محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

ابن المِبْرَد

المجلد الأول

المجلد الأول مقدمة ... مقدمة إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، اللهم صلّ وسلّم عليه وعلى صحبه الهداة المهتدين وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين. أما بعد: فإنّ الله جل ثناؤه وتباركت أسماؤه، قد أرسل محمّداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الكفر والشرك إلى الإيمان والتوحيد فاستجاب له وآمن بدعوته ناس من قومه أشرق نور الإيمان في قلوبهم، فانجلت عنها ظلمة الشرك، فأبصروا الحق الذي دعاهم إليه. فما زال النبي صلى الله عليه وسلم يغذيهم بالقرآن والحكمة، ويزكيهم بالعمل الصالح حتى صار هذا الدين أعظم ما يكون في قلوبهم، وصار الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم وعشيرتهم وأموالهم بل وأنفسهم، فناصروه في دعوته وتحملوا معه سبيل الله أقصى ما يمكن أن يتحمله بشر - غير الأنبياء - من أجل العقيدة، ذلك الجيل الربَّاني الذي آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وآزره ونصره هم صحابته الكرام الذين اختصّهم الله وشرّفهم بصحبة نبيه وإقامة شرعه. كان مجتمعهم طرازاً فريداً، ونسيجاً وحيداً، لم يكن في أتباع الأنبياء مثلهم، لهم القدح المعلى من كل فضيلة، والسهم الأعلى من

كل مكرمة، فهم أهل لكل محبة وتعظيم وإكرام وتقدير، من كل من جاء بعدهم من هذه الأمة، وأهل لأن يقتدى بهم، ويتمسك بطريقتهم وهديهم، فإنّ الدين ما كانوا عليه، ولا شكّ أنّهم أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن معرفة أحوال هؤلاء الصحابة وما اتصفوا به من أخلاقٍ ساميةٍ وصفاتٍ نبيلةٍ، ينير الطريق أمام المؤمن الذي يريد الاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه. وأمر آخر يستوجب العناية بسيرهم، وهو أنهم هم الذين نقلوا إلينا الإسلام نقلاً صحيحاً، لذلك وجبت العناية بأخبارهم وأحوالهم وسيرهم، حتى لا يجد أعداء الإسلام سبيلاً إلى الطعن فيه بواسطة الطعن في نقلته. وقد أثنى الله على أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم في آيات كثيرة من كتابه، منها: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [سورة الأنفال، الآية: 74] . وقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [سورة الفتح، الآية: 29] . وشهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنّهم خير القرون حيث قال: "بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً حتى كنت من القرن الذي كنت فيه" 1.

_ 1 البخاري: الصحّيح، كتاب المناقب 3/1305.

وقد نشأت فرقة في الإسلام لا تقر بهذه الفضائل لهؤلاء الصحابة فكفّروا الصحابةَ إلاّ نفراً يسيراً منهم، وتقربوا إلى الله بسبّهم وشتمهم، وجعلوا ذلك من أقرب القربات، وأحسن الطاعات. ولم تزل هذه الفرقة سادرة في غيها، وماضية في ضلالها، تنمو بالخفاء حتى قامت لهم دولة تحمي مذهبهم، وتدعو إليه، ونشطت جهودهم في ذلك، فصاروا ينشرون الكتب والرسائل التي تتضمن من المخازي سبّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتكفيرهم لجمهورهم، واتخذوا الطعن فيهم وسيلة للطعن في كثير من أحكام الإسلام، وصاروا يُلَبِّسُون بذلك على كثير من المسلمين. وقد تصدى العلماء قديماً وحديثاً للردّ على تلك الافتراءات بنشر فضائل الصحابة وسيرهم وأخبارهم، وممن اعتنى بذلك العلامة ابن عبد الهادي حيث أفرد لكل واحد من العشرة كتاباً مستقلاً، ومنها كتابه: (محض الصّواب في فضائل عمر بن الخطّاب) . وقد رأيت الحاجة ماسّة إلى المشاركة في نشر فضائل الصحابة، وبيان مكانتهم الرفيعة من هذا الدين، دفاعاً عنهم، وحماية لحرمتهم من جهة، وصيانة للدين من التحريف والتغيير من جهة أخرى، وحماية لعقائد المسلمين وحفظاً لقلوبهم من أن يقع فيها غل لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وصيانة لألسنتهم من أن يجري عليها ما فيه انتقاص من سبّ وشتم أو ذكر لهم بغير ما هم أهل له.

أسباب اختيار العمل في هذا الكتاب: 1- الرغبة في المشاركة في المسيرة المباركة لإحياء التراث الإسلامي العظيم، وإظهار ما هو حبيس المكتبات حتى يسهل للجميع الاطلاع عليه. 2- مكانة مؤلف الكتاب بين العلماء، وتحصيله في العديد من الفنون، فدراسة كتابه فيها فوائد جمة وفرائد غير خفية على أهل العلم وطلبته. 3- قيمة الكتاب العلمية؛ إذ الكتاب غزير في مادته، فهو يحتوي على كثير من الأحاديث النّبوية والآثار المروية عن عمر رضي الله عنه. 4- المساهمة في إظهار كتب فضائل الصحابة لاسيما الخلفاء الراشدين، وعرضها على الناس في هذا الزمان الذي كثر فيه الطعن في الصحابة من الرافضة وغيرهم. 5- اهتمام المؤلف بانتقاء الأخبار، وعدم الاكتفاء بسرد الروايات حيث يعقب، ويذكر الفوائد، ويورد الصحيح. 6- نقل المؤلف عن أصول ضاعت ولم تصل إلينا. 7- لهذه الأسباب كلّها وقع اختياري على هذا الكتاب لهذا العالم الجهبذ، علماً بأني قد بذلت جهدي في خدمة الكتاب تحقيقاً ودراسةً، وإنني لأرجو أن أكون قد وفيت - أو قاربت - بالصورة التي تخدم الكتاب. ويقتضي هذا البحث بطبيعته أن يتكون من مقدّمة، وقسمين: القسم الأوّل: الدراسة: وتشتمل على: 1- عصر المؤلّف من الناحية السياسية والدينية والعلمية (نظرة إجمالية) .

2- حياة المؤلّف، وضمنته: اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه، ونسبته، ومولده، وعائلته، ومهنته، ووفاته. 3- السيرة العلمية للمؤلّف وتشتمل على: طلبه للعلم، ورحلاته، ومكانته العلمية، وثناء العلماء عليه، وعقيدته في الأصول، ومذهبه في الفروع، وشيوخه، وتلاميذه، ومؤلّفاته. 4- التعريف بالكتاب وضمنته: أوّلاً: تحقيق اسم الكتاب، وتوثيق نسبته للمؤلّف. ثانياً: موضوع الكتاب ومباحثه. ثالثاً: منهج المؤلّف في الكتاب. رابعاً: موارد المؤلّف في الكتاب. خامساً: المآخذ على الكتاب. سادساً: قيمة الكتاب العلمية. سابعاً: وصف النسخة الخطية، مع نماذج مصورة منها. القسم الثاني: التحقيق. وعملي فيه على النحو الآتي: أ- تحقيق النص وضبطه. ب- أثبت ما في حاشية الأصل في الأصل؛ لأن المؤلّف - رحمه الله - قام بمراجعة النسخة التي كتب بخط يده وأضاف عليها. ج- وضعت ما وقع من زيادة على نص الأصل، بين معقوفتين كبيرتين [] .

د- وضعت أسماء الكتب الواردة في الأًصل بين قوسي تنصيص. هـ- اتبعت الرسم الإملائي الحديث، فقمت بحذف (همزة الوصل) ، في (ابن) إن وقعت بين علمين فبعضهم يكتبها وبعضهم لا يكتبها، وأنا لم أكتبها بين علمين إلاّ إذا كانت في أوّل السطر. وكذلك أثبت (الألف الوسطية) مثل: (خالد) ، و (سفيان) ، والحارث) ، حيث وردت محذوفة في كثير من المواضع وأنا أثبتها، وكذلك راعيت قواعد الهمزة المتوسطة والهمزة المتطرفة. و رسمت الآيات القرآنية بالرسم العثماني، ووضعتها في المتن بين القوسين المزهرين، وعزوتها إلى أماكنها في المصحف الشريف، مع أنها وردت بخط نسخ عادي. ز- خرجت الأحاديث النبوية، فإن كانت في البخاري ومسلم اكتفيت بذلك وإلاّ اجتهدت في البحث عنها في المصادر الحديثية الأخرى، واجتهدت أن أقف عليه، وأوردت كلام العلماء عن الحديث أو الأثر إن وقفت عليه. ح- أجتهد في تخريج النقول والآثار وإرجاعها إلى مظانها في الكتب. ط- إذا وجدت اختلافاً في بعض ألفاظ الحديث أو الأثر بين المخطوطة والأصل الذي نقل منه أشرت إلى ذلك الاختلاف إذا كان له أهمية. ي- عزوت الأشعار إلى قائليها من دواوينهم. ك- ترجمت للأعلام الواردة أسماؤهم في المتن بترجمة موجزة، فإن كان

من أهل الكتب الستة فإني أكتفي بالتهذيب والتقريب أو أحدهما وإن لم يكن رجعت إلى مظان ترجمته في كتب التراجم. ل- شرحت المفردات الغريبة الواردة في النص باقتضاب. م- حددت مواضع البلدان والأماكن باقتضاب. ن- وضعت الجمل الاعتراضية بين شرطتين قصيرتين، كما راعيت علامات الترقيم ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. س- وضعت فهارس تفصيلية للآيات والأحاديث، والآثار، والأشعار، والأعلام، والأماكن، والأبواب. وفي ختام هذه المقدمة أحمد الله وأشكره وأثني عليه الخير كله، لا أحصي ثناء عليه، على ما أنعم علي به ووفقني إليه، وأسأله عزوجل أن يعينني على ذكره وشكره وحسن عبادته. واعترافاً بالفضل لأهله أتقدم بخالص شكري وتقديري لأستاذي الفاضل المشرف على الرسالة، الدكتور أكرم بن ضياء العمري - حفظه الله - الذي لم يدخر جهداً في إبداء توجيهاته القيمة، وملحوظاته السديدة، فجزاه الله عني خير الجزاء. كما لا يفوتني بهذه المناسبة أن أشكر جميع من أسهم معي في إخراج هذه الرسالة، بتوجيه أو تشجيع، وأخص بالذكر الدكتور عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي. كما أشكر جميع القائمين على الجامعة الإسلاميّة وعلى رأسهم مدير الجامعة د/ عبد الله بن صالح العبيد؛ على ما يبذلونه من جهد في خدمة العلم وطلابه الذين وفدوا إليها من مشارق الأرض ومغاربها، وأسأل الله جلت قدرته أن يوفقهم لبذل المزيد من الجهد لما فيه رفعة الإسلام وخير المسلمين.

وأشكر أيضاً جميع القائمين على عمادة البحث العلمي على سعيهم في طبع هذا الكتاب ونشره ضمن منشورات العمادة، فجزاهم الله خير الجزاء. وبعد: فقد بذلت في عملي هذا قصارى جهدي، فإن أصبت فهو من فضل الله علي وتوفيقه لي، وأما الخطأ فهو واقع مني، فأسأل الله الرحيم أن يتجاوز عني، ويغفر لي، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ووسيلة لمرضاته. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خاتم المرسلين محمّد وعلى آله أجمعين.

الدراسة

الدراسة ... 1- الحياة السياسية والدينية والعلمية أ- الحياة السياسية: ولد يوسف بن الحسن بن عبد الهادي سنة ثمان مئة وأربعين (840هـ) ، وتوفي سنة تسع ومئة (909هـ) ، وهذه الفترة الزمنية التي عاشها ابن عبد الهادي كانت في عصر دولة المماليك الجراكسة الذين حكموا مصر والشام والحجاز - وهو عصر الدولة الثانية من حكم المماليك -، ومدة هذا العصر ثمان وثلاثون ومئة سنة، من سنة أربع وثمانين وسبع مئة إلى سنة اثنتين وعشرين وتسع مئة (784-922هـ) ، وهؤلاء الجراكسة من بلاد شرق البحر الأسود وبحر الخزر1؛ وكانت تلك المناطق آنذاك مسرحاً للصراع بين قوى متعددة، وهذا الصراع حمل عدداً كبيراً من أبناء الجراكسة على دخول سوق النخاسة2، ونقلوا إلى مصر، فأكثر السلطانُ المنصور قلاوون من شراء هؤلاء المماليك، وأسكنهم إلى جواره في القلعة، وهي مكان معروف في القاهرة، فنسبوا إليها حيث عرفوا بـ: (المماليك البرجية) ، وحرص على تربيتهم تربية دينية وعسكرية، ليضمن الحفاظ على السلطنة له ولأبنائه من بعده؛ وبعد مدة كثر عدد هؤلاء الجراكسة، وأصبح منهم أمراء وقادة، فاستطاعوا أن يتسلموا السلطة وأن يحكموا البلاد. وتعاقب ملوك هذه الدولة حتى بلغوا أكثر من اثنين وعشرين سلطاناً3،

_ 1 سلام؛ الأدب في العصر المملوكي ص: 13، عاشور: مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك ص: 223، 224، عبد المنعم ماجد: نظم دولة سلاطين المماليك ص: 11. 2 النخاسة: بياع الدواب والرقيق، والاسم النخاسة بالكسر والفتح (القاموس ص: 744) . 3 شاكر: التاريخ الإسلامي (العهد المملوكي) ص: 70، 71.

بدأوا بالسلطان سيف الدين برقوق الذي قام بانقلابه على المماليك البحرية واستولى على السلطة، وانتهوا بالسلطان الأشرف طومان بك - أو طومان باي - الذي قتل على أيدي العثمانيين سنة اثنتين وعشرين وتسع مئة (922هـ) ، واختلفت سنوات حكمهم بين الطول والقصر، ولم يتجاوز أحدهم في حكمه خمسة وثلاثين يوماً، وكان أطولهم حكماً هو السلطان برقوق (784-801هـ) 1. وقد عاصر ابن عبد الهادي منهم ثمانية عشر سلطاناً وهم على النحو الآتي: الأشرف برسباي، العزيز يوسف، الظاهر جقمق، المنصور عثمان، الأشرف إينال، المؤيد أحمد، الظاهر خشقدم، الظاهر بلباي، الظاهر تمربغا خير بك، الأشرف قايتباي، الناصر محمّد، قانصوه، الناصر محمّد للمرة الثانية، الظاهر قانصوه، جانبلاط، العادل طومان باي، الأشرف قانصوه. وجميع هؤلاء من الجراكسة ما عدا خشقدم فهو رومي يوناني2. وقد اختلفوا في مقدرتهم على الحكم، وقدراتهم من حيث الشخصية والعلم، أو الجهل والدهاء والسذاجة، والظلم أو العدل، ومما يروى من مظالمهم وطيشهم أن السلطان الناصر محمّد بن الأشرف قايتباي كان شاباً طائشاً متهوراً يتصرف تصرفات قبيحة حمقاء، إذ كان يهجم على نساء الناس لاغتصابهن.

_ 1 سلام: الأدب في العصر المملوكي ص: 13، عبد المنعم ماجد: نظم دولة سلاطين المماليك ص: 24، 25. 2 باشا: تاريخ الأدب العربي (العصر العباسي) ص: 27، 28، شاكر: التاريخ الإسلامي ص: 69، 70، سلام: الأدب في العصر المملوكي ص: 13، عبد المنعم ماجد: نظم دولة سلاطين المماليك ص: 24، 25.

يقول ابن إياس: "وصار ينزل في المراكب ببركة الرطلي ويطوف البركة هو وأولاد عمه، وإن رأى امرأة جميلة في بيتها هجم عليها وطلع لها من الطاق وأخذها غصباً وضرب زوجها بالمقارع في وسط بيته"1. واضطربت الأسواق بشغب المماليك الذين يسمون (الجلبان) ، وقد طم فسادهم وعم في هذا العصر، وصاروا أذى للناس في كل مكان، وغطت مساوئهم أواخر القرن التاسع وأوائل العاشر حتى سقطت دولتهم على أيدي العثمانيين2. وقد اشتهر عصرهم هذا بأحداث سياسية كثيرة شغلت السلاطين والنواب عن القيام بما يجب عليهم تجاه دينهم وأمتهم، فقد تعرضت دولة المماليك في مصر والشام لكثير من الفتن والثورات الداخلية، ومعظم هذه الفتن من المماليك أنفسهم لوجود تيارات متباينة ينتسب كل تيار إلى أحد السلاطين كالظاهرية، والناصرية، والمؤيدية وغيرها3. كما اشتهر عصرهم هذا بالمؤامرات وكثرة الدسائس التي تحاك في الظلام ضد أعدائهم أو ضد بعضهم، الآباء ضد الأبناء، والأبناء ضد الآباء، والزوجات ضد الأزواج، والأولاد ضد الأمهات، والأمهات ضد فلذات الأكباد، وعرف عهد المؤيد شيخ المحمودي باستخدام السم للتخلص ممن يراد التخلص منه، فقد دس السم لابنه ولخطيب مسجده4.

_ 1 ابن إياس: بدائع الزهور ص: 631. 2 ابن إياس: بدائع الزهور ص: 449. 3 المقريزي: الخطط 1/175. 4 ابن إياس: بدائع الزهور ص: 362.

ويلاحظ أن السلاطين الخمسة الأواخر الذين عاصرهم ابن عبد الهادي كانت نهايتهم هي القتل، فقد خلع الظاهر قانصوه، وقتل جانبلاط، وخنق العادل طومان باي، وقتل الأشرف قانصوه1. ولأجل هذه الفوضى السائدة بين المماليك وما يحصل بينهم من فتن واغتيالات شغلتهم عن رعيتهم، جعل الأعراب يغيرون على البلاد وبخاصة المدن كالقاهرة ودمشق وكانت علاقتهم في الغالب بالسلطان في القاهرة ونائب دمشق علاقة عداء أدت إلى حصول الكوارث والفتن. فقد ثار العرب من بني حرام وبني وائل في الشرقية فسير لهم السلطان تجريدة2. وهجموا على مدينة القاهرة حتى وصلوا إلى حي الحسينية ونهبوا الدكاكين وسلبوا أثواب الناس، واستمر الحال على ذلك من بعد صلاة العصر إلى المغرب فرجعوا من حيث جاءوا3. وفي سنة ست وتسع مئة (906هـ) زاد شرّهم وقطعوا الطريق على الحجاج والتجّار، حتى نودي في دمشق بالجهاد ضدهم، وفي السنة التي بعدها سنة سبع وتسع مئة (907هـ) وصلوا إلى أطراف دمشق ونهبوها، فخرج عليهم نائب دمشق ومعه مقدم البقاع ناصر الدين الحنش، ثم تتالت الهجمات عليهم، وهكذا كانت الحرب سجالاً ولم تحسم بأي حال4. وربما تكون هذه الثورات، والانتفاضات في أطراف القاهرة ودمشق أو في

_ 1 المقريزي: الخطط 3/103-104، شاكر: التاريخ الإسلامي ص: 72، 73. 2 التجريدة: الفرقة من العسكر الخيالة دون الرجالة، والمقصود فيها سير الجنود على وجه السرعة دون أثقال أو حشد (معجم الألفاظ التاريخية، ص: 42) . 3 ابن إياس: بدائع الزهور ص: 435. 4 ابن طولون: مفاكهة الخلان 1/71، العلي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 76.

الصعيد احتجاجاً أو اعتراضاً أو رفضاً لحكم المماليك وأساليبهم في سياسة البلاد1. ولا شكّ أنّ هذا عمل غير مشروع. ومن الأمور الجديرة بالاهتمام فتنة (الدوادار اقبردي) سنة ثلاث وتسع مئة (903هـ) ، وهي من الفتن الكبيرة التي وقعت في دمشق في آخر حياة ابن عبد الهادي، وقد تفاقم شرّه وحاصر الصالحية وتوعدهم بالكبس والقتل والحرق والنهب وهم في أراجيف منه، وكتب لأهلها كتاباً يتوعدهم فيه. وقد وقف ابن عبد الهادي من هذه الفتنة موقف علماء الملة المجاهدين حيث قال بعد أن ذكر رسالة (الدوادار آقبردي) : "فسألني أهل الصالحية في الذهاب إليه فامتنعت"، وكتب له جواباً على رسالته مطولاً توعد فيه كل من أراد الأذى لأهل الصالحية2. وتعد الصالحية البيئة الخاصة التي نشأ فيها ابن عبد الهادي، ولذا يمكن التعريف هنا بهذه المدينة إبّان عصر المؤلّف، فالصالحية تقع في سفح جبل قاسيون، أنشأها بنو قدامة المقادسة سنة أربع وخمسين وخمس مئة، عندما هاجروا من بيت المقدس إلى دمشق3، وقد قام بنو قدامة ببناء دور لهم، وشرعوا في بناء المدرسة العمرية، وهي أوّل مدرسة بنيت في الجبل، وتتابع البناء حولها، وقد ساعد على توسع الصالحية السلطان نور الدين ثم الملوك الأيوبيون، حيث قاموا ببناء عدة مدارس ومساجد4. وأصبحت الصالحية في العصر المملوكي مدينة مستقلة، فابن بطوطة الذي

_ 1 المقريزي: السلوك 1/386، قاسم عبده قاسم: دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي ص: 13. 2 ابن عبد الهادي: صبّ الخمول على من وصل أذاه أولياء الله والرسول صلى الله عليه وسلم ق 5، وابن طولون: مفاكهة الخلان 1/199. 3 ابن طولون: القلائد الجوهرية 1/64، 66. 4 دهمان: مقدمة القلائد الجوهرية 1/8.

زارها سنة ست وعشرين وسبع مئة (726هـ) قال عنها: "هي مدينة عظيمة لها سوق لا نظير لحسنه، وفيها مسجد جامع ... "1. ويصفها القلقشندي وصفاً رائعاً فيقول: "مدينة الصالحية ممتدة في سفح الجبل تشرف على دمشق وضواحيها، ذات بيوت ومدارس، وربط، وأسواق، وبيوت جليلة ... "2. وأكثر أهلها حنابلة من بيت المقدس3، وهي الآن حي من أحياء دمشق. ب- الحياة الدينية: لقد عانى المجتمع الإسلامي انقسامات وخلافات مذهبية أدت إلى صور من الصراع السياسي والعسكري بين الدويلات التي اتخذت نحلاً مختلفة، مدعية أنها على الطريق الأقوم وغيرها على طريق الضلال. وكان الصراع الشديد في تاريخ الأمة الإسلامية بين اتجاهين هما: اتجاه الحق، اتجاه أهل السنة الذين هم متمسكون بعلوم القرآن والسنة، ويعدون السنة وعلوم الحديث مكملين للقرآن فلا بد من الاعتناء بهما كالاهتمام بالقرآن الكريم. والاتجاه الثاني: وهو اتجاه الشيعة وهو مبني على الخرافة، وقد غلب على القرن الرابع فقد أيدته دولتان قويتان: دولة البويهيين في المشرق ودولة العبيديين في المغرب ومصر، ولم يلبث أن ضعف هذا الاتجاه بتغلب السلاجقة على المشرق4، وهم من أهل السنة، ثم دولة صلاح الدين الأيوبي فالمماليك في الشام ومصر وهي دول سنية كذلك.

_ 1 ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة 1/58. 2 القلقشندي: صبح الأعشى 4/94. 3 ياقوت: معجم البلدان 3/390. 4 عبد المنعم حسنين: سلاجقة إيران والعراق ص: 29.

وعليه فقد حافظت دولة المماليك على الاتجاه السني بشكل عام ولم تسمح بظهور أي أثر شيعي في الفكر الإسلامي. فالغالبية العظمى في بلاد الشام هم من أهل السنة والجماعة ومنهم الحكام العسكريون (المماليك) ورجال الدين، بالإضافة إلى من يسمون العامة. وكانوا جميعاً برغم الاختلافات العديدة بينهم وبرغم تضارب مصالحهم يشكلون مجتمعاً إسلاميّاً واحداً، وبالرغم من أنهم لم يكونوا جميعاً يطبقون تعاليم الإسلام بحذافيرها. وكان هناك فئات قليلة لا أثر لها في المجتمع المملوكي إلا في الحالات النادرة، وهم: أوّلاً: الشيعة: انتشر التشيع في بلاد الشام منذ أيام الدولة العبيدية بمصر والشام، ورغم محاربة المماليك لهذه الأفكار إلا أنه بقيت طائفة من الشيعة الإمامية - أو الاثني عشرية -، وكانوا يقيمون في دمشق غربي باب توما، وكان لهم مسجد على يمين الداخل من باب توما1، أظهروا فيه: (البدع) فاستاء الناس منهم، ورفعوا الأمر للسلطان في القاهرة وورد المرسوم في ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين وثمان مئة (892هـ) بهدم المسجد2. وكانوا يقيمون احتفال الأوّل من محرّم والعاشر منه عند قبر (الست زينب) ، وهناك يختلط الرجال بالنساء وتكون المفاسد3.

_ 1 العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 78. 2 ابن طولون: مفاكهة الخلان 1/82، 83. 3 العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 141.

وهناك الإسماعيلية ولهم عدة قرى بالشام وهي: الرصافة، والخوابي، والقدموس، والكهف، والمنيقة، والقلعة، وتنتشر هذه بين نيابتي دمشق وطرابلس، وتسمى قراهم بـ: (قلاع الدعوة) 1. الدروز: وكانوا يقيمون فيما يسمى اليوم جبل لبنان. النصيرية: أتباع محمّد بن نصير البصري النميري (ت: 270هـ) ، وهؤلاء يعيشون في منطقة عرفت بهم، وهي منطقة جبال النصيرية في اللاذقية2. ثانياً: أهل الذمة: كان يقيم في قرية جوبر قرب دمشق وفي القسم الجنوبي الشرقي من المدينة طوائف من اليهود، في حين يقيم النصارى في شرقي البلد بالإضافة إلى انتشارهم في العديد من قرى النيابة3. أما النصارى: فقد كانوا في نيابة دمشق يضمون فئتين هما: الملكانية: وهؤلاء يدينون بالولاء للبابا، وهم الذين يعرفون بالكاثوليك. اليعقوبية: وهم الشرقين، ومذهبهم منتشر أيضاً في مصر والحبشة4. وقد ألزم النصارى بوضع العمامة الزرقاء وألزم السامرة5 بوضع العمامة الحمراء، وذلك بإشارة وزير من المغرب قدم إلى مصر فانتقد الحرية الزائدة التي كان يتمتع بها أهل الذمة الذين رآهم يلبسون أفخر الملابس ويستخدمون في أجل

_ 1 القلقشندي: صبح الأعشى 4/235، و13/235، الموسوعة الميسرة ص: 48. 2 العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص:79، الموسوعة الميسرة ص:516. 3 العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 81. 4 القلقشندي: صبح الأعشى 11/392، و13/271، ابن الوردي: التاريخ 1/289، المقريزي: الخطط 2/488، قاسم عبده قاسم: دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي ص: 64. 5 السامرة: قوم من اليهود يُخالفونهم في بعض أحكامهم. (القاموس 525) .

المناصب. وهذا يدل على التساهل من حكام المماليك في تطبيق أحكام أهل الذمة، ويبدو أن كلامه كان له أثر عند بعض حكام المماليك ولاسيما (ركن الدّين الجاشنكير) الذي بادر إلى عزلهم من الوظائف الحكومية، ثم أغلقت كنائسهم، وكتب بذلك إلى جميع نواب السلطة، فجمع النصارى واليهود في دمشق ومنعوا ركوب الخيل والبغال، ونودي بإلزامهم بشعار أهل الذمة1. على أن هذه الإجراءات الشديدة سرعان ما خففت وأعيد استخدام اليهود والنصارى في المناصب الحكومية وبقي الزيّ، بل كان اليهود يتولون المناصب الهامة في مصر والشام، فكان هناك كاتب سامري، أي: جابي ضرائب ويعرف بابن إبليس السامري، وكان يلح في الطلب على المسلمين ومن أراد تأخيره منهم أو مسامحته بجبي المال يقطع عنه الطلب مقابل أخذه نصف المبلغ المستحق له شخصياً، ثم يشطب اسمه من قائمة الطلب، والناس معه في الذل والهوان، ولاسيما متولي الأوقاف، وأكثر الناس يتوددون إليه، وهو لا يزداد إلا طغياناً2. وكان معلم دار الضرب في دمشق يهوديّاً، وكان مع ذلك معززاً ومكرماً، وهو الذي وصفه ابن طولون بأنه: "عدو الله وعدو رسوله وعدو المسلمين الذي أهلك النقدين". بل وصلت الجرأة عندهم في بعض الأحيان إلى إعلان دينهم وإيذاء المسلمين فقد جاء جماعة من نصارى الحبشة وعددهم ثلاثة آلاف نفس ودخلوا القدس لزيارة كنيسة القيامة، وكان رئيسهم يجلس على كرسي من ذهب، وأمر بضرب الناقوس، فوافق وقت الأذان، فلم يسمع الآذان،

_ 1 القلقشندي: صبح الأعشى 13/271، 280، ابن طلحة: العقد الفريد للملك السعيد ص: 181، العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 84. 2 ابن شاكر: عيون التاريخ 12/ق 205.

ومقصودهم من ذلك إظهار دين النصرانية في تلك الأماكن الشرقية، فأنكر عليهم شخص واستغاث بالمسلمين وأنكر ذلك، فضربه النصارى بالأسلحة. قال ابن طولون: "وأراح الله البلاد والعباد من حكام السوء مما حل بالإسلام والمسلمين"1. إضافة إلى هذه الطوائف والديانات التي تعيش بين المجتمع المملوكي كان المجتمع في ذلك الوقت مليئاً بالبدع والخرافات، فهناك الموالد التي تقام بمناسبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره، وما يقع فيها من المفاسد والقبائح ما لا يمكن شرحه حتى أبطلوا قراءة القرآن لأجل التهتيك2. وذكر الحافظ ابن حجر: "أنه وجد في صبيحة يوم المولد مئة وخمسون جرة من جرار الخمر فارغات، هذا إلى ما كان في تلك الليلة من الفساد والزنى ... "3. وانتشرت الصوفية في ذلك الوقت ووقع من أهلها كثير من الأعمال المنافية للإسلام، فهناك من يأكل4 الحشيش، ومنهم من لا يتورع عن فعل الجرائم الأخلاقية والشعوذة5. وكثر الدجالون والمدعون المضللون، فمنهم من زعم أنه النبي صلى الله عليه وسلم واجتمع عليه العامة، ومنهم من تكلم من وراء حائط ففتن الناس واعتقدوا أن المتكلم من الجن أو الملائكة، ووصفه ابن العطار قائلاً: يا ناطقاً من جدار وهو ليس يُرى ... اظهر وإلا فهذا الفعل فتانُ

_ 1ابن طولون: مفاكهة الخلان1/39، وانظر: ابن حجر: إنباء الغمر1/273، 274. 2 الصيرفي: نزهة النفوس 1/169. 3 ابن حجر: إنباء الغمر 2/284، 285. 4 العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 177. 5 ابن طولون: مفاكهة الخلان 1/297.

لم يسمع الناس للحيطان ألسنةً ... وإنما قيل للحيطانِ آذانُ1 كما كان المجتمع المملوكي يعج بالانحراف الأخلاقي2، وكان القتل هو أعظم الجرائم المؤرقة لكثير من الناس، وقد ذكر ابن عبد الهادي أن الفتوى بجواز قتل العوانية3 قد فتح باباً واسعاً للشر حيث أغرى بعض الفقهاء للذعر4 بأنه يجوز قتل أعوان الظلمة، فصار من في قلبه من أحد شيء إما يقتله أو يغريهم، ويعطيهم دراهم فيقتلونه ويحتجون بأنه عوني، فحصل بذلك فساد كثير. قال الشيخ ابن عبد الهادي: "فسئلت عن هذه المسألة مرتين، فأجبت في الأولى بجواب مختصر نحو الكراسة، وفي الثانية بمطول نحو الثلاثين كراساً وسميته: (الذعر في أحوال الزعر) 5، ومحطهما عدم الجواز، وأنه لا يجوز لأحد إغراؤهم"6. وبين - رحمه الله - أنه لا يجوز قتل هؤلاء الزعران باعتبارهم أعوان الظالمين، لأنه لو جاز ذلك فجواز قتل الظالمين أحق وأولى7.

_ 1 ابن حجر: إنباء الغمر 1/198، 199. 2 المقريزي: الخطط 1/68، ابن طولون: مفاكهة الخلان 1/20، 21، الصيرفي: نزهة النفوس 1/169، عاشور: المجتمع المصري ص: 225. 3 العوانية: هم الذين يتجسسون لصالح الحكام. 4 الزعران: هم الذين يعرفون في مصر بالحوافيش والجعيدية وفي العراق بالعيارين، وهم فئة من اللصوص والمحتالين. (البقلي: التعريف بمصطلحات صبح الأعشى ص: 170، العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 95، 96) . 5 المراد به ذم الهوى والذعر من أحوال الزعر. 6 ابن طولون: مفاكهة الخلان 1/182. 7 ابن عبد الهادي: ذم الهوى والذعر من أحوال الزعر ق 5.

ج- الحياة العلمية: كان العصر المملوكي من أنشط العصور العلمية وأهمها، فقد ظهر فيه طائفة من علماء الإسلام الذين جمعوا أشتات العلوم ونبغوا في مختلف الفنون، كانوا هم أصحاب الفضل في ضم شتات العلم في أسفار أشبه بدوائر المعارف الحديثة؛ لما اشتملت عليه من مؤلّفات متنوعة لعلوم مختلفة. ولا أدل على ذلك من تلك الكتب التي وصلت إلينا من ذلك العصر، ولا تزال دور الكتب في جميع أنحاء العالم مشحونة بمئات المخطوطات التي ترجع إلى ذلك العصر1. ويعود ذلك النشاط العلمي إلى أسباب منها: 1- المدارس ودور التعليم الأخرى: امتاز عصر السلاطين المماليك بالبلاد الشامية والديار المصرية ببناء المدارس، وتوسع السلاطين في بناء المدارس، فأنشئت العديد من المدارس التي درس فيها كبار العلماء الذين زخر بهم ذلك العصر والذين نبغوا في مختلف الفنون الإسلامية2. وكان عدد مدارس دمشق إحدى وستين ومئة مدرسة، ومن هذه المدارس مدارس فقهية للمذاهب الأربعة، فقد كان للأحناف: اثنتان وخمسون مدرسة، وللمالكية أربع مدارس، وللشافعية ثلاث وستون مدرسة، وللحنابلة إحدى عشرة مدرسة منها المدرسة العمرية المشهورة التي أنشأها أبو عمر بن قدامة المقدسي الحنبلي (ت: 606هـ) ، وهي أكبر المدارس في دمشق؛ لأنها اشتملت على ثلاث مئة وستين خلوة، تخرج فيها عدد كبير من العلماء، ودرس بها أئمة

_ 1 العمري: ابن عبد الهادي وأثره في الأصول ص: 21. 2 المقريزي: الخطط 4/238، 273، الغامدي: الخلافة العباسية في مصر ص: 467.

أعلام منهم يوسف بن عبد الهادي. ولم يقتصر التدريس على المدارس فحسب بل شمل المساجد، والخوانق1، والزوايا2، وغيرها3. 2- كثرة المكتبات في المدارس: كانت مدارس دمشق من القرن السابع إلى الحادي عشر مليئة بخزائن الكتب الوافية بغرض إفادة المدرسين والطلاب4، ومن أعظم تلك المكتبات ما احتوته خزائن المدرسة العمرية، حيث احتوى عدة خزائن للكتب الموقوفة من عدة أناس أعظمها كتب السيد الحسيني، ومنها كتب الشيخ قوام الدين الحنفي، وكتب الشمس البانياسي، وكتب جمال الدين ابن عبد الهادي، وكتب البدري، وفي هذه الكتب مصحف يقال إنه بخط الإمام عليّ رضي الله عنه5.

_ 1 الخوانق أوالخوانك: جمع خانقاه، وهي كلمة فارسية معناها: بيت، وقيل: أصلها خونقاه أي: الموضع الذي يأكل فيه الملك، والخوانق أو الخوانك حدثت في بلاد الإسلام في حدود الأربع مئة من سني الهجرة، وجُعلت لخلوة الصوفية فيها لعبادة الله تعالى وأصبحت تنسب إلى من أنشأها (الخطط المقريزية 3/399) . 2 الزوايا: جمع زاوية؛ وهي مكان يقصده الصوفية للعبادة ويبتدعون فيه أوراداً وأذكاراً ورقصاً ونشيداً وغير ذلك من المنكرات، هذا الأصل في الزوايا ولكنها أصبحت تستعمل في تدريس العلم. (القلائد الجوهرية 1/25) . 3 ابن طولون: القلائد الجوهرية 1/248، 274، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 2/77، كرد: خطط الشام 6/97، العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 175. 4 كرد: خطط الشام 6/189، 190. 5 ابن طولون: القلائد الجوهرية 1/273، 274، والعمري: ابن عبد الهادي وأثره في الأصول ص: 23.

3- الأوقاف على المدارس ودور التعليم: كانت الأوقاف هي المصدر الرئيسي لتمويل الحركة العلمية، وكان يساهم فيها الأمراء والشعب على حد سواء، وقد توسعت في عصر المماليك حتى شملت قسماً كبيراً من الأراضي والعقارات داخل دمشق وخارجها1. وقد حرص السلاطين المماليك وغيرهم ممن أنشأ المدارس على استمرارها في أداء رسالتها في نشر العلم وتعليم الأمة، واهتموا بنظام الأوقاف، فمن خلاله يتم تأمين الموارد المالية اللازمة، تجبي للنفقة على تلك المدارس وغيرها من دور العلم2. ومن هذه الأوقاف تجبي الأموال الكثيرة وتصرف على المدارس ومن فيها من مدرسين وموظفين وطلاب3. كما ساعد نظام الأوقاف على فتح أبواب العلم للفقراء، إذ تكفلت تلك الأوقاف بتدريسهم وتأمين الطعام والشراب والسكن والعلاج لأولئك الطلاب4. وقد اتسعت أوقاف هذه المدرسة وخيراتها، وقل سنة من السنين تمضي إلا ويصير إليها وقف حتى صار من كل أنواع البر لها"5.

_ 1 العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 162. 2 الغامدي: الخلافة العباسية في مصر ص: 472. 3 المقريزي: الخطط 4/201، 222، 251، العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 162. 4 المقريزي: الخطط 4/52، 53، العسلي: معاهد العلم في بيت المقدس ص: 23، سليم عصر سلاطين المماليك 3/64. 5 ابن طولون: القلائد الجوهرية 1/266.

ولا شك أنه متى كان الوقف كبيراً وثابتاً لتلك المدارس فإنه يمكنها من أداء رسالتها على الوجه الأكمل. فما سبق يعطي صورة واضحة للحركة العلمية التي كانت في ذلك العصر مما أدى إلى وجود عدد كبير من العلماء والمؤلفين، وخير دليل على ذلك كتب التراجم لعلماء هذا العصر، كـ: (النجوم الزاهرة) لابن تغري بردي (ت: 874هـ) ويقع في خمسة عشر مجلداً، و (الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع) للسخاوي (ت: 902هـ) ، ويقع في اثني عشر مجلداً. ومع هؤلاء العلماء وفي هذا الجو نشأ ابن الهادي وتلقى عن خيرة علماء ذلك الوقت في الفقه والحديث والتاريخ واللغة، ومما لا شك فيه أن من ينشأ في جو مثل هذا الجو المليء بالعلماء وطلاب العلم المتنافسين في تحصيله بشتى الوسائل، لا بد أن ينال من ذلك حظّاً وافراً، ولذا فإن المؤلف قد تأثر بهذه البيئة العلمية وأصبح من خيرة علماء ذلك العصر.

2- حياة المؤلّف اسمه ونسبه: هو: العلامة يوسف بن الحسن بن أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمّد بن قدامة بن مِقْدام بن نصر بن فتح1 بن حديثة2 بن محمّد بن يعقوب بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن محمّد بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب3 القرشي العَدويُّ العُمريُّ، دمشقيٌّ صالحيُّ الأصل، حنبليُّ المذهب4. كنيته ولقبه: يكنى: أبا المحاسن، وأبا عمر أيضاً. ويُلَقَّبُ: جمال الدين بن بدر الدين بن شهاب الدين، واشتهر

_ 1 في ابن رجب: الذيل على طبقات الحنابلة: وابن بدران: نزهة الخاطر (عبد الله) . 2 في ابن الغزي: النعت الأكمل، وابن بدران: نزهة الخاطر (حذيفة) . 3 انظر ص: 959، 960، وابن الغزي: النعت الأكمل ص: 67، وابن بدران: نزهة الخاطر العاطر 1/3. 4 انظر ترجمته في: السخاوي: الضوء اللامع 10/308، الغزي: الكواكب السائرة 1/316، ابن العماد: شذرات الذهب 8/43، ابن الغزي: النعت الأكمل ص: 67، ابن حميد: السحب الوابلة ص: 319، ابن بدران: المدخل ص: 217، الشطي: مختصر طبقات الحنابلة ص: 74، الكتاني: فهرس الفهارس 2/1141، البغدادي: هداية العارفين 2/560،كرد عليّ: خطط الشام 8/17، والزركلي: الأعلام 9/299، وبروكلمان: تاريخ الأدب العربي 2/107، طلس: مقدمة ثمار المقاصد ص: 11، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حيات هوآثاره المخطوطة والمطبوعة، كرد عليّ: مجلة المجمع العلمي العربي 19/267، كحالة: معجم المؤلفين 13/289، عبد الرحمن العثيمين: مقدمة الجوهر المنضد ص: 12، دهمان: مقدمة القلائد الجوهرية 1/14، ورضوان مختار: مقدمة الدر النقي ص: 21، العمري: ابن عبد الهادي وأثره في الأصل.

بـ: (ابن المَبْرِد) ، وهو لقب جدِّه شهاب الدين أحمد، لقبه بذلك عمه، قيلَ: لقوَّته، وقيل: لخُشُونَة يده. وهو بفتح الميم وسكون الباءِ الموحّدة كذا ضبطها ابن الغَزِّي1. وكذا قال ابن طولون: (ابن المَبْرِد) بفتح الميم وسكون الباء الموحدة، كذا أملاني هذا النَّسب من لفظه وأنشدني: من يطلب التعريف عني قد هُدي ... فاسمي يوسفُ وابنُ نجلِ المَبْردِ وأبي يُعرفُ باسمِ سبط المصطفى ... والجدُّ جَدّي قد حَذَاهُ بأحمدِ2 نسبته: ينسب المؤرخون أبا المحاسن إلى عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء وأحد العشرة المبشرين بالجنة. كما يقولون: القرشي العدوي، نسبة إلى قريش أشرف القبائل، وعدي ابن كعب أحد بطونها. ثم يقولون: الدمشقي الصالحي: فالدمشقي نسبة إلى دمشق إحدى المدن الإسلاميّة المشهورة في الإسلام وعاصمة الشام التي أنجبت كثيراً من علماء الإسلام. والصالحي: نسبة إلى قرية كبيرة في لحف قاسيون، وأكثر أهلها حنابلة أصلهم من بيت المقدس3. والمقدسي: نسبة إلى بيت المقدس.

_ 1 ابن الغزي: النعت الأكمل ص: 67. 2 ابن حميد: السحب الوابلة ص: 319. 3 انظر: ياقوت: معجم البلدان 3/390.

مولده: ذكرت معظم المصادر التي ترجمت للحافظ أن ولادته كانت في دمشق في غرة محرم سنة أربعين وثمان مئة (840هـ) وبه قال ابن العماد1،وابن الملا2،وجزم به الغزي3، وكذا نقل جار الله بن فهد عن النعيمي4، في: (تاريخه العنوان) . وبه أيضاً جزم تلميذه ابن طولون الدمشقي قال: "مولده بالسهم الأعلى بصالحية دمشق سلخ سنة أربعين وثمان مئة (840هـ) 5، وهذا ما اختاره الكتاني6 والزركلي7. وذهب السخاوي إلى أن ولادته كانت في سنة بضع وأربعين8. وأما ابن الغزي فقد حددها بسنة إحدى وأربعين وثمان مئة (841هـ) 9، وبه قال الشطي10. أسرته: ينتمي ابن عبد الهادي إلى أسرة عريقة في الفضل والعلوم الشرعية والدين، ذات جذورٍ

_ 1 ابن العماد: شذرات الذهب 8/43. 2 ابن الملا: منعة الأذهان والتمتع بالأقران ص: 108. 3 الغزي: الكواكب السائرة 1/316. 4 ابن حميد: السحب الوابلة ص: 319. 5 ابن عثيمين: مقدمة الجوهر المنضد ص: 13. 6 الكتاني: فهرس الفهارس 2/1141. 7 الزركلي: الأعلام 8/225، 226. 8 السخاوي: الضوء اللامع 10/308. 9 ابن الغزي: النعت الأكمل ص: 67. 10 الشطي: مختصر طبقات الحنابلة ص: 74.

راسخة بشرفي العلم والنسب، فهو ينتمي إلى آل عبد الهادي أحد فروع آل قدامة بن مقدام، فجده الأعلى عبد الهادي بن يوسف بن محمّد بن قدامة بن مقدام، ومحمّد بن قدامة هو أخو الشيخ أحمد ابن قدامة والد الإمام موفق الدين1. وهؤلاء وأولئك أسرٌ علمية متعددة، تولّوا القضاء والتدريس والفتوى وأفادوا الناس وحملوا مشعل الحضارة في بلاد الشام وغيرها دهراً، وارتحل إليهم الطلاب من عامة بلاد الشام والعراق والحجاز واليمن ومصر ونجد، واشتهروا بخدمة الكتاب والسنة، وكثرت تآليفهم الجيدة النافعة2. إذاً فأسرة الشيخ يوسف تنتمي إلى بيت آل عبد الهادي الذي تخرج من مدرسته رجال علماء عرفوا بالدين والعلم والصلاح والزهد والورع، ونساء فضليات حَمَلنَ العلم، وساهمنَ في نشره وتبليغه. وهذه تعريفات موجزة لبعض أعلام هذه الأسرة: 1- العلامة المحدث شمس الدين محمّد بن أحمد بن عبد الهادي المقرئ الفقيه النحوي، أخذ عنه خلق كثير، وعني بالحديث وفنونه، ومعرفة الرجال والعلل، وله ثمانية وسبعون كتاباً منها: (تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق) ، و (الصارم المنكي في الرد على السبكي) وغيرهما. توفي سنة أربع وأربعين وسبع مئة، ولم يتجاوز أربعين سنة3. 2- حسن بن أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي، بدر الدين،

_ 1 انظر ص: 898. 2 العثيمين: مقدمة الجوهر المنضد ص: 36. 3 ابن رجب: ذيل طبقات الحنابلة 2/436، ابن طولون: القلائد الجوهرية 2/432.

أخذ عن زين الدين عبد الرحمن بن سليمان ووالده، قرأ (مختصر الخرقي) وتفقه بأحمد بن يوسف والشيخ تقي الدين. توفي في شهر رجب سنة تسع وتسعين وثمان مئة بالصالحية، وهو والد يوسف ابن عبد الهادي1. 3- أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي بن شهاب الدين، قرأ (المقنع) ، واشتغل على السُّبكي في الفرائض فأجادها، له مؤلّفات كثيرة، منها: (شرح على الخرقي ولم يكمله، والترشيح في فضل التسبيح) . توفي سنة خمس وتسعين وثمان مئة. وهو أخو المؤلّف لأبويه. وألف في أخباره كتاباً سماه: (تعريف الغادي بفضائل أحمد ابن عبد الهادي) 2. 4- عبد الجليل بن محمّد عبد الهادي العمري الفلكي المتوفى سنة سبع وثمانين وألف بالمدينة النبوية3. 5- الفاضلة الجليلة عائشة بنت أحمد بن عبد الهادي، مسندة الدنيا، انفردت بالرواية عن الحجار وغيره، وروى عنها الحافظ ابن حجر، توفيت سنة ست عشرة وثمان مئة4. مهنته: أفنى ابن عبد الهادي عمره في العلم تعلماً وتعليماً، ولأجل المكانة العلمية الرفيعة التي حازها بين علماء عصره بدمشق في علم الحديث، وسعة باعه

_ 1 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص:29،30، ابن حميد: السحب الوابلة ص:149. 2 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 9، 10، ابن حميد: السحب الوابلة ص: 56. 3 المحبي: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر 2/300. 4 ابن عبد الهادي: الجهور المنضد ص: 110، ابن حجر: إنباء الغمر 3/25، السخاوي: الضوء اللامع 12/81.

واطلاعه في العلوم الأخرى، تأهل لتولّي التدريس في أكبر مدارس دمشق وهي المدرسة العمرية1. وإلى جانب قيامه بالتدريس كان كثير الكتابة والإفتاء، فمعظم مؤلفاته بخط يده ولأجل ذلك قال: لقد سود الحبر الأصابع من يدي ... لكثرة ما أعتاده بالكتابة2 وكان يفتي بعد أن توفرت فيه شروط المفتي، وله مجموع من الفتاوى3. قال ابن الغزي: "ودرس وأفتى ... "4. وقال جميل الشطي: " ... وأفنى عمره بين علم وعبادة وتصنيف وإفادة"5. وذكر السخاوي أنه ناب في القضاء6، ولم أجد من ذكر هذا ممن ترجم له من علماء الحنابلة، وكذا تلميذه ابن طولون. وفاته: بعد حياة حافلة بالتعلم والتعليم والتأليف وبعد عمر بلغ (69) سنة توفي يوسف بن عبد الهادي يوم الاثنين السادس عشر من المحرم سنة تسع وتسع مئة، على قول معظم المترجمين له وهو قول معاصره النعيمي (ت: 927هـ) 7.

_ 1 ابن طولون: القلائد الجوهرية 1/259، الشطي: مختصر طبقات الحنابلة ص: 83. 2 ابن طولون: العقد الغالي في النظم العالي ق 101. 3 مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3212، 1904/2) . 4 ابن الغزي: النعت الأكمل ص: 69. 5 الشطي: مختصر طبقات الحنابلة ص: 77. 6 السخاوي: الضوء اللامع 8/308. 7 النعيمي: العنوان ق 23/ب، الغزي: الكواكب السائرة 1/316، ابن العاد: شذرات الذهب 8/43، الشطي: مختصر طبقات الحنابلة ص: 77.

وذكر حاجي خليفة أنه توفي سنة ثمانين وثمان مئة1، وتابعه على هذا إسماعيل البغدادي2. وهذا القول مردود بما صرح به ابن عبد الهادي نفسه حيث ذكر في كتابه: (صب الخمول على من وصل أذاه إلى أولياء الله) أنه فرغ تأليفه سنة ثلاث وتسع مئة، وكذا قوله في تلميذه: (ابن الملاح) : إنه قرأ عليه كتابه (تهذيب النفس) وأنهاه في مجلس يوم الأربعاء ثالث شهر المحرم من شهور سنة تسع وتسع مئة. وانفرد جميل العظيم بقوله: "إنه توفي سنة تسع عشر وتسع مئة"3. ولعله سهو منه أو تحريف من الطابع. ولما توفي اجتمع في جنازته خلق كثير وكانت حافلة، ودفن بتربة الباب الصغير بالصالحية بسفح جبل قاسيون4.

_ 1 حاجي خليفة: كشف الظنون 2/1292. 2 البغدادي: إيضاح المكنون 3/22، هداية العارفين 2/560. 3 جميل بك العظيم: عقود الجوهر ص: 306. 4 النعيمي: العنوان ق 33/ب، الغزي: الكواكب السائرة 1/326، الشطي: مختصر طبقات الحنابلة ص: 77.

3- السيرة العلمية للمؤلّف طلبه العلم: نشأ ابن عبد الهادي منذ صغره في مدينة دمشق وسط جو علمي في عصر يعج بالعلماء، والبيت الذي ترعرع فيه ابن الهادي في بلدته بيت علم وصلاح كما أسلفنا عند ذكر أسرته1. وقد بدأ ابن عبد الهادي طلبه للعلم مبكراً كغيره من أبناء عصره، فتعلم مبادئ القراءة في الكتاتيب، وتفقه بأبيه وجده، ثم عكف على طلب العلم فقرأ القرآن وكذا الحديث على جماعة من شيوخ عصره وفي مدارس دمشق2، وما زال مجدّاً في الطلب حتى سمع من كبار علماء دمشق، عند ذلك اشتاقت نفسه للرحلة خارج دمشق كما هي عادة غالب طلاب العلم. رحلاته: مع أن دمشق أحد مراكز العلم في عصر المؤلف، لما تتسم به من كثرة العلماء والشيوخ، ومدارس العلم، إلا أن ابن عبد الهادي لم يكتف بالأخذ عنهم، بل أراد الرحلة خارج بلده، والاستزادة من علماء البلاد الأخرى، وهذا دأب معظم طلاب العلم، فالرحلة عندهم أمر لا بد منه، وقد مضى ابن عبد الهادي على طريقة من سبقه من أهل العلم، فأكثر الرحلة إلى البلاد الأخرى حيث وصفه تلميذه ابن طولون بـ: (الرُّحلَة) 3، وقد صرحت

_ 1 انظر ص: 34، 35. 2 ابن عثيمين: مقدمة الجوهر المنضد ص: 13، مقدمة بحر الدم ص: 16. 3 ابن حميد: السحب الوابلة ص: 487.

المصادر: أنه رحل إلى بعلبك1 فقرأ بها على أبي حفص ابن السلمي، وخلقٍ من أصحاب ابن الرعبوب، وقرأ ثمة (صحيح البخاري) ، و (مسند الحميدي) ، و (المنتخب لعبد بن حميد) ، و (مسند الدارمي) ، وتفقه بالشيخ ابن قندس2. ورحل أيضاً إلى مدينة (نابلس) 3 وتكلم على حماماتها وحكم الإيقاد فيها4. وحج سنة ثمان وتسع مئة كما ذكر السخاوي5. مكانته العلمية وثناء العلماء عليه: إن خير ما يصور منْزلة ابن عبد الهادي العلمية، وأثره الإصلاحي، هو آثاره الكثيرة التي خلّفها، وما لقيته من اهتمام العلماء والدارسين بها في العصور المُتعاقبة. ويُضَمُّ إلى هذا سيرة ابن عبد الهادي العلمية وثقافته العالية، ذات الوجوه المتعددة التي أخرجت هذه الثمار الوافرة، فكان حافظاً بارعاً، ومحدثاً جهبذاً، وفقيهاً عارفاً، ومؤرخاً جامعاً، ولغوياً متمكناً من العربية، وكان حافظاً جيداً لأسماء الرجال وطرق الحديث. ولا عجب في ذلك فإن منشأه في الوسط العلمي الذي تحدثنا عنها آنفاً،

_ 1 بعلبك: مدينة قديمة فيها أبنية عجيبة وآثار عظيمة، بينها وبين دمشق ثلاث مراحل (معجم البلدان 1/453) . 2 ابن حميد: السحب الوابلة ص: 488. 3 نابلس: مدينة مشهورة في فلسطين، بينها وبين بيت المقدس عشرة فراسخ (معجم البلدان 5/248) . 4 ابن عبد الهادي: آداب الحمام وأحكامه ق 14/ ب. 5 السخاوي: الضوء اللامع 10/308.

وما أعطاه الله من عمر مباركٍ مديد يقرب من السبعين قضاه في العلم والتعلم والتأليف والكتابة من شأنه أن يبلغ صاحبه بتوفيق الله هذه المكانة الرفيعة1. ونظراً لما لابن عبد الهادي من مكانة علمية في نفوس العلماء، وما يتمتع به من سعة العلم وقوة الحفظ، فقد أثنى عليه كثير من علماء عصره ومن جاء بعدهم من العلماء. قال فيه عصريه عبد القادر النعيمي (ت: 927هـ) : "الشيخ العالم المصنف المحدث"2. وقال تلميذه ابن طولون: "وهو الشيخ الإمام علم الأعلام المحدث الرحلة العلامة الفهامة العامل المتقن"3. ووصفه محمّد بن محمّد نجم الدين الغزي (ت: 1061هـ) بقوله: "الشيخ الإمام العلامة المصنف المحدث"4. ونوَّه بعلمه وفضله ابن العماد (ت: 1089هـ) فقال: "كان إماماً علامة يغلبُ عليه الحديث والفقه، يشارك في النحو والتصريف والتصوف والتفسير وله مؤلفات كثيرة"5. وقال محمّد بن محمّد كمال الدين الغزي (ت: 1214هـ) : "هو الشيخ الإمام العلامة الهمام، نخبة المحدثين، عمدة الحفاظ المسندين، بقية السلف، قدوة الخلف، كان جبلاً من جبال العلم وفرداً من أفراد العلم، عديم

_ 1 طلس: مقدمة ثمار المقاصد ص: 14، رضوان بن غربية: مقدمة الدر النقي 1/26. 2 النعيمي: عنوان الزمان ق 33/ ب. 3 ابن حميد: السحب الوابلة ص: 487. 4 الغزي: الكواكب السائرة 1/316. 5 ابن العماد: شذرات الذهب.

النظير في التحرير والتقرير، آية عظمى وحجَّة من حجج الإسلام كبرى، بحرٌ لا يلحق له قرارٌ، وبرّ لا يشق له غبار، أعجوبةٌ عصره في الفنون، ونادرةُ دهره، الذي لم تسمح بمثله السنون ... ، وأجمعت الأمة على تقدمه وإمامته، وأطبقت الأمة على فضله وجلالته"1. ووصفه الكتاني بقوله: "هو الحافظ جمال الدين أبو المحاسن، من أعيان محدثي القرن العاشر المشهورين بكثرة التصنيف وسعة الرواية"2. وقال الشطي (ت: 1379هـ) : "كان إماماً جليلاً عالماً نبيلاً، أفنى عمره بين علم وعبادة وتصنيف وإفادة"3. عقيدته: كانت عقيدة ابن عبد الهادي هي ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين، وأهل الحديث، فهو أحد العلماء الذين عرفوا بصفاء العقيدة والسير على مذهب السلف، ولا أدل على ذلك من كتابه: (تحفة الوصول إلى علم الأصول) 4، الذي ألفه في اعتقاد أهل السنة والجماعة وهو كتاب مختصر شامل لجميع أبواب العقيدة، وكذا كتابه: (جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر) 5 الذي ردّ به على ابن عساكر؛ لأنه مدح الأشعرية، وقرر فيه عقيدة أهل الحديث، وكذا أقواله المتفرقة في ثنايا كتبه التي

_ 1 ابن الغزي: النعت الأكمل ص: 68، وهذا فيه مبالغة من الغزي رحمه الله. 2 الكتاني: فهرس الفهارس 2/1141. 3 الشطي: مختصر طبقات الحنابلة ص: 86. 4 مخطوط ضمن مجموع كتب من (ق 19-36) ، في مكتبة الجامعة الإسلاميّة تحت رقم: (1052) . 5 مخطوط ضمن مجموع كتب (ق 29-131) في مكتبة الظاهرية تحت رقم: 1132/3.

قرر فيها عقيدة السلف، فمن أقواله: - رحمه الله -: "والإيمان: تصديق بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان"1. ونقل قول محمّد بن إسحاق بن خزيمة: "من لم يقل إن الله في السماء على العرش استوى ضربت عنقه وألقيت جثته على مزبلة بعيدة عن البلد حتى لا يتأذى بنتن ريحها أحد من المسلمين ولا من المعاهدين"2. وقال: "قال الإمام اللالكائي: "سياق ما جاء في قول الله عزوجل: {الرَّحمنُ على العرشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، وأن الله على عرشه في السماء، قال: وهو قول عمر وابن مسعود، وأحمد بن حنبل"3. وقال ناقلاً كلام ابن بطة في رده على المعتزلة: " ... وأنكروا أن يكون لله يدان مع قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَديَّ} [ص: 75] ، وأنكروا أن يكون لله عينان مع قوله: {تجْري بِأعْيُننا} [القمر: 14] ، ولقوله: {ولِتُصْنع على عَيْني} [طه: 39] . ونفوا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "إن الله ينْزل إلى السماء الدنيا ... " 4، فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة، والقدرية، والجهمية، والحرورية، والرافضة، والمرجئة فعرفونا قولكم الذي تقولون، وديانتكم التي بها تدينون، قيل له: قولنا الذي به نقول وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما

_ 1 ابن عبد الهادي: الدر النقي 1/24. 2 ابن عبد الهادي: جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر ق 17/ب. 3 ابن عبد الهادي: محض الصواب ق 110/ب. 4 البخاري: الصحيح، كتاب التهجد 1/348، رقم: 1094، مسلم: الصحيح، كتاب صلاة المسافرين وقصرها 1/521، رقم: 758.

كان عليه أحمد بن حنبل قائلون"1. مذهبه: ترعرع الجمال يوسف بن عبد الهادي في أسرة علمية، تمذهبت بالمذهب الحنبلي، وكان لها الأثر الكبير في نشر هذا المذهب في مدينة دمشق بعد قدومهم من بيت المقدس. فلا غرابة أن يكون ابن عبد الهادي أحد المتمسكين بمذهبه، فقد تفقه بأبيه وجدّه2، وغيرهما من علماء الحنابلة، وحفظ (المقنع) ، و (الطوفي) 3 وغيرهما من كتب الحنابلة، وجد وثابر حتى أصبح من كبار علماء الحنابلة. شيوخه: تلقى ابن عبد الهادي العلم عن أعلام من شيوخ عصره، وساعده تبكيره في طلب العلم، وشغفه العلمي، ونهمه المتواصل على الاستفادة منهم، وحفاوة أسرته به، وتشجيعهم إياه، وكون والده من أهل الفقه، والبيئة التي نشأ بها، كلّ هذه الأسباب ساعدت ابنَ عبد الهادي على أن يتحمل مثل هذا العلم الوافر الغزير، وأن يصبح عالماً ماهراً، فقيهاً، ومؤرخاً جامعاً. وسأكتفي بذكر أهم شيوخه الذين كان لهم الأثر في تكوينه العلمي والثقافي، مع ترجمة موجزة لكل واحد منهم، وهم: 1- أحمد البغدادي، إمام المدرسة ويعرف بـ: (الإمام) ، كان يؤم بمدرسة

_ 1 ابن عبد الهادي: جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر ق 72/أ، ب. 2 ابن عثيمين: مقدمة الجهور المنضد ص: 13. 3 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 64، ابن العماد: شذارت الذهب 7/337، ابن حميد: السحب الوابلة ص: 320.

شيخ الإسلام أبي عمر، وخطب بجامع المظفري مدة، كان ذا دين وروع، وزهد، وإلمام بالفقه والحديث والقراءات، أخذ عن ابن عباس اللحام وغيره، وللمؤلف منه إجازة. توفي في شهر جمادى الأولى سنة إحدى وستين وثمان مئة (861هـ) 1. 2- أبو بكر بن إبراهيم بن يوسف بن قندس تقي الدين البعلي ثم الصالحي الحنبلي، قرأ القرآن وسمع على الشيخ التاج بن بردس وغيره، وتفقه في المذهب الحنبلي فحفظ: (المقنع) وأخذ الأصول على ابن العصياني، ثم اشتغل بالتدريس في مدرسةالشيخ أبي عمر، أخذعنه مجموعة من علماء المذهب منهم: العلاء المرداوي، وتقي الدين الجراعي، وقرأ عليه ابن عبد الهادي (المقنع) ،له مصنفات منها: (حاشية على المحرر) ، و (حاشية على الفروع) . توفي سنة إحدى وستين وثمان مئة (861هـ) 2. 3- زين الدين بن الحبال: هو عبد الرحمن بن إبراهيم بن يوسف بن الحبال، أبو الفرج الحنبلي، المقرئ الفقيه، أخذ عن ابن ناصر الدين وغيره، حفظ الخرقي والملحة وغيرهما، واشتغل في (مختصر الخرقي) ، و (المقنع) ، و (المحرر) ، و (العمدة) وغير ذلك من كتب المذهب. قال ابن عبد الهادي: "قرأت عليه في القرآن وجميع (المقنع) ، و (البخاري) ، و (مسلم) ، و (أربعين ابن الجزري) ، وغير ذلك". توفي بمرض البطن سنة ست وستين وثمان مئة (866هـ) 3.

_ 1 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 5. 2 ابن العماد: شذرات الذهب7/299،300، ابن طولون: القلائد الجوهرية2/397. 3 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 64، محض الصواب ص: 527، ابن العماد: شذرات الذهب 7/318.

4- شهاب الدين أحمد بن محمّد بن عيسى أبو العباس الفولاذي الدمشقي الشافعي، قرأ القرآن على عثمان الحداد، وتفقه بالجمال الطيماني، وأخذ العربية والأصول عن محمّد المدني وغيره، حفظ الحاوي، والألفية، والمنهاج الأصلي، تصدى لإقراء الفقه، وأخذ عنه السخاوي، وابن عبد الهادي وغيرهم. توفي سنة سبع وستين وثمان مئة (867هـ) 1. 5- محمّد بن عبد الله بن نجم الصفي أبو عبد الله الدمشقي الصالحي الحنبلي، قرأ القرآن عند الزين عبد الرحمن بن بوري، وتفقه بأبي شعر وغيره، أخذ عنه ابن عبد الهادي، وقرأ عليه: (جزء الجمعة الثاني) ، و (ثلاثيات البخاري) ، وغير ذلك. كان صاحب عبادة وزهد معظماً لمذهب الإمام أحمد مستمسكاً بفروعه وأصوله حسن الاعتقاد، معظماً لشيخ الإسلام ابن تيمية. توفي سنة تسع وستين وثمان مئة (869هـ2. 6- عمر اللؤلؤي المقرئ المجود زين الدين، أخذ عن عائشة بنت عبد الهادي، وابن عروة وغيرهما، أخذ عنه ابن عبد الهادي وقرأ عليه: (ثلاثيات البخاري) ، و (الزهد) لأحمد، و (مسند عبد بن حميد) ، وغير ذلك، وكان محبّاً لشيخ الإسلام ابن تيمية، قال ابن عبد الهادي: "وهو الذي كنا نتأدب به". توفي سنة ثلاث وسبعين وثمان مئة (873هـ) 3. 7- تقي الدين الجراعي: هو أبو بكر بن زيد بن أبي بكر الجراعي ثم الدمشقي الصالحي، قرأ القرآن ومختصر الخرقي وبعض ألفية ابن مالك.

_ 1 ابن عبد الهدي: الجوهر المنضد ص: 133، السخاوي: الضوء اللامع 12/6. 2 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 159، السخاوي: الضوء اللامع 8/115. 3 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 105.

عند يحيى العبدوسي ثم قدم دمشق وأخذ عن التقي ابن قندس الفقه وأصوله، والعربية، والمعاني والبيان، أخذ عنه صالح ابن عمر البلقيني، وجلال الدين المحلي، وابن عبد الهادي. وقرأ عليه: (المقنع) . توفي سنة ثلاث وثمانين وثمان مئة (883هـ) 1. 8- علاء الدين المرداوي: هو علي بن سليمان بن أحمد المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي حفظ القرآن، وأخذ عن الشهاب أحمد المرداوي، وقرأ (المقنع) على أبي الفرج الطرابلسي، ولازم ابن قندس حتى انتفع به وقرأ عليه (المقنع) و (مختصر الطوفي) و (ألفية ابن مالك) ، أخذ عنه بدر الدين السعدي وابن عبد الهادي حيث قرأ عليه غالب (المقنع) وغالب (الطوفي) . توفي سنة خمس وثمانين وثمان مئة (885هـ) 2. 9- فخر الدين عثمان بن علي التليلي الحنبلي، أخذ عن الحافظ ابن حجر، وعلي بن عروة، وابن الطحان وغيرهم، وأخذ عنه ابن عبد الهادي حيث قرأ عليه جزء المنتقى من (مسند الإمام أحمد) ، ومواضع من كتاب: (المقنع) . توفي سنة اثنتين وتسعين وثمان مئة (892هـ) 3. هؤلاء هم أشهر مشايخ ابن عبد الهادي الذين تلقى عنهم العلم، كما أخذ الحديث عن جماعة كبيرة من تلاميذ الحافظ ابن حجر، وابن العراقي، وابن البالسي، وجمال الدين ابن الحرستاني، والصلاح بن أبي عمرو،

_ 1 ابن العماد: شذرات الذهب 7/337، السخاوي: الصوء اللامع 11/32، ابن حميد: السحب الوابلة ص: 127. 2 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 99، السخاوي: الضوء اللامع 5/225، ابن حميد: السحب الوابلة ص: 296. 3 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 80، ابن العماد: شذرات الذهب 7/352.

والحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي وغيرهم1. وقد أجاز له من مصر الحافظ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمان مئة (852هـ) ، والشهاب الحجازي المتوفى سنة خمس وسبعين وثمان مئة (875هـ) ، وغيرهما2. تلاميذه: لقد كان لشغف ابن عبد الهادي بالعلم ومحبته له، وهمته العالية في تتبع العلماء والأخذ عنهم أثرٌ بالغٌ في جعله من أوعية العلم، ورائداً من رواده، وممن يشار إليهم بالبنان في ذلك العصر، فأصبح الحافظ الكبير، والفقيه المتقن، والمصنف المكثر الذي يؤمُّه طلبة العلم من كل بلاد الإسلام، يرحلون إليه ليسمعوا منه، وليتفقهوا على يديه، وينتفعوا من زهده وصلاحه، وقد عُمِّرَ ما يقرب من سبعين سنة حتى سمع منه أبناؤه وعدد هائل من أهل العلم من مختلف البلاد الإسلامية. وسأكتفي بذكر أبرز تلاميذه مع ترجمة موجزة لهم. 1- أحمد بن يحيى بن عطوة بن زيد التميمي النجدي، ولد في بلده العيينة ونشأ بها وقرأ على فقهائها، ثم رحل إلى دمشق لطلب العلم فقرأ على الشيخ شهاب الدين العسكري وتخرج به وانتفع، وقرأ على يوسف بن عبد الهادي في الفقه من أصول ابن اللحام وغير ذلك، وتفقه ومهر في الفقه فأجازه مشايخه وأثنوا عليه فرجع إلى بلده فصار المرجوع إليه في قطر نجد في المذهب الحنبلي،

_ 1 ابن الغزي: النعت الأكمل ص: 68، طلس: مقدمة المقاصد ص: 13، ابن غربية: مقدمة الدر النقي 1/34. 2 ابن حميد: السحب الوابلة ص: 320.

توفي سنة ثماني وأربعين وتسع مئة (948هـ) 1. 2- أحمد بن محمّد بن شهاب الدين المرداوي ثم الصالحي، الحنبلي، المعروف بابن الديوان، قرأ على الشيخ شهاب الدين الذويب الحنبلي لبعض السبعة، وأخذ علم الحديث عن الجمال يوسف ابن الهادي وغيره، وتفقه عليه وعلى الشهاب العسكري على مذهب الإمام أحمد. توفي سنة أربعين وتسع مئة (940هـ) 2. 3- أحمد النجدي - أيضاً - قال ابن عبد الهادي: "قرأ عليّ في المقنع وغيره"3. 4- محمّد بن عليّ بن محمّد بن طولون الصالحي الدمشقي الحنبلي، إمام مسند مؤرخ، قرأ على ناصر الدين بن رزيق، والسراج بن الصيرفي، ويوسف بن عبد الهادي وغيرهم. كان ماهراً في النحو والفقه والحديث، أخذ عنه الشهاب الطيْبِي، وإسماعيل النابلسي، والزين بن سلطان وغيرهم. له مؤلفات منها: (مفاكهة الخلان في حوادث الزمان) ، و (القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية) . توفي سنة ثلاث وخمسين وتسع مئة (953هـ) 4. 5- الماتاني: هو نجم الدين بن حسن الشهير بالماتاني الصالحي الحنبلي، إمام عالم فقيه محدّث، أخذ الحديث عن الشيخ أبي الفتح المزي ويوسف

_ 1 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 15، ابن حميد السحب الوابلة ص: 116، ابن بسام: علماء نجد 1/196. 2 ابن العماد: شذرات الذهب 8/239، الغزي: النعت الأكمل ص: 106. 3 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 15. 4 الغزي: الكواكب السائرة 2/52، ابن العماد: شذرات الذهب 8/298، والكناني: فهرس الفهارس 1/472.

بن عبد الهادي وغيرهما. ذكره ابن العماد في سياق مسنده للحديث المسلسل بالحنابلة والذي يقال له: (سلسلة الذهب) ، جاء فيه: " ... عن النجم عن حسن الماتاني الحنبلي قال: ثنا أبو المحاسن يوسف بن عبد الهادي ... ". توفي سنة ستين وتسع مئة (960هـ) 1. 6- فضل بن عيسى النجدي، قال ابن عبد الهادي: "صاحبنا قرأ عليّ (المقنع) وغيره، ذا دين وفضل كاسمه. توفي سنة اثنتين وثمانين وثمان مئة بالصالحية2. 7- أحمد بن عثمان الحوراني القنواني. 8- مفلح بن مفلح المرداوي. 9- موسى بن عران الجماعيلي. أجاز لهؤلاء أبو المحاسن بروايته عنه كتابه: (معارف الأنعام في فضل الشهور والصيام) 3. 10- زين الدين عبد الرحمن بن شهاب الدين الجوزي. 11- إبراهيم بن أحمد بن يوسف. 12- أحمد بن عليّ بن محمّد الشعراني. أجاز أبو المحاسن لهؤلاء أن يرووا عنه كتابه: (فضل لا حول ولا قوة إلا بالله) 4. كما كان من عادته أن يجمع نساءه وأولاده ومواليه في بيته، ويقرأ عليهم مؤلفاته ويجيزهم بها، فقد سمع منه كتابه: (غراس الآثار ... ) كل من

_ 1 ابن العماد: شذرات الذهب 5/415. 2 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد ص: 112. 3 نسخة الظاهرية رقم: (1463) ، عن ابن عثيمين مقدمة الجوهر المنضد ص: 34، وابن غربية 1/37. 4 ابن عبد الهادي: فضل لا حول ولا قوة ق 49.

ابنه حسن قال: "وجعل ينام في بعضه"، وولد ابن عمه عمر، وأولاده عبد الله وأخته فاطمة وأمها جوهرة بنت عبد الله الحسينية، وأم ابنه حسن بلبل بنت عبد الله ومولاته حلوة1. وكذا كتابه: (تهذيب النفس ... ) سمع منه ابنه عبد الهادي، وأخوه عبد الله، وأمه جوهرة، وأم ولده بلبل بنت عبد الله، ومولاته حلوة بنت عبد الله2. مؤلفاته: كان لدى ابن عبد الهادي همة عالية، ومثابرة عظيمة لتأليف الكتب، فقد كتب مؤلفات كثيرة في كثير من الفنون، وهي ما بين أجزاء صغيرة، ومجلدات كبيرة. وقد أوصل بعض من ترجم له مؤلفاته إلى أكثر من أربع مئة مؤلف. قال تلميذه ابن طولون: "وأقبل على التصنيف في عدة فنون حتى بلغت أسماؤها مجلداً رتبها على حروف المعجم، وكان الغالب عليه فن الحديث"3. وقال ابن الغزي العامري: "وله من التصانيف ما يزيد على أربع مئة مصنف وغالبها في علم الحديث والسنن"4. وقال ابن العماد: "وله مؤلفات كثيرة، وغالبها أجزاء"5.

_ 1 ابن عثيمين: مقدمة الجوهر المنضد ص: 33. 2 ابن عبد الهادي: تهذيب النفس للعلم وبالعلم ق: 8. 3 ابن حميد: السحب الوابلة (ص 319) . 4 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 69) . 5 ابن العماد: شذرات الذهب (8/43) .

وسأقوم بذكر كتبه المطبوعة ثم المخطوطة مرتبة حسب حروف المعجم، مع ذكر أماكن وجودها، إن وجدت1. أ- الكتب المطبوعة: 1- إتحاف النبلاء بأخبار وأشعار الكرماء والبخلاء2. 2- الإعانات على معرفة الخانات3. 3- بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أم ذم4. 4- برق الشام في محاسن إقليم الشام5. 5- ثمار المقاصد في ذكر المساجد6. 6- الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد7.

_ 1 انظر عن مؤلفاته في: مجلة معهد المخطوطات العربية، وذكر أرقام ما تبقى من كتب ابن عبد الهادي في المكتبة الظاهرية، والعمري في رسالته العالية (الماجستير) (ابن عبد الهادي وأثره في الأصول) . وقد قمت بترتيبها على حروف المعجم ورقمتها تسلسليّاً، واكتفيت بذكر أوّل مصدر ذكر الكتاب في الغالب. 2 طبع بعناية بُشري عبد الغني البشري، مكتبة الساعي، الرياض. 3 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 11، ونشره حبيب الزيات في مجلة المشرق عام 1938م. 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق6، 7، وطبع بعناية وصي الله عباسي، ط/أسنة 1409هـ. 5 ابن عثيمين: مقدمة الجوهر المنضد (ص 34) . 6 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) ، وطبع بعناية محمّد أسعد طلس ط/أسنة 1975م، الناشر مكتبة لبنان، بيروت. 7 ذكره ابن عبد الهادي: فهرست الكتب، وطبع بعناية د/ عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، ط/أسنة 1407هـ، الناشر مكتبة الخانجي بالقاهرة.

7- كتاب الحسبة1. 8- الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي2. 9- الدرة المضية والعروس المرضية والشجرة النبوية والأخلاق المحمّدية3. 10- دفع الملامة في استخراج أحكام العمامة4. 11- الشجرة النبوية في نسب خير البرية صلى الله عليه وسلم5. 12- كتاب الطباخة6. 13- عدة الملمات في تعداد الحمامات7. 14- العقد التمام فيمن زوجه النّبِي صلى الله عليه وسلم8. 15- القواعد الكلية والضوابط الفقهية9. 16- معجم الكتب10. 17- مغني ذوي الإفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام11.

_ 1 نشره حبيب الزيات في مجلة المشرق سنة 1937م. 2 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 69) ، وابن بدران: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد (ص 424) ،وطبع بعناية د/ رضوان مختار ط/أ، سنة1411هـ، الناشر دار المجتمع. 3 ابن عثيمين: مقدمة الجوهر المنضد (34) . 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 12، وطبع بعناية د/ عبد الله الطيار، ود/ عبد العزيز الجيلان، ط/أسنة 1415هـ، الناشر دار الوطن الرياض. 5 طبع بتحقيق الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بمطبعة السنة المحمدية بالقاهرة 1391هـ. 6 نشره حبيب الزيات في مجلة المشرق سنة 1937م. 7 ذكره ابن عبد الهادي: آداب الحمام وأحكامه، ق 102، ونشره صلاح الدين المنجد في مجلة المشرق سنة 1947م. 8 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 19، وطبع بعناية هشام بن إسماعيل السقا. 9 تحقيق جاسم الفهيد الدوسري، نشر دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى 1415هـ. 10 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 6، وطبع بعناية بسري عبد الغين البشري. 11 ابن عبد الهادي: ذم الهوى والذعر ق 42، ابن حميد: السحب الوابلة (ص 488) ، وطبع بعناية عبد الله بن عمر بن دهيش، ط/أ، سنة 1388هـ، الناشر مطبعة المدينة بجدة.

18- نزهة الرقاق في شرح حالة الأسواق1. ب- الكتب المخطوطة: حرف الألف (الهمزة) : 1- الابتهاج2. 2- الإتقان في أدوية اللثة واللسان. 3- الإتقان لأدوية اليرقان3. 4- اثنان وأربعون حديثاً4. 5- الآثار المرهونة. 6- إجابة السائل عن كتب النبي صلى الله عليه وسلم5. 7- إجازات من يوسف بن عبد الهادي لعبد الرحمن بن شمس الدين الكتبي ببعض مسموعاته ومروياته6. 8- إجابة السائل الحديث. 9- إجماع الأمة. 10- أحاديث ابن عبد الهادي7. 11- احتساب الكاغد والحبر8.

_ 1 ابن الغزي: النعت الأمل (ص: 70) ، ونشره حبيب الزيات في مجلة المشرق سنة 1939م. 2 ابن الهادي: فهرست الكتب ق 11. 3 2-3 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) منها نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية ضمن محجموع تحت رقم: (3156/12) . 4 رضوان مختار: مقدمة الدر النقي (45) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (9390/1) . 5 5-6 ذكرهما ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق14، ق6. 6 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/780) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3249/10) . 7 8-10 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق10،12،18. 8 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/780) .

12- أحكام الترياق. 13- أحكام الذارع. 14- آداب الحمام وأحكامه. 15- الأحاديث الرجبية1. 16- الأحاديث المئة2. 17- الأحاديث المسطورة3. 18- أخبار الأخوان عن أحوال الجان4. 19- أخبار الأذكياء5. 20- أخبار الشهداء6. 21- أخبار وأشعار متفرقة7. 22- الأخبار الملتقطة في أخبار السراج. 23- الأخبار والعصابة الآثمة. 24- اختصار أحوال القيامة8. 25- الاختيار في بيع العقار9. 26- أدب الدعاء10.

_ 1 12- 15 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، 8، 10، 23. 2 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي: حياته وآثاره (2/780) . 3 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 11. 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 8، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رمق: (3256/1) . 5 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3428) . 6 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/280) . 7 المصدر السّابق، (2/789) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3249/9) . 8 21 – 24 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق: 8، 11، 12. 9 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/789) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3249/8) . 10 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/789) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3773) .

27- أدب المريض. 28- الآداب الصغرى. 29- الأدب الكبير1. 30- الأدوية المفردة للعلل المعقدة2. 31- الأدوية الوافدة على الحمى الباردة3. 32- الأذكار4. 33- أربعون حديثاً5. 34- أربعين الأحمدين6، 35- أربعين أسماء المهاجرين، 36- أربعين الإمام أحمد، 37- أربعين أنس، 38- الأربعين في أعمال البر، 39- أربعين أبي يعلى، 40- أربعين جابر، 41- الأربعين بأربعة أسانيد، 42- أربعين أبي حنيفة، 43- أربعين الأنصاري، 44- أربعين عن أربعين، 45- أربعين الحميدي، 46- أربعين الحجار، 47- أربعين ابن حجر، 48-أربعين الحافظ عبد الغني، 49-أربعين أبي بكر،50- الأربعين بسند واحد، 51- الأربعين بسندين، 52- أربعين التوحيد، 53- أربعين الزبير، 54- أربعين سعد، 55- أربعين

_ 1 27-29 المصدر السّابق، (2/780) . 2 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/10) . 3 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/10) . 4 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/789) . 5 رضوان مختار: مقدمة الدر النقي (ص 47) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3702/3) . 6 34-126، انظر: ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 6-17، الخيمي: يوسف ابن عبد الهادي حياته وآثاره (2/780، 789) .

أبي عبيد، 56- أربعين الشيخ أبي عمر، 57-أربعين ابن الجوزي، 58- الأربعين الحرستانية، 59- الأربعين الدمشقية، 60- أربعين الخلفاء، 61- أربعين ابن تيمية، 62- أربعين الترمذي، 63- أربعين الدارمي، 64- الأربعين الزاهرة، 65- أربعين زينب بنت الكمال، 66- الأربعين البغدادية، 67- أربعين السراج، 68- أربعين سلمة، 69- أربعين السليمي، 70- أربعين ابن أبي شيبة، 71- أربعين صحيح مسلم، 72- الأربعين الصالحية، 73- الأربعين في صفات رب العالمين،74-أربعين ضياء، 75- أربعين طلحة، 76- أربعين الطبراني، 77- أربعين عبد بن حميد، 78- أربعين من عوالي جدة، 89-أربعين عائشة،80-أربعين عمر،81-الأربعين العوالي، 82- أربعين الشيخ عبد القادر، 83- أربعين عبد الرحمن بن عوف، 84- أربعين عثمان، 85- أربعين علي، 86- أربعين عبد الله بن أحمد، 87- أربعين المسلسلة بالعوالي، 88- أربعين القاضي سليمان، 89- أربعين القاضي أبي بكر،90-الأربعين في فضل الأربعين،91-أربعين ابن الفراء،92- الأربعين المختارة، 93- الأربعين المسلسلة بالأحمدين، 94- الأربعين المسلسلة بالمحمدين، 95- الأربعين المسلسلة بالقضاة، 96- الأربعين المسلسلة بالوصف، 97- الأربعين المخصوصة، 98- أربعين أبي مصعب، 99-الأربعين المختارة من البخاري، 100- أربعين المزي، 101- أربعين ابن المحب، 102- الأربعين المغنية عن المئين، 103- أربعين مسدد، 104- أربعين المجد بن تيمية، 105- الأربعين المكية، 106- الأربعين المختارة من مسند أبي حنيفة، 107- أربعين الشيخ موفق الدين، 108- الأربعين النقلية، 109- أربعين ابن البخاري، 110- أربعين ابن ناصر الدين،111-أربعين النسائي،112-الأربعين البلدانية،113- أربعين أبي هريرة،114- الأربعين

المدنية، 115- إرشاد الأخوان، 116- إرشاد الأحياء، 117- إرشاد الحريص، 118- إرشاد الحمقى، 119- إرشاد الثقات، 120- إرشاد الحي، 121- الإرشاد والتعديل، 122- إرشاد من ظان أهله، 123- إرشاد النظر. 124- الإرشاد إلى حكم موت الأولاد1. 125- إرشاد السالك إلى مناقب مالك2. 126- إرشاد الحائر إلى علم الكبائر3. 127- إرشاد الملا إلى أن من عرف خص بالبلاء4. 128- إرشاد الفتى إلى أحاديث الشتا5. 129- إرشاد المعتمد إلى أدوية الكبد6.

_ 1 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية، تحت رقم: (3214) . 2 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 4، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3461) . 3 المصدر السّابق، ق 38، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية، ولها صورة في مكتبة الجامعة الإسلاميّة تحت رقم: (995) . 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 14، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) . 5 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) ، وهي بخط المؤلف. 6 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/14) .

130- إرشاد المنابر1. 131- إرشاد المريد2. 132- الإرشاد إلى اتصال بانت سعاد بزكي الإسناد3. 133- الاقتباس مشكل سيرة ابن سيد الناس4. 134- استحباب تتريب الكتاب5، 135- إزالة الضجر، 136- أشعار ابن عبد الهادي، 137- أشعار شيخنا الباعوني، 138- الأشعار وبعض الحكايات الملتقطة من الأفواه، 139- أشراط الساعة، 140- الأسئلة الفائقة، 141- أسوأ الحال، 142- أشغال البال، 143- إظهار الأسرار والأخبار، 144- الأعلام، 145- الأفواه، 146- اقتراب الساعة. 147- الإقناع في أدوية القلاع6. 148- الأمثال7، 149- إمساك قول القول، 150- الأمور المهمة، 151- أنيس النفوس، 152- الاهتمام وحسن العبارة، 153- إيضاح

_ 1 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/781) . 2 ابن عبد الهادي: فهرست الكبت ق 7. 3 البغدادي، إيضاح المكنون (3/59) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3794/2) . 4 ابن عبد الهادي، فهرست الكتب ق 14،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3794/1) . وقد طبع. 5 134-146، ابن عبد الهادي فهرست الكتب ق 14، 5، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/781) . 6 العظم: عقود الجوهر (ص: 307) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/1) . 7 148-155، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 9، 10، وق 6، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/781) .

أقوى المذهبين، 154- إيضاح كذب المفترين الفجرة، 155- إيضاح المشكل. 156- الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور1. 157- أسماء بعض النباتات ومعانيها2. 158- الإغراب في أحكام الكلاب3. 159- أوراق في التصوف4. 160- إيضاح القضية بمعرفة الأدوية القلبية5. 161- إيضاح المقالة في ما ورد بالإمالة6. 162- إيضاح طرق الاستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة7.

_ 1 البغدادي: هدية العارفين (2/560) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/2) . 2 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/790) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/22) . 3 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3186/1) ، وقد طبع بدار الوطن عام 1416هـ. 4 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/790) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3249/4) . 5 الشطي، مختصر طبقات الحنابلة (ص 85) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3157/7) . 6 البغدادي: إيضاح المكنون (3/157) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3249/2) . 7 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/790) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3301/1) .

حرف الباء: 163- البردة والأشربة المعروفة1، 164- بردة الزبيرة، 165- البشارة بالخزي والنار، 166- بعض مسموعاته، 167- البغية العليا، 168- بغية الحثيث في فضل أهل الحديث2، 169- بلغة الحبيب، 170- البلاء بحصول الغلاء،171- بيان الشبه والتزاميك، 172- بيان فضيلة شهر نيسان. 173- بلغة الآمال بأدوية قطع الإسهال3. 174- البيان لبديع خلق الإنسان4. 175- بيان القول السديد في أحكام تسري العبيد5. حرف التاء: 176- التاج الملكي والعسس6، 177- التبيين وكمال الدين، 178- التجديد في القضاء، 179- التجريد، 180- التحدث والنبأ، 181- التحذير،182-تحريم الحالف، 183- تحفة الأخوان، 184- تحفة المنظر.

_ 1 163- 172، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 8، 6، 14، الخيمي: يوسف ابن عبد الهادي حياته وآثاره (2/782، 791) . 2 وقد طبع بدار ابن حزم ببيروت عام 1417هـ. 3 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/18) . 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق2،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3196) . 5 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 10،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3194/3) . 6 176-184، ابن عبد الهادي فهرست الكتب ق 10، 14، 17، الخيمي: يوسف ابن عبد الهادي حياته وآثاره (2/782) .

185- تحفة الوصول إلى علم الأصول1. 186- تخريج أحاديث المقنع2، 187- تدارك المفرط. 188- تذكرة الحفاظ الأيقاظ3. 189- التخريج الصغير والتحبير الكبير4. 190- التمهيد في الكلام على التوحيد5. 191- التشديد على النساء6، 192- التصريح، 193- التصحيح المصدق، 194- تفريج القلوب، 195- التقريب في إحياء الدين، 196- التقرير وطلب الزرق من الخبايا، 197- تعجيل المنفعة. 198- تعريف الغادي ببعض فضائل أحمد بن عبد الهادي7. 199- تعريف المجروح بما يدمل القروح8.

_ 1 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة برلين ألمانية الغربية تحت رقم: (1128) . وقد حقق. 2 186-187، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 5، 7. 3 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/782، 791) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (4543) . 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 11،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (1032) . 5 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 5،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3773) . وقد طبع قسم منه بدار بلنسية في الرياض، عام 1417هـ. 6 191-197، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 5، 6، 11، 13، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/782، 792) . 7 الزركلي: الأعلام (8/226) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216/4) . 8 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/20) .

200- التغريد بمدح السلطان السعيد أبي النصر أبي يزيد1. 201- تمام النوال في أدوية الطحال2. 202- تنبيه الإنسان3، 203- تنبيه المنتبه، 204- التواضع والنشر. 205- التواعد بالرجم والسياط لفاعل اللواط4. 206- التيسير والطبّ الروحاني5، 207- تخريج المقنع. 208- تخريج حديث: (لا ترد يد لامس) 6. 209- تهذيب النفس للعلم وبالعلم7. 210- تاريخ الصالحية8. حرف الثاء: 211- الثلاثين المروية عن أحمد في صحيح مسلم9، 212- ثلاثين

_ 1 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/792) ،، ومنه نسخة في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3194/4) . 2 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/7) . 3 202-204، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/782، 792) . 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3215/1) . 5 206-20، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) . 6 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) . 7 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 12،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216/3) ، ولها صورة في مكتبة الجامعة الإسلاميّة تحت رقم: (933) . 8 الزركلي: الأعلام (8/226) . 9 211-212، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 12، 15.

الطبراني الأوسط. 213- الثمار الشهية الملتقطة من آثار خير البرية1. 214- الثقات2، 215- الثغر الباسم لتخريج أحاديث أبي القاسم، 216- الثمرة الرائعة. حرف الجيم: 217- جامع العلوم3، 218- جامع الفوائد، 219- جبل قاسيون، 220- جزء طالوت. 221- جزء من تاريخ الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر4. 222- جزء المصاحف5. 223- جزء أحاديث وأشعار وحكايات منتقاة6. 224- جزء في الرواية عن الجن وحديثهم7. 225- جزء فيما عند الرازي من حديث أحمد وغيره8.

_ 1 البغدادي: هدية العارفين (2/561) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3249/11) . 2 214-216، ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) ، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/782، 792) . 3 217-220، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 6، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/782) . 4 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/782) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (4552) . 5 رضوان غريبة: مقدمة الدر النقي (ص 45) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3213/2) . 6 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/793) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (1372/2) . 7 الشطي: مختصر طبقات الحنابلة (ص 85) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (9390/6) . 8 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (9390/4) .

226- جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر1. 227-جمع العدد2.228-جواب اللاس ونزهةالقرطاس وصرف الحراس. 229- جواب بعض الخدم لأهل النعم عن تصحيف حديث احتجم3. 230- جواب في سؤال النصر4. 231- جواز التحديث والتنويه5، 232- جواز الزيادة، 233- جواهر الدرر، 234- جواهر اللغات. 235- الجول على معرفة أدوية البول6.

_ 1 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (1132/2) ، ويقوم بتحقيقه الأخ منفوسي من كلية الدعوة في الجامعة الإسلاميّة. 2 227-228، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/782) . 3 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/793) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3776/1) . 4 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/793) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3776/1) . 5 231-234، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 9، 11، 13، 16. 6 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/5) .

236- الجوهر النفيس1، 237- جوهرة الزمان، 238- جلاء الدين. 239- جزء تخريج أحاديث الشتاء2. 240- جمع الهوامع3. 241- جزء فيما عند المؤلف في مجالسة السبعة عن أحمد والشافعي ومالك4. حرف الحاء: 242- الحجة والأخبار5، 243- حديث أبي ثابت. 244- حديث الخشكنانك6. 245- حديث في الصحيحين عن الإمام أحمد7. 246- حديث علي بن جعد8، 247- حديث العصيدة، 248- الحزن

_ 1 236-238، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 9، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/782) ، العظم: نقود الجوهر (ص 307) . 2 الألباني: فهرس مخطوطات الحديث (ص 72) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) . 3 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 5. 4 الألباني: فهرس مخطوطات الحديث (ص 73) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (9390/5) . 5 242، 243، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 10، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/783) . 6 توجد منه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الجامعة الإسلاميّة تحت رقم: (996) . 7 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/794) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) . 8 246-274، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 4، 9، 10، 12، 13، 15، 17، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/783) .

والكمد، 249-حسن السير،250- حسن الكد والإنذار، 251- حسن المقال، 252- الحظ الأسعد، 253- حكايات الأفواه، 254- الحكايات الجمة، 255- الحكايات السارة، 256- الحكايات المختارة، 257- الحكايات المنثورة، 258- حلاوة السير. حرف الخاء: 259- خبر أبي الفضل، 260- خبر المقالة، 261- الخمسة الإسكندرية، 262- الخمسة الإنطاكية، 263- الخمسة البيروتية، 264- الخمسة التلتياثية، 265- الخمسة الجيلية، 266- الخمسة الجليلية، 267- الخمسة الحردانية، 268- الخمسة الحورانية، 269- الخمسة الدمياطية، 270- الخمسة السرمدية، 271- الخمسة السوسية، 272- الخمسة العسقلانية، 273- الخمسة العكاوية، 274- الخمسة العين ترماوية. 275- الخمسة العمانية (عمان البلقاء) 1. 276- الخمسة الفلسطينية2، 277- خمسة القابون، 278- خمسة اللاذقية، 279- الخمسة المحصورة، 280- الخمسة الملطية، 281- الخمسة النابلسية، 282- الخمسة الهيتية، 283- الخمسة اليمانية، 284- الخمسة الباقونية، 285- الخمسة الكهفية، 286- الخمسة النيربية، 287- خمسة وادي محسر.

_ 1 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) . 2 276-287، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 10، 11، 13، 14، 16، 17، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/783) .

288- خواص الحمام وفصول القولنج والسموم1. حرف الدال: 289- الدرر الكبير2، 290- الدر النفيس في أصحاب محمّد بن إدريس، 291- الدعاء والذكر. 292- دواء المكترب بعضة الكلب الكَلِب3. 293- الدرر البهية المنتقاة من ألفاظ الأئمة المرضية4، 294- دواء المصيبة. حرف الذال: 295- الذل والخمول5، 296- ذم التعبير وآفاة الأضرار. 297- ذم الهوى والذعر من أحوال الزعر6. حرف الراء: 298- رائق الأخبار ولائق الحكايات والأشعار7.

_ 1 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/794) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/7) . 2 289-291، ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) ، الزركلي: الأعلام (8/225) ، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/783) . 3 البغدادي: هدية العارفين (2/561) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/8) . 4 293-294، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 18، البغدادي: إيضاح المكنون (3/464) . 5 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 9، ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) . 6 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3243) . 7 البغدادي: إيضاح المكنون (3/547) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3213/1) .

299- الردّ على من شدّد وعسر في جواز الأضحية بما تيسر1. 300- الرّدّ على من قال بفناء الجنّة والنّار2. 301- الرّثا للصّالحات من النّساء3. 302- رسالة خانية4. 303- رسالة في التّوحيد وفضل لا إله إلاّ الله5. 304- رسم الشّكل6. 305- الرّعاية في اختصار تخريج أحاديث الهداية. 306- الرّغبة والاهتمام، 307- روض الحدائق. 308- الرّياض المرنقة. 309- الرّياض اليانعة في أعيان المئة التاسعة. 310- رسالة مجمع الأصول7.

_ 1 ابن الجوزي: فهرست الكتب ق 7، 10،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة ألمانية الغربية تحت رقم: (4051) . 2 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/783) . 3 الشطي: مختصر طبقات الحنابلة، (ص 85) ، العظم: عقود الجوهر (ص 308) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3212) . 4 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/783) . 5 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/795) ،، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (9390/2) . انظر: كتبه المطبوعة. 6 304-309، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، 12، 23، الخيمي: يوسف ابن عبد الهادي حياته وآثاره (2/783) . 7 وتوجد منه نسخة في مكتبة دار الكتب المصرية تحت رقم: (698) ، ولها صورة في مكتبة مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى تحت رقم: (95) .

حرف الزاي: 311- زاد الأريب1، 312- زاد المعاد. 313- زيد العلوم وصاحب المنطوق والمفهوم2. 314-زهرة الحدائق ومراقي الجنان3،315-زهرة الوادي، 316- زوال البأس. 317- زوال الضجر والملالة، 318- زوال اللبس. 319- زينة العرائس من الطرف والنفائس4. حرف السين: 320- السباعيات الواردة عن سيد السادات5. 321- السبعة البغدادية6، 322- السبعة المسلسلة بالأنا، 323- السداسيات والخماسيات، 324- سر كذب المفترين.

_ 1 311-312، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 5، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/783) . 2 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3192/1) . 3 314-318، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق6، 10، 11، الخيمي: يوسف ابن عبد الهادي حياته وآثاره (2/783، 795) . 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 5، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: 3290/1) . 5 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص71) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) . 6 321-324، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق10، 15، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/784) .

325- سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث1. حرف الشين: 326- الشراب الزلال2، 327- شجرة بني عبد الهادي، 328- شد المحزم، 329- الشدة والبأس، 330- شر الأيام عند اقتراب الساعة، 331-شرح التحيات،332- شرح حديث قس بن ساعاة، 333- شرح الخلاصة الألفية، 334-شرح اللؤلؤ، 335- شرح المكمل، 336- شرح مقدمة التصوف، 337- شرح النخبة، 338- شد الظهر لذكر ما يحتاج إليه من الزهر، 339- شفاء الصدور، 340- شفاء العليل، 341- شواهد ابن مالك، 342- شيوخ ابن المحب. حرف الصاد: 343- الصارم المغني في الردّ على الحصني. 344- صب الخمول على من وصل أذاه إلى أولياء الله3. 345- صير المحتاج4، 346- صدق التشرف إلى علم التصوف، 347- صدق الوعود، 348- صفة اللها، 349- صرف الحواس، 350- صفات الكلب المفروت، 351- صفة المؤمن والإيمان.

_ 1 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 23، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3835) وقد طبع بدار البشائر الإسلامية في بيروت عام 1418هـ. 2 326- 343، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 5، 6، 7، 10، 11، 12، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (784) . 3 العظم: عقود الجوهر (ص 309) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (1141) . 4 345-351، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 8، 11، 12، 15، 16، حي (2/784) .

352- صفة مفرج وفوائد مختلفة1. حرف الضاد: 353- الضبط والتبيين لذوي العلل والعاهات من المحدثين2. 354- ضبط من غبر فيمن قيده ابن حجر3. حرف الطاء: 355- الطب النبوي4. 356- طبائع المفردات5. 357- طب الفقراء6. 358- طبع الكرام7، 359- طرح التكلف، 360- الطواعين، 361- طوالع الترجيح، 362- الطهر والأطهار.

_ 1 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/896) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/2) . 2 الشبطي: مختصر طبقات الحنابلة (ص 85) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/2) . 3 العظم: عقود الجوهر (ص 309) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (1182) . 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7. 5 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/796) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/15) . 6 البغدادي: هدية العارفين (2/561) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3155) . 7 358- 393،ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 5، 7، 9، 10، 11، 12، 13، 14، 16، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (784/796) .

حرف الظاء: 363- الظفر، 364- ظلال الأسحار، 365- ظهور البيان، 366- ظهور الخبايا بتعداد البقايا، 367- ظهور السرر باختصار الدر. حرف العين: 368- عدة الرسوخ، 369- عدد الأكابر، 370- العدد والزين، 371- العسس، 372- عشرة ابن الباعوني، 373- عشرة التعقيبات، 374- العشرة الجماعيلية، 375- العشرة الحرّانيّة، 376- العشرة الحرستانية، 377- عشرة الحسن وعشرة الحسين، 378- عشرة الخطباء، 379- العشرة الدارانية، 380- العشرة الربانية، 381- العشرة الدومانية،382- عشرة السهم، 383- عشرة ابن الصدر، 384- عشرة ابن الصيفي،385-العشرة الصبرية، 386- عشرة فاطمة، 387- العشرة القدسية، 388- عشرة قصر اللباد، 389- عشرة المنظور، 390- عشرة ابن ناظر الصاحبة، 391- العشرة المسلسلة بالحنابلة، 392- العشرة المسلسلة بالحفاظ. 393- العشرة من مرويات صالح بن أحمد وزياداتها. 394-العشرة الطرابلسية1،395-العشرون بسند واحد،396- عشرون حمداني،397-العشرون الحموية،398- العشرون الحلبية، 399- عشرون

_ 1 394- 418، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 9، 10، 13، 14، 15، 16، 17، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/785) .

ابن الحبال، 400- عشرون الشيخ خليل، 401- عشرون ابن السني، 402- عشرون ابن الشريفة، 403- عشرون الشيخ عماد الدين، 404- عشرون اللؤلؤي، 405- عشرون ابن منحا، 406- عشرون ابن هلال، 407- العشرون اليمانية، 408- عشرون يوسف بن خليل، 409- عشرة ابن زرارة، 410- العشرة الأذرعية، 411- العشرة البرزية،412-العشرة الصيداوية، 413- عشرة الفولاذي، 414- العشرة المرداوية، 415- العشرة المزية، 416- العشرة اليونانية، 417- عشرة ولده، 418- عشرون يحيى بن مصعب. 419- عرائس الأخبار وثمار الأخبار1. 420- العطرة المنعشة2. 421- عظيم المنة بنزه الجنة3. 422- العلم عمدة المبتدئ في الفقه الحنبلي4. 423- العطاء المعجل في طبقات أصحاب الإمام أحمد بن حنبل5. 424- العهدة الأدوية المعدة6.

_ 1 العظم: عقود الجوهر (309) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية. 2 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/785) . 3 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 15، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216/1) ، وقد طبع بمكتبة البيروني بدمشق عام 1413هـ. 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، البغدادي: هدية العارفين (2/561) . 5 الزركلي: الأعلام (8/262) ، ويوجد منه (8) ورقات بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (4550) . 6 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/6) .

425- عوالي النظام1، 426- عوالي الرقة، 427- عوالي أبي بكر الشافعي،428-العصابة الآثمة،429-العمدة الرائقة،430- عين الإصابة. حرف الغين: 431- غاية السول إلى علم الأصول2. 432- غاية السول وتحفة الوصول3، 433- غاية السول وشرحه، 434- غاية النهي. 435- غدق الأفكار في ذكر الأنهار4. 436- غراس الآثار وثمار الأخبار ورائق الحكايات والأشعار5. 437- غرر الأخبار6، 438- الغلالة في مشروعة الدلالة، 439- الغليظ الشديد.

_ 1 425-430، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، 11، 23، الخيمي: يوسف ابن عبد الهادي حياته وآثاره (2/785) . 2 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية، ولها صورة بمكتبة الجامعة الإسلاميّة تحت رقم: (1052) ، وقد قُدم رسالة ماجستير في قسم أصول الفقه في كلية الشريعة. 3 432-434، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، 9، 14. 4 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 69) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (4557) ، وقد طبع بدار ابن كثير بدمشق عام 1408هـ. 5 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/797) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3193) . 6 437- 442، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، 8، ابن الغزي: النعت الأكمل (71) ، البغدادي: هدية العارفين (2/561) ، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/285) .

440-غرس الآثار وثمارالأخبار في روائع فنون المنون في الوباء والطاعون. حرف الفاء: 441- فائدة الحكم، 442- الفائق في الشعر الرائق. 443- فتاوى سنة اثنتين وتسع مئة1. 444- فتاوى سنة ثلاث وتسع مئة2. 445- فتاوى سنة خمس وتسع مئة3. 446- فتاوى وأسئلة فقهية4. 447-فتاوى ابن أبي الفوارس5،448-فتح الرحمن،449-فتوح الغيب. 450- الفحص والإظهار، 451- فرائض سفيان الثوري. 452- فرض الفطر، 453- الفرج بعد الشدة. 454- فصل في أدوية البهق وفوائد عامة6. 455- فصل في الأدوية المفردة7.

_ 1 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/785) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3212) . 2 المصدر السّابق (2/797) . 3 المصدر السّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (1904/2) . 4 المصدر السّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3212) . 5 447-453، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 10، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/785) . 6 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/798) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/13) . 7 المصدر السّابق ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (2702/1) .

456- فصل فيما ينفع من داء الثعلب وفصل في الباه1. 457- فصل فيما ينفع الشرا والاستسقاء والفالج2. 458- فصل فيما ينفع الصرع والسموم3. 459- فصل فيما ينفع الفواق وما ينفع الجذام4. 460- فصل فيما ينفع القوبا5. 461- فصل فيما ينفع الكلف6. 462- فصل فيما ينفع وجع الظهر والخاصرة7. 463- فصل فيما ينفع وجه المفاصل وعرق النسا8. 464- فصول مختلفة في الطب9. 465- فصل في منافع بعض الفواكه والأزهار10. 466- فضل الأئمة الأربعة11، 467- فضل سقي الماء، 468- فضل صوم ست من شوال، 469- فضائل أبي بكر، 470- فضل السمر في ترجمة

_ 1 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/14) . 2 المصدر السّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/4) . 3 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/11) . 4 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/17) . 5 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/17) . 6 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/17) . 7 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/9) . 8 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/13) . 9 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/3) . 10 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/19) . 11 466-476، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 6-11، ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) ، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/785) .

أأبي عمر، 471- فضل السمر والعلالة، 472- فضل عاشوراء، 473- فضل العالم العفيف، 474- فضل العنب، 475- فضل قضاء حوائج الناس، 476- الفضل المسلم. 477- فضل لا حول ولا قوة إلا بالله1. 478- فضل يوم عرفة2. 479- فضيلة إنظار المعسر3. 480- فنون المنون في الوباء والطاعون4. 481- الفنون من أدوية العيون5. 482- الفوائد البديعة6، 483- فوائد ابن أبي الفوراس، 484- الفوائد الحسان، 485- فوائد الرفاق. 486- فوائد طبية7.

_ 1 الألباني: فهرس مخطوطات الحديث (ص 75) ، ومنه نسخة في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (4558) ، ولها صورة في مكتبة الجامعة الإسلاميّة برقم: (1585) ، وطبع بتحقيق عبد الهادي منصور عام 1416هـ. 2 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 14. 3 الألباني: فهرس مخطوطات الحديث (ص 75) ، المصدر السّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) . 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 6. 5 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) ، المصدر السّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/4) . 6 482-485، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7، 12، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/785) . 7 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/798) ، المصدر السّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/9، 3165/11) .

487- فوائد عامة لبعض الحيوانات1. 488-فوائد من طبقات أبي الحسين فيمن حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم هو وأبوه2. 489- فهرست الكتب3. حرف القاف: 490- قرة العين في مناقب السبطين4. 491- قصيدة في مدح السلطان محمّد بن عثمان5. 492- قضاء النهمة6. 493- القطرة المنعشة7. 494- قواعد فقهية8. 495- القواعد الكلية والضوابط الفقهية9.

_ 1 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/9) . 2 المصدر السّابق، (2/785) . 3 العظم: عقود الجوهر (ص 306) . 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 5. 5 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/799) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3192/2) . 6 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 10. 7 المصدر السّابق، ق 16. 8 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/799) . 9 ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3209/1) .

496- القول السداد1، 497- القول السديد، 498- القول المسدد والانتصار لأحمد، 499- القول العجب والبرهان. حرف الكاف: 500- كذب المفترين الفجرة، 501- كراريس وأجزاء مختلفة. 502- كشف الغطاء عن محض الخطأ2. 503-كشف اللبس3،504-الكفاية،505-الكلام على حديث المزرعة. 506- الكمال في أدوية المصدر والسعال4. 507- كمال الإصغاء إلى معرفة أدوية الأمعاء5. 508- كمال الزينة6. حرف اللام: 509- لائق المعنى، 510- لذة الموت، 511- لفظ الفوائد المختارة.

_ 1 496-501، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 10، 11، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/785) . 2 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7،ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (1132/1) . 3 503-504، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 11، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/799) . 4 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/799) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/5) . 5 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/1) . 6 514- 511، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 11، 19، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/786) .

512- اللثق في أدوية الخلق1. 513- لقط السنبل في أخبار البلبل2. حرف الميم: 514- ما رواه البخاري عن أحمد وسبب إقلاله3، 515- ما ورد في يوم الثلاثاء، 516- ما ورد في يوم الأربعاء، 517- ما في كلام أكمل الدين من الإشكال،518-ما ورد من مهور الحور العين،519- المتحابين، 520- مجالس ابن البحري، 521- المجتنى من الأثمار. 522- مجموع من الأحاديث الشريفة4. 523- مجموع من الأحاديث الشريفة5. 523- مجموع من الأحاديث الشريفة6. 524- مجموع من الأحاديث الشريفة7.

_ 1 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/12) . 2 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 11، ومنه نسخة في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3186/1) ، وهي بخط المؤلف، وصورتها في مكتبة الجامعة الإسلاميّة تحت رقم: (993) . 3 514-521، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 10، 13، 15، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/786) . 4 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/800) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3212) . 5 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/800) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3212/3) . 6 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3249/7) . 7 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3776/2) .

525- مجموعة من التراجم1. 526- مجموعة من التراجم والشعراء2. 527- محض البيان في مناقب عثمان3. 528- محض الخلاف في مناقب سعد بن أبي وقاص4. 529- محض الشيد في فضائل سعيد بن زيد5. 530- محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب6. 531- مختصر ذم الهوى7، 532- مختصر البيان، 533- مختصر من شفاء الغليل، 534- مختصر النبات، 535- مرآة الزمان في أوهام المشايخ الأعيان، 536- مراقي الجنان بقضاء حوائج الأخوان، 537- مرويات جوير، 538- مرويات شيخنا ابن هلال، 539- مرويات الكرسي، 540- مرويات مقرا، 541- المسائل النجدية، 542- مسألة أولاد المشركين، 543- مسألة الحيض، 544- مسألة ذبائح أهل الكتاب، 545- المسألة الدمشقية، 546- مسألة إجازة المشغول، 547- المسألة الفياوية، 548- المسألة العبيدية، 549- مسائل

_ 1 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3776/2) . 2 المصدرالسّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3257/1) . 3 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 4. 4 الزركلي: الأعلام (8/226) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3248/1) . 5 الزركلي: الأعلام (8/225) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3248/1) . 6 سيأتي الكلام عليه إن شاء الله في: (ص 105) . 7 531-557، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 4، 7، 10، 11، 12، 13، 14، 19، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/786) .

الصيد، 550- المسائل الشمالية، 551- مسائل ابن هاني عن أحمد، 552- المستجاد، 553- المسلسلة بالأسماء، 554- المسلسلة الدمشقية، 555- المسلسلة بالعاهات، 556- المسلسلة بالكوفة. 557- المسلسلات بالمحمّدين. 558- مسائل فقهية وأجوبتها1. 559- مشاكلة النمط في تهذيب الملتقط2. 560- المشتبه في الطب3. 561- المشيخة الكبرى4. 562- المشيخة الوسطى5. 563- المعارج6، 564- معجم الضياء، 565- المعجم الكبير، 567- معجم الصنائع، 567- معجم البلدان، 568- الميل والخير العجل،569- معجم لمشايخه. 570- معجم تراجم الشوافعة7.

_ 1 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/800) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3249/6) . 2 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 3. 3 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) . 4 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 7. 5 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3256/2) . 6 563-569، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 10، 3، 16، الخيمي: يوسف ابن عبد الهادي حياته وآثاره (2/786، 787) . 7المصدر السّابق (2/801) ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (4551) .

571- معاجين وسفوفات ومنافع عامة1. 572- معرفة الأصول البشيشة2. 573- المعدة والولوع3، 574- المغني عن الحفظ والكتاب. 575- المطول في تاريخ القرن الأول4. 576- مقامة الأمان5، 577- مقامة لائقة. 578- مقبول المنقول من علمي الجدل والأصول6. 579- مقدمة التصوف7، 580- الملتقط، 581- المنار، 582- مناقب الإمام أحمد، 583- مناقب أبي عبيدة، 584- مناقب أبي حنيفة، 585- مناقب الزبير، 586- مناقب سعد وسعيد، 587- مناقب الشافعي، 588- مناقب طلحة، 589- مناقب عبد الرحمن بن عوف، 590- مناقب عليّ، 591- مناقب مالك، 592- المنتخب من مشيخة ابن طرخان، 593- المنتقى من البخلاء، 594- المنديل والصابون، 595- من صفة المؤمن والإيمان، 596- من

_ 1 المصدر السّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/21) . 2 الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/801) . 3 573-574، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 14، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/786) . 4 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (7439) . 5 576-577، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 8، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/786) . 6 توجد منه صورة في مكتبة الجامعة الإسلاميّة تحت رقم: (1052) . 7 579-599، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 4، 4، 6، 9، 17، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/786) .

أحاديث مسانيد أبي حنيفة، 597-المنتخب من معجم أبي العز،598-المنهاج،599- المنهل الأهنى. 600- الميرة في حل مشكل السيرة1. 601- المرتعى في علم الدعاء2. حرف النون: 602- الناس وتأذى الأبرار3، 603- النافع في الطب والمنافع، 604- النبذة المرضية، 605- نبذة من سيرة الشيخ تقي الدين. 606- نتف الحكايات والأخبار ومستطرف الآثار والأشعار4. 607- النجاة بحمد الله5. 608- نزهة المسامر في أخبار مجنون بني عامر6.

_ 1 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (1904/1) . 2 الألباني: فهرس مخطوطات الظاهرية (ص 76) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (540) ، وقد قدمه الأخ عبد الباسط شيخ إبراهيم رسالة العالمية (الماجستير) في قسم العقيدة كلية الدعوة. 3 602-605، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 4، 16، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/786) . 4 البغدادي: إيضاح المكنون (4/622) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) . 5المصدر السّابق (4/625) ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) . 6 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 70) ، العظم: عقود الجوهر (ص 311) ، طبع بدار عالم الكتب ببيروت عام 1414هـ.

609- النصيحة المسموعة في أدوية العلقة المبلغة1. 610- النشاط2، 611- نفحات نسيم الأنس، 612- الندب والنياحة، 613- نقل الرواة، 614- النكت، 615- نهاية المرام، 616- النهاية في اتصال الرواية. 617- النصيحة في تخريج أحاديث النواوية بالأسانيد الصحيحة. حرف الهاء: 618- هدايا الأحباب وتحف الإخوان والأصحاب3. 619- هداية الإخوان لمعرفة أدوية الآذان4. 620- هداية الأشراف لمعرفة ما يقطع الرعاف5. 621- هداية الإنسان إلى الاستغناء بالقرآن6. 622- الهدية إلى المسائل الخفية7.

_ 1 البغدادي: هدية العارفين (2/561) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/16) . 2 610-617، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 4، 6، 7، 16، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/786) ، الزركلي: الأعلام (8/225) . 3 البغدادي: هدية العارفين (2/562) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3194/1) . 4 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3156/1) . 5 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3165/3) . 6 المصدر السّابق، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3216) . 7 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 4، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (56) .

حرف الواو: 623-الواسطية1،624-وجه القول السديد،625-وجوب إكرام الجد، 626- الوصايا المهدية، 627- الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب،628-الوعد بالضرب والفراق،629-وفاء العهود بأخبار اليهود. 630- وفاة النبي صلى الله عليه وسلم2. 631- وقوع البلاء بالبخل والبخلاء3. 632- الوقوف والتشديد4، 633- الوقوف على لبس الصوف. حرف الياء: 634- ياقوتة العصر.

_ 1 623-629، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 8، 10، ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 71) ، البغدادي: هدية العارفين (2/561) ، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/786) . 2 ابن عبد الهادي: فهرست الكتب، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (4544) . 3 العظم: عقود الجوهر (ص 312) ، ومنه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3211) . 4 632-634، ابن عبد الهادي: فهرست الكتب ق 11، 16، الخيمي: يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره (2/787) .

4- التعريف بالكتاب أوّلاً: تحقيق اسم الكتاب وتوثيق نسبته للمؤلف، وتاريخ تأليفه: اسم الكتاب: هو: (محض الصّواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب) ، هذا ما صرح به أبو المحاسن في مقدمة الكتاب حيث قال: "وسمّيته كتاب: (محض الصّواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب) ... "1، وهو ما دونه على طرة الكتاب بخط يده. نسبة الكتاب للمؤلف ليس ثمة ما يوجب الشك بأن الكتاب (محض الصّواب) ليوسف ابن عبد الهادي للأسباب التالية: أ- على جلدة الكتاب الذي بين يدي العبارة التالية: (محض الصّواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب، جمع يوسف بن حسن بن عبد الهادي) . بخط المؤلف. ب- قال العلامة ابن عبد الهادي في آخر الكتاب: "فرغ منه مؤلفه يوسف بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي"، وذلك بخطه، وفي باب المئة قال: "فإن والدي حسن بن أحمد بن حسن بن أحمد ابن عبد الهادي بن عبد الحميد"2. ج- قال العلامة ابن عبد الهادي في كتابه فهرست الكتب: "مجموع فيه

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصواب (148) . 2 المصدر السّابق، ص: (960، 1009) .

مناقب عمر، وبحر الدم كلاهما تصنيفي"1، وذلك بخطه. وهذه الأمور تدل دلالة واضحة على صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف، ومما يؤكد ذلك أن بعض من ترجم للمصنف ذكر هذا الكتاب ضمن مؤلفاته، فقد ذكره ابن الغزي ضمن مؤلفاته التي ذكر فقال: "محض الصّواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب"2، وذكره البغدادي3 والشطي4. ومما يؤكد صحة هذه النسبة أن ابن عبد الهادي نقل في هذا الكتاب عن شيخه الحبال فقال: "قال شيخنا الشيخ زين الدين الحبال"5، وقد ثبت أن الحبال من شيوخه البارزين كما ذكر ذلك المؤلف6. ومما تقدم يمكنني الجزم بأن: (محض الصواب) من مصنفات العلامة يوسف بن الحسن بن عبد الهادي. تاريخ تأليفه: ألف ابن عبد الهادي كتاب محض الصواب في شبابه، وأنجزه وهو في السادسة والعشرين من عمره وذلك سنة 866هـ (مولده 840هـ) ، وهذا يدل على نبوغه المبكر وولعه بالتصنيف منذ سني الشباب مع الاستعداد الكامل والذوق الرفيع.

_ 1 ابن عبد الهادي: فهرس الكتب ق 6/ب. 2 ابن الغزي: النعت الأكمل (ص 72) . 3 البغدادي: هدية العارفين (6/561) . 4 الشطي: مختصر طبقات الحنابلة (ص 85) . 5 انظر: (ص 589) . 6 ابن عبد الهادي: الجوهر المنضد (ص 64) .

ثانياً: موضوع الكتاب ومباحثه: تحدث المؤلف في كتابه عن سيرة عمر منذ ولادته حتى وفاته، كما يتضح ذلك من المباحث الآتية: مولده، نسبه، صفته، ذكره في التوراة، ما تميز به في الجاهلية، إسلامه، عز الإسلام بإسلامه، تسميته بالفاروق، هجرته إلى المدينة، نزول القرآن لموافقته، فضله، ما رآه عليه السلام مما يدل على فضله، فضله وفضل أبي بكر، بيان أن معرفة فضلهما من السنة، فضله على من بعده، صلابته في دين الله وشدته، خوف الشيطان منه، هيبته، قيامه ببيعة أبي بكر ومجادلته عنه، إقدامه على أشياء من أوامر الرسول، خوف الشيطان منه، عهد أبي بكر إليه ووصيته، خلافته وقول الرسول فيها، اجتماعهم على تسميته بأمير المؤمنين، أوليته مما لم يسبق إليه، خصائصه، اسمه، وكنيته، ولقبه، خضابه، خاتمه، دعاء الرسول له، فطنته وذكاؤه وفراسته، جمعه الناس في التراويح على إمام، اهتمامه برعيته وملاحظته لهم، عسُّهُ بالمدينة، غزواته مع الرسول صلى الله عليه وسلم، غزواته بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وفتوحه، تركه السواد غير مقسوم ووضعه الخراج، عدله ورئاسته، قوله وفعله في بيت المال، حذره من المظالم، ملاحظته لعماله ووصيته إياهم، حذره من الابتداع وتحذيره منه، جمعه القرآن في المصحف، مكاتبته، زهده، خوفه من الله، تعبده واجتهاده، ودعاؤه ومناجاته، كراماته، نبذة من مسانيده، كلامه في الزهد، ما تمثل به من الشعر، صدقاته ووقفه وعتقه، نبذ من مسائل اختارها، كلامه في أصول الدين، من روى عنه، الرد على من فضله على أبي بكر، (كان فيمن قبلكم مُحدِّثون فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر) ، طلبه للشهادة وحبه لها، نعي الجن له، مقتله، وصاياه ونهيه عن الندب، إظهار الذل عند موته، تاريخ موته

ومبلغ سنه، غسله والصلاة عليه، عظم فقده عند الناس، نوح الجن عليه، تعظيم عائشة له بعد دفنه، كلام عليّ فيه، المنامات التي رآها، المنامات التي رُئِيت له، أولاده وأزواجه، ضربه لولده على شرب الخمر، ثناء الناس عليه، محبته وثوابها، عداوته وعقابها، أنه أعلى أهل الجنة منزلة، في ذكر أنه لم يبل في قبره، في رؤيته في النوم، نبذ متفرقة فيه. ثالثاً: منهج المؤلف في الكتاب: أشار المؤلف في مقدمة الكتاب إلى المنهج الذي سار عليه حيث قال: "قد رتّبته على عدة من الأبواب" فالمؤلف قد رتب كتابه على مئة باب شملت سيرة عمر، وثمة معالم عن منهجه لم يشر إليها المؤلف، نستطيع أن نستنبطها لدى اطّلاعنا على كتابه، فمن ذلك ما يأتي: أ- اعتمد المؤلف في تكوين كتابه على ما نقله من الكتب التي سبقته، وهذا ليس بدعاً فيه، شأنه في ذلك شأن غالب الأئمة المتأخرين. ب- تعدد المصادر لدى المؤلف حيث يورد الحادثة التاريخية من عدة مصادر فمن ذلك مثلاً: مولد عمر، نقله عن الذهبي، وشارح العمدة، وابن الجوزي، ومالك1. ج- بدت شخصية ابن عبد الهادي العلمية بارزة وقوية، وذلك من خلال تعقيباته وتصويباته النفيسة لما يورده من آراء وأقوال لكبار الأئمة2.

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصواب (ص 149-150) . 2 المصدر السّابق، ص: 195، 207، 212، 226، 259، 260، 307، 313، 342، 347، 349، 378، 386، 387، 388، 391، 602-605، 588، 882-883، 889-894، 927، 984، 992، 1000-1001، 1066-1068، 1094.

د- استخراج الأحكام الشرعية مما يورده من آثار مروية عن عمر، ودفع ما يرد عليها من إشكالٍ أو فهم خَطَإ1. هـ يلحظ القارئ كثرة نقل المؤلف عن علماء الحنابلة ويوردها بقوله: (قال الأصحاب) ، ويصرح أحياناً بأسماء بعضهم2. و التوسع في إيراد الأحاديث والأخبار، فهو يورد الحديث من البخاري أو مسلم أو أحمد، ثم يعقب ذلك بذكر الحديث أو الأثر من مصدر نقل عن تلك المصدر3. ز- لم يعن المؤلف بالحكم على المتن أو الإسناد إلا نادراً، وأحياناً يذكر أقوال أهل العلم على الحديث أو الأثر4. ح- يذكر المؤلف بعض الفوائد اللغوية، وربما يورد الخلاف فيها، ويرجح بينها5. ط- يشرح بعض الكلمات اللغوية الغريبة6. ي- ضبط بعض الأعلام، والأسماء المشكلة7.

_ 1 المصدر السّابق، ص: 207، 212، 226، 260، 262، 388، 588، 933، 934، 984، 992، 1000-1004، 1066-1068. 2 ابن عبد الهادي: محض الصواب ص: 260، 345، 346، 384، 385، 387، 649، 664. 3 المصدر السّابق، ص: 219، 231، 232، 245-247-249، 257، 266، 330 فما بعدها،510 فما بعدها، 627، 730، 930 فما بعدها،941، 957. 4 المصدر السّابق، ص: 151، 164، 165، 212، 245-247، 252 فما بعدها، 283، 398، 1122. 5 المصدر السّابق، ص: 259، 366، 451، 472، 610، 648، 649. 6 المصدر السّابق، ص: 451، 472، 573، 601، 610، 648، 649. 7 المصدر السّابق، ص: 152، 259، 420، 451، 573.

ق- ظهر تكرار كثير من الأحاديث والآثار، والأمثلة على ذلك كثيرة، تأملها في الكتاب، كما لجأ المصنف من حين لآخر إلى الإشارة والاكتفاء بما سبق1. رابعاً: موارد ابن عبد الهادي في كتابه: تبين لي من خلال دراستي لكتاب (محض الصواب) أن ابن عبد الهادي قد استفاد من مصادر كثيرة في كتابه، فقد اتسم مؤلفه بكثرة نقوله التي استقاها من مؤلفات نفيسة مشهورة من كتب الحديث والفضائل والزهد والرجال والفقه والتاريخ وغيرها، مما يدل على سعة اطّلاعه وطول باعه في علم الحديث والفقه والتاريخ. وقد صرح المؤلف في بعض المواضع بالأخذ من هذه المصادر، وفي بعضها لم يصرح، ولكن نص كلامه موجود في ذلك المصدر. وفيما يلي عرض مفصل للموارد التي استقى منها ابن عبد الهادي في هذا الكتاب، مرتباً أسماء مؤلفي الكتب على سني وفياتهم، مع الإشارة إلى المواضع التي ورد فيها اسم الكتاب أو المؤلف. أ- موارده المطبوعة: محمّد بن إسحاق المطلبي ملاهم المدني (ت 151هـ) . 1- السير والمغازي2. مالك بن أنس الأصبحي المدني (ت 179هـ) . 2- الموطّأ، رواية يحيى بن يحيى الليثي3. 3- الموطّأ، رواية أبي مصعب الزهري.

_ 1 المصدر السّابق ص:229، 289-291، 398، 477، 763، 1006، 1034. 2 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: 152، 191. 3 2-3، المصدر السّابق ص:415، 522، 665، 706، 724، 1048، 1180.

محمّد بن إدريس الشافعي (ت: 204هـ) . 4- المسند1. 5- الأم2. أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي (ت: 244هـ) . 7- الأموال3. محمّد بن سعد الهاشمي مولاهم البغدادي (ت: 230هـ) . 8- الطبقات الكبرى4. عبد الله بن محمّد ابن أبي شيبة العبسي (ت: 235هـ) . 9- المصنف5. خليفة بن خياط (ت: 240هـ) . 10- التاريخ6. أحمد بن حنبل الشيباني المروزي البغدادي (ت: 241هـ) .

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (751) . 2 المصدر السّابق، ص: 895، 896، 897. 3 المصدر السّابق، ص: 544، 550. 4 المصدر السّابق، ص: 428، 430، 478، 484، 551، 577،601، 667، 704، 820، 958، 962، 967، 987، 1002. 5 المصدر السّابق، ص: 227. 6 المصدر السّابق، ص: 1040.

11- المسند1. محمّد بن إسماعيل البخاري (ت: 256هـ) . 12- الجامع الصحيح2. مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت: 261هـ) . 13- الصحيح3. عمر بن شبة النميري (ت: 262هـ) . 14- تاريخ المدينة4. _ ابن ماجة: محمد بن يزيد الربعي القزويني (ت 273) .

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص:228، 252، 328، 486، 624، 625، 643، 663، 694، 717، 749، 780، 795، 876، 877، 879، 928، 990، 1022، 1027، 1034، 1121، 1128، 1131، 1139، 1140، 1142، 1173، 1195. 2 المصدر السّابق، ص: 167، 195، 203، 205، 212، 213، 220، 221، 244، 247، 249، 257، 261، 286، 287، 289، 290، 293، 296، 306، 307، 314، 319، 321، 328، 329، 369، 378، 379، 388، 392، 399، 401، 416، 417، 420، 423، 424، 452، 477، 541، 564، 568، 569، 572، 573، 606، 607، 623، 627، 639، 642، 645، 662، 710، 711، 712، 730، 734، 747، 770، 774، 775، 776، 777، 780، 795، 828، 829، 833، 874، 875، 877، 879، 881، 882، 883، 889، 926، 927، 931، 932، 933، 939، 946، 984، 989، 996، 1004، 1011، 1036، 1054، 1065، 1068، 1085، 1090، 1095، 1126، 1130، 1140، 1148، 1150، 1152، 1155، 1168، 1169، 1173، 1175، 1184. 3 المصدر السّابق، ص: 219، 211، 244، 248، 259، 261، 289، 290، 296، 306، 307، 314، 328، 379، 392، 399، 401، 423، 488، 513، 568، 546، 646، 776، 780، 795، 931، 1011، 1036، 1083، 1085، 1090، 1095، 1140، 1169. 4 المصدر السّابق، ص: 557، 586، 730.

15- السنن1. أبو داود: سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني (ت: 275هـ) . 16- السنن2. بقي بن مخلد الأندلسي (ت: 276هـ) . 17- مقدمة المسند3. ابن قتيبة: عبد الله بن مسلم الدينوري (ت: 276هـ) . 18- المعارف4. الترمذي: محمّد بن عيسى بن سورة السلمي (ت: 279هـ) . 19- الجامع5. الدارمي: عثمان بن سعيد الدارمي (ت: 280هـ) . 20- الرد على بشر المريسي6. 21- الرد على الجهمية7. أبو زرعة الدمشقي: عبد الرحمن بن عمرو النصري (ت: 281هـ) . 22- التاريخ8.

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (262، 352) . 2 المصدر السّابق، ص: 227-228، 352، 1034. 3 المصدر السّابق، ص: 1037. 4 المصدر السّابق، ص: 1042، 1044، 1045، 1047، 1049، 1055، 1050، 1053. 5 المصدر السّابق، ص: 164، 212، 220، 228، 232، 233، 234، 253، 254، 255، 306، 352، 402، 930، 1139. 6 المصدر السّابق، ص: 920، 921، 923، 924. 7 المصدر السّابق، ص: 923. 8 المصدر السّابق، ص: 998.

ابن أبي الدنيا: عبد الله بن محمّد الأموي مولاهم البغدادي (ت:281هـ) . 23- الصمت1. النسائي: أحمد بن شعيب (ت: 303هـ) . 24- فضائل الصحابة، عشرة النساء من السنن الكبرى2. أبو يعلى الموصلي: أحمد بن عليّ التميمي (ت: 307هـ) . 25- المعجم3. محمّد بن جرير الطبري (ت: 310هـ) . 26- التاريخ4. الخرقي أبو القاسم الخرقي: عمر بن الحسين (ت: 334هـ) . 27- مختصر الخرقي5. أبو علي الصواف: محمّد بن أحمد الصواف (ت: 359هـ) . 28- الفوائد6. الطبراني: سليمان بن أحمد اللخمي (ت: 360هـ) . 29- المعجم الكبير7. محمّد بن الحسين الآجري (ت: 360هـ) .

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (1192، 1193) . 2 المصدر السّابق، ص: 352، 1095. 3 المصدر السّابق، ص: 1177. 4 المصدر السّابق، ص: 198، 498. 5 المصدر السّابق، ص: 907، 911. 6 المصدر السّابق، ص: 756. 7 المصدر السّابق، ص: 1099.

30- أخبار عمر بن عبد العزيز1. أحمد بن جعفر القطيعي (ت: 368هـ) . 31- الزيادات على فضائل الصحابة لأحمد2. أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيان الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ (ت: 369هـ) . 32- أحاديث أبي محمّد3. تمام بن محمّد البجلي الرازي (ت: 414هـ) . 33- فوائد تمام4. اللالكائي: أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري (ت: 418هـ) . 34- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة5. البيهقي: أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458هـ) . 35- السنن الكبرى6. ابن عبد البر: يوسف بن عبد الله النمري (ت: 463هـ) . 36- الاستيعاب7. البغوي: الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ) .

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (1038) . 2 المصدر السّابق، ص: 1046. 3 المصدر السّابق، ص: 224، 275، 729. 4 المرجع السّابق، ص: 403، 659. 5 المصدر السّابق، ص: 920. 6 المصدر السّابق، ص: 1147. 7 المصدر السّابق، ص: 151، 164-167، 937.

37- التفسير (معالم التنزيل) 1. أسامة بن مرشد الكناني الكلبي (ت: 584هـ) . 38- مختصر مناقب عمر لابن الجوزي2. ابن الجوزي: عبد الرحمن بن علي البكري الحنبلي (ت: 597هـ) . 39- التبصرة3. 40- سيرة عمر4. 41- مناقب عمر5. ابن قدامة: عبد الله بن أحمد المقدسي (ت: 620هـ) . 42- المغني6. الضياء المقدسي: محمّد بن عبد الواحد (ت: 643هـ) .

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (202) . 2 المصدر السّابق، ص: 588، 627، 643. 3 المصدر السّابق، ص: 194، 198، 471، 1008. 4 المصدر السّابق، ص: 471. 5 المصدر السّابق، ص: 149، 152، 153، 157، 160، 161، 163، 165، 166، 169، 193، 195، 196، 198، 201، 204، 208، 209، 216، 223، 231، 233، 246، 249، 262، 264، 267، 275، 280، 291، 308، 311، 312، 326، 350، 364، 370، 398، 407، 414، 418، 420، 458، 472، 484، 492، 542، 545، 554، 588، 598، 601، 604، 607، 610، 628، 641، 647، 694، 696، 712، 719، 735، 745، 753، 757، 763، 769، 817، 890، 936، 940، 942، 948، 958، 969، 993، 996، 1000، 1003، 1005، 1009، 1010، 1026، 1028، 1041، 1042، 1043، 1044، 1045، 1046، 1047، 1048، 1049، 1050، 1063، 1087، 105، 1122، 1126. 6 المصدر السّابق، ص: 307، 550، وقد اختار المصنف أربعين مسألة من مسائل الفقه التي قال بها عمر منها تسع وثلاثون مسألة أخذها من المغني دون أن يشير إلى ذلك. (انظر: 889) فما بعدها.

43- المختار1. النووي: يحيى بن شرف الحزامي الشافعي (ت: 676هـ) . 44- شرح صحيح مسلم2. أبو العباس ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم النميري (ت: 727هـ) . 45- مجموع فتاوى ابن تيمية3. محمّد بن أحمد الذهبي (ت: 747هـ) . 46- سير أعلام النبلاء4. 47- العلو5. ابن القيم: أبو عبد الله محمّد بن أبي بكر الزرعي (ت: 751هـ) . 48- زاد المعاد6. ابن كثير: إسماعيل بن عمر القرشي (ت: 774هـ) . 49- البداية والنهاية7. ابن رجب: عبد الرحمن بن أحمد الدمشقي الحنبلي (ت: 795هـ) . 50- أحكام الخواتم8. 51- الاستخراج لأحكام الخراج9.

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (1184) . 2 المصدر السّابق، ص: 259. 3 المصدر السّابق، ص: 343، 379. 4 المصدر السّابق، ص: 755، 776، 778، 996، 1002، 1003، 1040. 5 المصدر السّابق، ص: 379. 6 المصدر السّابق، ص: 379. 7 المصدر السّابق، ص: 498 8 المصدر السّابق، ص: 392. 9 المصدر السّابق، ص: 551.

ب- موارده المخطوطة: أبو الجهم: العلاء بن موسى الباهلي (ت: 228هـ) . 1- جزء أبي الجهم1. محمّد بن هارون الروياني (ت: 307هـ) . 2- المسند2. ابن البختري: محمّد بن عمرو بن البختري (ت: 339هـ) . 3- الأمالي3. أبو عمر الزاهد: محمّدبن عبد الواحد المعروف بغلام ثعلب (ت:345هـ) . 4- أحاديث أبي عمر4. أبو محمّد عبد الله بن محمّد المعروف بأبي الشيخ (ت: 369هـ) . 5- العوالي5. محمّد بن أحمد الرافقي (ت في القرن الرابع) . 6- أحاديث الرافقي6. الثعلبي: أحمد بن محمّد النيسابوري (ت: 427هـ) . 7- التفسير7.

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (1175) . 2 المصدر السّابق ص: 486، 878، 936، 1034، 1037، 1157، 1167، 1175، وهو مخطوط، إلا أنه ناقص، توجد نسخة مصورة له في مكتبة الجامعة الإسلاميّة. 3 المصدر السّابق، ص: 1193. 4 المصدر السّابق، ص: 1186. 5 المصدر السّابق، ص: 234، 284، 874، 928، وانظر رقم: 32 من موارده المطبوعة. 6 المصدر السّابق، ص: 1163. 7 المصدر السّابق، ص: 238

محمّد بن سلامة القضاعي (ت: 454هـ) . 8- عيون المعارف1. إسماعيل بن محمّد الأصفهاني (ت: 535هـ) . 9- سير السلف2. أبو المفرج مسعود بن الحسن الثقفي (ت: 562هـ) . 10- الفوائد3. أبو القاسم الأزجي: تميم بن أحمد الأزجي: (ت: 597هـ) . 11- الفوائد4. ابن قدامة: عبد الله بن أحمد المقدسي (ت: 620هـ) . 12- منهاج القاصدين في فضائل الخلفاء الراشدين5. محمّد بن أحمد الذهبي (ت: 747هـ) . 13- التذهيب6. ابن جماعة: إبراهيم بن عبد الرحمن الكناني المقدسي (ت: 764هـ) .

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (191/ 200، 351، 376، 392، 496، 540، 998، 1002، 1003، 1064) . 2 المصدر السّابق، ص: 162، 178، 200، 217، 231، 271، 322، 341، 392، 452، 604، 621، 638، 692، 701، 709، 730، 767، 816، 828، 932، 940، 944، 951، 982، 983، 994، 998، 1005، 1007، 1008، 1018، 1023، 1080، 1090، 1177، 1118. 3 المصدر السّابق، ص: 731. 4 المصدر السّابق، ص: 405، 662، 1194. 5 المصدرالسّابق ص: 160، 230، 232، 262، 272، 278، 283، 285، 358، 363، 403، 404، 550، 905، 1091، 1097، 1098، 1099، 1102، 1103، 1124 6 المصدرالسّابق ص: 149، 350، 397، 775، 776، 778، 921، 925، 996، 1002، 1003، 1040.

14- فضائل الصحابة1. محمّد بن شاكر الكتبي (ت: 764هـ) . 15- عيون التواريخ2. ابن الملقن: عمر بن عليّ الأنصاري (ت: 804هـ) . 16- الإعلام بفوائد عمدة الأحكام3. ج- موارده المفقودة: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي (ت: 157هـ) . 1- المسند4. إبراهيم بن طهمان الخراساني (ت: 168هـ) . 2- نسخة إبراهيم5. أبو معشر: نجيح بن عبد الرحمن السندي (ت: 170هـ) 6. أبو الحارث الليث بن سعد الفهمي (ت: 175هـ) . 4- حديث أبي الحارث7. الواقدي: محمّد بن عمر الأسلمي (ت: 207هـ) 8.

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (1092، 1123، 1140، 1169، 1170) . 2 المصدر السّابق، ص: 182، 191، 324. 3 المصدر السّابق، ولم يصرح به وإنما قال في شرح عمدة الحديث: في شرح العمدة، قال شارح العمدة، ص: 163، 192، 196، 201، 366، 377، 397، 780، 819، 925. 4 المصدر السّابق، ص: 883. 5 المصدر السّابق، ص: 875. 6 المصدر السّابق، ص: 697، 801. 7 المصدر السّابق، ص: 1171. 8 المصدر السّابق، ص: 155، 156، 210، 337، 515، 779، 1040، وهو غير المغازي المطبوع.

أبو عبيدة معمر بن المثنى (ت: 208هـ) 1. الأصمعي: عبد الملك بن قريب الباهلي (ت: 216هـ) 2. عفان بن مسلم الصفار (ت: 219هـ) . 8- أحاديث عفان الصفار3. ابن الأعرابي: محمّد بن زياد البصري (ت: 231هـ) 4. محمّد بن أحمد الغوري (ت: 239هـ) . 10- جزء ابن الغوري5. الزبير بن بكار الأسدي (ت: 256هـ) . 11- نسب قريش6. الجوزجاني: إبراهيم بن يعقوب السعدي (ت: 259هـ) . 12- شرح مسائل الشالنجي7. الأثر: أحمد بن محمّد بن هاني (ت: 273هـ) . 13- مسائل الإمام أحمد8. ابن أبي خيثمة: أحمد بن زهير الحرشي (ت: 279هـ) .

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (775، 800، 819) . 2 المصدر السّابق، ص: 819. 3 المصدر السّابق، ص: 755، 118. 4 المصدر السّابق، ص: 452، 480. 5 المصدر السّابق، ص: 1169. 6 المصدر السّابق ص:1041، 1051،وقد طبع الشيخ محمودشاكر ماوصل إلينامنه. 7 المصدر السّابق، ص: 383. 8 المصدر السّابق، ص: 904، 905.

14- التاريخ1. الحكم بن معبد الخزاعي (ت: 295هـ) . 15- السنة2. محمّد بن هارون الروياني (ت: 307هـ) . 16- المسند3. أبو بكر أحمد بن محمّد الخلال (311هـ) . 17- السنة4. أبو مخلد العطار: محمّد بن مخلد الدوري (ت: 331هـ) . 18- مجلس أبي مخلد5. إسماعيل بن محمّد الصفار (ت: 341هـ) . 19- أحاديث الصفار6. خيثمة بن سليمان القرشي الطّرابلسي (ت: 343هـ) . 20- فضائل الصحابة7. ابن السني: أحمد بن محمّد الجعفري مولاهم (ت: 364هـ) .

_ 1 ابن عبد الهادي: محض الصّواب ص: (779) . 2 المصدر السّابق، ص: 1008. 3 المصدرالسّابق ص: 486، 878، 936، 1034، 1037، 1157، 1167، 1175، وبقيت قطعةصغيرة من مسنده كمامر. 4 المصدر السّابق، ص: 283. 5 المصدر السّابق، ص: 1172. 6 المصدر السّابق، ص: 1094. 7 المصدر السّابق، ص: 1170.

21- الأخوة والأخوات1. أبو الطاهر: محمّد بن أحمد الذهلي (ت: 367هـ) . 22- أحاديث أبي الطاهر2. القطيعي: أحمد بن جفعر القطيعي (ت: 368هـ) . 23- أحاديث القطيعي3. أبو الحسن السكري: عليّ بن محمّد الحربي (ت: 386هـ) . 24- الفوائد4. أبو عبد الله بن بطة: عبيد الله بن محمّد العكبري (ت: 387) . 25- الإبانة الكبير5. أبو القاسم عيسى بن علي بن الجراح الوزير (ت: 391هـ) . 26- الأول من القراءة على الوزير6. أبو عبد الله بن منده: محمّدبن إسحاق العبدي (ت: 395هـ) . 27- الأمالي7. علي بن محمّد بن بشران الأموي (ت: 415هـ) . 28- مجلس ابن بشران8.

_ 1 المصدر السّابق، ص:1037، 1174. 2 المصدر السّابق، ص: 1125. 3 المصدر السّابق، ص: 1052، 1067. 4 المصدر السّابق، ص: 405، 874، 928. 5 المصدر السّابق، ص: 277. 6 المصدر السّابق، ص: 564. 7 المصدر السّابق، ص: 1093. 8 المصدر السّابق، ص: 1022.

ابن شاذان: الحسن بن أحمد البغدادي (ت: 425هـ) . 29- أحاديث ابن شاذان1. الماوردي: علي بن محمّد البصري (ت: 450هـ) 2. أبو عثمان البحيري: سعيد بن محمّد البحيري (ت: 541هـ) . 31- الفوائد3. الجوهري: الحسن بن علي الشيرازي البغدادي (ت: 454هـ) . 32- الأمالي4. ابن ماكولا: علي بن هبة الله العجلي (ت: 475هـ) 5. أبو بكر أحمد بن المقرب (ت: 563هـ) . 34- الأربعين6. جمال الدين الإمام أحمد بن عبد الرحمن البغدادي (ت: 757هـ) 7. السرُّمري: يوسف بن محمّد العبادي العقيلي (ت: 776هـ) . 36- مجلس السُّرمّري8. أبو سعيد.

_ 1 المصدر السّابق، ص: 1010، 1194. 2 المصدر السّابق، ص: 259. 3 المصدر السّابق، ص: 1124. 4 المصدر السّابق، ص: 717، 1093، 1125. 5 المصدر السّابق، ص: 152. 6 المصدر السّابق، ص: 1172. 7 المصدر السّابق، ص: 379. 8 المصدر السّابق، ص: 1147.

37- الفوائد1. يوسف بن الحسن بن عبد الهادي (ت: 909هـ) . 38- فضائل أبي بكر2. يضاف إلى ذلك أن المؤلف استفاد من أكثر كتب السنة، وكتب الفضائل، والزهد، ودلائل النبوة، والسيرة، ولكنه لم يصرح بنقله منها، وتبين لي ذلك من خلال تخريجي للأحاديث والآثار الواردة في الكتاب. خامساً: المآخذ على الكتاب: 1- كثرة النقل من غير عزو، فقد نقل كثيراً من: (المغني) ، و (المقنع) ، و (عيون المعارف) ، دون الإشارة أو التنبيه إلى مصدره المنقول عنه3. 2- وقع ابن عبد الهادي في بعض الأوهام، منها: إيراده قوله صلى الله عليه وسلم: (من بات وفي يده غمرٌ فلا يلومن إلا نفسه) ، صحفها المؤلف إلى عمر4. 3- تنقص المؤلف في بعض الأحيان الدقة في النقل حيث إنه يعزو إلى بعض الكتب ولم نجد ما يعزوه5.

_ 1 المصدر السّابق، ص: 882. 2 المصدر السّابق، ص: 162، 391، 500، 1120. 3 المصدر السّابق، ص: 550 فما بعدها، 889، 919، 957 فما بعدها. 4 المصدر السّابق، ص: 1010. 5 المصدر السّابق، ص: 156، 202، 365، 397، 494، 928.

4- الاستطراد في بعض المسائل الفقهية واللغوية والتوسع في ذلك، ولو كان ذلك بعيداً عن الموضوع1. 5- تساهله في إيراد بعض الأحاديث الموضوعة2. سادساً: قيمة الكتاب العلمية: 1- مؤلف هذا الكتاب علامة مؤرخ فقيه، مشهور بين العلماء مشهود له بالفضل والعلم وسعة الاطّلاع بين العلماء، مما جعل لكتبه قيمة علمية رفيعة. 2- الكتاب عظيم الفائدة، وبخاصة في موضوعه مناقب عمر، فهو أشمل وأتم الكتب التي تكلمت وبحثت في مناقب عمر حسب علمي واطّلاعي. 3- يحتوي على مادة كبيرة من الأحاديث النبوية والآثار المروية عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم. 4- تأخر المؤلف عن عصور التأليف والتصنيف جعله يستفيد ممن ألف قبله؛ ولذا نجده ينقل عن جميع كتب السنة وكتب التاريخ وغيرها. 5- أن ابن عبد الهادي لم يكتف بالنقل وحشد الأقوال فقط، بل كثيراً ما يتعقب تلك الأقوال بالجمع بين متعارضين، أو رفع وهم، أو تصحيح خطأ. 6- كما أن هناك كثيراً من الفوائد العلمية التي زين بها أبو المحاسن كتابه (محض الصواب) ، فهي بحق قطوف يانعة لا يستغني عنها القارئ في سيرة عمر رضي الله عنه.

_ 1 المصدر السّابق ص:342فما بعدها،366-367، 389، 472، 574فما بعدها. 2 المصدر السّابق، ص: 200، 201، 202.

7- كما لا يخفى أن ابن عبد الهادي على ما أولاه الناحية التاريخية من اهتمام، فهو فقيه بارع جمع في كتابه العديد من المسائل الفقهية المتعلقة بسيرة عمر أو المستفادة من عمله، وذكر الخلاف فيها مع بيان الراجح منها داخل المذهب الحنبلي. 8- أن المؤلف نقل عن أصول كثيرة ضاعت ولم تصل إلينا1. سابعاً وصف النسخة الخطية: ليس لهذا الكتاب إلا نسخة فريدة بخط المؤلف، ومصدرها مكتبة (برلين) ألمانيا الغربية رقم: (9433) ، ولها صورة في الجامعة الإسلاميّة رقم: (1052) ، وفيه مجموعة من الكتب. وعدد أوراق هذه النسخة اثنتان وخمسون ومئة لوحة ذات وجهين، ويحتوي كل وجه ما بين عشرين سطراً إلى ثلاثين سطراً، ما عدا الورقة 12/ب، 36/ب، 37/أ، 40/أ، 70/أ، 101/أ، 144/ب، 126/أ، 128/ب، فإن نصفها بياض، والورقة 119/أفإنها حوت سطراً واحداً، والورقة 13/أ، 52/أ، 115/أ، فإنها بياض، وليس ثمة ما يشير إلى نقص فيها. وعدد كلمات كل سطر اثنتا عشرة كلمة تقريباً، وخطها نسخي حروفه متداخلة، وناسخها مؤلف الكتاب يوسف بن حسن في شهر رمضان سنة ست وستين وثمان مئة. وفي هذه النسخة طمس يسير بسبب خياطة الكتاب، وهذه النسخة غير منقوطة في الغالب، وفيها تحريف وتصحيف، وقد أشرت إلى ذلك

_ 1 انظر: موارده المفقودة.

بالحاشية، وعلى حاشية هذه النسخة إضافات كثيرة بخط المؤلف1، وهذا فيه دليل على عناية المؤلف بها، وذلك بمراجعتها وقراءتها مرة ثانية. وأيضاً على حاشية النسخ سماع: (سمع هذا جماعة بن عبد الله، وسمع بعضه يحيى بن عثمان المرداوي، وموسى بن رمضان المرداوي وغيرهم في يوم عيد الفطر سنة ست وستين وثمان مئة، وكتب يوسف بن عبد الهادي) 2. وعلى جلدة الكتاب سماع أيضاً: (سمع بعضه من لفظي أولادي عبد الهادي وعبد الله وحسن وأجزت لهم ولإخوانهم أن يرووه عني، وكتب يوسف بن عبد الهادي) . وعليها تملك بلفظ: (ملكه الفقير إلى الله تعالى السيد صالح بن السيد إبراهيم بن المنير الشهير بالكزبري) . وبداية هذه النسخة: (بسم الله الرحمن الرحيم، وهو حسبي ونعم الوكيل، الحمد لله الذي فرق بين الكفر والإسلام بفاروقه، ونشر الإسلام بعد أن عم الشرك يلمع ببروقه ... ) . (فرغ منه ... مؤلفه يوسف بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي وذلك في شهر رمضان المعظم من شهور سنة ست وستين وثمان مئة بصالحية دمشق المحروسة بمنزله بالسهم الأعلى، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمّد وآله وصحبه وسلم) .

_ 1 انظر مثلاً: ق 36/ب، 37/أ، 40/ب، 48/أ، 51/أ، ب، 105/ب، 106/أ، 124/ب، 125/أ، 136/ب، 137/أ. 2 ق 17/أ.

مقدمة النص المحقق

مقدمة النص المحقق ... بسم الله الرحمن الرحيم وهو حسبي ونعم الوكيل الحمد لله الذي فرّق بين الكفر والإسلام بفاروقه، ونشر الإسلام بعد أن عَمَّ الشرك يلمع ببروقه، أحمده على إنعامه بجمع شمل الإسلام وسد خروقه، وأشكره على إحسانه بلم شعثه وقيامه على سوقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يبلغ بها العبد معرفة حقوقه، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله الذي أخمد به الشّرك ... 1، وأظهر به الإسلام بعد غروقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ما اهتز غصن بعروقه، وما ذهب نهار بعد شروقه، وسلم تسليماً، ورضي الله عن صاحبه وصديقه وثاني الغار ورفيقه، وعن ثاني الخلفاء العالم لمحبته وحقوقه، الذاب عن الدين حتى عزف بفاروقه، وعن ثالث الخلفاء الأعيان الذي استحيت منه ملائكة الرحمن، وعن رابع الخلفاء المتسم بالشجاعة والوفاء، وعن جميع الصحابة أجمعين إلى يوم الدين. أما بعد: فإني لما وضعت فضائل أبي بكر الصديق2 عند رؤيتي له في النوم هو وأمير المؤمنين عثمان بن عفان، أردت أن أضع نبذة من فضائل عثمان3، ثم توقفت في ذلك إذا لم أضع شيئاً في عمر، فأردت أن أضع نبذة من فضائل أمير المؤمنين عمر، فرأيت ابن الجوزي4 قد وضع ذلك فتوقفت، إذ غاية ما

_ 1 غير واضح في الأصل وهذا رسمه (سوقه) . 2 عبد الله بن عثمان التيمي (الإصابة 4/101) . 3 ابن عفان الأموي (الإصابة 4/223) . 4 عبد الرحمن بن علي بن محمّد القرشي، التيمي، البكري، الحنبلي، علامة عصره في الحديث، والتاريخ، والوعظ، كثير التصانيف، توفي سنة سبع وتسعين وخمس مئة. (الذيل على طبقات الحنابلة 1/399، الأعلام 3/316) .

أبلغ من ذلك أن أصل1 إلى ما وصل إليه، فإنه إذا تكلم في هذا الباب قصر عن إدراك ما قاله الأنجاب، ثم استخرت الله في ذلك، فرأيت النفس تميل إلى الوضع جاهدة، إذ المتأخر لا بد أن تظهر له فائدة، ومما حضني على ذلك ما رأيت لبعض العلماء الأعيان من أهل هذا الزمان، نسباً لنا معشر المقادسة متصِلاً به، كما يأتي2 إن شاء الله تعالى، وقد رتبته على عدة من الأبواب: الباب الأوّل: في ذكر مولده. الباب الثاني: في ذكر نسبه. الباب الثالث: في ذكر صفته. الباب الرابع: في ذكره3 في التوراة وقبل البعثة. الباب الخامس: في ذكر ما تميز به في الجاهلية. الباب السادس: في ذكر دعاء الرسول أن يعز الله الإسلام به4. الباب السابع: وقوع الإسلام في قلبه. الباب الثامن: في ذكر إسلامه. الباب التاسع: في ذكر السنة التي أسلم فيها. الباب العاشر: في استبشار أهل السماء بإسلامه / [2 / أ] . الباب الحادي عشر: في عزّ الإسلام بإسلامه.

_ 1 في الأًصل: (صل) وهو تحريف. 2 انظر: (ص: 1063) . 3 في الأصل: (ذكر) . 4 قوله: (به) غير واضح في الأصل.

الباب الثاني عشر: في سبب تسميته بالفاروق. الباب الثالث عشر: في ذكر هجرته إلى المدينة. الباب الرابع عشر: في منزله في المدينة. الباب الخامس عشر: في ذكر من آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينه. الباب السادس عشر: في نزول القرآن لموافقته. الباب السابع عشر: في قوله عليه السلام في فضله. الباب الثامن عشر: فيما رآه عليه السلام [مما] 1 يدل على فضله. الباب التاسع عشر: في أحاديث اجتمع فيها فضله وفضل أبي بكر. الباب العشرون: في بيان معرفة فضلهما من السنة. الباب الحادي والعشرون: في ذكر فضله على من بعده. الباب الثاني والعشرون: في ذكر صلابته في دين الله وشدّته. الباب الثالث والعشرون: في ذكر إقامته على أشياء من أوامر الرسول. الباب الرابع والعشرون: في ذكر مصارعته الشيطان وخوف الشيطان [منه] 2. الباب الخامس والعشرون: في ذكر هيبته وخوف الناس منه. الباب السادس والعشرون: في ذكر انزعاجه لموت الرسول وإنكاره له. الباب السابع والعشرون: في ذكر قيامه ببيعة أبي بكر ومجادلته عنه. الباب الثامن والعشرون: في عهد أبي بكر إليه ووصيته. الباب التاسع والعشرون: في ذكر خلافته وقول الرسول فيها.

_ 1 الزيادة يقتضيها السياق. 2 قوله: (منه) ساقطة من الأصل.

الباب الثلاثون: في ذكر اجتماعهم على تسميته بأمير المؤمنين. الباب الحادي والثلاثون: في ذكر ما خص به في ولايته مما لم يسبق إليه. الباب الثاني والثلاثون: في اسمه وكنيته ولقبه. الباب الثالث والثلاثون: في خضابه رضي الله عنه. الباب الرابع والثلاثون: في خاتمه رضي الله عنه. الباب الخامس والثلاثون: دعاء الرسول له أن يخرج من صدره الغل. الباب السادس والثلاثون: في ما ذكر أن الرسول بشره بالجنة. الباب السابع والثلاثون: في ذكر جمعه الناس في التراويح على إمام. الباب الثامن والثلاثون: في ذكر فطنته وذكائه وفراسته. الباب التاسع والثلاثون: في ذكر اهتمامه برعيته وملاحظته لهم. الباب الأربعون: ذكر عسسه، وما وقع له من ذلك. الباب الحادي والأربعون: في ذكر غزواته مع الرسول، وإنفاذه إياه في غزوه. الباب الثاني والأربعون: في غزواته بعد الرسول وفتوحه. الباب الثالث والأربعون: في ذكر حجاته. الباب الرابع والأربعون: في تركه السواد1 غير مقسوم ووضعه الخراج. الباب الخامس والأربعون: في ذكر عدله ورئاسته. الباب السادس والأربعون: في قوله وفعله في بيت المال. الباب السابع والأربعون: في حذره من المظالم وخروجه منها. الباب الثامن والأربعون: في ملاحظته لعماله ووصيته إياهم.

_ 1 يريد سواد العراق.

الباب التاسع والأربعون: في حذره من الابتداع وتحذيره منه. الباب الخمسون: في جمعه القرآن في المصحف. الباب الحادي والخمسون: في ذكر مكاتباته. الباب الثاني والخمسون: في ذكر زهده رضي الله عنه. [2 / ب] . الباب الثالث والخمسون: في ذكر تواضعه. الباب الرابع والخمسون: في ذكر حلمه. الباب الخامس والخمسون: في ذكر ورعه. الباب السادس والخمسون: في ذكر بكائه. الباب السابع والخمسون: في ذكر خوفه من الله عزوجل. الباب الثامن والخمسون: في ذكر تعبده واجتهاده. الباب التاسع والخمسون: في ذكر كتمانه لتعبده1 وستره إياه. الباب الستون: في ذكر دعائه ومناجاته. الباب الحادي والستون: في ذكر كراماته. الباب الثاني والستون: في ذكر تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بحفصة2 وفضلها. الباب الثالث والستون: في ذكر نبذة من مسانيده. الباب الرابع والستون: في ذكر كلامه في الزهد والرقائق3. الباب الخامس والستون: في ذكر ما تمثل به من الشعر. الباب السادس والستون: في ذكر فنون أخباره.

_ 1 في الأصل: (التعبدة) وهو تحريف. 2 حفصة بنت عمر العدوية أم المؤمنين، توفيت سنة خمس وأربعين. (الإصابة 8/51، التقريب ص 745) . 3 قوله: (الرقائق) غير واضح في 3 / أ، وأثبتناه من ص: 632.

الباب السابع والستون: في ذكر كلامه في الفنون. الباب الثامن والستون: في ذكر صدقاته ووقفه وعتقه. الباب التاسع والستون: في ذكر نبذة من مسائل اختارها. الباب السبعون: في ذكر كلامه في أصول الدين. الباب الحادي والسبعون: في ذكر من روى عنه. الباب الثاني والسبعون: في ذكر مقالة من فَضَّلَه على أبي بكر وردّها. الباب الثالث والسبعون: في قوله عليه السلام: "كان فيمن قبلكم مُحَدَّثون فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر". الباب الرابع والسبعون: قوله عليه السلام: "ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر". الباب الخامس والسبعون: في قوله عليه السلام: "لو كان بعدي نبي لكان عمر". الباب السادس والسبعون: في طلبه الشهادة وحبه لها. الباب السابع والسبعون: في طلبه الموت خوفاً من عجزه عن الرعية. الباب الثامن السبعون: في ذكر نعي الجن له. الباب التاسع والسبعون: في ذكر مقتله. الباب الثمانون: في ذكر وصاياه ونهيه عن الندب. الباب الحادي والثمانون: في إظهار الذل عند موته. الباب الثاني والثمانون: في تاريخ موته ومبلغ سنه. الباب الثالث والثمانون: في ذكر غسله والصلاة عليه ودفنه. الباب الرابع والثمانون: في ذكر بكاء الإسلام1 على موته.

_ 1 يعني: أهل الإسلام.

الباب الخامس والثمانون: في ذكر عظم فقده عند الناس. الباب السادس والثمانون: في ذكر نَوحِ الجن عليه. الباب السابع والثمانون: في تعظيم عائشة له بعد دفنه. الباب الثامن والثمانون: في ذكر كلام عليّ فيه. الباب التاسع والثمانون: في ذكر المنامات التي رآها. الباب التسعون: في ذكر المنامات التي رُئيت له. الباب الحادي والتسعون: في ذكر أولاده وأزواجه. الباب الثاني والتسعون: في ذكر ضربه لولده على شرب الخمر. الباب الثالث والتسعون: في ذكر ثناء الناس عليه. الباب الرابع والتسعون: في ذكر محبته وثوابها. الباب الخامس والتسعون: في ذكر عداوته وعقابها. الباب السادس والتسعون: في ذكر أنه من أعلى أهل الجنة منزلة. الباب السابع والتسعون: في ذكر أنه أول من تنشق عنه الأرض. الباب الثامن والتسعون: في ذكر أنه لم يبل في قبره. الباب التاسع والتسعون: في رؤيته في النوم. الباب المئة: في نبذة متفرقة فيه. [3 / أ] . وسمّيته: (كتاب محض الصّواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب) ، والله أرجو في أموري كلها، وأسأله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به وجميع المسلمين، إنه قريب مجيب.

الباب الأول: مولده

الباب الأول: مولده ... الباب الأول: في ذكر مولده رضي الله عنه قال الذهبي1 في التذهيب: "ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة"2. وكذلك ذكر بعض من شرح3 عمدة الحديث4. قال: وروي عنه أنه قال: "ولدت قبل الفِجار5 الأعظم بأربع سنين"6. وذكر ابن الجوزي عن زيد بن أسلم7 عن أبيه8 عن عمر رضي الله عنه

_ 1 محمّد بن أحمد بن عثمان بن قيماز التركماني، شمس الدين، أبو عبد الله الدمشقي، محدّث عصره، صاحب التصانيف الكبيرة الكثيرة. توفي سنة ثمان وأربعين وسبع مئة. (طبقات الشافعية 9/100، الدرر الكامنة 3/426، الأعلام 5/326) . 2 الذهبي: التهذيب ج3 ق 177/أ، خليفة: التاريخ ص 153، وابن عبد البر: الاستيعاب 3/1145، والسيوطي: تاريخ الخلفاء 108. 3 يريد: عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي، المعروف بابن الملقن، من علماء الحديث والفقه وتاريخ الرجال، له نحو من ثلاث مئة مصنف، منها: (الإعلام بفوائد عمدة الأحكام) ، توفي سنة أربع وثمان مئة (الدرر الكامنة 3/180، الأعلام 5/57) . 4 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10/ أ. 5 الفِجار، بالكسر: بمعنى: المفاجرة، كالقتال والمقاتلة، وذلك أنه كان قتالاً في الشهر الحرام ففجروا فيه جميعاً، فسمي الفجار، وكانت أربعة أفجرةٍ في الشهر الحرام، آخرها وأعظمها فجار البرّاض. (السيرة النبوية لابن هشام1/343، القاموس ص584) . 6 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10/ أ، خليفة: التاريخ ص 153، وابن عبد البر: الاستيعاب 3/1145، والطبري: التاريخ4/197، وابن الأثير: الكامل 3/53. 7 العدوي، مولى عمر، المدني، ثقة عالم وكان يرسل، توفي سنة ست وثلاثين ومئة. (تهذيب التهذيب 3/341، التقريب ص 222) . 8 أسلم العدوي، مولى عمر، ثقة مخضرم، توفي سنة ثمانين، وقيل: بعد سنة ستين. (تهذيب التهذيب 1/233، التقريب ص 104) .

قال: "ولدت قبل الفجار الأعظم الأخير بأربع سنين"1. وذكر عن عبد الله بن وهب2، قال حدثني مالك3 أن عمرو4 ابن العاص5، قال: "رأيت مصباحاً في منزل عمر بن الخطاب، فسألت عنه فقيل: ولد للخطاب ولد، وكان عمر رضي الله عنه"6.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب 9، وانظر تخريجه في الأثر الذي قبله. 2 القرشي مولاهم، أبو محمّد المصري، الفقيه، ثقة حافظ، توفي سنة سبع وتسعين ومئة. (التقريب ص 516) . 3 ابن أنس الأصبحي، أبو عبد الله المدني، إمام دار الهجرة، توفي سنة تسع وسبعين ومئة. (التقريب ص 516) . 4 في الأصل: (ابن) ، وهو تحريف. 5 السهمي، الصحابي المشهور، أسلم عام الحديبية وولي إمرة مصر مرتين، توفي بمصر سنة نيف وأربعين، وقيل: بعد الخمسين. (التقريب ص 423) . 6 ابن الجوزي: مناقب 9، وفيه انقطاع بين مالك وعمرو.

الباب الثاني: نسبه

الباب الثاني: نسبه ... الباب الثاني: في ذكر نسبه قال الذهبي: "عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العُزَّى بن رياح بن عبد الله بن قُرط بن رَزَاح بن عَدي بن كَعب بن لُؤي"1. وكذلك قال بعض من شرح عمدة الحديث وزاد: ابن غالب القرشي العدوي2. وقال: "يجتمع نسبه مع نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي بن غالب"3. قال: "وأمه حَنْتَمة بنت هاشم4 بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم". وقيل: حَنْتَمة بنت هشام، قال:"وهو خطأ"، قاله ابن عبد البر5،6، وابن ماكولا 7.8.

_ 1 الذهبي: التهذيب ج 3 ق 177/أ، وانظر نسبه في: طبقات خليفة ص 22، وطبقات ابن سعد 3/265. 2 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / أ. 3 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 /أ. 4 في الأصل: (هشام) وهو تحريف. 5 هو: يوسف بن عبد الله النَّمَرِي الأندلسيُّ، حافظ المغرب، صاحب التصانيف الفائقة: التمهيد، والاستيعاب وغيرهما، توفي سنة ثلاث وستين وأربع مئة. (جذوة المقتبس 367، سير أعلام النبلاء (18/153) . 6 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1144. 7 علي بن هبة الله بن علي العِجلي، صاحب كتاب (الإكمال في مشتبه النسبة) ، وغيره، توفي سنة خمس وسبعين وأربع مئة. (سير أعلام النبلاء (18/569) . 8 لم أعثر عليه.

ويعرف هاشم جد عمر لأمه، بذي الرمحين. وقال أيضاً: "رياح بكسر الراء، وبالياء تحتها نقطتان، وبالحاء المهملة. وقرط، بضم الفاق، وسكون الراء، وبالطاء المهملة، ورزاح، بفتح الراء المهملة بعدها زايٌ معجمة، وبالحاء المهملة، وحَنْتَمَة بفتح الحاء المهملة، وسكون النون، وفتح التاء فوقها نقطتان، وبالميم قبل الهاء"1. وذكر ابن الجوزي عن محمّد بن سعد2، قال: "هو عمر بن الخطَّاب بن نُفيل بن عبد العُزَّى بن رياح بن عبد الله بن قُرْط بن رَزَاح بن عدي بن كَعب، ويكنى أبا حفص، وأمه حَنْتَمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم3. وقد روي عن [ابن] 4 إسحاق5: أن حَنْتَمَة بنت هشام، وأبو جهل خاله6. قال ابن الجوزي: "هذا وهم والزبير بن بكار7 أعرف بالنسب، وقد قال: "ولد المغيرة بن عبد الله؛ هاشماً وبه كان يكنى، وهشاماً، وأبا حذيفة واسمه مهشم، وأبا ربيعة، وهو ذو الرمحين واسمه عمرو، وأبا

_ 1 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 /أ. 2 ابن منيع الهاشمي مولاهم، البصري، نزيل بغداد، كاتب الواقدي، صدوق فاضل، توفي سنة ثلاثين ومئتين (التقريب ص 480) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 9، وانظر: طبقات ابن سعد3/265، وطبقات خليفة ص22. 4 سقط من الأصل. 5 محمّد بن إسحاق المطَّلبي مولاهم، المدني، إمام المغازي صدوق يدلس ورمي بالتشيع والقدر، توفي سنة خمسين ومائة. (تهذيب التهذيب 10/34، التقريب ص 467) . 6 أورد هذا النص بنحوه ابن هشام في السيرة 1/430. 7 الأسدي المدني، قاضي المدينة، ثقة. توفي سنة ست وخمسين ومئتين. (تهذيب التهذيب 3/269، والتقريب ص 241) .

أمية وهو زاد الراكب1. فقد بان بهذا أن هاشماً وهشاماً أخوان، فهاشم والد حَنْتَمة أم عمر2، وهشاماً والد الحارث وأبي جهل. والله أعلم.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 9. 2 انظر: الكلبي: جمهرة النسب ص 105، خليفة: طبقات ص 22، الزبير: نسب قريش ص 299، 300، ابن الجوزي: صفة الصفوة 1/268، الحاكم: المستدرك 3/81، ابن الأثير: أسد الغابة 3/641، والكامل 3/53، وقال: "وقد زعم من لا معرفة له أنها أخت أبي جهل، وليس بشيء"، والمحب الطبري: الرياض النّضرة 2/271، وفيه قال: "وقالت طائفة: بنت هشام بن المغيرة ومَن قال ذلك فقد أخطأ"، وابن حجر: فتح الباري 7/44، وقال: "ووقع عند ابن منده أنها بنت هشام أخت أبي جهل، وهو تصحيف نبه عليه ابن عبد البر"، والإصابة 4/279، وقيل: حنتمة بنت هاشم كما في الطبراني: المعجم الكبير 1/65، وأبي نعيم: المعرفة 1/191، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص 253.

الباب الثالث: صفته وهيبته

الباب الثالث: صفته وهيبته ... الباب الثالث: في ذكر صفته وهيبته رضي الله عنه / [3 / ب] قال ابن عبد البر: "كان شديد الأُدْمة1، طوالاً2، كث اللحية، أصْلَعٌ3، أعسر"4،5. ووصفه زِرّن بن حُبيش6، وغيره: "بأنه كان شديد الأُدْمة7 وهو الأكثر"8. ووصفه أبو رجاء العطاردي9، - وكان مغفلاً - فقال: "كان طويلاً جسيماً أصْلَعَ شديد الصلع، أبيض شديد حمرة العينين، في عارضه خفة، سَبَلَتُه10 كثيرة

_ 1 في الأصل: (الأدومة) ، وهو تحريف. وصححناه من الاستيعاب، وفي اللسان 12/11: "الأُدْمة في الناس: السمرة الشديدة". 2 في الأصل: (طولاً) ، وهو تحريف، وصححناه من الاستيعاب. 3 الصلع محركة: انحسار شعر مقدم الرأس لنقصان مادّة الشعر في تلك البقعة وقصورها عنها. (القاموس 953) . 4 الأعْسَرُ: الذي يعمل بالشمال. (القاموس ص 564) . 5 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1146، وقال فيه: "وهو الأكثر عند أهل العلم بأيام الناس وسيرهم وأخبارهم". 6 الأسدي، الكوفي، ثقة جليل، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وثمانين، وهو ابن مئة وسبع وعشرين. (تهذيب التهذيب 2/277، التقريب ص 215) . 7 في الأصل: (الأدومة) ، وهو تحريف، وصححناه من الاستيعاب. 8 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1146. 9 عمران بن مِلْحان، مشهور بكنيته، مخضرم، ثقة، معمر، توفي سنة خمس ومئة. وله مئة وعشرون سنة. (تهذيب التهذيب 8/124، التقريب ص 430) . 10 في الأصل: (سباليه) ، وهو تحريف: صححناه من الاستيعاب، وفي القاموس 1308: "والسَّبَلة محرَّكةً: الدائرة في وسط الشَّفةِ العُليا، أو ما على الشارب من الشعر، أو مجتمعُ الشاربين، أو ما على الذّقنِ إلى طرفِ اللحية كُلّها أو مُقدَّمُها خاصة".

الشعر في أطرافها صهوبة"1،2. وذكر الواقدي3 من حديث عاصم بن عبيد الله4 عن سالم5 عن أبيه6، قال: "إنما جاءتنا الأُدْمة7 من قبل أخوالي بني مظعون، وكان عمر أبيض لا يتزوج لشهوة إلا لطب الولد"8. قال الذهبي: "لا يصح"9. وزعم الواقدي أن سُمْرَة عمر وأُدمته إنما جاءت من أكل الزيت10.

_ 1 الصَّهَبُ محرَّكة: حُمْرَةٌ أو شُقْرَة في الشعر. (القاموس ص 136) . 2 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1146، وأبو نعيم: المعرفة 1/206، الذهبي: التهذيب 3/ ق 177/ أ، وتاريخ الإسلام عهد الخلفاء 254، ابن حجر: الإصابة 3/279، وقال: "أخرجه ابن أبي الدنيا بسند صحيح". 3 محمّد بن عمر بن واقد الأسلمي، الواقدي، القاضي متروك مع سعة علمه، توفي سنة سبع ومئتين. (تهذيب التهذيب 9/323، التقريب ص 498) . 4 ابن عاصم العدوي، المدني، ضعيف، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومئة. (تهذيب التهذيب 5/42، التقريب ص 285) . 5 سالم بن عبد الله بن عمر القرشي العدوي، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً عابداً فاضلاً، مات في آخر سنة ست ومئة على الصحيح. (تهذيب التهذيب 3/378، التقريب ص 226) . 6 عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، ولد بعد المبعث بيسير واستصغر يوم أحد، وكان من أشد الناس اتباعاً للأثر، توفي سنة ثلاث وسبعين. (الإصابة 4/107، التقريب ص 315) . 7 في الأصل: (الأدومة) ، وهو تحريف وصححناه من الاستيعاب. 8 ابن سعد: الطبقات 3/324، 325، ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1146، كلاهما من طريق الواقدي، والذهبي: التهذيب 3 / 177/ أ. 9 الذهبي: التهذيب 3 / ق 177 /أ، وقال ابن عبد البر: "وعاصم بن عبيد الله لا يحتج بحديثه ولا بحديث الواقدي". (الاستيعاب 3/1146) . 10 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1146، وقال فيه: "وهذا منكر من القول". والذهبي: التهذيب 3 / ق 177/أ، وانظر: طبقات ابن سعد 3/ 324.

وقال الذهبي: "وهذا منكر القول"1. قال ابن عبد البر: "أصحّ ما في هذا الباب حديث عاصم بن بهدلة2، عن زِر قال: "رأيت عمر آدم ضخماً، كأنه من رجال سدوس، في رجليه روح"3،4. وقال بعض من شرح العمد: "كان أبيض تعلوه حمرة"5. وقيل: "آدم طوالاً6 أصلع شديد حمرة العينين كث اللحية". وقيل: "في عارضته خفة أعْسَرَ أيسر7؛ وهو الذي يعمل بيديه جميعاً"8. وذكر ابن الجوزي عن محمّد بن سعد يرفعه إلى ابن عمر رضي الله عنه أنه وصف أباه فقال: "كان رجلاً أبيض، تعلوه حمرة، طوال، أصلع، أشيب"9،10.

