطراباً من العين التي فقدت النور، والأذن التي فقدت السمع، والقلب السليم يبصر الحق كما تبصر العين الشمس. - فقه الدنيا والآخرة: جعل الله لكل شيء زينة ومقصداً، فالنباتات لها زينة، وهي الأغصان والأوراق والأزهار، ولكن المقصد الحبوب والثمار، والثياب لها زينة، والمقصد ستر العورة، وكذلك الدنيا زينة، وكل ما عليها زينة، والمقصد الإيمان والأعمال الصالحة. والدنيا زينة، والمقصد الآخرة، وكل من نسي المقصد تعلق بالزينة، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم يشتغلون بالمقاصد، وأهل الدنيا يشتغلون بالزينات واللهو واللعب. والله أمرنا أن نأخذ من الدنيا بقدر الحاجة، ونعمل للآخرة بقدر الطاقة. وإذا تعارضت في حياتنا الأشياء والزينات مع المقصد وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قَدَّمنا ما يحب الله، وهو عبادته وطاعته، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والجهاد في سبيله، ونشر دينه. 1 - قال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7)} [الكهف/7]. 2 - وقال الله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)

قيمة الدنيا بالنسبة للآخرة

سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} [الحديد/20 - 21]. 3 - وقال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)} [التوبة/24]. - قيمة الدنيا بالنسبة للآخرة: بَيَّن الله ورسوله قيمة الدنيا بالنسبة للآخرة بياناً شافياً كافياً كما يلي: 1 - قيمة الدنيا الذاتية: بيّنها الله سبحانه بقوله: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)} [العنكبوت/ 64]. 2 - قيمة الدنيا الزمنية: بيّنها الله سبحانه بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)} [التوبة/ 38]. 3 - قيمة الدنيا بالوزن: بيّنها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ ماءٍ». أخرجه الترمذي (¬1). 4 - قيمة الدنيا بالكيل: بيّنها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «وَالله ما الدُّنْيا فِي الآخِرَةِ إلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إصْبَعَهُ هَذِهِ (وأشارَ يَحْيَى بالسَّبَّابَةِ) فِي اليَمِّ فَلْيَنْظُرْ بمَ تَرْجِعْ؟». أخرجه مسلم (¬2). 5 - قيمة الدنيا بالمساحة: بيّنها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». أخرجه البخاري (¬3). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (2320). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2858). (¬3) أخرجه البخاري برقم (3250).

أصل السعادة والشقاوة

6 - قيمة الدنيا بالدراهم: مَرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بِجَدْيٍ أسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأخَذَ بِأذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أيُّكُمْ يُحِبُّ أنَّ هَذا لَهُ بدِرْهَمٍ؟».فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «أتُحِبُّونَ أنهُ لَكُمْ؟». قَالُوا: وَالله لَوْ كَانَ حَيّاً كَانَ عَيْبًا فِيهِ؛ لأنَّهُ أسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: «فَوَالله! لَلدُّنيَا أهْوَنُ عَلَى الله مِنْ هَذا عَلَيْكُمْ». أخرجه مسلم (¬1). - أصل السعادة والشقاوة: جعل الله عز وجل سعادة الإنسان وشقاءه بحسب ما يصدر منه من الإيمان والأعمال الصالحة، أو ضدها من الكفر والأعمال السيئة. فمن آمن وقام بما أمره الله ورسوله به من الأعمال الصالحة، سعد في الدنيا، ثم زادت سعادته عند الموت بملائكة تبشره بما يسرُّه، ثم تزداد سعادته إذا أُدخل القبر، ثم تزداد في الحشر، ثم تزيد وتبلغ كمالها إذا أُدخل الجنة. وهكذا إذا كفر الإنسان، وساءت أعماله، شقي وساءت أحواله في الدنيا، ثم تزداد عند الموت، ثم تزداد في القبر، ثم تزداد عند الحشر، ثم تزيد وتبلغ كمالها في النار. ومن تنوعت أعماله المرضية للهِ المحبوبة له في الدنيا تنوعت الأقسام التي يتلذذ بها في الجنة، وكثرت بحسب كثرة أعماله. ومن تنوعت أعماله المسخوطة للهِ المبغوضة له في هذه الدار تنوعت الأقسام التي يتألم بها في النار، وكثرت بحسب كثرة أعماله. 1 - قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} [النحل/97]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2957).

من ترك ما ينفعه ابتلي بما يضره

آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)} [طه/124 - 127]. - من ترك ما ينفعه ابتلي بما يضرّه: سنة الله جارية على أن كل من ترك ما ينفعه مع الإمكان ابتلي بالاشتغال بما يضره وحُرِم الأول. فالمشركون لما زهدوا في عبادة الرحمن .. ابتلوا بعبادة الأوثان، ولما استكبروا عن الانقياد للرسل .. ابتلوا بالانقياد لكل مارج العقل والدين، ولما تركوا اتباع الكتب المنزلة لهداية الناس .. ابتلوا باتباع أرذل الكتب وأخسها وأضرها للعقول، ولما تركوا إنفاق أموالهم في طاعة الرحمن .. ابتلوا بإنفاقها في طاعة النفس والشيطان. ومن أطاع الله ورسوله، وترك ما تهواه نفسه من الشهوات للهِ تعالى، عوَّضه الله من محبته، وعبادته، والأنس به، والإنابة إليه ما يفوق لذات الدنيا كلها.

3 - عموم دين الإسلام

3 - عموم دين الإسلام الإسلام هدىً ورحمة للعالمين، امتن الله به على خلقه أجمعين، وأرسل به سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وشرَّف أمته بالدعوة إلىه إلى يوم الدين. 1 - فالله رب الناس، ليس لهم رب سواه، كما قال سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} [الناس/1]. 2 - والله ملك الناس، ليس لهم ملك سواه، كما قال سبحانه: {مَلِكِ النَّاسِ (2)} [الناس/2]. 3 - والله إله الناس، ليس لهم إله سواه، كما قال سبحانه: {إِلَهِ النَّاسِ (3)} [الناس/3]. 4 - وأنزل الله القرآن هدىً للناس، كما قال سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة/185]. 5 - وأرسل الله رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - كافةً للناس، كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)} [سبأ/ 28]. 6 - وأمرنا الله بالتوجه إلى الكعبة وهي أول بيت وضع للناس، يصلّون إليه، ويحجون إليه، كما قال سبحانه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران 96 - 97]. 7 - وذَكَر الله عز وجل أن هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس. 1 - قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران/110]. 2 - وعن بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ نَّبِيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أَلَا إنَّكُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أنْتُمْ خَيْرُهَا وَأكْرَمُهَا عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ». أخرجه أحمد والترمذي (¬1). ¬

(¬1) حسن/أخرجه أحمد برقم (20282)، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (3001).