_ 1 الذهبي: التهذيب 3 / ق 177/أ. 2 الأسدي، صدوق له أوهام. توفي سنة ثمان وعشرين ومئة. (التقريب ص 285) . 3 الأروح: الذي تتدانى عقباه ويتباعد صدرا قدميه. (اللسان 2/466) . 4 الصواب أن متن هذا الإسناد هو: (رأيت عمر شديد الأدمة) ، كما في ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1146، وهذا المتن رواه ابن عبد البر عن هلال بن عبد الله وليس عن زر. (الاستيعاب 3/1146) ، وابن سعد: الطبقات 3/326، وذكره الذهبي: التهذيب 3 / ق 177/أوابن حجر: الإصابة 4/279، وقال: "أخرجه ابن سعد بسند جيد من طريق سماك بن حرب أخبرني هلال بن عبد الله". 5 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / ب، ابن سعد: الطبقات 3/325، بنحوه عن الواقدي. 6 في الأصل: (طولاً) وهو تحريف. 7 قال أبو عبيد: (هكذا روي في الحديث، وأما كلام العرب فالصواب أنه أعسر يسر، وهو الذي يعمل بيديه جميعاً) . غريب الحديث للهروي 1/59، القاموس ص 564. 8 انظر: ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1146، الذهبي: التهذيب 3 / ق 177/ أ. 9 الشيب: الشعر، وبياضه كالمشيب، وهو أشيب. (القاموس ص 133) . 10 ابن الجوزي: مناقب عمر ص 10، ابن سعد الطبقات 3/324، والطبري 4/196، وابن عساكر ج 12 / ق 714، وفي إسناده الواقدي.

وقال سلمة بن الأكوع1: "كان2 عمر رجلاً أيسر"3. وقال عبيد بن عمير4: "كان عمر يفوق النّاس طولاً"5. وعن أبي رجاء العطاردي: قال: "كان عمر بن الخطاب رجلاً طوالاً جسيماً أبيض، شديد حمرة العينين في عارضه خفة سبلته كثيرة الشعر في أطرافها صهبة، وكان قليل الضحك، لا يمازح أحداً مقبلاً على شأنه"6. وعن زر قال: "كنت في المدينة يوم عيد فإذا عمر بن الخطاب ضخم، أصلع، أدلم7، كأنه [على] 8 دابة، مشرف على الناس، أعسر أيسر"9.

_ 1 سلمة بن الأكوع الأسلمي، أبو سلم، شهد بيعة الرضوان، وتوفي سنة أربع وسبعين. (الإصابة 3/118، والتقريب ص 248) . 2 في الأصل: (قال) ، وهو تحريف. وصححناه من طبقات ابن سعد. 3 ابن سعد: الطبقات 3/325، وابن الجوزي: مناقب ص 10. 4 اللّيثي، المكّي، ولد على عهد النّبي قاله مسلم، وعدّه غيره من كبار التّابعين، مجمع على ثقته، مات قبل ابن عمر. (تهذيب التّهذيب 6/65، والتّقريب ص: 377) . 5 ابن سعد: الطّبقات وفي إسناده الواقدي، ومن طريقه ابن عساكر: تاريخ دمشق 12/ ق 716، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص: 10. 6 سبق تخريجه في ص: 155. 7 الأدلم: الآدم، وشديد السواد مِنّا ومن الجبال. (القاموس ص 1431) . 8 سقط من الأصل، وأثبتناه من مناقب عمر. 9 الطبراني: المعجم الكبير رقم: 59، وابن سعد: الطبقات 3/324، والطبري: التاريخ 4/196، وابن عساكر: تاريخ دمشق12/ ق 715، وابن الجوزي: مناقب ص 10، كلهم من طريق عاصم بن أبي النجود عن زر، قال ابن عبد البر: "وأصح ما في هذا الباب حديث سفيان الثوري عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش". الاستيعاب 3/1146، وأورده ابن حجر: الإصابة 4/279، ونسبه ليعقوب بن سفيان في تاريخه، وقال: (إسناده جيد) ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/61، وقال: (ورواه الطبراني وإسناده حسن) .

وقال الشعبي1: "كان عمر رجلاً ضخماً"2. وعن أبي بكر3 [عن عاصم 4] 5 بن كليب الجرمي، قال: "لقي أبي6 عبد الرحمن بن الأسود7 وهو يمشي، وكان إذا مشى، مشى إلى جانب الحائط متخشعاً هكذا، وأمال أبو بكر عنقه شيئاً، فقال أبي: ما لك إذا مشيت، مشيت إلى جانب الحائط؟ أما والله إن كان عمر إذا مشى لشديد الوطء على الأرض، جهوري الصوت"8. وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "رأيت عمر يمسك أذن فرسه بإحدى يديه ويمسك أذنه بيده الأخرى، ثم يثب حتى يقعد عليه"9. / [4 / أ] .

_ 1 عامر بن شراحيل الشعبي، ثقة مشهور، فقيه فاضل، توفي بعد المئة. (التقريب ص287) . 2 لم أجده في المصادر الأخرى. 3 أبو بكر النهشلي، الكوفي، اختلف في اسمه، صدوق رمي بالإرجاء، توفي سنة ست وستين ومئة. (تهذيب التهذيب 12/ 47، التقريب ص 625) . 4 الزيادة من مناقب عمر. 5 عاصم بن كليب الجرمي، الكوفي صدوق رمي بالإرجاء، توفي سنة بضع وثلاثين. (تهذيب التهذيب 5/49، التقريب ص 286) . 6 كليب بن شهاب الجرمي، صدوق من الثّانية، ووهم من ذكره في الصحابة. (التقريب ص 462) . 7 ابن يزيد النخعي، توفي سنة تسع وتسعين. (التقريب ص 336) . 8 الخبر في ابن الجوزي: مناقب ص 10. 9 ابن سعد: الطبقات 3/293، الطبراني: المعجم الكبير 1/66، أبو نعيم: المعرفة 1/207، كلهم من طريق عبد الله بن عمر العمري المكبر وهو ضعيف.

الباب الرابع: ذكره في التوراة والإنجيل

الباب الرابع: ذكره في التوراة والإنجيل ... الباب الرابع: في ذكره في التوراة وقبل البعثة قال الشيخ موفق الدين1 في منهاج القاصدين: "ووصفهما - يعني أبا بكر وعمر - في كتاب الله المنزل أن أبا بكر يعمل بعمل صاحبه اليسير ثم يموت. ثم يأتيكم قرن الحديد فيملأ مشارق الأرض ومغاربها قسطاً وعدلاً، لا تأخذه في الله لومة لائم"2. وذكر ابن الجوزي عن الأقرع3 مؤذن عمر رضي الله عنه أن عمر مرّ على الأسقف، فقال: "هل تجدونا في شيء من كتبكم؟ " فقالوا4: [نجد] 5 صفتكم وأعمالكم، ولا نجد أسماءكم". قال: "كيف تجدوني؟ " قال: "قرن من حديد"، قال: "قرن من حديد ماذا؟ " قال: "أمير شديد"، قال عمر: "الله أكبر الحمد لله"6.

_ 1 عبد الله بن أحمد المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي صاحب المغني، توفي سنة عشرين وست مئة. (سير أعلام النبلاء (22/165، الذيل لابن رجب 2/133) . 2 المقدسي: منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين ق 34 / ب، 35 / أ. 3 مخضرم ثقة. (التقريب ص 114) . 4 في مناقب عمر وتاريخ الإسلام: (قال) . 5 سقط من الأصل. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 11، أبو داود: السنن 4/214، رقم: (4656، ابن أبي شيبة: المصنف 2/30، وإسناده حسن من أجل حفص بن عمر، قال الحافظ في التقريب رقم: (1421) ،: (صدوق عالم) ، وبقية رجاله ثقات. ابن قدامة: منهاج القاصدين 24/ أ، ابن عساكر: تاريخ دمشق ترجمة عثمان ص 179، 180، الذهبي: تاريخ الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين 475، الهندي: الكنز 12/559.

وعن عبد الله1 قال: "ركب عمر رضي الله عنه فرساً فركضه فانكشف ثوبه عن فخذه، فرأى أهل نجران2 على فخذه شامةً3 سوداء، فقالوا: "هذا الذي نجد في كتابنا [أنه] 4 يخرجنا من أرضنا"5. وعن محمّد6 قال: كعب7 لعمر: "يا أمير المؤمنين! هل ترى في منامك شيئاً؟ "، قال: "فانتهر"، فقال: "إنا نجد رجلاً يرى أمر الأمة في منامه"8. وقد ذكرنا قصة الشيخ الأزدي في: (فضائل أبي بكر) رضي الله عنه9.

_ 1 ابن مسعود الهذلي، من السابقين الأولين، ومن كبار العلماء من الصحابة، توفي سنة اثنتين وثلاثين أو في التي بعدها بالمدينة. (الإصابة 4/129، التقريب ص 323) . 2 نجران مخلاف كبير في اليمن، وينسب إلى الوادي المسمى باسم وادي نجران. وهو الآن جنوب المملكة العربيّة السّعوديّة. (معجم البلدان 2/234، البلادي: بين مكة وحضرموت ص 191) . 3 الشامة: الخال في الجسد معروفة. (اللسان 12/ 316) . 4 سقط من الأصل، وأثبتناه من طبقات ابن سعد والمعجم الكبير. 5 ابن سعد: الطبقات 3/326، الطبراني: المعجم الكبير 1/66، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/61، وقال: "رواه الطبراني وإسناده حسن"، وأبو نعيم: المعرفة 1/204، ابن الجوزي: مناقب ص 11. 6 محمّد بن سيرين الأنصاري، ثقة ثبت عابد كبير القدر، مات سنة عشر ومئة. (التقريب ص 483) . 7 كعب بن ماتع الحميري، المعروف بكعب الأحبار، ثقة، مخضرم، توفي في آخر خلافة عثمان. وقد زاد على المئة. (تهذيب التهذيب 8/393، التقريب ص 461) . 8 المبارك: الزهد ص 371، وأبو نعيم: الحلية 6/43، وهو ضعيف لانقطاعه بين محمّد ابن سيرين ووكيع. ابن الجوزي: مناقب ص: 11، الهندي: في كنز العمال 12/562، ونسبه لابن المبارك وابن عساكر. 9 لم أجده.

وذكر أبو القاسم الأصفهاني1 عن وهب بن منبه2 صفة عمر بن الخطاب في التوارة3: قرن من حديد أمير شديد4.

_ 1 إسماعيل بن محمّد بن الفضل القرشي التيمي، الحافظ قوام السنة، توفي سنة خمس وثلاثين وخمس مئة. (سير أعلام النبلاء (20/80، طبقات الشافعية للأسنوي 1/175) . 2 ابن كامل اليماني، أبو عبد الله الأبناوي، ثقة توفي سنة بضع عشرة ومئة. (التقريب ص 585) . 3 في الأصل: (التواة) ، وهو تحريف. 4 أبو القاسم: سير السلف ص 155، أبو نعيم: معرفة 1/213.

الباب الخامس: ماتميز به في الجاهلية

الباب الخامس: ماتميز به في الجاهلية ... الباب الخامس: في ذكر ما تميز به في الجاهلية رضي الله عنه قال الذهبي: "كان من أشرف قريش، وإليه السفارة كانت في الجاهلية، وذلك أن قريشاً كانت إذا وقع بينهم حرب، أو بينهم وبين غيرهم، بعثوه سفيراً"1. وكذلك ذكر بعض من شرح (العمدة) وزاد: وإن نافرهم منافر، أو فاخرهم مفاخر، بعثوه منافراً، ومفاخراً ورضوا به2. وذكر ابن الجوزي عن نصر بن مزاحم3 عن معروف بن خرَّبُوذ4 قال: "كانت السّفارة إلى عمر بن الخطاب إن وقعت [حرب] 5 بين قريش وغيرهم بعثوه سفيراً، أو نافرهم6 منافر، أو فاخرهم مفاخر، بعثوه منافراً ومفاخراً، ورضوا به. رضي الله عنه7.

_ 1 الذهبي: التهذيب 3 / ق 177/ أ، ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1145. 2 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1145. 3 العطار المنقري، الكوفي، واهي الحديث، رافضي جلد، متروك الحديث. (الجرح والتعديل 8/468، ميزان الاعتدال 4/253) . 4 معروف بن خَرَّبُوذ مولى آل عثمان، صدوق ربما وهم، وكان أخبارياً علاّمة من الخامسة. (التقريب ص 540) . 5 سقط من الأصل. 6 في الأصل: (أو نافر) والتصويب من مناقب عمر. 7 ابن الجوزي: مناقب عمر ص 11.

الباب السادس: دعاء الرسول أن يعز الإسلام به

الباب السادس: دعاء الرسول أن يعز الإسلام به ... الباب السادس: في ذكر دعاء الرسول عليه السلام أن يعزّ الإسلام به روى التّرمذي1 عن نافع2 عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أعزَّ الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك؛ بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب"، قال: "وكان أحبهما إليه عمر". وقال: "حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر"3. وذكره ابن الجوزي في كتابه من هذا الوجه4. وروى الترمذي من حديث ابن عباس5 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أعز

_ 1 محمّد بن عيسى السلمى، صاحب الجامع، أحد الأئمة، توفي سنة تسع وسبعين ومئتين. (التقريب ص500) . 2 أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه، توفي سنة سبع عشرة ومئة أو بعد ذلك. (التقريب ص 559) . 3 الترمذي: السنن 5/617، وابن حبان: الصحيح 9/17. قال ابن حجر: "وصححه ابن حبان أيضاً. وفي إسناده خارجة بن عبد الله صدوق فيه مقال، لكن له شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الترمذي أيضاً". (فتح الباري 7/48) ، وله شاهد من حديث ابن عباس: (الطبراني: المعجم الأوسط رقم: 583) ، بإسناد فيه مبارك بن فضالة صدوق مدلس ويسوي، وقد صرح بالسماع من شيخ فقط (التقريب ص 519) . وله شاهد آخر من حديث ابن مسعود (الطبراني: المعجم الكبير10/196) ، بإسناد فيه مجالد بن سعيد تغير بآخره، وفيه محمّد بن الحسن الأسد صدوق فيه لين. (انظر: التقريب رقم: 5816، 6478) . قال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/61: "رواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه باختصار، وقال: (أيد الإسلام، ورجال الكبير رجال الصحيح غير مجالد بن سعيد، وقد وثق". فالحديث صحيح لغيره. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 12. 5 عبد الله بن عباس الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفهم في القرآن، فكان يُسَمَّى البحر، والحبر لسعة علمه، توفي سنة ثمان وستين بالطائف. (الإصابة 4/90، التقريب ص 209) .

الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر". قال: "فأصبح فغدا عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم". قال: "وهذا حديث غريب من هذا الوجه". وفي طريقه النضر أبي عمر1 قال الترمذي "هو يروي مناكير من قبل حفظه"2.

_ 1 النضر بن عبد الرحمن أبو عمر الخزاز، متروك من السادسة. (تهذيب التهذيب 10/294، التقريب ص 563) . 2 الترمذي: السنن 5/618، وفيه النضر بن عبد الرحمن وهو متروك.

الباب السابع: وقوع الإسلام في قلبه

الباب السابع: وقوع الإسلام في قلبه ... الباب السابع: في وقوع الإسلام في قلبه رضي الله عنه ذكر ابن الجوزي عن شريح بن عبيد1 [4 / ب] قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "خرجت أتعرّض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فافتتح2 سورة الحاقة فجعلت أتعجب من تأليف القرآن، قال: فقلت: "والله هذا شاعر كما قالت قريش"، قال: فقرأ: {وَمَا هُوَ بِقَولِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ} [الحاقة: 41] . قال: قلت: "كاهن"، قال: {وَلاَ بِقَولِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِيْنَ وَلَو تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعَضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِاليَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِيْن فَمَا مِنْكُم مِّنْ أَحْدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 42-47] ، إلى آخر السورة3.

_ 1 الحضرمي، الحمصي، ثقة، وكان يرسل كثيراً، مات بعد المئة. (التقريب ص 265) . 2 في المسند، والمناقب: (فاستفتح) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 12، والحديث أخرجه أحمد في المسند 1/301، والطبراني في المعجم الأوسط كما في مجمع الزوائد 9/62، وأورده ابن كثير في التفسير 8/245، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/62، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات إلا أن شريح بن عبيد لم يدرك عمر". فالحديث ضعيف لانقطاعه.

الباب الثامن: إسلامه وما وقع منه قبل إسلامه

الباب الثامن: إسلامه وما وقع منه قبل إسلامه ... الباب الثامن: في ذكر إسلامه، وما وقع منه قبل إسلامه رضي الله عنه روى البخاري1 في (صحيحه) عن عبد الله بن عمر قال: "ما سمعت عمر لشيء قط يقول: "إني لأظنه كذا، إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس إذ مرّ به رجل2 جميل، فقال: "لقد أخطأ ظني، أو أن هذا على دينه، في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم، عليّ الرجلَ، فدعي له، وقال له ذلك، فقال: "ما رأيت كاليوم استقبل به رجلاً مسلماً"3، قال: "فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني"، قال: "كنت كاهنهم في الجاهلية"، قال: "فما أعجب ما جاءتك به جنِّيَّتُك؟ "، قال: "بينما أنا يوماً في السوق جاءتني فيها الفزع"،قالت:"ألم ترَ الجنَّ وإبْلاسها4،ويأسها من بعد إنكاسها5،ولحوقها القلاص6 وأحلاسها"7.

_ 1 محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي، أبو عبد الله البخاري، جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث، توفي سنة ست وخمسين ومئتين. (التقريب ص 468) . 2 في الأصل: (رسل) وصححناه من البخاري. 3 في رواية أخرى: (رجل مسلم) . قال ابن حجر: "في رواية النسفي وأبي ذر: (رجلاً مسلماً) ، ورأيته موجوداً بفتح تاء (استقبل) ، على البناء للفاعل، وهو محذوف تقديره: أحد، وضبطه الكرماني: (استقبل؛ بضم التاء) ، وأعرب رجلاً مسلماً؛ على أنه مفعول رأيت، وعلى هذا؛ فالضمير في قوله: (به) ، يعود على الكلام، ويدلّ عليه السياق". (فتح الباري 7/179) . 4 أبلس: يئس، وتحير، ومنه: إبليس. (القاموس ص 687) . 5 الإنكاس: الانقلاب. قال ابن فارس: (معناه أنها يئست من استراق السمع بعد أن كانت قد ألفته، فانقلبت عن الاستقراق قد يئست من السمع) . (فتح الباري 7/180، لسان العرب 6/240) . 6 القلاص: جمع قلوص، وهو أول ما يركب من إناث الإبل إلى أن تثنى. (لسان العرب 7/81) . 7 الحِلٍْس والحلَسُ: كل شيء ولي ظهرَ البعير والدابة تحت الرحل والقتب والسرح. (لسان العرب 6/54) .

قال عمر: ["صدق] 1 بينما أنا عند آلِهَتِهم إذ جاء رجل فذبحه، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخاً قط أشدَ صوتاً منه"، يقول: "يا جليح أمر نجيح، يقول فصيح، يقول: لا إله إلا الله"2، فوثب القوم، قلت: "لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح3، أمر نجيح، رجل فصيح أو قال: يصيح"4 يقول: "لا إله إلا الله"، فقمت فما نشبنا أن قيل: هذا نبي"5. وفيه عن سعيد بن زيد6 أنه قال لقوم: " [لو] 7 رأيتني موثِقي عمرُ على الإسلام، أنا وأخته وما أسْلَمْ"8. وفيه عن عبد الله بن عمر قال: "لما أسلم عمر، اجتمع الناس إليه عند داره، وقالوا: "صَبَأَ9 عمر" وأنا غلام فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء ديباج10، فقال: "قد صبأ عمر، فما ذاك؟ فأنا له جار"، قال: فرأيت الناس تصعدوا عنه، فقلت: من هذا؟ قالوا: "العاص بن وائل"11.

_ 1 سقط من الأصل. 2 في رواية الكشميهني: (لا إله إلا أنت) . (فتح الباري 7/181) . 3 الوقح: المكاشف بالعداوة. (اللسان 2/426، فتح الباري 7/181) . 4 انظر: فتح الباري 7/181. 5 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1403، رقم: (3653) . 6 ابن نفيل العدوي، أحد العشرة، توفي سنة خمسين أو بعدها بسنة أو سنتين. (الإصابة 3/96، التقريب ص 236) . 7 سقط من الأصل. 8 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1403، رقم: (3654) . 9 صَبِأَ: خرج من دين إلى دين آخر. (القاموس ص 56) . 10 الديباج: هي الثياب المتخذة من الإبريسم، فارسي معرب. (السان العرب 2/262) . 11 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1403، رقم: (3652) .

وفيه عن عمر قال: "بينما هو في الدار خائفاً، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي، عليه حلة حَبَرَة1 وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية، فقال له: "ما بالك؟ "، قال: "زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت"، قال: "لا سبيل إليك" بعد أن قالها أمنت. فخرج العاص / [5 / أ] فلقي الناس قد سال به الوادي فقال: "أين تريدون؟ " قالوا: "نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ". قال: "لا سبيل إليه". فكر الناس"2. قال ابن الجوزي: "اختلفوا في سبب ذلك وصفته على أربعة أقوال: القول الأوّل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "سالت عمر رضي الله عنه لأي شيء سميت الفاروق؟ " قال: "أسلم حمزة3 قبلي بثلاثة أيام، ثم شرح الله صدري للإسلام، فقلت: "الله لا إله إلا هو، له الأسماء الحسنى، فما في الأرض نسمة4 أحب إليّ من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أين رسول الله؟ قالت أختي: "هو في دار الأرقم بن أبي الأرقم5 عند الصفا6"، فأتيت الدار

_ 1 الحبرة: ضرب من برود اليمن منمر. (لسان العرب 4/159) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1403، رقم: (3651) . 3 ابن عبد المطلب الهاشمي، عم النبي صلى الله عليه وسلم استشهد بأحد في شوال سنة ثلاث من الهجرة. (الإصابة 2/37) . 4 النسمة: الإنسان. (القاموس ص 1500) . 5 الأرقم بن أسد المخزومي، شهد بدراً والمشاهد، توفي سنة خمس وخمسين. (الإصابة 1/26) . 6 الصفا: مكان مرتفع من جبل أبي قبيس، بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق. (معجم البلدان 3/411) .

وحمزة في أصحابه جلوس في الدار، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، فضربت الباب، فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: "مالكم؟ " قالوا: "عمر بن الخطاب". فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجامع ثيابه، ثم نَترَه نترة1، فما تمالك أن وقع على ركبتيه، فقال: "ما أنت بمنته يا عمر؟ ". قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله. قال: فكبّر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد، قال: فقلت: "يا رسول الله ألسنا على الحق إن مِتْنا وإن حيينا؟ " قال: "بلى والذي نفسي بيده، إنكم على الحق إن متم وإن حييتم"، قال: قلت: "ففيم الاختفاء؟!، والذي بعثك بالحق لتخرجن، فأخرجناه في صفين حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد23 الطحين حتى دخلنا المسجد، قال: فنظرت إليّ قريش، وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق"4. القول الثاني عن أسامة5 بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: قال عمر بن الخطاب

_ 1 النَّتْرة: الجذب بجفاءٍ. (القاموس ص 616) . 2 في الأصل: (كديد) ، وهو تحريف. 3 الكديد: التراب الناعم فإذا وطئ ثار غباره. (اللسان 3/378) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 12، والحديث أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة 1/241، والحلية 1/40، وفي إسناده إسحاق بن أبي فروة وهو متروك. (التقريب ص 102) . وأورده ابن حجر في الإصابة 4/280، وقال: (وأخرج محمّد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه بسند فيه إسحاق بن أبي فروة) ، والمحب الطبري في الرياض النضرة 1/272، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 113. 5 العدوي مولاهم، ضعيف من قبل حفظه، توفي في خلافة المنصور. (التقريب ص 98) .

رضي الله عنه لنا: "أتحبون أن أعلمكم أول إسلامي؟ "، قلنا: "نعم". قال: كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دار عند الصفا فجلست بين يديه"1، فأخذ بمجمع قميصي، ثم قال: "أسلم يا ابن الخطاب اللهم اهده"، قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال: "فكبر المسلمون تكبيرة سمعت من طرق مكة، قال: وقد كانوا مستخفين، وكان الرجل إذا أسلم تعلق به الرجال فيضربونه ويضربهم. فجئت إلى خالي فأعلمته، فدخل البيت وأجاف2 الباب قال: وذهبت إلى رجل آخر من كبار قريش فأعلمته، [فدخل البيت] 3.. فقلت في نفسي: ما هذا بشيء، فقال رجل: "أتحب أن يُعْلم بإسلامك؟ "، قلت: "نعم"، قال: "فإذا جلس الناس في الحجر فأت فلاناً فقل قد صبأت"، فإنه قلما يكتم سراً فجئته فقلت له: تعلم أني قد صبأت، فنادى بأعلى صوته أن ابن الخطاب قد صبأ، فما زالوا يضربونني وأضربهم، فقال: خالي: "يا قوم إني قد أجرت ابن أختي فلا يمسه أحد"، فانكشفوا عني، فكنت لا أشاء أن أرى أحداً من المسلمين يضرب إلا رأيته. فقلت: "الناس يضربون ولا أضرب، فلما جلس في الحجر جئت خالي قال: قلت: "تسمع؟ "، قال: "أسمع"، قلت: "جوارك رد عليك"، قال: "لا تفعل". / [5 / ب] ، فأبيت، قال: "فما شئت"، قال: فما زلت أضرب وأضرب حتى أظهر الله الإسلام"، وخاله العاص بن هشام قتل يوم بدر، قيل: "قتله عمر بن الخطاب رضي الله عنه"4.

_ 1 قوله: (فجلست بين يديه) تكرر في الأصل. 2 أجاف الباب: رده عليه. (لسان العرب 9/35) . 3 ساقط من الأصل. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 13، والحديث أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 1/385-388، والبيهقي في دلائل النبوة 3/216-218، بإسناد فيه إسحاق بن إبراهيم الحنيني وأسامة بن زيد بن أسلم، وكلاهما ضعيف. (التقريب ص 98، 99) . وأخرجه البزار كما في كشف الأستار 3/169-171، وقال: "لا نعلم رواه أحد بهذا السند إلا الحنيني"، وقال الهيثمي: "رواه البزار وفيه أسامة بن زيد وهو ضعيف". (مجمع الزوائد 9/65) . وذكره المحب الطبري مختصراً. (الرياض النضرة 1/377) .

عن ابن شهاب1، قال: "بينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالساً في المسجد يوماً إذ مرّ به سعيد بن العاص2 سلم عليه"، فقال: "إني والله يا ابن أختي ما قتلت أباك يوم بدر3، ولكني قتلت خالي العاص بن هشام، وما بي أن أكون أعتذر من قتل مشرك"، قال: فقال سعيد بن العاص: "لو كنت قتلته على حق وكان على باطل"4. عن ابن عمر قال: "إني لعلى سطح فرأيت الناس مجتمعين على5 رجل وهم يقولون صبأ عمر صبأ عمر، فجاء العاص بن وائل عليه قباء ديباج، فقال: "إن كان عمر قد صبأ فأنا له جار"، قال: "فتفرق الناس عنه"، قال: "فتعجبت من عِزِّه"6.

_ 1 محمّد بن مسلم القرشي الزهري، الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه، توفي سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: بعد ذلك بسنة أو سنتين. (التقريب ص 506) . 2 الأموي، من صغار الصحابة كان له عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، ولي إمرة الكوفة لعثمان، وإمرة المدينة المنورة، توفي سنة ثمان وخمسين. (تهذيب أسماء الكمال 10/501، التقريب ص 237) . 3 بدر: ماء مشهور بين مكة والمدينة، أسفل وادي الصفراء، يبعد عن المدينة 153 كيلاً بطريق السيارات، وعن مكة بهذا الطريق 343 كيلاً. (انظر: معجم البلدان 1/357، مرويات غزوة بدر ص 78) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 14، وفيه انقطاع بين ابن شهاب وعمر، ابن سعد: الطبقات 5/31، وأورده ابن حجر بصيغة التمريض قال: "ويقال: إن عمر قال لسعيد". (الإصابة 3/98) . 5 في الأصل: (وهم على رجل) ، وهو تحريف. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 15. وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 1/282، وإسناده حسن، والبيهقي: دلائل النبوة 2/221.

القول الثالث عن جابر1 رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "كان أول إسلامي أن ضرب أختي المخاض، فأخرجت من البيت فدخلت أستار الكعبة في ليلة قارّة2، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل الحِجْر3 وعليه نعلاه، فصلى فخرجت فاتبعته"، قال: "من هذا؟ "، قلت: "عمر". قال: "يا عمر ما تتركني ليلاً ولا نهاراً"، قال: "فخشيت أن يدعو عليّ، فقلت: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله"، قال: "يا عمر استره"، قال: فقلت: "والذي بعثك بالحق لأعلننه كما أعلنت الشرك"4. القول الرابع عن أنس بن مالك5 رضي الله عنه قال: "خرج عمر متقلداً السيف فلقيه رجل من بني زهرة"، فقال: "أين تَعْمِدُ يا عمر؟ "، قال: "أريد أن أقتل

_ 1 جابر بن عبد الله الأنصاري، السلمي، صحابي ابن صحابي، توفي بالمدينة بعد السبعين. وهو ابن أربع وسبعين. (الإصابة 1/222، التقريب ص 136) . 2 ليلة قارة: أي: باردة. (لسان العرب 5/82) . 3 الحجر: حجر الكعبة، وهو ما تركت قريش في بنائها من أساس إبراهيم عليه السلام. (معجم البلدان 2/221) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 15، وابن أبي شيبة: المصنف 14/3، ومن طريقه أبو نعيم: الحلية 1/40، وإسناده ضعيف حيث عنعن أبو الزبير وهو مدلس، وكذلك فيه عبد الله بن المؤمل المخزومي، ويحيى بن يعلى الأسلمي، وكلاهما ضعيف. (انظر: التقريب ص 325، 807، 599) . 5 الأنصاري: الخزرجي، صحابي مشهور، توفي سنة اثنتين، وقيل: ثلاث وتسعين. (التقريب ص 115) .

محمّداً"، "وكيف تأمن بني هاشم وبني زهرة إن قتلت محمّداً؟ فقال له عمر: "ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك الذي أنت عليه"، قال: "أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن أختك وزوجها صبآ، وتركا دينك الذي أنت عليه"، فمشى عمر ذامراً1 حتى أتاهما، وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب2، فسمع خباب حس عمر فتوارى في البيت فدخل عليهما، فقال: "ما هذه الهَيْنَمة3 التي سمعتها عندكم؟ " قال: وكانوا يقرؤون طَه، فقالا: "ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا". قال: فلعلكما قد صبأتما، فقال له: ختنه: "أرأيت4 يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديداً، فجاءته أخته فدفعته عن زوجها، فنفحها نفحة5 فدمى وجهها، فقالت وهي غضبى: "يا عمر إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمّداً رسول الله". فلما يئس عمر قال: "أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه"، وكان عمر يقرأ الكتب فقالت أخته: "إنك رجس، و6 {لا يَمَسُّه إلاّ المُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] ، فقم فاغتسل أو توضأ، فقام فتوضّأ ثم أخذ الكتاب7 فقرأ {طَه} حتى انتهى إلى قوله تعالى: {إِنَّنِي أَنَا الله لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا

_ 1 ذامراً: أي: مُتَهَدِّداً. (لسان العرب 4/312) . 2 خباب بن الأرت التميمي، من السابقين إلى الإسلام، شهد بدراً وتوفي سنة سبع وثلاثين. (التقريب ص 192) . 3 الهينمة: الصوت الخفيّ. (القاموس ص 1512) . 4 في الأصل: (إن رأيت) ، وهو تحريف. 5 النفح: الضرب. (لسان العرب 2/622) . 6 في الأصل: (فلا) . 7 في الأصل: (الكتب) .

فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي} [طَه: 1-14] . فقال عمر: "دلوني على محمّد"، فلما سمع خباب قول عمر، خرج من البيت، فقال: "أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام"، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا. فانطلق عمر حتى أتى الدار، وعلى الباب حمزة وطلحة في ناس [6 / أ] من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى حمزة رضي الله عنه وجل القوم من عمر قال: "نعم فهذا عمر إن يرد الله بعمر خيراً يسلم1 ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هيناً". قال: والنبي صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، فقال: "ما أراك منتهياً يا عمر حتى يُنْزِلَ الله بك - يعني: من الخزي والنكال - ما أنزل الله بالوليد بن المغيرة، اللهم اهد عمر بن الخطاب، اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب". فقال عمر رضي الله عنه: "أشهد أنك رسول الله، وقال: اخرج يا رسول الله"2. وذكر أبو القاسم الأصفهاني في (سيرة السلف) بسند إلى أسامة ابن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تحبون أن أخبركم ببدو إسلامي؟ "، قلنا: "نعم". قال: كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا في يوم حار شديد الحرّ بالهاجرة في بعض طرق مكة،

_ 1 في الأصل: (أسلم) ، والمثبت من دلائل النبوة. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 16، ابن سعد: الطبقات 3/267، البيهقي: دلائل النبوة 2/219، والسنن 1/88، كلاهما بإسناد فيه القاسم بن عثمان البصري وهو ضعيف، والمتن منكر، قال الذهبي: "قال البخاري: "له أحاديث لا يتابع عليها". وحدث بقصة عمر وهي منكرة جداً". (ميزان الاعتدال 3/375) ، وذكره السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 110.

إذ لقيني رجل من قريش، فقال: "أين تريد يا ابن الخطاب؟ "، فقلت: أريد ذاك الرجل الذي غيّر الدين، فقال: "عجباً لك يا ابن الخطاب، تزعم هكذا وقد دخل من هذا الأمر في بيتك!، قلت: وما ذاك؟ قال: "أختك قد أسلمت". قال: فرجعت مغضباً حتى قرعت الباب قال: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أسلم الرجل أو الرجلان ممن لا شيء عندهما ضمهما إلى رجل بيده قوة، فيكونان معه ويصيبان من فضل طعامه، وكان قد ضم إلى زوج أختي رجلين، فلما قرعت الباب، قيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب، فبادر القوم فتواروا مني، وقد كانوا يقرؤون صحيفة بين أيديهم، فنسوها وتركوها وسط البيت، فقامت أختي ففتحت الباب، فقلت: "يا عدوةَ نفسها صبوتِ؟، وضربتها بشيء في يدي على رأسها، فسال الدم، فلما رأت الدم بكت، وقالت: يا ابن الخطاب ما كنت فاعلاً فافعل فقد أسلمت، فدخلت مغضباً حتى جلست على السرير، فنظرت إلى الصحيفة في وسط البيت، فقلت: ما هذه الصحيفة؟ أعطنيها، فقالت: لست من أهلها، أنت لا تغتسل من جنابة ولا تتوضأ، وهذا {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] ، فلم أزل بها حتى أعطتنيها، فنظر فيها فإذا فيها: {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، فلما قرأت: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ذعرت من ذلك، وألقيت الصحيفة، ثم رجعت إلى نفسي فأخذتها فإذا فيها: {سَبَّحَ لله مَا فِي السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [الحديد:1] ، فكلما مرّ بي اسم من أسماء الله ذعرت منه، ثم ترجع إليّ نفسي حتى بلغت: {آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7] ، قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمّداً رسول الله". فلما سمع القوم خرجوا / [6 / ب] إليّ مبادرين،

فكبروا، ثم قالوا: "أبشر يا ابن الخطاب، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الاثنين، فقال: "اللهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك: إما أبو جهل بن هشام، وإما عمر ابن الخطاب"، وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم [لك] 1. قلت: أخبروني بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أن أعرفوا مني الصدق أخبروني بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو في بيت في أسفل الصفا، فرحت حتى قرعت الباب، فقيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب، وقد علموا شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلموا بإسلامي. فما اجترأ رجل منهم بفتح الباب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افتحوا له الباب فإن يرد الله به خيراً يهده". ففتحوا لي الباب، وأخذ رجلان بعضديّ حتى جاءا بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "خلوه"، فخلوا عني فجلست بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بمجمع قميصي، ثم جبذني إليه، ثم قال: "أسلم يا ابن الخطاب اللهم اهده". فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بطرق مكة. وقد كانوا مستخفين ثم خرجت فكنت لا أشاء أن أرى رجلاً من المسلمين إذا أسلم يُجتمع عليه فيضرب، ولا يصيبني من ذلك شيء، فقلت: ما هذا بشيء، فجئت إلى خالي - وكان شريفاً - فقرعت عليه الباب، فقلت: أعلمت أني صبوت؟ قال: "وفعلت؟ "، قلت: نعم. قال: "لا تفعل". قلت: فعلت. قال: "لا تفعل". فدخل فأجاف الباب دوني، فذهبت إلى رجل من عظماء قريش أيضاً، فقرعت عليه بابه، فقيل: "من هذا؟ "، فقلت: ابن الخطاب، فخرج إليّ، فقلت: مثل مقالتي لخالي: أما علمت أني صبوت؟ فقال: "أفعلت؟ " قلت: نعم. قال: "لا تفعل". قلت: فعلت، فدخل وأجاف

_ 1 سقط من الأصل.

الباب دوني. فقلت: ما هذا بشيء. فقال لي رجل: أتُحِبُّ أن تظهر إسلامك؟ قلت: نعم. قال: فإذا اجتمع الناس في الحِجْر فأتِ فلاناً - لرجل لم يكن يكتم السر - فقل له فيما بينك وبينه فإنه سيظهره عليك، فلما اجتمع الناس في الحجر، جئت إلى ذلك الرجل فأصغيت عليه فيما بيني وبينه، فقلت: أعلمت أني صبوت؟ قال: صبوت؟ قلت: نعم. فرفع بأعلى صوته ألا إن ابن الخطاب قد صبأ. فثار إليّ الناس فضربوني وضربتهم، فقال خالي: ما هذه الجماعة؟ قيل: ابن الخطاب قد صبأ، فقام على الحجر ثم أشار بكُمّه ألا إني قد أجرت ابن / [/ 7 / أ] أختي، فانكشف الناس عني، وكنت لا أزال أرى إنساناً يضرب وأنا لا يصيبني من ذلك شيء، فقلت: ليس هذا بشيء حتى يصيبني ما يصيب الناس، وأضرب كما يضربون فأتيت خالي والناس مجتمعون في الحجر، فقلت: يا خال فقال: "ما تشاء يا ابن أختي؟ " قلت1: أشاء أن جوارك عليك ردّ، فقال: "لا تفعل يا ابن أختي". قلت: جوارك عليك ردّ، قال: "لا تفعل"، قلت: بلى، قال: "فما شئت"، فما زلت أضرب الناس ويضربونني، حتى أعز الله الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم"2. وروي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، قال: "لما أسلم عمر بن الخطاب - ولم تعلم قريش بإسلامه - قال: "أيّ أهل مكة أنشر للحديث؟ قالوا: "جميل بن معمر"3، قال: فخرج عمر وأنا أتبع أثره غلاماً أعقل ما أرى، وأروي ما أسمع، فأتاه فقال: "يا جميل هل علمت أني أسلمت؟ "، فوالله ما رد

_ 1 قوله: (قلت) تكرر في الأصل. 2 أبو القاسم: سير السلف ص 139، والحديث سبق تخريجه في ص: 150. 3 صحابي مشهور، شهد الفتح وتوفي في خلافة عمر وحزن عليه. (الإصابة 1/355) .

عليه كلمة حتى قام عامداً إلى المسجد فنادى أندية قريش: إن ابن الخطاب قد صبأ، فقال عمر: "كذب، ولكني أسلمت، وآمنت بالله وصدّقت رسله، فثاروا، فقاتلهم وقاتلوه، حتى ركدت الشمس على رؤوسهم، وفتر عمر، وقاموا على رأسه، وهو يقول: "افعلوا ما بدا لكم، فوالله لو كنا ثلاث مئة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم". قال: فبيناهم قيام عليه إذ أقبل رجل عليه حلة حبرة وقميص قومسي1، فقال: "مالكم؟ "، قالوا: "صبأ عمر"، فقال: "فمه، امرؤ اختار لنفسه ديناً؟ فتظنون أن بني عدي تُسلم لكم صاحبكم؟ "2، فوالله لكأنما كانوا ثوباً انكشف عنه. فقلت له بعد المدينة يا أبت من الرجل الذي رد عنك القوم يومئذ؟ قال: "يا بني، ذاك العاص بن وائل"3. وقال في (عيون التاريخ) 4: "وهو طريق ابن هشام5 في السيرة وغيره، ثم أسلم عمر بن الخطاب وكان رجلاً جلداً منيعاً، أسلم بعد هجرة المسلمين

_ 1 قومسي: في سيرة ابن هشام: قميصي موشي. فلعله منسوب إلى قومس التي قال عنها ياقوت: "بأنها كورة كبيرة في ذيل جبال طبرستان". (معجم البلدان4/414) . 2 في سيرة ابن هشام، وسيرة ابن إسحاق (صاحبهم) . 3 ابن إسحاق: السير والمغازي ص 184، ابن هشام: السيرة 1/429، وصرح ابن إسحاق بالسماع، وعبد الله بن الإمام أحمد في زوائد على فضائل الصحابة لأحمد 1/281، 282، من طريق ابن إسحاق، الحاكم: المستدر 3/85، مختصراً وصححه على شرط مسلم، قال ابن كثير: "هذا إسناد جيد قوي". السيرة النبوية لابن كثير 2/39) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/65: "رواه البزار والطبراني باختصار ورجاله ثقات إلا ابن إسحاق مدلس". 4 عيون التواريخ لمحمّد بن شاكر الكتبي الدمشقي (ت 764هـ) . مخطوط في ستّة مجلدات. (الأعلام 6/156) . 5 عبد الملك النحوي الذهلي السدوسي، نزيل مصر، سمع السيرة من زياد البكائي وهذّبها، توفي سنة ثمان عشرة ومئتين. (وفيات الأعيان 3/177، سير أعلام النبلاء (10/428) .

إلى الحشبة، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يقدرون يصلون عند الكعبة حتى أسلم عمر، وكان قد أسلم حمزة فقوي المسلمون بهما، وعلموا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم"1. قالت أم عبد الله بنت2 أبي حَثْمة - وكانت زوج عامر بن ربيعة3، قالت: "إنا لنرحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر لبعض حاجته، إذ أقبل عمر، وهو على شركه حتى وقف عليّ - وكنا نلقى منه البلاء أذى وشدة - فقال: / [7 /] : "أتنطلقون يا أم عبد الله؟ قالت: قلت: نعم والله؛ لنخرجن في أرض الله تعالى، فقد آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله لنا فرجاً. قالت: فقال: "صحبكم الله"، ورأيت له رقة وحزناً، قالت: فلما عاد عامر أخبرته، وقلت: لو رأيت عمر ورقته وحزنه علينا! فقال: "أطمعت في إسلامه؟ " قلت: نعم. قال: "لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب؛ لما كان يرى من غلظه4 وشدته على المسلمين"5، فهداه الله تعالى فأسلم؛ فصار على الكفار أشد منه على المسلمين. وكان سبب إسلامه أن أخته فاطمة بنت الخطاب6 كانت تحت سعيد

_ 1 الخبر بنحوه في ابن هشام: السيرة 1/422. 2 ليلى بنت أبي حثمة العدوية هاجرت الهجرتين إلى الحبشة ثم المدينة (الإصابة8/180) . 3 العنْزي، من السابقين الأولين إلى الإسلام هاجر إلى الحبشة وشهد بدراً وما بعدها، توفي سنة اثنتين وثلاثين. (الإصابة 4/8) . 4 في السيرة: (غلظته) . 5 ابن هشام: السيرة النبوية 1/423، بإسناد فيه عبد الرحمن بن الحارث صدوق له أوهام. (التقريب ص 328) ، وعبد العزيز بن عبد الله بن عامر تابعي كبير وثقه ابن حبان. (الثقات 7/110) . 6 العدوية أسلمت قديماً مع زوجها سعيد بن زيد. (الإصابة 1/161) .

بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وكانا مسلمين يخفيان إسلامهما من عمر، وكان نعيم بن عبد الله النحام العدوي1 قد أسلم أيضاً، وهو يخفي سلامه فزعاً من قومه، كان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة يُقرئها القرآن، فخرج عمر يوماً ومعه سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وهم مجتمعون في دار الأرقم عند الصفا، وعنده من لم يهاجر من المسلمين في نحو أربعين رجلاً، فلقيه نعيم بن عبد الله فقال: "إلى أين عمر؟ "، قال: "أريد محمّداً الذي فرّق أمر قريش، وعاب دينها؛ فأقتله". فقال نعيم: "والله غرّتك نفسك، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض، وقد قتلت محمّداً! أفلا ترجع إلى أهلك فتقيم أمرهم؟ ". قال: "وأي أهلي؟ " قال: "خَتَنُك وابن عمّك، وأختك فاطمة، فقد والله أسلما"، فرجع عمر إليها وعندها خباب بن الأرت يقرئهما القرآن، فلما سمعوا حسّ عمر تغيب خبّاب، وأخذت فاطمة الصحيفة فاتقتها تحت فخذها - وفي رواية: جعلتها بين فخذيها - وقد سمع عمر قراءة خباب، فلما دخل قال: "ما هذه الهينمة التي أسمعها؟ " قالا: ما سمعت شيئاً، فقال: "بلى والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمّداً"، وبطش بختنه سعيد بن زيد، فقامت أخته لتكفه، فضربها، فشجها، فلما فعل ذلك، قالت أخته: نعم والله قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما شئت، / [8/أ] ولما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم، وقال: "أعطني هذه الصحيفة التي سمعتكم وأنتم تقرؤونها حتى أنظر إلى ما جاء به محمّد"، قالت: "إنّا نخشاك عليها، فحلف أنه يعيدها؛ قالت:

_ 1 أسلم بعد ثمانية وثلاثين إنساناً، واستشهد بأجنادين في خلافة عمر سنة خمس عشرة. الإصابة 6/249) .

وقد طمعت في إسلامه إنك نجس، على شركك فلا تمسها". قال عمر: "فما عرفت ذل الشرك إلا ذلك اليوم"، فقام واغتسل، فأعطته الصحيفة فقرأها وفيها: {طَه} ، وكان كاتباً فلما قرأ بعضها قال: "ما أحسن هذا الكلام وأكرمه"!. فلما سمع خباب خرج إليه، وقال: "يا عمر، والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصّك بدعوة نبيه فإني سمعته أمس وهو يقول: "اللهم أيّد الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بأبي الحكم بن هشام"، فالله الله يا عمر. فقال عمر عند ذلك: "فدلني يا خباب على محمّد حتى آتيه فأسلم"، فدله خباب، فأخذ سيفه، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فضرب عليهم الباب، فقام رجل منهم فنظر من الباب فرآه متوشِّحاً1 بسيفه فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك؛ فقال حمزة: "ائذن له فإن كان جاء يريد خيراً بذلنا له، وإن أراد شرّاً قتلناه بسيفه"، فنهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه وأخذ بمجمع ردائه ثم جذبه إليه جذبة شديدة، وقال: "ما جاء بك؟ ما أراك تنتهي حتى ينزل بك قارعة"، فقال: "يا رسول الله جئت لأؤمن بالله ورسوله"، وكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف من في البيت أن عمر أسلم"2. فلما أسلم قال: "أيّ قريش أنْقل للحديث؟ قيل: جميل بن معمر الجمحي، فجاءه فأخبره بإسلامه فمشى إلى الحرم وعمر وراءه، وصرخ: "يا معشر قريش ألا إن ابن الخطاب قد صبأ، فيقول عمر من خلفه: "كذب، ولكني أسلمت"، فقاموا فلم يزل يقاتلهم ويقاتلونه، حتى قامت الشمس وأعيا، فقعد

_ 1 توشّح بسيفه: تقلد. (القاموس ص 315) . 2 ابن هشام: السيرة النبوية 1/425، 426، رواه ابن إسحاق بلاغاً والبلاغ منقطع، وقد سبق تخريجه في ص: 154.

وهم على رأسه، فقال: "افعلوا ما بدا لكم"، فبينما هم كذلك إذ أقبل شيخ عليه حلة فقال: "ما شأنكم؟، قالوا: صبأ عمر، قال: رجل اختار لنسفه أمراً فما تريدون؟ أترون بني عدي يسلمون لكم صاحبكم هكذا! خلّوا عن الرجل". وكان الشيخ العاص بن وائل السهمي1. قال عمر: "لما أسلمت أتيت أبا جهل بن هشام، فضربت عليه بابه، فخرج إليّ فقال: "مرحباً يا ابن أختي ما جاء بك؟ "، قلت: جئت لأخبرك أني قد أسلمت وآمنت بمحمّد، وصدّقت بما جاء به، قال: فضرب الباب في وجهي، وقال: "قبّحك الله، وقبّح ما جئت به"2. قال: وقيل: في إسلامه غير هذا. والله أعلم./ [8 / ب] .

_ 1 ابن هشام: السيرة النبوية 1/429، وقد سبق تخريجه في ص 158. 2 ابن هشام: السيرة النبوية 1/430، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع لكن سنده منقطع وفيه جهالة.

الباب التاسع: السنة التي أسلم فيها وبعد كم أسلم

الباب التاسع: السنة التي أسلم فيها وبعد كم أسلم ... الباب التاسع: في ذكر السنة التي أسلم فيها عمر وبعد كم أسلم1 عن زيد بن أسلم عن أبيه، قال: "أسلم عمر وهو ابن ست وعشرين سنة"2. وقال عبد الله بن عمر: "أسلم عمر وأنا ابن ست سنين"3. وعن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه أنه أسلم في ذي الحجة [في] 4 السنة السادسة من النبوة، وهو ابن ست وعشرين سنة"5. وعن داود بن حصين6 والزهري7 قالا: "أسلم عمر بعد الأربعين، أو نيف وأربعين بين رجال ونساء قد أسلموا قبله"8. وعن سعيد بن المسيِّب9 قال: "أسلم عمر بعد أربعين رجلاً

_ 1 لم تصح رواية في تحديد وقت إسلام عمر بن الخطاب بدقة، ولكن ابن إسحاق جعل إسلام عمر بعد هجرة الحبشة وذكر من وجه آخر أنّه عقب هجرة الحبشة الأولى، وتحدد رواية الواقدي - التي سيذكرها المؤلف - إسلامه في ذي الحجة السنة السادسة من البعثة وهو ابن ست وعشرين سنة، ويؤيده أن عُمُرَ عبد الله بن عمر - وقد عقل قصة إسلام والده ورواها - كان ابن خمس سنين، وكان يوم أحد ابن أربع عشرة سنة، وذلك بعد المبعث بست عشرة سنة، فيكون مولده بعد المبعث بسنتين، فلا يتقدم إسلام عمر على سنة ست أو سبع. (السيرة النبوية الصحيحة 1/177) . 2 ابن سعد: الطبقات 2/269، من طريق الواقدي. 3 ابن سعد: الطبقات 3/270، من طريق الواقدي. 4 سقط من الأصل. 5 ابن سعد: الطبقات 3/269، 270، من طريق الواقدي. 6 الأموي مولاهم، ثقة إلا في عكرمة، توفي سنةخمس وثلاثين ومئة. (التقريب ص198) 7 محمّد بن مسلم. 8 ابن سعدالطبقات3/269وهومرسل من مراسيل الزهري وداود، وفي إسناده الواقدي. 9 القرشي المخزومي، أحد العلماءالأثبات الكبار. توفي بعدالتسعين. (التقريب ص241) .

وعشر1 نسوة"2. وعن عبد الله بن ثعلبة3 قال: "أسلم بعد خمسة وأربعين رجلاً وإحدى عشرة4 امرأة"5. وقال بعض العلماء: "إنه أتم الأربعين. وذكر أسماء القوم الذين تموا بعمر أربعين، وهم: أبو بكر، عثمان6، عليّ7، الزبير8، طلحة9، سعد10، عبد الرحمن11، سعيد12، أبو عبيدة13، حمزة بن عبد المطلب، عبيدة بن الحارث14، جعفر بن أبي طالب15، مصعب بن عمير16، عبد الله ابن

_ 1 في الأصل: (وعشرة) ، وهو سهو؛ لأن عشر المفردة تخالف المعدود. 2 ابن سعد: الطبقات 3/269) ، بإسناد فيه الواقدي. 3 ابن صُعَيْر، له رؤية، مات سنة سبع - أو تسع - وثمانين. (التقريب ص 298) . 4 في الأصل: (عشر) وهو سهو؛ لأن عشر المركبة توافق المعدود. 5 ابن سعد: الطبقات3/269، ومن طريق الطبري: التاريخ4/200، بإسناد فيه الواقدي. 6 ابن عفان. 7 ابن أبي طالب الهاشمي. (لإصابة 4/269) . 8 ابن العوام الأسدي. (الإصابة 3/5) . 9 ابن عبيد التيمي. (الإصابة 3/290-291) . 10 ابن أبي وقاص الزهري. (الإصابة 3/83) . 11 ابن عوف الزهري. (الإصابة 4/176، 177) . 12 ابن زيد العدوي. 13 عامر بن عبد الله الفهري. (الإصابة 4/11) . 14 القرشي المطلبي. (الإصابة 4/209) . 15 الهاشمي. (الإصابة 1/248) . 16 العبدري. (الإصابة 6/101) .

مسعود1، عياش بن أبي ربيعة2، أبو ذر3، أبو سلمة بن عبد الأسد45، عثمان بن مظعون6، زيد بن حارثة7، بلال بن رباح8، خباب بن الأرتّ9، المقداد بن عمرو1011، صهيب12، عمار بن ياسر13 14، عامر بن فهيرة15، عمرو بن عبسة16، نعيم بن عبد الله النحام17، حاطب بن الحارث الجمحي18، خالد ابن سعيد بن العاص19، خالد بن البكير20،

_ 1 الهذلي. 2 المخزومي. (الإصابة 5/47) . 3 جندب بن جنادة الغفاري. (الإصابة 7/60) . 4 في الأًصل: (ابن عبد الرحمن) وهو تحريف. 5 عبد الله بن عبد الأسد المخزومي. (الإصابة 6/95) . 6 الجمحي. (الإصابة 4/225) . 7 الكلبي. (الإصابة 3/24-25) . 8 الحبشي. (الإصابة 1/170-171) . 9 التميمي. 10 في الأصل: (ابن صهيب) ، وهو تحريف. 11 الكندي. (الإصابة 6/133) . 12 ابن سنان النمري. (الإصابة 3/254) . 13 في الأصل: (ابن عامر) ، وهو تحريف. 14 العنسي. (الإصابة 4/273) . 15 التيمي مولى أبي بكر الصديق. (الإصابة 4/14) . 16 ابن خالد السلمي. (الإصابة 5/5) . 17 في الأصل: (ابن النحام) ، وهو تحريف. 18 من مهاجرة الحبشة، وتوفي بالحشبة. (الإصابة 1/314) . 19 الأموي. (الإصابة 2/91) . 20 الليثي. (الإصابة 2/86) .

عبد الله بن جحش1، أبو أحمد بن جحش2، عامر بن بكير3، عتبة بن غزوان4، الأرقم بن أبي الأرقم5، أنيس أخو أبي ذر6، واقد بن عبد الله7، عامر بن ربيعة8، السائب بن عثمان بن مظعون9، فتموا بعمر بن الخطاب أربعين رضي الله عنهم. وقال في (عيون التاريخ) : "أسلم بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة"10. وقال أبو عبد الله محمّد بن سلامة11 في كتابه: (عيون المعارف) : "والمسلمون يوم أسلم تسعة وثلاثين رجلاً، وامرأة بمكة، فكلهم أربعون"12. وذكر ابن إسحاق وابن هشام وأصحاب السير والتواريخ: أن عمر رضي الله عنه أسلم بعد هجرة الحبشة وهي الهجرة الأولى لما هاجر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى

_ 1 الأسدي حليف بني عبد شمس، شهد بدراً واستشهد بأحد. (الإصابة 4/46) . 2 عبد بن جحش الأسدي شهد بدراً والمشاهد. (الإصابة 7/3) . 3 الليثي شهد بدراً. (الإصابة 3/7) . 4 المازني شهد بدراً وما بعدها، وتوفي سنة سبع عشرة. (الإصابة 4/215) . 5 الأرقم بن أسد المخزومي. 6 أنيس بن جنادة الغفاري. (الإصابة 1/76) . 7 التميمي اليربوعي، شهد بدراً، توفي في أول خلافة عمر. (الإصابة 6/312) . 8 العنزي. 9 الجمحي، شهد بدراً، والمشاهد واستشهد باليمامة. (الإصابة 3/61) . 10 لم أعثر عليه. 11 محمّد بن سلامة بن جعفر القضاعي، المصري، الشافعي، قاضي مصر، ومؤلف كتاب: (الشهاب) مُجرّداً ومسنداً، توفي سنة أربع وخمسين وأربع مئة. (طبقات الشافعية للسبكي 4/150، سير أعلام النبلاء (18/92) . 12 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / أ.

أرض الحبشة، أي: عند النجاشي. رضي الله عنهم1. وقد قالت أم عبد الله بنت أبي حثْمة2 وكانت زوج عامر بن ربيعة: "إنا لنترحل3 إلى أرض الحبشة وقد ذهب عامر لبعض حاجته إذ أقبل عمر وهو على شركه حتى4 وقف عليّ وكنا نلقى منه البلاء أذىً وشدة، فقال: "أتنطلقون يا أمّ عبد الله؟ قالت: قلت: نعم والله لنخرجنّ في أرض الله، فقد أذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا فرجاً. قال: فقال: "صحبكم الله" ورأيت له رقة وحزناً"5. وقال بعض من شرح (العمدة) : "أسلم بعد رجال سبقوه، أسلم بعد أربعين رجلاً وإحدى عشرة6 امرأة، وكان إسلامه سنة ست من النبوة، وقيل: سنة خمس"7. / [9 / أ] .

_ 1 ابن إسحاق: السير والمغازي ص 181، ابن هشام: السيرة النبوية 1/422. 2 في الأصل: (بن أبي حتمة) ، وهو تصحيف. 3 في الأصل: (لرحل) ، وهو تحريف. 4 في الأصل: (على) ، وهو تحريف. 5 سبق تخريجه ص: 159. 6 في الأصل: (عشرا) ، وهو تحريف. 7 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / أ.

الباب العاشر: استبشار أهل السماء بإسلامه

الباب العاشر: استبشار أهل السماء بإسلامه ... الباب العاشر: في ذكر استبشار أهل السماء بإسلامه عن داود بن الحصين والزهري1 قالا: لما أسلم عمر رضي الله عنه نزل جبريل عليه السلام فقال: "يا محمّد استبشر أهل السماء بإسلام عمر"، ذكره ابن الجوزي2. وعن الحسن3 - رحمه الله - قال: "لقد فرح أهل السماء بإسلام عمر رضي الله عنه"4. ... 5عن ابن عباس قال: "لما أسلم عمر نزل جبريل فقال: "يا محمّد قد استبشر أهل السماء بإسلام عمر" 6. قد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم أعِزَّ الإسلامَ بأحب الرجلين إليكَ"،

_ 1 محمّد بن مسلم. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 18، وأخرجه ابن سعد: الطبقات 3/169، وهو مرسل من مراسيل الزهري وداود بن الحصين، وفي إسناده الواقدي وهو متروك في الحديث. 3 ابن أبي الحسن البصري، الأنصاري، ثقة فقيه، وكان يرسل كثيراً، توفي سنة عشر ومئة. (التّقريب ص: 160) . 4 في ابن الجوزي: مناقب ص 18، والخبر مرسل ضعيف. 5 مطموس في الأصل بمقدار كلمة ولم أتبين قراءتها. 6 ابن ماجة: السنن، باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 1/38، وابن حبان: الصحيح 9/17، والحاكم: المستدرك وصححه 3/84، وتعقّبه الذهبي بقوله: "عبد الله ضعّفه الدارقطني"، ومدار الحديث على عبد الله بن خراش ضعيف وأطلق عليه ابن عمار الكذب. (التقريب رقم: 301) . وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/17: "إسناده ضعيف لاتفاقهم على ضعف عبد الله بن خراش، إلا أن ابن حبان ذكره في الثقات، وأخرج هذا الحديث من طريقه في صحيحه".

فكان عمر أحَبَّهُما إليه1، فإسلامه كان أحب إليه أيضاً، والله عزوجل إذا أحب الأمر أحبه أهل السماوات، كما في الحديث: "إذا أحب الله عبداً نادَى جبريلَ: إني أحبُّ فلاناً فأحبه، فيحبه، ثم ينادي جبريلُ في أهل السماءِ: إن الله يحبّ فلاناً فأحبّوه، فيحبّه أهل السماء" 2.

_ 1 سبق تخريجه ص: 164، 165، 177. 2 البخاري: الصحيح، كتاب بدء الخلق 3/1175، رقم: 3037، ومسلم: الصحيح، كتاب البر والصلة والآداب 4/2030، رقم: 2637.

الباب الحاي عشر: عز الإسلام بإسلامه وظهوره

الباب الحاي عشر: عز الإسلام بإسلامه وظهوره ... الباب الحادي عشر: في عزّ الإسلام بإسلامه وظهوره قال ابن عبد البر: "كان إسلامه عِزّاً ظهر به الإسلام بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم"1. وقال ابن مسعود2: "ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر". ذكره الذهبي3. وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم أعزّ الإسلام بأبي جهم أو بعمر" 4. وفي صحيح البخاري عن قيس بن أبي حازم5 عن ابن مسعود، قال: "ما زلنا أعزّة منذُ أسلم عمر"6. وذكر ابن الجوزي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لما أسلم عمر كبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد. وقال: "يا رسول الله ألسنا على الحق؟ "، قال: "بلى". قال: "ففيم الاختفاء؟ ". فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم"7. وعن صهيب بن سنان قال: "لما أسلم عمر رضي الله عنه ظهر الإسلام، ورددنا إليه عَلاَنية، وجلسنا حول البيت حِلَقاً، وطُفنا بالبيت، وانتصفنا ممّن غلظ علينا، [ورددنا] 8 عليه بعض ما يأتي به"9.

_ 1 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1145. 2 عبد الله بن مسعود. 3 الذهبي: التهذيب ج 3 ق 177 / ب. 4 سبق تخريجه ص: 164، 165، 177. 5 البجلي، الكوفي، ثقة، توفي بعد التسعين. (التقريب ص 456) . 6 البخاري، الصحاح، كتاب فضائل الصحابة 3/1348، رقم: 3481. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 18، وتقدم تخريجه ص 134. 8 سقط من الأصل. 9 ابن سعد: الطبقات 3/269، بإسناد فيه الواقدي، ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 144-145، وذكر السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 115.

وعن الحسن1 - رحمه الله - قال: "يجئ الإسلام يوم القيامة فيتصفح الخلق حتى يجئ إلى عمر، فيأخذ بيده فيصعد به إلى بطنان العرش فيقول: أي ربّ إني كنت خفيّاً وأهان، وهذا أظهرني وأعزني هذا فكافئه، فيجئ ملائكة من عند الله تعالى فتأخذ بيده فتدخله الجنان، والناس في الحساب"2. وقال بعض من شرح (العمدة) : "كان إسلامه عِزّاً للمسلمين ظهر به الإسلام بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم"3. وذكر ابن الجوزي في (التبصرة) عن ابن عباس رضي الله عنها قال: "لما أسلم عمر رضي الله عنه كبّر أهلُ الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد، وقال: "يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حَيِينا؟ "، قال: "بلى، والذي نفسي بيده"، قال: "ففيمَ4 الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن"، قال عمر: "فأخرجناه في صَفَّين، حمزة في أحدهما وأنا في الآخر له كَدِيد ككديد الطَّحين، حتى دخل المسجدَ، فنظرت قريش / [9 / ب] إلى حمزة وعمر فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، قال: فسمّاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ الفاروق5، وفرّق الله بي الحقّ والباطل6.

_ 1 البصري. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 18-19، وهو مرسل من مراسيل الحسن. 3 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / أ، ابن عبد البرّ: الاستيعاب 3/1145. 4 في الأصل: (فيم) ، وهو تحريف. 5 في الأصل: (الفارق) ، وهو تحريف. 6 ابن الجوزي: التبصرة 1/424، والحديث سبق تخريجه ص 171.

ومن حقق النظر وأمعنه في أمر عمر بن الخطاب علم أن مثل هذا قد أقامه الله عزوجل نصرة لدينه، وعزّاً له، وذلة لأعدائه، بلاء عليهم، فإنه رضي الله عنه كان يقوم على أعداء الله، لا تأخذه في الله لومة لائم رضي الله عنه.

الباب الثاني عشر: سبب تسميته بالفاروق

الباب الثاني عشر: سبب تسميته بالفاروق ... الباب الثاني عشر: في سبب تسميته بالفاروق ذكر ابن الجوزي عن ابن عباس قال: "سألت عمر: لأيّ شيء سميت الفاروق؟ فذكر حديث إسلامه إلى أن قال: "فأخرجنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفّين، له كديدٌ ككديد الرَّحَى1، حتى دخلنا المسجد، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق"2. وعن أيوب بن موسى3 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق، فرّق الله به بين الحق والباطل" 4. وعن أبي عمر وذكْوان56 قال: قلت لعائشة7: "من سَمَّى عمر الفاروق؟، قالت: النبي صلى الله عليه وسلم"8.

_ 1 الرَّحى: معروفة التي يُطحَن بها. (لسان العرب 14/312) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 19، وسبق تخريجه ص 171. 3 المكي الأموي، ثقة، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومئة. (التقريب ص 119) . 4 ابن سعد: الطبقات 3/270-271، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 152، وإسنادهما معضل، ابن الجوزي: مناقب ص 19. وقال الألباني: "ضعيف، والشطر الأوّل من الحديث قوي ورد موصولاً عن جمع من الصحابة". (ضعيف الجامع الصغير وزيادته 1/82، رقم: 1586) . 5 في الأصل: (ذكران) ، وهو تحريف. 6 مولى عائشة مدني، ثقة. (التقريب ص 203) . 7 عائشة بنت أبي بكر الصديق. أُمُّ المؤمنين، أفقه النساء مطلقاً. توفيت سنة سبع وخمسين. (التقريب ص 750) . 8 ابن سعد: الطبقات 3/271، ومن طريقه الطبري: التاريخ 4/195، وفي إسنادهما الواقدي، والسيوطي: تاريخ الخلفاء ص 114، ونسبه لابن سعد، وابن الجوزي: مناقب ص 19.

وعن محمّد بن سعد يرفعه إلى الزهري1، قال: "بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أوّل من قال لعمر: الفاروق؛ وكان المسلمون2 يأثرون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر في ذلك شيئاً"3. وعن النزَّال بن سَبْرة الهلالي4، قال: "وافقنا من علي بن أبي طالب طيب نفس، فقلنا: "يا أمير المؤمنين، حدّثنا عن عمر بن الخطاب، قال: قال امرؤ سماه الله الفاروق فرّق بين الحق والباطل، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم أعزّ الإسلام بعمر" 5. وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن ابن عمرو67 قال: "عمر سميتموه الفاروق أصبتم اسمه"8. وعن عبد الله بن عمرو قال: "عمر الفاروق أصبتم اسمه، يفرّق بين الحق والباطل"9. وقال أبو عبد الله بن سلامة في كتابه: (عيون المعارف) : "لقب

_ 1 محمّد بن مسلم. 2 في الأصل: (المسلمين) ، وهو سهو؛ لأن اسم كان مرفوعاً. 3 ابن سعد: الطبقات 3/270، ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 152، والطبري 4/195، وإسناده صحيح إلى الزهري، لكنه مرسل، وابن الجوزي: مناقب ص 19. 4 الكوفي، ثقة من الثانية. (التقريب ص 560) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 19، وانظر: ص 144. 6 في الأصل: (ابن عمر) ، وهو تحريف. 7 عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي. 8 أبو القاسم: سير السلف ص 140، أبو نعيم: معرفة الصحابة 1/211. 9 أبو نعيم: معرفة الصحابة 1/211، وأبو القاسم التيمي: سير السلف ص 155.

الفاروق لأنه أعلن بالإسلام، والناس يومئذٍ يخفونه، ففرّق بين الحقّ والباطل"1. قال: "اختلف فيمن سمّاه الفاروق: فروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "سمّاه2 رسول الله صلى الله عليه وسلم"3. وقال ابن شهاب4: "سمّاه به أهل الكتاب"، ذكر ذلك الطبري5، 6. وذكر ابن الجوزي في (التبصرة) وغيرها، وبعض من شرح (العمدة) وغيرهما أنه سمّي بالفاروق لإظهاره الإسلام، ولكونه فرّق بين الحق والباطل7. وسبق قول عمر رضي الله عنه في الباب قبله: "فسمّاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ الفاروق، وفرّق بين الحق والباطل"8. / [10 / أ] . وذكر البغوي9 عن الكلبي10 عن أبي صالح11 وابن عباس في قوله عزوجل:

_ 1 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / أ. 2 في الأصل: (سما) ، وهو تحريف. 3 الطبري: التاريخ 4/195، من طريق الواقدي، قال ابن الملقن: "وإسناده ضعيف"، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / أ. 4 الزهري. 5 محمّد بن جرير الطبري، صاحب التصانيف البديعة، كان أحدَ العلماء، ومن أفراد الدّهر، علماً وذكاءً، توفي سنة عشر وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 2/162، سير أعلام النبلاء (14/267) . 6 الطبري: التاريخ 4/195، من طريق الواقدي. 7 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / أ، ولم أجده في التبصرة. 8 سبق تخريجه ص 171. 9 الحسين بن مسعود البغوي، الشافعي، المُفسِّر، صاحب التصانيف البديعة، كـ: (شرح السنة) وغيره، توفي سنة ست عشرة وخمس مئة. طبقات الشافعية للسبكي 7/75، سير أعلام النبلاء (19/439) . 10 محمّد بن السائب الكلبي أبو النضر الكوفي، النسابة المفسر، متهم بالكذب، ورمي بالرفض، توفي سنة ست وأربعين ومئة. (تهذيب التهذيب9/157، التقريب ص 479) 11 باذام، بالذال المعجمة، ويقال: آخره نون، مولى أم هاني، ضعيف يرسل. (تهذيب التهذيب 1/364، التقريب ص 120) .

{أَلمَ تَر إِلَى الَّذِينَ يَزْعَمُونَ أَنَّهُم آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنْزِل مِن قَبْلَكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} [النساء: 60] ، الآية نزلت في رجل من المنافقين - يقال له: بشر - كان بينه وبين يهودي خصومة، فقال اليهودي: "تنطلق إلى محمّد"، وقال المنافق: "بل إلى كعب بن الأشرف، وهو الذي سمّاه الله الطاغوت، فأبى اليهودي أن يخاصمه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى المنافق ذلك تابعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى رسول الله لليهودي، فلما خرجا من عنده لزمه المنافق وقال: "انطلق بنا إلى عمر"، فأتيا عمر، فقال اليهودي: "اختصمت أنا وهذا إلى محمّد فقضى لي عليه، فلم يرضَ بقضائه، وزعم أنه مخاصم إليك"، فقال عمر للمنافق: "كذلك؟ "، قال: "نعم"، قال لهما: "رويدكما حتى أخرج إليكما"، فدخل عمر البيت، وأخذ السيف، واشتمل عليه، ثم خرج فضرب به المنافق حتى برد، وقال: "هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله، فنزلت هذه الآية". وقال جبريل: "إن عمر فرّق بين الحق والباطل"1.

_ 1 البغوي: تفسير البغوي (معالم السنن) 1/446، وأورده ابن كثير مختصراً: التفسير 2/304-305، وفيه الكلبي.

الباب الثالث عشر: ذكر هجرته إلى اللمدينة

الباب الثالث عشر: ذكر هجرته إلى اللمدينة ... الباب الثالث عشر: في ذكر هجرته إلى المدينة في الصحيح عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب قال: "كان فرضَ للمهاجرين الأوّلين أربعة آلاف في أربعة، وفرض لابن عمر ثلاث آلاف وخمس مئة. فقيل له: "هو من المهاجرين، فَلِمَ1 نقّصته من الأربعة آلاف؟ " فقال: "إنما هاجرَ به أبوه"2، يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه"3. وفيه عن أبي عثمان4 سمعت: ابن عمر إذا قيل له: هاجر قبل أبيه يغضب"، قال: "وقدمت5 أنا وعمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدناه قائلاً: فرجعنا إلى المنزل، فأرسلني عمر. فقال: "اذهب فانظر هل استيقظ"، فأتيته فدخلت عليه فبايعته، ثم انطلقت إلى عمر فأخبرته أنه استيقظ، فانطلقنا إليه نهرول هرولة، حتى دخل عليه فبايعه ثم بايعته"6. وفيه عن البراء بن عازب7، قال: "أوّل من قدمَ علينا مصعب بن عمير وابنُ أمّ

_ 1 قوله: (فلِمَ) غير واضح في الأصل. 2 في البخاري: (أبواه) ، قال ابن حجر: "وقد استشكل ذكر أبويه، فإن أمه زينب بنت مظعون كانت بمكة فيما ذكر ابن سعد". (فتح الباري 7/256) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1424، رقم: 3700. 4 عبد الرحمن بن مُلّ النَّهدي، مشهور بكنيته، مخضرم، ثقة، ثبت، عابد، توفي سنة خمس وتسعين، وقيل: بعدها. (التقريب ص 351) . 5 في الأصل: (قدمت) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1425، رقم: 3703. 7 الأنصاري، الأوسي، صحابي، ابن صحابي، نزل الكوفة، استصغِر يوم بدر. (التقريب ص 121) .

مكتوم1، وكانا يقرئان الناس، فقدم بلال وسعدٌ2 وعمار ابن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قدم النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلت الإماء يقلن: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فما قدم حتى قرأتُ: {سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} [الأعلى: 1] في سور من المُفَصَّل3. وذكر ابن الجوزي: "أن عمر لما أذنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى المدينة، جعل المسلمون يخرجون أرسالاً، يصطحبون الرجال فيخرجون، قال: عمر رضي الله عنه: "فخرجت أنا وعياش بن أبي ربيعة"4. وذكر عن البراء5 قال: "كان أوّلُ من قدِمَ المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير، وابنُ أم مكتوم، ثم قدم بلال وسعد وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"6. وذكر عن عقبة بن حُريث78، قال: "سمعت ابن عمر قال له رجل: "أنت هاجرت قبل عمر؟ " / [10 / ب] . قال: فغضب، قال: "لا بل هو هاجر

_ 1 عمرو بن قيس القرشي، أسلم قديماً، واستشهد بالقادسية. (الإصابة 4/284) . 2 ابن أبي وقاص الزهري. 3 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1428، رقم: (3710) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 20، ابن هشام: السيرة 2/131، وصرح ابن إسحاق بالسماع وسند متصل، والبزار كما في معجم الزوائد 6/61، وقال: (رواه البزار ورجاله ثقات) . والبيهقي: الدلائل 2/461، والسنن 9/13، 14، من طريق ابن إسحاق، فيكون الخبر صحيحاً من طريق ابن إسحاق. 5 ابن عازب. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 20، وسبق تخريجه أيضاً. 7 في الأصل: (الحرث) ، وهو تحريف. 8 عقبة بن حُريث التغلبي الكوفي، ثقة. (تهذيب التهذيب8/213، التقريب ص394) .

قبلي، وهو خير مني في الدنيا والآخرة"1. في الصحيح عن أبي موسى2 قال: "بلغنا مخرج النبي ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأَخَوانِ لي أنا أصغرهم، أحدُهما أبو بردة3، والآخر أبو رُهْمٍ4، إمّا قال: بضعاً وإما قال: في ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلاً من قومه، فركبنا سفينة، فألقتنا سَفينتُنا إلى النجاشيّ بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعاً، فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حينَ افتتح خيبر5، وكان أُناسٌ من الناسِ يقولون لنا - يعني لأهل السفينة - سبقناكم بالهجرة. ودخلت أسماء بنت عميس6، وهي ممن قدم معنا على حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم زائرة، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر، فدخل عمر على حفصة وأسماءُ عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: "من هذه؟ " قالت: "أسماء بنت عميس"، قال عمر: "آلحبشيّةُ هذهِ؟ آلبحرية هذه؟ " قالت أسماء: "نعم"، قال: "سبقناكم بالهجرة فنحن أحقّ برسول الله منكم". فغضبت، وقالت: (كلا والله كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا

_ 1 لم أجده. 2 عبد الله بن قيس الأشعري، صحابي مشهور، أمّره عمر ثم عثمان، توفي سنة خمسين. وقيل: بعدها. (التقريب ص 318) . 3 ابن قيس الأشعري، مشهور بكنيته. (الإصابة 7/17) . 4 ابن قيس الأشعري. (الإصابة 7/68-69) . 5 خيبر: لفظ خيبر بلسان اليهود: الحصن، وصار يطلق هذا الاسم على الولاية، وتشتمل على سبعة حصون ومزارع ونخيل كثيرة، فتحها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع من الهجرة، وتقع شمال المدينة بحوالي 164 كيلاً. (انظر: معجم البلدان 2/409، ونسب حرب ص 304، ومرويات غزوة خيبر ص 8) . 6 الخثعمية، صحابية، توفيت بعد عليّ. (التقريب ص 743) .

في دار - أو في أرض - البُعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيْمُ الله لا أطعمُ طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلت للنبي صلى الله عليه وسلم، ونحن كُنّا نؤذى ونخاف، وسأذكرُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأسأله، والله لا أكذبُ ولا أزيغ ولا أزيد عليه، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "يا نبي الله إن عمر قال: كذا وكذا؟، قال: "فما قلت له؟ "، قالت: قلت له: "كذا وكذا"، قال: "ليسَ بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرةٌ واحدةٌ، ولكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان"، قالت: "فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالاً، يسألونني عن هذا الحديث، ما مِنَ الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظمُ في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم"1. قال العلماء - رحمهم الله -: "تجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه في دار الحرب، وإن لم يعجز عن إظهار دينه لم تجب عليه، لكن الأفضل له الهجرة إلى بلد الخير والعبادة، وكذلك من يعجز عن إظهار السنة ببلد البدعة تجب عليه الهجرة"2. فإن قيل: "لا هجرة اليوم لقوله عليه السلام: "لا هجرة بعد الفتح" 3، وقول عائشة لما سئلت عن الهجرة فقالت: "مضت الهجرة لأهلها، واليوم يعبد الإنسان ربّه حيث كان"4. قيل: "المراد: لا هجرة من مكة إلى المدينة، لأن مكة كان كثر الإسلام

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1546، رقم: 3990/3992. 2انظر: ابن قدامة: المغني12/151ابن تيمية: الفتاوى18/240ابن كثير: التفسير 2/343. 3 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1567، رقم: 4057. 4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1416، رقم: 3687، بنحوه.

فيها، وارتفع الكفر منها، وكذلك قول عائشة يعني: مضت الهجرة من مكة إلى المدينة، وأما من حصل به عجز عن إظهار دينه في بلد غير مكة فإن الهجرة لم تنقطع في1 والله أعلم2/ [11 / أ] .

_ 1 مطموس في الأصل، بمقدار كلمة، ولم أتبين قراءته. 2 انظر: ابن قدامة: المغني 13/251، ابن حجر: فتح الباري 6/38-39، و7/229.

الباب الرابع عشر: منزله في المدينة

الباب الرابع عشر: منزله في المدينة ... الباب الرابع عشر: في ذكر منزله في المدينة ذكر ابن الجوزي عن عبيد الله بن عبد الله1، قال: "منزل عمر بالمدينة خطِّة2 من رسول الله صلى الله عليه وسلم"3 وفي حديث ابن عباس عن عمر قال: "كنت أنا وجارٌ لي من الأنصار في بني أمية بن زيد4، وهم من عوالي المدينة5، وكنا نتناوب النُّزول على النبي صلى الله عليه وسلم فينْزل يوماً وأنزل يوماً، فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر ذلك اليوم من الوحي أوغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك"،متفق عليه6.

_ 1 ابن عتبة الهُذلي، ثقة فقيه ثبت، توفي سنة أربع وتسعين، وقيل: سنة ثمان، وقيل: غير ذلك. (التقريب ص 372) . 2 في المناقب: (حظه) ، والمراد أنه أُقطع الأرض من رسول الله صلى الله عليه وسلم. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 20، ابن سعد: الطبقات 3/272، وفي إسناده الواقدي، وهو مرسل من مراسيل عبيد الله بن عبد الله. 4 ابن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس. (جمهرة أنساب العرب ص 334) . 5 العوالي: أعلى المدينة حيث يبتدأ وادي بطحان الذي صار يسمّى اليوم أبو جيدة أرض زراعية عامرة، بينها وبين المسجد النبوي أربعة أميال، وذلك أدناها وأبعدها ثمانية، وفيها الآن بعض البيوت العامرة، ويسكنها خليط من حرب، والنخلية. (معجم البلدان 4/166، ومعجم معالم الحجاز 6/186) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب النكاح، 5/1991، رقم: 4895 بأطوال، ومسلم: الصحيح، كتاب الطلاق 2/1111، رقم: 1479 بأطوال.

الباب الخامس عشر: من أخي النبي بينه وبينه

الباب الخامس عشر: من أخي النبي بينه وبينه ... الباب الخامس عشر: في ذكر من آخى النبي بينه وبينه ذكر ابن الجوزي عن محمّد بن إبراهيم1، قال: "آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -"2. وقال سعد بن إبراهيم3: "آخى بين عمر وبين عويم بن ساعدة"4، 5. وقال عبد الواحد بن أبي عون6: "آخى بين عمر وعتبان بن مالك7، 8. قال الواقدي: "ويقال: بين عمر ومعاذ بن عفراء"9، 10. عن عبد الله بن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأذنه في العمرة فأذن له وقال له: "يا أخي لا تنسنا من دعائك". وقال بعدُ في المدينة: "يا أخي

_ 1 ابن الحارث التيمي، ثقة، له أفراد، توفي سنة عشرين ومئة على الصحيح. (تهذيب التهذيب 9/6، التقريب ص 465) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 20، ابن سعد: الطبقات 3/272، وهو مرسل من مراسيل محمّد بن إبراهيم، وفي إسناده الواقدي. 3 ابن عبد الرحمن الزهري، ثقة، عابد، ولي قضاء المدينة، توفي سنة خمس وعشرين ومئة. (تهذيب التهذيب 3/405، التقريب ص 230) . 4 الأنصاري، الأوسي، شهد العقبة، وبدراً، توفي في خلافة عمر. (الإصابة 5/45) . 5 ابن سعد: الطبقات 3/272، هو مرسل من مراسيل سعد بن إبراهيم، وفي إسناده الواقدي. 6 المدني، صدوق يخطئ، توفي سنة أربع وأربعين ومئة. (التقريب ص 397) . 7 الأنصاري، الخزرجي، شهد بدراً، وتوفي في خلافة معاوية. (الإصابة 4/213) . 8 ابن سعد: الطبقات 3/272، وإسناده منقطع، وفيه الواقدي. 9 معاذ بن الحارث الأنصاري الخزرجي، شهد بدراً وشارك في قتل أبي جهل، توفي بعد ذلك. (الإصابة 6/107) . 10 ابن سعد: الطبقات 3/272، الواقدي متروك في الحديث.

أشركنا في دعائك"، قال عمر رضي الله عنه: "ما أحب أن لي بها ما طلعت عليه الشمس". لقوله: "يا أخي" 1. وعن سالم2 عن ابن عمر قال: "استأذن عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أخي أشركنا في صالح دعائك ولا تنسنا" 3. وفي حديث علي الآتي في آخر الكتاب4 الثامن والثمانون: "ما بال أقوام يذكرون أخوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه، وسيدي قريش، وأبوي الإسلام". يعني: أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما -5. فصل لا تناقض بين الأحاديث ويكون صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين كل أولئك في أوقات متعددة، فإنه ليس بممتنع أن يؤاخي بينه وبين كل أولئك في أوقات متعددة.

_ 1 أحمد: المسند 1/240، رقم: 195، وقال أحمد شاكر: (إسناده ضعيف، لضعف عاصم بن عبيد الله، أبو داود: السنن 2/80، رقم: 1498، ابن سعد: الطبقات 3/273، كلهم أخرجوه من حديث شعبة عن عاصم عن سالم عن عبد الله بن عمر، وعاصم بن عبيد الله ضعيف، قال البخاري: "منكر الحديث"، وقال ابن حبان: "وكان سيئ الحفظ كثير الوهم، فاحش الخطأ، فترك من أجل كثرة خطئه". (الضعفاء للبخاري رقم: 281، المجروحين 2/127، التقريب ص 285) . وقال الألباني: "ضعيف". (ضعيف الجامع الصغير 6/78، رقم: 6292) . 2 سالم بن عبد الله بن عمر. 3 أحمد: المسند 7/154، رقم: 5229، وقال أحمد شاكر: "إسناده ضعيف"، الترمذي: السنن 5/560، رقم: 3562، وقال: "هذا حديث حسن صحيح". ابن ماجه: السنن 2/966، رقم: 2894، وابن سعد: الطبقات 3/273، وأبو يعلى في مسنده 9/376، رقم: 5501، كلهم أخرجوه من حديث سفيان عن عاصم عن سالم، ومدار الحديث على عاصم وهو ضعيف. وقال الألباني: "ضعيف". (الجامع الصغير 6/98، قم: 6392. 4 المراد في آخر هذا الكتاب، الباب الثامن والثمانون. 5 يأتي تخريجه ص: 1013.

الباب السادس عشر: نزول القرآن بموافقته

الباب السادس عشر: نزول القرآن بموافقته ... الباب السادس عشر: في نزول القرآن بموافقته روى الترمذي عن نافع بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عزوجل جعل الحق على لسان عمر وقلبه". وقال ابن عمر: "ما نزل للناس أمر قط فقالوا فيه، وقال فيه عمر أو قال ابن الخطاب - شك خارجة - إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر". وقال: "حديث حسن صحيح، غريب من هذا الوجه"1. وقال ابن عبد البر: "ونزل القرآن بموافقته في أسرى بدر، وفي الحجاب، وفي تحريم الخمر، وفي مقام إبراهيم عليه السلام"2. وفي الصحيحين عن أنس3 قال: "قال عمر: وافقت الله تعالى في ثلاث، أو وافقني ربّي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله تعالى ذلك، وقلت: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله تعالى آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه، فدخلت عليهن، قلت: إن انتهيتنّ أو ليبدلنّ الله

_ 1 الترمذي: السنن 5/280، طبعة دار الفكر، المزي: تحفة الأشراف 6/94، وأحمد: المسند 8/60، رقم: 5697، وفضائل الصحابة 1/250، رقم: 313، وإسنادهما حسن. عن عبد الملك عن نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم عن نافع وإسنادهم حسن، وصححه أحمد شاكر (المسند 7/132، و8/60) . والألباني في صحيح الجامع الصغير 1/358، رقم: 1736. وسيأتي في ص 223، 224، عن أبي ذر، وأبي هريرة، وابن عمر. 2 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1147. 3 ابن مالك الأنصاري الخزرجي.

رسوله خيراً منكن، حتى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر، أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه، حتى تعظهن أنت؟، فأنزل الله: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ} ، [التحريم: 5] ، الآية"1. / [11 / ب] . وعن أنس قال: "قال عمر: اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنْكُنَّ} [التحريم: 5] ، فنزلت هذه الآية"2. وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: "لما توفي عبد الله بن أبيّ، جاء ابنه عبد الله3 إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله أتصلي عليه، وقد نهاك ربّك أن تصلي عليه؟ "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّما خيرني الله فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: 80] ، وسأزيده على السبعين". قال: "إنه منافق، قال: وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عزوجل: {وَلاَ تُصُلِّ عَلَى أَحْدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] 4.

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1629، رقم: 4213، ومسلم من طريق ابن عمر مختصراً، ولم أجده من أنس. (صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة 41865) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1869، رمق: 4632. 3 عبد الله بن عبد الله الأنصاري الخزرجي، شهد بدراً والمشاهد، وقتل باليمامة شهيداً. (الإصابة 4/96) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1715، رقم: 4393. مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1865، رقم: 2400.

وفي رواية: "أتصلي عليه وهو منافق، وقد نهاك الله أن تستغفر لهم؟ "، قال: "إنما خيّرني الله - أو خبرني1 الله - فقال: {اسْتِغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ الله لَهُمْ} [التوبة: 80] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وسأزيده على سبعين"، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلّينا معه، ثم أنزل الله عليه: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحْدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] 2. وفي رواية عن ابن عباس وعن عمر أنه قال: "لما مات عبد الله بن أبي سلول، دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، وثبت إليه، فقلت: رسول الله، أتصلي على ابن أبي؟ وقد قال يوم كذا: كذا وكذا، قال: أُعَدِّدُ عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "أخِّر عني يا عمر"، فلما أكثرت عليه، قال: "إني خُيّرت فاخترت، فلو أعلم أني إن زدتُ على السبعين يغفر له لزدت عليها"، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيراً، حتى نزلت الآيتان من براءة: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحْدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً} إلى قوله: {وَهُمْ فَاسِقُونَ} ، [التوبة: 80] ، والله ورسوله أعلم"3. وعن عروة بن الزبير4 عن عائشة - رضي الله عنها - قال: "كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحجب نساءك"، قالت: فلم يفعل، قالت: وكان أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجن ليلاً إلى ليل قبل المناصع5، فخرجت

_ 1 في البخاري: (أخبرني) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1716، رقم: 4395. 3 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1715-1716، رقم: 4394. 4 الأسدي، ثقة، فقيه، مشهور، توفي سنة أربع وتسعين على الصحيح. (التقريب ص 389) . 5 المناصع: المجالس. أو مواضع يُتخلَّى فيها لبولٍ أو حاجة. (القاموس ص 991) .

سودة1 - وكانت امرأة طويلة -، فرآها عمر - وهو في المسجد - فقال: "قد عرفناك يا سودة". حرصاً على أن ينزل الحجاب فأنزل الله عزوجل الحجاب"2. وذكر ابن الجوزي عن عمر قال: "وافقت ربّي عزوجل في ثلاث: في الحجاب، والأسارى، وفي مقام إبراهيم عليه السلام"3. وعن أبي وائل4 قال: قال عبد الله5: "فضل الناسَ عمر بن الخطاب بأربع: بذكر الأسارى يوم بدر، أمرَ بقتلهم، فأنزل الله عزوجل: {لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ الله سَبَقَ لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68] ، وبذكر الحجاب أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن فقالت له زينب6: "وإنك علينا يا ابن الخطاب، والوحي ينزل في بيوتنا!! ". فأنزل الله عزوجل: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] ، وبدعوة النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أيّد الإسلام بعمر". وبرأيه في أبي بكر، كان أوّل الناس بايعه"7.

_ 1 سودة بنت زمعة القرشية العامرية أم المؤمنين، توفيت بالمدينة في شوال سنة أربع وخمسين. (ابن سعد: الطبقات 8/52-58، سير أعلام النبلاء (2/265) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب الاستئذان 5/2303، رقم: 5886، مسلم: الصحيح بنحوه كتاب السلام 4/1709، رقم: 2170. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 22، والحديث أخرجه مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1865، رقم: 2399. 4 شقيق بن سَلَمة الأسدي، قثة، مخضرم، توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز. (التقريب ص 268) . 5 ابن مسعود. 6 زينب بنت جَحش الأسدية، أم المؤمنين، توفي سنة عشرين. (التقريب ص 747) . 7 أحمد: المسند 6/168، والبزار كما في كشف الأستار 3/175، والطبراني كما في مجمع الزوائد 9/67، وكلهم من طريق أبي نهشل عن أبي وائل. وأبو نهشل: قال الذهبي: (لا يعرف) ، وقال الحافظ: (ذكره ابن حبان في الثقات) ، وذكره البخاري ولم يذكر فيه ضعفاً. (الكنى: للبخاري ص: 77، ميزان الاعتدال 4/581، تعجيل المنفعة ص 342) . قال الهيثمي: "رواه أحمد والبزار الطبراني، وفيه أبو نهشل ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". (مجمع الزوائد 9/67) . قال أحمد شاكر: "وإسناده حسن".

وعن عائشة - رضي الله عنها - قال: "كنت آكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيساً1، فمر عمر فدعاه فأكل، فأصاب يده إصبعي، فقال: "لو أطاع ما أرى فيكن2 ما رأتكن عين"، فنزلت آية الحجاب"3. / [12/أ] . وذكر أبو القاسم الأصفهاني في (سيرة السلف) عن عمر رضي الله عنه: "وافقت ربّي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي أسارى بدر"4. قال عمر رضي الله عنه: "لما كان يوم بدر وهزم الله المشركين فقتل منهم سبعون وأسر سبعون، استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً، فقال لي: "ما ترى يا ابن الخطاب؟ "، فقلت: أرى أن تمكنني من فلان - قريب لعمر - فأضرب عنقه، وتمكن عليّاً من عقيل5 فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان فيضرب عنه، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم، وقادتهم، فلم يهوَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت،

_ 1 الحيس: الخلط، وتمر يخلط بسمن وأقط، يعجن شديداً، ثم يندر منه نواه، وربما جعل فيه سويق. (القاموس ص 696) . 2 في تفسير ابن كثير، والمناقب (لو أطاع فيكن ما رأتكن) . 3 أخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 6/45، وإسناده حسن، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 22. 4 أبو القاسم: سير السلف 134، وسبق تخريجه ص 189. 5 عقيل بن أبي طالب الهاشمي، أسلم عام الفتح، وتوفي في أول خلافة يزيد. (الإصابة 4/255) .

فأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغد غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر، وهما يبكيان، فقلت: يا رسول الله! ما يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "للذي عَرَضَ عليّ أصحابك: من الفداء، لقد عُرض عليّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة" - لشجرة قريبة - فأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} ، إلى قوله: {عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 67] ، فلما كان من العام المقبل قتل منهم سبعون، وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكُسِرَت رباعيته1، وهشمت البيضة2 على رأسه، وسال الدم على وجهه، وأنزل الله تعالى: {أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أََصَبْتُم مِّثْلَيهَا قُلْتُم أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفِسِكُم} ، بأخذكم الفداء {إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شِيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 165] 3.

_ 1 الربّاعية: السِّنّ التي بين الثَّنَّية والناب. (القاموس ص 929) . 2 البَيْضة: الخُوذة؛ سميت بذلك لأنّها على شكل بيضة النعام. (لسان العرب 7/125) . 3 أخرجه أحمد: المسند 1/250، رقم: 221، وصحّحه أحمد شاكر، وأخرجه بنحوه مسلم: الصحيح، كتاب الجهاد والسير 3/1385، رقم: 1763.

الباب السابع عشر: قول النبي صلى الله عليه وسلم في فضله في الصحيحين

الباب السابع عشر: قول النبي صلى الله عليه وسلم في فضله في الصحيحين ... الباب السابع عشر: في قول النبي صلى الله عليه وسلم في فضله في الصّحيحين عن أبي هريرة1 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما راعٍ في غنمه، عدا عليه الذّئب فأخذ منها شاةً، فطلبها حتى استنقَذَها، فالتفت إليه الذئب فقال له: من لها يوم السَّبْع2، ليس لها راعٍ غيري؟ "، فقال الناس: "سبحان الله"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإني أومن به وأبو بكر وعمر وما ثم أبو بكر وعمر"، هذا لفظ البخاري3. هو لمسلم4 من طرق5، ومن هذا الطريق لم يسق الحديث6،إلا أنه لما ذكر الحديث الآتي بطوله، ثم ذكر طريق عقيل7 عن ابن شهاب8 قال: لم يذكر قصة البقرة9.

_ 1 عبد الرحمن بن صخر الدوسي الصحابي الجليل، حافظ الصحابة، توفي سنة سبع وخمسين. (التقريب ص 681) . 2 انظر: 259، فقد تكلّم المؤلّف عنه. 3 البخاري في الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1349، رقم: 3487. 4 مسلم بن الحجاج القشيري: النيسابوري، ثقة حافظ إمام مصنف عالم بالفقه. توفي سنة إحدى وستين ومئتين. (التقريب ص 529) . 5 مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1857-1858، رقم: 2388. 6 يريد طريق الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن قالا: سمعنا أبا هريرة. . . 7 عقيل بن خالد الأيلي، الأموي مولاهم، ثقة ثبت، توفي سنة أربع وأربعين ومئة، على الصحيح. (التقريب ص 396) . 8 محمّد بن مسلم. 9 مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1858.

وهو في الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يرعى غنماً له إذ جاء الذئب فأخذ شاة فجاء صاحبها فانتزعها منه، فقال الذئب: "كيف تصنع بها يوم السَّبْع يوم لا راعٍ لها غيري؟ "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فآمنت بذلك أنا وأبو بكر وعمر"، قال أبو سلمة: "وما هما في القوم يومئذ"1. وفي الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينما راعٍ في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي فالتفت إليه الذئب فقال: "من لها يوم السّبْع، يوم ليس لها راعٍ غيري؟ "، وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، فالتفت إليه فكلّمته، فقالت: "إني لم أخلق لهذا، ولكني خلقت للحرث"، فقال الناس: "سبحان الله"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر"، هذا لفظ البخاري2 ولفظ مسلم: "بينما رجل يسوق بقرة له، قد حمل عليها، التفت إليه البقرة فقالت: "إني لم أخلق لهذا، ولكني إنما خلقت للحرث". فقال الناس: "سبحان الله! تعجباً وفزعاً أبقرة3 تكلَّم؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإني أومن به وأبو بكر وعمر". قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة، فطلبها الراعي حتى استنقذها منه، فالتفت إليه الذئب فقال له: "من لها يوم السبع، يوم ليس لها راع غيري؟ "، فقال الناس: "سبحان الله،

_ 1 الترمذي: السنن 5/623، رقم: 3695، وإسناده صحيح، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وصحّحه الألباني. (صحيح سنن الترمذي 1/207) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1339، رقم: 3463. 3 في الأصل: (لبقرة) ، وهو تحريف.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر" 1. وفي رواية: "وما هما ثَمَّ" 2. وله في الصّحيحين عدّة طرق3. وفي صحيح البخاري عند عبد الله بن هشام4 قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب"5. ويأتي قول النبي صلى الله عليه وسلم: "قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد منهم فعمر" 6. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجّاً إلا سلك فجّاً غير فجّك "7. وقوله صلى الله عليه وسلم: "إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس فرّوا من عمر" 8. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة" 9. عن أنس بن مالك قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ذات يوم: "من شهد

_ 1 مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1857، 1858، رقم: 2388. 2 مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1858. 3 البخاري: الصّحيح، رقم: 2324، 3471، 3663، 3690، مسلم: الصّحيح 4/1857- 1858. 4 ابن زُهرة التيمي، صحابي صغير، توفي في خلافة معاوية. (الإصابة 4/137-138، التقريب ص 327) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1351، رقم: 3491. 6 سيأتي تخريجه ص 930، 931، 932. 7 سيأتي تخريجه ص 307، 314. 8 سيأتي تخريجه ص 311. 9 سيأتي تخريجه ص 235.

منكم1 جنازة؟ "، قال عمر: "أنا"، قال: "من عاد مريضاً؟ "، قال عمر: "أنا"، قال: "من أصبح صائماً؟ "، قال: "أنا"، قال: "وَجَبت وجبت" 2. ويأتي حديث أبي موسى وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ائذن له وبشره بالجنة" - يعني: عمر رضي الله عنه -"3. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يطلع من تحت هذا الصّور4 رجل من أهل الجنّة فطلع عمر" 5. وسبق قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: "يا أخي أشركنا في صالح دعائك" 6. ويأتي قوله: "عمر سراج أهل الجنة" 7، 8. / [13 / ب] . وذكر ابن الجوزي عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه يقول به" 9.

_ 1 في الأصل: (منهم) ، وهو تحريف. 2 أحمد: المسند 3/118، والبزار كما في كشف الأستار 1/489، وفي إسنادهما سلمة بن وردان وهو ضعيف. قال أحمد: "منكر الحديث ضعيف الحديث"، وقال ابن معين: "ليس بشيء". وضعّفه ابن أبي حاتم، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان. (الجرح والتعديل 4/174، المجروحين 1/336، تهذيب التهذيب 4/140) ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/163: "رواه أحمد والبزار وفيه سلمة بن وردان وهو ضعيف". 3 سيأتي تخريجه ص 360. 4 الصّور: الجماعة من النّخل لا واحد له من لفظه ويجمع على صيران. (النّهاية3/59، القاموس ص: 548) . 5 سيأتي تخريجه ص 341. 6 سبق تخريجه ص 210. 7 سيأتي تخريجه ص 231، 233. 8 ق 13 / أبياض من أصل المخطوطة، وليس ثمة نقص، فالكلام متصل بالمخطوطة. 9 ابن الجوزي: مناقب ص 26، والحديث أخرجه أحمد: المسند 5/145، 165، 177، وأبو داود: السنن 3/139، رقم: 2962، وابن سعد: الطبقات 2/335، وابن ماجه: السنن 1/40، رقم: 108، والفسوي في تاريخه 1/461، والبلاذري: أنساب الإشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 15، وهو حديث صحيح، وقد صحّحه الألباني، صحيح الجامع الصغير 1/358.

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" 1. وعن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" 2. وعن ابن عباس عن أخيه الفضل3 - رضي الله عنهم - قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عمر بن الخطاب معي حيث أحب وأنا معه حيث يحب، الحق بعدي مع عمر بن الخطاب حيث كان" 4. وعن الأسود بن سَريع5 قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: قد حَمِدْتُ ربّي بمحامد ومَدْح، وإياك، فقال: إن ربك يحب الحمد"، فجعلت أنشده،

_ 1 أحمد: المسند 18/25، وفي إسناده عبد الله العمري وهو ضعيف والجهم بن أبي الجهم ذكره ابن حبان في الثقات (تعجيل المنفعة ص 53، والتقريب رقم: 314) ، والبزار كما في كشف الأستار 3/174، وقال الهيثمي: (رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط ورجال البزار رجال الصحيح غير الجهم بن أبي الجهم وهو ثقة) . مجمع الزوائد 9/66) . وقد صحّحه الألباني في صحيح الجامع الصغير 1/358، رقم: 1736، ومشكاة المصابيح رقم: 6033، 6064، وقد مرّ عن أبي ذر وابن عمر. 2 سبق تخريجه ص 185. 3 الفضل بن العباس الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم استشهد في خلافة عمر. (الإصابة 5/212) . 4 أخرجه بأطوال الطبراني: المعجم الكبير 18/280، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/26، وقال: "رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وأبو يعلى بنحوه، وفي إسناد الطبراني من لم أعرفه". 5 التميمي، السعدي، صحابي نزل البصرة، توفي في أيام الجَمَل، وقيل سنة اثنتين وأربعين. (الإصابة 1/43، التقريب ص 111) .

فاستأذن رجل طوال أصلع، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسكت"، فدخل فتكلم ساعة ثم خرج، فأنشدته ثم جاء؛ فسكتني النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرج، ففعل ذلك مرتين أو ثلاثاً، فقلت: "يا رسول الله من هذا الذي أسكتني له؟ "، فقال: "هذا عمر، هذا رجل لا يحب الباطل" 1. وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة23 - رضي الله عنهما - عن الأسود التميم ي، قال: "قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أنشده، فدخل رجل طوال أقنى"4، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسك" فلما خرج قال: "هات"، قلت: من هذا يا نبي الله الذي إذا جاء قلت: أمسك، وإذا خرج قلت: هات؟ قال: "هذا عمر بن الخطاب" 5.

_ 1 أبو نعيم: الحلية 1/46، من طريق حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن عليّ ابن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن الأسود. وأخرجه بنحوه من طريق حماد سلمة عن علي بن زيد، أحمد بن حنبل (المسند 3/435) ، والمقدسي في أحاديث الشعر ص 77. وعلي بن زيد ضعيف. (التقريب رقم: 4734) ، لكن تابع عليّاً الزهري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة فيما أخرجه الطبراني 1/265، وأبو نعيم في الحلية 1/46، وهو الحديث الآتي، فيكون الحديث حسناً لغيره. 2 في الأصل: (أبي بكر) ، وهو تحريف. 3 عبد الرحمن بن أبي بكرة: نفيع بن الحارث الثقفي البصري، ثقة، توفي سنة ست وتسعين. (التقريب ص 337) . 4 الأقنى: من الأنوف والجمع قُنْوٌ، وهو ارتفاع في أعلاه بين القصبة والمارن من غير فج. (لسان العرب 15/203) . 5 الطبراني: المعجم الكبير1/287، وأبو نعيم: الحلية1/46، والحاكم: المستدرك3/615. وقال: "صحيح الإسناد". فتعقبه الذهبي بقوله: "معمر له مناكير". وذكر الهيثمي وقال: "ورجالهما ثقات وفي بعضهم خلاف". (مجمع الزوائد 9/66) ، قلت: في إسناده معمر بن بكار السعدي، قال العقيلي: "في حديثه وهم لا يتابع على أكثره". وقال الذهبي: "صحيح". (الضعفاء 4/207، ميزان الاعتدال 4/153) .

وعن الحسن عن الأسود قال: "كنت أنشده - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - ولا أعرف أصحابه، حتى جاء رجل بعيد ما بين المنكبين أصلع، فقيل: "اسكت"، فقلت: واثكلاه من هذا الذي أسكت له عند النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقيل: عمر بن الخطاب، فعرفت والله بعد أنه كان يهون عليه لو سمعني أن لا يكلمني حتى يأخذ برجلي فيجرني إلى البقيع"12. فإن3 قال قائل: "كيف / [14 / أ] تسمى ما يسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم باطلاً وهو محاشى عن4 الباطل؟ قال ابن الجوزي: "الجواب أنه لما كان الشعراء - كما قال الله عزوجل - {فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} ، [الشعراء: 225] . ويجئ منهم ما يصلح وما لا يصلح، وقال هذا الشاعر للنبي صلى الله عليه وسلم: "إني قد حمدت ربي بمحامد سمع منه، فلو قد ذكر في قصي دته ما لا يصلح لأنكره عليه برفق، كما أنكر على نساء قلن:

_ 1 البقيع: مقبرة أهل المدينة شرقي المسجد النبوي. (معجم البلدان 1/473، ومعجم معالم الحجاز 1/244) . 2 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 1/65، رقم: 0، 819، وأبو نعيم في الحلية 1/47، وأحمد مختصراً فيما أخرجه المقدسي في أحاديث الشعر ص 79، مع أن ابن المديني قال في كتابه: العلل ص 55، "والحسن عندنا لم يسمع من الأسود؛ لأن الأسود خرج من البصرة أيام علي وكان الحسن بالمدينة". ولكن لا شك في سماعه بعد تصريحه عند جمهور المحدثين. (وانظر: حاشية أحمد شاكر على صحيح ابن حبان 1/299) . 3 قوله: (فإن) ، سقط من الأصل. 4 في الأصل رسمها: (محاسبي على) ، وهو تحريف.

"وفينا نبيّ يعلم ما في غدِ"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقلن هذا" 1، فخاف أن يسمع من ذلك عمر ليقابله بأفحش الإنكار، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرفق منه في باب الإنكار باللطف". وأجيب عن ذلك بأنه في حال إنشاده لم يقع منه ذلك لكن تخوف النبي صلى الله عليه وسلم أن يقع منه في حال حضرة عمر. وعن أبي قلابة2 عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أشد أمتي في الله عمر" 3. وعن سعيد بن جبير4 عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: "جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أقرئ عمر السلام، وأخبره: أن رضاه عز وغضبه حكم" 5.

_ 1 أخرجه بنحوه البخاري: الصحيح، كتاب المغازي4/1469، 1470، رقم: 3779. 2 عبد الله بن زيد الجرمي، ثقة، فاضل، كثير الإرسال، توفي سنة أربع ومئة. (تهذيب التهذيب5/197، التقريب ص 304) . 3 أخرجه ابن سعد بسند صحيح (الطبقات 3/291) ، والبلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 223، وأورده محب الدين الطبري: الرياض النضرة 1/303، وابن كثير: البداية والنهاية 4/138، وابن الجوزي: مناقب ص 28. 4 الأسدي: ثقة ثبت فقيه، قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين. (التقريب ص234) 5 الطبراني: المعجم الكبير 12/60، وفي إسناده خالد بن يزيد العمري، كذّبه أبو حاتم ويحيى، قال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات". وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 9/69، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه خالد ابن يزيد العمري، وهو ضعيف) . قال الألباني: (موضوع، وقول الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط لعله سهو، أو خطأ من الناسخ، وإلا فهو في الكبير) . (الأحاديث الضعيفة 4/183) .

وعن عاصم بن ضمرة1 عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا غضب عمر فإن الله يغضب إذا غضب" 2. وعن أبي شَهْر3 عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت إذا كنت في أربعة أذرع في ذراعين، ورأيت منكراً ونكيراً؟ " قال: قلت: "يا رسول الله، وما منكر ونكير؟ "، قال: "فتّانا القبر يبحثان التراب بأنيابهما، ويطآن في أشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهم كالبرق الخاطف، معهما مرزبة4 لو اجتمع عليها أهل الأرض لم يطيقوا رفعها، هي أيسر عليهما من عصاي هذه"، قال: قلت: "يا رسول الله، وأنا على حالتي هذه؟ " قال: "نعم". [قلت] 5: "إذاً أكفيكهما"6، 7. ويأتي قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لوكان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب" 8. وعن أبي سعيد9 قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم / [14 / ب]

_ 1 السلولي، الكوفي، صدوق، توفي سنة أربع وسبعين. (التقريب ص 285) . 2 أورده ابن الجوزي: مناقب ص 28، والمحب الطبري: الرياض النضرة 1/320. 3 أبو شهر عن عمر. (ميزان الاعتدال 4/537) . 4 المرزبة: عصية من حديد. (القاموس ص 114) . 5 سقط من الأصل. 6 في الأصل: (أكفيهما) . 7 الذهبي: ميزان الاعتدال 4/167، 168، وفي إسناده أبو شهر قال الذهبي: "أبو شهر، العمري، وعنه ابن أبي خالد بخبر منكر في منكر ونكير لا يعرف"، وفيه أيضاً مفضل بن صالح، قال البخاري: "منكر الحديث". (ميزان الاعتدال4/167، 537) . وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 28، 29. 8 سيأتي تخريجه ص 936. 9 سعد بن مالك الأنصاري، الخضري، له ولأبيه صحبة، توفي سنة ثلاث - أو أربع أو خمس - وستين. (التقريب ص 232) .

لجبريل عليه السلام: "أخبرني بفضائل عمر عندكم في السماء، فقال: يا محمّد لو مكثت معك ما مكث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ما حدّثتك بفضيلة واحدة من فضائل عمر، وإن عمر لحسنة من حسنات أبي بكر"، ذكره ابن الجوزي1. وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عمار أتاني جبريل عليه السلام آنفاً فقلت: يا جبريل! حدّثني بفضائل عمر بن الخطاب في السماء، فقال لي: يا محمّد لو حدّثتك بفضائل عمر في السماء مثل ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، ما نفدت فضائل عمر، وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر" 2.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص29، ابن عساكر: تاريخ دمشق 13/ ق 29/ب، وفي إسناده داود بن سليمان ضعيف جداً، وأشار إليه ابن عراق في تنزيه الشريعة1/346، وقال: "أخرجه ابن عساكر من طريق داود بن سليمان"، قال الأزدي: "خراساني ضعيف جداً، وفيه غيره ممن ينظر في حاله"، وذكر السيوطي في اللآلئ 1/303، 304، ثم قال: "وبالجملة أصحها إسناداً حديث عمار"، ومع ذلك قال الذهبي في الميزان: "إنه خبر باطل". 2 أخرجه ابن عرفة في جزئه ص 60، وأبو يعلى في مسند 3/179، والقطيعي في زيادته على الفضائل لأحمد 1/429، وابن عدي: الكامل 7/2541، وابن الجوزي: العلل المتناهية 1/189، 190، وابن بلبان: تحفة الصديق 106، 107، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات 1/231، وقال: قال أحمد: "هذا حديث موضوع". وأورده الذهبي في ترجمة الوليد بن الفضل، وقال: "وإسماعيل هالك والخبر باطل". (الميزان 1/238، 4/343) . والهيثمي في مجمع الزوائد 9/68، وقال: "رواه أبو يعلى، والطبراني في الكبير والأسوط وفيه الوليد بن الفضل العنزي، وهو ضعيف جداً". وابن عراق في تنزيه الشريعة 1/364، وقال: "وفيه إسماعيل بن عبيد البصري". قلت: اجتمع في إسناد هذه الحديث الوليد بن الفضل وهو متروك وإسماعيل بن عبيد البصري، قال الذهبي: "ضعّفه الأزدي له عن حماد بن أبي سليمان في فضل عمر وهو باطل". (الميزان 1/238، 4/343، المجروجين 3/82، اللسان 1/420، 6/225) .

وذكره الشيخ موفق الدين1 عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عمار أتاني جبريل عليه السلام آنفاً فقلت له: "يا جبريل حدّثني بفضائل عمر بن الخطاب في السماء"، فقال: "يا محمّد لو حدّثتك بفضائل عمر بن الخطاب في السماء ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ما نفدت فضائل عمر، وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر - رضي الله عنهما -" 2. وذكر ابن الجوزي عن سالم3 عن أبيه قال: "رأى النبي صلى الله عليه وسلم على عمر ثوباً - وفي رواية قميصاً - أبيض فقال: "أجديد ثوبك هذا أم غسيل؟ "، قال: "بل غسيل"، فقال: "البس جديداً، وعش حميداً، ومت شهيداً" 4.

_ 1 عبد الله بن أحمد المقدسي. 2 ابن قدامة المقدسي: منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين ق / ب، وفي إسناده الوليد بن الفضل العنزي وهو متروك، وقد سبق تخريجه في الحديث الذي قبله. 3 سالم بن عبد الله بن عمر. 4 أحمد: المسند 8/20، ابن ماجه: السنن 2/1178، وابن السني: عمل اليوم والليلة رقم: 262، قال البوصيري في مصباح الزجاجة 3/146: "إسناده صحيح". والحسين بن مهدي الأيلي، ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه ابن خزيمة في صحيحه، وباقي رجال الإسناد لهم في الصحيحين. قال الحافظ في نتائج الأفكار: "هذا حديث حسن غريب، ورجال الإسناد رجال الصحيح، لكن أعله النسائي فقال: "هذا حديث منكر، أنكر يحيى القطان على عبد الرزاق"، قال النسائي: "وقد روى أيضاً عنه متصلاً - يعني: الزهري - وروي عنه مرسلاً"، قال: "وليس هذا من حديث الزهري"، قال الألباني: "وقد وجدت له شاهداً مرسلاً، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد الله بن إدريس عن أبي الأشهب عن رجل بنحو رواية أحمد. وأبو الأشهب اسمه: جعفر بن حيان العطاردي، وهو من رجال الصحيح، وسمع من كبار التابعين، وهذا يدل على أن للحديث أصلاً، وأقل درجاته أن يوصف بالحسن". (نقلاً عن الصحيحة للألباني 1/620، رقم: 352) .

وروى أبو القاسم الأصفهاني في (سيرة السلف) بسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة" 1. وعن أنس بن مالك قال: "أتى جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أقرئ عمر بن الخطاب السلام، وأعلمه أن غضبه عزّ وأن رضاه عدل" 2. وعن أبي الأشهب3 قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم / [15 /] على عمر ثوباً غسيلاً، فقال: "البس جديداً، وعش حميداً، ومت شهيداً، ويعطيك الله قرة عين في الدنيا والآخرة" 4. وروى الشيخ موفق الدين في: (كتاب المنهاج) عن عليّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "رحم الله أبا بكر زوجّني ابنته، وأعتق بلالاً من ماله، وحملني إلى دار الهجرة، رحم الله عمر يقول الحق وإن كان مرّاً، تركه الحق

_ 1 أبو القاسم: سير السلف 151، وفي إسناد عبد الله بن إبراهيم الغفاري متروك، والحديث أخرجه ابن عرفة في جزئه 44، والقطيعي في زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 1/428، وابن عدي في الكامل 4/1507، وأورد الذهبي في الميزان في ترجمة الغفاري فقال: "وذكر له ابن عدي الحديثين اللذين في جزء ابن عرفة في فضل أبي بكر وعمر، وهما باطلان". (ميزان الاعتدال 3/388) . ورواه البزار كما كشف الأستار 3/174، وقال الهيثمي: "رواه البزار وفيه عبد الله ابن إبراهيم الغفاري وهو ضعيف". (مجمع الزوائد 9/74) . وأخرجه أبو نعيم في الحلية 6/333، من طريق الواقدي عن أبي هريرة، وأورده في ضعيف الجامع 4/54، قال: "موضوع". 2 ابن عدي: الكامل 1/361، الأصبهاني: سير السلف 1/154، وذكره الهندي في الكنْز 13/603، ونسبه ابن عدي وابن عساكر، قال ابن عدي: "هذا الحديث لم يوصله عن يعقوب غير إبراهيم بن رستم، ورواه جماعة عن يعقوب بن جعفر عن سعيد بن جبير مرسلاً". (الكامل 1/361) . وقد مر عن ابن عباس ص 227. 3 جعفر بن حيان السعدي، ثقة، توفي سنة خمس وستين ومئة. (التقريب ص 551) . 4 ابن سعيد: الطبقات3/329، ابن أبي شيبة: المصنف8/453، والدولابي: في الكنى ص 109، كلهم عن أبي الأشهب مرسلاً. وقد مرّ عن سالم عن عبد الله بن عمر ص231.

وماله من صديق، رحم الله عثمان تستحييه الملائكة، رحم الله عليّاً أدار الحق معه حيث ما دار" 1. وذكر ابن الجوزي من حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عمر سراج أهل الجنة" 2. ومن حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أشد أمتي في أمر الله عمر" 3. وروى أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيّان المعروف بـ: (أبي الشيخ4) في (عواليه) عن [سلمة بن] 5 وردان6 قال: "سمعت أنس

_ 1 ابن قدامة: منهاج القاصدين 16/ب، والحديث أخرجه الترمذي: السنن 5/633، ابن أبي عاصم: السنة 2/577، أبو نعيم: معرفة الصحابة 1/124، وفضائل الخلفاء الأربعة 14/ب، ابن حبان: المجروحين 3/10، الحاكم: المستدرك 3/72، ابن عدي: الكامل 6/437، والعقيلي: الضعفاء 4/210-211، كلهم من طريق المختار بن نافع، قال البخاري والنسائي وأبو حاتم: "منكر الحديث"، وقال النسائي أيضاً: "ليس بثقة". (تهذيب التهذيب 1/69، 70) . وقال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه، والمختار بن نافع شيخ بصري كثير الغرائب"، وصحّح الحاكم على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي فقال: "كذا قال، ومختار ساقط، قال النسائي وغيره: ليس بثقة". وأورده ابن الجوزي في العلل المتناهية 1/253، 254، ثم قال: "هذا الحديث يعرف بمختار"، قال البخاري: "هو منكر الحديث". وذكره أبو الفضل محمّد بن طاهر المقدسي في كتابه: (معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعة ص 154) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 28، والحديث سبق تخريجه ص 231. 3 سبق تخريجه ص 227. 4 محدّث أصبهان، صاحب التصانيف، العظيمة، والسنن، وغيرها توفي سنة تسع وستين وثلاث مئة. (أخبار أصبهان 2/90، سير أعلام النبلاء 16/276) . 5 سقط من الأصل. 6 سلمة بن وردان الليثي، ضعيف، توفي سنة بضع وخمسين ومئة. (التقريب ص 248) .

بن مالك رضي الله عنه يقول: "سأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه: "من أصبح صائماً اليوم؟ "، فقال عمر: "أنا"، قال: "من تصدق اليوم؟ "، قال عمر: "أنا) ، قال: "فمن عاد مريضاً؟ "، قال عمر: "أنا"، قال: "فمن شيع جنازة؟ "، قال عمر: "أنا"، قال: "وجبت لك"، يعني: الجنة" 1. وروى أبو الحسن عليّ بن محمّد بن الحسن بن شاذان السُّكَّري2 عن صدقة بن المثنى النخعي3، قال: حدّثني جدّي رياح بن الحارث4، قال: "كنت قاعداً عند المغيرة بن شعبة5 في مسجد الكوفة، وعنده أهل الكوفة، فجاء سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه فرحب به المغيرة وحيّاه، وأقعده عند رجله على السرير، فجاء رجل / [15 / ب] من أهل الكوفة، يقال له: قيس بن علقمة فاستقبله فسبَّ وسبَّ، فقال سعيد: "يا مغيرة ألا أرى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسبُّون عندكم ثم لا تُغيِّر ولا تُنْكر؟!، أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - "وإني لغني أن أقول ما لم يقل فيسألني عنه إذا لقيته" -: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعليّ في الجنة، وعثمان في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وتاسع المسلمين في الجنة لو شئتُ سمَّيتُه، قال:

_ 1 لم أجده في أحاديث أبي محمّد بن حيان، والحديث سبق تخريجه ص 222. 2 علي بن عمر بن محمّد السّكري الحِمْيَريّ البغدادي، توفي سنة ست وثمانين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 12/40، سير أعلام النبلاء 16/538) . 3 ثقة، من السادسة. (التقريب ص 275) . 4 رياح بن الحارث النخعي الكوفي، ثقة. (تهذيب التهذيب3/258، التقريب ص211) . 5 الثقفي، أسلم قبل الحديبية، ولي إمارة البصرة ثم الكوفة، توفي سنة خمسين على الصحيح. (التقريب ص 543) .

فرجّ الناس، وناشدوه: يا صاحب رسول الله من التاسع؟ قال: "لولا أنكم ناشدتموني ما أخبرتكم، أنا تاسع المسلمين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتم العاشر، ثم قال: "لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبّر فيه وجهه خيرٌ من عمل أحدكم ولو عُمِّر عمر نوح"1. كذا وقع في هذا الحديث ابن مالك وعليها ضرب. قلت: "هو سعد بن مالك". قال البخاري: "سعد بن أبي وقاص الزهري، وهو سعد بن مالك"2. / [16 / أ] . فصل ومما يدل على فضله من حيث العموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبّوا أحداً من أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدّ3 أحدهم، ولا نصيفه" 4. وعن أم مبشر5 أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل النار إن شاء الله

_ 1 لم أجده فيما تبقى من أحاديث السكري، والحديث أخرجه أحمد بسند صحيح في (المسند 3/108) ، وأبو داود: السنن 4/212، وابن ماجه: المقدمة مختصراً 1/48، رقم: 133، وأبو نعيم: الحلية 1/95، 96، عبد الله بن أحمد في زيادته على فضائل الصحابة لأحمد 1/120-121. 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1363. 3 المد: مكيال، وهو رطلان، أو رطل وثلث، أو ملء كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومدّ يده بهما، وبه سُمِّي مُدّاً. (القاموس ص 407) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1343، ومسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1967، رقم: 2540. 5 أم مبشّر الأنصارية، صحابية مشهورة. (التقريب ص 758) .

أحد من أصحاب الشجرة1 الذين بايعوا تحتها" 2. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وما يدريك لعل الله اطّلع على أهل بدر، فقال: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" 3. وروى ابن أبي شيبة4 في كتاب الأدب عن أبي سعيد الخدري، قال: "قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية5: "لا يوقد أحد ناراً بليل"، ثم قال لنا: "أوقدوا واصطنعوا6 فإنه لا يدرك أحد مدكم ولا صاعكم" 7، 8. وعن العرباض بن سارية9، قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "عليكم

_ 1 أي: أصحاب بيعة الرضوان. 2 مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1943، رقم: 2496. 3 أخرجه بأطول البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1095، رقم: 2845، ومسلم الصحيح: كتاب فضائل الصحابة 4/1941، رقم: 2494. 4 عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة، أبو بكر بن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ صاحب تصانيف، توفي سنة خمس وثلاثين ومئتين. (التقريب ص 320) . 5 الحديبية: قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هنالك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها، وتعرف الآن بالشميسي، وهو غرب مكة بينها وبين المسجد قرابة اثنين وعشرين كيلاً. (معجم البلدان 2/229ومعجم معالم الحجاز2/248) . 6 في الأصل: (وصطبغوا) ، وهو تصحيف. 7 الصاع: الذي يكال به، وهو أربعة أمداد. (القاموس ص 955) . 8 ابن أبي شيبة: المصنف، كتاب الأدب 8669، رقم: 5970، والحديث أخرجه أحمد في المسند 3/26، وأخرجه الحاكم وقال: (صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي) . (المستدرك 2/26) . وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد 6/145، وعزاه لأحمد، وقال: "رجاله ثقات"، وحسنه ابن حجر، وصحّحه الألباني. (سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/63) . قلت: وهو كما قال ابن حجر، ففي إسناد سمعان الأسلمي لم يوثقه غير ابن حبان، وقال النسائي: لا بأس به. (تهذيب التهذيب 4/238) . 9 السُّلمي، صحابي، كان من أهل الصفة، ونزل حمص، توفي بعد السبعين. (التقريب ص 388) .

بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً، وسترون من بعدي اختلافاً شديداً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنّواجذ، وإيّاكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة" 1. رواه أبو داود2 في سننه عن الإمام أحمد3 عن الوليد4. رواه الترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح". وذكر الثعلبي5 في: (تفسيره) بإسناد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال موسى عليه السلام: "يا رب هل خلقت أمة أكرم عليك من أمتي؟ قال الله عزوجل: "يا موسى إن فضل أمة محمّد على سائر الخلق كفضلي على جميع خلقي"، قال: "يا رب ليتني رأيتهم"، قال: "يا موسى إنك لن تراهم ولو أردت أن تسمع كلماهم سمعت"، قال:"فإني أريد أن أسمع كلامهم"، قال الله تعالى: "يا أمة أحمد فأجبنا لكنا من أصلاب آبائنا وأرحام أمهاتنا: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك"، قال الله تعالى: "يا أمة

_ 1 أبو داود: السنن 4/200، وأحمد: المسند 4/126، وإسناده صحيح. الترمذي: السنن 5/44، والحديث أخرجه الدارمي: السنن 1/44، وابن ماجه: المقدّمة 1/15، وصححه الألباني: "صحيح سنن الترمذي رقم: 2157، وابن ماجه رقم: 2829". 2 سليمان بن الأشعث الأزدي، السجستاني، ثقة حافظ، مصنّف السنن من كبار العلماء، توفي سنة خمس وسبعين ومئتين. (التقريب ص 257) . 3 أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني المروزي، أحد الأئمة، ثقة حافظ فقيه حجة، توفي سنة إحدى وأربعين ومئتين. (التقريب ص 84) . 4 الوليد بن مسلم القرشي مولاهم، الدمشقي، ثقة كثير التدليس والتسوية، توفي آخر سنة أربع أو أوّل خمس وتسعين ومئة. (التقريب ص 584) . 5 أحمد بن محمّد بن إبراهيم النيسابوري، شيخ التفسير، له كتاب التفسير الكبير، توفي سنة سبع وعشرين وأربع مئة. (سير أعلام النبلاء 17/435) .

أحمد إن رحمتي سبقت غضبي، وعفوي عقابي، وقد أعطيتكم1 قبل أن تسألوني، وقد غفرت لكم قبل أن تعصوني، من جاءني يوم القيامة يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّداً رسولي وعبدي جعلت / [16 / ب] الجنة مأواه، وإن كانت ذنوبه أكثر من زبد البحر" 2. وعن معاذ بن جبل3 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسند ظهره إلى الكعبة: "أمتي أمة، توفي سبعين أمة هي خيرها وأكرمها على الله عزوجل" 4. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون والأوّلون يوم القيامة، ونحن أوّل من يدخل الجنة" 5. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي" 6.

_ 1 في الأصل: (أعيتكم) ، وهو تحريف. 2 أخرجه ابن مردويه في الدر المنثور للسيوطي 6/418، 419، بنحوه عند تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا} ، وذكره البغوي في تفسيره (معالم السنن) 3/448، وقال: "روي عن ابن عباس، ورفعه بعضهم"، فتصديره للرواية بقوله: (وروي) يشعر بضعفه عنده، وأورد الثعلبي في تفسيره عند هذه الآية نحواً منه عن وهب بن منبه ج 3/ ق 148/ ب، وأورده ابن قدامة: في منهاج القاصدين ق 4 / أ - ب. 3 الأنصاري الخزرجي، مشهور، من أعيان الصحابة، شهد بدراً وما بعدها، وكان إليه المنتهى في العلم بالأحكام والقرآن، توفي بالشام سنة ثماني عشرة. (التقريب ص 535) . 4 أخرجه ابن قدامة في منهاج القاصدين ق 6/أ، وأخرجه من طريق آخر أحمد: المسند 5/5، وابن ماجه: السنن 2/1433، والترمذي: السنن 5/226، وقال: "هذا حديث حسن"، وقد رَوَى غير واحد هذا الحديث عن بهز بن حكيم نحو هذا ولم يذكروا فيه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} . 5 أخرجه بنحوه البخاري: الصحيح، كتاب الجمعة 1/299، رقم: 836، ومسلم: الصحيح، كتاب الجمعة 2/585، رقم: 855. 6 أخرجه البغوي في تفسيره (معالم التنزيل) 1/342، ابن عدي: الكامل 4/1448، الطبراني: الأوسط 1/512-513، وقال: "لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا ابن عقيل ولا عن ابن عقيل إلا زهير ولا عن زهير إلا صدقة، تفرد به عمرو"، وابن قدامة: منهاج القاصدين 7/أ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/69، وقال: "وفيه صدقة بن عبد الله السمين وَثَّقه أبو حاتم، وضعّفه جماعة فإسناده حسن"، قال ابن حجر: "صدقة بن عبد الله ضعيف". (التقريب ص 275) .

وعن عبد الله بن بريدة1 عن أبيه2 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهل الجنة عشرون ومئة صنف، ثمانون من هذه الأمة" 3. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم". متفق عليه4. وأخرجاه أيضاً من حديث عمران بن حصين5، 6. وعن عبد الرحمن بن سالم بن عويم بن ساعدة7 عن أبيه8 عن جده، قال:

_ 1 الأسلمي، المروزي، ثقة، توفي سنة خمس ومئة. (التقريب ص 297) . 2 بريدة بن الحُصيب الأسلمي، أسلم قبل بدر، توفي سنة ثلاث وستين. (التقريب ص 121) . 3 أحمد: المسند 5/355، و361، وإسناد صحيح، ابن أبي شيبة: المصنف 11/471، والتّرمذي: السنن 4/683، ابن حبان: الصحيح 9/274، والحاكم: المستدرك 2/81، الطحاوي: مشكل الآثار 1/156-157، البغوي: معالم التنزيل 1/342، وابن قدامة: منهاج القاصدين 7/أ، قال الترمذي: "هو حديث حسن". 4 البخاري: الصحيح، كتاب الشهادات 2/938، رقم: 2508، مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1962، رقم: 2533. 5 الخزاعي أسلم عام خيبر، وصحب وكان فاضلاً، توفي سنة اثنتين وخمسين. (التقريب ص 439) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب الشهادات 2/938، رقم: 2508، ومسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1964، رقم: 2535. 7 عبد الرحمن بن سالم بن عويم، مجهول، من السادسة. (التقريب ص 341) . 8 سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة الأنصاري، مقبول، من السادسة. (تهذيب التهذيب 6/181، والتقريب ص 227) .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اختارني واختار لي أصحاباً فجعل لي منهم أصهاراً وأنصاراً، فمن سبّهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً" 1، 2. وقال ابن عمر: "لا تسبوا أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عبادة أحدكم أربعين سنة"3. وقال ابن عباس في قول الله عزوجل: {وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: 59] ، قال4: "أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم"5. / [17 / أ] .

_ 1 الصرف: التوبة. وقيل: النافلة. والعدل: الفدية. وقيل: الفريضة. (النهاية 3/24) . 2 ابن أبي عاصم: السنة 2/483، الطبراني: المعجم الكبير 20/140، وفي الأوسط 1/281، والحاكم: المستدرك 3/632، وأبو نعيم الحلية 2/11، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1246، وموفق الدين: منهاج القاصدين ق 12/أ، ومدار الحديث على عبد الرحمن بن سالم، وهو مجهول. وقال الألباني: "إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن سالم وأبيه، وسوء حفظ محمّد ابن طلحة". (السنة 2/483) . 3 أحمد: فضائل الصحابة 1/60، بإسناد صحيح، موفق الدين: منهاج القاصدين 13/أ، وأخرجه أحمد في فضائل الصحابة 1/57، ابن ماجه: المقدمة 1/57، وابن أبي عاصم: السنة 2/484، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم: 1249، وآخره عندهم: (خير من عمل أحدكم عمره) . 4 في الأصل: (وقال) . 5 ابن جرير: التفسير 20/2، والبزار كما في كشف الأستار 3/161، وموفق الدين: منهاج القاصدين 13/أ، وفي إسناده الحكم بن ظهير وهو متروك. (التقريب رقم: 175) ، وبه أعله الهيثمي في مجمع الزوائد 7/87، بعد أن أورده من رواية البزار.

الباب الثامن عشر: فيما رأه عليه السلام مما يدل على فضله في الصحيحين

الباب الثامن عشر فيما رآه - عليه السلام [مما] 1 يدلّ على فضله في الصّحيحين عن حمزة بن عبد الله بن عمر2، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أنا نائم شربت - يعني: اللبن - حتى أنظر إلى الرِّيّ يجري في ظفري، أو في أظفاري، ثم ناولت عمر"، قالوا: فما أولت يا رسول الله؟، قال: "العلم" 3. وفي لفظ: " بينا أنا نائمٌ إذ رأيت قَدَحاً أُتيتُ به، فيه لبن، فشربت منه حتى إني لأرى الرّيَّ يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب". قالوا: "فما أولت ذلك يا رسول الله؟ "، قال: "العلم" 4. وفي لفظ: "بينا أنا نائمٌ أُتيت بقدح لبن فشربت منه حتى إني لأرى الرّيَّ يخرج من أظفاري، ثم أعطيت فضلي - يعني: عمر -، قالوا: "فما أولته يا رسول الله؟ "، قال: "العلم" 5. ورواه الترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت كأني أُتيت بقدح لبن فشربت منه، فأعطيت فضلي عمر بن الخطاب"، قالوا: "فما أولته يا رسول الله؟ "، قال: "العلم". وقال: "حديث حسن صحيح غريب"6. وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: "بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ

_ 1 سقط من الأصل. 2 ابن الخطاب المدني، شقيق سالم، ثقة، من الثالثة. (التقريب ص 180) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1346، رقم: 3478. 4 مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1859-1860، رقم: 2391. 5 البخاري: الصحيح، كتاب العلم 1/43، رقم: 82. 6 الترمذي: السنن 5/619، رقم: 3687.

قال: "بينا أنا نائمٌ رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصري1، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: "لعمر"، فذكرت غيرته فوليت مدبراً". فبكى عمر وقال: "أعليك أغار يا رسول الله؟! "2. وفي ر واية: "رأيت قصراً بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا؟ "، قالوا: "لعمر"، فأردت أن أدخله فأنظر إليه، فذكرت غيرتك"، فقال عمر: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله أعليك أغار؟! ". وهو من رواية جابر بن عبد الله3. وفي رواية لمسلم4: "فرأيت فيها داراً أو قصراً" 5. ورواه الترمذي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دخلت الجنة فإذا أنا بقصرٍ من ذهب فقلت: لمن هذا القصر؟ "، قالوا: "لشاب"، فظننت أني أنا هو، فقلت: "ومن هو؟ "، فقالوا: "عمر بن الخطاب". وقال: "حديث حسن صحيح"6. وفي رواية أخرى فقلت: "لمن هذا القصر؟، قالوا: لرجل من العرب"، فقلت: "أنا عربيٌّ، لمن هذا القصر"؟، قالوا: "لرجل من قريش"، قلت: "أنا من قريش، لمن هذا القصر"؟، قالوا: "لرجل من أمّة محمد"، قلت: "أنا

_ 1 القصر: المنزل، أو كل بيت من حجر. (القاموس ص 595) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1346، رقم: 3477، ومسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1863، رقم: 2395. 3 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1346، رقم: 3476. 4 ابن الحجاج. 5 مسلم: الصحيح، كتاب فصائل الصحابة 4/1862، رقم: 2394. 6 الترمذي: السنن 5/619، وإسناده صحيح، وصححه الألباني. (صحيح سنن الترمذي 3/205، والصحيحة 3/409، رقم: 1423) .

محمد، لمن هذا القصر"؟،قالوا: "لعمر بن الخطّاب" 1. وفي رواية: "رأيت في الجنّةٍ قصراً من ذهبٍ فقلت: لمن هذا"؟، فقيل: لعمر بن الخطاب". وقال: "حديث حسن غريب صحيح2، 3. وقال الترمذي: "معنى هذا الحديث: دخلت البارحة الجنة، يعني: رأيت في المنام كأنّي دخلت الجنة، هكذا روي في بعض الحديث"4. قال: ويروي عن ابن عباس أنّه قال: "رؤيا الأنبياء وحيٌ" 5. وذكره ابن الجوزي من عدة طرق: فرواه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضّأ إلى جانب قصر، فقلت: "لمن هذا القصر"؟، قالوا: "لعمر بن الخطاب"، فذكرت غيرتك فوليت مدبراً"، فبكى عمر وقال: "أوعليك

_ 1 الترمذي: السنن 5/620 وإسناده حسن، فيه الحسين بن علي بن واقد صدوق يهم (التقريب رقم 400) ، والحديث أخرجه أحمد في المسند 5/360، وفضائل الصحابة1/455وإسناده حسن، وصححه الألباني (صحيح سنن الترمذي 3/205) . 2 الترمذي: السنن 5/283 رقم 3772 طبعه دار الفكر تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف وما ذكره المؤلف مطابق لما في تحفة الأشراف، وطبعه دار الفكر بتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف5/283رقم 3772 وعنده: "هذا حديث حسن غريب". 3 وأخرجه أحمد: المسند 3/107، 179، 191، وانظر الصحيحة للألباني 3/410. 4 الترمذي: السنن 5/620. 5 السنن: 5/620، والحديث أخرجه الطبراني، المعجم الكبير 2/6، وأخرجه البخاري تعليقاً عن عبيد بن عمير (صحيح البخاري 1/64، رقم: 138) ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 7/176، وقال: "رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف، وبقية رجاله رجال الصحيح". وأورده ابن حجر في فتح الباري 1/329، وقال: "رواه مسلم مرفوعاً"، ولم أجده في صحيح مسلم، فلعله سهو من ابن حجر.

أغار يا رسول الله"1. ومن طريق أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنة فإذا أنا بقصرٍ من ذهبٍ، فقلت: "لمن هذا القصر"؟، قالوا: "لشاب من قريش"، فقلت: "لمن"؟، قالوا: "لعمر بن الخطاب"، قال: "فلولا ما علمت من غيرتك لدخلته"، قال عمر: "عليك يا رسول الله أغار"؟! 2. ومن طريق جابر بن عبد الله [قال] 3: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنة فرأيت فيها داراً أو قصراً فسمعت فيها ضوضاء4 أو صوتاً فقلت: لمن هذا"؟، فقيل: "لابن الخطاب"، فأردت أن أدخله فذكرت غيرتك"، فبكى عمر وقال: "أو يغار عليك! "5 / [17/ ب] . وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائمٌ رأيت الناس عرضوا عليَّ وعليهم قمصٌ؛ فمنها ما يبلغ الثَّديَّ، ومنها ما يبلغ دون ذاك، وعرض عليَّ عمر وعليه قميص اجترّه"6 قالوا: "فما أوّلته يا رسول الله"؟، قال: "الدين "7. وفي الصّحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا على

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 31، وقد سبق تخريجه ص 244، 245. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 31، أحمد: المسند 3/107، بلفظه وإسناده صحيح. 3 سقط من الأصل. 4 الضوضاء: أصوات الناس في الحرب. (القاموس ص 57) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 32، مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1862، رقم: 2394، وانظر: ابن حجر: فتح الباري 7/4. 6 أي: لطوله، وفي رواية: (يجره) . (انظر: فتح الباري 7/51) . 7 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1349، رقم: 3477، مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1859، رقم: 2390.

بئرٍ أنزع منها، إذ جاء أبو بكر وعمر، فأخذ أبو بكر الدّلو1، فنزع ذنوباً2، أو ذنوبين، وفي رواية: نزعه ضعف، وغفر الله له، ثم أخذها ابن الخطاب من يد أبي بكر، فاستحالت في يده غرباً3، فلم أر عبقرياً4، من الناس يفري5 فريَه حتى ضرب الناس بعطن" 6، 7. وفي رواية: "رأيت الناس اجتمعوا فقام8 أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم قام ابن الخطاب فاستحالت غرباً فما رأيت عبقرياً من الناس يفري فريه حتى ضرب الناس بعطن" 9. وفي رواية لمسلم: "رأيت كأني أنزع دلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين، فنزع نزعاً ضعيفاً، والله يغفر له، ثم جاء عمر فاستقى فاستحالت غرباً فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريه، حتى روي الناس وضربوا العطن" 10. ولفظ البخاري: "بعطن" 11.

_ 1 الدلو: واحدة الدلاء التي يستقى بها. (لسان العرب 14/265) . 2 الذنوب: الدلو الممتلئ ماء. (لسان العرب 1/392) . 3 الغرب: الدلو العظيمة، التي تتخذ من جلد ثور. (لسان العرب 4/534) . 4 العبقري: هو الحاذق في عمله، وعبقري قومه، سيدهم. (النهاية 3/173، لسان العرب 4/534) . 5 الفري: القطع للإصلاح، والمقصود أنه كان يأتي بالعجب في عمله. (النهاية3/442، 15/153) . 6 العطن: هو مبرك الإبل حول الماء، ضرب ذلك مثلاً لاتساع الناس وما فتح الله عليهم من الأمصار. (النهاية 3/258، ولسان العرب 13/386) . 7 البخاري: الصحيح، كتاب التعبير 6/2575، رقم: 6616. 8 في الأصل: (فقال) ، وهو تحريف. 9 البخاري: الصحيح، كتاب التعبير 6/2576، رقم: 6617. 10 مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1862، رقم: 2393. 11 سبق تخريجه في الحديث الذي قبله.

وذكره في الصحيحين من رواية أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أنا نائمٌ رأيتني على قليب، وعليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع منها ذنوباً أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم استحالت غرباً، فأخذها عمر بن الخطاب، فلم أَرَ عبقرياً من الناس ينزع نزع عمر بن الخطاب، حتى ضرب الناس بعطن" 1. وفي رواية: "رأيت أني على حوض أسقي الناس فأتاني أبو بكر فأخذ الدلو من يدي ليريحني، فنزع ذنوبين وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، فأتى ابن الخطاب فأخذ منه، فلم ينزع حتى تولى الناس، والحوض يتفجّر" 2. وفي رواية: " وفي نزعه – والله يغفر له – ضعف " 3. وفي لفظ: " فجاء ابن الخطاب فأخذ منه فلم أر نزع رجل قط أقوى منه حتى تولى الناس والحوض ملآن يتفجر " 4. قال وهب5: "العطن منزل الإبل، يقول: حتى رويت الإبل فأناخت"6. وذكره ابن الجوزي من طرق: فرواه من طريق عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت الناس مجتمعين في صعيد فقام أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين / [18 / أ] وفي بعض نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم أخذها عمر، فاستحالت في يده غرباً،

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب التعبير 6/2576، رقم: 6618. 2 البخاري: الصحيح، كتاب التعبير 6/2576، رقم: 6619. 3 مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/ 1860 رقم 2392. 4 مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/ 1861 رقم 2392 5 وهب بن جرير الأزدي البصري ثقة، توفي سنة ست ومئتين. (التقريب ص 585) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1345.

فلم أر عبقرياً في الناس يفري فريه حتى ضرب الناس بعطن" 1. ومن طريق آخر: "رأيتني الليلة وأبا بكر على قليب، فنزعت منه ذنوباً أو ذنوبين، ثم جئت أبا بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين، ثم جاء عمر فنزع منها حتى استحالت غرباً، فضرب بعطن فعبّرها يا أبا بكر". قال: "ألي الأمر بعدك، ثم عمر". قال: "بذلك عبّرها الملك" 2. ومن طريق أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت كأني أنزع على غنم سود إذ خالطها غنم عفر3، إذ جاء أبو بكر فنزع ذنوبين، وفيهما ضعف، ويغفر الله له، إذ جاء عمر فأخذ الدلو فاستحالت غرباً فأروى الناس، وصدر الشاء، فلم أر عبقرياً يفري فري عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأولت أن الغنم السود العررب، وأن العفر إخوانهم من هذه الأعاجم" 4. وعن أبي أمامة5 رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنة فسمعت فيها خشفة6 بين يدي فقلت: ما هذا؟ قال: بلال. فمضيت

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص: 30، والحديث في البخاري: الصحيح، كتاب المناقب 3/1329، رقم: 3434. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 30، والحديث أخرجه أبو ذر الهروي في كتاب الرؤيا وفي سنده أيوب بن جابر وهو ضعيف، وهذه الزيادة منكرة. (فتح الباري 12/13) . 3 الأعفر: الأبيض، ليس بشديد البياض. (القاموس ص 568) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 31، وأخرج نحواً منه أحمد في المسند عن أبي الطفيل 5/455، وأورد الهيثمي وقال: "رواه الطبراني، وإسناده حسن". (مجمع الزوائد 9/72) . وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/163، عن الحسن مرسلاً، وأبو بكر الشافعي: الفوائد ق 6 / ب. 5 صُدَيّ بن عجلان الباهلي، صحابي مشهور سكن الشام، توفي سنة ست وثمانين. (التقريب ص 276) . 6 الخَشْفة: بالسكون، الحس والحركة، وقيل: هو الصوت. والحَشَفة بالتحريك: الحركة. (النهاية 2/34) .

فإذا أكثر أهل الجنة فقراء المهاجرين وذراري المسلمين، ولم أرَ فيها أحداً أقل من الأغنياء [والنساء. قيل: أما الأغنياء فهم ههنا بالباب يحاسبون ويمحصون] 1، وأما النساء فألهاهن الأحمران، الذهب والحرير، ثم خرجت2 من أحد أبواب الجنة الثمانية فلما كنت عند الباب أُتيت بكفة فوضعت فيها، ووضعت أمتي في كفة، فرجحت بها، ثم أتي بأبي بكر فوضع في كفة، وجيء بجميع أمتي فوضعت في كفة فرج بها أبو بكر، قال: ثم أتي بعمر فوضع في كفة وجيء بجميع أمي فوضعوا فرجح عمر" 3. وروى الإمام أحمد في (المسند) من حديث عبد الله بن عم ر، قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة، فقال: "رأيت قبل الفجر كأني أعطيتُ المقاليد والموازين؛ أما المقاليد فهذه المفاتيح، وأما الموازين فهذه التي تَزِنُون بها، فَوُضِعتُ في كفَّة ووُضعَتْ أمتي في

_ 1 سقط من الأصل والزيادة من المسند. 2 في المسند: (خرجنا) . 3 أحمد: المسند 5/259، والخطيب: تاريخ بغداد 14/78، من طريق القطيعي عن عبد الله بن أحمد، وفي إسناده عليّ بن يزيد الألهاني الدمشقي ضعيف جداً، قال البرقي والأزدي والدارقطني: "متروك الحديث". وقال البخاري: "منكر الحديث ضعيف". وقال ابن أبي حاتم: "ضعيف الحديث أحاديثه منكرة". وقال النسائي: "ليس بثقة وفي موضع آخر متروك الحديث". وقال الحافظ: "ضعيف". (تهذيب التهذيب 7/346، التقريب ص 406) . وذكره ابن الجوزي: مناقب ص 32، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/59، وقال: "رواه أحمد والطبراني بنحوه باختصار، وفيهما مطرح بن زياد وعلي بن يزيد الألهاني وكلاهما مجمع على ضعفه. . . ".

كفّة، فوُزِنتُ بهم فرَجَحْتُ، ثم جيء بأبي بكر فوُزن بهم فوزَن، ثم جيء بعمر فوُزن فوزَن بهم، ثم جيء بعثمان فوُزِن فَوَزَن بهم، ثم رُفِعَت" 1.

_ 1 أحمد: المسند 7/232، رقم: 5469، وإسناده صحيح، وذكره الهيثمي، وقال: "رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال: (فرجع بهم في الجميع) ، وقال: (ثم جيء بعثمان فوضع في كفة ووضعت أمتي في كفة فرجح بهم ثم رفعت) ، ورجاله ثقات". مجمع الزوائد 9/58) ، وقال أحمد شاكر: "إسناده صحيح".

الباب التاسع عشر: أحاديث اجتمع فيها فضله وفضل ابي بكر

الباب التاسع عشر: أحاديث اجتمع فيها فضله وفضل ابي بكر ... الباب التاسع عشر: في أحاديث اجتمع فيها فضله وفضل أبي بكر وروى الترمذي عن حذيفة1 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللَّذَين2 من بعدي: أبي بكر وعمر". وقال: "حديث حسن"3. وفي رواية: "إني لا أدري ما بقائي فيكم فاقتدوا باللَّذَين4 من بعدي". وأشار إلى أبي بكر وعمر5. وروى عن عبد الله بن شقيق6 قال: قلت: لعائشة: "أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحبَّ إلى رسول الله؟ "، قالت: "أبو بكر"، قلت: ثم من؟ قالت:

_ 1 ابن اليمان العَبسي، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين. توفي في أوّل خلافة علي سنة ست وثلاثين. (التقريب ص 154) . 2 في الأصل: (بالذين) ، وهو تحرف. 3 الترمذي: السنن 5/609، وإسناده حسن، والحديث أخرجه أحمد: المسند 5/385، 402، ابن سعد: الطبقات 2/234، ابن ماجه: المقدمة 1/371، ابن أبي عاصم: السنة 2/545، والخطيب: تاريخ بغداد 12/20، والفقيه والمتفقه 1/177، والحميدي في مسنده 1/214، وأبو نعيم: الحلية 9/109، ابن عساكر: تاريخ دمشق 12/31/أ، والحاكم: المستدرك 3/75، وصححه ووافقه الذهبي. وقال الألباني: "صحيح". (صحيح الجامع 1/254، رقم: 1143، وسلسلة الأحاديث الصحيحة 3/254، رقم: 1144) . 4 في الأصل: (الذين) ، وهو تحريف. 5 الترمذي: السنن 5/610، وإسناده حسن، وفيه سالم المرادي صدوق، وثّقه العجلي وابن حبان، وقال الطحاوي: "مقبول الحديث، وضعّفه ابن معين". (تهذيب التهذيب 3/381) . والحديث أخرجه أحمد: المسند 5/399، والبخاري: الكنى ص 50، ابن سعد: الطبقات 2/334. وصحّحه الألباني. (صحيح سنن الترمذي 3/229) . 6 العُقيلي، بصري، ثقة فيه نصب، توفي سنة ثمان ومئة. (التقريب ص 307) .

"عمر"، ثم من؟ قالت: "أبو عبيدة بن الجراح"، قال: قلت: ثم من؟ فسكتت". وقال: "حديث [حسن] 1 صحيح"2. / [18 / ب] . وروى عن علي بن أبي طالب قال: "كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ3 طلع أبو بكر وعمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذان سيِّدا كهول أهل الجنة من الأوّلين والآخرين إلا النبيين والمرسلين، يا علي لا تخبرهما". وقال: "حديث غريب من هذا الوجه، في طريقه الوليد بن محمّد المُوقِريّ، قال الترمذي: يضعف في الحديث"4. وروى عن نافع عن ابن عمر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم ودخل المسجد وأبو بكر وعمر، أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، وهو آخذ بأيديهما، فقال: "هكذا نبعث يوم القيامة". وقال: "غريب في طريقه سعيد بن مسلمة"5، 6. قال: "ليس

_ 1 ساقط في الأصل. 2 الترمذي: السنن 5/607، وإسناده صحيح, والحديث أخرجه أحمد: فضائل الصحابة 1/198، وصحّحه الألباني. (صحيح سنن الترمذي 3/221، 222) . 3 في الأصل: (إذا) ، وهو تحريف. 4 الترمذي: السنن 5/611، وإسناده ضعيف، فيه الوليد بن محمّد الموقري متروك. قال أحمد: "أراه ليس ذلك بشيء"، وكذّبه ابن معين، وقال ابن المديني: "لا يكتب حديثه". وقال البخاري: "عنده مناكير". (الضعفاء للبخاري ص 278، ميزان الاعتدال 4/346، تهذيب التهذيب 11/148) . انظر: 225، 226، فقد ذكره المؤلف من خمسة طرق. 5 قوله: "غريب في طريقه سعيد مسلمة"، غير موجود في نسخة الترمذي المطبوعة. 6 ابن هشام بن عبد الملك الأموي، نزيل الجزيرة، ضعيف، توفي بعد التسعين ومئة. (التقريب ص 241) .

عندهم بالقوي"1. وروى عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار [وهم] 2 جلوس فيهم أبو بكر وعمر فلا يرفع إليه أحد منهم بصره إلا أبو بكر وعمر، فإنهما كانا ينظران إليه وينظر إليهما، ويتبسَّمان إليه ويتبسّم إليهما". وقال: "حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحكم بن عطية3 وقد تكلم بعضهم فيه"4. وروي عن عبد الله بن حنْطَب5 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أبا بكر وعمرَ فقال: "هذان السمع والبصر". وهو مرسل، فإن عبد الله بن حنطب لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم6.

_ 1 الترمذي: السنن 5/612، وإسناده ضعيف. والحديث أخرجه أحمد: فضائل الصحابة 1/106، ابن ماجه: المقدمة 1/38، وابن حبان: المجروحين 1/321، الحاكم: المستدرك 3/68، وسكت عنه وتبعه الذهبي بقوله: "وسعيد ضعيف". وجميعهم من طريق سعيد بن مسلمة. وضعّفه الألباني. (ضعيف سنن الترمذي ص 491، وضعيف سنن ابن ماجه ص 99، وضعيف الجامع الصغير رقم: 6098) . 2 سقط من الأصل. 3 الحكم بن عطية العَيْشي، البصري، صدوق له أوهام. (التقريب ص 175) . 4 الترمذي: السنن طبعة دار الفكر 5/274، وإسناده حسن، والحديث أخرجه أحمد: المسند 3/150، وفضائل الصحابة 1/212، من طريق الحكم بن عطية. 5 ابن الحارث المخزومي، مختلف في صحبته، وله حديث مختلف في إسناده. (التقريب ص 300) . 6 الترمذي: السنن 5/613، وإسناده منقطع. قال ابن حجر: "وقد سقط بين ابن أبي فديك وبين عبد العزيز واسطة". (تهذيب التهذيب 5/168) . والحديث أخرجه أحمد: فضائل الصحابة 1/432، والحاكم: المستدرك 3/69، وصحّح إسناده، وقال الذهبي: "قلت: حسن". وفي إسنادهما: الحسن بن عبد الله مجهول، قال الألباني: "ولعله يعني حسن لغيره، وإلا فإن الحسن بن عبد الله لم أجد له ترجمة لكنه قد توبع". وأخرجه البغوي في معجمه ق 349 عن ابن أبي فديك، حدّثني غير واحد منهم: عمرو بن أبي عمرو، وعلي بن عبد الرحمن عن عبد العزيز. فالحسن قد توبع ولم ينفرد به. وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 8/460، بإسناد حسن. والحديث صحّحه الألباني، وفصّل القول فيه. (صحيح سنن الترمذي3/201، سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/472) .

وروي عن أبي سعيد الخدري قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء، ووزيران من أهل الأرض، فأما وزيرايَ من أهل السماء فجبريل وميكائيل، وأما وزيرايَّ من أهل الأرض فأبو بكر وعمر". وقال: "حسن غريب"1. وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك، قال: "صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحداً، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرَجَفَ2 بهم فضربه برجله، وقال: "أثبت فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد" 3. وفي رواية: "وشهيدان" 4. وفيه عن عمرو بن العاص: "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السّلاسل5، فأتيته فقلت: "أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة"، فقلت:

_ 1 الترمذي: السنن 5/616، وإسناده ضعيف جداً، فيه تليد بن سليمان المحاربي، قال عنه أحمد: "هو عندي كان يكذب". وقال ابن معين: "كذاب كان يشتم عثمان، وكل من شتم عثمان أو طلحة، أو أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دجال لا تكتب عنه". وقال أبو داود: "رافضي خبيث". وقال الحاكم: "كذّبه جماعة من العلماء". (ميزان الاعتدال 1/358، تهذيب التهذيب 1/447) . والحديث، أخرجه أحمد: فضائل الصحابة 1/164، والبخاري: التاريخ الكبير 2/159، كلاهما من طريق تليد بن سليمان. وضعّفه الألباني. (ضعيف سنن الترمذي ص 492، ضعيف الجامع الصغير رقم: 5223) . 2 رجف: حرك، تحرك، واضطرب اضطراباً شديداً. (القاموس ص 1049) . 3 البخاري: الصحيح، باب مناقب عمر بن الخطاب 4/200، ط. المكتبة الإسلامية استانبول. 4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1348، رقم: 3483. 5 ماء لجذام بناحية الشام، يقال له: السلسل، بعث النبي صلى الله عليه وسلم إليه عمرو بن العاص، فأضيفت الغزوة إليه، فقيل: ذات السلاسل. (السيرة النبوية 2/623، معجم البلدان 3/236) .

من الرجال؟ فقال: "أبوها"، قلت: "ثم من؟ "، قال: "ثم عمر بن الخطاب"، فعدّ رجالاً"1. ويأتي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الدرجات ليَرَاهم من تحتهم، كما يرى الكوكب الطالع من أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأَنْعَماً" 2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم صلاة، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: "كان رجل يسوق بقرة فركبها، فقالت: إنا لم نخلق لهذا، إنا خلقنا للحرث"، فقال الناس: "سبحان الله! بقرة تكلم". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإني أؤمن بهذا أنا وأبو بكر وعمر - وما هما ثم - قال: وبينما رجل في غنمه إذا عدَا عليه الذئب فأخذ شاة منها فطلبه فأدركه3 فاستنقذها منه، فقال: "هذا استنقذتها منِّي، فمن لها يومَ السّبُع، يوم لا راعي لها غيري"، فقال الناس: "سبحان الله ذئب يتكلم"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أؤمن بهذا وأبو بكر وعمر"، وما هما ثم"4. ورأيت حاشية5 على صحيح مسلم: "يوم السبع يريد به يوم القيامة"6. وقيل: "الموضع الذي عنده المحشر يوم القيامة؛ أراد من/ [19/أ] لها

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الصحابة 3/1339، رقم: 3462، وأخرجه مسلم: الصحيح، كاب فضائل الصحابة 4/1856، رقم: 2384. 2 يأتي ص 1122. 3 في الأصل: (فأدكه) ، وهو تحريف. 4 أحمد: المسند 2/245، وفضائل الصحابة 1/178، وإسناده صحيح. وقد سبق تخريجه ص 174 من عدة طرق. 5 يريد شرح النووي. 6 النووي: شرح النووي على صحيح مسلم 5/157.

يوم القيامة"1. قال: "وبعض أهل اللغة يقول: "يوم السّبع - بإسكان الباء -"23. وقال الماوردي4: "بعض أئمة اللغة قال: "ما أعرف لمسمى يوم القيامة بهذا الاسم وجهاً، ولكني أعرف سَبَعْتُ الرجل أسبعه سبْعاً، إذا طعنت عليه5، فلعله لما كان يوم القيامة يوم يكشف المساوي سمي بذلك سبعاً6. وقد جاء: "سَبَعْتُ بالأسد، إذا ذعرته، ويكون المعنى على هذا: من لنا يوم الفزع"7. وما على هذه الحاشية من الأقوال ليس بظاهر، وتفسيرهم ليوم السّبُع8 بيوم القيامة ليس بظاهر أيضاً؛ فإنه ليس يوم أكل، وليس يوم يصلح لأخذه لها، وكنا نسمع قديماً أن يوم السبُع هو عند نزول عيسى، فإن السباع لا تضر ماشية الرجل بل تحفظها له، فلهذا قال: "يوم لا راعٍ لها غيري".

_ 1 المصدر السّابق 5/157. 2 المصدر السّابق 5/157. 3 وانظر: ابن منظور: لسان العرب 8/148. 4 علي بن محمّد بن حبيب البصري الشافعي صاحب كتاب: (الحاوي) ، توفي سنة خمسين وأربع مئة. (سير أعلام النبلاء (18/64) . 5 انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 2/118. 6 لم أعثر على كلام الماوردي. 7 النووي: شرح النووي على صحيح مسلم 15/157، وانظر: لسان العرب 8/149. 8 قال عياض: "السبع: يجوز ضم الموحدة وسكونها، إلا أن الرواية بالضم، وعده ابن العربي تصحيفاً"، وقال ابن الجوزي: "هو بالسكون، والمحدّثون يروونه بالضم وعلى هذا فالمعنى: إذا أخذها السبع لم يقدر على خلاصها منه فلا يرعاها حينئذ غيري". قال ابن حجر: "وقيل: إنما يكون ذلك عند الاشتغال بالفتن، فتصير الغنم هملاً فتنهبها السبع فيصير الذئب كالراعي لها لانفراده بها". (فتح الباري 7/27، لسان العرب 8/148) .

ويؤيده ما في الصحيحين1 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله لَيُتمَّنَّ هذا الأمر حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاءَ إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمِهِ ولكنكم تستعجلون" 2، 3. تنبيه قال أصحابنا4: "يجوز الانتفاع بالأشياء فيما لم تخلق له؛ فيجوز الحرث على الإبل والحمير، ويجوز ركوب البقر ونحو ذلك"5. وقال بعض أصبحابنا: "لا يجوز ذلك لقصة البقرة، والله أعلم". وذكر ابن الجوزي عن علي رضي الله عنه، قال: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه في المسجد ليس معنا ثالث إذ أقبل أبو بكر وعمر، كل واحد منهما آخذ بيد صاحبه. فقال: "يا علي هذان سيّدا كهول أهل الجنة ممن مضى من الأوّلين والآخيرن، ما خلا النبيين والمرسلين، يا علي لا تخبرهما بذلك".فما أخبرتهما حتى ماتا ولو كانا حيين ماحدثت بهذا الحديث أحداً"6. ورواه الشيخ موفق الدين عن عليّ قال: "كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر وعمر، فقال: "هذان سيّدا كهول أهل الجنة من الأوّلين والآخرين، إلا

_ 1 هكذا في الأصل، ولم أجده في صحيح مسلم. 2 قال ابن حجر: "مساق الحديث إنما هو للأمن من عدوان بعض الناس على بعض كما كانوا في الجاهلية، لا للأمن من عدوان الذئب، فإن ذلك يكون في آخر الزمان عند نزول عيسى". (فتح الباري 7/167) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب الإكراه 6/254، رقم: 6544. 4 يريد الحنابلة. 5 انظر: ابن قدامة 8/102، المغني. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 34، وانظر: تخريجه في الذي بعده.

النبيين والمرسلين، ثم قال: "لا تخبرهما يا عليّ" 1. وأخرجه الترمذي2، ورواه ابن ماجه3 من طريق أبي جُحَيْفة4، 5. ورواه البختري6 في "أماليه" من طريق زر بن حبيش وهو حديث مشهور7.

_ 1 موفق الدين: منهاج القاصدين 25/أ، وفيه انقطاع بين عليّ والشعبي، فالشعبي لم يسمع من عليّ. فقد ذكر الحاكم أن الشعبي لم يسمع من عليّ وإنما رآه رؤية. (علوم الحديث ص 111) . وفي إسناده أيضاً إبراهيم بن مجشر البغدادي، ضعيف يسرق الحديث. (الكامل 1/272) . 2 الترمذي: السنن 5/611، وإسناده ضعيف، لضعف الحارث بن عبد الله الأعوز، وداود بن يزيد الأودي. (التقريب ص 146، 200) . 3 محمّد بن يزيد الربعي القزويني، صاحب السنن أحد الأئمة، توفي سنة ثلاث وسبعين ومئتين. (التقريب ص 514) . 4 وهب بن عبد الله السوائي، مشهور بكنيته، صحابي معروف، وصحب عليّاً، توفي سنة أربع وسبعين. (التقريب ص 585) . 5 ابن ماجه: السنن 1/38، وإسناده حسن، فيه عبد القدوس بن بكر، قال فيه أبو حاتم: "لا بأس بحديثه". (الجرح والتعديل 6/56) . وتابعه عليه أخوه خنيس بن بكر، أخرجه من طريقه ابن حبان في صحيحه9/25، والدولابي في الكنى1/120. وأورده الشيخ الألباني من رواية خنيس وعزاه لابن حبان وابن ماجه والدولابي في الكنى، ثم قال: "قلت: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات، غير خنيس هذا. قال صالح جزرة: "ضعيف". وذكره ابن حبان في الثقات" (سلسلة الأحاديث الصحيحة2/491) . كذا قال الشيخ، وابن ماجه إنما رواه من طريق عبد القدوس بن بكر لا من طريق أخيه خنيس. 6 محمّد بن عمرو بن البختري البغدادي، ثقة مأمون، توفي سنة ستع وثلاثين وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء (15/385) . 7 ابن البختري: الأمالي ق 226/أ، وفي إسناده روح بن مسافر، تركه ابن المبارك، وقال أحمد: "متروك الحديث". وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث، لا يكتب حديثه". (الجرح والتعديل 3/496) . قال الألباني: "أخرجه الدولابي في الكنى 2/99، وابن عدي 2/100، وعبد الغني المقدسي في الإكمال 1/14/2، وابن عساكر 9/310/1، من طرق عاصم بن بهدلة عن زر، وقال المقدسي: "هذا حديث مشهور له طرق جمة، وروي عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم". (سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/488) .

ورواه ابن عباس1 وأنس2 وأبو هريرة3 وأبو سعيد4. قال ابن الجوزي: "إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لاتخبرهما"، إشفاقاً عليهما من القيام بأعباء الشكر، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف شاكراً حتى ورمت قدماه"5. وعن أنس قال: قال رسول الله: "أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة" 6. وعن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اقتدوا باللذين7 من بعدي: أبو بكر وعمر" 8.

_ 1 الخطيب: تاريخ بغداد 14/216، 217. وفي إسناده طلحة بن عمرو الحضرمي، وهو متروك. (التقريب ص 283) . 2 الترمذي: السنن 5/610، وعبد الله بن أحمد في زيادته على فضائل الصحابة لأحمد 1/148، قال الألباني: "والضياء المقدسي في المختارة ص 197، 198، وابن عساكر 2/250، من طريق محمّد بن كثير ثنا الأوزاعي عن قتادة عن أنس، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه". ورجاله ثقات، رجال الشيخين غير محمّد بن كثير السمعاني، قال الحافظ: "صدوق كثير الغلط". (سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/490) . 3 أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصّحابة 1/88، وإسناده حسن، فيه يونس بن أبي إسحاق صدوق يهم قليلاً. (التقريب ص 613) . 4 أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 9/53، وقال: "رواه البزار والطبراني في الأوسط، وفيه عليّ بن عابس وهو ضعيف". ولهذا الحديث طرق كثيرة بمجموعها يكون الحديث صحيحاً. انظر: العلل للدارقطني 1/142. قال الألباني: "وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه صحيح بلا ريب؛ لأن بعض طرقه حسن لذاته، كما رأيت، وبعضه يستشهد به". سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/492) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 34، وقال: "قال ثعلب". 6 سبق تخريجه ص 254، 261، 262. 7 في الأصل: (الذين) ، وهو تحريف. 8 ابن عساكر: تاريخ دمشق 9 ق 323/ب، وإسناده ضعيف فيه أحمد بن صليح، قال الذهبي: "أحمد بن صليح عن ذي النون المصري عن مالك عن نافع - فذكره - وقال: "وهذا غلط وأحمد لا يعتمد عليه". (ميزان الاعتدال 1/105) . قال الألباني: "وتابعه محمّد بن عبد الله العمري عن مالك، أخرجه ابن عساكر، ولعمري هذا قال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج به". سلسلة الأحاديث الصحيحة 3/235) . وقد صح الحديث من غير هذا الطريق. انظر: ص 253.

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين1 من بعدي يعني: أبا بكر وعمر، واهتدوا2 بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد" 3. وعن حذيفة رضي / [19 / ب] [الله عنه] 4 قال: "كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إني لست أدري ما بقائي فيكم، فاقتدوا باللذين5 من بعدي - وأشار إلى أبي بكر وعمر - واهتدوا6 بهدي عمار، وما حدّثكم ابن مسعود فصدّقوه" 7. وعن عمار بن ياسر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سألت جبريل عليه السلام فقلت: أخبرني عن فضائل عمر، فقال: لو لبثت معك

_ 1 في الأصل: (الذين) ، وهو تحريف. 2 في الأصل: (واهدوا) . 3 ابن سعد: الطبقات 2/334، الفسوي: المعرفة والتاريخ1/480، وقد صححه الألباني؛ قال: "وإسناده حسن، وهو صحيح بشواهده". (سلسلة الأحاديث الصحيحة 3/254، صحيح الجامع 1/254، السنة لابن أبي عاصم 2/545، وقد سبق تخريجه ص 253. 4 سقط من الأصل. 5 في الأصل: (بالذين) ، وهو تحريف. 6 في الأصل: (وهدوا) . 7 أحمد: المسند 5/385، وإسناده حسن، وقد صحّحه الألباني بشواهده. (سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/234، صحيح الجامع الصغير 1/254) . وقد سبق تخريجه ص 253.

ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ما نَفَدَتْ فضائل عمر، وإنما عمر حسنة من حسنات أبي بكر" 1. وعن عبد الله بن حنطب قال: "كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر فقال: "هذان السمع والبصر" 2. وذكر ابن الجوزي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لي وزيران من أهل السماء: جبريل وميكائيل، ووزيران من أهل الأرض: أبو بكر وعمر" 3. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لي وزيرين من أهل السماء، ووزيرين من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل، وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر - ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء - فقال: "إن أهل عليين ليراهم من هو أسفل منهم كما ترون النجم والكواكب في السماء، فإن منهم أبا بكر وعمر وأنعما"، قال فلان قلت: يا أبا سعيد وما أنعما4؟ قال: أهل ذلك هما"5.

_ 1 سبق تخريجه ص 229، 230. 2 سبق تخريجه ص 256، ويأتي ص: 267. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 35، والحديث سبق تخريجه ص 257. 4 أنعما؛ أي: زادا فَضَلا عليهم، وقيل: معناه: صارا إلى النعيم ودخلا فيه كما يقال: أشمل إذا دخل في الشمال. (النهاية 5/83) . 5 لم أجده بهذا اللفظ، وإنما وجدته مفرقاً من طرق عن عطية العوفي. فالفقرة الأولى حتى قوله: "عمر"، فيها تليد بن سليمان سبق تخريجها ص 257، والفقرة الثانية من الحديث من طرق عن عطية العوفي، وسيأتي تخريجها ص 1122.

وعن عبد العزيز بن المطلب1 عن أبيه2 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى أيدني من أهل السماء بجبريل وميكائيل، ومن أهل الأرض بأبي بكر وعمر، قال - ورآهما مقبلين - فقال: "هذان السمع والبصر" 3. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا قد ذُرَّ عليه من تراب حفرته" 4. قال أبو عاصم5: "ما نجد لأبي بكر وعمر - رضي لله عنهما - فضيلة مثل هذه؛ لأن طينتهما طينة رسول الله صلى الله عليه وسلم"6. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر: "ألا أخبركما بمثلكما في الملائكة، ومثلكما في الأنبياء؟ فمثلك يا أبا بكر في الملائكة؛ مثل ميكائيل عليه السلام، ينزل بالرحمة، ومثلك في الأنبياء مثل إبراهيم قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [إبراهيم: 36] . ومثلك يا عمر في الملائكة مثل جبريل عليه السلام ينزل بالشدة والبأس

_ 1 ابن عبد الله بن حنطب المخزومي، صدوق، توفي في خلافة المنصور. (التقريب ص 359) . 2 المطلب بن عبد الله المخزومي، صدوق كثير التدليس والإرسال من الرابعة. (التقريب ص 534) . 3 أخرجه بهذا اللفظ ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 2/أ، وإسناده ضعيف لإرساله، وفيه أيضاً يعقوب بن محمّد الزهري، صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء. (التقريب ص 608) . والحديث سبق تخريجه ص 256، 266) . 4 أبو نعيم: الحلية 2/280، ومن طريقه ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 20/ب، قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث ابن عون عن محمّد لم نكتبه إلا من حديث أبي عاصم النبيل عنه، وهو أحد الثقات الأعلام، من أهل البصرة". وفي إسناده مجهولان. 5 الضحاك بن مخلد الشيباني البصري، ثقة ثبت، توفي سنة اثنتي عشرة ومئتين، أو بعدها. (التقريب ص 280) . 6 أبو نعيم: الحلية 2/280، وابن قدامة: منهاج القاصدين ق 20/أ.

والنقمة على أعداء الله، ومثلك في الأنبياء مثل نوح عليه السلام قال: {رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّاراً} [نوح: 26] 1. وعن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحب أبا بكر وعمر منافق، / [20 / أ] ، ولا يبغضهما2 مؤمن" 3. وعن دَحْيَة بن خليفة4، قال: "وجهني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم بكتابه، فناولته كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فقبَّل خاتمه، ووضعه تحت شيء كان عليه قاعداً، ثم دعا فاجتمع البطارقة وقومه، فقام على وسائد بنيت له، - وكذلك كانت فارس والروم - لم يكن لها [منابر] 5 ثم خطب أصحابه، فقال: "هذا كتاب الذي6 بشرنا به المسيح من ولد إسماعيل بن إبراهيم". قال: فنخروا نخرة7، فأومأ بيده أن اسكتوا، ثم قال: "جربتكم كيف نُصرتكم للنصرانية".

_ 1 ابن عدي: الكامل 3/1031، أبو القاسم: سير السلف ص 1 74، وإسناده ضعيف، فيه سعيد بن عجلان يخطئ، ويخالف، ورباح بن أبي سارة صدوق له أوهام. (الثقات: لابن حبان 6/360، والتقريب ص 205) . قال ابن عدي: "وهذان الحديثان لا يرويهما بهذا الإسناد غير رباح". واللالكائي: (شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1321، وابن أبي عاصم: الآحاد والمثاني رقم: 1424، من طريق رباح. وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 36، والهندي في الكنز 13/14، ونسبه لابن عدي وابن عساكر. 2 في الأصل: (بغضها) ، وهو تحريف. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 36، السيوطي: الجامع الصّغير 1/146، ونسبه لابن عساكر وضعّفه. وضعّفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير 3/90، وأحال على الأحاديث الضعيفة رقم: 3478. 4 الكلبي، صحابي جليل، توفي في خلافة معاوية. (التقريب ص 200) . 5 سقط من الأصل. 6 في المناقب (النبي) . 7 نَخَرَ: مد الصوت، في خياشيمه. (القاموس ص 618) .

قال: فبعث إليَّ من الغد سراً، فأدخلني بيتاً عظيماً فيه ثلاث مئة وثلاث عشرة صورة1، فإذا هي صورة الأنبياء والمرسلين - عليهم السلام - قال: "انظر أين صاحبك من هؤلاء؟ "، قال: فرأيت صورة النبي صلى الله عليه وسلم كأنه ينظر، قلت: هذا. قال: "صدقت". فقال: "من صورة هذا الذي ... 2 عن يميمنه؟ قلت: رجل من قومه يقال له: أبو بكر الصديق. قال: "فمن هذا الذي عن يساره؟ "، قلت: رجل من قومه يقال له: عمر ابن الخطاب، قال: "أما أنا نجد في الكتاب أن صاحبيه هذين يتم الله بهما الدين". فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته، فقال: "صدق، بأبي بكر وعمر، يتم الله هذا الدين ويفتح" 3. وعن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، وعن يمينه أبو بكر، وعن يساره عمر - رضي الله عنهما -، فقال: "هكذا نبعث يوم القيامة" 4. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحشر يوم القيامة بين أبي بكر وعمر، حتى أقف بين الحرمين فيأتيني أهل المدينة وأهل مكة" 5. وروى أبو القاسم الأصفهاني عن أبي أروى الدوسي6، قال: "كنت مع

_ 1 في الأصل: (ثلاثة عشر صورة) ، وهو سهو؛ لأن عشر المركبة توافق المعدود. 2 مطموس في الأصل بمقدار كلمة ولم أتبين قراءته. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 34، ولم أعثر له على إسناده حتى أحكم عليه به. 4 سبق تخريجه ص 255. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 37، وأخرجه بنحوه الترمذي: السنن 5/622، وابن عدي كما في الميزان 2/356، والقطيعي في زوائد على فضائل الصحابة لأحمد 1/150، قال الترمذي: "حديث غريب، وعاصم بن عمر ليس بالحافظ". ورمز له السيوطي بالحسن. (الجامع الصغير 1/107) . والمناوي في فيض القدير 3/41، وقال: "أورده ابن الجوزي في الواهيات، وقال: "لا يصح مداره على عبد الله بن نافع". وضعّفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير 2/9) . 6 لا يعرف اسمه ولا نسبه، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة قرقرة الكدر، توفي آخر خلافة معاوية. (الإصابة 7/5) .

رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً، فطلع أبو بكر وعمر، فقال: "الحمد لله الذي أيدني بكما" 1. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعث رجلاً في حاجة وأبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره، فقيل له: "ألا تبعث أحد هذين؟ "، قال: "كيف أبعثهما وهما من هذا الدين بمنزلة السمع والرأس؟! " 2. وروى عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين من بعدي - يشير إلى أبي بكر وعمر -، واهتدوا هدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد" 3. وروى الشيخ موفق الدين عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين، سوى النبيين والمرسلين، واختار من

_ 1 أبو القاسم: سير السلف ص 152، وإسناده ضعيف فيه عاصم بن عمر بن حفص العمري، ضعيف يعتبر. (تهذيب التهذيب 5/45، التقريب ص 286) . والحديث أخرجه أحمد: فضائل الصحابة 1/73-74، والدولابي: الكنى 1/16، والحاكم: المستدرك 3/73، وقال: "صحيح الإسناد". وتعقبه الذهبي بقوله: "عاصم واهٍ"، وذكره الهيثمي وقال: "رواه البزار والطبراني في الأوسط والكبير، وفيه عاصم وثقّه ابن حبان وضعّفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات". (مجمع الزوائد 9/52) . وذكره ابن حجر في الإصابة 7/5، ونسبه لابن عساكر، وقال: "ضعيف". 2 أبو القاسم: سير السلف ص 153، وفي إسناده فرات بن السائب وهو متروك. (التاريخ الكبير 7/130، الجرح والتعديل 7/80) . والحديث أخرجه أحمد: فضائل الصحابة 1/383، أبو نعيم: الحلية 4/93، وابن شاهين في فضائل العشرة من السنة كما في الصحيحة للألباني 3/447، العشاري: فضائل الصديق ص 7، والطبراني كما في مجمع الزوائد 9/53، وقال: "وفيه فرات بن السائب، وهو متروك". وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 8/459، من طريق جابر. قال الألباني: "وإسناده حسن". (سلسلة الأحاديث الصحيحة 3/447) . 3 سبق تخريجه ص 253.

أصحابي أربعة فجعلهم خير أصحابي، وفي كل أصحابي خير، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ" 1. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو بكر وعمر خير أهل السماوات، وخير أهل الأرض، وخير من بقي إلى يوم القيامة، إلا النبيّين والمرسلين" 2. وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أدري قدر بقائي فيكم، فاقتدوا باللذين3 من بعدي"، وأشار إلى أبي بكر وعمر. 4. / [20/ب] .

_ 1 موفق الدين: منهاج القاصدين ق 16/أ، وإسناده ضعيف، فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث صدوق غير أنه يخطئ ويلغط كثيراً، وفيه غفلة فصار يأتي في أحاديثه بعض المناكير. (التقريب ص 308، الميزان 2/440) . والحديث أخرجه البزار كما في كشف الأستار 3/288، وابن حبان: المجروحين 2/41، الخطيب: تاريخ بغداد 3/162، ابن عساكر: تاريخ دمشق ترجمة عثمان ص 116، كلهم عن طريق عبد الله بن صالح. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 10/16، وقال: "رواه البزار، ورجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف". 2 الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 5/253، ابن عدي: الكامل 2/601، 602، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية 1/193، 194، وإسناده ضعيف، فيه جبرون ابن واقد. وقال الذهبي في ميزان الاعتدال 1/387: "جبرون بن واقد متهم، ثم أورد له حديثين، وقال: وهما موضوعان". وابن قدامة: منهاج القاصدين ق 26/أ، وفي إسناده من لا يعرف. 3 في الأصل: (بالذين) ، وهو تحريف. 4 سبق تخريجه ص 220.

الباب العشرون: معرفة فضلهما من السنة

الباب العشرون: معرفة فضلهما من السنة ... الباب العشرون: في بيان معرفة فضلهما من السنة ذكر ابن الجوزي عن شقيق1 عن2 عبد الله3 قال: "حُبُّ أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة"4. وعن عبد العزيز بن جعفر اللؤلؤي5 قال: قلت للحسن6 رضي الله عنه: "حبّ أبي بكر وعمر سنة"، قال: "لا فريضة"7. وعن طاووس8 قال: "حبّ أبي بكر ومعرفة فضلهما من السنة"9. وعن مالك10 بن أنس رضي الله عنه: قال: "كان السلف يعلمون أولادهم حب أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - كما يعلمون السورة من القرآن"11. وعن أبي جعفر محمّد بن عليّ12 - رضي الله عنهما - قال: "من لا

_ 1 شقيق بن سلمة أبو وائل الأسدي. 2 في الأصل: (ابن) ، وهو تحريف. 3 ابن مسعود. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 49، وأخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1238. 5 لم أعثر له على ترجمة. 6 لعله البصري. 7 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة4/1239، وابن الجوزي: مناقب ص 39. 8 ابن كيسان اليماني: الحميري مولاهم، ثقة فاضل فقيه. توفي سنة ست ومئة. (التقريب ص 281) . 9 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة4/1239، وابن الجوزي: مناقب ص 39) . 10 الأصبحي. 11 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة4/1240، وابن الجوزي: مناقب ص 39. 12 ابن الحسين، أبو جعفر البارقي، ثقة فاضل، توفي سنة بضع عشرة ومئة. (التقريب ص 497) .

يعرف فضل أبي بكر وعمر فقد جهل السنة"1. وعن سالم بن حفصة2 قال: قال جعفر بن محمّد3 - رضي الله عنهما -: "أبو بكر جدي أفيسب الرجل جده؟ لا نالتني شفاعة محمّد إن لم أتولاهما وأبرأ من عدوهما"4. وعن زيد بن عليّ5 رضي الله عنه قال: "البراءة من بغض أبي بكر وعمر، البراءة من بغض عليّ رضي الله عنه"6. وعن شعيب بن حرب7، قال: قلت: لمالك بن مِغْوَل8 - رحمه الله -: أوصني، قال: "أوصيك بحب الشيخين - أبي بكر وعمر -"، قلت: "إن الله أعطى من ذلك خيراً كثيراً"، قال: "أي لُكَعُ9 إني والله لأرجو لك على حبهما، ما أرجو لك على التوحيد"10.

_ 1 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/139، وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/135-136، وابن الجوزي: مناقب ص 39. 2 العجلي، الكوفي، صدوق في الحديث إلا أنه شيعي غالي، توفي في حدود سنة أربعين ومئة. (التقريب ص 226) . 3 الصادق، صدوق فقيه إمام، توفي سنة ثمان وأربعين ومئة. (التقريب ص 141) . 4 أحمد: فضائل الصحابة 1/175، وعبد الله بن أحمد: السنة 2/558، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1301، وأروده ابن الجوزي: مناقب ص 39. 5 ابن الحسين المدني، ثقة، وهو الذي تنسب إليه الزيدية، قتل سنة اثنتين وعشرين ومئة. (التقريب ص 224) . 6اللالكائي: شرح أصول اعتقادأهل السنة4/1302، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص39 7 المدائني، نزيل مكة، ثقة عابد، توفي سنة سبع وتسعين ومئة. (التقريب ص 267) . 8 الكوفي، ثقة ثبت، توفي سنة تسع وخمسين على الصحيح. (التقريب ص 518) . 9 اللكَع: الأحمق، من لا يتّجه لمنطقٍ ولا غير. (القاموس ص 984) . 10 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1245.

وعن ابن أبي حازم1 عن أبيه2 قال: "قيل لعليّ بن الحسين3 - رضي الله عنهما -: كيف كانت منْزلة أبي بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال: "كمنْزلتهما اليوم وهما ضجيعاه"4. وعن العتكي5 قال: "قال هارون الرشيد6 لمالك:7 "كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، قال: "كقرب قبريهما من قبره بعد وفاته"، قال: "شفيتني يا مالك"8. وعن سفيان بن عيينة، قال: "قال مالك بن مغول رضي الله عنه: "إن شئتم لأحلفن لكم أن مكانهما في الآخرة مثل مكانهما في الدنيا"، يعني: أبا بكر وعمر، - رضي الله عنهما -"9. وروى أبو عبد الله ابن بطة10 عن ابن أبي حازم قال: "قال رجل لعليّ بن الحسين:

_ 1 عبد العزيز بن سلمة بن دينار المدني، صدوق فقيه، توفي سنة أربع وثمانين ومئة. (التقريب ص 356) . 2 سلمة بن دينار أبو حازم الأعرج، القاضي، ثقة، توفي في خلافة المنصور. (التقريب ص 247) . 3 علي بن الحسين الهاشمي، زين العابدين، ثقة ثبت عابد فقيه، توفي سنة ثلاث وتسعين. (التقريب ص 400) . 4 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1299. 5 يحيى العتكي، لم أعثر له على ترجمة. 6 ابن محمّد المهدي الهاشمي العباسي، أمير المؤمنين، توفي سنة ثلاث وتسعين ومئة. (تاريخ بغداد 14/5، سير أعلام النبلاء (9/286) . 7 ابن أنس. 8 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1299-1300، ابن الجوزي: مناقب ص 40، ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 30/ب، ابن قدامة: منهاج السنة النبوية 7/506، محمّد المقدسي: الرد على الرافضة ص 315. 9 ابن الجوزي: مناقب ص 40. 10 عبيد بن الله بن محمّد العُكبري الحنبلي، غير متقن في الرواية، إماماً في السنة والفقه، توفي سنة سبع وثمانين وثلاث مئة. (طبقات الحنابلة2/144، ميزان الاعتدال 3/15) .

"ما كان منزلة أبي بكر وعمر من النبي؟ "، قال: "كمنزلتهما الساعة"1. وروى ابن أبي مليكة2 قال: "سئل ابن عمر عن منزلة أبي بكر وعمر"، فقال: "منزلتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته كمنزلته من بعد موته"3. قال الشيخ: / [21 / أ] موفق الدين: "من خصائصهما الدالة على فضلهما اختصاصهما بالدفن في تربة النبي صلى الله عليه وسلم دون سائر الناس". قال أبو عاصم النبيل: "لم نجد لأبي بكر وعمر فضيلة مثل الدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك يدل على أن طينتهما من طينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا وقد ذُرَّ عليه من تراب حفرته" 4. قال أبو نعيم5: "هذا حديث غريب من حديث ابن عون6 لم نكتبه إلا من حديث أبي عاصم النبيل عنه، وهو أحد الأئمة الأعلام من أهل البصرة"7.

_ 1 عبد الله بن أحمد في زيادته على المسند 4/77، والزهد ص 111، وهو منقطع؛ لأن عبد العزيز بن أبي حازم لم يدرك عليّ بن الحسين. (انظر: تهذيب التهذيب 6/333، 7/304) . وأورده الهيثمي: مجمع الزوائد 9/54، وقال: "رواه عبد الله، وابن أبي حازم لم أعرفه، وشيخ عبد الله ثقة". 2 عبد الله بن عبيد الله التيمي، أدرك ثلاثين من الصحابة، ثقة فقيه، توفي سنة سبع عشرة ومئة. (التقريب ص 312) . 3 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 30/ب. 4 سبق تخريجه. 5 أحمد بن عبد الله الأصبهاني، الثقة العلامة، مصنف كتاب: (الحلية) ، و (المستخرج على الصحيحين) ، وغيرهما، توفي سنة ثلاثين وأبع مئة. (سير أعلام النبلاء (17/453) . 6 عبد الله بن عون البصري، ثقة ثبت فاضل، توفي سنة خمسين ومئة على الصحيح. (التقريب ص 317) . 7 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 20/أ، أبو نعيم: الحلية 2/280.

الباب الحادي والعشرون: ذكر فضله على من بعده

الباب الحادي والعشرون: ذكر فضله على من بعده ... الباب الحادي والعشرون: في ذكر فضله على مَن بعده ذكر ابن الجوزي عن أبي جحيفة، قال: "سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول: "ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها؟ أبو بكر، ثم قال: ألا أخبركم بخير هذه الأمة [بعد أبي بكر] ؟ 1، عمر"2. وعن أبي جحيفة قال: "قال عليّ رضي الله عنه: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وبعد أبي بكر عمر، ولو شئت أخبرتكم بالثالث"3. وعن محمّد بن عليّ بن الحنفية4، -رضي الله عنهم- قال: قلت لأبي: "يا أبت من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، قال: "أبو بكر ثم عمر"5. وعن عون بن أبي جحيفة6 قال: "كان أبي على شرطة عليّ رضي الله عنه، وكان تحت منبره، قال: سمعت عليّاً يقول: "خير هذه الأمة بعد نبيّها

_ 1 سقط من الأصل. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 40، والحديث أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 2/147، 161، وفضائل الصحابة1/76، ش". 3 أحمد: المسند2/164، وفضائل الصحابة1/80، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح". وأبو بكر بن أبي شيبة: المصنف 12/14، 15، ومن طريقه عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 2/148، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، وابن أبي عاصم: السنة 2/570، وصحّحه الألباني. 4 ابن أبي طالب الهاشمي، ثقة علام، توفي بعد الثّمانين. (التّقريب ص 497) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 2/1342، رقم: 3468، بأطول. 6 السوائي، الكوفي، ثقة، توفي سنة ست عشرة ومئة. (التقريب ص 433) .

أبو بكر وعمر"1. وعن عبد خير2، قال: "سمعت عليّاً يقول على منبر الكوفة: "خيركم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، وخيركم بعد أبي بكر عمر، ولو شئت أن أسمي بالثالث لسميت"، قال: فكأنه ينحو نفسه"3. وعن عبد خير، قال: "لما فرغ عليّ رضي الله عنه من أهل النهر4 صعد المنبر فقال: "ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ومن بعد أبي بكر عمر، ثم أحدثنا5 أموراً يقضي الله فيها ما يشاء"6. وعن خير قال: "سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول: "خير هذه الأمة نبيها، وخيرها بعد نبيها أبو بكر، وخيرها بعد أبي بكر عمر، ثم أحدثنا أحداثاً 7يقضي الله فيها ما يشاء"8.

_ 1 عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 2/160، والسنة 2/581، قال أحمد شاكر: "وإسناده صحيح". 2 عبد خير بن يزيد الهمداني، ثقة من الثالثة. (التقريب ص 335) . 3 عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 2/76، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح". وفضائل الصحابة1/308، 309والسنة2/586، 587وابن الجوزي: مناقب ص 39. 4 أي: النهروان، - وهم الخوارج -: وهي: كورة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي، كانت بها وقعة بين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، والخوارج سنة 38. وقتل فيها رأس الخوارج، وأكثر أتباعهم. (تاريخ خليفة ص: 97، معجم البلدان 5/325) . 5 في الأصل: (حدثنا) ، وهو تحريف. 6 عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 2/225، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، وفضائل الصحابة 1/310، وأورده ابن حجر في فتح الباري 7/33، وابن الجوزي: مناقب ص 39) . 7 في الأصل "حدثنا " وهو تحريف. 8 عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 2/182، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح". والنسة 2/587، باختصار، ابن الجوزي: مناقب ص 41.

وعن قيس الخارفي1، قال: "سمعت عليّاً- رضي الله عنه - يقول: "سبق رسول الله وصلّى2 أبو بكر، وثلّث عمر، ثمّ خبطتنا فتنة فما شاء الله". قال قوله: "خبطتنا فتنة فما شاء الله، أراد أن يتواضع بذلك"3. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو بكر وعمر خير أهل السموات، وخير أهل الأرض، / [21/ ب] وخير الأوّلين، وخير الآخرين إلاّ النبيين والمرسلين" 4. وعن شعبة5 قال: "ما أدركت أحداً ممن كنا نأخذ عنه، كان يفضل على أبي بكر وعمر أحداً بعد النبي صلى الله عليه وسلم"6. وعن عبد خير قال7 قلت لعلي بن أبي طالب: "يا أمير المؤمنين من أول الناس دخولاً الجنة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أبو بكر وعمر" قلت: يا أمير المؤمنين يدخلانها قبلك؟ قال: "والذي فلق الحبة وبرأ النسمة8، إنهما ليأكلان من ثمارها ويتكئان على فرشها"9.

_ 1 أبو المغيرة الخارفي الكوفي، وثقه ابن حبان. (تهذيب التهذيب 8/406) . 2 صلّى: أي ثنى والمصلّي في خيل الحلبة هو الثّاني، سمي به لأنّ رأسه يكون عند صلا الأوّل وهو ما عن يمين الذّنب وشماله. (انظر النّهاية 3/50) . 3 أحمد: المسند 2/221، وفضائل الصّحابة 1/214، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح" وعبد الله بن أحمد: السنة2/564، وأورده ابن الجوزي في المناقب ص41، والهيثمي في مجمع الزوائد9/54 وقال: "رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجال أحمد ثقات". 4 سبق تخريجه ص 254، 261، 262. 5 شعبة بن الحجاج العتكي مولاهم، ثقة حافظ متقن توفي السنة ستين ومئة. (التقريب ص 266) . 6 ابن الجوزي: مناقب ص 41. 7 كلمة (قال) ساقطة من الأصل سوى (قال) . 8 خلق الإنسان. (القاموس ص 1500) 9 العشاري: فضائل أبي بكر الصديق، ص 8، وفي إسناده عمار بن مطر، قال أبو حاتم فيه: "كان يكذب". (الجرح والتعديل 6/394) . وابن الجوزي: مناقب ص 41، والنهدي: كنْز العمال 13/9.

وعن ابن عمر قال: "كنا نخيّر بين الناس على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخيّر أبا بكر ثم عمر ثم عثمان بن عفان - رضي الله عنهم -"1. وعن قبيصة بن عقبة2، قال: "سمعت سفيان3 يقول: "من فضل عليّاً على أبكر فقد أزرى4 على المهاجرين والأنصار، وأخاف أن لا ينفعهمع ذلك عمل"5. وروى الشيخ موفّق الدين عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، - رضي الله عنهما -". وقال: "إن إسناده صحيح عالٍ. وإن رجاله كلهم ثقات"6. وقال الشّيخ موفق الدين: "قد اشتهر عنه - يعي: عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه - أخبار تبلغ رتبة التواتر أنه قال: "خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر"7.

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1337، رقم: 3455. 2 السوائي، الكوفي، صدوق ربما خالف، توفي سنة خمس عشرة ومئتين. (التقريب ص 453) . 3 ابن سعيد الثوري، ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة. توفي سنة إحدى وستين ومئة. (التقريب ص 244) . 4 أزرى: عاب. (القاموس ص 1666) . 5 الفسوي: المعرفة والتاريخ 1/467، وإسناده حسن. وبنحوه أبو داود: السنن 4/206، وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/248. 6 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق38/أ، وقد سبق تخريجه ص279، 280. 7 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 38/أ. هذا الكلام من عليّ في حق أبي بكر وعمر، - رضي الله عنهما -، يدل على إنصافه رضي الله عنه، ويتضمن محبته لأبي بكر وعمر، وفيه تكذيب للرافضة الذين يزعمون أن عليّاً خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو بكر أحمد بن محمّد بن هارون بن يزيد الخلال12: "روى تسعون نفساً أو نحوهم، عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وثمانون من التابعين أن عليّاً بن أبي طالب رضي الله عنه قال على المنبر: "خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر. وقال: عمرو بن حُريث3 منهم: "وعثمان"4. وروى أبو الحسن السكري5 عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو بكر وعمر خير أهل السماوات، وخير أهل الأرض، وخير الأوّلين إلا النبيّين والمرسلين" 6. وروى عن شعبة7 قال: "ما أدركت أحداً ممن كنا نأخذ منه كان يفضل على أبي بكر وعمر أحداً بعد النبي صلى الله عليه وسلم"8.

_ 1 قال ابن تيمية في منهاج السنة 6/137: "وقد روي هذا عنه من طرق قيل إنها تبلغ ثمانين طريقاً"، وقال الذهبي في تاريخ الإسلام عهد الخلفاء ص 115: "وهذا والله العظيم قول عليّ، وهو متواتر عنه؛ لأنه قاله على منبر الكوفة". 2 شيخ الحنابلة وعالمهم، وهو الذي جمع علومَ أحمد وتطلّبها وسافر لأجلها، توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء (14/298) . 3 ابن عمرو المخزومي القرشي، صحابي صغير، توفي سنة خمس وثمانين. (التقريب ص 420) . 4 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 37/ب، والأثر عن عمرو بن حريث أخرجه القطيعي في زيادته على فضائل الصحابة لأحمد 1/411، والخطيب: تاريخ بغداد 8/376، 12/315، 14/417، ابن عساكر: تاريخ دمشق ترجمة عثمان 148، 149. وفي إسناده سويد مولى عمرو بن حريث ذكره البخاري وابن حاتم وسكتا عنه. (التاريخ الكبير 2/146، الجرح 2/237) . 5 عليّ بن عمر الحِمْيَرِيُّ صدوق في نفسه، توفي سنة ست وثمانين وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء (16/538، الميزان 3/148) . 6 سبق تخريجه ص 254، 261، 262. 7 ابن الحجاج. 8 سبق تخريجه ص 281.

وفي (عوالي أبي الشيخ) عن عبد خير قال: "سمعت عليّاً يقول: "ألا أنبئكم بأفضل هذه الأمة بعد نبيّها صلى الله عليه وسلم؟ أبو بكر وعمر، وإن شئت أن أسمي الثالث لفعلت"1. وخرج البخاري في صحيحه عن محمّد بن الحنفية / [22 / أ] قال: قلت لأبي: "يا أبت من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "يا بني ولا تعلم؟ "، قلت: لا، قال: "أبو بكر"، قلت: ثم من؟، قال: "يا بني ولا تعلم؟ "، قلت: لا، قال: "ثم عمر"، قال: ثم بدرته، قلت يا أبت ثم أنت؟ فقال: "يا بني أبوك رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم". ورواه الشيخ موفق الدين في المنهاج بلفظه. والله أعلم2.

_ 1 أبو الشيخ في جزئه ص 122، وفي إسناده أبيض بن إبان، وهو ضعيف. وقد سبق تخريجه ص 279، 280، 281. 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1342، رقم: 3468، نحو، موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 38/أ.

الباب الثاني والعشرون: صلابته في دين الله وشدته

الباب الثاني والعشرون: صلابته في دين الله وشدته ... الباب الثاني والعشرون: في ذكر صلابته في دين الله وشدّته في الصحيح عن عا ئشة: أن عمر دخل والحبشة يلعبون في المسجد، فزجرهم عمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعهم أمْناً بني أَرْفِدَة"، يعني: من الأمن1. وفيه عن جابر أن عمر قال - لما قال عبد الله بن أبي: {لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} ، [المنافقون: 8] : "ألا تقتل يا نبي الله هذا الخبيث؟ "، لعبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يتحدّث الناس أنّه كان يقتل أصحابه" 2. وفيه عن أبي وائل3 قال: "كنا بصفِّين4، فقام سهل بن حني ف5 فقال: "يا أيها الناس! اتّهموا أنفسكم، فإنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالاً لقاتلنا، فجاء عمر بن الخطاب فقال: "يا رسول الله ألسنا على الحقّ وهم على الباطل؟ "، فقال: "بلى"، فقال: "أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ "، قال: "بلى"، قال: "فعَلامَ نُعطي الدنيَّة في ديننا؟، أنرجع ولم يحكمِ الله بيننا وبينهم؟ "، فقال: "يا ابن الخطاب، إني رسول الله ولن

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب العيدين 1/335، رقم: 944. 2 البخاري: الصحيح، كتاب المناقب 3/1296، رقم: 3330، مسلم: الصحيح، كتاب البر والصلة والآداب 4/1998، رقم: 2548. 3 شقيق بن سلمة. 4 صفين: موضع بقرب الرق، على شاطئ الفرات من الجانب الغربي، بين الرقة وبالس، فيه كان واقعة صفين بين عليّ ومعاوية - رضي الله عنهما - سنة سبع وثلاثين في غرة صفر. (معجم البلدان 3/414، وانظر: أخبارها في تاريخ الإسلام - عهد الخلفاء - ص 577) . 5 الأنصاري الأوسي، من أهل بدر، توفي في خلافة عليّ. (التقريب ص 257) .

يضيِّعني الله أبداً"، فانطلق عمر إلى أبي بكر فقال له مثل ما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنه رسول الله ولن يضيّعه الله أبداً"، فنزلت سورة الفتح، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر إلى آخرها، قال عمر: "يا رسول الله أوفتح هو؟ "، قال: "نعم" 1. وفي رواية، قال عمر: "فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألستَ نبي الله حقاً؟ قال: "بلى"، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى"، قلت: فلمَ نُعطي الدَنيَّة في ديننا إذاً؟ قال: "إني رسول الله ولستُ أعصِيهِ وهو ناصري"، قلت: أوَليس كنت تحدّثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ "، قال: قلت: لا. قال: "فإنك آتيه ومُطّوِّف به". قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: "بلى"، قلت: ألسنا على الحق وعدوّنا على الباطل؟ قال: "بلى"، قلت: فلِمَ نعطي الدنيّة في ديننا إذاً؟ قال: "أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربّه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه2، فوالله إنه على الحق. "قلت: أليس كان يحدّثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ "، قال: "بلى، فأخبرك أنك تأتيه العام؟ "، قلت: لا. قال: "فإنك آتيه ومطوّف به". قال الزهري3: قال عمر: "فعملت لذلك أعمالاً"4. وفي الصحيحين في حديث حاطب5 لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عليّاً والزبير

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الجزية 3/1162، رقم: 3011. 2 الغرز: ركاب من جلد، والمراد: التمسك بأمره، وترك المخالفة له، كالذي يمسك بركاب الفارس فلا يفارقه. (انظر: القاموس ص 668، وفتح الباري 5/346) . 3 محمّد بن مسلم. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الشروط 8/978، رقم: 2582، بأطول. 5 ابن أبي بلتعة اللخمي، شهد بدراً، وتوفي سنة ثلاثين في خلافة عثمان. (الإصابة 1/314) .

والمقداد فجاءوا بالكتاب من الضعينة1، قال عمر: "يا رسول الله دعني أضرب عُنقَ هذا المنافق"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعلّ الله أن يكون قد اطّلع على أهل بدر، فقال: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، فدمعت عينا عمر، وقال: "الله ورسوله أعلم"2. وفي الصحيح عن ابن عمر: أن عمر انطلق في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم قِِبلَ ابن صياد3 حتى وجده يلعب مع الغلمان عند أُطُم4 بني مَغَالَة5، وقد قارب ابن صياد يومئذ يحتلم، فلم يشعر بشيء حتى ضرب النبي ظهره بيده، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتشهد أنّي رسول الله؟ "، فنظر ابن صياد فقال: "أشهد أنك رسول الأميين"، قال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم: "أتشهد أني رسول الله؟ "، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "آمنت بالله ورسله"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ماذا ترى؟ "، قال ابن صياد: "يأتيني صادق وكاذب"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خلط عليك الأمر"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد خبأتُ لك خِبئاً"، / [22/ب] ، قال ابن صياد: "هو الدُّخُّ"6. قال النبي

_ 1 الضعينة: المرأة ما دامت في الهودج. (القاموس ص 1566) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1463، رقم: 3762، مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1941، رقم: 2494. 3 عبد الله بن صائد، وهو الذي يقال له: ابن صياد. كان أبوه من اليهود ولا يدرى من أي قبيلة هو، وهو الذي يقال: إنه الدجال. (الإصابة 5/136) . 4 الأطم: حصن مبنيّ بحجارة. (لسان العرب 12/19) . 5 بطن من الأنصار، وهم بنو عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، نسبوا لأمهم مغالة بنت فُهيرة بن بياضة. (جمهرة أنساب العرب ص 347، فتح الباري 3/220) . 6 خبأ له النبي صلى الله عليه وسلم رسوة الدخان، فلم يهتد ابن صياد منها إلا لهذا القدر الناقص على طريقة الكهنة. (انظر: فتح الباري 6/173) .

صلى الله عليه وسلم: "اخسأ1، فلن تعدو قدرك". قال عمر: "يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن يكن هو فلن تسلط عليه، وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله" 2. وفي الصحيحين3 عن البراء4 أن أبا سفيان5 أشرف يوم أحد6 فقال: "أفي القوم محمّد؟ "، فقال: "لا تجيبوه"، قال: "أفي القوم ابن أبي قحافة؟ "، قال: "لا تجيبوه"، قال: "أفي القوم ابن الخطاب؟ "، قال: "إن هؤلاء قتلوا"7. وفي رواية8: "قتلوا9 كلهم فلو كانوا أحياء لأجابوا"، فلم يملك عمر نفسه، فقال: "كذبت يا عدوّ الله، أبقى الله لك ما يخزيك"10، 11. وتقدم حديث الأسود12 في الباب السابع عشرة13.

_ 1 اخسأ: اسكت صاغراً مطرودا مبعداً. (النهاية 2/31، فتح الباري 10/562) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد، 3/1112، رقم: 2889، 2890، مسلم: الصحيح، كتاب الفتن وأشراط الساعة 4/2246، رقم: 2930. 3 لعله سهو من المؤلف، وإلا فالحديث لم يخرجه مسلم. 4 ابن عازب. 5 صخر بن حرب القرشي الأموي رأس المشركين يوم أحد والأحزاب، أسلم عام الفتح وشهد حنيناً والطائف. توفي سنة إحدى وثلاثين. (الإصابة 3/235) . 6 أحد: جبل يقع في شمال المدينة ويبعد عن المسجد النبوي خمسة كيلاً، ونصف الكيل، وبه سميت وقعة أحد. (معجم معالم الحجاز1/58-59، والسيرة الصحيحة2/378) . 7 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1486، رقم: 3817 بأطول. 8 مطموس في الأصل سوى: (روا) . 9 في الأصل: (قتلا) ، وهو تحريف. 10 مطموس في الأصل سوى: (ما يخز) . 11 لم أجده. 12 ابن سريع. 13 في الأصل: (السادس) ، وهو تحريف. انظر ص 224، 226.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أشد أمتي في الله عمر" 1. وروى ابن الجوزي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "حدّثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "أسر يوم بدر من المشركين سبعون رجلاً، واستشار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعليّاً فقال أبو بكر: "يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن نأخذ منهم الفدية؛ فيكون ما أخذنا منهم قوّة على الكفار، وعسى أن يهديهم الله تعالى فيكونوا لنا عضُداً". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ترى ابن الخطاب؟ "، فقلت: "والله ما أرى ما رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكني من فلان - قريب عمر - فأضرب عنقه، وتمكن عليّاً من عقيل2 فيضربَ عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هَوَادةٌ للمشركين، هؤلاء صَنَاديدهم3، وأئمتهم وقادتهم. فهَوِي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهوَ ما قلت، فأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغد غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإذا هو قاعد وأبو بكر يبكيان، فقلت: يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاءً بكيتُ، وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أبكي للذي عرَض لأصحابك4 من الفداء، لقد عُرض عليّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة - وأنزل الله عزوجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} ، إلى قوله: {لَّوْلاَ كِتَابٌ مِنَ الله سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} ، من

_ 1 سبق تخريجه ص 227، 233. 2 ابن أبي طالب. 3 الصنديد: السيّد الشّجاع. (القاموس ص 375، 376) . 4 في المسند: (عَرَض علي) .

الفداء {عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، [الأنفال: 67، 68] 1. وعن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسر الأسارى يوم بدر استشار أبا بكر فقال: "قومك وعشيرتك فخل سبيلهم"، واستشار عمر فقال: "اقتلهم"، ففاداهم رسول الله فأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} ، [الأنفال: 67] ، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم عمر فقال: "كاد يصيبنا في خلافك شرّ" 2. وفي الصحيح عن ابن عباس عن عمر قال: "والله إن كنّا في الجاهلية ما نعدّ للنساء أمراً حتى أنزل الله عزوجل فيهنّ ما أنزل وقسم لهن ما قسم، قال: فبينا3 أنا في أمر أتأمّره إذ قالت امرأتي: "لو صنعت كذا وكذا"، قال: فقلت لها: ما لك ههنا فيما تَكَلُّفُكِ4 في أمر أريده، فقالت لي: "عجباً لك يا ابن الخطاب ما تريد أن تراجعَ، وإن ابنتك لتراجعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان"، فقام عمر فأخذ رداءه مكانه حتى دخل حفصة، فقال لها: يا بنيّة إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان؟! فقالت حفصة: "والله إنا لنراجعه"، فقلت: تعلمين [أني] 5 أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله، يا بنيّة لا يغرنك هذه التي أعجبها حُسنها حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إيّاها، - يريد عائشة - قال: ثم خرجت حتى دخلت

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 42، والحديث سبق تخريجه ص 188. 2 الحاكم: المستدرك 2/329، وقال: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". قال الذهبي: "على شرط مسلم". وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 43. 3 مطموس في الأصل، سوى: (فبيـ) . 4 مطموس في الأصل سوى: (تكلفـ) . 5 مطموس في الأصل.

على أم سلمة1 لقرابتي منها فكلّمتها، فقالت أم سلمة: "عجباً لك يا ابن الخطاب، دخلت في كل شيء، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أزواجه"، فأخذتني والله أخذاً كسرتني عن بعض ما كنت أجد، قال: فخرجت من عندها، وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنتُ أنا آتيه بالخبر، ونحن نتخوف ملكاً من ملوك غسان، ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، قد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب فقال: "افتح افتح"، فقلت: أجاء الغسّاني؟ فقال: "بل أشد من ذلك، اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه"، فقلت: أرغم الله أنف حفصة وعائشة، فأخذت ثوبي فأخرج حتى جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربة2 له يرقى عليها بعَجَلَة3، [وغلام] 4 لرسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس الدرجة، فقلت: قل هذا عمر بن الخطاب، فأذن لي، قال عمر: فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، [وتحت رأسه] 5 / [23/أ] وسادةٌ من أدم حشوها ليف، وإن عند رجلي قَرَظاً6 مصبوراً7 أو قال:

_ 1 هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، أم المؤمنين، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبي سلمة، توفيت سنة اثنتين وستين. (التقريب ص 754) . 2 المشربة: الغرفة العالية. (فتح الباري 5/116) . 3 عجل: هو أن ينقر الجذع ويُجعل فيه الدرج ليصعد فيه إلى الغرف وغيرها. (النهاية 3/186) . 4 مطموس في الأصل. 5 مطموس في الأصل. 6 مطموس في الأصل، سوى: (قر) ، والقرظ: ورق السَّلَّم. (النهاية 4/43) . 7 مصبوراً، أي: مجموعاً قد جعل صُبره كصُبرة الطعام. (النهاية 3/9) . البخاري: الصحيح، مع الفتح 4/67، رقم: 629.

مصبوباً، وعند رأسه أهُبٌ1 مُعَلَّقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت، فقال: "ما يبكيك؟ "، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله، فقال: "أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة" 2.

_ 1 الأهب: جمع إهاب، وهو الجلد. (النهاية 1/83) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1866، رقم: 4629.

الباب الثالث والعشرون: إقدامه على أشياء من أوامر الرسول عليه السلام

الباب الثالث والعشرون: إقدامه على أشياء من أوامر الرسول عليه السلام ... الباب الثالث والعشرون: في ذكر إقدامه على أشياء من أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخذ بذلك لصحة مقصده في الصحيح عن سلمة1 قال: "خفّت أزواد الناس وأملقوا2، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم في نحر إبلهم فأذن لهم، فلقيهم عمر فأخبروه فقال: "ما بقاؤكم بعد إبلكم؟ "، فدخل عمر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله بما بقاؤهم بعد إبلهم؟ "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم"، فدعا وبرّك عليه ثم دعاهم وبأوعيتهم فاحتثى الناس حتى فرغوا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله" 3. وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: "وجد عمر حُلة إستبرق4 تباع في السوق، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله ابتع هذه الحلة تجمل بها للعيد وللوفود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هذه لباس من لا خلاق له، أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له"، فلبث ما شاء الله. ثم أرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم بجبّة ديباج، فأقبل بها عمر حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، قلت: "إنما هذه لباس من لا خلاق له، أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له، ثم أرسلت إليّ بهذه؟ "، فقال: "تبيعها، أو تصيب بها بعض حاجتك"5.

_ 1 ابن الأكوع. 2 افتقروا. (القاموس ص 1193) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب الشركة 2/879، رقم: 2352. 4 الإستبرق: الديباج الغليظ. (القاموس ص 1120) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1111، رقم: 2889، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1638، رقم: 2068.

وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قام على قتلى بدر وقال: "هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ " قال عمر: "يا رسول الله ما تُكلمُ من أجساد لا أرواح1 فيها". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمّد بيده ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم" 2. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي على عبد الله بن أبي، جذبه عمر، وقال: "أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟ "، فقال: "أنا بين خيرتين: {اسْتَغْفِرْ لَهُم أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُم إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} ، فنزلت: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحْدٍ مِّنْهُمْ مَّاتَ أَبَداً} [التوبة: 80، 84] 3. وفي رواية: "فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولتُ حتى قمت في صدره، فقلت: "يا رسول الله أعلى عدوّ الله ابن أبي القائل يوم كذا كذا وكذا وكذا، أعدد أيامه،؟ "، قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم، حتى إذا أكثرتُ عليه قال: "أخِّرْ4 عنّي يا عمر إني خيّرت فاخترت قد قيل: {اسْتَغْفِرْ لَهُم أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُم إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] ، ولو علمت أني إن زدت على السبعين غفر لهم لزدت". ثم صلى عليه ومشى معه، فقام على قبره حتى فرغ منه، فعجباً لي ولجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم، فو الله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هاتان الآيتان: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحْدٍ مِّنْهُمْ مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَى

_ 1 في الأصل: (رواح) ، وهو تحريف. 2 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1461، رقم: 3757، بأطول، وأخرجه بنحوه مسلم: الصّحيح، كتاب الجنائز 1/643، رقم: 93. 3 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/427، رقم: 1210. 4 أي: تأخر: وقيل معناه: أخّر عني كلامك. (فتح الباري 8/337) .

قَبْرِهِ} ، إلى قوله: {فَاسِقُونَ} ، [التوبة: 84] ، فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها على منافق ولا قام على قبره، حتى قبضه الله عزوجل"1. وعن البراء قال: "لما كان أحد جاء أبو سفيان بن حرب فقال: "أفيكم محمّد؟ "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجيبوه"، ثم قال: "أفيكم محمّد؟ "، فلم يجيبوه، ثم قال الثالثة، فلم يجيبوه، ثم ذكر أبا بكر وعمر. فقال: "أما هؤلاء فقد كفيتموهم"، فلم يملك عمر نفسه، قال: "كذبت يا عدو الله، ها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وأنا، أحياءٌ، ولك منا / [23/ب] يوم سوء"، فقال: "يوم بيوم بدر والحرب سِجال2، فقال: "أعل هبل"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أجيبوه"، قالوا: "يا رسول الله ما نقول؟ "، قال: "قولوا: الله أعلى وأجل"، قال3: "لنا العزى ولا عزى لكم"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أجيبوه"، قالوا: "يا رسول الله ما نقول؟ "، قال: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم" 4. وعن عكرمة5، أن أبا سفيان لما قال: أعل هبل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: "قل: الله أعلى وأجل"، فقال أبو سفيان: "لنا العزى ولا عزى

_ 1 أحمد: المسند 1/195، رقم: 95، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، الترمذي: السنن 5/279، رقم: 3097، وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، وأخرجه البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/459، رقم: 1300 بنحوه. 2 السجال: المكافأة في الحرب وغيرها. (شرح أبي ذر الخشني بحاشية ابن هشام 3/136) . 3 في الأصل: (قالوا) ، وهو تحريف. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 2/1106، رقم: 2874، بألفاظ مقاربة. وأورزه ابن الجوزي: مناقب ص 44. 5 مولى ابن عباس.

لكم"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " [قل] 1: الله مولانا ولا مولى لكم" 2. وعن أبي وائل،3 قال: "قال سهل بن حنيف في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، قال: "جاء عمر فقال: "يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ "، قال: "بلى". قال: "أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ "، قال: "بلى ". قال: "فعلام نعطي الدَّنيّة في ديننا ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم؟ "، قال: "يا ابن الخطاب إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبداً"، فانطلق عمر إلى أبي بكر - رضي الله عنهما - ولم يصبر متغيّظاً حتى أتا أبا بكر، فقال: "يا أبا بكر، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ "، قال: "بلى"، قال: "أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ "، قال: بلى. قال: "يا ابن الخطاب إنه رسول الله، ولن يضيعه الله". فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه، فقال: "يا رسول الله أوفتح هو؟ "، قال: "نعم"، فطابت نفسه ورجع"4. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: "كنا قعوداً حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو بكر وعمر، في نفر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا، وفزعنا، وقمنا، فكنت أوّل من فزع فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطاً5 للأنصار لبني النجار، فدرت به هل أجد له

_ 1 سقط من الأصل. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 44، وهو منقطع. 3 شقيق بن سلمة. 4 مسلم: الصّحيح، كتاب الجهاد والسير 3/1411، رقم: 1785، وسبق تخريجه من رواية البخاري ص 229؟ 5 الحائط: البستان. (القاموس ص 856) .

باباً فلم أجد، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط [من] 1 بئر خارجة (والربيع: الجدول) 2، فاحتفزت فدخلت عل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أبو هريرة؟ "، فقلت: نعم يا رسول الله، قال: "ما شأنك؟ "، قلت: كنت بين ظهرينا3، فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقطع دوننا، ففزعنا، وكنت أوّل من فزع، فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي. فقال: "يا أبا هريرة - وأعطاني نعليه - اذهب بنعلي هاتين فمن لقيته من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله / [24 / أ] مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة"، وكان أوّل من لقيت عمر، فقال: "ما هذان النعلان يا أبا هريرة؟ "، فقلت: هذان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني بهما من لقيتُ يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً قلبه بشرته بالجنة، فضرب عمر بين ثدييّ بيده، فخررت لأستى، فقال: "ارجع يا أبا هريرة"، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجهشت بالبكاء وركبني4 عمر. وإذا هو على أثري فقال رسول الله: "ما لك يا أبا هريرة؟ "، قلت: لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني5 به، فضرب بين ثدييّ ضربة فخررت لأستى، فقال: "ارجع"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عمر ما حملك على ما فعلت؟ "، فقال: "يا رسول الله أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه بشّره

_ 1 سقط من الأصل. 2 انظر: لسان العرب 8/107. 3 في الأصل: (أظهرنا) ، ثم طمس عيلها، وكتب: (ظهرينا) ، وفي صحيح مسلم: (أظهرنا) ، قال النووي: "هكذا هو في الموضعين أظهرنا، وقال القاضي: "ووقع الثاني في بعض الأصول ظهرينا، وكلاهما صحيح". (انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 1/334) . 4 ركبني: تبعني وجاء على إثري. (لسان العرب 1/432) . 5 في الأصل: (بعثني) ، وهو تحريف.

بالجنة؟ "، قال: "نعم"، قال: "فلا تفعل؟ فإني أخاف أن يتكل الناس عليها فخلّهم يعملون"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فخلّهم" 1. وعن الأعمش2 عن أبي صالح3 عن أبي سعيد4 أو عن أبي هريرة - رضي الله عنهما - شك الأعمش. قال: "لما كان في غزوة تبوك5، أصاب الناس مجاعة، فقالوا يا رسول الله لو أذنت فذبحنا نواضحنا6 فأكلنا وادّهنّا، فقال لهم رسول الله: "افعلوا"، فجاء عمر فقال: "يا رسول الله إنهم إن فعلوا قل الظهر، ولكن ادعهم فيأتوا بفضل أوزادهم، ثم ادع لهم عليه بالبركة، فلعل الله عزوجل أن يجعل في ذلك"7، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنطع8 فبسطه ثم دعاهم بفضل أزوادهم، فجعل الرجل يجيء بكف الذرة، والآخر بكف التمر، والآخر بالكسرة، حتى اجتمع من ذلك على النطع شيء يسير9. ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة ثم قال: "خذوا

_ 1 مسلم: الصّحيح، كتاب الإيمان 1/59، رقم: 31. 2 سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، الكوفي، ثقة حافظ عارف بالقراءات ورع لكنه يدلس، توفي سنة سبع وأربعين ومئة. (التقريب ص 54) . 3 ذكوان، أبو صالح السمان الزيات، المدني، ثقة ثبت، توفي سنة إحدى ومئة. (تهذيب التهذيب 3/189-190، التقريب ص 203) . 4 سعد بن مالك الخدري. 5 تبوك: موضع بين وادي القرى والشام، خرج إليها النبي صلى الله عليه وسلم في سنة تسع للهجرة، وهي آخر غزواته، وتبوك الآن مدينة كبيرة وهي قاعدة شمال غرب المملكة العربيّة السّعوديّة، وتبعد عن المدينة حوالي سبع مئة كيل. (معجم البلدان 2/14، شمال غرب المملكة 1/349) . 6 النواضح من الإبل التي يستقى عليها الماء، والأنثى بالهاء: ناضحة. (لسان العرب 2/619) . 7 في محذوف تقديره: "يجعل في ذلك بركة أو خيراً"، فحذف المفعول به لأنه فضلة. (شرح النووي 1/225) . 8 النطع: بالكسر وبالفتح وبالتحريك، وكعِنَب: بساطٌ من الأديم. (القاموس ص991) . 9 في الأصل: (شيئاً يسيراً) ، وهو سهو من المؤلف، لأنه فاعل والفاعل مرفوع، ويسير صفة لشيء.

في أوعيتكم"، فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العكسر وعاء، إلا ملأوه، وأكلوا حتى شبعوا، وفضلت منه فضلة، فقال رسول الله: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أني رسول الله، لا يلقى الله بها عبد غير شاك، فيحجب عن الجنة" 1. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب2 رضي الله عنه ف قال: "امرأة جاءت تبايعه3 فأدخلها الدولج4 فأصبت منها ما دون الجماع؟ "، فقال: "ويحك لعلها مُغيبة5 في سبيل الله؟ "، ونزل القرآن: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيِّئَاتِ} [هود: 114] ، / [24 / ب] ، إلى آخر الآية، فقال: "يا رسول الله إليّ خاصة أم للناس عامة؟ "، فضرب صدره - يعني عمر - بيده، وقال: "لا، ولا نَعْمة عين، بل للناس عامة"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق عُمر" 6. وعن عبيدة7، قال: "جاء عيينة بن حصن8 والأقرع

_ 1 مسلم: الصّحيح، كتاب الإيمان 1/56، رقم: 27. 2 هكذا ف في الأصل والمسند. 3 تبتاع منه. 4 الدولج: المخدع. وهو البيت الصغير داخل البيت الكبير. (لسان العرب 2/274) . 5 المُغيبة: والمُغيب: التي غاب عنها زوجها. (النهاية 3/399) . 6 أخرجه أحمد: المسند 4/41، قم: 2206، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح". وأورده الهيثمي: مجمع الزوائد 7/38، بنحوه وقال: "رواه أحمد والطبراني في الكبير - بزيادة - وفي الأوسط باختصار كثير، وفي إسناده أحمد والكبير عليّ بن زيد، وهو سيئ الحفظ ثقة، وبقية رجاله ثقات، وإسناد الأوسط ضعيف". 7 عبيدة بن عمرو السلماني المرادي الكوفي، تابعي كبير مخضرم، فقيه ثقة، توفي سنة اثنتين وسبعين. (التقريب ص 379) . 8 الفزاري: أسلم قبل الفتح وشهدها، وشهد حنيناً والطائف، ثم ارتدّ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى الإسلام، وتوفي في خلافة عثمان رضي الله عنه. (الإصابة 5/55) .

ابن حابس1 إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالا: "يا خليفة رسول الله إن عندنا أرضاً سبخة2 ليس فيها كلاً ولا منفعة، فإن رأيت أن تقطعنا لعلنا3 نحرثها أو نزرعها، لعل الله أن ينفع بها بعد اليوم، فقال أبو بكر لمن حوله: "ما تقولون فيما قالا، إن كانت أرضاً سبخة لا ينتفع بها؟ "، قالوا: "نرى أن تقطعهما إياها، لعل الله ينفع بها بعد اليوم"، فأقطعهما إياه، وكتب لهما بذلك كتاباً، وأشهد عمر، وليس في القوم، فانطلقا إلى عمر يُشهدانه فوجداه قائماً يهنأ4 بعيراً له، فقالا: "إن أبا بكر أشهدك على ما في هذا الكتاب فنقرأ عليك أو تقرأ؟ "، فقال: "أنا على الحال الذي5 تريان، فإن شئتما فاقرءوا وإن شئتما فانظرا حتى أفرغ، فأقرأ عليكما"، قالا: "بل نقرأ فقرأ فلما سمع ما في الكتاب تناوله من أيديهما ثم تفل عليه فمحاه، فتذمرا، وقالا مقالة سيّئة، فقال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتألفكما، والإسلام يومئذ ذليل، وإن الله قد أعز الإسلام، فاذهبا فاجهدا جهدكما، لا رعى [الله] 6 عليكما إن رعيتما"، قال: فأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمّران فقالا: "والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟! "، فقال: "لا، بل هو لو كان شاء"، قال فجاء عمر - وهو مغضب - فوقف على أبي بكر فقال: "أخبرني عن هذه

_ 1 ابن عقال التميمي المجاشعي الدارمي، شهد فتح مكة، وحنيناً، والطائف، واليمامة، ودومة الجندل. وشهد مع خالد حروب العراق. وتوفي في خلافة عثمان رضي الله عنه. (الإصابة 1/59) . 2 السّبخة: محركة ومسكنة: أرض ذات نزّ وملح. (القاموس ص 323) . 3 في الأصل: (لعل) ، وهو تحريف. 4 يهنأ: الإبل يهنؤها، مُثلثة النون، طلاها بالهِناء، أي: القطران. (لسان العرب1/187، القاموس ص 72) . 5 قوله: "الذي"، مطموس في الأصل، والتصويب من الهامش. 6 سقط من الأصل.

الأرض التي أقطعتها هذين، أرضٌ هي لك خاصة، أم للمسلمين عامة؟ "، قال: "بل للمسلمين عامة"، قال: "فما حملك أن تخص بها هذين دون جماعة المسلمين؟ "، قال: "استشرت هؤلاء الذين حولي فأشاروا عليّ بذلك"، قال: "فإذا استشرت هؤلاء الذين حولك، فكل المسلمين أوسعتهم مشورة وَرَضىً) ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: "قد كنت قلت لك إنك على هذا أقوى مني، ولكن غلبتني"1. وفي الصحيح عن عبد الله بن الزبير2: أنه قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: "أمِّر القعقاع بن معبد بن زرارة3"، قال عمر: "بل أمّر الأقرع بن حابس"، قال أبو بكر: "ما أردت إلا خلافي"، قال عمر: "ما أردت خلافك" فتماريا4 حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] ، حتى انقضت"5. (25/أ) .

_ 1 البخاري: التاريخ الكبير 1/81، ابن الجوزي: مناقب ص 47، ابن حجر: الإصابة 5/56، ونسبه للبخاري في التاريخ الصغير وأمالي المحاملي. والإصابة 1/58، وقال: "وروى البخاري في تاريخه الصغير ويعقوب بن سفيان بإسناد صحيح". ثم قال: "قال عليّ بن المديني في العلل: "هذا منقطع؛ لأن عبيدة لم يدرك القصة، ولا روى عن عمر أنه سمعه منه، قال: ولا يروى عن عمر بأحسن من هذا الإسناد". وأشار إليه في فتح الباري 13/258، ونسبه للبخاري في التاريخ الصغير، والهندي في الكنز 12/583، ونسبه ليعقوب بن سفيان وابن عساكر لكن فيه بدل عيينة الزبرقان. 2 ابن العوام الأسدي، كان أوّل مولود في الإسلام من المهاجرين وولي الخلافة تسع سنين إلى أن قتل في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين. (التقريب ص 303) . 3 التميمي الدارمي، شهد حنيناً، وكان يقال له: تيار الفرات لسخائه. (الإصابة 5/245) . 4 تماريا: تجادلا وتخاصما. (انظر: لسان العرب 15/278) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1587، رقم: 4109.

وقد راجع أبا بكر في قتال مانعي الزكاة ففي الصحيحين والمسند أن أبا هريرة قال: "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر بعده، وكَفَر من كفر من العرب، قال عمر: "يا أبا بكر كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه، إلا بحقه وحسابه على الله"، قال أبو بكر: "والله لأقاتلن - وقال أبو اليمان1: "لأقتلنّ2 - من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً3 كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم على منعها". قال عمر: "فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله عزوجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق"4.

_ 1 الحكم بن نافع البهراني، الحمصي، مشهور بكنيته ثقة، ثبت، توفي سنة اثنتين وعشرين ومئتين. (التقريب ص 176) . 2 أحمد: المسند 1/206) . 3 العناق: هي الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم له سنة. (لسان العرب 10/275) . 4 أحمد: المسند 1/206، واللفظ له، والبخاري: الصحيح، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين6/2538، رقم: 6526، ومسلم: الصّحيح، كتاب الإيمان1/51، رقم: 20.

الباب الخامس والعشرون: هيبته وخوف الناس منه

الباب الخامس والعشرون: هيبته وخوف الناس منه ... الباب الخامس والعشرون: في ذكر هيبته وخوف الناس منه تقدم في حديث النسوة / [26 / ب] اللاتي كن عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهن لما سمعن صوته قمن فابتدرن الحجاب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما لقيك الشيطان سالكاً فجّاً إلا سلك فجّاً غير فجّك" 1. وسبق: لما خرج عمر وارفض الناس والصبيان2. وتقدم حديث المرأة في الباب قبله، لما دخل عمر فأخذت الدفّ فوضتعه تحتها3. وفي الصحيحين عن عائشة: أن فاطمة4 لما توفي استنكر عليّ وجوهَ الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن بايع تلك الأشهر5، فأرسل إلى أبي

_ 1 سبق تخريجه ص 307. 2 سبق تخريجه ص 310. 3 سبق تخريجه ص 309. 4 فاطمة بنت إمام المتقين رسول الله محمّد بن عبد الله الهاشمية، صلى الله على أبيها، ورضي عنها، سيّدة نساء العالمين، توفيت سنة إحدى عشرة. (الإصابة 8/157) . 5 ثبت بالأسانيد الصحيحة مبايعة عليّ لأبي بكر - رضي الله عنهما - بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقبل دفنه من ذلك: ما رواه البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: "قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر. . . " إلى أن قال: "ثم نظر في وجوه القوم فلم ير عليّاً، فدعا بعليّ فجاء فقال: قلت: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختنه على ابنته، أردت أن تشق عصا المسلمين، قال: لا تثريب يا خليفة رسول الله، فبايعه". قال ابن كثير: "رواه البيهقي عن الحاكم وأبي محمّد المقري، وقد رواه عليّ بن عاصم عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال: "وهذا إسناد صحيح، محفوظ من حديث أبي نضرة، المنذر بن مالك عن أبي سعيد سعد بن مالك قال: وفيه فائدة جليلة وهي مبايعة عليّ بن أبي طالب إما في أوّل يوم أو اليوم الثاني من الوفاة، وهذا حق، فإن عليّاً بن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات، ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه. ومنها: ما رواه موسى بن عقبة في مغازيه عن سعد بن إبراهيم حدّثني أبي أنّ أباه عبد الرحمن بن عوف. . . إلى أن قال: وقال عليّ والزبير: ما غضبنا إلا أن أخرنا عن المشورة، وإنا نرى أن أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار، وإنا لنعرف شرفه وخيره، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالناس وهو حيّ". قال ابن كثير: "إسناده جيد". انظر: البداية والنهاية 3/5/218، 219، 3/6/306. والجمع بين هذا ما ثبت في الصحيحين: أن فاطمة كانت قد أخذت في خاطرها على أبي بكر رضي الله عنه بعض العتب، لظنّها أنّ لها في ميراث النبي صلى الله عليه وسلم حقاً، والصواب خلاف ذلك لورود النص، وكذلك في صدقة الأرض التي بخيبر، فلم تكلم الصديق حتى ماتت فاحتاج عليّ أن يراعي خاطرها بعض الشيء، فلما ماتت بعد ستة أشهر من وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم رأى عليّ أن يجدد البيعة مع أبي بكر - رضي الله عنها -. مع ما تقدم له من البيعة قبل دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (انظر: البداية والنهاية 3/219، فتح الباري 7/495، الإمامة ص 143) .

بكر: أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك، كراهية ليحضر1 - أو قال لمحضر - عمر بن الخطاب، فقال عمر: "لا والله، لا تدخل عليهم وحدك" فقال أبو بكر: "وما عسيتهم أن يفعلوا بي؟ والله لآتينّهم". وذكر باقي الحديث2. وعن عكرمة3: أن حجاماً كان يقص عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان رجلاً مهيباً فتنحنح4 عمر فأحدث الحجام، فأمر له عمر بأربعين درهماً.

_ 1 هذه الرواية في النسخة التي اعتمدها ابن حجر في فتح الباري ولم أجدها في النسخ الأخرى. وقال: "لمحضر عمر، رواية الأكثر". (انظر: فتح الباري 7/494) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1549، رقم: 3998، ومسلم: الصّحيح، كتاب الجهاد والسير 3/1380، رقم: 1759. 3 مولى ابن عباس. 4 تنحنح: تردّد صوته في جوفه. (القاموس ص 312) .

واسم هذا الحجام سعيد بن الهيلم1"2. وعن القاسم بن محمّد3 قال: "بينما عمر يمشي وخلفه عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بدا له فالتفت فإن بقي منهم أحد إلا وجب4 لركبتيه ساقطاً، قال: فأرسل عينيه فبكى ثم قال: "اللهم تعلم أني منك أشد فرقاً منهم مني"5. وعن الحسن6 - رحمه الله - قال: "بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن امرأة يتحدث عنها الرجال فأرسل إليها، قال: وكان عمر رجلاً مهيباً، فلما جاءها الرسول، قالت: "يا ويلها ما لها ولعمر"، فخرجت فضربها المخاض فمرت بنسوة فعرفن الذي بها، فقدمت بغلام فصاح صيحة ثم طفا7 فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فجمع المهاجرين والأنصار واستشارهم، وفي آخر القوم رجل، فقالوا: "يا أمير المؤمنين إنما كنت مؤدباً وإنما أنت راعي8"، قال: "ما تقول يا فلان؟ "، قال: "أقول إن كان القوم تابعوك على هواك فوالله ما نصحو لك، وإن يك اجتهادُهم أراهم فوالله لقد أخطأ رأيهم، يا أمير المؤمنين، قال: "فعزمت عليك لما قمت فقسمتها على قومك"، قال: فقيل

_ 1 في الأصل: (الهيام) ، وهو تحريف. 2 ابن سعد: الطبقات 3/287، وهو منقطع، ابن الجوزي: مناقب ص 134. 3 ابن أبي بكرالتيمي، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، توفي سنةست ومئة. (التقريب ص 451) . 4 الوجْبة: السقطة مع الهَدّة. (القاموس ص 180) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 134، وهو منقطع. 6 البصري. 7 طفا فلان: مات. (القاموس ص 1685) . 8 كذا في الأصل، على لغة إثبات يا المنقوص، والأشهر حذفها.

للحسن: من الرجل؟ قال: عليّ بن أبي طالب"1. وعن أسلم2: أن نفراً من المسلمين كلموا عبد الرحمن بن عوف قالوا: "أعلم عمر بن الخطاب فإنه قد أخسانا3، حتى والله ما نستطيع أن4 نديم إليه أبصارنا". قال: وذكر ذلك عبد الرحمن لعمر، قال: "أو قد ذكروا ذلك؟! والله لقد لنت لهم حتى تخوفت من الله [في] 5 ذلك، ولقد اشتددت عليهم حتى خفت الله في ذلك. وأيم الله لا أنا أشد منهم فرَقاً [منهم] 6 منّي"7. وعن عمر بن مرة8 قال: "لقي رجل من قريش عمر فقال: "لِنْ لنا فقد ملأت قلوبنا مهابة"، فقال: "أفي ذلك ظلم؟ "، قال: "لا"، قال: "فزادني الله في صدوركم مهابة"9. وعن عبيد بن حنين1011: أنه سمع عبد الله بن عباس يُحدّث قال:

_ 1 عبد الرزاق: المصنف 9/458، وهو من مراسيل الحسن. والبيهقي: السنن6/123، وأبو يعلى: كتاب الروايتين والوجهين 2/343، وابن الجوزي: مناقب ص 135، وابن قدامة: المغني 12/35-101. 2 العدوي مولى عمر. 3 في المناقب: (أخشانا) . 4 قوله: (أن) سقط من الأصل سوى: (ن) . 5 سقط من الأصل. 6 سقط من الأصل. 7 الطبري: التاريخ 4/207، ابن الجوزي: مناقب ص 135، وبنحوه من طريق آخر، ابن سعد: الطبقات 3/287، والبلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 220. 8 الشَّنّي، بصري، مقبول، من الرابعة. (التقريب ص 417) . 9 ابن الجوزي: مناقب ص 135. 10 في الأصل: (عبد الله جبير) ، وهو تحريف. 11 عبيد بن حُنين، ثقة، قليل الحديث، توفي سنة خمس ومئة. (التقريب ص 376) .

"مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر رضي الله عنه عن آية، فلا أستطيع أن أسأله هيبة"1. وفي الصحيح عن ابن عباس أنه قال: "مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجاً فخرجت معه، فلما رجعنا2 وكنا ببعض الطريق، عدل إلى الأراكِ لحاجة له، قال فوقفت له حتى فرغ، ثم سِرت معه، قلت له: يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه، فقال: "تلك حفصة وعائشة"، قال: فقلت: والله إن كنتُ لأريد أن أسألك عن هذا من سنة، فما أستطيع هيبة لك، قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبرتك به"3. وفي رواية: "فمكثت سنة لا أجد له مَوضِعاً"4. / [27 / أ] .

_ 1 مسلم: الصّحيح، كتاب الطلاق 2/1108، رقم: 1479، مطولاً. 2 في صحيح البخاري: (رجعت) ، وفي صحيح مسلم: (رجع) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب التفسر 4/1866، رقم: 4629، بأطول. 4 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1867، رقم: 4631.

الباب السادس والعشرون: انزعاجه لموت الرسول وإنكاره له

الباب السادس والعشرون: انزعاجه لموت الرسول وإنكاره له ... الباب السادس والعشرون: في ذكر انزعاجه لموت الرسول وإنكاره له وعن ابن شهاب1 قال: "أخبرني أنس، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى الناس فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطيباً في المسجد فقال: "لا أسمعن أحداً يقول: إن محمّداً قد مات، ولكنه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى بن عمران فلبث عن قومه أربعين ليلة، والله إني لأرجو أن يقطع أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه قد مات"2. وعن ابن شهاب قال "أخبرني أبو سلمة3 أن عائشة - رضي الله عنها - أخبرته أن أبا بكر رضي الله عنه أقبل على فرس من مسكنه بالسّنْح4، حتى نزل فدخل [المسجد] 5، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُغَشىً6 بثوب حَبِرة فكشف عن وجهه ثم أكبّ ثم قال: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كُتبَتْ عليك فقد مُتَّها". قال: وحدّثني أبو سلمة عن عبد الله بن عباس: أن أبا بكر خرج وعمر

_ 1 محمّد بن مسلم الزهري. 2 ابن سعد: الطبقات 2/266، وإسناده صحيح. 3 أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ثقة مكثر، توفي سنة أربع وتسعين أو أربع ومئة. (التقريب ص 645) . 4 السّنح: منازل بني الحارث بن الخزرج بعوالي المدينة، بينها وبين منزل النبي صلى الله عليه وسلم ميل. (معجم البلدان 3/265، ومعجم معالم الحجاز 4/243) . 5 سقط من الأصل. 6 مُغشىً: مُغطى. (لسان العرب 15/127) .

يكلم الناس، فقال: "اجلس يا عمر"، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أما بعد: فمن كان يعبد محمّداً، فإن محمّداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، قال الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلَبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] ، قال والله لكأن الناس ما علموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس كلهم فما أسمع بشراً إلا يتلوها". قال سعيد بن المسيب - رحمه الله -: "إن عمر قال: "والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقِرْت1 حتى ما تُقلُّني رجلاي، حتى هويت إلى الأرض"2. وفي الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد، فلم يُكلّم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُغشىً بثوب حبرة، فكشف عن وجهه ثم أكبّ عليه فقبّله وبكى، ثم قال: "بأبي وأمي أنت، والله لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متّها". وعن ابن عباس: أنّ أبا أبكر خرج وعمر بن الخطاب يكلّم الناس، فقال: "اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس، فأقبل الناس عليه تركوا عمر، فقال أبو بكر: "أما بعد: فمن كان يعبد محمّداً فإن محمّداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ

_ 1 عقر: فجئه فلم يقدر أن يتقدم أو يتأخر، أو دُهش فهو عقير. (القاموس ص 570) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1618، رقم: 4187.

لا يموت، قال الله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} ، / [27/ب] {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} ، إلى قوله: {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] ، وقال والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها عنه الناس كلهم فما أسمع بشراً من الناس إلا يتلوها. قال الزهري1: "وأخبرني ابن المسيب: أن عمر قال: "ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعُقرت، حتى ما تُقلني رجلاي، وحتى هويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات"2. وذكر أبو القاسم الأصفهاني في (سير السلف) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: "إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع بعد أن قيل: مات، والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات". قال: وأقبل أبو بكر حتى نزل [على] 3 باب المسجد حين بلغه الخبر وعمر يكلم الناس فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية البيت مسجى4 عليه ببردة حبرة، فأقبل حتى كشف عن وجهه ثم أكبّ عليه فقبّله، ثم قال: "بأبي أنت وأمي،

_ 1 في الصحيح: (فأخبرني سعيد) ، ولم يصرح باسم القائل. قال ابن حجر: "صرح عبد الرزاق عن معمر بأنه الزهري". (فتح الباري 8/146) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1618، رقم: 4187. 3 سقط من الأصل. 4 مسجى: مغطى. (لسان العرب 14/371) .

أما الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها، ثم لن يصيبك بعد موتة أبداً"، قال: ثم ردّ الثوب على وجهه، ثم خرج وعمر يكلّم الناس، فقال: "على رسلك يا عمر"، فأبى إلا أن1 يتكلم، فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "يا أيها الناس، إنه من كان يعبد محمّداً فإن محمّداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، ثم تلا هذه الآية: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعَقَابِكُمْ} [آل عمران: 144] الآية. قال: فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تلاها يومئذ أبو بكر: وأخذها الناس عن أبي بكر، فإنما هي في أفواههم، قال أبو هريرة: قال عمر: "والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلوها فعقرت حتى وقعت على الأرض وما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات"2. وقال في: (عيون التاريخ) 3، وغيره قال سعد4: "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى الناس فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه / [28 / أ] في

_ 1 في الأصل: (أن إلا) ، والمثبت من سير السلف. 2 أبو القاسم: سير السلف ص 115، 116، والحديث أخرجه ابن هشام: السيرة 25/655، 656، تحقيق السقا وزملائه، الطبري: التاريخ 3/200، كلاهما من طريق إسحاق وقد عنعن. إلا أن قول عمر ثبت من غير طريق ابن إسحاق، فقد رواه عبد الرزاق عن الزهري عن أنس. (المصنف 5/433) ، وابن سعد من طريق الزهري وسند متصل. (ابن سعد: الطبقات 2/266) . وقول أبي بكر أخرجه البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1618. 3 عيون التاريخ لمحمّد بن شاكر الكتبي الدمشقي (ت 764هـ) مخطوط في ست مجلدات. (الزركلي: الأعلام 6/156) . 4 لعله ابن أبي وقاص.

المسجد خطيباً فقال: "لا أسمعن أحداً يقول: "إن محمّداً قد مات، ولكنه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى بن عمران، فلبث في قومه أربعين ليلة، والله إني لأرجو أن يقطع أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه قد مات"1. قال عكرمة2: "ما زال عمر يتكلم وهو يتوعد المنافقين حتى أزبد شدقاه3، وأقبل أبو بكر على فرس له من مسكنه بالسنح، حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشى بثوب حبرة، فكشف عن وجهه ثم أكبّ عليه فقبّله وبكى، ثم قال: "بأبي أنت وأمي، طبت حيّاً وميتاً، والله لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي قد كُتبت عليك فقد متّها". وخرج وعمر يكلم الناس، فقال: "اجلس يا عمر"، فأبى عمر أن يجلس، فأقبل الناس إليه وتركوا عمر، فقال أبو بكر: أما بعد: فإن من كان يعبد محمّداً فإن محمّداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، قال الله عزوجل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} ، إلى قوله: {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] . قال والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس كلهم فما أسمع بشراً إلا يتلوها". فأخبرني سعيد بن المسيب: أن عمر قال: "والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي حتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها"4.

_ 1 هذه الرواية تقدمت بنصها من طريق أنس بن مالك ص 255، ولم أعثر عليها من طريق سعد. 2 مولى ابن عباس. 3 الشدق: بالكسر وبفتح: طفطفة الفم من باطن الخد من باطن الخدين. (القاموس ص1158) . 4 ابن سعد: الطبقات 2/266، حتى قوله: "أزيد شدقاه"، ثم قال: "فقال ابن العباس: "فلعل المؤلف انتقل بصره إلى الرواية التي بعدها، وهو منقطع لأن عكرمة لم يدرك أبا بكروعمر، لكنه ثبت من طرق أخرى تقدمت". ولم أجده كاملاً من طريق عكرمة.

الباب السابع والعشرون: قيامه ببيعه أبي بكر ومجادلته عنه

الباب السابع والعشرون: قيامه ببيعه أبي بكر ومجادلته عنه ... الباب السابع والعشرون: في قيامه ببيعة أبي بكر ومجادلته عنه ذكر ابن الجوزي عن زر1 عن عبد الله2 قال: "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: "منا أمير ومنكم أمير"، فأتاهم عمر فقال: "يا مشعر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَ أبا بكر أن يؤم الناس فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ "، فقالت الأنصار: "نعوذ بالله أن تقدم أبا بكر"3. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "كان خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليّاً والزبير ومَن كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتخلف عنا الأنصار بأجمعهم في سقيفة4 بني ساعدة واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقلت له: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا [فانطلقنا] 5 نؤمّهم، حين لقينا رجلان صالحان6، فذكروا لنا الذي صنع القوم، فقالا لنا: "أين تريدون يا معشر

_ 1 في الأصل: (ابن) ، وهو تحريف. 2 ابن مسعود. 3 أحمد: المسند 1/213، والنسائي: السنن 2/74، 75، وفي إسناديهما: عاصم بن أبي النجود، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، وقال الألباني: "حسن الإسناد". (صحيح سنن النسائي 1/168) . 4 السقيفة: الصّفّة، ومنه سقيفة بني ساعدة، وهي ظلة كانوا يجلسون تحتها، فيها بويع أبو بكر الصديق رضي الله عنه. (الصحاح 4/1375، معجم معالم الحجاز 4/211) . 5 سقط من الأصل. 6 وردت تسميتهما في بعض الروايات وهما: عويمر بن ساعدة، ومعن بن عدي. (انظر: فتح الباري 12/15، الفتح الرباني 23/60) .

المهاجرين؟ "، فقلت: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا: "لا عليكم أن لا تقربوهم واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين"، فقلت: والله لنأتينهم، فانطلقنا حتى إذا جئناهم فإذا هم مجتمعون وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمَّل1 فقلت: من هذا؟ فقالوا: "سعد بن عبادة"، فقلت: ما له؟ قالوا: "وجع" فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على الله عزوجل بما هو أهله ثم قال: "أما بعد، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دفّت دافّة2 منكم يريدون أن يختزلونا من أصلنا، ويحضنونا3 من الأمر"، فلما سكت أردت أن أتكلم، وكنت قد زورت4 مقالة أعجبتني، أريد أن أقولها بين يدي أبي بكر، / [28 / ب] وقد كنت أُداري منه بعض الحدّ، وهو كان أحلم مني وأوقر، فقال أبو بكر: "على رسلك"، فكرهت أن أغضبه وكان أعلم مني وأوقر، فقال: والله ما ترك كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل، حتى سكت فقال: "أما بعد: فما ذكرتم من خير فأنتم أهله، ولم تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم"، وأخذ بيدي ويد [أبي] 5 عبيدة بن الجراح، فلم أكره مما قال غيرها، وكان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يُقرّبُني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن

_ 1 التّزميل: الإخفاء، واللف في الثوب. (القاموس ص 1306) . 2 الدّافة: هي الجماعة من الناس تقبل من بلد إلى بلد. (لسان العرب 9/104، وانظر: فتح الباري 12/151) . 3 حضنه واحتضنه عن الأمر: أخرجه من ناحية عنه، واستبد به أو حبسه عنه. (لسان العرب 13/123، فتح الباري 12/152) . 4 زوّرت: هيّأت وأصلحت، والتزوير: إصلاح الشيء. (لسان العرب 4/337) . 5 سقط من الأصل.

أتأمّر على قوم فيهم أبو بكر إلا أن تغير نفسي عند الموت، فقال قائل من الأنصار: "أنا جُذَيْلها المُحَكَّك1، وعُذَيقها المُرَجَّب2، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش". قال: "فكثر اللغط3 وارتفعت الأصوات حتى خشيت الاختلاف فقلت: أبسط يدك يا أبا بكر فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار - رضي الله عنهم"4. وفي الصحيحين ومسند الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عوف5 أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب فقال: "إن فلاناً يقول: لو قد مات عمر بايعت فلاناً"، فقال عمر: "إني قائم العشية في الناس فمُحذَّرهم6 هؤلاء الرهط الذي يريدون أن يغصبوهم أمرهم، فقال عبد الرحمن فقلت: "يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع7 الناس وغوغاهم8، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك إذا قمت في الناس، فأخشى أن تقول مقالة يطير بها أولئك فلا يعُوها ولا يضعوها على موضعها، ولكن تقدم المدينةَ، فإنها دار الهجرة والسنة وتخلّص بعلماء الناس وأشرافهم، فتقول ما قلت متمكناً،

_ 1 الجذيل: الأصل من الشجرة تحتكّ به الإبل، فتشفى به، فأراد أنه يستشفى برأيه. (لسان العرب 11/107، فتح الباري 7/31، معجم الأمثال 1/52) . 2 العُذيق: تصغير عَذْق، والمُرَجَّب، الترجيب: إرفاد النخلة من جانب، ليمنعها من السقوط. أي: أن لي عشيرة تعضدني، تمنعني، وترفدني. (لسان العرب 1/412) . 3 اللغط: الأصوات المبهمة المختلفة والجلبة لا تُفهم. (لسان العرب 7/391) . 4 يأتي تخريجه في الذي بعده. 5 في المسند وصحيح البخاري: الحديث عن ابن عباس. 6 في الأصل: (لمحذرهم) ، وهو تحريف. 7 رعاع: سُقاطهم وسفلتهم. (لسان العرب 8/128) . 8 أصل الغوغاء: الجراد حين يخفّ للطيران، ثم استعير للسفلة من الناس والمتسرعّين إلى الشرّ. (لسان العرب 8/444) .

فيعون مقالتك ويضعونها موضعها". قال عمر: "لئن قدمت المدينة سالماً لأكلّمن بها الناس في أوّل مقام أقومه"، فلما قدمنا المدينة في عقب ذي الحجّة، وكان يوم الجمعة، عجلت الرّواح1 صكة الأعمى؟. قلت2: لمالك: "وما صكة الأعمى؟ "، قال: "إنه لا يبالي أي3 ساعة خرج لا يعرف الحر والبرد ونحو هذا"4، وليست هذه الزيادة في الصحيح - فوجدت سعيد بن زيد عند ركن المنبر الأيمن قد سبقني، فجلست حذاءه تحك ركبتي ركبته، فلم أنشب أن طلع عمر فلما رأيته قلت: ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة ما قالها عليه أحد قبله، قال فأنكر سعيد بن زيد ذلك فقال: "وما عسيت أن يقول ما لم يقل أحد؟ "، فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذن قام فأثنى على الله عزوجل بما هو أهله، ثم قال: "أما بعد: أيها الناس فإني قائل مقالة قدِّر لي أن أقولها، لا أدري5 لعلها بين يدي أجلي، فمن وعاها وعقلها فليحدّث بها حيث انتهت به راحلته، ومن لم يعها فلا أحل له أن يكذب عليّ، إن الله تبارك وتعالى بعث محمّداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب وكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها ورجم رسول الله، ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة / [29 / أ] قد أنزلها الله عزوجل، فالرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والسناء، إذا قامت البينة أو الحبل أو الاعتراف،

_ 1 الرواح: المضي إلى الجمعة والخفة إليها. (لسان العرب 2/464) . 2 السائل: إسحاق بن عيسى الطباع. 3 في الأصل: (انه) ، وهو تحريف. 4 انظر: ابن منظور: لسان العرب 10/457. 5 في الأصل: (لادري) ، وهو تحريف.

ألا وإنا قد كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم، فإن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم، ألا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تطروني كما أطْري عيسى بن مريم، وإنما أنا عبد الله، فقولوا: عبد الله ورسوله"، وقد بلغني أن قائلاً منكم يقول: "لو قد مات عمر بايعت فلاناً"، فلا يغترّن أمرؤ أن يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة1 ألا وإنها كانت كذلك، ألا إن الله عزوجل وقى شرّها. وليس فيكم اليوم من تُقْطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، ألا وإنه كان من خَبَرنا حين توفي رسول الله أنّ عليّاً والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة بنت رسول الله، وتخلفت عنا الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت له: يا أبا بكر انطلق2 بنا إلى إخواننا من الأنصار". فانطلقنا نؤمّهم حتى لقِيَنَا رجلان صالحان، فذكرا لنا الذي صنع القوم. فقالا: "أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ ". فقلت: "نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار". فقالا: "لا عليكم أن لا تقربوهم، واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين"، فقلت: "والله لنأتينهم فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا هم مجتمعون، وإذا بين ظهرانيهم رجل مُزمَّل، فقلت: "من هذا؟ "، قالوا: "سعد بن عبادة"، فقلت: "ما له؟ "، قالوا: "وجع"، فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله، وقال: "أما بعد فنحن أنصار الله، وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دفّت دافّة منكم يريدون أن يختزلونا3 من أصلنا ويحضنونا من الأمر". فلمّا سكت أردت أن أتكلم

_ 1 فلتة: فجأة من غير تردد وتدبر. (القاموس ص 201) . 2 في الأصل: (انطلقوا) ، وهو تحريف. 3 الاختزال: الاقتطاع. يقال: اختزله عن القوم مثل: اخترعه. (لسان العرب 11/304) .

وكنت قد زوَّرت مقالة أعجبتني، أريد أن أقولها بين يدي أبي بكر، وقد كنت أداري1 منه بعض الحدّ2، وهو كان أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري3 إلا قالها في بديهته وأفضل، حتى سكت، فقال: "أما بعد: فما ذكرتم من خير فأنتم أهله، ولم تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم، وأخذ بيدي ويد أبي عبيدة ابن الجراح، فلم أكره مما قال غيرها، وكان والله أن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك إلى إثم، أحب إليّ من أن أتأمّر على قوم فيهم أبو بكر رضي الله عنه، إلا أن تغير نفسي عند الموت". فقال قائل من الأنصار: "أنا جُذْيلها المُحَكّك وعُذْيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش". فقلت4 لمالك: ما معنى جذيلها المحكك وعذيقها المجرب؟، قال: كأنه يقول: أنا داهيتها"5. قال: فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى خشيت الاختلاف، فقلت: "أبسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: "قتلتم سعداً"، فقلت: قتل الله سعداً، قال عمر: أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمراً هو أوفق من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم يكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة، فإما6 أن نُتَابِعَهُم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم

_ 1 في الأصل: (أدري) ، وهو تحريف. 2 في الأصل: (الجد) ، وهو تحريف. 3 قوله: (تزويري) ، تكرر في الأصل. 4 القائل: إسحاق بن عيسى الطبّاع. 5 انظر: ص 328. 6 في الأصل: (وإما) ، وهو تحريف.

فيكون فيه فساد، فمن بايع أميراً من غير مشورة المسلمين فلا بيعة للذي بايعه، تغرة أن يقتلا"1، 2.

_ 1 أي: خوفاً أن يقتلا. 2 أحمد: المسند 1/56، واللفظ له، البخاري: الصحيح، كتاب المحاربين 6/250، رقم: 6442، مسلم: الصّحيح، كتاب الحدود 3/1317، رقم: 1691، مختصراً ولم يذكر قصة السقيفة.

الباب الثامن والعشرون: في ذكر عهد أبي بكر إليه ووصيّته إياه عن إبراهيم النخعي1 قال: "أوّل من ولي أبو بكر شيئاً من أمور المسلمين عمر بن الخطاب، ولاّه القضاء، فكان أوّل قاضٍ في الإسلام"2. وعن الحسن بن3 أبي الحسن - رضي الله عنه4، قال: "لما ثقل أبو بكر واستبان له من نفسه، جمع الناس إليه فقال: "إنه قد نزل بي ما ترون، وإني لأظنني إلا المأتيّ، وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي، وحل عنكم عقْدي5، ورد عليكم أمركم، فأمروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمرتم عليكم في حياة مني كان أجدر أن لا تختلفوا بعدي"، فقاموا في ذلك وحلوا عليه، ولم يستقم لهم فقالوا: "أرأى لنا يا خليفة رسول الله"، قال: "فلعلكم تختلفون؟ "، قالوا: "لا"، قال: فعليكم عهد الله على الرضى، قالوا: "نعم"، قال: فأمهلوني أنظر لله ولدينه ولعباده، فأسل أبو بكر إلى عثمان بن عفان - رضي الله عنهما - قال: "أشر علي برجل، والله إنك عندي6 لها لأهل وموضع"، قال: "عمر"، فقال: "اكتب"، وكتب حتى انتهى إلى الاسم فغشي عليه

_ 1 إبراهيم بن يزيد النخعي، الكوفي، ثقة إلا أنه يرسل كثيراً، توفي سنة ست وتسعين، وهو ابن خمسين أو نحوها. (التقريب ص 95) . 2 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1150، ابن الجوزي: مناقب ص 52، وهو منقطع لأن النخعي لم يدرك خلافة أبي بكر. 3 في الأصل: (عن) ، وهو تحريف. وهو البصري. 4 في الأصل: (عنهما) ، وهو تحريف. 5 العقد: هو ما عقد عليه، والبيعة المعقود لهم. (القاموس ص 383) . 6 في الأصل: (عند) ، وهو تحريف.

ثم أفاق، فقال: "اكتب عمر"1. وعن الشعبِي قال: "بينا طلحة والزبير وعثمان وسعد وعبد الرحمن - رضي الله عنهم - جلوس عند أبي بكر في مرضه عواداً، فقال أبو بكر: "ابعثوا إليّ عمر"، فأتاه فدخل عليه فلما دخل حست نفوسهم أنه خيّرته فتفرقوا عنه، وخرجوا وتركوهما / [29 / ب] ، فجلسوا في المسجد، وأرسلوا إلى عليّ رضي الله عنه ونفر معه، فوجدوا عليّا في حائط فتوافروا إليه واجتمعوا، وقالوا: "يا عليّ ويا فلان، إن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلف2 عمر، وقد علم الناس أن إسلامنا كان قبل إسلام عمر، وفي عمر من التسلط على الناس ما فيه، ولا سلطان له، فادخلوا بنا عليه نسأله، فإن استعمل عمر كلمناه فيه وأخبرناه عنه"، ففعلوا. فقال أبو بكر رضي الله عنه: "اجمعوا3 لي الناس أخبركم من اخترت لكم، فخرجوا فجمعوا الناس إلى المسجد فأمر من يحمله إليهم حتى وضعه على المنبر، فقام فيهم باختيار عمر لهم، ثم دخل فاستأذنوا عليه، فأذن لهم، فقالوا: "ماذا تقول [لربك] 4 وقد استخلفت علينا عمر؟ "، فقال: "أقول: استخلفت عليهم خير أهلك"5. وعن عاصم بن عدي6، قال: "جمع أبو بكر الناس وهو مريض فأمر من

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 52، وهو مرسل من مراسيل الحسن. 2 في الأصل: (يستخلف) ، وهو تحريف. 3 في الأصل: (جمعوا) ، وهو تحريف. 4 سقط من الأصل. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 53، وهو مرسل، لأن الشعبي لم يدرك خلافة أبي بكر ولم يصرح عمن رواه. 6 الأنصاري، صحابي، شهد بدراً، توفي في خلافة معاوية. (التقريب ص 285) .

يحمله إلى المنبر فكانت آخر خطبة خطب بها: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أيها الناس احذروا الدنيا ولا تثقوا بها فإنها غدارة، وآثروا الآخرة على الدنيا وأحبّوها، فبحب كل واحدةٍ منهما تبغض الأخرى، وإن هذا الأمر الذي هو أملك بنا لا يصلح آخره إلا بما صلح به أوّله، ولا يحتمله إلا أفضلكم مقدرة، وأملككم لنفسه أشدّكم في حال الشدّة، وأسلسكم في حال اللين، وأعلمكم برأي ذوي الرأي لا يتشاغل بما لا يعنيه، ولا يحزن لما ينزل به، ولا يستحي من التعلم، ولا يتحير عند البديهة، قوي على الأمور، لا يخور لشيء منها حده بعدوان ولا تقصير، يرصد لما هو آت عتاده من الحذر والطاعة، وهو عمر بن الخطاب". ثم نزل فدخل، فحمل الساخط إمارته الراضي بها على الدخول معهم توصلا"1. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان عثمان يكتب وصية أبي بكر - رضي الله عنهما - فأُغمي2 على أبي بكر، فجعل عثمان يكتب فكتب عمر، فلما أفاق قال له: "ما كتبت؟ "، قال: "كتبت عمر"، قال: "كتبت الذي أردت أن آمرك به، ولو كتبت نفسك كنت لها أهلاً"3. وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "كتب عثمان رضي الله عنه عهد الخليفة بعد أبي بكر رضي الله عنه فأمره أن لا يسمي أحداً وترك اسم الرجل، فأغمي على أبي بكر إغماء، فأخذ عثمان العهد فكتب اسم عمر، قال: "فأفاق أبو بكر فقال: "أرني العهد"، فإذا فيه اسم الرجل عمر، قال: "من كتب هذا؟ "،

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 53، 54. 2 أغمي: غشي عليه، ثم أفاق. (القاموس ص 1700) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 54.

قال عثمان: "أنا"، فقال: رحمك الله وجزاك خيراًً، فوالله لو كتبت نفسك لكنت لذلك أهلاً"1. وعن الواقدي عن أشياخه: أن أبا بكر رضي الله عنه لما اشتد به المرض دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال: "أخبرني عن عمر بن الخطاب"، فقال: "ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني"، فقال أبو بكر: "وإن"، فقال عبد الرحمن: "هو والله أفضل من رأيك2 فيه"، ثم دعا عثمان فقال: / [30 / أ] "أخبرني عن عمر"، فقال: "أنت أخبرنا به"، قال: "على ذلك يا أبا عبد الله"، فقال عثمان: "اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأنه ليس فينا مثله". فقال أبو بكر: "يرحمك الله3، والله لو تركته ما عدوتك". وشاور معهما سعيد بن زيد، وأُسيد بن الحُضير4 وغيرهما من المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم - وسمعه بعضهم أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فدخلوا على أبي بكر، فقال له قائل منهم: "ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلاف عمر علينا وقد ترى غلظته؟ "، فقال أبو بكر: "أجلسوني، أبالله5 تخوفوني! خاب من تزود من أمركم بظلم أقول: اللهمّ استخلفت عليهم خير أهلك، أبلغ عني ما قلت من ورائك"، ثم اضطجع. ودعا عثمان فقال: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وأوّل عهده بالآخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر،

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 54، وأورده الطبري من طريق آخر بنحوه (تاريخ الطبري 3/429) . 2 في الأصل: (رأيك) ، ثم طمس عليها. 3 في الأصل: (يرحمك الله به) . 4 الأنصاري، الأشهلي، صحابي جليل، توفي سنة عشرين. (التقريب ص 112) . 5 في الأصل: (بالله) ، والمثبت من تاريخ الإسلام والطبقات.

ويصدق الكاذب، إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً، فإن عدل فذلك ظني به، وعلمي فيه، وإن بدّل فلكل امرئ ما اكتسب، والخيرَ أردتُ ولا أعلم الغيب {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". ثم أمر بالكتاب فختمه1، وخرج به مختوماً، فقال عثمان للناس: "أتبايعون لمن في هذا الكتاب؟ "، قالوا: "نعم"، ثم رفع أبو بكر يديه وقال: "اللهم إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم وخفت عليهم الفتنة، فاجتهدت لهم رأيي، فوليت عليهم خيرهم، وأحرصهم على ما أرشدهم وقد حضرني من أمرك ما حضر، فاخلفني فيهم فهم عبادك"2. وعن قيس بن أبي حازم، قال: "خرج علينا عمر ومعه شديد3 مولى أبي بكر، ومعه جريدة4 يُجلس بها الناسَ، فقال: "أيها الناس اسمعوا قول خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إني قد رضيت لكم عمر فبايعوه"5. وعن [ابن] 6 أبي خالد7 عن قيس8 قال: "رأيت عمر وبيده

_ 1 الطين يختم به الشيء. (القاموس ص 1420) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/119، ابن الجوزي: مناقب ص 55، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) 116-117، من طريق الواقدي. 3 له إدراك، وهو الذي أحضر عهد عمر بعد موت أبي بكر. (الإصابة 3/222) . 4 الجريدة: سعفة طويلة رطبة أو يابسة. (القاموس ص 347) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 55، وبنحوه في الطبري: التاريخ 3/429، وصحّح ابن حجر إسناده. (فتح الباري 13/208) . 6 سقط من الأصل. 7 إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي مولاهم، ثقة ثبت، توفي سنة ست وأربعين ومئة. (التقريب ص 107) . 8 ابن أبي حازم.

عسيب1 نخل وهو يجلس الناس ويقول: "اسمعوا قول خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء مولى أبي بكر يقال له شديد بصحيفة فقرأها على الناس، فقال: يقول أبو بكر: "اسمعوا وأطيعوا لمن في هذه الصحيفة، فوالله ما آلوتكم". قال قيس: فرأيت عمر بعد ذلك على المنبر"2. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "أفرس الناس ثلاثة أبو بكر في عمر، وصاحبة موسى عليه السلام، حين قالت: "استأجره"، وصاحب يوسف رضي الله عنه"3. وعن موسى الجهني4 قال: "سمعت أبا بكر بن حفص5، يقول: "قال أبو بكر حين احتضر لعائشة - رضي الله عنها - "يا بنية وَلينا هذا، - أمر المسلمين - فلم نأخذ لهم ديناراً ولا درهماً، ولكنا أكلنا من جريش6 طعامهم في بطوننا، ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، وإنه لم يبق عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير، إلا هذا العبدَ الحبشي، وهذا / [30 / ب] البعير

_ 1 العسيب: جريدة من النخل مستقيمة دقيقة يكشط خوصها. (القاموس ص 147) . 2 أحمد: المسند 1/267، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح". وقال الساعاتي: "قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح". (الفتح الرباني 23/70) ، الخلال: السنة 1/277، ابن الجوزي: مناقب ص 55، ابن حجر: الإصابة 3/222. 3 الحاكم: المستدرك 3/90، وصحّحه ووافقه الذهبي، الطبراني: المعجم الكبير 9/185، بأطول، قال الهيثمي: مجمع الزوائد 10/268: "رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح، إن كان محمّد بن كثير هو العبدي، وإن كان هو الثقفي فقد وثق على ضعف كثير فيه". "والهيثمي المكي: الصواعق المحرقة ص136، ونسبه لابن سعد والحاكم. 4 موسى بن عبد الله الجهني الكوفي، ثقة عابد، توفي سنة أربع وأربعين ومئة. (التقريب ص 552) . 5 عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد الزهري، مشهور بكنيته، ثقة، من الخامسة. (التقريب ص 300) . 6 أي: خشِن طعامهم. (لسان العرب 6/272، 273) .

الناضح، وجرد1 هذه القطيفة، فإذا مت فابعثي بهن إلى عمر، فجاء الرسول وعنده عبد الرحمن بن عوف فبكى عمر حتى سالت دموعه على الأرض، وقال: "يرحم الله أبا بكر، لقد أتعب من بعده، ارفعهن يا غلام"، فقال عبد الرحمن: "سبحان الله يا أمير المؤمنين! تسلب عيال أبي بكر عبداً حبشياً، وبعيراً ناضحاً، وجرد قطيفة وثمنها خمسة دراهم"، فقال: "ما تأمر؟ "، قال: "آمر بردهن على عياله2". قال: "خرج أبو بكر عنهن عند الموت، وأردهن أنا على عياله، لا يكون والله ذلك أبداً، الموت أسرع من ذلك"3. وروى أبو القاسم الأصفهاني عن عبد الله4 قال: "أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين تفرس في يوسف فقال لامرأته: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} [يوسف: 21] ، والمرأة التي أتت موسى فقالت لأبيها: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} [القصص: 26] ، وأبو بكر حين استخلف عمر"5. فصل ينبغي للخليفة إذا احتضر أن ينظر في أمر المسلمين، فإن كان استخلافه أصلح لهم استخلف عليهم، وإن كان ترك الاستخلاف أصلح لهم لم

_ 1 أي: التي انجرد خملها وخلقت. (لسان العرب 3/115) . 2 في الأصل: (عائلته) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 56، وهو منقطع؛ لأن أبا بكر بن حفص لم يدرك خلافة أبي بكر، ولم يصرح بمن روى عنه. والذهبي بنحو مختصراً: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص 119، والخبر ورد من طريق أخرى غير هذا الطريق. انظر: ابن سعد: الطبقات 3/192. 4 ابن مسعود. 5 أبو القاسم: سير السلف ص 142، 143، وقد سبق تخريجه ص 240.

يستخلف. وإذا رأى الاستخلاف1 عليهم فينظر في الأصلح لهم في أمورهم، والقيام عليهم، والنصح لهم، وكونه من أهل الدين والورع والفضل، فإن رأي رجلاً من أهل الدين والورع والخير، لكنه ضعيف عن القيام بأمورهم، وآخر هو دونه في الورع والفضل، وهو أقوى منه على أمورهم، ومصالحهم، والذبّ عنهم، فهو مقدم؛ لأن هذا الأمر والنظر فيه إلى المصلحة لهم، والأوّل صلاحه لنفسه، ولا ينظر لهم فاسقاً. والفاسق: من ارتكب كبيرة أو أصر على صغيرة2. والكبيرة: هي ما فيه حدّ في الدنيا لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النّور: 2] ، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: 38] ، أو وعيد في الآخرة: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَونَ سَعِيراً} [النساء: 10] 3. وقال أبو العباس بن تيمية4 وغيره: "أو لعنة: {أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] {وَالخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ} ، [النور: 7] . وقوله - عليه السلام -: " لعن الله السارق"5، "لعن الله المحلِّلَ والمحلَّل له"6، "لعن الله

_ 1 في الأصل: (الاستخلف) ، وهو تحريف. 2 انظر: ابن قدامة: المغني 14/150، ابن تيمية: الفتاوى 15/358. 3 انظر: ابن القيم: مدارج السالكين 1/320، وما بعدها، ابن أبي العز: شرح العقيدة الطحاوية ص 370. 4 الإمام العلامة شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام النميري الحراني، توفي سنة ثمان وعشرين وسبع مئة. (ذيل طبقات الحنابلة 2/387، طبقات الحفاظ 4/374) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب الحدود 6/489، رقم: 6401، ومسلم: الصّحيح، كتاب الحدود 3/134، رقم: 1687. 6 أحمد: المسند 6/149-150، رقم: 4308، قال أحمد شاكر: "إسناده صحيح". الترمذي: السنن 3/418، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، أبو داود: السنن 2/227، ابن ماجه: السنن 1/622، وصحّحه الألباني. (صحيح سنن الترمذي 1/326 رقم: 894، وصحيح ابن ماجه رقم: 1535) .

الواشمة1 والمستوشمة"2، "لعن الله آكل الربا ومؤكله" 3، ونحو ذلك. أو غضب: {وَالخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللهَ عَلَيْهَا} [النور: 9] . أو نفي الإيمان: "لا يزني الزاني حين يزني هو مؤمن، ولا يسرق السّارق حين يسرق وهو مؤمن" 4، 5. / [31 / أ] . قال جماعة من أصحابنا منهم ابن عقيل6 وغيره: "تثبت ولاية الإمام بأحد أشياء: منها: عهد الخليفة قبله، ومعنى ذلك أن يعهد إليه الخليفة قبله أنه إذا مات كان خليفة بعده، فهذا يصير بهذا خليفة يحرم قتاله، والخروج عليه، ومن هذا كانت خلافة عمر فإن أبا بكر الصديق عهد إليه عند الموت7. ومنها أن ينزل له عن الخلافة في حال الحياة، ويعزل نفسه منها ويجعله هو

_ 1 الوشم: غرز الإبرة في البدن، وذرّ النيلج عليه. (القاموس ص 1506) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2216، رقم: 5589، ومسلم: الصّحيح، كتاب اللباس 3/1677، رقم: 2124. 3 مسلم: الصّحيح، كتاب المساقاة 3/1219، رقم: 1597. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الأشربة 5/2021، رقم: 5256، ومسلم: الصّحيح، كتاب الإيمان 1/76، رقم: 57. 5ابن تيمية: الفتاوى11/650، 652وانظر: ابن أبي العز: شرح العقيدةالطحاوية ص370 6 عليّ بن محمّد بن عقيل أبو الوفاء البغدادي الحنبلي، شيخ الحنابلة ومؤلف كتاب الفنون، توفي سنة ثلاث عشرة وخمس مئة. (ذيل طبقات الحنابلة 1/142، سير أعلام النبلاء (19/443) . 7 انظر: ابن قدامة: المغني 12/243، وابن عبد البر: الكافي 4/146، ابن تيمية: منهاج السنة 1/532، والمرداوي: الإنصاف في معرفة الخلاف 10/310.

الخليفة، فتستفاد بها الولاية أيضاً، وليس لأحد قتاله، ولا الخروج عليه. ومنها اتفاق الناس عليه ونصبه، فإذا اتفقوا على شخص ونصبوه خليفة فليس لأحد قتاله، ولا الخروج عليه، ولا مبايعة غيره1. واختلفت الرواية عن الإمام أحمد وأصحابه، اختلفوا أيضاً هل يعتبر اتفاق جميع أهل الحل والعقد على مبايعته؟ 2. أم يكفي بعض أهل الحل والعقد أو أكثرهم؟ 3. أو يكفي واحد من أهل الحل والعقد في خلاف؟ 4. ومن هذا الباب كانت خلافة أبي بكر رضي الله عنه5. لكن اختلفوا في خلافة أبي بكر هل كانت من النبي صلى الله عليه وسلم بالنص الظاهر، أم بالنص الخفي والإيماء على قولين6. فعلى قولنا: إنها ثبتت بالنص الخفي والإيماء؛ لكون خلافة أبي بكر من هذا

_ 1 انظر: الخرقي: المختصر ص112، وابن قدامة: المغني12/243، وابن عبد البر: الكافي 4/146. 2 انظر: أبا يعلى: الأحكام السلطانية ص 23، ابن تيمية: منهاج السنة 1/529. 3 انظر: ابن تيمية: منهاج السنة 1/527. 4 انظر: الأشعري: مقالات الإسلاميين2/149، قال ابن تيمية: "وإن كان بعض أهل الكلام يقولون: إن الإمامة تنعقد ببيعة أربعة، كما قال بعضهم: تنعقد ببيعة اثنين، وقال بعضهم: تنعقد ببيعة واحد، فليست هذه أقوال أئمة أهل السنة". (منهاج السنة 1/526) . وقال محمّد رأفت: "لم يحصل في عصر من العصور انحصار الحل والعقد في واحد، ويندر أن يحصل ذلك". (رئاسة الدولة في الفقه الإسلامي ص 273) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب الحدود 6/2503، رقم: 6442، ابن تيمية: منهاج السنة النبوية 1/542. 6 انظر: الخلال: السنة 1/301، أبا يعلى: المعتمد في أصول الدين ص 226، ابن تيمية: الفتاوى 5/47، منهاج السنة 1/516-524، 499.

الليل لا يقبله بالنهار، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدي الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازنيه يوم القيامة، باتباعهم في الدنيا الحق وثقله عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الباطل وخفته عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفاً، وأن الله عزوجل ذكر أهل الجنة وصالح ما عملوا، وتجاوز عن سيئاتهم، وذكر آية الرحمة وآية العذاب ليكون المؤمن راغباً راهباً فلا يتمنى على الله غير الحق، ولا تلقي بيدك إلى التهلكة، فإن حفظت قولي فلا يكونن غائباً أحبّ إليك من الموت، ولا بد لك منه، وإن ضيعت وصيتي فلا يكونن غائباً أبغض إليك من الموت، ولن تعجزه"1. وعن أبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم بن أبي بكر2 بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب3 - رضي الله عنهم -، قال: "سمعت جدي أبا بكر بن سالم4 يقول: "لما حضرت5 أبا بكر الصديق، عند آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وأوّل عهده بالآخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب، إني استخلفت عليكم من بعدي عمر بن الخطاب، فإن قصد وعدل فذاك ظني، وإن جار وبدل فالخير أردت، ولا أعلم الغيب {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ

_ 1 الخلال: السنة 1/1/275، 276، ابن الجوزي: مناقب ص 56، 57، وهو مرسل؛ لأن زبيداً لم يدرك وفاة أبي بكر. وورد الأثر من طريق أبي بكر بن سالم فيتقوى الأثر بذلك ويكون حسناً لغيره. 2 مطموس في الأصل، سوى: (بكـ) . 3 لو أعثر على ترجمة له. 4 أبو بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر، ثقة، من الخامسة. (التقريب ص 622) . 5 حذف الفاعل، أي: لما حضرت أبا بكر الوفاة كما قال تعالى: {كَلاّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} ، أي: الروح.

ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَّنْقَلِبُونَ} ، [الشعراء: 227] ، ثم بعث إلى عمر فدعاه فقال: "يا عمر أبغضك مبغض وأحبّك محب، وقل ما يُبْغض الخير ويحب الشّر". قال: "فلا حاجة لي فيها"، قال: "ولكن لها بك حاجة، قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبته، ورأيت إثرته أنفسنا على نفسه حتى إن كنا لنهدي لأهله فضل ما يأتينا منه، ورأيتني وصحبتني وإنما اتبعت أثر من كان قبلي، والله ما نمت فحكمت1 ولا شبهت فتوهمت، وإن لعلى طريقي ما زغت، تعلم يا عمر إن لله حقاً في الليل لا يقبله في النهار - الكلام الذي تقدم -. ثم قال: "إن أوّل ما أحذرك نفسك، وأحذرك الناس، فإنهم قد طمحت أبصارهم، وانتفخت أجوافهم، وإن لهم لحيرة عن زلة تكون، فإياك أن تكونه، وإنهم لم يزالوا خائفين لك فرقين2 منك ما خفت الله وفرقته. هذه وصيتي وأقرأ عليك السلام"3. فائدة يستحب للخليفة إذا استخلف شخصاً أن يوصيه بمصالح المسلمين وأمورهم، فإن لم يستخلف شخصاً استحب له أن يوصي من يستخلف بعده، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بما يفعله الخليفة بعده، من إجازة الوفد4، ونحو ذلك وأبو بكر أوصى كما تقدم. وعمر رضي الله عنه قال: "أوصي الخليفة بعدي"، كما تأتي وصيته5، وذلك لأنه لم يستخلف فأوصى بهذه الوصية لمن وقعت الخلافة. والله أعلم. / [32 / أ] .

_ 1 في المناقب: (فحملت) . 2 فرِق: إذا فزع من الشيء. (القاموس ص 1184) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 57-58، وهو مرسل؛ لأن أبا بكر لم يدرك وفاة الصديق، ولم يصرح بمن روى عنه. وفيه إسحاق بن إبراهيم لم أعثر له على ترجمة. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الجزية 3/1156، رقم: 2997. 5 انظر: ص 957، 968.

الباب الثامن والعشرون: عهد أبي بكر إليه ووصيته إياه

الباب الثامن والعشرون: عهد أبي بكر إليه ووصيته إياه ... الباب. ومن قول عمر: "إن استخلفت فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني النبي صلى الله عليه وسلم". ما يدل على ذلك1. وعلى قولنا: ثبتت بالنص الظاهر لا يكون من هذا الباب، ويكون من باب عهد الإمام قبله. فلو بايع الناس لشخص ثم بايعوا2 لآخر بعده فلا بيعة للثاني، وإن بايع بعض لشخص، ثم بايع بعضهم لآخر فلا بيعة للثاني أيضاً، وإن بايع بعض أفراد الناس لشخص من غير مشورة جميعهم، أو بايعوا لغير من اتفق عليه الجم الغفير فلا بيعة له. قال أصحابنا: "ولو ظهر رجل بسيفه فقهر الناس وأخذ الخلافة بيده، فهو خليفة يحرم قتاله، والخروج عليه، وعزله منها3. فإن خرج على الخليفة وقهره فللناس مساعدة الخليفة عليه وليس هو الخليفة، ولا يقرّ على ذلك ولو بايعه بعض الناس. والله أعلم. / [31 / ب] . فصل: في وصية أبي بكر لعمر - رضي الله عنهما - عن إسماعيل بن أبي خالد عن زُبيد4 أن أبا بكر قال لعمر بن الخطاب: "إني موصيك [بوصية] 5 إن حفظتها: إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل، ولله حق في

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الأحكام 6/2638، رقم: 2791، ومسلم: الصّحيح، كتاب الإمارة 3/1454، رقم: 1823. 2 في الأصل: (بايع) . 3 انظر: ابن قدامة: المغني 12/243، والكافي 4/146، المرداوي: الإنصاف في معرفة الخلاف 10/310. 4 زُبيد بن الحارث اليامي، الكوفي، ثقة عابد، توفي سنة اثنتين وعشرين ومئة، أو بعدها. (التقريب ص 213) . 5 سقط من الأصل.

الباب التاسع والعشرون: خلافته وقول الرسول فيها

الباب التاسع والعشرون: خلافته وقول الرسول فيها ... الباب التاسع والعشرون: في خلافته وقول الرسول فيها قال الذهبي: "ولي الخلافة عشر سنين ونصف"1. وذكر ابن الجوزي عن محمّد بن سعد قال: قال حمزة بن عمرو2: "توفي أبو بكر رضي الله عنه مساء ليلة الثّلاثاء لثمانٍ بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، فاستقبل عمر رضي الله عنه يوم الثلاثاء صبيحة موت أبي بكر"3. وعن جامع بن شداد4 عن أبيه5 قال: "كان أوّل كلام تكلم به عمر حين صعد المنبر أن قال: "اللهم إني شديد فليّنّي، وإني ضعيف فقوّني، وإني بخيل فسخّني"6. وقال القاسم7 بن محمّد8: قال عمر: "لو علمت أن أحداً من الناس أقوى على هذا الأمر منّي، لكنت أقدِمَ فتضربَ9 عُنْقي أحب إليّمن أن أَلِيَه"10.

_ 1 الذهبي: التذهيب 3 / ق 177/ ب. 2 الأسلمي، صحابي جليل، توفي سنة إحدى وستين. (التقريب ص 180) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 58، ابن سعد: الطبقات 3/274، وفي إسناده الواقدي. 4 المحاربي الكوفي، ثقة، توفي سنة سبع وعشرين ومئة. (التقريب ص 137) . 5 لم أعثر له على ترجمة. 6 ابن سعد: الطبقات 3/274، الطبري: التاريخ 3/433، ابن الجوزي: مناقب ص 58، كلهم من طريق شداد المحاربي ولم أعثر له على ترجمة. 7 في الأصل: (أبو القاسم) ، وهو تحريف. 8 ابن أبي بكر. 9 مطموس في الأصل سوى: (تضرب) . 10 ابن سعد: الطبقات 3/275، ابن الجوزي: مناقب ص 58، والذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء) وهو مرسل؛ لأن القاسم لم يدرك خلافة عمر.

وعن يحيى بن معين1 قال: "كان شريح2 قاضي عمر بن الخطاب وكان عبد الله بن مسعود على بيت المال"3. قال نافع4: "استعمل عمر زيداً5 على الفضاء وفرض له رزقاً"6. قال أبو عبد الله محمّد بن سلامة في كتاب: (عيون المعارف) : "بويع له يوم مات أبو بكر رضي الله عنه، وكانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال"7. وروى أبو داود والنسائي8 والترمذي وابن ماجه عن سَفينة9، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخلافة ثلاثون عاماً ثم يكون الملك". قال سفينة: "أمسك: سنتين لأبي بكر، وعشر لعمر، وثنتي عشرة لعثمان، وستاً لعلي - رضي الله عنهم -"10.

_ 1 يحيى بن معين الغَطَفَاني مولاهم، البغدادي، ثقة حافظ مشهور، توفي سنة ثلاث وثلاثين ومئتين بالمدينة المنورة. (التقريب ص 597) . 2 شريح بن الحارث الكوفي الكندي، مخضرم، ثقة، توفي قبل الثمانين أو بعدها. (التقريب ص 265) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 58. 4 نافع مولى ابن عمر. 5 زيد بن ثابت الأنصاري النجاري، صحابي مشهور، توفي سنة خمس وأربعين. (التقريب ص 222) . 6 ابن سعد: الطبقات 2/359، ابن الجوزي: مناقب ص 58، وهو مرسل. 7 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب. 8 أحمد بن شعيب النسائي، الحافظ صاحب السنن، توفي سنة ثلاث وثلاث مئة. (التقريب ص 80) . 9 سَفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا عبد الرحمن، يقال كان اسمه مهران، مشهور له أحاديث. (التقريب ص 245) . 10 مدار هذا الحديث على سعيد بن جمهان، وهو صدوق له أفراد. (التقريب ص234) . والحديث في أبي داود: السنن4/211، النسائي: فضائل الصحابة رقم: 52، الترمذي: السنن 4/502، وأخرجه أحمد: المسند 5/221، وفضائل الصحابة 1/487، وأبو داود الطيالسي المسند ص151، خيثمة: فضائل الصحابة (من حديث خيثمة) 107-108، ابن أبي عاصم: السنة 2/562، والآحاد والمثاني 1/129، الطبراني: المعجم الكبير 1/55، 98، والطحاوي: مشكل الآثار 4/313، أبو نعيم: معرفة الصحابة 1/171، وابن عبد البر: جامع بيان العلم ص 552، وقال: "قال أحمد بن حنبل: حديث سفينة في الخلافة، وإليه ذهب في الخلفاء". واحتج الإمام أحمد بهذا الحديث في التربيع بعلي في الخلافة الراشدة. (السنة للخلال 1/428) . وسيذكر المؤلف احتجاج أحمد بهذا الحديث بعد ذلك وقال الترمذي: "وهذا حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان ولا نعرفه إلا من حديث سعيد بن جهمان". وصحّحه الشيخ الألباني، وقال: "وجملة القول أن الحديث حسن من طريق سعيد ابن جهمان، صحيح بهذين الشاهدين. (انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/742، صحيح سنن الترمذي 2/245) . وهذا الحديث لم أعثر عليه عند ابن ماجه ولم أجد من أشار إلى أن ابن ماجه أخرجه.

قال محمّد بن مظفر1: "سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل منذ أربعين سنة فذكر حديث حماد بن سلمة2 عن سعيد بن جُهْمان3 في الخلافة، فقال أحمد: "عليّ من الخلفاء الراشدين المهديّين"4. وروى الشيخ موفق الدين عن أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عزوجل بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة، وكائناً ملكاً عضوضاً5 وكائناً عنوة وجبرية، وفساداً في الأمة يستحلون الفروج، والخمور،

_ 1 محمّد بن مظفر المصيصي ذكره ابن الجوكي فيمن ورى عن الإمام أحمد. (مناقب الإمام أحمد ص 103) . 2 البصري، ثقة عابد، تغير حفظه بأخره، توفي سنة سبع وستين ومئة. (التقريب ص 178) . 3 الأسلمي، البصري، صدوق له أفراد، توفي سنة ست وثلاثين ومئة. (التقريب ص 234) . 4 البغوي: معجم الصحابة ق 81، ابن عساكر: تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) ص 516، موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 19 / ب. احتجاج الإمام أحمد بحديث سفينة في التربيع بعليّ في الخلافة رواه غير واحد عنه. انظر: مسائل عبد الله لأبيه 2/573، ومسائل الإمام أحمد لابنه صالح 1/425، والسنة للخلال 1/4285. 5 الملك العضوض: هو الذي يصيب الرعية فيه عسف وظلم كأنهم يعضون فيه عضا. (النهاية 3/253) .

والحرير، وينصرون1 على ذلك ويرزقون أبداً حتى يلقوا الله" 2. وقال أبو داود3: ثنا داود الواسطي4 وكان ثقة، ثنا حبيب بنسالم5، قال: "سمعت النعمان بن بشير بن سعد6 يكف حديثاً7، فجاء

_ 1 في الأصل: (وينصرو) ، وهو تحريف. وقال الألباني عند قوله: "وينصرون": "هذا باطل مخالف للقرآن، ويكذبه واقع المسلمين الآن؛ وأما سائر الحديث فصحيح من غير طريق واحد". (ضعيف الجامع2/80. 2 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق20/أ، وأبو داود الطيالسي: المسند ص31، البيهقي: دلائل النبوة6/340، وأبو يعلى: المسند2/177ابن أبي عاصم: السنة2/534، مختصراً والطبراني: المعجم الكبير1/157، وأبو نعيم: دلائل النبوة 2/704. ومدار هذا الحديث على ليث بن أبي سليم وهو صدوق اختلط حديثه جداً فترك. (التقريب ص 464) . وأورده الهيثمي: مجمع الزوائد 5/189، وقال: "وفيه ليث ابن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس، وبقية رجاله ثقات". وقد تعقبه الحافظ ابن حجر في غير هذا الحديث فقال: "ما علمت أحداً صرح بأنه ثقة ولا من وصفه بالتدليس قبل الشيخ". نقله الألباني في تخريجه لكتاب السنة لابن أبي عاصم 2/534. وفيه علة أخرى وهي أن عبد الرحمن بن سابط لم يثبت أنّه سمع من أبي ثعلبة الخشني، قال ابن حجر: "ويقال: لا يصح له سماع من صحابي". (الإصابة 2/148) . وقال الألباني: "ضعيف". (ضعيف الجامع 2/80) . وصحّح الألباني رواية ابن أبي عاصم المختصرة، وذكر أن له شواهد يتقوى بها. (السنة لابن أبي عاصم 2/534) . ومما ذكر من شواهده حديث أبي بكرة الذي سيورده المصنف في هذه الورقة. 3 سليمان بن داود الجارود البصري، ثقة حافظ غلط في أحاديث، توفي سنة أربع ومئتين. (التقريب ص 250) . 4 داود بن إبراهيم الواسطي، وثقة أبو داود في إسناد حديثه هذا ونقله عنه ابن أبي حاتم. (الجرح والتعديل 3/407) . 5 حبيب بن سالم، مولى النعمان بن بشيروكاتبه، لابأس به من الثالثة. (التقريب ص151) 6 الأنصاري، الخزرجي، له صحبة، وسكن الشام، ثم ولي إمارة الكوفة. ثم قتل بحمص سنة خمس وستين. (التقريب ص 563) . 7 في المسند ومجمع الزوائد: "وكان بشير رجلاً يكف حديثه".

أبو ثعلبة1 فقال: "يا بشير بن سعد2 أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء؟ "، وكان حذيفة قاعداً مع بشير - فقال حذيفة -: "أنا أحفظ خطبته، فجلس أبو ثعلبة، فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم في النبوة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون الخلافة على منهاج البنوة، تكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء، ثم تكون جبرية، ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة". قال فقدم عمر3 ومعه يزيد بن النعمان4 في صحابته، فكتبت إليه أذكره الحديث فكتبت5 إليه: إني أرجو / [32 / ب] أن يكون أمير المؤمنين بعد الجبرية، قال: فأخذ يزيد الكتاب فأدخله على عمر، فسر به وأعجبه"6. قال أبو داود7: ثنا حمد بن سلمة، ثنا عليّ بن زيد8 عن عبد الرحمن

_ 1 جُرْثُوم بن ناشرة، صحابي، مشهور بكنيته، توفي سنة خمس وسبعين، وقيل: قبل ذلك بكثير في أوّل خلافة معاوية بعد الأربعين. (التقريب ص 627) . 2 بشير بن سعد الأنصاري، الخزرجي، صحابي بدري، استشهد بعين التمر. (التقريب ص 125) . 3 عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي، أمير المؤمنين، توفي سنة إحدى ومئة. (التقريب ص 415) . 4 يزيد بن النعمان بن بشير، ترجمه ابن أبي حاتم. (الجرح والتعديل 9/292) . 5 في الأصل: (فكتب) ، وهو تحريف. 6 أبو داود: المسند ص 58، وإسناده حسن، وأحمد: المسند 4/273، البزار كما في كشف الأستار 2/231-232، وأورده الهيثمي: مجمع الزوائد 5/189، وقال: "رواه أحمد في ترجمة النعمان، والبزار أتم منه والطبراني ببعضه في الأوسط ورجاله ثقات". 7 الطيالسي. 8 التيمي، البصري، ضعيف، توفي سنة إحدى وثلاثين ومئة. (التقريب ص 401) .

بن أبي بكرة1 [قال: "وفدنا إلى معاوية2 مع زياد3 ومعنا أبو بكرة4] 5 فدخلنا عليه فقال له: "حدّثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عسى الله أن ينفعنا به"، قال: "نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الصالحة ويسأل عنها، فقال رجل: "يا رسول الله إني رأيت رؤيا، رأيت كأن ميزاناً دلي من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت بأبي بكر، ثم وزن أبو بكر بعمر، فوزن أبو بكر عمر، ثم وزن عمر بعثمان فرجح عمر بعثمان، ثم رفع الميزان، فاستاء لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "خلافة نبوة ثم يؤتي الله الملك من يشاء"، فغضب لها معاوية ثم زجّ في أقفائنا فأخرجنا. فقال زياد لأبي بكرة: "ما وجدت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً تحدّثه غير هذا؟ "، قال: "والله لا أحدّثه إلا به حتى أفارقه". فلم يزل زياد يطلب الإذن حتى أذن لنا فأدخلنا، فقال معاوية: "يا أبا بكرة حدّثنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله أن ينفعنا به"، قال: فحدّثه أيضاً مثل حديثه الأوّل، فقال له معاوية: "لا أبا لك تخبرنا أنا ملوك فقد رضينا أن نكون ملوكاً"6.

_ 1 الثقفي. 2 معاوية بن أبي سفيان الأموي، أبو عبد الرحمن، الخليفة، صحابي، أسلم قبل الفتح، وكتب الوحي، توفي سنة ستين. (التقريب ص 537) . 3 زياد بن أبيه، وهو ابن سمية، ويقال أيضاً: زياد بن عبيد، ثم استلحقه معاوية فقيل: زياد بن أبي سفيان، أسلم في عهد أبي بكر وولي العراق لمعاوية. (ميزان الاعتدال 2/86) . 4 نفيع بن الحارث بن كَلَدَة الثقفي، صحابي مشهور، أسلم بالطائف ثم نزل البصرة، مات بها سنة إحدى، أو اثنين، وخمسين. (التقريب ص 565) . 5 سقط من الأصل. 6 أبو داود الطيالسي: المسند ص 116، 117، وإسناده ضعيف لضعف عليّ بن زيد. والحديث أخرجه أحمد: المسند 5/44-50، ابن أبي شيبة: المصنف ص 12، 18، بنحوه أبو داود: السنن 4/208 ابن أبي عاصم: السنة 1/536. قال الألباني: "حديث صحيح ورجاله ثقات غير عليّ بن زيد وهو ضعيف لكن يشهد له حديث سفينة". عبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 1/184، كلهم من طريق عليّ بن زيد. لكن تابعه الحسن عن أبي بكرة أخرجه أبو داود: السنن 4/208، الترمذي: السنن 4/540، وقال: "حديث صحيح". فيكون الحديث حسناً عن أبي بكرة.

وروى الشيخ موفق الدين بسنده عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبني مسجد المدينة، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، وهم ينقلون الحجارة، فقلت: يا رسول الله ما أرى معك من أصحابك غير هؤلاء الرهط؟ "، قال: "إنهم الخلفاء من بعدي" 1. وروى عن أنس قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وخرجت معه، فدخل حائطاً من حيطان الأنصار فدخلت معه، فقال: "يا أنس أغلق الباب"، فأغلقت الباب فإذا رجل يقرع الباب، فقال: "يا أنس افتح لصاحب الباب، وبشّره بالجنة، وأخبره أنه يلي الأمر من بعدي"، قال: فذهبت أفتح له، وما أدري من هو، فإذا هو أبو بكر فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ودخل، ثم جاء آخر فقرع الباب، فقال: "يا أنس افتح لصاحب الباب، وبشّره بالجنة، وأخبره أنهيلي أمر أمتي من بعد أبي بكر"، فذهبت أفتح له وما أدري من هو، فإذا هو عمر بن الخطاب، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ودخل، ثم جاء آخر فقرع الباب فقال: "يا أنس افتح لصاحب الباب، وبشّره بالجنة، وأخبره أنه

_ 1 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 21 / ب، وفي إسناده الحشرج بن نُباتة الأشجعي، صدوق يهم. (التقريب ص 169) . والحديث أخرجه ابن أبي عاصم: السنة 2/550، العقيلي: الضعفاء 1/297، ابن حبان: المجروحين 1/277، ابن عدي: الكامل 2/846، البيهقي: دلائل النبوة 2/553، ابن الجوزي: العلل المنتاهية 1/205، ابن عساكر: تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) ص 162-163. وضعّفه الألباني، وقال: "وعلته الحشرج بن نبات أورده البخاري في الضعفاء الصغير لهذا الحديث، وقال: "لم يتابع عليه؛ لأن عمر بن الخطاب وعليّاً بن أبي طالب قالا: "لم يستخلف النبي صلى الله عليه وسلم". قال الحافظ عقبه في التهذيب: "قال ابن عبدي: "قد روي من طريق آخر - وساق - ثم قال: وقد قمت بعذره في الحديث الذي أنكره البخاري فأوردته بإسناد آخر. قلت: الإسناد الذي زعم ابن عدي أنه متابع لحشرج أضعف من الأوّل؛ لأنه من رواية محمّد بن الفضل بن عطية وهو ساقط. (السنة لابن أبي عاصم 2/550، الضعفاء الصغير ص 79، تهذيب التهذيب 2/325) .

يلي أمر أمتي بعد أبي بكر وعمر، وأنه سيلقى منهم بلاء فيه دمه". فذهبت أفتح له، وما أدري من هو، فإذا هو عثمان بن عفان، ففتحت له الباب، وأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله واسترجع ودخل"1. وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً، فجاء أبو بكر فاستأذن، فقال: "ائذن له وبشّره بالجنة وبالخلافة بعدي"، ثم جاء عمر فاستأذن، فقال: "ائذن له وبشّره بالجنة وبالخلافة بعد أبي بكر"، ثم جاء عثمان يستأذن، فقال: "ائذن له وبشّره بالجنة وبالخلافة بعد عمر". قال أبو نعيم2: "هذا حديث غريب من حديث يونس3 عن أنس بهذا

_ 1 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 21/ب، 22/أ، وفي إسناده عبد الأعلى ابن أبي المساور الزهري مولاهم وهو متروك. (التقريب ص 332) . والحديث أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه كما في لسان الميزان 3/193، وابن عساكر: تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) ص 138-139. كلاهما من طريق عبد الأعلى. وهذا الحديث حكم عليه أبو حاتم بالبطلان فقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث فقال: "عبد الأعلى، ضعيف شبه المتروك، وهذا حديث باطل، كتبت بالبصرة هذا الحديث عن شيخ يسمى: خالد بن يزيد السابري عن عبد الأعلى نفسه، ولم أحدّث به". (علل الحديث 2/386) . وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة من طريق آخر. قال الألباني: "موضوع". (السنة 2/546) . 2 أحمد بن عبد الله الأصبهاني، صاحب الحلية. 3 يونس بن عبيد العبدي، البصري، ثقة ثبت فاضل ورع، توفي سنة تسع وثلاثين ومئة. (التقريب ص 613) .

/ [33 / أ] اللفظ تفرد به أبو كامل1 عن عمرو2، 3. وعن ابن عمرو4 قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خلفي اثنا عشر خليفة: أبو بكر الصديق لا يلبث5 بعدي إلا قليلاً، وصاحب رحَى6 دارة العرب7، يعيش حميداً ويموت شهيداً". قال: فقال رجل: "من هذا؟ "، قال: "عمر بن الخطاب"، ثم التفت إلى عثمان بن عفان فقال: "وأنت يسألك الناس أن تخلع قميصاً8 كساك الله تعالى، فوالذي بعثني بالحق لئن خلعته لا تدخل الجنةَ حتى يلج الجمل في سم الخياط" 9.فقال رجل من قومه: "ما لنا ولهذا إنما جلسنا لتذكرنا"، فقال: "أما لو تركتموني لأخبرتكم بما قال فيهم واحداً واحد" 10.

_ 1 فضيل بن حسين الجحدري، ثقة حافظ، توفي سنة سبع وثلاثين ومئتين. (التقريب ص 447) . 2 عمرو بن الأزهر العتكي، قاضي جرجان، قال أحمد: "كان يضع الحديث"، وقال البخاري: "يرمى بالكذب". وقال النسائي وغيره: "متروك". (ميزان الاعتدال 3/245) . 3 أبو نعيم: الحلية 3/24، وعنه موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 22/أ، وفي إسناده عمرو بن الأزهر وهو متهم بالكذب والوضع. 4 في الأصل: (ابن عمر) ، وهو تحريف. 5 في الأصل: (لا يثبت) ، وهو تحريف. 6 الرحى: هي التي يطحن بها. (لسان العرب 14/312) . 7 المراد من هذه العبارة: وصف عمر بأنه سيّد العرب الذي يجتمعون حوله ويصدرون عن رأيه. (انظر: لسان العرب 14/314) . 8 أراد بالقميص: الخلافة. (النهاية 4/108) . 9 مأخوذ من قوله تعالى: {وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} ، سورة الأعراف آية: 40) . 10 ابن أبي عاصم: السنة 2/548، 557، 558، 563، مفرقاً، ابن حبان: المجروحين 2/42، الطبراني: المعجم الكبير 1/54، 55، الذهبي: ميزان الاعتدال 2/443، موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 22/ب، ومداره على ربيعة بن سيف، صاحب مناكير وعجائب. وهو حديث باطل. قال الذهبي: "أنا أتعجب من يحيى - ابن معين - مع جلالته ونقده كيف يروي مثل هذا الباطل ويسكت عنه؛ وربيعة صاحب مناكير وعجائب". وقال الألباني: "إسناده ضعيف. وربيعة بن سيف هو: المعافري. قال الحافظ: "صدوق له مناكير". والحديث أورده الهيثمي: مجمع الزوائد 5/178، بزيادة في آخره، ثم قال: "رواه الطبراني في (الأوسط) ، و (الكبير) ، وفيه مطلب بن شعيب، قال ابن عدي: "لم أر له حديثاً منكراً غير حديث واحد، غير هذا وبقية رجاله وثقوا". (انظر: تخريج الألباني على السنة لابن أبي عاصم 2/548) .

وعن أنس بن مالك، قال: "بعثني بنو المصطلق1 إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: "يا رسول الله إلى من ندفع زكاتنا إن حدث بك حدث؟ "، قال: "ادفعوها إلى أبي بكر"، فقلت ذلك لهم، فقالوا: "فسأله إن حدث بأبي بكر حدث الموت، فإلى من ندفع زكاتنا؟ "، فقلت له ذلك، فقال: "تدفعونها إلى عمر"، فقالوا: "فإلى من ندفعها بعد عمر؟ "، فقلت له، فقال: "تدفعونها إلى عثمان"، قالوا: "سله فإن حدث بعثمان حدث فإلى من ندفعها بعده؟ "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا مات عثمان فتباً لكم آخر الدهر" 2.

_ 1 بنو المصطلق: هم بنو جَذيمة بن سعد بن عمر بن عامر بن لُحَيّ. (جمهرة أنساب العرب ص 239، الأنساب للسمعاني 5/312) . 2 الحاكم: المستدرك 3/77، أبو نعيم: الحيلة 8/358، ومن طريقه ابن عساكر: تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) ص 168، وكلهم من طريق نصر بن منصور ذكره الخطيب ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً. (تاريخ بغداد 13/286) . وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح لم يخرجاه". ووافقه الذهبي. وموفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 23 / أ، وفي إسنادهما السري بن عاصم الهمداني، قال ابن حبان: "يسرق الحديث، ويرفع الموقوفات لا يحل الاحتجاج به". وقال الأزدي: "متروك الحديث رمي بالوضع". (المجروحين 1/355، تاريخ بغداد 9/129، اللسان 3/12) .

قال الشيخ موفق الدين: "وقد كانت خلافة هؤلاء الأئمة في كتب الله المتقدمة، وحدث بها علماء أهل الكتاب قبل تمامه فجاء على ما قالوا"1. وعن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا الأوّل وأبو بكر الثاني، وعمر الثالث" 2.

_ 1 موفق الدّين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 23 / أ. 2 ابن عدي: الكامل 1/395، أبو نعيم: فضائل الخلفاء الأربعة 6/ب، الخطيب: تاريخ بغداد 7/31، ابن الجوزي: الموضوعات 1/328، 329، كلهم من طريق أصرم بن حوشب متهم بالوضع. (ميزان الاعتدال 1/272) . قال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم". قال يحيى: "أصرم كذاب خبيث". وقال السيوطي في اللآلي المصنوعة 10/311: "موضوع، آفته أصرم". ووضعه الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 300.

الباب الثلاثون: إجتماعهم على تسميته بأمير المؤمنين

الباب الثلاثون: إجتماعهم على تسميته بأمير المؤمنين ... الباب الثلاثون: في ذكر اجتماعهم على تسميته بأمير المؤمنين ذكر ابن الجوزي عن محمّد بن سعد، قال: "قالوا: لما مات أبو بكر رضي الله عنه وكان يدعى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المسلمون: "من جاء بعد عمر قيل: خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطول هذا، ولكن أجمعوا على اسم تدعون به الخليفة، يُدعَ به مَنْ بعده من الخلفاء"، فقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحن المؤمنون وعمر أميرنا"، فدعي عمر أمير المؤمنين فهو أوّل من سمّي بذلك"1. وعن ابن شهاب2: أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه سأل أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة3 لِمَ كان أبو بكر رضي الله عنه يكتب: من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب بعده: من عمر بن الخطاب خليفة أبي بكر [و] 4 مَنْ أوّل مَنْ5 كتب أمير المؤمنين؟ فقال: "حدّثني جدتي الشفاء6 - وكانت من المهاجرات الأول، وكان عمر إذا دخل السوق دخل عليها - قال: كتب عمر بن الخطاب إلى

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 59، ابن سعد 3/281، بدون إسناد. 2 محمّد بن مسلم الزهري. 3 العدوي، المدني، ثقة، عارف بالنسب. من الثالثة. (التقريب ص 623) . 4 سقط من الأصل. 5 في الأصل: (ما كتب) ، وهو تحريف. 6 الشفاء بنت عبد الله العدوية، أسلمت قبل الهجرة، وكات من المهاجرات الأول، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم. (الإصابة 8/120) .

عامل بالعراق1 أنِ ابْعَث إليّ برجلين جَلْدين نبيلين، أسألهما عن العراق وأهله. فبعث إليه صاحب العراقين بلبيد بن ربيعة2، وعدي بن حاتم3، فقدما المدينة فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد. ثم دخلا [المسجد] 4، فوجدا عمراً بن العاص، فقالا له: "يا عمرو استأذن لنا على أمير المؤمنين"، فدخل عمرو فقال: "السلام عليك يا أمير المؤمنين"، فقال له عمر: "ما بدا لك في هذا الاسم يا ابن العاص؟، لتخرن مما قلت"، قال: "نعم، قدم لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم، فقالا: "استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقلت: أنتما والله أصبتما اسمه، إنه أمير المؤمنين". / [33 / ب] فجرى الكِتابُ من ذلك اليوم"5. وقال الضحاك6: قال عمر رضي الله عنه: "أنتم المؤمنون وأنا أميركم فهو سمي نفسه"7. وذكر جماعة من العلماء منهم أبو عبد الله محمّد بن سلامة8 في كتابه

_ 1 في الاستيعاب: (عامل العراق) . 2 الكلابي الجعفري، الشاعر المشهور، أسلم سنة تسع، ونزل الكوفة، وتوفي سنة إحدى وأربعين. (الإصابة 6/4) . 3 الطائي، أسلم سنة تسع وثبت على إسلامه في الردة وأحضر صدقة قومه إلى أبي بكر، توفي سنة ثمان وستين. (الإصابة 4/228) . 4 سقط من الأصل. 5 الحاكم: المستدرك 3/81، 82، وقال الذهبي: "صحيح". ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1151، ابن الجوزي: مناقب ص 59، وأورده الهيثمي: مجمع الزوائد 9/61، وقال: "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح"، والعسكري: الأوائل ص103، 104. 6 لم يتميز لي. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 60. 8 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف.

(المعارف) ، وبعض من شرح (العمدة) : "مما خص به في ولايته أنه رضي الله عنه أوّل من سمي بأمير المؤمنين وأنه لم يسبق إليه"1. وإذا نظر الإنسان في كلام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رأى أن جميعهم قد اتفقوا على تسميته بهذا الاسم وسار له في جميع الأقطار في حال ولايته. والأمير: هو الكبير، فتأمر الرجل يتأمر فهو متأمر، وأمر الرجل يأمر فهو مؤتمر، وأمر الأمر يأمر فهو مؤتمر، أي: كبر، فسمي أمير لكبره وارتفاعه على غيره2، وفي الحديث: "لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر" 3، أي لقد كبر وعظم أمره4 وهذا أيضاً من هذا الباب. وأمر الرجل إذا صار أميراً5، وفي حديث سقيفة بني ساعدة: "منا أمير ومنكم أمير"6. وقال أبو بكر: "نحن الأمراء وأنتم الوزراء"7. وفي حديث القراء: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أرسل جماعة من أصحابه وأمر عليهم عاصم ابن ثابت89.

_ 1 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / أ، ولم أجده في عيون المعارف. 2 في اللسان 4/31: "والأمير: الملِك لنفاذ أمره، الجمع: أمراء، وأَمَرَ علينا يأمُرُ أمْراً، وأَمُرَ وأَمِرَ: كوَلي". انظر: الجوهر: الصحاح 2/581. 3 البخاري: الصحيح، كتاب بدء الوحي 1/8، رقم: 7 بأطول. 4 انظر: ابن حجر: فتح الباري 1/40، 8/222، وفي النهاية 1/65، واللسان 4/29: "أي: كثر وارتفع شأنه". 5 الأزهري: تهذيب اللغة 15/292، ابن منظور: لسان العرب 4/31. 6 البخاري: الصحيح، كتاب المحاربين 6/250، رقم: 6442. 7 أحمد: المسند 1/164، رقم: 18، قال أحمد شاكر: "ضعيف لانقطاعه". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فهذا مرسل حسن، ولعل حميداً أخذه من بعض الصحابة الذين شهدوا ذلك". (منهاج السنة 1/536) . 8 ابن أبي الأقلح الأنصاري الأوسي شهد بدراً، وهو الذي حمته الدَبْريوم الرجيع. (الاستيعاب 2/779) . 9 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1499.

وأما الآمر: فهو من حصل منه أمر1. والمائر: هو الّذي يجلب الطعام إلى أهله. يقال: امتار لهم الطعام يمتاره فهو مائر، قال الله عزوجل: {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} [يوسف: 65] 2. والإمرة هي والإمارة واحد؛ وهي ما يحصل للأمير من الكبر والارتفاع؛ فهي اسم للولاية التي يعطاها من صار أميراً3. وفي الحديث: "فأخذهاخالد من غير إمرة" 4. وفي الحديث: "لا تسأل الإمارة" 5، وهي الولاية التي يصير بها أميراً6. والمرّ هو الذهاب، ومنه: {تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: 88] 7. وكذلك المور قال الله عزوجل: / [34 / أ] {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً} [الطور: 9] . وقد يكون المور: هو الّذي تري العين أنه يذهب وليس بذاهب، بل يتحرك يميناً وشمالاً ويضطرب كالسراب في شدة الحر. والله أعلم8.

_ 1 انظر: ابن منظور: لسان العرب 4/27. 2 ابن منظور: لسان العرب 5/188، الجوهري: الصحاح 2/821. 3 انظر: الجوهري: الصحاح 2/581، ابن منظور: لسان العرب 4/31، الفيروزآبادي: القاموس ص 439. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/420، رقم: 1189. 5 البخاري: الصحيح، كتاب الإيمان والنذور 6/2443، رقم: 6248، مسلم: الصّحيح، كتاب الأيمان 3/1273، رقم: 1652. 6 انظر: الجوهري: الصحاح 2/581. 7 انظر: الأزهري تهذيب اللغة 15/198، ابن منظور: لسان العرب 5/165. 8 انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 15/297، الجوهري: الصحاح 2/820، الفيروزوآبادي: القاموس ص 614.

الباب الحادي والثلاثون: ماخص به ولايته مما لم يسبق إليه

الباب الحادي والثلاثون: ماخص به ولايته مما لم يسبق إليه ... الباب الحادي والثلاثون: في ذكر ما خص به ولايته ممّا لم يسبق إليه في الصحيح عن ابن عمر قال: "لمّا فَدَع1 أهل خيبر عبد الله بن عمر ق ام عمر خطيباً فقال: "إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: "نقرّكم ما أقرّكم الله" وإن ّعبد الله بن عمر خرج إلى ماله هنالك، فعدي عليه من الليل ففدع2 يداه ورجلاه، وليس لنا هنالك عدوٌّ غيرهم هم عدونا وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم. فلما أجمع عمر على ذلك أتاه أحد بني أبي الحقيق3. فقال: "يا أمير المؤمنين، أتخرجنا وقد أقرّنا محمد وعاملنا على الأموال، وشرط لنا"؟ فقال عمر: "أظننت أنّي نسيت قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك4 ليلة بعد ليلة" فقال: "كان ذلك هزيلة5 من أبي القاسم" فقال: "كذبت يا عدو الله" فأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثّمر، مالاً وإبلاً وعروضاً من أقتابٍ6 ورحالٍ7 وغير ذلك"8.

_ 1 الفَدَع - محركة -: اعوِجاج الرّسغ من اليد أو الرجل حتى ينقلب الكفّ أو القدم إلى إنسيها. (القاموس ص 963) . 2 في البخاري: (ففدعت) . 3 رأس يهود خيبر. (فتح الباري 5/328) . 4 القلوص من الإبل: الشابة أو القاقي على السير، أو أوّل ما يركب من إناثها إلى تُثْني. (القاموس ص 811) . 5 تصغير الهزل، وهو ضد الجد. (فتح الباري 5/328) . 6 القتب: الإكاف الصغير الذي على قدر سنام البعير. (لسان العرب 1/661) . 7 في نسخ البخاري التي بين يدي: (وحبال) ، والرَّحْل: مركب للبعير. (القاموس ص 1298) . 8 البخاري: الصحيح، كتاب الشروط 2/973، رقم: 2580.

وذكر ابن الجوزي عن ميمون بن مهران1، قال: "دفع إلى عمر رضي الله عنه صكٌ محله في شعبان، فقال عمر: شعبان هذا الّذي مضى أو2 الّذي هو آت أو الّذي نحن فيه" ثمّ جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: "ضعوا للناس شيئاً يعرفونه" فقال قائل: "اكتبوا على تاريخ الرّوم" فقيل: "إنّه يطول وإنهم يكتبون من عند ذي القرنين" فقال قائل: "اكتبوا تاريخ الفرس كلما قام ملك طرح ما كان قبله"، فاجتمع رأيهم على أن ينظروا كم أقام3 رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فوجدوه أقام عشر سنين فكتب أو كتب التاريخ على هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم4. وعن عثمان بن عبيد الله5، قال: "سمعت سعيد بن المسيب يقول: "جمع عمر بن الخطاب المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم - فقال: "متى نكتب التاريخ"؟ فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "منذ خرج النبي صلى الله عليه وسلم من أرض الشّرك" يعني من يوم هاجر. قال: فكتب ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه"6. وعن ابن المسيب قال: "أوّل من كتب التاريخ عمر بن الخطاب رضي الله عنه

_ 1 الجَزَري: ثقة، فقيه، ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز، وكان يرسل، توفي سة سبع عشرة ومئة. (التقريب ص 556) . 2 في الأصل: (والذي) . 3 في الأصل: (قام) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 60، ابن حجر: فتح الباري 7/268، ونسبه لأحمد وأبي عروبة في: (الأوائل) ، والبخاري في: (الأدب) ، والحاكم. ولم أعثر عليه في النسخ المطبوعة من المسند والأدب المفرد، والمستدرك، وهو منقطع؛ لأن ميمون لم يدرك خلافة عمر، ولم يصرح عمن رواه. 5 ابن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن أبيه وروى عنه عبد العزيز الدراوردي. (الثقات 7/191) . 6 الحاكم: المستدرك3/14، وصحّحه، ووافقه الذهبي. والطبري: التاريخ 3/38، 39.

لسنتين ونصف من خلافته، فكتب لست عشرة من المحرم بمشورة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه"1. قال أبو الزّناد2: استشار عمر في التاريخ فأجمعوا على الهجرة"3. وعن عبد الرحمن4 بن أبي الزّناد / [34 / ب] عن أبيه قال: "كان مقام إبراهيم لاصقاً بالكعبة حتى كان زمن عمر بن الخطاب فقال عمر: "والله إني لأعلم ما كان موضعه ها هنا، ولكن قريش خافت عليه من السّيل فوضعته5 هذا الموضع، ولو أني أعلم موضعه الأوّل لأعدته فيه" فقال رجل من آل عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم6: "أنا والله يا أمير المؤمنين أعلم موضعه الأول كنت لما حوّله قريش أخذت قدر موضعه الأول بحبل، وضعت طرفه عند ركني البيت أو عند الرّكن والباب، ثمّ عقدت في وسطه عند موضع المقام فعندي ذلك الحبل"، فدعا عمر بذلك الحبل فقدروا به، فلما عرفوا موضعه الأوّل أعاده عمر فيه، قال عمر رضي الله عنه: "إنّ الله عز وجل يقول {وَاتَّخَذُوا مِنْ مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى} ، [البقرة: 125] 7. وعن محمد بن سعد قال: "قالوا: "إنّ أوّل من سمي بأمير المؤمنين عمر

_ 1 الطبري: التاريخ 4/38، وفيه الواقدي. ابن الجوزي: مناقب ص 60، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء) ، ص 163. 2 عبد الله بن ذكوان القرشي، ثقة فقيه، توفي سنة ثلاثين ومئة. (التقريب ص 302) . 3 لم أجده في المصادر الأخرى. 4 عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان المدني، مولى قريش، صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد، وكان فقيهاً، توفي سنة أربع وسبعين ومئة. (التقريب ص 340) . 5 في الأصل: (فوضعه) ، وهو تحريف. 6 مطموس في الأصل، سوى: (مخزو) . 7 الأزرقي: أخبار مكة 2/33، 34.

بن الخطاب، وإنّه أوّل من سنّ قيام شهر رمضان، وهو أوّل من جمع القرآن في المصحف، وهو أوّل من جمع النّاس على قيام رمضان وكتب به إلى البلدان، وجعل بالمدينة قارئين؛ قارئاً يصلي بالرجال وقارئاً يصلي بالنّساء، وهو أوّل من ضرب بالخمر ثمانين، وأحرق بيت رويشد الثقفي1 كان حانوتاً - يعني نباذاً2 - هو أوّل من عَسَّ3 في عمله بالمدينة، وحمل الدّرّة4 وأدب بها - وقيل بعد: "لدرّة عمر أهيب من سيفكم -" وهو من فتح الفتوح؛ فتح العراق كلّه: السّواد، والجبال، وأذربيجان، وكور5 البصرة وأرضها، وكور الأهواز، وفارس، وكور الشّام كلّها ما خلا أجنادين فإنّها فتحت في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وفتح عمر كور الجزيرة، والموصل، ومصر، والإسكندريّة، وقُتل رضي الله عنه وخيله على الرّيّ قد فتحوا عامّتها، وهو أوّل من مسح السّواد وأرض الجبل، ووضع على الغني ثمانيةً وأربعين درهماً وعلى الفقير اثني6 عشر درهماً، وقال: "لا يُعْوِزُ رجلاً منهم درهماً في كلّ شهر". فبلغ خراج السواد والجبل على عهد عمر رضي الله عنه مئة ألف ألف وعشرين ألف ألف وألف؛ درهم ودانقان7 ونصف8. وهو أوّل

_ 1 صهر بني عدي بن نوفل. (الإصابة 2/214) . 2 في القاموس ص 193: (الحانوت: الخمّار نفسه) . 3 عسَّ: طافَ بالليل وهو نفضُ الليل عن أهل الريبة. (القاموس ص 719) . 4 الدّرّة: بالكسر: التي يضرب بها. (القاموس ص 500) . 5 الكورَة: المدينة والصّقْعُ. والجمع: كُوَر. (لسان العرب 5/156) . 6 في الأصل: (اثنا) ، ولعله سهو من المؤلف؛ لأنه في محل نصب. 7 في الأصل: (ودانقين) ، وهو تحريف. 8 في الأصل: (قال ابن الجوزي) ، وهو سهو من المؤلف.

من مصّر1 الأمصار: الكوفة والبصرة والجزيرة والشّام ومصر والموصل، وأنزلها العرب، وخط2 الكوفة والبصرة، / [35 / أ] وهو أوّل من استقضى القضاة في الأمصار، وهو أوّل من دوّن الدّواوين، وكتب النّاس على قبائلهم، وفرض لهم الأعطية من الفيء، وفرض لأهل بدر وفضّلهم على غيرهم، وفرض للمسلمين على أقدارهم وتقدّمهم في الإسلام، وهو أول من حمل الطّعام في السّفن من مصر في البحر، حتى ورد الجار3، ثمّ حمل من الجار إلى المدينة، وقد قاسم غير واحد من عماله إذا عزله؛ منهم سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة، وكان يستعمل قوماً ويدع من هو أفضل4 منهم لبصرهم بالعمل وقال: "أكره أدنس هؤلاء بالعمل وهدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد فيه، وأدخل دار العبّاس فيما زاد فيه، وهو أخرج اليهود من الحجاز، وأجلاهم من جزيرة العرب إلى الشام، وحضر فتح بيت المقدس، واستعمل أوّل سنة وليّ على الحج عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه ثمّ لم يزل عمر يحج بالناس خلافته كلّها؛ فحجّ بهم عشر سنين، وحجّ بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم آخر حجة حجّها، واعتمر في خلافته ثلاث مرّات، وأخر المقام إلى موضعه اليوم وكان ملصّقاً بالبيت"5.

_ 1 المِصْر: كل كورة تقام فيها الحدود ويقسم فيها الفيء والصدقات من غير مؤامرة للخليفة. (لسان العرب 5/176) . 2 الخِط والخِطة: الأرض تُنزل من غير أن ينزلها نازل قبل ذلك. (لسان العرب7/288) . 3 الجار قرية على ساحل بحر القلزم. (الأحمر) ، تعرف الآن باسم: (البريكة) ، وهي قريبة من بدر وتبعد عن المدينة (200) كيل. (معجم المعالم الجغرافية2/105، 106) . 4 في الأصل: (أفضلهم) ، وهو تحريف. 5 ابن سعد: الطبقات 3/281، 282، 283، بأطول. وبدون إسناد، والخبر بنحوه في البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 191، 192، بنحوه من طريق ابن سعد، الطبري: التاريخ 3/209، مختصراً كلاهما من طريق الواقدي وهو متروك. وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 61، 62.

وقال عبد الله بن إبراهيم1: وألقى الحصى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الناس إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نفضوا أيديهم، فأمر عمر بالحصى فجيىء به من العقيق2 فبُسِط3 في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم"4. وعن مصعب بن سعد5: أن عمر رضي الله عنه أول من فرض الأعطية، فرض لأهل بدر من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم ستة آلاف، ستة آلاف، وفرض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ففضل عليهن عائشة فرض لها اثني عشر ألفاً ولسائرهن عشرة آلف، عشرة آلاف، غير جويرية6، وصفيّة7 فرض لهما8 ستة آلاف، ستة آلاف، وفرض للمهاجرات الأول أسماء بنت عميس9 وأسماء بنت

_ 1 إبراهيم بن عبد الله بن قارظ. وقيل: هو: عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، وهم من زعم أنّهما اثنان، صدوق من الثالثة. (تهذيب التهذيب1/117، التقريب ص91) . 2 وادي العقيق من أشهر أودية الحجاز، يبتدئ من ذي الحليفة، وينتهي في الخليل، يحف به من الشرق: جبل عير، ومن الغرب: البيداء. انظرمعجم معالم الحجاز6/129. 3 بسطه: نشره. (القاموس ص 850) . 4 ابن سعد: الطبقات 3/284، ابن الجوزي: مناقب ص 63، وهو منقطع، وفي إسناده عليّ بن زيد، وهو ضعيف. وأورده عبد الله بنحوه في زيادته على فضائل الصحابة 1/325، وسيأتي عن غيره. 5 ابن أبي وقّاص الزهري، المدني، ثقة، توفي سنة ثلاث ومئة. (التقريب ص 533) . 6 جويرية بنت الحارث بن أبي ضِرار الخزاعية، أم المؤمنين، سَبَاها النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة المريسيع، ثم تزوجها وماتت سنة خمسين على الصحيح. (التقريب ص 745) . 7 صفية بنت حُييّ بن أخطب الإسرائيلية، أم المؤمنين، توفيت سنة ست وثلاثين، وقيل: في خلافة معاوية، وهو الصحيح. (التقريب ص 749) . 8 في الأصل: (لهمن) ، وهو تحريف. 9 الخثعمية.

أبي بكر الصديق1، وأم عبد الله بن مسعود ألفاً ألفاً2. وعن عروة3، قال: "أول [من] 4 بطح مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: "ابطحوا من الوادي المبارك، يعني العقيق"5. قال أبو عبد الله محمد بن سلامة في كتاب (عيون المعارف) : "هو أول من دون الدّواوين وذلك في سنة تسع عشرة، وقيل: سنة عشرين، وهو أول من أرخّ بعام6 الهجرة، وختم الكتب، وهو أول من دعي بأمير المؤمنين، وهو أول من ضرب بالدرّة وحملها، وهو الذي أخر المقام إلى موضعه الآن، وكان ملصّقاً بالبيت، وهو أول من جمع الناس على إمام، وهذا في قيام شهر رمضان"7. وقال شارح العمدة: "فتح الله له الفتوح بالشام والعراق ومصر، ودون الدواوين في العطاء، ورتب الناس على سوابقهم فيه، وأرخّ التاريخ من الهجرة النبوية، وهو الذي نور شهر الصوم بصلاة التراويح، وأول من سمي / [35 / ب] بأمير المؤمنين وأول من اتخذ الدّرّة، وهو أول من

_ 1 زوج الزبير بن العوام، من كبار الصحابة، توفيت سنة ثلاث وسبعين. (التقريب ص 743) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/304، وهو منقطع، ابن الجوزي: مناقب ص 63. 3 ابن الزبير. 4 سقط من الأصل. 5 البيهقي: السنن 2/441، وقال: "كذا قال عروة وحديث ابن عمر متصل وإسناده لا بأس به"، وابن الجوزي: مناقب ص 63. 6 في الأصل: (لعام) . 7 محمّد بن سلامة: عيون المعارف 55/أ، حتى قوله: "وختم الكتاب"، فلعل المؤلف اطلع على نسخة غير التي بين يدي، وابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10/ ب.

جمع القرآن في المصحف"1. فصل ومما خصّ به في ولايته من الأحكام. زيادة حد الشرب، فكان الحد أربعين فزاده ثمانين2. ومن ذلك طلاق الثلاث بلفظ واحد، كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وصدراً من إمارته واحدة، ثم أمضاه ثلاثاً3. ومن ذلك ترك القطع في عام المجاعة4. واختلفت الرواية عن الإمام أحمد في حد الخمر هل هو أربعون أم ثمانون على روايتين؟ 5. والصحيح من مذهبه وعليه أكثر أصحابه أنه ثمانون كما أقرّه عمر6. وأما الطلاق الثلاث فعنده يقع ثلاثاً وعليه عامة أصحابه7.

_ 1 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / ب. 2 انظر: البخاري: الصحيح، كتاب الحدود 6/2488، رقم: 6397، مسلم: الصّحيح، كتاب الحدود 3/1330، 1331، رقم: 1706. 3 انظر: مسلم: الصّحيح، كتاب الطلاق 2/1099، رقم: 1472. 4 انظر: عبد الرزاق: المصنف 10/242، ابن أبي شيبة: المصنف 10/27. 5 انظر: أبا يعلى: كتاب الروايتين والوجهين 2/340، ابن قدامة: المغني 12/498، ابن مفلح: الفروع 6/101، المرداوي: الإنصاف 10/288. 6 انظر: المحرر في الفقه 2/162، وابن مفلح: الفروع 6/101، الحجاوي: الإقناع ص 95، ابن النجار: منتهى الإرادات 2/476. 7 انظر: أبا يعلى: كتاب الروايتين والوجهين2/148، ابن قدامة: المغني10/334، المجد: المحرر في الفقه2/52، الحجاوي: الإقناع4/6، ابن النجار: منتهى الإرادات 2/264.

وخرج بعضهم رواية بوقوعه واحدة واختارها أبو العباس ابن تيمية1، وصاحبه شمس الدين ابن القيم2، وجمال الدين الإمام34. وفي صحيح مسلم عن ابن عباس: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر: "إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم"5. وفيه أيضاً عن طاووس أن أبا الصهباء6، قال لابن عباس: "ألم تعلم أَنَّ الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وثلاثاً من إمارة عمر"، فقال ابن عباس: "نعم"7. وفيه عن أبي الصهباء أنه قال لابن عباس: "هات من هَنَاتِك8، ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واحدة. ". فقال: "قد كان

_ 1 شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم النميري. 2 الإمام المحقّق أبو عبد الله محمّد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي المشهور بـ: ابن قيّم الجوزية، صاحب المؤلفات النافعة: إعلام الموقعين، إغاثة اللهفان، زاد المعاد، توفي سنة 751هـ. (ذيل طبقات الحنابلة 2/447، البداية والنهاية 7/246) . 3 أحمد بن عبد الرحمن جمال الدين أبو محمّد البغدادي الحنبلي، قال ابن رجب: أقرأ بالمستنصرية وكان حريصاً على تعليم الخير ومات في المحرم سنة سبع وخمسين وسبع مئة. (الدرر الكامنة 1/175، المنتقى من معجم ابن رجب ص 35) . 4 انظر: أبا يعلى: الروايتين والوجهين 2/148، ابن تيمية: الفتاوى ج 33/71، 73، ابن القيم: زاد المعاد 5/247، 270، ابن مفلح: الفروع 5/372. 5 مسلم: الصّحيح، كتاب الطلاق 2/1099، رقم: 1472. 6 مطموس في الأصل صوى: (الصهبـ) ، وهو صهيب البكري، البصري أو المدني، مقبول من الرابعة. (التقريب ص 278) . 7 مسلم: الصّحيح، كتاب الطلاق 2/1099، رقم: 1472. 8 هَنَاتك: أخبارك وأمورك المستغربة. (شرح النووي على صحيح مسلم 10/72) .

ذلك فلما كان في عهد عمر تتايع1 الناس في الطلاق فأجازه عليهم"2. وفي سنن أبي داود عن طاووس: أن رجلاً يقال: أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال: "أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدراً من إمارة عمر؟ ". قال ابن عباس: "بلى، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر، فلما رأى الناس تتايعوا فيها قال: "أجيزوهن عليهم"3. وأما القطع4 عام المجاعة فقال السعدي5، ثنا هارون بنإسماعيل6، ثنا عليّ بن المبارك7، ثنا يحيى بن أبي كثير8، حدّثني حسان ابن زاهر9، عن ابن حدير10، حدّثه

_ 1 التتايع: التهافت في الشيء، والإسراع إليه. (لسان العرب 8/38) . 2 مسلم: الصّحيح، كتاب الطلاق 2/1099، رقم: 1472. 3 أبو داود: السنن 2/261، وفي إسناده مجهول، قال الألباني: "ضعيف". (ضعيف سنن أبي داود ص 217) . 4 في الأصل: (ولما) ، وهو تحريف. 5 إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني، نزيل دمشق، ثقة حافظ رمي بالنصب، قال الخلال: "وعنده عن أبي عبد الله جزءان مسائل، توفي سنة تسع وخمسين ومئتين. (التقريب ص 95، المنهج الحمد 1/374، 375) . 6 هارون بن إسماعيل الخزاز، أبو الحسن البصري، ثقة، توفي سنة ست ومئتين. (التقريب ص 568) . 7 الهنائي، ثقة، من كبار السابعة. (التقريب ص 404) . 8 الطائي مولاهم، أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وقيل قبل ذلك. (التقريب ص 596) . 9 حسان بن زاهر سمع عبد الله بن الصامت، وحصين بن حدير. (التاريخ الكبير3/33، الجرح 3/236، الثقات 6/223) . 10 حصين بن حدير، روى حسان بن زاهر. (التاريخ الكبير 3/4، الجرح 3/191، الثقات 4/157) .

عن عمر قال: "لا نقطع اليد في عذق ولا عام سنة"1. قال السعدي: "سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: "العذق: النخلة2، وعام سنة: المجاعة"3. فقلت لأحمد: "تقول به؟ "، / [36 / أ] فقال: "إي لعمري"4. قلت: إن سرق في مجاعة لا تقطعه؟ "، فقال: "لا، إذا حملته الحاجة على ذلك، والناس في مجاعة وشدة"5. قال السعدي: "وهذا على نحو قضية عمر في غلمان حاطب"6. وقال: ثنا النّعمان بن عازب7: ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن حاطب8، أن غلمة لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا لرجل من

_ 1 عبد الرزاق: المصنف 10/242، ابن أبي شيبة: المصنف 10/27، البخاري: التاريخ الكبير 3/4، ابن حبان: الثقات 4/157، وابن قدامة: المغني 12/462. فيه حسان بن زاهر، وحصين بن حدير، لم يوثقهما غير ابن حبان. 2 انظر: الفيروزآبادي: القاموس ص 1171. 3 انظر: ابن منظور: لسان العرب 13/501. 4 قال في معجم المناهي اللفظية ص 278: "كره كثير من العلماء أن يقول الإنسان: (لعمري) ، لأن معناه: وحياتي". النخعي، وابن حبيب وابن العربي. قلت: والصواب: أنها ليست بقسم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قالها. انظر: سنن أبي داود2/265، والحديث صحّحه الألباني، (صحيح سنن أبي داود 2/656) . وكذلك ثبت عن بعض الصحابة التلفظ بها منهم ابن عباس وعائشة. انظر: سنن ابن ماجه 2/944، 955، وصحّحه الألباين، (صحيح سنن ابن ماجه 2/88) ، وانظر: سنن النسائي 5/98، 99، وصحّحه الألباني، (صحيح سنن النسائي 2/549) . 5 الخبر بنحوه في ابن قدامة: المغني 12/462، 463. 6 انظر: ابن قدامة: المغني 12/463. 7 لم أجد له ترجمة. 8 في المصنف: (عن عروة أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أخبره عن أبيه) . وفي رواية أخرى في المصنف وسنن البيهقي: (عن عروة عن يحيى بن عبد الرحمن وقفه عليه) .

مزينة فأتى بهم عمر فأقروا فأرسل إلى عبد الرحمن بن حاطب1 فجاء فقال له: "إن غلمان حاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة وأقروا على أنفسهم، فقال عمر: "يا كثير بن الصلت2، اذهب فاقطع أيديهم"، فلما ولى بهم ردهم عمر ثم قال: "أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى إن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه حل له لقطعت أيديهم، وأيم الله إذ لم أفعل لأغرمنك غرامة توجعك ثم قال: يا مزني بكم أريدت منك ناقتك"، قال: بأربع مئة"، قال: "اذهب فأعطه ثمان مئة"3. قال بعض أصحابنا: "ذهب الإمام أحمد إلى موافقة عمر في الفعلين4 جميعاً"5. وفي مسائل إسماعيل بن سعيد الشالنْجي6 التي شرحها السعدي بكتاب سماه: (المترجم) : سألت أحمد بن حنبل عن الرجل يحمل / [36/ب] 7 التمر من أكمامه فقال: "فيه التمر مرتين وضرب نكال، وقال: وكل من درأنا عنه الحد والقود، أضعفنا عليه الغرم"8.

_ 1 ابن أبي بلتعة، له رؤية، وعدّوه في كبار ثقات التابعين، توفي سنة ثمان وستين. (التقريب ص 338) . 2 ابن معدي كرب الكندي، مدني، ثقة، من الثانية، ووهم من جعله صحابياً. (التقريب ص 459) . 3 عبد الرزاق: المصنف10/238، 239، وإسناده صحيح، والبيهقي: السنن 8/278) . 4 الفعلان هما: درء الحد وإضعاف الغرم. 5 انظر: ابن مفلح: الفروع 6/139، وانظر الرواية التي بعدها. 6 قال الخلال: "عنده مسائل كثيرة عند أحد رواها عنه إلا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، فإنه حدّث بها عن إسماعيل بن سعد". توفي سنة 230هـ، وقيل: سنة ست وأربعين ومئتين. (المنهج الأحمد 2/375، اللباب 2/176) . 7 ق36/ب فيها بياض من أصل المخطوطة، وليس ثمة نقص فالكلام متصل بالمخطوطة. 8 لم أجد هذه الرواية، لكن ورد نحوها من رواية ابن هاني. (الفروع 6/139) .

وقد وافق أحمد على سقوط القطع في المجاعة الأوزاعي12، وهذا محض القياس، ومقتضى قواعد الشرع فإن السنة إذا كان سنة مجاعة وشدة علت على الناس الحاجة والضرورة فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسد به رمقه، ويجب على صاحب المال بذل ذلك له إما بالثمن أو مجاناً على الخلاف في ذلك، والصحيح وجوب بذله مجاناً لوجوب المساواة وإحياء النفوس مع القدرة على ذلك والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج، وهذه شبهة قوية تدرؤ القطع، وهي أقوى من كثير من الشبه التي يذكرها كثير من الفقهاء، بل إذا وازنت بين هذه الشبهة وبين ما يذكرون ظهر التفاوت، فأين شبهة كون المسروق مما يسرع إليه الفساد3، وكون أصله على الإباحة4، وشبهة القطع به مرة، وشبهة دعوى ملكه بلا بينة5، وشبهة إتلافه في الحرز6 بأكل أو احتلاب من الضرع7، وغير ذلك من الشبه الضعيفة. والله أعلم. / [37 / أ] .

_ 1 عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، الفقيه، ثقة جليل، توفي سنة سبع وخمسين ومئة. (التقريب ص 347) . 2 انظر: ابن قدامة: 12/463. 3 المصدر السّابق 12/424. 4 المصدر السّابق 12/424. 5 المصدر السّابق 12/434. 6 المصدر السّابق 12/426. 7 المصدر السّابق 12/436.

الباب الثاني والثلاثون: إسمه وكنيته ولقبه

الباب الثاني والثلاثون: إسمه وكنيته ولقبه ... الباب الثاني والثلاثون: في اسمه وكنيته ولقبه اسمه: عمر وليس له اسم غيره، ولا خلاف عند العلماء أنه لا اسم له غيره، وهو اسمه من حال صغره1. وهو مشتق من عامر، وهذا الاسم غير منصرف عند أهل اللغة العربية2. فصل: كنيته: أبو حفص3. قال أبو عمر الزاهد4: "الحفص: الأسد"5. قال: وقال عمر بن الخطاب: "أوّل يوم كنّاني فيه - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن قال: "يا أبا حفص أتقتل عم نبيك؟ "، فقلت: "يا رسول الله دعني حتى أقلته"، فقال: "لا يتحدّث الناس أنني أقتل أصحابي"، وكنّاني أبا حفص، أي: أبو أسد"6.

_ 1 انظر: ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1144، ابن حجر: الإصابة 4/279. 2 انظر: ابن هشام: أوضح المسالك إلى أليفة ابن مالك 3/380، وشذور الذهب ص 452. 3 انظر: ابن سعد: الطبقات 3/265، أبا نعيم: معرفة الصحابة 1/91، ابن عبد البر: الاستيعاب 1/144، الإصابة 4/279. 4 العلامة اللغوي محمّد بن عبد الواحد البغدادي، المعروف بغلام ثعلب، توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مئة. (تاريخ بعداد 2/356، سير أعلام النبلاء (15/508) . 5 ابن عساكر: تاريخ دمشق 13/ ق 193، وانظر: الأزهري: تهذيب اللغة 4/259، والفيروزآبادي القاموس ص 794. 6 لم أجده. وأما قوله: "لا يتحدّث الناس ... "، فقد ثبت في البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1863، رقم: 4624، ومسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1998، 1999، رقم: 2584.

وهو أبو عبد الله أيضاً1. لكنه لم يشتهر إلا بأبي حفص، وهي من باب المجاز لا من باب الحقيقة، وأما تكنيته بأبي عبد الله فهو من باب الحقيقة. والله أعلم. فصل له عدة ألقاب: الفاروق، وقد أفردنا له باباً2. والأعيسر، وقد تقدم في صفته أنه كان أعسر فلهذا لقب به3. وكان يلقب أيضاً الأصلع4، وذلك لأنه كان له صلعة، وهي الجبهة الكبيرة5. والله أعلم.

_ 1 لم أجده في المصادر الأخرى. 2 سبق ص 198. 3 سبق تخريجه ص 157. 4 سبق تخريجه ص 157. 5 انظر: ابن منظور: لسان العرب 8/204.

الباب الثالث والثلاثون: خضابه

الباب الثالث والثلاثون: خضابه ... الباب الثالث والثلاثون: في خضابه - رضي الله عنه - قال أنس بن مالك: "خضب1 عمر بالحناء والكتم2"3. وفي الصحيح أنا أنساً سئل عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إنه لم يبلغ ما يخضب، ولكن أبا بكر وعمر خضبا بالحناء والكتم" 4. وفي رواية: "لم يبلغ ذلك ولكن أبا بكر وعمر خضبا بالحناء والكتم"5. وقد اشتهر الحديث بخضاب أبي بكر وعمر بالحناء والكتم. وفي بعض الأحاديث الواردة في الخضاب: "أنّ أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان أكثرهم شيباً فكان أكثرهم خضاباً"، فلهذا الحديث في الخضاب في أكثر6، وبعده عمر كان أكثر شيباً من النبي صلى الله عليه وسلم فكانت الأحاديث فيه أقل من أبي بكر7، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أقلّهم شيباً فلهذا لم يرد أنه

_ 1 خضب: لوّن. (القاموس ص 103) . 2 الكُتْمان بالضمن: نبت يخلط بالحنّاء، ويخضب به الشعر فيبقى لونه، وأصله إذا طبخ بالماء. (القاموس ص 1488) . 3 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1821. 4 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1821، رقم: 2341. 5 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1821. 6 انظر: مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1821، أبو داود: السنن 4/86، أحمد: المسند 3/100، 3/108، الطبراني: المعجم الكبير رقم: 17، 18، 19، 20، 22، 23، 24، أبو نعيم: معرفة الصحابة رقم: 79، 80، 81، 82، 83، ابن سعد: الطبقات 3/189، 191. 7 انظر: مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1821، أبو داود: السنن4/86، أحمد: المسند 3/100، 108، ابن سعد: الطبقات 3/189، الطبراني: المعجم الكبير رقم: 18، 19، 20، أبو نعيم: معرفة الصحابة رقم: 173، 174، 175، 176، 177، 178.

خضب [إلا] 1 في أحاديث يسيرة2، ولعله فعل ذلك مرة أو مرتين تشريعاً لأمته صلى الله عليه وسلم. والمراد بالخضاب هنا في اللحية، وذلك مستحب نص عليه أحمد، قيل له: "ألا تستحيي أن تخضب؟ "، فقال: سبحان الله، سنة رسول الله، والله إني لأرى الشيخ المخضوب فأفرح به"3. ويستحب بالحمرة والصفرة4. قال أصحابنا: "ويستحب بالحناء والكتم"5. وهل يكون بالسواد؟ تارة يكون في الحرب، وتارة لا، فإن كان في الحرب لم يكره، وإن كان في غير الحرب / [37 / ب] 6 كره7. وأمّا خضاب الرأس فإنه كذلك، وكذلك في حق المرأة8. وأما خضاب غير الشعر كالإخضاب9 في اليدين والرجلين، فأما الرجل فإن كان ثم حاجة أبيح، وإلا فقال بعض أصحابنا: "يكره"10، وقال بضعهم: "هو

_ 1 سقط من الأصل. 2 انظر: البخاري: الصحيح، رقم: 5557، 5558. 3 الخبر بنحوه في ابن قدامة: المغني 1/125، والسفاريني: غذاء الألباب 1/417. 4 انظر: ابن قدامة: المغني 1/127، ابن مفلح: الفروع 1/136، المرداوي: الإنصاف 1/123. 5 انظر: ابن قدامة: المغني 1127، ابن مفلح: الفروع 1/131، المرداوي: الإنصاف 1/123، الحجاوي: الإقناع 1/20. 6 ق37/أ، فيها بياض من أصل المخطوطة، وليس ثمة نقص فالكلام متصل بالمخطوطة. 7 انظر: ابن قدامة: المغني 1/127، ابن مفلح: الفروع 1/131، والآداب الشرعية 3/353، السفاريني: غذاء الألباب 1/417، 418، المرداوي: الإنصاف 1/123. 8 انظر: ابن مفلح: الفروع 1/136، السفارينين: غذاء الألباب 1/418. 9 في الأصل: (كالإخضا) ، والزيادة يقتضيها السياق. 10 لم أجده.

من تشبه الرجل بالمرأة"، هل يحرم أو يكره؟ على قولين"1. وأما الخضاب للمرأة فتارة تكون ذات زوج، وتارة لا، فإن كانت غير ذات زوج، فقال بعض أصحابنا: "يكره"، وقال بعضهم: "يباح"، وإن كانت ذات زوج فإن كان بإذنه أبيح2، وإن كان بغير إذنه وهو حاضر أبيح، وإن كان غائباً فقال بعضه أصحابنا: "يكره"، وقال بعضهم: "يباح"3. وأما النقش والتكتيب ونحوه، فإنه يكره مطلقاً عند بعض أصحابنا4، وعند بعضهم يباح بإذن الزوج5. والحنّاء: هو ورق شجر الفاغية، وهو بارد مجفف يذهب القروح ونحوها، وينفعها6، وقد أطلنا الكلام عليه في (فضائل أبي بكر رضي الله عنه".

_ 1 لم أجده. 2 انظر: ابن مفلح: الفروع 1/136. 3 انظر: المصدر السّابق نفسه. 4 انظر: ابن مفلح: الفروع 1/136، السفاريني: غذاء الألباب 1/430، 431، المرداوي: الإنصاف 1/126، الحجاوي: الإقناع 1/22. 5 انظر: المصادر السّابقة نفسها. 6 انظر: البغدادي: الطب من الكتاب والسنة ص 96، ابن القيم: زاد المعاد 4/89، السفاريني: غذاء الألباب 1/416.

الباب الرابع والثلاثون: خاتمه

الباب الرابع والثلاثون: خاتمه ... الباب الرابع والثلاثون: في خاتمه - رضي الله عنه - عن جعفر بن محمّد عن أبيه قال: "كان عمر يتختم في اليسار"1. وقال أبو القاسم الأصفهاني: "قيل: كان نقش خاتم عمر: كفى بالموت واعظاً"2. وكذلك ذكر ابن رجب3 في كتاب الخواتم4. قال أبو عبد الله محمّد بن سلامة5 في كتاب: (عيون المعارف) : "كان في يده خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم"6. وفي الصحيحين عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعد خاتماً من ذهب أو فضة، وجعل فصَّه7 مما يلي باطن كفّه، ونقش فيه: (محمّد رسول الله) ، فاتخذ الناس مثله، فلما رآهم قد اتخذوها رمى به، وقال: "لا ألبسه أبداً"، ثم اتخذ خاتماً من فضة، فاتخذ الناس خواتيم الفضة. قال

_ 1 الخبر في ابن أبي شيبة: المصنف 8/472، بنحوه. 2 أبو القاسم: سيف السلف ص 187، والخبر في أبي نعيم: المعرفة 1/229، والسيوطي: تاريخ الخلفاء ص 136، ونسبه للمزني في التهذيب. 3 عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي، الدمشقي، الحنبلي، صنف كتباً كثيرة، منها: (شرح علل الترمذي) ، و (جامع العلوم والحكم) ، وغيرهما، توفي سنة خمس وتسعين وسبع مئة. (الدرر الكامنة 2/321، شذرات الذهب 6/339) . 4 ابن رجب: أحكام الخواتم، ص 99. 5 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. 6 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / أ. 7 فَصُّ الخاتم وفِصّه، بالفتح والكسر: المُرَكَّب فيه. (لسان العرب 7/66) .

ابن عمر: "فلبس الخاتم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان حتى وقع من عثمان رضي الله عنه في بئر أريس"1، 2. وعن هـ قال: اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورق، وكان في يده ثم كان بعده في يد أبي بكر، ثم كان بعد في يد عمر، ثم كان بعد في يد عثمان - رضي الله عنهم - حتى وقع في بئر أريس"3. وعن أنس قال: "كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده، وفي يد أبي بكر بعده، وفي يد عمر بعد أبي بكر، قال: فلما كان عثمان، جلس على بئر أريس، قال: فأخرج الخاتم فجعل يعبث به فسقط، قال: فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان، فتنْزح4 البئر فلم نجده"5. فهذا الحديث يدل على أن خاتم النبي صلى الله عليه وسلم كان عند عمر مدة خلافته، وقد اشتهر عنه أنه كان له خاتم نقشه: كفى بالموت واعظاً، والجمع بينهما أن كان له خاتمان؛ خاتم النبي صلى الله عليه وسلم الذي ورثه بعد أبي بكر، وهو خاتم الخلافة، وخاتم اتخذه هو / [38 / أ] نقشه: كفى بالموت واعظاً، وإنما نقشه هذا ليتذكر الموت كلما نظر إليه فيزجره عما أراد فإن اليد يكثر النظر إليها فيكثر ذكره للموت فيزداد

_ 1 بئر أريس، بفتح الهمزة وكسر الراء، وبالسين المهملة ووزن عظيم: وهي في حديقة بالقرب من مسجد قباء. (فتح الباري 10/319، معجم معالم الحجاز 1/89) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2202، رقم: 5528، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس 3/1655، رقم: 2019. 3 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2204، رقم: 5535، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1656، رقم: 2091. 4 في البخاري: (فننزح) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2205، 2206، رقم: 5540.

تيقظاً كما قال الحسن: "لو فارق ذكر الموت قلبي لفسد"1. وهنا عدة فوائد: الأولى: أن خاتم الذهب يحرم على الرجال2. الثانية: أن خاتم الفضة يباح، وهو أحد أقوال العلماء، وذهب بعضهم إلى الاستحباب، وبعضهم إلى الكراهة، وبعضهم قال: يباح للملوك دون غيرهم3. الثالثة: لا يكره نقش الخاتم، ويجوز أن يكتب عليه القرآن والذكر ونحو ذلك4. الرابعة: يستحب أن يكون في اليسار، نص عليه أحمد وعليه أكثر الأحاديث. وعنه يكون في اليمين وقد ورد ذلك في بعض الأحاديث وضعّفه الأكثر، وهذه الرواية هي الأصح عندي5. الخامسة: أن فصّ الخاتم يستحب أن يكون في باطن الكفّ؛ أي: يكون مما يلي باطن الكف هذا هو الصحيح، وعليه أكثر الأحاديث. وقيل:

_ 1 لم أجده. 2 انظر: ابن مفلح: الفروع 2/276، ابن رجب: أحكام الخواتم ص 46. 3 انظر: ابن مفلح: الفروع 2/469، 470، ابن رجب: أحكام الخواتم ص 23، 30، 34، المرداوي: الإنصاف 3/142، النووي: شرح صحيح مسلم 14/67. 4 انظر: ابن مفلح: الفروع 2/473، المرداوي: الإنصاف 3/145، النووي: شرح صحيح مسلم 14/68. 5 انظر: ابن مفلح: الفروع 2/471، ابن رجب: أحكام الخواتم ص 131، المرداوي: الإنصاف 3/143، السفاريني: غذاء الألباب 1/294، البهوتي: كشاف القناع 2/236، النووي: شرح صحيح مسلم 14/73، ابن النجار: منتهى الإرادات 1/197.

يستحب أن يكون إلى ظاهر الكف1. السادسة: يستحب أن يكون الخاتم2 في الخنصر أو البنصر، والأولى أن يكون في الخنصر، ويكره في الوسطى والسبابة3. السابعة: إذا دخل الخلاء فإن كان الخاتم في يمناه أدار فصّه، إن كان عليه كتابه إلى بطن كفّه وقبض يده عليه، وإن كان في يسراه فإن كان لا يستجمر ولا يستنجي بها فعل به كذلك، وإن كان يستجمر أو يستنجي بها خلعه ووضعه في موضع4. الثامنة: إذا توضأ فإن5 كان خاتمة واسعاً ودخل الماء تحته أجزأ، وإن كان ضيقاً حركه ليدخل الماء تحته6. التاسعة: يكره الخاتم من الحديد والرصاص والنحاس ونحوهم7. العاشرة: المرأة يباح لها الخاتم من الفضة والذهب. والله أعلم8.