حكم من دان بغير الإسلام

8 - والدعوة إلى الله وإبلاغ الدين في مشارق الأرض ومغاربها واجب على كل المسلمين لكل الناس؛ حتى تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله للهِ. 1 - قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108]. 2 - وقال الله تعالى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)} [آل عمران/ 138]. 3 - وقال الله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم/52]. 9 - والله عز وجل دعا الناس إلى عبادته وحده لا شريك له، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله، وشرَّفنا بدعوة الناس إلى ذلك، فأول نداء في القرآن موجه إلى الناس ليؤمنوا بالله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} [البقرة/21 - 22]. 10 - والله عز وجل رب العالمين ليس لهم رب سواه، كما قال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} ... [الفاتحة/2]. 11 - وقد أرسل الله عز وجل رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - نذيراً للعالمين، ورحمة لهم، إلى يوم الدين. 1 - قال الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} ... [الفرقان/1]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء/107]. - حكم من دان بغير الإسلام: كل من دان بغير الاسلام فهو كافر، سواء كان من اليهود، أو النصارى، أو المجوس أو غيرهم. فاليهود كفار؛ لأنهم قتلوا الأنبياء، وكذبوا بعيسى - صلى الله عليه وسلم -، والنصارى كفار؛ لأنهم

قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وكذبوا محمداً - صلى الله عليه وسلم -. والتوراة والإنجيل كتب سماوية، لكنها حُرِّفت وبُدلِّت، ثم نسخ الله العمل بهما بالقرآن. واليهود والنصارى بعد بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - كلهم مغضوب عليهم؛ لأنهم عرفوا الحق وتركوه، فباؤا بغضب على غضب، وكل من لم يكفِّر اليهود والنصارى وكل من عَبَد غير الله فهو كافر؛ فيجب علينا أن نُكفِّر كل من كفَّره الله عز وجل، ومن كفَّره الله فهو كافر، ومن لم يكفِّره الله فليس بكافر. ومن لم يكفِّر من كفَّر الله كهؤلاء استلزم ذلك أن يقبل الله دينه، وهذا يستلزم تكذيب قول الله عز وجل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران/85]. وقد كفَّر الله في القرآن اليهود والنصارى وكل من عَبَد غير الله. 1 - قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)} [التوبة/30]. 2 - وقال الله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)} [البقرة/135]. 3 - وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)} [المائدة/73]. فيجب علينا دعوة جميع الكفار إلى الإسلام مَنْ كانوا، وحيث كانوا. 4 - وقال الله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم/52].

4 - فضل الدعوة إلى الله

4 - فضل الدعوة إلى الله - حاجة الأمة للدين كحاجة الجسد إلى الروح، فكما أنه إذا فُقدت الروح فسد الجسد، فكذلك الأمة إذا فقدت الدين فسدت دنياهم وأخراهم. - فضل الله بإرسال الرسل: 1 - الله عز وجل رحمته وسعت كل شيء، ومن رحمته بعباده أن أرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب، يُعَرِّفونهم بربهم، وخالقهم، ورازقهم، ويبينون لهم ما يرضيه، ويدعونهم إلى طاعته وعبادته وحده لا شريك له، وما أعد الله من الثواب لمن أطاعه، ومن العقاب لمن عصاه: {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} [النحل/36]. 2 - وكلما ضعف الإيمان ووقع الناس في الشرك أرسل الله رسولاً يدعوهم إلى التوحيد وعبادة الله وحده، وتتابع إرسال الرسل. وكان كل رسول يُبعث إلى قومه خاصة، حتى ختم الله النبوة والرسالة بخاتم الأنبياء وسيد المرسلين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -. - اصطفى الله رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم -، وأرسله بالهدى ودين الحق إلى الناس كافة، فبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في سبيل الله، وترك الأمة على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. - وظيفة الأنبياء والرسل: لما كان عليه الصلاة والسلام أفضل الأنبياء والمرسلين وآخرهم، وأمته أفضل الأمم وآخرها، وأعطاها الله عز وجل وظيفة الأنبياء والرسل. فقد قام - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة إلى الله، في أرض معلومة وهي جزيرة العرب، وفي زمن معلوم وقدره ثلاث وعشرون سنة، شاملاً بدعوته ما استطاع من أهل عصره، مبتدئاً بدعوة أهله، ثم عشيرته الأقربين، ثم قومه، ثم أهل مكة وما حولها، ثم العرب قاطبة، ثم الناس كافة، مبيناً أنه رسول الله إلى الناس كافة، وأنه رحمة

أسباب الهداية

للعالمين، فدخل الناس في دين الله أفواجاً. 1 - قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)} [سبأ/28]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء/107]. - أسباب الهداية: الناس دخلوا في الإسلام في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - متأثرين بأسباب كثيرة أهمها: 1 - الدعوة باللسان كما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وخديجة وعلياً وغيرهم فأسلموا رضي الله عنهم. 2 - التعليم كما اهتدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه متأثراً بالقرآن الذي سمعه وقرأه في منزل أخته فاطمة مع زوجها سعيد بن زيد وخباب بن الأرت وكانوا يتدارسون القرآن، وكما أسلم أُسيد بن حضير وسعد بن معاذ رضي الله عنهما في حلقة التعليم التي أقامها مصعب بن عمير رضي الله عنه في المدينة. 3 - العبادة كما أسلمت هند بنت عتبة لما رأت المسلمين يُصَلُّون عام الفتح في المسجد الحرام، وكما أسلم ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه في المسجد النبوي متأثراً بالعبادة وغيرها. 4 - الإنفاق والإكرام كما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح صفوان بن أمية ومعاوية رضي الله عنهم وغيرهم أموالاً فأسلموا، وكما أعطى رجلاً غنماً بين جبلين فأسلم، وبإسلامه أسلم قومه. 5 - حسن الأخلاق، والإحسان، والإيثار، والمواساة، والصدق. قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم/4]. - دعوة البشرية واجب الأمة: ولما أعطى الله عز وجل هذه الأمة وأكرمها بوظيفة الأنبياء والرسل وهي الدعوة إلى الله فقد أبقى الله من البلاد والعباد ما يكون ميداناً لدعوتها في

مشارق الأرض ومغاربها، إلى أن تقوم الساعة. وقد اجتهد عليه الصلاة والسلام على أصحابه رضي الله عنهم حتى جاء فيهم أمران: إقامة الدين في حياتهم، وفي حياة الناس، وعلموا أن بقية البلاد والعباد مسؤولية أمته إلى قيام الساعة، وأن المسلم محاسب على ترك المقصد الانفرادي وهو العبادة، ومحاسب على ترك المقصد الاجتماعي وهو الدعوة، ثم توفاه الله عز وجل. 1 - قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران/110]. 2 - وقال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} ... [آل عمران/104]. 3 - وقال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108]. - البصيرة في ثلاثة: العلم قبل الدعوة، واللين مع الدعوة، والصبر بعد الدعوة. - وقد تلقى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منه وسائل وأساليب الدعوة، وتحملوا مسؤولية الدعوة بعده عليه الصلاة والسلام، فَضَحَّوا براحتهم وشهواتهم، وتركوا ديارهم، وبذلوا أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم لنشر الدين في العالم. فساروا دعاة إلى الله عز وجل، يحملون (لا إله إلا الله) لتدخل كل بيت في مشارق الأرض ومغاربها، في الشام والعراق .. وفي مصر وشمال أفريقيا .. وفي روسيا وما وراء النهر .. وفي غيرها. وفُتحت هذه البلاد .. وانتشر فيها الإسلام .. وحل فيها التوحيد بدل الشرك .. والإيمان بدل الكفر .. وظهر فيها من العلماء والدعاة .. والعُبَّاد والزُّهَّاد .. والصالحين والمجاهدين ما تَقرُّ به عين كل مسلم. أولئك خير القرون .. أولئك الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، أولئك الذين