_ 1 انظر: ابن مفلح: الفروع 2/470، ابن رجب: أحكام الخواتم ص 162، ابن النجار: منتهى الإرادات 1/197. 2 في الأصل: (اخاتم) ، وهو تحريف. 3 انظر: ابن مفلح: الفروع 2/471، ابن رجب: أحكام الخواتم ص 160، المرداوي: الإنصاف 3/143، 144، السفاريني: غذاء الألباب 1/294، 295، ابن النجار: منتهى الإرادات 1/197. 4 انظر: ابن قدامة: المغني 1/228، ابن رجب: أحكام الخواتم ص 173، 174، السفاريني: غذاء الألباب 1/297، النووي: المجموع 2/77. 5 سقط من الأصل سوى: (فإ) . 6 انظر: ابن قدامة: المغني 1/153، ابن رجب: أحكام الخواتم ص 177. 7 انظر: ابن مفلح: الفروع 2/481، ابن رجب: أحكام الخواتم ص 67، السفاريني: غذاء الألباب 1/292، 293، ابن النجار: منتهى الإرادات 1/198. 8 انظر: ابن مفلح: الفروع 2/477، السفاريني: غذاء الألباب 1/293.

الباب الخامس والثلاثون: دعاء الرسول له أن يخرج من صدره الغل

الباب الخامس والثلاثون: دعاء الرسول له أن يخرج من صدره الغل ... الباب الخامس والثلاثون: في دعاء الرسول أن يخرج الله من صدره الغلّ عن ابن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب صدر عمر حين أسلم ثلاث مرات وهو يقول: "اللهم أخرج ما في صدره من غلٍّ وأبدله إيماناً"، يقولها ثلاثاً. ذكره الذهبي في التذهيب1. وذكره شارح العمدة من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب صدر عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أسلم ثلاث مرات وهو يقول: "اللهم أخرج ما في صدره من غلٍّ وأبدله إيماناً". ورواه غيرهما من الأئمة أيضاً، وهو حديث مشهور2. والله أعلم.

_ 1 تهذيب التهذيب 3 / ق 177 / أ. 2 لم أجده في ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، والحديث في الحاكم: المستدرك 3/84، وقال: "صحيح مستقيم الإسناد"، وتعقبه الذهبي بقوله: "خالد له مناكير"، قال الحافظ: "خالد بن أبي بكر المدني، فيه لين". (التقريب ص 187) .

الباب السادس والثلاثون: أن الرسول بشره بالجنة

الباب السادس والثلاثون: أن الرسول بشره بالجنة ... الباب السادس والثلاثون: في ذكر أن الرسول بشره بالجنة روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يطّلع عليكم رجل من أهل الجنة فاطلع أبو بكر، ثم قال: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فاطلع عمر". قال: "حديث غريب من حديث ابن مسعود"1. وسبقت قصة المنام: أن الرسول رأى له قصراً في الجنة ورؤيا الأنبياء وحي2. وذكر ابن الجوزي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عمر بن الخطاب سراج الجنة" 3. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة" 4. ويأتي حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن أهل الدرجات ليراهم من تحتهم كما يرى الكوكب وإن أبا بكر وعمر منهما وأنعما" 5. وتقدم حديث أبي هريرة: لما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم [نعلاه] 6، وقال: "من

_ 1 الترمذي: السنن 5/622، وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 1/104، وفيه محمّد بن حُميد الرازي حافظ ضعيف. (التقريب ص 475) ، والحديث ضعّفه الألباني. (ضعيف سنن الترمذي ص 494) . 2 سبق تخريجه ص 244، 245، 247. 3 سبق تخريجه ص 223، 231، 233. 4 أبو نعيم: الحلية 6/333، وفيه الواقدي: وانظر ص 223، 231، 233. 5 سبق تخريجه ص 1122، 1123. 6 سقط من الأصل.

لقيك يشهد أن لا إله إلا الله بشّره بالجنة". فلقيه عمر1. وعن أم مبشر أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل النار إن شاء الله أحد من أصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها" 2. وفي الصحيحين عن أبي موسى: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة، فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "افتح له وبشّره بالجنة"، ففتحت له، فإذا أبو بكر، فبشّرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "افتح له وبشّره بالجنة"، ففتحت له فإذا عمر، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم استفتح رجل، فقال لي: "افتح له وبشّره بالجنة على بلوى تصيبه"، فإذا عثمان، فأخبرته، بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم قال: "الله المستعان"3. وفي مسلم: "اللهم صبراً والله المستعان"4. وفيهما عن أبي موسى: أنه توضّأ يوماً في بيته ثم خرج، فقلت: لألزمنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكونن معه يومي هذا، قال: فجاء المسجد فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: "خرج وجه ها هنا"، فخرجت على إثره، أسأل عنه، حتى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب، وبابها من جريد، حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته فتوضّأ، فقمت إليه، فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسّط قُفَّها5، وكشف عن ساقيه ودَلاَّهما في البئر، فسلّمتُ عليه، ثم انصرفت فجلست

_ 1 سبق تخريجه ص 300. 2 سبق تخريجه ص 236. 3 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1350، رقم: 3490. 4 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1867، رقم: 2403. 5 القفّ: الداكة التي تجعل حول البئر، أصله ما غلظ من الأرض وارتفع. (لسان العرب 9/288، فتح الباري 7/36) .

عند الباب، فقلت: لأكوننّ بوّاباً للنبي صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: "أبو بكر"، فقلت: على رسلك، ثم ذهبت، فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: "ائذن له وبشّره بالجنة"، فأقبلت حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشّرك بالجنة، فدخل أبو بكر فجلس على يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القُفّ، ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه. ثم جلست، وقد تركت أخي يتوضّأ ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلان - يريد أخاه - خيراً يأت به، فإذا إنسان يحرّك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: "عمر بن الخطاب"، فقلت: على رسلك، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقلت: "هذا عمر بن الخطاب يستأذن، فقال: "ائذن له وبشّره الجنة"، فجئت فقلت: ادخل، وبشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القفّ عن يساره، ودلّى رجليه في البئر. ثم رجعت فجلست، فقلت: إن يرد الله بفلان خيراً يأت به، فجاء إنسان يحرّك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: "عثمان بن عفان"، فقلت: على رسلك، وجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم / [39 / أ] فأخبرته، فقال: "ائذن له، وبشّره بالجنة على بلوى تُصيبه"، فجئته فقلت له: ادخل، وبشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبك، فدخل فوجد القفّ قد ملئَ، فجلس وجاهَه من الشقّ الآخر"، قال شريك1: "قال سعيد بن المسيب: "فأولتها قبورهم"2.

_ 1 شريك بن عبد الله بن أبي نمر، المدني، صدوق يخطئ، توفي في حدود أربعين ومئة. (التقريب ص 266) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1343، 1344، رقم: 3471.

ولهذا الحديث طرق عديدة في الصحيحين1، واللفظ هنا لفظ البخاري. ولمسلم كذلك إلا أن فيه: "مع بلوى تصيبه"، فقلت له: ادخل، وبشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة مع بلوى تصيبك"، بدل: "على"2. وعن سعيد بن زيد بن عمرو، قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليّ في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة"، وتاسع المسلمين لو شئت سمّيته، فرَجّ3 المسلمون وناشدوه، فقال: "لولا أنكم ناشدتموني ما أخبرتكم، أنا تاسع المسلمين، ورسول الله العاشر، ثم قال: لمشهد رجل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه خير من عمل أحدكم ولو عُمِّرَ عُمُر نوح عليه السلام"4. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطلع من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة"، فطلع أبو بكر فهنيناه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطلع من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة"، فطلع عمر، فهنيناه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطلع من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة، ثم قال: اللهم إن شئت جعلته عليّاً"، فطلع عليّ - رضي الله عنهم -"5.

_ 1 انظر: البخاري: الصحيح رقم: 3490، 3492، 5862، 6684، 6834، ومسلم: الصحيح 4/167، 1868، 1869. 2 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1868، رقم: 2403. 3 الرجّ: التّحرّك والاهتزاز. (القاموس ص 243) . 4 سبق تخريجه ص 235. 5 أحمد: المسند 3/356، وفضائل الصحابة 1/191، 209، والحاكم: المستدرك 3/34، كلهم من طريق عبد الله بن محمّد بن عقيل، صدوق في حديثه لين. (التقريب ص 321) . وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي في تلخيصه، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/57،: "رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجال أحد أسانيد أحمد رجال موثقون".

وروى الترمذي والنسائي عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليّ في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة" 1. وروى الشيخ موفق الدين في (المنهاج) ، عن سعيد بن زيد أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة، فقال: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وطلحة في الجنة، وسعد في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة ". فقيل له: "من التاسع"، قال: "أنا"2. وعنه قال: "أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أني سمعته يقول: "أثبت حَراء3 إنّما عليك نبيّ وصدّيق أو شهيد"، وعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وسعد، وابن عوف، وسعيد بن زيد". رواه داود والنسائي والترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح "4.

_ 1 الترمذي: السنن 5/647، والنسائي: السنن الكبرى (فضائل الصحابة) رقم: 59، وأحمد: المسند 3/136، رقم: 1675، والفضائل1/229، أبو يعلى: المسند 2/147، 148، ابن حبان: الصحيح (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) 9/71، وأبو نعيم: معرفة الصحابة 1/146، 147، كلهم من طريق عبد العزيز بن محمّد الداروردي وهو صدوق كان يحدث من كتب غيره يخطئ. (التقريب ص 358) ، وصحّحه أحمد شاكر (المسند 3/136) ، والألباني في صحيح الترمذي 3/218، وشرح العقيدة الطحاوية ص 487، رقم: 728، ومشكاة المصابيح رقم: 6110. 2 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 15/أ-ب، وابن ماجه: السنن 1/48، وصحّحه الألباني، (صحيح سنن ابن ماجه رقم: 133، وصحيح الترمذي رقم: 4041) . 3 حراء: جبل من جبال مكة على ثلاثة أميال، وقد وصله الآن البنيان، ويسمي جبل النور. (معجم البلدان ص 233، معجم معالم الحجاز 2/248) . 4 أبو داود: السنن 4/211، النسائي: فضائل الصحابة من السنن الكبرى رقم: 101، الترمذي: السنن 5/651، وأخرجه أحمد: المسند 3/110، رقم: 1630، وابن ماجه: السنن 1/48، ابن حبان في صحيحه (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان) 9/69، وابن أبي عاصم: السنة 2/618، وابن أبي شيبة: المصنف 12/14، الطيالسي: المسند 33، والحاكم: المستدرك 3/450، كلهم من طريق عبد الله بن ظالم التميمي. قال: الحافظ: "صدوق لينه البخاري". (التقريب ص 308، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وقال أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، تخريج المسند رقم: 1630، وقال الألباني: "صحيح". (صحيح الترمذي 3/221، وصحيح ابن ماجه 1/28، رقم: 134) .

وروى الشيخ موفق الدين عن عبد الله بن عمرو1، رضي الله عنه "كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر فاستأذن، قال: "من هذا؟ "، قال: "أبو بكر"، قال: "ائذن له وبشّره بالجنة"، ثم جاء عمر فاستأذن، فقال: "من هذا؟ "، فقال: "عمر"، فقال: "ائذن له، وبشّره بالجنة"، قال: فقال عبد الله بن عمرو: "أين أنا يا رسول الله؟ "، قال: "أنت مع أبيك" 2. وروى أبو القاسم الرازي3 في (فوائده) ، عن ابن عمر، قال: قال: / [40/ أ] 4 رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عشرةٌ من قريش في الجنة: [أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليّ في الجنة، والزبير في الجنة،

_ 1 في الأصل: (عمر) ، والتصويب من المسند. 2 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 17/ ب، وأخرجه أحمد: المسند 2/165، وابن أبي عاصم: السنة 2/623، البخاري: التاريخ الكبير 1/172، وأورده الهيثمي: مجمع الزوائد 9/56، مطولاً، وقال: "رواه الطبراني واللفظ له، وأحمد باختصار، بأسانيد وبعض رجال الطبراني وأحمد رجال الصحيح". وقال أحمد شاكر: "إسناد صحيح"، تخريج المسند رقم: 6548. 3 تمام بن محمّد البجليّ الرازيّ ثم الدمشقي، كان ثقة حافظاً، خرّج (الفوائد) ، في مجلّدة انتقا من يدي الحديث، توفي سنة أربع عشرة وأربع مئة. (سير أعلام النبلاء (17/289، الرسالة المستطرفة ص 71) . 4 هذه الورقة وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي، ونصفها بياض وليس ثمة نقص فالكلام متصل بالمخطوطة.

وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة" 1. وروى أبو الحسن السكري في (فوائده) ، عن رياح بن الحارث، قال: "كنت قاعداً عند المغيرة بن شعبة في مسجد الكوفة، وعنده أهل الكوفة، فجاء سعيد بن زيد فرحب به المغيرة وحياه، وأقعده عند رجله على السرير، فجاء رجل من أهل الكوفة يقال له: قيس بن علقمة، فاستقبله فسب وسب، فقال سعيد: "يا مغيرة من يسب هذا الرجل؟ "، قال له: "يسبّ عليّاً"، قال له سعيد: "يا مغيرة ألا أرى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبون عندك ثم لا تُغير ولا تنكر؟!، أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - وإني لغني أن أقول ما لم يقل فيسألني عنه إذا لقيته -: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعليّ في الجنة، وعثمان في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وتاسع المسلمين في الجنة"، ولو شئت سمّيته، قال: فرجّ الناس وناشدوه يا صاحب رسول الله: "من التاسع؟ "، قال: "لولا أنكم ناشدتموني ما خبرتكم، أنا تاسع المسلمين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتم العاشر". قال: ثم قال: لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغَبّرُ فيه وجهه خير من عمل

_ 1 تمام الرازي: الفوائد 1/345، رقم: 883، وفي إسناده عبد الله بن يزيد البكري، قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث ذاهب الحديث". (الجرح 5/201) ، وأخرجه بإسناد آخر الطبراني: المعجم الصغير 29، وقال: "لم يروه عن حبيب عن ابن عمر إلا سعيد، لا عن سعيد إلا سفيان، تفرد به حامد بن يحيى"، وحبيب بن أبي ثابت ثقة، لكنه مدلس، وهنا لم يصرح بالسماع. (انظر: التقريب ص 150) .

أحدكم ولو عُمِّرَ عُمُر نوح". كذا رواه ابن مالك1، وقد ضرب عليه. / [39/ب] 2، وصوابه: ابن أبي وقاص"3 " "4 ".

_ 1 سعد بن أبي وقاص. 2 هذه الورقة وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي، ونصفها بياض وليس ثمة نقص فالكلام متصل بالمخطوطة. 3 في ص 235: "وعليها ضرب وفي جميع كتب المحدّثين سعد بن أبي وقاص". 4 سبق تخريجه ص 235.

الباب السابع والثلاثون: جمعه الناس في التراويح على إمام

الباب السابع والثلاثون: جمعه الناس في التراويح على إمام ... الباب السابع والثلاثون: في ذكر جمعه الناس في التراويح على إمام ذكر ابن الجوزي عن عروة بن الزبير رضي الله عنه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة في جوف1 الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدّثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج في الليلة الثانية فصلى رجال بصلاته، وأصبح الناس يتحدّثون بذلك وكثر أهل2 المسجد في الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى وصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عَجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليه فطفق رجال يقولون: الصلاة فلم يخرج إليه حتى خرج لصلاة الفجر فلما قضى الصلاة أقبل على الناس بوجهه، فتشهد ثم قال: "أما بعد، فإنه لم يَخْفَ عليَّ شأنكم الليلة، ولكنّي خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها" 3. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة أمر فيه. . . . 4، ويقول: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثم كان على ذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنه5.

_ 1 أي: ثلثه الآخر. (القاموس ص 1031) . 2 في الأصل: (أكثر) ، وهو تحريف. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 63، 64، والحديث أخرجه البخاري: الصحيح، كتاب صلاة التراويح 2/708، رقم: 1908، ومسلم: الصّحيح، كتاب صلاة المسافرين وقصرها 1/524، رقم: 761. 4 مطموس في الأصل بمقدار كلمة، ولم أتبينها، ولعلها: (إيجاب) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب صلاة التروايح 2/708، رقم: 1905، ومسلم: الصّحيح، كتاب صلاة المسافرين وقصرها 1/523، رقم: 759.

قال عروة: "فأخبرني عبد الرحمن بن [عبدٍ] 1 القاري2 وكان من عمال عمر، وكان يعمل مع عبد الله بن الأرقم3 على بيت مال المسلمين: أن عمر خرج4 ليلة في رمضان وهو معه، فطاف في المسجد وأهل المسجد أوزاع5 متفرِّقون، يصلي الرجل بنفسه6، ويصلي الرجل بصلاته الرهط، فقال عمر: "إني والله لأظن لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل"، ثم عزم على أن يجمعهم على قارئ واحدٍ فأمر أبي بن كعب رضي الله عنه أن يقوم / [40 / ب] لهم رمضان فخرج عمر رضي الله عنه والناس يصلون بصلاة قارئهم، ومعه عبد الرحمن بن عبد القاري فقال له عمر: "نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون"، يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوّله"7. وعن أبي عثمان8: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعا ثلاثة قراء في شهر رمضان، فأمر أسرعهم قراءة9 [أن] 10 يقرأ ثلاثين آية، وأمر

_ 1 سقط من الأصل. 2 عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، يقال له: رؤية، وذكره العجلي في ثقات التابعين، توفي سنة ثمان وثمانين. (التقريب ص 345) . 3 الزهري، صحابي، ولاّه عمر بيت المال، وتوفي في خلافة عثمان. (التقريب ص 295) . 4 في الأصل: (أن خرج عمر) . 5 الأوزاع: الجماعات. (القاموس ص 995) . 6 في البخاري: (لنفسه) . 7 أخرجه البخاري: الصحيح، كتاب صلاة التراويح 2/707، رقم: 1906، بنحوه، وعبد الرزاق: المصنف 4/259. 8 عبد الرحمن بن ملّ النهدي. 9 قوله: (قراءة) تكرر في الأصل. 10 سقط من الأصل.

أوسطهم أيقرأ بخمس وعشرين آية، وأمر أبطأهم أن يقرأ عشرين آية"1. وعن عبد الله بن عكيم الجهني2، قال: ": كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا دخل شهر رمضان، صلى للناس صلاة المغرب، ثم تشهد بخطبة خفيفة، ثم قال: "أما بعد: فإن هذا شهر كتب عليكم صيامه ولم يكتب عليكم قيامه، من استطاع منكم أن يقوم فإنها من نوافل الخير3 التي قال الله عزوجل، ومن لم يستطع منكم أن يقوم فلينم على فراشه، وليتق إنسان منكم أن يقول: أصوم إن صام فلان، وأقوم إن قام فلان، من صام منكم أو قام فليجعل ذلك لله عزوجل، وأقلوا اللغو في بيوت الله، واعلموا أن أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة، ألا لا يتقدم الشهر منكم أحد ثلاث مرات، ألا لا تصوموا حتى تروه ثم صوموا حتى تروه، ألا وإن غمّ عليكم فلن يغمّ عليكم العدد فعدّوا ثلاثين، ثم أفطروا، ألا ولا تفطروا حتى تروا الغسق4 على الظراب5، 6.

_ 1 عبد الرزاق: المصنف 4/161، وسنده صحيح، وابن نصر: قيام الليل ص 192. 2 الجهني، أبو معبد الكوفي، مخضرم، وقد سمع كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهينة، مات في إمارة الحجاج. (التقريب ص 314) . 3 يشير إلى قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} ، [الإسراء: 79] . 4 الغَسَق: ظلمة أوّل الليل. (القاموس ص 1181) . 5 الظَرِب بكسر الراء: واحد الظِراب، هي الروابي الصغار. (الصحاح 1/174) . 6 عبد الرزاق: المصنف 4/265، ابن نصر: قيام الليل ص 88، وفيه عبد الله بن ملاَذ الأشعري، وهو مجهول. (انظر: التقريب ص رقم: 301، 326) ، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 65.

وعن أبي إسحاق الهمداني1، قال: "خرج عليّ رضي الله عنه أوّل ليلة من شهر رمضان فسمع القراءة من المسجد، ورأى القناديل تزهر، قال: "نور الله لعمر بن الخطاب في قبره كما نوّر مساجدنا بالقرآن"2. وعن مجاهد3، قال: "خرج عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ذات ليلة في شهر رمضان فسمع تهافت4 الناس بقراءة القرآن في المساجد، فقال عليّ: "نوّر الله على عمر قبره كما نوّر مساجدنا"5. فصل لا يتوهم متوهم أن التراويح من وضع عمر، ولا أنه أوّل من وضعها، بل كانت موضوعة من زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن عمر رضي الله عنه أوّل من جمع الناس على قارئ، واحدٍ فيها، فإنهم كانوا يصلون لأنفسهم فجمعهم على قارئ واحد. والتراويح سنة مؤكّدة6، وهي قيام رمضان، قال أحمد وأصحابه: " (. . . .) 7، يستحب أن تكون في جماعة، وأن يوتر بعدها في الجماعة ما لم

_ 1 عمرو بن عبد الله السبيعي، الهمداني، ثقة مكثر عابد، اختلط بأخرة، توفي سنة تسع وعشرين ومئة. (التقريب ص 422) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 65، ابن قدامة: المغني 2/606. 3 مجاهد بن جبْر المخزومي مولاهم، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، توفي سنة إحدى - أو اثنتين أو ثلاث أو أربع - ومئة. (التقريب ص 520) . 4 في الأصل: (سهاور) ، وهو تحريف. قال ابن منظور: "تهافتوا عليه: تتابعوا". (لسان العرب 2/104) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 65. 6 انظر: ابن قدامة: المغني 2/601، ابن مفلح: الفروع 1/546، المرداوي: الإنصاف 3/180. 7 الفراغ كلمة لم أتبينها ورسمها: (وعر) .

يكن له تهجد، فإن كان له تهجد فإن أحب متابعة الإمام أوتر معه، وإذا سلّم شفعها بأخرى، وإن أحب لم يوتر معه"1 وسميت التراويح: لأنهم يستريحون فيها بعد كلّ أربع2. ويستحب أن يسلّم فيها من كلّ ركعتين ويذكر الله بعد كلّ أربع في جلوس الراحة3. ويكره التّطوّع بين التراويح4. وهل يكره بعد التراويح والوتر في جماعة من غير فصل بنوم أو ذهاب، على روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله5. وصلاة التراويح في أوّل الليل في الجماعة أفضل من تأخيرها إلى آخر الليل ويصليها وحده. والله أعلم6. / [41 / أ] .

_ 1 انظر: أبا يعلى: كتاب الروايتين والوجهين 1/162، ابن قدامة: المغني 2/598، 605، 607. 2 انظر: ابن منظور: لسان العرب 2/462، ابن مفلح: الفروع 1/548، المرداوي: الإنصاف 2/181. 3 انظر: ابن قدامة: المغني 2/589، ابن القيم: زاد المعاد 1/330. 4 انظر: ابن قدامة: المغني 2/607، ابن مفلح: الفروع 1/549، ابن النجار: منتهى الإرادات 1/100، المرداوي: الإنصاف 2/183. 5 انظر: أبا يعلى: كتاب الروايتين والوجهين 1/161، ابن قدامة: المغني 2/607، 608، ابن مفلح: الفروع 1/549، المرداوي: الإنصاف 2/183. 6 انظر: ابن قدامة: المغني 2/605، ابن مفلح: الفروع 1/547، 548، ابن النجار: منتهى الإرادات 1/100، المرداوي: الإنصاف 2181.

الباب الثامن والثلاثون: فطنته وذكائه وفراسته

الباب الثامن والثلاثون: فطنته وذكائه وفراسته ... الباب الثامن والثلاثون: في ذكر فطنته وذكائه وفراسته ذكر ابن الجوزي عن نافع عن ابن عمر قال: "بينا عمر جالس إذ رأى رجلاً فقال: "قد كنت مرة ذا فراسة وليس لي رأي إن لم يكن قد كان هذا الرجل ينظر ويقول في الكهانة ادعوه لي"، فدعوه فقال: "هل كنت تنظر وتقول في الكهانة شيئاً؟ "، قال: "نعم"1. وعن يحيى بن سعيد2: "أن عمر بن الخطاب قال لرجل: "ما اسمك؟ "، قال: "جَمْرَةُ"، قال: "أبو من؟ "، قال: "أبو شهاب"، قال: "ممن؟ "، قال: "من الحُرقة"3. قال: "أين مَسْكنُك؟ "، قال: "بحرّة النار"4، قال: "بأيها؟ "، قال: "بذات لظى"، فقال: "أدرك أهلك فقد احترقوا"، فكان كما قال عمر رضي الله عنه5.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 65، ابن حجر: فتح الباري 7/179، ونسبه للبيهقي. وقد مرّ نحوه ص 147. 2 ابن قيس الأنصاري، المدني، ثقة ثبت، توفي سنة أربع وأربعين ومئة، أو بعدها. (التقريب ص 591) . 3 بطن من جهينة وهم بنو حُميس بن عمرو بن ثعلب بن مودوعة بن جهين. (جمهرة أنساب العرب ص 446) . 4 تعرف هذه الحرة الآن بحرة هُتيم، ويمكن تحديدها بأنها من قرب الصلصلة غرباً إلى الشقرة في الجنوب الشرقي إلى وادي مخيط غرباً بشمال. (معجم معالم الحجاز 2/283) . 5 مالك: الموطّأ ص 534، وهو منقطع، يحيى بن سعيد لم يدرك عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 66، السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 126، عن نافع عن ابن عمر، وقال: "وأخرج مالك في الموطّأ عن يحيى بن سعيد نحوه، وأخرجه ابن دريد في الأخبار المنثورة، وابن الكلبي في الجامع، والهندي: كنْز العمال 12/651، وقال: "رواه أبو القاسم ابن بشران في أماليه موصولاً من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر) .

وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "بينا عمر بن الخطاب يعرض الناس إذ مرّ به رجل له ابن [على] 1 عاتقه، فقال عمر: "ما رأيت غراباً بغرابٍ أشبه من هذا بهذا"، فقال: "أما والله يا أمير المؤمنين لقد ولدته أمه وهي ميتة"، قال: "ويحك فكيف ذلك؟ "، قال: "خرجت2 في بعث كذا وكذا، فتركتها حاملاً فقلت: أستودع الله ما في بطنك، فلما قدمت من سفري أخبرت أنها ماتت، فبينا أنا ذات ليلةٍ قاعداً في البقيع مع بني عم لي، إذ نظرت فإذا ضوء شبه السراج في المقابر، فقلت لبني عمي: "ما هذا؟ "، قالوا: "لا ندري، غير أنا نرى هذا الضوء كل ليلة عند قبر فلانة"، فأخذت معي فأساً ثم انطلقت نحو القبر فإذا مفتوح وإذا هذا في حجر أمه، فدنوت، فناداني منادٍ: "أيها المستودع، خذ وديعتك أما لو استودعته أمه لوجدتها"، فأخذت الصبي وانضم القبر"3. وفي الصحيح عن ابن عباس قال: "قال عمر: "أقرَؤنا4 أبي وأقضانا عليّ، وإنا لندع من قول أبي، وذاك أن أبيّاً يقول: "لا أدع شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] 5، 6.

_ 1 سقط من الأصل. 2 في الأصل: (فخرجت) ، وهو تحريف. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 66. 4 في الأصل: (أقرانا) ، وهو تحريف. 5 قوله تعالى: (أو ننسأها) ، أي: نؤخرها، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو، وقراءة ما سوى ابن كثير وأبي عمرو: {نُنْسِهَا} ، من النسيان. (إتحاف فضلاء البشر 1/411، الوافي في شرح الشاطبية ص 298) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير باب 7، 5/149، طبعة المكتبة الإسلامية استانبول تركيا.

وفي الصحيح عن ابن عباس وعبيد بن عمير قال: قال عمر يوماً لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "فيما ترون هذه الآية نزلت: {أَيَوَدُّ أَحْدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} [البقرة: 266] ؟، قالوا: "الله أعلم"، فغضب عمر فقال: "قولوا: نعلم، أو لا نعلم"، فقال ابن عباس: "في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين"، قال عمر: "يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك"، قال ابن عباس: "ضربت مثلاً لعمل"، قال عمر "أيّ عمل؟ "، قال ابن عباس: (لعمل"، قال عمر: "لرجل غنيّ يعمل بطاعة الله عزوجل ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله"1. وفي الصحيح عن ابن عمر قال: "سمعت عمر على منبر النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أما بعد، أيها الناس، إنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والخمر ما خامر العقل"2. وفي الصحيح في باب قول الله عزوجل: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيدُ البَحْرِ} [المائدة: 96] ، قال عمر رضي الله عنه: "صيده: ما اصطيد، وطعامه: ما رمى به"3. والله أعلم. / [41 / ب] .

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1650، رقم: 4264. 2 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/688، رقم: 4343. 3 البخاري: الصحيح، كتاب الذبائح والصيد 5/2092، قال الحافظ: "وصله المصنف في التاريخ، وعبد بن حميد من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة. (فتح الباري 9/615، تعليق التعليق 4/506) .

الباب التاسع والثلاثون: إهتمامه برعيته وملاحظته لهم

الباب التاسع والثلاثون: إهتمامه برعيته وملاحظته لهم ... الباب التاسع والثلاثون: في ذكر اهتمامه برعيته وملاحظته لهم ذكر ابن الجوزي عن الشعبي قال: "سمع الناس قول عمر رضي الله عنه ورأوا عمله، وكان يمشي في الأسواق ويطوف في الطرقات، ويقضي بين الناس في قبائلهم، ويعلمهم في أماكنهم، ويخلف الغزاة في أهليهم، ذكروا أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بأبي بكر رضي الله عنه، وأبو بكر أعلم بعمر، فكان أبو بكر مع لينه أقواهم فيما لانوا عنه، وألينهم فيما ينبغي، وكان عمر ألينهم فيما ينبغي، وأقواهم على أمرهم"1. وعن ابن شهاب2، قال: "قال ثعلبة بن أبي مالك3: "قسم عمر مروطاً4 بين نساء أهل المدينة، فبقي منها مرط جيد، فقال له بعض من حضر: "يا أمير المؤمنين أعط هذا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عندك"، يريدون أمّ كلثوم بنت عليّ5 رضي الله عنه، فقال: "أمّ سليط6 أحق به، فإنها ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تزفِر7 للناس القِرَبَ يوم أحد"8.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 66، 67، وهو منقطع. 2 محمّد بن مسلم. 3 القرظي، حليف الأنصار، المدني، مختلف في صحبته، وقال العجلي: "تابعي ثقة" (التقريب ص 134) . 4 المرط، بالكسر: كساء من صوف أو خزّ. (القاموس ص 887) . 5 الهاشمية، أمّها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. (الإصابة 8/275) . 6 الأنصارية، بايعت النبي صلى الله عليه وسلم وحضرت معه يوم أحد، وهي والدة أبي سعيد الخدري. (الإصابة 8/242) . 7 قال البخاري: " تخيط"، وفي لسان العرب 4/325: "تحمل". 8 البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1056، رقم: 2625.

وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "خرجت مع عمر رضي الله عنه إلى السوق، فلحقته امرأة شابة، فقالت: "يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغاراً، ما يُنضِجون كراعاً1، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت عليهم الضيع، وأنا ابن خفاف بن إيماء الغفاري2، وقد شهد أبي الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف معها ولم يمضِ، وقال: "مرحباً بنسب قريب"، ثم انصرف إلى بعير ظهيرٍ3 كان مربوطاً في الدار، فحمل عليه غرارتين4 ملأهما طعاماً، وجعل بينها نفقة وثياباً، ثم ناولها خطاماً، قال: "اقتاديه فلن يفنى هذا حتى يأتيكم الله بخير". فقال رجل: (يا أمير المؤمنين أكثرت لها؟ " فقال عمر: "ثكلتك أمّك، والله إني رأيت أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصناً زماناً فافتتحناه5 ثم أصبحنا نستقي سُهْمَانَهُما فيه". وقولها: "الضيع"، بياء مثناة من تحت6، ووجدت بعضهمم ضبطها: (بباء) ، موحدة من تحت7. وفي الصحيح: (ففتحاه) 8.

_ 1 أي: ليس عندهم كراع، حتى ينضجوه، والكراع: ما دون الكعب من الدواب. أو لا يكفون أنفسهم معالجة ما يأكلونه. (انظر: فتح الباري 7/446) . 2 إمام بني غفار وخطيبهم وشهد الحديبية، توفي في خلافة عمر. (الإصابة 2/138) . 3 بعير ظهير: أي قوي الظهر معد للحاجة. (فتح الباري 7/446، وانظر: لسان العرب 4/520) . 4 الغرارة: الجوالق واحدة الغرائر. (لسان العرب 5/18) . 5 رواية: (فافتتحناه) ، لم أجدها. ولفظ الصحيح: (ففتحناه) . 6 أي: التلف والهلاك. (انظر: القاموس ص 959) . 7 الضّبع: السنة المجدبة. (القاموس ص 656) . 8 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1527، رقم: 3928.

وفي الصحيح عن عامر قال: "كان [ابن] 1 عمر إذا حيّا ابنَ جعفر2 قال: "السلام عليك يا ابن ذي الجناحين"3. وذكر ابن الجوزي عن الأوزاعي: "أن عمر خرج في سواد الليل فرآه طلحة4 رضي الله عنه فذهب عمر فدخل بيتاً ثم دخل بيتاً آخر، فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت فإذا بعجوز عمياء مقعدة، فقال لها ما بال هذا الرجل يأتيك؟ "، قالت: "إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا، يأتيني بما يصلحني، ويخرج عني الأذى". / [42 / أ] فقال طلحة: "ثكلتك أمك عثرات عمر تتبع"5. وعن نافع عن ابن عمر قال: قدمت رفقة من التجار ونزلوا المصلى فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: "هل لك أن نحرسهم الليلة [من] 6 السَّرْقِ؟ "، فباتا يحرسانهم ويصليان ما كتب لهما، فسمع عمر بكاء صبي فتوجه نحوه، فقال لأمه: "اتقي الله وأحسني إلى صبيك"، ثم عاد إلى مكانه، فلما كان من آخر الليل سمع بكاءه، فأتى أمه فقال: "ويحك، إني لأراكِ أم سوء، مالي أري ابنك لا يقرّ منذ الليلة؟ "، قالت: "يا عبد الله قد أبرمتني منذ الليلة، إني

_ 1 سقط من الأصل. 2 عبد الله بن جعفر الهاشمي، أحد الأجواد، له صحبة، توفي سنة ثمانين. (التقريب ص 298) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1555، رقم: 4016. 4 طلحة بن عبيد الله. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 68، والحدائق ص 364، وأبو نعيم: الحلية 1/48، وهو ضعيف لإعضاله. 6 سقط من الأصل.

أريغه1 عن الفطام [فيأبى"، قال: "ولِمَ؟ "، قالت: "لأن عمر لا يفرِض إلا للفطمِ"، قال: "وكم له؟ "، قالت:] 2 "كذا وكذ شهراً"، قال: "ويحك لا تعجليه"، فصلى الفجر وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء، لما سلم قال: "يا بؤساً لعمر كم قتل من أولاد المسلمين؟ "، ثم أمر منادياً فنادى: "أن لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام فإنا نفرض لكل مولود3 في الإسلام". وكتب بذلك إلى الآفاق، أن يفرض لكل مولود في الإسلام"4. وعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: "أن عمر خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ5 لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه - رضي الله عنهم - فأخبروه أن الوباء6 قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم: "خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه"، وقال بعضهم: "معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء". قال: "ارتفعوا، ثم قال: ادع لي الأنصار"، فدعوتهم فاستشارهم، فسلكوا

_ 1 أريغه عن الفطام: أديره عليه وأريده منه. (لسان العرب 8/431) . 2 سقط من الأصل. 3 في الأصل: (ملولولد) ، وهو تحريف. 4 ابن سعد: الطبقات3/301، أبو عبيد: الأموال ص248، ابن زنجوية: الأموال2/528، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 240، محب الدين الطبري: الرياض النضرة 2/389، ابن الجوزي: مناقب ص 68، كلهم من طريق يحيى بن المتوكل المدني، وعبد الله بن نافع مولى ابن عمر وهما ضعيفان. (التقريب ص 326، 596) . 5 سرغ: قرية أوّل الشام، وآخر الحجاز، في وادي تبوك بينها وبين المدينة ثلاث عشرة مرحلة. (معجم البلدان 3/211) . 6 أي: الطاعون. (انظر: فتح الباري 10/178) .

سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: "ارتفعوا، ثم قال: ادع من كان من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح"، فدعوتهم فلم يختلف عليّ منهم رجلان"، فقالوا: "نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء". فنادى عمر بالناس: إني مُصَبِّحٌ على ظهر فأصبحوا [عليه] 1، فقال أبو عبيدة بن الجراح: "أفراراً من قدر الله تعالى؟ "، فقال عمر: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!، نعم. نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل فهبطت وادياً له عدوتان، إحداهما خَصْبَةٌ والأخرى جَدْبَةٌ، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟، قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيباً2 في بعض حاجته فقال: "إن عندي في هذا علماً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم3 به في أرض فلا تقدموا عليها، وإن وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه"، فحمد الله عمر ثم انصرف"4. وفي الصحيحين عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء [قد وقع] 5 / [24 / ب] بأرض الشام، فقال ابن عباس قال عمر: "ادع لي المهاجرين الأوّلين"، فدعاهم، فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا فقال بعضهم: (قد خرجت لأمر لا نرى أن ترجع عنه"،

_ 1 سقط من الأصل. 2 في الأصل: (مغبياً) ، وهو تحريف. 3 في الأصل: (سمعت) ، وهو تحريف. 4 تكرر هذا الحديث في هذا الموضع مرتين، وانظر تخريجه في الحديث الآتي بعده. 5 سقط من الأصل.

وقال بعضهم: "معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تُقدمهم على هذا الوباء". فقال: "ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي الأنصار، فدعوتهم فاستشارهم، فسلكوا بسبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: "ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: "نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء". فنادى في الناس: "إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه"، فقال أبو عبيدة: "أفراراً من قدر الله؟ "، قال عمر: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!. نعم. من قدر الله إلى قدر الله، أريت لو كان لك إبل هبطت وادياً له عدوتان إحداهم خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيباً في بعض حاجته، فقال: "إن عندي في هذا علماً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه". قال: فحمد الله عمر، ثم انصرف"1. وفي الصحيح عن ابن عباس قال: "كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: "لِمَ تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبْناء مثله؟، فقال: إنه ممن قد علمتم". قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، قال: وما رأيته دعاني يومئذٍ إلا ليُريَهم مني، فقال: ما تقولون في: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً} [النصر: 1-2] ، حتى ختم السّورة، فقال

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الطب 5/2163، رقم: 5397، مسلم: الصّحيح، كتاب السلام 4/170، رقم: 2219.

بعضهم: "أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا". وقال بعضهم: "لا ندري"، ولم يقل شيئاً، فقال: "يا ابن عباس أكذاك تقول؟ "، قلت: لا. قال: "فما تقول؟ "، قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله له: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ} ، [النصر: 1] ، فتح مكة، فذاك علامة أجلك، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرُهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَاباً} [النصر: 3] . قال عمر: "ما أعلم منها إلا ما تعلم"1. وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "خرجنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى حرة واقم2 حتى إذا كنا بصرار3، إذا نار قال: "يا أسلم إني أرى ها هنا ركباً قصر بهم4، الليل والبرد، انطلق بنا". فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فإذا بامرأة معها صبيان صغار، وقدر منصوبة على نار، وصبيانها يتضاغون5، فقال عمر: "السلام عليكم يا أصحاب الضوء"، - وكره أن يقول: يا أصحاب النار - فقالت: "وعليكم السلام"، فقال: "أدنو؟ "، فقالت: "ادن بخير أو ادع"، فدنا منها، فقال: "ما بالكم؟ "، قالت: "قصر بنا الليل والبرد"، قال: "وما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟ "، قالت: "الجوع"، قال: "وأي شيء في هذه القدر؟ "، قالت: "ماء أُسَكِّتهم به حتى يناموا، والله بيننا وبين عمر"، قال: "أي رحمك الله، وما يدري عمر بكم! "، قالت: "يتولى أمرنا ثم يغفل عنا"، قال: فأقبل علي،

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1563، رقم: 4043. 2 واقم: أطم من آطام المدينة، وحرة واقع مضافة إليه، وتعرف اليوم حرته بحرة المدينة الشرقية. (معجم البلدان 5/354، ومعجم معالم الحجاز 9/112) . 3 صرار: موضع على ثلاثة أميال من المدنية على طريق العراق. (معجم البلدان3/398، معجم معالم الحجاز 5/138) . 4 قصر به: أي: حسه. (لسان العرب 5/99) . 5 التضاغي: الصياح والبكاء. (لسان العرب 14/485) .

فقال: "انطلق بنا"، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق، فأخرج عدلاً1 من دقيق وكُبة2 من شحم، فقال: "احمله عليّ"، فقلت: أنا أحمله عنك، فقال: "أنت تحمل وزري يوم القيامة، لا أم لك! "، فحملته عليه، فانطلق وانطلقت معه إليها نهرول، فألقى ذلك عندها، وأخرج من الدقيق شيئاً، فجعل يقول لها: "ذُرّي عليّ، وأنا أحرّك لك"، وجعل ينفخ تحت القدر ثم أنزلها، فقال: "ابغني شيئاً"، فأتته بصحفة فأفرغها فيها، فجعل يقول لها: "أطعميهم، وأنا أسطّح3 لهم". فلم يزل حتى شبعوا وترك عندها فضل ذلك، وقام وقمت معه، فجعلت تقول: "جزاك الله خيراً كنت بهذا الأمر أولى من أمير المؤمنين"، فيقُولُ: "قولي خيراً، وإذا جئت أمير المؤمنين وجدتيني هناك إن شاء الله". ثم تنحى ناحية عنها ثم استقبلها فربض مربضاً، فقلت: ألك شأن غير هذا؟ فلا يكلمني حتى رأيت الصبية يصطرعون ثم ناموا وهدءوا، فقال: "يا أسلم إن الجوع أسهرهم وأبكاهم، فأحببت أن لا أنصرف حتى أرى ما رأيت"4. / [43 / أ] .

_ 1 العدل: نصف الحِمْل. (القاموس ص 1332) . 2 الكبّ: الشيء المجتمع من تراب وغيره. (لسان العرب 1/696) . 3 أسطّح لك: أي: أبْسطه حتى يبرد. (لسان العرب 2/448) . 4 أحمد: فضائل الصحابة 1/290، الطبري: التاريخ 4/205، كلاهما من طريق عبد الله بن مصعب بن ثابت الزبيري ذكره ابن حبان في الثقات، وكان مالك إذا ذكره قال: "المبارك"، قال أبو حاتم: "هو شيخ"، وقال الخطيب: "كان محموداً في ولايته جميل السيرة مع جلالة قدره وعظم شرف". وضعّفه ابن معين. (الجرح5/178، والثقات 7/56، تاريخ بغداد 10/173، الميزان 2/505) . وربيعة بن عثمان الهدير، له أوهام. (التقريب ص 207) .

وعن [عبد الله بن] 1 زيد بن أسلم2 عن أبيه عن جده، قال: "كان عمر رضي الله عنه يصوم الدهر، فكان عام الرمادة3 إذا أمسى أتى بخبز قد ثرد بالزيت، إلى أن نحر يوماً من الأيام جزوراً، فأطعمها الناس، وغرفوا له طيبها، فَأُتِي به فإذا قدر من سنام ومن كبد، فقال: "أنى هذا؟ "، قالوا: "يا أمير المؤمنين من الجزور التي نحرنا اليوم"، قال: "بَخْ بَخْ، بئس الوالي أنا إن أكلت طيبها وأطعمت الناس كراديسها4، ارفع هذه الصحفة، هات لنا غير هذا الطعام"، فأتي بخبز وزيت، فجعل يكسره بيده ويثرد ذلك الزيت، ثم قال: "ويحك يا يرفأ5! احمل هذه الجفنة حتى تأتي بها أهل بيت بثمغ6، فإني لم آتهم منذ ثلاثة أيام، وأحْسبهم مقفرين، فضعها بين أيديهم"7وعن عوف بن الحارث8 عن أبيه9 قال: "إنما سمي عام الرمادة

_ 1 سقط من الأصل. 2 العدوي: صدوق فيه لين، توفي سنة أربع وستين ومئة. (التقريب ص 304) . 3 عام الرمادة: الهلاك، وسمي عام الرمادة بهذا الاسم؛ لأن الناس هلكوا فيه كثيراً، وقيل: لجدب تتابع فصيّر الأرض والشجر مثل لون الرماد. والأوّل أجود. وكان سنة ثمان عشرة. (تاريخ خليفة ص 138، لسان العرب 3/186) . 4 في الأصل: (كراديشها) ، وهو تصحيف. والكراديس: عظِام مَحال البعير. (لسان العرب 6/195) . 5 حاجب عمر، أدرك الجاهلية، وحج مع عمر في خلافة أبي بكر. (الإصابة 6/358) . 6 موضع مال لعمر وقفه بالمدينة. (معجم معالم الحجاز 2/88) . 7 ابن سعد: الطبقات 3/312، ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 294، وفيه الواقدي، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 71، ومحب الدين الطبري: الرياض النضرة 2/385. 8 الأزدي، مقبول من الثالثة. (التقريب ص 433) . 9 الحارث بن الطُّفيل الأزدي.

لأن1 الأرض كلها صارت سوداء، فشبهت بالرماد وكانت تسعة أشهر"2. قال ابن سعد3: "ونظر عمر عام الرمادة4 إلى بطيخة5 في يد بعض ولده فقال: "بَخْ بَخْ يا [ابن] 6 أمير المؤمنين، تأكل الفاكهة وأمة محمّد هزلى؟ "، فخرج الصبي هارباً وبكى، فقالوا: "اشتراها بكفنوى"7. قال ابن سعد8: "قال عياض بن خليفة9: "رأيت عمر عام الرمادة10 وهو أسود اللون، ولقد كان رجلاً عربياً11 يأكل السمن واللبن فلما أمحل الناس حرّمها فأكل الزيت حتى غير لونه وجاع فأكثر"12. وعن أسلم13 قال: "كنا نقول: لو لم يرفع الله تعالى المحل عام الرمادة لظننا أن عمر يموت همّاً بأمر المسلمين"14. وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال عام الرمادة وكانت سنة

_ 1 في الأصل: (لأنها) ، وهو تحريف. 2 ابن سعد: الطبقات 3/310، وفيه الواقدي، ابن الجوزي: مناقب ص 71. 3 محمّد بن سعد. 4 في الأصل: (الرماد) ، وهو تحريف. 5 البطيخ: الذي لا يعلو ولكن يذهب على وجه الأرض. ابن الجوزي: مناقب ص 70. 6 سقط من الأصل. 7 ابن سعد: الطبقات 3/315، وفيه الواقدي، ابن الجوزي: مناقب ص 70. 8 في الأصل: (ابن مسعود) ، وهو تحريف. 9 عياض بن خليفة مقبول. (التقريب ص 437) . 10 في الأصل: (الرماد) ، وهو تحريف. 11 في الأصل: (أعرابياً) ، وهو تحريف. 12 ابن سعد: الطبقات 3/314، وفيه الواقدي، ابن الجوزي: مناقب ص 71. 13 العدوي. 14 ابن سعد: الطبقات 3/315، وفيه الواقدي، ابن الجوزي: مناقب ص 71.

شديدة ملحة1، وبعدما اجتهد في إمداد الأعراب بالإبل والقمح والزيت من الأرياف كلها حتى محلت2 الأرياف كلها جهدها ذلك [فقام] 3 عمر يدعو فقال: "اللهم ارزقهم على رؤوس الجبال"، فاستجاب الله له وللمسلمين، فقال حين نزلت الغيث: "الحمد لله، فوالله لو أن الله تعالى لم يفرجها ما تركت أهل بيت من المسلمين لهم سعة إلا أدخلت عليهم معهم عدادهم من الفقراء، فلم يكن اثنان يهلكان من الطعام على ما يقيم واحداً"4. وعن ابن طاووس5 عن أبيه، قال: "أجدب الناس على عهد عمر فما أكل سميناً ولا سمناً حتى أكل الناس"6. وعن يحيى بن سعيد7، قال: "اشترت امرأة عمر بن الخطاب لعمر فرْقاً8 من سمن بستين درهماً، فقال عمر: "ما هذا؟ "، فقالت امرأة: "هو من مالي ليس من نفقتك"، فقال عمر: "ما أنا بذائقه حتى يحيى الناس"9.

_ 1 أي: باردة. (القاموس ص 310) . 2 في الأصل: (ثلجت) . 3 سقط من الأصل. 4 الخبر بأخصر، وبنحوه في ابن سعد: الطبقات 3/316، وإسناده صحيح، والبلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 296، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 71. 5 عبد الله بن طاووس اليماني، ثقة فاضل عابد، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومئة. (التقريب ص 308) . 6 ابن سعد: الطبقات 3/313، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 296، ابن الجوزي: مناقب ص 71، وإسناده منقطع؛ لأن طاووس لم يدرك عمر، وفيه الواقدي. 7 الأنصاري. 8 الفرْق: مكيالٌ بالمدينة يسع ثلاثة آصع. (القاموس ص 1183) . 9 ابن الجوزي: مناقب ص 72، محب الدين: الرياض النضرة 1/386، وهو ضعيف لإعضاله.

وعن ابن أبي مليكة1 قال: قال أبو محذورة2: "كنت جالساً عند عمر إذ جاء صفوان بن أمية3 بجفنة4 يحملها نفر في عباءة، فوضعها / [43/ب] بين يدي عمر، فدعا عمر ناساً مساكين وأرقاء من أرقاء الناس حوله فأكلوا معه، قال عند ذلك: "فعل الله بقوم، أو قال: لحا الله قوماً يرغبون عن أرقائهم أن يأكلوا معهم"، فقال صفوان بن أمية: "أما والله لا نرغب عنهم! ولكنا نستأثر عليهم، ولا نجد من الطعام الطيب ما نأكل ونطعمهم"5. وعن محمّد بن زياد6، قال: "كان جدي مولى لعثمان بن مظعون7 - رحمه الله - وكان يلي أرضاً لعثمان فيها بقل وقثاء، قال: "فربما أتاني عمر بن الخطاب نصف النهار، واضعاً ثوبه على رأسه يتعاهد الحمى8 أن يعضد شجره، ولا يخبط، قال: فيجلس إليّ فيحدّثني فأطعمه من القثاء والبقل، قال: فقال لي يوماً: "أراك لا تبرح مما هنا؟ "، قال: قلت: أجل، قال: "إني أستعملك على ما ههنا فمن رأيته يعضد

_ 1 عبد الله بن عبيد الله التيمي. 2 أوس بن لوذان الجمحي المكي المؤذن، صحابي مشهور، توفي سنة تسع وخمسين، وقيل: بعد ذلك. (التقريب ص 671) . 3 صفوان بن أمية الجمحي، صحابي من المؤلفة، توفي أيام قتل عثمان، وقيل: في أوائل خلافة معاوية. (التقريب ص 276) . 4 الجفنة: القصعة. (القاموس ص 1531) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 72، والمحب الطبري: الرياض النضرة 1/386. 6 محمّد بن زياد الجمحي مولاهم، المدني، ثقة ثبت ربما أرسل من الثالثة. (التقريب ص 479) . 7 الجمحي. 8 الحِمَى: بالكسر والقصر: هو ما حماه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ثم زاده عمر وعثمان لنعم الصدقة، والخيل المعدة في سبيل الله، والأحمية هي حمى الربذة، وحمى ضربة، وحمى النقيع وغيرها. (معجم البلدان 2/307، ومعجم معالم الحجاز 3/53) .

شجرة، أو يخبط، فخذ فأسه". قال: قلت: آخذ رداءه؟، قال: "لا"1. قلت: "في هذا الحديث جواز الأكل من الناظر والعبد والأجير ونحوهم، ولعله يستأذن صاحب الشيء، وكذا من الراعي، وفي ذلك قصة أبي بكر لما ارتحل هو والنبي صلى الله عليه وسلم"2. وعن سعيد بن المسيب: أن عمر رضي الله عنه ردّ نسوة من البيداء خرجن محرمات في عدتهن34. وعن الفضل بن عَميرة5: أن الأحنف بن قيس6 قدم على عمر ابن الخطاب في وفد من العراق فقدموا عليه في يوم شديد الحرّ، وهو محتجز بعباءة يهنأ بعيراً من إبل الصدقة، فقال: "يا أحنف ضع ثيابك، وهلم فأعن أمير المؤمنين على هذا البعير، فإنه من إبل الصدقة، فيه حقّ اليتيم والأرملة والمسكين، فقال رجل من القوم: "يغفر الله لك يا أمير المؤمنين، فهلا تأمر عبداً من عبيد الصدقة فيكفيك؟ "، فقال عمر: "وأي عبد هو أعبد مني ومن الأحنف! إنه من ولي أمر المسلمين يجب عليه لهم ما يجب على العبد لسيّده

_ 1 البيهقي: السنن 5/200، وفيه محمّد بن زياد لم أجد له ترجمة. وابن الجوزي: مناقب ص 72، وانظر: ابن قدامة: المغني 5/192، والهندي: كنز العمال 3/920. 2 انظر: البخاري: الصحيح، كتاب المناقب 3/1323-1324، وفتح الباري 6/623. 3 قال ابن قدامة: "ولا تخرج إلى الحجّ في عدّة الوفاة، نص عليه حمد. قال: ولها أن تخرج إليه في عدة الطلاق المبتوت. وذلك لأن لزوم المنزل، والمبيت فيه، واجب في عدة الوفاة، وقدم على الحجّ؛ لأنه يفوت". المغني 5/35. 4 مالك: الموطّأ 315، ابن الجوزي: مناقب ص 72. 5 الطفاوي: أبو قتيبة البصري، فيه لين، من السادسة. (التقريب ص 446) . 6 التميمي السعدي أبو بحر، اسمه: الضحاك، مخضرم، ثقة، توفي سنة سبع وستين، وقيل: اثنتين وسبعين. (التقريب ص 96) .

في النصيحة وأداء الأمانة"1. وعن زيد بن أسلم قال: أخبرني أبي قال: "كنا نبيت عند عمر أنا ويرفأ، قال: فكانت له ساعة من الليل يصليها وكان إذا استيقظ قرأ هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] ، الآية، حتى إذا كان ذات ليلة قام فصلى ثم انصرف، ثم قال: "قوما فصليا فوالله ما أستطيع أن أصلي ولا أستطيع أن أرقد، وإني لأفتتح السورة فما أدري في أوّلها أنا أم في آخرها"، قلنا: ولِمَ يا أمير المؤمنين؟، قال: "من همي بالناس مذ جاءني هذا الخبر"2. وعن أبي عبيدة3 عن شعيب4 عن إبراهيم5، قال: "لما ولي عمر قال لعليّ - رضي الله عنهما -: / [44 / أ] "اقض بين الناس، وتجرد للحرب"6. وعن حنش بن الحارث7، قال: "كان الرجل منا تنتج فرسه فينحره ويقول: [أنا] 8 أعيش حتى أركب هذا؟، فجاءنا كتاب عمر رضي الله عنه: "أن أصلحوا ما رزقكم الله، فإن في الأمر تنفيس"9.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 73، وفيه الفضل بن عَميرة. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 73. 3 عبد الواحد بن واصل السدوسي مولاهم، الحداد، البصري، ثقة تكلم فيه الأزدي بغير حجة. (التقريب ص 367) . 4 شعيب بن الحبْحاب الأزدي مولاهم، ثقة، توفي سنة إحدى وثلاثين ومئة. (التقريب ص 267) . 5 النخعي. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 73، وهو ضعيف، لإرساله. 7 النخعي، الكوفي، لا بأس به، من السادسة. (التقريب ص 183) . 8 سقط من الأصل. 9 وكيع: الزهد 2/785، وإسناده حسن، ومن طريقه هناد: الزهد 2/655، والبخاري: الأدب المفرد ص 168، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 73، وصححه الألباني. (صحيح الأدب المفرد ص 180، 181) .

وعن [عبد الله] 1 بن عبيد بن عمير2، قال بينا الناس يأخذون أعطياتهم بين يدي عمر إذ رفع رأسه فنظر إلى رجل في وجهه ضربة فسأله، فأخبره: أنه أصابته في غزاة كان فيها، فقال: "عُدّوا له ألفاً"، فأعطي ألف درهم، ثم قال: "عدّوا له ألفاً"، فأعطي الرجل ألفاً أخرى، قال له ذلك أربع مرات كل ذلك يعطيه ألف درهم، فاستحيا الرجل من كثرة ما يعطيه فخرج، قال: فسأل عنه فقيل: له "رأينا أنه استحيا من كثرة ما أعطي فخرج"، فقال: "أم والله لو أنه مكث ما زلت أعطيه ما بقي منها درهم، رجل ضرب ضربة في سبيل الله حفرت في وجهه"3. وعن [عبد الرحمن بن] 4 سعيد بن يربوع5 عن مالك6: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ أربع مئة دينار فجعلها في صرة، فقال للغلام: "اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح، ثم تَلَهَّ في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع"، فذهب بها الغلام، قال: يقول لك أمير المؤمنين: "اجعل هذه في بعض حاجتك"، فقال: "وصله الله ورحمه"، ثم قال: "تعالي يا جارية اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان"، حتى أنفذها، فرجع الغلام

_ 1 سقط من الأصل. 2 عبد الله بن عبيد الليثي والمكي، ثقة من الثالثة، استشهد غازياً سنة ثلاث عشرة ومئة. (التقريب ص 312) . 3 ابن زنجويه: الأموال 2/570، 571، وإسناده ضعيف؛ لانقطاعه، وابن الجوزي: مناقب ص 74. 4 سقط من الأصل. 5 المخزومي، المدني، من الثالثة. (التقريب ص 341) . 6 مالك بن عياض مولى عمر، الذي يقال له: مالك الدار، يروي عن عمر، روى عنه أبو صالح السمان. (الثقات 5/384، الإصابة 6/164) .

إلى عمر وأخبره، فوجده قد عدّ مثلها لمعاذ بن جبل، فقال: "اذهب بها إلى معاذ بن جبل وتَلَهَّ في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع". فذهب بها إليه فقال: "يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك"، فقال: "رحمه الله ووصله، تعالي يا جارية، اذهبي إلى بيت فلان بكذا واذهبي إلى بيت فلان بكذا"، فتطلعت1 امرأة معاذ فقالت: "ونحن والله مساكين فأعطنا"، ولم يبق في الخرقة شيء إلا ديناران فدحا2 بهما إليها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره، فسّر بذلك وقال: "إنهم إخوة بعضهم من بعض"3. رضوان الله عليهم. وعن عدي بن حاتم، قال: "أتيت عمر بن الخطاب في أناس من قومي، فجعل يفرض للرجل من طيء في ألفين ويعرض عني، قال: فاستقبلته فأعرض عني، ثم أتيته في حيال وجهه فأعرض عني، فقلت يا أمير المؤمنين أتعرفني؟ فضحك حتى استلقى على قفاه، ثم قال: "نعم. والله إني لأعرفك، آمنت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيتَ4 إذ غدروا، وإن أوّل صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة طيئ، جئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم / [44 / ب] ، ثم أخذ يعتذر، ثم قال: "إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة، وهم سادة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق"5.

_ 1 في الحلية، الصفوة: (فاطلعت) ، وفي مناقب عمر (فانطلقت) . 2 دحا: رمى. (لسان العرب 14/252) . 3 أبو نعيم: الحلية 1/237، وفي إسناده نعيم بن حماد صدوق يخطئ كثيراً. (التقريب ص 564) ، وابن الجوزي: الصفوة 1/491، والمناقب ص 74) . 4 في الأصل: (وأوفيت) . 5 أحمد: المسند 1/292، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه للمسند رقم: 316، مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1957، رقم: 2523، وذكره ابن حجر في الإصابة 4/229، وقال: "أخرجه أحمد وابن سعد وغيرهما، وبعضه في مسلم".

وعن الكلبي1 قال: "بينما عمر رضي الله عنه نائم في المسجد إذ قد وضع رداءه مملوءاً حصى تحت رأسه، إذا هاتف يهتف: يا عمراه، يا عمراه، فانتبه مذعوراً، فغدا إلى الصوت وإذا أعرابي ممسك بخطام بعير، والناس حوله فلما نظر إلى عمر قال الناس: "هذا أمير المؤمنين"، فقال عمر: "من آذاك؟ "، فظن أنه مظلوم، فأنشأ يقول: فذكر أبياتاً يشكو فيها الجدب، فوضع عمر يده على رأسه ثم صاح: "واعمراه، واعمراه، أتدرون ما يقول؟ يذكر جدباً وإسناتاً2 وابن أم عمر يشبع ويروي، والمسلمون في جدب وفي أزل3، من يوصل إليهم من الميرة والتمر ما يحتاجون إليه"، فوجه رجلين من الأنصار ومعهما إبل كثيرة عليها الميرة والتمر فدخلا اليمن فقسما ما كان معهما إلا فضيلة بقيت على بعير، قال: "بينا نحن ماران نريد الانصراف فإذا نحن برجل قائم وقد التفت ساقاه من الجوع يصلي فلما رآنا قطع، وقال: "هل معكما شيء فصببنا يديه وأخبرناه بخبر عمر، فقال: "والله لئن وكلنا إلى عمر لنهلكن"، ثم ترك ما بين يديه وعاد إلى الصلاة، ومد يديه في الدعاء، فما ردّهما إلى نحره حتى أرسل الله السماء"4. وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: "أتى عمر بخبز وزيت فجعل يأكل منه ويمسح بطنه، ويقول: "والله لتموتن أيها البطن على الخبز

_ 1 محمّد بن السائب الكلبي. 2 أسنتوا: أجدبوا (القاموس ص 197) . 3 الأزل: الضيق والشدة. (القاموس ص 1241) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 75، وهو ضعيف لإعضاله، وفيه الكلبي متهم بالكذب.

ما دام السمن يباع بالأواقي"1، 2. وعن حيوة بن شريح3: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا بعث أمراء الجيوش أوصاهم بتقوى الله، ثم قال عند عقد الألوية: "بسم الله وعلى عون الله، امضوا بتأييد الله، والنصر ولزوم الحق والصبر، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، ثم لا تجبنوا عند اللقاء، ولا تُمثلوا عند القدرة، ولا تسرفوا عند الظهور، وتنكلوا عند الجهاد، ولا تقتلوا امرأة ولا هرماً ولا وليداً، وتوقوا قتلهم [إذا] 4 التقى الجمعان، وعند حُمّة النّهْضات5، وفي شن الغارات، ولا تغلوا6 عند الغنائم، ونزهوا الجهاد عن عرض الدنيا، وأبشروا بالأرباح في البيع الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم"7. وعن زيد بن وهب8 قال: "خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم إلى سوق المدينة، فجعل يقول: "واعمراه، والبيكاه"، فسألنا عن

_ 1 الأوقية بالضم، سبعة مثاقيل. (القاموس ص 1731) . 2 عبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 1/330، وإسناده صحيح، وابن سعد: الطبقات 3/313، وابن أبي شيبية: تاريخ المدينة 2/217. 3 حيوةبن شريح الحضرمي، الحمصي، ثقة، توفي سنةأربع وعشرين ومئة. (التقريب ص185) . 4 سقط من الأصل. 5 حمةالنهضات: أي: شدتها ومعظمها، وحمةكل شيء: معظمه. (لسان العرب12/153) . 6 الغلول: الخيانة في المغنم والسرق من الغنيمة. (لسان العرب 11/500) . 7 ابن قتيبة: عيون الأخبار 1/107، 108، وابن الجوزي: مناقب ص 76، والهندي: كنز العمال 5/690، ونسبه لكتاب المداراة وهو ضعيف لإعضاله. 8 الجهني، الكوفي، مخضرم، وثقة جليل، توفي بعد الثمانين، وقيل: ست وتسعين. (التقريب ص 225) .

خبره فقيل: "إن [عاملاً] 1 من عماله أمر رجلاً / [45 / أ] أن ينزل في واد، ينظر كم عمقه، فقال الرجل: "إني أخاف، فعزم عليه فنزل، فلما خرج كَزَّ2 فمات، فنادى: يا عمراه، فبعث عمر إلى الوالي: "أما إني لولا أخاف أن تكون سنة بعدي لضربت عنقك، ولكن لا تبرح حتى تؤدي ديته، والله لا أوليك أبداً"3. وعن عبد الرحمن بن محمّد4، 5 عن أبيه6 قال: "لما أتي عمر بفتح "تستر" قال: "هل كان شيء؟ "، قالوا: "نعم. رجل ارتد عن الإسلام"، قال: "فما صنعتم به؟ "، قالوا: "قتلناه"، قال: "فهلا أدخلتموه بيتاً وأغلقتم عليه، وأطعمتموه كل يوم رغيفاً فاستتبتموه فإن تاب وإلا قتلتموه"، ثم قال: "اللهم لم أشهد، ولم آمر، ولم أرض، ولم أُسرّ إذ بلغني"7. وعن زيد بن أسلم عن أبيه أن أبا عبيدة بن الجراح كتب إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فذكر جموعاً من الروم وشدة، وكان يصلي من الليل ثم

_ 1 في الأصل: (مل) ، وهو تحريف. 2 الكزازة: اليبس، والانقباض. (القاموس ص 672) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 76. 4 في الأصل: (محمّد بن عبد الرحمن عن أبيه) . 5 عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الله بن عبدٍ القاري، يروي عن أبيه، روى عنه ابنه يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني. (التاريخ الكبير 5/346، الثقات 7/86) . 6 محمد بن عبد الله بن عبد القادر، يروي عن أبيه عن عمر، روى عنه ابنه عبد الرحمن والزهري (التاريخ الكبير 1/ 126، والثقات 7/ 374) . 7 مالك: الموطّأ ص 405، الشافعي: المسند ص321، سعيد بن منصور: السنن2/225، البيهقي: السنن 8/306، وفي إسنادهم عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الله، محمّد بن عبد الله بن عبدٍ، لم يوثّقهما غير ابن حبان.

يوقظني فيقول: "قم فصلّ فإني لأقوم فأصلي وأضطجع فما يأتيني النوم"، ثم يعود إلى الثنية فيستخبر1. وعن زيد بن أسلم [عن أبيه] 2 قال: قلت: لعمر: "إن في الظهر لناقة عمياء"، قال عمر: "ندفعها إلى بيت ينتفعون بها"، قال: قلت: وكيف وهي3 عمياء؟، قال: "يقطرونها4 بالإبل"، قال: قلت: كيف تأكل من الأرض؟، قال: "أردتم والله كلها"، قال: وكانت له صفحات تتسع، ولا يأكل طريفة ولا فاكهة إلا جعل منها لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وآخر من يبعث إليه حفصة، فإن كان نقصان كان في حقّها، قال: فنحرنا تلك الجزور، فبعث إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وصنع ما فضل منه ثم دعا عليه المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم -"5. وعن سعيد بن المسيب أن بعيراً من المال سقط فأهدى عمر إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ثم صنع ما بقي وجمع عليه ناساً من المسلمين، فيهم العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم فقال العباس: "يا أمير المؤمنين، لو صنعت لنا مثل هذا كل يوم فأكلنا وتحدّثنا عندك"، فقال عمر: "لا عود6 لمثل هذا، إنه مضى صاحبان لي

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 77. 2 سقط من الأصل. 3 في الأصل: (هي) . 4 قطرها: قرب بعضها إلى بعض على نسق، وجاءت الإبل قِطاراً، بالكسر، أي: مقطورة. (القاموس ص 596) . 5 مالك: الموطّا ص 140، أحمد: الزهرد ص 166، من طريق مالك وإسناده صحيح، وابن عساكر: تاريخ دمشق ج13/139، ابن زنجويه: الأموال 2/562) . 6 في سير السلف: (لا أعود) .

فعملا عملاً وسلكا طريقاً، وإني إن عملت بغير عملهما سُلك بي غير طريقهما"1. وعن أبي سهل بن مالك2 عن أبيه3: "أن عمر بن الخطاب قال ليرفأ: "كم تعلفون هذا الفرس؟ "، لفرس كان يرد عليه إبل الصدقة - قال: يرفأ: "ثلاثة أمداد وصاعاً"، قال عمر: "إن كان هذا لكاف أهل بيت من العرب، والذي نفسي بيده ليعالجن غور البقيع"4. وعن عبد الملك بن عمير56 قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "من استعمل رجلاً لمودة أو لقرابة لا يستعمله إلا لذلك فقد خان الله ورسوله والمؤمنين"7. وعن عمران بن سليم8 عن عمر بن الخطاب، قال: "من استعمل فاجراً

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/288، وإسناده صحيح، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص77، وأبو القاسم الأصبهاني: سير السلف ص 191. 2 نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو سهيل المدني، ثقة، توفي بعد الأربعين ومئة. (التقريب ص 558) . 3 مالك بن أبي عامر الأصبحي، سمع من عمر، ثقة، توفي سنة أربع وسبعين على الصحيح. (التقريب ص 517) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 77، وبنحوه في أحمد: الزهد ص 115، من طريق آخر، وإسناده حسن فيه عبد الله بن عياش صدوق يغلط. (التقريب ص 317) . 5 في الأصل: (عميرة) ، وهو تحريف. 6 عبد الملك بن عمير اللخمي، حليف بني عدي، الكوفي، ثقة، فصيح عالم وربما دلس، توفي سنة ست وثلاثين ومئة. (التقريب ص 364) . 7 ابن الجوزي: مناقب ص 77، وهو ضعيف لانقطاعه. 8 الكلاعي قاضي حمص، روى عن يزيد بن ميسرة، روى عنه معاوية بن صالح وحَريز ابن عثمان، قال مكحول: "ما ترك بالشام قاضياً مثله". (الجرح 6/299، الثقات 5/219) .

وهو يعلم أنه فاجر، فهو مثله"1. وعن أبي عِمران الجوني2، قال: "أهدى أبو موسى الأشعري إلى عمر هدية فيها سلاسل3 فاستفتح عمر سلة منها، وقال: "ردّه / [45/] رده لا تراه ولا تذوقه قريش، فتتذابح4 عليه"5. وعن أنس بن مالك قال: "كنت عند عمر بن الخطاب فجاءته امرأة من الأنصار فقالت: "أكسني يا أمير المؤمنين"، فقال: "ما هذا أوان كسوتك"، قالت: "والله ما علي ثوب يواريني"، قال: فقام عمر فدخل خزانته فأخرج درْعاً6 قد خيط أبيض، وجيب7، وألقاه إليها، وقال: "هذا لبسي، وانظري8 خَلقَك فارقعيه وخيطه، والبسيه على برمتك وعملك فإنه لجديد لمن لا خَلِقَ له"9. وعن عبيد بن عمير10: "أن عمر بن الخطاب رأى رجلاً يقطع من شجر الحرم ويعلفه بعيراً له، قال: "علي بالرجل"، فأتي به، قال: "يا عبد الله

_ 1 وكيع: أخبارالقضاة1/69وهو ضعيف لانقطاعه، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص77. 2 عبد الملك بن حبيب الأزدي، مشهور بكنيته ثقة، توفي سنة ثمان وعشرين ومئة. وقيل: بعدها. (التقريب ص 362) . 3 السلة: كالجؤنة المطبقة، والجمع سل وسلال. (لسان العرب 11/342) . 4 في الأصل: (فتذابح) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 78. 6 الدِرْع: قميص المرأة. (القاموس ص 923) . 7 في مناقب عمر: (وجاءت) . 8 في الأصل: (أونظري) ، وهو تحريف. 9 ابن الجوزي: مناقب ص 78. 10 الليثي.

إن مكة حرام، لا يعضد عضاها1، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمعرف". فقال: "يا أمير المؤمنين! ما حملني على ذلك إلا أن معي نضوغاً2 لي، خشيت أنه لا يبلغّني، وما معي زاد ولا نفقة". قال: "فرق له عمر بعد ما هم به، وأمر له ببعير من إبل الصدقة وبوقره طحيناً فأعطاه إياه، وقال: "لا تعود تقطع [من] شجر الحرم شيئاً"3. وعن عبد الله بن المبارك4، قال: "اشترى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعراض المسلمين من الحطيئة5 بثلاثة آلاف درهم، فقال الحطيئة: وأخذت أطراف6 الكلام فلم تدع ... شتماً يضر ولا مديحاً ينفع ومنعتني عرض7 البخيل فلم يخف ... شتمي فأصبح آمناً لا يفزع8 وعن إسحاق بن إبراهيم9، قال: قال الفضيل بن عياض10 يوبخ نفسه: "ما

_ 1 العضاهة؛ بالكسر: أعظم الشجر، أو الخمط، أو كل ذات شوك، أو ما عظم منها وطال. (القاموس ص 1613) . 2 النضوغ، بالكسر: المهزول من الإبل وغيرها. (القاموس ص 1726) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 78. 4 المروزي الحنظلي مولاهم، ثقة ثبت فقيه عالم جَواد مجاهد، توفي سنة إحدى وثمانين ومئة. (التقريب ص 320) . 5 جرول بن أوس العبسي الشاعر المشهور، أسلم ثم ارتد ثم أسلم، توفي بعد خلافة معاوية. (الشعر والشعراء ص 200، الإصابة 2/63) . 6 في الديوان: (أطرار) ، قال ابن السكيت: "أطرارا: نواحيه، الواحدة طر". 7 في الديوان: (شتم) . 8 ديوان الحطيئة برواية ابن السكيت ص 278، والخبر في ابن الجوزي: مناقب ص 78، والأصبهاني: الأغاني 2/177، وهو ضعيف لإعضاله. 9 الحنظلي المروزي، ثقة حافظ مجتهد، قرين أحمد بن حنبل، توفي سنة ثمان وثلاثين ومئتين. (التقريب ص 99) . 10 التميمي، الزاهد المشهور، أصله من خراسان، وسكن مكة، ثقة عابد إمام، توفي سنة سبع وثمانين ومئة. (التقريب ص 448) .

ينبغي لك أن تتكلم بفمك كله، تدري من يتكلم بفمه كله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان يطعمهم حقوقهم ويزيدهم، وأعطى رجلاً عطاءه أربعة آلاف درهم وزاده ألفاً، فقيل له: "ألا تزيد ابنك كما زدت هذا؟ "، قال: "إن [أبا] 1 هذا ثبت يوم أحد ولم يثبت أبو هذا"2. وعن ابن عمر، قال: "كان عمر يأتي مجزرة الزبير بن العوام بالبقيع - ولم يكن بالمدينة مجزرة غيرها - فيأتي معه بالدّرّة فإذا وجد رجلاً اشترى لحماً يومين متتابعين ضربه بالدرة، وقال: "ألا ألا طويت3 بطنك لجارك أو ابن عمك"4. وعن ابن شهاب5، أن القاسم بن محمّد6 أخبره: أن رجلاً7 ضاف ناساً من هذيل فخرجت لهم جارية، واتبعها ذلك الرجل فأرادها عن نفسها فتعافسا8 في الرمل فرمته بحجر ففضت9 كبده، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال: "ذلك قتيل الله لا يؤدى أبداً"10.

_ 1 سقط من الأصل. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 79. 3 في الأصل: (الاطب) ، وهو تحريف. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 79. 5 الزهري. 6 ابن أبي بكر الصديق. 7 مطموس في الأصل سوى: (رحا) . 8 العفس: الجذب إلى الأرض في ضغطٍ شديد، وتعافسا: تعالجوا في الصراع. (القاموس ص720) . 9 الفضض: كلّ ما نفضّ أي: تفرق وانقطع. (لسان العرب 7/208) . 10 عبد الرزاق: المصنف 9/135، ابن أبي شيبة: المصنف 9/372، وإسنادهما صحيح، البيهقي: السنن 8/337، مرسلاً وموصولاً، ابن الجوزي: مناقب ص 78، ابن قدامة: المغني 12/533) .

وعن عبد الله بن صالح1 قال: حدّثني الليث2، قال: "أتي عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بفتى أمرد قد وجد قتيلاً ملقى على وجهه في الطريق، فسأل عمر عن أمره واجتهد فلم يقف على خبر، ولم يعرف له قاتل، فشق على عمر ذلك، وقال: "اللهم أظفرني بقاتله"، حتى إذا كان رأس3 الحول أو قريباً من ذلك، وجد صبياً مولوداً ملقى موضع القتيل فأتى به عمر، فقال: "ظفرت بدم القتيل إن شاء الله"، فدفع الصبي إلى امرأة / [46/أ] وقال: "قومي بشأنه، وخذي منا نفقته وانظري من يأخذه منك، فإذا وجدت امرأة تقبله وتضمه إلى صدرها فأعلميني بمكانها". فلما شبّ الصبي جاءت جارية فقالت للمرأة: "إن سيدتي بعثتني إليك بالصبي لتراه وترده إليك"، قالت: "نعم اذهبي به إليها وأنا معك"، فذهبت بالصبي والمرأة معها حتى دخلت على سيدتها، فلما رأته أخذته فقبلته وضمته إليها، فإذا هي بنت شيخ من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت عمر خبر المرأة. فاشتمل4 عمر على سيفه، ثم أقبل إلى منزلها فوجد أباها متكياً على باب داره، فقال: "يا أبا فلان ما فعلت ابنتك فلانة؟ "، قال: "يا أمير المؤمنين جزاها الله خيراً هي من أعرف الناس بحق الله تعالى، وحق أبيها مع حسن صلاتها وصيامها والقيام بدينها"، فقال عمر: "قد أحببت أن أدخل عليها فأزيدها رغبة في الخير وأحثها على ذلك"، فقال: "جزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين، امكث مكانك حتى

_ 1 الجهني، المصري، كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، توفي سنة اثنتين وعشرين ومئتين. (التقريب ص 308) . 2 ابن سعد الفهمي ثقة ثبت إمام مشهور، توفي سنة خمس وسبعين ومئة. (التقريب ص 646) . 3 رأس الحول: أعلى السنة. (القاموس ص 705، 1278) . 4 اشتمل على سيفه: غطاه. (لسان العرب 11/369) .

أرجع إليك". فاستأذن لعمر، فلما دخل أمر عمر بخروج كل من كان عندها فخرج عنها، وبقيت هي وعمر في البيت ليس معها أحد فكشف عمر عن السيف، وقال: "لتصدقيني"، وكان عمر لا يكذب، فقالت: "على رسلك يا أمير المؤمنين، فوالله لأصدقن، إن عجوزاً كانت تدخل عليّ فاتخذتها أمّاً وكانت تقوم في أمري بما تقوم به الوالدة، وكنت لها بمنزلة البنت، فأمضيت بذلك حيناً، ثم إنها قالت: "يا بنية إنه عرض لي سفر ولي بنت في موضع أتخوف عليها منه أن تضيع، وقد أحببت أن أضمها إليك حتى أرجع من سفري. فعمدت إلى ابن لها شاب أمرد فهيأته كهيئة الجارية، وأتتني به لا أشك أنه جارية فكان يرى مني ما ترى الجارية من الجارية حتى اعتقلني يوماً وأنا نائمة فما شعرت حتى علاني وخالطني، فمددت يدي إلى شفرة كانت إلى جنبي فقتلته1، ثم أمرت به فألقي حيث رأيت، فاشتملت منه على هذا الصبي والغلام2، فلما وضعته، ألقيته في موضع أبيه، فهذا والله خبرهما، على ما أعلمته". فقال: "صدقت بارك الله فيك، ثم أوصاها ووعظها ودعا لها، وخرج، وقال لأبيها: بارك الله في ابنتك، فنعم الابنة، وقد وعظتها وأمرتها"، فقال: "وصلك الله يا أمير المؤمنين، وجزاك خيراً عن رعيتك"3. وعن أبي الزناد4، قال: قال عمر: "لو أدركت عفراء وعروة لجمعت بينهما"5.

_ 1 في الأصل: (فقلته) ، وهو تحريف. 2 هكذا تكررت في الأصل. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 80، وهو ضعيف لإعضاله. 4 عبد الله بن ذكوان القرشي. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 81، وهو منقطع؛ لأن أبا الزناد لم يدرك عمر.

وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: "سمع عمر في جوف الليل غناء فأقبل نحوه، فسكت عنهم حتى إذا طلع الفجر، فقال: إيه الآن اسكتوا اذكروا الله تعالى"1. [وعن عاصم بن عبيد الله2 عن عبد الله بن] 3 عامر4 بن ربيعة، قال: "سمع عمر صوت ابن المُغْترف - أو الغرف5 - الحادي في جوف الليل ونحن منطلقون إلى مكة، فأوضع6 عمر راحلته حتى دخل مع القوم، فإذا مع عبد الرحمن، فلما طلع الفجر، قال: "هيء7 اسكتِ الآن قد طلع الفجر، اذكروا الله تعالى"8. وعن إسماعيل بن الحسن9، قال: قال عمر بن الخطاب: "إن قريشاً تريد أن تكون مغويات لمال الله تعالى دون عباد الله وأنا حي، فلا والله، ألا وإني

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 81. 2 عاصم بن عبيد الله بن عاصم العدوي، ضعيف توفي في أوّل دولة بني العباس سنة اثنتين وثلاثين ومئة. (التقريب ص 285) . 3 سقط من الأصل. 4 في الأصل: (عاصم) ، وهو تحريف. 5 قال ابن حزم: "ربا بن المعترف - بالعين - (واسم المعترف أهيب) ، الفهري، الذي غني غناء النصب إذ سمعه عمر رضي الله عنه. (جمهرة أنساب العرب ص 180) . 6 الإيضاع: أن يُعدي بعيره ويحمله على العدو الحثيث. (لسان العرب 8/399) . 7 هيء - بفتح وسكون الياء، وأخره همزة -: اسم الفعل وهو تنبه واستيقظ. 8 أحمد: المسند 3/132، وفي إسناده عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه للمسند رقم: 1668. 9 لعله العتواري، يروي عن ابن عمر، روى عنه أخوه يعقوب بن الحسن. (التقريب ص 4/19) .

آخذ حَلاقيم قريش1 عند باب الحرة2 أمنعهم من الوقوع في النار، ألا وأنى سننت [في] 3 الإسلام سن البعير، يكون حقاً4، ثم يكون ثنياً5، ثم يكون رباعياً6، ثم سديساً7، ثم يكون بازلاً8، ألا وإن الإسلام قد بزل فهل ينتظر من البازل إلا النقصان؟ "9. وعن إسماعيل بن إسحاق10: مغويات بتسكين الغين، واللغويون يقولون: بتشديد الواو، معناه: مهلكات. وهو مأخوذ من المغواة، وهي المهلكة.

_ 1 الحلقوم: الحلق، وحلاقيم البلاد: نواحينها. (لسان العرب 12/150) . 2 يقصد حرة المدينة، وكان يمنعهم من الخروج. 3 سقط من الأصل. 4 الحِق: من أولاد الإبل: الذي بلغ أن يركب ويُحمل عليه ويضرب. يعني: أن يضرب الناقة. (لسان العرب 10/54) . 5 الثني: الذي يلقي ثنيه، ويكون ذلك في الظلف والحافر في السنة الثالثة، وفي الخف في السادسة. (الصحاح 6/2295) . 6 الرّباعية: السن التي بين الثنية والناب، ويقال للذي يلقيها: رباع، وذلك إذا دخل في السنة السابعة. (القاموس ص 929) . 7 أسدس البعير: إذاألقىالسن بعدالرباعيةوذلك في السنة الثامنة. (لسان العرب6/105) . 8 بَزل البعير يبزل بزولاً، قطر نابه. أي: انشق فهو بازل. ذكراً كان أو أنثى، وذلك في السنة التاسعة. (الصحاح 4/1633، لسان العرب 11/52) . 9 ابن الجوزي: مناقب ص 81، وقد أورد القسم الأوّل منه حتى قوله: " مغويات لمال الله"، أبو عبيد: غريب الحديث 3/323، وابن الأثير 3/398، وابن منظور: لسان العرب 15/295، وقوله: " يكون حِقاً"، مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم كما أخرجه أحمد في: المسند 3/463، 5/52. 10 الأزدي، مولاهم، البصري، القاضي، صاحب التصانيف، قال ابن مجاهد سمعت المُبرّد يقول: "إسماعيل القاضي أعلم مني بالتصريف"، توفي سنة اثنتين وثمانين ومئتين. (الديباج المذهب 1/282، سير أعلام النبلاء (13/339) .

والأصل فيها بئر تحفر ويعلق فيها جدي / [46 / ب] فإذا جاءها الذئب فيتدلى إلى الجدي اصطيد1، وهي كالزبية للأسد، لأن الزبية تجعل للأسد في مكان مرتفع، يقال: قد بلغ السيل الزبي، إذا علا وارتفع حتى يبلغ هذه الحفائر2. عن ابن الأعرابي3، قال: "من حفرة مُغوّاة4 وقع فيها": لا تحفرن بئراً تريد أخاً بها ... فإنك فيه أنت من دونه تقع كذاك الذي يبقى على الناس ظالماً ... تُصبْه على رغم عواقب ما صنع5 وفي الصحيح عن عدي بن حاتم، قال: "أتيت عمر في وفد فجعل يدعوهم رجلاً رجلاً يسميهم، فقلت: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: "بلى، أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا"، فقال عدي: فلا أبالي إذاً"6. وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن الربيع بن زياد الحارثي7، أنه وفد إلى

_ 1 انظر: أبا عبيد: غريب الحديث 3/323، 324، ابن الأثير: النهاية 3/398، ابن منظور: لسان العرب 15/141. 2 انظر: ابن الأثير: النهاية 2/295، ابن منظور: لسان العرب 14/353، الميداني: مجمع الأمثال 1/158. 3 محمّد بن زياد الأعرابي مولى العباس بن محمّد الهاشمي، من علماء اللغة، توفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين. (وفيات الأعيان 4/306، مقدمة كتابه البئر ص 7) . 4 انظر: الميداني: مجمع الأمثال 3/306، 307. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 82. 6 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1957، رقم: 2523، بأخصر ولم أجده في الصحيح بهذا اللفظ، فلعل المؤلف اطلع على نسخة أخرى. انظر: ص 407، فقد سبق تخريجه. 7 البصري، مخضرم، ذكر صاحب الكمال أنه أبو فراس الذي روى عن عمر، ورد ذلك المزي. (التقريب ص 206) .

عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأعجبته هيئته ونحوه، فقال: "يا أمير المؤمنين! إن أحق الناس بطعام لين، ومركب لين، وملبس لين، لا أنت - وكان أكل طعاماً غليطاً - فرجع عمر جردية كانت معه فضرب بهارأسه، ثم قال: "أمَ والله ما أراك أردت1 بها الله، ما أردت بها إلا في مقاربتي، إن كنت لا أحسب أن فيك خيراً، ويحك هل تدري ما مثلي ومثل هؤلاء؟ ". قال: وما مثلك ومثلهم، قال: "مثل قوم سافروا فدفعوا نفقاتهم إلى رجل منه، فقالوا: أنفق علينا، فهل يحل له أن يستأثر منها بشيء؟ "، لا يا أمير الممؤمنين، قال: "فذلك مثلي ومثلهم". ثم قال عمر رضي الله عنه: "إني لم أستعملهم عليكم أن يضربوا أبشاركم، ويشتموا أعراضكم، ويأكلوا أموالكم، ولكن استعملتهم ليعلموكم كتاب2 ربكم، وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم فمن ظلمه عامله بمظلمة فليعرفها إليّ حتى أقصه منه". فقال عمرو بن العاص: "يا أمير المؤمنين! أرأيت إن أدب أمير رجلاً أتقصه منه؟ "، فقال عمر: "ومالي لا أقص3 وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه؟ ". وكتب عمر رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد: "لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تحرمونهم فتكفروهم، ولا تجمروهم4، فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض5 فتضيعوهم"6.

_ 1 قوله: " ما أردت بها) ، تكررت في الأصل. 2 في الأصل: (كاب) ، وهو تحريف. 3 في الأصل: (لاقص) ، وهو تحريف. 4 تجمير الجيش: جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهليهم. (النهاية 1/292) . 5 الغياض: جمع غيضة، وهي: الشجر الملتف. (لسان العرب 7/202) . 6 ابن سعد: الطبقات 3/280، 281، وإسناده صحيح، وابن عساكر: تاريخ دمشق 13/ق 54، 55/أ، والمتقي الهندي: كنز العمال 13/634، إلى قوله: "فذلك مثلي ومثلهم"، ونسبه لابن سعد وابن راهوية، وابن عساكر.

وعن سعيد بن المسيب، قال: "لما ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أيها الناس إني والله قد علمت أنكم كنتم تؤنسون مني شدة وغلظاً، وذلك أني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت عبده وخادمه وجلوازه1، وكان كما قال الله تعالى: {رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] . وكنت بين يديه كالسيف المسلول، إلا أن يغمد، أو2 ينهاني عن أمر فأكف عنه، وإلا أقدمت على الناس لمكان النبي صلى الله عليه وسلم فلم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك حتى توفاه الله تعالى وهو عني راضٍ. والحمد لله على ذلك كثيراً وأنا به أسعد. ثم قمت ذلك المقام مع أبي بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من علمتم في كرمه ودعته ولينه، وكنت خادمه وجلوازه، وكنت كالسيف المسلول بين يديه على الناس أخلط شدتي بلينه، إلا أن يتقدم إليّ فأكف، وإلا أقدمت، فلم أزل على ذلك [حتى توفّاه الله، وهو عني راضٍ، والحمد لله على ذلك] 3 كثيراً، وأنا أسعد به. ثم جاء أمركم إليّ اليوم، فأنا أعلم أن سيقول قائل: "كان متشدداً علينا والأمر إلى غيره، فكيف به إذا صار الأمر إليه؟! "، اعلموا أنكم لا تسألون عني أحداً قد عرفتموني وجربتموني، وقد عرفت بحمد الله من سنة نبيكم ما عرفت، وما أصبحت نادماً على شيء أحبّ أن أسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد سألته، واعلموا4 أن شدتي التي كنتم

_ 1 الجلواز: الثؤرور، وقيل: الشرطي. (لسان العرب 5/322) . 2 في الأصل: (وينهاني) . 3 سقط من الأصل. 4 في الأصل: (وقد علموا) .

ترون / [47 / ب] 1 ازدادت أضعافاً إذا كان الأمر على الظالم المعتدي والأخذ للمسلمين لضعيفهم من قويهم، وإني بعد شدتي تلك واضع خدي بالأرض لأهل العفاف وأهل الكفّ فيكم والتسليم وإني لست آبى إن كان بيني وبين أحد منكم شيء في أحكامكم2، أن أمشي معه إلى من3 أحبّ منكم فينظر فيما بيني وبينه، فاتقوا الله عباد الله، وأعينوني على أنفسكم بكفّها، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحضاري النصيحة فيما ولاّني الله من أمركم". قال سعيد4: "فوالله لقد وفَّى لله بما قال، وزاد في موضع الشدة على أهل الريب والظلم، والرفق بأهل الحقّ من كانوا"5. وقال حصين بن عبد الرحمن6: "بلغني أن فتى من أهل المدينة كان يشهد الصلاة كلها مع عمر، وكان عمر يتفقده إذا غاب، فعشقته امرأة من أهل المدينة، فذكرت ذلك بعض نسائها، فقالت: "أنا أحتال لك في إدخاله عليك، فقعدت له في الطريق فلما مرّ بها قالت له: إني امرأة كبيرة السن

_ 1 هذه الورقة وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي. إذ الكلام متصل. ولعل المؤلف أضافها بعد كتابة ق 48 / أ. 2 في الأصل: (لا حكامكم) . 3 في الأصل: (أن حبيبة) . 4 ابن المسيب. 5 أبو القاسم: سير السلف ص 169، 170، وابن عساكر: تاريخ دمشق 13/ ق 88، 89، وفي إسناده عبد الله بن صالح، كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، ويحيى ابن أيوب الغافقي صدوق ربما أخطأ. (التقريب رقم: 3388، 7511) . 6 السلمي، الكوفي، ثقة تغير حفظه في الآخرة، توفي سنة ست وثلاثين ومئة على الصحيح. (تهذيب التهذيب 2/328) .

ولي شاة لا أستطيع أن أحلبها، فلو دخلت فحلبتها لي". - وكانوا أرغب شيء في الخير -، فدخل فلم يرَ شاة، فقالت: "اجلس حتى آتيك بها"، فإذا المرأة قد طلعت عليه، فلما رأى ذلك عمد إلى محراب في البيت فقعد فيه، فأرادته عن نفسه فأبى، وقال: اتقي الله أيها المرأة"، فجعلت لا تكفّ عنه ولا تلتفت إلى قوله، فلما أبى عليها صاحت فجاءوا، فقالت: "إن هذا دخل عليّ يريدني عن نفسي"، فوثبوا عليه وجعلوا يضربونه، وأوثقوه، فلما صلى عمر الغداة فقده، فبينا هو كذلك إذ جاؤوا به في وثاق، فلما رآه عمر قال: "اللهم لا تخلف ظني به، قال: مالكم؟ "، قالوا: استغاثت امرأة بالليل فجئنا فوجدنا هذا الغلام عندها فضربناه وأوثقناه"، فقال له عمر: "أصدقني؟ "، فأخبره بالقصة على وجهها، فقال عمر: "أتعرف العجوز؟ "، فقال: "نعم، إن رأيتها عرفتها". فأرسل إلى نساء جيرانها وعجائزهن، فجاء بهن فعرضهن عليه فلم يعرفها فيهن حتى مرت به العجوز، فقال: "هذه يا أمير المؤمنين"، فرفع عليها الدّرّة، وقال: "أصدقيني؟ "، فقصت عليه القصة كما قصها الفتى، فقال عمر: "الحمد لله الذي جعل فينا شبيه يوسف"1. / [48 / أ] 2.

_ 1 لم أعثر عليه في المصادر الأخرى، وهو منقطع. 2 هذه الورقة وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي، فالكلام متصل وليس ثمة نقص في المخطوطة، ولعل المؤلف أضافها بعد كتابة ق 47/أ.

الباب الأربعون: عسسه بالمدينه وما وقع له من ذلك

الباب الأربعون: عسسه بالمدينه وما وقع له من ذلك ... الباب الأربعون: في ذكر عسسه بالمدينة وما وقع له من ذلك ذكر ابن الجوزي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "عسسنا مع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ذات ليلة بالمدينة حتى انتهينا إلى خيمة فيها نويرة، تقد أحياناً وتطفأ أحياناً، وإذا فيها صوت حزين، قال: "أقيموا مكانكم"، ومضى حتى انتهى إلى الخيمة فسمع وفهمنا، وإذا عجوز تقول: على محمّد صلاة الأبرار ... صلى عليه المصطفون الأخيار قد كنت قوّاماً بكن1 الأسحار ... فليت شعري والمنايا أطوار هل تجمعني وحبيبي الدار فبكى عمر رضي الله عنه حتى ارتفع صوته، ومضى حتى انتهى إلى الخيمة، فقال: "السلام عليكم، السلام عليكم"، فأذنت له في الثالثة، فإذا عجوز، فقال لها عمر: "أعيدي عليّ قولك"، فأعادت عليه قولها بصوت حزين، فبكى عمر، ثم قال: "وعمر لا تنسيه رحمك الله"، فقالت: "وعمر فاغفر له إنك أنت الغفار"2. وعن السائب بن جبير3 مولى ابن عباس - رضي الله عنهما -، وكان قد أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما زلت أسمع حديث عمر رضي الله عنه أنه

_ 1 الكِنّ، بالكسر: وقاء كلّ شيء وستره. (القاموس ص 1584) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 82، 83، ابن مبارك ص 362، 363، ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 113، المتقي الهندي: كنْز العمال 12/562، ونسبه لابن المبارك وابن عساكر. وهو منقطع. 3 لم أجد له ترجمة.

خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة، وكان يفعل ذلك كثيراً، إذ مرّ بامرأة من نساء العرب مغلقة عليها بابها وهي تقول: تطاول هذا الليل تسري كواكبه ... وأرقني1 ألا ضجيع ألاعِبُه ألاعبه طوراً وطوراً كأنما ... بدا قمراً في ظلمة الليل حاجبه يسر به من كان يلهو بقربه ... لطيف الحشا لا تجتويه2 أقاربه فوالله لولا الله لا شيء غيره ... لنقض من هذا السرير جوانبه ولكنني أخشى رقيباً موكلاً ... بأنفسنا لا يفتُر الدهر كاتبه ثم تنفست الصعداء3، وقالت: لهان على عمر بن الخطاب وحشتي وغيبة زوجي عني". وعمر واقف يسمع قولها، فقال عمر: "يرحمك الله"، ثم وجه إليها بكسوة ونفقة وكتب في أن يقدم عليها زوجها4. وعن الشعبي قال: "بينا عمر يعس ذات ليلة إذ مرّ بامرأة جالسة على سرير وقد أجافت الباب وهي تقول: تطاول5هذا الليل واخضل6جانبه ... وأرقني أن لا خليل ألاعبه فوالله لولا الله لا شيء غيره ... لحرّك من هذا السرير جوانبه فقال عمر رضي الله عنه: "أَوْهُ"7، ثم خرج فضرب الباب على

_ 1 الأرَق: السهر، وقد أرِقت، بالكسر، أي: سهرت. (لسان العرب 10/4) . 2 اجتواه: كرهه. (القاموس ص 1641) . 3 الصّعداء: المشقة، كالصعدود وكالبُرحاء: تنفس طويل. (القاموس ص 373) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 83، ابن كثير: التفسير 1/394، وفيه السائب بن جبير لم أعثر له على ترجمة، وابن إسحاق عنعن، وهو مدلس. 5 في الأصل: (تطال) ، وهو تحريف. 6 أخْضَلَ الليل: أظلم. (القاموس ص 1283) . 7 أوْهُ: كلمة تقال عند الشّكاية أو التوجع. (القاموس ص 1604) .

حفصة - رضي الله عنها - فقالت: "يا أمير المؤمنين، ما جاء بك في هذه الساعة؟ "، فقال: أيّ بينة كم تحتاج المرأة إلى زوجها؟ "، قالت: "في ستة أشهر"، فكان لا يغزي جيشاً له أكثر من ستة أشهر"1. وذكر هذه الحكاية ابن القيم2 وغيره: وهي أنه بينا هو يعس ذات ليلة سمع امرأة تقول: / [47 / أ] 3. تطاول هذا الليل واخضل جانبه ... وأرقني أن لا خليل ألاعبه فوالله لولا الله لا شيء غيره ... لحرّك من هذا السرير جوانبه مخافة ربي والحياء يكفني ... وأكرم بعلي أن تنال مراكبه فقال: "أواه، وقال: لولا أنها افتتحت الكلام بالخوف وختمته4 بالخوف لأوجعتها ضرباً"، ثم دق عليها الباب، فقالت: "من يدق امرأة مغيبة؟ "، فقال: "افتحي"، فقالت: "أما والله لو علم بك أمير المؤمنين لأوجعك ضرباً"، فقال: "افتحي، أنا أمير المؤمنين"، قالت: "كذبت"، فرفع لها صوته، فلما عرفته فتحت له فقال: "لمن تذكرين؟ "، قالت: "زوجي وجهه أمير المؤمنين في غزاة كذا وكذا"، فذهب فدخل على حفصة فقال: "أي بنيه كم صبر المرأة عن زوجها؟ "، قالت: "تصبر الشهر، والشهرين والثلاثة5 في أربعة ينفذ الصبر".

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 83، 84، وهو منقطع. 2 أبو عبد الله شمس الدين محمّد بن أبي بكر الزرعي، ابن قيم الجوزية. 3 هذه الورقة وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي. 4 في الأصل: (وختمه) ، وهو تحريف. 5 في الأصل: (الثلاث) ، وهو تحريف.

وفي رواية: "أكثر ما تصبر ستة أشهر"، فجعل ذلك أجلاً"1. قلت: لهذا المعنى - والله أعلم - جعلت مدة العدة أربعة أشهر وعشراً2، وجعلت مدة الغيبة التي يجب على الرجل القدوم فيها إلى زوجته إذا طلبته ويفسخ النكاح لغيبته أربعة أشهر3. وعن أحمد رواية أخرى: ستة أشهر، وجعلت مدة الإيلاء أربعة أشهر، وما أشبه ذلك4. وعن أسلم5 قال: "بينا أنا مع عمر بن الخطاب، وهو يعس بالمدينة إذ عيي، فاتكأ على جانب جدار جوف الليل، وإذا امرأة تقول لابنتها: "يا بنتاه، قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه6 بالماء"، قالت: "يا أماه أو ما7 علمت بما كان من عزمة أمير المؤمنين؟ "، قالت: "وما كان من عزمته يا بنية؟ "، قالت: "إنه أمر مناديه فنادى: لا يشاب اللبن بالماء"، فقالت لها: "يا بنية قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء

_ 1 ابن القيم: روضة المحبين ص378، والخبر بنحوه في سعيد بن منصور: السنن2/174، وهو منقطع وفيه عطاف بن خالد صدوق يهم. مالك: الموطّأ كما في تفسير ابن كثير 1/394، وهو منقطع، ومن طريقه البيهقي: السنن 9/29، موصولاً، وإسناده صحيح. ابن قدامة: المغني 10/240، السبكي في: طبقات الشافعية 1/284، وقال: "ليس في شيء من الكتب الستة". 2 المقصود في عدة المتوفى عنها غير ذات الحمل. 3 انظر: ابن قدامة: المغني 10/223، 250، الحجاوي: الإقناع 3/241، ابن النجار: منتهى الإرادات 2/345، المجد: المحرر 2/105. 4 انظر: ابن قدامة: المغني 10/240، 11/9، ابن مفلح: الفروع 5/478، الحجاوي: الإقناع 3/241، المجد: المحرر 2/41، 87، ابن النجار: منتهى الإرادات 2/228، 317. 5 العدوي مولى عمر. 6 المذيق: كأمير: اللبن الممزوج بالماء. (القاموس ص 1191) . 7 في الأصل: (وما) .

فإنك بموضع لا يراك عمر ولا منادي عمر"، فقالت الصبية: "والله ما كنت لأطيعه في الملا وأعصيه في الخلا"، وعمر يسمع كل ذلك. فقال: "يا أسلم اعلم الباب واعرف الموضع. ثم مضى في عسسه، فلما أصبح قال: "يا أسلم امض إلى الموضع فانظر من القائلة ومن المقول لها، وهل لهم بعل؟ "، فأتيت الموضع فنظرت فإذا الجارية أيم لا بعل لها، وإذا تيك أمها وإذا ليس لها رجل، فأتيت عمر فأخبرته، فدعى ولده فجمعهم، فقال: "هل فيكم من يحتاج إلى امرأة فأزوجه؟ "، ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية". فقال عبد الله: "لي زوجة". وقال عبد الرحمن: "لي زوجة"، وقال عاصم1: "يا أبتاه لا زوجة لي، فزوجني". فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم فولدت له بنتاً، وولدت البنت بنتاً، وولدت البنت عمر بن عبد العزيز، - رحمه الله تعالى -"2. قال بعضهم: هكذا وقع في رواية، وهو غلط، وإنما الصواب: فولدت لعاصم بنتاً، وولدت البنت عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -3. وعن أنس بن مالك، قال: "بينا عمر رضي الله عنه يعس بالمدينة / [48 / ب] إذ مرّ برحبة4 من رحابها فإذا هو بيت من شعر لم يكن بالأمس، فدنا منه فسمع أنين امرأة، ورأى رجلاً قاعداً فدنا منه فسلم عليه، ثم قال: "من الرجل؟ "، فقال: "رجل من أهل البادية جئت إلى أمير المؤمنين أصيب فضله"، فقال: "ما هذا الصوت الذي أسمعه في البيت؟ "، قال: "انطلق يرحمك

_ 1 ابن عمر العدوي، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم توفي سنة سبعين، وقيل: بعدها. (التقريب ص 286) . 2 ابن عبد الحكم: سيرة عمر ص 22، 23، الآجري: أخبار عمر ص 48، 49، ابن الجوزي: مناقب ص 5، ومناقب عمر بن الخطاب ص 84. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 84، وانظر: ابن سعد: الطبقات 5/331. 4 الرّحبة: ما اتسع من الأرض، وجمعها: رُحَب. (لسان العرب 1/414) .

الله لحاجتك"، قال: "على ذاك ما هو؟ "، قال: "امرأة تمخض"، قال: "عندها أحد؟ "، قال: فانطلق حتى أتي منزله، فقال لامرأته أم كلثوم بنت عليّ - رضي الله عنها -: "هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ "، قالت: "ما هو؟ "، قال: امرأة غريبة تمخض ليس عندها أحد. قالت: "نعم. إن شئت". قال: "فخذي معك ما يصلح المرأة لولادتها من الخرق والدهن، وجيئيني ببرمَة1 وشحم وحبوب"، قال: فجات به، فقال: "انطلقي"، وحمل البرمة، ومشت خلفه حتى انتهى إلى البيت، فقال لها: "ادخلي إلى المرأة"، وجاء حتى قعد إلى الرجل فقال له: "أوقد لي ناراً"، ففعل، فأوقد تحت البُرمة حتى أنضجها، وولدت المرأة، فقالت امرأة: "يا أمير المؤمنين، بشّر صاحبك بغلام"، فلما سمع يا أمير المؤمين كأنه هابه فجعل يتنحى عنه، فقال له: "مكانك كما أنت"، فحمل البُرمة فوضعتها على الباب، ثم قال: "اشبعيها"، ففعلت، ثم أخرجت البرمة فوضعتها على الباب، فقام عمر رضي الله عنه فأخذها فوضعها بين يدي الرجل، وقال: "كُلْ وكُلْ قد سهرت من الليل"، ففعل ثم قال لامرأته: "اخرجي، وقال للرجل، إذا كان غداً فاتنا نأمر لك بما يصلحك"، ففعل الرجل فأجاره وأعطاه"2. وعن عبد الله بن بريدة الأسلمي، قال: "بينما عمر بن الخطاب يعس ذات ليلة فإذا امرأة تقول: هل من سبيل إلى خمر فأشربها ... أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج3

_ 1 البرمة - بالضم - قدر من حجارة. (القاموس ص 1394) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 85، والتبصرة 1/427، 428. 3 ابن علاط السلمي. (الإصابة 3/260) .

فلما أصبح سأل عنه فإذا هو من بني سُليم، فأرسل إليه فإذا هو أحسن النّاس شعراً وأصبحهم وجهاً، فأمر عمر أن يُطمّ1 شعره ففعل، فخرجت جبهته فازداد حسناً، فأمره عمر أن يعتَمّ ففعل، فازداد حسناً، فقال عمر: "لا والذي نفسي بيده لا يجامعني بأرض أنا بها، فأمر له بما يصلحه وسيّره إلى البصرة"2. وروي أن عمر رضي الله عنه بينما هو ذات ليلة يطوف في سكة من سكاك3 المدينة، سمع امرأة وهي تهتف من خِدرها4 وتقول: هل من سبيل إلى خمر فأشربها ... أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج إلى فتىً ماجد الأعراق مُقتبلٍ ... سهلِ المُحيّا كريم غير مِلجاج5 فقال عمر: "لا أرى معي في المصر رجلاً تهتف به العواتق6 في خدورهن، عليّ بنصر بن حجاج فأتي به، فإذا هو أحسن الناس وجهاً وأحسنهم شعراً، فقال: عليّ بالحجام فجزّ شعره فخرجت / [49 / أ]

_ 1 في الأصل: (يضم) ، وهو تحريف. وطمّ شعره: أي: جزّه، وطم شعره أيضاً طوماً إذا عقصه. (الصحاح 5/1976، لسان العرب 12/370) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/285، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 211، 212، ابن شبه: تاريخ المدينة 2/762، ابن الجوزي: مناقب ص 85، ابن حجر: الإصابة 6/260، وقال: "أخرجه ابن سعد والخرائطي بسند صحيح عن عبد الله بن بريدة". وهو منقطع لأن عبد الله بن بريد لم يدرك عمر. 3 السكة: أوسع من الزقاق، سميت بذلك لاصطفاف الدور فيها على التشبيه بالسّكة من النخل. (لسان العرب 10/441) . 4 الخِدر - بالكسر -: سترٌ يمدّ للجارية في ناحية البيت. (القاموس ص 490) . 5 اللجاج واللجاجة: الخصومة. (القاموس ص 260) . 6 العاتق: الجارية التي قد أدركت وبلغت فخُدّرت في بيت أهلها ولم تتزوج. (لسان العرب 10/235) .

وجنتان1 كأنهما شقتا قمر، فقال: اعتم فاعتم فافتتن الناس، فقال عمر: والله لا تساكني في بلد أنا فيه"، قال: "ولِمَ ذلك يا أمير المؤمنين؟ "، قال: "هو ما قلت لك"، فسيّره إلى البصرة وخشيت المرأة التي سمع عمر أن يبدر لها بشيء، فدست إليه أبياتاً تقول فيها: قل للإمام الذي تُخشى بوادرُهُ ... ما لي وللخمر أو نصر بن حجاج إني غنيت أبا حفص بغيرهما ... شرب الحليب وطرف فاتر ساج2 إن الهوى زمّه3 التقوى فقيده ... حتى أقرّ بإلجام4 وإسرج5 لا تجعل الظنّ حقاً لا تبيّنه ... إن السبيل سبيل الخائف الراجي فبعث إليها عمر رضي الله عنه: "قد بلغني عنك خيراً، وإني لا أخرجه من أجلك، ولكن بلغني أنه يدخل على النساء فلست آمنهن، وبكى عمر وقال: الحمد الذي قيد الهوى بإلجام وإسراج"، ثم إن عمر كتب إلى عامله بالبصرة كتاباً فمكث الرسول عنده أياماً ثم نادى منادياً6: ألا إن بريد المسلمين يريد [أن] 7 يخرج فمن كانت له حاجة فليكتب. فكتب نصر بن حجاج كتاباً ودسه في الكتب: "بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمر أمير المؤمنين، سلام عليك، أما بعد:

_ 1 الوجنة: ما ارتفع من الخدين للشدق والمحجر. (لسان العرب 13/443) . 2 طرف فاتر: فيه فتور وسُجُوّ ليس بحادّ النظر. (لسان العرب 5/44) . 3 زمّه: شده. (القاموس ص 1444) . 4 اللجام: حبلٌ أو عصاً تُدخل في فم الدابة وتُلزق إلى قفاه. (لسان العرب12/534) . 5 السّرج: رحل الدابة. (لسان العرب 2/297) . 6 في المناقب: (مناديه) . 7 سقط من الأصل.

لعمري1 لئن سيّرتني وفضحتني ... وما نلته مني عليك حرام فأصحبت منفياً على غير ريبة ... وقد كان لي بالمكّتين مقام أإن غنت الذلفاء يوماً بمنية ... وبعض أمانيّ النساء غرام ظننت بي الظن الذي ليس بعده ... بقاءٌ فما لي في النّديّ كلام ويمنعني مما تظن تكرّمي ... وآباء صدق سالفون كرام ويمنعها مما تظن صلاتُها ... وحالٌ لها في قومِها وصيام فهذان حالانا فهل أنت راجعي ... فقد جُبّ منّي كاهل2 وسنام3 قال عمر: "أما ولي سلطان فلا"، فما رجع إلى المدنية إلا بعد وفاة عمر رضي الله عنه، - ويقال: إن المتمنية هي أم الحجاج4 - وطال مكث نصر بالبصرة، فخرجت أمه يوماً بين الأذان والإقامة معترضة، فإذا عمر قد خرج في إزار ورداء وبيده الدرة فقالت: "يا أمير المؤمنين، والله لأقفن أنا وأنت بين يدي الله عزوجل وليحاسبك الله تعالى، يبيت عبد الله إلى جنبك وعاصم، وبيني وبين ابنِي الجبال والفيافي5 والأودية، فقال عمر: إن بنيّ لم

_ 1 انظر: ص 365، 425. 2 الكاهل: مقدم أعلى الظهر مما يلي العُنق وهو الثلث الأعلى فيه ست فِقَر. (لسان العرب 11/601، القاموس ص 1363) . 3 سنام البعير والناقة: أعلى ظهرها. (لسان العرب 12/306) . 4 الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي ولاه عبد الملك الحجاز ثلاث سنين، ثم ولاه العراق فمكث عشرين سنة والياً عليها، فأصلحها وذلّل أهلها، وكان ظلوماً جباراً ناصبياً، سفاكاً للدماء، توفي سنة خمس وتسعين. (المعارف ص 395، سير أعلام النبلاء (4/343) . 5 الفيف: المفازة التي لا ماء فيها مع الاستواء والسّعة، وإذا أنثت فهي الفيفاة، وجمعها الفيافي. (لسان العرب 9/274، القاموس ص 1089) .

تهتف بهما العواتق في خدورهن"1. وعن عبد الله بن بريدة: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج يعس المدينة فإذا هو بنسوة يتحدثن فإذا هن يقلن: "أي أهل المدينة أصبح؟ "، فقالت امرأة منهن / [49 / ب] : أبو ذئب2 فلما أصبح سأل عنه، فإذا هو من بني سليم، فأرسل إليه فإذا هو من أصبح الناس فلما نظر عمر إليه، قال: "أنت والله ذئبهن3 مرتين أو ثلاثاً، ولا والذي نفسي بيده لا تجامعني بأرض أنا بها"، قال له: "إن كنت لا بد مسيّري فسيّرني حيث سيّرت ابن عمي". فأمر له بما يصلح وسيّره البصرة"4. وعن أبي سعيد5 قال: "كان عمر رضي الله عنه يعس في المسجد بعد العشاء الآخرة، فلا يدع أحداً إلا أخرجه إلا رجل قائماً يصلي، فمرّ ذات ليلة على نفر جلوس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من أنتم؟ "، فقال أبي: "نفر من أهلك، يا أمير المؤمنين"، قال: "ما خلفكم بعد الصلاة؟ "، قال أبي: "إنا جلسنا لنذكر الله عزوجل"، قال: "فجلس معهم، ثم قال لأدناهم منه رجلاً: خذ، قال: فدعا ثم استقرأهم رجلاً رجلاً يدعون حتى انتهى إليّ، وأني جانبه، فقال لي: "ادع"، فحصرت وأخذتني الرّعدة - أفكل6 - حتى جعل يجد مسجد الأمير ذلك، فقال: "لو

_ 1 ابن قتيبة: عيون الأخبار 4/23، والأنطاكي: تزيين الأسواق ص 180، والسبكي: طبقات الشافعية 1/280، 281. 2 في الأصل: (أبو درين) ، وهو تحريف. 3 في الأصل: (درنهن) ، وفي المناقب: (دينهن) ، وهو تحريف. 4 ابن سعد: الطبقات 3/285، وإسناده حسن، لكن عبد الله بن بريدة لم يدرك عمر، البلاذري: وأنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 212، ابن الجوزي: مناقب ص 88. 5 مولى أبي أسيد يروي عن جماعة من الصحابة، روى عنه أبو نضرة، وثقه الهيثمي. (انظر: ابن سعد: الطبقات 7/128، والثقات لابن حبان 5/588، ومجمع الزوائد 7/229) . 6 في الطبقات: (من الرعدة أفْكَل) ، وفي القاموس ص 1349: "الأفكل: كأحمد: الرعدة".

أنك تقول: "اللهم اغفر لنا اللهم ارحمنا"، قال: ثم أخذ عمر يدعو، فما كان في القوم أكثر دمعة ولا أشد بكاء منه، ثم قال: لهم: إيهاً الآن تفرقوا"1. وعن جعفر بن زيد العبدي2، قال: "خرج عمر رضي الله عنه يعس المدينة ذات ليلة فمرّ بدار رجل من الأنصار فوافقه قائماً يصلي فوقف يسمع قراءته، فقرأ: {وَالطُّورِ} ، حتى بلغ: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَّا لَهُ مِنْ دَافِع} ، [الطور: 1-8] ، فقال: "قم ورب الكعبة حقّ". ونزل عمر عن حماره فاستند إلى حائطه، فمكث ملياً، ثم رجع إلى منزله، فمرض شهراً يعوده3 الناس لا يدرون ما مرضه"4. وذكر أبو القاسم عن السدي5 قال: "خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإذا هو بضوء ونار، ومعه عبد الله بن مسعود، قال: فاتبع الضوء حتى دخل داراً فإذا سراج في بيت فدخل وذلك في جوف الليل، فإذا شيخ جالس وبين يديه شراب وقينة تغنيه، فلم يشعر حتى هجم عليه، فقال عمر: "ما رأيت كالليلة منظراً أقبح من شيخ ينتظر أجله"، قال: فرفع الشيخ رأسه فقال: "بلى يا أمير المؤمنين، ما صنعت أنت أقبح، إنّك تجسست وقد نهي عن التجسس، ودخلت بغير إذن"، فقال عمر: "صدقت"، ثم خرج

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/294، وإسناده صحيح، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 236، ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 11، ابن الجوزي: مناقب ص 88. 2 من أهل البصرة، يروي عن أبيه، روى عنه أبو عاصم النبيل. (الثقات 6/133) . 3 في الأصل: (يعدوه) ، وهو تحريف. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 88، وفي إسناده انقطاع، وجعفر بن زيد لم يوثقه غير ابن حبان. 5 السدي: ثلاثة: إسماعيل بن عبد الرحمن صدوق يهم رومي بالتشيع، توفي سنة سبع وعشرين ومئة. وإسماعيل بن موسى الفزاري، صدوق يخطئ رمي بالرّفض، توفي سنة خمس وأربعين ومئة. ومحمّد بن مروان متهم بالكذب، من الثالثة. ولم يتميز عندي. (التقريب رقم: 463، 492، 6284) .

عاضاً على يديه يبكي، وقال: ثكلت عمر أمه إن لم يغفر له ربه، هذا كان يستخفي بهذا من أهله فيقول الآن: رآني عمر فيتتابع فيه". قال: وهجر الشيخ مجالس عمر حيناً فبينا عمر بعد ذلك بحين جالس إذا هو به قد جاء شبه المستخفي حتى جلس في آخريات الناس، فرآه عمر / [50 / أ] فقال: "عليّ بهذا الشيخ"، فأتي فقيل له: "أجب"، فقام وهو يرى أن عمر سيؤنبه بما رأى منه، فقال له عمر: "ادن مني"، فما زال يدنيه حتى جلس بجنبه، فقال: "ادن مني أذنك"، فالتقم أذنه، فقال: "أما والذي بعث محمّداً بالحق رسولاً ما أخبرت أحداً من الناس بما رأيت منك ولا ابن مسعود، وكان معي"، فقال: "يا أمير المؤمنين! ادن مني أذنك"، فالتقم أذنه، فقال: "ولا أنا والذي بعث محمّداً صلى الله عليه وسلم بالحق رسولاً عدت إليه حتى جلست مجلسي هذا"، فرفع عمر صوته فكبر ما يدي الناس من أي شيء يكبّر"1. وذكر ابن الجوزي في (التبصرة) ، وفي (سير عمر) ، القصة المتقدمة حيث ثابت2 عن أنس3 قال: "بينما عمر يعس المدينة إذ مرّ برحبة من رحابها، فإذا هو ببيت من شعر، فدنا منه فسمع أنين امرأة، ورأى رجلاً قاعداً فدنا منه فسلم عيله، ثم قال: "من الرجل؟ "، فقال: "رجل من أهل البادية جئت إلى أمير المؤمنين أصيب من فضله"، قال: "فما هذا الصوت في البيت؟ "، قال: "امرأة تمخض"، قال: "هل عندها أحد؟ "، قال: "لا"، قال: فانطلق حتى أتى منزله، فقال لامرأته أم كلثوم بنت عليّ: "هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ "قالت:

_ 1 أبو القاسم: سير السلف ص 185، 186، وهو منقطع. 2 ثابت بن أسلم البناني، البصري، ثقة عابد، توفي سنة بضع وعشرين ومئة. (التقريب ص 132) . 3 ابن مالك.

"وما هو؟ "، قال: "امرأة غريبة تمخض ليس عندها أحد"، قالت: "نعم. إن شئت". وذكر باقي القصة1. ومعنى تمخض: أي: حضرها المخاض، وهو النفاس والولادة. قال الله عزوجل: {فَأَجَاءَهَا المُخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} ، [مريم: 23] ، أي: الولادة، وسمّي بذلك - والله أعلم -: من المخض؛ وهو شدة الحركة والانزعاج من داخل وخارج. ومنه مخض اللبن، وهو حركة إنائه من خارج وحركة ما فيه من داخل2، وقد يكون من الخوض، إذ هي تخوض في دمها والأوّل أظهر. والعَسُّ: هو الذهاب بالليل3 لينظر ما عليه الناس، يقال: عَسَّ فهو عاسٌّ4. والعَسُّ: المشي وفي الحديث " كرهت أن أخرجكم تعسون "5. والعسّ بالضم: القدح ومنه الحديث:"أتي بعسّ من لبن"6. والعَسُّ: الدّخول أيضاً، وكذلك عَسْعَسَ، قال الله عزوجل: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَس} ، [التكوير: 17] ، أي: أظلم وجنّ، والمعنى: دخل7.

_ 1 ابن الجوزي: التبصرة1/427، 428، ومناقب عمرص85، وقد سبق تخريجه ص392. 2 انظر: الجوهري: الصحاح 3/1105، ابن الأثير: النهاية 4/306، ابن منظور: لسان العرب 7/228، 229، 230. 3 في الأصل: (باليل) ، وهو تحريف. 4 انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 1/79، الجوهري: الصحاح 3/949، ابن الأثير: النهاية 3/236، ابن منظور: لسان العرب 6/139. 5 لم أجده. 6 أحمد: المسند 6/458، بأطول. انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 1/80، الجوهري: الصحاح 3/939، ابن الأثير: النهاية 3/236، ابن منظور: لسان العرب 6/140. 7 انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 1/78، الجوهري: الصحاح 3/949، ابن الأثير: النهاية 3/236، ابن منظور: لسان العرب 6/139، 140.

والعَسَسُ: هم1 الذين يعسون2. [و] 3 يستعمل بعض الناس العسّ فيمن مشى لا يبالي بما مشى عليه من طين، أو شوك، أو نار، ونحو ذلك، ويقال لمن فعل ذلك: أتى يعسّ عساً؛ أي: لا يبالي به4. والله أعلم. / [50 / ب] .

_ 1 في الأصل: (وهو) ، وهو تحريف. 2 انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 1/79، وابن الأثير: النهاية 3/236، ابن منظور: لسان العرب 6/139. 3 سقط من الأصل. 4 في تهذيب اللغة 1/79: "العَسُوس من السناء: التي لا يبالي أن تدنُو من الرجال".

المجلد الثاني

المجلد الثاني الباب الحادي والأربعون: غزواته مع الرسول وإنفاذه إياه في سرية ... الباب الحادي والأربعون: في ذكر غزواته مع الرسول وإنفاذه إياه في سرية في صحيح البخاري في تسمية من شهد بدراً عمر بن الخطاب العَدَوي، وفيه أحاديث كثيرة تدل على أنه شهدها1. وفي الصحيح ما يدل على أنه شهد أحداً، وهو حديث أبي سفيان لما قدم فقال: "أفي القوم ابن أبي قحافة؟ "، قال: "لا تجيبوه"، قال: "أفي القوم ابن الخطاب؟ "، فقال: "إن هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياءً لأجابوا فلم يملك عمر نفسه، قال: "كذبت يا عدو الله، وأبقى الله لك ما يخزيك"2. وفيهما ما يدل على أنه شهد الخندق ففيها عن جابر بن عبد الله: أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس، فجعل يسُبُّ كفّار قريش، وقال: "يا رسول الله ما كِدْتُ أن أُصلِّي حتى كادت الشمس تغرب"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأنا والله ما صليتُها"، فنَزَلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بُطحَان3، فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعدما غربتالشمس، ثم صلى بعدها المغرب"4.

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1477. 2 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1486، رقم: 3817. 3 بُطحان: هو بضم الباء وسكون الطاء، هكذا هو عند جميع المحدّثين في رواياتهم وفي ضبطهم، وقال أهل اللغة: هو بفتح الباء وكسر الطاء، وهو أحد أودية المدينة يأتيها من الشرق من الحرة الشرقية فيمر من العوالي ثم قرب المسجد النبوي، ولا يعرف الآن بهذا الاسم، وإنما يطلق عليه في كل مثناة اسم؛ فأوله عند ما ينقض من الحرة يسمى: أم عُشرَ، ووسطه قربان، وإذا مرّ داخل المدينة سمي أبو جيدة. (معجم البلدان 1/446، معجم معالم الحجاز 1/231، 233) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب مواقيت الصلاة 1/214، رقم: 571، مسلم: الصحيح: كتاب المساجد ومواضع الصلاة 1/438، رقم: 631.

وفيها ما يدل على أنه شهد غزوة ذات الرقاع1، ففيهما عن سالم ابن عبد الله2 بن عمر عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بإحدى الطائفين، والطائفة الأخرى مواجهة العدوّ، ثم انصرفوا فقاموا في مقام أصحابهم أولئك، فجاء أولئك، فصلى بهم ركعة ثم سلم عليهم، ثم قام هؤلاء فقضوا ركعتهم، وقام هؤلاء فقضوا ركعتهم"3. وفيهما ما يدل على أنه كان في الحديبية4 كما تقدم5. وعن زيد بن أسلم عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره، وعمر يسير معه ليلاً فسأله عمر عن شيء فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، وقال عمر: "ثكلتك أمك يا عمر! نزَّرتَ6 رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدّمت أمام المسلمين، وخشيت أن ينزل فيّ قرآن،

_ 1 غزوة ذات الرقاع هي: غزوة بني محارب وبني ثعلبة من غطفان. وسميت بذات الرقاع؛ لأنهم لفوا في أرجلهم الخرق بعد أن تنقّبت خفافهم، واختلفوا متى وقعت والراجح أنها وقعت بعد خيبر؛ لأن أبا موسى شهدها وقد قدم من الحبشة بعد فتح خيبر مباشرة، وأبا هريرة شهدها وقد أسلم حين فتح خيبر. (انظر: صحيح البخاري رقم: 3899، فتح الباري 7/416-421، والسيرة الصحيحة 2/462) . 2) في الأصل: (عن ابن عمر عن أبيه) والتصويب من الصحيح، ولعله سهو من المؤلف. فقد ثبت أن ابن عمر شهد غزوة ذات الرقاع. (السيرة الصحيحة2/462) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1514، رقم: 3904، وصحيح مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها 1/574، رقم: 839. 4 كان خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية في يوم الاثنين مستهل ذي القعدة من السنة السادسة. وقد قصد بخروجه العمرة. (السيرة النبوية الصحيحة 2/434) . 5 سبق تخريجه ص: 205. 6 النَّزر: الإلحاح في السؤال. (تهذيب اللغة 13/187، ولسان العرب 5/203) .

فما نشبت1 أن سمعت صارخاً يصرخ بيّ، قال: قلت: لقد خشيت أن يكون قد نزل فيّ قرآن، وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، فقال: "لقد أنزل الله عليّ الليلة سورة هي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيْناً} [الفتح: 1] 2. قال البخاري: "يستصرخني من الصراخ، استصرخني: استغاث بي، بمصرخيّ: بمغيثيّ"34. وقال ابن الأعرابي: "النّزر: الإلحاح"5. ويقال: "نزره ينْزره نزراً: إذا ألح وأخرج ما عنده"6. قلت: "وهذا في غزوة الحديبية". وفي الصحيح: أنه بايع تحت الشجرة عن نافع قال: "إن الناس يتحدّثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر، وليس كذلك، ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار، يأتي به ليقاتل عليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع / [51 / أ] عند الشجرة وعمر لا يدري بذلك فبايعه عبد الله ثم ذهب إلى الفرس فجاء به عمر، وعمر يستلئم للقتال. فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع تحت الشجرة، قال: فانطلق فذهب معه حتى بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ 1 في الأصل: (فانشبت) وهو تحريف. 2 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1531، رقم: 3943. 3 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1734، باب تفسير سورة إبراهيم. 4 انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 7/135، ابن منظور: لسان العرب 3/33. 5 انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 13/187، ابن منظور: لسان العرب 5/203. 6 انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 13/187، ابن منظور: لسان العرب 5/203.

فهي التي يتحدّث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر"1. وعن ابن عمر أن الناس كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تفرّقوا في ظلال الشجر، فإذا الناس محدقون2 بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عبد الله انظر ما شأن الناس قد أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم؟، فوجدهم يبايعون، فبايع، ثم رجع إلى عمر، فخرج فبايع، هذا لفظ البخاري3. وفي الصحيح مايدل أنه كان في غز وة حنين 4 ففيه عن ابن عمر قال: "لما قفلنا من حُنين، سأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن نذرٍ كان نذره في الجاهلية، اعتكاف، فأمره5 النبي صلى الله عليه وسلم بوفائه"6. وعن أبي قتادة7 قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين، فضربته من ورائه على حبل عاتقه8 بسيف9 فقطعت الدِّرْعَ

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1533، رقم: 3950. 2 حَدَقوا به يحدقون: أطافوا به. (القاموس ص 1127) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1534، رقم: 3951. 4 حنين: مكان يقع على طريق مكة من نخلة اليمانية، يبعد عن مكة 26 كيلا شرقا، ويسمى الآن الشرائع، فيه وقعت غزوة حنين سنة ثمان بين النبي صلى الله عليه وسلم وهوازن. (انطر: السيرة النبوية 2/ 437، معجم معالم الحجاز 3/ 71) . 5 في الأصل: (فأمر) والتصويب من البخاري. 6 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1569، رقم: 4065. 7 الحارث بن ربْعي السلَمي الأنصاري، شهد أحداً وما بعدها، توفي سنة أربع وخمسين. (التقريب ص 666) . 8 العاتق: ما بين المنكب والعنق. (لسان العرب 10/237) . 9 في صحيح البخاري: (بالسيف) .

وأقبل علي فضمني ضمَّة وجدت منها ريح الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب فقلت: ما بال الناس؟ قال: "أمر الله"، ثم رجعوا فجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من قتل رجلاً له عليه بينة فله سلبه"، فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مثله، فقمت، فقال: "ما لك يا أبا قتادة؟ "، فأخبرته، فقال رجل: "صدق وسلبُه عندي، فأرضه مني"، فقال أبو بكر: "لاَهَا الله، إذاً لا يعمِد إلى أسد من أسد الله، يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق فأعطه"، فأعطانيه، فابتعت به مخرافاً1 في بني سلمة2، وإنه لأوّل مال تأثَّلتُه3 في الإسلام"4. ومن طريق آخر: "نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلاً من المشركين وآخر من المشركين يختلُهُ من ورائه ليقتله، فأسرعت إلى الذي يختلُهُ5، فرفع يده ليضربني، فأضرب يده فقطعتها، ثم أخذني فضمني ضماًَ شديداً حتى تخوفت، ثم ترك، فتحلل6، ودفعته ثم قتلته، وانهزم المسلمون، وانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس، فقلت له: ما شأن الناس؟ قال: "أمر الله"، ثم تراجع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أقام بينة على قتيل قتله فله سلبه"، فقمت لألتمس بينة على قتيلي، فلم أرَ أحداً يشهد لي،

_ 1 أي: حائطاً يخرف منه الرطب. (انظر: لسان العرب 9/65، فتح الباري 8/40) . 2 بنو سلمة بكسر اللام: هم بطن من الخزرج من الأنصار، وهم قوم أبي قتادة. (جمهرة أنساب العرب ص 358، فتح الباري 8/41) . 3 تأثّل المال: اكتسبه. (القاموس ص 1240) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/570، رقم: 4066، 4067. 5 ختله: أي: خدعه. (الصحاح 4/1682) . 6 مطموس في الأصل، سوى (فتحد) .

فجلست، ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من جُلسائه: "سلاح هذا القتيل الذي1 يذكر عندي، فأرضه مني"، فقال أبو بكر: "كلا، لا يعطيه2 أُصَيْبغ3 من قريش، ويدع أسداً من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله"، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدّاه إليّ، فاشتريت منه خرافاً، كان أوّل مالٍ تأثلته في الإسلام"4. وفيه ما يدل على أنه كان في غزوة الطائف. ففيه صفوان بن يعلى5 أن يعلى6 كان يقول: "ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل7 عليه، قال: فبينا النبي صلى الله عليه وسلم بالجِعْرَانة8، وعليه ثوب قد أظلّ به، معه ناس من أصحابه، إذ جاءه أعرابي عليه جُبَّة متضمِّخ9 بطيب، فقال: "يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ

_ 1 ق 52/أبياض وليس ثمة نقص فالكلام متصل، وقد انتقل المؤلف من 52/ب، إلى هامش 51/ب، ولعل المؤلف أضافه بعد تأليف الكتاب. 2 في صحيح البخاري: (لا يعطه) . 3 الأصبغ: نوع من الطير، أو شبهه بنبات ضعيف، يقال له: الصبغاء إذا طلع من الأرض يكون أوّل ما يلي الشمس منه أصغر. (لسان العرب 8/438، فتح الباري 8/41) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1570، رقم: 4067. 5 ابن أمية التميمي، المكي، ثقة، من الثالثة. (التقريب ص 277) . 6 يعلى بن أمية التميمي، حليف قريش، صحابي مشهور، توفي سنة بضع وأربعين. (التقريب ص 609) . 7 في الأصل: (ينز) والتصويب من صحيح البخاري. 8 الجِعْرَانة: بكسر أوّله إجماعاً، ثم إن أصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راءه، وأهل الأدب يخطؤونهم ويسكنون العين ويخففون الراء، هي تقع شمال مكة مع ميل إلى الشرق، وتبعد عن مكة بتسعة وعشرين كيلاً. (معجم معالم الحجاز 2/149، 151) . 9 الضمخ: لطخ الجسد بالطيب حتى كأنما يقطر. (لسان العرب 3/36) .

بالطيب؟ "، فأشار عمر إلى يعلى بيده: أن تعالَ، فجاء يعلى فإذا النبي صلى الله عليه وسلم مُحْمَرّ الوجه، يغط1 كذلك ساعة، ثم سرِّي عنه قال: "أين الذي يسألني عن العمرة آنفاً؟ "، فالتمس الرجل فأتي به، فقال: "أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبّة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك" 2، 3. قال ابن الجوزي: "اتفق العلماء على أن عمر رضي الله عنه شهد بدراً، وأحداً، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يغب عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم"4. وعن ابن سعد5، قال: "قالوا - يعني العلماء بالسير - شهد عمر رضي الله عنه بدراً، وأحداً، والمشاهد كلها"6. فأما خروجه في السرية بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تُربة. قال ابن سعد: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب إلى تربة في شعبان سنة سبع من مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين رجلاً إلى عُجز7 هوازن بتربة - وهي بناحية العبلاء8، على أربع مراحل من

_ 1 الغط، هو: الصوت الذي يخرج مع نفس النائم، وهو تردده حيث لا يجد مساغاً. (لسان العرب 7/362) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل القرآن 4/1906، رقم: 4700، ومسلم: الصحيح، كتاب الحج 2/838، رقم: 1180. 3 هامش ق 51/أوكتب: (يتلوه الورقة) أي: 51/ب. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 89. 5 في الأصل: (سعيد) وهو تحريف. 6 ابن سعد: الطبقات 3/272. 7 العجز: مؤخر الشيء. (القاموس ص 663) . 8 في الأصل: (الفلا) وهو تحريف.

مكة1 -، فخرج، وخرج معه دليل من بني هلال2، فكان يسير الليل ويكمن النهار، فأتى الخبر هوازن فهربوا، وجاء عمر محالهم فلم يلق منهم أحداً، فانصرف راجعاً إلى المدينة رضي الله عنه"3. وفي الصحيح عن طارق بن شهاب4، أن ناساً5 من اليهود قالوا: "لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيداً"، فقال: "عمر: أية آية؟ "، فقالوا: {اليَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيْناً} ، [المائدة: 3] ، فقال عمر: "إني لأعلم أيّ مكان أُنزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة"6. وفي مسند الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب أنه قال: "غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوتين في شهر رمضان يوم بدر، ويوم الفتح، فأفطرنا فيهما"7. وفي مسند الروياني8 عن بريدة الأسلمي قال: "لما كان بحيث نزل

_ 1 تُربة: واد يقع شرق الحجاز يصُبّ صوب عالية نجد، أعلاه لزهران، ووسطه للبقوم، وأسفله لسُبيع، وفيه بلدة تربة. بلدة عامرة للبقوم، وكان في صدر الإسلام لهلال بن عامر بن صعصة. (التعليقات والنوادر 1/391، معجم البلدان 2/21، معجم معالم الحجاز 2/21، 22) . 2 هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. (جمهرة أنساب العرب ص 273) . 3 ابن سعد: الطبقات 3/272، وفيه الواقدي، ابن الجوزي: مناقب ص 89. 4 البجلي الأحمسي: الكوفي، رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، توفي سنة اثنتين، أو ثلاث وثمانين. (التقريب ص 281) . 5 في صحيح البخاري: (أناساً) . 6 البخاري: الصحاح، كتاب المغازي 4/1600، رقم: 4145، مسلم: الصحيح، كتاب التفسير 4/2312، رقم: 3017. 7 أحمد: المسند 1/216، رقم: 140، قال أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 140: "إسناده ضعيف لانقطاعه) . 8 محمّد بن هارون الروياني صاحب المسند المشهور، توفي سنة سبع وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء 4/507) .

رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة أهل خيبر أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواءَ1 عمر بن الخطاب، فنهض معه من نهض معه من الناس، فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه، فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجبنه أصحابه وجبنهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأعطين اللواء غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله"، فلما كان غداً تصدّر2 لها أبو بكر، وعمر، فدعا عليّاً، وهو أرمد3 فتفل في عينيه وأعطاه اللواء، ونهض معه من الناس من نهض، قال: فتلقى أهل خيبر فإذا مرحب يرجز ويقول: قد علمت خيبر أني مرحب ... شاك السلاح بطل مجرب أطعن أحياناً وحيناً أضرب ... إذ الليوث أقبلت تلهب فاختلف هو وعليّ - رضي الله عنه - فضربه عليّ على هامته حتى عض السيف منه بيض4 رأسه، وسمع أهل العسكر صوت ضربته، فما تتام آخر الناس مع عليّ حتى فتح الله لهم، وله"5. / [51/ ب] 6.

_ 1 اللواء: العلم، والراية ولا يمسكها إلا صاحب الجيش. (لسان العرب 15/266) . 2 تصدّر: نصب صدره في الجلوس، وجلس في صدر المجلس. (القاموس ص 543) . 3 الرمد: وجع العين وانتفاخها. (لسان العرب 3/185) . 4 البيضة: الخوذة. (لسان العرب 7/125) . 5 لم أجده فيما تبقى من مسند الرواني، والحديث أخرجه أحمد: المسند 5/358، وإسناده ضعيف لأجل ميمون أبو عبد الله البصري. قال الحافظ: "ضعيف". (التقريب ص 556) . 6 هذه الورقة أوردتها في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي.

الباب الثاني والأربعون: غزواته بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وفتوحه

الباب الثاني والأربعون: غزواته بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وفتوحه ... الباب الثاني والأربعون: في غزواته بعد الرسول وفتوحه في الصحيحين عن جُبير بن حية1، قال: "بعث عمر [الناس] 2 في أفناء3 الأمصار يقاتلون المشركين، فأسلم الهرمزان4، فقال: "إنّي مستشيرك في مغازيّ هذه "قال: "نعم، مثلها ومثل من فيها من الناس من عدوّ المسلمين مثل طائر له رأس، وله جناحان، وله رجلان، فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرّجلان بجناحٍ والرّأس، فإن كسر جناح الآخر نهضت الرّجلان والرّأس، فإن شُدخَ5 الرّأس، ذهبت الرّجلان، والجناحان والرأس، فالرأس كسرى، والجناح قيصر، والجناح الآخر فارس، فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى "قال: "فندبنا عمر، واستعمل علينا النعمان ابن مقرن6، حتى إذا كنا بأرض العدوّ خرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفاً، فقام الترجمان فقال: "ليكلمني رجل منكم" فقال المغيرة7: "سل عما شئت" فقال: "ما أنتم"؟

_ 1 ابن مسعود الثقفي، ثقة جليل، توفي في خلافة عبد الملك. (التقريب ص 138) . 2 سقط من الأصل. 3 أفناء: أي: أخلاط، والأمصار: جمع مصر، وهي: البلد. (لسان العرب 5/176، 15/165) . 4 أسلم الهرمزان بعد قتال كثير بينه وبين المسلمين بمدينة تستر، ثم نزل على حكم عمر فأسره أبو موسى وأرسل به إلى عمر فأسلم، فصار يقربه ويستشيره، ثم اتهمه عبيد الله بن عمر بأنه واطأ أبا لؤلؤة على قتل عمر، فقتله بعد قتل عمر. (فتح الباري 6/264) . 5 كسر. (لسان العرب 3/28) . 6 النعمان بن مقرن المزني، صحابي، مشهور، كان معه لواء مزينة يوم الفتح وفتح أصبهان، واستشهد بنهاوند سنة إحدى وعشرين. (الإصابة 6/246) . 7 ابن شعبة الثقفي.

قال: "نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد [وبلاءٍ شديدٍ] 1 نمص الجلد والنوى من الجوع، ونلبس الوبر والشعر، ونعبد الشجر، والحجر، فبينما نحن كذلك إذ بعث رب السموات ورب الأرضين إلينا نبياً من أنفسنا نعرف أباه وأمّه، فأمرنا رسول ربّنا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية وأخبرنا نبيّنا صلى الله عليه وسلم عن رسالة ربّنا: أنّه من قتل منا صار إلى الجنّة في نعيم ولم ير مثلها قط، ومن بقي منا ملك رقابكم". فقال النعمان: "ربما أشهدك الله مثلها مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يندمك ولم يخزك، ولكني شهدت القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح، وتحضر الصلوات"2. وعن محمد بن عبد الله بن سواد3، وطلحة بن الأعلم4، وزياد بن سرجس الأحمري5، بإسنادهم قالوا: "أول ما عمل به عمر رضي الله عنه أن ندب الناس مع المثنى بن حارثة الشيباني6 إلى فارس قبل صلاة الفجر، من الليلة التي مات فيها أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم أصبح فبايع الناس، وعاد فندب الناس إلى فارس فندبهم ثلاثاً كلّ يوم، فلا ينتدب أحد، وكان وجه فارس من أكره الوجوه وأثقلها عليهم، لشدة سلطانهم

_ 1 سقط من الأصل. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الجزية 2/1152، رقم: 2959. 3 لم أجد له ترجمة. 4 الحنفي، يروي عن الشعبي، روى عنه الثوري ومروان بن معاوية. (الثقات 6/488) . 5 لم أجد له ترجمة. 6 صحابي مشهور، أسلم سنة تسع، وكان شهماً شجاعاً، ميمون النقيبة حسن الرأي أبلى في حروب العراق بلاء شديداً، توفي سنة أربع عشرة. (الإصابة 6/41) .

وشوكتهم، / [52 / ب] فلما كان اليوم1 الرابع، عاد فندب الناس، فكان أوّل من انتدب أبو عُبيد بن مسعود23، أجابه في اليوم الرابع أوّل الناس فانتخب عمر من أهل المدينة ومن حولها ألف رجل، وأمّر عليهم أبا عبيد، فقيل له: "استعمل عليهم رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقال: "لاها الله4، آذن لكم يا أصحاب النبي أندبكم فتنكلون، وينتدب غيركم بل أؤمر عليكم أولكم، إنما فضلتموهم بتسرعكم إلى أمثال". ثم بعث إلى أهل نجران، ثم ندب5 أهل الرّدّة، فأقبلوا سراعاً، فر [مى] 6 بهم العراق، والشام، وكتب إلى أهل اليرموك7: بأن عليكم أبا عبيدة بن الجراح، وكتب إليه رضي الله عنه إنك على الناس، فإن أظفركم الله بهم فاصرف أهل العراق إلى العراق، فكان أوّل فتح أتاه اليرموك على عشرين ليلة من متوفى أبي بكر رضي الله عنه"8. وعن عمر بن عبد العزيز9 رضي الله عنه: قال: "لما انتهى قتل

_ 1 في الأصل: (يوم) والتصويب من تاريخ الطبري. 2 في الأصل: (أبو عبد الله) وهو تحريف. 3 الثقفي، استشهد في جماعة من المسلمين يوم جسر أبي عبيد سنة ثلاث عشرة. (الإصابة 7/127) . 4 هكذا في الأصل، وفي الصحاح 6/2557: "لاها اللهِ ذا: أصل لا والله هذا، ففرّقت بين ها وذا، وجعلت الاسم بينهما وجررته بحرف التنبيه، والتقدير: لا والله ما فعلت هذا، فحذف واختصر لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم) . 5 في الأصل: (اندب" وهو تحريف. 6 سقط من الأصل. 7 اليرموك: واد بناحية الشام في الغور يصب في نهر الأردن ثم يمضي إلى البحيرة المنتنة، كانت به حرب بين المسلمين والروم في أيام أبي بكر الصديق. (معجم البلدان 5/434) . 8 الطبري: التاريخ 3/444، بأخصر من طريق سيف ابن عمر وهو معضل. ابن الجوزي: مناقب ص 89، 90. 9 ابن مروان الأموي.

أبي عبيد - رحمه الله - إلى عمر، واجتماع1 أهل فارس على رجل من آل كسرى، نادى في المهاجرين والأنصار، وخرج حتى أتي2 صِرار، وقدّم طلحة بن عبيد الله، وسمى لميمنته عبد الرحمن بن عوف، ولميسرته الزبير بن العوام، واستخلف عليّاً رضي الله عنه على المدينة، واستشار الناس فكلهم أشاروا عليه بالمسير إلى فارس، فنهاه عبد الرحمن وقال: "إن يُهزم جيشك فليس كهزيمتك"، وأشار عليه بسعد3 فذهب إلى القادسية4، وعاد إلى المدائن ففتحها"5. وعن قيس العجلي6، قال: "لما قُدم بسيف كسرى ومنطقته7 إلى عمر رضي الله عنه قال: "إن قوماً أدوا هذا لذوو8 أمانة"، قال عليّ رضي الله عنه: "إنك عتفت فعفت الرعية"9.

_ 1 في الأصل: (واجتمع) وهو تحريف. 2 كذا في تاريخ الطبري. وفي الأصل: (حتى يأتي) . 3 سعد بن أبي وقاص. 4 القادسية: موضع في العراق غربي النجف، بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخاً، وفيها حدثت المعركة الفاصلة التي قصمت ظهر فارس، وجعلتها أثراً بعد عين، فلم تقم لها بعد هذه الوقعة المظفرة، وكانت سنة أربع عشرة. (انظر: معجم البلدان 4/291، تاريخ الطبري 3/480) . 5 الطبري: التاريخ 3/481، وإسناده ضعيف لإعضاله، وفيه أيضاً سيف بن عمر، وابن إسحاق وقد عنعن. ابن الجوزي: مناقب ص 90. 6 لم أجد له ترجمة. 7 انتطق الرجل: أي: لبس المِنْطق، وهو كل ماشددت به وسطك. (لسان العرب 10/355) . 8 في الأصل: (لذوا) وهو تحريف. 9 الطبري: التاريخ 4/20، وفيه قيس العجلي، لم أعثر له على ترجمة، وسيف بن عمر. ابن الجوزي: مناقب ص90، المتقي الهندي: كنْز العمال2/586، ونسبه لابن عساكر.

قال ابن الجوزي: "وفي أيام عمر رضي الله عنه مصرت الأمصار: البصرة، وفتحت الأهواز، ورامَهُرْمُزَ1، وتستر، والسوس2، وجُنْديْسابُور3، وخراسان، وخُوْز4، واصطخر، وفَسَا5، ودار ابْجرد6، وهي التي تولاها سارية بن زنيم7، وقال على المنبر: "يا سارية الجبل"، وكرِمَان وسجستان، ومُكرَان، وحمص، وقِنَّسرين"8. وعن محمّد بن بكار9 قال: "قرئ على أبي معشر10 قال: "بويع لعمر رضي الله عنه وكانت وقعة فحل1112، ويقال بكسر الحاء، في ذي القعدة على رأس خمسة أشهر من خلافته، وحج بالناس عبد الرحمن

_ 1 مدنية مشهورة بنواحي خوزستان. (معجم البلدان 3/17) . 2 السوس: بلدة بخوزستان، فيها قبر دانيال النبي عليه السلام. (معجم البلدان 3/280) . 3 مدينة بخوزستان، بناها سابور فُنسبت إليه، وأسكنها طائفة من جنده. معجم البلدان 2/171) . 4 خُوْز: بلاد خوزستان، يقال لها: الخوز. (معجم البلدان 2/404) . 5 فَسَا: - بالفتح، والقصر - كلمة عجمية، مدينة بفارس بينها وبين شيراز أربع مراحل، هي أكبر مدن كورة دار أبجرد. (معجم البلدان 4/216) . 6 دار ابجرد: ولاية بفارس. (معجم البلدان 4/419) . 7 الدئلي، له صحبة، ولاه عمر ناحية فارس، وافتتح أصبهان صلحاً وعنوة. (الإصابة 3/52، 53) . 8 ابن الجوزي: مناقب ص 91) . 9 ابن الرّيّان الهاشمي مولاهم، ثقة، توفي سنة ثمان وثلاثين ومئتين. (التقريب ص: 470) . 10 نجيح بن عبد الرحمن السِّندي، مولى هاشم، ضعيف، توفي سنة سبعين ومئة. (التقريب ص 559) . 11 فِحْل، - بكسر أوّله، وسكون ثانيه وآخره لام -: اسم موضع بالشام كانت فيه وقعة للمسلمين مع الروم. (معجم البلدان 4/237) . 12 وبه قال ابن إسحاق، وقال ابن الكلبي: "كانت سنة أربع عشرة"، ورجّحه خليفة. (تاريخ خليفة ص 126، تاريخ الطبري 4/441) .

ابن عوف رضي الله عنه في سنة ثلاث عشرة، وكان فتح دمشق في رجب سنة أربع عشرة1، وحج عمر سنة أربع عشرة، ثم نزع خالد بن الوليد رضي الله عنه وأمر أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وكانت عَمَواس2 الجابية3 في سنة ست عشرة، وحجّ فيها عمر رضي الله عنه / [53 / أ] ثم كانت سرغ في سنة4 سبع عشرة’ وحجّ [فيها] 5 عمر، وكان الرمادة في سنة ثمان عشرة، وفيها طاعون عَمَواس، وفيها حجّ عمر رضي الله عنه ثم كان فتوح جَلولاء6 في سنة تسع عشرة7 وأميرها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ثم كانت

_ 1 وبه قال ابن إسحاق والواقدي وخليفة. (تاريخ خليفة ص 125، تاريخ الطبري 4/441) . 2 عمواس: ضيعة جليلة على بعد ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس، ومنها كان ابتداء الطاعون في أيام عمر بن الخطاب، ثم فشا في أرض الشام، وتعرف اليوم بالقبيبة، بقضاء القدس. (معجم البلدان 4/175، بلاد فلسطين 1/80، 104) . 3 قرية في الشام من ناحية الجولان قرب مرج الصفر في شمالي حوران إذا وقف الإنسان في الصنمين، واستقبل الشمال ظهرت له، وتظهر من نوى أيضاً. وفيها خطب عمر بن الخطاب خطبته المشهورة لما قدم الشام سنة ست عشرة، وباب الجابية الذي بدمشق منسوب إليها. (معجم البلدان 2/91) . 4 أبي بلغ فلما أخبر بوقوع الطاعون بالشام رجع منه ولم يدخل الشام، فعمر رضي الله عنه أتى الشام أربع مرات، مرتين في سنة ست عشرة، ومرتين في سنة سبع عشرة، ولم يدخلها في الأولى من الآخرتين. (تاريخ الطبري 4/59، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 193) . 5 سقط من الأصل. 6 جَلُولاء: طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ. (معجم البلدان 2/156) . 7 اختلف في وقعة جَلُولاء متى كانت، فذهب سيف ومن معه ورجحه الطبري إلى أنها في سنة ست عشرة، وخالفهم الواقدي وزعم أن جلولاء فتحت سنة تسع عشرة. وقال خليفة: سنة سبع عشرة. (تاريخ الطبري4/24، 102، تاريخ خليفة ص 136) .

قيسارية في ذلك العام، وأميرها معاوية1، 2، وحجّ عمر سنة تسع عشرة، ثم فتح مصر في سنة عشرين، وأميرها عمرو3 بن العاص4، وحجّ فيها عمر رضي الله عنه [ثم وقعة نهاوند5 سنة إحدى وعشرين] 6 وأميرها النعمان بن مقرن رضي الله عنه، ثم كانت أذربيجان سنة اثنتين وعشرين7 وأميرها المغيرة بن شعبة، وحجّ عمر، وكانت اصطخر الأولى وهمذان في سنة ثلاث وعشرين8 وحجّ فيها عمر"9. وعن الحسن10 - رحمه الله - قال: "ومصر الأمصار عمر: المدينة،

_ 1 ابن أبي سفيان. 2 وقد وافق الواقدي وخليفة أبا معشر، وقالا: "فتحت سنة تسع عشرة". وقال ابن إسحاق: "كان فتح قيسارية سنة عشرين". أما سيف فإنه قال: "كان فتحها في سنة ست عشرة". انظر: تاريخ الطبري 4/102، تاريخ خليفة ص 141. 3 في الأصل: (عمر) وهو تحريف. 4 القول بأن مصر فتحت سنة عشرين قول ابن إسحاق، والواقدي، وخليفة، وقال سيف:"فتحت سنة ست عشرة". (تاريخ خليفة ص142، تاريخ الطبري4/104) . 5 نهاوند: مدينة عظمية في قبله همذان بينها ثلاثة أيام، وفيها كانت وقعة نهاوند المشهورة وقتل فيها قائد الجيش النعمان بن مقرن، وكانت سنة إحدى وعشرين، وقال سيف: "كانت نهاوند في سنة ثمان عشرة". (تاريخ خليفة ص 147، تاريخ الطبري 4/114، معجم البلدان 5/313) . 6 بياض في الأصل، بمقدار أربع كلمات. 7 وبه قال خليفة ورجّحه الطبري، وقال سيف: "كان فتح إذريبجان سنة ثمان عشرة". (تاريخ خليفة ص 151، تاريخ الطبري 4/146) . 8 وبه قال الواقدي، وقال خليفة: "فتحت سنة اثنتين وعشرين". (تاريخ خليلة ص 151، تاريخ الطبري 4/148) . 9 ابن الجوزي: مناقب ص 91، 92، وهو ضعيف لإعضاله. 10 الحسن البصري.

والبحرين، والبصرة، والكوفة، والجزيرة، والشام"1. وقال أبو عبد الله محمّد بن سلامة2 في كتابه: (عيون المعارف) : "كانت في أيامه فتوح الأمصار؛ منها: دمشق فتحت صلحاً، على يد أبي عبيدة وخالد بن الوليد، وبيسان3، وطبرية4، وقيسارية، وفلسطين، وعسقلان، وسار بنفسه ففتح بيت المقدس صلحاً، وفتحت أيضاً بَعْلبك، وحمص، وحلب، وقنسرين، وأنطاكية، والرّقّة5، وحران، والموصل، والجزيرة، ونصيبين، وآمد6، والرّها، وفتحت القادسية، والمدائن على يد سعد بن أبي وقاص، وزال ملك الفرس، وانهزم يزدجرد ملك الفرس، ولجأ إلى فرغانة، والترك، وفتحت أيضاً كور دجلة، والأبلّة7 على يد عتبة بن غزوان، وفتحت كور الأهواز على يد أبي موسى الأشعري، وفتحت أيضاً نهاوند، واصطخر، وتُستر، والسوس، وأذريبجان، وبعض أعمال خراسان، وفتحت مصر على يد عمرو بن العاص غرة محرم سنة عشرين، وفتح عمرو8 أيضاً الإسكندرية، وأنطابُلس9 - وهي برقة وطرابلس المغرب -، وفي

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/284، ابن الجوزي: مناقب ص 92، وهو منقطع. 2 في الأصل: (أسامة) وهو تحريف. 3 مدينة بالأردن، بالغور الشامي، بين حوران وفلسطين. (معجم البلدان 1/527) . 4 بليدة من أعمال الأردن في طرف الغور، مطلة على البحيرة المعروفة ببحيرة طبرية. (معجم البلدان 4/17) . 5 الرّقة: مدينة مشهورة على الفرات بينها وبين حران ثلاثة أيام، معدودة في بلاد الجزيرة لأنها من جانب الفرات الشرقي. (معجم البلدان 3/59) . 6 في الأصل: (وامدر) وهو تحريف. 7 الأُبلة: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة. (معجم البلدان 1/77) . 8 ابن العاص. 9 مدينة بين الإسكندرية وبرقة. (معجم البلدان 1/266، 388) .

أيامه. . . 1 فتوح الشام ومسالحها. . . 2، وهو الذي سمي الغزوات الشواتي3 والصوائف4، وفي أيامه غزا معاوية5 الروم حتى بلغ غوربه6، وفي أيامه مصرت البصرة سنة سبع عشرة باختلاف7، ومصرت الكوفة. . . 8، سعد بن أبي وقاص، وفيها كان عام الرمادة سنة ثمان عشرة، فاستسقى بالعباس رضي الله عنه فسقي، وفيها كان طاعون عَمَواس مات فيه خمسة وعشرون ألفاً، منهم أبو عبيدة، ومعاذ، وذلك في سنة ثمان عشرة"9. ونحن نذكر ما وقع على مقتضى ما ذكره ابن كثير10 وغيره من أهل التاريخ: لما توفي الصديق في سنة ثلاث عشرة استخلف عمر، فكان11 مما وقع في هذه السنة: وقعة المثنى بن حارثة في العراق، بعد مسير خالد إلى

_ 1 الفراغ كلمة لم أتبينها وهذا رسمها: (ــدت) . 2 الفراغ كلمة لم أتبينها، وهذا رسمها: (وحد ـدورنها) . 3 أي: الغزو في الشتاء. 4 الصائفة: غزوةالروم لأنهم كانوا يغزون صيفاً لمكان البرد والثلج. (القاموس ص1072) . 5 ابن أبي سفيان. 6 لم أجد تحديد هذا المكان. ولعل المراد: (عمورية) . 7 وفي خليفة: التاريخ ص 128، والطبري: التاريخ 3/590: "أنها مصرت سنة أربع عشرة". وهو الراجح، لأن عتبة بن غزوان هو الذي مصرها، وقد توفي سنة سبع عشرة. قال سيف: "مصرت البصرة سنة ست عشرة". (انظر: تاريخ الطبري 3/590، والإصابة 4/215) . 8 الفراغ كلمة لم أتبينها وهذا رسمها: (ـرها) . 9 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب إلى قوله: فلسطين. 10 إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي، الدمشقي، حافظ مؤرخ فقيه. صنف: (تفسير القرآن الكريم) و (البداية والنهاية) وغيرهما، توفي سنة أربع وسبعين وسبع مئة. (الدرر الكامنة 1/373، والأعلام 1/320) . 11 في الأصل: (فكا) .

الشام بأمر الصديق على الصحيح1، ووهم من قال: "إن عمر هو الذي بعثه بعد موت الصديق"2. وذلك أن خالداً لما سار إلى الشام، استغنم الفرس غيبت3 خالد، واجتمعوا بعد مقتل ملكهم وابنه وبعثوا / [53 / ب] إلى المثنى جيشاً نحواً من عشرة آلاف، وكتب شهرياز4 إليه: "إني قد بعثت إليك جنداً من أوخش5 أهل فرس، إنما هم رعاة الدجاج والخنازير، ولست أقاتلك إلا بهم". فكتب المثنى "إنما أنت أحد رجلين إما باغ فذلك شرّ لك، وخير لنا، وإما كاذب6 فأعظم الكذابين عقوبة وفضيحة عند الله في الناس الملك الكاذب، وأما الذي ذكرت أنك تقاتلنا بهم من الرعاة فإنا نرى أنكم قد اضطررتم إليهم، فالحمد لله الذي ردّ كيدكم إلى رعاة الدجاج والخنازير، وأحوجكم إليهم". فلامه فارس7 على كتابه ذلك، ثم واقعوه فظفر المثنى بهم، ثم استخلف على العراق، وسار إلى المدينة؛ لأنه كان قد استبطأ خبر الصديق، لأنه مشتغل بأهل الشام عنه، فوجد الصديق في السياق وعهد إلى عمر بن الخطاب فقال لعمر: "إذا أنا مِت فاندب الناس إلى الجهاد بأرض العراق مع المثنى، وصلة لمن بقي من المقاتلة بعد ذهاب خالد عنها"8.

_ 1 ابن كثير: التاريخ 4/5، الطبري: التاريخ 3/415، 408. 2 لم أجده. 3 في الأصل: (عيبته) وهو تصحيف. 4 في ابن كثير: التاريخ: (شهريار) وفي الطبري: التاريخ: (شهريراز) . 5 الوخش: رذال الناس، وسقاطهم. (القاموس ص 786) . 6 مطموس في الأصل سوى: (كا) . 7 أي: أهل فارس. 8 ابن كثير: التاريخ 4/17، 18، الطبري: التاريخ 3/412، 413، 414، من طريق سيف بن عمر.

ومن ذلك وقعة اليرموك، واختلفوا فيها: فقيل: كانت في خلافة عمر سنة خمس عشرة1. وقيل: بل كانت في خلافة الصديق، وبعضها وقع في خلافة عمر، وأن البريد أتاهم في نفس حربها بموت الصديق، وتوليه عمر، وعزله خالداً عن الإمرة، وتولية أبي عبيدة بن الجراح2. وقد ذكرنا صفة ذلك في: (فضائل أبي بكر الصديق) ، وأن عمر أرسل إلى أبي عبيدة إن كذّب خالد نفسه فقرّه على الإمرة، وإلا فاخلعه وقاسمه3 ماله نصفين، فقال لخالد، فقال: "استشير أختي"، فاستشارها، فقالت له: "إن عمر لا يحبك، وإنه سيعزلك وإن كذبت نفسك"، فخرج وخلع نفسه فقاسمه ماله كله، وهو يقول: "سمعاً وطاعةً لأمير المؤمنين"، حتى أخذ نعله الواحدة4. حتى نزل مرج الصُّفرّ5، وعزم على / [54 / أ] قتال أهل دمشق ثم سار أبو عبيدة فاجتمع من الروم بفحل من أرض الغور، فكتب إلى الفاروق بأيهما يبدأ، فكتب إليه: [أن] 6 يبدأ بدمشق، ويرسل جيشاً إلى أولئك

_ 1 ابن كثير: التاريخ 4/4، وقال: "قال ابن عساكر: وهذا هو المحفوظ. وأما ما الله سيف من أنها قبل فتح دمشق سنة ثلاث عشرة فلم يتابع عليه". 2 ابن كثير: التاريخ 4/12، الطبري: التاريخ 3/398، من طريق سيف بن عمر. 3 في الأصل: (وقام) وهو تحريف. 4 ابن كثير: التاريخ 4/19، والخبر بنحوه في الطبري: التاريخ 3/436، 437، وهو ضعيف لإعضاله. 5 مرج الصفرّ - بالضم، وبتشديد الفاء - بدمشق. (معجم البلدان 5/101) . 6 سقط من الأصل.

ليشغلهم عنه. فبعث إليهم أحد عشر أميراً فقتلوهم وغنموهم، وكان سار هو إلى دمشق فنزل على باب الجابية، ونزل خالد على باب شرقي، فاتفق أنه ولد لبطريقهم ولد فجمعهم وسقاهم الخمر، فاشتغلوا عن الرصد1، ففطن لها خالد فجاء إلى الخندق هو وجماعة من أصحابه فقطعه سباحة بالقرب، وطلع على السور ونصب سلاليم2 حبال من شرفات3 السور إلى ظاهر الخندق، وكان قال لأصحابه: "إذا سمعتم تكبيرنا على السور فتعالوا حتى تصعدوا إلينا"، فلما علاه كبّر، فجاء أصحابه، وصعدوا في السلاليم4، ثم هبطوا بالتكبير إلى البوابين فقتلوهم وقطعوا أغاليق5 الباب بالسيوف، ودخل الجيش، وجعلوا يقتلون من أتاهم، حتى انتهوا إلى نصف البلد، فسألوا عن أمير الجيش فدلوا على أبي عبيدة فذهبوا إليه فصالحوه، وأدخلوه6 من باب الجابية، وكانوا قبل ذلك يأبون عليه الصلح، فدخل معهم بمن معه حتى انتهى إلى النصف، فوجد خالداً وأصحابه يقتلون من وجدوا، فقال لهم: "إنا أمناهم فَلِمَ تقتلوهم؟ "، فقال خالد: "بل أنا فتحتها عنوة معهم الآن". ثم أقر على الصلح، وكفّ خالد ومن معه عن القتل7.

_ 1 رصدَه رصْداً ورصداً: رقبه، والمرصاد الطريق والمكان يرصد فيه العدو. (القاموس ص 361) . 2 في ابن كثير: (سلالم) . 3 كذا في ابن كثير: التاريخ: (شرفات) وفي الأصل: (شراريف) . 4 في ابن كثير: (سلالم) . 5 في الأصل: (غاليق) والتصويب من تاريخ ابن كثير. 6 في الأصل: (ووادخلوه) . 7 ابن كثير: التاريخ 4/19، 20، 21، بأطول.

وقيل: إن أبا عبيدة لم يعلم خالداً بعزله حتى فتحت دمشق1. ثم بعث أبو عبيدة خالداً إلى البِقاع2 ففتحها3 بالسيف4، وبعث دحية بن خليفة إلى تدمر، وأبا الزهراء5 إلى البثينّة6 وحوران، فصالح أهلها، ثم صالح أهل حمص7، وفتح شرحبيل8 الأردن كلها عنوة خلا طبرية فصلحاً، وصالح أهل بعلبك9. وقيل: إن فتح هذه البلاد كان فيما بعد هذه السنة10. فالله أعلم. ولما مات الصديق ندب عمر الناس لغزو العراق ثلاثة أيام، ولم يقم أحد، فلما كان اليوم الرابع كان أوّل من انتدب أبو عبيد بن مسعود الثقفي، ثم تتابع / [54 / ب] الناس، فأمر عمر طائفة من أهل المدينة، وأمر على الجميع أبا عبيدة، ولم يكن صحابياً، فقيل لعمر: هلا أمرت رجلاً من الصحابة، فقال: إنما أُمر أوّل من استجاب إنما سبقتم الناس بنصرة هذا الدين،

_ 1 ابن كثير: التاريخ 4/23. 2 البِقاع: أرض واسعة بين بعلبك وحمص ودمشق، فيها قرى كثيرة ومياه غزيرة نميرة. (معجم البلدان 1/470) . 3 في الأصل: (فتحها) وهو تحريف. 4 ابن كثير: التاريخ 4/25، خليفة: التاريخ ص 130. 5 القشيري، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وشهد فتح دمشق. (الإصابة 7/79) . 6 البثنية: اسم ناحية من نواحي دمشق، وقيل: هي قريبة بين دمشق وأذرعات. (معجم البلدان 1/338) . 7 ابن كثير: التاريخ 4/25، الطبري: التاريخ 3/441. 8 شرحبيل بن عبد الله الكندي، حليف بني زهرة، وهو ابن حسنة، صحابي جليل، كان أميراً في فتح الشام، توفي سنة ثمان عشر. (التقريب ص 265) . 9 ابن كثير: التاريخ 4/25، خليفة: التاريخ ص 129، 130، والطبري: التاريخ 3/441، إلا أن خليفة جعلها من فتوح سنة خمس عشرة. 10 ابن كثير: التاريخ 4/25، خليفة: التاريخ ص 129.

ثم وصاه بنفسه وبمن معه من المسلمين، وأمره أن يستشير الصحابة فصار إلى أرض العراق في سبعة آلاف1وكتب عمر إلى أبي عبيدة: أن يوجه أصحاب خالد الذين قدموا إلى العراق. فجهز أبو عبيدة إلى العراق عشرة آلاف، وأمّر عليهم هاشم بن عتبة2، 3. وأرسل عمر جرير بن عبد الله البجلي4 في أربعة آلاف، فقدمالكوفة، ثم خرج منها فواقع هرمزان5 على المدار6 فقتله. وانهزم جيشه وغرق أكثرهم، فلما وصل الناس إلى العراق وجدوا الفرس ولوا رستماً، فكانت وقعة النمارق، بعث رستم أميراً بعسكر فالتقوا مع أبي عبيد بمكان يقال له: النمارق7 بين الحيرة8، والقادسية، فهزموهم وقتلوهم، وغنموهم9. ثم كانت وقعة جِسر10 أبي عبيد، اجتمع من الفرس خلق كثير، وساروا

_ 1 ابن كثير: التاريخ 4/26، سبق تخريجه ص 455. 2 في الأصل: (هشام) وهو تحريف. وهو هشام بن عتبة بن أبي وقاص الزهري الشجاع المشهور، المعروف بالمرقال، صحابي، قتل بصفين مع عليّ رضي الله عنه. (الإصابة 6/275) . 3 ابن كثير: التاريخ 4/26، الطبري: التاريخ 3/543. 4 صحابي مشهور، توفي سنة إحدى وخمسين، وقيل: بعدها. (التقريب ص 139) . 5 في ابن كثير: التاريخ (هرقران) . 6 لم أجد تحديد هذا المكان. 7 النمارق: موضع قرب الكوفة من أرض العراق نزله عسكر المسلمين في أوّل ورودهم العراق. (معجم البلدان 5/304) . 8 الحيرة - بالكسر، ثم السكون - وراء، مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على طريق النجف، كانت مسكن ملوك العرب في الجاهلية. (مراصد الإطلاع 1/441) . 9 ابن كثير: التاريخ 4/27. 10 الجِسر - بكسر الجيم -، إذا قالوا الجسر ويوم الجسر، ولم يضيفوه إلى شيء فإنما يريدون الجسر الذي كانت فيه الوقعة بين المسلمين والفرس قرب الحيرة. (معجم البلدان 2/140) .

إلى المسلمين عند الجسر1، ومعهم فيلة فيها جُلاجل2 فأرسلوا3 إلى المسلمين: إما تعبروا إلينا، وإما نعبر إليكم، فقال أبو عبيدة: "ما هم بأجرأ منا على الموت"، ثم اقتحم عليهم، فاجتمعوا في مكان ضيق فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يعهد مثله، والمسلمون في نحو من عشرة آلاف، وأرسل الفرس الفيلة بالجلاجل لتذعر خيول المسلمين، فجعلوا كلما حملوا على المسلمين فرت خيولهم من الفيلة، وما تسمع من الجُلاجل، ولا يثبت منها إلا القليل، وإذا حمل المسلمون لا تقدم خيولهم، ورشقتهم الفرس بالنبل فنالوا منهم خلقاً، وقتل المسلمون منهم مع ذلك ستة آلاف. وأََمَر أبو عبيد المسلمين أن يقتلوا الفيلة فاحتاشوها4 فقتلوها / [55/أ] عن آخرها، فقدمت الفرس بين أيديهم فيلاً أبيض هو أعظمها، فتقدم إليه أبو عبيد فضربه بالسيف فقطع زلقومه5 فصاح صيحة عظيمة، وحمل على أبي عبيد فتخبطه برجليه فقتله، ووقف فوقه، فحمل على الفيل خليفة أبي عبيد الذي أوصى أن يكون أميراً بعده فقتله، ثم آخر فقتله، حتى قتل سبعة من ثقيف كان نص أبو عبيد عليهم، حتى صارت إلى المثنى6 بمقتضى الوصية أيضاً، وكانت امرأة أبي عبيد رأت مناماً يدل على ما وقع، فلما رأى المسلمون ذلك وهنوا، وضعف أمرهم، وذهب ريحهم، وولوا مدبرين، وساق الفرس خلفهم فقتلوا بشراً

_ 1 في الأصل: (جسر) وهو تحريف. 2 الجُلجل: الجرس الصغير. (القاموس ص 1265) . 3 في الأصل: (فارسلوا) . 4 احتوش القومُ فلاناً وتحاوشوه بينهم: جعلوه وسطهم. (لسان العرب 6/290) . 5 زلقوم الفيل: خرطومه. (لسان العرب 12/272) . 6 ابن حارثة.

كثيراً، وركب الناس أمراً بليغاً، وجاءوا إلى الجسر، فمرّ بعض الناس، وانكسر الجسر، فتحكم الفرس فيمن وراءه فقتلوا من المسلمين، وغرق في الفرات1 نحواً من أربعة آلاف، فإنا2 لله وإنا إليه راجعون. وكان الناس لما انهزموا جعل بعضهم يلقي نفسه في الفرات3 فيغرق، فقال المثنى: "على هينتكم فإني واقف على فم الجسر لا أجوز حتى لا يبقى منكم أحد". فلما تعدّ الناس إلى الناحية الأخرى، سار المثنى فنزل بهم أوّل منزل، وقام يحميهم هو، وشجعان المسلمين، وقد خرج أكثرهم مذعوراً، وذهب بالخبر عبد الله بن زيد بن عاصم4، فوجد عمر على المنبر، فقال له عمر: "ما وراءك يا عبد الله بن زيد؟ "، فقال: "أتاك الخبر اليقين"، ثم صعد إليه المنبر فأخبره سراً ولم يؤنب عمر أحداً ممن رجع إلى المدينة، بل قال: "أنا أكفيهم أمرهم"5، 6. وتوفي في هذه السنة المثنى بن حارثة، وكان قد جرح يوم الجسر، فانقضَّ عليه ومات منه7.

_ 1 في الأصل: (الفراء) . 2 في الأصل: (فا لله) وهو تحريف. 3 في الأصل: (الفراه) . 4 المازني، أبو محمّد صحابي شهير، يقال: إنه هو الذي قتل مسيلمة الكذاب، واستشهد بالحرّة سنة ثلاث وستين. (التقريب ص 304) . 5 في ابن كثير: التاريخ: (أنا فيئتكم) . 6 ابن كثير: التاريخ4/28، 29، الطبري: التاريخ3/454، 455، من طريق سيف بن عمر. 7 ابن كثير: التاريخ 4/30، 37، 50.

وقيل: خالد بن سعيد1، وسعد بن عبادة2، وجماعة قتلوا قبل ذلك باليرموك، وأجنادين34، ذكرناهم في: (خلافة الصديق) . السنة الرابعة عشرة5؛ وهي الثانية من خلافته / [55 / ب] فيها أرسل عمر سعداً إلى العراق، بعد أن كان هو عزم على6 المسير إليها، فثناه الصحابة عن ذلك، وأمروه بإرسال غيره، فسار حتى قرب من العراق ومن لقاء من هناك من المسلمين، توفي أمير المسلمين هناك المثنى، فلما وصل سعد هناك تزوج امرأته7. ثم كانت غزوة القادسية، فإن سعداً سار فنزل القادسية، وبثّ سراياه وأقام بها شهراً لم ير أحداً من الفرس، وجعلت السرايا تأتي بالميرة من كل مكان، فعجت8 رعايا الفرس إلى يزدجر من النهب والسبي، وقالوا: "إن لم تنجدونا وتقاتلوا عنا وإلا سلمنا بأيدينا وسلمنا الحصون". فاجتمع رأي الفرس إلى إرسال رستم، فأمّره يزدجر على الجيش، فلما قرب من جيش المسلمين بعث يطلب رجلاً عاقلاً يسأله، فبعث إليه سعد المغيرة بن شعبة،

_ 1 ابن العاص الأموي، من السابقين الأوّلين، استشهد يوم مرج الصفرّ، وقيل: يوم أجنادين. (الإصابة 2/92) . 2 الأنصاري الخزرجي، أحد النقباء وسيد الخزرج وأحد الأجواد، توفي بأرض الشام سنة خمس عشرة. وقيل: غير ذلك. (التقريب ص 231) . 3 أجنادين، موضع معروف من كورة بيت جبرين من نواحي فلسطان، كانت به وقعة بين المسلمين مشهورة هزم فيها الروم، وكانت سنة ثلاث عشرة. (معجم البلدان 1/103) . 4 ابن كثير: التاريخ 4/33، الطبري: التاريخ 3/480، 486. 5 في الأصل: (عشر) . 6 في الأصل: (عن) وهو تحريف. 7 ابن كثير: التاريخ 4/37. 8 عجّ: صاح ورفع صوته. (القاموس ص 253) .

فلما قدم عليه، قال له: "أنتم جيراننا، ونحن نحسن إليكم، ونكفّ الأذى عنكم، فارجعوا إلى بلادكم، ونحن لا نمنع تجاركم من دخول بلادنا". فقال له المغيرة: "إنا لسنا نطلب الدنيا، وإنما نطلب الآخرة". في كلام طويل. ثم بعث إليه رسولاً آخر وهو ربعي بن عامر1 فأجاد وحسن الكلام. ثم طلبوا في اليوم الثاني [رجلاً] 2 فبعث سعد حذيفة بن محصن3، ثم طلبوا4 في اليوم الثالث فأرسل المغيرة أيضاً5. ثم كانت وقعة القادسية، فلما تواجه الصفان كان سعد قد أصابه عرق النّسا6، ودَمَامِيل7 في جسده فهو لا يستطيع الركوب، وإنما هو في قصر متكئ على صدره فوق وسادة، وهو ينظر إلى الجيش ويدبر أمره، فتقاتلوا حتى كان الليل، وقد قتل من الفريقين بشر كثير، ثم اليوم الثاني حتى أمسوا، ثم اليوم الثالث وسموا هذه / [56 / أ] الليلة: ليلة الهرير8، ولما كان اليوم الرابع اقتتلوا قتالاً شديداً، وقد قاسوا من الفيلة بسبب نفرة الخيول أمراً عظيماً، قد أباد الصحابة الفيلة ومن عليها وقلعوا عيونها بالرماح، فلما كان

_ 1 ابن خالد بن عمرو التيمي، أمدَّ عُمَر به المثنى بن حارثة، وكان من أشرف العرب، وشهد نهاوند، وولاّه الأحنف على طخارستان. (الإصابة 2/194) . 2 سقط من الأصل. 3 الغلفاني، استعمله أبو بكر على عمان، وعمر على اليمامة، وله ذكر في الفتوح. (الإصابة 1/332) . 4 مطموس في الأصل سوى: (طلـ) . 5 ابن كثير: التاريخ 4/38، بأطول، والخبر مفرقاً في الطبري: التاريخ 3/496، حتى 520. 6 النسا: عرق من الورك إلى الكعب. (القاموس ص 1725) . 7 الدّمَّل: واحد دماميل: القروح. (الصحاح 4/1699) . 8 هرّ الشّيء يُهرّه هرّاً وهريراً: كرهه. (لسان العرب 5/260) . .

وقت الزوال من هذا اليوم هبت1 ريح شديدة فرفعت خيام الفرس، وألقت سرير رستم، فبادر فركب بغلته، وهرب فأدركه المسلمون فقتلوه، وهرب الفرس، وتبعهم المسلمون يقتلون، ويأسرون، وغنموا شيئاً كثيراً لا يحد ولا يوصف، وبعثوا بالخمس والبشارة إلى عمر، وكان عمر يخرج من المدينة إلى ناحية العراق يستنشق الأخبار، فبينما هو ذات يوم إذا راكب يلوح من بعد فاستقبله عمر، فقال الراكب: فتح الله على المسلمين بالقادسية، وجعل يحدثه وهو لا يعرف عمر، وعمر ماش تحت راحلته، فلما اقترب من المدينة، جعل الناس يحيّون عمر بالإمارة، فعرف الرجل عمرَ، فقال: "يرحمك الله يا أمير المؤمنين، هلا أعلمتني"، فقال: "لا حرج عليك يا أخي"2. وكان سعد حال شدة الحرب في القصر، ولا يغلق عليه الباب لشجاعته، ولو فرّ الناس لأخذته الفرس قبضاً باليد، وعنده امرأته سلمى بنت حفص3، 4، و. . . 5 قبله امرأته المثنى، فلما فرّ بعض الخيل فزعت المرأة من ذلك، وقالت: "وامثناه، ولا مثنى لي اليوم"، فغضب سعد من ذلك، فلطم وجهها، فقالت: "أغيرة وجبناً"، تعيره بجلوسه في القصر يوم الحرب، وهذا عناد منها، فإنها أعلم الناس بعذره، وكان أبو محجن6 عند سعد في القصر

_ 1 في الأصل: (ذهبت) وهو تحريف. 2 ابن كثير: التاريخ 4/44، 45. 3 في تاريخ الطبري: (خصفة) ولإصابة: (حفصة) . 4 سلمى بنت خصفة التيمية، البكرية زوج المثنى بن حارثة، تزوجها سعد بعد موت المثنى، زوجها صحابي، يحتمل أن تكون صحابية. (تاريخ الطبري 3/489، الإصابة 8/110) . 5 الفراغ كلمة لم أتبينها وهذا رسمها: (وكـ) ولعلها: (وكانت) . 6 مختلف في اسمه، فقيل: عمرو بن حبيب الثقفي، وقيل: مالك، وقيل: غير ذلك، صحابي شهد الفتوح مع سعد بن أبي وقاص، وتوفي بأذربيجان، وقيل: بجرجان. (الإصابة 7/171) .

مقيد لما كان يتعاطاه من السكر، وقد حدّ فيه سبع مرات، فلما رأى الخيول تجول والفرسان قال - وكان من الشجعان الأبطال - رضي الله عنه / [56 / ب] : كفى حَزَناً أن تدحمَ1 الخيل بالقنا2 ... وأترك مشدوداً عليّ وثاقيا وقد كنتُ ذا مالٍ كثيرٍ وإخوةٍ ... فقد تركوني مفرداً لا أخا ليا ثم سأل من أم ولد سعد أن تطلقه وتعيره فرس سعد وحلف أن يرجع آخر النّهار فيضع رجله في القيد فأطلقته وركب فرس سعد، وخرج فقاتل قتالاً شديداً وجعل سعد ينظر إليه فيشبهه بأبي محجن، ويشبه الفرس بفرسه، ويشك لأنه مسجون مقيد، فلما كان آخر النهار رجع فوضع رجله في القيد، ونزل سعد فرأى فرسه يعرق وهو مكدود3، فقال: "ما هذا؟ "، فذكر له، فرضي عنه وأطلقه، وقال: "لا أحِدك أبداً"، فقال: "وأنا لا أشرب مسكراً أبداً"4. وكتب سعد5 إلى عمر يخبره بالفتح والنصر، ومن قتل من المسلمين وعدة6 من قتل من الكفار وصورة الكتاب:

_ 1 في تاريخ الطبري: (تردى) . 2 القنا: جمع: قناة. وهي الرمح. (القاموس ص 1710) . 3 الكدّ: الإتعاب. (لسان العرب 2/378) . 4 قال ابن حجر: "وأنكر ابن فتحون قول من روى أن سعداً أبطل الحد وقال: لا يظن هذا بسعد. (الإصابة 7/171) . 5 في الأصل: (سعدا) . 6 في الأصل: (وعد) .

"أما بعد: فإن الله نصرنا على فارس، بعد قتال طويل، وزلازل1 شداد، لم يرَ الراؤون مثلهما، فإنهم أتونا في عسكر، وعدد لم ير مثلها، فلم ينفعهم الله بذلك، بل سلبهم ذلك كله، ونفله المسلمون، واتبعهم المسلمون على الأنهار، وفجاج الطرق، يقتلونهم حيث كانوا، وأصيب من المسلمين سعد بن عبيد القارئ2، وفلان وفلان، ورجال لا يعلمهم إلا الله، فإنه بهم عالم، كانوا يدوون3 بالقرآن إذا جن عليهم الليل كدوي النحل، وهم أسود في النهار بل لا تشبههم الأسود، ولم يفضل من مضى منهم من بقي إلا بفضل الشهادة إذا لم تكتب لهم". فيقال: "إن عمر قرأ هذه البشارة على الناس، ثم قال عمر للناس: "إني حريص على أن لا أرى حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا لبعض، فإذا عجز ذلك عنا تأسينا في عيشنا حتى نستوي في الكفاف، ولوددت أنكم علمتم من نفسي مثل الذي وقع فيها لكم، ولست ملكتكم إلا بالعمل، إني والله لست بملك فأستعبدكم، ولكني عبد الله عرض عليّ الأمانة فإن أنا أديتها ورددتها عليكم / [57 / أ] واتبعتكم حتى تشبعوا في بيوتكم وترووا4 سعدت بكم، وإن حملتها واستتبعتكم إلى بيتي شقيت بكم، ففرحت قليلاً وحزنت طويلاً، فبقيتُ لا أقال ولا أرد فأستعتب"5.

_ 1 في ابن كثير: التاريخ: (وزلزل شديد) . 2 ابن النعمان الأنصاري الأوسي، شهد بدراً، وقتل في القادسية شهيداً. (الإصابة3/81) . 3 الدوي: صوت ليس بالعالي كصوت النحل ونحوه. (لسان العرب 14/281) . 4 في الأصل: (وتروو) . 5 ابن كثير: التاريخ 4/45، 46، 47، وقد أورد الطبري بعضه بنحوه مفرقا. (التاريخ 3/542، 548، 550) .

وفي هذه السنة جمع عمر الناس في التراويح على أبي بن كعب، قاله ابن جرير1 والواقدي2، وكتب إلى سائر الأمصار بذلك3. وفيها بعث عمر عتبة بن غزوان إلى البصرة، وأمره أن ينزل بها بمن معه من المسلمين، فمصرت البصرة4 في هذه السنة. فركب إليهم صاحب الفرات5 أربعة آلاف أسوار6، فالتقاه عتبة فقتلوهم عن آخرهم، وأسروا صاحب الفرات7، فقام عتبة في الناس خطيباً فقال في خطبته: "إن الدنيا قد آذنت بصُرْم8، وولّت حذّاء9، ولم يبق منها إلا صُبَابة10 كصبابة الإناء". هذا في صحيح مسلم11. وبعث عمر إليه كتاباً جليلاً عظيماً يوصيه فيه، وأرسل إلى العلاء12 يمده

_ 1 محمّد بن جرير الطبري. 2 محمّد بن عمر بن واقد الأسلمي. 3 الطبري: التاريخ 3/90، وقال: "زعم الواقدي" ابن كثير: التاريخ 4/48. 4 انظر: ص 373. 5 في الأصل: (الفراه) وهو تحريف. 6 في الأصل: (سوار) وهو تحريف. والإسوار والأُسْوَار: الواحد من أساور فارس، وهو الفارس من فُرسانهم المقاتل. (لسان العرب 4/388) . 7 في الأصل: (الفراه) وهو تحريف. 8 بصرم: أي: بانقطاع وانقضاء. (الصحاح 5/1965، لسان العرب 12/335) . 9 حذاء: مسرعة الانقطاع. (شرح صحيح مسلم للنووي 18/102) . 10 الصبابة: البقية اليسيرة تبقى في الإناء من الشراب. (لسان العرب 1/516، القاموس ص 133) . 11 مسلم: الصّحيح، كتاب الزهد والرقائق 4/2278، رقم: 2967، وأورد الخطبة فقط بأطول. 12 العلاء بن عبد الله بن عماد الحضرمي، حليف بني أمية، صحابي جليل عمل على البحرين للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، توفي سنة أربع عشرة. (التقريب ص 434) .

بجيش1. وفي هذه السنة ضرب عمر ابنه عبيد الله في الشراب سبع مرات2، وضرب معه3 ابن أمية بن خلف4. وفيها توفي عتبة بن غزوان، وابن أم مكتوم، والمثنى بن حارثة، وأبو زيد الأنصاري5، وأبو قحافة والد الصديق6، وهند بنت عتبة7، وخلق من الصحابة8. ثم دخلت سنة خمس عشرة: قال ابن جرير وغيره: "فيها مصّر سعد الكوفة"9. وفيها كانت وقعة حمص الأولى، حصرهم المسلمون ثم كان بعد ذلك

_ 1 ابن كثير: التاريخ4/49، والخبر في الطبري: التاريخ3/591، وفيه عمرو بن عيسى العدوي صدوق اختلط، وخالد بن عمير العدوي مقبول. (التقريب رقم:1663، 5089) . وأما كتاب عمر إلى عتبة فرواه الطبري من طريق سيف، وأبي محنف. 2 في ابن كثير: التاريخ: "ضرب عمر بن الخطاب ابنه عبيد الله في الشراب وهو وجماعة معه، وفيها ضرب أبا محجن الثقفي في الشراب أيضاً سبع مرات". 3 ربيعة بن أمية الجمحي، أسلم عام الفتح وشهد حجة الوداع، ثم ارتد عن الإسلام ولحق بالروم، ومات هنالك. (تعجيل المنفة ص 87) . 4 ابن كثير: التاريخ 4/50، والخبر بنحوه في الطبري: التاريخ 3/597. 5 قيس بن السكن البخاري الأنصاري شهد بدراً، واستشهد يوم جسر أبي عبيد. (تاريخ ابن كثير 4/50، الإصابة 5/255) . 6 عثمان بن عبد الله التيمي، أسلم عام الفتح، وتوفي سنة أربع عشرة. (الإصابة 4/223) . 7 هند بنت عتبة القرشية العبشمية، والدة معاوية بن أبي سفيان، أسلمت عام الفتح وتوفيت في أوّل خلافة عمر. (الإصابة 8/206) . 8 ابن كثير: التاريخ 4/50. 9 الطبري: التاريخ 3/598، ابن كثير: التاريخ 4/53.

الصلح1. وفيها كانت وقعة قِنّسرين، بعث أبو عبيدة خالدَ بن الوليد ففتحها عنوة، وقتل خلقًاً كثيراً، فلما بلغ عمر ما فعل خالد قال: "يرحم الله أبا بكر، كان أعلم بالرجال مني، والله إني لم أعزله عن ريبةٍ2، ولكن خشيت أن يوكل الناس إليه"3. [و] 4 فيها هرب هِرَقْل من الشام إلى بلاد الروم ثم سار حتى نزل القسطنطينية، واستقر بها ملكه5. وفيها كانت وقعة قَيْساريّة / [57 / ب] أمرّ عمر معاوية على قَيساريّة وكتب إليه: "أما بعد: فقد وليتك في قَيْساريّة فسر إليها واستنصر الله عليهم، وأكثر من قول: لا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم، الله ربنا وثقتنا ورجاؤنا ومولانا، فنعم المولى ونعم النصير". فسار إليها، وفتحها بعد قتال شديد6. وفيها كتب عمر إلى عمرو بن العاص بالمسير إلى إيلياء7 ومناجزة صاحبها فمر على طائفة منهم عند الرملة8، فكانت وقعة أجنادين وكان على ذلك

_ 1 الطبري: التاريخ 3/599، ابن كثير: التاريخ 4/53. 2 الريبة: الظنة والتهمة. القاموس ص: 118. 3 ابن كثير: التاريخ 4/54، الطبري: التاريخ 3/601، من طريق سيف بن عمر. 4 سقط من الأصل. 5 ابن كثير: التاريخ 4/54، الطبري: التاريخ 3/602. 6 ابن كثير: التاريخ4/55، والخبر في الطبري: التاريخ3/604، من طريق سيف بن عمر. 7 إيلياء: اسم مدينة بيت المقدس. (معجم البلدان 1/293) . 8 الرملة: مدينة عظيمة بفلسطين، وكانت قصبتها وقد خربت الآن - في زمن ياقوت - وكانت رباطاً للمسلمين. (معجم البلدان 3/69) .

الجيش الأرطبون - وكان أدهى الروم - فكتب عمرو إلى عمر فلما جاءه الكتاب قال: "رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب، فانظروا عمّ تنفرج"؟ - وكان عمرو1 من الدهاة - ثم أرسل عمرو الرسل إلى أرطبون فلم يشتف بهم، فذهب إليه بنفسه كأنه رسول، فبلّغه وسمع كلامه، وتأمل حصونه، وعرف ما أراد، فلما أراد الانصراف، قال أرطبون: "إن هذا لعمرو، أو أنه الذي يأخذ عمرو برأيه، وما كنت أصيب القوم بأمرٍ هو أعظم من قتلي هذا". فدعا حرسيّا فساره، وأمره بقتله في مكان عينه له، ففطن عمرو فقال للأرطبون2: "أيها الأمير إني قد سمعت كلامك وسمعت كلامي، وإني واحد من عشرة بعثنا عمر بن الخطاب لنكون مع هذا الوالي نشهد أموره، وإني قد أحببت أن آتيك بهم ليسمعوا كلامك". قال: "نعم. فاذهب فأتني بهم". ثمّ دعى رجلاً فساره فقال: "اذهب إلى فلان فرده" ثم جاء عمرو ودخل عسكره، ثم تحقق أرطبون أنّه عمرو فقال: "خدعني الرجل، هذا والله أدهى العرب" وبلغ عمر فقال: "لله در [عمرو] 3". ثم ناهضه عمرو فاقتتلوا بأجنادين4 قتالاً عظيماً كقتال اليرموك، فكتب أرطبون إلى عمرو يترقق / [58 / أ] له، فكتب عمرو إليه: "إني صاحب فتح هذه البلاد" فكتب إليه: "إنك لست بصاحب فتحها، إنما صاحب فتحها رجل

_ 1 في الأصل: (عمر) وهو تحريف. 2 في الأصل: (الأرطبون) والتصويب من تاريخ ابن كثير. 3 سقط من الأصل. 4 وفي رواية ابن إسحاق: أن وقعة أجنادين كانت في سنة ثلاث عشرة بقين من جمادى الأولى. وبه قال الذهبي. (تاريخ خليفة ص 119، تاريخ الطبري 3/418، سير أعلام النبلاء (1/314، تاريخ الإسلام ص 82) .

اسمه على ثلاثة أحرف" فكتب إلى عمر بخبره، فعزم عمر على الدخول إلى الشام لذلك ثم سار إليها فكان فتح بيت المقدس على يد عمر بن الخطاب. واستخلف على المدينة علي بن أبي طالب، وسار العباس بن عبد المطلب على مقدمته فلما قدم تلقاه أبو عبيدة ورؤوس الأمراء فترجل أبو عبيدة وترجل عمر، فأراد أبو عبيدة أن يقبل يد عمر، فهم عمر بتقبيل رجله، فكف أبو عبيدة وكف عمر، ثم سار حتى صالح نصارى بيت المقدس، ثم دخل المسجد من الباب الذي دخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، ويقال: إنه لبى حين دخله، فصلى فيه تحية المسجد بمحراب داود، وصلى بالمسلمين فيه صلاة الغداة فقرأ في الأولى (بص) وفي الثانية (ببني إسرائيل) 1، ثم جاء إلى الصّخرة فاستدل على مكانها من كعب2، وأشار عليه كعب أن يجعل المسجد من ورائها، فقال: "ضاهيت اليهودية" ثم جعل المسجد قبلي بيت المقدس، وهو العمري اليوم، ثم نقل التراب عن الصخرة في طرف ردائه، ونقل المسلمون معه، وسخّر3 أهل الأردن في نقل بقيته، وكانت الروم جعلوا الصخرة مزبلة، لأنها قبلة اليهود، حتى إن المرأة كانت ترسل بخرق حيضها من داخل البحور4 ليلقى على الصخرة مكافأة لما كانت اليهود عملت

_ 1 أي: سورة الإسراء وفي تاريخ الطبري 3/611: "وقرأ بهم في الثانية صدر (بني إسرائيل) . وهذا أقرب؛ لأنه يستحب أن يقرأ بهم في الركعة الثانية أطول من الأولى. 2 كعب بن ماتع الحميري المعروف بكعب الأحبار. 3 في الأصل: (صخر) . وفي اللسان 4/353، والقاموس ص 519: "سخره: كلفه ما لا يريد وقهره". 4 في ابن كثير: التاريخ: (الحوز) .

بالقمامة وخطب عمر هناك خطبة بليغة1. وفي هذه السنة سار سعد2 في جنود عظيمة وخلف الحريم بالعتيق3 مع جيش كثيف، فجاءبا. . . 4 فوجد عسكراً من الفرس فهزمهم، ففرقة ذهبت إلى المدائن، وفرقة إلى نهاوند، فسار سعد نحو المدائن فلقوا جمعاً آخر فاقتتلوا قتالاً شديداً، وبارز أمير الفرس فبرز إليه نائل الأعرجي5 من شجعان بني تميم، فتجاولا / [58 / ب] بالرّماح ثم ألقياها، وتقاتلا بالسيوف ثم تعانقا، وسقطا عن فرسيهما، فوقع أمير الفرس على صدر نائل وأخرج خنجراً ليذبحه بها فوقعت أصبعه في فم نائل فقضمها حتى شغله عن نفسه، وألقى الخنجر فأخذه فذبحه بها6. ثم كانت وقعة بهرسير7 وقد قاتل سعد في دربها طوائف كثيرة، وكانوا

_ 1 ابن كثير: التاريخ 4/55، 56، 57، والخبر بنحوه في الطبري: التاريخ 3/605، 606، 607، من طريق سيف بن عمر. 2 ابن أبي وقاص. 3 في الأصل: (العقيق) وهو تحريف. وفي معجم البلدان 4/83: "عَتيق الشاجة: قرية بين أذربيجان وبغداد استولت عليها دجلة فخربتها، واسم الموضع معروف إلى الآن ". وفي تاريخ الطبري: (العقيق) . 4 مطموس في الأصل بمقدار كلمة. 5 في الأصل: (الأعرج) وهو تحريف. والأعرجي، نسبة للأعرج، وهو الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، قطع رجله غيلان بن مالك بن عمرو تميم. (انظر: جمهرة النسب للكلبي ص 234، وجمهرة أنساب العرب ص 221) . 6 ابن كثير: التاريخ4/61، 62، الطبري: التاريخ3/619، 621من طريق سيف ابن عمر. 7 في الأصل، وتاريخ ابن كثير: (نهر شير) وهو تصحيف. والمثبت من الطبري، وفي معجم البلدان 1/515: (بَهْرُسَير) من نواحي سواد بغداد قرب المدائن. قال أبو مُقرّن: تولّى بنو كسرى وغاب نصيرهم ... على بهر سير فاستهدّ نصيرها ولما فرغ سعد من القادسية نزل بهر سير ففتحها".

قد وضعوا في درب المسلمين أسداً عظيماً لكسرى فتقدم [هاشم ابن] 1 عتبة بن أخي سعد فقتله، والناس ينظرون، فسمي سيفه يومئذ المتين2 فقبّل سعد رأسه فقبل هاشم قدمه، وحمل هاشم على الفرس فهزمهم3. وفيها حج بالناس عمر، وفيها توفي سهيل بن عمرو4، وعامر بن مالك بن أهيب5، وعبد الله بن سفيان بن عبد الأسد6، و [قيس بن أبي صعصعة] وعمرو بن زيد بن عوف7، ونضير8 بن الحارث910. ثم دخلت سنة ست عشرة: استهلت وسعد مُنَازِل مدينة بهر سير11 إحدى12 مدينتي كسرى، وينصب المجانيق13 وغيرها، ثم

_ 1 سقط من الأصل. 2 في تاريخ الطبري: (المتن) . 3 ابن كثير: التاريخ4/63، الطبري: التاريخ 3/622، 623، من طريق سيف بن عمر. 4 في الأصل: (عمر) . 5 الزهري، أخو سعد بن أبي وقاص، أسلم قديماً وهاجر الهجرة الثانية إلى الحبشة وقدم مع جعفر، وتوفي بالشام في خلافة عمر. (الإصابة 4/16) . 6 المخزومي، ابن أخي أبي سلمة، هاجر إلى الحبشة، واستشهد باليرموك. (الإصابة 4/79) . 7 الأنصاري المازني، شهد العقبة وبدراً، وكان أحد أمراء الكراديس يوم اليرموك وقتل يومئذ. (تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء) ص 154، الإصابة 5/256) . 8 في الأصل، وتاريخ ابن كثير: (نصُير) بالصاد المهملة، وهو تصحيف. 9 نُضير بن الحارث بن علقمة العبدري، أسلم عام الفتح، واستشهد باليرموك. (تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء) ص 154، الإصابة 6/238) . 10 ابن كثير: التاريخ 4/63، 64. 11 في الأصل: (نهر شير) وهو تصحيف. 12 في الأصل: (احد) . 13 في الأصل: (المناجنيق) وهو تحريف.

فتحها سعد بعد قتال شديد، وأشرف منها قبل الفتح رجل على المسلمين، فقال: "يقول لكم الملك: هل لكم إلى المصالحة على أن لنا ما يلينا من دجلة إلى جبلنا، ولكم ما يليكم إلى جبلكم، أما شبعتم لا أشبع الله بطونكم" فبدر إليه بالجواب رجل يقال له: أبو مفزّر12 فانطقه الله بكلام لم يدر ما قال، فرجع الرجل إلى الملك وإلى أهل البلد فأخبرهم بما سمع، قال: فرأيناهم يقطعون إلى المدائن، فقال له الناس: "ماذا قلت له"؟ قال: "والذي بعث محمداً بالحق ما أدري"؟ ثم بعد ذلك نادى رجل من البلد بالأمان فأمنوه، فقال:"والله ما بالبلد أحداً" فتسوَّر الناس السور، فلم يجدوا أحداً، بل هربوا إلى المدائن، فسألوا ذلك: لأي شيء هربوا؟ قال: "إن / [59 / أ] الملك بعث رجلاً يعرض عليكم الصلح فأجابه رجل منكم: بأنه لا يكون بيننا وبينكم صلح أبداً حتى نأكل عسل أفرندين3 بأترج كوثى4" فقال الملك: "ياويلاه، إن الملائكة لتتكلم على ألسنتهم، ترد علينا، وتجيبنا عن العرب"5. ثم أمر بالرحيل إلى المدائن، فلما دخلوا نهرسير ثم أمر بالرحيل إلى المدائن فلما لاح لهم القصر الأبيض في المدائن الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه

_ 1 في الأصل، وابن كثير: (مُقرّن) وهو تحريف. 2 الأسود بن قطبة أبو مفرز - بفتح الفاء وتشديد الراء المكسورة بعدها راء -، شهد فتح القادسية، واليرموك. (الإصابة 1/108) . 3 أفردندين: موضع بين الري ونيسابور. (معجم البلدان 1/228) . 4 كوثى العراق كوثيان: أحدهما كوثى الطريق، والآخر كوثى ربى، وهما من أرض بابل، وسار سعد من القادسية سنة ست عشرة ففتح كوثى. (معجم البلدان 4/487) . 5 ابن كثير: التاريخ 4/64، 65، الطبري: التاريخ 4/7.

سيفتح على أمته1، وكان أول من رآه ضرار بن الخطاب2 فقال: "الله أكبر أبيض كسرى هذا ما وعدنا الله ورسوله، ثم ساروا نحو المدائن فوعظهم سعد واقتحم بهم البحر، فلما اقتحموه والفرس على حافته جعلوا يقولون: "ديونا ديونا" - يعني: مجانين - فلما رأوهم لا يغرقون قالوا: "إنما نقاتل جناً" ثم لما خرجوا دخلوا المدائن فوجدوا كسرى قد هرب فأخذوا أمواله وكنوزه، وصدق الله قول رسوله: في تمزيق ملكه3 [و] 4 في أنهم يملكون كنوزه وأنها تنفق في سبيل الله. ثم سال سعد من الجيش أن يهبوا له ثياب كسرى وبساط إيوانه ففعلوا، وأرسل ذلك إلى عمر، وكان ذلك لا يحد ولا يوصف فلما وصل ذلك إليه قال5: "إن قوماً أدوا هذا لأمناء"، فقال له علي: "عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا" ثم ألبس ثياب كسرى خشبة، وذم الدنيا وزينتها6. ثم ألبسها سراقة بن مالك بن جُعْشُم7 وألبسه سواريه8، وقال: "الحمد

_ 1 أحمد: المسند 5/89، مسلم: الصّحيح، كتاب الإمارة 3/1453، رقم: 1822. 2 الفهري، أسلم عام الفتح، وله ذكر في الفتوح. وقيل: استشهد باليمامة. (الإصابة 3/270) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب العلم 1/36، رقم: 64. 4 سقط من الأصل. 5 في الأصل: (فقال) . 6 ابن كثير: التاريخ 4/65، 66، 67، والخبر في الطبري: التاريخ مفرقاً 4/15-23، من طريق سيف بن عمر. 7 المُدلجي، صحابي مشهور، من مسلمة الفتح، توفي في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين. (التقريب ص 29) . 8 السُّوار والسّوار: القلب؛ سِوَار المرأة. (لسان العرب 4/387) .

لله سواري كسرى في يدي أعرابي من بني مدلج"1، 2 وجعل ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه: "كأني بك وقد لبست سواري كسرى" وقال له لما ألبسه: "قل: الله أكبر" فقال. فقال: "قل: الحمد لله الذي سلبهما كسرى وألبسهما سراقة بن مالك أعرابي من بني مدلج"3. وروي عنه: أنه لما أمره بلبس ذلك طمع أيهبهن له، فقال له: "أدبر" فأدبر، فقال له "أقبل" فأقبل، ثم قال: "بخّ بخّ4 أعرابي من بني مدلج عليه قباء5 كسرى، وسراويله، وسيفه، ومنطقه، وتاجه، وخفاه / [59 / ب] رب يوم يا سراقة بن مالك، لو كان عليك فيه هذا من متاع كسرى وآل كسرى، كان شرفاً لك ولقومك، انزع" فنزعت، فقال: "اللهم إنك منعت هذا رسولك ونبيك، وكان أحب أهل الأرض إليك، ومنعته أبا بكر وكان أحب إليك مني، وأكرم عليك مني، وأعطيتنيه، فأعوذ بك أن تكون أعطيتنيه لتمكر بي"، ثم بكى حتى رحمه من كان حاضراً، ثم قال لعبد الرحمن بن عوف: "أقسمت عليك لما بعته ثم قسمته قبل أن تمسي"6.

_ 1 مُدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة. (جمهرة أنساب العرب ص 187) . 2 البيهقي: دلائل النبوة 6/325، عن الحسن مرسلاً، وابن كثير: التاريخ 4/69، من طريق الهيثم بن عدي. 3 البيهقي: دلائل النبوة6/325، 326، حكاية عن الشافعي، وابن كثير: التاريخ 4/69. 4 بخّ بخّ؛ مسكنين، وَمُنَوَّنين، ومشددين: كلمة تقال عن الرضى والإعجاب بالشيء، أو الفخر والمدح. (القاموس ص 317) . 5 القباء: ممدود، من الثياب: الذي يلبس مشتق من ذلك لاجتماع أطرافه. (لسان العرب 15/168) . 6 ابن كثير: التاريخ 4/69، وفيه الهيثم بن عدي، وهو متروك الحديث. (الجرح والتعديل 9/85، وأسامة بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف. (التقريب ص 98) .

وكان في ذلك سيف كسرى، فقال عمر: "الحمد لله الذي جعل سيف كسرى فيما يضره، ولا ينفعه، ثم قال: إن كسرى لم يزد على أن تشاغل بما أوتي من الدنيا عن آخرته، فجمع لزوج امرأته أو لزوج ابنته ولم يقدم لنفسه، ولو قدم لنفسه ووضع1 الفضول في مواضعها لحصل له"2. وقد حصل لعلي بن أبي طالب قطعة من بساط كسرى، فباعها بعشرين ألفاً، وكان قيد شبر في شبر3. ثم إن كسرى هرب من المدائن إلى حلوان، ووضع وراءه جيشاً كثيفاً، وأقسموا أن لا يفروا حتى يقتلوا العرب، فأرسل إليه سعد ابن أخيه هاشم في جيش بأمر عمر له ذلك، فسار إليهم فاقتتلوا قتالاً شديداً، فكانت وقعة جلولاء، وإنما سميت بذلك؛ لأن القتلى جللت الأرض. وغنموا قدر ما غنموا من المدائن، ثم بعث سعد بالخمس إلى عمر، وكان مع ذلك في جملة من قدم عليه زياد بن أبي سفيان4، فسأله عن كيفية الواقعة فذكرها فأعجب عمر إيراده، وأحب أن يسمع المسلمون ذلك، فقال: "أتستطيع أن تخطب الناس"؟ قال: "نعم، إنه ليس أحد على وجه الأرض أهيب عندي منك، وقد سمعت كلامي فكيف لا أقوى5 على أعظم من هذا مع غيرك"؟ فخطب الناس، فقال عمر: "إن هذا لهو الخطيب المصقع" يعني الفصيح6، ثم حلف

_ 1 مطموس في الأصل سوى: (وع) . 2 ابن كثير: التاريخ 4/70، عن سيف بن عمر. 3 الخبر بأطول في الطبري: التاريخ 4/22، من طريق سيف بن عمر. 4 زيادة بن أبيه. 5 في الأصل: (لاقوى) . 6 في لسان العرب 8/203: خطيب مِصْقعٌ: بليغ.

عمر أن لا يجن هذا المال سقف حتى يقسمه. فبات عبد الله1 بن أرقم2، وعبد الرحمن / [60 / أ] ابن عوف يرحسانه إلى الغد3. ولما فتح هاشم4 جلولاء5 أمره عمر أن يقيم بها، ويرسل القعقاع6 إلى حلوان، فهرب كسرى منها إلى الرّيّ، وجاء القعقاع ففتحها7. ثم كان فتح الموصل، وتكريت8، وما سبذان9، وقرقيسياء10، وهيت1112. وفيها بعث أبو عبيدة عمرو بن العاص إلى قنسرين فصالح أهل حلب،

_ 1 في الأصل: (زيد) وهو وهم، والمثبت من تاريخ الطبري وابن كثير. 2 الزهري. 3 ابن كثير: التاريخ4/70، 71، 72، والطبري عن سيف مفرقاً. (التاريخ4/24-30) . 4 في الأصل: (هشام) وهو تحريف. 5 في الأصل: (رجولا) وهو تحريف. 6 القعقاع بن عمرو التميمي الداري، أحد الشجعان الفرسان، كان له في قتال الفرس بالقادسية وغيرها بلاء عظيم، وشهد فتح دمشق. (الإصابة 5/245) . 7 ابن كثير: التاريخ 4/73، الطبري: التاريخ 4/34، من طريق سيف بن عمر. 8 تكريت: بلدة مشهورة بين بغداد والموصل، وهي إلى بغداد أقرب. (معجم البلدان 2/38) . 9 في الأصل: (ما سندان) وهو تصحيف. 10 قَرْقيسياء: بلد على نهر الخابور قرب رحبه مالك بن طوق على ستة فراسخ، وتسمى اليوم البصيرة. (معجم البلدان 4/338، مجلة العرب ص 268) . 11 هيت: بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار. (معجم البلدان 5/421) ، وعندها مِصبّ الخابور في الفرات. (معجم البلدان 4/328) . 12 ابن كثير: التاريخ 4/73، 74، الطبري: التاريخ 4/35، 36، 37، من طريق سيف ابن عمر

ومنبج، وأنطاكية على الجزية1، وفتح سائر بلاد قنسرين عنوة2. وفيها غرب عمر أبا محجن3. وفيها تزوج عبد الله بن عمر صفية4 بنت أبي عبيد أمير يوم الجسر5. وفيها حج عمر بالناس، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت67. وفيها توفيت مارية أم إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وسريته وكانت من الصالحات الكبار8. ثم دخلت سنة سبع عشرة: فيها انتقل سعد من المدائن إلى الكوفة بأمر عمر، لأنهم استوخموا9 المدائن، وبنوا الكوفة بالقصب فاحترقت في أثناء السنة، فأمرهم عمر أن يبنوها باللبن ولا يسرفوا، فعمل سعد المسجد وبنى عند محرابه قصر الإمارة، وبنى له قصراً عند السوق وكان يغلق باب قصره من غوغاء10 الناس، فأرسل عمر محمد بن مسلمة11 وأمره إذا انتهى إلى

_ 1 ابن كثير: التاريخ4/75، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص 162. 2 ابن كثير: التاريخ4/75، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 162. 3 ابن كثير: التاريخ 4/75، الطبري: التاريخ 4/38، عن الواقدي. 4 الثقفية، توفيت في إمارة عبد الله بن الزبير. (الإصابة 8/131) . 5 ابن كثير: التاريخ 4/75، الطبري: التاريخ 4/38، عن الواقدي. 6 الأنصاري النجاري، صحابي مشهور، كتب الوحي، توفي سنة خمس وأربعين. (التقريب ص 222) . 7 ابن كثير: التاريخ 4/75، الطبري: التاريخ 4/38، 39، عن الواقدي. 8 ابن كثير: التاريخ 4/76، ابن حجر: الإصابة 8/185. 9 في الأصل: (استوحموا) وهو تصحيف. قال ابن منظور: "بلدة وخمة ووخيمة: إذ لم يوافق سكنها) . (لسان العرب 12/361) . 10 الغوغاء: سَفِلة الناس. (لسان العرب 15/142) . 11 الأنصاري صحابي مشهور، توفي بعد الأربعين. (التقريب ص 75) .

الكوفة أن يقدح زناده، ويجمع حطباً، ويحرق باب قصره، ثم يرجع من فوره فانتهى ففعل ما أمر به، وأمر سعد أن لا يغلق بابه ولا يجعل بابه على أحد1. وفي هذه السنة حصر الروم أبا عبيدة وأصحابه بحمص فسار إليهم عمر من المدينة، وكتب إلى سعد أن يرسل جيشاً إليهم، وإلى أهل الجزيرة جيشاً, لأنهم قدموا معهم لنصرهم، فلما سمع بذلك أهل الجزيرة ساروا إلى بلدهم، فافتتحها عياض بن غَنْم2 أمير السرية إليهم، وخرج أبو عبيدة ومن معه من حمص فبارزهم فهربوا، وكان عمر قد وصل إلى سَرْغ فرجع لأجل الوباء3. وفيها تزوج عمر أم كلثوم بنت عليّ4. وفيها كانت قضية المغيرة ورميه بالزنا، وعزله عنها، وولاّها أبا موسى الأشعري5. وفيها فتحت الأهواز ومنَاذر6 / [60 / ب] ونهرتِيري78، وقدم العلاء بن الخضرمي على بلاد فارس من جهة البحر في المراكب، وكان عمر يكره ذلك، وكان عن غير أمر عمر بل هو بادر ذلك، فحصل لمن معه من الجيش مشقة، وحبس الكفار لهم، فعزله عن الجيش وأمر سعداً أن يرسل إليهم جيشاً

_ 1 ابن كثير: التاريخ4/76، 77، الطبري: التاريخ4/40-47، من طريق سيف بن عمر. 2 الفهري، شهد بدراً وأحداً والمشاهد، توفي بالمدينة سنة عشرين. (الإصابة 5/50) . 3 ابن كثير: التاريخ 4/83، الطبري: التاريخ 4/51، 52، 57. 4 ابن كثير: التاريخ 4/83، الطبري: التاريخ 4/69، عن الواقدي. 5 ابن كثير: التاريخ4/83، الطبري: التاريخ4/69، 70، 71، عن الواقدي، وسيف بن عمر. 6 منَاذر: بلدتان بنواحي خوزستان: مناذر الكبرى ومناذر الصغرى. (معجم البلدان 5/199) . 7 نهرتيري: بلد من نواحي الأهواز. (معجم البلدان 5/319) . 8 ابن كثير: التاريخ 4/84، الطبري: التاريخ 4/72، من طريق سيف بن عمر.

ففعل، فسار الجيش فوجدوهم في حصر شديد، وقد اجتمع عليهم من الجيوش ما لا يحصى فهزموا الكفار1، ثم كان فتح السوس، ورامهَرُمُز، وأسر الهرمزان بعد أن صولح ونقض العهد مرتين، وقدم به على عمر، فلما دنوا به من المدينة ألبسوه ثيابه ودخلوا به، فسألوا عن عمر، فقيل: نائم في المسجد، فجاءوا إليه وهو نائم متوسد بُرْنُساً2 ودرته معلقة في يده، فقال الهرمزان: "أين عمر؟ "، قالوا: "هوذا"، وجعلوا3 يحفظون أصواتهم هيبة له، لئلا ينبهوه خوفاً منه، وجعل الهرمزان يقول: "فأين حُجّابه؟، أين حرسه؟! " قالوا: "ليس له حُجّاب ولا حرس". فقال: "ينبغي أن يكون نبيّاً"، فقالوا له: "إنه ليس بنبيّ، ولكن يعمل عمل النبيّ، فاستيقظ عمر، فقال: "الهرمزان؟ "، قالوا: "نعم". ثم وقع له أمور يطول ذكرها، ثم أسلم إلى أن قتله عبيد الله بن عمر4. ثم دخلت سنة ثمان عشرة: فكان فيها القحط المعروف بعام الرمادة، وطاعون عَمَواس5. وفيها حجّ بالناس عمر، وفتحت الرّقّة، والرّها، وحرّان على يد عياض بن غَنْم، ورأس عين الوردة6 على يد عمير بن سعد78، وفتحت

_ 1 ابن كثير: التاريخ 4/85، 86، الطبري: التاريخ 4/79، من طريق سيف بن عمر. 2 البَرْنس - بالضم - قَلَنْسُوَةٌ طويلة، أو كل ثوبٍ راسه منه، دُرَّاعة كان أو جُبّة أو ممطراً. (القاموس ص 685) . 3 في الأصل: (وجعلوا) . 4 ابن كثير: التاريخ 4/87، الطبري: التاريخ 4/83، من طريق سيف بن عمر. 5 ابن كثير: التاريخ 4/92، الطبري: التاريخ 4/96. 6 رأس عينٍ: مدينةكبيرةمن مدن الجزيرة بين حَرّان ونصيبين ودُنيسر. (معجم البلدان3/14) . 7 في الأصل، وابن كثير: (عمر بن سعد بن أبي وقاص) . وهو وهم؛ لأن عمر بن سعد لم يدرك ذلك، والمثبت من الطبري. 8 الأنصاري الأوسي، صحابي، كان عمر يسميه: نسيبح وحده. (التقريب ص 431) .

شمشاط1، وسار عياض2 إلى الموصل فافتتحها3. ومن أعيان من توفي في طاعون عَمَواس: الحارث بن هشام4، وشرحبيل بن حسنة، ومعاذ بن جبل، وأبو عبيدة بن الجراح أمير المسلمين ببلاد الشام، والفضل بن عباس5، ويزيد بن أبي سفيان6، وأبو جندل7، وأبو مالك الأشعري8، وغيرهم9. ثم دخلت سنة [تسع] 10 عشرة: وفيها قتل صفوان بن المعطّل11. وفيها كانت وقعة / [61 / أ] بأرض العراق12. وفيها توفي أبي بن كعب سيد القرّاء13.

_ 1 شمشاط: مدينة بالروم على شاطئ الفرات، شرقيها بالوية وغربيها خرتبرت، وهي الآن محسوبة من أعمال خرتبرت. (معجم البلدان 3/362) . 2 ابن غنم. 3 ابن كثير: التاريخ 4/95، الطبري: التاريخ 40/101، عن الواقدي. 4 ابن المغيرة المخزومي، صحابي، أسلم يوم الفتح ثم حسن إسلامه، وتوفي في طاعون عَمَواس. (الإصابة 1/307) . 5 ابن عبد المطب. 6 الأموي، أمير الشام، أسلم عام الفتح. (الإصابة 6/431) . 7 ابن سهيل بن عمرو القرشي له صحبة وجهاد. (تاريخ الإسلام ص 184، الإصابة 7/33) . 8 كعب بن عاصم الأشعري، نزل الشام ومصر. (التقريب ص 461، ابن كثير: التاريخ 4/98) . 9 ابن كثير: التاريخ 4/97، 98، الذهبي: تاريخ الإسلام ص: 183، 184، 185. 10 سقط من الأصل. 11 السلمي الذكواني، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإفك: "ما علمت عليه إلا خيراً". الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 189. 12 ابن كثير: التاريخ 4/98، الذهبي: تاريخ الإسلام ص: 187، 188. 13 ابن كثير: التاريخ 4/99، الذهبي: تاريخ الإسلام ص: 191.

ثم دخلت سنة عشرين: فيها كان فتح بلاد مصر، والإسكندرية على يد عمرو بن العاص، وكان نيل مصر لا يزيد كل سنة حتى تشترى له جارية بكر أبويها، وتزين وتلقى فيه، فمنعهم عمرو من ذلك، فلم يزد حتى هم أهل مصر بالجلاء عنها، فكتب إلى عمر بذلك، فكتب إليه عمر قد أصبت وإني قد بعثت إليك ببطاقة داخل كتاب فألقها في النيل، فأخذ عمرو1 البطاقة فإذا فيها مكتوب: "من عبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، إلى نيل مصر، أما بعد: فإن كنت إنما تجري من قِبَل نفسك، وبأمرك فلا تجري ولا حاجة لنا بك، وإن كنت إنما تجري بأمر الله القادر على كل شيء، فنسأل الله القادر على كل شيء أن يجريك. قال: فألقى البطاقة فيه، والنيل قد تقلص ونقص جداً، فأصبح في اليوم الثاني، وقد أجرى الله النيل وزاد ستة عشر ذراعاً في ليلة واحدة2. فيها دخل عبد الله بن قيس3 أرض الروم فسلم وغَنِم4. وفيها عزل عمر قدامة5 عن البحرين وحده في الشراب6. وفيها شكى أهل الكوفة سعداً إلى عمر فعزله عنها7.

_ 1 في الأصل: (عمر) وهو تحريف. 2 ابن كثير: التاريخ 4/91، 102. 3 أبو بحرية البراعيمي مشهور بكنيته. (الإصابة 7/22) . 4 ابن كثير: التاريخ 4/103، الطبري: التاريخ 4/112) . 5 ابن مظعون القرشي الجمحي، أحد السابقين الأوّلين هاجر الهجرتين، وشهد بدراً، توفي سنة ست وثلاثين. (الإصابة 5/232) . 6 في الأصل: (الشرب) وهو تحريف. 7 ابن كثير: التاريخ 4/103.

وفيها أجلى عمر يهود خيبر، ونصارى نجران، ودوّن الدواوين، وفيها بعث عمر علقمة1 إلى الحبشة في البحر فأصيبوا، فآلى عمر على نفسه أن لا يبعث جيشاً في البحر2. وفيها مات بلال، وأُسيد بن حُضَير3، وأنيس بن مرثد4، وسعيد ابن عامر5، وعياض بن غَنم، وأبو سفيان بن الحارث6، وأبو الهيثم بن التيهان7، وزينب بنت جحش أم المؤمنين، وصفية بنت المطلب8 أم الزبير وعمة النبي صلى الله عليه وسلم وعويم بن ساعدة. ثم دخلت سنة إحدى وعشرين: فيها كان فتح (نهاوند) ، ويقال لها: فتح الفتوح، فإنه لم يقع على المسلمين بأرض العراق أشد منها، لم يرعبهم أكثر منها، ولا هاب عمر غيرها، وعزم أن يسير إلى العراق فمنعه الصحابة من ذلك، ثم كان الظفر فيها للمسلمين بعد حرب كثير جداً، وقتل فيها جماعة من المسلمين، وقتل من الكفار ما لا يحصى، وغنموا نحو ما غنموا من المدائن9 10.

_ 1 ابن مجزز المدلجي، صحابي، شهد اليرموك، وحضر الجابية وكان عاملاً لعمر على فلسطين. (الإصابة 6/267) . 2 ابن كثير: التاريخ 4/103، الطبري: التاريخ 4/112، عن الواقدي. 3 الأنصاري الأشهلي. 4 ابن أبي مرثد الغنوي، هو وأبوه وجده صحابة. (تاريخ ابن كثير 4/104، الإصابة 1/77، 78) . 5 ابن خذيم الجمحي، أسلم قبل خيبر، ولاه عمر حمص وكان مشهوراً بالخير. (الإصابة 3/99) . 6 الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة. (الإصابة 6/86) . 7 الأنصاري الأوسي، شهد بدراً والعقبة والمشاهد كلها. (الإصابة 7/209) . 8 الهاشمية. (الإصابة 8/128) . 9 ابن كثير: التاريخ 4/104، 105، 106. 10 ابن كثير: التاريخ 4/107، 108، 109، الطبري: التاريخ 4/114، 115.

وبعدها فتحت مدينة جَي وأصبهان1 بعد قتال كثير / [61/ب] وفتح أبو موسى قم2 وقاشان3، وفتح سهيل بن عدي4 كرمان، وفتحعمرو بن العاص طرابلس، وبعث عقبة بن نافع5 إلى زويلة6 فافتتحها. وفيها ولى عمر عمارَ بن ياسر على الكوفة، وجعل عبد الله بن مسعود على بيت المال، فاشتكى أهل الكوفة عماراً، واستعفى هو أيضاً فعزله، وولى جبير بن معطم7، ثم عزله قبل المسير، وولى المغيرة بن شعبة فلم يزل عليها إلى أن قتل عمر8. وفيها توفي خالد بن الوليد سيف الله وسيف رسوله، وطليحة بن خويلد الأسدي سيد الفرسان المعدود بألف، وعمرو بن معدي كرب9 كبير الشجعان، والعلاء بن الحضرمي المجاب الدعوة، والنعمان بن مقرن10.

_ 1 جيّ - بالفتح ثم التشديد -: اسم مدية ناحية أصبهان القديمة، وهي الآن كالخراب منفردة. (معجم البلدان 4/397) . 2 قُمُّ - بالضمّ، وتشديد الميم -: مدينة تذكر مع قاشان، وتقع بين أصبهان وساوة. (معجم البلدان 4/397) . 3 قاشَان: مدينة قرب أصبهان تذكر مع قُمّ. (معجم البلدان 4/296) . 4 الأزدي حليف بني عبد الأشهل. (الإصابة 3/145) . 5 الفهري، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد فتح مصر مع عمرو بن العاص، وبنى القيروان، وقتل سنة ثلاث وستين. (الإصابة 5/81) . 6 زَوِيلة: بلد مقابل أجدابية في البرّ بين السودان وإفريقية. (معجم البلدان 3/160) . 7 القرشي النوفلي، صحابي عارف بالأنساب، توفي سنة ثمان - أو تسع - وخمسين. (التقريب ص 138) . 8 ابن كثير: التاريخ 4/114، 115. 9 الزبيدي أحد فرسان العرب أسلم في السنة التاسعة، شهد القادسية وله فيها بلاء حسن. (الإصابة 4/18) . 10 ابن كثير: التاريخ 4/115، 121، 122، 123، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 229، 239.

ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين: كان فيها فتح هَمَدان ثانية والرّيَ، وأذربيجان، وقُومِس1 فتحها سويد بن مقرن2، وجُرجان3، وطبرستان4، وباب الأبواب5 وغيرها6، وكان في هذه السنة فتوحات كثيرة7. وفيها كان فتح أرمينية، وجبال ألان8، وتَفِلِيس9، ومُقان10. ولما استقر أمر تلك البلاد كتب عمر إلى عبد الرحمن بن ربيعة11 يأمره

_ 1 قُومِس - بالضم ثم السكون، وكسر الميم -: كورة كبيرة واسعة تشتمل على مدن وقرى ومزارع، وهي في ذيل جبل طبرستان وأكبر ما يكون في ولاية ملكها. (معجم البلدان 4/414) . 2 المزني، صحابي، نزل الكوفة مشهور. (التقريب ص 260) . 3 جُرجان: مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان، فبعض يعدها من هذه وبعض يعدها من هذه. (معجم البلدان 2/119) . 4 طَبَرستان: بلدان واسعة كثيرة يشملها هذا الاسم، وهذه البلاد مجاروة لجيلان وديلمان، وهي بين الريّ وقومس والبحر وبلاد الديلم والجبل، فمن أعيان بلدانها: دهشتان، وجرجان، وآمل. (معجم البلدان 4/13) . 5 باب الأبواب: مدنية على بحر طبرستان، وهو بحر الخزر. (معجم البلدان 1/303) . 6 في الأصل " غيرهم " وهو تحريف. 7 ابن كثير: التاريخ 4/123، 125، الطبري: التاريخ 4/146-157. 8 جبال أللان: بلاد واسعة لهم بلاد متاخمة للدربند في جبال القبْق وليس هناك مدينة كيبرة مشهورة. (معجم البلدان 1/245) . 9 تفليس - يفتح أوّله ويكسر -: بلد بأرمينية الأولى وبعض يقول بارّان، وهي قصبة ناحية جرْزان قرب باب الأبواب. (معجم البلدان 2/35) . 10 مُوقان - بالضم ثم السكون -: ولاية فيها قرى ومروج كثيرة تحتلها التركمان للرّعي فأكثر أهلها منهم، وهي بأذربيجان يمرّ القاصد نمن أردييل إلى تبريز في الجبال. (معجم البلدان 5/225) . 11 الباهلي، شهد القادسية، استعمله عمر على الباب والأبواب، وقتال الترك واستشهد في بلنجر في خلافة عثمان. (الإصابة 4/159) .

بغزو بلاد الترك، وكان، وصدق الله حديث رسوله12. وفيها حجّ بالناس عمر3. وفيها غزا الأحنف خراسان، فافتتحها بعد أمور شديدة، وفتح حذيفة الدينور عنوة4. ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين5: وكانت وقعة سارية بن زُنَيم، وفتح كرمان، وسجستان، ومكران6. وفيها كانت وقعة الأكراد7. وفي هذه السنة قتل عمر - رضي الله عنه. وقال جماعة: فتح الفتوح8، ومصر الأمصار، وجند الأجناد، ووضع الخراج9، ودون الدواوين، وفرض الأعطية، واستقضى القضاة، وكور الكور، مثل السواد، والأهواز، والجبال10، وفارس وغيرها.

_ 1 يشير إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر، وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين". الحديث: (صحيح البخاري، كتاب المناقب 3/1315، رقم: 3394، صحيح مسلم، كتاب الفضائل رقم: 2364) . 2 ابن كثير: التاريخ 4/126. 3 ابن كثير: التاريخ 4/129، 130، 133، الطبري: التاريخ 4/167. 4 ابن كثير: التاريخ 4/129، 130، 133، الطبري: التاريخ 4/167. 5 في الأصل: (ثلاث عشرة) وهو تحريف. 6 ابن كثير: التاريخ 4/134، 137، الطبري: التاريخ 4/178، 189. 7 ابن كثير: التاريخ 4/134، 137، الطبري: التاريخ 4/178، 189. 8 في الأصل: (فتح فتوح) والتصويب من تاريخ ابن كثير. 9 في الأصل: (الخزاد) وهو تحريف. . 10 يطلق اسم إقليم الجبال على البلاد الجبلية الواسعة الممتدة من سهول العراق، والجزيرة في الغرب إلى مفازة فارس الملحية في الشرق ثم سمي هذا الإقليم بعراق العجم. (مراصد الإطلاع 1/309، فتوح البلدان للبلاذري ص 703) .

وفتح الشام كلّه، والجزيرة، والموصل، وميا فارقين1، وآمد وأرمينية، ومصر، وإسكندرية، وطرابلس الغرب، وبرْقة2، ومدن الشام كلّها، وحلب، وأنطاكية، والرّها، والرّقّة، وديار بكر34، وديار ربيعة5، وبلاد الموصل كلّها / [62 / أ] ، وسائر مدن كسرى كالقادسية والحيرة، وبهرسير6، وساباط7، وكور الفرات8، ودجلة، والأُبلة9، والبصرة، والأهواز، وفارس، ونهاوند، وهمذان، والرّيّ، وقومس، وخراسان، واصطخر، وأصبهان، والسوس، ومرو، ونيسابور، وجرجان، وأذربيجان، وغير ذلك10.

_ 1 في الأصل: (منافارين) وهو تحريف. 2 برقة - بفتح أوّله والقاف -: اسم صُقع كبير يشتمل على مُدن وقرى بين الأسكندرية وإفريقية، واسم مدينتها أنطابلس. (معجم البلدان 1/388) . 3 ديار بكر: هي بلاد كبيرة واسعة، حدّها ما غرّب من دجلة إلى بلاد الجبل المطلّ على نصيبين إلى دجلة، ومنه: حصن كيفا آمد ومَيّافارقين. (معجم البلدان 2/494) . 4 في الأصل: (منافارين) وهو تحريف. 5 ديار ربيعة: بين الموصل إلى رأس عين نحو بقعاء الموصل ونصيبين، ورأس عين ودُنيسر والخابور جميعه وما بين ذلك من المدن والقرى. (معجم البلدان 2/494) . 6 في الأصل: (نهر شير) وهو تصحيف. 7 ساباط كسرى: بالمدائن موضع معروف، سمي بساباط بن باطا الذي كان ينزل به. معجم البلدان 3/166) . 8 في الأصل: (الفراه) وهو تحريف. 9 الأبلة: بلدة على شاطئ دجلة العظمى في زاوية الخليج يدخل إلى مدينة البصرة. (معجم البلدان 1/76، 77) . 10 ابن كثير: التاريخ 4/138.

الباب الثالث والأربعون: حجاته

الباب الثالث والأربعون: حجاته ... الباب الثالث والأربعون: في ذكر حجاته تقدم حديث محمّد بن بكار1: "أن أوّل سنة حجّ عبد الرحمن بن عوف على رأس خمسة أشهر من خلافته، وهي سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وفي سنة أربع عشرة حجّ عمر، وحجّ سنة خمس عشرة، وحجّ سنة ست عشرة، وحجّ سنة سبع عشرة، وحجّ سنة ثمان عشرة، وحجّ سنة تسع عشرة، وحجّ سنة إحدى وعشرين، وحجّ سنة اثنتين وعشرين، وحجّ سنة ثلاث وعشرين"2. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - ولي عمر فاستعمل عبد الرحمن يعني على الحجّ، ثم كان هو يحجّ سنينه حتى مات3. وقال أبو عبد الله محمّد بن سلامة4، في كتاب: (عيون المعارف) : "حجّ بالناس عشر سنين متوالية آخرها سنة ثلاث وعشرين"5. وفي الصحيح عن إبراهيم6 عن أبيه7 عن جده8: أذن عمر لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجّها فبعث معهن عثمان وعبد الرحمن9.

_ 1 الهاشمي مولاهم. 2 سبق تخريجه ص 494-496. 3 الطبري: التاريخ 2/479، وفيه أبو معشر وهو ضعيف. (التقريب ص 470) . 4 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. 5 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / أ. 6 إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري، نزيل بغداد، ثقة تُكلم فيه بلا قادح، توفي سنة خمس وثمانين ومئة. (التقريب ص 89) . 7 سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ولي قضاء المدينة، وكان ثقة فاضلاً عابداً، توفي سنة خمس وعشرين ومئة. (التقريب ص 230) . 8 إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، قيل: له رؤية، وسماعة من عمر أثبته يعقوب بن شيبة، توفي سنة خمس وتسعين. (التقريب ص 91) . 9 البخاري: الصحيح، كتاب الإحصار وجزاء الصيد 2/658، رقم: 1761.

الباب الرابع والأربعون: تركه السواد غير مقسوم ووضعه الخراج

الباب الرابع والأربعون: تركه السواد غير مقسوم ووضعه الخراج ... الباب الرابع والأربعون: في ذكر تركه السّواد غير مقسوم ووضعه الخراج ذكر ابن الجوزي عن إبراهيم التيمي1، قال: "لما افتتح المسلمون السواد قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اقسمه بيننا"، فأبى، فقالوا: "إنا فتحناه عنوة"، قال: "فما لمن جاء بعدكم من المسلمين؟ فأخاف أن تفاسدوا بينكم في المياه، وضرب على رؤوسهم الضراب - يعني الجزية - وعلى أرضهم الطسْق2 - يعني الخراج - ولم يقسمها بينهم"3. وعن أسلم عن عمر رضي الله عنه قال: "لولا أني أترك الناس ببّاناً4 لا شيء لهم ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر"5. وعن يزيد بن أبي حبيب6، قال: "كتب عمر إلى سعد رضي الله عنه حين افتتح العراق: أما بعد: فقد بلغني كتابك تذكر أن الناس سألوك أن تقسم عليهم مغانمهم، وما أفاء الله عليهم، فإذا أتاك كتابي

_ 1 إبراهيم بن يزيد التيمي، الكوفي العابد، ثقة إلا أنه يرسل ويدلس، توفي سنة اثنتين وتسعين، وله أربعون سنة. (التقريب ص 95) . 2 الطسق: الوظيفة من خراج الأرض المقرر، وهو فارسي معرب. (النهاية 3/124) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 92، سعيد بن منصور: السنن 2/227، ابن زنجويه: الأموال 1/191، والخطيب: تاريخ بغداد 1/7، وهذا الأثر ضعيف، لأن التيمي لم يدرك عمر. 4 ببّاناً - بموحدتين مفتوحتين الثانية ثقيلة -: قال ابن مهدي: "يعني: شيئاً واحداً"، وقال الأزهري: "الببّا؛ المعدم الذي لا شيء له". (تهذيب اللغة 15/592، فتح الباري 7/490) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1548، رقم: 3994. 6 المصري، ثقة فقيه، وكان يرسل، توفي سنة ثمان وعشرين ومئة. وقد قارب الثمانين. (التقريب ص 600) .

هذا فانظر ما أجلب الناس عليك من كراع أو مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين، واترك الأرضين والأنهار لعمّالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين، فإنك إن قسمتها فيمن حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء"1. وعن ابن أبي ليلى2 عن الحكم3 أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث عثمان بن حنيف4 يمسح السواد فوضع على كل جريب5 عامر أوغامر6 حيث يناله الماء قفيزاً7ودرهماً، قال وكيع8: يعني: الحنطة والشعير. ووضع على كلّ جريب الكرم عشرة دراهم، ووضع على كلّ جريب الرطاب خمسة دراهم9. وعن الشعبي: أن عمر بعث عثمان بن حنيف يمسح السواد فوجده ستة

_ 1 أبو عبيد: الأموال ص 64، ابن زنجويه: الأموال 1/194، الخطيب: تاريخ بغداد 1/8، البيهقي: السنن 9/134، وهو ضعيف؛ لأن يزيد بن أبي حبيب لم يدرك عمر، فروايته عنه منقطعة. 2 محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، الكوفي، صدوق سيء الحفظ جداً توفي سنة ثمان وأربعين ومئة. (التقريب ص 493) . 3 الحكم بن عُتبة الكندي، ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس، توفي سنة ثلاث عشرة، أو بعدها. (التقريب ص 175) . 4 الأنصاري الأوسي، صحابي شهير، استعمله عمر على مساحة أرض الكوفة، وعليّ على البصرة قبل الجمل، توفي في خلافة معاوية. (التقريب ص 383) . 5 الجريب يساوي: 1366 متراً مربعاً، أي: ما يعادل دونماً وثلث تقريباً. (الأموال في دولة الخلافة ص 59) . 6 الغامر: هو الذي يصلح للزراعة ويحتملها ولكنه لم يزرع، سمي غامراً لأن الماء يغمره. (النهاية 3/383) . 7 القفيز يساوي 113، 36 كغم. (الأموال في دولة الخلافة ص 63) . 8 وكيع بن الجراح الرؤاسي، ثقة، توفي أوّل سنة سبع وتسعين ومئة. (التقريب ص 734) . 9 ابن أبي شيبة: المصنف 4/463، الخطيب: تاريخ بغداد 1/11، وهو ضعيف؛ لأن ابن أبي ليلى سيء الحفظ جداً، والحكم لم يدرك عمر، فروايته عن عمر منقطعة.

وثلاثين ألف ألف جريب فوضع على كل جريب درهماً وقفيزاً"1. قال أبو عبيد2: "أرى حديث مُجالد3 عن الشعبي هو المحفوظ"4 / [62 / ب] ، قال ابن الجوزي: "ويقال إن حدّ السواد الذي وضعت عليه المساحة، من لدن تُخوم5 الموصل ماداً مع الماء إلى ساحل البحر، ببلاد عَبَّادان6 من شرق دِجْلة هذا طوله، فأما عرضه؛ فحده منقطع الجبل من أرض خلوان إلى منتهى طرف القادسية بالعُذَيب7 من أرض العرب، فهذه حدود السواد وعليها وقع الخراج"8.

_ 1 أبو عبيد: الأموال ص 75، ابن أبي شيبة: المصنف 2/430، ابن زنجويه: الأموال 1/214، والخطيب: تاريخ بغداد 1/11، وهو ضعيف، ففي إسناده ابن أبي شيبة حجاج بن أرطأة صدوق كثير الخطأ والتدليس. (التقريب رقم: 1119، ورواية الباقين عن الشعبي وروايته عن عمر مرسلة، وبطريقيه يرتقي لدرجة الحسن لغيره. 2 القاسم بن سلاّم البغدادي، الإمام المشهور، ثقة فاضل مصنف، توفي سنة أربع وعشرين ومئتين. (التقريب ص 450) . 3 ابن سعيد الهمداني، ليس بالقوي وقد تغير في آخر عمره، توفي سنة أربع وأربعين. (التقريب ص 520) . 4 أبو عبيد: الأموال ص 79، ابن الجوزي: مناقب ص 93، وقد خالف ابن القيم ما ذهب إليه أبو عبيد من أخذه بالأثر الذي فيه أن عمر لم يجعل على الكرم، والنخل، والرطاب، شيئاً واستنكر على أبي عبيد أخذه بالأثر الضعيف ورده للآثار الثابتة بأخذ الخراج على النخيل، والكرم، والرطاب وغيرها. (انظر: أحكام أهل الذمة 1/110، 111) . 5 التخوم-بالضم-: الفصل بين الأرضين من المعالم والحدود. (القاموس ص1399) . 6 عبّادان: مكان منسوب لعباد بن الحصين التميمي، وهو تحت البصرة قرب البحر الملح، فإن دجلة إذا قاربت البحر انفرقت فرقتين، عبادان في هذه الجزيرة التي بين النهرين. (معجم البلدان 4/74) . 7 العُذيب: تصغير العذب، وهو الماء الطيب، وهو ماء بين القادسية والمغيثة. (معجم البلدان 4/92) . 8 ابن الجوزي: مناقب ص93، أبو عبيد: الأموال ص78، الخطيب: تاريخ بغداد 1/11) .

وعن هشام بن محمّد بن السائب1 قال: "سمعت أبي يقول: إنما سمي السواد؛ لأن العرب حين جاءوا نظروا إلى مثل الليل من النخل، والشجر، والماء فسموه سواداً "2. وهنا أربعة فصول الفصل الأوّل: السواد الذي فتح عنوة، ولم يقسم كأرض الشام، والعراق، ومصر، إلا أن أرضاً بالعراق فتحت صلحاً وهي، الحيرة، والليس3، وبانِقيا4، وأرض بني صلوبا، وهذه الأراضي وقفها عمر رضي الله عنه على المسلمين وأقرّها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كلّ عام، ولم يقدر مدتها لعموم المصلحة فيها5. الفصل الثاني إن عمر رضي الله عنه هو أوّل من ترك السواد غير مقسوم وضع عليه الخراج، ثم الأرض ثلاثة أضرب: - ما فتحت عنوة، وهي ما أجلي عنها أهلها بالسيف، فيخير الإمام بين قسمها ووقفها على المسلمين، ويضرب عليها خراجاً مستمراً، يوجده من هي معه

_ 1 قال أبو حاتم: "كان صاحب أنساب وسمر وهو أحب إليّ من أبيه. (الجرح والتعديل 9/69) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 93. 3 أُلّيس: موضع في أوّل العراق من ناحية البادية، كانت فيه وقعة بين المسلمين والفرس. (معجم البلدان 1/248) . 4 بانقيا - بكسر النون - ناحية من نواحي الكوفة، كانت على شاطئ الفرات. (مراصد الإطلاع 1/158) . 5 انظر: ابن رجب: الاستخراج لأحكام الخراج ص 271.

يكون أجرة لها لكل عام1. وعن أحمد في رواية أخرى: أنها تصير وقفاً بنفس الاستيلاء عليها2. وعنه رواية أخرى: تقسم بين الغانمين3. - الضرب الثاني: ما أجلي عنها أهلها خوفاً، فتصير وقفاً بنفس الظهور عليها4. وعن أحمد رواية أخرى: حكمها حكم العنوة5. - الضرب الثالث: ما صولحوا عليه وهو ضربان: تارة نصالحهم على أنّ الأرض لنا، ونُقرّها معهم بالخراج، فهذه تصير وقفاً أيضاً6. وتارة نصالحهم على أنها لهم، ولنا الخراج عنها، فهذه ملك لهم وخراجها كالجزية إن أسلموا سقط عنهم، وإن انتقلت إلى مسلم فلا خراج، ويقرون فيها بغير جزية؛ لأنهم في غير دار الإسلام بخلاف التي قبلها7.

_ 1 ابن قدامة: المقنع ص 91، المرداوي: الإنصاف 4/190، الحجاوي: الإقناع 2/31. 2 ابن قدامة ص 91، المجد: المحرر 2/178، ابن مفلح: الفروع 6/240، المرداوي: الإنصاف 4/190. 3 ابن قدامة: المقنع ص 91، المجد: المحرر 2/178، ابن مفلح: الفروع 6/240، المرداوي: الإنصاف 191. 4 ابن قدامة: المقنع ص 91، المجد: المحرر 2/179، ابن مفلح: الفروع 6/240، المرداوي: الإنصاف 4/191، الحجاوي: الإقناع 2/32. 5 ابن قدامة: المقنع ص 91، المجد: المحرر 2/179، ابن مفلح: الفروع 6/240، المرداوي: الإنصاف 4/191. 6 ابن قدامة: المقنع ص 91، المجد: المحرر 2/179، ابن مفلح: الفروع 6/240، المرداوي: الإنصاف 4/191، الحجاوي: الإقناع 2/32. 7 ابن قدامة: المقنع ص 91، المجد: المحرر 2/179، ابن مفلح: الفروع 6/241، المرداوي: الإنصاف 4/192، الحجاوي: الإقناع 2/32.

ما يناله الماء مما لا يمكن زرعه فلا خراج فيه، فإن أمكن زرعه عاماً بعد عام، ويؤخذ1 نصف خراجه في كلّ عام2. والخراج على المالك دون المستأجر، وهو كالدين يحبس به الموسر ويُنظر به المعسر، ومن عجز عن عمارة أرضة أجبر على إجارتها أو رفع يده عنها3. ويجوز أن يرشو العامل ويهدى له ليدفع عنه الظلم في خراجه، ولا يجوز / [63 / أ] له ذلك ليدع4 له منها شيئاً، وإذا رأى الإمام المصلحة في إسقاط الخراج عن إنسان جاز5، ولا يجوز من غير مصلحة. الفصل الثالث المرجع في الخراج والجزية إلى اجتهاد الإمام في الزيادة والنقصان على قدر الطاقة في إحدى الروايتين عن أحمد6. والرواية الأخرى: ترجع إلى ما ضربه عمر رضي الله عنه لا يزاد ولا ينقص7. وعنه رواية ثالثة: تجوز الزيادة دون النقص8.

_ 1 في الأصل: (وخذ) . 2 ابن قدامة: المقنع ص 91، المجد: المحرر 2/179، ابن مفلح: الفروع 6/241، المرداوي: الإنصاف 4/195، 196. 3 ابن قدامة: المقنع ص91، 92، ابن مفلح: الفروع 6/242، الحجاوي: الإقناع2/34. 4 في الأصل: (يدع) ، والتصويب من المقنع. 5 ابن قدامة: المقنع ص 92، المجد: المحرر 2/180، ابن مفلح: الفروع 6/242، المرداوي: الإنصاف 4/197. 6 ابن قدامة: المقنع ص91، ابن مفلح: الفروع6/241، المرداوي: الإنصاف4/193. 7 ابن قدامة: المقنع ص91، ابن مفلح: الفروع6/241، المرداوي: الإنصاف4/194. 8 ابن قدامة: المقنع ص91، ابن مفلح: الفروع6/241، المرداوي: الإنصاف 4/193.

قال أحمد وأبو عبيد: "أعلى وأصح حديث في أرض السواد حديث عمروبن ميمون1"2. قال الشيخ موفق الدين وغيره: "يعني أن عمر وضع على كلّ جريب درهماً وقفيزاً". وقال: "القفيز: ثمانية أرطال - يعني بالمكي - فتكون ستة عشر رطلاً بالعراقي"3. والجريب: عشر قصبات في عشر قصبات، والقصبة: ستة أذرع، وهو ذراع وسط، وقبضة، وإبهام قائمة"45. الفصل الرابع ما فتح عنوة ولم يقسم، لا يصح بيعه، فلا يصح بيع أرض الشام ومصر والعراق، إلا المساكن والأراضي التي بالعراق فتحت صلحاً، وذلك لأن عمر وقفها، والوقف لا يجوز بيعه6. وعن أحمد - رحمه الله تعالى - رواية أخرى: "أنه كره بيعها، وأجاز شراءها"7.

_ 1 الأودي، ثقة عابد، نزل الكوفة، توفي سنة أربع وسبعين. (التقريب ص 427) . 2 ابن قدامة: المقنع ص 91، الكافي 4/327. 3 انظر: ص 544. 4 انظر: ص 544. 5موفق الدين: الكافي4/327، 328، المقنع ص91، المجد: المحرر2/197، الحجاوي: الإقناع2/33 6 انظر: المجد: المحرر 2/180، ابن قدامة: الكافي 4/324، ابن مفلح: الفروع 4/38. 7 انظر: ابن قدامة: الكافي 4/325، المغني 4/193، ابن مفلح: الفروع 4/38.

وعلى قولنا لا يجوز بيعها ويجوز إجارتها؛ لأن الوقف تجوز إجارته1، وإذا باعها، وقلنا بصحة البيع انتقل الخراج إلى المشتري، وإن قلنا بعد الصحة فالخراج على البائع2. وإذا أجّرها فالخراج على المؤجر دون المستأجر3. وقد أطال ابن رجب الكلام على ذلك في كتاب: (الاستخراج لأحكام الخراج"4. فصل في: (الموطّأ) عن ابن عمر: "أن عمر بن الخطاب كان يأخذ من النبط من الحنطة والزبيب5، نصف العشر، يريد بذلك أن يكثر الحَمْل إلى المدينة، ويأخذمن القِطْنِيّة6 العشر"7. وعن السائب بن يزيد8 أنه قال: "كنت غلاماً مع عبد الله بن عتبة بن مسعود9 على سوق المدينة، في زمان عمر، فكُنَّا نأخذ من النَّبْط العشر"10.

_ 1 انظر: ابن قدامة: الكافي 4/324. 2 انظر: ابن قدامة: المغني 4/195. 3 انظر: الحجاوي: الإقناع 2/34. 4 ابن رجب: الاستخراج لأحكام الخراج ص 271. 5 في الأصل: (الزيت) ، وهو تحريف. 6 القطنية - بالضم وبالكسر -: ما سوي الحنطة والشعير والزبيب والتمر. (القاموس ص 1581) . 7 مالك: الموطّأ 1/738، وإسناده صحيح. 8 الكندي، ابن أخت النّمر، صحابي صغير، توفي سنة إحدى وتسعين، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة. (التقريب ص 228) . 9 الهُذَلي، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ووثقه العجلي وجماعة، توفي بعد السبعين. (التقريب ص 313) . 10 مالك: الموطّأ 1/288، وإسناده صحيح.

وعن مالك: أنه سأل ابن شهاب على أيّ وجه أخذ عمر بن الخطاب من النّبط العشر؟، قال: "كان يؤخذ منهم في الجاهلية، فألزمهم ذلك عمر بن الخطاب"1. وعن مالك أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين. وأن عمر بن الخطاب أخذها من مجوس فارس، وأن عثمان بن عفان أخذها من البربر23. وعن جعفر بن محمّد4 عن أبيه: أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال: "ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ "، فقال عبد الرحمن بن عوف: "أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" 5. وعن أسلم مولى عمر: أن عمر ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير، وعلى أهل الورق أربعين درهماً، مع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام6. وعن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر كان يؤتى بنعم كثيرة من نعم الجزية7. / [63 / ب] .

_ 1 مالك: الموطّأ 1/289، وإسناده صحيح إلى ابن شهاب. 2 البربر: قبيلة بالمغرب من ولد قبط بن حام، وقد انتسب بعضهم في حمير، وأنكر ذلك أكثر الناس. (القصد والأمم ص 36) . 3 مالك: الموطّأ 1/289، وهو منقطع، والخبر في أبي عبيد: الأموال ص 37، عن ابن شهاب وهو ضعيف، لانقطاعه. 4 في الأصل: (محمّد بن جعفر) ، والتصويب من الموطّأ. 5 مالك: الموطّأ1/289، وهو ضعيف، لانقطاعه، وأخرجه البخاري عن عبد الرحمن بن عوف، الصحيح، كتاب أبواب الجزية والموادعة 3/1151، رقم: 2987. 6 مالك: الموطّأ 1/290، وإسناده صحيح. 7 مالك: الموطّأ1/291، عن زيد بن أسلم، في رواية أبي مصعب الزهري، ولم يدر في رواية يحيى.

الباب الخامس والأربعون: عدله ورئاسته

الباب الخامس والأربعون: عدله ورئاسته ... الباب الخامس والأربعون: في ذكر عدله ورئاسته ذكر ابن الجوزي عن عامر الشعبي قال: "قال عمر رضي الله عنه: "والله لقد لان قلبي حتى لهو ألين من الزبد، ولقد اشتد قلبي حتى لهو أشد من الحجر"1. وعن عروة2 قال: "كان عمر رضي الله عنه إذا أتاه الخصمان برك على ركبتيه وقال: "اللهم أَعِنِّي عليهما فإن كل واحد منهما يريدني عن ديني"3. وعن أبي فراس4 قال: "خطب عمر رضي الله عنه فقال: "أيها الناس إنما كنا نعرفكم إذ بين ظهرينا النبي صلى الله عليه وسلم وإذ ينزل الوحي، وإذ ينبئنا الله من أخباركم، ألا وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد انطلق وانقطع الوحي، ألا وإنما نعرفكم بما نقول لكم: من أظهر منكم خيراً ظننا به خيراً، وأجبناه عليه، ومن أظهر لنا شرّاً ظننا به شرّاً وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا إنه قد أتى عليّ حين وأنا أحسب أن من قرأ القرآن يريد الله وما عنده، فقد خيّل إليّ بآخره5 أن رجالاً قد قرأوه يريدون به ما عند الناس، فأريدوا الله بقراءتكم، وأريدوه بأعمالكم، ألا وإني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 94، أبو نعيم: الحلية 1/5، المتقي الهندي: كنْز العمال 12/585، وهو ضعيف، لانقطاعه. 2 ابن الزبير. 3 ابن سعد: الطبقات 3/289، وفي إسناده الواقدي، وابن الجوزي: مناقب ص 94. 4 في الأصل: (فارس) ، وهو تحريف. وهو أبو فراس الهندي، قيل اسمه: الربيع بن زياد، مقبول من الثانية. (التقريب ص 665) . 5 في الأصل: (آخر) .

وسنتكم، فمن عمل به سوى ذلك فليرفعه إليّ، فوالذي نفسي بيده لأُقِصّنه منه". فوثب عمرو بن العاص فقال: "يا أمير المؤمنين، أفرأيت إن كان رجل من المسلمين على رعيه، فأدب بعض رعيته، إنك لتقصنه منه؟!، قال: "إي، والذي نفس عمر بيده، إذاً لأقصّنه منه، أنّى1 لا أقصّ منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصّ من نفسه، ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم"23. وعن جرير بن عبد الله البجلي أن رجلاً كان مع أبي موسىالأشعري، وكان ذا صوت4، ونكاية في العدو، فغنموا مغنماً فأعطاه أبو موسى بعض سهمه، فأبى أن يقبله إلا جميعاً، فجلده أبو موسى عشرين سوطاً، وحلقه، فجمع الرجل شعره ثم ترحل إلى عمر بن الخطاب حتى قدم عليه، فدخل على عمر بن الخطاب قال جرير: "وأنا أقرب الناس من عمر"، فأدخل يده فاستخرج شعره ثم ضرب به صدر عمر، ثم قال: "أما والله لولا النار"، فقال عمر: "صدق والله، لولا النار"، فقال: "يا أمير المؤمنين إني كنت ذا صوت ونكاية"، فأخبره بأمره، وقال: "ضربني أبو موسى عشرين سوطاً، وحلق رأسي، وهو يرى أنه لا يقتص منه". فقال / [64 / أ] عمر رضي الله عنه: "لأن يكون الناس كلهم على صرامة هذا، أحب

_ 1 في الطبقات: (وما لي) . 2 مطموس في الأصل سوى: (فتضيعـ) . 3 أحمد: المسند 1/279، قال أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 286: "إسناده حسن". البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 168، 169، الطبري: التاريخ 4/204، ابن الجوزي: مناقب ص 95، وقد سبق تخريج نحو منه ص 383. 4 في الأصل: (صوتا) ، وهو تحريف.

إليّ من جميع ما أفاء الله علينا". فكتب عمر إلى أبي موسى: "السلام عليك، أما بعد: فإن فلاناً أخبرني بكذا وكذا، فإن كنت فعلت ذلك في ملاء من الناس، فعزمت عليك لما قعدت له في ملاء من الناس، حتى يقتص منك، وإن كنت فعلت ذلك خلاء من الناس، فاقعد له في خلاء الناس، حتى يقتص منك". فقدم الرجل فقال له الناس: "أعف عنه"، فقال: "لا والله، لا أدعه لأحد من الناس"، فلما قعد له أبو موسى ليقتص منه، رفع الرجل رأسه إلى السماء ثم قال: "اللهم إني قد عفوت عنه"1. وعن عمر بن شبّه2، قال: عمرو بن العاص لرجل من تُجِيب3: "يا منافق". فقال التجيبِي: "ما نافقت منذ أسلمت، ولا أغسل رأسي ولا أدهنه حتى آتي عمر"، فأتى عمر فقال: "يا أمير المؤمنين إن عمراً نفّقني، فلا والله ما نافقت منذ أسلمت"، فكبّر عمر رضي الله عنه وكان إذا غضب كبّر وكتب: "إلى عمرو بن العاص، أما بعد: فإن فلاناً التجيبِي ذكر أنك نفّقته، وقد أمرته إن أقام عليك شاهدين أن يضربك أربعين، أو قال سبعين"، فقال: "أشهد الله رجلاً سمع عمراً نفّقني إلا قام فشهد، فقام عليه من في المسجد، فقال له: "أتريد أن تضرب الأمير؟ "، وعرض عليه الأرش، فقال: "لو ملئت لي هذه الكنيسة ما قبلت"، فقال له حشمه: "أتريد أن تضربه؟ "،

_ 1 ابن أبي شيبة: المصنف 13/30، وإسناده حسن، فيه عطاء بن السائب صدوق اختلط. (التقريب رقم: 4592) ، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 95. 2 النميري، البصري، صدوق له تصانيف، توفي سنة اثنتنين ومئتين. (التقريب ص 413) . 3 تُجيب - بالضم -: بطن من كندة، وهم بنو عدي، وبنو سعد، ابن أبي أشرف ابن شبيب بن السكون بن أشرس بن كندة، أمهما تجيب بنت ثوبان، نسبوا إليها. (جمهرة أنساب العرب ص 429) .

فقال: "ما أرى لعمر ههنا طاعة"، فلما ولى قال عمرو: "ردّوه"، فأمكنه من السوط وجلس بين يديه، فقال: "أتقدر أن تمتنع مني لسلطانك؟ "، قال: "لا، فامض إلى ما أمرت به"، قال: "فإني قد عفوت عنك"1. وعن سلاّم2 قال: "سمعت الحسن3 - رحمه الله - يقول: "جيء إلى عمر رضي الله عنه بمال فبلغ حفصة بنت عمر أم المؤمنين - رضي الله عنها - فقالت: "يا أمير المؤمنين، حقّ أقربائك من هذا المال، قد أوصى الله عزوجل بالأقربين"، فقال لها: "يا بنية حقّ أقربائي في مالي، وأما هذا، ففئ المسلمين، غششت أباك، ونصحت أقرباءك، قومي"، فقامت والله تجرّذيلها4. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "قدم علينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حاجاً، فصنع له صفوان بن أمية طعاماً، قال: فجاءوا بجفنة يحملها أربعة، فوضعت بين القوم، فأخذ القوم يأكلون وقام الخدم، فقال عمر: "ما لي أرى خدامكم لا يأكلون معكم، أترغبون عنهم؟ "، فقال سفيان بن عبد الله5: " [لا] 6 والله يا أمير المؤمنين، ولكننا نستأثر عليهم"، فغضب غضباً شديداً، ثم قال: "ما لقوم يستأثرون على خدامهم،

_ 1 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/807، 808، وفي إسناده انقطاع بين عبد الملك بن أبي القاسم، وبين عمرو بن العاص، وعبد الملك لم يوثقه ابن حبان. (الثقات 7/101) . 2 ابن مسكين الأزدي، البصري، ثقة رُمي بالقدر، وتوفي سنة سبع وستين ومئة. (التقريب ص 261) . 3 البصري. 4 أحمد: الزهد ص116، ابن زنجويه: الأموال: 1/517، ابن سعد: الطبقات 3/278، بنحوه، ابن الجوزي: مناقب ص 96، وهو ضعيف لانقطاعه، الحسن لم يدرك عمر. 5 لعله ابن أبي ربيعة الثقفي، أسلم مع وفد ثقيف، استعمله عمر على صدقات الطائف. (الإصابة 3/105) . 6 سقط من الأصل.

فعل الله بهم وفعل"، / [64 / ب] ثم قال: للخدم: [اجلسوا فكلوا، فقعد الخدم] 1 يأكلون، ولم يأكل أمير المؤمنين"2. وعن سالم بن عبد الله، "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يدخل يده في دبر البعير، ويقول: "إني خائف أن أسأل عمّا بك"3. وعن المسيب بن دارم4، قال: "رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب جمّالاً يقول: "حملت جملك ما لا يطيق"، قال: "ورأيته مرّ به سائل على ظهر جراب5 مملوء طعاماً، فأخذه فنثره للنواضح6، ثم قال: "الآن سل ما بدا لك"7. وعن السائب بن الأقرع8: أنه كان جالساً في إيوان9 كسرى، قال: فنظرت إلى تمثال يشير بإصبعه إلى موضع، قال: فوقع في رُوعي10 أنه يشير إلى كنز فاحتفرت ذلك الموضع، فأخرجت11 منه كنزاً عظيماً، فكتبت إلى عمر خبره،

_ 1 سقط من الأصل. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 96. 3 ابن سعد: الطبقات 3/286، وإسناده صحيح، ابن الجوزي: مناقب ص 97. 4 أبو صالح، يَرْوِي عن عمر قصة السائل، روى عنه أبو خلدة بن دينار. (الجرح والتعديل 8/294، الثقات 5/437) . 5 الجراب: المِزودة أو الوعاء. (القاموس ص 85) . 6 الناضح: البعير أو الثور، أو الحمار الذي يستقى عليه الماء. (لسان العرب 2/619) . 7 ابن حبان: الثقات 5/437، وابن الجوزي: مناقب ص 97، وفيه المسيب بن دارم لم يوثقه غير ابن حبان. 8 الثقفي، صحابي صغير، شهد فتح نهاوند، وولي أصبهان ومات بها. (الإصابة 3/58) . 9 إيوان كسرى: في مدائن كسرى وهو من أعظم الأبنية وأعلاها. (معجم البلدان 1/294) . 10 روعي: نفسي وخلدي. (النهاية 2/277) . 11 البُناني.

وكتبت إن هذا شيء أفاءه الله عليّ من دون المسلمين، فكتب عمر: إنك أمير من أمراءالمسلمين فاقسمه بين المسلمين1. وعن ثابت2: أن أبا سفيان3 ابتنى داراً بمكة فأتى أهل مكة عمر فقالوا: "إنه ضيق علينا الوادي، وسيل علينا الماء"، قال: فأتاه عمر، فقال: "خذ هذا الحجر فضعه ثمة، وخذ هذا الحجر فضعه ثمة، ثم قال عمر: الحمد لله الذي أذل أبا سفيان بأبطح4 مكة"5. وعن يحيى بن عبد الرحمن6 بن حاطب7 عن أبيه قال: "قدمنا مكة مع عمر، فأقبل أهل مكة يسعون: يا أمير المؤمنين أبو سفيان حبس مسيل الماء ليهدم منازلنا، فأقبل عمر ومعه الدِرّة، فإذا أبو سفيان قد نصب أحجاراً، فقال: "ارفع هذا"، فرفعه، ثم قال: "وهذا"، حتى رفع أحجاراً كثيرة، خمسة أو ستة، ثم استقبل عمر الكعبة، فقال: "الحمد لله الذي جعل عمر يأمر أبا سفيان ببطن مكة فيطيعه"8. وعن الحسن9 رضي الله عنه قال: "حضر باب عمر رضي الله عنه

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 97، وبنحوه ابن أبي شيبة: المصنف 12/573، 574. 2 البُناني. 3 ابن حرب. 4 الأبطح، يضاف إلى مكة وإلى منى، لأن المسافة بينه وبينهما واحدة، وربما كان إلى منى أقرب، وهو المحصّب، وهو خيف بني كنانة. (معجم البلدان 1/74) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 97. 6 في الأصل: (عبد الواحد) ، وهو تحريف. 7 ابن أبي بلتعة، ثقة، توفي سنة أربع ومئة. (التقريب ص 593) . 8 ابن الجوزي: مناقب ص 97. 9 البصري.

سهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وأبو سفيان بن حرب في نفر من قريش من تلك الرؤوس، وصُهيب، وبلال، وتلك الموالي الذين شهدوا بدراً، فخرج آذن عمر فأذن لهم، وترك أولئك، فقال أبو سفيان: "لم أرَ كاليوم قط، يأذن لهؤلاء العبيد، ويتركنا على بابه لا يلتفت إلينا"، فقال سهيل بن عمر - وكان رجلاً عاقلاً -: "أيها القوم، إني - والله - أرى الذي في وجوهكم إن كنتم غضاباً فاغضبوا على أنفسكم دُعي القوم ودُعيتم، فأسرعوا وأبطأتم، وكيف بكم إذا دعوا يوم القيامة وتُرِكتم؟ "1. وعن نوفل بن عمار2 قال: "جاء الحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، إلى عمر بن الخطاب فجلسا عنده، وهو بينهما، فجعل المهاجرون الأوّلون يأتون عمر، فيقول: ههنا يا سهيل، ههنا يا حار3، فينحيهما عنه، فجعل الأنصار يأتون، فينحيهما، حتى صار في آخر [الناس] 4 فلما خرجا من عند عمر قال الحارث بن هشام لسهيل بن عمرو: "ألم تر ما صنع بنا؟ "، فقال له سهيل: "أيها الرجل لا لوم عليه، ينبغي أن نرجع إلى أنفسنا / [65 / أ] دُعي القوم فأسرعوا، ودُعي بنا فأبطأنا فلما قاما من عند عمر أتياه فقالا له: "يا أمير المؤمنين، قد رأينا ما فعلت اليوم، وعلمنا أنا أتينا من أنفسنا، فهل من شيء نستدرك [به] 5؟، فقال لهما: "لا أعلمه إلا هذا الوجه، وأشار لهما إلى ثغر

_ 1 أحمد: الزهد ص 113، 114، وهو ضعيف، لانقطاعه، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 98، وابن حجر: الإصابة 3/146. 2 النوفلي، يروي عن هشام بن عروة والمدنيين. (الثقات 7/540) . 3 ترخيم حارث. 4 سقط من الأصل. 5 سقط من الأصل.

الروم، فخرجا إلى الشام فماتا بها - رحمهما الله -"1. وعن الحسن2 - رحمه الله -: "أن رجلاً أتى أهل ماء فاستسقاهم فلم يسقوه حتى مات عطشاً، فأغرمهم عمر بن الخطاب ديته"3. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ جاءه رجل من أهل مصر، فقال: "يا أمير المؤمنين، هذا مقام العائذ بك"، قال: "وما لك؟ "، قال: أجرى عمرو بن العاص بمصر الخيل فأقبلت، فلما ترآها الناس، قام محمّد بن عمرو فقال: "فرسي ورب الكعبة، فلما دنا منه عرفته، فقلت: فرسي ورب الكعبة، فقام إليّ يضربني بالسوط، ويقول: "خذها وأنا ابن الأكرمين". قال: فوالله ما زاده عمر أن قال له: "اجلس، ثم كتب إلى عمرو إذا جاءك كتابي هذا فأقبل، وأقبل معك بابنك محمّد، قال: فدعا عمرو ابنه فقال: "أحدثت حدثاً؟ أجنيت جناية؟ "، قال: "لا"، قال: "فما بال عمر يكتب فيك؟ "، قال: فقدم على عمر، قال أنس: فوالله إنا عند عمر حتى إذا نحن بعمرو، وقد أقبل في إزار ورداء، فجعل عمر يلتفت هل يرى ابنه؟، فإذا هو خلف أبيه، قال: "أين المصري؟ "، قال: "ها أنا ذا"، قال: "دونك الدّرة فاضرب ابن الأكرمين، اضرب ابن الأكرمين"4. قال فضربه حتى أثخنه، ثم قال: أحلِها5 على صلعة عمرو، فوالله ما ضربك إلا بفضل سلطانه، فقال: "يا أمير

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 98، وهو ضعيف لإعضاله. 2 البصري. 3 عبد الرزاق: المصنف 10/51، ابن أبي شيبة 9/412، ابن حزم: المحلى 8/522، ابن الجوزي: مناقب ص 98، وهو ضعيف لانقطاعه، الحسن لم يدرك عمر. 4 في الأصل: (الأمير) ، وهو تحريف. 5 في مناقب عمر: (أجلها) .

المؤمنين، قد ضربت من ضربني"، قال: "أما والله لو ضربته ما حلنا بينك وبينه حتى تكون أنت الذي تدعه، يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم1 أحراراً؟ "، ثم التفت إلى المصري فقال: "انصرف راشداً فإن رابك ريب فاكتب إليّ"2. وفي صحيح البخاري عن السائب بن يزيد قال: "كنت قائماً في المسجد فحَصَبني3 رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: "اذهب فأتني بهذين"، فجئته بهما، قال: "ممن أنتما4، أو من أنتما، أو من أين أنتما؟ "، قالا: "من أهل الطائف"، قال: "لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم"5. وفي الأوّل من القراءة على الوزير أبي القاسم بن عليّ بن عيسى بن الجراح الكاتب6، عن عبد الله الباهلي7، عن ضبة بن محصن8، قال: "دخل ضبة بن محصن من الليل فتحدث عندي، حتى خشيت عليه الحرس، قال: فكان فيما حدثني، قال: "شاكيت أبا موسى في بعض ما يشاكي الرجل

_ 1 في الأصل: (أمهم) ، والمثبت من الكنز. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 98، 99، المتقي الهندي: كنْز العمال 12/660، ونسبه لابن عبد الحكم. 3 الحصباء: الحصى، واحدتها: حصبة، وحصبه رماه بها. (القاموس ص 95) . 4 قوله: "ممن أنتما"، لم أجدها في نسخ البخاري الموجودة بين يدي. 5 البخاري: الصحيح، كتاب المسجد 1/179، رقم: 458. 6 عيسى بن عليّ بن الجراح الوزير، البغدادي، أملى مجالس في البغوي وطبقته، كان ثبت السماع، صحيح الكتاب، توفي سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 11/179، ميزان الاعتدال 3/318، سير أعلام النبلاء (16/549) . 7 ابن الأقنع الباهلي، يروي عن الأحنف وضبه بن محصن، روى عنه حميد بن جلال والمغيرة بن النعمان. (الثقات لابن حبان 7/27، 28) . 8 العَنْزِي، بصري، صدوق، من الثالثة. (التقريب ص 279) .

أميره؟، قال: فانطلقت أثووا عليه - يعني أشي به1 عند / [65 /ب] عمر -، قال: وذلك عند حضور وفادة أبي موسى، فكتب أبو موسى إلى عمر رضي الله عنه والبرد2 إذ ذاك على الإبل، قال: فكتب: "السلام عليك، أما بعد: فإني كتبت إليك وأنا خارج إليك في كذا وكذا، قال: وكتب إليه: وضبة بن محصن قد خرج من عندي بغير إذن، وهو بيني وبينك، فأحببت أن تعلم ذاك يا أمير المؤمنين، قال: فسبقني كتابه، فقدمت المدينة فجئت إلى باب عمر، فقلت: السلام عليك أيدخل ضبة بن محصن، فقال عمر: "لا مرحباً ولا أهلاً". قال: قلت: أما المرحب فمن الله، وأما الأهل فلا أهل ولا مال، قال فأعدت ذلك ثلاث مرات، فأعاد هو ثلاثاً، ثم قال: "ادخل، أو قال لي فدخلت، قال: قلت: يا أمير المؤمنين الرجل يظلمه سلطانه فإذا انتهى إلى أمير المؤمنين لم يجده عنده غيراً، فوالله يا أمير المؤمنين، إن الأرض لواسعة، وإن العدو لكثير، قال: فكأنه كشف عن وجهه غطاء، فقال: "ادن دونك، فقال: إيهِ3، ثم قال: إيه، قال: قلت: أبو موسى اصطفى لنفسه أربعين من الأساورة، قال: فقال: "اكتب"، فكتب، قال: ثم قال: "إيه"، قلت: أبو موسى له مكيالان يكيل الناس بغير الذي يكتال به، قال: "اكتب"، فكتب، ثم قال: "إيه"، قلت: عَقِيلة سُرِّيته لها قصعة4 غادية رائحة يأكل منها أشارف الجند، قال: "اكتب"، فكتب فما لبث إلا يسيراً

_ 1 انظر: القاموس ص 1624. 2 البُرد: الرسل. (لسان العرب 3/86) . 3 إيه - بكسر الهمزة والهاء، وفتحها وتُنوّن المكسورة -: كلمة استزادةٍ واستنطاقٍ. القاموس ص 1604) . 4 القصعة: الصحفة. (القاموس ص 971) .

حتى قدم أبو موسى، قال: فمشيت إلى جنبه أعطفه، وأذكره أمير المؤمنين، قال: حتى انتهى إلى أمير المؤمنين، فقال له: "ما بال أربعين اصطفيتهم لك من أبناء الأساورة؟ "، قال: "يا أمير المؤمنين، اصطفيتهم وخشيت أن يخدع الجند عنهم، ففديتهم واجتهدت في فدائهم، وكنت أعلم بفدائهم، ثم خمست وقسمت. قال ضبة: وصادق والله، ما كذبه أمير المؤمنين وما كذبته، قال: "فما بال مكيال تكتال به، وتكيل الناس بغيره؟ "، قال: مكيال أكيل به قوت أهلي وأرزاق دوابي، وما كلت به لأحد، وما كلته به من أحد". قال ضبة: وصادق1 والله، فوالله ما كذبه أمير المؤمنين وما كذبته، قال: "فما بال قصعة عَقِيلة الغادية الرائحة؟ "، قال: فسكت ولم يعتذر منها شيء، قال: فقال لوفده: "أنشد الله رجلاً أكل منها"، قال: فسكت القوم، ثم دعا ثلاث مرات، قال: فقال / [66 / أ] وكيع بن قشر التميمي2: "قبح الله تلك القصعة3، فإنا أخالنا قد أصبنا منها"، قال: فقال عمر: "لا جَرَمَ4 والذي نفسي بيده، لا ترى عَقِيلة العراق ما دمت أملك شيئاً"، فاحتبسها عنده. قال: فذكرت هذا لأبي بردة فقال: "ألا أحدثك بنحو من هذا؟، خرج أبو موسى على خمسة أبعرة بعضها بختي5، خرج وافداً إلى عمر، قال:

_ 1 في الأصل: (وصادقاً) . 2 لم أجد له ترجمة. 3 في الأصل: (القصة) ، وهو تحريف. 4 لا جَرَمَ، ولا جَرُمَ ككَرُمَ، ولا جُرْمَ - بالضم - أي: لا بُدَّ أو حقاً، أو لا محالة، أو هذا أصله، ثم كَثُر حتى تحول إلى معنى القسم. (القاموس ص 1405) . 5 البُخْت: دخيل في العربية، أعجمي مُعَرّب؛ وهي الإبل الخراسانية، تُنتَج من عريبة وفالجٍ. (لسان العرب 2/9) .

ومعه فتاه فلان المولد1، كان يسافر به، قال: وأوقر البختي دقيقاً وسويقاً حتى دَبَر، قال: وكان عمر ممن إذا قدم وافداً إليه أبو موسى ففرغ مما يسأله يقول له: "أعرض عليَّ ظهرك الذي جئت عليه"، قال: فربما قال: أغزّ به في سبيل الله، فيفعل، قال: فلما دَبَر2 البختي، قال فتى أبي موسى له: "يا أبا موسى لا تعرض هذا البختي على عمر فيما تعرض، فوالله لئن رأى ما به لا تنالن عنده نالة أبداً"، قال أبو بردة: "فما أدري أنسي وصية فتاه، أو تأثم أن يكتمه عمر حين يسأله أمير المؤمنين". قال: فعرضه فيما يعرض، فشخصت أو قال: فسمت عينا عمر إليه، فدعا به فإذا به دَبِرَة، قال: فدعا بإناء فيه ماء، فجعل يغسل عنه بيده حتى أنقاها، ثم دعا بذرور3 فجعل ينثر بها دبرة البعير، قال: "من وَلِيَ بختيك هذا يا أبا موسى؟ "، قال: فتاي فلان؛ قال: "لا جرم والذي نفسي بيده، لا ترى العراق ما دمت أملك شيئاً"، قال أبو بردة: "فما رأت عَقِيلة ولا فتاة العراق حتى قبض عمر رضي الله عنه"4.

_ 1 في الأصل: (المولود) ، وهو تحريف. 2 الدبَرة: قرحة الدابة والبعير. (لسان العرب 4/273) . 3 ذرّالشيء يذرّه، أخذه بأطراف أصابعه، ثم نثره على الشيء. (لسان العرب 4/303) . 4 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/809، 810، 811، والخبر مختصراً في أبي عبيد: الأموال ص 132، ابن زنجويه: الأموال: 1/325، 326، البيهقي: السنن: 6/323، ومداره على عبد الله بن يزيد الباهلي، ولم يوثقه غير ابن حبان، والطبري بنحوه من طريق سيف بن عمر. (التاريخ 4/184) .

الباب السادس والأربعون: قوله وفعله في بيت المال

الباب السادس والأربعون: قوله وفعله في بيت المال ... الباب السادس والأربعون: في قوله وفعله في بيت المال في الصحيحين عن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، أن حكيم ابن حزام1 قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال لي: "يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى" قال حكيم: فقلت يا رسول الله: والذي بعثك بالحق لا أرزأ2 أحداً بعدك شيئاً حتى أفارق الدنيا، فكان أبو بكر يدعو حكيم اً ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئاً، ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله، فقال: "يا معشر المسلمين إني أعرض عليه حقه الذي قسم الله له من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأ حكيم أحداً من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم"3. في الصحيح عن عائشة قالت: "فأما صدقته يعني: النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فدفعها عمر إلى علي، وعباس، وأما خيبر وفدك4 فأمسكها عمر، وقال: "هما / [66 / ب] صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لحقوقه التي تعروه ونوائبه، وأمرهما إلى من

_ 1 الأسدي، المكي، أسلم يوم الفتح، وصحب، توفي سنة أربع وخمسين، وكان عالماً بالنسب. (التقريب ص 176) . 2 ما رزأ فلاناً شيئاً، أي: ما أصاب من ماله شيئاً ولا نقص منه. (لسان العرب 1/85) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب الخمس 3/1145، رقم: 2974، مسلم: الصّحيح، كتاب الزكاة 2/717، رقم: 1035. 4 فَدَك: واد ذو نخيل وعيون، والآن هو بلد يعرق باسم: (الحائط) ، تابع لإمارة حائل. (شمال المملكة ص 1023) .

ولي الأمر، فهما على ذلك إلى اليوم"1. وفي الصحيح عن مالك بن أوس2 قال: "بينما أنا جالس في أهلي حين مَتَع3 النهار، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني، فقال: أجب أمير المؤمنين، فانطلقت معه حتى أدخل على عمر، فإذا هو جالس على رمال4 سرير وليس بينه وبينه فراش، متكئ على وسادة من أدم، فسلّمت عليه ثم جلست، فقال: "يا مالك إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات، وقد أمرت فيهم برضخ5 فاقبضه، فاقسمه بينهم. قلت: "يا أمير المؤمنين لو أمرت له غيري، قال: "فاقبضه أيها المرء" فبينما أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ، وقال: هل لك في عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، يستأذنون؟ قال: "نعم" فأذن لهم فدخلوا فسلموا وجلسوا ثم جلس يرفأ يسيراً، ثم قال: "هل لك في علي، وعباس"؟ قال: "نعم" فأذن لهما، فدخلا فسلما وجلسا، فقال عباس: "يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا" وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من مال بني النضير، فقال الرهط عثمان وأصحابه: "يا أمير المؤمنين اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر". فقال عمر: "تيدكم6، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض،

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الخمس 3/1126، رقم: 2926. 2 ابن الحدثان النصري، له رؤية، وروى عن عمر، توفي سنة اثنتين وتسعين، وقيل: سنة إحدى. (التقريب ص 516) . 3 متع النهار: ارتفع قبل الزوال. (القاموس ص 985) . 4 الرمال: جمع رمل بمعنى مرمول: والمراد أنه كان السرير قد نُسج وجهه بالسّعف ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير. (لسان العرب 11/295) . 5 الرضخ: العطاء. (لسان العرب 3/19) . 6 التيد: الرفق، قال: تيدك هذا، أي: اتئد. (القاموس ص 344) .

هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث ما تركنا صدقة" يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه؟ قال الرهط: "قد قال ذلك" فأقبل عمر على عليّ، وعباس، فقال: "أنشد كما بالله هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال ذلك"؟ قالا: "قد قال ذلك" قال عمر: "فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله قد خصّ رسوله في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره، ثم قرأ: {وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُم فَمَا أَوْجَفْتُم عَلَيْهِ مِنْ خِيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} إلى قوله - {قَدِيرٌ} [الحشر: 6] . فكانت هذه خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووالله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، فقد أعطاكموها، وبثها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مال الله، فعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك حياته، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك؟ قالوا: "نعم" ثم قال لعلي، وعباس: أنشدكم بالله، هل تعلمان ذلك؟ قالا: "نعم" قال عمر: "ثم توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: "أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبضها أبو بكر، فعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم والله يعلم إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفى الله أبا بكر، فكنت أنا ولي أبي بكر فقبضتها سنتين من إمارتي، أعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عمل فيها أبو بكر، [والله] 1 يعلم إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني تكلماني، وكلمتكما واحدة، وأمركما واحد، جئتني يا عباس، تسألني نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا "يريد عليا" - يريد نصيب امرأته من [أبيها] 2

_ 1 لفظ الجلالة مطموس في الأصل. 2 سقط من الأصل.

فقلت لكما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث ما تركنا صدقة". فلما بدا لي أأدفعه إليكما؟، قلت: إن شئتما دفعتها إليكما، على أن عليكما عهد الله وميثاقه: لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عمل أبو بكر، وما عملت فيها منذ وليتها، فقلتما: ادفعها إلينا، فبذلك دفعتها إليكما، فأنشدكم بالله هل / [67 / أ] دفعتها إليكما بذلك؟ " قال الرهط: "نعم". ثم أقبل على عليّ وعباس فقال: "أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك؟ "، قالا: "نعم". قال: "فتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك، فإن عجزتما عنها فادفعاها إليّ فإني أكفياكهما"1. وفي الصحيح عن ثعلبة بن أبي مالك، أن عمر بن الخطاب قسم مروطاً بين نساء من نساء أهل المدينة، فبقي منها مرطٌ جيدٌ، فقال له بعض من عنده: "يا أمير المؤمنين، أعط هذا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عندك، يريدون أم كلثوم بنت عليّ"، فقال عمر: "أم سليط أحق به"، وأم سليط من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر: "فإنها كانت تُزْفِرُ القِرَب يوم أحد"2. وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب إلى السوق، فلحقت عمر امرأةٌ شابةٌ، فقالت: "يا أمير المؤمنين، هلك زوجي، وترك صبية صغاراً، والله ما يُنضِجون كراعاً، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضّبع3، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقف معها عمر ولم يمض، ثم قال: "مرحباً بنسب قريب"، ثم انصرف إلى

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الخمس 3/126، رقم: 2927، مسلم: الصّحيح، كتاب الجهاد والسير 3/1377، رقم: 1757. 2 سبق تخريجه ص 419. 3 الضبع: السنة المُجْدِبة. (القاموس ص 956) .

بعير ظَهير كان مربوطاً في الدار، فحمل عليه غراراتين، ملأَها طعاماً، وحمل1 بينهما نفقة وثياباً، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: "اقتاديه فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير"، فقال رجل: "يا أمير المؤمنين، أكثرت لها"، فقال عمر: "ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصناً زماناً فافتتحاه، ثم أصبحنا نستفيء سُهْمَانَهُمَا فيه"2. وفي الصحيح عن زيد عن أبيه أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببّاناً ليس لهم شيء، ما فُتحت عليّ قريةٌ إلا قسمتها، كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر، ولكني أتركها خِزَانَةً لهم يقتسمونها"3. وقوله: "بباناً"، ببائين موحدتين من أسفل، والثالثة نون موحدة من فوق، وهو: الفارغ الخاوي، كلمة حبشية4. وعن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال عمر: "لولا آخر المسلمين، ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر"5. وعن قتادة6 قال: "آخر ما قدم عمر رضي الله عنه ثمان مئة ألف درهم من البحرين، فما قام من مجلسه حتى أمضاه، ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم بيت مال، ولا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأوّل من اتخذ بيت المال

_ 1 في الرواية السابقة: (وجعل) . 2 سبق تخريجه ص 419. 3 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1548، رقم: 3994، وقد سبق تخريجه ص 542. 4 انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 15/592، ابن حجر: فتح الباري 7/490. 5 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1548، رقم: 3995. 6 قتادة بن دعامة السدوسي، ثقةثبت، توفي سنة بضع عشر ومئة. (التقريب ص 453) .

عمر رضي الله عنه"1. وعن مالك بن أوس قال: "كان رضي الله عنه يحلف على أيمان ثلاث، يقول: "والله ما من أحد أحق بهذا المال من رجل، وما أنا بأحق من أحد، ووالله ما من المسلمين من أحد إلا وله في هذا المال من نصيب إلا عبداً مملوكاً، ولكنا على منازلنا من كتاب الله عزوجل وقسمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم / [67 / ب] فالرجل وبلاؤه في الإسلام، والرجل وقِدَمُه في الإسلام، والرجل وغناه في الإسلام، والرجل وحاجته، والله لئن بقيت لهم ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال، وهو يرعى مكانه"2. وعن موسى بن عُليّ3 عن أبيه4: أن عمر بن الخطاب خطب الناس بالجابية، فقال: "من أراد أن يسأل عن القرآن، فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله تعالى جعلني خازناً وقاسماً، وإني بادئ بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم المهاجرين الأوّلين أنا وأصحابي، أخرجنا من مكة من ديارنا، وأموالنا، ثم الأنصار {الَّذِينَ

_ 1 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/857، 858، وفيه: "آخر مال أتي به النبي صلى الله عليه وسلم". ابن الجوزي: مناقب ص 99، وهو ضعيف لانقطاعه، قتادة لم يدرك عمر ولم يصرح عمن رواه. 2 أبو داود: السنن 3/136، رقم: 2950، ابن زنجويه: الأموال: 2/569، البيهقي: السنن: 6/346، وفي إسناده محمّد بن إسحاق وقد عنعن وهو مدلس. وابن سعد: الطبقات 3/299، ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 239، وفي إسنادهما الواقدي. وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 99، 100. 3 موسى بن عُلَيّ اللخمي، صدوق، ربما أخطأ، توفي سنة ثلاث وستين ومئة. (التقريب ص 553) . 4 عُلَيّ - بالتصغير - ابن رباح اللخمي، ثقة، توفي سنة بضع عشرة ومئة. (التقريب ص 401) .

تَبَوَّءْوا الدَّارَ وَالإِيْمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: 9] ، ثم قال: فمن أسرع إلى الهجرة أسرع به العطاء، ومن أبطأ عن الهجرة أبطأ به العطاء، فلا يلومنّ رجل إلا مناخ راحلته"1. وعن نافع عن ابن عمر، قال: "قدم على عمر رضي الله عنه مال من العراق، قال: فأقبل يقسمه، قال: فأقبل إليه رجل فقال: "يا أمير المؤمنين، لو أبقيت من هذا المال لعدو إن حضر، أو نائبة إن نزلت؟ "، فقال عمر: "ما لك، قاتلك الله، نطق بها على لسانك شيطان، كفاني2 الله حجتها، والله لا أغصبن اليوم لغد، لا ولكن أعدّ لهم ما أعد رسول الله صلى الله عليه وسلم"3. وعن أبي هريرة قال: "قدمت على عمر بن الخطاب من عند أبي موسى الأشعري بثمان مئة ألف درهم، فقال لي: "بماذا قدمت؟ "، قلت: "بثمان مئة ألف درهم"، قال: "إنما قدمت بثمانين ألف درهم"، قلت: "إنما قدمت ثمان مئة ألف درهم"، قال: "إنما قدمت بثمانين ألف درهم"، قلت: "قدمت بثمان مئة ألف درهم"، قال: "ألم أقل إنك يمان أحمق، إنما قدمت بثمانين ألف درهم، فكم ثماني مئة ألف درهم؟ "، فعددت مئة ألف، ومئة ألف،

_ 1 سعيد: السنن 2/124، أبو عبيد: الأموال ص 235، 236، ابن زنجويه: الأموال: 2/499، وإسنادهم ضعيف لانقطاعه، مداره على عليّ بن رباح وعليّ لم يدرك عمر، وفيه أيضاً موسى بن عليّ صدوق ربما أخطأ. وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 100، ابن سعد مختصراً: الطبقات 2/348، عن الواقدي عن موسى بن عُليّ. 2 في الحلية: (لقاني) . 3 أبو نعيم: الحلية 1/45، وفي إسناده عبد الله بن محمّد بن الغيرة، قال أبو حاتم: "ليس بالقوي". (الجرح والتعديل 5/158، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 100، والمتقي الهندي: كنز العمال 2/661، ونسبه للحلية.

حتى عددت ثمان مئة ألف، فقال: "أطيب ويلك؟ "، قلت: "نعم". قال فبات عمر ليلة أرقاً1 حتى إذا نودي لصلاة الفجر، قالت له امرأته: "يا أمير المؤمنين، ما نمت الليلة؟ "، قال: "كيف ينام عمر بن الخطاب، وقد جاء الناس ما لم يكن جاءهم مثله منذ كان الإسلام، فما يؤمِّن عمر لو هلك، وذلك المال عنده، لم يضعه في حقه. فلما صلى الصبح اجتمع إليه نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: "إنه قد جاء الناس الليلة ما لم يأتهم منذ كان الإسلام، وقد رأيت رأياً، فأشيروا عليّ أن أكيل للناس بالمكيال". فقالوا: "لا تفعل، يا أمير المؤمنين، إن الناس يدخلون في الإسلام، ويكثر المال، ولكن أعطهم على كتاب، فكلما كثر الإسلام وكثر المال أعطيتهم". قال: "فأشيروا عليّ بمن أبدأ منهم". قالوا: "بك يا أمير المؤمنين، إنك ولي ذلك، ومنهم من قال: أمير المؤمنين أعلم". قال: "لا. ولكن أبدأ برسول الله / [68 / أ] صلى الله عليه وسلم ثم الأقرب فالأقرب إليه". فوضع الديوان على ذلك، قال عبيد الله2: "بدأ بهاشم والمطلب فأعطاهم، ثم أعطى بني شمس، ثم بني نوفل بن عبد مناف"3. وعن الأحنف قال: "كنا جلوساً بباب عمر، فمرت جارية فقالوا: سرية أمير المؤمنين"، فقالت: "ما هي لأمير المؤمنين بسرية، وما تحل له، إنها من

_ 1 الأرق: السَّهَر بالليل. (القاموس ص 1116) . 2 في الأصل: (عبد الله) ، وهو تحريف. وهو عبيد الله بن عبد الرحمن بن مَوْهب التيمي، ويقال: عبد الله، ليس بالقوي، من السّابعة. (التقريب ص 372) . 3 البيهقي: السنن: 6/364، وابن الجوزي: مناقب ص 101، وفي إسناد البيهقي عبيد الله بن عبد الله، قال عنه الحافظ: "مقبول". وفيه أيضاً، عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب التيمي، ليس بالقوي، من السابعة. (التقريب ص 372) . ووثّقه ابن حبان. (الثقات 7/147) .

مال الله". فقلنا: "فماذا يحل له من مال الله؟، فما هو إلا قدر أن بلغت، فجاء الرسول فدعانا، فأتيناه، فقال: "ماذا قلتم؟، قلنا: لم نقل بأساً، مرت جارية فقلنا: هذه سرية أمير المؤمنين، فقالت: "ما هي لأمير المؤمنين بسرية وما تحل له، إنها من مال الله". فقلنا: ماذا يحل له؟ "، قال: "أنا أخبركم بما استحل منه؛ حلتان، حلة في الشتاء، وحلة في القيظ1 وما أحج عليه وأعتمر من الظهر، وقوتي وقوت أهلي كقوت رجل من قريش، ليس بأغناهم ولا بأفقرهم، ثم أنا بعد رجل من المسلمين يصيبني ما أصابهم"2. وعن عروة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لا يحل لي من هذا المال إلا ما كنت آكلاً من صلب مالي"3. وعن محمّد بن إبراهيم4، قال: "كان عمر يستنفق كل يوم درهمين له ولعياله، وأنفق في حجته ثمانين ومئة درهم"5. وعن ابن سعد بإسناده عن عمر أنه قال: "إني أنزلت مال الله مني6،

_ 1 القيظ: صميم الصيف، من طلوع الثريا إلى طلوع سهيل. (القاموس ص 901) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/276، ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 168، وهو ضعيف لانقطاعه، عروة لم يدرك عمر بن الخطاب. وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 102. 3 ابن سعد: الطبقات 3/276، ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 168، وهو ضعيف لانقطاعه، عروة لم يدرك عمر بن الخطاب. وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 102. 4 ابن الحارث التيمي. 5 ابن سعد: الطبقات 3/308، وهو ضعيف لانقطاعه، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 102، وابن عساكر: تاريخ دمشق 13 / ق 110، عن مجاهد مرسلاً. 6 في الأصل: (عني) ، وهو تحريف. وفي مناقب عمر: (عندي) .

بمنزلة اليتيم، فإن استغنيت عففت عنه، وإن افتقرت أكلت بالمعروف"1. وعن عمر2 أنه إذا احتاج أتى صاحب بيت المال [فاستقرضه، فربما أعسر، فيأتيه صاحب بيت المال] 3 يتقاضاه فيلزمه فيحتال له عمر، وربما4 خرج عطاؤه فقضاه5. وخرج يوماً حتى أتى المنبر، وقد كان اشتكى شكوى فنعت6 له7 العسل، وفي8 بيت المال عكة9، فقال: "إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلاّ فإنها عليّ حرام" فأذنوا له فيها.10 وقال عمر رضي الله عنه: "ما مثلي ومثل هؤلاء إلا كقوم سافروا

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/276، وفي إسناده زكريا بن أبي زائدة ثقة. وكان يدلس وسماعه من أبي إسحاق بآخره. (التقريب ص 216) . وهنا لم يصرح بالسماع. وقد أورده ابن الجوزي: مناقب ص 102، وسيأتي نحو منه ص 577، 624. 2 في الطبقات، وتاريخ الطبري: (أخبرنا عمران أن عمر) . 3 سقط من الأصل. 4 في الأصل: (وبما) ، وهو تحريف. 5 ابن سعد: الطبقات 3/276، ومن طريقه الطبري: التاريخ 4/208، ابن شبه: تاريخ المدينة 2/703، 704، ابن الجوزي: مناقب ص 102، السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 139، وهو ضعيف لانقطاعه، لأن عمران بن عبد الله الخزاعي لم يدرك عمر. (التقريب ص 429) . 6 في الأصل: (فنعث) ، وهو تصحيف. 7 في الأصل: (إليه) ، وهو تحريف. 8 في الأصل: (في) . 9 العُكّة - بالضم -: آنية السمن أصغر من القربة. (التقريب ص 1225) . 10 ابن سعد: الطبقات 3/276، 277، ومن طريقه الطبري 4/ 208، والبلاذري أنساب الأشراف (الشيخان أبوبكر وعمر) ص 170، وهو ضعيف لأن في إسناديهما رجل مجهول. ابن الجوزي: مناقب ص 102، والسيوطي: تاريخ الخلفاء ص 139.

فدفعوا نفقاتهم إلى رجل منهم، فقالوا: "أنفق علينا"، فهل يحل له أن يستأثر منها بشيء؟ "، قالوا: "لا، يا أمير المؤمنين"، قال: "فكذلك مثلي ومثلهم"1. وقال أبو أمامة2 بن سهل3: "مكث عمر رضي الله عنه زماناً لا يأكل من المال شيئاً حتى دخلت عليه في ذلك خصاصة، فأرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشارهم، فقال: "قد شغلت نفسي في هذا الأمر، فما يصلح لي منه؟ "، فقال عثمان رضي الله عنه: "كل وأطعم"، وقال ذلك سعيد بن زيد، وقال لعلي: "ما تقول أنت؟ "، قال: "غذاءً وعشاءً"، فأخذ عمر بذلك"4. وعن ابن عمر، قال: "جمع عمر الناس بالمدينة حين انتهى إليه فتح القادسية، ودمشق، فقال: "إني كنت امرءاً تاجراً، وقد شغلتموني بأمركم5 هذا، فماذا ترون أنه يحل لي من هذا المال؟ "، فأكثر القوم، وعليّ رضي الله عنه ساكت، فقال: "يا عليّ ما تقول؟ "، قال: "ما يصلحك ويصلح عيالك بالمعروف، وليس لك من هذا الأمر غيره". فقال: "القول ما قال عليّ بن أبي طالب"6. وعن أسلم قال: "قام رجل إلى عمر رضي الله عنه فقال: "مايحل لك

_ 1 سبق تخريجه ص 382، 383. 2 في الأصل: (أبو ثمامة) ، وهو تحريف. 3 أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري، معروف بكنيته، معدود في الصحابة، له رؤية ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم توفي سنة مئة. (التقريب ص 104) . 4 ابن سعد: الطبقات 3/307، وفيه الواقدي، ابن الجوزي: مناقب ص 102، 103. 5 في الأصل: (بأمرهم) ، وهو تحريف. 6 الطبري: التاريخ 3/616، من طريق سيف بن عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 103.

من هذا المال؟ "، فقال: "ما أصلحني وأصلح عيالي بالمعروف، وحلة للشتاء وحلة للصيف، / [68/ب] وراحلة عمر للحج، والعمرة، ودابة لحوائجه وجهاده"1. وعن الزهري قال: "انكسرت قلوص من إبل الصدقة، فنحرها عمر، ودعا الناس عليها، فقال العباس رضي الله عنه: "لو كنت تصنع بنا هكذا"، فقال عمر: "إنا والله ما وجدنا إلى هذا سبيلاً، إلا أن يؤخذ من حق، فيوضع في حق، ولا يمنع من حق"2. وعن حارثة بن مُضَرّب3، قال: قال عمر رضي الله عنه: "إني أنزلت نفسي من هذا المال بمنزلة والي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن احتجت استقرضت، فإذا أيسرت قضيت"4. وعن عليّ رضي الله عنه قال: " [قال] 5 عمر للناس: "قد فضل عندنا فضل من هذا المال"، فقال الناس: "يا أمير المؤمننين، قد شغلناك عن أهلك، وصنعتك وتجارتك، فهو لك"، فقال لي: "ما تقول أنت؟ "، فقلت: قد أشار عليك القوم"، قال: "فقل"، فقلت: "لِمَ تجعل يقينك ظنا؟ "، قال: "لتخرجن مما قلت"، فقلت: أجل والله لأخرجن منه أتذكر حين بعثك نبي الله صلى الله عليه وسلم ساعياً فأتيت العباس بن عبد المطلب، فمنعك صدقته، فكان بينكما شيء،

_ 1 الطبري: التاريخ 3/616، من طريق سيف بن عمر، ابن الجوزي: مناقب ص103. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 103، وقد سبق نحواً منه، عن سعيد بن المسيب ص 369. 3 العبدي، الكوفي، ثقة، من الثالثة. (التقريب ص 149) . 4 ابن سعد: الطبقات 3/276، وإسناده صحيح، والبلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 169، وابن شبه: تاريخ المدينة 2/694، وابن الجوزي: مناقب ص 103. 5 سقط من الأصل.

فقلت: انطلق معي إلى نبي الله، فوجدناه خاثراً1، فرجعنا، ثم غدونا عليه فوجدناه طيب النفس، فأخبرته بالذي صنع، فقال لك: "أما علِمت أن [عم] 2 الرجل صِنو أبيه؟ "، وذكرنا له الذي رأينا من خثوره في اليوم الأوّل، والذي رأينا من طيب نفسه في اليوم الثاني، فقال: "إنكما أتيتماني في اليوم الأوّل وقد بقي عندي من الصدقة ديناران، فكان الذي رأيتما من خثوري لهن وأتيتماني اليوم الثاني وقد وجهتها، فذاك الذي رأيتما من طيب نفسي، فقال عمر: "صدقت، والله لأشكرن [لك] 3 الأولى والآخرة"4. وعن الربيع بن زياد الحارث: "أنه وفد على عمر رضي الله عنه فأعجبه هيئته، فشكى عمر وجعاً به من الطعام يأكله، فقال: "يا أمير المؤمنين، إن أحق الناس بمطعم طيب، ومبلس لين ومركب وطئ [لأنت] 5، وكان متكئاً، وبيده جريدة فاستوى جالساً، فضرب بها رأس الربيع بن زياد، وقال: "والله ما أردت بهذا إلا مقاربتي، وإن كنت لأحسب فيك خيراً! ألا أخبرك بمثلي ومثل هؤلاء؟، إنما مثلنا كمثل قوم سافروا، فدفعوا نفقتهم إلى رجل منهم، فقالوا له: أنفق علينا، فهل له أن يستأثر عليهم بشيء؟ "، قال: "لا"6.

_ 1 خاثر النفس: أي: ثقيلها غير طيب ولا نشيط. (لسان العرب 4/230) . 2 سقط من الأصل. 3 سقط من الأصل. 4 أحمد: المسند 2/98، رقم: 725، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 725، وقال: "إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو البختري أحاديث عن عليّ مرسلة". 5 سقط من الأصل. 6 سبق تخريجه ص 450.

وعن الحسن1، قال: قال عمر بن الخطاب: "السنة ثلاث مئة وستون يوماً، وإن حقا على عمر يكسح2 بيت المال في كل سنة يوماً عذراً إلى الله عزوجل، إني لم أدع فيه شيئاً"3. وعن الحسن4 أن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان - رضي الله عنهما - كانا يرزقان الأئمة، والمؤذنين، والمعلّمين، والقضاة5. وعن الحسن6 رضي الله عنه قال: "بينما عمر رضي الله عنه يمشي في سكة من سكك المدينة، إذا هو بصبية تطيش7 على وجه الأرض، تقوم مرة، وتقع أخرى، فقال عمر: "يا حوبتها8، يا بؤسها من يعرف هذه منكم؟ "، فقال عبد الله بن عمر: "أما تعرفها يا أمير المؤمنين؟ "، قال: "لا، ومن هي؟ "، قال: "هذه إحدى بناتك"، قال: "وأيّ9 بناتي هذه؟ "، قال: "هذه فلانة بنت عبد الله بن عمر"، قال: "ويحك، وما صيرها إلى ما أرى؟ "، قال: "منعك10 ما عندك"، قال: "ومنعي ما عندي "يمنعك" أن تطلب لبناتك ما يكسب القوم لبناتهم، إنك والله ما لك عندي غير

_ 1 البصري. 2 كسح: كنس. (القاموس ص 304) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 105، وهو ضعيف، لانقطاعه، الحسن لم يدرك عمر، ورويته عنه مرسلة. 4 البصري. 5 الخطيب: تاريخ بغداد: 2/1، ابن الجوزي: مناقب ص105، وهو ضعيف، لانقطاعه. 6 البصري. 7 الطيش: النّزق والخفة. (القاموس ص 770) . 8 الحوبة: الحاجة، وفي حديث الدعاء: "إليك أرفع حوبتي"، أي: حاجتي. (لسان العرب 1/337) . 9 في الأصل: (ولي) ، وهو تحريف. 10 في الأصل: (ما منعك) ، وهو تحريف.

سهمك من فيء المسلمين، وسعك أو عجزك هذا كتاب الله بيني وبينكم"1. وعن مالك بن أوس، قال: قال عمر: "ما أحد إلا وله في هذا المال حق إلا ما ملكت أيمانكم"2. وعن عاصم بن عمر - رضي الله عنهما - قال: بعث / [69 / أ] إليّ عمر عند الهَجِير3، أو عند صلاة الصبح فأتيته، فوجدته جالساً في المسجد فحمد الله عزوجل وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد: فإني لم أكن أرى شيئاً من هذا المال يحل لي قبل أن أليه إلا بحقه، ثم ما كان أحرم عليّ منه حين وليته، فعاد أمانتي، وإني كنت أنفقت عليك من مال الله شهراً4، فلست بزائدك عليه، وإني أعطيت ثمرك بالعالية5 فبعه6، فخذ ثمنه، ثم ائت رجلاً من تجار قومك فكن إلى جانبه، فإذا ابتاع شيئاً فاستشركه، وأنفق عليك وعلى أهلك". قال: "فذهبت ففعلت"7.

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/277، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 179، ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 246، ابن الجوزي: مناقب ص 105، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 271، وهو ضعيف لانقطاعه، الحسن لم يدرك عمر بن الخطاب. 2 الشاقعي: المسند ص 325، ابن زنجويه: الأموال 1/110، وإسنادهما صحيح. 3 الهَجِير: نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر. (القاموس ص 638) . 4 في الأصل: (شيئا) ، وهو تحريف. 5 هكذا في الأصل ولعله: (وإني أعطيتك ثمري بالعالية) . 6 في الطبقات: (ولكني معينك بثمر مالي بالغابة) . وفي الأموال: (وقد أعنتك بثمر مالي بالعالية) . 7 ابن سعد: الطبقات 3/277، وإسناده صحيح. ابن شبه: تاريخ المدينة 2/699، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 170، ابن زنجويه: الأموال: 2/518، ابن الجوزي: مناقب ص 107.

وعن قتادة، قال: "كان معيقيب1 على بيت مال لعمر، فكسح بيت المال يوماً فوجد فيه درهماً، فدفعه إلى ابن عمر، قال معقيب: ثم انصرفت إلى بيتي، فإذا رسول عمر قد جاء يدعوني، فجئت فإذا الدرهم في يده، فقال: "ويحك يا معيقيب أوجدت عليّ في نفسك شيئاً؟ "، أو ما لي ولك؟ "، قلت: "وما ذلك؟ "، قال: "أردت أن تخاصمني أمة محمّد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم يوم القيامة؟ "2. وروى عمر بن شبه، أن عبد الله بن الأرقم قال لعمر: "إن عندنا حلية من حلية جلواء، وآنية وفضة، فانظر ما تأمر فيها"، فقال: "إذا رأيتني فارغاً فآذني"، فجاءه يوماً، فقال: "يا أمير المؤمنين، إني أراك اليوم فارغاً"، قال: "ابسط لي نطعاً"3، فبسط، ثم أتي بذلك المال فصب عليه، فأتى فوقف4، فقال: "اللهم إنك ذكرت هذا المال، فقلت: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِيْنَ وَالقَنَاطِيْرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ} [آل عمرن: 14] . وقلت: {لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَاءَاتَاكُم} [الحديد: 23] . اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينت لنا، اللهم إني أسألك أن تضعه في حقه، وأعوذ بك من شرّه". قال: فأُتي بابن له يقال له عبد الرحمن

_ 1 معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، من السابقين الأوّلين هاجر الهجرتين وشهد المشاهد، وولي بيت المال لعمر، وتوفي في خلافة عثمان أو علي. (التقريب ص 542) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 106، وهو ضعيف لانقطاعه، قتادة لم يدرك خلافة عمر، ولم يصرح عمن رواه. 3 النطع - بالكسر وبالفتح والتحريك -: بساط من الأديم. (القاموس ص 991) . 4 في الأصل: (واقف) ، والمثبت من تاريخ المدينة.

بن لُهيّة1، فقال: "يا أبتاه هب لي خاتماً"، قال: "اذهب إلى أمك تسقيك سويقاً2فما أعطاه شيئاً"3. وعن عبد الرحمن بن غنم، قال: "شهدت عمر رضي الله عنه ينظر في أمور المسلمين حتى تعالى النهار، وافترق الناس وقام إلى منزله، واستتبعني فلما صار فيه قال لجاريته: "آتينا غداءنا"، فقّربت زيتاً وخبزاً، فقال: "ويحك ألا جعلت مكان الزيت سمنا؟ "، قالت: "يا أمير المؤمنين، إنك جلعت مال الله في أمانتي، وإن فَرقَ4 الزيت يقوم بكذا وكذا [وفرق السمن يقوم بكذا وكذا] 5، فقال: "ويحك، أما علمت أن داود عليه السلام كان يعمل فيأكل من عمل يده"6. وعن عاصم بن عمر [عن عمر] 7 قال: "إني لأجده يحل لي أن آكل من مالكم هذا إلا كما كنت آكل من صلب مالي، الخبز والزيت [و] 8

_ 1 عبد الرحمن الأوسط، وأمه لُهيّة أم ولد، وهو أبو المجبر. (أنساب الأشراف الشيخان: أبو بكر وعمر ص 146، 290. 2 السويق: ما يتخذ من الحنطة والشعير. (لسان العرب 10/170) . 3 ابن شبة: تاريخ المدينة 2/699، 700، وفي إسناده هشام بن سعد المدني، صدوق له أوهام، ورمي بالتشيع. (التقريب ص 572) ، وعبد الله بن أحمد: الزهد ص115، عن هشام بن سعد، ابن الجوزي: مناقب ص 106، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/641، 642. 4 الفَرْق: مكيال بالمدينة يَسَع ثلاثة آصع، ويحرك وهو أفصح، أو يسع ستة عشر رطلاً. (القاموس ص 1183) . 5 سقط من الأصل. 6 ابن شبه: تاريخ المدينة 2/704، وفي إسناده سعيد بن سليمان الدمشقي، مجهول. الجرح والتعديل 4/26، ابن الجوزي: مناقب ص 106، 107. 7 سقط من الأصل. 8 سقط من الأصل.

الخبز والسمن". قال: فكان ربما يؤتى بالجفنة قد صنعت بالزيت وما يليه منها بسمن/ [69/ب] 1 فيعتذر إلى القوم، ويقول: "إني رجل عربي ولست أستمرئ2 الزيت"3. قال أسامة بن مرشد4 الذي اختصر (سيرة عمر) ، لابن الجوزي - بعد هذا الحديث، قلت: "من غير رد على الشيخ المصنف - يعني ابن الجوزي - أمير المؤمنين منزه عن هذا وقد أجمع أصحاب السير أنه حرم على نفسه السمن، وأكل الزيت حتى اسودَّ لونه، فكيف يأكل من جفنة واحدة بين يديه سمن، وبين يدي مواكليه زيت؟!، هذا ينافي فعله وخلقه"5. قلت: وهذا الكلام ساقط من وجهين: الأوّل: أن كلامه يدل على إنكار على ابن الجوزي، ولا مدخل له في ذلك، فإنه أثر ذكره كما ورد. فإن قيل: قد قال: من غير رد على الشيخ، قيل: الظاهر أن قوله: من غير رد على الشيخ، كأنه احتقر نفسه عند المصنف، فإن قوة اللفظ تعطي ذلك مع أنه أنكر عليه، وليس عليه إنكار فإنه نقل الخبر كما مرّ. الثاني: أن قوله: "أمير المؤمنين منزه عن ذلك"، لا أرى التنزه عن ذلك

_ 1 ق 69 / ب بياض وليس ثمة نقص، فالكلام متصل. 2 مرا: طَعِمَ. (القاموس ص 66) . 3 هناد: الزهد 2/363، وإسناده صحيح. وابن الجوزي: مناقب ص 107، المحب الطبري: الرياض النضرة 2/378، وقال: "خرجه أبو معاوية الضرير". 4 أسامة بن مرشد الكناني الكلبي، أمير من أكابر بني مُنقذ أصحاب قلعة شيزر، ومن العلماء الشجعان، توفي سنة أربع وثمانين وخمس مئة. (البداية والنهاية 12/331، الأعلام 1/291) . 5 أسامة بن مرشد: مختصر مناقب عمر ص 107.

وجهاً، فإنه1 كان يفعل ذلك في بعض الأوقات لعلة، فلهذا فيه2: "كان ربما"، فدلك على أن ذلك كان يفعله بعض الأوقات وفيه ما يدل على أنه كان يفعله لعلة، ولو كان لغير علة فإنه يجوز له، فيجوز لصاحب الغداء أن يضع بين يديه ما هو أجود مما يضعه بين يدي ضيفه. وليس في هذا شيء يدل على أن ذلك كان من مال المسلمين. والله أعلم. وقال القاسم: "خطب عمر الناس، فقال: "إن أمير المؤمنين يشتكي بطنه من الزيت، فإن رأيتم أن تحلوا له ثلاثة دراهم ثمن عكة سمن من بيت مالكم، فافعلوا"3. وهذا يدل على أنه إنما فعل ذلك لعلة، وأنه لم يأكل الزيت معهم لعلة فيه، ولا يقدر أن يطعم الجميع السمن وفيه ضرر. وعن ناشرة بن سُمّي اليَزَني4 قال: "سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول يوم الجابية وهو يخطب الناس: "إن الله عزوجل جعلني خازناً لهذا المال وقاسمه، ثم قال: بل الله يقسمه، وأنا بادئ بأهل النبي صلى الله عليه وسلم ثم أشرفهم"، فَفَرَض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف درهم إلا جويرية وصفية وميمونة، قالت عائشة: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعدل بيننا"، فعدل بينهن عمر، ثم قال: "إني بادئ بأصحابي المهاجرين الأوّلين، فإنا أخرجنا من ديارنا

_ 1 في الأصل: (فإن) . 2 أي: في كلام ابن الجوزي: حيث قال: "فكان ربما يؤتى. . . " ص 463. 3 ابن شبه: تاريخ المدينة 2/705، وابن الجوزي: مناقب ص 107، وهو ضعيف لانقطاعه، القاسم لم يدرك عمر، ولم يصرح عمن رواه. 4 المصري، ثقة، من الثانية. (التقريب ص 557) .

ظلماً وعدواناً ثم أشرافهم". ففرض لأصحاب بدر منهم خمسة آلاف، ولمن كان شهد بدراً من الأنصار أربعة آلاف، قال: "ومن أسرع في الهجرة أسرع به في العطاء، ومن أبطأ في الهجرة أبطأ به في العطاء، فلا يلومنّ رجل إلا مناخ راحلته، وإني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد إني أمرته / [70/أ] 1 أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس، وذا الشرف، وذا اللسان، فنزعته وأمرت أبا عبيدة بن الجراح"2. وعن أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، أن عمر رضي الله عنه كتب المهاجرين على خمسة آلاف، والأنصار على أربعة آلاف، فمن لم يشهد بدراً من أبناء المهاجرين على أربعة آلاف، فكان منهم عمر بن أبي سلمة ابن عبد الأسد المخزومي3، وأسامة بن زيد4، ومحمّد بن عبد الله بن جحش الأسدي5، وعبد الله بن عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف: "إن ابن عمر ليس من هؤلاء، إنه وإنه"، فقال ابن عمر: "إن كان لي حق فأعطني، وإلا فلا تعطني". فقال عمر لابن عوف: "اكتبه على خمسة آلاف واكتبني على أربعة آلاف"، فقال عبد الله: "لا أريد هذا"، فقال عمر: "والله لا أجتمع أنا وأنت على خمسة آلاف"6. فرض عمر رضي الله عنه لأهل بدر عربيهم ومولاهم في خمسة آلاف،

_ 1 ق 70 / أنصفها بياض وليس ثمة ما يشير إلى نقص فالكلام متصل. 2 أحمد: المسند 3/475، 476، وإسناده صحيح، والبيهقي: السنن: 6/349) . 3 ربيب النبي صلى الله عليه وسلم صحابي صغير، توفي سنة ثلاث وثمانين على الصحيح. (التقريب ص 413) . 4 ابن حارثة. 5 صحابي صغير، وأبوه من كبار الصحابة، وعمته زينب أم المؤمنين. (التقريب ص 487) . 6 البيهقي: السنن: 6/350، وفيه عليّ بن زيد بن جدعان، ابن الجوزي: مناقب ص 108.

وقال: "لأفضلنهم على من سواهم"1. وعن الزهري قال: "فرض عمر للعباس عشرة آلاف"2. وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن3، قال: "قال عمر رضي الله عنه: "إني متخذ4 المسلمين على الأعطية ومُدَوِّنهم، ومتحرّ الحق، فقال عبد الرحمن وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - "ابدأ بنفسك"، فقال: "لا، بل أبدأ بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الأقرب فالأقرب منهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرض للعباس فبدأ به، ثم فرض لأهل بدر خمسة آلاف، ثم فرض لمن بعد أهل بدر إلى الحديبية أربعة آلاف أربعة آلاف، ثم فرض لمن بعد الحديبية إلى أن أقلع أبو بكر رضي الله عنه عن أهل الردة ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف، ودخل في ذلك من شهد الفتح، ثم فرض لأهل القادسية، وأهل الشام أصحاب اليرموك، ألفين ألفين، وفرض لأهل البلاء البارع منهم ألفين وخمس مئة ألفين وخمس ومئة، فقيل له: "لو ألحقت أهل القادسية بأهل الأيام؟ "، قال: "لم أكن لألحقهم بدرجة من لم يدركوا، لاها الله إذاً"5، وقيل له: "قد سويتهم على بعد دارهم ممن قربت داره؟ "، فقال: "هم حق بالزيادة لأنهم كانوا ردءاً لهتوف6، وشجى لعدو، وايم الله ما سويتهم حتى استبطنتهم7،

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1475، رقم: 3797، بنحوه. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 108، وهو ضعيف لانقطاعه. 3 ابن عوف. 4 في الأصل: (مجتد) ، وهو تحريف. 5 انظر: ص 577. 6 الهتف والهاتف: الصوت الجافي العالي. (لسان العرب 6/344) . 7 في الأصل: (استبطهم) ، وهو تحريف.

والرّوادف1 الذين ردفوا بعد فتح القادسية، واليرموك ألفاً ألفاً، ثم الروادف الثني خمس مئة خمس مئة، ثم الروادف الثلث2 بعدهم ثلاث مئة ثلاث مئة. سوّى كل طبقة في العطاء ليس بينهم فيما بينهم تفاضل قويهم وضعيفهم، وعربيهم وأعجميهم في طبقاتهم سواء [حتى] 3 إذا حوى أهل الأمصار ما حووا من سباياهم، وردفت الرّبع من الروادف فرض لهم على خمسين ومئتين، وفرض لمن ردف من الروادف الخمس على مئتين، وكان آخر من فرض له عمر رضي الله عنه أهل هجر4 على مئة. ومات عمر على ذلك. وأدخل عمر في أهل بدر أربعة من غير أهل بدر: الحسن والحسين، وأبا ذر وسلمان، - رضي الله عنهم -5. وعن زهرة بن أبي سلمة6، قال: "فرض للعباس على خمسة وعشرين ألفاً"7. وقال الزهري: "على اثني عشر ألفاً، وجعل نساء أهل بدر على خمس مئة، خمس مئة، ونساء من بعد بدر إلى الحديبية على أربع مئة، أربع مئة، ونساء بعد ذلك إلى الأيام على ثلاث مئة، ثم نساء القادسية على مئتين مئتين، ثم سوى بين النساء بعد ذلك، وجعل الصبيان من أهل بدر وغيرهم على مئة، مئة، وفرض

_ 1 الروادف: أتباع القوم المؤخرون. (لسان العرب 11/116) . 2 في الطبري: (التليث) ، وهما سواء. 3 سقط من الأصل. 4 هجر: مدينة وهي قاعدة البحرين، فُتحت في أيام النبي صلى الله عليه وسلم قيل: في سنة ثمان، وقيل: في سنة عشر، ومدينة هجر تبعد ميلين عن الأحساء المعروفة، شرق المملكة. (معجم البلدان 5/393، المنطقة الشرقية 4/1829) . 5 الخبر بنحوه في الطبري: التاريخ 3/614، ابن الجوزي: مناقب ص 109، ابن الأثير: الكامل 2/502، 503، بدون إسناد. 6 لم أجد له ترجمة، وفي مناقب عمر: (أبي زهرة) . 7 الطبري: التاريخ 3/614، ابن الجوزي: مناقب ص 109، بدون إسناد.

لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف إلاّ من جرى عليها الملك، وفضل عائشة - رضي الله عنها - ألفين، فأبت، فقالت: "بفضل ميزاتك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أخذت فشأنك"1. وعن أبي سلمة2، ومحمّد3، والمهلب4 وطلحة5، قالوا: "لما أعطى عمر رضي الله عنه وذلك في سنة خمس عشرة، وكان صفوان بن أمية قد أفرض في أهل القادسية، وسهيل بن عمرو6 فلما دعي صفوان وقد رأى ما أخذ أهل بدر ومن بعدهم إلى الفتح، فأعطاه في أهل الفتح، فقال: "لست آخذاً أقل من هو دوني"، فقال: "إنما أعطيتهم على السابقة في الإسلام لا على الأحساب"، قال: "فنعم إذا". / [70/ب] فأخذ وقال: "أهل ذلك هم"، ولما بلغ القسم سهيل بن عمرو والحارث بن هشام، قالا: "أنت تعرف قريشاً وتقصر بنا"، قال: "إنما القسم على السابقة وقد سبقتما"، قالا: "نعم، إذا ولئن كنا سبقنا إلى ذلك لا نسبق إلى الجهاد وأخذا"7. وعن عبد الملك بن عمير8 قال: "أصاب المسلمين يوم المدائن، بساط بهار كسرى، ثقُل عليهم أن يذهبوا به، وكانوا يعدونها للشتاء، إذا ذهبت

_ 1 الطبري: التاريخ3/614، ابن الجوزي: مناقب ص109، 110، وهو ضعيف لانقطاعه. 2 لعله ابن عبد الرحمن بن عوف. 3 محمّد بن نويرة روى عن أم عثمان عن ابن مكنف روى عنه سيف بن عمر. (الجرح والتعديل 8/110) . 4 ابن عقبة. 5 ابن الأعلم الحنفي. 6 في الأصل " عمر " وهو تحريف. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 110، وبنحوه في الطبري: التاريخ 3/613، ابن الأثير 2/502. 8 اللخمي.

الرياحين، وكانوا إذا أرادوا الشرب شربوا [عليه] 1 فكأنهم2 في رياض بساط واحد ستين في ستين، أرضه بذهب3، ووشِيَه4 بفصوص، وثمره بجوهر، وورقه بحرير وماء ذهب، فلما قسم سعد فيهم فضل، ولم يتفق قسمه، فجمع سعد المسلمين فقال: "إن الله تعالى قد ملأ أيديكم، وقد عسر قسم هذا البساط، ولا يقدر على شرائه أحد، فأرى أن تطيبوا به نفساً لأمير المؤمنين يضعه حيث يشاء"، ففعلوا. فلما قدم على عمر رضي الله عنه بالمدينة رأى رؤياً فجمع الناس، وحمد الله وأثنى عليه، واستشارهم في البساط، وأخبرهم خبره، فمن مشير بقبضه، وآخر مُفوّض إليه، وآخر مرقق فقام عليّ رضي الله عنه حين رأى عمر يأبى حتى انتهى إليه، فقال: "لِمَ تجعل عملك جهلاً ويقينك شكاً؟ إنه ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيت فأمضيت، أو لبست فأبليت، أو أكلت فأفنيت"، قال: "صدقتني"، فقطعه فقسمه بين الناس، فأصاب عليّاً رضي الله عنه قطعة منه فباعها بعشرين ألفاً، وما هي بأجود تلك القطع"5. وعن الزهري أن عمر كسا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكن فيها ما يصلح للحسن والحسين فبعث إلى اليمن فأتى لهما بكسوة فقال: "الآن طابت نفسي"6.

_ 1 سقط من الأصل. 2 في الأصل: (فإنهم) ، وهو تحريف. 3 في الأصل: (بذهب وذهب) . 4 الوشي: نقش الثوب. (القاموس ص 1730) . 5 الطبري: التاريخ 4/22، وهو ضعيف لانقطاعه عبد الملك بن عُمير لم يدرك عمر، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 110، وقد سبق مختصراً ص 525. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 111، وهو ضعيف لانقطاعه.

وعن أبي وائل1، قال: "استعملني ابن زياد2 على بيت المال، فأتى رجل بصك فقال فيه: "أعط صاحب المطبخ ثمان مئة درهم"، فقلت له: مكانك، ودخلت على ابن زياد فحدثته فقلت: إن عمر استعمل عبد الملك بن مسعود على القضاء وبيت المال، وعثمان بن حنيف على ما سقي الفرات، وعمار بن ياسر على الصلاة والجند، ورزقهم كل يوم شاة، فجعل نصفها وسقطها وأكارعها3 لعمار، لأنه كان في الصلاة والجند، وجعل لعبد الله بن مسعود ربعها، وجعل لعثمان بن حنيف ربعها، ثم قال: "إن مالاً يؤخذ منه كل يوم شاة، فإن ذلك فيه لسريع"، فقال ابن زياد: "ضع المفتاح واذهب حيث شئت"4. فما ورد عنه في بيت المال وقيامه فيه، ونظر في مصالحه، وحذره من أن يأخذ هو أو أحد من أهله منه شيئاً بغير حقه، لم يرد عن أحد من الأمة رضي الله عنه، وجزاه عن المسلمين خيراً. إنه على كل شيء قدير.

_ 1 شقيق بن سلمة الأسدي. 2 عبد الملك بن زياد بن أبيه أمير العراقيين، ليزيد بن معاوية، قتل في أيامه وعلى يده الحسين بن عليّ رضي الله عنه وقتله إبراهيم بن الأشتر سنة سبع وستين. (تاريخ الطبري 6/86) . 3 في الأصل: (وأكراعها) . 4 البيهقي: السنن: 6/354، وفي إسناده عامر بن شقيق، قال الحافظ: "لين الحديث". التقريب ص 287) ، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 111.

الباب السابع والأربعون: حذره من المظالم وخروجه منها

الباب السابع والأربعون: حذره من المظالم وخروجه منها ... الباب السابع والأربعون: في حذره من المظالم وخروجه منها ذكر ابن الجوزي عن الأحنف بن قيس قال: "وفدنا إلى عمر بفتحٍ عظيم، فقال: "أين نزلتم؟ "، فقلت: في مكان كذا، فقام معنا حتى انتهينا إلى مناخ رواحلنا، فجعل يتخللها ببصره ويقول: "ألا اتقيتم الله في ركابكم هذه؟، أما علمتم أن لها عليكم حقاً؟، ألا خليتم عنها فأكلت من نبت الأرض؟ ". فقلنا: يا أمير المؤمنين، إنا قدمنا بفتح عظيم، فأحببنا التسرع إلى أمير المؤمنين، وإلى المسلمين بما يسرهم، ثم انصرف راجعاً ونحن معه، فلقيه رجل، فقال: "يا أمير المؤمنين، انطلق معي فأعدني على فلان فإنه ظلمني". قال: فرفع الدرة فخفق1 بها رأسه، وقال: "تدعون عمر / [71 / أ] وهو مُعرِضٌ لكم حتى إذا اشتغل بأمرٍ من أمور المسلمين أتيتموه: أعدني، أعدني". فانصرف الرجل وهو يتذمّر2، فقال عمر: "عليّ بالرجل"، فألقى إليه المخِفقة3، فقال: "أمسك"، قال: "لا ولكن أدعها لله ولك"، قال: "ليس كذلك، إما تدعها لله وإرادة ما عنده، أو تدعها لي فأعلم ذلك". قال: "أدعها لله"، قال: "انصرف". ثم جاء يمشي حتى دخل منزلة، ونحن معه، فافتتح الصلاة، فصلى ركعتين، ثم جلس، فقال: "يا ابن الخطاب، كنت وضيعاً فرفعك الله، وكنت ضالاً فهداك الله، وكنت ذليلاً فأعزّك الله، ثم حملك على رقاب المسلمين، لجاء رجل يستعديك فضربته، ما تقول لربك غداً إذا أتيته؟ "، فجعل يعاتب نفسه

_ 1 الخفق: ضربك الشيء بدرة أو بعريض. (القاموس ص 1126) . 2 يتذمّر: أي: يجترئ عليه ويرفع صوته في عتابه. (النهاية 2/167) . 3 المخفقة: الدرة. (النهاية 2/56) .

معاتبة ظننت أنه من خير أهل الأرض"1. وعن إياس بن سلمة2 عن أبيه، قال: "مرّ عمر رضي الله عنه وأنا في السوق، وهو مار في حاجة، ومعه الدّرّة، فقال: "هكذا أمِطْ3 عن الطريق يا سلمة". قال: ثم خفقني بها خفقة فما أصاب إلا طرف ثوبي، فأمطت عن الطريق، فسكت عني حتى كان في العام المقبل، فلقيني في السوق، فقال: "يا سلمة، أردت الحج العام؟ "، قلت: نعم. يا أمير المؤمنين، فأخذ بيدي، فما فارقت يدي يده حتى دخل في بيته، فأخرج كيساً فيه ست مئة درهم، فقال: "يا سلمة، استعن بهذه، واعلم أنها من الخفقة التي خفقتك عام أوّل". قلت: والله يا أمير المؤمنين، ما ذكرتها حتى ذكرتنيها، قال: "والله ما نسيتها بعد"4. وعن عاصم بن عبيد الله5، قال: "قال6 عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحت شجرة في طريق مكة، فلما اشتدت عليه الشمس أخذ عليه ثوبه، فقام فناداه رجل غير بعيد منه: يا أمير المؤمنين، هل لك في رجل قد ربْدت حاجته، وطال انتظاره؟، قال: "من ربدها؟ "، قال: "أنت"، فجاراه القول حتى ضربه

_ 1 ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 102، وفي سلامة بن صبيح، لم أجد له ترجمة. وابن الجوزي: مناقب ص111، 112، والمتقي الهندي: كنْز العمال12/671، 672، ونسبه لابن عساكر. 2 ابن الأكوع الأسلمي، المدني ثقة، توفي سنة تسع عشرة ومئة. (التقريب ص 116) . 3 ماطه وأماطه: نحّاه ودفعه. (لسان العرب 7/409) . 4 الطبري: التاريخ 4/224، وإسناده ضعيف، فيه عكرمة بن عمار، قال الحافظ فيه: "صدوق يغلط". (التقريب ص 396) ، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 112. 5 ابن عاصم بن عمر بن الخطاب، العدوي، ضعيف، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومئة. التقريب ص 285) . 6 قال؛ من القيلولة: وهو نومة نصف النهار. (لسان العرب 11/577) .

بالمخفقة، فقال: "عجلت عليّ قبل أن تنظرني، فإن كنت مظلوماً رددت إلي حقي، وإن كنت ظالماً رددتني"1، فأخذ عمر طرف ثوبه، وأعطاه المخفقة، وقال له: "اقتص"، قال: "ما أنا بفاعل"، فقال: "والله لتفعلن كما فعل المنصف من حقه"، قال: "فإني أغفرها"، فأقبل عمر على الرجل، فقال: "أنصف من نفسي أصلح من أن ينتصف مني، وأنا كاره"، فلو كنت في الأراك لسمعت حنين عمر - يعني: بكاءه"2. قوله: "ربدتها: يعني: حبستها3، 4. وعن سالم بن عبد الله، قال: "نظر عمر رضي الله عنه إلى رجل أذنب ذنباً فتناوله بالدّرّة، فقال الرجل: "يا عمر إن كنت أحسنت فقد ظلمتني، وإن كنت أسأت فما علمتني". قال: "صدقت، فاستغفر الله لي5 فاقتد من عمر، فقال الرجل: "أهبها لله وغفر الله لي ولك"6. قال ابن الجوزي أو ابن مرشد الذي اختصر سيرته والظاهر أنّه من كلام ابن الجوزي: "فإن قال قائل: كيف جاز لعمر أن يقول لمن ضربه: اقتص منّي، والقصاص لا يكون في الضرب بالعصا إجماعاً"7. / [71 / ب] . قال: "وأبلغ من هذا ما روى محمّد بن سعد من حديث الفضل

_ 1 في الأصل: (ردتني) ، وهو تحريف. 2 انظر: منظور: لسان العرب 13/129. 3 انظر: ابن منظور: لسان العرب 3/170. 4 ابن الجوزي: مناقب ص112، 113، وهو ضعيف لإعضاله، ولضعف عاصم بن عبيد الله. 5 في الأصل: (ذنوبك) ، وهو تحريف. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 113. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 113.

بن العباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجل كنت أصبت من عِرِضه شيئاً، فهذا عرضي فليقتص منّي، أو من بَشَره شيئاً فهذا بشري فليقتص، أو من ماله شيئاً فهذا مالي فليأخذ، واعلموا أن أولاكم بيَ رجل كان له من ذلك شيء1 فأخذه وحلّلَني، فلقيت ربّي وأنا محلَّل لي "2. قال: فالجواب أما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه منزه أن يكون ضرب أحداً بغير حق، إنما أبان بما قال الواجب على من ضرب أحداً بغير حق يعزر، والتعزير ضرب لكنه لايقع قوداً، لكن تعزيراً، وكذلك قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "من كنت ضربته بغير حق، فليضربني على وجه التعزير، لا معنى القصاص، فإن عمر هو الإمام، وإذا وجب لبعض رعيته عليه حق جاز أن يأذن له في استيفائه، وإقامته، فأما القصاص في الضرب بالعصا فقد أجمع الفقهاء أنه لا قصاص في ذلك، ولا يعدل عن الإجماع بخبر محتمل، ثم لا يحوز للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لعمر أن يبيحا من أنفسهما ما لم يبحه الله تعالى من الضرب، كما لا يجوز لأحد أن يقول لآخر: اجرحني، أو اقتلني، لأن النفوس محترمة لحق الله تعالى، وإنما أبيح القصاص في الجراح والقتل"3. قلت: وهذا الكلام مردود من وجهين: الأوّل: أنه لا يمتنع أن يظن النبي صلى الله عليه وسلم الحق في ضرب رجل فيضربه ثم يظهر الحق في عدم ضربه، فقد قال عليه السلام: "إنما أنا بشر مثلكم، أنْسى كما تنسون" 4، وقال: "إني بشر مثلكم، وإنكم تختصمون إليّ، وإن

_ 1 في الأصل: (شيئاً) . 2 ابن سعد: الطبقات 2/255، بأطول، وإسناده ضعيف لجهالة أحد رجال السَّند. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 113، 114. 4 البخاري: الصحيح، كتاب القبلة 1/156، رقم: 392، مسلم: الصّحيح، كتاب المساجد ومواضع الصلاة 1/402، رقم: 572.

بعضكم ألحن بحجته1 من بعض" 2. فإذا كان الخطأ في الاجتهاد جائزاً في حق النبي صلى الله عليه وسلم ففي حق عمر من باب أولى. الثاني: أن قوله: "لا قصاص في العصا بالإجماع"، ليس بمسلم، بل يكون فيه القصاص، حتى قال بعض أصحابنا: القصاص في الكلام أيضاً، وهو اختيار الشيخ تقي الدين ابن تيمية، أنه إذا شُتم، أو لعن، يجوز أن يقتص منه بالكلام، وكذلك إذا ضرب يجوز أن يضرب من ضربه3، وقال الله عزوجل: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] . وقوله عزوجل: {وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] ، لا يلزم منه أن لا يكون القصاص في غير الجروح، بل هنا أثبت القصاص في الجروح، وسكت عن غيرها، وأي دليل في ثبوت القصاص في ذلك أعظم من قول النبي صلى الله عليه وسلم وقول عمر، ولو لم يكن قول النبي صلى الله عليه وسلم فقول الصحابي حجة4. وقوله: "لا يجوز لهما أن يبيحا من نفسهما ما لم يبحه الله تعالى". نقول: "هذا ليس مما لم يبحه الله تعالى، فإن هذا مباح، بل واجب، أي:

_ 1 في الأصل: (بحت) ، وهو تحريف. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الحيل 6/2555، رقم: 6566، مسلم: الصّحيح، كتاب الأقضية 3/1337، رقم: 1713. 3 ابن تيمية: مجموع الفتاوى 34/163، 11/547. 4 انظر عن حجية قول الصحابي: روضة الناظر وجنة المناظر 2/165، والوجيز في أصول الفقه ص 261، 262.

لأجل / [72 / أ] الخروج من المظلمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان عنده حق لأخيه فليتحلله" 1، وهذا حق فإن ضربه بغير حق فإثم ذلك عليه". وقوله: "كما لا يجوز أن يقول لرجل: اقتلني، أو اجرحني". هذا ليس بمسلم، وهذا ليس كهذا، فإنه لا يجوز أن يقول له اقتلني أو اجرحني بغير حق عليه، وهناك عليه حق، بل نقول: لو جرح الإمام رجلاً ظلماً، وجب عليه أن يقول له: اجرحني، وإذا ضربه وجب أن يقول له: اضربني، وإذا أخذ من ماله شيئاً، وجب عليه دفعه إليه، والضرب بالعصا كذلك. وقوله: "إن ذلك تعزير". هذا مردود بل كونه قصاصاً أولى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم منَزَّهٌ أن يعزر وليس بمنزه عن دفع الحق إلى أهله، وهو محمود عليه، وكذلك عمر، ولأن التعزير لا يكون إلا من الإمام في حق غيره، ولا يكون من غير الإمام في حق الإمام، وما قاله هذا القائل لا معول عليه، ولو سكت عن هذه المقالة كان أولى، بل هي مقالة لا يلتفت إليها، وما أظن ابن الجوزي يقول ذلك. وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن حماد بن يحيى المكي2 عن أبيه3، قال: "قدمت المدينة أنا، وأهلي، فانطلقت إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، ثم أقبلت فلقيتني المرأة في بعض الطريق، فقمت معها أسألها عن بعض الأمر، فبينا أنا أكلمها إذ ضربة على رأسي، فالتفت فإذا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، فقلت: "يا أمير المؤمنين، ظلمتني، هذا والله امرأتي، قال: "أفلا كلمتها

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الرقاق 5/2394، رقم: 6169، بنحوه. 2 لم أعثر له على ترجمة، في المصادر الأخرى. 3 لم أعثر له على ترجمة، في المصادر الأخرى.

خلف باب أو ستر؟ ": قلت: "يا أمير المؤمنين، لقيتني فسألتها عن بعض الأمر"، فألقى إليّ الدّرّة، وقال: "اقتص"، قلت: "لا"، قال: "فاعف". قلت: "لا". فأخذ بيدي، فانطلق بيَ إلى منزل أبي بن كعب، فاستأذن فخرج إليه ابنه، فقال: "حاجتك يا أمير المؤمنين؟ "، فقال: "قل لأبيك يخرج"، قال: فخرج إلي1 أبيض الرأس واللحية، فجلس معه، ثم قال عمر: "اقرأ عليّ: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} [الأحزاب: 58] . فقرأها عليه، فقال عمر: "في عمر نزلت؟ "، قال: "لا"، قال: "فإني أضرب المؤمنين، ولا يضربونني، وأشتمهم ولا يشتمونني، وأوذيهم ولا يؤذنوني"، قال: "لا ولكن2 أحدّثك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ من قبل الله: ألا لا يرفعن أحد كتابه حتى يرفع عمر بن الخطاب، فيجاء بك مبيض وجهك تزف إلى ربك كتابك بيمينك" 3. فرضي الله عنه ما كان أحذره من المظالم الكبير منها والصغير، وما كان أجهده في الخروج من مظالم الناس، وأن لا يترك لأحد عنده مظلمة. رضي الله عنه.

_ 1 في السير: (إليه) . 2 في الأصل: (لكن) . 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 188، 189، بدون سند.

الباب الثامن والأربعون: ملاحظته لعماله ووصيته إياهم

الباب الثامن والأربعون: ملاحظته لعماله ووصيته إياهم ... الباب الثامن والأربعون: في ملاحظته لعماله ووصيته إياهم في الصحيح عن زيد بن أسلم عن أبي / [72 / ب] أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له يدعى هُنَيّاً1 على الحِمى، فقال: "يا هُنَيّ اضْمُمْ جناحك على المسلمين، واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مستجابة، وأدخل ربَّ الصّرَيْمَة2 وربَّ الغنيمة، وإياي، ونعم ابن عوف، ونعم ابن عفان، فإنهمها إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى زرع، ونخل، وإن ربّ الصريمة، ورب الغنيمة، إن تهلك ماشيتهما يأتني ببنيه فيقول: يا أمير المؤمنين، يا أمير المؤمنين3، أفتاركهم أنا لا أبا لك؟، فالماء، والكلأ أيسر عليّ من الذهب والورق، وأيم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله، ما حميت عليهم من بلادهم شبراً"4. وفي الصحيح أيضاً عن عبد الله بن عامر5، أن عمر استعمل قدامة ابن مظعون6 على البحرين، وكان شهد بدراً، وهو خال عبد الله بن عمر وحفصة7.

_ 1 هني - بالتصغير - مولى عمر، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم واستعمله عمر على الحِمى. (الإصابة 6/303) . 2 الصريمة - بالكسر -: القطعة من الإبل ما بين العشرين إلى الثلاثين. . وقيل: غير ذلك. (القاموس ص 1458) . 3 قوله: "يا أمير المؤمنين"، غير مكرر في الصحيح. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1113، رقم: 2894. 5 ابن ربيعة العنْزي. 6 الجمحي. 7 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1473، رقم: 2788.

وعن يحيى بن معين، قال: "كان شريح قاضي عمر بن الخطاب، وكان عبد الله بن مسعود على بيت المال"1. قال نافع: "استعمل عمر زيداً على القضاء، وفرض له رزقاً"2. ذكر ابن الجوزي عن عمرو بن ميمون، قال: "رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يصاب بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان، وعثمان ابن حنيف، فقال: "كيف فعلتما أتخافان أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق؟ "، قالا: "لا"، فقال عمر: "لئن سلمني الله لأدعن أرامل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبداً". فما أتت عليه رَابِعةٌ حتى أصيب"3 وعن عمارة بن خزيمة بن ثابت4 - رحمه الله -، قال: "كان عمر بن الخطاب - رحمه الله - إذا استعمل عاملاً كتب عليه كتاباً، وأشهد عليه رهطاً من الأنصار: أن لا يركب برذوناً5، ولا يأكل نقيّاً، ولا يلبس رقيقاً، ولا يغلق بابه دون حاجات6 المسلمين، ثم يقول: "اللهم اشهد".

_ 1 سبق تخريجه ص 596. 2 سبق تخريجه ص 596. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 114، والحديث أخرجه البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1353، رقم: 3497. 4 الأوسي، ثقة، توفي سنة خمس مئة. (التقريب ص 409) . 5 البرذون: الدابة، والبرذون من الخيل: ما كان من غير نتاج العراب. (لسان العرب 13/51) . 6 الطبري: التاريخ 4/207، ابن الجوزي: مناقب ص 114، وهو ضعيف لانقطاعه، وفي إسناد الطبري: عاصم بن بهدلة، قال الحافظ عنه: "صدوق له أوهام". (التقريب ص 285) ، وعبد الرزاق: المصنف 11/324، عن عاصم بن أبي النجود.

وعن عمرو بن مرّة1 [قال] 2: "كان عمر رضي الله عنه يكتب إلى أمراء الأمصار بأن لكم معشر الولاة حقاً على الرعية، ولهم مثل ذلك، فإنه ليس من حكم3 أحب إلى الله تعالى ولا أعم نفعاً من حكم4 إمام ورفقه، وإنه ليس جهل أبغض إلى الله ولا أعم ضراً من جهل إمام وخرقه، وإنه من يطلب العافية فيمن هو بين ظهرانيه، ينزل الله عليه العافية من فوقه"5. وعن ابن سعد، قال: "كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل النعمان6 على ميسان7 وكان يقول الشعر، فقال: ألا هل أتى الحسناء أن حليلها ... بميسان يُسقي في زجاج وحَنْتَم8 إذا شئت غنتني دهَاقين9 قريةٍ ... ورقاصة تجثوا10 على كل مَنْسم فإن كنت ندماني فبالأكبر11اسقني ... ولا تسقني بالأصغر المتثلم

_ 1 الجملي، المرادي، ثقة عابد كان لا يدلس ورمي بالإرجاء، توفي سنة ثماني عشرة ومئة (التقريب ص 426) . 2 سقط من الأصل. 3 في الزهد والمناقب: (حلم) . 4 في الزهد والمناقب: (حلم) . 5 هناد: الزهد 2/602، ابن الجوزي: مناقب ص 114، وهو ضعيف لانقطاعه، عمرو بن مرة لم يدرك عمر، وفي إسناد هناد: واصل بن ثوبان لم أجد له ترجمة. 6 النعمان بن عدي بن نضلة العدوي. (الإصابة 6/243) . 7 ميسان - بالفتح ثم السكون، وسين مهملة، وآخره نون، -: اسم كورة واسعة كثيرة القرى والنخل يبن البصرة وواسط قصبتها ميسان. (معجم البلدان 5/242) . 8 الحَنْتَمُ: الجرّة الخضراء. (القاموس ص 1419) . 9 الدّهقان-بالكسر والضم-: زعيم فلاحي العَجَم، ورئيس الإقليم. (القاموس ص1546) . 10 في الأصل: (تحذوا) . 11 في الأصل: (فالأكبر) ، وهو تحريف.

لعل أمير المؤمنين يسوؤه ... تنادمنا بالجوسق1 المتهدم فلما بلغ عمر قوله، قال: "نعم إنه والله ليسوءني: من لقيه فليخبره أني قد عزلته"، فقدم عليه رجل / [73 / أ] من قومه فأخبره بعزله، فقال: "والله ما صنعت شيئاً مما قلت، ولكني كنت امرأً شاعراً، فوجدت فضلاً من قول، فقلت فيه الشعر"، فقال عمر: "والله لا تعمل لي على عمل ما بقيتُ، وقد قلتَ ما قلتَ"2. وعن عثمان الحِزامي3 عن أبيه4 قال: "لما بلغ عمر بن الخطاب هذا الشعر، كتب إلى النعمان بن نضلة5: بسم الله الرحمن الرحيم {حم. تَنْزِيْلُ الكِتَابِ مِنَ الله العَزِيْزِ العَلِيم غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيْدِ العِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ المَصِيْرُ} ، [غافر: 1-3] . أما بعد: فقد بلغني قولك: لعل أمير المؤمنين يسوءه ... تنادمنا بالجوسق المتهدم وأيم الله إنه ليسوءني "وعزله، فلما قدم على عمر بكَّته6 بهذا الشعر، فقال: "يا أمير المؤمنين، ما شربتها قط، وما ذاك الشعر إلا شيء فطح على اللسان"، فقال عمر: "أظن ذلك، ولكن لا تعمل

_ 1 الجوسق: القصر. (القاموس ص 1125) . 2 ابن سعد: الطبقات 4/140، وفيه الواقدي، وابن الجوزي: مناقب ص 115، وابن حجر: الإصابة 6/243. 3 عثمان بن الضحاك المدني، يقال هو: الحزامي، ضعيف، من السابعة. (التقريب ص384) . 4 الضحاك بن عثمان الحزامي، المدني، صدوق يهم من السابعة. (التقريب ص 79) . 5 النعمان بن عدي بن نضلة العدوي. (الإصابة 6/243) . 6 التبكيت: التقريع والتوبيخ. (لسان العرب 2/11) .

لي عملاً أبداً"1. قال ابن الجوزي: "جاء في الشعر: تجثو2، وتجذو، والصحيح: [تجذو] 3 ومعناه: ينتصب4. والمَنْسِم: استعارة، وهو من البعير بمنزلة الظفر من الإنسان5. والجوسق: فارسي معرب، وهو تصغير قصر كوشك، أي: صغير67. وعن محمّد بن عبد الغفار8 قال: "استعمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً من قريش فبلغه أنه قال: اسقني شربة ألذ عليها واسق بالله مثلها ابن هشام فأشخص9 إليه وذُكِرَ إنما أشخص10 إليه من أجل البيت، فضم إليه آخر، فلما قدم عليه، قال: "ألست القائل: اسقني شربة ألذ عليها ... واسق بالله مثلها ابن هشام

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 116، وهو ضعيف لانقطاعه، وفيه عثمان بن الضحاك الحزامي، قال الحافظ: "ضعيف". (التقريب ص 384) ، وأورده بنحوه ابن عبد البر: الاستيعاب 4/1502) . 2 في الأصل: (تجدوا) ، وهو تحريف. 3 سقط من الأصل. 4 في لسان العرب 14/136، 137: "جذا الشيء يجذو جذواً وجُذوّاً وأجذى لغتان كلاهما: ثبت قائماً، وقيل: الجاذي كالجاثي، قال أبو عمرو: "جذا وجثا لغتان، وأجذى وجذا بمعنى إذا ثبت قائماً". 5 انظر: ابن منظور: لسان العرب 12/574. 6 انظر: ابن منظور: لسان العرب 12/35. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 116. 8 لم أعثر له على ترجمة في المصادر الأخرى. 9 في مناقب عمر: (فأشخصه) . 10 في مناقب عمر: (فأشخصه) .

قال: عسلاً بارداً بماء سحاب ... إنني لا أحب شرب المدام فقال: الله، الله، قال: ارجع إلى عملك"1. وعن ابن المسيب2، عن عمر رضي الله عنه قال: "أيما عاملٍ لي ظلم أحداً، وبلغتني فلم أغيرها فأنا ظلمته"3. وعن عياض الأشعري4، قال: "قدم على عمر فتح من الشام، فقال لأبي موسى: "ادع كاتبك يقرأه على الناس في المسجد"، قال أبو موسى: "إنه نصراني لا يدخل المسجد"، قال عمر: "ولِمَ استكتبت نصرانياً؟ "5. وعن أُسِّقَ6، قال: "كنت عبداً نصرانياً لعمر، فقال: "أسلم حتى نستعين بك على بعض أمور المسلمين، لأنه لا ينبغي لنا أن نستعين علىأمورهم بمن ليس منهم"، فأعتقني، وقال: "اذهب حيث شئت"7.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 116. 2 سعيد بن المسيب. 3 ابن سعد: الطبقات 3/305، وفيه الواقدي، وابن الجوزي: مناقب ص 116، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/659، ونسبه لابن سعد. 4 عياض بن عمرو الأشعري، صحابي له حديث، وجزم أبو حاتم بأن حديثه مرسل، وأنه رأى أبا عبيدة بن الجراح، فيكون مخضرماً. (التقريب ص 4379) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص116، وبنحوه ابن قتيبة: عيون الأخبار1/43، وإسناده حسن. 6 ذكره ابن حجر: الإصابة 1/107 باسم أسبق، ووضعه في القسم الثالث من كتابه، أي: أنه أدرك الجاهلية ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم فهو مخضرم". 7 ابن سعد: الطبقات 6/158، أبو عبيد: الأموال ص: 39، ابن زنجويه: الأموال: 1/145، وأشار إليه البخاري: التاريخ 8/268، وأورده ابن كثير: التفسير 1/459، ونسه لابن أبي حاتم، والسيوطي: الدر المنثور 1/330، ونسبه لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، ومدار الحديث على شريك بن عبد الله النخعي، وهو صدوق، يخطئ كثيراً. (التقريب ص 266) .

وعن الأحنف بن قيس، قال: "قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاحتبسني عنده حولاً، فقال: "يا أحنف قد بلوتك وخبرتك، فرأيت أن علانيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك على مثل علانيتك، وإن كنا لنُحَدّث بما يُهلك هذه الأمة كل منافق عليم"1. وعن الأحنف بن قيس: أنّه قدم على عمر رضي الله عنه فاحتبسه حولاً / [73 / ب] ثم قال: "أتدري لِمَ احتبستك؟ "، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفنا من كلّ منافق عليم اللسان، ولست منهم"2. وعن عبد الرحمن بن أبي عطية3، قال: "كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن مَترَس بالفارسية، هو الأمان، فمن قلتم له ذلك ممن لا يفقهلسانكم فقد أمنتموه"4. وعن عبد الرحمن بن سابط5، قال: "بلغ عمر رضي الله عنه أن عمالاً من عماله اشتكوا، فأمرهم أن يوافوه فلما أتوه، قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أيتها الرعية، إن لنا عليكم حقّاً، النصيحة بالغيب، والمعاونة على

_ 1 الذهبي: سير أعلام النبلاء (4/88، وإسناده ضعيف، فيه علي بن زيد بن جدعان، قال الحافظ: "ضعيف". (التقريب ص 400) . 2 الذهبي: سير أعلام النبلاء (4/88، وأخرج أحمد نحوه عن أبي عثمان النهدي: المسند 1/217، وصحّحه أحمد شاكر في تعليقه على أحاديث المسند رقم: 143، وقال: "إسناده ضعيف". 3 في سنن سعيد، ومصنف ابن أبي شيبة: (عن أبي عطية) ، وهو أبو عطية الهمداني اسمه: مالك بن عامر، وقيل: غير ذلك، توفي في حدود السبعين. (التقريب ص 658) . 4 ابن أبي شيبة: المصنف 12/455، وفي سنده انقطاع، وسعيد: السنن 2/233، وإسناده صحيح، وابن الجوزي: مناقب ص 117. 5 عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط، الجمحي، ثقة كثير الإرسال، توفي سنة ثماني عشرة ومئة. (التقريب ص 340) .

الخير، أيتها الرعاة إن للرعية عليكم حقّاً، اعلموا أنه لا حلم إلى الله، أحب، ولا أعم نفعاً من حلم إمام ورفقه1، وأنه ليس جهل أبغض إلى الله، ولا أعم من جهل إمام وخرقه، اعلموا أنه من يأخذ بالعافية فيمن بين ظهرانيه، يرزق العافية فيمن هو دونه"2. وعن قيس3 قال: "بعث عمر جريراً4 على الجيش، فسقطت رِجلُ رَجلٍ من المسلمين من البرد، فبلغ ذلك عمر، فأرسل جريراً مسمعاً، إنه من يُسمع، يُسمَعِ الله به يعني إنك خرجت في البرد لكي يقال: قد غزا في البرد"5. وعن مُحارب بن دثار6، عن عمر رضي الله عنه أنه قال لرجل قاضي: "من أنت؟ "، قال: "قاضي دمشق". قال: "كيف تقضي؟ "، قال: "أقضي بكتاب الله"، قال: "فإذا جاءك ما ليس [في كتاب الله؟ "، قال: "أقضي بسنة رسول الله"، قال: "فإذا جاءك ما ليس في] 7 سنة رسول الله؟ "، قال: "أجتهد رأيي وأوامر جلسائي"، قال: "أحسنت". قال: وإذا جلست فقل: إني أسألك أن أفتي بعلم، وأن أقضي بحلم، وأسألك العدل في الغضب والرضى". قال: فسار الرجل ما شاء أن يسير، ثم رجع إلى عمر، فقال: "ما أرجعك؟ "، قال: "رأيت الشمس والقمر يقتتلان، مع كل واحد

_ 1 في الأصل: (وفقه) ، وهو تحريف. 2 ابن شبه: تاريخ المدينة2/774، وهو ضعيف، لانقطاعه، وقد سبق عن عمرو بن مرة، ص 480. 3 ابن أبي حازم. 4 جرير بن عبد الله البجلي. 5 وكيع: الزهد 2/585، وإسناده صحيح، أحمد: الزهد ص 44، هناد: 2/441، وابن الجوزي: مناقب ص 117. 6 السدوسي، الكوفي، ثقة إمام زاهد، توفي سنة ست عشرة ومئة. (التقريب ص 521) . 7 سقط من الأصل.