تقديم أعمال الدين على أعمال الدنيا

صدقوا ما عاهدوا الله عليه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} [التوبة/100]. - تقديم أعمال الدين على أعمال الدنيا: النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم لما قدموا أوامر الجهد والدعوة على أوامر الكسب والمباحات نقصت في حياتهم الأموال والأشياء، لكن بالمقابل زاد الإيمان وزادت الأعمال الصالحة، وظهرت حقيقة الأخلاق، وكثرت الفتوحات. وأكثر المسلمين اليوم لما قدموا أوامر الكسب على أوامر الجهد والدعوة زادت الأموال والأشياء، وبالمقابل نقص الإيمان ونقصت الأعمال، فجاء في حياتهم أمران: الاهتمام بجمع الأموال كاليهود، والاهتمام بتكميل الشهوات كالنصارى. فلما تغير المقصد قوي جانب الدنيا والبدن، وضعف جانب الدين والروح، وصار الجهد للدنيا لا للدين، وصار الدين كاليتيم يطوف على الناس لا يجد من يكفله؛ لأنهم مشغولون عنه بدنياهم وشهواتهم. - بقاء الإسلام إلى يوم القيامة: هذا الدين باق إلى يوم القيامة، يقوم به طائفة من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون، وهم الطائفة المنصورة. عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بأَمْرِ الله، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يأْتِيَ أَمْرُ الله وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (71)، ومسلم في كتاب الإمارة برقم (1037) واللفظ له.

فضل الدعوة إلى الله تعالى

- فضل الدعوة إلى الله تعالى: كل من آمن وقام بالعبادة والدعوة إلى الله فالله عز وجل يكرمه بأشياء أهمها: أن الله يعزه وإن لم تكن عنده أسباب العزة كبلال وسلمان رضي الله عنهما. ويجعل أعمال الدين كلها محبوبة لديه يقوم بها ويدعو إليها. ويجعل الله له محبة في قلوب الخلق. ويطوي بساط الباطل من حوله. ويؤيده بنصرة غيبية من عنده. ويستجيب دعاءه، ويجعل له هيبة في قلوب الناس. ويعطيه من الأجر مثل أجور من دعاه واهتدى بسببه، ويرزقه الاستقامة والهداية، ويجعله سبباً لهداية البشرية. 1 - قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} [فصلت/33]. 2 - وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت/69]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ دَعَا إلَى هُدَىً، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً، وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ آثامِهِمْ شَيْئاً». أخرجه مسلم (¬1). 4 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم خيبر: « .. انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثمَّ ادْعُهُمْ إلَى الإسْلامِ، وَأَخْبرْهُمْ بمَا يَجبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ الله فِيهِ، فَوَالله لأَنْ يَهْدِيَ الله ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2674).

طرق الدعوة إلى الله

بكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». متفق عليه (¬1). - طرق الدعوة إلى الله: الدعوة إلى الله واجبة على الأمة، كل بحسبه من الرجال والنساء. والدعوة إلى الله تكون بطريقين: الأول: طريق الليْن: وهو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإيضاح الأدلة والبراهين بأحسن أسلوب وألطفه. وهذا الطريق هو المطلوب المشروع بداية ونهاية. قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} [النحل/125]. الثاني: طريق القوة والشدة: وهو الجهاد في سبيل الله. فإذا لم يستجب الكفار للدعوة، تَعيَّن طريق القوة بالجهاد في سبيل الله، حتى يُعبد الله وحده، وتقام حدوده، ويكون الدين كله لله، وتزول الفتن. فالجهاد في سبيل الله لا يكون إلا بعد إقامة الحجة بالدعوة إلى الله. 1 - قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)} [البقرة/193]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)} [التحريم/9]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4210)، ومسلم برقم (2406).

أقسام الناس في العمل

- أقسام الناس في العمل: الناس في العمل قسمان: منهم من اجتهد على الدنيا ثم راح وتركها، ومنهم من اجتهد على الآخرة ثم مات فوجدها وهم المؤمنون. والذين اجتهدوا على الآخرة قسمان أيضاً: 1 - من اشتغل بالعبادة فقط انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». أخرجه مسلم (¬1). 2 - ومن اشتغل بالعبادة، والدعوة إلى الله، وبذل الجهد لإعلاء كلمة الله فعمله مستمر؛ لأن كل من اهتدى بسببه فله مثل أجره إلى يوم القيامة. 1 - قال الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22)} [التوبة/19 - 22]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} [فصلت/33]. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1631).

5 - حكم الدعوة إلى الله

5 - حكم الدعوة إلى الله - أهمية الدعوة إلى الله: الله عز وجل ذكر الأحكام كلها مجملة في القرآن الكريم، وفصَّلها النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة، ولكنه سبحانه فصَّل جهد الدعوة في القرآن الكريم تفصيلاً شافياً كافياً كاملاً، لم يفصِّل عبادات الأنبياء، لا صلاة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، ولا حج آدم - صلى الله عليه وسلم -، ولا صيام داود - صلى الله عليه وسلم -، لكنه أخبر بها إجمالاً. فالله سبحانه لم يبين قصة عابد واحد في القرآن، ولكنه بيَّن في القرآن بالتفصيل دعوة الأنبياء إلى الله، وما حصل لهم من الأذى والتكذيب، وصبرهم ورحمتهم لأممهم، ونصرهم، وحسن عاقبتهم. ففصَّل قصة موسى - صلى الله عليه وسلم - في تسعة وعشرين جزءاً من القرآن، وبيّن سبحانه بالتفصيل دعوة الأنبياء لأممهم فذكر قصة نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وهود، وصالح، وشعيب، ولوط، ويوسف وغيرهم عليهم الصلاة والسلام؛ لأن هذه الأمة مبعوثة بالدعوة إلى الله وقدوتها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. - وقت بداية الدعوة: الدعوة إلى الله من أول يوم: هناك فاصل زمني طويل بين الإيمان ونزول الأحكام، وليس هناك فاصل بين الإيمان والدعوة؛ لأن هذه الأمة مبعوثة كالأنبياء للدعوة إلى الله. وكان كل نبي يُعلِّم أمته بعد الإيمان الأحكام، ولكن الله عز وجل بعد بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يُعلِّم أمته بعد الإيمان الدعوة إلى الدين، ثم علَّمهم فيما بعد أحكام الدين في المدينة؛ لأن هذه الأمة مبعوثة كالأنبياء لنشر الدين في العالم. - حكم الدعوة إلى الله: الله عز وجل اختار هذه الأمة واجتباها من بين سائر الأمم، وكَرَّمها وشَرَّفها بهذا

الدين والدعوة إليه، فالدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم ومسلمة، كل حسب قدرته وعلمه، والدعوة إلى الله مسؤولية الأمة، وحاجة الأمة. 1 - قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108]. وهذا النص عام، مطلق في الزمان: ليلاً ونهاراً .. ومطلق في المكان: شمالاً وجنوباً .. وشرقاً وغرباً .. ومطلق في الجنس: العرب والعجم .. ومطلق في النوع: الرجال، والنساء .. ومطلق في السن: الكبار والصغار .. ومطلق في اللون: الأبيض والأسود .. ومطلق في الطبقات: السادة والعبيد .. والأغنياء والفقراء. فالدعوة لهؤلاء واجبة؛ لأنهم من الناس، وهذا الدين لكل الناس .. والدعوة من هؤلاء إذا أسلموا واجبة؛ لأنهم من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه. 2 - وقال الله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم/52]. 3 - وقال عليه الصلاة والسلام يوم النحر في حجة الوداع مخاطباً جميع مَنْ آمن به من أصحابه عرباً وعجماً .. رجالاً ونساء .. أبيضهم وأسودهم .. غنيهم وفقيرهم .. سادتهم ومماليكهم: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ». متفق عليه (¬1). 4 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». أخرجه البخاري (¬2). 5 - وببذل الجهد لإعلاء كلمة الله ونشرها تحصل لنا الهداية، كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت/ 69]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (67)، واللفظ له، ومسلم برقم (1679). (¬2) أخرجه البخاري برقم (3461).