منهما جنود من الكواكب"، فقال: "مع أيهما كنت؟ "، قال: "مع القمر"، قال: "يقول الله عزوجل: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12] ، لاتل [لي] 1 عملاً"2. وعن الحسن3، قال: "قال عمر: "أعياني أهل الكوفة، إن استعملت وجدت رجلاً قوياً، أميناً مسلماً، أستعمله عليهم"، فقال رجل: "يا أمير المؤمنين، أنا والله أدلك على الرجل القوي الأمين المسلم"، فأثنى عليه عمر، وقال: "من هو؟ "، قال: "عبد الله بن عمر"، قال عمر: "قاتلك الله، والله ما أردت4 الله بها"5. وعن الحسن6، قال: "قال عمر رضي الله عنه: "هانَ شيء أُصْلِح به قوماً، أُبدّلهم أميراً مكان أمير"7. وعن عبد الملك8،: "أن عمر كتب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

_ 1 سقط من الأصل. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 117، 118، وهو ضعيف لانقطاعه، محارب بن دثار لم يدرك عمر، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/809، ونسبه لابن أبي الدنيا وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة: المصنف 11/74، عن عطاء بن السائب وهو منقطع أيضاً، وابن عبد البر: الاستيعاب 1/279، ابن حجر: الإصابة 1/285، قال: "ونقل بعض أهل العلم بالأخبار..". 3 البصري. 4 في الأصل: (ماردت) ، وهو تحريف. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 118، وهو ضعيف لانقطاعه. 6 البصري. 7 ابن سعد: الطبقات 3/284، ابن شبه: تاريخ المدينة 3/805، ابن الجوزي: مناقب ص 118، وهو ضعيف لانقطاعه. 8 عبد الملك بن عمير اللخمي.

أن شاور طليحة الأسدي، وعمرو بن معدي كرب، في أمر حربك، ولا تولهما من الأمر شيئاً، فإن كل صانع هو أعلم بصنعته"1. وعن عاصم بن بَهْدَلة2، قال: "كان عمر رضي الله عنه جالساً مع أصحابه، فمرّ به رجل فقال له: "ويل لك، يا عمر من النار"، فقال رجل: "يا أمير المؤمنين، ألا ضربته؟ "، فقال رجل أظنه عليّاً: "ألا سألته؟ "، فقال عمر: "عليّ بالرجل عليه3 فقال له: "لِمَ؟ "، قال: "تستعمل"، العامل وتشترط عليه شروطاً ولا تنظر في / [74 / أ] شروطه". قال: "وما ذاك؟ "، قال: "عاملك على مصر اشترطت عليه شروطاً فترك ما أمرته به وانتهك ما نهيته عنه"، وكان عمر رضي الله عنه إذا استعمل عاملاً شرط عليه أن لا يركب دابة، ولا يلبس رقيقاً، ولا يأكل نقيّاً، ولا يغلق بابه دون الناس وحوائجهم، وما يصلحهم، قال: فأرسل إليه رجلين، فقال: "سلا عنه، فإن كان كذب عليه فأعلماني، وإن كان صدق فلا تملكاه من أمره شيئاً حتى تأتياني به". فسألا عنه فوجداه قد صدق عليه، فاستأذنا ببابه، فقال: "إنه ليس عليه آذن"، فقالا: "ليخرجن إلينا أو لنحرقن بابه"، وجاء أحدهما بشعلة من نار، فلما رأى ذلك آذنه أخبره، فخرج إليهما، فقالا: "إنا رسولا عمر، لتأتينه"، قال: "إن لي حاجة تزود"، قالا: "ما أنت4 بالذي5 تأتي أهلك"، فاحتملاه فأتيا به عمر رضي الله عنه

_ 1 ابن أبي شيبة: المصنف 13/15، وهو ضعيف لانقطاعه، ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1205، ابن الجوزي: مناقب ص 118. 2 ابن أبي النجود الأسدي. 3 في الأصل: (الرجل) . 4 مطموس في الأصل، سوى: (أنت) . 5 مطموس في الأصل، سوى: (الذي) .

فقال: "من أنت ويلك؟ "، قال: "عاملك على مصر"، وكان رجلاً بدوياً، فلما أصاب من ريف مصر ابيضّ وسمن، فقال: "استعملتك وشرطت عليك شروطاً، فتركت ما أمرتك به، وانتهكت ما نهيتك عنه، أما والله لأعاقبنك عقوبة أبلغ إليك فيها، إيتوا بدرّاعة1 من كساء، وعصا وثلاث مئة شاة من شياه الصدقة، فقال: "ألبس هذه الدّارعة، فقد رأيت أباك وهذه خير من دُرّاعته، وهذه خير من عصاه، اذهب بهذه الشاء فارعها2 في مكان كذا وكذا - وذلك في يوم صائف - فلا تمنع السائل من ألبانها شيئاً وأعلم أنا آل عمر لم نصب من شاء الصدقة، ومن ألبانها ولحومها شيئاً، فلما أمعن رده، فقال: "أفهمت ما قلت لك؟ "، ورد عليه الكلام ثلاثاً فلما كان في الثالثة ضرب بنفسه الأرض بين يديه، وقال: "ما أستطيع ذلك، فإن شئت فاضرب عنقي"، قال: "فإن رددتك فأي رجل تكون؟ "، قال: "لا ترى إلا ما تحب فرده فكان خير عامل"3. وعن المنصفق4: أن عمر رضي الله عنه كتب لرجل عهداً، وجاء بعض ولده فأقعده في حجره، فقال الرجل: "ما أخذت ولداً لي قط"، قال: "فما ذنبي إن كان الله عزوجل نزع الرحمة من قلبك؟، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء". ثم انتزع العهد من يده"5.

_ 1 الدراعة: ثوب من صوف. (القاموس ص 923) . 2 في الأصل: (فارعاها) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 119، 120، والطبري: التاريخ 4/207، مختصراً، وهو ضعيف لانقطاعه، وفيه عاصم وهو صدوق له أوهام. . 4 في مناقب عمر: (المصفق) ، ولم أجد له ترجمة. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 120، وأخرجه بنحوه أحمد بن مروان: الجزء الثاني من التاسع عشر من المجالسة ق 125 / ب عن محمّد بن سليم مرسلاً، وكيع: الزهد 2/814، عن إبراهيم النخعي مرسلاً.

وعن أبي عثمان1 قال: "استعمل عمر رضي الله عنه رجلاً من بني أسد على عمل فدخل ليسلم عليه، فأتى عمر بعض ولده فقبله، فقال الأسدي: "أتقبل هذا يا أمير المؤمنين؟، والله ما قبلت ولداً قط"، فقال عمر: "فأنت والله بالناس أقل رحمة لا تعمل لي عملاً أبداً، فرد عهده"2. وعن الشعبي، قال: "قال عمر: "لا أوتى برجل فضلني على أبي بكر إلا جلدته أربعين"3. قال: "وكان عمر إذا بعث عاملاً كتب ماله"4. وعن ابن سيرين5، قال: "قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "والله لأنزعن [عن] 6 القضاء فلاناً، ولأستعملن على القضاء رجلاً / [74 / ب] إذا رأه الفاجر فرقه"7.

_ 1 النهدي. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 120، البخاري بنحوه: الأدب المفرد ص 48، قال الألباني: "حسن الإسناد". (صحيح الأدب المفرد ص 64) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 120، وهو ضعيف لانقطاعه، الشعبي لم يدرك عمر، وأخرجه بنحوه أحمد: فضائل الصحابة 1/200، وأروده ابن تيمية في الصارم المسلول ص 585، ونسبه لأحمد وصحح إسناده. 4 ابن سعد: الطبقات 3/307، وفيه الواقدي، وابن الجوزي: مناقب ص 120، والسيوطي: تاريخ الخلفاء ص 141. 5 محمّد بن سيرين الأنصاري. 6 سقط من الأصل. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 120، وهو ضعيف، لانقطاعه، وكيع: أخبار القضاة 1/274 عن أنس بن الحسن.

وعن زيد بن وهب1، قال: "خرج جيش في زمن عمر رضي الله عنه نحو الجبل، فانتهوا إلى نهر ليس عليه جسر، فقال أمير ذلك [الجيش] 2 لرجل من أصحابه: "انزل وانظر في مخاضة نجوز فيها"، في يوم شديد البرد، فقال ذلك الرجل: إني أخاف إن دخلت الماء أن أموت"، فأكرهه فدخل فقال: "يا عمراه يا عمراه"، ثم لم يلبث أن هلك، فبلغ ذلك عمر وهو في سوق المدينة، فقال: "يا لبيكاه"، وبعث إلى أمير ذلك الجيش فنزعه، وقال: "لولا أن يكون سنة بعدي لأقدت منك، لا تعمل لي عملاً أبداً"3. وعن الحسن4، قال: "قال عمر رضي الله عنه: "لئن عشت إن شاء الله تعالى لأسيرن في الرعية حولاً، فإني أعلم أن للناس حوائج تقطع عني، أما هم فلا يصلون إليّ، وأما عمّالهم فلا يرفعونها إليّ، فأسير إلى الشام فأقيم بها شهرين، ثم أسير إلى مصر فأقيم بها شهرين، ثم أسير إلى البحرين فأقيم بها شهرين، ثم أسير إلى الكوفة فأقيم بها شهرين، ثم أسير إلى البصرة فأقيم بها شهرين"5. وروى ابن شبه: أن عمر رضي الله عنه عتب على بعض عماله، فكلم

_ 1 الجهني. 2 سقط من الأصل. 3 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/812، البيهقي: السنن: 8/323، ومداره على الأعمش، وهو مدلس وقد عنعن، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 120، والمتقي الهندي: كنْز العمال 15/81، ونسبه للبيهقي، والأعمش من المرتبة الثانية التي تحمل الأئمة تدليسهم. 4 البصري. 5 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/821، الطبري: التاريخ 4/201، 202، ابن الجوزي: مناقب ص 121، وهو مرسل من مراسيل الحسن ضعيفة.

امرأة عمر، فقالت له: "يا أمير المؤمنين فيم وجدت عليه؟ "، فقال: "يا عدوة الله، وفيم أنت وهذا؟ "، إنما أنت لعبة يلعب بك ثم تتركين"1. وكان عمر يقول: "أشكوا إلى الله جلد الخائن وعجز الثقة"2. وروى أبو القاسم الأصفهاني بسنده إلى عمير بن سلمة الديلي3، أنه خرج مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أو أخبره من كان مع عمر، قال: "أتينا عمر نصف النهار، وهو قائل في ظل شجرة، إذ جاءت أعرابية فتوسمت الناس فجاءته، فقالت: "إني امرأة مسكينة ولي بنون، وإن أمير المؤمنين كان بعث محمّد بن مسلمة ساعياً فلم يعطنا4، فلعلك - يرحمك الله - أن تشفع لنا إليه، قال: فصاح يا يرفأ ادع لي محمّد بن مسلمة، فقالت: "إنّه أنجح لحاجتي أن تقوم معي إليه، قال: "إنه سيفعل إن شاء الله"، فجاءه يرفأ فقال: "أجب"، فجاء فقال: "السلام عليك يا أمير المؤمنين"، فاستحيت المرأة، فقال عمر رضي الله عنه: "والله ما آلو أن أختار5 خياركم، فكيف أنت قائل إذا سألك الله عن هذه؟ "، فدمعت عينا محمّد / [75/أ] ثم قال عمر: "إن الله بعث إلينا نبيه محمّداً صلى الله عليه وسلم فصدقناه، واتبعناه، فعمل بما أمره الله، فجعل الصدقة لأهلها من المساكين حتى قبضه الله على ذلك، ثم

_ 1 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/818، بأطول وإسناده منقطع، ثابت البناني لم يدرك هلال بن أمية، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 121. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 121. 3 عمير بن سلمة البكري، روى عن عمر بن الخطاب، وروى عنه أبو الأسود يتيم عروة. (الجرح والتعديل 6/376) . 4 في الأصل: (يعطينا) ، وهو تحريف. 5 في الأصل: (أختاركم) ، وهو تحريف.

استخلف الله أبا بكر، فعمل بسنته حتى قبضه الله، ثم استخلفني فلم آل أن أختار خياركم، فأدّ إليها صدقة العام، وعام الأوّل، وما أدري لعلي لا أبعثك"، ثم دعا لها بجمل وأعطاها دقيقاً، وزيتاً، وقال: خذي هذا حتى تلحقينا بخيبر، فإنا نريدها". فأتت بخيبر فدعا بجملين آخرين، فقال: "خذي هذا فإن فيه بلاغاً حتى يأتيكم محمّد، فقد أمرته أن يعطيك حقك للعام، وعام أوّل"1. وفي الصحيح عن جابر بن سمرة2، قال: "شكا أهل الكوفة سعداً إلى عمر فعزله، واستعمل عليهم عماراً فشكوا حتى ذكروا أنه لا تحسن تصلي"، فأرسل إليه فقال: "يا أبا إسحاق، إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي"، فقال: "أما أنا - والله - فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أَخْرم عنها، أصلي صلاة العشاء، فأركد3 في الأوّليين وأحذف4 - أو قال: - وأخفّ في الأخريين". قال: "ذاك ظني بك5 يا أبا إسحاق أو ذلك الظن بك يا أبا إسحاق"، فأرسل معه رجلاً أو رجالاً إلى الكوفة، يسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجداً إلا سأل عنه، ويثنون معروفاً، حتى دخل مسجداً لبني عبس6 فقام

_ 1 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص180، 181، أبو عبيد: الأموال ص 591، وإسنادهما ضعيف فيه ابن لهيعة، صدوق خلط بعد احتراق كتبه. (التقريب ص319) . 2 جابر بن سمرة السوائي، صحابي ابن صحابي، نزل الكوفة ومات بها بعد سنة سبعين. (التقريب ص 136) . 3 أركد: أي: أسكن وأطيل القيام في الركعتين الأوليين من الصلاة الرباعية. (لسان العرب 3/184) . 4 مسلم: الصّحيح، كتاب الصلاة 1/334، رقم: 453. 5 مسلم: الصّحيح، كتاب الصلاة 1/335، رقم: 453. 6 عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر، وهي القبيلة المشهورة، التي ينسب إليها العبسيون بالكوفة، ولهم بها مسجد وفيهم كثرة. (الأنساب للسمعاني 4/1309) .

رجل منهم يقال له: أسامة ابن قتادة1، يُكنى أبا سعدة، قال: "أما إذ نشدتنا فإن سعداً كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية"، فقال سعد: "أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً، قام رياء وسمعة، فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه بالفتن"، وكان بعدُ إذا سئل يقول: "شيخ كبير مفتون، أصابتني، أو قال: أصابته دعوة سعد"، قال عبد الملك2: "فأنا رأيته بعدُ، قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطريق يغمزهن3، 4. ورواه الإمام أحمد عن جابر بن سمرة، قال: "شكا أهل الكوفة سعداً، إلى عمر، فقالوا: "لا يحسن يصلي"، فذكر عمر له فقال: أما صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كنت أصلي بهم، أركد في الأوليين، وأحذف في الأخريين"، قال: "ذاك الظن بك يا أبا إسحاق"5. وفيه عن عَباية بن رفاعة6، قال: "بلغ عمر أن سعداً لما بنى القصر قال: "انقطع الصُوَيت"، فبعث إليه محمّد بن مسلمة، فلما قدم أخرج زَنْده، وأورى7 ناره،

_ 1 أسامة بن قتادة العبسي، ذكره ابن حجر في القسم الثال: وهم الذين أدركوا الجاهلية ولم يثبت أنّهم لقوا النبي صلى الله عليه وسلم. (الإصابة 1/106) . 2 عبد الملك بن عمير اللخمي. 3 غمزه بيده يغمزه: شبه نخسه، وبالعين والجفن والحاجب: أشار. (القاموس ص 668) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب صفة الصلاة 1/262، رقم: 722، مسلم: الصّحيح، كتاب الصلاة 1/334، رقم: 453. 5 أحمد: المسند3/79، قال أحمد شاكر في تعليقه على أحاديث المسند رقم: 1557: "إسناده صحيح". 6 ابن رافع بن خَديج الأنصاري الزرقي، ثقة من الثالثة. (التقريب ص 294) . 7 ورى الزند: خرجت ناره. (لسان العرب 15/388) .

وابتاع حطباً بدرهم، وقيل لسعد: "إن رجلاً فعل كذا وكذا"، فقال: "ذاك محمّد بن مسلمة"، فخرج إليه، فحلف بالله ما قاله، فقال: "نؤدّي عنك الذي تقول، ونفعل لما أمرنا به"، فأحرق الباب، ثم أقبل يعرض عليه / [75 / ب] أن يزوّده، فأبى، فخرج فقدم على عمر فهَجَّر1 إليه فسار ذهابه ورجوعه تسع عشرة فقال: "لولا حسن الظن بك لرأينا أنك لم تؤد عنا"، قال: "بلى، وأرسل يقرأ السلام ويعتذر، ويحلف بالله ما قاله"، قال: "فهل زوّدك شيئا؟ "، قال: "لا"، قال: "فما منعك أن تزودني أنت؟ "، قال: "إني كرهت أن أمر لك فيكون لك البارد، ولي الحار، وحولي أهل المدينة قد قتلهم الجوع، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يشبع الرجل دون جاره" 2. وفيه عن ابن الساعدي3، أنه قال: "استعملني عمر بن الخطاب على الصدقة فلما فرغت منها، وأديتها إليه أمر لي بعمالة، فقلت له: إني عملت لله عزوجل وأجري على الله، فقال: "خذ ما أعطيت، فإني قد عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعَمِّلني4، فقلت مثل قولك، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أعطيت شيئاً من غير أن تسأل فكل وتصدق" 5.

_ 1 التهجير: التبكير في كل شيء والمبادرة إليه. (لسان العرب 5/255) . 2 أحمد: المسند 1/321، وضعّفه أحمد شاكر في تعليقه على أحاديث المسند رقم: 390، وقال: "إسناده ضعيف لانقطاعه". 3 ابن الساعدي، هو: عبد الله بن السعدي القرشي العامري، واسم أبيه: وقدان، وقيل: غير ذلك، صحابي، يقال: توفي في خلافة عمر، وقيل: عاش إلى خلافة معاوية. (تهذيب التهذيب 5/207، التقريب ص 305) . 4 فعمِّلني: أي: أعطاني عُمالتي وأجرة عملي. (لسان العرب 11/476) . 5 أحمد: المسند 1/313، وصحّحه أحمد شاكر في تعليقه على أحاديث المسند رقم: 371، وقال: "إسناده صحيح". والحديث أخرجه مسلم: الصّحيح، كتاب الزكاة 2/723، رقم: 1045.

وعن هشام بن عروة1 عن أبيه: أن هشام بن حكيم بن حزام2 أتى على عامل لعمر بن الخطاب بالشام، وقد أمر برجال فحبسوا في الشمس من أجل الجزية، فدخل عليه فقال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عزوجل يعذب يوم القيامة من يعذب الناس في الدنيا، فأرسلهم "3. قال: فكان عمر إذا رفع إليه الأمر يكرهه، قال: أما ما كنت أنا وهشام على وجه الأرض، فإن هذا شيء لا يكون4. قال: وكان إذا رأى شيئاً يكرهه لم يقره، فمات هشام، قال: وولدت أنا فسماني أبي باسمه".

_ 1 ابن الزبير. 2 الأسدي القرشي، صحابي ابن صحابي، توفي قبل أبيه، ووهم من زعم أنه استشهد بأجنادين. (التقريب ص 572) . 3 أخرجه بنحوه أحمد: المسند 3/404، مسلم: الصّحيح، كتاب البر والصلة والآداب 4/2017، رقم: 2613. 4 ابن عبد البر: الاستيعاب 4/1538، عن مالك مرسلاً، والذهبي: سير أعلام النبلاء 3/52، عن الزهري مرسلاً.

الباب التاسع والأربعون: حذره من الإبتداع وتحذيره منه

الباب التاسع والأربعون: حذره من الإبتداع وتحذيره منه ... الباب التاسع والأربعون: في حذره من الابتداع وتحذيره منه في الصحيح عن المسور بن مخرمة1، وعبد الرحمن بن عبدٍ القاري أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: "سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان، في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة، لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أساوره2 في الصلاة، فانتظرته حتى سلم، فلببته3، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ "، قال: "أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقلت له: "كذبت، فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهو أقرأني هذه السورة التي سمعتك"، فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوده، فقلت: "يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وإنك أقرأتني سورة الفرقان"، قال: "يا هشام اقرأها"، فقرأها القراءة التي سمعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هكذا أنزلت"، ثم قال: "اقرأ يا عمر"، فقرأت القراءة التي أقرأنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هكذا أنزلت"، ثم قال رسول الله: "إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه" 4 وذكره ابن الجوزي من طريق المسور أن عمر رضي الله عنه / [76 / أ] قال:

_ 1 الزهري له ولأبيه صحبة، توفي سنة أربع وستين. (التقريب ص 532) . 2 ساوره مساورة وسواراً: واثبه. (لسان العرب 4385) . 3 لبّبه تليبباً: جمع ثيابه عند نحره في الخصومة، ثم جره. (القاموس ص 171) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل القرآن 4/1923، رقم: 4754، مسلم: الصّحيح، كتاب صلاة المسافرين وقصرها 1/560، رقم: 818.

"سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان، فقرأ فيها حروفاً لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، فأردت أن أساوره وأنا في الصلاة، فلما فرغت قلت: من أقرأك هذه القراءة؟، فقال: "رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقلت: كذبت، والله ما أقرأك هكذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده أقوده، فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنك أقرأتني سورة الفرقان، إني سمعت هذا يقرأ فيها حروفاً لم تكن أقرأتنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ يا هشام"، فقرأ كما كان قرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هكذا أنزلت"، ثم قال: "اقرأ يا عمر"، فقرأت، فقال: "هكذا أنزلت"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن القرآن أنزل على سبعة أحرف" 1. وعن عابس بن ربيعة2، قال: "رأيت عمر نظر إلى الحجر، وقال: "أما والله لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّلك ما قبّلتك، ثم قبّله"3. وعن عبد الله بن سَرْجس4، قال: "كان الأصلع - يعني عمر - إذا استلم الحجر قال: "إني لأعلم أنك حجر لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما قبّلتك"5.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 121، والحديث أخرجه أحمد: المسند 1/224، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على أحاديث المسند رقم: 158، وقال: "إسناده صحيح". 2 النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية. (التقريب ص 285) . 3 أخرجه بنحوه البخاري: الصحيح، كتاب الحج 2/579 رقم: 1520، ومسلم: الصّحيح، كتاب الحج 2/925، رقم: 1270. 4 عبد الله بن سرجس المزني حليف بني مخزوم، صحابي سكن البصرة. (التقريب ص305) . 5 مسلم: الصّحيح، كتاب الحج 2/925، رقم: 1270.

وعن أبي سعيد الخدري، قال: "حججنا مع عمر رضي الله عنه أوّل حجة حجها من إمارته، فلما دخل المسجد الحرام، دنا من الحجر الأسود فقبّله، واستلمه، وقال: "أعلم أنك حجر لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّلك واستلمك، ما قبّلتك ولا استلمتك"، فقال له عليّ رضي الله عنه بلى يا أمير المؤمنين، إنه ليضر وينفع، ولو علمت تأويل ذلك من كتاب الله، لعلمت أن الذي أقول لك، [كما] 1 أقول، قال الله عزوجل: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] ، فلما أقروا أنه الربّ عزوجل وأنهم العبيد، كتب ميثاقهم في رقّ ثم ألقمه الحجر، وله عينان، ولسان، وشفتان، يشهد [لمن] 2 وافاه بالموافاة، فهو أمين الله في هذا المكان". فقال عمر رضي الله عنه: "لا أبقاني الله بأرض لست بها يا أبا الحسن"3. قال أسامة بن مرشد: "إنما قال عمر رضي الله عنه في الحجر ما قال، لأنهم كانوا قد أنسوا بلمس الحجارة في الجاهلية، وعبادتها، فأخبر عمر أنه إنما يمس هذا الحجر ويقبّله؛ لأنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسه، ويقبّله، ولولا ذلك لم يفعل ذلك"4. وقال نافع5: "كان الناس يأتون الشجرة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ 1 مطموس في الأصل. 2 سقط من الأصل. 3 الحاكم: المستدرك 1/457، وفي إسناده أبو هارون العبدي، قال الحافظ: "متروك ومتهم من كذبه شيعي". (التقريب ص 408) ، وابن الجوزي: مناقب ص 122، وابن حجر: الإصابة3/262وقال: "وفي إسناده أبو هارون العبدي وهوضعيف جداً". 4 أسامة بن مرشد: مختصر مناقب عمر ص 122. 5 مولى ابن عمر.

تحتها بيعة الرضوان، فيصلون عندها، فبلغ ذلك عمر فأوعدهم فيها، وأمر بها فقطعت"1. وعن [سعيد بن] 2 المسيب - رحمه الله - قال: "قضى عمر رضي الله عنه بقضاء في الأصابع ثم أخبر بكتاب كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لابن حزم3، فأخذ به، وترك أمره الأول"4. وعن المعرور بن سويد5، قال خرجنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حجة حجها، قال: فقرأ بنا في الفجر: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بأَصْحَابِ الفِيْلِ} ، [الفيل: 1] ، / [76 / ب] و {لإِيلاَفِ قُريشٍ} [قريش: 1] ، فلما انصرف، رأى6 الناس مسجداً فبادروه، فقال: "ما هذا؟ "، فقالوا: "هذا مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم"، فقال: "هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعاً من عرضت له فيه صلاة فليصل، ومن لم تعرض له صلاة فليمض"7.

_ 1 ابن سعد: الطبقات 2/100، ابن الجوزي: مناقب ص 122، ابن حجر: فتح الباري، وقال: "إسناده صحيح". 2 سقط من الأصل. 3 عمرو بن حزم الأنصاري، صحابي مشهور، شهد الخندق فما بعدها، وكان عامل البني صلى الله عليه وسلم على نجران، توفي بعد الخمسين. (التقريب ص 420) . 4 البيهقي: السنن: 8/93، وإسناده حسن فيه جعفر بن عون، قال الحافظ: "صدوق". (التقريب ص 141) ، الخطيب: الفقيه والمتفقه ص 139، ابن الجوزي: مناقب ص 123. 5 الأسدي، ثقة، من الثانية، عاش مئة وعشرين سنة. (التقريب ص 540) . 6 في الأصل: (فرأى) . 7 عبد الرزاق: المصنف 2/118، 119، ابن أبي شيبة: المصنف 2/376، وفي إسناده الأعمش وهو مدلس وقد عنعن، وابن وضاح: البدع والنهي عنها ص 41، وابن تيمية: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص 203، واقتضاء الصراط المستقيم 2/744، وعزاه لسعيد بن منصور، وابن حجر: فتح الباري 1/569.

وعن عبد الملك بن هارون بن عنترة12، عن أبيه3 عن جده4، قال: "قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر: "ألا إن أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فأفتوا برأيهم، فضلوا وأضلوا، ألا وإنا نقتدي، ولا نبتدي، ونتبع، ولا نبتدع، ما نضل ما تمسكنا بالأثر"5. وعن عمرو6 بن ميمون7 عن أبيه8 قال: "أتى عمر بن الخطاب رجل فقال: "يا أمير المؤمنين، إنا لما فتحنا المدائن أصبنا كتاباً فيه كلام معجب، قال: "أمن كتاب الله؟ "، قال: "لا". فدعا بالدّرّة فجعل يضربه بها وجعل يقرأ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِيْنِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرْبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ، إلى قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِيْنَ} [يوسف: 1-3] ، ثم قال: "إنما هلك من كان قبلكم أنهم أقبلوا على كتب علمائهم، وأساقفتهم، وتركوا التوراة والإنجيل، حتى درسا9 وذهب ما فيهما من العلم"10.

_ 1 في الأصل: (عنيزة) ، وهو تحريف. 2 عبد الملك بن هارون روى عن أبيه، قال أحمد: "ضعيف الحديث"، وقال يحيى بن معين: "كذاب"، وقال أبو حاتم: "متروك الحديث ذاهب الحديث". (الجرح والتعديل 5/374، الميزان 2/666) . 3 هارون بن عنترة الشيباني، الكوفي لا بأس به، توفي سنة اثنتين وأربعين ومئة. (التقريب ص 56) . 4 عنترة بن عبد الرحمن الكوفي، ثقة، من الثالثة، وهم من زعم أن له صحبة وهو جد عبد الملك بن هارون. (التقريب ص 433) . 5 الخطيب: الفقيه والمتفقه ص 181، وفي إسناده عبد الملك، وهو متروك، وابن الجوزي: مناقب ص 123. 6 في الأصل: (عمر) ، وهو تحريف. 7 عمرو بن ميمون الجزري، ثقة فاضل، توفي سنة سبع وأربعين، وقيل: غير ذلك. (التقريب ص 427) . 8 ميمون بن مهران. 9 دَرَسَ الشيء: عفا. (لسان العرب 6/79) . 10 ابن الضريس: فضائل القرآن ق 76 / ب، وأبي نصر المقدسي: الحجة على ترك المحجة، رقم: 661، وابن الجوزي: مناقب ص 123، وإسناده ضعيف، لانقطاعه، ميمون بن مهران لم يدرك عمر.

وعن ابن عون1 عن إبراهيم2: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه أن رجلاً كتب كتاب دانيال، وقال فكتب إليه يرتفع إليّ، فلما قدم عليه جعل عمر رضي الله عنه يضرب بطن كفه بيده، ويقول: {الر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِيْنِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرْبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ} [يوسف 1-3] ، فقال عمر: أقصص أحسن من كتاب الله؟ فقال: "يا أمير المؤمنين، اعفني، فوالله لأمحونه"3. وعن أسلم قال: "سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "فيمَ4 الرّمَلان5 الآن والكشف عن المناكب، وقد أطّأ6 الله الإسلام، ونفى الكفر وأهله، ومع ذلك لا ندع شيئاً كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "7. وعن السائب بن يزيد أنه قال: "أتى رجل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: "يا أمير المؤمنين، إنا لقينا رجلاً يسأل عن تأويل القرآن"، فقال: "اللهم أمكني

_ 1 عبد الله بن عون. 2 النخعي. 3 عبد الرزاق: المصنف 6/114، وإسناده حسن إلى إبراهيم، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 273، ابن الضريس: فضائل القرآن ق 76 / أ، الخطيب: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/223، ابن الجوزي: مناقب ص 124، السيوطي: الدر المنثور 4/497. 4 في الأصل: (ما في) ، وهو تحريف. 5 الرّملان: الرّمل، والسعي، الرّمل: أن يهزّ منكبيه ويُسرع في المشي. (لسان العرب 11/295) . 6 في الأصل: (أطال) ، وهو تحريف. ومعنى أطّأ: ثبته، وأرساه. (النهاية 1/53) . 7 أحمد: المسند 1/293، وعنه أبو داود: السنن 2/178، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 317، وأخرجه بنحوه البخاري: الصحيح، 2/582، رقم: 1528.

منه"، فبينا عمر ذات يوم جالساً، يغدي الناس، إذ جاءه، وعليه ثياب وعمامه، حتى إذ فرغ، قال: "يا أمير الممؤنين، {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً فَالحَامِلاَتِ وِقْراً} [الذاريات: 1-2] ، فقال عمر رضي الله عنه: "أنت هو؟ "، فقام إليه وحسر1 عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، فقال: "والذي نفس عمر بيده، لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك، ألبسوه ثيابه، واحملوه على قِتْب2، ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلاده، ثم ليقم خطيباً ثم ليقل: "إن صبيغاً3 ابتغى العلم فأخطأه". فلم يزل وضيعاً4 في قومه حتى هلك5. وعن أبي عثمان النهدي، عن صبيغ، أنه سأل عمر عن المرسلات، والذاريات، والنازعات، فقال له عمر: " [ضع] 6 ما على رأسك فإذا / [77 / أ] له ظفران7، قال: "لو وجدتك محلوقاً لضربت الذي فيه عيناك"، ثم كتب إلى أهل البصرة: أن لا تجالسوه، قال أبو عثمان:

_ 1 حسر عن ذراعيه: أي: أخرجهما من كميه. (لسان العرب 4/187) . 2 القِتْب، والقَتْب: إكاف البعير. (لسان العرب 1/660) . 3 صَبِيغ - بوزن عظيم - ابن عسل، ويقال: ابن عسيل الحنظلي، سأل عمر عن متشابه القرآن، واتهمه عمر برأي الخوارج، توفي في خلافة معاوية. (الإصابة 3/258، تاريخ دمشق 8/233) . 4 في الأصل: (ضيعاً) . 5 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/634، 635، ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 8 ق 232، ابن الجوزي: مناقب ص 124، ابن حجر: الإصابة 3/258، وعزاها إلى (ابن الأنباري) ، وصحح إسنادها. 6 سقط من الأصل. 7 في المناقب: (ظفيرتان) .

"فكان لو أتانا، ونحن مئة لتفرقنا عنه"1. وعن إبراهيم التيمي2، قال: "جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يقال له: "صبيغ"، فسأل عن: النازعات، والمرسلات، وأشباههما، وعليه برنس، فقال عمر بقضيبه فرفع البرنس فإذا شعر، فقال لو كنت محلوقاً لضربت عنقك ثم كتب إلى أهل البصرة: لا تجالسوه ولا تبايعوه، قال: فمكث حولاً حتى أصابه الجهد، فقام إلى أسطوانة3 من أساطين المسجد فاستغاث، وروجع عمر رضي الله عنه فكتب: أن لا تخالطوه، وكونوا منه على حذر"4. وعن قيس بن أبي حازم، قال: "جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يسأله، قال: "جئت أطلب العلم"، قال: "بل جئت تبتغي الضلالة"، ثم كشف عن رأسه فوجده ذا شعر، فقال: "لو كنت محلوقاً لضربت عنقك"5. وعن سعيد بن المسيب، قال: "جاء صَبيغ التميمي إلى عمر فقال: "يا أمير المؤمنين، أخبرني عن {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً} [الذاريات: 1] ، قال: هي الريح، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: أخبرني عن {فَالحَامِلاَتِ وِقْراً} [الذاريات: 2] ، قال: "السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته"، قال: "فأخبرني عن {فَالمُقَسِّمَاتِ أمْراً} [الذاريات: 5] ، قال: "وهي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته"، قال: "فأمر به

_ 1 ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 8 / ق 233، ابن الجوزي: مناقب ص 125، ابن حجر: الإصابة 3/258، وعزاه للخطيب وابن عساكر. 2 إبراهيم بن يزيد التيمي. 3 الأسطوانة - بالضم -: السارية. (القاموس ص 1555) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 125، وهو ضعيف لانقطاعه بين إبراهيم التيمي وعمر. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 125، بدون إسناد.

عمر فضرب مئة، وجعل في بيت فإذا برأ دُعي فضرب مئة أخرى، ثم حمله على قتب، وكتب إلى أبي موسى الأشعري حرم على الناس1 مجالسته2، فلم يزل كذلك، حتى أتى أبا موسى، فحلف له بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه، مما كان شيئاً، فكتب في ذلك إلى عمر، فكتب إليه: ما أخاله إلا قد صدق، فخلّ بينه وبين مجالس الناس". عن الزهري، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلد صبيغاً التميمي عن مساءلته عن حروف القرآن، حتى اضطربت الدماء في ظهره"3.

_ 1 في تاريخ ابن عساكر والمناقب وعقيدة السلف: (مجالسة) . 2 البزار كما في تفسير ابن كثير 7/391، الصابوني: عقيدة السلف أصحاب الحديث ص 51، 52، ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 8 ق 231، الأصفهاني: سير السلف ص 179، ابن الجوزي: مناقب ص 125، الهيثمي: مجمع الزوائد 7/112، 113، وقال: "رواها البزار وفيه أبو بكر بن أبي سبرة وهو متروك". ابن حجر: الإصابة 3/258، وعزاها إلى الدارقطني في الإفراد وأعلها بأبي بكر بن أبي سيرة، وقال: "وهو ضعيف، والراوي عنه أضعف منه". وقال ابن كثير: "قال البزار: "وأبو بكر ابن أبي سيرة لين، وسعيد بن سلام ليس من أصحاب الحديث". وقال ابن كثير: "هذا الحديث ضعيف رفعه، وأقرب ما فيه أنه موقوف على عمر، فإن قصة صبيغ ابن عسل مشهورة مع عمر، وإنما ضربه لأنه ظهر من أمره فيما يسأل تعنتاً وعناداً، والله أعلم". تفسير ابن كثير 7/391) . وقال الآجري في الشريعة ص 74: "فإن قال قائل: فمن سأل عن تفسير: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً. فَالحَامِلاَتِ وِقْراً} ، استحق الضرب والتنكيل به والهجر، قيل له: لم يكن ضرب عمر رضي الله عنه له بسبب هذه المسألة، ولكن لما بلغ عمر رضي الله عنه ما كان يسأل عنه من متشابه القرآن من قبل أن يراه، علم أنه مفتون قد شغل نفسه بما لا يعود عليه نفعه، وعلم أن اشتغاله بطلب علم الواجبات من علم الحلال والحرام أولى به، وتطلب علم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى به، فلما علم أنه مقبل على ما لا ينفعه، سأل عمر رضي الله عنه ربّه أن يمكّنه حتى ينكل به، وحتى يحذر غيره، لأنه راعٍ يجب تفقد رعيته، في هذا وفي غيره، فأمكنه الله عزوجل منه". اهـ. 3 تاريخ دمشق 8/232، عن الزهري عن أنس، ابن الجوزي: مناقب ص 126، وابن حجر في الإصابة 3/258، ونسبه للخطيب وابن عساكر.

وعن الحسن1 أن عمران بن حصين أحرم من البصرة فقدم على عمر فأغلظ له ونهاه عن ذلك، فقال: "يتحدث الناس أن رجلاً من أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم أحرم من مصرٍ من الأمصار"2. وعن نافع3 أن عمر رضي الله عنه رأى على طلحة بن عبيد الله4 ثوبين ممشقين5، فقال: "ما هذا؟ "، فقال: "إنما هو طين"، فقال: "إنكم أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم يقتدى بكم وينظر إليكم"6. وذكر أبو القاسم الأصفهاني، عن أبي وائل7، قال: كنت جالساً على كرسي شيبة بن عثمان8 في الكعبة، فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر، فقال: "لقد هممت أن لا أدع فيه صفراء ولا بيضاء [إلا قسمتها"، فقلت: "ما كنت لتفعل"، قال:

_ 1 البصري. 2 ابن قدامة: المغني 5/67، وعزاه لسعيد بن منصور، ابن الجوزي: مناقب ص 126، والهيثمي: مجمع الزوائد 3/216، 217، وقال: "رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح، إلا أن الحسن لم يسمع من عمر". 3 مولى ابن عمر. 4 في الأصل: (عبد الله) ، وهو تحريف. 5 المِشْق، والمَشْق: طين يصبغ به الثوب، يقال: ثوب مُمَشّق. (لسان العرب10/345) . 6 ابن سعد: الطبقات 3/219، 220، وأورده بإسنادين: الأوّل فيه فليح بن سليمان صدوق كثير الخطأ، والثاني فيه محمّد بن إسحاق عنعن وهو مدلس. (التقريب رقم: 5443، 4752) ، وابن الجوزي: مناقب ص 126. 7 شقيق بن سلمة. 8 شيبة بن عثمان بن أبي طلحة القرشي العبدي، حاجب الكعبة، توفي سنة تسع وخمسين. وقيل: في خلافة يزيد بن معاوية. (الإصابة 3/218) .

"ولِمَ؟ "، قلت: "إن صاحبيك لم يفعلا"، قال: "هما المرآن أقتدي بهما"] 12.

_ 1 ما بين المعقوفتين مطموس في الأصل، والتصويب من سير السلف. 2 أبو القاسم: سير السلف ص 158، وأحمد: المسند 3/410، وإسناده صحيح، والطبراني في: المعجم الكبير 7/300.

الباب الخمسون: جمعه القرآن في المصحف

الباب الخمسون: جمعه القرآن في المصحف ... الباب الخمسون: في جمعه القرآن في المصحف وفي الصحيح عن الزهري، أخبرني ابن السباق1، أن زيد بن ثابت الأنصاري، وكان ممن يكتب الوحي، قال: "أرسل إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة2، وعنده عمر، فقال أبو بكر: "إن عمر أتاني فقال: "إن القتل قد استحرّ3 يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى4 أن يستحرّ القتل بالقرّاء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا أن تجمعوه، وإني لأرى5 أن تجمع القرآن"، قال أبو بكر: "فقلت لعمر: كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، قال عمر: "هو والله خير"، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله لذلك صدري، ورأيت الذي [رأى] 6 عمر". فقال7 زيد بن ثابت: وعمر جالس عنده لا يتكلم، فقال أبو بكر: "إنك رجل شاب عاقل [و] 8 لا نتهمك كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتّبع القرآن فاجمعه".

_ 1 عبيد بن السباق الثقفي، من الثالثة. (التقريب ص 377) . 2 اليمامة: معدودة من نجد وقاعدتها حجر، وكان اسمها قديماً جوّاً فسميت باليمامة بنت سهم بن طسم، وكان فتحها وقتل مسيلمة في أيام أبي بكر رضي الله عنه، وفتحها خالد ابن الوليد. (معجم البلدان 5/442) . 3 استحر: اشتد وكثر. (لسان العرب 4/179) . 4 مطموس في الأصل، سوى: (شى) . 5 مطموس في الأصل، سوى: (رى) . 6 مطموس في الأصل. 7 في صحيح البخاري: (قال) . 8 مطموس في الأصل.

فوالله لو كلفوني نقل1 جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، فقال أبو بكر: "هو والله خير". فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صَدْرِي للذي شرح الله له صَدْرِي أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من2 الرّقاع والأكتاف، والعُسُب3، وصدور الرجال، حتى وجدت من سورة التوبة / [77 / ب] آيتين مع خزيمة الأنصاري4، لم أجدهما مع أحد غيره {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128-129] ، إلى آخرهما. فكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عمر حتى توفاه الله [ثم] 5 عند حفصة بنت عمر"6. وذكر ابن الجوزي عن الحسن7، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل عن آية في كتاب الله عزوجل فقيل: "كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة، فقال: "إنا لله"، وأمر بالقرآن فجمع، فكان أول من جمعه في المصحف8. وعن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال: "أراد عمر بن الخطاب

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (ل) . 2 مطموس في الأصل، سوى (ن) . 3 العسب: الذي لم ينبت عليه الخوص من السعف. (القاموس ص 147) . 4 خزيمة بن ثابت الأنصاري، ذو الشهادتين، قتل مع عليّ بصفين. (التقريب ص 193) . 5 مطموس في الأصل. 6 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1907، رقم: 4701. 7 البصري. 8 ابن الجوزي: مناقب ص 126، والخبر في ابن أبي داود: المصاحف ص 16، إسناده ضعيف لانقطاعه، الحسن لم يسمع من عمر، وفيه مبارك بن فضالة عنعن وهومدلس.

رضي الله عنه أن يجمع القرآن، فقام في الناس، فقال: "من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأتنا به"، وكانوا قد كتبوا ذلك في الصحف، والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شاهدان"1. وعن عبد الله بن فضالة2، قال: "لما أراد عمر بن الخطاب أن يكتب القرآن أقعد له نفراً من أصحابه، فقال: "إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة أهل مضر3، فإن القرآن نزل على رجل من مضر"4. وعن جابر بن سمرة، قال: "سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لا يملين في مصاحفنا إلا غلمان قريش، وغلمان ثقيف"5. قال أسامة بن مرشد: "قد كان عمر عزم على جمع القرآن والسنة أيضاً، ثم بدأ له"6. وروي عن عروة7، قال: "أراد عمر أن يكتب للناس السنن، فاستخار الله

_ 1 ابن أبي داود: المصاحف ص 16، 17، وإسناده ضعيف لانقطاعه، يحيى بن عبد الرحمن لم يدرك عمر، وفي إسناده محمّد بن عمران بن علقمة صدوق له أوهام. (التقريب رقم: 6188) ، وابن الجوزي: مناقب ص 126، 127. 2 الزهراني الليثي، له رؤيةمرسلة، عاش إلى زمن الوليدبن عبد الملك. (التقريب ص317) . 3 في المصاحف، والمناقب: (بلغة مضر) . 4 ابن أبي داود: المصاحف ص 17، وإسناده حسن. فيه إسماعيل بن أسد، وهَوْدَة بن خليفة وهما صدوقان. (التقريب رقم: 424، 7327) ، وابن الجوزي: مناقب ص127. 5 ابن أبي داود: المصاحف ص 17، 18، وإسناده حسن، وفيه شيبان الحبطي، صدوق يهم. (التقريب رقم: 269) ، لكن له شاهد مرسل عن عبد الله بن معقل. (المصاحف ص 17، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 127، وابن حجر: فتح الباري 3/19، وعزاه لابن أبي داود. 6 أسامة بن مرشد: مختصر مناقب عمر لابن الجوزي ص 127. 7 عروة بن الزبير.

شهراً، ثم أصبح وقد عزم لهن فقال: "ذكرت قوماً كتبوا كتاباً فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله عزوجل"1. وفي الصحيح عن أنس بن مالك: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: "يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب، اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف نَنْسَخُها في المصاحف ثم نردّها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام2، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم". ففعلوا حتى إذا نسخوا الصّحف في المصاحف ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كلّ أفقٍ3 بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة، أو مصحف أن يحرق4. أو قال: "يخرق"5. وفي مسند الإمام أحمد عن عباد بن عبد الله بن الزبير6، قال:

_ 1 ابن عبد البر: جامع بيان العلم وفضله ص 109، والخطيب: تقييد العلم ص 50، وابن الجوزي: مناقب ص 127، وأورده عن الزهري ابن سعد: الطبقات 3/287، والبلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 217) . 2 المخزومي، له رؤية، وكان من كبار ثقات التابعين، توفي سنة ثلاث وأربعين. (التقريب ص 338) . 3 الأفق: الناحية. (القاموس ص 1116) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل القرآن 4/1908، رقم: 4702. 5 قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 9/20: "وفي رواية الأكثر: "أن يخرق"، بالخاء المعجمة. 6 ابن العوام، كان قاضي مكة زمن أبيه وخليفته إذا حج، ثقة، من الثالثة. (التقريب ص 290) .

"أتى الحارث بن خَزْمة1 بهاتين الآتين من آخر براءة: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128-129] إلى عمر بن الخطاب، فقال: "من معك على هذا؟ " قال: "لا أدري، والله إني أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيتها وحفظتها"، فقال عمر: "وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ثم قال: "لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة، فانظروا سورة من القرآن فضعوها فيها". فوضعتها في آخر براءة"2. / [78 / أ] .

_ 1 الحارث بن خَزْمة المخزومي الأنصاري، شهد بدراً وما بعدها، توفي بالمدينة سنة أربعين. (أسد الغابة 1/389، الإصابة 1/290) . 2 أحمد: المسند 3/162، وإسناده ضعيف، قال أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 1715: "إسناده ضعيف، لانقطاعه، عباد بن عبد الله، ثقة، ولكنه لم يدرك قصة جمع القرآن، بل ما أظنه أدرك الحارث بن خرمة، ولئن أدركه لما كان مصححاً للحديث، إذ لم يروه عنه، بل أرسل القصة إرسالاً". والحديث في ابن أبي داود: المصاحف ص 30، والهيثمي: مجمع الزوائد، وقال: "رواه أحمد، وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات". قال أحمد شاكر: "ولم ينتبه الحافظ الهيثمي لتعليله بالإرسال".

الباب الحادي والخمسون: مكاتباته

الباب الحادي والخمسون: مكاتباته ... الباب الحادي والخمسون: في ذكر مكاتباته في الصحيح عن عمرو1، قال: "كنت جالسا مع جابر بن زيد2 وعمرو بن أوس3، فحدّثهما بجالة4 سنة سبعين، عام حج مصعب بن الزبير5 بأهل البصرة عند درج زمزم، قال: "كنت كاتباً لجزء بن معاوية6 عمّ الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة: "فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس، حتى شهد عبد الرحمن بن عوف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر"7. وفي صحيح مسلم عن أسير بن جابر8، قال: "كان عمر إذا أتى عليه

_ 1 عمرو بن دينار المكي، الأثرم، الجمحي مولاهم، ثقة ثبت، توفي سنة ست وعشرين. (التقريب ص 421) . 2 أبو الشعثاء البصري، مشهور بكنيته، ثقة فقيه، من الثالثة، توفي سنة ثلاث وتسعين. ويقال: ثلاث ومئة. (التقريب ص 136) . 3 الثقفي، الطائي، تابعي كبير من الثانية، وَهِمَ مَنْ ذَكَرَهُ في الصحابة، توفي بعد التسعين من الهجرة. (التقريب ص 418) . 4 بجالة بن عَبَدة التميمي العنبري البصري، ثقة، من الثانية. (التقريب ص 120) . 5 ابن العوام الأسدي أمير العراق لعبد الله بن الزبيرن قتل سنة إحدى وسبعين. تاريخ الطبري 6/151، جمهرة أنساب العرب ص 124) . 6 التميمي السعدي، صحابي، كان عامل عمر على الأهواز، وعاش إلى أن ولي لزياد بعض عمله. (الإصابة 1/244) . 7 البخاري: الصحيح، كتاب الجزية والموادعة 6/257، رقم: 3156. 8 يُسَير بن جابر، وقيل: أصله أسير، فُسَّهلت الهمزة، مختلف في نسبته، له رؤية، توفي سنة خمس وثمانين. (التقريب ص 607) .

أمداد أهل اليمن، سألهم: أفيكم أُويس بن عامر؟ "1، حتى أتى على أويس، فقال: "أنت أويس بن عامر؟ "، قال: "نعم". قال: "من مرادٍ ثم من قرن؟ "2، قال: "نعم"، قال: "بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ "، قال: "نعم"، قال: (لك والدة؟ "، قال: "نعم"، قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مرُادٍ، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها برّ، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل"، فاستغفر لي فاستغفر له. فقال له عمر: أين تريد؟، قال: "الكوفة"، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟، قال: "أكون في غَبْرَاء3 الناس أحب إليّ". قال: فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم، فوافق عمر فسأله عن أويس بن عامر، قال: "تركته رثّ4 البيت، قليل المتاع". قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مرادٍ ثم من قرنٍ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها برّ، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل". فأتى أويساً فقال: "استغفر لي"، قال: "أنت أحدث عهداً بسفرٍ صالح فاستغفر لي". [قال: "استغفر لي"، قال: "أنت أحدث عهداً بسفر صالح فاستغفر لي] 5، قال:

_ 1 القرني، سيد التابعين، روى له مسلم من كلامه، مخضرم، قتل بصفين. (التقريب ص116) . 2 قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد بن مالك بن أدد. (جمهرة أنساب العرب ص 406، 407) . 3 غَبْراء الناس بالمد: أي: في فقرائهم. (لسان العرب 5/6) . 4 الرثّ: رديء المتاع، وأسقاط البيت من الخُلقان. (لسان العرب 2/151) . 5 سقط من الأصل.

"لقيت عمر؟ " قال: "نعم"، فاستغفر له، ففطن له الناس، فانطلق على وجهه، قال أُسَيْر: وكسوته بردة، فكان كلما رآه إنسان، قال: "من أين لأويس هذه البردة؟ "1. وذكر ابن الجوزي عن أبي عثمان2، قال: "جاءنا كتاب عمر رضي الله عنه ونحن بأذربيجان، يا عتبة بن فرقد3، إياكم والتنعم، وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن لبس الحرير، قال: إلا هكذا" ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه"4. وعن أبي عثمان النهدي: أن عمر رضي الله عنه قال: "اتّزروا وارتدوا وانتعِلوا وألقوا الخفاف السراويلات وألقوا الرّكب، وانزوا نزواً، وعليكم بالمعدّيّة، وارموا الأغراض وذروا التنعم وزيّ العجم، وإياكم والحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه، و [قال] 5: "لا تلبسوا من الحرير إلا ما كان هكذا"، وأشا ر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإصبعيه"6.

_ 1 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1969، رقم: 2542. 2 النهدي. 3 السلمي، صحابي، نزل الكوفة، وهو الذي فتح الموصل زمن عمر. (التقريب ص 381) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 127، وأحمد: المسند 1/194، رقم: 92، واللفظ له، والبخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2193، رقم: 5490، مختصراً، ومسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1642، رقم: 2069. 5 سقط من الأصل. 6 أحمد: المسند 1/285، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 301، البيهقي: السنن: 10/14، والإسماعيلي كما في فتح الباري 10/286، ابن الجوزي: مناقب ص 127، 128، وعبد الرزاق: المصنف 11/85، عن قتادة.

قوله: "اتزروا1: أي: شدّوا الأزر، وارتدوا2: صغوا عليكم الأردية. وانتعلوا3: ألبسوا النعال، وألقوا الخفاف4: يعني: من الثياب. وألقوا الرّكب5: حتى يعتادوا ركوب الخيل بغير رُكُب"6. وقال أصحابنا: "يستحب للإنسان أن يعتاد الوثوب7 من الأرض إلى ظهر الدابة؛ لأنه ربما حضر في الحرب وليس ما يركب به، فيفعل ذلك"8. / [78 / ب] . وقوله: "وانزوا نزواً، قال بعضهم: "ثبوا وثباً"9، والمراد أسرعوا في المشي. وقال أصحابنا: "يستحب الإسراع في المشي بحيث لا يتعب نفسه"10.

_ 1 انظر: لسان العرب 4/16. 2 انظر: لسان العرب 14/316، 317. 3 انظر: لسان العرب 11/667. 4 في اللسان 9/82: "الخُفاخف: صوت الثوب الجديد إذا لُبس وحركته". 5 الرُّكاب للسّرج: كالفرز للرَّحل، والجمع: رُكبٌ. (غريب الحديث لأبي عبيد 3/325، لسان العرب 1/430، القاموس ص 117) . 6 انظر: ابن قندس: الحاشية على كتاب الفروق ق 76، والسفاريني: غذاء الألباب 2/341، قال ابن قندس: "لم أر في ذلك نقلاً أعتمد عليه فيعلم ذلك". 7 في الأصل: (يثب) ، وهو تحريف. 8 لم أجده. 9 انظر: الأثير: النهاية 5/44، ابن منظور: لسان العرب 15/319، الفيروز آبادي القاموس ص 1724، ابن مفلح: الفروع 1/361، ابن قندس: الحاشية على كتاب الفروع ق 76، السفاريني: غذاء الألباب 2/341) . 10 انظر: ابن القيم: زاد المعاد 1/167، السفاريني: غذاء الألباب 2/349.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا مشى كأنما ينحط من صبب.1 2 وقوله: "عليكم بالمعدية: هي لبسة خشنة نسبة إلى معد بن عدنان".3 وعن أبي أمامة بن سهل4 قال: "كتب عمر إلى أبي عبيدة: علموا غلمانكم العوم، ومقاتلتكم الرمي". 5 وعن عياض الأشعري قال: "شهدت اليرموك، قال عمر: "إذا كان قتال فعليكم بأبي عبيدة بن الجراح". قال فكتب: إليه إنه قد جاش6 إلينا الموت، واستمددناه، فكتب: إنه قد جاءني كتابكم تستمدّونني وأنا أدلكم على من هو أعزّ نصراً وأحضر جنداً، الله عزوجل فاستنصروه، فإن محمّداً صلى الله عليه وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدّتكم، فإذا أتاكم كتابي هذا، فقاتلوهم، ولا تراجعوني. قال: فقاتلناهم فهزمناهم، وقتلناهم أربعة فراسخ، وأصبنا أموالاً كثيرة"7. وعن المثنى بن موسى بن سلمة8 بن المُحَبَّق9 الهذلي، عن

_ 1 الصبب: أي موضع منحدر (النهاية 3/ 3) . 2 أحمد المسند 2/ 106، الترمذي: السنن 5/598 وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وصححه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم 746. 3 انظر: ابن الأثير: النهاية 4/ 342، ابن منظور: لسان العرب 3/ 407. 4 أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري. 5 سيأتي تخريجه ص 558. 6 جاش: أي: فاض وتدفق وأقبل. (النهاية1/323، لسان العرب6/276، القاموس ص756) . 7 أحمد: المسند 1/304، ابن أبي شيبة: المصنف 13/34، 35، وإسنادهما صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 344. 8 في الأصل: (موسى بن المثنى بن سلمة) ، ولعله سهو من المؤلف. 9 المثنى بن موسى الهذلي، يروي عن أبيه، روى عنه محمّد بن عباد الهنائي. (الثقات لابن حبان 9/193) .

أبيه1 عن جده2 قال: "شهدت فتح الأبلة3، وأميرنا قطبة بن قتادة السدوسي4، فاقتسمت الغنائم، فدفعت إليّ قِدْر من نحاس فلما صارت في يدي تبين لي أنها من ذهب، وعرف ذلك المسلمون فشكوني إلى أميرنا، فكتب إلى عمر رضي الله عنه يخبره5 بذلك فكتب إليه عمر - رضي الله عنه -: أصبر6 يمينه إن لم يعلم أنها ذهب، إلا بعدما صارت إليه، فإن حلف فادفعها إليه، وإن أبى فاقسمها بين المسلمين، فحلف فدفعها إليه، وكان فيها أربعون ألف مثقال7. قال جدي: "منها أموالنا التي نتوارثها إلى اليوم"8. وعن سعيد بن أبي بردة9، قال: "كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: "أما بعد: فإن أسعد الرعاة10 من سعدت به رعيته، وإن أشقى

_ 1 موسى بن سلمة بن المُحَبّق الهذلي البصري، ثقة، من الرابعة. (التقريب ص 551) . 2 سلمة بن المُحَبّق الهذلي، صحابي، سكن البصرة. (التقريب ص 248) . 3 في الأصل: (ابلة) ، والمثبت من معجم البلدان 1/77، وفيه: الأُبلة - بضم أوّله وثانيه، وتشديد اللام وفتحها -، وهي بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة) . 4 أبو الحويصلة، قال البخاري: "له صحبة". (الإصابة 5/242) . 5 في الأصل: (يخبر) ، وهو تحريف. 6 الصّبر: أن تأخذ يمين إنسان تقول صَبَرْتُ يمينه، أي: حلّفته. (لسان العرب 4/438) . 7 المثقال: واحد مثاقيل الذهب، ووزنه: درهم واحد وثلاثة أسباع درهم على التحرير. (لسان العرب 11/87) . 8 الطبري: التاريخ 3/596، مختصر، وابن الجوزي: مناقب ص 128، 129، وفيه المثنى بن موسى الهذلي لم يوثقه غير ابن حبان. 9 ابن أبي موسى الأشعري، الكوفي، ثقة ثبت وروايته عن ابن عمر مرسلة، من الخامسة. (التقريب ص 233) . 10 في الأصل: (الرعا) .

الرعاة عند الله من شقيت به رعيته، إياك أن ترتع، فيرتع عُمّالك، فيكون مثلك عند ذلك مثل البهيمة، نظرت إلى خضرةٍ من الأرض، فرعت فيها تبغي بذلك السمن، وإنما حتفها في سمنها، والسلام"1. وعن عامر الشعبي، قال: "كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى: "من خلصت نيته كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بغير ما يعلمه الله من قلبه شأنه الله، فما ظنك بثواب عند الله في عاجل رزقه، وخزائن رحمته، والسلام"2. وعن أبي البختري3: أن عمر كتب إلى أبي موسى: "لا تؤخر عمل اليوم إلى غد، فتدال عليك الأعمال فتضيع، فإن للناس نفرة عن سلطانهم، أعوذ بالله أن تدركني وإياكم ضغائن محمولة، ودنيا مؤثرة، وأهواء متّبعة"4. وعن أبي عمران الجوني5، "أن عمر، كتب إلى أبي موسى: "أن كاتبك الذي كتب إليّ لحن، فاضربه سوطاً"6.

_ 1 ابن أبي شيبة: المصنف 8/466، والحلية 1/50، ابن الجوزي: مناقب ص 129، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/160، ونسبه لابن أبي شيبة، والحلية، وهو ضعيف لانقطاعه، سعيد بن أبي بردة لم يدرك عمر. 2 هناد: الزهد 2/436، وعنه أبو نعيم: الحلية 1/50، وإسناده ضعيف جداً، فيه السري بن إسماعيل الهمداني متروك. (التقريب ص 2221) ، والشعبي لم يسمع من عمر. وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 129. 3 سعيد بن أبي فيروز الطائي مولاهم، الكوفي، ثقة ثبت، فيه تشيع قليل كثير الإرسال. من الثالثة، مات سنة ثلاث وثمانين. (التقريب ص 240) . 4 البيهقي: السنن: 10/35، وابن الجوزي: مناقب ص 129، وهو ضعيف لانقطاعه، أبو البختري لم يدرك عمر بن الخطاب، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/778. 5 عبد الملك بن حبيب الأزدي، مشهور بكنيته، ثقة، من كبار الرابعة توفي سنة ثمان وعشرين ومئة وقيل بعدها. (التقريب ص 362) . 6 ابن الجوزي: مناقب ص 129، وهو ضعيف لانقطاعه.

وعن يزيد بن أبي حبيب / [79 / أ] : أن كاتب عمرو بن العاص كتب إلى عمر رضي الله عنه فكتب بسم ولم يكتب فيها سيناً، فكتب عمر إلى عمرو: أن اضربه سوطاً، فضربه، فقيل له: "فيم ضربك؟ "، قال: "في سين"1. وعن الحسن2، قال: "كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى وهو بالبصرة: "بلغني أنك تأذن للناس جماً غفيراً، فإذا جاءك كتابي هذا فأذن لأهل الشرف وأهل القرآن، والتقوى، والدين، إذا أخذوا مجالسهم فأذن للعامة"3. وعن جعفر بن بُرْقَان4، أن عمر رضي الله عنه كتب إلى بعض عماله وكان في آخر كتابه: "أن حاسب نفسك في الرخاء، قبل حساب الشدة، [فإنه من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة] 5 عاد مرجعه إلى الرضا والغبطة ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه، عاد أمره إلى الندامة والحسرة، فتذكر ما توعظ به، لكيما تنتهي عما تُنهى عنه، وتكون عند التذكرة والموعظة من أولي النهى"6. وعن عروة بن رُوَيم اللخمي7، قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 129، وهو ضعيف لانقطاعه. 2 البصري. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 130، وهو ضعيف لانقطاعه، الحسن لم يدرك عمر، لم يصرح عمن روى عنه. 4 الكلابي الرّقي، صدوق يهم في حديث الزهري، من السابعة، توفي سنة خمسين ومئة. (التقريب ص 140) . 5 سقط من الأصل. 6 ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 ق 135، وإسناده ضعيف لانقطاعه، ابن الجوزي: مناقب ص 130، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/155، وعزاه للبيهقي في الزهد وابن عساكر. 7 أبو القاسم، صدوق يرسل كثيراً، من الخامسة، توفي سنة خمس وثلاثين على الصحيح. (التقريب ص 389) .

إلى أبي عبيدة بن الجراح كتاباً فقرأه على الناس بالجابية: "أما بعد: فإنه لم يُقِم أمرَ الله في الناس إلا حصيف العُقدة1، بعيد الغِرّة2، لايطّلع الناس منه على عورة، ولا يحنق في الحق على جرّته3، ولا يخاف في الله لومة لائم، والسلام عليكم"4. وكتب عمر رضي الله عنه: "أما بعد، فإني كتبت إليك بكتاب لم آلك5 ونفسي فيه خيراً، ألزم خمس خصالٍ يسلم لك دينك، وتحظ بأفضل حظّك، إذا حضرك الخصمان فعليك بالبيّنات العُدُول، والأيمان القاطعة، ثم أدنُ الضعيف حتى ينبسط لسانه ويجترئ قلبه، وتعاهد الغريب فإنه إذا طال حَبْسه ترك حاجته، وانصرف إلى أهله وإذا الذي أبطل حقه من لم يرفع به رأساً، واحرص على الصلح، ما لم يبن لك القضاء. والسلام"6. وعن أبي حريز الأزدي7، قال: "كان رجل لا يزال يهدي لعمر فخذ جزور، إلى أن جاء ذات يوم بخصم، فقال: "يا أمير المؤمنين8، اقض بيننا قضاء

_ 1 حصيف العُقدة: الحصيف: المُحكُم العقل، والعُقدة: الرأي والتديبر. (لسان العرب 9/48) . 2 بعيد الغرّة: أي: من بعد حفظه لغفلة المسلمين. (النهاية 3/355) . 3 ولا يحنق في الحق على جرّته: أي لايحقد على رعيته، والحنق الغيظ. ما يخرجه البعير من جوفه ويمضغه (النهاية 1/451) . 4 ابن أبي شيبة: المصنف 13/43، وابن أبي الدنيا: الإشراف ص 71، وإسناده ضعيف لانقطاعه، عروة بن رويم لم يدرك عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 130، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/776، وعزاه لابن أبي الدنيا في كتاب الإشراف. 5 في الأصل: (لما لك) ، وهو تحريف. 6 وكيع: أخبار القضاة 1/74، وإسناده ضعيف لانقطاعه، الشعبي لم يدرك عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 130. 7 عبد الله بن حسين الأزدي، البصري، صدوق يخطئ من السادسة. (التقريب ص 300) . 8 قوله: "أمير المؤمنين"، تكرر في الأصل.

فصلاً، كما يفصل الفخذ عن سائر الجزور". قال عمر: "فما زال يرددها عليّ حتى خفت على نفسي". فقضى عليه عمر، وكتب إلى عماله: "أما بعد، فإياكم والهدايا، فإنها من الرشا"12. وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كنا مع عمر في مسير فأبصر رجلاً يسرع في سيره، فقال: "إن هذا الرجل يريدنا"، فأناخ ثم ذهب لحاجته، فجاء الرجل فبكى، وبكى عمر رضي الله عنه وقال: "ما شأنك؟ "، فقال: يا أمير المؤمنين، إني شربت الخمر فضربني أبو موسى وسود وجهي، وطاف بي، ونهى الناس أن يجالسوني، فهممت أن آخذ سيفي فأضرب به أبا موسى، أو آتيك فتحولني إلى بلد لا أُعرف فيه، أو ألحق بأرض الشرك". فبكى عمر رضي الله عنه، وقال: "ما يسرني أنك لحقت بأرض الشرك، وأن لي كذا وكذا، وقال: "إن كنت مِمَّن شرب [الخمر، فلقد شرب] 3 الناس الخمر في الجاهلية"، ثم كتب إلى أبي موسى: "إن فلاناً أتاني فذكر كذا وكذا، فإذا أتاك كتابي هذا فَمُرِ الناس أن يجالسوه، وأن يخالطوه وإن تاب فاقبل شهادته، وكساه وأمر له بمائتي درهم"4.

_ 1 الرّشا: الرشوة - بكسر الراء، وضمها والجمع: رشا - بكسر الراء وضمها -، وقد رشاه من باب عدا. وارتشى: أخذ الرشوة، واسترشى في حكمه، طلب الرشوة عليه. (المختار ص 194) . 2 البيهقي: السنن: 10/138، وإسناده ضعيف لإعضاله، وابن الجوزي: مناقب ص 130، 131، وكيع: أخبار القضاة 1/56، عن أبي حريز الشعبي، وابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 117، وهو ضعيف، لانقطاعه، لأن الشعبي، لم يسمع من عمر، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/823، وعزاه لابن أبي الدنيا في كتاب الإشراف، ووكيع في الغرر، والبيهقي. 3 سقط من الأصل. 4 البيهقي: السنن: 10/214، وإسناده حسن، فيه سماك بن حرب، وأحمد بن محمّد أبو سهل القطان، وهما صدوقان. (التقريب رقم: 255، وسير أعلام النبلاء (15/521) ، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص131، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/505، وعزاه للبيهقي.

وعن بجالة1 قال: "كنت كاتباً لجزء بن معاوية عمّ الأحنف بن قيس، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنةٍ: أن اقُتلوا كل ساحر، وربما قال: وساحرة، وفرّقوا بين كل مَحْرَمٍ من المجوس، وانهوهم عن الزمزمة"2. فقتلنا ثلاث سواحر، وجعلنا نُفَرّق / [76 / ب] بين الرجل وحريمته في كتاب الله، وصنع جزء طعاماً كثيراً، وعرض السيف على فخذه ودعا3 المجوس، فألقوا وقرَ4 بغلٍ أو بغلتين من وَرقٍ وأكلوا بغير زمزمة، ولم يكن عمر رضي الله عنه أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر"5. وعن يزيد بن الأصم6: "أن رجلاً كان ذا بأس، وكان يوفد إلى عمر لبأسه، وكان من أهل الشام، وإن عمر فقده فسأل عنه، فقيل: "يتابع في هذا الشراب"، فدعا كاتبه7، فقال: اكتب: "من عمر إلى فلان بن فلان، سلام عليكم، فإني

_ 1 بجالة بن عبدة التميمي. 2 الزمزمة: كلام يقوله المجوس عند أكلهم بصوت خفي. (النهاية 2/313) . 3 مطموس في الأصل سوى (ود) . 4 الوِقر - بكسر الواو - الحمل، وأكثر ما يستعمل في حِمْل البغل والحمار. (النهاية 5/213) . 5 الشافعي: الرسالة ص 432، والأم 4/174، والطيالسي: المسند رقم: 225، أحمد: المسند 3/123، أبو عبيد: الأموال ص 36، وإسنادهما صحيح، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 1657، والبيهقي: السنن: 8/247، وقد مضى إيراد المؤلف له عن صحيح البخاري ص 511. 6 يزيد بن عمرو البكائي، كوفي نزل الرقة، وهو ابن أخت ميمونة أم المؤمنين، يقال له رؤية، ولا يثبت، هو ثقة، توفي سنة ثلاث ومئة. (التقريب ص 599) . 7 مطموس في الأصل، سوى: (كاتب) .

أحمد الله إليك الذي {لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ المَصِيْرُ} [غافر: 3] ، ثم دعا وأمن من عنده، ودعوا له أن يُقبل لله عزوجل بقلبه1، أن يتوب عليه، فلما أتت الصحيفة الرجل جعل يقرأها ويقول: {غَافِرِ الذَّنْبِ} ، [غافر: 3] ، قد وعدني الله عزوجل أن يغفر لي، {وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيْدِ العِقَابِ} [غافر: 3] ، قد حذرني2 الله من عقابه: {ذِي الطَّوْلِ} [غافر: 3] ، والطول: الخير الكثير {إليه المصير} [غافر: 3] ، فلم يزل يرددها على نفسه، ثم بكى، ثم نزع، فأحسن النزع، فلما بلغ عمر رضي الله عنه خبره، قال: "هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زلّ زلّة فسددوه، ووفقوه، وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعواناً للشيطان3 عليه"4. وعن عبد الرحمن بن عبد القاري5، عن أبيه عن جده: أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى معاوية بن أبي سفيان: "أما بعد، فالزم الحقّ يبين لك الحقّ منازل الحقّ يوم لا يقضى إلا بالحق. والسلام"6. وعن رفيع بن حزام بن معاوية7 قال: "كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أدبوا الخيل، ولا ترفعوا8 بين ظهرانيكم الصلب،

_ 1 في المناقب: (أن الله يقبله) . 2 في الأصل: (حذني) ، وهو تحريف. 3 قوله: "أعواناً"، تكرر في الأصل. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 132، وهو ضعيف لانقطاعه، يزيد بن الأصم لم يدرك عمر. 5 عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 132، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/156، وعزاه لأبي الحسن بن رزقويه في جزئه. 7 لم أعثر له على ترجمة. 8 في الأصل: (ولا ترفع) ، وهو تحريف.

ولا تجاورنكم الخنازير"1. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اكتبوا عن الزاهدين في الدنيا، فإن الله عزوجل وكل بهم ملائكة واضعة أيديهم على أفواههم لا يتكلمون إلا بما هيأ الله لهم"2. وعن أبي عبد الله بن إدريس3، قال: "أتيت سعيد4 بن أبي بردة، فسألته عن رسائل عمر بن الخطاب التي كان يكتب بها إلى أبي موسى، وكان أبو موسى قد أوصى إلى أبي بردة5، قال: فأخرج إليّ كُتباً فرأيت في كتاب منها: "أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أُدلي إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آسِ6 بين الاثنين في مجلسك ووجهك، حتى7 لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس وضيع، وربما قال: ضعيفٌ من عدلك، الفهمَ الفهْمَ مما يتلجْلجُ8 في صدرك، وربما قال: في نفسك، فيشكل عليك وما لم ينزل في الكتاب، ولم تجربه السنة، فاعرف الأشباه والأمثال، ثم قِسِ الأمور بعضها ببعض، وانظر أقربها إلى الله عزوجل وأشبهها بالحقّ فاتّبعه واعمد إليه، ولا يَمنعك قضاء قضيته بالأمس، راجعت

_ 1 عبد الرزاق: المصنف 6/61، 9/248، ابن الجوزي: مناقب ص 132، والمتقي الهندي: كنْز العمال 4/467. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 132. 3 إدريس بن يزيد الأودي، ثقة، من السادسة. (التقريب ص 97) . 4 في الأصل: (سعد) ، وهو تحريف. 5 أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، ثقة، توفي سنة أربع ومئة. (التقريب ص 621) . 6 آس بين الناس: أي: سوّ بينهم. (الكامل في اللغة 1/17) . 7 في الأصل: (حيث) ، وهو تحريف. 8 تلجلج: أي: تردّد في صدرك، وقلق ولم يستقر. (لسان العرب 2/356) .

فيه نفسك، وهُديت فيه لرشدك، فإن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجلوداً في حد، أو مُجرّباً عليه شهادة زور أو ظنيناً1 في ولاء أو قرابة، اجعل لمن ادعى حقاً غائباً أمداً ينتهي إليه / [80 / أ] أو بيّنة عادلة، فإنه أثبت في الحجّة، وأبلغ في العذر، فإن أحضر بيّنة إلى ذلك الأجل أخذ بحقّه، وإلا وجهت عليه القضاء. البيّنة على من ادّعى، واليمين على من أنكر. إن الله تولى منكم السّرائر، ودرأ عنكم الشُّبهات، وإياك والقلق2 والضجر، والتأذي بالناس، والتنكّر3 للخصم في مجالس القضاء التي يوجب الله تعالى بها الأجر، ويحسن فيها الذّخر، من خلصت نيته فيما بينه وبين الله عزوجل كفاه ما بينه وبين الناس، والصلح جائز بين الناس إلا صلحاً أحلّ حراماً4، أو حرّم حلالاً، ومن تزين للناس بما يعلم الله عزوجل غير ذلك شانه الله، فما ظنك بثواب غير الله5 في عاجل وآجل آخره"6.

_ 1 أو ظنيناً في ولاء أو نسب: أي: متهم. (لسان العرب 1/18) . 2 القلق: الانزعاج. (لسان العرب 10/323) . 3 في الأصل: (الشكر) ، وهو تحريف. 4 في الأصل: (حرام) . 5 كذا في الأصل، والكامل، ومناقب عمر، والسنن للبيهقي، وأخبار القضاة، وسنن الدارقطني، وفي أعلام الموقعين: (فما ظنك بثواب عند الله) ، قال ابن القيم: "يريد به تعظيم جزاء المخلص، وبيان أن جزاء العاملين كما ذكر في القرآن مراراً لا يقدّر قدره عند الله، وأنهم سيوفون أجرهم في هذه الحياة الدنيا وفي الآخر". 6 وكيع: أخبار القضاة ص 70، 71، وإسناده صحيح إلى سعيد بن أبي بردة، ابن الجوزي: مناقب ص 133، البيهقي: السنن: مختصراً 10/119، 135، عن سعيد بن أبي بردة مرسلاً، الدارقطني: السنن 1/206، 207، عن أبي المليح الهذلي، وفي إسناده عبيد الله بن أبي حميد متروك الحديث. (التقريب ص 4285) ، البيهقي: السنن: 10/150، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/806، وإسناد البيهقي ضعيف لانقطاعه، أبو العوام البصري توفي بين الستين والسبعين بعد مئة. وأورده المبرد: الكامل 1/16، 17، وابن خلدون: المقدمة 1/276.

وعن أبي عِمران الجوني قال: "كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: أنه لم يزل للناس وجوه يرفعون حوائجهم للناس، فأكرم وجوه الناس، فيستحيي المسلم الضعيف من العدل والقسمة"1. وفي فوائد أبي القاسم تمام الرازي2: "وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى معاوية: "ألا لا إمرة لك على عبادة3، واحمل الناس على ما قال، فإنه هو الأمير يعني عبادة"4. وفي صحيح البخاري عن أبي عثمان5 قال: كنا مع عتبة6 فكتب إليه عمر رضي الله عنه: "إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يلبس أحد7 الحرير في الدنيا إلا لم يلبس8 في الآخرة منه" 9.

_ 1 ابن أبي الدنيا: الإشراف في منازل الأشراف ص 112، البيهقي: السنن: 8/168، وإسناده ضعيف لانقطاعه، أبو عمران الجوفي لم يدرك عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 134، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/567، وعزاه لابن أبي الدنيا في الأشراف، والبيهقي، والدارقطني في الجامع. 2 تمام بن محمّد أبو القاسم البجلي الرازي. 3 عبادة بن الصامت الخزرجي، أحد النقباء، بدري، مشهور، توفي سنة أربع وثلاثين. (الإصابة 4/28، التقريب ص 292) . 4 لم أجده في فوائد تمام المطبوعة. والخبر بنحوه في الحاكم: المستدرك 3/355، وابن عبد البر: الاستيعاب 2/802، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 423، وسير أعلام النبلاء 2/7. 5 النهدي. 6 ابن فرقد. 7 قوله: "أحد"، ليست في صحيح البخاري. 8 في صحيح البخاري: "إلا لم يلبس منه شيء في الآخرة"، وانظر: فتح الباري 10/287) . 9 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2193، رقم: 5492.

وفي رواية: أتانا كتاب1 عمر ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، وأشار بإصبعيه اللتين تليانالإبهام، قال: فيما علمنا أنه يعني الأعلام23. وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، وصفّ لنا النبي صلى الله عليه وسلم إصبعيه، ورفع زهير4 الوُسطى والسّبّابة5. وفي "مسند" الإمام أحمد عن أبي أمامة بن سهل، قال: "كتب عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح، أن علموا غلمانكم العومَ، ومُقاتلتكم الرومي، فكانوا يختلفون إلى الأغراض6، فجاء بينهم سَهْمٌ غربٌ7 إلى غلام فقتله، فلم يوجد له أصل، وكان في حجر خاله، فكتب فيه أبو عبيدة إلى عمر: [إلى من أدفع عقله8؟] "9، فكتب إليه عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له" 10.

_ 1 في الأصل: (كتا) ، والتصويب من صحيح البخاري. 2 أي: الذي حصل في علمنا أن المراد بالمستثنى الأعلام. وهو ما يكون في الثياب من تطريف وتطريز ونحوهما. (فتح الباري 10/286) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2193، رقم: 5490، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1643، رقم: 2068. 4 ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي، الكوفي، نزيل الجزيرة، ثقة ثبت، إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة، توفي سنة اثنتين وسبعين ومئة. (التقريب ص 218) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2193، رقم: 5491. 6 الغرض: هدف يُرمى فيه. (القاموس ص 836) . 7 سهم غرب: أي: لا يدرى راميه. (القاموس ص 154) . 8 العقل: الدية. (القاموس ص 1336) . 9 سقط من الأصل. 10 أحمد: المسند 1/295، 296، الترمذي: السنن 4/421، وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وابن ماجه: السنن 2/912، والحديث صحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 323، والألباني: صحيح سنن الترمذي 2/214، رقم: 1708، وصحيح سنن ابن ماجه رقم: 2737.

فصل قال أصحابنا: "لا بأس بالمراسلة ويستحب التحري في كتابتها لطريق / [80 / ب] 1 السلف، وأن يبدأ فيها {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، وبحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم على من كتب إليه، ويخبره بقصده، ويكره أن يكتب يُقبل الأرض، ذكره جماعة"2. قال شيخنا الشيخ زين الدين الحبال3 - رحمه الله -: "لأنه إن قبل الأرض فقد فعل منهياً عنه، وإن لم يقبله فقد كذب"4. وينبغي أن يوصي من كتب إليه بتقوى الله، والخير، ويرغبه في الطاعة، ويكتب بعد الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أما بعد5، ويشرع ختم الكتاب6، ولا ينبغي لمن أرسل معه أن يقرأه، ولا يفضه، لأنه ربما يكون فيه سرّ، وينبغي أن يبيّن ممن هو، نحو قوله: من فلان7، أو يكتب اسمه فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب: من محمّد رسول الله

_ 1 ق 80 / ب أعلى الصفحة بياض وليس هناك نقص فالكلام متصل. 2 انظر: ابن مفلح: الآداب الشرعية 1/385، 409، 411. 3 عبد الرحمن بن إبراهيم بن يوسف بن الحبال الحنبلي، الفقيه المقرئ، توفي مبطوناً في شهر رمضان سنة ست وستين وثمان مئة. (الجوهر المنضد ص 64، الضوء اللامع 4/43، السحب الوابلة ص 116) . 4 انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى 1/372. 5 انظر: النووي: شرح صحيح مسلم 12/109. 6 انظر: ابن حجر: فتح الباري 10/324، 325. 7 البخاري: الصحيح، كتاب بدء الوحي 1/7، رقم: 7.

إلى فلان، ويكره أن يكتب يقبل الأيادي، لأنه كذب، وقد ذكر عن الحافظ إبراهيم المقدسي (المعروف بالعِماد) 1 أن رجلاً قال له: "ولدي يقبل يدك"، فقال له: "لا تكذب"2. ويجوز الكتاب إلى الكفار3، ويكتب من القرآن الآية نحو: {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، و {الحَمْدُ لله} ، ونحو: {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلْمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ الله} [آل عمران: 64] ، ونحو ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك4. وفي (الموطّأ) عن عبد الله بن دينار5، أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه، فكتب إليه: "بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، لعبد الله بن عبد الملك6 أمير المؤمنين من عبد الله بن عمر، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله لا إله إلا هو، وأقرّ لك بالسمع والطاعة على سنة الله ورسوله فيما استطعت"7. / [81 / أ] .

_ 1 إبراهيم بن عبد الواحد بن عليّ المقدسي، الجماعيلي الحنبلي الزاهد الحافظ، كان قويّاً في أمر الله، وتوفي سنة أربع عشرة وست مئة. (ذيل طبقات الحنابلة 1/93، سير أعلام النبلاء (22/47) . 2 ابن رجب: ذيل طبقات الحنابلة 1/95. 3 النووي: شرح صحيح مسلم 12/113. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1074، رقم: 2782، ومسلم: الصّحيح، كتاب الجهاد والسير 3/1396، رقم: 1773. 5 عبد الله بن دينار العدوي مولاهم، المدني، ثقة، من الرابعة، توفي سنة سبع وعشرين ومئة. (التقريب ص 302) . 6 عبد الملك بن مروان الأموي، الدمشقي، ملك ثلاث عشرة سنة استقلالاً، وقبلها منازعاً لابن الزبير تسع سنين، توفي ست وثمانين. (التقريب ص 365) . 7 مالك: الموطّأ رواية يحيى بن يحيى ص 538، وإسناده صحيح، ابن سعد: الطبقات 4/183، 184.

الباب الثاني والخمسون: زهده

الباب الثاني والخمسون: زهده ... الباب الثاني والخمسون: في ذكر زهده عن مجاهد1 قال: قال عمر رضي الله عنه: "وجدنا خير عيشنا الصبر"2، 3. وعن الأحوص بن حكيم4 عن أبيه5 قال: "أُتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلحم فيه سمن، فأبى أن يأكلهما، وقال: "كل واحد منهما أدم"6. قال ابن سعد: "قال ابن عمر: "كان أبي لا يتزوج النساء لشهوة إلا طلب الولد"7. وعن الحسن8 قال: "ما ادَّهنَ عمر رضي الله عنه حتى قتل إلا بسمن أو إهالة9 وزيت"10، يريد أنه لم يَدَّهِن بطيب11.

_ 1 ابن جبر. 2 في صحيح البخاري، والزهد لابن المبارك ووكيع: " بالصبر". 3 ابن المبارك: الزهد ص 222، وكيع: الزهد 2/449، أحمد: الزهد ص 117، وإسناده صحيح إلى مجاهد، لكنه منقطع، وأبو نعيم: الحلية 1/50، البخاري معلقاً جازماً الصحاح كتاب الرقاق 5/2375، وابن حجر: فتح الباري 11/303، وعزاه لأحمد في الزهد وقال: "بسند صحيح". والحاكم كما في فتح الباري 11/202، من رواية مجاهد عن سعيد بن المسيب. 4 العنْسي، أو الهمداني، ضعيف الحفظ، من الخامسة. وكان عابداً. (التقريب ص 96) . 5 حكيم بن عمير، الحمصي، صدوق يهم من الثالثة. التقريب ص 177) . 6 ابن سعد: الطبقات 3/319، وابن الجوزي: مناقب ص 136، وهو ضعيف لانقطاعه، وفيه الأحوص بن حكيم ضعيف. 7 ابن سعد: الطبقات 3/324، 325، وفي إسناده الواقدي، وابن الجوزي: مناقب ص 126. 8 الحسن البصري. 9 الإهالة: للشحم، أو ما أذيب منه أو الزّيت وكلِّ ما ائتُدم به. (القاموس ص1245) . 10 في المصنف والطبقات: (أو زيت مقتت) . 11 ابن أبي شيبة: المصنف 13/269، وابن سعد: الطبقات 3/319، وإسنادهما حسن إلى الحسن، والحسن لم يدرك عمر، فيهما جفعر بن سليمان، ومالك بن دينار، وهما صدوقان. (التقريب رقم: 942، 6435) ، وابن الجوزي: مناقب ص 136.

وعن حبيب1 بن أبي ثابت عن عمر رضي الله عنه قال: "قدم علينا ناس من أهل العراق منهم جرير بن عبد الله2، قال: فأتاهم بجفنة3 قد صنعت بخبز وزيت، "فأخذوا أخذاً ضعيفاً، فقال لهم: "قد أرى ما تقرمون4، فأي شيء تريدون؟، أحلواً أو حامضاً أو بارداً5، ثم قذفاً في البطون"6. وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى7 قال: "قدم على عمر رضي الله عنه ناس من قراء العراق، فرأى كأنهم يأكلون تعذيراً، فقال: "ما هذا يا أهل العراق؟ ولو شئت أن نُدُهْمَقَ8 لكم لفعلت، ولكنا نستقبِي من دنيانا ما نجده لآخرتنا أما سمعتم قول الله تعالى: {أَذْهَبْتُم طيِّبَاتِكُم فِي حَيَاتِكُمُ

_ 1 حبيب بن أبي ثابت الأسدي مولاهم، ثقة فقيه جليل وكان كثير الإرسال والتدليس، من الثالثة، توفي سنة تسع عشرة ومئة. (التقريب ص 150) . 2 البجلي. 3 الجفنة: القصعة. (القاموس ص 1531) . 4 القرم: الأكل ما كان، وقال ابن السكيت: "قرم يقرم قرماً: إذا أكل أكلاً ضعيفاً". (لسان العرب 12/474) . 5 في الأصل: (لحواً وحامضاً وحاراً أو بارداً) ، والتصويب من الزهد. 6 ابن أبي شيبة: المصنف 13/75، وهناد: الزهد 2/360، أبو نعيم: الحلية 1/49، ابن الجوزي: مناقب ص 136، والحديث ضعيف إسناده منقطع، حبيب بن ثابت لم يدرك عمر، وفيه الأعمش مدلس، وقد عنعن، وفي إسناد الزهد والحلية مجهول. 7 الأنصاري، ثقة، اختلف في سماعه من عمر، توفي بوقعة الجحاجم سنة ثلاث وثمانين، وقيل: إنه غرق. (التقريب ص 349) . 8 دهمق الطعام: طيّبه ورقّقه ولينه. (القاموس ص 1142) .

الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20] . الآية1. وعن سالم بن عبد الله، أن عمر بن الخطاب كان يقول: "والله ما نعبأ بلذات العيش أن نأمر بصغار المعزى أن تسمط2 لنا، ونأمر بلبابه3 الخبر فيخبز لنا، ونأمر بالزبيب فينبذ لنا في الأسعان45 حتى إذا صار مثل عين اليعقوب6 أكلنا هذا وشربنا هذا، ولكنا نريد أن نستبقي طيّباتنا؛ لأنا سمعنا الله يقول: {أَذْهَبْتُم طيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} ، [الأحقاف: 20] . الآية7. وعن الحسن8 - رحمه الله - أن عمر - رضوان الله عليه - قال: "والله إني لو شئت كنت ألينكم طعاماً وأرقّكم عيشاً، إني والله ما أجهل عن كُرَاكِرَ وأَسْنِمة9، وعن صلاء10، وصناب11، وصلائق12، ولكني

_ 1 ابن أبي شيبة: المصنف 13/273، وإسناده صحيح، ومن طريقه أبو نعيم: الحلية 1/49، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 136، 137. 2 سمط الجدي، يَسْمِطُه، ويَسْمُطه: نتف صوفه بالماء الحار. (القاموس ص 867) . 3 اللباب: الخالص من كل شيء. (النهاية 4/223) . 4 في الأصل: (الأسعار) ، وهو تحريف. 5 الأسعان: جمع سعن، والسُّعْن: قربة تقطع من نصفها وينتبذ فيها، وقد يستقى بها. (القاموس ص 1555) . 6 اليعقوب: الحجل. (القاموس ص 149) . 7 أبو نعيم الحلية1/49، وإسناده ضعيف لانقطاعه، سالم لم يدرك عمر بن الخطاب، وفيه موسى بن سعد بن زيد لم يوثّقه غير ابن حبان. (تهذيب التهذيب 10/307) ، وابن الجوزي: مناقب ص 137. 8 البصري. 9 ما أجهل عن كراكر وأسنمة: يريد إحضارها للأكل، فإنها من أطايب ما يؤكل من الإبل. (النهاية 4/166) . وكراكر: واحدتها: كركرة: الصدر من ذي خف. (المعجم الوسيط 2/790) . 10 الصلاء - بالمد والكسر -: الشواء. (النهاية 3/51) . 11 الصناب: الخردل المعمول بالزيت، وهو صباغ يؤتدم به. (النهاية 3/55، ولسان العرب 1/531) . 12 الصلائق: الرقاق، واحدتها: صليقة. وقيل: هي الحملان المشوية. (النهاية 3/48، ولسان العرب 10/206) .

سمعت الله1 عيّر قوماً بأمر فعلوه [فقال] 2: {أَذْهَبْتُم طيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20] 3. وعن خلف بن حوشب4، أن عمر رضي الله عنه قال: "نظرت في هذا الأمر، فجعلت إن أردت5 الدنيا، أضرّ بالآخرة، وإن أردت الآخرة، أضرّ بالدنيا، فإن كان الأمر هكذا، فأضرّ بالفانية"6. وعن الحسن7 قال: "خطب عمر الناس، وهو خليفة، وعليه إزار فيه اثنتا عشرة رقعة"8. وعن أنس9 رضي الله عنه قال: "نظرت في قميص عمر رضي الله عنه

_ 1 في الأصل: (سمعت الله يقول عير) ، وهو تحريف. 2 سقط من الأصل. 3 ابن سعد: الطبقات 3/279، وإسناده صحيح إلى الحسن، لكنه منقطع، وبنحوه ابن المبارك: الزهد ص 204، أبو نعيم: الحلية 1/49، وابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / 106، وابن الجوزي: مناقب ص 137، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/622، عن أبي موسى وعزاه لابن المبارك وابن سعد وابن عساكر. 4 خلف بن حوشب الكوفي، ثقة، من السادسة. توفي بعد الأربعين ومئة. (التقريب ص194) . 5 في الأصل: (نظرت) ، وهو تحريف. 6 أبو نعيم: الحلية 1/50، وهو ضعيف لانقطاعه بين خلف وعمر، وابن الجوزي: مناقب ص 137. 7 البصري. 8 أحمد: الزهد ص 124، وإسناده صحيح إلى الحسن، وابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13/ق109، وهوضعيف لانقطاعه بين الحسن وعمر، وابن الجوزي: مناقب ص137، لكنه يتقوى بماجاء موصولاًمن حديث أبي عثمان النهدي وأنس بن مالك، ص533. 9 ابن مالك.

فإذا بين كتفيه أربع رقاع لا يشبه بعضها بعضاً"1. وعن أنس2 قال: "كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعليه قميص فيه أربع رقاع، فقرأ: {وَفَاكِهَةً وَأَبّاً} [عبس: 31] ، ثم قال: ما الأبّ؟ 3، ثم قال: إن هذا لهو التكلف، وما عليك أن لا تدري ما الأبّ"4. وعن أبي عثمان النهدي، قال: "رأيت عمر قد رقع / [81 / ب] إزاره بقطعة من أدمٍ"5. وعنه قال: "رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطوف بالبيت، وعليه إزار، عليه6 اثنتا عشرة رقعة، إحداهن بأدم أحمر"7. قال عبد العزيز بن أبي جميلة8: "أبطأ عمر رضي الله عنه جمعة بالصلاة، فخرج فلما صعد المنبر، اعتذر إلى الناس، قال: "إنما حبسني قميصي هذا، لم يكن لي قميص غيره". كان يخاط [له] 9 أبيض سُنْبلاني10 لا يجاوزكمه

_ 1 الخبر بنحوه في ابن المبارك: الزهد ص 208، ابن أبي شيبة: المصنف 13/265، هناد: الزهد2/367، وأسانيدهم صحيحة. ابن عساكر: تاريخ دمشق ج13/ق 108. 2 ابن مالك. 3 الأبّ: الكلأ. (لسان العرب 1/204، القاموس ص 74) . 4 ابن سعد: الطبقات 3/327، وإسناده صحيح، وابن الجوزي: مناقب ص 138. 5 ابن سعد: الطبقات 3/328، وفيه عليّ بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، لكن تابعه سعيد الجريري بسند صحيح كما يأتي بعده. انظر: الأثر الذي بعده. 6 في الطبقات، والمناقب: (فيه) . 7 ابن سعد: الطبقات 3/328، وإسناده صحيح، وابن الجوزي: مناقب ص 138. 8 الأنصاري، يروي عن أنس بن مالك، روي عنه سلام بن مسكين. (الثقات5/124) . 9 سقط من الأصل. 10 قميص سُنبلاني - بالضم -: سابغ الطول، منسوب إلى بلد بالروم. (القاموس ص 1314) .

رسغ1 كفيه"2. وعن قتادة3، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبطأ على الناس يوم الجمعة، قال: ثم خرج فاعتذر إليهم في احتباسه، وقال: "إنما حبسني غسل ثوبي هذا، كان يغسل، ولم يكن لي ثوب غيره"4. وعن زيد بن وهب قال: "رأيت عمر بن الخطاب خرج إلى السوق، وبيده الدّرّة، وعليه إزار فيه أربع عشرة رقعة بعضها من أدم"5. وعن عبد الله بن عمر أنه رأى عمر - رضي الله عنهما - يرمي الجمرة، وعليه إزار، فيه اثنتا عشرة رقعة، بعضها من أدم، وإن منها ما قد خيط بعضه على بعض، إذا قعد ثم قام، انتخل منه التراب"6. وعن أبي محصن الطائي7، قال: "صلى بنا عمر رضي الله عنه وعليه

_ 1 في الأصل: (رصغ) ، وهو تحريف. والرُّسْغ - بالضم -: مفصِل ما بين الساعِد والكفّ. (القاموس: 1010) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/329، ابن الجوزي: مناقب ص 138، وهو ضعيف لانقطاعه، عبد العزيز أبي جميلة لم يدرك عمر، ولم يوثّقه غير ابن حبان. 3 ابن دعامة السدوسي. 4 أحمد: الزهد ص 124، ابن الجوزي: مناقب ص 138، وإسناده ضعيف لانقطاعه، قتادة لم يدرك عمر. 5 ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 109، وفيه الأعمش مدلّس وقد عنعن. وابن الجوزي: مناقب ص 138. 6 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 325، وفيه عليّ بن محمّد لم أعثر له على ترجمة، ابن شبه: تاريخ المدينة 3/804، وهو ضعيف جداً، فيه يوسف بن عطية الصفار وهو متروك. (التقريب رقم: 7873) ، وابن الجوزي: مناقب ص 138. 7 لم أجد من ترجم له، ولعلّه أبو محشي الطائي حليف بني أسد، من المهاجرين الأوّلين وممن شهد بدراً. (الإصابة 7/173) .

إزار فيه رقاع بعضاً من أدم وهو أمير المؤمنين"1. وعن نافع قال: "سمعت ابن عمر يقول: "والله ما شمل النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، ولا خارج بيته ثلاثة أثواب، ولا شمل أبو بكر في بيته ثلاثة أثواب، غير أني كنت أرى كساهم إذا أحرموا كان لكل واحد منهم ميرز مشتمل، لعلها كلها بثمن درع أحدكم، والله لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرقع ثوبه، ورأيت أبا بكر تخلل بالعباء، ورأيت عمر يرقع جبته برقاع من أدم، وهو أمير المؤمنين، وإني أعرف في وقتي من يجيز بالمئة ولو شئت قلت: ألفاً". وعن أسلم قال: "أصاب الناس سنة غلا فيها السمن، فكان عمر رضي الله عنه يأكل الزيت، فتقَرْقِر2 بطنه، فيقول: "قرقر3 ما شئت، فوالله لا تأكل السمن حتى يأكله الناس، ثم قال: اكسر عني حره بالنار"، فكنت أطبخه له فيأكله"4. وعن أنس5 قال: "تقرقر بطن عمر عام الرّمادة، فكان يأكل الزيت، وكان قد حرّم على نفسه السمن، قال: "فنقر بطنه بإصبعه، وقال: تقرقر إنه ليس عندنا غيره حتى يحيى الناس"6.

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/328، وهناد: الزهد 2/367، ومداره على أبي محصن الطائي ولم أجد له ترجمة. 2 تقرقر بطنه: صوّت. (لسان العرب 5/90) . 3 في الأصل: (قر) . 4 أحمد: الزهد ص 120، ابن سعد: الطبقات 3/313، وإسنادهما صحيح. وابن الجوزي: مناقب ص 139. 5 ابن مالك. 6 ابن سعد: الطبقات 3/313، وإسناده صحيح. وعبد الله بن أحمد في زوائده على الزهد لأحمد ص 117، وابن الجوزي: مناقب ص 139، أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 191.

وعن الحسن1 قال: قال عمر رضي الله عنه: "والله لا تنخل الدقيق"2. وعن يسار بن نمير3 قال: "والله ما نخلت لعمر الدقيق قط إلا وأنا له عاص"4. وعن أبي أمامة5 قال: "بينا عمر رضي الله عنه في أصحابه إذ أتى بقيمص له / [82 / أ] كرابيس6 فلبسه فما جاوز تراقيه7 حتى قال: "الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي". ثم أقبل على القوم، فقال: "هل تدرون لم قلت: هؤلاء الكلمات؟ "، قالوا: "لا، إلا أن تخبرنا"، قال: "فإني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وقد أتي بثياب له جدد فلبسها، ثم قال: "الحمد لله الذي كساني ما أواري عورتي، وأتجمل به في حياتي"، ثم قال: "والذي بعثني بالحق ما من عبد مسلم كساه الله ثياباً جدداً فعمد إلى شيء من أخلاق ثيابه8، وكساه عبداً مسلماً مسكيناً،

_ 1 في الأصل: (الحسين) ، وهو تحريف. والحسن هو البصري. 2 ابن المبارك: الزهد ص 206، ابن الجوزي: مناقب ص 139، وهو ضعيف لانقطاعه بين الحسن وعمر، وفيه مبارك بن فضلاة صدوق يدلس وقد عنعن. (التقريب ص 6464) . 3 المدني، مولى عمر، ثقة، نزل الكوفة، من الثانية. (التقريب ص 607) . 4 ابن المبارك: الزهد ص 206، ابن أبي شيبة: المصنف 13/268، ابن سعد: الطبقات 3/319، وهناد: الزهد 2/362، وأسانيدهم صحيحة، إلا أن مداره على الأعمش وهو مدلس وقد عنعن. لكن عنعنته عن أبي وائل شقيق، وأمثاله محمولة على السماع. وابن سعد: الطبقات 3/319، وفي إسناده أبو عاصم الغطفاني ولم أجد له ترجمة. 5 صُدي بن عجلان الباهلي. 6 الكِرْباس - بالكسر -: ثوبٌ من القطن الأبيض، معرب. (القاموس ص 735) . 7 التَّرْقُوة ولا تضم تاؤه: العظيم بين ثُغر النحر والعاتق. (القاموس ص 1124) . 8 خَلَقَ الثوبُ: بلي، وثوب أخْلاقٌ: إذا كانت الخلوقة في كله. (القاموس ص 1137) .

لا يكسوه إلا لله عزوجل إلا كان في جوار الله، وفي ضمان الله، ما كان عليه منها سلك حيّاً وميّتاً حيّاً وميّتاً". قال: ثم مدّ عمر كمّ قميصه فوجد فيه فضلاً عن أصابعه، فقال لعبد الله بن عمر: "أي بني هات الشَّفْرَة أو المدية"1، فقام فجاء بها فمدّ عمر كم قميصه، فنظر ما فضل عن أصابعه، فقدّه، قال أبو أمامة قلنا: يا أمير المؤمنين، ألا نأتي بخياط فيكفّ هدبه؟، قال: "لا". قال أبو أمامة: فلقد رأيت عمر بعد ذلك وإن هدب ذلك القميص لمنتشر على أصابعه، ما يكفه"2. وعن [عبد الله بن] 3 عامر بن ربيعة4، قال: "خرجت مع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حاجاً من المدينة إلى مكّة، إلى أن رجعنا، فما ضرب له فسطاطاً5، ولا خباء، كان يلقي الكساء6 والنطع7 على الشجرة فيستظل تحته"8.

_ 1 الشَّفرة: السكين العظيم، وما عرض من الحديد. والمُدْيَة: الشَّفْرة. (القاموس ص 536، 1719) . 2 هناد: الزهد ص 350، وإسناده ضعيف، فيه عبيد الله بن زَحْر صدوق يخطئ، ومطروح بن يزيد ضعيف. (التقريب رقم: 4290، 6704) ، وابن الجوزي: مناقب ص 140، وأخرجه مختصراً من طريق آخر، أحمد: المسند 1/286، الترمذي: السنن 5/558، رقم: 356، وقال: "هذا حديث غريب"، ابن ماجه: السنن 2/1178، عبد بن حميد: المسند 1/57، ومدار الحديث على أبي العلاء الشامي وهو مجهول. (التقريب رقم: 8288) ، وقال أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 305: "إسناده ضعيف". وضعّفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي ص466، رقم: 713. 3 سقط من الأصل. 4 العنْزي. 5 الفسطاط: بيت من شعر. (لسان العرب 7/371) . 6 في الطبقات والمناقب: (أو النطع) . 7 النّطْعُ - بالكسر وبالفتح والتحريك -: بساط من الأديم. (القاموس ص 991) . 8 ابن سعد: الطبقات3/279، وإسناده صحيح، وابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13/ ق 109، 110، ابن الجوزي: مناقب ص 140.

وعن عبد الله بن عمر قال: "لبس عمر قميصاً جديداً ثم دعاني بشفرة فقال: "مدّ يا بني كم قميصي، وألصق يديك بأطراف أصابعي، ثم اقطع ما فضل عنها". قال: فقطعت الكمين من جانبيه جميعاً، فصار فم الكم بعضه فوق بعض، فقلت1: يا أبت لو سويته بالمقص، قال: "دعه، هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل". فما زال عليه حتى تقطع، وكان ربما رأيت الخيوط تساقط على قدميه"2. وعن العلاء بن أبي عائشة3، أن عمر رضي الله عنه دعا حلاقاً فحلقه بموس - يعني جسده - فاستشر له الناس، فقال: "إن هذا ليس من السنة، ولكن النورة4 من النعيم، فكرهتها"5. وعن الحسن6: أن عمر رضي الله عنه أتي بشربة عسل، فذاقها، فإذا ماء وعسل، فقال: "اعزلوا عني حسابها، اعزلوا عني مؤنتها"7.

_ 1 في الأصل: (فقالت) ، وهو تحريف. 2 أبو نعيم: الحلية 1/45، وفي إسناده أبو سلمة بن عبيد الله، لم أعثر على ترجمته. وابن الجوزي: مناقب ص 140. 3 الجزري، يروي عن عمر بن الخطاب، روي عنه محمّد بن قيس الأسدي وحصين بن عبد الرحمن. (الثقات لابن حبان 5/247) . 4 النّورة - بالضم -: الهناء: وتنّور تطلّى بها. (القاموس ص 628) . 5 ابن سعد: الطبقات 3/391، وإسناده رجاله ثقات ما عدا العلاء فإنه لم يوثّقه غير ابن حبان. ابن الجوزي: مناقب ص 141. 6 البصري. 7 أحمد: الزهد ص 119، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين الحسن وعمر، وفيه سيار العنْزي صدوق له أوهام. (التقريب رقم: 2714) . ابن الجوزي: مناقب ص 141.

وعن حميد بن هلال1 قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "والذي نفسي بيده لولا تنقص حسناتي لخالطتكم في لين عيشكم"2. وعن يحيى بن وَثَّاب3 قال: "أمر عمر رضي الله عنه غلاماً4 له أن يعمل عَصِيدَة5 بزيت، وقال: "أنضج كيْ تذهب حرارة الزيت، فإن ناساً تعجلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا"6. وعن الحسن7 قال: "ما أكل عمر رضي الله عنه إلا معلوثاً8 بشعير حتى لحق الله عزوجل وكان بطنه ربما قرقر فيضربه بيده ويقول: "اصبر فوالله ما عندي إلا ما ترى حتى تلحق بالله"9. وعن أبي عمران الجوني - رحمه الله - قال: "قال عمر بن الخطاب: لنحن أعلم بلين الطعام / [82 / ب] من كثير من آكيله، ولكنا ندعه ليوم {يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كلُّ مُرْضِعَةٍ عمَّا أَرْضَعَتْ وتَضَعُ كلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} [الحجّ: 2] ، قال أبو

_ 1 العدوي، البصري، ثقة عالم، من الثالثة. (التقريب ص 182) . 2 الخبر بأطول في ابن سعد: الطبقات 3/280، وهو ضعيف لانقطاعه، حُميد لم يدرك عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 141، والمتقي الهندي: كنْز العمال12/624، وعزه لابن سعد، وعبد بن حميد. 3 الأسدي، مولاهم، المقرئ ثقةعابد، من الرابعة. توفي سنةثلاث ومئة (التقريب ص598) . 4 في الأصل: (عالا) ، وهو تحريف. 5 العصيدة: دقيق يُلتُ بالسمن ويطبخ. (لسان العرب 3/291) . 6 ابن الجوزي: مناقب ص 141، وهو ضعيف لانقطاعه، يحيى بن وثاب لم يدرك عمر. وأحمد: الزهد ص 119، وهناد: الزهد 2/363، من قول ابن عمر وإسنادهما صحيح. 7 البصري. 8 المعلوث - بالعين -: المخلوط، وفلان يأكل العَليثَ، - بالعين والغين - إذا كان يأكل خبزاً من شعير وحنطة. (الصحاح 1/287، لسان العرب 2/168) . 9 ابن الجوزي: مناقب ص 141.

عمران: والله ما كان يصيب من الطعام هو وأهله إلا تقوتاً"1. وعن عاصم بن محمّد العُمري2 عن أبيه3 قال: "دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد أصابه الغُرَثُ، فقال: "عندكم شيء؟ "، فقالت امرأته: "تحت السّرير"، فتناول قناعاً فيه تمر، فأكل ثم شرب الماء، ثم مسح بطنه، ثم قال: "ويح لمن أدخله بطنه النار". الغَرَثُ: الجوعُ4. قال حسان5: حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَانُ بِرِيبَةٍ ... وتُصْبحُ غَرْثى من لُحوم الغَوافِل6 أي: جائعه7. وعن عمرو8 بن البختري9، قال: قال عمر رضي الله عنه لأصحابه: "لولا مخافة الحساب غداً؛ لأمرت بحمل10 يشوي لنا في التّنور"11. وعن نافع12 عن ابن عباس - وكان يحضر طعام عمر - قال: "كانت له

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص141، وهوضعيف لانقطاعه، أبو عمران الجوني لم يدرك عمر. 2 ابن زيد المدني، ثقة، من السابعة. (التقريب ص 286) . 3 محمّد بن زيد بن عبد الله بن عمر، ثقة، من الثالثة. (التقريب ص 479) . 4 انظر: الصحاح 1/289، ولسان العرب 2/172. 5 ابن ثابت الأنصاري، الخزرجي، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي سنة أربع وخمسين. (التقريب ص 157) . 6 ديوان حسان ص 377. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 142، وهو ضعيف لانقطاعه، محمّد بن زيد لم يدرك عمر. 8 في مناقب عمر: (معن) . 9 لم أجد له ترجمة. 10 الحَمَل: الخروف، وقيل: هو من ولد الضأن فما دونه. (لسان العرب 11/181) . 11 ابن الجوزي: مناقب ص 142. 12 مولى ابن عمر.

كلّ يوم إحدى عشرة لقمة، إلى مثلها من الغد"1. وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: قالت حفصة بنت عمر لعمر: "يا أمير المؤمنين [لو لبست] 2 ثوباً هو ألين من ثوبك هذا3، وأكلت طعاماً هو ألين وأطيب من طعامك، فقد وسع الله من الرزق، وأكثر من الخير"، فقال: "إني سأخاصمك إلى نفسك، أما تذكرين ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى من العيش؟ "، فما زال يذكرها حتى أبكاها، فقال لها: "أما والله إن قلت ذاك لمكاني، والله إن استطعت لأشاركنهما في مثل عيشهما الشديد لعلي أدرك معها عيشهما الرخي"4. وعن الحسن5 أنّ ناساً كلموا حفصة فقالوا لها: "لو كلمت أباك في أن يلين

_ 1 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 312، ابن الجوزي: مناقب ص 142، ورجال إسناده ابن أبي الدنيا ثقات ما عدا أبو ساسان، ذكره ابن عدي، ولم يذكر شيئاً يدل على لينه. (الميزان 4/527) . 2 سقط من الأصل. 3 في الأصل: (من هذا ثوبك) . 4 أحمد: الزهد ص 125، ابن سعد: الطبقات 3/277، وهناد: الزهد 2/360، أبو نعيم: الحلية 1/48، من طريق أحمد، وإسنادهم صحيح، إن كان مصعب سمعه من حفصة وإسحاق كما في المطالب العالية 3/156، وقال الشيخ الأعظمي: "وفي المسندة: رواه (س) - أي: النسائي - في السنن الكبرى، عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عن إسماعيل فإن كان مصعب سمعه من حفصة فهو صحيح، وإلا فهو مرسل صحيح الإسناد". وابن أبي شيبة: المصنف 13/227، الفسوي: المعرفة والتاريخ 2/188، من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عن مصعب بن سعد عن حفصة، وإسماعيل له إخوة أربعة، ولم يتبين أيهم ولعلّه نعمان كما صرح به في بعض الروايات. وهو مجهول. (الجرح والتعديل 8/447) ، وعند بن حميد: المسند 1/79، أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 175، عن إسماعيل عن أخيه نعمان. ونعمان هذا مجهول. 5 البصري.

من عيشه"، فجاءته فقالت: "يا أبتاه1، [أ] 2 ويا أمير المؤمنين، إن ناساً من قومك، كلّموني في أن أكلمك في أن تلين من عيشك"، فقال لها: "يا بنية غششت أباك ونصحت لقومك"3. وعن سالم بن عبد الله4 قال: "لما ولّي عمر رضي الله عنه قعد على رزق أبي بكر رضي الله عنه الذي كانوا فرضوا له، كان بذلك فاشتدت حاجته، فاجتمع نفرٌ من المهاجرين فيهم عثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير - رضي الله عنهم - فقالوا: "لو قلنا لعمر في زيادة نزيدها إياه في رزقه". فقال عليّ: "وددْنا أنه فعل ذلك، فانطلقوا بنا"، فقال عثمان: "إنه عمر فهلموا فنسبر5 ما عنده من وراء وراء، نأتي حفصة فنكلمها ونستكتمها أسماءنا". فدخلوا عليها وسألوها أن تخبر بالخبر عن نفرٍ، ولا تسمى أحداً إلا أن يقبل، وخرجوا من عندها، فلقيت عمر رضي الله عنه في ذلك، فعرفت6 الغضب في وجهه، فقال: "من هؤلاء؟ "، / [83 / أ] قالت: "لا سبيل إلى علمهم حتى أعلم ما رأيك؟ "، فقال: لو علمت من هم لسودت وجوههم، أنت بيني وبينهم، أناشدكِ بالله ما أفضل ما اقتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتكِ من الملبس؟ "، قالت: "ثوبين مُمَشَّقَين كان يلبسُهما للوفد ويخطب فيهما للجُمَعِ".

_ 1 قوله: " يا أبتاه"، تكرر في الأصل. 2 سقط من الأصل. 3 ابن سعد: الطبقات 3/278، وهو مرسل حسن، الحسن لم يسمع من عمر، فهو ضعيف لانقطاعه. وابن الجوزي: مناقب ص 142. 4 ابن عمر بن الخطاب. 5 السّبْر: امتحان غور الجُرْح وغيره. (القاموس ص 517) . 6 في الأصل: (فلقيت) ، وهو تحريف.

قال: "فأي طعام ناله عندكِ أرفع؟ "، قالت: "خبزنا خبزة شعير فصببنا عليها وهي حارة أسفل عكة لنا، فجعلناها هشة1 دسماءَ حلوةً، فأكل منها، وتطعِم منها2 استطابة لها. قال: "فأي مبسط عندك كان أوطأ؟ "، قالت: "كساءٌُ لنا ثخينٌ كنا نربعه في الصيف فنجعله ثخيناً، فإذا كان الشتاء ابتسطنا نصفه، وتدثرنا نصفه". قال: "يا حفصة، فأبلغيهم عني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدّر فوضع الفضول مواضِعها، وتبلغ بالتزجية3، وإنما مثلي، ومثل صاحبي كثلاثة نفر سلكوا طريقاً فمضى الأوّل، وقد تزود زاداً فبلغ، ثم تبعه الآخر فسلك طريقه فأفضى إليه، ثم تبعهما الثالث فإن لزِم طريقهما ورضي بزادهما لحق بهما، وكان معهما، وإن سلك غير طريقهما لم يجامعهما أبداً"4. وعن الربيع بن زياد قال: "قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وفد من العراق، فأمر لكل رجل منا بعباء عباء، فأرسلت إليه حفصة - رضي الله عنها - فقالت: "يا أمير المؤمنين، أتاك ألباب5 العراق، ووجوه الناس، فأحسن كرامتهم"، فقال: "ما أزيدهم على العباء، يا حفصة أخبريني بألين فراشٍ فرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأطيب طعام أكل عندكِ"، فقالت: "كان لنا كساء، من هذه الملبدة، أصبناه يوم خيبر، فكنت أفرشه لرسول الله صلى الله عليه وسلم [كلّ] 6 ليلة

_ 1 في كنْز العمال: (حَيْسة) . 2 كذا في تاريخ دمشق وكنْز العمال. 3 التزجية: دفعُ الشيء كما تزجي البقرة ولدها، أي: تَسُوقه. (لسان العرب 14/354) . 4 ابن عساكر: تاريخ دمشق د 13 / ق 92، وهو ضعيف لانقطاعه، وفيه سيف بن عمر وهو متروك. 5 لبّ كلّ شيء، ولبابه: خالصه، وخياره. (لسان العرب 1/729) . 6 سقط من الأصل.

وينام عليه، وإني ربعته ذات ليلة، فلما أصبح قال: "ياحفصة أعيديه لمرته الأولى، فإنه منعتني وطأته البارحة من الصلاة"، قال: "وكان لي صاع من سلت - يعني: من حنطة رديئة1 - وإني نخلته ذات يوم، وطحنته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لنا قعب2 من سمن فصببت عليه، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل إذ دخل أبو الدّرداء3، فقال: إني أرى سمنكم قليلاً، وعندنا قعب من سمن". فأرسل إليه أبو الدرداء، فصبّ عليه، فأكلا، فقالت حفصة: "فهذا ألين فراش فرشته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أطيب طعام أكله". فأرسل عمر عينيه بالبكاء، وقال: "والله لا أزيدهم على العباء شيئاً، وهذا طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا فراشه"4. وعن حذيفة5 رضي الله عنه قال: "أقبلت فإذا الناس بين أيديهم القصاع6، فدعاني عمر رضي الله عنه فأتيته فدعا بخبز غليظ، وزيت، فقلت له: "أمنعتني أن آكل الخبز واللحم، ودعوتني على هذا؟ "، قال: "إنما دعوتك على طعامي، فأما هذا فطعام المسلمين"7.

_ 1 انظر: الجوهري: الصحاح 1/253، ولسان العرب 2/45. 2 القَعْب: القدح الضّخم، الغليط، الجافي. (لسان العرب 1/683) . 3 عُويمر بن زيد الأنصاري، أوّل مشاهده أحد، وكان عابداً، توفي في آخر خلافة عثمان. (التقريب ص 434) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 143، بدون إسناد. 5 ابن اليمان. 6 القصعة: الصَّحْفَة. (القاموس ص 971) . 7 أحمد: الزهد ص 121، وإسناده صحيح. وابن أبي شيبة: المصنف 12/326، ابن الجوزي: مناقب ص 144.

وعن أبي أمامة1 رضي الله عنه قال: بينا نحن عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يجول في سكك المدينة، ومعنا الأشعث بن قيس2، فأدرك عمر الأعياء، فقعد، وقعد إلى جنبه الأشعث بن قيس، وقد أتي عمر بِمِرْجَلٍ3 فيه / [/ 83 / ب] لحم، فجعل يأخذ منه فينهشه فينضح على الأشعث بن قيس، فقال الأشعث: "يا أمير المؤمنين، لو أمرت بشيء من سمن فصُب على هذا اللحم، ثم طبخ حتى يبلغ أناته، كان ألين له"، فرفع عمر يده فضرب بها صدر الأشعث بن قيس، ثم قال: "أدمان في أدم؟ كلا! إني لقيت صحابي، وصحبته، فأخاف إن خالفتهما يخالف بي عنهما، فلا أُنْزل معهما حيث يُنْزلان"4. وعن ثابت5 قال: "اشتهى عمر رضي الله عنه الشّراب فأتي بشربة من عسل، فجعل يدير الأناء في كفّه فيقول: "أشربها وتذهب حلاوتها، وتبقى مراراتها"، ثم دفعها إلى رجل من القوم فشربها"6. وعن الأحنف بن قيس، قال: "خرجنا مع أبي موسى الأشعري وفوداً إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان لعمر ثلاث خبزات يأدمهن يوماً بلبن وسمن، ويوماً بلحم، ويوماً بزيت، فجعل القوم يعذرون، فقال عمر: "والله

_ 1 الباهلي. 2 الكندي، صحابي، نزل الكوفة، توفي سنة أربعين. (التقريب ص 113) . 3 المِرْجَل: القِدر من الحجارة والنحاس. (لسان العرب 11/274) . 4 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 318، وفي إسناده عليّ بن محمّد لم أعثر له على ترجمة. وابن الجوزي: مناقب ص 144، 145. 5 البناني. 6 ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 104، وهو ضعيف لانقطاعه، ثابت لم يدرك عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 145، والمتقي الهندي: كنْز العمال12/632، وعزاه لابن المبارك.

إني لأرى تعذيركم وإني لأعلمكم بالعيش، ولو شئت لجعلت كرَاكرَ، وأَسْنِمة وصَلاء، وصنابٍ، وصَلائِق، ولكني أستبقي حسناتي، إن الله عزوجل ذكر قوماً فقال: {أَذْهَبْتُم طَيِّبَاتِكُم فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنيَا واسْتَمْتَعْتُم بهَا} [الأحقاف: 20] الآية1. وعن محمّد بن قيس2 قال: "دخل ناس على حفصة بنت عمر - رضي الله عنهما - فقالوا: "إن أمير المؤمنين قد بدا عِلباءُ3 رقبته من الهزال، فلو كَلَّمتِهِ أن يأكل طعاماً هو ألين من طعامه، ويلبس ثياباً ألين من ثيابه، فقد رأينا إزاره مرقعاً برقع غير ثوبه، ويتخذ فراشاً ألين من فراشه، فقد أوسع الله على المسلمين فيكون ذلك أقوى على أمرهم"، فبعثوا إليه حفصة فذكرت ذلك له، فقال: "أخبريني بألين فراش فرشته لرسول الله قط"، قالت: "عباه كنا نثنيها4 له باثنين، فلما غلظت عليه جعلتها له بأربعة"، قال: "فأخبريني بأجود ثوب لبسه؟ "، قالت: "نَمِرَةٌ5 صبغناها له، فرآها إنسان، فقال: أكسنيها يا رسول الله فأعطاه إياه"، فقال: "ايتوني بمِقناع6 من تمر"، فأمرهم فنَزعوا نواه، ثم قال: "انزعوا تفاريقه"، ففعلوا ثم أكله كله، فقال: "تروني لا أشتهي الطعام إني لآكل السمن، وعندي

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 145، وقد سبق تخريجه ص 564، عن الحسن البصري. 2 محمّد بن قيس شيخ لأبي معشر، من الرّابعة، ضعيف، ووهم من خلطه بالذي قبله. (ميزان الاعتدال 4/16، التقريب ص 503) . 3 العِلباء: عَصَبُ العُنُق، وهما عِلباوان يميناً وشمالاً بينهما منبت العنق. (لسان العرب 1/627) . 4 في الأصل: (نثا) ، وهو تحريف. 5 النَّمْرَة: الحِيَرَة، وشَمْلةٌ فيها خطوط بيض وسود، أو بُردَةٌ من صوف تلبَسُها الأعراب. (القاموس ص 627) . 6 القِنْع والقِناعُ: الطبقُ الذي يؤكل عليه الطعام. (لسان العرب 8/301) .

اللحم، وآكل الزيت وعندي السمن، وآكل الملح وعندي الزيت، وآكل البحث1 وعندي الملح، ولكن صاحباي سلكا طريقاً فأخاف أن أخالفهما فيخالف بيَ"2. قال سفيان3: "كان عمر رضي الله عنه يشتهي الشيء لعلّه يكون ثمن درهم فيؤخره سنة"4. وعن العُتْبيّ5: "بُعث إلى عمر رضي الله عنه بحلل فقسمها6 فأصاب كل رجل منا7 ثوب ثم صعد المنبر وعليه حلة والحلة ثوبان فقال: "أيها الناس ألا تستمعون؟ "، فقال سلمان8 رضي الله عنه: "لا نسمع". فقال عمر: "ولِمَ يا أبا عبد الله؟ "، قال: "إنك قسمت علينا ثوباً ثوباً وعليك حلة"، فقال: "لا تعجل يا أبا عبد الله، ثم نادى عبد الله فلم يجبه أحد، فقال: يا عبد الله بن عمر"، فقال: "لبيك يا أمير المؤمنين"، قال: الثوب الذي اتزرت9 به هو ثوبك؟ " قال: "اللهم نعم". فقال سلمان: "الآن فقل نسمع"10.

_ 1 البحُثُ: كلّ ما أُكِلَ وحده، مما يُؤدَم. (لسان العرب 2/9) . 2 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/802، بنحوه، ابن الجوزي: مناقب ص 145، 146، وهو ضعيف لانقطاعه بين محمّد بن قيس وعمر، ومحمّد بن قيس ضعيف، وفي إسناد ابن شبه أبو معشر السندي، وهو ضعيف. (التقريب رقم: 7100) . 3 ابن عيينة الهلالي، ثقة حافظ ففيه إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه بأخَرَه، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، توفي سنة ثمان وتسعين ومئة. (التقريب ص 245) . 4 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/805، بنحوه: ابن الجوزي: مناقب ص 146، وهو ضعيف لإعضاله. 5 محمّد بن عبيد الله الأموي البصري، توفي سنة ثمان وعشرين ومئتين. (المعارف ص 538، سير أعلام النبلاء (11/96) . 6 في الأصل: (فقسمتها) . 7 هكذا في الأصل، وابن الجوزي. 8 الفارسي. 9 كذا في الأصل، وفي القاموس ص 437: "وائتزر به وتأزر به، ولا تقل اتزر وقد جاء في بعض الأحاديث ولعله من تحريف الرواة". وفي النهاية 1/44: "إنه خطأ لأن الهمزة لا تدغم في التاء". 10 ابن قتينة: عيون الأخبار 1/55، وابن الجوزي: مناقب ص 146.

وعن أبي عثمان1، قال: "لما قدم عتبة بن فرقد أذربيجان أتي بالخبِيصِ2، فلما أكله وجد شيئاً حلواً طيباً فقال "والله لو صنعت لأمير المؤمنين من هذا" فجعل له سفطين عظيمين3، ثم حملهما على بعير مع رجلين، فسرح / [84 / أ] بهما إلى عمر رضي الله عنه فلما قدما عليه فتحهما، قال: "أي شيء هذا"؟ قالوا: "خبيص" فذاقه فإذا شيء حلو، فقال للرسول: "أَكُلُّ المسلمين4 شبع من هذا في رحالهم"؟ قال: "لا" قال: "أما لا، فارددهما" ثم كتب إليه أما بعد: فإنه ليس من كدّك ولا كدّ أمك أشبع المسلمين مما تشبع منه في رحلك"5. قال عتبة بن فرقد: "قدمت على عمر رضي الله عنه بسلال خبيص عظام، ما آلو6 أن أحسن وأجيد، فقال: "ما هذه"؟ قلت: طعام أتيتك به، لأنك تقضى حاجات الناس أول النهار، فأحببت إذا رجعت أن ترجع إلى طعام فتصيب منه، فيقويك، قال: فكشف عن سلة منها، فقال: "عزمت عليك يا عتبة إذا رجعت إلا رزقت كل رجل من المسلمين منه" فقلت7: والذي يصلحك يا أمير

_ 1 النهدي. 2 الخَبِيص: المعمُول من التَّمر والسَّمن. (القاموس ص 795) . 3 السَّفَط: واحد الأسفاط. وهو كالجوالق. (لسان العرب 7/315) . 4 في الأصل: (المسلمون) ، ولعله سهو من المؤلف. 5 ابن أبي شيبة: المصنف 12/325، هناد: الزهد 2/365، وإسنادهما صحيح. ابن الجوزي: مناقب ص 146، 147، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/627، 628، وأصله في مسلم: الصّحيح 3/1642 رقم: 2069. 6 في الأصل: (ألون) ، وهو تحريف. 7 في الأصل: (قال) ، وهو تحريف.

المؤمنين لو أنفقت مال قيس1 كلها ما وسع ذلك، قال: "فلا حاجة لي منه" ثم دعا بقصعة من خبر جريش، ولحم غليظ، وهو يأكل معي أكلاً شهياً2، فجعلت أهوى إلى البضعة3 البيضاء أحسبها سناما فإذا هي عصبة، والبضعة من اللحم أمضغها فلا أسيغها فإذا غفل عني جعلتها بين الخوان4 والقصعة، ثم دعا بعس من نبيذ قد كاد يكون خلا، فقال: "اشرب" فأخذته وما أكاد أسيغه ثم أخذه فشرب، ثم قال: "اسمع يا عتبة إننا ننحر كل يوم جزورا فأما ودكها، وأطايبها فلمن حضرنا من آفاق المسلمين، وأما عنقها فلآل عمر نأكل هذا اللحم الغليظ، ونشرب هذا النبيذ الشديد، يقطعه5 في بطوننا أن يؤذينا"6. وعن عتبة بن فرقد السلمي قال: "قدمت على عمر رضي الله عنه وكان ينحر جزورا كل يوم، أطيبها للمسلمين وأمهات المؤمنين، ويأمر بالعنق والعلباء فيأكله هو، وأهله، فدعا بطعام فأتى به فإذا خبز خشن، وكسور من لحم غليظ، فجعل يقول: "كل" فجعلت آخذ البضعة فألوكها فلا أسيغها، فنظرت فإذا بضعة بيضاء ظننتها من السنام، فأخذتها فإذا هي من علباء العنق،

_ 1 يريد: قيس بن عيلان بن مضر، جد سليم بن منصور القبيلة التي ينتمي إليها عتبة. (جمهرة أنساب العرب ص 261) . 2 في الأصل: (شيها) ، وهو تحريف. 3 في هامش الأصل: (لعله: القطعة) ، وفي القاموس ص 909، البَضْعَة وقد تكسر: القِطعَة من اللحم. 4 الخوان، - كغراب -: ما يؤكل عليه الطعام. (القاموس ص 1452) . 5 في الأصل: (قطعه) ، والتصويب من الزهد. 6 ابن أبي شيبة: المصنف 12/326، هناد: الزهد 2/364، وإسنادهما صحيح، ابن الجوزي: مناقب ص 147، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/627.

وإني إن سلكت غير طريقهما سلك بيَ غير طريقهما، وإني / [84 / ب] ، والله لأشركنهما في مثل عيشهما الشديد، لعلّي أدرك معهما عيشهما الرخي. يعني بصاحبيه1: النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه"2. وعن أشياخ من الأنصار، قالوا: "أتانا عمر بن الخطاب بقباء، فأُتي بشربة من عسل، فقال: "إيتني بشربة هي أهون عليّ في المسألة من هذه يوم القيامة"3. وعن أنس4 قال: "صليت إلى جنب عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام الرّمادة؛ وكان عام قحط، فتقرقر بطنه، فقال لبطنه: اسكن فوالله ما لك عندنا غير هذا، حتى يحيى الناس، وكان يأكل الزيت"5. قال ابن أبي نجيح6: "كان لعمر كل شهر ثلاثة دراهم لحم"7. وعن الأشهب8 عمن9 ذكره قال: "مرّ عمر رضي الله عنه على مزبلة فاحتبس عندها، فكأن أصحابه تأذوا بها، فقال: "هذه دنياكم التي تحرصون عليها، وتبكون عليها"10.

_ 1 في الأصل: (لصاحبيه) ، وهو تحريف. 2 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 157، والأثر تقدم تخريجه ص 681. 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 187، بدون إسناد وقد مضى بنحوه عن ثابت البناني، والحسن ص 566، 577. 4 ابن مالك. 5 سبق تخريجه ص 675. 6 عبد الله بن أبي نجيح المكي، ثقة، رمي بالقدر، ربما دلس، توفي سنة إحدى وثلاثين ومئة. (التقريب ص 326) . 7 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 191، بدون إسناد. 8 جعفر بن حيّان السعدي. 9 في الأصل: (عن ذ) ، وهو تحريف. 10 أحمد: الزهد ص 118، عن أبي الأشهب عن الحسن، ومن طريقه أبو نعيم: الحلية 1/48، وإسناده صحيح إلى الحسن، وأبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 191.

وفي (مسند) الإمام أحمد عن عليّ رضي الله عنه قال: "قيل يا رسول الله، من نؤمر بعدك؟ "، قال: "إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أميناً، زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة، وإن تؤمروا عمر تجدوه قويّاً أميناً زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة، وإن تؤمروا عثمان تجدوه قويّاً أميناً لا يخاف في الله لومة لائم، وإن تؤمروا عليّاً ولا أراكم فاعلين تجدوه هادياً مهدياً يأخذ بكم الطريق المستقيم"1. قال ابن الجوزي: "نبذ الدنيا من وراء ظهره، فتخفف من الأثقال لأجل السباق، كان يخطب وفي إزاره ثنتا عشرة رقعة، كفّ كفّه عن المال زاهداً فيه، حتى أَمْلَقَ أهلُه. رأى يوماً صبية تمشي في السُّوق، والريحُ تلقيها لضعفها، فقال: "من يعرف هذه؟ "، فقال ابنه عبد الله: "هذه إحدى بناتك"، قال: "أي بناتي؟ "، قال: "بنت عبد الله بن عمر"، قال: "فما بلغ بها ما أرى؟ "، قال: "إمساكك ما عندك"، قال: "إمساكي ما عندي يمنعك أن تطلب لبناتك ما يطلب الناس، أما والله ما لك عندي إلا سَهْمك مع المسلمين وَسِعك أو عجزَ عنك، بيني وبينكم كتاب الله"2. وقد أنشد فيه: عفَّ عن الدّنيا وقد تزخرفت ... مُمْكنةً وعافَها وقد قدر

_ 1 أحمد: المسند 2/157، وإسناده صحيح وصحّحه أحمد شاكر في تعليقه على أحاديث المسند رقم: 859 والبزار كما في كشف الأستار 3/225، والهيثمي: مجمع الزوائد 5/176، وقال: "رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط ورجال البزار ثقات". قال أحمد شاكر: "فيظهر لي أن الهيثمي لم يعرف عبد الحميد بن أبي جعفر، ورأى إسناد البزار معروفاً له فوثّق رجاله". 2 سبق تخريجه ص 584.

مُحَكَّم في النّاس يقضي بينهم ... بمحكم الآي ومَنْصوص السُّوَر حدَّثْت عنه مثلَ ما تحدّثت عن ... كرم1 الأغصان حَلْوَاءُ الثّمر2/ [85 / أ] .

_ 1 في الأصل: (فن الزم) ، وهو تحريف. 2 ابن الجوزي: التبصرة 1/426، 427.

الباب الثالث والخمسون: تواضعه

الباب الثالث والخمسون: تواضعه ... الباب الثالث والخمسون: في ذكر تواضعه ذكر ابن الجوزي عن جبير بن نُفير1، أن نفراً قالوا لعمر بن الخطاب: "ما رأينا رجلاً أقضى بالقسط، ولا أقولَ بالحقّ ولا أشدّ على المنافقين منك يا أمير2 المؤمنين، فأنت خير الناس بعد رسول الله، فقال عوف بن مالك3: "كذتم - والله - لقد رأينا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، [فقال: "من هو؟ "، فقال: "أبو بكر"] 4 فقال عمر: "صدق عوف، وكذبتم، والله لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك، وأنا أضل من بعير أهلي"، - يعني: قبل أن يسلم -، لأن أبا بكر أسلم قبله بست سنين"5. وعن مُجالد بن سعيد قال: "لما أتى عمر رضي الله عنه [الخبر] 6 بنزول رستم القادسية، كان يستخبر الركبان عن أهل القادسية منذ حين يُصبح إلى انتصاف النهار، ثم يرجع إلى أهله، فلما لقيه البشير، سأله من أين جاء؟ فأخبره، فقال: "يا عبد الله حدّثني"، قال: "هزم الله العدوّ"، وعمر رضي الله عنه يخُبّ7 معه

_ 1 الحضرمي، ثقة جليل، من الثانية، مخضرم، ولأبيه صحبة، توفي سنة ثمانين. (التقريب ص 138) . 2 مطموس في الأصل، سوى: (أمير) . 3 الأشجعي، صحابي مشهور، من مسلمة الفتح، وسكن دمشق، توفي سنة ثلاث وسبعين. (التقريب ص 433) . 4 سقط من الأصل. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 148، أبو نعيم: تثبيت الإمامة ص 104، ابن عساكر: تاريخ دمشق 9/704، 705، وأورده والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/497، وعزاه لأبي نعيم في فضائل الصحابة، وقال ابن كثير: "إسناده صحيح". 6 سقط من الأصل. 7 الخَبَبُ: ضربٌ من العدوّ. (القاموس ص 99) .

ويستخبره، والآخر يسير على ناقته ولا يعرفه حتى1 دخل المدينة فإذا الناس يسلّمون عليه بإمرة المؤمنين، فقال الرجل: "فهلاّ أخبرتي - رحمك الله - أنك أمير المؤمنين، وجعل عمر يقول: "لا عليك يا أخي"2. وعن عبد الله بن مصعب3 قال: "قال عمر رضي الله عنه: "لا تزيدوا مهور النساء على أربعين أوقية4، وإن كانت بنت ذي الغُصّة - يعني: يزيد بن الحصين الحارثي5 - فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال، فقالت امرأة من صفّ النساء طويلة، في أنفها فَطْسٌ6: "ما ذاك لك"، قال: "ولم؟ " قالت: "لأن الله تعالى يقول: {وآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذوا منه شَيئاً أَتَأْخُذًُونَه بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} " [النساء: 20] ، فقال عمر رضي الله عنه: "امرأة أصابت ورجل أخطأ"7. وعن مسروق8 بن الأجدع9 قال: "ركب عمر

_ 1 مطموس في الأصل، سوى: (تى) . 2 الطبري: التاريخ 3/583، ابن الجوزي: مناقب ص 148، 149، ابن الأثير: التاريخ 2/484، والخبر ضعيف لانقطاعه بين مجالد وعمر، ومجالد ضعيف، وفي إسناده سيف بن عمر ضعيف. (التقريب رقم: 2724، 6478) . 3 ابن ثابت بن عبد الله بن الزبير، يروي عن أبي حازم، روى عنه إبراهيم بن خالد الصنعاني مؤذن مسجد صنعاء. (الثقات 7/569) . 4 الأوقية - بالضم - سبعة مثاقيل. (القاموس ص 1731) . 5 كذا في الأصل، وفي الإصابة 2/23: "حصين بن يزيد بن شداد الحارثي ذو الغصة، لقب بذلك لأنه كان في حلقه شبه الحوصلة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم. 6 الفَطْس: تطامن قصبة الأنف وانتشارها. (القاموس ص 726) . 7 ابن الجوزي: مناقب ص 149، ابن كثير: التفسير 2/213، وعزاه للزبير بن بكار، وقال: "فيه انقطاع". 8 مطموس في الأصل، سوى (سروق) . 9 الهمداني الكوفي، ثقة عابد مخضرم، من الثانية توفي سنة اثنتين وستين. (التقريب ص 528) .

رضي الله عنه منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال: "أيها الناس ما إكثاركم في صَدُقات النساء فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه [يقللون] 1 وإنما الصَّدقُات ما بين أربع مئة درهم فما دون، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى، أو تكرمة لم تسبقوهم إليها، فلا أعرفَنْ ما زاد رجل في صداق امرأة على أربع مئة درهم". ثم نزل، فاعترضته امرأة من قريش، فقالت: "يا أمير المؤمنين، أنهيت الناس أن يزيدوا النساء في صدقاتهن على أربع مئة درهم؟ "، قال2: "وما ذاك؟ ". قالت: "أما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ "، قال: "وأي ذلك؟ "، قالت: "أو ما سمعت الله يقول: {وآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذوا منه شَيئاً أَتَأْخُذًُونَه بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} " [النساء: 20] ، فقال: "اللهم غفراً كل إنسان أفقه من عمر"، ثم رجع فركب المنبر، فقال: "أيا الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربع مئة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحبّ وطابت به نفسه فليفعل"3. وعن أبي الغالية الشامي4 قال: "قدم عمر رضي الله عنه الجابية على جمل أورق5، تلوح صلعته للشمس، ليس عليه قلنسوة ولا عمامة، تصطفق6 رجلاه

_ 1 سقط من الأصل. 2 في الأصل: (قلت) ، والتصويب من الهامش. 3 أبو يعلى كما في المطالب العالية 2/4، 5، ابن الجوزي: مناقب ص 149، ابن كثير: التفسير 2/212، وعزاه لأبي يعلى وقال: "إسناده جيد"، والهيثمي: مجمع الزوائد 4/283، 284، وقال: "رواه أبو يعلى في الكبير وفيه مجالد بن سعيد وفيه ضعف وقد وثّق". 4 لم أجد له ترجمة. 5 الأوْرق: ما في لونه بياض إلى سواد. (القاموس ص 1198) . 6 كذا في تاريخ المدينة، وتاريخ ابن كثير. وفي الأصل: (تصفق) .

بين شعبتي رحله بلا ركاب، وطاؤه كساء انبجاني ذو صوف، هو وطاؤه إذا ركب وفراشه إذا نزل، حقيبته نمرة أو شملة محشوة ليفاً، هي حقيبته إذا ركب، ووسادته إذا نزل، عليه قميص من كرابيس1، قد دسم وتخرق جبيه، / [85 / ب] فقال: "ادعوا لي رأس القرية"، فدعوا له الجلموس2، فقال: "غاسلوا قميصي وخيطوه وأعيروني قميصاً، أو ثوباً". فأتي بمقيص كتان3، فقال: "ما هذا؟ "، قالوا: "كتان"، قال: "وما الكتّان؟ "، فأخبروه، فنزع قميصه فغُسل، ورقع، وأتي به، فنزع قميصهم ولبس قميصه، فقال له الجلموس: "أنت ملك العرب، وهذه بلاد لا تصلح بها الإبل". فأتي ببرذون فطرح عليه قطيفة، [لا سرج] 4 ولا رحل وركبه، فقال: "احبسوا احبسوا، ما كنت أظن الناس يركبون الشياطين قبل هذا"، فأتي بجملة فركبه"5. وعن هشام بن عروة عن أبيه،6 قال: "قدم عمر رضي الله عنه الشام، فتلقاه أمراء الأجناد، وعظماء أهل الأرض، فقال عمر: "أين أخي؟ "، قالوا: "من؟ "، قال: "أبو عبيدة بن الجراح"، قالوا: "يأتيك الآن"، فجاء على ناقة مخطومة بحبل، فسلم عليه، فسأله، ثم قال للناس: "انصرفوا عنا"، فسار معه

_ 1 كرابيس: جمع كِرْباس، وهو القُطْن. (لسان العرب 6/195) . 2 في تاريخ ابن كثير: " الجلوس". 3 الكتّان: ثياب مُعتدلة في الحرّ والبرد واليبوسة، ولا تلزق بالبدن، ويقلّ قمله. (القاموس ص 1583) . 4 سقط من الأصل. 5 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/824، 825، ابن الجوزي: مناقب ص 151، ابن كثير: التاريخ 4/61، وعزاه لابن أبي الدنيا، والخبر ضعيف فيه عبد الله بن مسلم بن هرمز، ضعيف. (التقريب رقم: 3616) . وأبو الغالية الشامي لم أجد له ترجمة. 6 ابن الزبير.

حتى منزله، فنزل عليه، فلم ير في بيته إلا سيفه، وترسه، ورحله، قال له عمر: "لو اتخذت متاعاً؟ "، أو قال: "شيئاً؟ "، فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: "يا أمير المؤمنين، إن هذا سيبلغنا المقيل"1. وعن طارق بن شهاب قال: "لما قدم عمر رضي الله عنه الشام عرضَت له مخاضة، فنزل عن بعيره، وقلع موقيه فأمسكهما بيده، فخاض عمر الماء ومعه بعيره، فقال له أبو عبيدة رضي الله عنه: "قد صنعت صنيعاً عظيماً عند أهل الأرض كذا وكذا"، قال: فصك في صدره، وقال: "أوهْ2 لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة، إنكم كنتم أذلّ الناس، وأحقر الناس، وأقلَّ الناس، فأعزَّكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العزّةَ بغير الله يذلكم الله"3. وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن طارق4 بن شهاب قال: "قدم عمر الشام فتلقته الجنود، وعليه إزار وخفان وعمامة، وهو آخذ برأس5 راحلته، فقالوا: "يا أمير المؤمنين، تلقاك الجنود، والبطارقة وأنت على حالك هذه؟! "، فقال: "إنا قوم أعزّنا الله بالإسلام، فلن نلتمس العزّة بغيره"6.

_ 1 ابن المبارك: الزهد ص 208، وإسناده صحيح إلى عروة. 2 أوه: كلمة تقال عند الشكاية أو التّوجع. (القاموس ص 1604) . 3 ابن المبارك: الزهد ص 208، وإسناده صحيح، الحاكم: المستدرك 3/82، أبو أو نعيم: الحلية 1/47، ابن الجوزي: مناقب ص 150، 151، ابن كثير: التاريخ 4/61، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/618، وعزاه لابن المبارك وهناد والحاكم والحلية والبيهقي في شعب الإيمان. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين لاحتجاجهما جميعاً بأيوب بن عائذ الطائي وسائر رواته ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. (المستدرك 1/62) . 4 في الأصل: (صارى) ، وهو تحريف. 5 في الأصل: (بروس) ، وهو تحريف. 6 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 186، وابن أبي شيبة: المصنف 13/41، الحاكم: المستدرك 1/62، وفي إسناده الأعمش مدلس وقد عنعن. والأثر ثابت من طريق آخر، كما مرّ. قال الحاكم: "وله شاهد من حديث الأعمش عن قيس بن مسلم". (المستدرك 1/62، الحلية 1/47) . والأعمش من المرتبة الثانية الذين احتمل الأئمة تدليسهم واحتجوا بحديثهم.

وعن أسلم مولى عمر رضي الله عنه أنه كان مع عمر رضي الله عنه وهو يريد الشام، حتى إذا دنا من الشام، أناخ عمر، وذهب لحاجة له، قال أسلم: "فطرحت فروتي بين شعبتي رحلي، فلما خرج عمر عمد إلى بعير أسلم فركبه على الفور، وركب بعير عمر فخرجا يسيران، حتى لقيهما أهل الأرض، قال أسلم: فلما دنوا منا أشرت لهم إلى عمر، فجعلوا يتحدّثون بينهم، فقال عمر: "تطمح أبصارهم إلى1 مراكب من لا خلاق له، كأن عمر [يريد] 2 مراكب العجم"3. وعن إسماعيل4 عن5 قيس6 قال: "لما قدم عمر الشام استقبله الناس وهو على بعيره فقالوا: "يا أمير المؤمنين لو ركبت برذوناً يلقاك عظماء الناس ووجوههم؟ "، فقال: "لا أراكم7 ههنا، [إنما الأمر من ههنا] 8". وأشار بيده

_ 1 في الأصل: (إلا) ، وهو تحريف. 2 سقط من الأصل. 3 ابن المبارك: الزهد ص 207، وإسناده صحيح. وابن أبي شيبة: المصنف 13/39، ابن شبه: تاريخ المدينة 3/821، 822، ابن الجوزي: مناقب ص 151، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/653، وعزاه لابن المبارك وابن عساكر. 4 ابن أبي خالد. 5 في الأصل: (ابن) ، وهو تحريف. 6 ابن أبي حازم. 7 في الأصل: (ألا راكم) ، وهو تحريف. 8 سقط من الأصل.

إلى السماء، خلّوا جملي"1. وعن عبيد الله بن عباس2 قال: "كان للعبّاس ميزاب على طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة، وقد كان ذبح للعباس فرخان، فلما وافى الميزاب، صُبَّ ماءٌ بدم الفرخين، فأصاب / [86 / أ] عمر، فأمر عمر بقلعه، ثم رجع عمر رضي الله عنه فطرح ثيابه ثم لبس ثياباً غير ثيابه، ثم جاء فصلى بالناس فأتاه العباس، فقال: "والله إنه لَلمضوْضِعُ3 الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقال عمر: "فأنا أعزم عليك لما صعدت عليّ4 حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلمففعل ذلك العباس رضي الله عنه"5. وعن محمّد بن سعد يرفعه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "لقد رأيتني ومالي من أكال6 يأكله الناس إلا أن لي خالاتٍ من بني مخروم كنت استعذب لهن الماء فيقبضن لي القبضات من الزبيب". ثم نزل، فقيل له: "ما أردت إلى هذا يا أمير المؤمنين؟ "، قال: "إني وجدت من نفسي شيئاً فأردت أن

_ 1 وابن أبي شيبة: المصنف 13/40، وإسناده صحيح، وأبو نعيم: الحلية 1/47، من طريق ابن أبي شيبة، ابن شبه: تاريخ المدينة3/831، ابن الجوزي: مناقب ص151. 2 ابن عبد المطلب الهاشمي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم من صغار الصحابة، توفي بالمدينة سنة سبع وثمانين. (التقريب ص 371) . 3 في الأصل: (الموضع) ، والمثبت من المسند والطبقات. 4 قوله: " عليّ"، غير واضح في الأصل. 5 أحمد: المسند 3/224، ابن سعد: الطبقات 4/20، وإسنادهما ضعيف لانقطاعه، وقال أحمد شاكر في تعليقه على أحديث المسند رقم: 1790: "إسناده ضعيف لانقطاعه، هشام بن سعد صدوق، ولكنّه لا يروي إلا عن التابعين، توفي سنة ستين ومئة. وعبيد الله بن عباس من صغار الصحابة". وأورده ابن الجوزي: مناقب ص151. 6 الأكال: يقال: ما ذقت أكالاً - بالفتح -، أي: طعاما. (الصحاح 4/1625) .

أطأطئ1 منها"2. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً وخرجت معه حتى دخل حائطاً فسمعته يقول وبيني وبينه جدار، وهو في جوف الحائط: عمر أمير المؤمنين بَخْ بَخْ والله بُنيّ3 الخطاب لتتقين الله، أو ليعذبنك"4. وقال أبو إسحاق الفزاري5: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إن أحب الناس إليّ من أهدى إليّ عيوبي"6. وعن عبد الرحمن بن حفصة7 قال: "قدمنا على عمر رضي الله عنه في وفد من بني صبة8، وأنا غلام فقضوا حوائجهم وتركوني فمرّ عمر رضي الله عنه في السوق على ناقة فوثبت9 وثبة فإذا أنا خلفه، فضرب بين

_ 1 في الأصل: (طأطئ) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/293، وإسناده ضعيف لإبهام أحد رجال السند. وابن الجوزي: مناقب ص 152. 3 في الأصل: (وبُني) ، وهو تحريف. 4 مالك: الموطّأ ص 542، ومن طريقه ابن سعد: الطبقات 3/292، وإسناده صحيح، أبو نعيم: المعرفة 1/216، أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 154، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 152، المحب الطبري: الرياض النضرة 1/376، وعزاه لابن أبي الدنيا في محاسبة النفس، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/618. 5 إبراهيم بن محمّد الفزاري الإمام، ثقة، حافظ له تصانيف، توفي سنة خمس وثمانين ومئة. (التقريب ص 92) . 6 ابن الجوزي: مناقب ص 152، وهو ضعيف لإعضاله، وبنحوه في ابن سعد: الطبقات 3/293، عن سفيان بن عيينة. 7 لم أجد له ترجمة. 8 في مناقب عمر: (منبه) . 9 في الأصل: (فوثب) .

كتفي وقال: "ممن أنت؟ "، فقلت1: ضَبِّي، قال: "جسور"، قلت: على العدو، وقال: "وعلى الصديق، حاجتك؟ "، فقضى حاجتي، ثم قال: "فرغ لنا ظهر راحلتنا"2. وعن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: "خرجنا مع عمر رضي الله عنه إلى حجّ أو عمرة، حتى مرّ بشعاب ضَجنَان3 فالتفت إليها فقال: "لقد رأيتني في هذه4 الشعاب، في إبل الخطاب وكان فظاً غليظاً، أحتطب مرّة، وأختبط عليها أخرى، ثم أصبحت اليوم فضرب الناس بجنباتي ليس فوقي أحد، ثم قال: لا شيء فيما ترى إلا بشاشته ... يبقي الإلهُ ويودي المالُ والولد5 وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: "نادى عمر في الناس الصلاة جامعة، ثم جلس على المنبر فما تكّلم حتى امتلأ المسجد ثم قام، فقال: "الحمد لله لقد رأيتني أوجز6 نفسي بطعام ثم أصبحت على ما ترون،

_ 1 قوله: " فقلت"، في الأصل فوق السطر. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 152. 3 ضجِنان: حرة مستطيلة من الشرق إلى الغرب ينقسم عنها سيل وادي الهدَة. ويمر بها الطريق من مكّة إلى المدينة بنفصها الغربي على أربع وخمسين كيلاً من مكّة. ويعرف هذا النصف اليوم بخشم المحسنية. (معجم البلدان 3/453، معجم معالم الحجاز 5/189) . 4 كذا في مناقب عمر، وفي الأصل: (هذا) . 5 أبو عبيد: غريب الحديث 3/392، 393، وإسناده حسن. وابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 144، ابن الجوزي: مناقب ص 153، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/652، وعزاه لأبي عبيد في الغريب، وابن سعد، وابن عساكر. 6 في سير السلف ومناقب عمر: (أواجر) .

فلما نزل قيل له: " [ما] 1 حملك على ذلك؟ "، قال: "إظهار الشّكر"2. وعن محارب بن دِثار عن ابن عمر قال: "صعد عمر المنبر فجلس، ونودي الصلاة جامعة، فما زالوا يردون حتى امتلأ المسجد، فقام عمر فقال: "أحمد الله إليكم، إني كنت أوجز نفسي ثم أصبحت يضرب الناس بجنبتي ليس فوقي أحد". ونزل فقال له ابن عمر: "يا أمير المؤمنين ما دعاك إلى ما قلت؟ "، قال: "إن أباك أعجبته نفسه فأحبّ أن يضعها"3. وعن الحسن4: "أن رجلاً أثنى على عمر فقال: "أتهلكني وتهلك نفسك؟ "5. [وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنها - قال: "نادى عمر الصلاة جامعة، ثم جلس على المنبر فما تكلَّم حتى امتلأ المسجد ثم قام فقال: "الحمد لله لقد] 6 رأيتني أواجر نفسي بطعام بطني، ثم أصبحت على ما ترون"، فقيل له: "ما حملك على ما تقول؟ "، قال: "إظهار الشّكر"7. وعن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن حزم8 عن رجل من جهينة

_ 1 سقط من الأصل. 2 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 186، ابن الجوزي: مناقب ص 153، بدون إسناد. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 153، وهو ضعيف لانقطاعه بين محارب بن دثار وعمر. 4 البصري. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 153. 6 مطموس في الأصل، والتصويب من سير السلف. 7 سبق تخريجه. 8 لم أجد له ترجمة. ولعلّه: عبد الرحمن بن محمّد بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم الأنصاري، مقبول، من السابعة. (الطبقات الكبرى القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ص 463، التقريب ص 349) .

قال: "بعثني أبي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجداءٍ1 أبيعهن بالمدينة، فلما كنت يوماً من المدينة/ [86 / ب] إذا أنا برجل عامد إلى المدينة، وقد مال حِمْلُ حماري فقلت: "يا عبد الله أعني على حِمْل حماري، حتى أعدله"، قال: "نعم، يا بني". فقام معي حتى عدله، ثم قال لي: "من أنت؟ "، فقلت: "أنا فلان بن فلان الجهني"، فقال: "إذا أتيت أباك فقل له: "إن أمير المؤمنين يقول لك: إياك وذبح الجداية، فإن2 ودك3 العتود4 خير من أنفحه الجدي". قلت: "من أنت - يرحمك الله -؟ "، قال: "أنا عمر أمير المؤمنين"5. وعن عبد الجبار بن عبد الواحد التنوخي67، قال: "قال عمر رضي الله عنه وهو على المنبر: "أنشدكم الله لا يعلم رجل مني عيباً إلا عابه"، فقال: رجل: "نعم، يا أمير المؤمنين، فيك عيبان"، قال: "وما هما؟ "، قال: "تديل بين البردين، وتجمع بين الأدمين، ولا يسع ذاك الناس"، قال: "فما دال8 بين بردين، ولا جمع بين أدمين، حتى لقي الله عزوجل".

_ 1 الجَدْيُ من أولاد المعز: ذكرُها الذي لم يبلغ سنة. (لسان العرب 14/135، القاموس ص 1638) . 2 في الأصل: (كل) ، وهو تحريف. 3 الوَدَك: الدَّسَم. (القاموس ص 1235) . 4 العَتُود: الحَوْليُّ من أولاد المعز. (القاموس ص 379) . 5 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 218، وهو ضيعف لإبهام أحد رجال السند. وابن الجوزي: مناقب ص 153، 154. 6 في الأصل: (التنوخي) بالهامش. 7 لم أجد له ترجمة. 8 في الأصل: (دان) ، وهو تحريف.

قوله: "تديل بين البردين: أي: تلبس قميصاً، وتخليه وتلبس غيره"12. وقال سالم الأفطس3: "جاءت وفود فارس إلى عمر رضي الله عنه يطلبونه فلم يجدوه في منزله، فقيل لهم: هو في المسجد. يشير إلى أنه لم يكن له موضع للحكم"4 وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن تميم بن سلمة5 قال: "لما قدم عمر رضي الله عنه الشام تلقاه أبو عبيدة بن الجراح فخاض إليه عمر الماء في خفيه، فقال له أبو عبيدة: "يا أمير المؤمنين إنك بإزاء العدوّ"، فقال: "دعنا منك، فإنّ الله أعزّنا بالإسلام"، قال: وقبل أبو عبيدة يده، ثم خلوا فجعلا يبكيان"6.

_ 1 انظر: ابن منظور: لسان العرب 11/252. 2 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 37، ابن الجوزي: مناقب ص 154، وهو ضعيف في إسناد ابن أبي الدنيا من لم أجد له ترجمة. 3 سالم بن عجلان الأفطس، الأموي مولاهم، ثقة رمي بالإرجاء، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومئة. (التقريب ص 227) . 4 ابن شبه: تاريخ المدينة 2/692، وابن الجوزي: مناقب ص 154، وهو ضعيف لانقطاعه بين سالم وعمر بن الخطاب، وهو في ابن سعد: الطبقات 3/293، وإسناده صحيح، وابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 116، بإسناد آخر. 5 السلمي، ثقة، توفي سنة مئة. (التقريب ص 130) . 6 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 166، 167، وهو منقطع بين تميم وعمر ابن الخطاب.

الباب الرابع والخمسون: حلمه

الباب الرابع والخمسون: حلمه ... الباب الرابع والخمسون: في ذكر حلمه في الصحيح عن أبي الدّرداء1 قال: "كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه2، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما صاحبكم فقد غامر" 3، فسلم، وقال: "إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ، فأقبلت إليك"، فقال: "يغفر الله لك يا أبا بكر"، ثلاثاً. ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثمَّ أبو بكر؟ قالوا: "لا". فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عليه فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر4 حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه، فقال: "يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم، مرتين"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت5، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ " مرتين، فما أوذي بعدها"6. ومن طريق آخر: "كان بين أبي بكر وعمر محاورة فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عمر عنه مغضباً، فاتّبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، - فقال أبو الدّرداء:

_ 1 عويمر بن زيد الأنصاري. 2 في صحيح البخاري: (ركبته) . 3 غامر: أي: خاصم غير. (لسان العرب 5/30) . 4 تمعر: تغير وعلته صُفرة. (لسان العرب 5/181) . 5 في صحيح البخاري: (صدق) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1339، رقم: 3461.

ونحن عنده - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما صاحبكم هذا فقد غامر"، قال: وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقصّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، قال أبو الدّرداء: وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل أبو بكر يقول: "والله يا رسول الله، لأنا كنت أظلم"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هل أنتم تاركوا لي صاحبي، هل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ إني قلت: يا أيها الناس، إني رسول الله إليكم جميعاً، فقلتم كذبت، وقال أبو بكر: صدقت" 1. وفي الصحيح عن ابن عباس، قال: "قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس2، وكان من النفر الذي يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته، كهولاً كانوا أو شُباناً، فقال عيينة لابن أخيه: "يابن أخي هل لك أو قال: لك وجه عند الأمير، فاستأذن لي عليه". قال: "سأستأذن لك عليه"، قال ابن عباس: فاستأذن / [87 / أ] الحرُ لعيينة، فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال: "إيهْ، أو هِيْ3 يابن الخطاب، فوالله ما تعطينا

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1701، رقم: 4364. 2 الفزاري، صحابي، أسلم مع وفد فزارة. (الإصابة 2/5) . 3 إيه - بكسر الهمزة والهاء، وفتحها وَتُنَوَّن المكسورة -: كلمة استزادةٍ واستنطاقٍ، وإيه، بإسكان الهاء: زجرٌ بمعنى: حسبك. كما يقال: "إيه عنا أي: كفّ"، وهِيْ، بكسر ثم سكون، وفي بعضها، هيه - بكسر الهاء من بينهما تحتية ساكنة - قال النووي بعد أن ضبطها: "هكذا هي كلمة تقال في الاستزادة"، وقال ابن الملقن: "هِيْ يا ابن الخطاب، بمعنى: التهديد له"، وقال الزركشي: "هي يا ابن الخطاب - بكسر الهاء وآخره همزة مفتوحة - تقول للرجل إذا استزدته "هيه وإيه"، قال ابن حجر: "وقوله: وآخره همزة مفتوحة لا وجه له، ولعله من الناسخ، أو سقط من كلامه شيء، والذي يقتضيه السياق أنه أراد بهذه الكلمة الزجر وطلب الكفّ لا الازدياد". (الصحاح 6/2226، لسان العرب 13/474، القاموس ص 1604، فتح الباري 13/258، 259) .

الجزل1 ولا تحكم فينا بالعدل". فغضب عمر حتى هم أن يوقع به، فقال له الحرّ: "يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه: {خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] ، وإن هذا من الجاهلين". والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافاً عند كتاب الله"2. ورواه ابن الجوزي عن ابن عباس بلفظه إلا أن فيه: "وكان القراء أصحاب مجلس عمر"3، وهي في بعض طرق الصحيح4. وعن إبراهيم بن حمزة5، قال: "أُتي عمر رضي الله عنه ببرود فقسمها بين المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم - وكان فيها برد فاضل لها، فقال: "إن أعطيته واحداً منهم غضب أصحابه ورأوا أني فضلته عليهم، فدلّوني على فتى من قريش نشأ نشأة حسنة أعطيه إياه". فسمّوا له المسور ابن مخرمة، فدفعه إليه، فنظر إليه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال: "تكسوني هذا البرد وتكسوا ابن أخي مسوراً أفضل منه؟ "، قال: "يا أبا إسحاق، إني كرهت أن أعطيه واحداً منكم فيغضب أصحابه، فأعطيته فتى نشأ نشأة حسنة لا يتوهم فيه أني أفضله عليكم"، فقال سعد: "إني قد حلفت لأضربن بالبرد الذي أعطيه رأسك"، فخضع له عمر رأسه وقال: "عندك يا أبا إسحاق وليرفق الشيخ بالشيخ".

_ 1 الجزيل: العظيم. وأجزلت له من العطاء، أي: أكثرت. (لسان العرب 11/109) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب الاعتصام 6/2657، رقم: 6856، 4366. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 154. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 6/2657، رقم: 6856. 5 ابن محمّد بن حمزة بن مصعب الزُّبيري، المدني، صدوق، من العاشرة، توفي سنة ثلاثين ومئتين. التقريب ص 89) .

فضرب رأسه بالبرد"1. وعن الحسن2 قال: "كان بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبين رجل كلام في شيء، فقال له رجل: "اتّق الله يا أمير المؤمنين"، فقال له رجل من القوم: "أتقول لأمير المؤمنين: اتّق الله؟ "، فقال له عمر رضي الله عنه: "دعه فليقلها لي، نعم، ما قال، ثم قال عمر: لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نقبلها منكم"3. وعن عليّ بن رباح عن ناشرة4، قال: "سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول يوم الجابية، وهو يخطب الناس: "إن الله جعلني خازناً لهذا وقاسماً له، ثم قال: بل الله يقسمه وأنا بادئ بأهل النبي صلى الله عليه وسلم"، ففرض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف، عشرة آلاف، إلا جويرية وصفية وميمونة، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعدل بيننا"، فعدل بينهن عمر رضي الله عنه، ثم قال: "إني بادئ بي وأصحابي المهاجرين الأوّلين فإنا أخرجنا من ديارنا ظلماً وعدواناً ثم أشرفهم"، ففرض لأصحاب بدر منهم، خمسة آلاف، خمسة آلاف، ولمن شهد بدراً من الأنصار، أربعة آلاف، أربعة آلاف، وفرض لمن شهد الحديبية، ثلاثة آلاف، ثلاثة آلاف، وقال: "من أسرع بالهجرة أسرع به العطاء ومن أبطأ في الهجرة أبطأ به العطاء، فلا يلومن

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 155، الفارسي: العقد الثمين 7/199، وعزاه للزبير بن بكار بدون إسناد. 2 البصري. 3 ابن شبه: تاريخ المدينة 2/773، وهو ضعيف لانقطاعه بين الحسن وعمر، وفيه مبارك بن فضالة مدلس وقد عنعن. (التقريب رقم: 6464) ، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 155. 4 ابن سمّي اليَزَني.

رجل إلا مناخ راحلته، وإني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد فإني أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين، فأعطى ذا البأس، وذا الشرف، وذا اللسان فنزعته / [87 / ب] وأمرت أبا عبيدة بن الجراح". فقام أبو عمرو بن حفص بن المغيرة1، فقال: "والله ما اعتذرت يا عمر، ولقد [نزعت] عاملاً استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأغمدت سيفاً سله رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعت امرأ2 نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطعت رحماً، وحسدت ابن العم". فقال عمر رضي الله عنه: "إنك قريب القرابة، حديث السن، تغضب في ابن عمك"3. وعن أصبغ بن نُباتة4، قال: "خرجت أنا وأبي من زَرُوْد5 حتى ننتهي إلى المدينة في غلس6، والناس في الصلاة فانصرف الناس من صلاتهم وخرج الناس إلى أسواقهم، فدخل إلينا رجل معه درّه، فقال: "يا أعرابي أتبيع؟ "، فلم يظل يساوم أبي7 حتى أرضاه على ثمن، وإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجعل يطوف في السوق، ويأمرهم بتقوى الله يقبل فيه ويدبر، ثم مرّ على أبي، فقال: "حبستني ليس هذا وعدتني"، ثم مرّ الثانية، فقال له مثل ذلك، فردّ عليه عمر: "لا أريم حتى أوفيك"، ثم مرّ به الثالثة فوثب أبي مغضباً

_ 1 المخزومي، ويقال فيه: أبو حفص بن عمرو بن المغيرة. (الإصابة7/136، التقريب ص 660) . 2 في مسند: (لواء) . 3 سبق تخريجه ص 590. 4 التميمي الحنظلي، الكوفي، متروك، رمي بالرّفض من الثالثة. (التقريب ص 113) . 5 زَرُوْدُ: من أشهر منازل الحاجّ العراقي بعد الثّعلبية وقبل الأجفر للمتجه إلى مكّة، ويبعد عن الإجفر 58 كيلاً، وعن مدينة حائل بنحو 170 كيلاً، وهي لبني مجاشع من تميم، والآن مياه قبيلة شمر. (المناسك ص 299، المعجم الجغرافي (شمال المملكة) 2/632-637) . 6 الغَلَس: ظلمة آخر الليل. (القاموس ص 723) . 7 في الأصل: (أفيك) .

فأخذ ثياب عمر، فقال له: "كذبتني وظلمتني"، ولهزه1، فوثب المسلمون إليه: يا عدوّ الله، لهزت أمير المؤمنين، فأخذ عمر رضي الله عنه ثياب أبي فجره لا يملك من نفسه شيئاً وكان شديداً فانتهى إلى قصاب، فقال: "عزمت عليك أو أقسمت عليك لتعطين هذا حقّه، وأهبك ربحي"، وكان عمر باع الغنم منه، فقال: "يا أمير المؤمنين لا، ولكن أعطي هذا حقّه، وأهبك ربحك"، فأخرج حقّه، فأعطاه، فقال له عمر: "استوفيت؟ "، فقال: "نعم"، فقال عمر رضي الله عنه "بقي حقنا عليك لهزتك التي لهزتني، قد تركتها لله عزوجل ولك"، قال أصبغ: فكأني أنظر إلى عمر أخذ ربحه لحماً فعلقه في يده، وفي يده اليمنى الدّرّة يدور في الأسواق حتى دخل رحله"2. وعن الحسن3 رضي الله عنه قال: "خرج عمر رضي الله عنه في يوم حار واضعاً رداءه على رأسه، فمرّ به غلامٌ على حمار، فقال: "يا غلام احمِلني معك"، قال: "فوثب الغلام عن الحمار فقال: "اركب يا أمير المؤمنين"، فقال: "لا أركب، وأركب خلفك، تريد أن تحملني على المكان الخشن، وتركب على المكان الموطأ4، ولكن اركب أنت، وأكون أنا خلفك". قال: فدخل المدينة وهو خلفه،

_ 1 لَهَزَهُ: ضربه بجُمعه في لهازمه ورقبته. (لسان العرب 5/407) . 2 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 250، وابن الجوزي: مناقب ص 156، وفيه أصبغ ابن نباتة وهو متروك. 3 البصري. 4 في تاريخ دمشق وكنْز العمال: " تريد أن تحملني على المكان الواطي وتركب أنت على الموضع الخشن".

والناس ينظرون إليه"1. وفي مسند الإمام أحمد، عن أبي ظبيان2: أن عمر أُتي بامرأة قد زنت، فأمر برجمها فذهبوا بها ليرجموها، فلقيهم عليّ رضي الله عنه فقال: "ما هذه؟ "، قالوا: "زنت فأمر عمر برجمها"، فانتزعها عليّ من أيديهم وردّهم، فرجعوا إلى عمر، فقال: "ما ردّكم؟ "، قالوا: "ردنا عليّ"، فقال: "ما فعل هذا إلا لشيء قد علمه"، فأرسل إلى عليّ فجاء هو شبيه المغضب، فقال: "ما لك رددت هؤلاء؟ "، فقال: "أما سمعت [النبي صلى الله عليه وسلم] يقول: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستييقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المبتلى حتى يعقل". قال عليّ: "هذه مُبتلاة بني فلان، فعلّه3 أتاها وهو بها". فقال عمر: "لا أدري". قال: "وأنا لا أدري"، فلم يرجمها"4. / [88 / أ] . وفي أمالي الجوهري5 عن عبد الله [بن] 6 صبعة العبدي7، عن أبيه8،

_ 1 ابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 116، ابن الجوزي: مناقب ص 157، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/654، وعزاه للدنيوري، وهو ضعيف لانقطاعه بين الحسن وعمر بن الخطاب. 2 حُصَين بن جندب الجُنْبي، الكوفي، ثقة من الثانية، توفي سنة تسعين. (التقريب ص169) . 3 في المسند: (فلعله) . 4 أحمد: المسند 2/335، وإسناده صحيح، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 1327. 5 الحسن بن عليّ الشيرازي ثم البغدادي، المحدّث الصدوق، كان من بحور الرواية روى الكثير، وأملى عدة مجالس، وكان ثقة أميناً، توفي سنة أربع وخمسين وأربع مئة. (تاريخ بغداد 7/393، سير أعلام النبلاء (18/68) . 6 سقط من الأصل. 7 لم أجد له ترجمة. 8 لم أجد له ترجمة.

عن جده1، قال: "أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلان سألاه عن طلاق الأمة، فقام معهما يمشي حتى أتى حلقة في المسجد فيها رجل أصلع، فقال: "أيها الأصلع، ما ترى في طلاق الأمة؟ "، فرفع رأسه إليه ثم أومأ إليه بإصبعيه السبابة والوسطى، فقال لهما عمر: "تطليقتان) ، فقال أحدهما: "سبحان الله جئناك وأنت أمير المؤمنين فمشيت معنا حتى وقفت على هذا الرجل فسألته فرضيت منه أن أومأ إليك؟! " فقال لهما: "ما تدريان من هذا؟، هذا عليّ بن أبي طالب، أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته وهو يقول: "إن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعتا في كفّة، ووضع إيمان عليّ في كفّة ميزان لرجّح إيمان عليّ" 2.

_ 1 لم أجد له ترجمة. 2 لم أجده.

الباب الخامس والخمسون: ورعه

الباب الخامس والخمسون: ورعه ... الباب الخامس والخمسون: في ذكر ورعه ذكر ابن الجوزي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "اشتريت إبلاً وارتجعتُها1 إلى الحمِى، فلما سمنت قدمت بها، قال: فدخل عمر رضي الله عنه السوق فرأى إبلاً سماناً، فقال: "لمن هذه الإبل؟ "، فقيل: "لعبد الله بن عمر"، فجعل يقول: "يا عبدَ الله بن عمر! بخٍ بخٍ، ابنُ أمير المؤمنين"، قال: "فجئته أسعى، فقلت: ما لك يا أمير المؤمنين؟ "، قال: "ما هذه الإبل؟ "، قال: [قلت] 2: "إبل اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى أبتغي ما يبتغي المسلمون"، قال: "يقال: ارْعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله بن عمر، اغد ابن عمر اغد على رأس مالك واجعل باقيه في بيت مال المسلمين"3. وعن جُميع بن عُمير التيمي4، قال: "سمعت عبد الله بن عمر يقول: "شهدت جلولاء فاتبعت من الغنائم بأربعين ألفاً، فقال: "يا عبد الله ابن عمر [لو] 5 انطلق بيَ إلى النار، كنت مفتدي؟ "، قلت: "نعم. بكل

_ 1 في سنن البيهقي: (وانجعتها) ، والرّجيع من الإبل ما رجعته من سفر إلى سفر وهو الكالّ. (لسان العرب 8/116) . 2 سقط من الأصل. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 159، البيهقي: السنن: 6/147، وفي إسناده يونس بن أبي يعفور، صدوق يخطئ كثيراً. (التقريب رقم: 792) ، وابن أبي شيبة: المصنف 12/325، وفيه نبيح العنزي، مقبول. (التقريب رقم: 7093) ، وأورده والمتقي الهندي: كنْز العمال12/658، وعزاه لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي. 4 الكوفي، صدوق يخطئ ويتشيع، من الثالثة. (التقريب ص 142) . 5 مطموس في الأصل.

شيء أملك". قال: "فإني مخاصمٌ، وكأني بك تبايع بجلواء ويقولون: [هذا] 1 عبد الله بن عمر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أمير المؤمنين وأكرم أهله عليه، وأن يرخصوا عليك كذا وكذا درهماً أحبَّ إليهم من أن يغلوا عليك بدرهم، وسأعطيك من الربح أفضل ما ربح رجل من قريش". ثم أتى باب صفية بنت أبي عبيد، فقال: يا صفية بنت أبي عبيد أقسمت عليك أن تُخرجي من بيتك شيئاً، أو تخرجين منه وإن كان عنق طَبِيَّةٌ2، قالت: "يا لأمير المؤمنين ذلك لك"، ثم تركني سبعة أيام، ثم استدعى التجار، ثم قال: "يا عبد الله بن عمر إني مسؤولٌ"، فباع من التجار متاعاً بأربع مئة ألف، فأعطاني ثمانين ألفاً وأرسل بثلاث مئة وعشرين ألفاً إلى سعد، فقال: "أقسم هذا المال فيمن شهد الوقعة، فإن كان أحد منهم مات فابعث بنصيبه إلى ورثته"3. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "استأذنت عمر في الجهاد، فقال: "أي بني إني أخاف عليك الزنى"، فقلت: أو على مثلي تتخوف ذلك4؟!، قال: "تلقون العدوّ فيمنحكم الله أكتافهم، فتقتلون المقاتلة،

_ 1 سقط من الأصل. 2 الطّبِيُ: حلمات الضّرع التي من خفٍ وظلفٍ وحافرٍ وسبع. (لسان العرب 15/64، القاموس ص 1684) . 3 أبو عبيد: الأموال ص 273، ابن زنجويه: الأموال: 2/592، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 171، 172، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 158، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/668، وعزاه لأبي عبيد والخبر مداره على الصلت بن بهرام ولم يوثّقه إلا ابن حبان. (الثقات 6/471) . 4 مطموس في الأصل، سوى: (لك) .

وتسبون الذّرية، وتجمعون المتاع، فتقام جارية في المغنم فينادى عليها، فتسوم بها فينكل1 الناس عنك، يقولون: ابن أمير المؤمنين، ولله وللرسول ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، فيهم حقّ فتقع عليها، فإذا أنت زانٍ، اجلس"2. وعن [إسماعيل بن محمّد بن] 3 سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "قدم على عمر رضي الله عنه مسك وعنبر من البحرين، قال عمر: "والله لوددت أني أجد امرأة حسنة الوزن تزن [لي] 4 هذا الطيب حتى أفرقه على المسلمين"، فقالت له امرأته عاتكة: "أنا جيدة الوزن، فهلمُ / [88 / ب] أزن لك"، قال: "لا"، قالت: (ولِمَ؟ "، قال: "أخشى أن تأخذيه هكذا، فتجعليه هكذا - وأدخل إصبعيه في صدغيه - وتمسحين بها عنقكِ فأصبت فضلاً على المسلمين"5. وعن نعيم بن العطارة6، قال: "كان عمر يدفع إلى امرأته طيباً من7 طيب المسلمين، قال فتبيعه امرأته، قالت: "فبايعتني عطارة

_ 1 في الأصل: (فنكل) . 2 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 144، وفيه عطية العوفي، صدوق يخطئ كثيراً، وكان شيعياً مدلساً. (التقريب رقم: 4616) ، وقد عنعن، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 158. 3 سقط من الأصل. 4 مطموس في الأصل. 5 أحمد: الزهد ص 119، وابن شبه: تاريخ المدينة 2/703، وإسنادهما ضعيف، لانقطاعه، إسماعيل بن محمّد لم يدرك عمر بن الخطاب، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 159، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/642، وعزاه لأحمد في الزهد. 6 لم أجد له ترجمة. 7 في الأصل: (في) ، وهو تحريف.

فجعلت تُقوم1 وتزيد وتنقص، وتكسره بأسنانها، فيعلق بإصبعها شيء منه، فقالت به هكذا، بإصبعيها2 في فيها، ثم مسحت به على خمارها، قالت: فدخل عمر، فقال: "ما هذه الريح؟ "، فأخبرته الذي كان، فقال: "طيب المسلمين تأخذينه أنت فتطيبين به"، قال فانتزع الخمار من رأسها، أخذ جزءً من ماء فجعل يصبّ الماء على الخمار، ثم يدلكه في التراب ثم يشمه، ففعل ذلك ما شاء الله، قالت: العطارة: "ثم أتيتها مرة أخرى فلما وزنت لي علق بإصبعها منه شيء، فعمدت فأدخلت إصبعها في فيها، ثم مسحت بإصبعها التراب، قالت: فقلت: ما هكذا صنعت أوّل مرة، قالت: "أو ما علمت ما لقيت منه، لقيت منه كذا، لقيت منه كذا"3. وعن أنس:4 "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ هذه الآية: {فَأَنْبَتْنا فِيهَا حَبّاً وعِنَباً وقَضْباً وزَيْتُوناً ونَخْلاً وحَدَائقَ غُلْباً وفَاكِهَةً وأَبّاً} [عبس: 27-31] ، فقال: "هذه5 الفاكهة والقضب، وهذه الأشياء قد عرفناها، فما الأب؟ ". فوضع يده على رأسه، ثم قال6: "إن هذا لهو التكلّف7، يابن أم عمر، ما عليك أ، لا تدري ما الأب؟ "8. ظاهر هذا البحث يعطي الإعراض عن

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (تقو) . 2 مطموس في الأصل، سوى (بأصبعيـ) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 159. 4 ابن مالك. 5 مطموس في الأصل، سوى (هـ) . 6 مطموس في الأصل، سوى (قا) . 7 في الأصل: (الكلف) ، وهو تحريف. 8 الطبري: التفسير 15/59، وابن الجوزي: مناقب ص 159، ابن كثير: التفسير 8/348، وعزاه للطبري وقال: "إسناده صحيح"، ابن حجر: فتح الباري13/271، وعزاه لعبد بن حميد في التفسير. وأخرجه الحاكم بنحوه المستدرك 3/290، وصحّحه ووافقه الذهبي.

تفسير الغريب وليس المراد به ذلك. قال أبو بكر بن مِقسم1: "ما عرف عمر عين الأب من النبت، لأنه ليس من لغته، وليس بالناس إلى البحث عنه حاجة، فجعل ذلك مثلاًيعمل2 عليه، خوفاً مما نظرت فيه الخوارج وأهل البدع"3. وعن عبد الرحمن الأشعري4: أنه خرج إلى عمر رضي الله عنه فنزل عليه، وكان لعمر ناقة يحلبها، فانطلق غلامه ذات يوم فسقاه لبناً، فأنكره، فقال: "ويحك من أين هذا اللبن؟ "، قال: "يا أمير المؤمنين إن الناقة انفلت عليها ولدها فشرب لبنها، فحلبت لك ناقة من مال الله"، فقال له عمر "ويحك سقيتني ناراً ادع لي عليّ بن أبي طالب"، فدعاه، فقال: "إن هذا عمد إلى ناقة من مال الله فسقاني لبنها أفتحله لي؟ "، قال: "نعم. يا أمير المؤمنين، هو حلال5 لك ولحمها"6.

_ 1 العلامة المقرئ محمّد بن الحسن بن مقسم البغداديّ العطار، ثقة من أحفظ الناس لنحو الكوفيين، وأعرفهم بالقراءات، صنف في التفسير والمعاني كتاب: (الأنوار في علم القرون) ، وكتاب الوقف والابتداء) ، وغيرهما، توفي سنة أربع وخمسين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 2/206، سير أعلام النبلاء (16/105، غاية النهاية في طبقات القراء 2/142) . 2 مطموس في الأصل، سوى (يعمـ) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 160. 4 عبد الرحمن بن غنم الأشعري، مختلف في صحبته، توفي سنة ثمان وسبعين. (التقريب ص 348) . 5 مطموس في الأصل، سوى (حلا) . 6 ابن شبه: تاريخ المدينة 2/703، وابن الجوزي: مناقب ص 160، والخبر أخرجه ابن شبه عن ابن لهيعة من رواية وهب، فهو حسن، قال الحافظ: "صدوق خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما". (التقريب ص 319) .

وفي (الموطّأ) : عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: "مُرَّ على عمر بن الخطاب1 رضي الله عنه بغنم من الصدقة فرأى فيها شاة حافلاً ذات ضرع عظيم، فقال عمر: "ما هذه الشاة؟ "، فقالوا: "شاة من الصدقة"، فقال عمر: "ما أعطي هذه أهلها وهم طائعون لا تفتنوا الناس، لا تأخذوا حزراتِ2 المسلمين، نكّبوا عن الطّعام"34. وفيه عن زيد بن أسلم رضي الله عنه / [89 / أ] أنه قال: "شرب عمر بن الخطاب لبناً فأعجبه، فسأل الذي سقاه: من أين لك هذا اللبن؟ "، فأخبره أنه ورد على ماء سماه، فإذا نعم من نعم الصدقة وهم يسقون، فحلبوا لي من ألبانها، فجعلته في سقائي هذا، فأدخل عمر إصبعه فاستقاءه"5. وفيه عن سليمان بن يسار6: أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: "خذ من خيلنا ورقيقنا صدقة"، فأبى ثم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأبى، ثم كلّموه أيضاً فكتب إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فكتب إليه عمر: "إن أحبّوا فخذها منهم وارددها عليهم

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (الخطأ) . 2 الحَزْرةُ: ما حزر بأيدي القوم من خيار أموالهم. (لسان العرب 4/186) . 3 نكّبوا عن الطعام: أي: أعرضوا عن الأكولة وذوات اللبن ولا تأخذوها في الزكاة ودعوها لأهلها. (لسان العرب 1/770، 771) . 4 مالك: الموطّأ ص 133، (رواية يحيى بن يحيى) ، بلاغاً، والبيهقي: السنن: 4/158، وإسناده صحيح. 5 مالك: الموطّأ ص 134، (رواية يحيى بن يحيى) بلاغاً، والبيهقي: السنن: 7/14، من طريق مالك، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/665، وعزاه لمالك والبيهقي. 6 الهلالي، مولى ميمونة، ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة. توفي بعد المئة. (التقريب ص255) .

وارزُق رقيقهم"1. قال مالك - رحمه الله تعالى -: "ومعنى قوله عمر بن الخطّاب رضي الله عنه اردُدها عليهم؛ أي: ارددها على فُقَرائهم". وفيه عن أنس2 عن رجل من أهل الكوفة: أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه كتب إلى عامل جيش كان بعثه: إنه بلغني أن رجالاً منكم يطلبون العلج حتى إذا اشتدّ في الجبل وامتنع، قال الرجل: مَتْرَس، يقول: "لا تخف"3، فإذا أدركه قتله، وإني والذي نفسي بيده لا يبلغني أن أحداً فعل ذلك إلا ضربت عنقه". قال مالك: "وليس الحديث بالمجمع عليه"4. وفي حديث عفان بن مسلم الصّفّار5، عن عبد الله بن عمر أنه ارتجع أنقاضاً6 عجافاً فبعث بها إلى الحِمى، فقدمت تطير ويومها ترغي7 تكاد تئطط8 من السمن إذ سمعه عمر، فجاء إلى السوق، فنادى من أقصى السوق:

_ 1 مالك: الموطّأ ص 139، (رواية يحيى بن يحيى) ومن طريقه البيهقي: السنن: 4/118، عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار، وهو منقطع، سليمان بن يسار لم يدرك عمر. 2 هكذا في الأصل، وفي الموطّأ رواية يحيى: (عن مالك عن رجل) ، وفي رواية أبي مصعب: حدّثنا مالك بن أنس عن رجل) . 3 في القاموس ص 688: "المَتْرس: فارسيه، أي: لا تخف معها". 4 مالك: الموطّا (رواية أبي مصعب) 1/358، وهو ضعيف لجهالة أحد رجال الإسناد، والخبر سبق بنحوه من رواية عبد الرحمن بن أبي عطية ص 484. 5 الباهلي، البصري، ثقة ثبت، توفي بعد تسع عشرة ومئتين بيسير من كبار العاشرة. (التقريب ص 393) . 6 النقض: المهزول من الإبل والخيل. (لسان العرب 7/234) . 7 إبل مراغي: لألبانها رغوة كثيرة. (القاموس ص 1663) . 8 الأطيط: صوت الرحل والإبل من ثقل أحمالهما. (لسان العرب 7/256) .

"يا عبد الله بن عمر لم ارتجعت أنقاضك هذه؟ "، قلت: يا أمير المؤمنين تبعي استردته، قال لي: "ألك حميت الحمى؟ "، إنما حميته لإبل الصدقة والضّعيف، أقسم بالله لتخبرني بأثمانها وإلا خلطتها1 في مال الله كلها". فعلمت أنه سوف يفعل، فأخبرته، بأثمانها، فقال: "اذهب إلى مال لله فخذ الذي لك"، قال: فأخذته، فتعلق يحمل عليها ابن السبيل، ويعطيها من يراه لذلك أهلاً حتى فرغ منها"2. وفي موعظة الأوزاعي3: أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "اللهم إن كنت تعلم أني أبالي إذا قعد الخصمان على من كان الحقّ من قريب أو بعيد فلا تمهلي طرفة عين"4.

_ 1 في الأصل: (خلطها) ، وهو تحريف. 2 لم أجده فيما تبقى من أحاديث عفان، والخبر مضى بنحوه ص 719. 3 عبد الرحمن بن عمرو. 4 أبو نعيم: الحلية 6/140، بلاغاً، والخبر بنحوه في ابن سعد: الطبقات 3/290، عن يحيى بن سعيد وإسناده صحيح إلى يحيى. وأورده والمتقي الهندي: كنْز العمال 15/808، وعزاه لابن سعد.

الباب السادس والخمسون: بكائه

الباب السادس والخمسون: بكائه ... الباب السادس والخمسون: في ذكر بكائه روي عن علقمة بن وقاص1 قال: "كان عمر يقرأ في العشاء الآخرة سورة يوسف وأنا في مؤخر حتى إذا ذكر يوسف - عليه السلام -[89 / ب] سمعت نشيجه"23. وعن عبد الله بن شداد بن الهاد4 قال: "سمت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقرأ في صلاة الصبح سورة يوسف، فسمعت نشيجه وإني لفي آخر الصفوف، وهو يقرأ {إِنَمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله} [يوسف: 86] 5. وعن عبد الله بن عيسى6 قال: "كان في وجه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه خطان أسودان من البكاء"7.

_ 1 الليثي المدني، ثقة ثبت، من الثالثة، توفي في خلافة عبد الملك. (التقريب ص 397) . 2 النّشيج: أشد البكاء. (لسان العرب 2/377) . 3 عبد الرزاق: المصنف 2/111، وإسناده صحيح، وابن أبي شيبة: المصنف: 1/355، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 167. 4 الليثي المدني، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومات بالكوفة مقتولاً سنة إحدى وثمانين. (التقريب ص 307) . 5 عبد الرزاق: المصنف 2/144، وابن أبي شيبة: المصنف: 1/355، وسعيد بن منصور في السنن كما في فتح الباري 2/6، وأسانيدهم صحيحة. البخاري: الصحيح، معلقاً، كتاب الجماعة والإمامة 1/253، ابن الجوزي: مناقب ص 167، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/574. 6 ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، الأنصاري، ثقة فيه تشيع، من السادسة. توفي سنة ثلاثين ومئة. (التقريب ص 317) . 7 أحمد: فضائل الصحابة 1/253، والزهد ص 131، وأبو نعيم: الحلية 1/51، ابن الجوزي: مناقب ص 168، وصفة الصّفوة 1/286، وهو ضعيف لانقطاعه بين عبد الله بن عيسى وعمر.

وفي رواية: "خطّان أسودان مثل الشراك من البكاء"1. وعن الحسن2 قال: "كان عمر رضي الله عنه يمر بالآية من ورده بالليل فيبكي حتى يسقط، ويبقي بالبيت حتى يعاد للمرض"3. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "رأيت عمر رضي الله عنه نشج حتى اختلفت أضلاعه"4. وعن أبي عثمان النهدي: أن عمر رضي الله عنه كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول: "اللهم إن كنت كتبتنا عندك في شِقوة وذنب فإنك تمحو ماتشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، فاجعلها سعادة ومغفرة"5. وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: "غلب على عمر رضي الله عنه البكاء، وهو يصلي بالناس صلاة الصبح، فسمعت حنينه من وراء ثلاثة صفوف"6.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 168. 2 البصري. 3 ابن أبي شيبة: المصنف 13/269، أحمد: الزهد ص 119، وإسنادهما حسن إلى الحسن لكنه منقطع بين الحسن وعمر، أبو نعيم: الحلية 1/51، أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 175، ابن الجوزي: مناقب ص 168. 4 يأتي تخريجه ص 744، 746. 5 ابن جرير: التفسير 8/167، وإسناده حسن. فيه أبو حكيمة الغزال قال أبو حاتم: "ملحة الصدق"، وابن بطة: الإبانة جـ 1 / ق 114 ب، جـ 2 / ق 197، 198، اللالكائي: أصول اعتقاد أهل السنة جـ 2/ 664، رقم: 1207، ابن الجوزي: مناقب ص 168، ابن كثير: التفسير 4/390، والمتقي الهندي: كنْز العمال 2/676، وعزاه للالكائي. 6 أبو نعيم: الحلية: 1/52، في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق بن الحارث، وهو ضعيف. (التقريب رقم: 3799) ، ابن الجوزي: مناقب ص 168.

وعن عمر بن شبه بإسناده: أن عمر زار أبا الدّرداء - رضي الله عنهما - فقال له أبو1 الدرداء: "أتذكر حديثاً حدّثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، قال: "أي حديث؟ "، قال: "ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب"، قال: "نعم"، قال: "فماذا فعلنا بعده يا عمر؟ "، قال: فما زالا يتجاوبان بالبكاء، حتى أصبحا"2. وذكر أبو القاسم الأصفهاني: أنه كان في وجه عمر خطان أسودان من البكاء3. وعن الحسن4: "كان عمر رضي الله عنه يمرّ بالآية في وِرْدِهِ فتخنقه فيبكي حتى يسقط، ثم يلزم بيته حتى يعاد يحسبونه مريضاً"5. وقال البخاري في صحيحه، قال عبد الله بن شداد: "سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف يقرأ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إِلَى اللهِ} [يوسف: 86] 6. وفي فوائد أبي الفرج مسعود بن الحسن بن القاسم الثقفي7 عن الحسن8: "أن قوماً أتوا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقالوا: "يا أمير المؤمنين، إن لنا إماماً شاباً إذا

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (أتذكر) . 2 لم أجد في تاريخ المدينة لعمر بن شبه، والخبر في ابن الجوزي: مناقب ص 168. 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 175، والخبر سبق تخريجه ص 729. 4 البصري. 5 سبق تخريجه ص 728. 6 البخاري: الصحيح، كتاب الجماعة والإمامة 1/252، تعليقاً، ووصله سعيد في السنن والبيهقي في شعب الإيمان كما في تغليق التعليق لابن حجر، وقال الحافظ بعد ذكر إسناديهما: "هذا إسناد صحيح". (تغليق التعليق 2/300) . 7 الأصبهاني، توفي سنة اثنتين وستين وخمس مئة. (سير أعلام النبلاء (20/469، لسان الميزان 6/24، 25) . 8 البصري.

صلى لا يقوم من المحراب حتى يتغنى بقصيدته"، قال عمر: "فامضوا بنا إليه، إنا إن دعوناه يظن بنا أنا تجسسنا، نريد قبح أمره، فقام عمر رضي الله عنه والقوم معه حتى إن قرعوا بابه1 عليه، قال: "يا أمير المؤمنين، ما الذي جاء بك؟ إن كنت جئتني في حاجتي فقد كان الواجب عليّ أن أتي، وإن تكن2 الحاجة لك، فأحقّ من عظمنا خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال: "بلغني عنك أمر ساءني"، قال: "فإني أعيذك بالله يا أمير المؤمنين ما الذي بلغك عني؟ "، قال: "بلغني3 عنك أنك تتغني4 بين يديك"، قال: "نعم، قال يا أمير المؤمنين، [إنما عظة] 5 أعظ بها نفسي، قال له عمر: "قل"، قال: "إني أخاف الشُّنعة6 أن أفعل7 بين يديك"، قال له: "قل فإن كان حسناً قلت معك، وإن كان قبيحاً نهيتك عنه". قال: فأطرق الفتى ثم أنشأ يقول8: وفؤادي كلما نبهته ... عاد في اللّذات يبغي تعبي لا أراه الدّهر إلا لاهياً ... في تماديه فقد برح بيَ يا قرين السّوء ما هذا الصّبا ... فني العمر كذا باللّعب

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (با) . 2 مطموس في الأصل، سوى (تكـ) . 3 مطموس في الأصل، سوى (بلغـ) . 4 مطموس في الأصل، سوى (تتغـ) . 5 غير واضح في الأصل، والمثبت من فوائد أبي الفرج. 6 الشّنعة: الفظاعة. لسان العرب 8/186، القاموس ص 949) . 7 مطموس في الأصل، سوى (أفعـ) . 8 مطموس في الأصل، سوى (يقـ) .

وشباب1 بان مني فمضى ... قبل أن أقضي منه أربي / [90/أ] ما أرجي بعده إلا الغنى ... ضيق الشّيب عليَ مطلبي ويح نفسي لا أراها أبداً ... في جميل لا ولا في أدب نفسي لا كنت ولا كان الهوى ... راقبي مولاك وخافي وارهبي فبكى عمر رضي الله عنه وقال: "هكذا ينبغي كلّ من يكره"، قال عمر رضي الله عنه: "وأنا أيضاً أقول: نفسي لا كنت ولا كان الهوى ... راقبي مولاك وخافي وارهبي2

_ 1 في الأصل: (وشاب) ، وهو تحريف. 2 أبو الفرج: الفوائد ق 98 / ب، 99 / أ، عن الحسن مرسلاً وبنحوه في ابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 113 عن الحسن.

الباب السابع والخمسون: خوفه من الله عز وجل

الباب السابع والخمسون: خوفه من الله عز وجل ... الباب السابع والخمسون: في ذكر خوفه من الله عزوجل في صحيح البخاري عن المسور بن مخرمة، قال: "لما طعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس وكأنه يجزّعه: "يا أمير المؤمنين، ولا كان ذلك1 لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم فارقت2 وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقت وهو عنك راضٍ، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صَحَبتهُم3، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون"، فقال: "أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه، فإن ذلك منّ من الله منّ به عليّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذلك منّ من الله منّ به عليّ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك ومن أجل أصحابك فوالله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عزوجل قبل أن أراه"4. وفيه عن أبي بردة بن أبي موسى، قال: "قال لي عبد الله بن عمر: "هل تدري ما قال أبي لأبيك"؟ قال قلت: لا، قال: "فإن أبي قال لأبيك:

_ 1 أي: لا يكون ما تخافه. وفي رواية الأكثر: (ولئن كان ذلك) ، وفي رواية الكشميهني: (ولا كل ذلك) ، أي: لا تبالغ في الجزع فيما أنت فيه. (انظر: فتح الباري 7/52) . 2 كذا بحذف المفعول، والكشميهني: (ثم فارقته) . (انظر: فتح الباري 7/52) . 3 وفي رواية: (ثم صحبتهم فأحسنت صحبتهم) . يعني: المسلمين. قال ابن حجر: "ثم صحبت صحبتهم". بفتح الصاد والحاء الموحدة، أي: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وفيه نظر، للإتيان بصيغة الجمع موضع التثنية، قال عياض: "يحتمل أن يكون) (صحبت) زائدة، وإنما هو ثم صحبته أي: المسلمين"، قال: والرواية الأولى هي الوجه". (انظر: فتح الباري 7/52) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1350، رقم: 3489.

يا أبا موسى هل يسرك أن إسلامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتنا معه وجهادنا معه، وعملنا كله معه بَرَدَ لنا1 وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافا رأساً برأسٍ"؟ فقال أبي: "لا والله قد جاهدنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا، وصمنا وعملنا خيراً كثيراً، وأسلم على أيدينا بشر كثير، وإنا لنرجوا ذلك "فقال أبي" لكني أنا والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شيء عملناه بعده نجونا منه كفافاً رأساً برأسٍ" فقلت: "إن أباك والله خير من أبي"2. وذكر ابن الجوزي عن أبي بردة عن ابن عمر قال: "لقي أبي أباك فقال: "أيسرك أنك خرجت من عملك خيره وشره، وشره بخيره لا لك ولا عليك"؟ قال قلت: "والله يا أمير المؤمنين لقد قدمت البصرة وإن الجفا فيهم لفاش، فعلمتهم القرآن والسنة، وغزوت بهم في سبيل الله، وإني لأرجوا بذلك فضيلة" قال: "ولكن وددت أني قد خرجت من عملي خيره وشره، وشره بخيره، كفافاً لي ولا عليّ، وخلص لي عملي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إن أباك خير من أبي"3. وعن مسروق4، قال: "دخل عبد الرحمن5 على أم سلمة - رضي الله عنها - فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أموت أبداً" قال فخرج عبد الرحمن من عندها مذعوراً حتى دخل على عمر

_ 1 بَرَدَ: ثبت. (لسان العرب 3/86) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1425، رقم: 3702. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 160، والحاكم في التاريخ كما ذكر ابن حجر في فتح الباري7/254، 255، والمتقي الهندي: كنْز العمال12/620، وعزاه لابن عساكر. 4 ابن الأجدع الهمداني. 5 ابن عوف.

فقال له: "اسمع ما تقول أمك" فقام عمر حتى أتاها فدخل عليها فسألها، ثم قال: "أنشدك الله أمنهم أنا"؟ فقالت: "لا، ولن أبرئ بعدك أحدا"1. وعن داود بن علي2 قال: قال عمر رضي الله عنه "لو ماتت شاة على شط3 الفرات ضائعة، لظننت أن الله عز وجل سائلي عنها يومالقيامة"4. وعن عبد الله بن عمر قال: كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: لو مات جدي بطف5 الفرات لخشيت أن يحاسب الله به عمر6. وعن علي رضي الله عنه قال: "رأيت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه على قتب يعدو، فقلت: "يا أمير المؤمنين أين تذهب؟ قال: "بعير نَدَّ7 من إبل الصدقة أطلبه" فقلت: "لقد أذللت الخلفاء بعدك، فقال: "يا أبا الحسن لا تلمني [90 / ب] فوالذي بعث محمداً بالنبوة لو أن عناقاً8 أخذت بشاطيء الفرات لأخذ بها عمر يوم القيامة"9.

_ 1 أبو يعقوب بن شيبة: مسند أمير المؤمنين عمر ص 91، البزار كما في كشف الأستار3/172، ابن الجوزي: مناقب ص160، والهيثمي: مجمع الزوائد9/72، وقال: "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح". وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ13 /ق111. 2 ابن عبد الله بن عباس، أمير مكّة وغيرها، مقبول، توفي سنة ثلاث وثلاثين ومئة. (التقريب ص 199) . 3 الشّطُّ: شاطئ النهر. (القاموس ص 870) . 4 أبو نعيم: الحلية 1/53. 5 الطّفّ: الشاطئ. (القاموس ص 1076) . 6 ابن الجوزي: مناقب ص 161، ومسدد عن الحسن بنحوه كما في المطالب العالية 4/41، وابن سعد عن عبد الرحمن بن حاطب: الطبقات 3/305، وابن أبي شيبة عن حميد بن عبد الرحمن: المنصف 13/277، والطبري: التاريخ 4/202، وهو حسن لغيره. 7 نَدَّ: شَرَدَ ونَفَرَ. (القاموس ص 411) . 8 العناق: الأنثى من المعزّ ما لم يتمّ له سنة. (لسان العرب 10/275) . 9 ابن الجوزي: مناقب ص 161.

وعن طارق1 قال قلنا لابن عباس: "أي رجل كان عمر؟ قال: كان كالطائر الحذر الذي كأن له بكل طريق شركاً"2. وعن أبي سلامة3 قال: "انتهيت إلى عمر وهو يضرب رجالاً ونساء في الحرم على حوض يتوضئون منه، حتى فرق بينهم، ثم قال: "يا فلان"، قلت: لبيك، قال "لا لبيك ولا سعديك، ألم آمرك أن تتخذ حياضا للرجال وحياضا للنساء"، قال: ثم اندفع فلقيه علي رضي الله عنه فقال: "أخاف أن أكون هلكت" قال: "وما أهلكك"؟ قال: "ضربت رجالاً ونساء في حرم الله عز وجل قال: يا أمير المؤمنين أنت راع من الرعاة، فإن كنت على نصح وإصلاح فلن يعاقبك الله، وإن كنت ضربتهم على غش فأنت الظالم المجرم"4. وقال الحسن البصري رضي الله عنه "بينما عمر رضي الله عنه يجول في سكك المدينة إذ عرضت له هذه الآية: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} [الأحزاب: 58] ، فحدث نفسه، فقال: "لعلّي أوذي المؤمنين والمؤمنات"، فانطلق إلى أبي بن كعب فدخل عليه بيته وهو جالس على وسادة، فانتزعها أبي من تحته وقال: "دونكها يا أمير المؤمنين"، قال: فنبذها برجله وجلس، فقرأ عليه هذه الآية، وقال: "أخشى أن أكون أنا صاحب الآية، أوذي المؤمنين"، قال: "لا تستطيع إلا أن تعاهد رعيتك، فتأمر وتنهى"، فقال عمر

_ 1 طارق بن شهاب. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 161. 3 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. وهو السلمي، ويقال: الحبيبي. (الإصابة 7/90) . 4 عبد الرزاق: المصنف 1/75، 76، وإسناده حسن، ابن الجوزي: مناقب ص 161، 162، والمتقي الهندي: كنْز العمال 9/754، وعزاه لعبد الرزاق.

رضي الله عنه: "قد قلت والله أعلم"1. وعن الحسن2، قال: "كان عمر رضي الله عنه ربما تُوقِد النار ثم يدلي يده منها، ثم يقول: "ابن الخطاب، هل لك على هذا صبر؟ "3. وعن الضّحاك4، قال: قال عمر رضي الله عنه: "ليتني كنت كبش أهلي، سمنوني ما بدا لهم5، حتى إذا كنت آمن ما يكون6 زارهم بعض من يحبون فجعلوا بعضي شواء وبعضي قديداً، ثم أكلوني فأخرجوني عذرة ولم أك بشراً"7. وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال: "رأيت عمر رضي الله عنه أخذ تبنة من الأرض، فقال: ليتني كنت هذه التبنة8، ليتني لم أُخلق ليت أمي لم تلدني، ليتني لم أك شيئاً ليتني نسياً منسياً"9.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 162. 2 البصري. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 162. 4 الضّحاك بن مزاحم الهلالي، صدوق كثير الإرسال، توفي بعد المائة. (التقريب ص280) . 5 مطموس في الأصل، سوى (ما بدا) . 6 في الزهد، والحلية: (أكون) . 7 هناد: الزهد 1/258، وأبو نعيم: الحلية 1/52، وهو ضعيف لانقطاعه، الضّحاك لم يدرك عمر بن الخطاب، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 162، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/619، وعزاه لهناد، والحلية وشعب الإيمان. 8 مطموس في الأصل، سوى (التبنـ) . 9 ابن المبارك: الزهد ص 79، وابن أبي شيبة: المصنف 13/276، ابن سعد: الطبقات 3/360، وفي إسناده عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف. (التقريب رقم: 3065) ، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 162، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/619.

وعن قتادة1، قال: "لما ورد عمر الشام صُنع له طعام لم ير قبله مثله، فلما أتي به، قال: "هذا لنا فما لفقراء المسملين الذي باتوا لا يشبعون من خبز الشعير؟ "، فقال خالد بن الوليد: "لهم الجنة"، فاغرورقت عيناه، فقال: "إن كان حظنا في هذا، ويذهب أولئك بالجنة2 / [91 / أ] لقد بانوا بَوْباً بعيداً"3. وعن أبي جحيفة4، قال: "جاء قوم إلى عمر رضي الله عنه يشكون الجهد فأرسل عيينة بأربع، ثم رفع يديه فقال: "اللهم لا تجعل هلكتهم على يدي، وأمر لهم بطعام"5. وعن القاسم بن محمّد بن أبي بكر قال: "بعث سعد بن أبي وقاص أيام القادسية إلى عمر رضي الله عنه بقباء كسرى، وسيفه ومنطقته، وسراويله، وقميصه، وتاجه، وخفيه، قال: فنظر عمر رضي الله عنه في وجوه القوم فكان أجسمهم وأمدّهم قامة سراقة بن جعشم المدلجي، فقال: "يا سراقة قم فالبس"، [قال] 6: "فطمعت فيه فقمت ولبست"، فقال: "أدبر" فأدبرت"، ثم قال: "أقبل"، فأقبلت، ثم قال: "بخٍ بخٍ، أعرابي من بني مدلج عليه قباء كسرى، وسراويله، وسيفه، ومنطقته، وتاجه، وخفاه، ربّ يوم يا سراق بن مالك لو كان عليك فيه من متاع كسرى كان شرفاً لك ولقومك، انزع فنزعت"،

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (قتاد) ، وهو ابن دعامة. 2 مطموس في الأصل، سوى (الجن) . 3 المتقي الهندي: كنْز العمال 12/613، وعزاه لعبد بن حميد في التفسير، والطبري في تهذيب الآثار، وهو ضعيف لانقطاعه، قتادة لم يدرك عمر. 4 وهب بن عبد الله السُّوائي. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 163. 6 سقط من الأصل.

فقال: "اللهم إنّك منعت هذا رسولك ونبيك وكان أحبّ إليك مني وأكرم عليك مني، ومنعته أبا بكر وكان أحبّ إليك مني، وأكرم عليك مني، ثم أعطيتنيه فأعوذ بك أن تكون أعطيتنيه لتمكر بيَ ثم بكى - رحمه الله - حتى من عنده". ثم قال لعبد الرحمن: "أقسمت عليك لما بعته ثم قسمته قبل أن تمسي"1. وعن أبي بكر بن عياش2، قال: "جيء بتاج كسرى إلى عمر رضي الله عنه فقال: إن قوماً أدوا هذا لأمناء، فقال عليّ رضي الله عنه إن القوم رأوك عففت فعفوا، ولو رتعت لرتعوا"3. وعن أبي سنان الدّؤلي4: أنه دخل على عمر رضي الله عنه وعنده نفرٌ من المهاجرين، فأرسل عمر رضي الله عنه إلى سَفَطٍ5 أُتي به من قلعة من العراق، فكان فيه خاتم، فأخذه بعض بنيه فأدخله في فيه فانتزعه عمر منه ثم بكى فقال من عنده: "لم تبكي، وقد فتح الله لك وأظهرك على عدوّك وأقرَّ عينك؟ "، فقال: عمر "إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تفتح الدنيا على أحد إلا ألقى [الله] 6 بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة"، وأنا أُشفق من ذلك"7.

_ 1 ابن كثير: التاريخ 4/69، وفيه الهيثم بن عدي، وهو متروك، وانظر: ص 413. 2 الأسدي، مشهور بكنيته، والأصح أنها اسمه، ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه وكتابه صحيح، توفي سنة أربع وتسعين ومئة. (التقريب ص 624) . 3 الطبري: التاريخ 4/20، 23، ابن كثير: التاريخ 4/69، 70، من عدة طرق ومداره على سيف بن عمر. 4 يزيد بن أمية الدّؤلي، ثقة من الثانية، ومنهم مَن عَدَّه من الصحابة. (التقريب ص 599) . 5 في الأصل: (سقاط) ، وهو تحريف. 6 سقط من الأصل. 7 أحمد: المسند 1/194، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 93، عبد بن حميد في المسند 1/98، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 164، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/716، وعزاه لأحمد.

وعن [ابن] 1 أبي ربيعة2 قال: "لما نظر عمر رضي الله عنه إلى مال جلولاء ونهاوند في المسجد حين طلعت عليه الشّمس، فحميت الآنية، وبرقت الحلية، بكى، فقيل له: "يا أمير المؤمنين ما هذا بيوم حزن ولا بكاء"، فقال: "قد عرفت، ولكنه لم يفش المال بين قوم قط إلا ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة"3. وعن إبراهيم بن سعد4 أن5 عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لما أتي بكنوز كسرى قال عبد الله بن الأرقم: "اجعلها في بيت المال حتى نقسمها"، فقال عمر: "والله لا آويها إلى سقف حتى / [91 / ب] أمضيها"، فوضعها في وسط المسجد، وباتوا عليها يحرسونها فلما أصبح كشف عنها فرأى الحمراء والبيضاء، فبكى عمر، فقال له عبد الرحمن: "ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ والله إن هذا اليوم يوم شكر ويوم فرح وسرور"، فقال عمر: "إنه لم يعطه قوم إلا ألقيت بينهم العداوة والبغضاء"6. وعن الحسن7، قال: لما أتي عمر بخزائن كسرى، قال: "والله لا يظلها سقف بيت دون السماء"، فطرحت بين صُفَّتي المسجد، صُفّة النساء وصُفَّة الرجال،

_ 1 سقط من الأصل. 2 الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، أمير الكوفة، صدوق، توفي قبيل السبعين. (التقريب ص 146) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 164، وهو ضعيف لانقطاعه، الحارث لم يدرك عمر. 4 في الزهد وتاريخ دمشق: (عن الزهري عن إبراهيم بن عبد الرحمن) . 5 الزهري. 6 ابن المبارك: الزهد ص 265، وإسناده صحيح. وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 126، وابن الجوزي: مناقب ص 164. 7 البصري.

فطرحت عليه الأنطاع، وباتت عليها الخزان، فلما أصبح غدا عليها فلما نظر إليها بكى، فقال له عبد الرحمن بن عوف: "ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ أليس هذا يوم شكر؟ "، [قال] 1: "لا والله ما فتح هذا على قوم قط إلا جعل بأسهم بينهم"2. وعن سعيد بن المسيب: "أنّ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أصاب يوم جلولاء ثلاثين ألف ألف مثقال واف، وأخذ منها ستة آلاف ألف، فبعث بها مع زياد الذي يدعى ابن أبي سفيان، وهو يومئذ يدعى بابن عبيد، فلما قدم بذلك عليه ونظر إليه، قال: "والله لا يكنه سقف بيت حتى أقسمه فبات عبد الله بن الأرقم، وعبد الرحمن بن عوف يحرسانه في سقائف المسجد، فلما أصبح عمر غدا عليه فكشف عن جلابيبه - وهي الأنطاع3 فنظر إليه ثم بكى، فقال له عبد الرحمن: "ما يبكيك، فوالله إن هذا لمن مواطن الشكر؟ ". قال: "والله ما ذاك أبكاني، ولكن والله ما أعطى الله هذا قوماً إلا ألقى بأسهم بينهم". ثم جلس عمر فقسمها بين المهاجرين4 والأنصار، فبدأ بأهل بدر، ثم بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فما فرغ، وأعطى عبد الله بن عمر دون نظرائه، قال: "يا أمير المؤمنين، تضرب لي دون نظرائي؟ "، قال: "يا عبد الله، إن لك أسوة في عمر، لا يسألني الله يوم القيامة أني ملت إلى أحد"5.

_ 1 سقط من الأصل. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 164، 165، بدون إسناد. 3 انظر: ابن منظور: لسان العرب 1/271. 4 مطموس في الأصل، سوى (المهاجر) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 165.

وعن ابن عباس1 - رضي الله عنهما - أنه دخل على عمر وبين يديه مال، فنشج حتى اختلفت أضلاعه، ثم قال: "وددت إني أنجو كفافاً لا لي ولا عليّ"2. وعن عبد الرحمن بن سابط، قال: "أرسل عمر رضي الله عنه إلى سعيد بن عامر، فقال: "إنا مستعملوك على هؤلاء تجاهد بهم"، فقال: "لا تفتني"، فقال عمر: "والله لا أدعكم، جعلتموها في عنقي ثم تخليتم عني"3. وعن أبي عبد الله4، قال: قال عمر رضي الله عنه: "من خاف الله لم يشف غيظه، ومن اتقى الله لم يصنع ما يريد، [و] 5 لولا يوم القيامة لكان غير ما ترون"، كذا ذكره من اختصر سيرة ابن الجوزي عن أبي عبد الله ولا أعرف من هو6. وعن عبد الرحمن بن عوف، قال: "أرسل إليّ - يعني عمر بن الخطّاب رضي الله عنه - فأتيته فدخلت عليه فإذا أنا بنحيب7، فإذا أمير / [92/أ] المؤمنين هكذا بوصف8 ابن عوف: أنه نائم على وجهه، فقلت: "إنا لله، اعترى أمير المؤمنين؟، قال:

_ 1 عبد الله بن عباس. 2 يأتي تخريجه ص 630. 3 وأبو نعيم: الحلية 1/246، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/691، وهو ضعيف لانقطاعه، عبد الرحمن بن سابط لم يدرك عمر، عبد الرزاق: المصنف 11/348، عن جعفر بن برقان مرسلاً. 4 في تاريخ دمشق: (عن إبراهيم بن أدهم عن عبد الله، قال: قال عمر) . وأبو عبد الله لم أجد له ترجمة. 5 سقط من الأصل. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 166، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 111، وهو ضعيف، لانقطاعه، ولجهالة بعض رجال الإسناد والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/264. 7 النَّحْبُ: أشدُّ البُكاء. (القاموس ص 174) . 8 في مناقب عمر: (يصف) .

فوضعت يدي عليه فقلت: يا أمير المؤمنين ليس عليك بأس"، فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً فإذا جفنتان بعضها فوق بعض، فقال: "ههنا هَانَ آلُ الخطاب على الله، أما والله لو كرمنا عليه لكان هذا إلى صاحبيَّ بين يدي، فأقاما لي فيه أمر أقتدي به"، فقلت: "اجلس نتفكر، قال: فكتبنا المحقين1 في سبيل الله تعالى، أربعة" - يعني آلاف - وأصاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أربعة، وأصاب من دون ذلك ألفين ألفين، حتى وزَّعنا ذلك المال"2. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كان عمر رضي الله عنه إذا صلى صلاة جلس للناس، فمن كانت له حاجة كلّمه، وإن لم يكن لأحد حاجة قام فدخل فصلى صلوات لا يجلس3 فيها للناس، فحضرت الباب، فقلت: يا يرفأ أبأمير4 المؤمنين شكاة؟ قال: "ما بأمير المؤمنين شكاة"، فجلست، فجاء عثمان فجلس، فخرج يرفأ، فقال: "قم يا ابن عفان، قم يا ابن عباس"، فدخلنا على عمر فإذا بين يديه صبر من مال على كل صبرة منها كتِف5، فقال: "إني نظرت في أهل المدينة فوجدتكما في أكثر أهلها عشيرة، فخذا هذا المال فاقسماه، فما كان من فضل فرُدّا، ثم قال: أما كان هذا عند الله ومحمّد وأصحابه يأكلون القِدّ6؟ "، فقلت: بلى والله لقد كان هذا عند الله ومحمّد وأصحابه يأكلون القدّ، وقلت: بلى والله لقد كان عند الله،

_ 1 في الأموال ومناقب عمر: (المخففين) . 2 أبو عبيد: الأموال ص 263، وإسناده صحيح. ابن الجوزي: مناقب ص 166. 3 في الأصل: (لا جلس) ، وهو تحريف. 4 في الأصل: (أيا أمير) . 5 الكتف: عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدواب. (لسان العرب 9/294) . 6 القِدّ: السير الذي يُقَدُّ من الجلد. (لسان العرب 3/344) .

ومحمّد وأبو نعيم: الحلية ولو عليه لصنع غير الذي تصنع، فغضب، فقال: "إذاً صنع ماذا؟ "، قال: قلت: إذاً أكل وأطمعنا، فنشج عمر حتى اختلفت أضلاعه، ثم قال: "وَدِدْتُ لو أني خرجت منها كفافاً لا عليّ ولا لي"1. وفي الصحيح عن ابن أبي مليكة، قال: "كاد الخيِّران يهلكان، أبو بكر وعمر، رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم2، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع3: "لا أحفظ اسمه"، فقال أبو بكر لعمر: "والله ما أردت إلا خلافي"، قال: "ما أردت خلافك"، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله: {يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْواَتكُم فَوْقَ صَوتِ النَّبيِّ ولاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَولِ كَجَهْرِ بَعْضِكُم لِبَعضٍ} [الحجرات: 2] الآية. قال ابن الزبير4: "فما كان عمر يُسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر الصّديق

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/288، وإسناده صحيح. الفسوي: المعرفة والتاريخ 1/521، 522. أبو يعقوب بن الصلت: مسند عمر ص 98، 99، والحميدي كما في المطالب العالية 2/178، والبزار كما في كشف الأستار 4/255، 256، البيهقي: والسنن: 6/358، 359، وابن الجوزي: مناقب ص 166. 2 وهو بنو تميم بن مُرّ بن أُدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، وفد أشرافهم على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة وأثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "هم أشدّ أُمتي على الدجال"، قال: "وجاءت صدقاتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذه صدقات قومنا"، وكانت سبيّة منهم عند عائشة، فقال: "أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل". (البخاري: الصحيح رقم: 4108، سيرة ابن هشام 4/277، جمهرة أنساب العرب ص 206) . 3 نافع بن عمر الجمحي، ثقة ثبت، توفي سنة تسع وستين ومئة. (التقريب ص 558) . 4 عبد الله بن الزبير.

- رضي الله عنهما -"1. وفي رواية، فقال أبو بكر: "أَمِّر القعقاع بن معبد2"، وقال عمر: "بل أمِّر الأقرع بن حابس"3. قال أسامة بن مرشد: "وكان عمر رضي الله عنه لشدة خوفه من الله تعالى، يسأل الناس عن نفسه"4. عن بُسر بن عبيد الله5 أن عمر رضي الله عنه قال لحذيفة6: "نشدتك الله، وبحق الولاية عليك، كيف / [92 / ب] تراني؟ "، قال: "ما علمت إلا خيراً"، فنشده بالله، فقال: "إن أخذت فيء الله فقسمته في ذات الله فأنت7 أنت، وإلا فلا". فقال: "والله إن الله ليعلم وما آكل إلا حصتي، وما آكل إلا وجبتي، ولا ألبس إلا حلتي"8. وقال مالك صاحب الدار: "غدوت على عمر رضي الله عنه فقال: "كيف

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1833، رقم: 4564. 2 الدارمي. 3 مختارات من الخطب الملكيّة: التفسير 4/1834، رقم: 4566. 4 أسامة بن مرشد: مناقب عمر لابن الجوزي ص 167. 5 في الأصل: (بشر بن عبد الله) ، وفي مناقب عمر: (بشر بن عبد الله) ، وفي تاريخ المدينة: (عن زيد بن واقد عن بشر بن عبيد الله) ، وفي الأموال: (زيد بن واقد بن بسر ابن عبيد الله يرويه عن عائذ الله أبي إدريس". ولعلّه الصواب. قال ابن حجر: "بُسر بن عبيد الحضرمي الشّاميّ، ثقة حافظ من الرابعة". (التقريب ص122) . 6 ابن اليمان. 7 مطموس في الأصل، سوى (فأنـ) . 8 ابن زنجويه: الأموال: 2/602، وإسناده صحيح، وابن شبه: تاريخ المدينة 2/777، الفسوي: المعرفة والتاريخ 2/769، ابن الجوزي: مناقب ص 167.

أصبح الناس؟ "، قلت: بخير، قال: "سمعتَ شيئاً؟ "، قلت: "ما سمعتُ إلا خيراً"1. وقال عطاء الخراساني2: "دخل فتى شاب على عمر رضي الله عنه فقال له عمر: "ما رأيتَ3 مني؟ "، قال: "رأيتك ألقيت إزارك وفيه4 ملبس"5. وفي مسند الإمام أحمد عن دُجَين أبو الغصن6 البصري، قال: "قدمت المدينة، فلقيت أسلم مولى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فقلت: حدّثني عن عمر، قال: "لا أستطيع أخاف أن أزيد أو أنقص كنا إذا قلنا لعمر: حدّثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أخاف أن أزيد حرفاً أو أنقص، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كذب عليّ فهو في النار" 7. وفي أحاديث عفان بن مسلم الصفار عن كعب8 قال: "كنت عند عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقال: "يا كعب خوفنا"، قلت: يا أمير المؤمنين أو ليس فيكم كتاب الله وحكمة رسوله؟ "، قال: "بلى، ثم قال: "خوفنا يا كعب"، فقلت:

_ 1 ابن شبه: تاريخ المدينة 2/778، وابن الجوزي: مناقب ص 167. 2 عطاء بن أبي مسلم الخراساني، صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس، توفي سنة خمس وثلاثين ومئة. (التقريب ص 392) . 3 في الأصل: (رأيت) ، وهو تحريف. 4 في الأصل: (أوفيه) ، وهو تحريف. 5 ابن شبه: تاريخ المدينة2/778، وهو ضعيف لانقطاعه، ابن الجوزي: مناقب ص167. 6 دُجين بن ثابت اليربوعي البصري، ضعيف. (ميزان الاعتدال 2/23) . 7 أحمد: المسند 1/296، وإسناده ضعيف، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 326، وقال: "إسناده ضعيف، دجين البصري ضعيف"، الذهبي: ميزان الاعتدال 2/24، وعزاه لابن عدي الهيثمي: مجمع الزوائد 1/142، وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى وفيه دجين بن ثابت أبو الغصن وهو ضعيف ليس بشيء". 8 كعب بن ماتع الحميري.

"يا أمير المؤمنين، اعمل عمل رجل لو وافيته يوم القيامة بعمل سبعين نبياً لا زدرأت عملك مما ترى، فأطرق عمر ملياً، ثم قال: "زدنا يا كعب"، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين لو فتح من جهنم قدر منخر ثور بالمشرق، ورجل بالمغرب لغلا دماغه حتى يسيل من حرّها، قال: فأطرق عمر ملياً ثم قال: "زدنا يا كعب"، قلت: يا أمير المؤمنين إن جهنم لتزفِر1 زفرةً لا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل إلا خرّ جاثياً2 على ركبتيه، حتى إن إبراهيم خليله ليخرّ جاثياً على ركبتيه، ويقول: ربِّ نفسي نفسي، لا أسألك اليوم إلا نفسي، فأطرق عمر ملياً، قلت: يا أمير المؤمنين، أوليس تجدون هذا في كتاب الله؟ قال: "كيف؟ "، قلت: قوله تعالى في هذه الآية: {وَيَومَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عن نَفْسِهَا وتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُم لا يُظْلَمُون} [النحل: 111] 3. وعن وهب بن كيسان4 قال: "سئل عمر5 هل على النساء آذان؟ قال: [أنا] 6 أنهى عن ذكر الله؟ "7. وفي "مسند" الشافعي8 عن مولى عثمان بن عفان، قال: (بينا أنا مع

_ 1 لتزفر زفرة: سمع لتوقّدها صوت. (القاموس ص 513) . 2 جثا: جلس على ركبتيه. (لسان العرب 14/131) . 3 ابن المبارك: الزهد ص 75، 76، وإسناده صحيح إلى شريح بن عبيد، لكنه مرسل. أحمد: الزهد ص 121، 122، وفي إسناده عليّ بن زيد بن جدعان وهو ضعيف. 4 القرشي مولاهم، ثقة، من كبار الرابعة، توفي سنة سبع وعشرين ومئة. (التقريب ص 585) . 5 في المصنف: (سئل ابن عمر) . 6 سقط من الأصل. 7 وابن أبي شيبة: المصنف 1/223، وإسناده حسن، فيه محمّد بن عجلان وهو صدوق. وأبو خالد الأحمر وهو صدوق يخطئ. (التقريب رقم: 2457، 6136) . 8 محمّد بن إدريس المطلبي الشافعي، المكي، نزيل مصر، رأس الطبقة التاسعة، وهو المجدّد لأمر الدين على رأس المائتين. توفي سنة أربع ومئتين. وله أربع وخمسون سنة. (التقريب ص 467) .

عثمان بن عفان في ماله بالعالية، في يوم صائف إذ رأى رجلاً يسوق بكرين، على الأرض مثل الفراش من الحرّ، فقال: ما على هذا لو أقام المدينة حتى يبرد الحرّ ثم يروح؟ "، ثم دنا الرجل، فقال: انظر فنظرت فإذا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فقلت: هذا أمير المؤمنين، فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب فإذا نفح السموم، فأعاد رأسه حتى حاذاه، فقال: "ما أخرجك هذه الساعة؟ "، فقال: "بكران من إبل الصدقة فأردت أن ألحقها بالحِمى، وخشيت أن يضيعا فيسألني الله عنهما"، فقال عثمان: "يا أمير المؤمنين، هلم إلى الماء ونكفيك"، فقال: "عد إلى ظلك ومائك"، ومضى، فقال عثمان: "من أراد أن ينظر إلى القويّ الأمين فلينظر إلى هذا، فعاد إلينا فألقى نفسه"1. وكان رضي الله عنه يقول: "لو مات جدي بطف الفرات لخشيت أن يحاسب الله به"2. / [93 / أ] .

_ 1 الشافعي: المسند ص 390، وهو ضعيف لجهالة أحد رجال الإسناد. 2 سبق تخريجه ص 736، 737.

الباب الثامن والخمسون: تعبده واجتهاده

الباب الثامن والخمسون: تعبده واجتهاده ... الباب الثامن والخمسون: في ذكر تعبّده واجتهاده ذكر ابن الجوزي عن أسلم، قال: "كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يصوم الدّهر"1. وعن ابن عباس قال: "ما مات عمر رضي الله عنه حتى اسودّ من الصّيام"2. وعن ابن عمر: "أن عمر رضي الله عنه سرد الصّيام قبل أن يموت بسنتين"3. وعنه قال: "كان عمر رضي الله عنه يسرد الصّيام إلا يوم الأضحى ويوم الفطر وفي السفر"4. وعن سعيد بن المسيب، قال: "كان عمر يُحِبُّ الصّلاة في كبد الليل - يعني وسط الليل -"56. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "ولي عمر فاستعمل عبد الرحمن7 - يعني: على الحاجّ - ثم كان هو يحجّ سنينه كلّها حتى مات"8.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 169، بدون إسناد. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 169، بدون إسناد. 3 وابن أبي شيبة: المصنف 3/7، وإسناده صحيح، ابن الجوزي: مناقب ص 169. 4 البيهقي: السنن 4/301، عن نافع مرسلاً. وفي إسناده عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف. ابن الجوزي: مناقب ص 169، والمتقي الهندي: كنْز العمال8/619، وعزاه لابن جرير وجعفر الفريابي في السنن والبيهقي. 5 انظر: لسان العرب 3/376. 6 ابن سعد: الطبقات 3/278، وفي إسناده عاصم بن العباس، لم أجد له ترجمة. ابن الجوزي: مناقب ص 169. 7 عبد الرحمن بن عوف. 8 سبق تخريجه ص 540.

وعن أسلم: أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه كان يصلي ما شاء الله حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله ويقول: "الصلاة، الصلاة ويتلو هذه الآية: {وَأْمُر أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ} [طه: 132] 1 الآية. وعن ابن عمر، قال: "خرج عمر رضي الله عنه إلى حائط له فرجع وقد صلى الناس العصر، قال: "إنما خرجت إلى حائطي فرجعت وقد صلى الناس، حائطي صدقة على المساكين"، قال ليث2: "إنما فاتته الجماعة"3. وعن أبي مسلم4 أنه صلى مع عمر رضي الله عنه أو حدّثه من صلى مع عمر رضي الله عنه المغرب، فسمّي5 بها أو شغله بعض الأمر حتى طلع نجمان، فلمافرغ من صلاته أعتق رقبتين6. وفي أحاديث عفان بن مسلم الصفار عن أبي ظبيان7 عن أبيه8، قال: "دخل عمر رضي الله عنه المسجد فصلى ركعة ثم انصرف، فلحقه رجل فقال: "يا أمير المؤمنين، إنما صليت ركعة واحدة"، قال: "إنما هو تطوع فمن شاء

_ 1 مالك: الموطّأ 1/113، (رواية أبي مصعب) ، وإسناده صحيح. ابن الجوزي: مناقب ص 169، والمتقي الهندي: كنْز العمال 2/559، وعزاه لمالك والشافعي. 2 لم أستطع تمييزه. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 169، بدون إسناد. 4 الأزدي: ولم أجد له ترجمة. 5 في الزهد: (فمستى) ، وفي مناقب عمر: (فتمس) . 6 ابن مالك: الزهد ص 187، وهو ضعيف، فيه أبو مسلم، لم أجد له ترجمة، وفيه محمّد بن عبد الرحمن بن أبي مسلم لم يوثّقه غير ابن حبان. (الثقات 7/410، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 112، عن محمّد بن عبد الرحمن به، ابن الجوزي: مناقب ص 170. 7 حُصَين بن جندب بن الحارث الجنْبي. 8 لم أجد له ترجمة.

زاد ومن شاء نقص"1. فجميع ما ذكر في سيرته من الأحاديث يدل على شدّة تعبّده واجتهاده، فإنه كان من الصلاة إلى الغاية القصوى، والصوم فإنه كان يصوم الدّهر في آخر أمره، والصدقة كان لا يترك شيئاً، والحجّ كان لما ولي الخلافة يحجّ كلّ عام، والجهاد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم جميع المشاهد، وغزا بعده وجميع ما وقع في خلافته من الغزوات والفتوحات فله أجره، لأنه سببه. وفي أحاديث أبي عليّ بن الصّواف2 قال عمر: "إن الأعمال تباهي، فتقول الصدقة: أنا أفضلكم"3.

_ 1 لم أجده فيما تبقى من أحاديث عفان. والأثر في عبد الرزاق: المصنف: 3/154 عن أبي ظبيان. قال: (دخل عمر) ، وإسناده ضعيف، فيه قابوس بن أبي ظبيان قال الحافظ: "فيه لين". (التقريب رقم: 5445) ، والمتقي الهندي: كنز العمال 8/320. 2 محمّد بن أحمد بن الحسن بن الصواف، إمام ثقة حجة، توفي سنة تسع وخمسين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 1/289، الوافي بالوفيات 2/44) . 3 أبو علي الصواف: الفوائد ص 87، وإسناده ضعيف، فيه أحمد بن معاوية بن بكر، قال ابن عدي: "حدث بأباطيل، وكان يسرق الحديث". (ميزان الاعتدال 1/157) ، وأبو قرة مجهول. الإسماعيلي: مسند عمر ص 29، 30، عن أبي قرة به. الحاكم: المستدرك 1/461، عن أبي قرة به، لكن وقع في المستدرك (قرة) وهو غلط، وابن خزيمة: الصحيح 4/95، ووقع فيه: (ثنا أبو الحسن النضر بن إسماعيل عن أبي فروة) ، لعلّه النضر بن شميل عن أبي قرة. ومما يؤيّد أنه تصحيف أن كنية النضر بن شميل، أبو الحسن، وكنية النضر بن إسماعيل أبو المغيرة، والنضر بن إسماعيل ضعيف. (انظر: الجرح والتعديل 8/474) .

الباب التاسع والخمسون: كتمانه التعبد وستره إياه

الباب التاسع والخمسون: كتمانه التعبد وستره إياه ... الباب التاسع والخمسون: في ذكر كتمانه التّعبّد وستره إياه ذكر ابن الجوزي عن نافع1 قال: "كان البّر لا يعرف في عمر، ولا ابنه حتى يقولا أو يعملا"2. وقد ذكرنا عن طلحة3 أنه خرج ليلة4 فرأى عمر رضي الله عنه فتبعه لينظر أين يذهب؟، فدخل داراً، ثم خرج منها، فدخل طلحة الدّار، فوجد فيها عمياء مقعدة، فقال: "من هذا الذي دخل إليك؟ "، قالت: "هذا رجل يأتيني منذ زمن يأتيني بما أحتاج / [93 / ب] إليه، ويخرج عني الأذى رضي الله عنه. "5.

_ 1 مولى ابن عمر. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 170، وأبو نعيم: الحلية 1/53، وفي إسناد عبد العزيز الدّراوردي صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، وحديثه عن عبد الله العمري منكر. (التقريب رقم: 4119) . وروايته هنا عن عبيد الله العمري، ابن سعد: الطبقات 3/291، عن عبيد الله بن عتبة، وإسناده صحيح إلى عبيد الله. والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/806. 3 ابن عبيد الله. 4 قوله: "ليلة" تكرر في الأصل. 5 سبق تخريجه ص 420.

الباب الستون: دعاؤه ومناجاته

الباب الستون: دعاؤه ومناجاته ... الباب الستون: في ذكر دعائه ومناجاته عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: "كان أوّل خطبة خطبها عمر - الليلة التي دفن فيها أبو بكر - رضي الله عنهما - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن الله نَهَجَ سبيله، وكفانا برسوله، فلم يبق إلا الدّعاء والاقتداء، فالحمد لله الذي ابتلاني بكم وابتلاكم بيَ، والحمد لله الذي أبقاني فيكم بعد صاحِبَيَ كنفر ثلاثة اغتربوا الطِيَّة1؛ فأخذ أحدهم مهلة إلى داره وقراره، فسلك أرضاً مضلة، فتشابهت الأسباب والأعلام، فلم يزل عن السبيل، ولم يخرم2 عنه حتى أسلمه إلى أهله، فأفضى إليهم سالماً، ثم تلاه الآخر فسلك سبيله واتبع أثره فأفضى إليه سالماً ولقي صاحبه، ثم تلاه الثّالث فإن سلك سبيلهما، واتبع أثرهما، أفضى إليهما سالماً ولاقاهما، وإن هو زلّ يميناً أو شمالاً لم يجامعهما أبداً، ألا إن العرب جمل أنف3 فلا أعطيت بخطامه، ألا وإني حامله على المحجة، مستعين بالله، ألا وإني داعٍ فأمنّوا، اللهم إني شحيح فسخني، اللهم إني غليظ فليّني، اللهم إني ضعيف فقوّني، اللهم أوجب لي بموالاتك وموالاة أوليائك، ولايتك ومعونتك، وأبرني بمعاداة عدوّك من الآفات"4.

_ 1 الطِيَّة: النيّة، قال الخليل: "الطِيّة تكون منزلاً وتكون منتأى. تقول منه: مضى لطِيّة، أي: لنيته التي انتواها. (الصحاح 6/2415) . 2 لم يخرم: أي: ما عدل. (الصحاح 5/1911) . 3 الجمل الأنف: أي: المأنوف وهو الذي عقر الخشاش أنفه فهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به. (النهاية 1/75) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 170، 171، وهو منقطع، بين سالم بن عبد الله، وعمر ابن الخطاب

وعن الأسود بن هلال المحاربي1، قال: "لما ولي عمر قام على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أيها الناس إني داعٍ فهيمنوا2: اللهم إني غليظ فليّني، وشحيح فسخّني، وضعيف فقوّني"3. وعن عمر بن ميمون الأودي، عن عمر أنه كان فيما يدعو: "اللهم توفّني مع الأبرار، ولا تخلفني في الأشرار، وألحقني بالأخيار"4. وعن أبي عبد الرحمن5، قال: "كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: "اللهم لا تكثر لي من الدنيا فأطغى، ولا تُقِلَّ لي منها فأنسى، فإنه ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى"6. وعن الشعبي قال: "خرج عمر رضي الله عنه يستسقي بالناس، فما زاد على الاستغفار حتى رجع، قالوا: "يا أمير المؤمنين، ما نراك استسقيت؟ "، قال: "لقد طلبت المطر بمجَادِيح7 السماء التي يستنزل بها المطر، ثم قرأ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُم

_ 1 الكوفي مخضرم، ثقة جليل، من الثانية، توفي سنة أربع وثمانين. (التقريب ص 111) . 2 هَيْمَنَ: قال: آمن. (القاموس ص 1600) . 3 أبو نعيم: الحلية 1/53، وإسناده صحيح، ابن سعد: الطبقات 3/274، عن جامع ابن شداد عن ذي قرابة له وإسناده صحيح إلى جامع بن شداد. وابن أبي شيبة: المصنف 10/321، ابن الجوزي: مناقب ص 171. 4 البخاري: الأدب المفرد ص 220، وإسناده صحيح. وصحّحه الألباني. (صحيح الأدب المفرد ص 235) ، ابن الجوزي: مناقب ص 171، والمتقي الهندي: كنْز العمال 2/675. 5 ميكائيل الخراساني، يروي عن عمر بن الخطاب، روى عنه طعمة بن غيلان. (الثقات 5/463) . 6 ابن أبي شيبة: المصنف 10/323، 13/280، وفي إسناد ميكائيل الخراساني لم يوثّقه غير ابن حبان. ابن الجوزي: مناقب ص 171. 7 مَجَادِيحُ السماء: أنواؤها. (لسان العرب 2/421) .

ذإِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً. يُرْسِلُ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً} [نوح: 10-11] ، ثم قرأ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: 52] 1. وعن أسلم: أنه سمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: "اللهم لا تجعل قتلي على يد عبدٍ قد سجد لك سجدة يحاجني بها يوم القيامة"2. وعن سُليم بن حنظلة3 عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنه كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك أن تأخذني [على] 4 غرة، أو تذرني في غفلة، أو تجعلني من الغافلين"5. وعن عبد الله بن خِرَاش6 عن عمّه7 قال: "سمعت عمر بن الخطّاب

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/320، من طريق الواقدي. وابن أبي شيبة: المصنف10/311، وإسناده صحيح إلى الشعبي. وأورده من طريق آخر متصل صحيح. (المصنف10/311) ، وابن شبه: تاريخ المدينة 2/737، ابن الجوزي: مناقب ص 171، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 130، ابن كثير: التاريخ 4/94، وعزاه لابن أبي الدنيا. 2 أبو نعيم: الحلية 1/53، وإسناده صحيح. ابن الجوزي: مناقب ص 172. 3 في الأصل: (سليمان) ، وهو تحريف. وهو البكري، الكوفي، سمع عمر، وأبي، وعبد الله، روى عنه هارون بن عنْتَرة، وعياش العامري. (التاريخ الكبير 4/22، الطبقات 6/120، الثقات 4/131) . 4 سقط من الأصل. 5 ابن أبي شيبة: المصنف 10/323، وهو ضعيف، في إسناده ليث بن أبي سيلم صدوق اختلط جداً ولم يتميز حديثه فترك. (التقريب رقم: 5685) ، وسليم بن حنظلة لم يوثّقه غير ابن حبان. أبو نعيم: الحلية 1/54، عن ابن أبي شيبة به، ابن الجوزي: مناقب ص 172. 6 الشيباني الكوفي، ضعيف، وأطلق عليه ابن عمار الكذب، توفي بعد الستين ومئة. (التقريب ص 301) . 7 العوام بن حوشب الشيباني، ثقة، فاضل توفي سنة ثمان وأربعين ومئة. (التقريب ص433) .

رضي الله عنه يقول في خطبته: "اللهم اعصمنا بحفظك، وثبّتنا على أمرك"1. وروى ابن أبي الدنيا2 في كتاب: "القناعة" عن ميكائيل أبي عبد الرحمن، قال: "كان عمر رضي الله عنه يقول في دعائه: "اللهم لا تكثر لي من الدنيا فأطغى، ولا تقلّ لي منها فأنسى، فإنه ما قل وكفى خير مما كثر وألهى"3. فائدة قد تقدم أنه كان يبكي في الصلاة / [94 / أ] حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف، فالبكاء في الصلاة إن كان من خشية الله تعالى لا يبطل الصلاة مطلقاً، وإن لم يكن من خشية الله تعالى فإن بان فيه حرفان من حروف الهجاء فهو كالكلام، يبطل الصلاة عمده وسهوه4. وقيل: "يبطل الكثير دون اليسير في السهو، وأن لا يبين منه حرفان، فإن كان يسيراً لم يبطل وإن كان كثيراً أبطل"5.

_ 1 أبو نعيم: الحلية 1/54، وهو ضعيف، لانقطاعه، وعبد الله بن خراش ضعيف. ابن الجوزي: مناقب ص 172. 2 عبد الله بن محمّد بن عبيد الله القرشي مولاهم، صدوق حافظ، صاحب تصانيف. توفي سنة إحدى وثمانين، وله ثلاث وسبعون. (التقريب ص 321) . 3 لم أجده في كتاب القناعة والتعفف المطبوع، والأثر سبق تخريجه ص 759. 4 انظر: ابن قدامة: المغني 2/453، ابن مفلح: الفروع 1/491، المرداوي: الإنصاف 2/138. 5 انظر: ابن مفلح: الفروع 1/490، 491، المرداوي: الإنصاف 2/137.

الباب الحادي والستون: كراماته

الباب الحادي والستون: كراماته ... الباب الحادي والستون: في ذكر كراماته ذكر ابن الجوزي عن [زيد بن] 1 أسلم ويعقوب بن زيد2، قالا: "خرج عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يوم الجمعة إلى الصلاة، فصَعِد المنبر ثم صاح: يا سارية بن زنيم الجبلَ، ظلم من استرعى الذّئبَ الغنم، قال: ثم خطب حتى فرغ؛ فجاء كتابُ سارية بن زنيم إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: إن الله عزوجل فتح علينا يوم الجمعة الساعةَ كذا وكذا، لِتلك الساعةِ التي خرج فيها عمر فتكلم على المنبر، قال سارية: "فسمعت صوتاً: يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم من استرعى الذّئبَ الغنم، فعلوتُ بأصحابي الجبل، ونحن قبل ذلك في بطنِ وادٍ، ونحن محاصَرو العدوّ، ففتح الله علينا". فقيل لعمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "ما ذاك الكلام؟ "، فقال: "والله ما ألقيت له بالاً، شيء أتي به على لساني"3. وعن نافع مولى ابن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر رضي الله عنه قال على المنبر: "يا سارية بن زنيم الجبل، فلم يدر الناس ما يقول، حتى قدم سارية المدينة على عمر رضي الله عنه فقال: "يا أمير المؤمنين، كنا محاصري العدوّ وكنّا نقيم الأيام لا يخرج علينا منهم أحد نحن في خفض من الأرض،

_ 1 سقط من الأصل. 2 التيمي، المدني، قاضي المدينة، صدوق، من الخامسة. (التقريب ص 608) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 172، ابن كثير: التاريخ 4/135، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/581، وعزاه لابن سعد. والخبر ضعيف لانقطاعه بين زيد بن أسلم ويعقوب بن زيد، وبين عمر بن الخطاب، وهو من طريق الواقدي. قال ابن كثير بعد إيراده هذا الخبر من عدة طرق: "فهذه طرق يشد بعضها بعضاً".

وهم في حصن عال فسمعت صائحاً ينادي بكذا وكذا، يا سارية بن زنيم الجبل، فعلوت بأصحابي الجبل فما كان إلا ساعة حتى فتح الله علينا"1. وعن نافع مولى ابن عمر أن عمر رضي الله عنه خطب يوماً بالمدينة، فقال: "يا سارية بن زنيم الجبل، من استرعى الذّئب فقد ظلم"، قال: قيل له: "تذكر سارية، وسارية بالعراق؟ "، فقال الناس لعليّ رضي الله عنه: "أما سمعت عمر يقول: يا سارية، وهو يخطب على المنبر"، فقال: "ويحكم دعوا عمر فإنه ما دخل في شيء إلا خرج منه". فلم يلبث [إلا] 2 يسيراً حتى قدمسارية فقال: "سمعت صوت عمر رضي الله عنه فصعدت الجبل"3. وعن قيس بن الحجاج4 قال: "لما فتحت مصر، أتى أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤنة من أشهر العجم، فقالوا: "أيها الأمير، إن لنيلنا هذا سُنَّة لا يجري إلا بها، فقال لهم: "وما ذاك؟ "، قالوا له: "إذا كانت اثنتا

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 172، وهو منقطع بين نافع وعمر. وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/269، عن نافع عن ابن عمر. وإسناده حسن في إسناده محمّد بن عجلان وهو صدوق. (التقريب رقم: 6136) . وأبو نعيم: دلائل النبوة ص 579، اللالكائي: أصول اعتقاد أهل السنة 4/330، ابن تيمية: الفرقان ص 74، قال ابن كثير عقب إيراده الخبر: "وهذا إسناد جيد حسن". (تاريخ ابن كثير 4/135) ، وابن حجر: الإصابة 3/53، وقال: "إسناده حسن". والسخاوي: المقاصد الحسنة ص 474، وقال: "إسناده حسن كما ذكر شيخنا"، وابن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة ص 101 وحسّن إسناده. 2 سقط من الأصل. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 173، بدون إسناد. قال ابن كثير: "رواه الحافظ أبو القاسم اللالكائي من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر، وفي صحته من حديث مالك نظر". (تاريخ ابن كثير 4/135) . قال محقّق السنة للالكائي: "قلت: لم يورد اللالكائي عن مالك في كتابه هذا ولعلّ ذلك وهم من ابن كثير إلا إذا أراد كتاباً آخر". (السنة 4/1330، حاشية رقم: 1) . 4 الكلاعي، صدوق، توفي سنة تسع وعشرين ومئة. (التقريب ص 456) .

عشرة ليلة تخلوا من هذا الشهر عمَدْنا إلى جارية بكر بين أبويها، فأرضينا أباها، وحملنا عليها من الحلي والثّياب، أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في النّيل". فقال لهم عمرو: "إن هذا شيء لا يكون في الإسلام، وإن الإسلام يهدِمُ ما كان قبله، فأقاموا بؤنة1، وأبيب، ومسرى، لا يجري قليلاً ولا كثيراً / [94 / ب] حتى همّوا بالجلاء منها، فلما رأى ذلك عمرو بن العاص كتب إلى عمر رضي الله عنه فكتب إليه عمر رضي الله عنه: "إنك قد أصبتَ بالذي فعلت، إن الإسلامَ يهدم ما كان قبله". وكتب بطاقة داخل كتابه، وكتب إلى عمرو: وإني قد بعثت إليك بطاقة في داخل كتابي إليك فألقها في النيل إذا وصل كتابي إليك، فلما قدم كتاب عمر رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص أخذ البطاقة فإذا فيها مكتوب: "من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر، أما بعد: فإن كنت إنما تجري من قِبَلِك فلا تجرِ، وإن كان الله الواحد القهّار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهّار أن يجريك". فألقى البطاقة في النيل قبل يوم الصليب بيومٍ، وقد تهيّأ أهلُ مصر للجلاء والخروج؛ لأنهم لا تقوم مصلحتهم فيها إلا بالنيل، فلما ألقى البطاقة أصبحوا يوم الصليب قد أجراه الله تعالى ستة عشر ذراعاً في ليلة واحدة، فقطع الله تلك السنة السوء عن أهل مصر إلى اليوم"2.

_ 1 بؤنة: حزيران. وأبيب: تموز ومسرى: آب. (انظر: مروج الذهب للمسعودي1/349) . 2 ابن عبد الحكم: فتوح مصر ص 150، 151، أبو الشيخ: العظمة 4/1424، 1425، وابن كثير: البداية والنهاية 4/102، كلهم عن ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عمن حدّثه، وإسناده ضعيف، ابن لهيعة ضعيف، وأيضاً فيه راوٍ مبهم، وأورده ياقوت الحموي: معجم البلدان 5/335، ابن الجوزي: مناقب ص 173، 174، السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 127، والمتقي الهندي: كنْز العمال12/560، وعزاه لابن عبد الحكم، والعظمة وابن عساكر.

وعن خوَات بن جبير1 قال: "أصاب الناس قحط شديد على عهد عمر رضي الله عنه فخرج بالناس فصلى بهم ركعتين، وخالف بين طرفي ردائه، فجعل اليمين على اليسار، واليسار على اليمين، ثم بسط يده فقال: "اللهم إنا نستغفرك ونستسقيك"، فما برح مكانه حتى مطر، فبينما هم كذلك إذا أعرابٌ قد قدموا على عمر رضي الله عنه فقالوا: "يا أمير المؤمنين بينما نحن بوادينا في يوم كذا في ساعة كذا، إذ أَظَلَّنا غمامٌ فسمعنا فيه صوتاً: أتاك الغوث أبا حفصٍ، أتاك الغوثُ أبا حفصٍ"2. وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر رضي الله عنه بعث جيشاً، وأمّر عليهم رجلاً يدعى: "سارية"، قال: فبينا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يخطب الناس يوماً جعل يصيح وهو على المنبر: "يا ساري الجبل، يا ساري الجبل"، قال: فقدم رسول الجيش فسأله، فقال: "يا أمير المؤمنين لقينا عدوّنا فإذا بصائح يصيح: يا ساري الجبل، يا ساري الجبل، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله"، فقيل لعمر: "إنك تصيح بذلك"3. وفي رواية أبي بلج4، قال: "بينما عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قاعد

_ 1 الأنصاري، صحابي، قيل: إنّه شهد بدراً. توفي سنة أربعين أو بعدها (التّقريب ص196. 2 وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ13/ق129، وإسناده ضعيف، فيه عطاء بن مسلم، صدوق يخطئ كثيراً. (التقريب رقم: 4599) ، وأيضاً منقطع يبن العمري وخوات بن جبير. ابن الجوزي: مناقب ص174، والمتقي الهندي: كنْز العمال 8/432) . 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 177، وقد تقدم تخريجه ص 608. 4 في أصول اعتقاد أهل السنة: (عن أبي بلج بن عليّ بن عبد الله) ، ولم أجد شخصاً بهذا الاسم والكنية، وفي التقريب ص 625: "أبو بلج يحيى بن سليم القزاري، صدوق ربما أخطأ من الخامسة".

على المنبر يوم جمعة يخطب الناس، فبينا هو في خطبته قال بأعلى صوته: "يا ساري الجبل، يا ساري الجبل، ثم أخذ في خطبته، فأنكر الناس ذلك منه، فلما نزل وصلى قيل له: "يا أمير المؤمنين قد صنعت اليوم شيئاً ما كنا نعرفه"، قال: "وما ذاك؟ "، قيل: "قلت كذا وكذا"، وذكروا ما نادى به، فقال: "ما كان شيء من هذا"، قالوا: "بلى والله لقد كان ذلك يا أمير المؤمنين". قال: "فأثبتوا من هذا اليوم من هذا الشهر، ثم ابصروا"، وكان بعث سارية في بعث فظفر العدوّ فلجؤوا إلى الجبل، فقال سارية لما انصرف: "بينا نحن نقاتل العدوّ إذ سمعنا صوتاً لا ندري ما هو: "يا ساري الجبل ثلاثاً، فدفع الله عزوجل عنا به، فنظروا في ذلك اليوم فإذا هو اليوم قال فيه عمر ما قال"1. وقال يحيى بن أيوب2: "كان بالمدينة فتى3 يعجب عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فانصرف ليلة من صلاة العشاء فتمثلت له امرأة بين يديه فعرضت له نفسها ففتن بها ومضت، فأتبعها حتى وقف على بابها فأبصر وجُلّي عن قلبه وحضرته هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقُوا إِذَا مَسَّهُم طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذّكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُون} [الأعراف: 201] فخرّ مغشياً عليه فنظرت إليه المرأة فإذا هو كالميت، فلم تزل هي وجارية لها يتعاونان حتى ألقياه على باب داره، فخرج أبوه فرآه ملقى على باب الدار لما به، فحمله وأدخله فأفاق،

_ 1 اللالكائي: أصول اعتقاد أهل السنة 4/1330، وفي إسناده عليّ بن عبد الله، لم أجد له ترجمة. أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 178، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/573. 2 لم يتميز عندي. 3 مطموس في الأصل، سوى (تى) .

فسأله: ما أصابك يا بني؟، فلم يخبره فلم يزل به حتى أخبره، فلما تلا الآية شهق شهقة فخرجت نفسه، فبلغ عمر قصته، فقال: "ألا آذنتموني بموته، فذهب حتى وقف على قبره، فنادى: يا فلان: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] ، فسمع صوتاً من داخل القبر: قد أعطاني ربِّي يا عمر"1. فصل: كرامات الأولياء حقّ وأدناها الفراسة فإن منهم من يسير البعيد في المدّة القريبة، وفي الأثر: "الدنيا خطوة مؤمن"2. وفي الصحيح: "إن من عباد3 الله من لو أقسم على الله لأبره" 4. ومن ذلك / [95 / ب] 5: برء الأسقام عند لمسه كما وجد ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم في عدة مواطن6، وكما تفل في عيني عليّ فبرأتا7.

_ 1 لم أجده في المصادر الأخرى. 2 ابن تيمية: الفتاوى18/123وقال: "هذا لا يعرف عن النبيصلى الله عليه وسلمولا عن غيره من سلف الأمة ولا أئمتها". وابن عراق: تنزيه الشريعة2/402وقال ابن تيمية: "موضوع". 3 في الأصل: (عباده) ، وهو تحريف. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الصلح 2/962، رقم: 2556، ومسلم: الصّحيح، كتاب القسامة 3/1302، رقم: 1675. 5 هذه الورقة وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي. 6 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/ 1482 رقم 3813، ابن هشام: السيرة 3/ 81 وإسناده صحيح، 3/ 119 مرسل عاصم بن عمر بن قتادة ولم تثبت من طريق صحيحة. 7 البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1077، رقم: 2783، ومسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1872، رقم: 2406.

ومن ذلك: زيادة الأشياء بدعائه، كزيادة تمر جابر عند دعاء النبي صلى الله عليه وسلم1، وبركة الطعام عند أكله2، ونحو ذلك3. والأولياء يكرهون إظهار ذلك عنهم واشتهاره، فإن قيل: النبي صلى الله عليه وسلم كان يظهر ذلك ويفعله المرة بعد المرة في مشاهد الناس. قيل: النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف الناس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم المقصود منه الإظهار ليتبعه الناس، ويصدقوه ويعلمون صدق قوله، وهي آيات له تدل على نبوّته وصدق قوله، وهو مأمور بإظهار آياته كما هو مأمور بإظهار دينه، فإنها من جملة دليله، وهو مأمور بإقامة الدليل. وأما غيره، فإنه ينبغي له الإخفاء والتستّر حتى لا يعلم الناس به، فإنه ربما حصل له نوع مدح وشهرة ورياء، والله يكره ذلك للآدمي، ولهذا لم يرد عن الصحابة كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ وغيرهم، فعل ذلك بمشهد الناس، وإن وقع منهم خفية4. فإن قيل: فعمر قد قال على المنبر: "يا ساري الجبل".

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب البيوع 2/748، رقم: 2020، 2266. 2 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1505، رقم: 3876، ومسلم: الصّحيح، كتاب الأشربة 4/1610، رقم: 2039، 2040. 3 الصّحيح أن ما كان في حقّ الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى آية، أو معجزة، قال شيخ الإسلام: "وإن كان اسم المعجزة يعم كلّ خارق للعادة في اللغة، وعرف الأئمة المتقدمين كالإمام أحمد بن حبل وغيره، يسمّونها: الآيات. لكن كثيراً من المتأخرين يفرق في اللفظ بينهما، فيجعل المعجزة للنبي، والكرامة للولي، وجماعها الأمر الخارق للعادة". (مجموع فتاوى ابن تيمية 11/311) . 4 الكرامة تقع من أولياء الله بمحضر من الناس كما وقع من أبي بكر وعمر وخبيب والبراء بن مالك وغيرهم، وتقع لإعزاز الدين أو لحاجة المسلمين، وقد تقع سراً. قال شيخ الإسلام: "وخيار أولياء الله كراماتهم الحجة في الدين أو الحاجة بالمسلمين كما كانت معجزات نبيّهم صلى الله عليه وسلم كذلك". وقد ذكر شيخ الإسلام أكثر من ثلاث وعشرين كرامة وقعت لبعض الصحابة والتابعين. (مجموع الفتاوى 11/274، 277) ، وانظر عن الكرامات: ابن سيد الناس: المقامات العلية في الكرامات الجلية.

قيل: الجواب عن ذلك من أوجه: الأوّل: كأنه وقع منه فلتة ثم أنكره، فلهذا قال بعد ذلك: "لم أقل شيئاً". والثّاني: فعله للحاجة إليه؛ لأنه لو لم يقل ولو لم يوجد منه ربما حصل لأصحابه هلاك. والثّالث: أنه أُجْرِي على لسانه من غير إشعار بذلك وبحضور جماعة؛ لأنه لما حصلت له المشاهدة لأصحابه أولئك اشتغل قلبه بهم، فلما اشتغل قلبه بهم لهي عمن هو فيهم، ولم يدر أنه فيهم فخاطب أولئك يظنه معهم. وقد صار في زماننا هذا من الزنادقة ونحوهم من يظهر ما لا يدخل على الدين، بل يدل على الفساد، ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون1. كما يفعل طائفة من الصوفية2 من دخول النار ونحو ذلك3، وأخبرني شخص عن رجل منهم أنه يدعو الطير فيأتي إليه، ويدعو الوحوش فتأتي إليه فيظهر ذلك ويقول لهم: "انظروا"، ويفعل أشياء من هذا القبيل فكنت قلت له: "ما أظن هذا على خير4، فبعد

_ 1 في الأصل: (الكاذبون) ، وهو تحريف. 2 في الأصل: (الصوفة) ، وهو تحريف. 3 انظر: تيمية: مجموع الفتاوى 11/465. 4 قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى 11/466: "قال يونس بن عبد الأعلى للشافعي: "أتدري ما قال صاحبنا" - يعني: الليث بن سعد؟ - قال: "لو رأيت صاحب هوى يمشي على الماء فلا تغتر به". فقال الشافعي: "لقد قصر الليث، لو رأيت صاحب هوى يطير في الهواء فلا تغتر به".

مدة أخبرني أنه أراد أن يلوط بغلام وأنه سقط من أعين الناس، ولم يصدقوه بعد ذلك. والله الموفق. / [96 / أ] 1.

_ 1 هذه الورقة وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي لاتصال الكلام.

الباب الثاني والستون: تزويج النبي بحفصة وفضلها

الباب الثاني والستون: تزويج النبي بحفصة وفضلها ... الباب الثاني والستون: في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بحفصة وفصلها في الصحيح عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه حين تأيّمت1 حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي2 - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - قد شهد بدراً، توفي بالمدينة، قال عمر: "فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، قال: "سأنظر في أمري"، فلبثت ليالي، فقال: "قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا"، قال عمر: فلقيت أبا بكر، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر فلم يرجعْ إليَ شيئاً، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر، فقال: "لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك؟ "، قلت: نعم، قال: "فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لقبلتها"3. وفي الصحيح عن عمر رضي الله عنه قال: "خطب النبي صلى الله عليه وسلم إليّ حفصة فأنكحته"4.

_ 1 الأيم من النساء التي لا زوج لها بكراً كانت أو ثيّباً. (لسان العرب 12/39) . 2 من السابقين وهاجر إلى الحبشة ثم رجع فهاجر إلى المدينة وشهد بدراً وأصابته جراحة يوم أحد فمات منها. (الإصابة 2/142) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1471، رقم: 3783. 4 البخاري: الصحيح، كتاب النكاح 4/1968، رقم: 4830.

قال الذهبي: "تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة، قال: وتزوجت أوّلاً بخنيس بن حذافة السهمي فتوفي عنها، استشهد بأحد وكان بدرياً، قال: وقد عرضها عمر عند انقضاء عِدّتها على أبي بكر فسكت، فتألم عمر، ثم عرضها على عثمان لما ماتت رقي ة، فقال: "ما أريد أن أتزوج اليوم"، فشكاه عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يتزوجها من هو خير منه، ويتزوج عثمان من هي خير منها" 1، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم. فلقي أبو بكر عمر، فقال: "لا تجد علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها، فلم أكن أفشي سرّه ولو تركها لتزوجتها"2. قال أبو عبيدة3: "تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة اثنتين"4. قال الذهبي: "على كلّ حال أن خنيساً استشهد بأحد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج بها عام أحد، أو قبل أحد، اللهم إلا أن يكون خنيس طلقها. فالله أعلم"5. وقد روى موسى بن عليّ بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر6، قال: "طلق رسول الله حفصة فبلغ ذلك عمر فحثا على رأسه التراب، وقال:

_ 1 أبو يعلى في المسند 1/18، وفي إسناد سويد بن سعيد، صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه. (التقريب ص 260) . 2 الذهبي: التذهيب 4 / ق / 320، تاريخ الإسلام (عهد معاوية) ص 43، سير أعلام النبلاء 2/228، والبخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1471، وهو قطعة من الحدث السابق. 3 معمر بن المثنى التيمي، مولاهم البصري، صدوق أخباري، وقد رمي برأي الخوارج، توفي سنة ثمان ومئتين. (التقريب ص 541) . 4 ابن عبد البر: الاستيعاب 4/1810، الذهبي: التذهيب 4 / ق / 320. 5 الذهبي: التذهيب 4 / ق / 320. 6 الجهني.

"ما يعبأ الله / [95 / أ] بعمر وابنته بعد هذا"، فنزل جبريل من الغد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر" 1. وقال الذهبي: "تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة"2. وفي الصحيحين: أن عمر دخل على حفصة، فقال لها: "أي حفصة أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل؟ "، قالت: "نعم". فقلت: "قد خبت وخسرت، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله، فتهلكي، لا تستكثري النبي صلى الله عليه وسلم ولا تراجعيه في شيءٍ ولا تَهْجُريه، وسليني ما بدا لك، ولا يُغرَّنَّك أن كانت جارتُك أوضَأَ منك وأحبَّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة - ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لو رأيتني وقد دخلت على حفصة، فقلت: لا يُغرَّنَّك أن كان جارتُكِ أوضأَ منك وأحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم"3. وفي الصحيح عن عائشة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش، ويمكث عندها، فتواطيت أنا وحفصة على: أيّتنا دخل [عليها] 4 فلتقل له: ": أكلت مغافير5، فإني أجد

_ 1 الطبراني في المعجم الكبير 17/291، وفي إسناده عمرو بن صالح الخضرمي لم أجد له ترجمة. والهيثمي: مجمع الزوائد 9/244، وقال: "رواه الطبراني وفيه عمرو بن صالح الحضرمي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". 2 الذهبي: سير أعلام النبلاء 2/227، تاريخ الإسلام (عهد معاوية) ص 42، التذهيب 4 / ق / 320. 3 البخاري: الصحيح، كتاب النكاح 5/1991، 1992، رقم: 4895، بأطول، ومسلم: الصّحيح، كتاب الطلاق 2/1111، رقم: 1479. 4 سقط من الأصل. 5 المغافير: صمغ شبيه بالناطف ينضحه العرفط فيوضع في ثوب ثم ينضح بالماء فيشرب. (لسان العرب 5/28) .

منك ريح مغافير"1. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "إن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كُنَّ حزبين؛ فحزبٌ فيه عائشة وحفصة وصفية2 وسودة3، والحزب الآخر: أم سلمة وسائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم"4. قال الذهبي: "حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين العدوية، يقال: وُلِدَت قبل المبعث بخمسة أعوام، روى عنها ابن عمر وابنه حمزة5، وشُتَير بن شَكَل العبسي6، وعبد الله بن صفوان بن أمية7، والمطلب بن أبي وداعة8، وصفية بنت أبي عبيد9، وأبو مجلز10، وآخرون"11. وذكر بقيّ بن مَخْلَد12: "أنها روى ستين حديثاً"13.

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1866، رقم: 4628. 2 صفية بنت حُيَيّ. 3 سَوْدَة بنت زمعة. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الهبة 2/911، رقم: 2442. 5 حمزة بن عبد الله بن عمر، شقيق سالم، ثقة، من الثالثة. (التقريب ص 180) . 6 الكوفي، ثقة، من الثانية. (التقريب ص 264) . 7 الجُمحي، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقُتل وهو متعلق بأستار الكعبة سنة ثلاث وسبعين. (التقريب ص 308) . 8 السّهمي، صحابي، أسلم يوم الفتح ونزل المدينة ومات بها. (التقريب ص 535) . 9 الثقفية. 10 لاحق بن حُميد السّدوسي، مشهور بكنيته، ثقة، توفي سنة ستة وقيل تسع ومئة. (التقريب ص 586) . 11 الذهبي: التذهيب 4 / ق / 319. 12 شيخ الإسلام، أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي، صاحب التفسير والمسند، كان إماماً مجتهداً صالحاً، رأساً في العلم، توفي سنة ست وسبعين ومئتين. (سير أعلام النبلاء 13/285) . 13 بقي بن مخلد: مقدمة المسند ص 85.

قال أبو معشر المدني: "توفيت سنة إحدى وأربعين"1. وكذا قال أحمد بن أبي خيثمة2 وزاد: "أوّل ما بُويع لمعاوية"3. وقال الواقدي: "توفيت حفصة عام فتحت أفريقية"4. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ستين حديثاً، ذكره أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد. رحمه الله تعالى.

_ 1 ابن عبد البر: الاستيعاب 4/1812، المزي: تهذيب الكمال 35/154، الذهبي: التذهيب 4 / ق / 320. 2 أحمد بن زهير بن حرب الحَرَشي البغدادي، ثقة حافظ بصير بأيام الناس، توفي سنة تسع وسبين ومئتين. (تاريخ بغداد 4/162، سير أعلام النبلاء 11/492) . 3 المزي: تهذيب الكمال 35/154، الذهبي: التذهيب: 4 / ق / 320. 4 المزي: تهذيب الكمال 35/154، الذهبي: التذهيب 4 / ق / 320، عن ابن وهب عن مروان بن الحكم وهو أمير المدينة. (ابن سعد: الطبقات 8/86، تهذيب الكمال 35/154، تاريخ الإسلام ص 44، سير أعلام النبلاء 2/229، تهذيب التهذيب 12/439) .

الباب الثالث والستون: نبذ من مسانيده

الباب الثالث والستون: نبذ من مسانيده ... الباب الثالث والستون: في ذكر نبذ من مسانيده روى عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة. ذكر له بقي بن مخلد: خمس مئة حديث وسبعة وثلاثين حديثاً"1. وذكر2 بعض من شرح العمدة3. وقال أبو نعيم الأصبهاني: "أسند عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من المتون سوى الطرق مائتي حديث ونيفاً"4. فأما الذي أخرج له في الصحاح؛ ففي الصحيحين أحد وثمانون حديثاً، المتفق عليه من ذلك ستة وعشرون حديثاً، وانفرد البخاري بأربعة وثلاثين، ومسلم بأحد وعشرين5. ونحن نذكر نبذة من أحاديثه تبركاً بها، وجميع ما أذكره لنا به السند المتصل إليه، لكن تركت ذكر السند لأجل الاختصار، فإني ذاكرُ ذلك من الصحيحين، ومسند الإمام أحمد، وسندنا فيهن مشهور. / [96 / ب] . الحديث الأوّل: عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته6 إلى الله

_ 1 بقي بن مخلد: مقدمة المسند ص 81. 2 قوله: "وذكر"، تكرر في الأصل، ولعله: (ذلك) . 3 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / ب. 4 أبو نعيم: الحلية 1/229. 5 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / ب. 6 مطموس في الأصل، سوى (فهجـ) .

ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه". رواه1 الثلاثة2. الحديث الثّاني: عن ابن عمر قال: قال عمر: "أنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه في السفر". رواه الإمام أحمد3. الحديث الثّالث: عن ابن عمر، قال: "سأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصيبني الجنابة من الليل فما أصنع؟، قال: "اغسل ذكرك"، ثم توضأ ثم ارقد"4. الحديث الرّابع: عن ابن عباس، قال: "شهد عندي رجال مَرْضِيُّون - وأرضاهم عندي عمر - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة بعد صلاتين: بعد الصّبح حتى تطلع الشّمس، وبعد العصر حتى تغرب الشّمس" 5. الحديث الخامس: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى6، عن عمر قال: "صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفجر ركعتان، وصلاة

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (روا) . 2 أحمد: المسند 1/227، رقم: 168، البخاري: الصحيح، كتاب بدء الوحي 1/3 رقم: 1، مسلم: الصّحيح، كتاب الإمارة 3/1515، رقم: 1907. 3 أحمد: المسند 1/212، وإسناده ضعيف، في عاصم بن عبيد الله بن عاصم، ضعيف. (التقريب رقم: 3065) ، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 128) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب الغسل 1/110، رقم: 286، مسلم: الصّحيح، كتاب الحيض 1/249، رقم: 305. 5 أحمد: المسند1/203، وإسناده صحيح، البخاري: الصحيح، كتاب مواقيت الصلاة 1/211، رقم: 556، مسلم: الصّحيح، كتاب صلاة المسافرين وقصرها1/567، رقم: 826. 6 الأنصاري، ثقة، اختلف في سماعه من عمر، توفي بوقعة الجماجم سنة ثلاث وثمانين، قيل: إنه غرق. (التقريب ص 34) .

الجمعة ركعتان، تمام من غير قصر على لسان محمّد صلى الله عليه وسلم" 1. الحديث السّادس: عن ابن عباس قال: قال لي عمر: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه" 2. الحديث السّابع: عن راشد بن سعد3 عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وحذيفة بن اليمان: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذ من الخيل والرقيق صدقة4. الحديث الثّامن: عن سعيد بن المسيب عن عمر، قال: "غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم5 في رمضان والفتحَ في رمضان فأفطرنا فيهما"6. الحديث التّاسع: عن عاصم بن عمر7 عن أبيه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

_ 1 أحمد: المسند 1/266، رقم: 257، والنسايئ: السنن 3/111، وقال: "عبد الرحمن بن أبي ليلى، لم يسمع من عمر". وإسنادهما ضعيف، لانقطاعه بين عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 257، وقال: "إسناده ضعيف، لانقطاعه". وابن ماجه: السنن 1/338، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن عمر، وإسناده صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند 1/267، وصحّحه الألباني: صحيح ابن ماجه قم: 1063-1064. 2 أحمد: المسند 1/319، وإسناده صحيح، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 386، وبنحوه البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/432، رقم: 1626، مسلم: الصّحيح، كتاب الجنائز 1/642، رقم: 928. 3 المَقْرَئي الحمصي، ثقة كثير الإرسال، توفي سنة ثمان، وقيل: عشرة ومئة. (التقريب ص204) . 4 أحمد: المسند 1/204، وإسناده ضعيف. وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 113، وقال: "إسناده ضعيف، لانقطاعه، راشد بن سعد لم يدرك عمر، ولأن أبا بكر بن عبد الله بن أبي مريم ضعيف، لاختلاطه وسوء حفظه". (التقريب رقم: 7974) . 5 ورد في حديث آخر: " يوم بدر ". 6 أحمد: المسند 1/216، وإسناده ضعيف. لانقطاعه يبن سعيد وعمر. وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: 140. 7 ابن الخطاب.

"إذا أقبل، وقال: مرّة: جاء الليل من ههنا، ذهب النهار من ههنا، فقد أفطر الصائم"، - يعني: المشرق والمغرب"1. الحديث العاشر: عن ابن عمر عن عمر: أنه قال: "يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام، لعلّه قال: "فأوف بنذرك" 2. الحديث الحادي عشر: عن سويد بن غَفَلة3، قال: "رأيت عمر يُقبِّل الحجر ويقول: "ني لأعلم أنك حجر لا تضرّ ولا تنفع، ولكني رأيت أبا القاسم بك حَفِيّاً"4، 5. الحديث الثّاني عشر: عن عمرو بن ميمون، قال: "سمعت عمر بن الخطّاب رض ي الله عنه يقول: "كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جَمْع6 حتى يرّوا الشمسَ على ثبير، وكانوا يقولون: أشرِق ثَبير كيما نُغير، فأفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل طلوع الشمس على ثبير"7. الحديث الثّالث عشر: عن ابن المسيب أن عمر قال:

_ 1 أحمد: المسند 1/238، رقم: 192، وإسناده صحيح. البخاري: الصحيح، كتاب الصوم2/691، رقم: 1853، مسلم: الصّحيح، كتاب الصيام2/772، رقم: 1100. 2 أحمد: المسند 1/265، رقم: 255، وإسناده صحيح. البخاري: الصحيح، كتاب الاعتكاف2/718، رقم: 1937، مسلم: الصّحيح، كتاب الأيمان3/1277، رقم: 1656. 3 الجُعْفي، مخضرم، من كبار التابعين. قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله عليه وسلم وكان مسلماً في حياته، ثم نزل الكوفة، وتوفي سنة ثمانين، وله مئة وثلاثون سنة. (التقريب ص 260) . 4 حفيّاً: معتنياً. (لسان العرب 14/188) . 5 أحمد: المسند 1/273، وإسناده صحيح. مسلم: الصّحيح، كتاب الحج 2/926، رقم: 1271. 6 جمع: هو المزدلفة. (معجم البلدان 1/163) . 7 أحمد: المسند 1/283، وإسناده صحيح. البخاري: الصحيح، كتاب الحج 2/604، رقم: 1600.

"إن من آخر ما أُنْزِل آية الربا، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي ولم يفسرها، فدعو الرّبا والرِّيبة"1. الحديث الرّابع عشر: عن عمر قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الذّهب بالذّهب ربا إلاّ هاءَ وهاء23، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء4، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء5، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء" 6، 7 الحديث الخامس عشر: عن ابن عمر عن عمر قال: "حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه صاحبه، فأردت أن أبتاعه وظننت أنه بائعه رخص، فقلت: حتى أسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم8، فإن

_ 1 أحمد: المسند 1/262، وابن ماجه: السنن 2/764، وإسناده ضعيف، لانقطاعه سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر. وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 246، وقال: "إسناده ضعيف، لانقطاعه". وابن كثير: التفسير1/85، عن المسند. والسيوطي: الدر المنثور 1/365، ونبسه لابن جرير وابن المنذر. 2 في الأصل: (هات) ، وهو تحريف. 3 إلا هاء وهاء: فيه لغتان: المدّ والقصر، والمدّ أفصح وأشهر. وأصله: هاك. فأبدلت المدة من الكاف، ومعناه: أن يقول كلّ واحدٍ من البيّعين: هاءَ، فيعطيه ما في يده. كالحديث الآخر: "إلا يداً بيدٍ". يعني: مقابضة في المجلس. وقيل: معناه: هاكَ وهاتِ. أي: خذ وأعط. (النهاية 1/237، لسان العرب 15/482، فتح الباري 4/378) . 4 في الأصل: (هات) ، وهو تحريف. 5 في الأصل: (هات) ، وهو تحريف. 6 في الأصل: (هات) ، وهو تحريف. 7 أحمد: المسند 1/225، رقم: 162، وإسناده صحيح. البخاري: الصحيح، كتاب البيوع 2/750، رقم: 2027. مسلم: الصّحيح، كتاب المساقاة 3/1290، رقم: 1586. 8 في الأصل: (بدهم) ، وهو تحريف.

الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه" 1. / [97/أ] . الحديث السّادس عشر: عن معدان بن أبي طلحة قال: "قال عمر: "ما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة2، حتى طعن بإصبعه في صدري، وقال: "تكفيك آية الصّيف3 التي في آخر سورة النساء" 4. الحديث السّابع عشر: عن عمرو5 بن شعيب6 عن أبيه7 عن جدّه8 ع ن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يرث المال من يرث الوَلاءَ" 9. الحديث الثّامن عشر: عن عمرو بن شعيب قال: قال عمر: "لولا أني

_ 1 أحمد: المسند 1/75، رقم: 281، وإسناده صحيح. البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1093، رقم: 2841، مسلم: الصّحيح، كتاب الهبات3/1239، رقم: 1620. 2 الكلالة: الرجل الذي لا ولد له ولا والد. (لسان العرب11/592، تفسير ابن كثير2/36) . 3 آية (176) : {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} ، الآية. وسميت آية الصيف؛ لأنها نزلت في الصيف. (انظر: تفسير الطبري 8/44) . 4 أحمد: المسند 1/231، رقم: 179، وإسناده صحيح. مسلم: الصّحيح، كتاب الفرائض 3/1236، رقم: 1617. 5 في الأصل: (عمر) ، وهو تحريف. 6 ابن محمّد بن عبد الله، صدوق، توفي سنة عشرة ومئة. (التقريب ص 423) . 7 شعيب بن محمّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق ثبت سماعه من جدّه، من الثالثة. (التقريب ص 267) . 8 عبد الله بن عمرو بن العاص. 9 أحمد: المسند 1/220، وإسناده حسن. في إسناده ابن لهيقة، وهو سيء الحفظ، لكن تابعه محمّد بن عجلان. (ابن الجارود رقم: 788، البيهقي: السنن: 8/37) ، والهيثمي: مجمع الزوائد 4/231، وقال: "رواه ابن ماجه وغيره بغير هذا السياق، ورواه أحمد وإسناده حسن". وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 147، الألباني في إرواء الغليل 7/269.

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس للقاتل شيء"، لورّثتك، قال: ودعا أخا المقتول فأعطاه الإبل" 1. الحديث التّاسع عشر: عن مُحَرِّر بن أبي هريرة2 عن أبيه عن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن العزل عن الحرّة إلا بإذنها"3. الحديث العشرون: عن أنس بن سيرين4 قال: قلت لا بن عمر: "حدّثني عن طلاقك امرأتك؟ "، قال: "طلّقتها وهي حائض، فذكرت لعمر، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مُرْه فليراجعها فإذا طهرت فليطلّقها في طهرها" 5. الحديث الحادي والعشرون: عن ابن عمر أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عزوجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم"، قال عمر: "فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها، ولا تكلمت بها ذاكراً ولا آثراً6"7.

_ 1 أحمد: المسند 1/305، وإسناده ضعيف. لانقطاعه بين عمرو بن شعيب وعمر، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 347. 2 يروي عن أبيه، وروى عنه الشعبي وأهل الكوفة. (الثقات 460) . 3 أحمد: المسند 1/247، ابن ماجه: السنن 1/620، وإسناده ضعيف. فيه ابن لهيعة وهو ضعيف. وضعّفه البوصيري، وقال: "في إسناده لهيعة وهو ضعيف". (مصباح الزجاجة 2/99) ، والألباني (ضعيف سن ابن ماجه ص 148) . 4 الأنصاري، أخو محمّد، ثقة توفي سنة ثماني عشرة، وقيل: سنة عشرين ومئة. (التقريب ص 115) . 5 أحمد: المسند 1/286، وإسناده صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 304. 6 آثراً: أي: مخبراً عن غيري أنه حلف به. (لسان العرب 4/6) . 7 أحمد: المسند 1/204، رقم: 112، وإسناده صحيح. البخاري: الصحيح، كتاب الأيمان والنذور 6/2449، رقم: 6271، مسلم: الصّحيح، كتاب الأيمان 3/1266، رقم: 1646.

الحديث الثّاني والعشرون: عن عبد الله بن الزبير، قال: "سمعت عمر يقول في خطبته: "إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من يلبس الحرير في الدنيا فلا يُكسَاه في الآخرة" 1. الحديث الثّالث والعشرون: عن عقبة بن عامر2، قال: "حدّثني عمر أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مات يؤمن بالله واليوم الآخر، قيل له: ادخل من أيّ أبواب الجنة الثمانية شئت" 3. الحديث الرّابع والعشرون: عن عمار بن أبي عمار45: أن عمر قال: "إن6 رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في يد رجل خاتماً من ذهب فقال: "ألق ذا"، فألقاه7 فتختم8 بخاتم من حديد، فقال: "ذا شرّ منه"، فتختم بخاتم من

_ 1 أحمد: المسند 1/210، رقم: 123، وإسناده صحيح. البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2916، رقم: 5496، بنحوه، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1641 رقم: 2096. 2 الجهني، صحابي ولي إمرة مصر لمعاوية ثلاث سنين. وكان فقيهاً فاضلاً، توفي قرب الستين. (التقريب ص 395) . 3 أحمد: المسند 1/196، وإسناده حسن، فيه شَهْر بن حوشب وهو صدوق كثير الإرسال والأوهام. (التقريب رقم: 2830) ، وله شاهد من حديث عبادة بن الصامت بنحوه. (مسلم: الصّحيح 1/57) ، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 97. وقال: "شهر بن حوشب ثقة تكلم فيه بغير حجة". 4 مطموس في الأصل، سوى (مار) . 5 مولى بني هاشم، صدوق ربما أخطأ، توفي بعد العشرين ومئة. (التقريب ص 408) . 6 في الأصل: (قال) ، وهو تحريف. 7 في الأصل: (فاقاه) ، وهو تحريف. 8 مطموس في الأصل، سوى (تختم) .

فضه فسكت عنه"1. الحديث الخامس والعشرون: عن جابر: أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أخبره، أنه رأى رجلاً توضأ للصلاة فترك موضع ظُفْر على ظهر قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ارجع فأحسن وُضوءك"، فرجع فتوضأ ثم صلى"2. الحديث السّادس والعشرون: عن أبي عثمان النهدي عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافقٍ عليم ساحر" 3. الحديث السّابع والعشرون: عن عمرو بن ميمون عن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من خمس: "من البخل، والجبن، وفتنة الصدر4، وعذاب القبر، وسوء العمل" 5، 6. الحديث الثّامن والعشرون: عن عبد الله بن عمور قال: قال عمر ابن الخطّا ب رضي الله عنه: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يقاد لوالد من ولده" 7.

_ 1 أحمد: المسند 1/213، وإسناده ضعيف. لانقطاعه. عمار بن أبي عمار لم يدرك عمر. وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 132. 2 أحمد: المسند 1/214، وإسناده حسن فيه ابن لهيعة وهو صدوق. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 134، مسلم: الصّحيح، كتاب الطهارة 1/215، رقم: 243، عن معقل عن أبي الزبير عن جابر. 3 أحمد: المسند 1/217، رقم: 143، وإسناده صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 143. 4 فتنة الصدر: أن يموت الرجل في فتنة لم يتب منها. (مسند أحمد رقم: 388) . 5 في الأصل: (العمر) ، وهو تحريف. 6 أحمد: المسند 1/218، وإسناده صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 143. 7 أحمد: المسند 1/220، وإسناده صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 148. وقد مرّ قريباً.

الحديث التّاسع والعشرون: عن زيد بن أسلم عن أبيه ع ن عمر أنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرّةً مرّة"1. الحديث الثّلاثون: عن ابن عباس عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُطْروني2 كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد الله ورسوله" 3. الحديث الحادي والثّلاثون: عن النعمان بن بشير عن عمر قال: "لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَلْتَوِي ما يجد ما يملأ به بطنه من الدَّقل"4. 5 الحديث الثّاني والثّلاثون: عن يزيد بن أبي زياد6 عن أبيه7 عن عمر بن الخطّاب ر ضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الولد للفراش" 8.

_ 1 أحمد: المسند 1/220، وإسناده ضعيف، فيه ابن لهيعة. الترمذي: السنن 1/61، وقال: "وليس هذا بشيء، والصحيح ما روى ابن عجلان وهشام بن سعد وسفيان الثوري وعبد العزيز بن محمّد بن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم". البخاري: الصحيح، 1/70، رقم: 156، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس. 2 الإطراء: مجاوزة الحدّ في المدح والكذب فيه. (النهاية 3/33 لسان العرب 15/6) . 3 أحمد: المسند 3/226، رقم: 164، و154، وإسناده صحيح. البخاري: الصحيح، كتاب الأنبياء 1271، رقم: 3261. 4 الدّقل - بفتح الدال والقاف -: رديء التمر ويابسه. (النهاية 2/127) . 5 أحمد: المسند 1/ 224 رقم 159 وإسناده صحيح، مسلم: الصحيح، كتاب الزهد 4/ 2285 رقم 2978. 6 يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم، الكوفي، ضعيف، كبر فتغير وصار يتلقن، وكان شيعياً، توفي سنة ست وثلاثين مئة. (تهذيب التهذيب 11/287، التقريب ص 601) . 7 لم أجد له ترجمة. 8 أحمد: المسند 1/171، وإسناده ضعيف. والحديث رواه ابن ماجه: السنن 1/646، عن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن عمر. ورواه البيهقي: السنن الكبرى: 7/402، من طريق الشافعي عن ابن عيينة بإسناده، وفيه قصة ورجال هذا الإسناد ثقات. وقال أحمد شاكر: "وهذا إسناد صحيح. أبو يزيد المكي والد عبيد الله ذكره ابن حبان في الثقات. فيحتمل جداً أن يكون هذا الإسناد هو الأصل، ثم أخطأ الناسخون". ومن طريق آخر رواه البخاري: الصحيح، كتاب البيوع 2/724، رقم: ومسلم: الصّحيح، كتاب الرضاع 2/1080، رقم: 1457.

الحديث الثّالث والثّلاثون: عن ابن عمر عن عمر أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "أرأيت ما نعمل فيه، أقد فرغ منه، أو في مبتدأٍ أو أمر مبتدع؟ قال: "فيما فرغ منه"، فقال عمر: "ألا نتّكل؟ "، فقال: / [97 / ب] "اعمل يا ابن الخطاب، فكلّ ميسر، أما من كان من أهل السعادة فيعمل للسعادة، وأما أهل الشقاء فيعمل للشقاء" 1. الحديث الرّابع والثّلاثون: عن أبي تميم الجيشاني2 سمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ي قول: "إنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لو أنكم تتَوَكلُون على الله حقّ توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً" 3، 4. الحديث الخامس والثّلاثون: عن أبي عثمان5 عن عمر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في الحرير في إصبعين"6.

_ 1 أحمد: المسند 1/240، وإسناده ضعيف. لضعف عاصم بن عبيد الله. وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 196، والحديث معناه ثابت في حديث آخر رواه أحمد: المسند 1/234. 2 عبد الله بن مالك الجَيْشاني المصري، ثقة، مخضرم، توفي سنة سبع وسبعين. (التقريب ص 319) . 3 أي: تغدو بكرة وهي جياع وتروح عشاء وهي ممتلئة الأجواف. (النهاية 2/80) . 4 أحمد: المسند 1/243، رقم: 205، وإسناده صحيح. ابن ماجه: السنن 2/1394، الترمذي: السنن 4/573، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 205، والألباني: (صحيح سنن الترمذي 2/274، رقم: 1911، وصحيح ابن ماجه رقم: 4164) . 5 النهدي. 6 أحمد: المسند 1/261، رقم: 242، وإسناده صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 242، وقد سبق تخريجه ص 545.

الحديث السّادس والثّلاثون: عن ابن عباس قال: قال عمر: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان منكم ملتمساً ليلة القدر فليلتمسها في العشر الأواخر وتراً" 1. الحديث السّابع والثّلاثون: عن أبي عثمان النهدي، عن عمر أنه قال: "اتّزروا واتدُوا وانتَعِلوا، وألقوا الخفافَ والسراويلاتِ وألقوا الرّكبَ، وانزووا نزواً، وعليكم بالمعدّيّة، وارموا الأغراض، وذروا التّنعّم وزيّ العجم، وإياكم والحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد2 نهى عنه، و [قال] 3: "لا تلبسوا من الحرير إلا ما كان هكذا، وأشار رسول الله بإصبعه" 4. الحديث الثّامن والثّلاثون: عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطّاب رضي الله عن هـ قال: "إياكم أن تهلِكوا عن آية الرجم، وأن يقول قائل: لا نجد حدّين في كتاب الله، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ورجمنا بعده"5.

_ 1 أحمد: المسند 1/284، وإسناده صحيح، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 298. 2 في الأصل: (عن) ، وهو تحريف. 3 سقط من الأصل. 4 سبق تخريجه ص 558. 5 أحمد: المسند 1/285، رقم: 302، وإسناده ضعيف، سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر. والحديث ثابت من طريق آخر، عن ابن عباس عن عمر بأطول، أحمد: المسند 1/223، رقم: 156، والبخاري: الصحيح، كتاب المحاربين 6/2503، رقم: 6442، ومسلم: الصّحيح، كتاب الحدود 3/1317، رقم: 1691.

الحديث التّاسع والثّلاثون: عن عثمان بن عبد الله بن سراقة1، عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أظلّ رأس غازٍ أظله الله يوم القيامة، ومن جهّز غازياً حتى يستقلّ بجهازه كان له مثل أجره، ومن بنى مسجداً يذكر فيه اسم الله بنى الله له بيتاً في الجنة" 2. الحديث الأربعون: عن سالم عن أبيه عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال في سوق: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير، كتب الله له بها ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة، وبنى له بيتاً في الجنة" 3. هذا الحديث ليس من الصحيحين، ولا من المسند4. / [98 /أ] .

_ 1 العدوي، المدني، سبط عمر، ثقة ولي مكّة، توفي سنة ثماني عشرة ومئة. (التقريب ص384) . 2 أحمد: المسند1/316 رقم: 376، ابن ماجه: السنن1/921، ابن حبان: الصحيح 7/70، الحاكم: المستدرك 2/89، وصحّحه، ووافقه الذهبي. والحديث ضعيف. لانقطاعه، عثمان بن عبد الله لم يدرك عمر، وروايته عنه مرسلة. (انظر: جامع التحصيل في أحكام المراسيل ص 287، تهذيب التهذيب 7/119) . قال البوصيري في مصباح الزجاجة: "إسناده صحيح، إن كان عثمان بن عبد الله سمع من عمر". فقد قال في التهذيب: "إن روايته عنه مرسلة". وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 376. والألباني في ضعيف ابن ماجه ص 222، رقم: 603، وضعيف الجامع رقم: 5547. 3 أحمد: المسند 1/297، وإسناده ضعيف جداً. فيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير ضعيف. (التقريب رقم: 5025) . وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 327. وقال: "إسناده ضعيف جداً". 4 هذا وهم من المؤلّف، الحديث في مسند الإمام أحمد.

الباب الرابع والستون: كلامه في الزهد والرقائق

الباب الرابع والستون: كلامه في الزهد والرقائق ... الباب الرابع والستون: في ذكر كلامه في الزهد والرقائق ذكر ابن الجوزي عن ثابت بن الحجاج1 قال: قال عمر رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، أهون عليكم في الحساب غداً، أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنْكُم خَافِيَةٌ} [الحاقة: 18] 2. وعن جابر بن عبد الله، قال: "رأى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه في يدي لحماً معلقاً، قال: "ما هذا؟ "، قلت: اشتهيت لحماً فاشتريته، فقال عمر: "كلما اشتهيت اشتريت! أما تخاف هذه الآية: {أَذْهَبْتُم طَيِّبَاتِكُم فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 1] 3. وعن الحسن4 قال: "دخل عمر رضي الله عنه على ابنه عبد الله وإذا عندهم لحم، فقال: "ما هذا اللحم؟ "، قال: "اشتهيته"، قال: "وكلما

_ 1 الكلابي، الرّقي، ثقة، من الثالثة. (التقريب ص 812) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 178، أحمد: الزهد ص 120. وأبو نعيم: الحلية 1/52، ومداره على ثابت فيكون إسناده ضعيفاً لانقطاعه، ثابت بن الحجاج لم يدرك عمر. وابن أبي شيبة: المصنف 13/270، وإسناده منقطع وفيه رجل مبهم، وابن المبارك: الزهد ص 103، عن مالك بن مغول وهو ضعيف لانقطاعه. ومالك: الموطّأ2/111 (رواية أبي مصعب) ، وإسناده منقطع بين يحيى بن سعيد وعمر. والترمذي: السنن 4/638. وقال: "ويروى عن عمر بدون إسناد". 3 أحمد: الزهد ص 123، 124، وإسناده ضعيف. لإبهام أحد رواته. والطبري في تهذيب الآثار (مسند عمر) 2/718، رقم: 1038. وإسناده ضعيف، فيه عبد الله ابن عمر بن حفص العدي وهوضعيف. وابن الجوزي: مناقب ص178، بدون إسناد. 4 البصري.

اشتهيت شيئاً أكلته! كفى بالمرء سرفاً أن يأكل كلما اشتهى"1. وعن الحسن2 قال: "مرّ عمر رضي الله عنه على مَزْبَلة3 فاحتبس عندها، فكأن أصحابه تأذوا بها، فقال: "هذه دنياكم التي تحرصون عليها"4. وعن الأحنف بن قيس قال: قال عمر: "يا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قلّ حياؤه، ومن قلّ حياؤه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه"5. وعن عبيد الشيباني6 قال: قال عمر لابنه: "يا بني اتّق الله، وأقرض الله يجزك، واشكره يزدك، واعلم أنه لا مال لمن لا رفق له، ولا جديد لمن لا خلق له، ولا عمل لمن لا نية له"7.

_ 1 أحمد: الزهد ص 123، وإسناده صحيح إلى الحسن، لكنه منقطع بين الحسن وعمر. وابن المبارك: الزهد ص 266، بنحوه عن الحسن. وفيه مبارك بن فضالة هو مدلس وقد عنعن. ابن الجوزي: مناقب ص 178، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/620، 621. 2 البصري. 3 الزِّبل: السَّرجين، والمُزْبَلَةُ: ملقاة. (النهاية 2/294، لسان العرب 11/300) . 4 أحمد: الزهد ص 118، وإسناده صحيح إلى الحسن، لكنه ضعيف؛ لانقطاعه؛ الحسن لم يسمع من عمر. وأبو نعيم: الحلية ص 48، عن أحمد بن حنبل، ابن الجوزي: مناقب ص178، الهندي: كنْز العمال3/716، وعزاه لأحمدفي الزهد، والحلية. 5 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 221، 443، ابن حبان: روضة العقلاء ص 80، الطبراني: المعجم الأوسط 3/136، ومداره على دريد بن مجاشع ولم أعرفه. وابن الجوزي: مناقب ص 178، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/364. 6 عبيد بن فيروزالشيباني مولاهم، أبو الضحاك الكوفي، ثقة. من الثالثة. (التقريب رقم4388) . 7 ابن الجوزي: مناقب ص 178، وهو ضعيف لانقطاعه. عبيد الشيباني لم يدرك عمر. وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 135، بنحوه عن عوانه وهو ضعيف لانقطاعه. والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/155، وابن أبي الدنيا: إصلاح المال مختصراً ص 333، وفيه عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف.

وعن زيد1 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سرّه كانت الخيرة في يده، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم شرّاً وأنت تجد لها في الخير محملاً2، وما كافأت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، وعليك بإخوان الصدق، فكثر في اكتسابهم3، فإنهم زين في الرخاء، وعدة عند عظيم البلاء، ولا تهاون في الحلف فيهنك الله"4. وعن مجاهد قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: ثلاث يصفين لك ود أخيك؛ أن تسلم عليه إذا لقيته، وأن توسع له في المجلس، وأن تدعوه بأحبّ أسمائه إليه، وثلاث من الغَيّ أن تجد على الناس فيما تأتي، وأن ترى من أخيك، أو من الناس ما يخفى عليك من نفسك، وأن تؤذي جليسك فيما لا يعنيك"5. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن عمر رضي الله عنه قال:

_ 1 لم يتميز عندي. 2 في الأصل: (محلاً) ، وهو تحريف. 3 في الأصل: (فكسر في اكسابهم) ، وهو تحريف. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 179، بدون إسناد. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 179، بدون إسناد، وهو ضعيف لانقطاعه، مجاهد لم يدرك عمر بن الخطاب. وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 147، عن شهاب بن خراش عن عمه، وهو ضعيف لانقطاعه.

"استعيذوا بالله من معاداة العاقل"1. وعن محمّد بن شهاب قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "لا تعترض بما لا يعنيك، واعتزل عدوّك، وتحفظ من خليلك إلا الأمين فإن / [98 / ب] الأمين في القوم لا يعادله شيء، ولا تصحب الفاجر فيعلمك فجوره، ولا تفش إليه سرّك، واستشر في أمرك الذين يخشون الله عزوجل"2. وعن وديعة الأنصاري3 قال: "سمعت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول وهو يعظ رجلاً وهو يقول: لا تكلّم فيما لا يعنيك واعتزل عدوّك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله عزوجل ولا تمش مع الفاجر فيعلمك فجوره، ولا تُطلِعه على سرّك، ولا تشاور في أمرك إلا الذين يخشون الله عزوجل"4. وعن سليمان بن عبدة5 قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:

_ 1 لم أجده. 2 ابن أبي شيبة: المصنف 13/265، 8/572، وأبو نعيم: الحلية 1/55، من طريق ابن أبي شيبة، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 137، 138، وإسناده ضعيف لانقطاعه، ابن شهاب لم يدرك عمر رضي الله عنه. ابن المبارك: الزهد ص 491، عن عبد الرحمن بن يزيد أخبرني بعض أشياخنا وإسناده ضعيف. 3 لعلّه وديعة بن عمرو الجهني حليف الأنصار، شهد بدراً. (الإصابة 6/315) . 4 ابن أبي شيبة: المصنف 13/275، وفيه وديعة لم أعرفه، ابن أبي الدنيا: الصمت ص 267، وإسناده ضعيف، وفيه وديعة لم أعرفه. ابن الجوزي: مناقب ص 179، وصفوة الصفوة 1/287، بدون إسناد. وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 137، عن مالك بن أنس حدّثني من أرضى، وإسناده ضعيف. وابن حبان: روضة العقلاء ص 89، 90، عن سعيد بن المسيب بأطول، وهو حسن بمجموع طرقه. وانظر: الأثر الذي قبله. 5 لم أجده. ولعلّه عبدة بن سليمان الكلابي، ثقة ثبت. توفي سنة سبع وثمانين ومئة. (التقريب ص 369) .

"لا تظن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرّاً، وأنت تجد لها في الخير محملاً"1. وعن أبي حاتم2 قال: "قال أبو عبيدة3: "كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: "كفى بك عيباً أن يبدو لك من أخيك ما يغبى4 عليك من نفسك، وأن تؤذي جليسك بما تأتي مثله"5. وعن ابن [أبي] 6 نجيح7 عن أبيه8 قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إني أحبّ أن يكون الرجل في أهله كالصبي فإذا احتيج إليه كان رجلاً"9. وعن ابن سلام10 قال: "بينما عمر رضي الله عنه ذات يوم يمشي وبين يديه رجل يخطر11 ويقول: "أنا ابن بطحاء مكّة كُدَيّها

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 179. 2 العلامة سهل بن محمّد بن عثمان السجستاني ثم البصري، النحوي اللغوي صاحب التصانيف المفيدة، إعراب القرآن، الفصاحة، القراءات، وغيرها، توفي سنة خمس وخمسين ومئتين. (سير أعلام النبلاء 12/268، معجم الأدباء 11/263) . 3 معمر بن المثنى. 4 غَبِيَ الشيء: لم يَفطُن له. (لسان العرب 15/114) . 5 لم أجده من هذا الطريق. وهو ضعيف لانقطاعه بين أبي عبيدة وعمر، وقد سبق تخريجه عن مجاهد ص 672. 6 سقط من الأصل. 7 عبد الله بن أبي نجيح المكي. 8 يسار المكي، مشهور بكنيته، ثقة، توفي سنة تسع ومئة. (التقريب ص 607) . 9 ابن الجوزي: مناقب ص 180، وهو ضعيف لانقطاعه. 10 محمّد بن سلام الجُمحي مولاهم، كان علامة إخبارياً صدوقاً، صنف كتاب: (طبقات الشعراء) ، توفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين. (معجم الأدباء 18/204، سير أعلام النبلاء 10/650) . 11 الخاطِر: المُتبختر؛ يقال: خطر يخطر إذا تبختر. (لسان العرب 4/250) .

وكدّائها1، فوقف عليه عمر رضي الله عنه فقال: "إن يكن لك دين فلك كرم، وإن يكن لك عقل فلك مروءة، وإن يكن لك مال فلك شرف، وإلا فأنت والحمار سواء"2. وعن عبد الله بن عبيد3 قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "يا معشر المهاجرين لا تكثروا الدخول على أهل الدنيا فإنه مسخطة للرزق4، 5. وعن مجاهد قال: قال عمر رضي الله عنه: "أيها الناس إياكم والبطنة6 من الطعام فإنه مُكسلة عن الصلاة، مُفسدة للجسد مورثة للسقم، فإن الله عزوجل يبغض الحبر السمين، ولكن عليكم بالقصد في قوتكم فإنه أدنى من الصلاح، وأبعد من السَرَف، وأقوى على عبادة الله عزوجل ولن يُهلَكَ

_ 1 كَدَاء-بالفتح والمد-: جبل بأعلى مكّة عند المحصب، بين جبل الحُجُون وقُعيقان، تصل بين وادي ذي طوى والأبطح، وتعرف الآن باسم الحجون أو الحجول. وكُدَى-بالضم والتنوين-: ثنية بمكّة يخرج منها الطريق من الحرم إلى جرول. تفصل بين نهاية قعيقان في الجنوب الغربي وجبل الكعبة، وتعرف الآن بريع الرسام. (انظر: معجم البلدان 4/439، معجم معالم الحجاز 7/196، 202) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 180، وهو ضعيف لانقطاعه، وابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 167، والإشراف في منازل الأشراف ص 111، عن فضله، وإسناده ضعيف فيه بكر الغفاري، وفضلة، ولم أجد لهما ترجمة. 3 ابن عمير الليثي. 4 في الأصل: (الرزق) . 5 ابن المبارك: الزهد ص 263، وإسناده ضعيف لانقطاعه، وفيه عبيد الله الوصَافي ضعيف. (التقريب رقم: 4350) ، وابن الجوزي: مناقب ص 180، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/715، وعزاه لابن المبارك. 6 البطنة: الامتلاء الشديد من الطعام. (النهاية 1/136) .

عبدٌ حتى يُؤثِر شهوته على دينه"1، 2. وعن مالك بن الحارث3، قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه "التؤدة4 في كلّ شيء خير إلا ما كان من أمر الآخرة"5. وعن هشام عن أبيه6، قال: عمر رضي الله عنه: "تعلموا أن الطمع فقر وأن اليأس غنى وأن المرء إذا يئس من شيء استغنى عنه"7. وعن عون بن عبد الله8 قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه "جالسوا التوابين فإنهم أرق شيء أفئدة"9.

_ 1 في الأصل: (الشرف) ، وهو تصحيف. 2 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص311، وإسناده ضعيف لانقطاعه، وفيه معلى الجعفي اتفق النقاد على تكذيبه. (التقريب رقم: 6807) ، وابن الجوزي: مناقب ص180. 3 السُّلمي الرقيّ، ويقال: الكوفي، ثقة، من الرابعة، توفي سنة أربع وتسعين. (التقريب ص 6430) . 4 مطموس في الأصل، سوى (التؤد) . 5 وكيع: الزهد 2/523، أحمد: الزهد ص 119، عن وكيع به وإسناده ضعيف لانقطاعه، وفيه الأعمش مدلس، وقد عنعن. وابن الجوزي: مناقب ص 180، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/694. 6 عروة بن الزبير. 7 ابن المبارك: الزهد ص 223، وإسناده صحيح إلى عروة. وكيع: الزهد 2/426، أحمد: الزهد ص 117، عن أبي معاوية ووكيع به، وإسناده صحيح إلى عروة. والمروذي في زيادات زهد ابن المبارك ص 354، وأبو نعيم: الحلية 1/50، وابن الجوزي: مناقب ص 181. 8 الهذلي، الكوفي ثقة عابد، من الرابعة، توفي قبل سنة عشرين ومئة (التقريب ص 434) . 9 ابن المبارك: الزهد ص 223، وإسناده صحيح إلى عون، لكنه منقطع بين عون وعمر. (جامع التحصيل ص 305) ، وكيع: الزهد 2/544، أحمد: الزهد ص 120، عن وكيع به، وابن أبي شيبة: المصنف 13/272، ابن حبان: روضة العقلاء ص 31، وأبو نعيم: الحلية، ابن الجوزي: مناقب ص 181.

وعن سمير بن واصل1 قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إذا كان الرجل مقصراً في العمل ابتلى بالهم ليكفر عنه"2. وعن عبيد بن عمير3 عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "لا ينبغي لمن أخذ بالتقوى، ووزن بالورع أن يذل لصاحب الدنيا"4. وعن عمران بن عبد الرحمن5 / [99 / أ] قال: قال عمر بن الخطّابرضي الله عنه: "عليكم بذكر الله فإنه شفاء، وإياكم وذكر الناس فإنه داء"6. وعن سعيد بن المسيب قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "ما من امرئ مسلم يأتي فضاء من الأرض، فيصلي فيه الضحى ركعتين ثم يقول: "اللهم لك الحمد، أصبحت، عبدك على عهدك ووعدك خلقتني ولم أك شيئاً أستغفرك لذنبي، فإنه قد أرهقتني ذنوبي، وأحاطت بيَ إلا أن تغفر لها، فاغفرها يا أرحم الراحمين، إلا غفر الله له في ذلك المقعد ذنبه،

_ 1 لم أجد له ترجمة. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 181، بدون إسناد. 3 الليثي. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 181، بدون إسناد. 5 ابن شرحبيل بن حسنة، روى عن أبي خراش، روى عنه عياش بن عباس القتباني المصري. (الجرح والتعديل 6/301) . 6 هناد: الزهد /537، وابن أبي الدنيا: الصمت ص 324، والغيبة 7 / ق أ، والأثر مداره على محرز الشامي وهو مدلس وقد عنعن وأيضاً منقطع بين عمران بن عبد الرحمن، وعمر. وابن الجوزي: مناقب ص 181، والقرطبي: التفسير 16/336، وجعفر شمس الخلافة: كتابالآداب ص 32، وأحمد: الزهد ص 122، من طريق آخر، وقد أرسله الأعمش إلى عمر.

وإن كان مثل زبد البحر"1. وعن حفص بن عاصم2 قال: "قال عمر رضي الله عنه: "خذوا بحظكم من العزلة"3. وعن محمّد بن سيرين قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "لا يحزنك أن يجعل لك كثير حظ من أمر دنياك، إذا كنت ذا رغبة في أمر آخرتك"4. وعن أبي عبد الله الخراساني، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "من اتقى الله لم يشف غيظه، ومن خاف الله لم يفعل ما يريد، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون"5. وعن علي بن حسين6، قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "ماجرع عبد جرعة7 أحبّ إلى الله من جرعة غيظ"8.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 181، بدون إسناد. والمتقي الهندي: كنْز العمال 8/399، وعزاه لابن راهويه وابن أبي الدنيا في الدعاء. وقال: "قال البوصيري في زوائده: "في سنده: أبو قرة الأسدي، قال فهي ابن خزيمة: "لا أعرفه بعدالة ولا جرح". وباقي رجال الإسناد رجال الصحيح". 2 ابن عمر بن الخطاب العمري، ثقة. من الثالثة. (التقريب ص 172) . 3 وكيع: الزهد 2/517، إسناده صحيح إلى حفص، وحفص لم يدرك عمر. وابن سعد: الطبقات 4/161، نعيم بن حماد في زيادته على الزهد لابن المبارك ص 3. ابن أبي عاصم: الزهد والصمت ص 85، عن نعيم بن حماد به. الخطابي: العزلة ص 12، عن نعيم بن حماد به. ابن حبان: روضة العقلاء ص 81، عن نعيم بن حماد به. ابن الجوزي: مناقب ص 181، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/772) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 181، وهو منقطع، ابن سيرين لم يدرك عمر. 5 سبق تخريجه ص 628. 6 ابن عليّ بن أبي طالب. 7 في الأصل: (ما جزع عبد جزعة) ، وهو تصخيف. 8 ابن الجوزي: مناقب ص 182، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/784، وعزاه لأحمد في الزهد.

وعن الأجلح1، قال: قال عمر رضي الله عنه: "إني لأعلم أجود الناس وأحلم الناس، أجود الناس من أعطى من حرمه2، وأحلم الناس من عفى عمن ظلمه"3. وعن إسماعيل بن أبي خالد قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "كونوا أوعية للكتاب، وينابيع للعلم، وسلوا الله رزق يوم بيوم، وعدوا أنفسكم في الموتى، ولا يضركم أن لا يكثر لكم"4. وعن نافع5 قال: "سمعت ابن عمر يحدّث قال: "بلغ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أن يزيد بن أبي سفيان6 يأكل أنواع الطعام، فقال لغلام له يقال له: يرفأ: "إذا حضر طعامه فأعلمني"، فلما حضر طعامه جاء فأعلمه فأتى عمر رضي الله عنه فسلم واستأذن فأذن له فدخل فجاءه بلحم، فأكل عمر رضي الله عنه معه منه، ثم قرب شواء فبسط كفّه، فكفّ عمر يده، ثم قال له: "يا يزيد ابن أبي سفيان، طعامٌ بعد طعام؟، والذي نفس عمر بيده، لئن خالفتم عن سنتهم ليخالفن بكم عن طريقهم"7.

_ 1 أجْلَح بن عبد الله الكندي، يقال اسمه: يحيى، صدوق شيعي، من السابعة، توفي سنة خمس وأربعين ومئة. (التقريب ص 96) . 2 في الأصل: (وجهه) ، وهو تحريف. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 182، وهو ضعيف لانقطاعه، الأجلح لم يدرك عمر. 4 أحمد: الزهد ص 120، وأبو نعيم: الحلية 1/51، وابن الجوزي: مناقب ص 182، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/159، وهو ضعيف لانقطاعه. 5 مولى ابن عمر. 6 الأموي، صحابي أسلم عام الفتح، وتوفي سنة تسع عشرة. (الإصابة 6/341) . 7 ابن المبارك: الزهد ص 203، 204، ومن طريقه ابن شبه: تاريخ المدينة 3/831، وإسناده ضعيف فيه إسماعيل بن عياش ضعيف في غير أهل الشام. (التقريب ص 473) . قال ابن حجر: "قال ابن صاعد: "تفرد به ابن المبارك". قلت: وإسماعيل ضعيف في غير أهل الشام. (الإصابة 6/341) ، وابن الجوزي: مناقب ص 182، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/621.

وعن عبد الرحمن بن غنم قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "ويلٌ لديان من في الأرض من ديان السماء يوم يلقونه إلا من أمر بالعدل، وقضى الحق، ولم يقض على هوى ولا قرابة، ولا رغب، ولا رهب، وجعل كتاب الله بين عينيه"1. وعن هشام بن عروة، قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إذا رأيتم الرجل يضيع الصلاة فهو لغيرها من حق الله أشد تضييعاً"2. وعن عبد الله بن سليمان3، أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "أي الناس أفضل؟ قالوا: المصلون، قال: إن المصلي يكون براً وفاجراً، قالوا: الصائمون، قال: إن الصائم يكون براً وفاجراً، قالوا: المجاهدون في سبيل الله، قال: إن المجاهد يكون4 براً وفاجراً، قال عمر رضي الله عنه: لكن الورع في دين الله يستكمل طاعة الله عزوجل"5. وعن مجاهد، قال: "كُتب إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر رضي الله عنه: "إن الذين يشتهون المعصية

_ 1 أحمد: الزهد ص 125، وإسناده صحيح، وابن الجوزي: مناقب ص 182. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 183، ومالك: الموطّأ 1/6 (رواية أبي مصعب) عن نافع وإسناده صحيح. 3 لم أستطع تمييزه. 4 في الأصل: (المجاهدون) ، وهو تحريف. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 183.

ولا يعملون بها {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ الله قُلُوبَهُم لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظيم} [الحجرات: 3] 1. وعن عطاء بن عجلان2 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "أوشك أن يقبض هذا العلم قبضاً سريعاً، فمن كان عنده منه شيء فلينشره، غير الغالي3 فيه ولا الجافي4 عنه"5. وعن عدي بن سهيل الأنصاري6 / [99 / ب] قال: "قام عمرفي الناس خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله ويفني ما سواه7، والذي بطاعته ينفع أولياءه، وبمعصيته يضرّ أعداءه، فإنه ليس لهالك هلك عذر في بعض8 ضلالة حسبها هدى، ولا ترك حقّ حسب ضلالة، قد ثبتت الحجة وانقطع العذر، فلا حجة لأحد على الله عزوجل ألا إن أحق ما تعاهد الراعي رعيته أن يتعاهدهم، بالذي لله عليهم، من وظائف دينهم الذي هداهم به، وإنما علينا أن نأمركم بالذي أمركم الله من طاعته، وأنهاكم عما

_ 1 أحمد: الزهد كما في تفسير ابن كثير7/348، وإسناده صحيح إلى مجاهد. وابن الجوزي: مناقب ص183، والمتقي الهندي: كنْز العمال2/507، ونسبه لأحمد في الزهد. 2 الحنفي البصري العطار، متروك، بل أطلق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب، من الخامسة. (التقريب ص 391) . 3 الغُلُوّ: التشدد، ومجاوزة الحد. (النهاية 3/3829) . 4 الجفاء: ترك الصلة والبر. (لسان العرب 14/148) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 183، وهو ضعيف لانقطاعه، وفيه أيضاً عطاء بن عجلان وهو متروك. 6 لم أجد له ترجمة. 7 مطموس في الأصل، سوى (ما سو) . والعبارة هكذا في الأصل، ومناقب عمر، ولعلّ فيه سقط: (الذي يبقى، ويفني ما سواه) . 8 في الأصل: (بعد) .

نهاكم الله عنه من معصيته، وأن نقيم أمر الله في قريب الناس وبعيدهم، لا نبالي من قال الحق، ليتعلم الجاهل ويتعظ المفرط، وليقتدي المقتدي، وقد علمت أن أقواماً منهم من يقول: بما أمر به، وفعله متول1 عن ذلك وأن أقواماً يتمون2 في أنفسهم ويقولون: نحن نصلي مع المصلين، ونجاهد مع المجاهدين، ننتحل الهجرة، ونقاتل العدوّ، وكل ذلك يفعله أقوام لا يحتملونه بحقه، فإن الإيمان ليس بالتمني ولكنه بالحقائق، فمن قام على الفرائض وسدد نيته وخشيته فذلك الناجي، ومن زاد اجتهاداً وجد عند الله مزيداً، وإن الجهاد سنام العمل، وإنما المهاجرون الذين يهجرون السيّئات ومن يأتي بها، ويقول أقوام جاهدنا3 وإنما الجهاد في سبيل الله اجتناب المحارم مع مجاهدة العدوّ، وإن الأمر جدّ فجدوا، وقد يقاتل أقوام لا يريدون إلا الأجر، وآخرون لا يريدون إلا الذّكر، وإن الله رضي منكم باليسير، وأثابكم على اليسير الكثير، الوظائف الوظائف أدناها يؤدّكم4 إلى الجنة، السنة السنةَ الزموها تنجكم من البدعة، تعلموا ولا تعجزوا فإنه من عجز تكلم، وإن شرار الأمور محدثاتها، وإن الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في الضلالة، فافهموا ما توعظون به، فإن الحَرِيبَ5 من حُرِبَ دينه6، وإن السعيد من وعظ بغيره، وإن الشقي من شقي في بطن أمه، وعليكم بالسمع والطاعة فإن الله قضى لها

_ 1 في الأصل: (متويل) ، وهو تحريف. 2 في الأصل: (ينتمون) ، وهو تصحيف. 3 في الأصل: (هاجرنا) ، وهو تحريف. 4 في مناقب عمر: (أدوها تؤد بكم) . 5 في الأصل: (الخريب من خرب) ، وهو تصحيف. 6 حرب دينه: أي: سُلِبَ دينه. (لسان العرب 1/304) .

بالعز، وإياكم والمعصية والتفرق فإن الله قضى لهما بالذل، وإن للناس نفرة عن سلطانهم، فعائذ بالله أن يدركني"1. وعن الأعمش عن إبراهيم2 قال: "سمع عمر رضي الله عنه رجلاً يقول: اللهم إني أستنفق نفسي ومالي في سبيل الله، فقال عمر: "أولا يسكت أحدكم فإن ابتلي3 صبر، وإن عوفي شكر"4. وعن عبد الله بن عبيد5، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "لا تدخلوا على [أهل] 6 الدنيا فإنه مسخطة 7للرزق"8. وعن محمّد بن مرّة البسري9، قال: قال: قال عمر رضي الله عنه: "الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن"10. وعن حبيب بن أبي ثابت قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "تعاهدوا الرجال في الصلاة، فإن كانوا مرضى فعودوهم، وإن كانوا غير

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 183، 184. 2 النخعي. 3 في الأصل: (ابلى) ، وهو تحريف. 4 أبو نعيم: الحلية 1/51، وابن الجوزي: مناقب ص 185، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/351، الأثر ضعيف لانقطاعه، إبراهيم لم يدرك عمر. 5 الليثي. 6 مطموس في الأصل. 7 في الأ صل " مسخط ". 8 سبق تخريجه ص 675. 9 لم أجد له ترجمة. ولعلّه القرشي الكوفي، صدوق، من السابعة. (التقريب ص 506) . 10 ابن الجوزي: مناقب ص 185، وفيه محمّد بن مرة لم أجد له ترجمة. ابن المبارك: الزهد ص 210، عن بقية بن الوليد، وهو ضعيف لانقطاعه، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/715، ونسبه لابن المبارك.

ذلك فعاتبوهم"1. وعن أبي فراس قال: قال عمر رضي الله عنه: "أيها الناس إنما كنا نعرفكم إذ بين أظهرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذ ينْزل الوحي وينبئنا الله من أخباركم، فقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي، وإنما نعرفكم بها2 فأقول لكم: من أظهر منكم خيراً ظننا به خيراً، وأحببناه عليه، ومن أظهر منكم شرّاً ظننا به شرّاً / [100 / أ] وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربّكم، ألا وإنه قد أتى عليّ حينٌ، وأنا أرى أنه من قرأ القرآن إنما يريد الله وما عنده وقد خيل إليّ بآخرةٍ أن رجالاً يقرؤونه، يريدون ما عند الناس، فأريدوا الله بقراءتكم وأعمالكم"3. وعن عبد الله بن عُكيم4، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إنه لا حلَم أحبّ إلى الله من حلم إمام ورفقه، ولا جهل أبغض إلى الله من جهل إمام وخُرقِه5، ومن يعمل بالعفو بين ظهرانيه، فإن العافية من فوقه، ومن ينصف الناس من نفسه يُعطى الظفر في أمره، والذّلّ في الطاعة أقرب إلى البرّ من التعزّز6 في المعصية"7.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 185، هو ضعيف لانقطاعه، حبيب بن أبي ثابت لم يدرك عمر. 2 في مسند أحمد: (بما تقول) ، وفي مناقب عمر: (بها فأقول) ، وفي هامش الأصل: (لعلّه: أظهرتم) . 3 سبق تخريجه ص 554. 4 في الأصل: (حكيم) ، وهو تحريف. وهو الجهني. 5 الخرق - بالضم - الجهل والحمق، وقد خَرِقَ يَخْرق خَرَقاً فهو أخرق والاسم الخُرق بالضم. (النهاية 2/26) . 6 في الأصل: (التعزّر) ، وهو تصحيف. 7 هناد: الزهد 2/602، وإسناده ضعيف، فيه عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف. (التقريب رقم 3799) ، وابن الجوزي: مناقب ص 186، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/770، ونسبه لهناد.

وعن سلمة بن شهاب العبدي1، قال: قال عمر رضي الله عنه: "أيتها الرعية إن لنا عليكم حقّ النصيحة في الغيب، والمعاونة على الخير، وإنه ليس شيء أحبّ إلى الله وأعم نفعاً من حلم إمام ورفقه وليس شيء أبغض إلى الله من جهل إمام وخرقه"2. وعن سفيان3 رضي الله عنه، قال: "كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى: "إن الحكمة ليست عن كبر السن، ولكنه عطاء الله يعطيه من يشاء، وإياك ودناءة الأمور"4. وعن هشام5 عن أبيه قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه في خطبته: "الطمع فقر، وإن المرء إذا أيس من شيء استغنى عنه"6. وفي رواية: "عليكم باليأس مما في أيدي الناس، فما يأس عبد من شيء إلا استغنى عنه، وإياكم والطمع فإن الطمع فقر"7.

_ 1 يروي المراسيل، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد. (الثقات 6/397) . 2 هناد: الزهد 2/602، وفيه سلمة بن شهاب لم يوثّقه غير ابن حبان. باقي رجاله ثقات. وابن الجوزي: مناقب ص 186، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/769، 770، وقد سبق تخريجه من طرق أخرى ص 608، 614. 3 الثوري. 4 ابن أبي الدنيا: الإشراف ص 112، وهو ضعيف لانقطاعه، وابن الجوزي: مناقب ص 186، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/265، ونسبه لابن أبي الدنيا في كتاب الإشراف، والدينوري. 5 في الأصل: (عروة) ، وهو تحريف. 6 سبق تخريجه ص 638. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 186، بدون إسناد.

وعن العلاء بن المسيب1 قال: قال عمر رضي الله عنه: "تعلّموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة، والحلم، وتواضعوا لمن تعلموا منه، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم عملكم2 بجهلكم"3. وعن مجاهد قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "يا أهل العلم والقرآن، لا تأخذوا للعلم4 والقرآن ثمناً، فتسبقكم الزّناة إلى الجنة"5. وعن قيس بن أبي حازم، قال: "قدمنا على عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقال: "من مؤذنيكم؟ "6، فقلنا: عبيدنا وموالينا"، فقال بيده يقبلها: "عبيدنا وموالينا، إن ذلك بكم لنقص شديد، لو أطقت الآذان مع الخلافة لأذنت"7. وعن عثمان النهدي، قال: قال عمر رضي الله عنه: "إن خفق8 النعال خلق الأحمق، قلما تبقى من دينه"9.

_ 1 الكاهلي، الكوفي، ثقة ربما وهم، من السادسة. (التقريب ص 436) . 2 في الأصل: (عليكم) ، وهو تحريف. 3 أحمد: الزهد ص120، عن العلاء بن عبد الكريم عن بعض أصحابه. وإسناده ضعيف لانقطاعه، ولجهالة أحد رجال السند. وابن الجوزي: مناقب ص 186، بدون إسناد. 4 في الأصل: (العلم) ، وهو تحريف. 5 الخطيب البغدادي: الجامع 1/356، وإسناده ضعيف لانقطاعه، مجاهد لم يدرك عمر، ابن الجوزي: مناقب ص 186، والمتقي الهندي: كنْز العمال 2/336، ونسبه للخطيب في الجامع. 6 في السنن، ومناقب عمر، والكنْز: (مؤذنكم) . 7 عبد الرزاق: المصنف 1/486، وإسناده صحيح. وابن أبي شيبة: المصنف 1/224، ابن سعد: الطبقات 3/290، بأخصر، البيهقي: السنن 1/426، ابن الجوزي: مناقب ص 186، 187، والمتقي الهندي: كنْز العمال 8/339. 8 الخفق: صوت النعال وما أشبهها من الأصوات. (لسان العرب 10/83) . 9 ابن الجوزي: مناقب ص 187، عن الحسن البصري.

وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: "كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يأمرنا أن نعلق نعائلنا1 في شمائلنا، ونمشي حفاة، وقال: كان يعلق نعليه ويمشي من القرية إلى القرية حافياً"2. وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: "سئل عمر رضي الله عنه عن التوبة النصوح، فقال: التوبة / [100 / ب] النصوح؛ أن يتوب الرجل من العمل السيء، ثم لا يعود إليه أبداً"3. وعن يزيد بن الأصم، قال: "سمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه رجلاً يقول: "أستغفر الله وأتوب إليه"، فقال: "ويحك، أتبعها أختها، فاغفر لي وارحمني"4. وذكر أبو القاسم الأصفهاني: أن عمر قال في خطبته: "أيها الناس حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتزينوا للعرض الأكبر يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية"5. قال ومن كلامه وهو يخطب: "أيها الناس إن بعض الطمع فقر، وبعض اليأس غنى، وإنكم تجمعون ما لا تأكلون، وتأملون6 ما لا تدركون، إنكم كنتم تؤخذون بالوحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أسرّ أخذ بسريرته،

_ 1 في مناقب عمر: (نعالنا) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 187. 3 ابن أبي شيبة: المصنف 3/279، وإسناده صحيح، وابن الجوزي: مناقب ص 187. 4 هناد: الزهد 2/464، وأحمد: الزهد ص: 122، وإسنادهما حسن إلى يزيد بن الأصم، وهو منقطع يبن زيد وبين عمر. وابن الجوزي: مناقب ص 187. 5 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 187، 188، وقد سبق تخريجه ص 764. 6 مطموس في الأصل، سوى (وتأما) .

ومن أعلن أخذ بعلانيته، فأرونا أحسن أعمالكم، الله أعلم بما يغيب عنا منكم، أرونا علانية حسنة، فإنه من يحدّثنا منكم أن سريرته حسنة لم نصدقه إن كانت علانيته سيّئة، واعلموا أن بعض الشحّ شعبة من النفاق فأنفقوا1 خيراً لأنفسكم {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] 2. وقال عمر رضي الله عنه: "إذا رأيت من الرجل خصلة تسوءك فاعلم أن لها أخوات، وإذا رأيت من الرجل خصلة تسرّك3 فاعلم أن لها أخوات، واعلم أن الرجل ليس بالرجل4 الذي إذا وقع في الأمر تخلص منه، ولكن الرجل الذي يتوقى الأمر حتى لا يقع فيه، واعلم أن اليأس غنى، وأن الطمع فقر حاضر، وأن المرء إذا يئس من شيء استغنى عنه"5. / [101 / أ] .

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (فأنففـ) . 2 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 188. 3 في الأصل: (ترك) ، وهو تحريف. 4 مطموس في الأصل، سوى (الرجـ) . 5 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 188.

الباب الخامس والستون: ماتمثل به من الشعر

الباب الخامس والستون: ماتمثل به من الشعر ... الباب الخامس والستون: في ذكر ما تمثل به من الشّعر ذكر ابن الجوزي عن سفيان الثوري، قال: "بلغني أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه كان يتمثل: لا يغُرّنك عيشُ1 ساكن ... قد يوافي بالمنيات السَّحَر2 وعن معاذ بن عبد الله بن خُبيب3 عن أبيه4 قال: قلما خطبنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إلا قال: إنّ شرخ5 الشباب والشّعر الأسود ... ما لم يُعَاصَ كان جنوناً6 وعن مسروق قال: "خرج إلينا7 عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ذات يوم وعليه حلة قطن8، فنظر إليه الناس نظراً شديداً فقال: لا شيءَ فيما ترى إلا بشاشته ... يبقى الإله ويُودَى9 المال والولد

_ 1 في الأصل: (عيشاً) ، وفي مناقب عمر: (عشاءٌ) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 187، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/818، ونسبه لابن أبي الدنيا في قصر الأمل. 3 الجهني، صدوق، ربما وهم، من الرابعة. (التقريب ص 536) . 4 الجهني، حليف الأنصار، مدني، له صحبة. (التقريب ص 301) . 5 الشّرخ: أول الشباب. (القاموس ص 324) . 6 ابن أبي شيبة: المصنف3/793، وإسناده حسن. وابن الجوزي: مناقب ص187، 188. 7 في الزهد، ومناقب عمر، والكنز: (علينا) . 8 في الأصل: " وعليه فطر " وهو تحريف. 9 يودي: أودى الرجل: هلك، فهو مُودٍ. (مختار الصحاح ص 566) .

والله ما الدنيا في الآخرة ... إلا كنفجة1 أرنبٍ2. وعن سعيد بن المسيب، قال: حج عمر رضي الله عنه فلما كان بضجنان قال: لا إله إلا الله العظيم المعطي ما شاء لمن شاء، كنت أرعى أبل الخطاب بهذا الوادي، في مدرعة صوف، وكان فظاً، ويتعبني إذا عملت، ويضربني إذا قصرت، وقد أمسيت ليس بيني وبين الله أحد ثم تمثل: لا شيء فيما ترى تَبْقى بَشَاشَته ... يَبْقَى الإله ويفنى المال والولد لم تُغن عن هُرْمُزٍ يوماً خزَائنه ... والخُلْدَ قد حاولت عادٌ3 فما خلدُو ولا سُليمانُ إذ تجري الرِّياحُ له ... والأُنس والجِنُّ فيما بينها تردُ أين الملوكُ التي كانت نَوَافِلُها ... من كلّ أوْبٍ إليها راكبٌ يفدُ حوضاً4 هناك5 مورداً بلا كِذبٍ ... لا بدَّ من وِرِدِهِ يوماً كما وَردوا6 وعن عمر المديني7 قال: قال عمر رضي الله عنه: والله ما وجدت لأبي بكر

_ 1 كنفجة الأرنب: أي: كوثبة من مَجْثَمِهِ، يريد تقليل مدتها، وقد ورد في الحديث: "فانتفجت منه الأرانب"، أي: وثبت. (النهاية 5/88) . 2 هناد: الزهد 1/318، وفي سنده مجالد بن سعيد - ليس بالقوي -. وقد تغير في آخر عمره. (التقريب رقم: 6487) . وابن الجوزي: مناقب ص 188، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/629، ونسبه لهناد وابن أبي الدنيا في قصر الأمر. 3 في الأصل: (عاداً) ، وهو تحريف. 4 في الأصل: (حوضنا) ، وهو تحريف. 5 في تاريخ الطبري: (هنالك) . 6 البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 155، والطبري: التاريخ 4/219، وفي إسنادهما ابن جُعْدُبة الليثي كذبه مالك وغيره. (التقريب رقم: 7761) . وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 115، عن ابن جعدبة. 7 لم أجد له ترجمة.

مثلاً، إلا ما قاله أبو نميلة السلمي1: من يسع كي يدركَ أفعاله ... يجتهدُ السَد بأرض فضاء والله لا يدرك أفعاله ... ذو مئزر ضاف ولا ذو رداء2 وعن أبي عبيدة قال: بلغني عن ثابت البناني رضي الله عنه عن أنس أن عمر رضي الله عنه كان يتمثل: لا تأخُذُوا عقلاً من القوم إنني ... أرى الجرحَ يَبْقَى والمعاقل تذهبُ3 وعن الأصمعي4، قال: "ما قطع عمر رضي الله عنه أمراً إلا تمثل ببيت من الشعر"5. وعن الشعبي قال: "كان عمر رضي الله عنه شاعراً"6. قال شارح العمدة: "وروي أنه قال حين احتضر ورأسه في حجر ابنه عبد الله: ظلومٌ لنفسي غير أني مسلم ... أصلي الصلاة كلّها وأصوم7.

_ 1 لم أجد له ترجمة. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 188. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 188. 4 عبد الملك بن قُرَيب الباهلي الأصمعي، صدوق سني، توفي سنة ست عشرة ومئتين. (التقريب ص 364) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 188. 6 البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبوبكروعمر) ص159، وابن الجوزي: مناقب ص188. 7 ابن الملقن: الإعلام فوائدعمدةالأحكام ق10/ب، وابن عبد البر: الاستيعاب3/1157.

الباب السادس والستون: فنون أخباره

الباب السادس والستون: فنون أخباره ... الباب السادس والستون: في فنون أخباره عن محمّد بن سيرين، قال: "كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قد اعتراه نسيان في الصلاة، فجعل رجل خلفه يلقنه، فإذا أومأ إليه أن يسجد أو يقوم فعل"1. وعن يحيى بن جعدة2 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:3 "لولا أن أسير في سبيل الله، أو أضع جنبي لله في التراب أو أجالس قوماً يلتقطون طيب القول كما يلتقط طيب الثمر، لأحببت أن أكون قد لحقت بالله"4. وعن ابن سعد قال: قال / [101 / ب] عمر رضي الله عنه: "والله ما أدري خليفة أنا أم ملك، فإن كنت ملكاً فهذا أمر عظيم، فقال قائل: "يا أمير المؤمنين، إن بينهما فرقاً"، قال: "ما هو؟ "، قال: "الخليفة لا يأخذ إلا حقاً، ولا يضعه إلا بحق، وأنت بحمد الله كذلك. والملك يَعْسِفُ الناسَ، فيأخذ من هذا، ويُعطي هذا". فسكت عمر"5. وعن الزّهري قال: "كان جلساء عمر أهل القران كهولاً كانوا

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/286، وهو ضعيف لانقطاعه، محمّد بن سيرين لم يدرك عمر. وابن الجوزي: مناقب ص 189. 2 المخزومي ثقة، وقد أرسل عن ابن مسعود ونحوه، من الثالثة. (التقريب ص 588) . 3 قوله: " قال " مكررة في الأصل. 4 وكيع: الزهد 1/315، 316، ورجاله ثقات، ولكنه منقطع، يحيى بن جعدة لم يدرك عمر. وابن سعد: الطبقات 3/290، وابن أبي شيبة: المصنف 13/272، عبد الله ابن أحمد في زيادات على الزهد ص 117، والمروذي في زيادات زهد ابن المبارك ص 417، وأبو نعيم: الحلية 1/51. 5 ابن سعد: الطبقات 3/306، وفيه الواقدي.

أوشُبَّاناً"1. عن محمّد بن المنكدر2 قال: "مرّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بحفارين يحفرون3 قبر زينب بنت جحش - رضي الله عنها - في يوم صائفٍ، فضرب عليهم فسطاطاً، فكان أوّل فسطاطٍ4 ضُرب على قبر"5. وعن عبد الله بن بريد، قال: "ربما أخذ عمر رضي الله عنه بيد الصبي فيجيء به فيقول: "ادع لي فإنك لم تذنب بعد"6. وعن محمّد7 قال: "كان عمر رضي الله عنه يشاور حتى المرأة"8. وعن يحيى بن سعيد، قال: "أمر عمر رضي الله عنه حسين بن عليّ - رضي الله عنهما - أن يأتيه في بعض الحاجة، قال حسين: فلقيت عبد الله بن عمر فقلت: من أين جئت؟، قال: استأذنت على عمر فلم يأذن لي، فرجع حسين، فلقيه عمر فقال: ما منعك يا حسين أن تأتيني؟، قال: قد أتيتك ولكن أخبرني عبد الله

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1702، رقم: 4366. 2 التيمي، المدني، ثقة فاضل، من الثالة، توفي سنة ثلاثين أو بعدها. (التقريب ص 508) . 3 في الأصل: (يحفروا) ، وهو تحريف. 4 الفُسطاط: بيت من شعر. (لسان العرب 7/371) . 5 ابن سعد: الطبقات 8/113، وابن أبي شيبة: المصنف 3/336، وابن أبي الدنيا: الأشراف ص 197، وهو ضعيف لانقطاعه، محمّد بن المنكدر لم يدرك عمر. وفيه أبو معشر المدني وهو ضعيف. (التقريب رقم: 710) ، وابن الجوزي: مناقب ص 189. 6 ابن الجوزي: مناقب ص189، وهو ضعيف لانقطاعه، عبد الله بن بريدلم يدرك عمر. 7 محمّد بن سيرين. 8 ابن الجوزي: مناقب ص 190، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/789، ونسبه للبيهقي في شعب الإيمان. وإسناده ضعيف لانقطاعه، محمّد بن سيرين لم يدرك عمر ابن الخطاب.

بن عمر أنه لم يؤذن له عليك، فرجعت، فقال عمر رضي الله عنه: وأنت عندي مثله1، وهل أنبت الشعر على الرأس غيركم"2. وعن إبراهيم بن سعد3 قال: "سمعت أبي يحدّث عن أبيه، قال: "رأيت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أحرق بيت خمار يقال له رشيد4، قال: وكان تقدم إليه، فكأني أنظر إلى بيته فحمة حمراء"5. وعن أبي مجلز6 قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "ما أبالي على ما أصبحت، على ما أحبّ، أو على ما أكره، لأني لا أدري الخيرة لي فيما أحبّ أو ما أكره"7. وعن أبي عمران الجوني، قال: "مرّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بدير راهب، فناداه: يا راهب، قال: فأشرف عليه، فجعل عمر رضي الله عنه ينظر إليه ويبكي، فقيل له: "يا أمير المؤمنين ما يبكيك، من هذا؟ "،

_ 1 قوله: "وأنت عندي مثله"، تكرر في الأصل. 2 الخطيب: تاريخ بغداد 1/141، عن يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين قال: حدّثني الحسين بن عليّ، وابن الجوزي: مناقب ص 190، وابن منظور: مختصر تاريخ دمشق 7/126، والذهبي: سير أعلام النبلاء 3/285، وقال: "إسناده صحيح". وابن حجر: الإصابة 2/15، وصحّح إسناده وعزاه للخطيب. 3 ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. 4 الثقفي، صهر بني عدي بن نوفل بن عبد مناة. (الإصابة 2/214) . 5 ابن زنجويه: الأموال: 1/272، وإسناده صحيح، وابن الجوزي: مناقب ص 190، وابن حجر: الإصابة 2/214، وأبو عبيد: الأموال ص 114، عن نافع عن ابن عمر وإسناده صحيح. 6 في الأصل: (مجالد) ، وهو تحريف. 7 ابن المبارك: الزهد ص 143، وإسناده صحيح إلى أبي مجلز، لكنه منقطع بين أبي مجلز وعمر. وابن الجوزي: مناقب ص 190، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/712.

قال: "ذكرتُ قول الله عزوجل: {عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَى نَاراً حَامِيَةٌ} [الغاشية: 3-4] فذلك الذي أبكاني"1. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - "أن عمر لم يكن يُكَبِّر حتى تستوي الصفوف، ويوكل رجلاً بذلك"2. وعن أبي عثمان النهدي، قال: "رأيت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة يستدبر القبلة، ثم يقول: " [تقدم] 3 يا فلان، تأخر يا فلان، سووا صفوفكم، فإذا استوى الصفّ أقبل على القبلة وكبّر"4. وعن ابن عمر قال: "تعلم عمر بن الخطّاب رضي الله عنه سورة البقرة في ثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزوراً"5. وعن أنس قال: "كان يُطرح لعمر بن الخطّاب رضي الله عنه الصاع من التمر فيأكله حتى حشفه"67.

_ 1 الحاكم: المستدرك 2/521، 522، وابن الجوزي: مناقب ص 190، وابن كثير: التفسير 8/406، 407، والمتقي الهندي: كنْز العمال 2/550، وهو ضعيف لانقطاعه، الجوني لم يدرك عمر. قال الذهبي: "الجوني لم يدرك عمر لكنها حكاية في موضعها". (المستدرك 3/522) . 2 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/163، وعبد الرزاق: المصنف 2/47، 48، وإسناده صحيح. 3 سقط من الأصل. 4 عبد الرزاق: المصنف 2/53، بنحوه، وإسناده صحيح. وابن الجوزي: مناقب ص 191، والمتقي الهندي: كنْز العمال 8/296، وعزاه لعبد الرزاق. 5 ابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 99، وفي إسناده أبو بلال الأشعري لم أجد له ترجمة. وابن الجوزي: مناقب ص 191. 6 الحشف: أَرْدَأُ التَّمر. (القاموس ص 1034) . 7 مالك: الموطّأ (رواية يحيى بن يحيى) ص 516، وابن سعد: الطبقات 3/318، وابن أبي شيبة: المصنف 13/279، وإسنادهما صحيح. وابن الجوزي: مناقب ص 191.

وعن سويد بن غفلة قال: "كان عمر رضي الله عنه يغلس بالفجر، وينور، ويصلي بين ذلك، ويقرأ سورة هود وسورة يوسف ومن قاصر المثاني من المفصل"1. وعن سالم عن أبيه: أن رجلاً قال لرجل: "والله ما أنا بزانٍ ولا ابن زانٍ"، فرفع ذلك إلى عمر - رضي الله عنه - فضربه الحدتاماً"2. وقال مَعْمَر3: "عامة علم ابن عباس من ثلاثة؛ من عمر، وعليّ، وأبي بن كعب"4. وعن يوسف بن يعقوب الماجشون5، قال: "قال لي ابن شهاب ولأخ لي، ولابن عم لي، ونحن صبيان أحداث: "لا تحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم، فإن عمر رضي الله عنه كان إذا نزل به الأمر دعا الصبيان فاستشارهم، يبتغي حدة عقولهم"6. وعن الحسن7 قال: "كان رجل لا يزال يأخذ من لحية / [102 / أ] عمر بن الخطّاب رضي الله عنه الشيء، قال: فأخذ يوماً من لحيته فقبض عمر رضي الله عنه على يده، فإذا ليس في يده شيء، فقال:

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 191 بدون إسناد. 2 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 2/27، وإسناده صحيح، ومن طريقه البيهقي: السنن: 8/252، ابن الجوزي: مناقب ص 191. 3 ابن راشد. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 191، الذهبي: سير أعلام النبلاء 1/398. 5 المدني، ثقة، توفي سنة خمس وثمانين ومئة. وقيل: قبل ذلك. (التقريب ص 612) . 6 ابن عبد البر: جامع بيان العلم ص 139، وابن الجوزي: مناقب ص 191، والذهبي: سير أعلام النبلاء 8/372. 7 البصري.

"إن الملق1 من الكذب من أخذ من لحية الرجل2 شيئاً فليره إياه"3. وعن الحسن4 أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه كان يذكر الأخ من أخوانه فيقول: "يا طولها من ليلة"، فإذا صلى الغداة غدا إليه، فإذا لقيه التزمه واعتنقه"5. وعن عبد الله بن خليفة6 عن عمر رضي الله عنه أنه انقطع شسع7 نعله فاسترجع، وقال: كلما ساءك مصيبة8. وعن أبي بكرة9 قال: "وقف أعرابي على عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقال: يا عمر يا عمر الخير جزيت الجنة ... أكس بُنَيَّاتي وأمهنّه

_ 1 قوله: "إن الملق" تكرر في الأصل. 2 في مناقب عمر: (أخيه المؤمن) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 191، 192، وهو ضعيف لانقطاعه بين الحسن وعمر. 4 البصري. 5 أحمد: الزهد ص 123، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين الحسن وعمر، وفيه عمارة المعولي لم يوثّقه غير ابن حبان. (الثقات 7/262) وابن الجوزي: مناقب ص 192. 6 الهمداني، مقبول، من الثانية. (التقريب ص 301) . 7 الشِّسْعُ - بالكسر -: قُبال النّعْل. (القاموس ص 947) . 8 ابن أبي شيبة: المصنف 9/109، هناد: الزهد 1/245، عبد الله بن أحمد في زوائده على الزهد ص 216، والأثر مداره على أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة، وعبد الله بن خليفة لم يوثّقه غير ابن حبان، والسبيعي مدلس وقد عنعن. (جامع التحصيل ص 300، تهذيب التهذيب 5/174) . لكن الأثر يتقوى بما أخرج ابن أبي شيبة: المصنف 9/109، عن عبيد الله بن موسى، أخبرنا شيبان، عن منصور عن مجاهد عن سعيد بن المسيب، بنحوه، وهذا سند صحيح. وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 193، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/750. 9 نفيع بن الحارث الثقفي.

أقسمت بالله لتفعلنه. قال: "فإن لم أفعل يكن ماذا؟ "، قال: "إذاً أبا حفص لأذهبنه"، قال: "وإذا ذهبت يكون ماذا؟ "، قال: يكون عن حالي1 لتسألنّه ... يوم يكون الأعطيات هنه قال: فبكى عمر رضي الله عنه حتى اخضل لحيته، وقال لغلامه: "يا غلام، أعطه قميصي هذا، لذلك2 اليوم لا لشعره، ثم قال: والله ما أملك غيره"3. وعن الأوزاعي قال: "بلغني أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه سمع صوت بكاء في بيت، فدخل ومعه غيره، فمال عليهم ضرباً حتى بلغ النائحة فضربها حتى سقط خمارها، وقال: "اضرب فإنها نائحة لا حرمة لها إنها لاتبكي لشجوكم، إنما تهرق دمعها على أخذ دراهمكم، إنها تؤذي أمواتكم في قبورهم وأحياءكم في دورهم، إنها تنهى عن الصبر الذي أمر الله به، [و] 4 تأمر بالجزع الذي نهى الله عنه"5. وذكر أبو القاسم الأصفهاني: قال عمر رضي الله عنه: "والله لقد لان قلبي في الله حتى لهو ألين من الزبد، واشتد في الله حتى لهو أشد

_ 1 في الأصل: (حالتي) ، وهو تحريف. 2 في الأصل: (كذلك) ، وهو تحريف. 3 وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 131، وفي إسناده المسيب بن شريك، وعبد الوهاب بن عبيد الله، لم أجد لهما ترجمة. وابن الجوزي: مناقب ص 192، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/587، وعزاه لابن عساكر. 4 سقط من الأصل. 5 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/799، وابن الجوزي: مناقب ص 192، 193، وهو ضعيف لانقطاعه بين الأوزاعي وعمر.

من الحجر"1. قال: "وروي أنه كان في وجه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه خطان أسودان من البكاء"2. وفي الصحيح عن أبي عُبَيْدٍ3 مولى ابن أزهر4، أنه شهد يوم الأضحى مع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فصلى قبل الخطبة، ثم خطب الناس فقال: "أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم عن صوم أو صيام هذين العيدين؛ أما أحدهما فَيَوْمُ فِطرِكم من صَيَامِكُم، وأما الآخر: فيومُ تأكلون فيه من نسككم"5. وفيه عن ابن عمر قال: "خطب عمر رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمس أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعَسَل، والخمر ما خامر العقل. وثلاث ودِدتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهداً: الجَدّ، والكلالة، وأبوابٌ من أبواب الربا"6. وفي الصحيح عن أنس بن مالك "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فقام عبد الله بن حذافة7 فقال: "من أبي؟ "، فقال: "أبوك حذافة ". ثم أكثر أن يقول: "سَلُوني، فبرك عمر على ركبتيه، فقال: "رضينا

_

بالله ربّاً وبالإسلام ديناً، وبمحمّد نبيّاً"، فسكت" 1. وعن أبي موسى قال: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرَهَهَا، فلما أُكثِر عليه غضب، ثم قال للناس: / [102 ب] "سلوني عم شئتم"، قال: رجل: "من أبي؟ "، قال: "أبوك حذافة"، فقام آخر، فقال: "من أبي؟ "، قال: "أبوك سالم مولى شيبة" 2، فلما رأى عمر ما في وجهه، قال: "يا رسول الله إنا نتوب إلى الله عزوجل"3. وعن ابن عباس قال: "لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، قال: "ائْتُوني بكتابٍ" 4، وفي رواية: "بكتف أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً" 5. قال عمر: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا"، فاختلفوا، وكثر اللغط6، قال: "قوموا عَنِّي فلا ينبغي عندي تنازع"، فخرج ابن عباس يقول: "إن الرَّزِيَّة7 كل الرَّزِيَّة ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه"8.

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب العلم 1/47، رقم: 93، مسلم: الصّحيح، كتاب الفضائل 4/1834، رقم: 2359. 2 سعد بن سالم مولى شيبة بن ربيعة، صحابي. (فتح الباري 1/187) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب العلم 1/47، رقم: 92، مسلم: الصّحيح، كتاب الفضائل 4/1834، رقم: 2360. 4 البخاري: الصحيح، كتاب العلم1/54، رقم: 114. 5 البخاري: الصحيح، كتاب الجزية 3/1155، رقم: 2997. 6 اللغط: صوت وضَجَّة لا يُفهم معناه. (النهاية 4/257) . 7 الرزية: المصيبة. (القاموس ص 52) . 8 البخاري: الصحيح، كتاب العلم 1/54، رقم: 114، مسلم: الصّحيح، كتاب الوصية 3/1257، رقم: 1637.

وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه1 قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: "إني أجنبت فلم أصب الماء" فقال عمار بن يسار لعمر بن الخطاب: "أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت2 فصليت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: "إنما كان يكفيك هكذا"، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفّيه الأرضَ، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وَجْهَه وكفّيه"3. ورأى عمرُ أنسَ بن مالك يصلي عند قبرٍ، فقال: "القبرَ القبرَ"، ولم يأمره بالإعادة4. وعن عبد الله بن عمر: أن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنيّاً باللّبن وسَقْفُهُ الجرِيدُ، وعُمُدُهُ خشبُ النَّخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمرُ وبناهُ على بنيانِهِ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللّبِنِ والجرِيدِ، وأعاد عُمُدَهُ خَشَباً5. وعن عبّاد بن تميم6 عن عمه7 أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقياً

_ 1 عبد الرحمن بن أبْزى الخزاعي مولاهم، صحابي صغير، وكان في عهد عمر رجلاً، وكان على خراسان لعليّ. (التقريب ص 336) . 2 تمعك: تمرّغ في ترابه، والمعك: الدّلك. (النهاية 4/343) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب التميم 1/129، رقم: 331، ومسلم: الصّحيح، كتاب الحيض 1/280، رقم: 368. 4 البخاري: الصحيح، كتاب المساجد 1/165، تعليقاً. والأثر وصله وعبد الرزاق: المصنف 1/404، وإسناده صحيح، والبيهقي: السنن: 2/435، وانظر: تغليق التعليق 2/228. 5 البخاري: الصحيح، كتاب المساجد 1/171، رقم: 435. 6 الأنصاري المازني، ثقة، من الثالثة، وقد قيل إن له رؤية. (التقريب ص 289) . 7 عبد الله بن زيد بن عاصم المازني.

في المسجد، واضعاً إحدى رجليه على الأخرى1. وعن سعيد بن المسيب قال: "كان عمر وعثمان يفعلان ذلك"2. وفي الصحيح في حديث سجود السهو، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يُكَلّماه، يعني النبي صلى الله عليه وسلم 3. وعن عروة أن عائشة قال: "أَعْتَمَ4 رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بالعِشاءِ، وذلك قبل أن يَفْشُو5 الإسلامُ، فلم يخرج حتى قال عمر: "نام النِّساءُ والصبيانُ"6. وعن ابن عباس قال: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم المُخَنَّثِين من الرجال، والمُتَرَجِّلات من النِّساء"، وقال: "أَخْرِجوهم من بيوتكم". قال: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً، وأخرج عمر فلاناً"7. / [103 / أ] .

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب المساجد 1/180، رقم: 463، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1662، رقم: 2100. 2 البخاري: الصحيح، كتاب المساجد 1/180، رقم: 463. 3 البخاري: الصحيح، كتاب السهو 1/412، رقم: 117. 4 العتمة: ثلثُ الليل الأوّل بعد غيبوبة الشفق. (القاموس ص 1465) . 5 فَشَا: انتشر. (القاموس ص 1703) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب مواقيت الصلاة 1/207، رقم: 541. 7 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2207، رقم: 5547.

الباب السابع والستون: كلامه في الفنون

الباب السابع والستون: كلامه في الفنون ... الباب السابع والستون: في ذكر كلامه في الفنون وقال ابن مسعود: "لو وضع علم أحياء العرب في كفة ميزان، ووضع علم عمر في كفة، لرجح علم عمر، ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم، ولمجلس كنت أجلسه مع عمر أوثق في نفسي من عمل سنة"1. عن يحيى بن عبد الملك2 أن عمر رضي الله عنه قال: "لا مال لمن لا رفق له، ولا جديد لمن لا خلاق له"3. وعن محمّد بن سيرين عن أبيه4 قال: "شهدت مع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه المغرب، فأتى علي ومعي رُزيمة5 لي، فقال: "ما هذا معك؟ "، فقلت: رزيمة لي أقوم في هذا السوق، فأشتري وأبيع، فقال: "يا معشر قريش لا يغلبنكم هذا وأصحابه (. . . .) 6 على التجارة، فإن التجارة ثلث الإمارة"7.

_ 1 عبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/295، مختصراً وإسناده صحيح، الطبري: العجم الكبير 9/179، وفي إسناده الأعمش مدلس عنعن، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/69، وقال: "رواه الطبراني بأسانيد ورجال هذا رجال الصحيح غير أسد بن موسى وهو ثقة". 2 الخزاعي، الكوفي، صدوق له أفراد، توفي سنة بضع وثمانين ومئة. (التقريب ص 593) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص193، وهو ضعيف لانقطاعه، والخبر سبق تخريجه ص 634. 4 سيرين أبو عمرة، مولى أنس، يروي عن عمر، روى عنه ابناه: محمّد وأنس ابنا سيرين. (الثقات 4/349) . 5 الرّزمة - بالكسر - ما شّدَّ في ثوب واحد. (القاموس ص 1438) . 6 كلمة لم أتبين قراءتها وهذا رسمها: (ساهه) . 7 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص248، وإسناده ضعيف، فيه محمّد بن رزق الله لم أجد له ترجمة. وسيرين لم يوثّقه غيرابن حبان. وابن الجوزي: مناقب ص193بدون إسناد.

وعن جَوَّاب [التيمي] 1، 2 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "يا معشر القراء3 ارفعوا رؤوسكم، فقد وضح الطريق، واستبقوا الخيرات، ولا تكونوا عيالاً على المسلمين"4. وعن الحسن5 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "من اتجر في شيء ثلاث مرات فلم يصب فيه شيئاً فيلتحول إلى غيره"6. وعن شيخ من قريش قال: قال عمر رضي الله عنه: "لو كنت تاجراً ما اخترت على العطر شيئاً، إن فاتني ربحه لم يفتني ريحه"7. وعن سعيد بن المسيب قال: قال عمر رضي الله عنه: "نعم الرجل فلان لولا بيعته"8، فقيل: لسعيد بن المسيب: "وما كان يبيع؟ "، قال: "الطعام"، قال: "وببيع الطعام باس؟ "، قال: "قلما باعه رجل إلا وجد للناس"9"10".

_ 1 مطموس من الأصل. 2 جوَّاب بن عبيد الله التيمي الكوفي، صدوق رُمي بالإرجاء من السادسة. (التقريب ص 143) . 3 في الأصل: (الفقراء) ، والمثبت من الهامش. 4 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 248، وابن الجوزي: مناقب ص 193، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/158، وهو ضعيف لانقطاعه، جوّاب التيمي لم يدرك عمر. 5 البصري. 6 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 254، وإسناده حسن إلى الحسن، وابن قتيبة: عيون الأخبار 1/250، وإسناده ضعيف، فيه عون بن عمارة ضعيف. (التقريب رقم: 5224) . وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 193. 7 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 262، وابن الجوزي: مناقب ص 193، وهو ضعيف لجهالة الشيخ من قريش. 8 في إصلاح المال: (بيعة) . 9 في الأصل: (وكذا للناس) ، وفي المناقب: (إلا ورد للناس الغلاء) ، ووجد يجد موجدة، أي: غضب. والمعنى: أنه لبُخسة أو غشة، يغضب الناس عليه. (النهاية 5/155) . 10 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 264، 265، وإسناده صحيح إلى سعيد بن المسيب، وابن الجوزي: مناقب ص 193، 194.