بذل الجهد لإعلاء كلمة الله

- حقيقة المجاهدة تكون: بإتمام العمل، والتضحية بكل شيء من أجله، والاستقامة عليه حتى الممات. وأغلى شيء في خزائن الله هو الهداية، لا يعطيها الله إلا لخواص خلقه، ممن طلبها وجاهد في سبيل تحصيلها، ممن علم الله أنه أهل لها، وهم المؤمنون، ولذلك أمرنا الله عز وجل أن نطلبها منه كل يوم سبع عشرة مرة في الصلوات المفروضة، كما قال سبحانه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة/6 - 7]. - بذل الجهد لإعلاء كلمة الله: بذل الجهد لإعلاء كلمة الله له ثلاث مراحل: 1 - جهد على الكافر لعله يهتدي، كما قال سبحانه: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)} [السجدة/3]. 2 - جهد على العاصي ليكون مطيعاً، وعلى الغافل ليكون ذاكراً، كما قال سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران/104]. 3 - جهد على الصالح ليكون مصلحاً، وعلى الذاكر ليكون مذكِّراً. 1 - قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر/1 - 3]. 2 - وقال الله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)} [الغاشية/21]. - ولما علم الصحابة رضي الله عنهم وجوب الدعوة إلى الله، وفضل الدعوة إلى الله، تسابقوا في ميادين الدعوة، والتعليم، والجهاد من أجل إعلاء كلمة الله، ونشرها في العالم، يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وفي قلوبهم الرحمة والشفقة على الناس، وشواهد ذلك معلومة في كتب الحديث والسير.

وجوب الدعوة إلى الله

قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} [النحل/125]. - وجوب الدعوة إلى الله: الدعوة إلى الله واجبة على كل أحد بحسب علمه وقدرته. والمسلمون قسمان: 1 - عالم يبين الحق بنفسه، ويدعو الناس إلى اتباعه كما قال مؤمن آل فرعون: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39)} [غافر/ 38 - 39]. 2 - مسلم لكنه غير عالم، فهذا يأمر الناس ويدعوهم إلى اتباع الرسل والعلماء كما قال الله عن صاحب يس: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21)} [يس/ 20 - 21]. فالكل يقوم بالدعوة إلى الله، ليعبد الله وحده لا شريك له. العالم يبين الحق بنفسه .. وغير العالم يرشد الناس إلى اتباع العلماء الذين هم أعرف الخلق بالله. - وظيفة الأمة: الدعوة إلى الله وظيفة كل الأمة، أما الفتاوى في مسائل الأحكام، فَمَنْ علم حكماً أفتى به، ومن جهله دل المستفتي على العلماء الذين اختصهم الله بمزيد من العلم والفقه، والفهم والحفظ، والدال على الخير كفاعله، وكان الصحابة رضي الله عنهم يتدافعون الفتوى فيما بينهم، والمفتون فيهم محدودون كالخلفاء الراشدين ومعاذ، وزيد بن ثابت، وابن مسعود وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم. فالفتوى ليست مباحة لكل أحد، أما الدعوة فكل يدعو إلى الله بحسب ما عنده من العلم، وأقله آية.

عقوبة ترك الدعوة إلى الله

فالدعوة تنتج المهتدين، والتعليم ينتج المفتين، لكنه لخواص الأمة، وكل منهما مطلوب شرعاً، الدعوة من عموم المسلمين، والإفتاء من خواص المسلمين وهم العلماء. فالعلماء والفقهاء هم أهل الفتوى، كما قال سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [النحل/43]. والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الأمة كلها كل بحسب علمه وقدرته وبصيرته، وقد قام بها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من أول يوم قبل نزول أحكام الصلاة والزكاة والصيام وغيرها، وهذه الأمة مزاجها التضحيات والجهد لإعلاء كلمة الله، وحسن العمل ودوامه. 1 - قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108]. 2 - وقال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} [التوبة/71]. - عقوبة ترك الدعوة إلى الله: 1 - أول ما خرج من حياة الأمة: جهد الدعوة .. ثم التضحية .. ثم حياة البساطة. فقد اجتهد الأعداء على هذه الصفات حتى أخرجوها من حياة الأمة، فانقلب الحال، وصار الجهد والتضحية للدنيا، وصار الإنسان يسعى ليعيش بالرفاهية، وصار المجتمع يستنكر الزنى والربا وشرب الخمر، ولا يستنكر ترك الدعوة إلى الله وخروجها من حياة الأمة. 2 - كانت العبادة والدعوة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على كل الأمة، ثم صارت العبادة في الأمة، والدعوة على بعض أفراد الأمة، فحلَّت بالأمة المصائب والعقوبات، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

حكمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- حكمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حِكم ثلاث: الأولى: رجاء انتفاع المأمور بما يوعظ به كما قال سبحانه: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)} [الذاريات/55]. الثانية: الخروج من عهدة التقصير الذي يسبب العقوبة. 1 - قال الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)} [المائدة/78 - 79]. 2 - وقال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164)} [الأعراف/164]. الثالثة: إقامة الحجة على الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نيابة عن رسل الله كما قال سبحانه: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)} [النساء/165]. - واجب المسلم والمسلمة: على كل مسلم ومسلمة واجبان: الواجب الأول: العمل بالدين، بعبادة الله وحده لا شريك له، وطاعة الله ورسوله، وفعل ما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه. 1 - قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء/36]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20)} [الأنفال/20].

فقه الخسران في الشرع

الواجب الثاني: الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 1 - قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران/104]. 2 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَو آيَةً». أخرجه البخاري (¬1). 3 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ». أخرجه مسلم (¬2). - فقه الخسران في الشرع: الخسران في الشرع هو غبن الإنسان في حظوظه من ربه عز وجل. وهذا هو الخسران المبين. فمن خسر ربه .. وخسر دينه .. وخسر وقته .. وخسر عمره .. وخسر الجنة .. فلا أحد أشد خسارة منه. وكل إنسان خاسر في الدنيا والآخرة إلا من اتصف بأربع صفات هي: الإيمان بالله .. والعمل الصالح .. والتواصي بالحق .. والتواصي بالصبر. قال الله تعالى {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر/1 - 3]. وقد أعطى الله كل إنسان أعظم رأس مال في الدنيا، وهو عمر الإنسان بأيامه ولياليه، وأمره بالاتجار معه في رأس هذا المال؛ ليسعد في دنياه وآخرته. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (3461). (¬2) أخرجه مسلم برقم (49).

فقه الاستفادة من الأوقات

والناس في تحريك رأس هذا المال صنفان: 1 - العاقل يحرك رأس هذا المال، ويتّجر به مع ربه الكريم الذي يعطيه على الحسنة عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، الى ما لا يعلمه إلا الله من الحسنات. فأوقاته تارة في عبادة .. وتارة في دعوة .. وتارة في تعليم .. وتارة في إصلاح وإحسان. 2 - الأحمق، وهو الذي يلعب برأس هذا المال بإنفاق أوقاته في مساخط الله. - فقه الاستفادة من الأوقات: الله عز وجل اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم ووعدهم على ذلك الجنة، فعلى المسلم أن يقضي وقته على الكيفية التي قضاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيؤدي فرائض الله عز وجل، ويمتثل أمر ربه في كل حال من أحواله كل يوم ... عند الوضوء، وعند الأكل، وعند النوم، وفي سائر أحواله، ويصرف جزءاً يسيراً من وقته في أمور الكسب والمعاش. وجُلَّ وقته يدعو الناس إلى الله كي يعبدوه ويوحدوه، فإذا فرغ، أو لم يتيسر له من يدعوه، تزوَّد من العلم، أو عَلَّم غيره من المسلمين أحكام الدين. فإذا فرغ، أو لم يتيسر له من يعلمه، أو يتعلم منه اشتغل بخدمة إخوانه المسلمين، وقضاء حاجاتهم، والتعاون على البر والتقوى. فإذا فرغ، أو لم يتيسر له أن يقوم بذلك اشتغل بنوافل العبادات كالسنن المطلقة، وتلاوة القرآن، والأذكار ونحوها من القُرَب والأعمال الصالحة، وهكذا يُقدم ما نفعه أعم للناس في كل حال. - أصناف المدعوين وكيفية دعوتهم: الناس مختلفون، وبحسب اختلافهم، واختلاف مداركهم، وأعمالهم، تختلف

أحكام دعوتهم كما يلي: 1 - من عنده نقص في الإيمان وجهل بالأحكام: نصبر على أذاه وندعوه، ونعلِّمه بالرفق التام واللين، والإرشاد بلطف، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الأعرابي. عن أنس رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذْ جَاءَ أعْرَابِيٌّ، فَقَامَ يَبُولُ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ أصْحَابُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: مَهْ مَهْ. قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُزْرِمُوهُ، دَعُوهُ». فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ. ثُمَّ إنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: «إنَّ هَذِهِ المَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا البَوْلِ وَلا القَذَرِ، إنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلاةِ، وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ». أوْ كَمَا قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فَأمَرَ رَجُلاً مِنَ القَوْمِ، فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَشَنَّهُ عَلَيْهِ. متفق عليه (¬1). 2 - من عنده نقص في الإيمان وعلم بالأحكام: فهذا يدعى بالحكمة والموعظة الحسنة ويدعى له؛ ليزيد إيمانه فيطيع ربه، ويتوب من معصيته. عَنْ أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: إنَّ فَتىً شَابّاً أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، ائْذَنْ ِلي بِالزِّنَى، فَأَقْبَلَ القَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ، قَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ: «ادْنُهْ» فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: «أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟» قَالَ: لَا وَالله جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ؟». قَالَ: لَا وَالله يَا رَسُولَ الله جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ: «وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ؟» قَالَ: لَا وَالله جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ: «وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟» قَالَ: لَا وَالله جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ: «وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟» قَالَ: لَا وَالله ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (219)، ومسلم برقم (285) واللفظ له.

جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ»، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ». قال: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الفَتَى يَلْتَفِتُ إلَى شَيْءٍ. أخرجه أحمد (¬1). 3 - من عنده قوة في الإيمان وجهل بالأحكام: فهذا يدعى مباشرة ببيان الحكم الشرعي، وبيان خطر اقتراف المعاصي، وإزالة المنكر الذي وقع فيه. عن ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَأى خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ: «يَعْمِدُ أحَدُكُمْ إلَى جَمْرَةٍ مِن نارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ»، فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ، قَالَ: لا، وَالله لا آخُذُهُ أبَداً وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه مسلم (¬2). 4 - من عنده قوة في الإيمان وعلم بالأحكام: فهذا ليس له عذر، يُنْكَر عليه بقوة، ويُعَامل معاملة أشد مما سبق؛ لئلا يكون قدوة لغيره في المعصية، كما اعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - الثلاثة الذين خُلِّفوا في غزوة تبوك خمسين ليلة، وأمر الناس بهجرهم لما تركوا الخروج لغزوة تبوك مع كمال إيمانهم وعلمهم، ولا عذر لهم، حتى تاب الله عليهم، وهم هلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، وكعب ابن مالك رضي الله عنهم، والقصة مفصلة في الصحيحين (¬3). قال الله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)} [التوبة/118]. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (22564)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (370). (¬2) أخرجه مسلم برقم (2090). (¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4418)، ومسلم برقم (2769).

5 - من عنده جهل بالإيمان وجهل بالأحكام: يدعى إلى لا إله إلا الله، ويُعَرَّف بأسماء الله وصفاته، ووعده ووعيده، وآلائه ونعمه، ويبين له عظمة الله وقدرته، وأن له الخلق والأمر، فإذا استقر الإيمان في قلبه يُعَرَّف بالأحكام تدريجياً الصلاة ثم الزكاة وهكذا. عن ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمّا بَعَثَ مُعاذاً رَضِيَ الله عَنْهُ عَلَى اليَمَنِ، قال: «إنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أهْلِ كِتابٍ، فَلْيَكُنْ أوَّلَ ما تَدْعُوهُمْ إلَيْهِ عِبَادَةُ الله، فَإذاَ عَرَفُوا الله، فَأخْبِرْهُمْ أنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإذَا فَعَلُوا، فَأخْبِرْهُمْ أنَّ الله فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكاةً مِنْ أمْوَالِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرائِهِمْ، فَإذَا أطاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أمْوَالِ النَّاسِ». متفق عليه (¬1). - التدرج في الدعوة إلى الله: الداعي إلى الله يَعْرض الإسلام على الكفار، فإذا امتنع الكافر الأصلي من الدخول في الإسلام إلا بشرط ترك الصلاة أو الزكاة أو نحوهما، فهذا نقبل منه إسلامه؛ لأن مصلحة أن يُسلم مع النقص الذي يرجى تكميله، أولى من بقائه على الكفر المحض. وكان صلى الله عليه وسلم يقبل مِنْ كل مَنْ جاء يريد الدخول في الإسلام الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك، فإذا ذاق حلاوة الدين، طابت نفسه بفعل كل ما أمر الله ورسوله به. فنؤلف قلب الكافر الأصلي على الإسلام، ونقنع بما رضي به؛ لأنه لم يفهم الإسلام حقيقة، ولهذا يثقل عليه بعضه. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1458)، واللفظ له، ومسلم برقم (19).

أحوال الداعي إلى الله

فإذا دخل في الإسلام، وخالط المسلمين، وتعلم الدين، قوي إيمانه، وذاق حلاوة الدين، وصار أشد حماساً وتمسكاً به من بعض المسلمين كما هو مشاهد. 1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهما أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا رَضِي الله عَنْه عَلَى الْيَمَنِ قَالَ: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ الله فَإِذَا عَرَفُوا الله فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ». متفق عليه (¬1). 2 - وعن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم: أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلم على أن يصلي صلاتين فقَبِل منه. أخرجه أحمد (¬2). 3 - وعن وهب قال: سألت جابراً عن شأن ثقيف إذ بايعت، قال: اشترطتْ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا صدقة عليها ولا جهاد، وأنه سمع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك يقول: «سَيَتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ إِذَا أَسْلَمُوا». أخرجه أبوداود (¬3). - أحوال الداعي إلى الله: من يقوم بالدعوة إلى الله عز وجل فالله يُرَبِّيه ويبتليه بالسراء والضراء، وسيجد من الناس من يؤيده وينصره، وسيجد من يطرده ويسخر به. فالداعي تأتي عليه حالتان: حالة إقبال الناس عليه كما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، وحالة إدبارهم عنه كما ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1458)، واللفظ له، ومسلم برقم (19). (¬2) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (20287). (¬3) صحيح/ أخرجه أبوداود برقم (3025).

الجمع بين الدعاء والدعوة

حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الطائف، لأن الله يربيه أحياناً، ويربي به أحياناً. وحالة الإقبال عليه أشد وأخطر، فقد يدخله الغرور، وتُعْرَض عليه المناصب فإذا قَبِل هلك، إلا من رحم الله وحماه، وهي محاولة الشيطان لسرقة الداعي من الدين، وشغله بالدنيا والأشياء والمناصب. أما حالة الإدبار والإعراض عنه فهي أحسن وأشد وأقوى بالنسبة له، إذ فيها يزداد توجه الداعي إلى الله، والإقبال عليه، والتعلق به، فتأتي بسبب ذلك نصرة الله كما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الطائف لما طردوه وآذوه دعا الله فأيّده الله بجبريل ومَلَك الجبال، ثم يسّر له دخول مكة، ثم الإسراء والمعراج، ثم الهجرة إلى المدينة، ثم ظهور الإسلام. - الجمع بين الدعاء والدعوة: النبي - صلى الله عليه وسلم - تارة يدعو على المشركين .. وتارة يدعو لهم بالهداية. فالأول: عند اشتداد شوكتهم، وشدة أذاهم كما دعا عليهم في غزوة الخندق حين شغلوا المسلمين عن الصلاة. عن علي رضي الله عنه قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَلَأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ». متفق عليه (¬1). والثاني: عند رجاء إسلامهم، وتأليف قلوبهم لدين الله عز وجل. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ الطُّفَيْلُ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله إِنَّ دَوْسًا قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ الله عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً وَائْتِ بِهِمْ». متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2931)، واللفظ له، ومسلم برقم (627). (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2937)، ومسلم برقم (2524)، واللفظ له.

أصناف القائمين بالدعوة

- أصناف القائمين بالدعوة: القائمون بالدعوة الآن أصناف: 1 - منهم من تأثر بأخلاق الدعاة إلى الله عز وجل فهو يقوم بالدعوة، وإذا حصل له مشكلة مع أحد الدعاة ترك الدعوة وعادى الدعاة. فهذا صرفه الله؛ لنقص مقصده. 2 - ومنهم من يقوم بالدعوة لأنه وجد فيها حل مشاكله، وتحقيق رغباته، ولما حسنت أحواله، وزادت دنياه انشغل بها عن الدعوة. فهذا صرفه الله؛ لأنه دخل في الدعوة بمقصد ناقص. 3 - ومنهم من يقوم بالدعوة لأن فيها حسنات وأجوراً، فهو يريد تحصيل الأجور، فمقصده لنفسه لا يبالي بغيره. فهذا إذا وجد الحسنات في غير الدعوة أكثر وأسهل ترك الدعوة. 4 - ومنهم من يقوم بالدعوة لأنها أَمْر الله عز وجل، فهو يقوم بالعبادة لأنها أَمْر الله، ويقوم بالدعوة لأنها أَمْر الله. فهذا مقصده كامل، وبسبب ذلك ثَبَّته الله، وأعانه، وفرَّغه لتنفيذ أوامر الله، والدعوة إلى الله، فهذا بأشرف المنازل.

6 - أصول من دعوة الأنبياء والرسل

6 - أصول من دعوة الأنبياء والرسل - مراتب دعوة الأنبياء: بعث الله الأنبياء والرسل بثلاثة أشياء: بالدعوة إلى الله .. وتعريف الطريق الموصل إليه .. وبيان حال الناس بعد الوصول إليه .. فالأول بيان التوحيد والإيمان، والثاني بيان الأحكام، والثالث بيان اليوم الآخر، وما فيه من الثواب والعقاب، والجنة والنار. فالدعوة إلى الله تكون بتعريف الناس بالله، وأسمائه وصفاته، وأفعاله، وبيان عظمة الله وقدرته، وأنه وحده الخالق المالك المدبر للكون كله، وما سواه مخلوق ليس بيده شيء، وأنه سبحانه المستحق للعبادة وحده دون سواه، فهذه أول المراتب وأحسنها وأعلاها. ثم يليها الدعوة لبيان اليوم الآخر بالوعظ والترغيب والترهيب ببيان أوصاف الجنة، وأهوال النار، وغير ذلك مما يجري في عرصات القيامة. ثم الدعوة إلى أحكام الدين وشرائعه ببيان الحلال والحرام، والواجبات والحقوق، والآداب والسنن. ففي مكة كانت الدعوة إلى الله وإلى اليوم الآخر، وبيان أحوال الرسل مع أممهم، وفي المدينة أكمل الله الدين بالأحكام فتقبلها من آمن بالله واليوم الآخر، وشَرِق بها الكافر والمنافق. - القدوة في الدعوة إلى الله: أمر الله عزوجل رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بهدي مَنْ سبقه من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام على وجه العموم، وأمره باتباع ملة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - على وجه الخصوص، وملة إبراهيم هي التضحية بكل شيء من أجل الدين، بالنفس، والمال، والأرض، والزوجة، والولد، وأمرنا الله سبحانه باتباع الرسول

سيرة الأنبياء في الدعوة إلى الله

- صلى الله عليه وسلم -، والاقتداء به في جميع أحواله، إلا ما خصه الله به. 1 - قال الله تعالى بعد ذكر جملة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام/90]. 2 - وقال الله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)} [النحل/123]. 3 - وقال الله تعالى لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب/21]. - سيرة الأنبياء في الدعوة إلى الله: أعمال الأنبياء، وأخلاق الأنبياء تؤخذ من سير الأنبياء. فالأنبياء قطعوا المسافات في سبيل الدعوة إلى الله، واغبرَّت أقدامهم في سبيل الله، وبذلوا أموالهم وأنفسهم من أجل إعلاء كلمة الله، وعرق جبينهم، وتشققت أقدامهم من أجل نصر دين الله، ابتلوا، وأوذوا، وهاجروا، وأُخرجوا، وقاتلوا، وقُتلوا، وزُلزلوا، وطُردوا، وشُتموا، وعُيِّروا، واتُّهموا، وضُربوا، فَرَحِمُوا، وصبروا، حتى نصرهم الله، وأنقذ بهم الخلق من الكفر والنار. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)} [الأنعام/34]. - أحوال الناس بعد الدعوة: الناس بعد دعوة الأنبياء والرسل لهم إما أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا: فمن آمن امتحنه الله عز وجل، وابتلاه بالسراء والضراء، ويعاديه الناس، ويؤذونه؛ ليتبين الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق. ومن لم يؤمن بهم عوقب بما يؤلمه أعظم وأدوم، فلا بد من حصول الألم لكل نفس سواء آمنت أم كفرت، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا في البداية، ثم تكون له العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، والكافر تحصل له النعمة

أعمال الأنبياء والرسل وأتباعهم

الموهومة ابتداء، ثم يصير في الألم المؤبد. 1 - قال الله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} [العنكبوت/ 2 - 3]. 2 - وقال الله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)} [آل عمران/ 196 - 197]. 3 - وقال الله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)} [التوبة/55]. - أعمال الأنبياء والرسل وأتباعهم: الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم كانوا يسيرون في الأرض، ويحملون للناس التوحيد والإيمان والأعمال الصالحة، ويدعونهم إليها، وكان أحب شيء لديهم الإيمان بالله والأعمال الصالحة، وكانت أشواقهم إلى رؤية ربهم .. إلى رضوان الله .. إلى نعيم الجنة .. إلى قصور الجنة، وقد جاهدوا، وبلَّغوا، وصبروا، فرضي الله عنهم ورضوا عنه. وهذه صور من تربية الله لهم، وسيرتهم في مجال الدعوة إلى الله، ليقتدي بها كل داع إلى الله عز وجل.

أصول من دعوة الأنبياء والرسل

أصول من دعوة الأنبياء والرسل - الدعوة إلى التوحيد والإيمان بالله، وعبادته وحده لا شريك له: 1 - قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)} ... [الأنبياء/25]. 2 - وقال الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} [الإخلاص/1 - 4]. 3 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ... [النحل/36]. - إبلاغ دين الله إلى الناس والنصح لهم: 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)} [الأحزاب/39]. 2 - وقال الله تعالى عن نوح - صلى الله عليه وسلم -: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)} [الأعراف/62]. 3 - وقال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة/67]. - دعوة الناس وغشيانهم في البيوت والأسواق والقرى والأمصار: 1 - قال الله تعالى لموسى - صلى الله عليه وسلم -: {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه/42 - 44]. 2 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزور الناس، ويَتْبَعهم في منازلهم، يدعوهم إلى الله، ويعرض نفسه على القبائل، وكان يقول: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لَا إلَهَ إلَّا الله تُفْلِحُوا». أخرجه أحمد (¬1). ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (16603).

3 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد سعد بن عبادة رضي الله عنه -وفيه- حتَىَّ مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوثَانِ وَاليَهُودِ ... فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ، فَدَعَاهُمْ إلَى الله، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ ... متفق عليه (¬1). - دوام الثناء على الله وذكره واستغفاره في جميع الأحوال: 1 - قال الله تعالى عن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)} [إبراهيم/39]. 2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ الله عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. أخرجه مسلم (¬2). 3 - وعن الأغر المزني رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله فِي اليَومِ مِائَةَ مَرَّةٍ». أخرجه مسلم (¬3). - الكتابة إلى ملوك الكفار بالدعوة إلى الله: عن أنس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ إلَى كِسْرَى، وَإلَى قَيْصَرَ، وَإلَى النَّجَاشِي، وَإلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إلَى الله تَعَالَى. أخرجه مسلم (¬4). - الدعوة إلى الله، وإلى الطريق الموصلة إليه، وما للمدعوين بعد القدوم عليه في اليوم الآخر: 1 - قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5663)، ومسلم برقم (1798) واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم برقم (373). (¬3) أخرجه مسلم برقم (2702). (¬4) أخرجه مسلم برقم (1774).

2 - وقال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل/125]. 3 - وقال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)} [الشورى/7]. - دعوة الناس بلغتهم: قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)} [إبراهيم/4]. - التوازن بين العبادة والدعوة: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)} [المزمل/1 - 4]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} [المدثر/1 - 5]. - ذكر أحوال الأمم مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: 1 - قال الله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)} [هود/120]. 2 - وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)} [يوسف/111]. 3 - وقال الله تعالى: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)} [الأعراف/176]. - مداراة الكفار عند الخوف والخطر: 1 - قال الله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ

فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)} [آل عمران/28]. 2 - وقال الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)} [النحل/106]. - الاستمرار بالدعوة إلى الله، وعدم الالتفات إلى المعارضين: 1 - قال الله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96)} ... [الحجر/94 - 96]. 2 - وقال الله تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45)} [القلم/44 - 45]. 3 - وقال الله تعالى: {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87)} [القصص/87]. 4 - وقال الله تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)} [الفرقان/52]. - الغلظة والشدة على الكفار والمنافقين المعاندين: 1 - قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح/29]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} [التوبة/73]. 3 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} [التوبة/123].

- عدم الحزن والأسف على من لم يقبل الدين: 1 - قال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)} [الكهف/6]. 2 - وقال الله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33)} [الأنعام/33]. 3 - وقال الله تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)} [فاطر/8]. - البشارة والنذارة: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)} [الأحزاب/45 - 47]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [الأنعام/48]. 3 - وعَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا بَعَثَ أحَدًا مِنْ أصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أمْرِهِ، قال: «بَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا». أخرجه مسلم (¬1). - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (1732).

كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)} [الأعراف/157]. - ربط قلوب المؤمنين بربهم، ووعدهم بالجنة على ما عملوا: 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا غُلامُ إنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ الله يَحْفَظْكَ، احْفَظِ الله تَجِدُهُ تُجَاهَكَ، إذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ الله، وَإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجْتَمَعْتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ». أخرجه أحمد والترمذي (¬1). 2 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ». أخرجه البخاري (¬2). - حسن الكلام مع الناس: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب/70 - 71]. 2 - وقال الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)} [الإسراء/53]. 3 - وقال الله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه/43 - 44]. ¬

(¬1) صحيح/أخرجه أحمد برقم (2669)، وأخرجه الترمذي برقم (2516). (¬2) أخرجه البخاري برقم (6474).

- عدم سؤال الأجر على الدعوة: 1 - قال الله تعالى عن محمد - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)} [سبأ/47]. 2 - وقال الله تعالى عن نوح - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109)} [الشعراء/109]. - الرحمة للخلق: 1 - قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح/29]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء/107]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله: ادع على المشركين قال: «إنِّي لَمْ أُبْعثْ لَعَّاناً، وَإنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً». أخرجه مسلم (¬1). - الرأفة والشفقة: قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة/128]. - اللين والعفو والصفح: 1 - قال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} [آل عمران/159]. 2 - وقال الله تعالى لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه/43 - 44]. ¬

(¬1) أخرجه مسلم برقم (2599).

3 - وقال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف/199]. 4 - وقال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)} [الزخرف/89]. - الصدق: 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)} [الزمر/33]. 2 - وقال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41)} ... [مريم/41]. - الصبر: 1 - قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)} [الأنعام/34]. 2 - وقال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)} [الروم/60]. 3 - وقال الله تعالى: {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5)} [المعارج/5]. - الإخلاص: 1 - قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2)} [الزمر/2]. 2 - وقال الله تعالى: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)} [غافر/65]. - الجود والخدمة والتواضع: 1 - قال الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا

سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27)} [الذاريات/24 - 27]. 2 - وقال الله تعالى عن موسى - صلى الله عليه وسلم - وقصته مع المرأتين: {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)} [القصص/23 - 24]. 3 - وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا: عَبْدُالله وَرَسُولُهُ». أخرجه البخاري (¬1). - الإعراض عن زينة الحياة الدنيا: 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)} [طه/131]. 2 - وقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف/28]. - الترغيب في الطاعات والترهيب من المعاصي: قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء/13 - 14]. - المسارعة إلى فعل الخيرات: قال الله تعالى عن زكريا - صلى الله عليه وسلم - وذريته: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)} [الأنبياء/90]. ¬

(¬1) أخرجه البخاري برقم (3445).

- المجاهدة بالمال والنفس لإعلاء كلمة الله: قال الله تعالى: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88)} [التوبة/88]. - الجهاد في سبيل الله: 1 - قال الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)} [آل عمران/146]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} [التوبة/73]. - طلب العلم وتعليمه: 1 - قال الله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)} [طه/114]. 2 - وقال الله تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)} [الكهف/66]. 3 - وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)} [الجمعة/2]. - تطهير النفس، وتقوية الروح والبدن بدوام العبادة وكثرة ذكر الله: 1 - قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)} [الحجر/97 - 99]. 2 - وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} [الأحزاب/41 - 42]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا أَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَسْأَلُهُ

خَادِماً، وَشَكَتِ العَمَلَ فَقَالَ: «مَا أَلْفَيْتِيهِ عِنْدَنَا» قال: «أَلَا أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ؟ تُسَبِّحِينَ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَتَحْمَدِينَ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَتُكَبِّرينَ أَرْبعاً وَثَلاثِينَ حِينَ تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ». متفق عليه (¬1). - الدعاء للمشركين بالهداية: 1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَدِمَ الطُّفَيْلُ وَأصْحَابُهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! إنَّ دَوْساً قَدْ كَفَرَتْ وَأبَتْ، فَادْعُ الله عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بهِمْ». متفق عليه (¬2). 2 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كُنْتُ أدْعُو أمِّي إلَى الإسْلامِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا أكْرَه ... -وفيه-: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله ... فَادْعُ الله أنْ يَهْدِيَ أمَّ أبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اهْدِ أمَّ أبِي هُرَيْرَةَ». أخرجه مسلم (¬3). 3 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كَأنِّي أنْظُرُ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نبيّاً مِنَ الأنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: «اللَّهمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ». متفق عليه (¬4). - القيام بالدعوة في جميع الأوقات والأحوال: 1 - قال الله تعالى عن نوح - صلى الله عليه وسلم -: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5)} [نوح/5]. 2 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دَعَانَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3113)، ومسلم برقم (2828) واللفظ له. (¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2937)، ومسلم برقم (2524) واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم برقم (2491). (¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2477)، واللفظ له، ومسلم برقم (1792).

وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ: «إلاَّ أَنْ تَرَوا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ الله فِيْهِ بُرْهَانٌ». متفق عليه (¬1). - الشورى: 1 - قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران/159]. 2 - وقال الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى/38]. - قوة اليقين على الله والتوكل عليه: 1 - قال الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة/40]. 2 - وقال الله تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63)} [الشعراء/61 - 63]. - الدعاء والفزع إلى الصلاة في جميع الأحوال: 1 - قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)} [القمر/9 - 13]. 2 - وقال الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)} [الأنفال/9]. 3 - وقال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)} [البقرة/45]. ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7055) (7056)، واللفظ له، ومسلم برقم (1709).

4 - وعن حذيفة رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى. أخرجه أحمد وأبو داود (¬1). - تقديم الشكوى والسؤال إلى الله في جميع الأحوال: 1 - قال الله تعالى عن يعقوب عليه الصلاة السلام: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86)} [يوسف/86]. 2 - وقال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)} [الأنبياء/83 - 84]. 3 - وقال الله تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء/89 - 90]. - لزوم البيئة الصالحة وهجر بيئة السوء: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة/119]. 2 - وقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)} [الكهف/28]. 3 - وقال الله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21)} [القصص/20 - 21]. ¬

(¬1) حسن/أخرجه أحمد برقم (23688)، وأخرجه أبو داود برقم (1319).

4 - وقال الله تعالى: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)} [الأنعام/68]. - الاعتماد على الله، ونفي النفس، مع الأخذ بالأسباب المأمور والمأذون بها شرعاً: 1 - قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)} [الأعراف/188]. 2 - وقال الله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)} [الأنفال/ 17]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «لا إلَهَ إلا الله وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلا شَيْءَ بَعْدَهُ». متفق عليه (¬1). - امتثال أوامر الله وإن كانت على خلاف العقل: كما صنع نوح - صلى الله عليه وسلم - السفينة على اليابسة، وترك إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - زوجته وولده بواد غير ذي زرع، وأُمر موسى - صلى الله عليه وسلم - بأخذ الحية وضَرْبِ البحر امتثالاً لأمر الله ... عز وجل. 1 - قال الله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)} [هود/38]. 2 - وقال الله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ (37)} [إبراهيم/37]. 3 - وقال الله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4114)، وأخرجه مسلم برقم (2724).

وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21)} [طه 17 - 21]. 4 - وقال الله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63)} [الشعراء/63]. - تحمل الأذى والطرد في سبيل الدعوة إلى الله تعالى: 1 - قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)} [البقرة/214]. 2 - وقال الله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)} [إبراهيم/12]. 3 - وقال الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} [الأنفال/30]. 4 - وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَومٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يومِ أُحُدٍ؟ قَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بنِ عَبْدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ». متفق عليه (¬1). 5 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ أُخِفْتُ فِي الله وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوْذِيتُ فِي الله وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَومٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِي وَلِبِلالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذو كَبِدٍ إلا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إبْطُ بِلالٍ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (¬2). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3231)، واللفظ له، ومسلم برقم (1795). (¬2) صحيح/أخرجه الترمذي برقم (2472)، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (151).

- الصبر على الاتهام والتعيير والاستهزاء: 1 - قال الله تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52)} [الذاريات/52]. 2 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (10)} [الأنعام/10]. 3 - وقال الله تعالى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)} [الأنبياء/5]. 4 - وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)} [الحجر/97 - 99]. - إظهار العزة والجَلَد أمام الكفار المعاندين: 1 - قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)} [الأنعام/161]. 2 - وقال الله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة/4]. 3 - وقال الله تعالى عن السحرة لما آمنوا: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73)} [طه/72 - 73]. - التوكل على الله، والشجاعة والثبات أمام الأعداء وإن كثروا: 1 - قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي

وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)} [يونس/71]. 2 - وقال الله تعالى عن هود عليه الصلاة والسلام: {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)} [هود/54 - 56]. - الاستفادة من قدرة الله لكشف الكربات وقضاء الحاجات: 1 - قال الله تعالى: ... {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء/ 87 - 88]. 2 - وقال الله تعالى: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)} [البقرة/60]. - العناية بذوي المكانة: 1 - قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24)} [غافر/23 - 24]. 2 - وقال الله تعالى لموسى - صلى الله عليه وسلم -: {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه/42 - 44]. 3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَو آمَنَ بي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ لآمَنَ بِيَ اليَهُودُ». متفق عليه (¬1). ¬

(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3941)، واللفظ له، ومسلم برقم (2793).

- الاستقامة على الدين ظاهراً وباطناً: 1 - قال الله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)} [هود/112]. 2 - وقال الله تعالى عن شعيب - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)} [هود/ 88]. اللهم ارزقنا الاستقامة على الدين ظاهراً وباطناً، واغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنّا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

الخاتمة

الخاتمة وبهذا تم الكتاب بفضل الله وحده، فالحمد للهِ الذي بنعمته تتم الصالحات، وله الحمد والشكر أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تُحَمِّلنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. سبحان الله وبحمده، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. والحمد لله رب العالمين

§1/1