وعن [أبي] 1 الأكدر الفارض2 قال: قال عمر: "تعلموا المهنة فإنه يوشك أن يحتاج أحدكم إلى مهنته"3. وعن بكر بن عبد الله4 قال: قال عمر رضي الله عنه: "مكسبة فيها بعضالدناءة، خير من مسألة الناس"5. وعن ذكوان6 قال: قال عمر رضي الله عنه: "إذا اشترى أحدكم جملاً فليشتره عظيماً سميناً طويلاً، فإن أخطاه خيره، لم يخطه سوقه"7. وعن الأحنف بن قيس، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "تفقّهوا قبل أن تسُوَّدوا"8، 9.

_ 1 سقط من الأصل. 2 ذكر ابن أبي حاتم فيمن روى عنه مسافر بن حنظلة. (الجرح 8/112) . 3 ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 294، وابن الجوزي: مناقب ص 194، وإسناده ضعيف، لانقطاعه، ولجهالة أبي الأكدر. 4 المزني، ثقة ثبت جليل، من الثالثة، توفي سنة ست ومئة. (التقريب ص 127) . 5 ابن حبان: الثقات 8/204، ابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 298، وإسناده ضعيف، لانقطاعه بين بكر المزني وعمر، وفيه عمر بن حفص لم يوثّقه غير ابن حبان. وابن الجوزي: مناقب ص 194. 6 لم يتميز لي، وفيه ذكوان: أبو صالح السمان. وذكوان مولى عائشة، وكلاهما لم يدرك عمر. (التقريب رقم: 1841، 1482) . 7 ابن الجوزي: مناقب ص 194، عن ذكوان مرسلاً، وابن قتيبة: عيون الأخبار1/250، وفي إسناده عون بن عمارة وهو ضعيف. وابن أبي الدنيا: إصلاح المال ص 273، عن محمّد بن إسحاق وهو ضعيف لانقطاعه، محمّد بن إسحاق لم يدرك عمر. 8 تُسَوّدوا: أي: تعلموا العلم ما دمتم صغاراً، قبل أن تصيروا سادة منظوراً إليكم فتستحيوا أن تتعلموا بعد الكبر فتبقوا جهالاً. (النهاية 2/18) . 9 ابن أبي شيبة: المصنف 8/728، 729، وإسناده صحيح. البخاري: الصحيح، كتاب العلم 1/39 تعليقاً، الدارمي: السنن 1/79، وإسناده صحيح، وابن عبد البرّ: جامع بيان العلم ص 141، وابن الجوزي: مناقب ص 194، والمتقي الهندي: كنْز العمال 10/251. قال الحافظ: "أخرجه ابن أبي شيبة وإسناده صحيح". (فتح الباري 1/166) .

وعن ابن جُحادة1 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "أعقل الناس أعذرهم لهم"2. وعن كَهْمَس بن الحسن3: "أن رجلاً تنفس عند عمر كأنه يتحازن4، فلكزه أو قال: "فلكمه"5. وعن زيد بن وهب قال: رأى عمر رضي الله عنه قوماً يتبعون أناساً، قال: فرفع الدّرّة، فقالوا: "يا أمير المؤمنين، اتق الله، قال: "أما علمتم أنها فتنة للمتبوع مذلة للتابع"6. وعن مجاهد قال: "كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ينهى أن يُعرض الحادي بذكر النساء وهو محرم"7. وعن سالم عن أبيه غيلان بن سلمة الثقفي8 أسلم وتحته عشر نسوةٍ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اختر منهن أربعاً"، فلما كان في عهد عمر رضي الله عنه

_ 1 محمّدبن جحادة، ثقة، من الخامسة، توفي سنةإحدىوثلاثين ومئة. (التقريب ص471) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 194، وهو ضعيف، لانقطاعه بين محمّد بن جحادة وعمر، وابن شبه: تاريخ المدينة 2/771، عن القاسم بن الوليد وهو منقطع. 3 التميمي، ثقة، توفي سنة تسع وأربعين ومئة. (التقريب ص 462) . 4 الحُزن والحَزن: نقيض الفرح، وهو خلاف السرور. (لسان العرب 13/111) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 194، وهو ضعيف لانقطاعه بين كهمس وعمر. 6 لم أجده. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 194، وهو ضعيف، لانقطاعه بين مجاهد وعمر. 8 أسلم بعد قتح الطائف، وتوقي قي آخر خلافة عمر. (الإصابة 5/193) .

طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقال: "إني لأظن الشيطان فيما يسترق السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك، ولعلّك أن لا تمكث إلا قليلاً، وأيم الله لتراجعن نساءك ولترجعن في ملكك أو لأورثهن منك، ولآمرن بقبرك فيرجم كما رجم قبر أبي رُغالٍ"1. وعن أبي عثمان قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "يأتي على الناس زمان يكون صالح الحي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، إن غضبوا، غضبوا لأنفسهم وإن رضوا، رضوا لأنفسهم، لا يغضبون / [103 / ب] لله ولا يرضون لله"2. وعن النعمان بن بشير قال: "سمعت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التّكوير: 7] ، قال: الفاجر مع الفاجر، والصالح مع الصالح"3. وسمعت عمر يقول: "التوبة النصوح أن يخشى الرجل العمل السوء، كان يعمله، فيتوب إلى الله عزوجل ثم لا يعود فيه أبداً فتلك التوبة النصوح"4.

_ 1 أحمد: المسند 6/288، وأبو يعلى: المسند 9/325، والدارقطني: السنن 3/271، 272، والبيهقي: السنن: 7/183، وقال: "قال الدارقطني: "تفرد به سرار بن مجشر، وهو بصري ثقة". وأبو الشيخ: جزء فيه أحاديث أبي محمّد ص 236، وأروده ابن حجر: التلخيص 3/169، وقال: "رجاله ثقات". وقال أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 4631: "إسناده صحيح". 2 ابن الجوزي: مناقب ص 195، بدون إسناد. 3 ابن أبي شيبة: المصنف 13/279، وإسناده صحيح. وابن جرير: التفسير 15/69، الحاكم: المستدرك 2/128، 129، وصحّحه ووافقه الذهبي. وابن الجوزي: مناقب ص 195، وابن كثير: التّفسير 8/355، والمتقي الهندي: كنْز العمال 2/546. 4 سبق تخريجه ص 815.

وعن إبراهيم1 قال: قال عمر رضي الله عنه: "إياكم والمعاذير فإن كثيراً منها كذب"2. وعن الشعبي قال: "أتى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه رجل فقال: "إن ابنة لي كنتُ وأدتها3 في الجاهلية فاستخرجناها قبل أن تموت، فأدركت معنا الإسلام فأسلمت، ثم أصابها حدّ من حدود الله، فأخذت الشّفرة لتذبح نفسها، وأدركناها وقد قطعت بعض أوداجها4، فداويتها حتى برأت، ثم أقبلت بعد توبة حسنةٍ، وهي تخطبُ إلى قوم، فأخبرهم بالذي كان؟ "، فقال عمر رضي الله عنه: "أتعمد إلى ما ستره الله فتبديه، والله لئن أخبرت بشأنها أحداً لأجعلنك نكالاً لأهل الأمصار، أنكحها نكاح العفيفة المسلمة"5. وعن سعد بن إبراهيم6 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "الخرق7 في المعيشة أخوف عندي عليكم من العوز"8"9"، إنه لا يبقى مع

_ 1 النخعي. 2 هناد: الزهد 2/636، وإسناده ضعيف، لانقطاعه بين النخعي وعمر، وفيه الأعمش مدلس، وقد عنعن. وابن الجوزي: مناقب ص 195. 3 في الأصل: (ولدتها) ، وهو تحريف. 4 الوَدَجُ: عرقٌ في العنق. (القاموس ص 267) . 5 هناد: الزهد 2/647، وإسناده صحيح إلى الشعبي. لكنه منقطع بين الشعبي وعمر. والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/733. وعزاه إلى هناد والحارث. 6 ابن عبد الرحمن بن عوف. 7 الخرق: الجهل والحمق، وقد خَرِقَ يَخْرِقُ خرقاً فهو أخرق. والاسم: الخُرق بالضم. (النهاية 2/26) . 8 في الأصل: (مع القول) ، وهو تحريف. 9 العوَز - بالفتح -: العد وسوء الحال. (النهاية 3/320) .

الفساد شيء ولا يقلّ مع الصلاح شيء"1. وعن حنش2 بن الحارث النخعي عن أبيه3 - وكان شهد القادسية - قال "رجعنا من القادسية فكان أحدنا تنتج فرسه من الليل، فإذا [أصبح] 4 نحر مهرها، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فكتب إلينا أن أصلحوا ما رزقكم الله، فإن في الأمر نفساً"5. وعن أبي العالية6 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "يكتب للصغير حسناته، ولا يكتب عليه سيّئاته"7. وعن أبي أمامة8 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "أدبوا الخيل، وتسوكوا، وانتضلوا، واقعدوا بالشمس، ولا تجاورنكم الخنازير، ولا يرفع فيكم صليب، ولا تأكلوا على مائدة يشرب عليها الخمر، وإياكم وأخلاق العجم، ولا يحل لمؤمن أن يدخل الحمام إلا بمئرز، ولا يحل لامرأة أن تدخل الحمام إلا من سقم، فإن عائشة أم المؤمنين حدّثتني: قالت: حدّثني خليلي

_ 1 وكيع: الزهد 3/784، ورجاله ثقات لكنه منقطع. سعد بن إبراهيم لم يلق أحداً من الصحابة. (تهذيب التهذيب 3/364) . وهناد: الزهد 2/654، وابن الجوزي: مناقب ص 196. 2 في الأصل: (الحسن) ، وهو تحريف. 3 الحارث بن لقيط النخعي، ثقة مخضرم، من الثانية. (التقريب ص 147) . 4 سقط من الأصل. 5 سبق تخريجه ص 492، 497، 504، 507، 508. 6 رفيع بن مِهران الرّياحي، ثقة كثير الإرسال، من الثانية، توفي سنة تسعين، وقيل: ثلاث وتسعين. وقيل: بعد ذلك. (التقريب ص 210) . 7 ابن الجوزي: مناقب ص 196، بدون إسناد. 8 صدي بن عجلان أبو أمامة الباهلي.

صلى الله عليه وسلم على مفرشي هذا، قال: "إذا وضعت المرأة خمارها في غير بيت زوجها هتكت سترها بينها وبين الله". قال: وكان يكره أن يصور الرجل نفسه كما تصور المرأة نفسها، وأن لا يزال يُرى كل يوم مكتحلاً، وأن يحف لحيته وشاربه، كما تحف المرأة"1. وعن المسيب بن دارم2 قال: "سمع عمر رضي الله عنه سائلاً وهو يقول: "من يُعَشِّ السائل - رحمه الله -"، قال عمر: "عشوا السائل"، ثم دار إلى دار الإبل فسمع صوته وهو يقول: "من يعش السائل - رحمه الله -"، فقال عمر رضي الله عنه: "ألم آمل أن تعشوا السائل"، فقالوا: "قد عشيناه"، قال: "فأرسل إليه فإذا معه جراب مملوء خبزاً، فقال: "إنك لست سائلاً أنت تاجر تجمع لأهلك"، قال: ثم أخذ بطرف الجراب ثم نبذه بين الإبل، قال: وأحسبها كانت إبل الصدقة"3. وعن الأحنف بن قيس قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "من مزح استخفّ به"4. وعن ليث بن سعد: أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "هل تدرون لم سمي المزاح؟ "، قالوا: "لا". قال: "لأنه زاح

_ 1 لم أجده. 2 يروي عن عمر قصة السائل، روى عنه أبو خلدة بن دينار. (الثقات 5/437) . 3 ابن حبان: الثقات 5/437، ابن الجوزي: مناقب ص 197، وفيه المسيب بن دارم لم يوثّقه غير ابن حبان. 4 سبق تخريجه ص 797.

عن الحق"12. وعن معاوية بن قرة3 عن أبيه4 عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: لم يعط5 أحد بعد كفر بالله شيئاً شرّاً من امرأة حديدة اللسان سيّئة الخلق، ولم يعط بعد الإيمان شيئاً خيراً من امرأة / [104 / أ] حسنة الخلق ودود ولود. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن منهنّ غنماً لا يجدي6، [وإن] 7 منهن غلالاً8 يفادى منه" 9.

_ 1 قال القاضي عياض في بغية الرائد لما في حديث أم زرع من الفوائد ص 182-183: "وأما قول من قال: "إنما سمي المزاح مزاحاً لأنه زاح عن الحق" فلا يصح لفظاً ولا معنىً، أما المعنى: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً، وأما اللفظ: فإن الميم في المزاح أصلية ثابتة في الاسم والفعل، ولو كان أصله كما قال كانت زائدة ساقطة من الفعل"، أورده الغزالي في الإحياء 3/111. 2 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 445، وإسناده حسن إلى الليث. لكنه منقطع بين الليث وعمر. وابن الجوزي: مناقب ص 197، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/880، وعزاه لابن أبي الدنيا في الصمت. 3 المزني، البصري، ثقة، من الثالثة، توفي سنة ثلاث عشرة وهو ابن ست وسبعين سنة. (التقريب ص 538) . 4 قرة بن إياس المزني، صحابي، نزل البصرة، توفي سنة أربع وستين. (التقريب ص 455) . 5 في الأصل: (لم يعطي) ، وهو تحريف. 6 في الأشراف، وتاريخ دمشق: (ما يحذي منه) . 7 سقط من الأصل. 8 في كْنز العمال: (غلاماً) . 9 ابن أبي الدنيا: الأشراف ص125، 126، وإسناده صحيح، والبيهقي: السنن: 7/82، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13 / ق 138، وابن الجوزي: مناقب ص 197، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/494، وعناد: الزهد2/598، عن مورق العجلي، قال: قال عمر، بنحوه وإسناده صحيح.

وعن أبي عثمان النهدي، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "أما في المعاريض ما يغني المسلم عن الكذب؟ "1. وعن معاوية بن قرة أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "ما يسرني بما أعلم من معاريض القول مثل أهلي ومالي، ومثل أهلي ومالي"2. وعن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إن شقاشق3 الكلام من شقاشق الشيطان"4. وعن حفص بن عثمان5 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "لا تشغلوا أنفسكم بذكر الناس فإنه بلاءٌ، وعليكم بذكر الله فإنه رحمة"6.

_ 1 ابن أبي شيبة: المصنف 8/723، وإسناده صحيح، وهناد: الزهد 2/636، والبخاري: الأدب المفرد2/333، وابن جرير: تهذيب الآثار 1/121، والبيهقي: السنن: 10/199، وابن الجوزي: مناقب ص 197، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/876. 2 وابن أبي شيبة: المصنف 8/722، 723، وإسناده صحيح، وابن الجوزي: مناقب ص 197، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/876. 3 ما يتكلم به. (وأصله من الشقشقة التي يخرجها الجمل من جوفه، وهي جلدة حمراء ينفخ فيها، وتظهر من شِدقِه، فشبه بها الكلام، لخروجه من الفم) . (ابن الأثير: منال الطالب ص 511) . 4 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 292، والغيبة: 3 / ق، وفي إسناده عبد الله العمري وهو ضعيف. وابن الجوزي: مناقب ص 197، والغزالي: الإحياء 3/104، والزبيدي: الإتحاف 7/477، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/837. 5 روى عن عمر بن الخطاب مرسل، روى عنه أبو عقيل يحيى بن المتوكل. (الجرح والتعديل 3/184) . 6 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 320، الغيبة 6 / ق ب. وإسناده ضعيف، لانقطاعه بين حفص وابن عثمان وعمر، وفيه أيضاً يحيى بن المتوكل أبو عقيل ضعيف. (التقريب رقم: 7633، وابن الجوزي: مناقب ص 197، والمتقي الهندي: كنْز العمال 2/240، وقد سبق تخريجه من طريق آخر ص 804.

وعن جعفر بن محمّد عن أبيه قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إنه ليعجبني الشاب الناسك، نظيف الثوب طيب الريح"1. وعن محمّد بن عبد الله القرشي2 عن أبيه3 قال: "نظر عمر إلى شاب قد نكس رأسه، فقال له: "يا هذا ارفع رأسك إن الخشوع لا يزيد على ما في القلب، فمن أظهر للناس خشوعاً فوق ما في قلبه فإنما أظهر للناس نفاقاً على نفاقٍ"4. وعن عدي بن ثابت5 قال قال عمر رضي الله عنه: "أحبكم إلينا ما لم نركم: أحسنكم أسماء، فإذا رأيناكم فأحبكم إلينا أحسنكم أخلاقاً، فإذا اختبرناكم فأحبكم إلينا أصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة"6.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 198، وهو ضعيف لانقطاعه بين محمّد بن عليّ وبين عمر. وكيع: الزهد 2/3448، وابن شبه: تاريخ المدينة 2/772، عن طلحة بن عمرو عن عطاء، وهو ضعيف جداً، لانقطاعه بين عطاء وعمر، وطلحة بن عمرو متروك. (التقريب رقم: 3030) ، وأبو نعيم: الحلية 6/328، عن مالك بلاغاً، والسمعاني: أدب الإملاء والاستملاء ص 27، وهو ضعيف، لانقطاعه بين ابن المنكدر وعمر، وفيه مسلم بن خالد بن الزنجي، صدوق كير الأوهام. (التقريب رقم: 6625) . 2 محمّد بن عبد الله بن الزبير الأسدي مولاهم، الكوفي، ثقة ثبت، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري، توفي سنة ثلاث ومئتين. (التقريب ص 487) . 3 لم أجد له ترجمة. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 198، وفيه عبد الله القرشي لم أجد له ترجمة. وبنحوه والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/806، عن الحارث النهدي، وعزاه لرسته في الإيمان والعسكري في المواعظ. 5 لم أجد له ترجمة. 6 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 494، 495، وابن الجوزي: مناقب ص 198، وهو ضعيف لانقطاعه بين عدي بن ثابت وعمر.

وعن أبي عبد الرحمن بن عطية بن دلاف1 عن أبيه2 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "لا تنظروا إلى صلاة امرئ ولا إلى صيامه، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وإلى ورعه إذا أشفى3، وإلى أمانته إذا أوتمن"4. وعن هشام5 عن أبيه عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنه قال: "لا تنكحوا المرأة الرجل الدميم القبيح، فإنهن يُحببن لأنفسهن ما تُحبون لأنفسكم"6. وعن أسلم قال: قال عمر رضي الله عنه: "إذا تم لون المرأة وشعرها فقد تم حسنها، والغيرة7 إحدى الوجهين"8. وعن عبيد الله9 بن عدي بن الخيار قال: سمعت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: "إن العبد إذا تواضع لله رفع الله حكمته10، وقال11 له:

_ 1 عمر بن عبد الرحمن بن عطية دلاف المزني، روى عن أبي أمامة وأبيه روى عنه مالك وعبيد الله العمري وقريش بن حيان. (الجرح والتعديل 6/101) . 2 عبد الرحمن بن عطية المزني، يروي المراسيل، روى عنه بكر بن سودة. (الثقات7/66) . 3 أَشْفَى: أي: أشرف على الدنيا وأقبل عليه. (النهاية 2/489) . 4 المروزي في زيادته عن أبيه وإسناده ضعيف، عمر بن عبد الرحمن لم أجد من وثّقه، وعبد الرحمن لم يوثّقه غير ابن حبان. وابن الجوزي: مناقب ص 98، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/677. 5 في الأصل: (عروة) . 6 سعيد بن منصور: السنن 1/211، وابن شبه: تاريخ المدينة بنحوه 2/769، وإسناده صحيح إلى عروة، وابن الجوزي: مناقب ص 198. 7 في الأصل فوق السطر: (والشعر) . 8 ابن الجوزي: مناقب ص 198، بدون إسناد. 9 في الأصل: (عبد الله) ، وهو تحريف. 10 حكمته: أي: قدره ومنزله. يقال: له عندناحكمة، أي: منزلة. (لسان العرب12/144) . 11 في الأصل: (قال) .

انتعش نعشك الله، فهو في نفسه صغير، وفي أعين الناس عظيم، وإذا تكبر وعتا1 وهصه2 الله إلى الأرض وقال: اخسأ أخسأك الله، فهو في نفسه عظيم، وفي أعين الناس حقير3، حتى يكون عندهم أحقر من الخنْزير"4. اخسأ: بمعنى: أبعد5، ووهصه6: بمعنى: كسره7. وعن أسلم عن عمر رضي الله عنه قال: "لا يُتعلم العلم لثلاث، ولا يترك لثلاث: لا يتعلم ليماري به، ولا ليباهي به، لا ليراءَى به، ولا يترك حياءً من طلبه، ولا زهادةً فيه، ولا رضى بالجهل منه"8. وعن هشام عن أبيه قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "تعلموا أنسابكم لتصلوا أرحامكم"9.

_ 1 عَتَا: استكبر وجاوز الحدَّ. (القاموس ص 1688) . 2 في الأصل: (وهضه) ، وهو تصحيف. . 3 في المصنف: (صغير) . 4 ابن أبي شيبة: المصنف ج 9 / 90، ج 13 / 270، وإسناده حسن، وفيه محمّد بن عجلان صدوق. (التقريب رقم: 6136) ، وابن شبه: تاريخ المدينة 2/750، وابن الجوزي: مناقب ص 199، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/828) . 5 انظر: ابن الأثير: النهاية 2/31. 6 في الأصل: (وهضه) ، وهو تصحيف. 7 وفي النهاية 5/232: "وهصه: أي: رماه رمياً شديداً، كأنه غَمزه إلى الأرض، والوهص - أيضاً -: كسر الشيء الرّخو". وانظر: القاموس ص 819. 8 ابن الجوزي: مناقب ص 199، بدون إسناد. 9 هناد: الزهد 2/487، ورجاله ثقات، وإسناده منقطع، بين عروة وعمر. وابن الجوزي: مناقب ص 199، والمتقي الهندي: كنْز العمال 10/280، والبخاري: الأدب المفرد رقم: 72، موصولاً عن الزهري عن محمّد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عمر، وإسناده حسن.

وعن عمارة بن القعقاع1 قال: قال عمر رضي الله عنه: "تعلموا من النجوم ما تهتدون بها، وتعلموا من الأنساب ما تصلون بها"2. وعن [المطلب بن] 3 عبد الله بن حَنْطَب4 قال: قال عمر بنالخطّاب رضي الله عنه: "ما أخاف عليكم أحد رجلين، مؤمن قد تبين إيمانه، وكافر قد تبين كفره، إنما أخاف عليكم منافقاً يتعوذ بالإيمان، ويعمل بغيره"5. وعن زياد بن حُدَير6 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: (يهدم الإسلام زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلّون"7. وعنه قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إن أخوف ما أخاف عليكم ثلاثة: منافق يقرأ القرآن لا يخطئ منه واواً ولا ألفاً، يجادل الناس أنه أعلم منهم8 ليضلهم عن الهدى، وزلة عالم، وأئمة مضلون"9.

_ 1 الضبي، الكوفي، ثقة، أرسل عن ابن مسعود، وهو من السادسة. (التقريب ص 409) . 2 هناد: الزهد 2/487، وإسناده منقطع بين عمارة بن القعقاع وعمر. وابن الجوزي: مناقب ص 199، والمتقي الهندي: كنْز العمال 10/274. 3 سقط من الأصل. 4 المخزومي صدوق، كثير التدليس والإرسال، من الرابعة. (التقريب ص 534) . 5 الفريابي: صفة المنافق ص 37، وإسناده ضعيف، لانقطاعه بين المطلب بن عبد الله وعمر. وابن الجوزي: مناقب ص 199، والمتقي الهندي: كنْز العمال 10/269، وعزاه للفريابي. 6 الأسدي، ثقة، عابد، من الثانية. (التقريب ص 218) . 7 الفريابي: صفة المنافق ص 39، وإسناده صحيح، والدارمي: السنن 1/71، وابن عبد البر: جامع بيان العلم ص 439، والخطيب: الفقيه والمتفقه 1/234، وابن الجوزي: مناقب ص 199، والمتقي الهندي: كنْز العمال 10/266. 8 في الأصل: (منه) ، وهو تحريف. 9 الفريامي: صفة المنافق ص 37، 38، وفي إسناده زكريا بن أبي زائدة مدلس وقد عنعن. وابن الجوزي: مناقب ص 199، والمتقي الهندي: كنْز العمال 10/270.

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "خطبنا عمر بن الخطّابرضي الله عنه فقال: "أخوف ما أخاف عليكم تغير الزمان، وزيغة [عالم] 1، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون يضلون الناس بغير علم"2. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: "أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه خطب الناس بالجابية، قال: "إن الله تعالى يضل من يشاء ويهدي من يشاء"، فقال القس: "الله أعدل أن يضل أحداً"، فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فبعث إليه: بل الله أضلّك، ولولا عهدك لضربت عنقك"3. / [104 / ب] . وعن أبي وائل قال: "كنا بخانقين4 فأهللنا هلال شوّال - يعني: نهاراً - فمنا من صام ومنا من أفطر، فأتانا كتاب عمر رضي الله عنه إن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهاراً فلا تفطروا إلا أن يشهد رجلان أنهما أهلاه5 بالأمس"6.

_ 1 سقط من الأصل. 2 أبو الجهم: جزء أبي الجهم ق 64 / أ، وإسناده ضعيف لأجل مجالد بن سعيد، ابن الجوزي: مناقب ص 200، والمتقي الهندي: كنْز العمال 10/267، وعزاه لأبي الجهم في جزئه. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 200، بدون إسناد. وأخرجه عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، ابن أبي حاتم: التفسير ق 222/أ، وعبد الله بن أحمد: السنة 2/423، والفريابي: القضاء والقدر ق 13، والبيهقي: القضاء والقدر ق 6 / ب، والآجري: الشريعة ص 200، 201، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/659، 661، والأصبهاني: الحجة على المحجة 2/6. 4 بلدة من نواحي السواد في طريق همذان من بغداد. (معجم البلدان 2/340) ، وهي مثبتة على الخرائط الحديثة. 5 مطموس في الأصل، سوى (أهلـ) . 6 وعبد الرزاق: المصنف 4/162، وابن أبي شيبة: المصنف 3/67، البيهقي: والسنن: 4/213، 248، وفيه الأعمش مدلس وقد عنعن، وابن الجوزي: مناقب ص 200.

وعن إبراهيم1 قال: "كتب عمر إلى عتبة بن فرقد إذا رأيتم الهلال أوّل النهار فأفطروا فإنه من الليلة الماضية، وإذا رأيتموه من آخر النهار فأتموا صومكم فإنه لليلة المقبلة"2. وعن إبراهيم3 قال: "بلغ عمر رضي الله عنه أن قوماً رأوا الهلال بعد زوال الشّمس فأفطروا، فكتب إليهم يلومهم، وقال: إذا رأيتم الهلال قبل زال الشمس فأفطروا، وإذا رأيتموه بعد زوال الشمس فلا تفطروا"4. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إن الرجف من كثرة الزنا، وإن قحوط المطر من قضاة السوء، وأئمة الجور"5. وعن حارثة بن مُضَرَّب قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "استعينوا على النساء بالعري، فإن إحداهن إذا كثرت ثيابها وحسنت زينتُها أعجبها الخروج"6. وعن حسان العبسي7 قال: قال عمر رضي الله عنه: "إن الجبت،

_ 1 النخعي. 2 وعبد الرزاق: المصنف 4/163، ورجاله ثقات، لكنه منقطع بين إبراهيم وعمر. وابن أبي شيبة: المصنف 3/66، والبيهقي: السنن: 4/213، عن إبراهيم، وابن الجوزي: مناقب ص 200. 3 النخعي. 4 البيهقي: السنن: 4/213، وابن الجوزي: مناقب ص 200، والمتقي الهندي: كنْز العمال 8/594، وهو ضعيف، لانقطاعه بين النخعي وعمر. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 200، بدون إسناد. وابن كثير: مسند الفاروق 1/224. 6 ابن أبي شيبة: المصنف 4/420، وإسناده صحيح، وابن الجوزي: مناقب ص 200، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/571، وعزاه لابن أبي شيبة. 7 حسان بن فائد العبسي، كوفي، يروي عن عمر، روى عه أبو إسحاق السبيعي. (الثقات لابن حبان 4/163) .

السحر والطاغوت: الشيطان، والشجاعة والجبن، غرائز تكون في الرجل، ويقاتل الشجاع عن من لا يعرف ويفر الجبان من أمه، وإن كرم الرجل دينه، وحسبه خلقه، وإن كان فارسياً أو نبطياً"1. وعن مُوَرِّق2 العجلي3 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "تعلموا السنن والفرائض واللحن كما تعلموا القرآن"4. وعن الحسن5 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "عليكم بالتفقه في الدين وحسن العبادة والتفهم في العربية"6. وعن أبي عمرو بن العلاء7 قال: قال عمر رضي الله عنه: "تعلموا

_ 1 البخاري: الصحيح، 4/1673، معلقاً بأخصر، ووصله سعيد بن منصور: السنن 2/208، وفيه حسان العبسي لم يوثقه غير ابن حبان، وابن جرير: التفسير 4/131، وابن الجوزي: مناقب ص 200، وابن حجر: فتح الباري 8/252، وقال: "وصله عبد بن حميد في تفسيره ومسدد في مسند، وعبد الرحمن بن رسته في كتاب الإيمان كلهم من طريق أبي إسحاق عن حسان بن فائد عن عمر مثله، وإسناده قوي، وقد وقع التصريح بسماع أبي إسحاق له من حسان، وسماع حسان من عمر في رواية رسته". 2 في الأصل: (مسروق) ، وهو تحريف. 3 مورق بن مُشَمْرِج العجلي، ثقة، عابد، توفي بعد المئة. (التقريب ص 549) . 4 البيهقي: السنن: 6/209، وإسناده ضعيف. لانقطاعه بين مروق وعمر، وابن الجوزي: مناقب ص 201، والمتقي الهندي: كنْز العمال 10/252، وأخرجه ابن أبي شيبة: المصنف 11/234، وسعيد: السنن 1/28، عن إبراهيم النخعي مرسلاً. 5 الحسن البصري. 6 ابن الجوزي: مناقب ص201، والمتقي الهندي: كنْز العمال10/254، وعزاه لأبي عبيد. 7 أبو عمرو بن العلاء المازني، النحوي، القارئ، ثقة، من علماء العربية، توفي سنة أربع وخمسين ومئة. (التقريب ص 660) .

العربية فإنها تثبت العقول وتزيد في المروءة"1. وعن زيد بن عقبة2 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "الرجال ثلاثة، والنساء ثلاث: امرأة هينة لينة، عفيفة مسلمة، ودود ولود، تعين أهلها على الدهر، ولا تعين الدهر على أهلها، وقلما تجدها، وأخرى وعاء للولد لا تزيد على ذلك شيئاً، وأخرى غُلٌّ قملٌ3 يجعلها الله في عنق من يشاء، وينزعه إذا شاء، والرجال ثلاثة: رجلٌ عاقلٌ إذا أقبلت الأمور وتشبهت، يأتمر فيها أمره، وينْزل4 عند رأيه، وآخر حائر بائر، لا يأتمر رشداً ولا يطيع مرشداً"5. وعن حفص بن عمر6 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "من رقّ وجهه رقّ علمه"7. وعن أبي عمرو الشيباني8 قال: خُبِّر عمر رضي الله عنه برجل يصوم

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 201، وهو ضعيف لانقطاعه، وبنحوه ابن قتيبة: عيون الأخبار 1/296، بدون إسناد. 2 الفزاري الكوفي، ثقة، من الثالثة. (التقريب ص 224) . 3 غلٌّ قملٌ: كانوا يأخذون الأسير فيشدونه بالقد وعليه الشعر، فإذا يبس قمِلَ في عنقه، فتجتمع عليه محنتان: الغُلّ والقمل. ضربه مثلاً للمرأة السيّئة الخلق الكثيرة المهر، لا يجد بعلُها منها مخلصاً. (النهاية 3/381) . 4 في الأصل: (نزل) . 5 ابن شبه: تاريخ المدينة 2/771، ابن أبي الدنيا: الأشراف ص 125، وإسنادهما حسن لكن من طريق ابن أبي الدنيا، ابن الجوزي: مناقب ص 201، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/263. 6 لم يتميز لي. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 201. 8 سعد بن إياس الشيباني، الكوفي، ثقة، مخضرم، من الثانية، توفي سنة خمس وتسعين وهو ابن عشرين ومئة. (التقريب ص 230) .

الدهر فجعل يضربه بمخفقته1، وجعل يقول: كل يا دهر، كل يا دهر"2. وعن أبي وائل: أن عمر رضي الله عنه قال: "ما يمنعكم إذا رأيتم السفيه يخرّق أعراض الناس، أن تُعرّبوا3 عليه". قالوا: "نخاف لسانه"، قال: "ذاك أدنى أن لا تكونوا شهداء"4. وعن سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: "إن الناس لن يزالوا مستقيمين ما استقامت أئمتهم وهداتهم"5. وعن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "عجلوا الفطر، ولا تنطعوا تنطع أهل العراق"6. وعن ابن المسيب عن أبيه7 قال: كنت جالساً عند عمر رضي الله عنه إذ جاءه راكب من أهل الشام فطفق عمر يسأله عن حالهم، فقال: "هل يعجل أهل الشام الإفطار؟ "، قال: "نعم". قال: "لن يزالوا بخير ما فعلوا

_ 1 المِخْفَقَةُ: الدرة التي يضرب بها. (الصحاح 4/1469) . 2 عبد الرزاق: المصنف 4/298، وإسناده حسن. وابن أبي شيبة: المصنف 3/79، وابن الجوزي: مناقب ص 201. 3 عَرّب عليه: قبح قوله وفعله، وغيره عليه وردّه عليه. (لسان العرب 1/590) . 4 ابن أبي الدنيا: الغيبة والنميمة ص 89، 90، والصمت ص 352، وإسناده صحيح. وابن الجوزي: مناقب ص 202، والزبيدي: الإتحاف 7/545، وعزاه لابن أبي الدنيا. 5 ابن سعد: الطبقات: 3/292، وإسناده حسن إلى سعيد بن المسيب، وابن الجوزي: مناقب ص 202، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/765. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 202. 7 المسيب بن حَزْن المخزومي صحابي، عاش إلى خلافة معاوية. (التقريب ص 532) .

ذلك، ولم ينتظروا النجوم انتظار أهل العراق"1. وعن سعيد بن جبير: "أن عمر رضي الله عنه قال: "كل من الحائط ولا تتخذ خُبنة"23. وعن سعيد بن المسيب قال: "كان عمررضي الله عنه ينهى الصائم أن يُقَبِّل"، يقول: "إنه ليس لأحدكم من الحفظ والعفة ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم"4. وعن حميد بن نعيم5: أن عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفان دعيا إلى طعام فأجابا، فلما خرجا، قال عمر لعثمان: "لقد شهدت طعاماً وودت أني لم أشهده، قال: وما ذاك؟ "، / [104 / أ] 6، قال: خشيت أن يكون جعل مباهاة"78.

_ 1 عبد الرزاق: المصنف 4/225، وإسناده صحيح، وابن أبي شيبة: المصنف 3/12، بنحوه، وابن الجوزي: مناقب ص 202، والمتقي الهندي: كنْز العمال 8/613. 2 في الأصل: (جنة) ، وهو تحريف. وقال في القاموس ص 1539: "الخُبْنَةُ: ما تحمله في حضنك". 3 أبو عبيد: الغريب 3/261، البيهقي: السنن: 9/359، وابن الجوزي: مناقب ص 202، والمتقي الهندي: كنْز العمال 9/275. 4 عبد الرزاق: المصنف 4/182، وإسناده صحيح إلى ابن المسيب، والطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد 3/66، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط وفيه زين بن حيان الرقي وقد وثّقه ابن حبان وغيره وفيه كلام". وابن الجوزي: مناقب ص202، والمتقي الهندي: كنْز العمال 8/615. 5 ابن عبد الله كاتب عمر بن عبد العزيز، روي عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه رجاء بن أبي سلمة سمعت أبي يقول ذلك. (التاريخ الكبير 2/351، الجرح والتعديل 3/229) . 6 ق 10 / أب، تكررت في الاصل، ولعلّه سهو من المؤلف، ويحتمل أنه بسبب ما أضافه المؤلف، وقد أبقيت الترقيم كما هو في أصل المخطوطة، لانتشار المخطوط بهذا الترقيم. 7 المباهاة: المفاخرة. (لسان العرب 14/99) . 8 ابن المبارك: الزهد ص 66، 67، أحمد: الزهد ص 126، وإسنادهما ضعيف لانقطاعه بين حميد بن نعيم وعمر بن الخطاب، البخاري: التاريخ الكبير 2/352، وهو ضعيف لانقطاعه بين ابن محيريز وعمر، وفيه أيضاً عبد الله بن نعيم لين الحديث. (التقريب رقم: 3604، 3667) ، وابن الجوزي: مناقب ص 203.

وعن أنس قال: "سمعت عمر رضي الله عنه وقد سلم عليه رجل فرد عليه السلام، فقال عمر للرجل: "كيف أنت؟ "، فقال الرجل: "أحمد الله إليك"، قال عمر: "هذا أردت منك"1. وعن سالم قال: "سمع عمر رضي الله عنه ضوضاء2 في دار، فقال: "ما هذه الضوضاء؟ "، فقالوا: "عرس"، قال: "فهلا حركوا غرابيلهم3، يعني الدفوف"4. وعن الحسن5 أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه رأى رجلاً عظيم البطن فقال: "ما هذا؟ "، فقالوا: "بركة من الله"، قال: "بل عذاب من الله"6. وعن علي بن نديمة7 قال سمعت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: "ردوا الخصم، فإن القضاء يورث الشنآن"8"9.

_ 1 مالك: الموطّأ (يحيى بن يحيى) ص 528، بلاغاً، وابن المبارك: الزهد ص: 68، وإسناده صحيح، والبخاري: الأدب المفرد ص 386، وابن الجوزي: مناقب ص 203، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/736، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد ص 437. 2 الضّوَة: الجلبة، كالضوضاة. (القاموس ص 1684) . 3 الغِربال: الدّف. (القاموس ص 1341) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 203، بدون إسناد. 5 البصري. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 203، بدون إسناد. 7 علي بن نديمة، يكنى أبا عبد الله، توفي سنة ست وثلاثين ومئة. (طبقات خليفة ص319) . 8 الشنآن: البغض. (الصحاح 5/2146) . 9 ابن الجوزي: مناقب ص 203، بدون إسناد. وبنحوه ابن شبه: تاريخ المدينة 2/769، عن محارب بن دثار.

وعن أبي حصين1 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إذا رزقك الله مودّة امرئ مسلم فتشبث بها ما استطعت"2. وعن مصعب بن سعد3 قال: قال عمر رضي الله عنه: "الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم"4. وعن ابن عمر قال: "خطبنا عمر رضي الله عنه فقال: "أيها الناس إن الله جعل ما أخطأت أيديكم رحمة لفقرائكم، فلا تعودوا فيه"، قال بقية5: "ما أخطأ المنجل"67. وعن كعب القرظي8 عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنه قال: "ما ظهرت نعمة إلا وجدت لها حاسداً، ولو أن امرأً كان أقوم من قدحٍ لوجدت له غامزاً"9، 10.

_ 1 عثمان بن عاصم الأسدي، الكوفي، ثقة سُنّي وربما دلس، من الرابعة توفي سنة سبع وعشرين ومئة. (التقريب ص 384) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 203. 3 ابن أبي وقاص. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 203. 5 بقية بن الوليد الكلاعي، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء من الثانية، توفي سنة سبع وتسعين ومئة. (التقريب ص 126) . 6 المِنْجَل: ما يحصد به. (لسان العرب 11/647) . 7 ابن الجوزي: مناقب ص 203. 8 كعب بن سليم القرظي، من أهل المدينة، يروي عن عليّ بن أبي طالب روى عنه ابنه محمّد بن كعب. (الثقات 5/334) . 9 معيباً طاعناً. (لسان العرب 5/390) . 10 ابن الجوزي: مناقب ص 203، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/810، وعزاه لأبي نعيم النرسي في أنس العاقل.

وعن محمّد بن سيرين: "أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه خرج من الخلاء يقرأ القرآن، فقال له أبو مريم1: "يا أمير المؤمنين تقرأ القرآن وأنت غير طاهر؟ "، فقال له "مسيلمة أمرك بهذا؟! "2. وعن نعيم بن أبي هند3 قال: قال عمر رضي الله عنه: "من قال: أنا مؤمن، فهو كافر، ومن قال: هو عالم، فهو جاهل، ومن قال: هو في الجنة، فهو في النار"4. وعن جبير بن مطعم أنه سمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول على المنبر: "تعلموا أنسابكم ثم صلوا أرحامكم، والله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخل5 الرّحم لوزعه6 ذلك عن انتهاكه"7.

_ 1 إياس بن صبيح الحنفي، يروي عن عمر وعثمان روى عنه ابنه عبد الله ومحمّد بن سيرين، ولي قضاء البصرة لعمر. (الثقات 4/34) . 2 مالك: الموطّأ (يحبى بن يحيى) ص 99، وعبد الرزاق: المصنف 1/339، ورجاله ثقات، لكنه منقطع بين محمّد بن سيرين وعمر، والبخاري: التاريخ الكبير 1/436، 437، وإسناده صحيح، والبيهقي: السنن 1/90، وابن الجوزي: مناقب ص 204، والمتقي الهندي: كنْز العمال 2/315. 3 نعيم بن أبي هند الأشجعي، ثقة رمي بالنصب من الرابعة. توفي سنة عشر ومئة. (التقريب ص 565) . 4 البوصيري: الإتحاف 1/1/49، وقال: "رواه أحمد في مسنده عن معتمر عن أبيه عن نعيم بن أبي هند قال: قال عمر". وبالرجوع إلى مسند أحمد لم أجده في مسند عمر، وإسناده ضعيف، لانقطاعه بين نعيم بن أبي هند وعمر. 5 في الأدب: (داخلة) . 6 وزَعته: كففته، فاتّزع هو: كف. (القاموس ص 995) . 7 البخاري: الأدب المفرد ص 39، قال الألباني: "حسن الإسناد وصحّ مرفوعاً". صحيح الأدب المفرد ص 55، سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 277) .

وعن إبراهيم التيمي عن أبيه1 قال: "كنا جلوساً عند عمر فأثنى رجل على رجل في وجهه، فقال: "عقرتَ الرجلَ عقرك الله"2. وعن قبيصة بن جابر3 عن عمر رضي الله عنه قال: "لا يُرحم من لم يَرحم، ولا يُغفر لمن لا يَغفر، ولا يُتاب على من لا يتوب، ولا يُوقَّ من لم يوقِّ"4. وعن عبد الرحمن بن عجلان5 قال: "مرّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه برجلين يرميان، فقال أحدهما للآخر: "أسَبْتَ"6. فقال عمر: "سوء اللحن أشدّ من سوء الرمي"7. وعن عمارة بن سعد التجيبِي8 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:

_ 1 يزيد بن شريك التيمي، الكوفي، ثقة، من الثانية، توفي في خلافة عبد الملك. (التقريب ص 602) . 2 ابن أبي شيبة: المصنف 9/6، 8، البخاري: الأدب المفرد ص 123، قال الألباني: "حسن الإسناد". صحيح الأدب المفرد ص 136) ، وابن الجوزي مناقب ص204، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/878. 3 الأسدي، الكوفي، ثقة، من الثانية، مخضرم، توفي سنة تسع وستين. (التقريب ص 453) . 4 البخاري: الأدب المفرد ص 136، قال الألباني: "حسن". صحيح الأدب المفرد ص 148، وانظر: الصحيحة رقم: 483) ، وابن الجوزي: مناقب ص 204. 5 بصري، من الثالثة، أرسل حديثاً، وهو مجهول الحال. (التقريب ص 346) . 6 يريد: (أصبت) . 7 ابن سعد: الطبقات 3/284، البخاري: الأدب المفرد ص 304، وهو ضعيف، لجهالة عبد الرحمن، قال الألباني: "ضعيف الإسناد لجهالة عبد الرحمن". (ضعيف الأدب المفرد ص 80) ، وابن الجوزي: مناقب ص 204. 8 مقبول، من الثالثة، توفي سنة خمسين ومئة. (التقريب ص 407) .

"من ملأ عينيه من قاعة بيت قبل أن يؤذن له فقد فسق"1. وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه جاءه يستأذن عليه يوماً فأذن له ورأسه في يد جارية له ترجله فنزع رأسه، فقال له: "دعها ترجلك"، فقال له: "يا أمير المؤمنين لو أرسلت إليّ جئتك"، فقال عمر: "إنما الحاجة لي"2. وقال الأحنف بن قيس: "قال لنا عمر: "تفهموا قبل أن تُسَوَّدوا"، قال سفيان: "لأن الرجل إذا فقه لم يطلب السؤدد"3. وعن قبيص بن جابر، قال: قال لي عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إنك رجل حدث السن، فصيح اللسان، فسيح الصدر، وأنه يكون في الرجل عشرةُ أخلاق حسنة، وخلق سيئ فيغلب الخلق السيئ التسعة الأخلاق الحسنة، فاتق عثرات الأشياء"4. وعن يونس بن عبيد5 أن عمر رضي الله عنه قال: "بحسب امرئ من الغي أن يؤذي جليسه فيما لا يعنيه، أو يجد على الناس فيما يأتي، وأن يظهر له من الناس ما يخفى عليه من نفسه"6.

_ 1 البخاري: الأدب المفرد ص 374، وهو ضعيف، لانقطاعه بين عمار وعمر، وقال الألباني: "ضعيف الإسناد، موقوف، عمار هذا لم يدرك عمر". ضعيف الأدب المفرد ص 95) . وابن الجوزي: مناقب ص 204. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 204، 205. 3 سبق تخريجه ص 837، 874. 4 عبد الرزاق: المصنف 4/406، وإسناده صحيح، ومن طريقه البيهقي: السنن: 5/181، وابن الجوزي: مناقب ص 205، والمتقي الهندي: كنْز العمال 5/252، 3/801. 5 ابن دينار العبدي مولاهم أبو عبيد البصري، ثقة. (تهذيب التهذيب 11/442) . 6 ابن الجوزي: مناقب ص 205، بدون إسناد، وقد مرّ بنحوه ص 799، 872، عن أبي عبيدة.

وعن أبي / [104 ب] عثمان النهدي أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "احترسوا من الناس بسوء الظن"1. وعن البراء بن عازب2 رضي الله عنه قال: كنت مع سلمان بن ربيعة3 في بعث وإنه بعثني إلى عمر في حاجة له في الأشهر4 الحرم، فقال عمر: "أيصوم سلمان؟ "، فقلت: "نعم". فقال: "لا يصوم فإن التقوى له على الجهاد أفضل من الصوم"5. وعن عبيد بن أم كلاب6 أنه سمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يخطب الناس يقول: "لا يعجبكم من الرجل طنطنته7، ولكن من أدى الأمانة، وكفّ عن أعراض الناس فهو الرجل"8. وعن يزيد بن حيان9 قال: "كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: ولا تعجبنكم طنطة الرجل بالليل - يعني صلاته - فإن الرجل كل الرجل من أدّى

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 205، بدون إسناد. 2 الأنصاري، الأوسي. 3 الباهلي، يقال له: صحبة، ولاه عمر قضاء الكوفة وغزا أرمينية في زمن عثمان فاستشهد. (التقريب ص 246) . 4 في الأصل: (أشهر) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 205، بدون إسناد. وابن أبي شيبة: المصنف 12/329، 330، عن البراء بن قيس بنحوه. 6 عبيد بن أم كلاب عن عبد الله بن جعفر وعنه أبو الأسود. (تعجيل المنفعة ص 184) . 7 ابن المبارك: الزهد ص 242. 8 البيهقي: السنن: 6/288، وفي إسناده عبيد بن أم كلاب، مجهول. ابن الجوزي: مناقب ص 205، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/677. 9 التيمي، سمع زيد بن أرقم، وعياش بن عقبة عن ابن مسعود، وروى عنه سعيد بن مسروق، وأبو حيان والأعمش. (التاريخ الكبير 8/324، الثقات 7/626) .

الأمانة إلى من ائتمنه، ومن سلم الناس من لسانه ويده"1. وعن أبي قِلابة2: أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "لا تنظروا إلى صيام أحد ولا صلاته ولكن انظروا إلى صدق حديثه إذا حدث وإلى أمانته إذا ائتمن، وورعه إذا أشفى"3. وعن أبي صالح4 قال: قال عمر رضي الله عنه: "الراحة في ترك خلطاء السوء"5. وعن مسروق قال: "تذاكرنا عند عمر بن الخطّاب رضي الله عنه الحسب فقال: "حسب المرء دينه، وأصله عقله، ومروءته خلقه"6. وعن الحسن7 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "الكرم

_ 1 لم أجده من هذا الطريق، وقد تقدم من غير هذا الطريق. 2 عبد الله بن زيد الجرمي. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 206، بدون إسناد، البيهقي: السنن: 6/288، وإسناده صحيح، وانظر: ص 847. 4 لم يتميز لي. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 206، وابن أبي شيبة: المصنف 13/275، عن إسماعيل بن أمية، وهو ضعيف لانقطاعه بين إسماعيل بن أمية وعمر. وابن أبي عاصم: الزهد ص 37، عن الأعمش وهو منقطع بين الأعمش وعمر. والحافظ ابن حجر في فتح الباري 11/331، وقال: "أخرجه ابن أبي شيبة رجاله ثقات عن عمر أنه قاله، ولكن في سنده انقطاع". 6 ابن الجوزي: مناقب ص 206، بدون إسناد. وابن أبي شيبة: المصنف 8/520، عن الشعبي، ورجاله ثقات، لكنه منقطع بين الشعبي وعمر. البيهقي: السنن 10/195، عن ابن أبي السفر، قال: سمعت الشعبي يقول: "سمعت زياد بن حدير يقول: سمعت عمر) . قال البيهقي: "هذا الموقوف إسناده صحيح". والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/265. 7 البصري.

التقوى، والحسب المال"1. وعن محمّد بن عاصم2 قال: "بلغني أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه كان إذا رأى فتى فأعجبه، سأل عنه: هل له حرفة؟، فإن قيل: لا، سقط من عينه3. وعن إبراهيم بن أدهم4: أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "لؤم بالرجل أن يرفع يديه من الطعام قبل أصحابه"5. وعن المسور6 أن رجلاً أثنى على رجل عند عمر رضي الله عنه فقال له: "أصحبته في السفر؟ "، قال: "لا". قال: "فعاملته؟ "، قال: "لا"، قال: "فأنت القائل ما لا تعلم"7. وسمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه رجلاً يثنى على رجل،

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 206، وهو ضعيف لانقطاعه بين الحسن وعمر، والبيهقي: السنن: 7/136، عن الحسن عن سمرة مرفوعاً. 2 اليقفي، الأصبهاني، صدوق إلا أن سماعه من ابن عُيينة بعد أن تغير من صغار العاشرة، توفي سنة اثنتين وستين ومئتين. (التقريب ص 485) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 206، وتلبيس إبليس ص 347، وهو ضعيف لإعضاله، والمتقي الهندي: كنْز العمال 4/123، وعزاه للدينوري. 4 العجلي، وقيل: التميمي، الزاهد، صدوق من الثامنة، توفي سنة اثنتين وستين ومئة. (التقريب ص 87) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 206، وهو ضعيف لإعضاله. وابن ماجه: السنن 2/1096، عن ابن عمر مرفوعاً، وفي إسناده عبد الأعلى بن أعين وهو ضعيف. (التقريب رقم: 3729) . 6 ابن مخرمة. 7 ابن الجوزي: مناقب ص 206، بدون إسناد، السخاوي: المقاصد الحسنة ص 241، وعزاه للدينوري في المجالسة عن عبد الله العمري. وهو ضعيف لانقطاعه بين عبد الله العمري وعمر. وأيضاً عبد الله العمري ضعيف.

فقال: "أسافرت معه؟ "، قال: "لا"، قال: "أخالطته؟ "، قال: "لا". قال: "والله الذي لا إله إلا هو ما تعرفه"1. وعن عطاء2 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "لأن أموت بين شعبتي رَحْلٍ أسعى في الأرض أبتغي من فضل الله كفاف وجهي أحبّ إلي من أن أموت غازياً"3. وعن الحسن قال: كان عمر رضي الله عنه قاعداً ومعه الدّرة والناس حوله إذ أقبل الجارود4، فقال رجل: "هذا سيد ربيعة". فسمعها عمر ومن حوله، وسمعها الجارود فلما دنا منه خفقه بالدرّة فقال: "مالي ولك يا أمير المؤمنين، مالي ومالك؟ "، أما لقد سمعته؟ قال: "سمعتها فمه؟ "، قال: "خشيت أن يخالط قلبك منها شيء فأحببت أن أُطأطي منك"5. وعن ثابت البناني قال: "بلغنا أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "من أحبّ أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده"6.

_ 1 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 552، 553،، وهو ضعيف لانقطاعه بين عبد الملك الخزاعي وعمر. وأورده الغزالي: الإحياء 3/139، والزبيدي: الإتحاف 7/571، وعزاه لابن أبي الدنيا. 2 عطاء بن أبي رباح. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 206، والسيوطي: الدر المنثور 6/280، وعزاه لسعيد بن منصور، وعبد حميد وابن المنذر. والمتقي الهندي: كنْز العمال 4/133، وعزاه لسعيد وعبد بن حميد، وابن المنذر وشعب الإيمان. 4 الجارود بن المعلى العبدي، صحابي، استشهد سنة إحدى وعشرين. (التقريب ص 137) . 5 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 548، ورجاله ثقات إلا أن الحسن لم يسمع من عمر. ابن الجوزي: مناقب ص 207، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/809، وعزاه لابن أبي الدنيا في الصمت، والزبيدي: الإتحاف 7/571، عزاه لابن أبي الدنيا. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 207، وهو ضعيف لانقطاعه، وابن حبان في صحيحه 2/175، عن ثابت البناني عن أبي بردة قال: "قدمت المدينة فأتاني عبد الله بن عمر فقال: أتدري لم أتيتك؟، قال: قلت: لا، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أحبّ أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده". وقال محققه: "إسناده صحيح على شرط البخاري" ونسبه ابن حجر في المطالب العالية 8/25 إلى أبي يعلى.

وعن عبيد بن كريز1، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه، فمن قال: إنه عالم فهوجاهل، ومن قال: إنه في الجنة، فهو في النار"2. وعن كعب بن علقمة3 فال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "ما أنعم الله على عبد إلا وجد له في الناس حاسداً، ولو أن امرأً أقوم من القدح لوجد له الناس من يغمز عليه، فمن حفظ لسانه ستر الله عورته"4. وعن سعيد بن المسيب قال: قال عمر رضي الله عنه: "الدعاء يحجب دون السماء حتى يصلي على محمّد، فإذا صلي على محمّد صعد الدعاء إلى الله"5.

_ 1 الخزاعي، سمع عبد الله بن معقل، روى عنه ابن طلحة. (التاريخ الكبير 5/397، الثقات 5/74) . 2 مسدد كما في الإتحاف 1/14، وفي إسناده موسى بن عبدة الربذي وهو ضعيف. وابن الجوزي: مناقب ص 207، وابن حجر: المطالب العالية 3/97، وعزاه لمسدد، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/826، وقال: "سنده ضعيف وفيه انقطاع". وقال البوصيري: "رواه مسدد بسند ضعيف وفيه انقطاع". (الإتحاف 1/14) . 3 التنوخي، صدوق، من الخامسة، توفي سنة سبع وعشرين ومئة. وقيل بعدها. (التقريب ص 461) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 207، بدون إسناد. 5 الترمذي: السنن 2/356، وفي إسناده أبو قرة الأسدي مجهول تفرد عنه النضر بن شميل. (ميزان الاعتدال 4/564، التقريب رقم: 8315) ، وحسّنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/150، والصحيحة 5/56، 57، رقم: 2035، وقال القاضي أبو بكر بن العربي عقب ذكره لقول عمر هذا: "ومثل هذا إذا قاله عمر لا يكون إلا توقيفاً، لأنه لا يدرك بنظر". عارضة الأحوذي 2/273) .

وعن عمر رضي الله عنه: / [105 / أ] أنه كان يقول: "إياكم وكثرة الحمام، وكثرة إطلاء1 النورة، والتواطئ2 على الفراش، فإن عباد الله ليسوا من المتنعمين"3. وعن عكرمة قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "من كتم سرّه كانت الخيرة في يده، ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن"4. وعن صفوان بن عمرو5 قال: "سمعت أيفع بن عبد6 يقول: "لما قدم خراج العراق على عمر رضي الله عنه خرج عمر ومولى له، فجعل عمر يعد الإبل، فإذا هي أكثر من ذلك، وجعل عمر يقول: "الحمد لله، وجعل مولاه يقول: يا أمير المؤمنين هذا والله من فضل الله ورحمته، فقال عمر:

_ 1 في الأصل: (إطلاق) ، وهو تحريف. 2 في الزهد: (التوطي) ، وفي اللسان 1/198: (الوطيء: ما سهل ولان) . 3 ابن المبارك: الزهد 263، وإسناده ضعيف، لإبهام بعض رواته، ابن الجوزي: مناقب ص 207، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/715، وعزاه لابن المبارك. 4 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 619، وفي إسناده محمّد بن عبد الله الجدي، وعلي بن نوح لم أجد لهما ترجمة. وفيه انقطاع بين عكرمة وعمر. وابن الجوزي: مناقب ص 208، والمتقي الهندي: كنْز العمال 3/804، وعزاه لابن أبي الدنيا في الصمت. وقد مرّ بنحوه ص 635 عن مجاهد. 5 السّكسكي، الحمصي، ثقة، من الخامسة، توفي سنة خمس وخمسين ومئة. أو بعدها. (التقريب ص 277) . 6 أَيْفَع: بوزن أحمد: ضعيف، من الخامسة. (التاريخ الكبير 2/63، الثقات 4/55، التقريب ص 117) .

"كذبت1 ليس هذا الذي يقول الله تعالى يقول: {قُلْ بِفَضْلِ الله وبِرَحْمَتِه فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58] . يقول بالهدى والسنة والقرآن فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون، وهذا مما يجمعون"2. وعن محمّد بن سيرين: أن عمر رضي الله عنه كان إذا سمع صوت دفّ أنكر، فإن قالوا3: عرس أو ختان سكت"4. وعن أسامة بن زيد5 عن أبيه قال: "خرجنا مع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه للحج فسمع رجلاً يغني، فقيل: "يا أمير المؤمنين، إن هذا يغني وهومحرم، فقال عمر رضي الله عنه: "دعوه فإن الغناء6 زاد الراكب"7. وعن زيد بن أسلم قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "زوجوا أولادكم إذا بلغوا ولا تحملوا8 آثامهم"9.

_ 1 كذبت: أخطأت. في لغة الحجاز. (لسان العرب 1/709) . 2 الطبراني: مسند الشاميين 2/125، ابن أبي حاتم في التفسير كما في ابن كثير: التفسير 4/212، وهو ضعيف لانقطاعه بين أيفع بن عبد وعمر، وأيفع ضعيف، وفيه بقية بن الوليد كثير التدليس عن الضعفاء وقد عنعن. وابن الجوزي: مناقب ص 208. 3 في الأصل: (فقالوا) . 4 سعيد بن منصور: السنن 1/173، 174، ورجاله ثقات، لكنه منقطع بين محمّد ابن سيرين وعمر. وابن أبي شيبة: المصنف 4/192، عن ابن سيرين، البيهقي: السنن: 7/290، عن ابن سيرين، ابن الجوزي: مناقب ص 208، والمتقي الهندي: كنْز العمال 16/511. 5 ابن أسلم. 6 الغناء: الحداء. (لسان العرب 15/137) . 7 ابن الجوزي: مناقب ص 208. 8 في الأصل: (ولا تحملوهم) ، وهو تحريف. 9 ابن الجوزي: مناقب ص 208، وهو ضعيف لانقطاعه بين زيد بن أسلم وعمر.

وعن إبراهيم1 قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "يثغر الغلام لسبع سنين، ويحتلم لأربع عشرة سنة، وينتهي طوله لأحد وعشرين، وينتهي عقله إلى ثماني وعشرين سنة، ويكمل ابن أربعين سنة"2. وعن ليث3 قال: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له إذا جلس إليك، وتدعوه بأحب أسمائه، وكفى بالمرء من الغي أن يبدوا من أخيه ما يخفى عليه، من نفسه مما يأتي، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه"4. وفي الصحيح عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "مقاطع5 الحقوق عند الشروط"6. وروى أبو الحسن بن السكري في "فوائده" عن نافع عن ابن عمر أنه رأى سعد بن مالك وهو يمسح على الخفين، فقال: "إنكم لتفعلون ذلك"، فاجتمعوا عند عمر، فقال سعد لعمر: "أفت ابن أخي في المسح على الخفين"، فقال عمر: "كنا ونحن مع نبينا صلى الله عليه وسلم نمسح على خفافنا فلا ترى بذلك بأساً"،

_ 1 النخعي. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 208، وهو ضعيف لانقطاعه بين إبراهيم وعمر. 3 لم يتميز لي. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 208، وهو ضعيف لانقطاعه. وأبو الشيخ: عواليه ق 57 عن الحسن مختصراً، وقد مرّ بنحوه عن مجاهد ص 798. 5 في الأصل: (مقاطيع) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب الشروط 2/970، معلقاً، وصله ابن أبي شيبة: المصنف 4/199، وإسناده صحيح، وابن حجر في تغليق العليق 3/409، وقال في فتح الباري 5/333: "وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور من طريق إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن عبد الرحمن بن غنم) . (انظر: الفتح 9/217) .

فقال ابن عمر: "وإن جاءه من الغائط؟ "، قال: "نعم"1. وفي "عوالي" أبي محمّد بن عبد الله بن محمّد بن حيان عن2 حفص بن عاصم، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "خذوا حظكم من العزلة"3. [و] 4 في "نسخة" إبراهيم بن طهمان5عن ابن المسيب: أنه حدّث أنّ عمر بن الخطّاب رفعت إليه امرأة تطلب ميراثها من دية زوجها، فقال عمر: "إنما الدية للعاقلة، فلا أعلم لك شيئاً"، فقال الضحاك ابن سفيان6: "أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليَّ أن أورث امرأة أَشْيَم الضبابي7 من دية زوجها فورثها عمر"8. / [106 / ب] 9.

_ 1 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/40، وإسناده صحيح، وأحمد: المسند 1/259، 260. البخاري: الصحيح 1/85، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بنحوه. 2 في الأصل: (ابن) ، وهو تحريف. 3 لم أجده في أحاديث عبد الله بن محمّد بن حيان المطبوع، والمخطوط، وقد سبق تخريجه ص 805. 4 الزيادة يقتضيها السياق. 5 الخراساني، ثقة يغرب وتُكلم فيه للإرجاء ويقال: رجع عنه. من السابعة، توفي سنة ثمان وستين ومئة. (التقريب ص 90) . 6 الكلابي، صحابي معروف، كان من عمال النبي صلى الله عليه وسلمعلى الصدقة. (التقريب ص279) . 7 أشيم - بوزن أحمد - الضبابي قتل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. (الإصابة 1/51) . 8 أحمد: المسند 2/452، أبو داود: السنن 3/129، والترمذي: السنن 4/425، وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والحديث صحيح إن كان سعيد سمع من عمر. وصحّحه الألباني. (صحيح الترمذي / 215، 216، رقم: 1714، صحيح سنن ابن ماجه رقم: 2642) . مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 2/245، عن ابن شهاب عن عمر. قال الحافظ: "أخرجه أصحاب السنن من حديث الضحاك، وأخرجه أبو يعلى من طريق مالك عن الزهري عن أنس. قال: كان قتل أشيم خطأ، وهو في الموطّأ عن الزهري بغير ذكر أنس. قال الدارقطني في الغرائب: وهو المحفوظ". (الإصابة 1/51) . 9 وردت هذه الورقة في مكانها الصحيح حسب الترتيب كما بدا لي.

وفي صحيح البخاري قال عمر: "تفقهوا قبل أن تُسوّدوا"1. وفيه: أن عمر توضأ بالحمَيم2، ومن بيت نصرانية3. وفيه: أن عمر قال: "إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور"4. وفيه: أن عمر أمر ببناء المسجد، وقال: "أكن الناس من المطر، وإياك، أن تُحمِّر أو تُصفِّر فتفتن الناس"5. وعن عبد الله بن عمر قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: "من ضفّر6 فليحلق ولا تشبهوا بالتلبيد"78. وفي مسند الإمام أحمد عن عليّ قال: "كان أبو بكر يخافت بصوته إذا قرأ، وكان عمر يجهر بقراءته، وكان عمار إذا قرأ يأخذ من هذه السورة وهذه، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال لأبي بكر: "لم تخافت؟ "، قال: "إني

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب العلم 1/39، تعليقاً. وقد سبق تخريجه ص 837. 2 الحميم: الماء الساخن. (فتح الباري 1/299، القاموس ص 1417) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب الوضوء1/82، تعليقاً، وصله عبد الرزاق: المصنف1/174، وإسناده صحيح. قال الحافظ: "وصله سعيد بن منصور وعبد الرزاق وغيرهما، بإسناد صحيح". (فتح الباري 1/299، تغليق التعليق 2/130) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب المساجد 1/167، تعليقاً، وصله عبد الرزاق: المصنف 1/411، وإسناده صحيح. والبخاري: الأدب المفرد ص 427، وإسناده ضعيف فيه عنعنة ابن إسحاق، وضعّفه الألباني. (ضعيف الأدب المفرد ص 111) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب المساجد 1/171، تعليقاً: ولم أجده موصولاً. 6 ضَفْر الشّعر: إدخال بعضه في بعض. (النهاية 3/92) . 7 تلبيد الشعر: أن يجعل فيه شيء من صمغ عند الإحرم، لئلا يشعث ويقمل إبقاء على الشعر. (النهاية 4/224) . 8 البخاري: الصحيح، كتاب اللباس 5/2212، رقم: 5570.

لأسمع من أناجي"، وقال لعمر: "لم تجهر بقراءتك؟ "، قال: "أفزع الشيطان وأوقظ الوسنان". وقال لعمار: "لم تأخذ من هذه السورة وهذه السورة؟ "، قال: "أتسمعني أخلط به ما ليس منه؟ "، قال: "لا"، قال: "فكله طيب" 1. وفي الصحيح عن عمر أنه قال: "إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة، أو قال: في صلاتي"2. وفي مسند الإمام أحمد عن الحارث بن معاوية الكندي3: أنه ركب إلى عمر يسأله عن ثلاث خلال، قال: "فقدم المدينة فسأله عمر: "ما أقدمك؟ "، قال: لأسألك عن ثلاث خلالٍ، قال: "وما هن؟ "، قال: "ربما كنت أنا والمرأة في بناء ضيق فتحضر الصلاة فإن صليت أنا وهي كانت بحذائي، وإن صلت خلفي خرجت من البناء، فقال عمر: "تستُر بينك وبينها بثوب، ثم تصلي بحذائك إن شئت". وعن الركعتين بعد العصر؟ فقال: نهاني عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن القصص فإنهم أرادوني على القصص؟ فقال: "ما شئت"، كأنه كره أن يمنعه، قال: "إنما أردت أن أنتهي إلى قولك، قال: "أخشى عليك أن تقص فترتفع عليهم في نفسك، ثم تقص فترتفع حتى

_ 1 أحمد: المسند 4/159، رقم: 865، وإسناده ضعيف فيه زكريا بن أبي زائدة عنعن وهو مدلس. وسماعه من أبي إسحاق بأخرة. (التقريب رقم: 2022، 5065) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب العمل في الصلاة 1/408، تعليقاً، ووصله ابن أبي شيبة: المصنف 2/424، وإسناده صحيح، قال الحافظ: "وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أبي عثمان النهدي عنه بهذا سواء". (فتح الباري 3/90، تغليق التعليق 2/448) . 3 روى عن عمر، وعنه عبد الرحمن بن جبير وسليم بن عامر، وأبو أمامة الباهلي، وغضيف بن الحارث، وثّقه ابن حبان والعجلي، وذكره ابن مندة في الصحابة، والذي يظهر أنه من المخضرمين. (تعجيل المنفعة ص 56) .

يخيل إليك أنك فيهم بمنزلة الثريا فيضعك الله تحت أقدامهم يوم القيامة بقدر ذلك"1. وفي مسند الرّوياني عن زيد بن خالد الجهني2: أنه رآه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه - وهو خليفة - ركع بعد العصر ركعتي، فمشى إليه فضربه بالدّرة وهو يصلي كما هو، فلما انصرف قال: "زدنا يا أمير المؤمنين فوالله لا أدعهما أبداً بعد إذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما، قال عمر: "يا زيد بن خالد، لولا أني أخشى أن يتخذهما الناس سلماً إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما"3. وفي مسند الإمام أحمد عن حكيم بن عمير4 وضمرة بن حبيب5 قالا: قال عمر بن الخطّاب: "من سرّه أن ينظر إلى هدي رسول الله فلينظر إلى هدي عمرو بن الأسود"67.

_ 1 أحمد: المسند 1/203، رقم: 111، وإسناده صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 111. 2 صحابي مشهور، توفي سنة ثمان وستين بالكوفة. (التقريب ص 223) . 3 لم أجده فيما تبقى من مسند الروياني، والحديث أخرجه عبد الرزاق: المصنف 2/431، 432، وإسناده ضعيف، فيه أبو سعد الأعمى، ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والسائب مولى القاريين لم يوثّقه غير ابن حبان. (الكنى للبخاري ص 36، الجرح والتعديل 9/379، الثقات 4/326) . 4 أبو الأحوص الحمصي. 5 الزبيدي، الحمصي، ثقة، من الرابعة، توفي سنة ثلاثين ومئة. (التقريب ص 280) . 6 العَنسي، حمصي، سكن داريا، مخضرم، ثقة عابد، من كبار التابعين، توفي في خلافة معاوية. (التقريب ص 418) . 7 أحمد: المسند 1/205، وإسناده ضعيف، لانقطاعه بين حكيم بن عمير، وضمرة بن حبيب وبين عمر. وفيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم وهو ضعيف. (التقريب رقم: 7974) .

وفي الصحيح قال عمر: "نعم العِدلان1 ونعم العِلاوة2 / [106 / أ] 3 {الَّذِين إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلِيه رَاجِعُون أُولَئِكَ عَلَيْهِم صَلَوَاتٌ مِّنْ رَّبِّهِم وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} 4 [البقرة: 156-157] . وفيه أن عمر كان يقول: "لا يرث المؤمن الكافر"5. وعن أبي وائل قال: "جلست مع شيبة6 على الكرسي في الكعبة، فقال: "لقد جلس هذا المجلس عمر، فقال: "لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته". قلت: "إن صاحبيك لم يفعلا"، قال: "هما المرآن أقتدي بهما"7. وفيه: أن عمر قال لنشوانَ8 في رمضان: "ويلك، وصبياننا صيام،

_ 1 العِدْل والعَدْل - بالكسر والفتح -: المثل، والعدلان: المثلان. (النهاية 3/191، فتح الباري 3/172) . 2 العِلاوة: ما يحمل على البعير وغيره، وهوماوضع بين العِدلين. (لسان العرب15/89) . 3 ق 106 / أوردت في مكانها الصحيح، وهذا هو الترتيب الصحيح كما بدا لي. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/438، تعليقاً. ووصله الحاكم: المستدرك 2/270، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولا أعلم خلافاً بين أئمتنا أن سعيد بن المسيب أدرك أيام عمر، وإنما اختلفوا في سماعه". ومن طريقه البيهقي: السنن 4/65، قال الحافظ ابن حجر بعد إيراد الحديث: "هذا إسناد صحيح". (تغليق التعليق 2/470) . قلت: "إسناده صحيح إلى سعيد بن المسيب". 5 البخاري: الصحيح، كتاب الحج 2/575 رقم 1511 قال الحافظ في فتح الباري 3/452: " ويختلج في خاطري أن القائل: " وكان عمر ... " هو ابن شهاب فيكون منقطعا عن عمر ". 6 ابن عثمان. 7 سبق تخريجه ص 638. 8 نشوانٌ: سكران. (القاموس ص 1725) .

فضربه"1. وفيه عن ابن عباس أنه قال: "بلغ عمر أن فلاناً باع خمراً، فقال: "قاتل الله فلاناً، ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها" 2. وعن أبي البختري3 قال: سألت ابن عمر عن السلم في النخل، فقال: "نهى عمر4 عن بيع الثمر حتى يصلح، ونهى عن الورق بالذهب نساءً بناجز"5. وفي الصحيح قال عمر: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له" 6. وفيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ق ال: "من أعمرَ أرضاً ليست لأحد فهو أحقّ"، قال عروة7: "قضى به عمر في خلافته"8. وفيه أن عمر قال: "اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا، اللهم

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الصوم 2/692، تعليقاً، وصله سعيد بن منصور في السنن كما في تغليق التعليق 3/196، وإسناده صحيح، والبغوي في الجعديات كما في تغليق التعليق 3/196، وابن حزم: المحلى 6/269، والحافظ ابن حجر: تغليق التعليق 3/196. 2 البخاري: الصحيح، كتاب البيوع 2/774، رقم: 2110. 3 سعيد بن فيروز. 4 في البخاري: "نُهيَ عن بيع". 5 البخاري: الصحيح، كتاب السلم 2/783، ر قم: 2131. 6 البخاري: الصحيح، كتاب المزارعة 2/823، تعليقاً، ووصله مالك: الموطّأ2/466، وراية أبي مصعب، وإسناده صحيح. 7 ابن الزبير. 8 البخاري: الصحيح، كتاب المزارعة 2/823، تعليقاً، قال الحافظ ابن حجر: "قوله عروة، هو موصول بالإسناد المذكور إلى عروة، ولكن عن عمر مرسلاً، لأنه ولد في آخر خلافة عمر". (فتح الباري 5/20) .

إني أسألك أن أنفقه في حقّه"1. وقال: "وجدنا خير عيشنا في الصبر"2. وروى ابن أبي الدنيا عن العلاء بن عبد الكريم3 قال: قال عمر بن الخطّاب: "تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والحلم"4. وفي فوائد أبي سعيد. . . 5 عن الأسود6: أن عمر قدم مكّة حاجاً فصلى بالناس ركعتين، ثم قال: يا أهل مكّة أتموا الصلاة فإنا قوم سفر"7. وفي صحيح البخاري وقال عمر: "اللقيط حرّ"8. وفي مسند الأوزاعي عن مُعَيْقيب9 قال: "كنت أمشي مع عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه فانقطع شسعه، فقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون"،

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الرقاق 5/2365، تعليقاً، ووصله الدارقطني في غرائب مالك كما في تغليق التعليق 5/164، بإسنادين: الأول: عن زيد بن أسلم، وهو منقطع بين زيد وعمر. والثاني: من طريق عبد العزيز بن يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه. قال الحافظ: "وهذا موصول لكن سنده إلى عبد العزيز ضعيف". (فتح الباري 11/259) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب الرقاق 5/2375، تعليقاً، وقد سبق تخريجه ص 667. 3 اليامي، الكوفي، ثقة، عابد، من السادسة، توفي في حدود الخمسين ومئة. (التقريب ص 435) . 4 وكيع: الزهد 2/538، وعند أحمد: الزهد ص 120، وهو ضعيف نقطاعه، وأيضاً أشياخ العلاء مبهمون. والبيهقي: المدخل إلى السنن ق 37 / أ، من طريق العلاء بن عبد الكريم. 5 لم أستطع أن أقرأ في الأصل، وهذا رسمها: (احرابي) . 6 لم أستطع تمييزه، ولعله تحريف أسلم. 7 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/152، عن أسلم وإسناده صحيح. وعبد الرزاق: المصنف 2/5401، عن أسلم وإسناده صحيح. والبيهقي: السنن: 3/126، من طريق مالك، والمتقي الهندي: كنْز العمال 8/234. 8 البخاري: الصحيح، كتاب الفرائض 6/2481، تعليقاً، ولم أجد من وصله. 9 ابن أبي فاطمة.

قلت: "يا أمير المؤمنين، أتعدها مصيبة؟ "، قال: "نعم. كلما أصابك مما تكره فلك فيه ما احتسبت"1. وفي الصحيح عن عمر: "تقادُ المرأة من الرجل في كلّ عمد يبلغ نفسه فما دونها من الجراح"2. وفيه قال أبو جميلة3: "وجد منبوذاً، فلما رآني عمر قال: "عسى الغُوُير أبؤساً4، كأنه يتهمني"، قال عريفي: "إنه رجلٌ صالح". قال: "كذاك، اذهب وعلينا نفقته"5. وقوله: هذا مثل قديم يقال عند التهمة، والغوير: تصغير غار، وقيل: هو موضع. والمعنى في المثل: أنه ربما جاء الشرّ من معدن الخير6. وفيه عن ابن عمر: أن غلاماً قتل غِيلةً7، فقال عمر: "لو اشترك فيه، أو

_ 1 لم أجده عن معيقيب، وقد سبق تخريجه ص 836، عن عبد الله بن خليفة. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الديات 6/2524، تعليقاً، وصله سعيد بن منصور في السنن كما في تغليق التعليق 5/247، ومن طريقه البيهقي: السنن: 8/97، وإسناده صحيح إلى النخعي، قال الحافظ ابن حجر: "وصله سعيد بن منصور من طريق النخعي، قال: كان فيماجاء به عروة البارقي إلى شريح من عند عمر. قال: جرح الرجل والنساء سواء، وسنده صحيح إذا كان النخعي سمعه من شريح". (فتح الباري 12/214) . 3 سُنَين السّلمي، صحابي صغير، له في البخاري حديث واحد. (التقريب ص 257) . 4 الأبؤس: جمع بؤس، وهو الشدّة. (لسان العرب 6/23) . 5 ابن عبد البر: الاستيعاب الشهادات 2/946، ووصله مالك: الموطّأ (رواية يحبى بن يحيى) ص 406. وإسناده صحيح. قال الحافظ ابن حجر: "رواه معمر وغيره، أيضاً عن الزهري وإسناده صحيح". (تغليق التعليق 3/391) . 6 انظر: الميداني: مجمع الأمثال 2/341، ابن حجر: فتح الباري 5/274، 275. 7 الغِيلة - بالكسر -: الخديعة، والاغتيال. وقتل فلان غيلة؛ أي: خدعة. (لسان العرب 11/512) .

قال: فيها أهل صنعاء لقتلتهم به"1. وقال مغيرة بن حكيم2 عن أبيه3، أن أربعة قتلوا صبيّاً، فقال عمر: مثله4. / [105 / ب] 5.

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الديات 6/2527. 2 الصنعاني، ثقة، من الرابعة. (التقريب ص 534) . 3 حكيم الصنعاني، مقبول، من الثانية. (التقريب ص 177) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب الديات 6/2527، وصله البيهقي: السنن: 8/41، وإسناده صحيح. وقاسم بن أصبغ في جامعه كما في تغليق التعليق 5/251، وفتح الباري 12/228. 5 ق 105 / ب وردت في مكانها الصحيح، وهذا هو الترتيب الصحيح كما بدا لي.

المجلد الثالث

المجلد الثالث الباب الثامن والستون: صدقاته ووقفه وعتقه ... الباب الثامن والستون: في ذكر صدقاته ووقفه وعتقه في الصحيح عن ابن عمر أن عمر تصدق بمالٍ له على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقال له: ثمغ، وكان به نخل، فقال عمر: "يا رسول الله إني استفدت مالاً، وهو عندي نفيس، فأردت أن أتصدق به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تصدق بأصله، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولكن ينفق ثمره"، فتصدق به عمر، فصدقته ذلك في سبيل الله، وفي الرقاب والمساكين، والضيف وابن السبيل، ولذوي القربى، ولا جناح على من وليه يأكل منه بالمعروف، أو يؤكل صديقه غير متمول به"1. وفي رواية: أصاب عمر بخيبر أرضاً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس منه، كيف2 تأمرني به؟ "، قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها"، فتصدق عمر: أنه لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث، في الفقراء وذوي القربى3، والرقاب، وفي سبيل الله، والضيف، وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقاً غير مُتَمَوِّلٍ فيه"4. وفيه عن ابن عمر: أن عمر حمل على فرس له في سبيل الله، أعط اها

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الوصايا 3/1017، رقم: 2613. 2 في صحيح البخاري: (فكيف) . 3 في صحيح البخاري: (والقربي) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب الوصايا 3/1019، رقم: 2620، ومسلم: الصّحيح، كتاب الوصية 3/1255، رقم: 1632.

رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحمل عليها، فحمل عليها رجلاً، فأخبر عمر أنه قد وقفها يبيعها، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبتاعها، فقال: "لا تبتعها، ولا ترجعنّ في صدقتك" 1. وفيه رواية: حملت على فرس في سبيل الله، فابتاعه أو فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه، وظننت أنه بائعه برخص، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تشتره وإن بدرهم، فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" 2. وفي رواية أن عمر حمل فرساً في سبيل الله، فوجده يباعُ، فأراد أن يبتاعه، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تبتعه، ولا تعد في صدقتك" 3. وذكر ابن الجوزي عن نافع قال: قال ابن عمر: "أصاب عمر رضي الله عنه أرضاً بخيبر فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني أصبت أرضاً بخيبر، والله ما أصبت مالاً قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني؟ قال: "إن شئت تصدقت بها وحبست أصلها"، فجعلها عمر صدقة لا تباع، ولا توهب، ولا تورث صدقة للفقراء، والمساكين، والغزاة في سبيل الله عزوجل والرقاب، وابن السبيل، [و] 4 الضيف5، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم صديقاً غير متمول منه، وأوصى بها إلى أم المؤمنين حفصة

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الوصايا 3/1020، رقم: 2623. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1093، رقم: 2841، مسلم: الصّحيح، كتاب الهبات 2/1239، رقم: 1620. 3 البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1093، رقم: 2840، مسلم: الصّحيح، كتاب الهبات 2/1239، رقم: 1620. 4 سقط من الأصل. 5 في الأصل: (الضعيف) ، وفي الهامش: (لعله: الضيف) .

- رضي الله عنها - ثم إلى الأكابر من آل عمر"1. وعن ابن عمر قال: "أصاب عمر رضي الله عنه أرضاً، بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأمره فيها، / [107 / أ] قال: "أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ "، قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها"، قال: فتصدق بها عمر أن لا تباع ولا توهب ولا تورث فتصدق بها في الفقراء والرقاب، وفي سبيل الله عزوجل وابن السبيل، والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متأثل فيه مالاً"2. وعن الحسن3 قال: "أوصى عمر رضي الله عنه بأربعين ألفاً، يرونها يومئذٍ ربع ماله"4. وعن وسق الرومي، قال: "كنت مملوكاً لعمر بن الخطاب وكان يقول لي: "أسلم فإن أسلمت استعنت بك على أمانة المسلمين، فإنه لا ينبغي لي أن أستعين على أمانتهم من ليس منهم"، فأبيت، فقال: "لا إكراه في الدين"، فلما حضرته الوفاة أعتقني، وقال: "اذهب حيث شئت"5. وعن القاسم6 قال: "أوّل من استشهد من المسلمين يوم بدر

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 209، وابن شبة: كما في فتح الباري 5/402، والدارقطني: السنن 4/189، وإسناده صحيح. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الشروط 2/982، رقم: 2586، ومسلم: الصّحيح، كتاب الوصية 3/1255، رقم: 1632. 3 البصري. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 210، بدون إسناد. 5 سبق تخريجه ص 514. 6 القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، ثقة عابد، توفي سنة أربع وعشرين ومئة. (التقريب ص 450) .

مِهجع1 مولى عمر رضي الله عنه"2. وعن ابن عمر قال: خرج عمر رضي الله عنه إلى حائط له فرجع وقد صلى الناس العصر، قال: "إنما خرجت إلى حائطي فرجعت وقد صلى الناس، حائطي صدقة على المساكين"3. وعن أبي مسلم: "أنه صلى مع عمر بن الخطّاب أو حدّثه من صلى معه المغرب، فمسى بها أو شغله بعض الأمر حتى طلع نجمان، فلما فرغ من صلاته أعتق رقبتين"4. وعن ابن عباس قال: "أنا أوّل من أتى عمر حين طعن، فقال: "احفظ عني ثلاثاً إني أخاف أن لا يدركني الناس، أما أنا فلم أقض في الكلالة قضاءً، ولم أستخلف، وكلّ مملوك لي عتيق"5. وفي سنن أبي داود عن يحيى، عن سعيد6، عن صدقة عمر بن الخطّاب، قال: "نسخها [لي] 7 عبد الحميد بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب8:

_ 1 مهجع بن صالح، يقال إنه من أهل اليمن أصابه سبيٌ، فمن عليه عمر، وكان من المهاجرين الأوّلين، وقتل يوم بدر بين المسلمين. (الطبقات 3/391) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/391، 392، وهو ضعيف لانقطاعه؛ القاسم لم يدرك غزوة بدرٍ، وفيه المسعودي؛ صدوق اختلط قبل موته. (التقريب رقم: 3919) . 3 سبق تخريجه ص 636. 4 سبق تخريجه ص 636. 5 أحمد: المسند 1/295، وإسناده صحيح، وابن سعد: الطبقات 3/353، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/93، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 322. 6 الأنصاري المدني. 7 سقط من الأصل. 8 المدني، مجهول الحال، من الخامسة. (التقريب ص 334) .

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتب عبد الله بن عمر في ثَمْغَ، لا يباع أصلها ولا يوهب، ولا يورث، للفقراء، والقربى، والرقاب، [و] في سبيل الله، وابن السبيل، وفي رواية: والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم صديقاً غير متمول فيه، وفي رواية: غير متأثل مالاً1. فما عفا عنه من ثمره فهو للسائل والمحروم، قال: وإن شاء2 وليَ ثَمْغَ اشترى من ثمره رقيقاً لعمله، وكتب مُعيقيب، وشهد عبد الله بن الأرقم: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين رضي الله عنه إن حدث بي حدث، إن ثمغاً وصِرمَة ابن الأكوع والعبد الذي فيه، والمئة السهم التي بخيبر، ورقيقه الذي فيه / [107 / ب] والمئة التي أطعمه محمّد صلى الله عليه وسلم بالوادي، تليه حفصة ما عاشت، ثم يليه ذوو الرأي من أهلها، لا يباع ولا يشترى، ينفقه حيث رأى في السائل والمحروم، وذوي القربى، ولا جناح على من وليه إن أكل أو آكل [أو] اشترى رقيقاً منه"3. فائدة ناظر الوقف إن كان محتاجاً فله أن يأكل بقدر عمله، وإن كان غير محتاج فلا يجوز له الأكل، إلا أن يجعل الواقف ذلك كله، فيكون له ما قال الواقف. والله أعلم.

_ 1 أبو داود: السنن 3/116، رقم: 2878، وإسناده صحيح. 2 في الأصل: (والي) . 3 أبو داود: السنن 3/117، رقم: 2879، قال الألباني: "صحيح وجادة". (صحيح سنن أبي داود 2/757، رقم: 2503) .

الباب التاسع والستون: نبذ من مسائل إختارها

الباب التاسع والستون: نبذ من مسائل إختارها ... الباب التاسع الستون: في ذكر نبذ من مسائل اختارها له مسائل كثيرة اختارها، وأحكام مال إليها ونحن نذكر من اختياراته أربعين مسألة تبركاً بها رضي الله عنه: المسألة الأولى: اختار عمر رضي الله عنه أن جلد الميتة يطهر بالدباغ إذا كانت طاهرة في حال الحياة. وبه قال ابن مسعود، وجابر، وابن عباس، وعائشة، والحسن، وعطاء، والشعبي، وسعيد بن جبير، وقتادة، والنخعي، والليث، والثوري، والأوزاعي، وأبو حنيفة1، وسالم، ومالك في رواية عنهما، وهو قول يزيد ابن هارون2، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور3، وداود4، وإحدى الروايات عن أحمد. وهل يختص بالمأكول أو هو عام في المأكول وفي غيره؟ فقال جابر بن عبد الله، والحسن، والشعبي، والنخعي، وأبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد في رواية: "لا يختص بالمأكول، بل هو عام في الطاهر المأكول وغيره".

_ 1 النعمان بن ثابت الكوفي، فقيه مشهور، توفي سنة خمسين ومئة. (التقريب ص 563) . 2 السلمي، مولاهم، ثقة، متقن، عابد، توفي سنة ست ومئتين. (التقريب ص 606) . 3 إبراهيم بن خالد الكلبي، الفقيه، صاحب الشافعي، ثقة، توفي سنة أربعين ومئتين. (التقريب ص 89) . 4 داود بن عليّ البغدادي، المعروف بالأصبهاني، رئيس أهل الظاهر، توفي سنة سبعين ومئتين. (تاريخ بغداد 8/369، سير أعلام النبلاء 13/97) .

وقال الأوزاعي، وابن المبارك، وإسحاق، وأبو ثور، وأحمد في رواية، ورواه أشهب عن مالك: "يختص بالمأكول". وقال ابن عمر، وعمران بن حصين، وعائشة، وطاووس، وسالم، ومالك في رواية، وهو المشهور عن أحمد، واختيار أكثر أصحابه: "لا يطهر جلد الميتة بالدباغ مطلقاً"1. المسألة الثانية: اختيار عمر رضي الله عنه كراهة الصلاة في جلود الثعالب. وهو قول عليّ، وسعيد بن جبير، والحكم2، ومكحول3، وإسحاق، وهو رواية عن أحمد، ولو قلنا بطهارته. وقال الحسن، والشعبي، وأصحاب الرأي: "لا بأس بالصلاة فيها". وهو رواية عن أحمد. وعنه رواية أخرى: لا تصح الصلاة فيها4. المسألة الثالثة: اختيار عمر رضي الله عنه لا يكره السواك للصائم بعد الزوال ولا يستحب.

_ 1 الطحاوي: شرح معاني الآثار 1/468، 473، الزيلعي: تبيين الحقائق 1/25، 26، ابن الهمام: شرح فتح القدير 1/81، 83، ابن عبد البر: الكافي 1/163، ابن رشد: بداية المجتهد ص 41، النووي: المجموع 1/268، الروضة 1/41، ابن قدامة: المغني 1/92، 93، ابن عبد الهادي: تنقيح التحقيق 1/276، 296، المرداوي: الإنصاف 1/86. 2 الحكم بن عبد الله البلخي الفقيه، صاحب أبي حنيفة، توفي سنة تسع وتسعين ومئة. (الجواهر المضيئة 1980) . 3 مكحول الشامي، ثقة، فقيه، كثير الإرسال، مشهور، توفي سنة بضع عشرة ومئة. (التقريب ص 545) . 4 القاضي أبي يلعى: كتاب الروايتين والوجهين 1/67، ابن قدامة: المغني 1/92، 93، ابن مفلح: الفروع 1/105، المرداوي: الإنصاف 1/90.

وبه قال ابن سيرين، وعروة بن الزبير، والنخعي، ومالك، وأبو حنيفة، وروي عن عائشة، وابن عباس، وابن عمر، وهو إحدى الروايات عن أحمد. وقال عطاء، ومجاهد، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور: "يكره"، وهو رواية عن أحمد. وعنه رواية أخرى: يستحب1. المسألة الرابعة: اختيار عمر رضي الله عنه أن المسح على الخفين وما أشبهها موقت بيوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر. وهو قول عليّ، وابن مسعود، وابن عباس، وعمار، وحذيفة، والمغيرة، وأبي زيد الأنصاري2، واختلف فيه عن سعد / [108 / أ] بن أبي وقاص. وبالتوقيت قال عطاء، وشريح، وأبو حنيفة، وأصحابه، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن صالح3، والشافعي في أحد قوليه، وأحمد، وإسحاق، وداود. وقال مالك، والليث: "يباح أبداً". وهو رواية عن الحسن والأوزاعي4. المسألة الخامسة: اختيار عمر رضي الله عنه ابتداء مدة المسح من المسح

_ 1 الزيعلي: تبيين الحقائق 1/331، 332، عبد الوهّاب البغدادي: الإشراف على مسائل الخلاف 1/206، الشافعي: الأم 2/101، ابن قدامة: المغني 4/359، ابن مفلح: الفروع 1/125، المرداوي: الإنصاف 1/117، 118، وابن البنا: المقنع في شرح مختصر الخرقي 1/199. 2 عمرو بن أخطب، الأنصاري، صحابي جليل، نزل البصرة، مشهور بكنيته. (التقريب ص 418) . 3 الثوري، فقيه عابد رمي بالتشيع، توفي سنة تسع وستين ومئة. (التقريب ص 161) . 4 السرخسي: المبسوط 1/98، 99، الكاساني: بدائع الصنائع 1/8، مالك: المدوّنة 1/39، ابن عبد البر: الكافي 1/177، الشافعي: الأم 1/29، النووي: الروضة 1/131، ابن قدامة: المغني 1/365.

بعد الحدث. وهو قول الحسن بن صالح، والأوزاعي، وابن المنذر1، وأهل الظاهر، وإحدى الروايتين عن أحمد. والثانية عنه: من الحدث بعد اللبس، وبها قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وإسحاق، وبعض أهل الظاهر2. المسألة السّادسة: أن وقت الجمعة إذا زالت الشمس، ذكره البخاري عنه. وهو قول عليّ، والنعمان بن بشير، وعمرو بن حريث3، 4. المسألة السّابعة: اختيار عمر رضي الله عنه أن مسّ الذكر ينقض الوضوء. وبه قال ابنه، وابن عباس، وأنس، وسعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة،

_ 1 محمّد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الفقيه، نزيل مكّة، وصاحب التصانيف كـ: (الإشراف في اختلاف العلماء) ، وكتاب: (الإجماع) ، وغيرهما، توفي سنة تسع أو عشر وثلاث مئة. (طبقات الشافعية للسبكي3/102، سير أعلام النبلاء14/490) . 2 السرخسي: المبسوط 1/99، الكاساني: بدائع الصنائع 1/8، الشافعي: الأم 1/30، النووي: الروضة 1/131، ابن قدامة: المغني 1/362، ابن مفلح: الفروع 1/167، المرداوي: الإنصاف 1/177، ابن حزم: المحلى 2/95. 3 المخزومي، صحابي صغير، توفي سنة خمس وثمانين. (التقريب ص 420) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب الجمعة 1/306، تعليقاً، أثر عمر وصله مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/8، وإسناده صحيح. ووصله ابن أبي شيبة: المصنف 1/323، قال الحافظ: "إسناده قوي". وأثر عليّ وصله ابن أبي شيبة كما في فتح الباري 2/387، وابن سعد: الطبقات 6/314، وإسناده صحيح. وأثر النعمان صله ابن أبي شيبة: المصنف 2/108، وصححه الحافظ، وأثر عمرو بن حريث وصله ابن أبي شيبة: المصنف 2/109، وصححه الحافظ. (وانظر: ابن حجر: تغليق التعليق، وفتح الباري 2/387) .

وزيد بن خالد، والبراء1، وخالد بن عبد الله2، وعطاء، وطاووس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وجابر بن زيد، وعكرمة، ومحكول، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وأبان بن عثمان3، وعروة، ومحمّد بن سيرين، وأبو العالية4، والشعبي، وحميد الطويل5، والليث، الأوزاعي، والزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد في إحدى الروايات، وإسحاق، وداود، وأبو ثور. وبعدم النقض قال عليّ، وابن مسعود، وعمار، وحذيفة، وأبو الدرداء، وعمران بن حصين، وسعد، وابن عباس، وأبو هريرة، والحسن، وابن المنذر، وهو رواية عن مجاهد، ومالك وأحمد6. المسألة الثّامنة: اختيار عمر رضي الله عنه أن التكبير في العيد من الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق. وبه قال عليّ، وابن عباس، وابن مسعود، والثوري، وابن عيينة،

_ 1 ابن عازب. 2 الطحان الوسطي، المزني، مولاهم، ثقة، ثبت، توفي سنة اثنتين وثمانين ومئة. (التقريب ص 189) . 3 ابن عفان الأموي، ثقة، توفي سنة خمس ومئة. (التقريب ص 87) . 4 رُفيع بن مهران. 5 حُميد بن أبي حميد الطويل، ثقة، مدلس، وعابه زائدة لدخوله في شيء من أمر الأمراء، توفي سنة اثنتين. ويقال: ثلاث - وأربعين ومئة ـ، وهو قائم يصلي. (التقريب ص 181) . 6 الزيلعي: تبيين الحقائق 1/12، ابن الهمام: فتح القدير 1/49، مالك: المدونة 1/8، 9، ابن عبد البرّ: الكافي 1/149، والاستذكار 1/308، 314، الشافعي: الأم 1/15، 16، النووي: المجموع 2/34، ابن قدامة: المغني 1/240، 241، 242، المجد: المحرر 1/14، ابن عبد الهادي: تنقيح التحقيق 1/443، المرداوي: الإنصاف 1/202.

وأبو يوسف1، ومحمّد2، وأبو ثور، والشافعي في قول، وهو مذهب أحمد. وقال علقمة3، والنخعي، وأبو حنيفة: "من غداة عرفة إلى عصر يوم النحر". وقال مالك والشافعي في المشهور عنه: "من الظهر يوم النحر إلى الصبح من آخر أيام التشريق"4. المسألة التّاسعة: اختيار أبي بكر وعمر المشي أمام الجنازة أفضل. وبه قال ابن عمر، وعثمان، وأبو هريرة، والحسن بن عليّ5، وابنالزبير، وأبو قتادة6، وأبو أُسَيْد7، وعُبيد بن عمير، وشريح، والقاسم بن محمّد، وسالم، والزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد.

_ 1 يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، الكوفي الإمام المجتهد، صاحب أبي حنيفة، توفي سنة اثنتين وثمانين ومئة (الجواهر المضيئة 2/220، سير أعلام النبلاء 8/535) . 2 محمّد بن الحسن الشيباني الكوفي، صاحب أبي حنيفة، توفي سنة تسع وثمانين ومئة. (سير أعلام النبلاء 9/134، تاريخ بغداد 2/172) . 3 علقمة بن قيس النخعي، الكوفي، ثقة ثبت، فقيه عابد، توفي بعد الستين. (التقريب ص 397) . 4 الزيلعي: تبيين الحقائق 1/227، ابن الهمام: فتح القدير 2/48، ابن عابدين: حاشية رد المختار 2/179، مالك: المدونة 1/171، ابن عبد البرّ: الكافي 1/265، الشافعي: الأم 1/209، النووي: الروضة 2/80، ابن قدامة: المغني 3/288، المجد: المحرر 1/167، ابن مفلح: الفروع 2/191، المرداوي: الإنصاف 2/436. 5 ابن أبي طالب، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، وقد صحبه وحفظ عنه، توفي شهيداً بالسّم، سنة تسع وأربعين. (التقريب ص 162) . 6 الحارث بن ربعي الأنصاري السلمي. 7 مالك بن ربيعة: أبو أسيد الساعدي، مشهور بكنيته، شهد بدراً وغيرها، توفي سنة ستين. (التقريب ص 517) .

وخالفهم الأوزاعي، والحنفية1. المسألة العاشرة: اختياره وجوب الزكاة على الصبي والمجنون. وهو قول عليّ، وابن عمر، وعائشة، والحسن بن عليّ، وجابر بن زيد، وابن سيرين، وعطاء، ومجاهد، وربيعة2، ومالك، والحسن بن صالح، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد. وقال ابن عيينة، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور: "تجب في العشرى"3. وقال ابن مسعود، والثوري، والأوزاعي: "تجب الزكاة ولا تخرج حتى يبلغ ويفيق". وقال ابن مسعود: "ما يجب في ماله من الزكاة إذا بلغ أعمله إن شاء زكى، وإن شاء ترك". وبه قال إبراهيم4. وقال الحسن، وسعيد بن المسيب، وأبو وائل، والنخعي5، وأبو حنيفة: "لا تجب الزكاة"6.

_ 1 السرخسي: المبسوط 2/57، الكاساني: بدائع الصّنائع 1/309، مالك: المدونة 1/177، ابن رشد: بداية المجتهد ص 123، النووي: الروضة 2/115، ابن قدامة: المغني 3/397. 2 ربيعة بن أبي عبد الرحمن التيمي، ثقة فقيه مشهور، توفي سنة ست وثلاثين ومئة، على الصحيح. (التقريب ص 207) . 3 أي: في زرعه. 4 في المغني: (وروي نحو هذا عن إبراهيم) . 5 إبراهيم النخعي. 6 الزيلعي: تبيين الحقائق 1/252، ابن عابدين: حاشية المختار 2/258، ابن عبد البرّ: الكافي 1/284، الحطاب: مواهب الجليل 2/292، الشافعي: الأم 2/27، النووي: الروضة 2/149، ابن قدامة: المغني 4/69، 70، ابن عبد الهادي: تنقيح التحقيق 2/1380، المرداوي: الإنصاف 3/4.

المسألة الحادية عشر: اختيار عمر رضي الله عنه القول بإثبات خيار الفسخ، وأن لكل واحد الخيار ما دام في المجلس. وهو قول ابنه، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي برزة1، وسعيد بن المسيب، وشريح، والشعبي، وعطاء، وطاووس، والزهري، والأوزاعي، وابن أبي ذئب2، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور. وقال مالك، وأبو حنيفة: "لا خيار، ويلزم البيع بالإيجابوالقبول"3. / [108 / ب] . المسألة الثّانية عشر: اختياره لا يصح السلم في الحيوان. وبه قال ابن مسعود، وحذيفة، وسعيد بن جبير، والشعبي، والجوزجاني، والثوري، وأبو حنيفة، وأحمد في رواية. وقال ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وسعيد بن المسيب، والحسن، والشعبي، ومجاهد، والثوري4، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وعطاء، والحكم: "يصح".

_ 1 نضلة بن عبيد الأسلمي، صحابي مشهور بكنيته، أسلم قبل الفتح، وغزا سبع غزوات، ثم نزل البصرة، توفي سنة خمس وستين. (التقريب ص 563) . 2 محمّد بن عبد الرحمن القرشي العامري، المدني، ثقة فاضل، فقيه، توفي سنة ثمان وخمسين ومئة. (التقريب ص 493) . 3 الزيلعي: تبيين الحقائق4/3، ابن الهمام: فتح القدير5/465، مالك: المدوّنة4/188، ابن عبد البرّ: الكافي 2/701، الشافعي: الأم 3/4، النووي: الروضة 3/432، 433، ابن قدامة: المغني 6/10. 4 في المغني: (الزهري) .

وهو ظاهر مذهب أحمد نص عليه في رواية الأثرم12. المسألة الثّالثة عشر: اختياره أنه إذا شرط أنه متى حل الحقّ ولم يوف فالرهن بالدين، فهو مبيع بالدين الذي عليك، فهو شرط فاسد. وهو قول شريح، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأحمد نص عليه في رواية الأثرم، وقال الشيخ موفق الدين: "لم نعلم أحداً خالفهم"3. المسألة الرّابعة عشر: اختيار عمر إذا وجد الغريم عين ماله عند المفلس فهو أحق بها. وهو قول عليّ، وأبي هريرة، وعروة، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وابن المنذر. وقال الحسن، والنخعي، وابن شبرمة4، وأبو حنيفة: "هو أسوة الغرماء"5. المسألة الخامسة عشر: اختيار عمر أن الجارية لا يدفع إليها مالها بعد بلوغها حتى تتزوج أو تلد أو تمضي عليها سنة في بيت الزوج، وبه قال شريح،

_ 1 العلامة أبو بكر أحمد بن محمّد بن هانئ الأثرم الطائي، مصنف (السنن) ، وتلميذ الإمام أحمد، توفي سنة ثلاث وسبعين ومئتين. طبقات الحنابلة 1/66، سير أعلام النبلاء 12/623) . 2 الكاساني: بدائع الصنائع 5/209، ابن الهمام: فتح القدير 6/209، الشافعي: الأم 3/117، ابن قدامة: المغني 6/388، 389، المرداوي: الإنصاف 5/85. 3 ابن قدامة: المغني 6/507، قلعه جي: موسوعة فقه النخعي 1/517. 4 عبد الله بن شبرمة بن الطفيل الضبي القاضي الكوفي، كان من أئمة الفروع، توفي سنة أربع وأربعين ومئة. (أخبار القضاة 3/36، سير أعلام النبلاء 6/349) . 5 الزيلعي: تبيين الحقائق5/201، ابن الهمام: فتح القدير8/209، مالك: المدونة 5/237، ابن عبد البرّ: الكافي 2/823، الكوهجي: زاد المحتاج بشرح المنهاج 2/75، ابن قدامة: المغني 6/538، المرداوي: الإنصاف 5/286.

والشعبي، وإسحاق، ورواية عن أحمد. المشهور من مذهبه: يدفع إليها مالها وإن لم تنكح إذا بلغت ورشدت، وبه قال عطاء، والثوري، وأبو ثور، وأبو حنيفة، والشافعي، وابن المنذر1. المسألة السّادسة عشر: اختيار عمر أن عين الدابة تضمن بربع قيمتها، وكتب به إلى شريح: "إنا كنا ننزلها بمنزلة الآدمي، إلا أنه أجمع رأيُنا أن قيمتها ربع الثمن". وقال أحمد في رواية أبي الحارث2. وعن أحمد رواية أخرى: يضمن بعض الدابة، وبه قال الشافعي3. المسألة السّابعة عشر: اختيار عمر أن الشفعة لا تكون إلا في المشاع غير المقسوم، فأما الجار فلا شفعة له. وبه قال عثمان، وعمر بن عبد العزيز، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والزهري، ويحيى الأنصاري، وأبو الزناد، وربيعة، والمغيرة بن عبد الرحمن4، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر.

_ 1 الكاساني: بدائع الصنائع7/173، الزيلعي: تبيين الحقائق5/195، 203، الشافعي: الأم 3/219، 220، ابن قدامة: المغني 6/601، المرداوي: الإنصاف 5/322، 323. 2 أحمد بن محمّد الصائغ، روى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، بضعة عشر جزءاً، وجوّد الرواية عنه. (طبقات الحنابلة 1/74، 75) . 3 ابن قدامة: المغني 7/371. 4 المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله المخزومي، صدوق فقيه كان يهم، توفي سنة ست أو ثمان وثمانين. (التقريب ص 543) .

خلافاً لابن شبرمة، والثوري، وابن أبي ليلى، وأصحاب الرأي1. المسألة الثّامنة عشر: اختياره تجوز المساقاة في جميع الشجر. وبه قال أبو بكر، وعثمان، وسعيد بن المسيب، وسالم، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمّد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال داود: "لا تجوز إلا في النخل"2، 3. المسألة التّاسعة عشر: اختيار أبي بكر وعمر جواز استئجار الأجير بكسوته. وبه قال أبو موسى، ومالك، وإسحاق، وأحمد في الرواية. وعنه رواية أخرى: يجوز في الكبير دون غيره. وهو مذهب أبي حنيفة، واختاره الخرقي4 من أصحابنا. وعنه رواية ثالثة: لا يجوز بحال. وبه قال الشافعي، أبو يوسف، ومحمّد، وأبو ثور، وابن المنذر5.

_ 1 الكاساني: بدائع الصنائع 5/4، الزيلعي: تبيين الحقائق 5/239، 240، مالك: المدونة 5/401، 402، البغدادي: الإشراف على مسائل الخلاف 2/48، الشافعي: الأم 4/4، النووي: الروضة 5/73، ابن قدامة: المغني 7/436، 437. 2 وبه قال أبو حنيفة. 3 الكاساني: بدائع الصنائع 6/185، الزيلعي: تبيين الحقائق 5/284، البغدادي: الإشراف على مسائل الخلاف 2/62، ابن عبد البرّ: الكافي 2/766، ابن قدامة: المغني 7/531، ابن حزم: المحلى 8/229. 4 أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي، مؤلف: (المختصر) ، في مذهب الحنابلة، توفي سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة. (طبقات الحنابلة 2/118، مقدمة المقنع في شرخ مختصر الخرقي 1/31) . 5 السرخسي: المبسوط 15/118، 119، السمرقندي: تحفة الفقهاء 2/535، البغدادي: الإشراف على مسائل الخلاف 8/68، النووي: الروضة 5/174، 175، 178، 196، والمنهاج مع مغني المحتاج 2/337، 345، وفيهما مذهب الشافعي: صحة الاستئجار للإرضاع. الخرقي: المختصر ص 65، صالح: مسائل الإمام أحمد 3/215، ابن البنا: المقنع في شرح مختصر الخرقي 2/763، 764، ابن قدامة: المغني 8/68.

المسألة العشرون: اختياره لا تلزم الهبة إلا بالقبض. قال أبو بكر المروذي1: "اتفّق أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ، على أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة". وبه قال النخعي، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي2، وأصحاب الرأي، وأحمد في رواية3. المسألة الحادية والعشرون: اختياره من وهب لغير ذي رحم فله الرجوع ما لم يُثب عليها، ومن وهب لذي رحم فليس له الرجوع. وبه قال النخعي، والثوري، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور: "ليس له الرجوع مطلقاً"4. المسألة الثّانية والعشرون: اختياره أن مدّة تعريف اللقطة سنة. وبه قال عليّ، وابن عباس، وابن المسيب، والشعبي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرّأي5.

_ 1 أبو بكر أحمد بن محمّد المروذي، نزيل بغداد، صاحب الإمام أحمد، روى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، توفي سنة خمس وسبعين ومئتين. (طبقات الحنابلة 1/56، وسير أعلام النبلاء 13/173) . 2 قوله: "الشافعي"، تكرر في الأصل. 3 الكاساني: بدائع الصنائع 6/115، الزيلعي: تبيين الحقائق 5/91، الشافعي: الأم 4/62، النووي: الروضة 5/375، ابن قدامة: المغني 8/240، المرداوي: الإنصاف 7/119، 120. 4 الكاساني: بدائع الصنائع 6/132، الزيلعي: تبيين الحقائق 5/97، 98، الشافعي: الأم 4/61، النووي: الروضة 5/378، ابن قدامة: المغني 8/277. 5 السرخسي: المبسوط 11/3، مالك: المدونة 6/173، البغدادي: الإشراف على مسائل الخلاف 2/85، الشافعي: الأم 4/66، ابن قدامة: المغني 8/293.

المسألة الثّالثة والعشرون: اختياره يجوز أخذ اليسير من اللقطة، والانتفاع به من غير تعريف. وبه قال عليّ، وابن عمر، وعائشة، وعطاء، وجابر بن زيد، وطاووس، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرّأي، وأحمد1. المسألة الرّابعة والعشرون: اختيار عمر أن اللقطة [109 / أ] إذا عرفها المدة المعتبرة، فلم يعرف مالكها، صارت كسائر أمواله غنياً كان أو فقيراًُ. وبه قال ابن مسعود، وعائشة، وعطاء، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وابن المنذر، وروي أيضاً عن عليّ، وابن عباس، والشعبي، والنخعي، وطاووس، وعكرمة. وقال مالك، والحسن بن صالح، والثوري، وأصحاب الرأي: "يتصدق بها، فإذا جاء صاحبها خيره بين الأجر والغرم"2. المسألة الخامسة والعشرون: اختيار عمر أن لقطة الحل والحرم سواء. وبه قال ابن عباس، وعائشة، وابن المسيب، ومالك، وأبو حنيفة، وأحمد في الرواية. والرواية الثانية: لا يجوز التقاط لقطة الحرم للتمليك، وإنما يجوز لحفظها،

_ 1 السرخسي: المبسوط 11/3، مالك: المدونة 6/175، النووي: المجموع 14/155، ابن قدامة: المغني 8/296. 2 السرخسي: المبسوط 11/3، الكاساني: بدائع الصنائع6/202، مالك: المدونة6/173، ابن عبد البرّ: الكافي 2/836، الشافعي: الأم 4/69، النووي: المجموع 14/160، ابن قدامة: المغني 8/299.

لصاحبها فإن التقطها عرفها أبداً، وهو قول عبد الرحمن بن مهدي1، وأبي عبيد، والشافعي، كالمذهبين2. المسألة السّادسة والعشرون: اختياره يستحق ردّ الآبق الجعل برده، وإن لم يشرط له. وبه قال عليّ، وابن مسعود، وشريح، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، وأصحاب الرأي، وأحمد في رواية. والرواية الثانية عنه: لا يجب. وهو ظاهر قول الخرقي من أصحابه، وهو قول النخعي، والشافعي، وابن المنذر3. المسألة السّابعة والعشرون: اختياره أن اللقيط يقرّ بيد من وجده إن كان أميناً، وهو مذهب أحمد وغيره4. المسألة الثّامنة والعشرون: اختياره أن اللقيط إذا ادعاه اثنان فألحقته القافة بهما، لحق بهما وكان ابنهما يرثهما ميراث ابن، ويرثانه ميراث5 أب واحد. وبه قال عليّ، وأبو ثور، وأحمد. وقال أصحاب الرأي: "يُلحَق بهما بمجرد الدعوى".

_ 1 العنبري، مولاهم، ثقة ثبت حافظ، توفي سنة ثمان وتسعين ومئة. (التقريب ص 351) . 2 الكاساني: بدائع الصّنائع 6/302، الإشراف على مسائل الخلاف 2/86، النووي: المجموع14/147، ابن قدامة: المغني 8/305، 306، المرداوي: الإنصاف 6/413. 3 السرخسي: المبسوط11/17، الكاساني: بدائع الصّنائع6/203، مالك: المدونة 6/177، البغدادي: الإشراف على مسائل الخلاف2/86، الشافعي: الأم4/71، الخرقي: المختصر ص 104، ابن قدامة: المغني8/328، 329، المرداوي: الإنصاف 6/394. 4 النووي: المجموع14/179، ابن قدامة: المغني 8/350، المرداوي: الإنصاف 6/438. 5 في الأصل: (ويراثه) ، وهو تحريف.

وقال الشافعي: "لا يلحق بأكثر من واحد"1. المسألة التّاسعة والعشرون: اختياره: جواز الرجوع في الوصية، وقال: "يغير الرجل ما شاء من وصيته". وبه قال عطاء، وجابر بن زيد، والزهري، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال الشعبي، وابن سيرين، وابن شبرمة، والنخعي: "يغير منها ما شاء إلا العتق"2. المسألة الثّلاثون: اختيار عمر أن الكلالة3 اسم للميت الذي لا ولد له ولا والد. وبه قال عليّ، وابن مسعود4. وقيل: الكلالة: اسم للورثة ما عدا الوالدين، والمولودين، نص عليه أحمد5. وروي عن أبي بكر الصديق: الكلالة: ما عدا الوالد والولد6.

_ 1 ابن الهمام: فتح القدير5/344، النووي المجموع14/200، ابن قدامة: المغني 8/377. 2 ابن عبد البرّ: الكافي2/1031، الشافعي: الأم 4/118، النووي: المجموع14/415، ابن قدامة: المغني 8/468. 3 الكلالة: هو أن يموت الرجل ولا يدع والداً ولا ولداً، يرثانه. وأصله: من تَكَلَّلَهُ النسب، إذا أحاط به. (النهاية 4/197، لسان العرب 11/592، 593) . 4 ابن جرير: التفسير 3/284، ابن كثير: التفسير 2/206. 5 ابن قدامة: المغني 9/8، 9. 6 الطبري: التفسير 3/284، ابن كثير 2/200.

وقيل: الكلالة: قرابة الأم1. وممن ذهب إلى أنه يشترط في الكلالة عدم الوالد والولد: زيد، وابن عباس / [109 / ب] وجابر بن زيد، والحسن، وقتادة، والنخعي، وأهل المدينة، والبصرة، والكوفة2. ويروى عن عمر وابن عباس: أن الكلالة من لا والد له، والصحيح عنهما الأوّل3. المسألة الحادية والثّلاثون: اختياره أن الأخوات مع البنات عصبة لهن ما فضل. وبه قال عليّ، وزيد، وابن مسعود، ومعاذ، وعائشة، وإليه ذهب عامة الفقهاء إلا ابن عباس ومن تابعه4. المسألة الثّانية والثّلاثون: إذا كان زوج، وأم، وإخوة من أم، وإخوة من أب وأم. هذه المسألة اختلف العلماء فيها قديماً وحديثاً: فقال أحمد: "للزوج النصف، والأم السدس، والإخوة من الأم الثلث،

_ 1 ابن قدامة: المغني 9/8، 9. 2 الطبري: التفسير 3/284، 285، الزيلعي: تبيين الحقائق 6/237، ابن قدامة: المغني 9/8، 9، ابن كثير: التفسير 2/201. 3 ابن قدامة: المغني 9/9، ابن كثير: التفسير 2/201، وقال: "وقد روى عن ابن عباس ما يخالف ذلك، وهو أنه من لا ولد له، والصحيح عنه الأوّل، ولعلّ الراوي ما فهم عنه ما أراد". 4 الزيلعي: تبيين الحقائق 6/236، الإشراف على مسائل الخلاف 2/331، ابن عبد البرّ: الكافي 2/156، النووي: الروضة 6/17، ابن قدامة: المغني 9/9.

وسقط الإخوة من الأبوين". ويروى عن عليّ، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وابن عباس، وأبي موسى، وبه قال الشافعي، والعنبري1، وشريك2، وأبو حنيفة، وأصحابه، ويحيى بن آدم3، ونعيم بن حماد4، وأبو ثور وابن المنذر. ويروى عن عمر، وعثمان، وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم -: أنهم شركوا بين ولد الأبوين وولد الأم في الثلث، فقسموه بينهم بالسوية للذكر مثل حظ الأنثيين. وبه قال مالك، والشافعي، وإسحاق. ويروى أن عمر كان أسقط ولد الأبوين فقال بعضهم: "يا أمير المؤمنين، هب أن أبانا كان حماراً أليست أمنا واحدة؟ "، فشرك بينهم. وهذه المسألة تسمى المُشَرَّكة5، وتسمَّى الحمارية لما تقدم. وقيل: سميت بذلك لأن رجلاً يسمى حماراً أفتى فيها، فأخطأ، فنسبت إليه. وقيل غير ذلك6.

_ 1 سوار بن عبد الله بن سوار العنبري، ثقة، توفي سنة خمس وأربعين ومئتين. (التقريب ص 259) . 2 ابن عبد الله النخعي، القاضي، توفي سنة سبع وسبعين ومئة. (التقريب ص 266) . 3 الخزاعي، صدوق يخطئ كثيراً، عارف بالفرائض، توفي سنة ثمان وعشرين ومئتين. (التقريب ص 564) . 4 الكوفي، ثقة، توفي سنة ثلاث ومئتين. (التقريب ص 587) . 5 سميت بالمشركة - بفتح الراء المشدّدة - أي: المشرك فيها. ويقال أيضاً: المشتركة، - بتاء بعد الشّين مع فتح الراء - بمعنى: أنها مشتركة فيها. (الفوائد الشنشورية مع حاشيتها ص 126) . 6 ابن عابدين: حاشية ردّ المختار 5/501، ابن رشد: بداية المجتهد ص 445، 446، النووي: الروضة 6/23، ابن قدامة: المغني 9/24، 25، ابن كثير: التفسير 2/201، 202.

المسألة الثّالثة والثّلاثون: اختيار عمر العول1 في المسائل. وبه قال عليّ، والعباس، وابن مسعود، وزيد، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعي وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وإسحاق، ونعيم بن حماد، وأبو ثور، وسائر أهل العلم، إلا ابن عباس وطائفة شذت منهم: محمّد بن الحنفية، ومحمّد بن عليّ بن الحسن، وداود، وقالوا: "لا تعول المسائل". وروي عن ابن عباس أنه قال في زوج، وأخت، وأمٍّ: "من شاء باهلته أن المسائل لا تعول، إن الذي أحصى رمل عَالِج2 عدداً أعدل من أن يجعل في مال نصفاً [ونصفاً] 3 وثلثاً، وهذان النصفان ذهبا بالمال، فأين موضع الثلث؟ فسُمِّيَت مسألةالمباهلة، وهي أوّل مسألةٍ عائلةٍ حدثت في زمن عمر، فجمع الصحابة للمشورة فيها4. المسألة الرّابعة والثّلاثون: إذا لم يستكمل الوارث المال ردّ / [110 / أ]

_ 1 العول: أن تزيد سهام المسألة عن أصلها زيادة يترتب عليها نقص أنصباء الورثة، ففيه معنى الارتفاع والنقص. (النهاية 3/321، لسان العرب 11/484، حاشية الباجوري على شرح الرحبية ص 151) . 2 عالج: موضع كثير الرمال بحيث يضرب المثل بكثرتها، ويطلق على عالج الآن اسم النفود الكبير، وهو امتداد من الدهناء من قرب طريق الحج القديم الواقع بين فيد وزيالة، من جهة الجنوب حيث زرود، ثم ينعطف إلى الشمال الغربي، حتى يفصل بين حائل وبين بلاد الجوف، ثم يمتد نحو الغرب حتى يتصل بأطراف الحرة الشمالية حرة ليلى. (شمال المملكة 3/873، 874) . 3 سقط من الأصل. 4 الزيلعي: تبيين الحقائق6/244، الشيرازي: المهذب 2/28، النووي: الروضة6/63، ابن قدامة: المغني 9/28، ابن سيف: العذب الفائض ص 162، 164، ابن حزم: المحلى 9/262.

الفاضل عليهم إلا الزوج والزوجة في قول عمر، وعليّ، وابن مسعود، وابن عباس، والحسن، وابن سيرين، وشريح، وعطاء، ومجاهد، والثوري، وأبي حنيفة، أصحابه، والصحيح عن أحمد. خلافاً لزيد بن ثابت، ومالك، والأوزاعي، والشافعي1. المسألة الخامسة والثّلاثون: اختياره أن للجدات وإن كثرن السدس، وهو قول أبي بكر2. المسألة السّادسة والثّلاثون: اختياره أن الجدة ترث وابنها حيّ. وبه قال ابن مسعود، وأبو موسى، وعمران بن حصين، وأبو3 الطفيل، وشريح، والحسن، وابن سيرين، وجابر بن زيد، وإسحاق، وابن المنذر، وهو ظاهر مذهب أحمد. وقال زيد: "لا ترث". وروي عن عثمان، وعليّ، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وابن4 جابرٍ، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وهو رواية عن أحمد5. المسألة السّابعة والثّلاثون: اختيار عمر في أم وأخت وجد؛ للأخت

_ 1 الزيلعي: تبيين الحقائق 6/246، الدردير: الشرح الصغير 2/488، الشيرازي: المهذب 2/29، ابن قدامة: المغني 9/48، 49، المرداوي: الإنصاف 7/317. 2 الزيلعي: تبيين الحقائق 6/232، ابن قدامة: المغني 9/54. 3 عامر بن واثلة الليثي، ولد عام أحد، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم توفي سنة عشر ومئة على الصحيح. (التقريب ص 288) . 4 عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، ثقة، توفي سنة بضع وخمسين ومئة. (التقريب ص 353) . 5 الزيلعي: تبيين الحقائق 6/233، ابن عبد البرّ: الكافي 2/162، النووي: الروضة 6/12، ابن قدامة: المغني 9/60، المرداوي: الإنصاف 7/311.

النصف، وللأم ثلث ما بقي، وما بقي للجد. وقال أبو بكر الصديق: "للأم الثلث، والباقي للجد". وقال زيد: "أصلها من ثلاثة، للأم الثلث، ويبقى سهمان بين الأخت والجد". وقال عليّ: "للأخت النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس". وقال ابن مسعود: "للأم السدس، والباقي للجد". وقال أيضاً: "للأخت النصف، والباقي بين الجد والأم نصفان، فتكون من أربعة". وقال عثمان: "المال بينهم أثلاثاً"1. وتسمى الخرقاء2، ومربعة ابن مسعود، ومثلثة عثمان، والمَسبَّعة، والمُسدَّسة"3. المسألة الثّامنة والثّلاثون: اختيار عمر إذا كان زوج وأبوان؛ أعطي الزوج النصف، والأم ثلث ما بقي، وما بقي فللأب. وإذا كانت زوجة وأبوان؛ أعطيت الزوجة الربع، والأم ثلث ما بقي، وما بقي فللأب. وهاتان المسألتان تسميان بالعمريتين؛ لأن عمر رضي الله عنه قضى فيهما بهذا، وتابعه عثمان، وزيد، وابن مسعود، وعليّ، والحسن، والثوري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأحمد4.

_ 1 عبد الرزاق: المصنف 10/269، وإسناده ضعيف، لإبهام شيخ عبد الرزاق. 2 سميت خرقاء لكثرة اختلاف الصحابة فيها، فكأن الأقوال خرقتها. (المغني 9/77) . 3 الشيرازي: المهذب 2/32، ابن قدامة: المغني 9/78، ابن حزم: المحلى 9/289. 4 الزيلعي: تبيين الحقائق 6/231، ابن رشد: بداية المجتهد ص 444، النووي: الروضة 6/9، ابن قدامة: المغني 9/23، ابن تيمية: الفتاوى 35/343، 346.

المسألة التّاسعة والثّلاثون: اختياره توريث ذوي الأرحام إذا لم يكن ذو فرض ولا عصبة. وبه قال عليّ، وعبد الله، وأبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وشريح، وعمر بن عبد العزيز، وعطاء، وطاووس، وعلقمة، ومسروق، وأهل الكوفة، وكان زيد لا يورثهم ويجعل الباقي لبيت المال. وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وداود1. المسألة الأربعون: اختياره أن المكاتب عبد لا يرث ولا يورث وإن ملك قدر ما يؤدي. وبه قال زيد، وابن عمر، وعائشة، وأم سلمة، وعمر بن عبد العزيز، والشافعي، وأبو ثور، وابن المسيب، والزهري، وشريح، وأحمد في رواية. والثّانية: أنه إذا ملك ما يؤدي صار حراً يرث ويروث2.

_ 1 السرخسي: المبسوط 30/2، الزيلعي: تبيين الحقائق 6/241، 242، ابن رشد: بداية المجتهد ص 442، ابن عبد البرّ: الكافي 2/1053، النووي: الروضة 6/5، 6، ابن قدامة: المغني 9/82. 2 أبو يعلى: الروايتين والوجهين 3/123، ابن قدامة: المغني 9/124، 125، المرداوي: الإنصاف 7/452، ابن حزم: المحلى 9/302.

الباب السبعون: كلامه في أصول الدين

الباب السبعون: كلامه في أصول الدين ... الباب السبعون: في كلامه في أصول الدين قال الإمام اللالكائي1: "سياق ما جاء في قوله الله عزوجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، وأن الله على عرشه في السماء، قال: وهو قول عمر، وابن مسعود، وأحمد بن حنبل". وذكر جماعة من العلماء2. وقال الإمام الدارمي3: "فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه: أبو بكر وعمر، وخيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بني إسرائيل قد خالفوا الجهمية"4. وعن أبي يزيد / [110 / ب] المدني5 قال: "لقيت امرأة عمرابن الخطّاب يقال لها: خولة بنت ثعلبة6، فقال عمر: "هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات"، رواه الدارمي في الردّ على المريسي7.

_ 1 الإمام الحافظ هبة الله بن الحسن الطبري الشافعي اللالكائي، صنف كتاباً في السنة، توفي سنة ثمان عشرة وأربع مئة. (تاريخ بغداد14/70، سير أعلام النبلاء17/419) . 2 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 2/388. 3 عمثان بن سعيد التميمي الدارمي السجستاني، أحد أئمة الحديث، صنف: (المسند) ، وكتاباً في: (الردّ على بشر المريسي) ، وكتاباً في: (الردّ على الجهمية) ، توفي سنة ثمانين ومئتين. (طبقات الحنابلة 1/221، سير أعلام النبلاء 13/319) . 4 الدارمي: الردّ على المريسي ص 106. 5 في الأصل: (المزني) ، وهو تصحيف. وهو نزيل البصرة. وروى عن ابن عباس، روى عنه أيوب، وجرير بن حازم، وسلام بن مسكين، ومقبول من الرابعة. (الجرح والتعديل 9/458، التقريب ص 685) . 6 خولة بنت ثعلبة الأنصارية الخزرجية، صحابية، وهي التي ظاهر منها زوجها، فنزلت فيها سورة المجادلة. (التقريب ص 746) . 7 الدارمي: الردّ على المريسي ص 47، والردّ على الجهمية ص 45، وابن أبي حاتم: تفسير ابن كثير 8/60، 61، والبيهقي: الأسماء والصفات ص 420، والذهبي: العلوّ ص 63، عن جرير بن حازم عن أبي يزيد عن عمر، وهو ضعيف لانقطاعه بين أبي يزيد وعمر. قال ابن كثير: "هذا منقطع بين أبي يزيد وعمر بن الخطاب، وقد روى من غير هذا الوجه". وقال الذهبي: "هذا إسناد صالح فيه انقطاع، أبو يزيد لم يلحق عمر". قلت: يعني: إسناد الدارمي.

وفي لفظ: أن امرأة مرت بعمر فاستوقفته، فوقف يحدّثها، فقال له رجل: "يا أمير المؤمنين، حبست الناس على هذه العجوز؟ ". فقال: "ويلك، أتدري من هي؟ ". هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات، هذه خولة التي أنزل الله فيها: {قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] ، ذكره الذهبي عن الدارمي1. وفي لفظ: أن عمر خرج ومعه الناس، فمر بعجوز فاستوقفته، فجعل يحدّثها وتحدّثه، فقال له رجل: "يا أمير المؤمنين، حبست الناس على هذه العجوز؟ ". فذكره وفيه: أن عمر قال: "فوالله لو أنها وقفت إلى الليل ما فارقتها إلا إلى الصلاة2 ثم أرجع إليها"3. وعن قتادة قال: "خرج عمر من المسجد ومعه الجارود العبدي، فإذا امرأة برزت على ظهر الطريق، فسلم عليها عمر بن الخطّاب فردّت السلام، وقالت: أيهاً عمر، عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوق عكاظ تذعر الصبيان بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سُمِّيت عمر، ولم تذهب الأيام

_ 1 الذهبي: العلوّ للعلي الغفار ص 63، عن أبي يزيد المدني عن عمر. وقد مرّ تخريجه. 2 مطموس في الأصل، سوى (الصـ) . 3 الدارمي: الردّ على الجهمية ص 45، وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 8/60، 61، عن أبي يزيد عن عمر، وقد مرّ تخريجه. وعلقه ابن عبد البر: الاستيعاب 4/1830، 1831، بقوله: "وروينا من وجوه عن عمر بن الخطاب) ، ثم ذكر الأثر. وعنه ابن قدامة في صفة العلوّ ص 102، 103.

حتى سُمِّيت أمير المؤمنين، فاتَّقِ الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن1 خاف الموت خشي الفوت". فقال الجارود: "أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين"، فقال عمر: "دعها أما تعرف هذه؟ هذه هي خولة بنت ثعلبة التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر أحقّ أن يسمع لها"2. وعن قيس3 قال: "لما قدم عمر الشام استقبل الناس وهو على بعيره، فقالوا: "يا أمير المؤمنين لو ركبت برذوناً يلقاك عظماء الناس، ووجوههم"، فقال عمر: "ألا أراكم ههنا والأمر من ههنا". وأشار بيده إلى السماء"4. وروى الدارمي عن عبد الرحمن بن غنْم، قال: قال عمر بن الخطّاب: "ويل لديان الأرض من ديان السماء يوم يلقونه"5. وأخرجه أبو نعيم6 ولفظه: "ويل لديان من في الأرض من ديان من في السماء يوم يلقونه، إلا من أمر بالعدل، وقضى بالحقّ، ولم يقض على هوى،

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (ومـ) . 2 ابن شبه: تاريخ المدينة 2/773، 774، وابن عبد البر: الاستيعاب 4/1831، وابن قدامة: صفة العلوّ ص 103، وابن حجر: الإصابة 8/69، وهو ضعيف لانقطاعه بين قتادة وعمر بن الخطاب، وفيه أيضاً: خليد بن دعلج ضعيف. (التقريب رقم: 1740) ، وقال ابن حجر في الإصابة: "خليد بن دعلج ضعيف سيّء الحفظ". 3 ابن أبي حازم. 4 ابن أبي شيبة: المصنف 13/40، وإسناده صحيح، ومن طريقه أبو نعيم: الحلية 1/47 والذهبي: العلوّ ص 62، وقال: "إسناده كالشمس". وقال الألباني: "وهو إسناد صحيح على الشيخين". (مختصر العلوّ ص 103) . 5 الدارمي: الرّدّ على المريسي ص 104، وإسناده صحيح. وقد سبق تخريجه ص 808. 6 أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني.

وقرابة، ولا على رغب ولا على رهب، وجعل كتاب الله مرآة بين عينيه"1. وروى الدارمي عن سالم بن عبد الله بن عمر: أن كعباً2 قال لعمر: "ويل لسلطان الأرض من سلطان السماء، قال عمر: "إلا من حاسب نفسه". قال كعب: "إلا من حاسب نفسه، فكبر عمر، ثم خرّ ساجداً"3.

_ 1 سمويه في فوائده كما في العلوّ للذهبي ص 63، وعنه الذهبي: في العلوّ ص 63، قال الألباني: "ورواه المصنف - يعني: الذهبي - بإسناد عنه، وأخرجه الدارمي مختصراً، وإسنادهما صحيح، ورجاله ثقات إن كان سعيد بن عبد العزيز التنوخي حدّث به قبل اختلاطه، وهذا هو الراجح عندي؛ لأن الراوي له عنه أبو مسهر، مع أنه هو الذي أخبرنا باختلاطه، فغالب الظن أنه لا يروي عنه في حالته هذه، لاسيما وهو معظم له". (مختصر العلوّ ص 103) . 2 الأخبار. 3 الدارمي: الردّ على المريسي ص 104، والردّ على الجهمية ص 49، 50، والذهبي: العلوّ ص 62، وفي إسناده عبد الله بن صالح صدوق كثير الغلط، لكن تابعه عبد الله ابن بكير عند الخرائطي في فضيلة الشكر 68، فيه يصح.

الباب الحادي والسبعون: من روى عنه

الباب الحادي والسبعون: من روى عنه ... الباب الحادي والسبعون: في ذكر من روى عنه قال الذهبي: "روى عنه أولاده: أم المؤمنين حفصة، وعبد الله، وعاصم، ومولاه أسلم، وعليّ، وعثمان، وابن عباس، والمسور بن مخرمة، وعدي بن حاتم، وعبد الرحمن بن عوف، وعلقمة بن وقاص، وعلقمة بن قيس، ومسروق، ومالك بن أوس بن الحدثان، وقيس بن أبي حازم، وأنس ابن مالك، والسائب بن يزيد، وسعيد بن المسيب، وسويد بن غفلة، وطارق بن شهاب، وعبيد بن عمير، وأبو الأسود الدِّيلي1، وأبو عبد الرحمن السلمي2، وأبو عثمان النهدي، وخلق كثير من الصحابة وكبار التابعين"3. وقال شراح العمدة: "روى عن عمر بن الخطّاب أبو بكر وباقي العشرة، وابنه عبد الله، وأبو هريرة، وابن عباس، وابن الزبير، وأنس بن مالك، وعلقمة بن4 وقاص الليثي، ومالك بن أوس بن الحدثان، وغيرهم من الصحابة والتابعين"5.

_ 1 ظالم بن عمرو الديلي، ويقال: الدُّولي، البصري، ثقة فاضل، مخضرم، توفي سنة تسع وستين. (التقريب ص 619) . 2 عبد الله بن حبيب السلمي، الكوفي المقرئ، مشهور بكنيته، ولأبيه صحبة، ثقة، ثبت، توفي بعد السبعين. (التقريب ص 299) . 3 الذهبي: التذهيب ق 177 / أ. 4 في الأصل: (ابن أبي) . 5 لم أجده.

الباب الثاني والسبعون: مقالة من فضله على أبي بكر وردها

الباب الثاني والسبعون: مقالة من فضله على أبي بكر وردها ... الباب الثاني والسبعون: في ذكر مقالة مَن فضَّله على أبي بكر وردّها قال مَعْمَر بن راشد: "لو قال رجل عمر أفضل من أبي بكر ما عنَّفتُه". قال عبد الرزاق1: "فذكرت ذلك لوكيع2 فأعجبه"3. وفي الصحيح عن زيد بن أسلم حدّثه عن أبيه قال: "سألني ابن عمر عن بعض شأنه - يعني: عمر - فأخبرته، فقال: "ما رأيت أحداً قطّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين قبض كان أجدّ وأجودَ4 حتى انتهى من عمر ابن الخطّاب"56. قالوا: "وقد اجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره من القوّة في أمر [الله] 7 والسداد، والحرص على الخير، والخروج من المظالم، والعفاف، والقيام بأمور الناس، ونحو ذلك رضي الله عنه". فصل: في ردّ ذلك قال ابن عبد البرّ: "يدلّ على أنّ أبا بكر أفضل من عمر سبقه

_ 1 عبد الرزاق بن هَمَّام الحميري، مولاهم، ثقة حافظ مصنف شهير عَمي في آخر عمره، فتغير، وكان يتشيع، من التاسعة، توفي سنة إحدى عشرة ومئتين. (التقريب ص354) . 2 وكيع بن الجراح الرّؤاسي. 3 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1150. 4 أجد: في الأمور، وأجود: في الأموال. (فتح الباري 7/49) . 5 قال الحافظ ابن حجر: "وهو محمول على وقت مخصوص، وهو مدة خلافته ليخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر". (فتح الباري 7/49) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1348، رقم: 3484. 7 سقط من الأصل.

إلى الإسلام"1. ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "رأيت في المنام أني وزنت بأمتي فرجحت، ثم وزن أبو بكر فرجح، ثم وزن عمر فرجح" 2. وقد قال عمر: "ما سابقت أبا بكر إلى خير قط إلا سبقني إليه"3. وفي صحيح البخاري عن ابن عمر: "كُنَّا في زَمَن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدِلُ بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم"4. وفي رواية: "كنا نُخير بين الناس في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فَنُخيِّرُ أبا بكر، ثم عمر بن الخطّاب، ثم عثمان بن عفان - رضي الله عنهم -"5. وروى أبو الحسن بن السكري في "فوائده"، عن سعيد بن المسيب أن عم ر قال: "ما سابقت أبا بكر إلى خير قطّ إلا سبقني إليه"6. وفي (عوالي) أبي محمّد عبد الله بن محمّد بن حيان7 عن عبد خير قال:

_ 1 ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1150. 2 أحمد: المسند 7/232، 233، وإسناده صحيح، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/58، وقال: (رواه أحمد والطبراني، ورجاله ثقات". وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 5469. 3 أحمد: المسند 1/270، بأطول، وإسناده صحيح. 4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1352، رقم: 3494. 5 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1337، رقم: 3455، وقد سبق تخريجه ص: 282. 6 أحمد: المسند1/229، 230، بأطول، وإسناده صحيح. والترمذي: السنن1/315، بأخصر، والحديث وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 175، والألباني في صحيح سنن الترمذي 1/55. 7 أبو الشيخ الأصبهاني.

سمعت عليّاً وهو يقول: "ألا أنبئكم بأفضل هذه الأمة بعد نبيّها صلى الله عليه وسلم؟ أبو بكر، ثم عمر، وإن شئت أن أسمي الثالث لفعلت"1. وهو في (عوالي) أبي الشيخ2 بلفظه عن عبد خير. وهو في مسند الإمام أحمد: "خير هذه الأمة بعد نبيّها أبو بكر، ثم عمر"3. وفي رواية: "ثم أحدثنا بعدهما أحداثاً يقضي الله فيها"4. وفي رواية: "ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيّها: أبو بكر، ثم خيرها بعد أبي بكر عمر: ثم يجعل الله الخير حيث أحبّ"5.

_ 1 أبو محمّد عبد الله بن حيان: جزء فيه أحاديث أبي محمّد ص 122، وهو ضعيف لأجل أبيض بن أبان، ذكر البخاري في التاريخ الكبير 2/60، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ونقل عن أبيه أنه قال: "ليس بالقوي". وقد سبق تخريجه ص 284. 2 أبو محمّد بن عبد الله بن حيان، هو أبو الشيخ، فلعل المؤلّف أراد كتاباً آخر. فسهى. فذكر عوالي أبي الشيخ السابق ذكره. 3 أحمد: المسند 4/225، وإسناده صحيح. وقد سبق تخريجه ص: 279-283. 4 سبق تخريجه ص 281. 5 القطيعي: زياداته على فضائل الصحابة لأحمد 1/147، إسناده صحيح لغيره، فيه هشيم بن بشر، مدلس، لم يصرح بالسماع، لكن تابعه عليه خالد بن عبد الله الطحان. وهو ثقة. مسند أحمد 1/115.

الباب الثالث والسبعون: قوله عليه السلام: "كان فيمن كان قبلكم محدثون، وإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر"

الباب الثالث والسبعون: قوله عليه السّلام: "كان فيمن كان قبلكم مُحَدَّثُون، وإن يكن في أمتي منهم أحدٌ فَعُمَرُ" ... الباب الثالث والسبعون: في قوله عليه السّلام: "كان فيمن كان قبلك مُحَدَّثُون، وإن يكن في أمتي منهم أحدٌ فَعُمَرُ" 1. روى أبو داود الطيالسي عن إبراهيم بن سعد2 عن أبيه عن أبي سلمة3 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان قبلكم في الأمم محدثون فإن يكن في هذه الأمة أحد فعمر بن الخطّاب" 4. ورواه الترمذي عن عائشة قالت: قال رسول الله / [111 / ب] صلى الله عليه وسلم: "قد كان يكون في الأمم مُحدَثون، فإن يكن في أمتي أحدٌ فعمر بن الخطاب". وقال: "حديث حسن صحيح"56. قال: وحدّثني بعض أصحاب سفيان قال: قال سفيان بن عيينة: "محدثون؛ يعين: مُفَهَّمُون"7. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1349، رقم: 3486. 2 إبراهيم الزهري. 3 أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، ثقة مكثر، من الثالثة، توفي سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. (التقريب ص 645) . 4 أبو داود الطيالسي: المسند ص 308، وإسناده صحيح. 5 في سنن الترمذي: "هذا حديث صحيح". طبعة أحمد شاكر، وفي طبعة دار الفكر، وتحفة الأشراف 12/349، كما نقله المصنف. 6 الترمذي: السنن 5/622، وإسناده حسن، فيه محمّد بن عجلان، صدوق. (التقريب رقم: 496) وقال الألباني: "حسن صحيح". صحيح سنن الترمذي3/206، 207) . 7 الترمذي: السنن 5/622.

كان فيما قبلكم من الأمم ناسٌ مُحدَّثون، فإن يكن في أمتي أحدٌ فإنه عمر" 1. ورواه من طريق آخر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجالٌ يُكلَّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في2 أمتي منهم أحدٌ فعمر" 3. قال ابن عباس: "من نبيٍ ولا محدَّث"4. ورواه مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: "قد كان يكون في الأمم قبلكم مُحدَّثون. فإن يكن في أمتي منهم أحدٌ فإن عمر بن الخطّاب منهم". وقال: قال ابن وهب: "تفسير مُحدَّثون: ملهمون"56. وذكره أبو القاسم الأصفهاني في (سيرة السلف) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد كان في الأمم محدَّثون فإن يك في أمتي أحدٌ منهم فعمر بن الخطاب رضي الله عنه" 7. وقال: وفي رواية أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "قد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلَّمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن في أمتي منهم

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1349، رقم: 3486. 2 في صحيح البخاري: (من) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1349، رقم: 3486. 4 البخاري الصحيح مع الفتح: كتاب فضائل الصحابة 7/42، تعليقاً، ووصله سفيان ابن عيينة في جامعه كما في فتح الباري 7/51، وعبد بن حميد في تفسيره كما في تغليق التعليق 4/65، وإسناده صحيح، وصحّحه الحافظ ابن حجر. (تغليق التعليق 4/65، فتح الباري 7/51) . 5 الملهم: الذي يُلقى في نفسه الشيء، فيخبر به حدساً وفراسة. (النهاية 1/350) . 6 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1864، رقم: 2398. 7 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص133، وقد سبق تخريجه 22، 930، 931.

أحدٌ فعمر" 1. وقد أحدث عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشياء ذكرناها في غير هذا الموضع منها: زيادة الحدّ، وإمضاء الطلاق الثلاث، وجمع الناس في التراويح على إمام واحد، وعدم القطع في عام المجاعة. وغير ذلك2. وقد استدلّ بعض العلماء بقول عمر بذلك بإخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنه يلهم شيئاً، فدلّ على قبول ذلك منه. والله أعلم. وفي الصحيح عن عمران بن حصين قال: "أنزلت آية المتعة3 في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات. قال رجل: برأيه ما شاء"4. وعلى هامش الصحيح قال محمّد5: "يقال: إنه عمر بن الخطّاب"6. / [112 / أ] .

_ 1 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 113، وقد سبق تخريجه ص 936. 2 سبق تخريجه. 3 يشير إلى قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحجّ} ، الآية، سورة البقرة آية: (196) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب الحجّ 2/569، رقم: 1496. 5 محمّد بن إسماعيل البخاري. 6 ابن حجر: فتح الباري 3/433، وقال: "وحكى الحميدي أنه وقع في البخاري في رواية أبي رجاء عن عمران، قال البخاري: يقال إنه عمر، أي: الرجل الذي عناه عمران بن حصين، ولم أرَ هذا في شيء من الطرق التي اتصلت لنا من البخاري، لكن نقله الإسماعيلي عن البخاري كذلك فهو عمدة الحميدي في ذلك".

الباب الرابع والسبعون: قوله عليه السلام: "ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر"

الباب الرابع والسبعون: قوله عليه السّلام: "ما طلعت الشّمس على رجل خير من عمر" ... الباب الرابع والسبعون: في قوله عليه السّلام: "ما طلعت الشّمس على رجل خير من عمر" عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر لأبي بكر: "يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: "أما إنك إن قلتَ ذلك، فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما طلعت الشّمس على رجل خير من عمر". وقال: "حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بذاك"1. وهذا الحديث ليس على ظاهره، فإنه يوجب أن يكون أفضل من أبي بكر، ومن الأنبياء. فإن قال قائل: "هذا يدل على أنه أفضل من أبي بكر، والمراد ما طلعت على أحد من هذه الأمة، فخرج الأنبياء".

_ 1 الترمذي: السنن 5/618، والحاكم: المستدرك 3/90، والعقيلي: الضعفاء 3/4، ومن طريقه ابن الجوزي في الواهيات 1/190، وابن عساكر: تاريخ دمشق ج 13 / ق 29 / أ. والحديث موضوع مداره على عبد الله بن داود الواسطي، قال ثنا عبد الرحمن بن أخي محمّد بن المكندر عن محمّد بن المنكدر عن جابر. وعبد الله بن داود ضعيف. وعبد الرحمن مجهول. (التقريب رقم: 3298، 4051) . قال الحاكم: "صحيح الإسناد، لكن تعقبه الذهبي بقوله: عبد الله ضعّفوه، وعبد الرحمن متكلم فيه، الحديث شبه الموضوع". وقال في الميزان 3/415 بعد أن ساق الحديث: "هذا كذب". وقال ابن الجوزي: "هذا الحديث لا يصحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتابع عبد الرحمن عليه، ولا يعرف إلا به، وأما عبد الله بن داود، فقال ابن حبان: "منكر الحديث جداً، ويروي المناكير عن المشاهير، لا يجوز الاحتجاج بروايته". وقال الألباني: "موضوع. ثم إن الحديث ظاهر البطلان. لمخالفته لما هو مقطوع به: أن خير من طلعت عليه الشمس إنما هو نبينا محمّد صلى الله عليه وسلم ثم الرسل والأنبياء، ثم أبو بكر". (سلسلة الأحاديث الصحيحة 3/533، ضعيف سنن الترمذي ص 493، ضعيف الجامع الصغير 5/100) .

قيل: "هذا الحديث يحمل على غير أبي بكر، وغير الأنبياء، جمعاً بينه وبين سائر الأحاديث الواردة، فإن جميع الأحاديث الصحيحة التي هي أصح من هذا الحديث قد وردت أن أفضل هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ويحتمل أن يكون ذلك الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم ورد في حقّ جماعة رأى معهم عمر عند طلوع الشمس، فقال: "ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر". وأبو بكر الصديق رضي الله عنه لم يكن فيهم. والله أعلم.

الباب الخامس والسبعون: قوله عليه السلام: "لو كان بعدي نبي لكان عمر"

الباب الخامس والسبعون: قوله عليه السلام: "لو كان بعدي نبيّ لكان عمر" ... الباب الخامس والسبعون: في قوله عليه السلام: "لو كان بعدي نبيّ لكان عمر". روى الترمذي عن عقبة بن عامر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كان بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطّاب". وقال: "حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مشرح بن هاعان"12. وذكر ابن الجوزي عن عقبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطّاب" 3. وروى الرُّوياني في مسنده ثنا [أبو] عبد الله العسقلاني4، ثناعبد الله بن يزيد المقرئ5، ثنا حيوة بن شريح6، عن بكر بن عمرو المعافري7، عن مِشْرَح بن

_ 1 مِشرح بن هَاعَان المعافري، مقبول، من الرابعة، توفي سنة ثمان وعشرين ومئة. (التقريب ص 532) . 2 الترمذي: السنن 5/619، وإسناده حسن. وأحمد: المسند 4/154، والقطيعي: الفوائد المنتقاة كما في الصحيحة 1/582، وزوائده على فضائل الصحابة 1/356، والفسوي: المعرفة والتاريخ 2/500، والحاكم: المستدرك 3/85، وصححه ووافقه الذهبي. وحسّنه الألباني، وقال: "وهذا سند حسن رجاله لكهم ثقات، وفي مشرح كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وقد وثّقه ابن معين". (سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/582، وصحيح سنن الترمذي 3/204) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 29. 4 الحسن بن عمران العسقلاني، أبو علي أو أبو عبد الله، لين الحديث من السابعة. (التقريب ص 163) . 5 المكي، أصله من البصرة، ثقة فاضل، من التاسعة، توفي سنة ثلاث عشرة ومئة (التقريب ص 330) . 6 التُّجيبي، المصري، ثقة ثبت فقيه زاهد، من السابعة، توفي سنة ثمان - وقيل: تسع - وخمسين ومئة. (التقريب ص 185) . 7 في الأصل: (المغفاري) ، وهو تحريف. وهو: بكر بن عمرو المغافري المصري، إمام جامعها، صدوق عابد، من السادسة، توفي في خلافة أبي جعفر المنصور بعد الأربعين ومئة. (التقريب ص 127) .

هاعان قال: سمعت عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص"، يقول: / [112 / ب] لو كان بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطّاب". كذا ذكره"1. فصل هذا من جملة الأدلة على أنه لا نبيّ بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم وكذا قوله لعلي: "أنت منِّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيّ بعدي" 2. ومما يدل عليه قوله عزوجل: {وَلَكِن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] . وقد ادّعى النّبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الكفرة، والفجرة، كمسيلمة الكذاب، وسجاح وغيرهما3. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون

_ 1 الرُّوياني: المسند ج 1 / ق / 48 / أ، وفي إسناده أبو عبد الله العسقلاني وهو لين الحديث، وأخرجه أحمد في: المسند 4/55، من طريق المقرئ ثنا ابن لهيعة حدّثني مشرح بن هاعان قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص"، وإسناده حسن، وأخرجه الترمذي من طريق المقرء عن حيوة عن بكر بن عمرو بن عمرو عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطاب". وقد سبق تخريجه. وأخرج القسم الأول من الحديث عن قتيبة بن لهيعة. قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن مِشرح بن هاعان، وليس إسناده بالقوي". وقال الألباني: "إسناده حسن". (صحيح سنن الترمذي ص 204، 236، والصحيحة 1/238) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1602، رقم: 4154، مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1870، رقم: 2404. 3 الطبري: التاريخ 3/267، 275، 281، 301، ابن كثير 3/324، 345.

دجّالون1 كذابون، كلّهم يزعم أنه رسول الله" 2. فمن ادّعى النّبوة بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم فلا يتابع، ولا يصدق، وقد كفر بأشياء منها: أنه كذّب الله ورسوله، فإن الله أخبر أنه خاتم النّبيّين، وهو قال: "لا نبيّ بعدي".

_ 1 دجّالون، أي: كذّابون مموهون. (لسان العرب 11/237) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب المناقب 3/1320، رقم: 3413، مسلم: الصّحيح، كتاب الفتن 4/2239، رقم: 2923.

الباب السادس والسبعون: طلبه الشهادة وحبه لها

الباب السادس والسبعون: طلبه الشهادة وحبه لها ... الباب السادس والسبعون: في طلبه الشّهادة وحبّه لها في الصحيح عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال: "اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك"1. وقال ابن زُرَيع2 عن روح بن القاسم3 عن زيد بن أسلم عن أمِّه4 عن حفصة بنت عمر قالت5: سمعت نحوه6. وقال هشام7 عن زيد عن أبيه عن حفصة: سمعت عمر رضي الله عنه8. وذكر ابن الجوزي عن حفصة سمعت عمر رضي الله عنه يقول: "اللهم قتلاً في سبيلك ووفاة في بلد نبيّك". قلت: "وأنى يكون ذلك؟ " قال: "يأتي به الله إذا شاء"9.

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل المدينة 2/668، رقم: 1791. 2 يزيد بن زُريع البصري، ثقة ثبت من الثامنة، توفي سنة اثنتين وثمانين ومئة (التقريب ص 601) . 3 التميمي العنبري، ثقة حافظ، من السادسة، توفي سنة إحدى وأربعين ومئة. (التقريب ص 211) . 4 لم أجد لها ترجمة. 5 في الأصل: (قال) ، وهو تحريف. 6 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل المدينة 2/668، تعليقاً، ووصله الإسماعيلي في مستخرجه كما في فتح الباري 4/101، وابن حجر في تغليق التعليق 3/136. 7 هشام بن سعد المدني، صدوق له أوهام رومي بالتشيع، من كبار السابعة، توفي سنة ستين ومئة. (التقريب ص 572) . 8 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل المدينة 2/668، تعليقاً، ووصله ابن سعد: الطبقات 3/331، وإسناده حسن. وابن شبه، عن حفص بن ميسرة عن زيد به. (تاريخ المدينة 3/872) . 9 ابن الجوزي: مناقب ص 212، ابن سعد: والطبقات 3/331، وإسناده حسن. وابن شبه: تاريخ المدينة 3/872، وإسناده صحيح.

وعن [أبي] 1 صالح2 قال كعب - وهو كعب الأحبار - رحمه الله: "أجدك في التوراة كذا وكذا، وأجدك تقتل شهيداً"، فقال عمر: "وأنى الشهادة وأنا في جزيرة العرب"3. وعن أبي صالح4 قال كعب لعمر بن الخطاب: "إنا نجدك شهيداً، وإنا نجدك إماماً عادلاً، ونجدك لا تخاف في الله لومة لائم"، قال: هذا لا أخاف في الله لومة لائم، فأنى لي بالشهادة؟ "5. وروى أبو القاسم الأصفهاني عن حفصة أنها سمعت أباها يقول: "اللهم ارزقني قتلاً في سبيلك، ووفاة في بلد نبيّك". قالت: قلت: "وأنى يكون ذلك؟ "، قال: "إن الله يأتي بأمره أنى شاء"6. وتمنى الشهادة مستحب، وهو مخالف لتمنى الموت. فإن قيل: ما الفرق يبنهما؟ قيل: تمني الموت، طلب تعجيل الموت قبل وقته، ولا يزد الإنسان عُمْرُهُ إلا خيراً. وتمني الشهادة هو أن يطلب أن يموت عند انتهاء أجله شهيداً، فليس فيه طلب تقديم الموت عن وقته، وإنما فيه طلب فضيلة فيه. وقد بوّب البخاري على تمني الشهادة فقال: "باب ما جاء في التمني، ومن

_ 1 سقط من الأصل. 2 ذكوان السمان المدني. 3 ابن الجوزي: مناقب ص: 212، الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 276، السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 133. 4 السمان. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 212. 6 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 143، وقد سبق تخريجه.

تمنى الشهادة"1. ثم ذكر حديث أبي هريرة سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفسي بيده لولا أن رجالاً يكرهون أن يتخلفوا بعدي، فلا أجد ما أحمِلهم، ما تخلفت، ولوددت أني أُقْتَلُ في سبيل الله، ثم أُحْيَا، ثم أُقْتَل، ثم أُحْيَا، ثم أُقْتَل، ثم أُحْيَا، ثم أُقْتَل" 2. / [113 / أ] .

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب التمني باب رقم: (1) ، ج 6 / 2641. 2 البخاري: الصحيح، كتاب التمني 6/2641، رقم: 6799.

الباب السابع والسبعون: طلبه الموت خوفا من عجزه عن الرعية

الباب السابع والسبعون: طلبه الموت خوفا من عجزه عن الرعية ... الباب السابع والسبعون: في طلبه الموت خوفاً من عجزه عن الرّعية ذكر ابن الجوزي عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطّاب كوَّم كَوْمَةً من بطحاء1 وألقى عليها طرف ثوبه، ثم استلقى عليها، ورفع يديه إلى السماء، ثم قال: "اللهم كبرت سنِّي2، وضعفت قُوّتي، وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيّع ولا مفرّط"3. وفي وراية: "فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات"4. وعن سعيد بن المسيب: أن عمر رضي الله عنه لما أفاض من منى أناخ بالأبطح5 ثم كوّم كومَةً من بطحاء، فألقى عليها طرق ردائه، ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء، كما تقدم، فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات6. وعن سعيد بن المسيب: أن عمر رضي الله عنه لما أفاض من منى، ثم ذكر الحديث كما تقدم، وزاد: "فلما قدم المدينة خطب الناس، فقال: "أيها الناس قد

_ 1 البطحاء: دُقاقُ الحَصى. (القاموس ص 273) . 2 في الأصل: (كبر) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 210، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/872، وإسناده صحيح إلى سعيد بن المسيب. 4 ابن سعد: الطبقات 3/334، وإسناده صحيح إلى سعيد. 5 الأبطح: كل مسيل فيه دقاق الحصى فهو أبطح، والمقصود هنا: المحصب، وهو يقع بين مكّة ومنى. وهو إلى منى أقرب. (معجم البلدان 1/74) . 6 ابن سعد: الطبقات 3/334، والحاكم: المستدرك 3/91، وإسنادهما صحيح إلى سعيد، وابن الجوزي: مناقب ص 210، والذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 276.

فرضت لكم الفرائض، وسننت لكم السنن، وتركتكم على الواضحة، ثم صفق بيمينه على شماله، إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً، ثم إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، وأن يقول قائل: لا نجد حَدّين في كتاب الله، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ورجمنا بعده، فوالله لولا أن يقول الناس أحدث في كتاب الله لكتبتُها في المصحف، فقد قرأناها: (والشيخ والشيخة [إذا زنيا] 1 فارجموهما) ، قال سعيد: "فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن"2. وعن كعب3 قال: "كان في بني إسرائيل ملك إذا ذكرناه ذكرنا عمر، وإذا ذكرنا عمر ذكرناه، وكان إلى جنبه نبيّ يوحى إليه، فأوحى الله تعالى إلى النبيّ أن يقول له: اعهد عهدك، واكتب وصيتك، فإنّك ميتٌ إلى ثلاثة أيام، فأخبره النبي بذلك، فلما كان اليوم الثالث وقع بين الجَدِر والسرير، ثم جأر4 إلى ربّه وقال: "اللهم إن كنت تعلم أني كنت أعدل في الحكم، وإذا اختلفت الأمور اتبعت هداك، وكنتُ، وكنت، فزدني في عمري، حتى يكبر طفلي وتربوَ أمتي". فأوحى الله إلى النبيّ أن قد قال كذا وكذا، وقد صدق، وقد زدته في عمره خمس عشرة سنة، وفي ذلك ما يكبر طفله وتربو أمته فلما طعن عمر رضي الله عنه قال كعب: لئن سأل الله عمر ليبقينه ربّه، فأخبر بذلك عمر فقال: "اللهم اقبضني إليك غير عاجز / [113 / ب] ولا ملومٍ"5.

_ 1 سقط من الأصل. 2 ابن سعد: الطبقات 3/334، الحاكم: المستدرك 3/91، 92، وإسنادهما صحيح إلى سعيد بن المسيب، وابن الجوزي: مناقب ص 210، 211. 3 الأحبار. 4 جأر: جار إلى الله. تضرع بالدعاء. (المختار ص 67) . 5 ابن سعد 3/334، 335، وإسناده صحيح. ومن طريقه ابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 169، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/908، وابن الجوزي: مناقب ص 211، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/685.

وعن ابن أبي مليكة1 قال: "لما طعن عمر، جاء كعب، وجعل يبكي بالباب، ويقول: "والله لو أن أمير المؤمنين يقسم على الله أن يؤخره لأخره". فدخل ابن عباس عليه فقال: "يا أمير المؤمنين، هذا كعب، يقول كذا وكذا"، قال: "إذاً والله لا أسأله، ثم قال: ويل لي ولأمي إن لم يغفر الله لي"2. وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن سعيد بن المسيب: أن عمر رضي الله عنه لما نفر من منى أناخ بالأبطح فكوم كومة من بطحاء، فألقى عليها طرف ثوبه، ثم استلقى عليها، ورفع يديه إلى السماء، فقال: "اللهم كَبُرت سني، وضعفت قُوّتي، وانتشرت رعيّتي، فاقبضني غير مضيِّع، ولا مفرّط، ثم قدم المدينة، فخطب الناس فقال: "يا أيها الناس، فُرضت لكم الفرائض، وسُنَّت3 لكم السنن وتُركتم على الواضحة، ألا4 لا تضلوا بالناس يميناً وشمالاً، فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات"5. فصل يكره تمني الموت، يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنين أحدكم الموت [لضر] 6 نزل

_ 1 عبد الله بن عبيد الله. 2 ابن سعد: الطبقات 3/461، وإسناده صحيح إلى أبي مليكة، لكنه منقطع بينه وبين عمر. وابن شبه: تاريخ المدينة 3/909، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 169، 170، وابن الجوزي: مناقب ص 211، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/687. 3 في الأصل: (وسننت) ، والمثبت من سير السلف. 4 في السير: (إلا أن) . 5 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 160، قد سبق تخريجه ص 942، 943. 6 سقط من الأصل.

به، إما محسنٌ1 فلعله يزداد، وإمّا مسيءٌ2 فلعله يستَعتب" 3، 4. وفي حديث آخر: "فإن كان لا بدّ سائل، فليقل: "اللهم أحينِي إذا كانت الحياة خيراً لي، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي" 5. وفي الصحيح عن أنس أنه قال: "لولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تتمنوا الموت"، لتمنيتُ"6. وعن قيس7 قال: "أتينا خبّاب بن الأرت نعوده، وقد اكتوى سبعاً، فقال: "لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعوَ بالموت لَدَعَوْتُ به"8. فإن قيل: فإذا كان هكذا، فمال عمر رض ي الله عنه تمنى الموت؟ قيل: / [114 / أ] الجواب عن ذلك: أن غير عمر يرجو أن لا يزيده عُمْره إلا خيراً من زيادة العمل ونحو ذلك، وأما عمر فخاف أن يضعف عن أمر المسلمين، ولا يقدر على القيام بمصالحهم فظنّ التقصير في العمل ببقائه،

_ 1 في صحيح البخاري: (محسناً) . 2 في صحيح البخاري: (مسيئاً) . 3 يستعتب: أي: يرجع عن الإساءة ويطلب الرضا. (لسان العرب 1/578) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب التمنى 6/2644، رقم: 6808، بنحوه. 5 البخاري: الصحيح، كتاب المرضى 5/2146، رقم: 5347، ورقم: 5990، مسلم: الصّحيح، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار4/2064، رقم: 2680. 6 البخاري: الصحيح، كتاب التمني 6/2643، رقم: 6806، مسلم: الصّحيح، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار 4/2064، رقم: 2680. 7 ابن أبي حازم. 8 البخاري: الصحيح، كتاب التمني 6/2643، رقم: 6807، مسلم: الصّحيح، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار 4/2064، رقم: 2681.

فلهذا تمنى1 ذلك. ولأن عمر كان لا يعد عمله إلا الذي قد عمله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يتمنى أن يخلص له عمله الذي عمله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ويذهب ما عمله بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك قد2 كان في حال قوّته على العبادة واجتهاده، فلما حصل له الكبر والضعف خاف من التقصير. والله أعلم. / [114 / ب]

_ 1 في الأصل: (تنمني) ، وهو تحريف. 2 في الأصل: (وذلك وقد) .

الباب الثامن والسبعون: نعي الجن له

الباب الثامن والسبعون: نعي الجن له ... الباب الثامن والسبعون: في ذكر نعي الجن له ذكر ابن الجوزي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "لما كانت آخر حجة حجها عمر بأمهات المؤمنين، قالت أصدرنا عن عرفة مررت بالمحصّب1 سمعت رجلاً على راحلة يقول: أين كان عمر أمير المؤمنين فسمعت رجلاً آخر يقول: ههنا قال ثم أناخ راحلته، ثم رفع عقيرته فقال: عليك السلام2 من إمام وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ... ليدرك ما قدمت بالأمس يُسبق قضيتَ أموراً ثم غادرتَ بعدها ... بوائقَ3 في أكمامها لم تفتق4 فلم يدر ذلك الراكب من هو، فكنا نتحدث أنه من الجن، فقدم عمر رضي الله عنه من تلك الحجة، فطعن، فمات، رضي الله عنه"5.

_ 1 المحصب: موضع فيما بين مكّة ومنى، وهو إلى منى أقرب، وهو بطحاء مكّة. (معجم البلدان 5/62) . 2 في الأصل: (سلام الله) . 3 بوائق: جمع بائقة، وهي الداهية. (غريب الحديث لابن قبيبة 2/18، لسان العرب 2/218) . 4 لم تفتق: أي: لم تفتح في أكمامها إنما أراد أنك حين وليت تركت بعدك أموراً عظاماً مستورة لم تنكشف حين مت. وستنكشف بعد. (غريب الحديث لابن قتيبة 2/18) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 212، والقطيعي في زوائد على فضائل الصحابة لأحمد 1/274، وإسناده ضعيف لأجل إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري، وفيه أيضاً إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله المخزومي لم يوثّقه غير ابن حبان. (التقريب رقم: 148، 205) ، وبنحوه ابن سعد: الطبقات 3/374، عن عائشة وإسناده صحيح، وعن ابن أبي مليكة وإسناده صحيح. وابن قتيبة: غريب الحديث 2/17، بإسنادين صحيحين. وابن شبه: تاريخ المدينة 3/873، وقال ابن حجر في ترجمة الشماخ: "روى الفاكهي بإسناد صحيح عن أم كلثوم، فذكره وفي آخره فنحل الناس هذه الأبيات الشماخ بن ضرار أو أخاه جماح بن ضرار، وروى عمرو بن شبة هذه القصة فقال في آخرها: أو أخاه جزء بن ضرار، ورواه من وجه آخر عن عائشة، وليس فيه جزء بن ضرار بل فيه مثلما عند الفاكهي جماح بن ضرار". (الإصابة 3/211) ، والأبيات في ديوان الشماخ ص 448، وذكر محقّق الديوان اختلاف العلماء في نسبة الأبيات إلى كلّ واحد من الأخوة الثلاثة: الشماخ، ومزرد، وجزء ابن ضرار.

وعن خيرة بنت دجاجة1 قالت: حدّثتنا عائشة - رضي الله عنها - قالت: "إني أسير بين مكّة والمدينة في ليلة، في سحر ليلة مقمرة، إذا أنا بهاتف يهتف ويقول: ليبك على الإسلام من كان باكياً ... فقد حدثوا2 هلكى وما قدم العهد وقد ولت الدنيا وأدبر خيرها ... وقد مَلَّها من كان يوقن بالوعدِ فقلت: انظروا من هذا؟ فنظروا فلم يروا أحداً، فوالله ما أتت على ذلك إلا أيام حتى قتل عمر رضي الله عنه"3. وعنها - رضي الله عنها - قال: "إنا لوقوف عند عمر رضي الله عنه بالمحصّب إذ أقبل راكب حتى إذا كان قدر ما يُسمعنا صوته، هتف ثم قال: أبعد قتيل بالمدينة أشرقت4 ... له الأرض واهتز العِضاهَ5 بأسؤقِ جزى الله خيراً من إمام وباركت ... يدُ الله في ذاك الأديم الممزقِ قضيت أموراً ثم غادرتَ بعدها ... بوائج في أكمامها لم تُفتق

_ 1 لم أجد لها ترجمة. 2 في مناقب عمر: (أحدثوا) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 213، والبيتان في الطبراني: المعجم الكبير 1/68، وأبي نعيم: المعرفة1/226، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ق199، عن معروف بن أبي معروف الموصلي. 4 في طبقات ابن سعد، والاستيعاب، ومناقب عمر: (أظلمت) . 5 العِصَاهَة: أعظم الشجر، أو كلّ ذات شوكٍ. (القاموس ص 1613) .

وكنت تشوب1 العدل بالبر والتقى ... وحلم2 صليب الدين غير مزوق أمين النبيّ حبه3 وصفيه ... كساه المليك جبةً لم تمزقِ من الدين والإسلام والعدل والتقى ... وبابك عن4 كل الفواحش مغلق ترى الفقراء حوله من5 مفازة ... شباعاً رواء ليلهم لم يورقِ قالت: ثم انصرفت فلم نر شيئاً، فقال الناس: "هذا مزرد"6 فلما ولي ابن عفان رضي الله عنه لقي مزرد فقال: "أنت صاحب الأبيات؟ "، قال: "لا، والله ما قلتهن". قالت: "فيروا أن بعض الجنّ رثاه"7. وذكر أبو القاسم الأصفهاني: عن عائشة - رضي الله عنها - بكت الجنّ على عمر قبل / [115 / ب] 8 أن يقتل بثلاث. جزى الله خيراً من أمير وباركت ... يدُ الله في ذاك الأديم الممزقِ فمن يسع أو يركب جناحي نعامةٍ ... ليدرك ماقدمت9 بالأمس يُسبق10

_ 1 في آكام المرجان: (نشرت) . 2 في مناقب عمر: (وحكم) . 3 في مناقب عمر: (في وحيه) . 4 في مناقب عمر: (من) . 5 في مناب عمر، وآكام: (في) . 6 مزرد بن ضرار بن سنان بن عمر الغطفاني الثعلبي. (الإصابة 6/85) . 7 ابن الجوزي: مناقب ص 213، بدون إسناد. والشبلي: آكام المرجان ص 144، وقال: "قال القرشي: حدّثني محمّد بن عباد، حدثّني محمّد بن ثابت البناني عن أبيه قال: قالت عائشة". ومحمّد بن ثابت البناني ضعيف. (التقريب رقم: 5767) . 8 ق 115 / أبياض، وليس ثمة ما يشير إلى نقص فالكلام متصل. 9 في تاريخ المدنية: (ما أسديت) . 10 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 175، وابن أبي شيبة: المصنف 12/33، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/874، أبو نعيم: دلائل النبوة ص 578. وفيه: بكت الجن على عمر بعد ثلاث. ومداره عل الصقر بن عبد الله، ولم أجد له ترجمة. وابن عبد البر: الاستيعاب 3/1158.

وفي رواية: لما طعن عمر رضي الله عنه سمعوا: عليك سلام1 من أمير وباركت ... يدُ الله في ذاك الأديم الممزَّق قضيت أموراً ثم غادرت بعدها ... بوائج في أكمامها لم تُفتق فمن يسع أو يركب جناحي نعامةٍ ... ليدرك ماقدمتَ في الخير2يُسبق3 فجميع ما نعاه الجنّ هنا كان قبل موته رضي الله عنه. فإن قيل: قد أخبر الله عزوجل عن الجنّ أنهم لا يعلمون الغيب4، فكيف علموا بذلك؟ قيل: علموا بذلك من استراق السمع5، فإنهم يسرقون السمع من السماء، وما تكلم به الملائكة استرقوه بأسماعهم، فيمكن أن يكونوا علموا ذلك من هذا الوجه.

_ 1 في الأصل: (سلام الله) . 2 في فضائل الصحبة، والطبقات، وتاريخ المدينة، والاستيعاب، والديوان: (بالأمس) . 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 176. 4 يشير إلى قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوتَ مَا دَلَّهُم عَلَ مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ} ، [سبأ: 14] . 5 وكانوا قبل المبعث كثيراً، وأما بعد المبعث فإنهم قليل، لأن الله تعالى حرس السماء بالشّهب. (فتح الباري 255) .

الباب التاسع والسبعون: مقتله

الباب التاسع والسبعون: مقتله ... الباب التاسع والسبعون: في ذكر مقتله روى البخاري عن عمرو بن ميمون، قال: "رأيت عمر بن الخطّاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف، قال: "كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا قد حمَّلتما الأرض1 ما لا تطيق؟ ". قالا: "حمّلناها أمراً هي له مطيقة، ما فيها كبير فضلٍ". قال: "انظُر أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق"، قالا: "لا". فقال عمر: "لئن سلّمني الله لأدعن أرَامَل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبداً". قال: فما أتت عليه إلا رابعة2 حتى أصيب. قال: إني لقائمٌ ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيبَ، وكان إذا مرّ بين الصّفين قال: استووا، حتى إذا لم يرَ فيهم خللاً تقدّم، فكبّر وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الرّكعة الأولى حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبّر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب، حين طعنه، فطار العلجُ3 بسكين ذات طرفين، لا يمرّ على أحدٍ يميناً ولا شمالاً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً، مات منهم سبعة، أو قال تسعة4، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين5 طرح عليه برنساً6، فلما ظن العلج أنه مأخوذٌ نحرَ نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدّمه،

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (الأر) . 2 في الأصل: (أربعة) . 3 العِلجُ - بالكسر - الرجل من كفار العجم. (القاموس ص 254) . 4 لم أجد هذه الرواية في النسخ الموجودة لدي. 5 حطان التميمي اليربوعي. (فتح الباري 7/63) . 6 البُرنس - بالضمن ـ: قلنسوة طويلة، أو كل ثوب رأسه منه. (القاموس ص 658) .

فمن يلي عمر فقد رأى الذي رأى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون1، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله سبحان [الله] 2، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال: "يا ابن عباس انظر من قتلني"، فجال ساعةً ثم جاء، فقال: "غلام المغيرة"3، فقال: "الصَّنَعُ، أو قال الصانع؟ "، قال: "نعم"، قال: "قاتله الله لقد أمرت به معروفاً، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي4 بيد رجل يدعي الإسلام. قد كنتَ أنت وأبوك تحبان أن تكثرَ العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقاً. فقال: "إن شئت / [116 / أ] فعلتُ، أي: إن شئت قتلنا؟ ". فقال: "كذبت5، بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا6 قبلتكم، وحجّوا حجكم". فاحتمل إلى بيته، فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تُصبهم مصيبةٌ قبل يومئذٍ، فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه، فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن فشربه فخرج [من جرحه] 7 فعرفوا8 أنه ميت، فدخلنا عليه، وجاء الناس فجعلوا يثنون عليه، وجاء رجلٌ شابٌ فقال: "ابشر يا أمير المؤمنين، ببُشرى الله لك، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدمٍ في الإسلام ما قد

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (لا يدر) . 2 سقط من الأصل. 3 ابن شعبة. 4 وفي رواية: (ميتتي) . (فتح الباري 7/65) . 5 أي: أخطأت في قولك. 6 في الأصل: (وصلّوا) . 7 سقط من الأصل. 8 في صحيح البخاري: (فعلموا) .

علمتَ، ثم ولِيت فعدلت، ثم شهادة". قال: "وددت أن ذلك كفافٌ لا عليَّ ولا لي". فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، قال: "ردّوا عليّ الغلام، قال: يا ابن أخي! ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك، يا عبد الله بن عمر، انظر ما عليّ من الدَّين، "فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه1، قال: إن وفَّى له مال آل عمر فأدّه من أموالهم، وإلا فسل في بني عدي بن كعب، فإن لم تفِ أموالهم فسل في قريش، ولا تعدُهم إلى غيرهم، فأدّ عني هذا المال، وانطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عليك عمر السّلام ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً، وقل: يستأذن عمر بن الخطّاب أن يدفن مع صاحبيه". فسلم، واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: "يقرأ عليك عمر بن الخطّاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه"، فقالت: "كنت أريده لنفسي، ولأوثرنه اليوم، أو قالت: ولأوثرنه اليوم على نفسي". فلما أقبل قيل: "هذا عبد الله بن عمر قد جاء". قال: "ارفعوني"، فأسنده رجل إليه، فقال: "ما لديك؟ "، قال: "الذي تحبّ يا أمير المؤمنين، أذنتْ". قال: "الحمد لله، ما كان من شيء أهمّ إليّ من ذلك، فإذا أنا قبضت2 فاحملوني، ثم سلّم، فقل: يستأذن عمر بن الخطّاب فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردّتني فردّوني إلى مقابر المسلمين". وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا، فولجت عليه، فمكثت3 عنده ساعة، واستأذن الرجال، فولجت داخلاً لهم، فسمعنا

_ 1 قد تقدم أنه أوصى بأربعين ألف درهم، عن الحسن مرسلاً. 2 في صحيح البخاري: (قضيت) ، وفي رواية أخرى: (مت) . (فتح الباري 7/67) . 3 في صحيح البخاري: (فبكت) ، وهي رواية الكشميهني. (فتح الباري 7/67) .

بكاءها من الدّاخل، فقالوا: "أوصِ يا أمير المؤمنين استخلف". قال: "ما أجد أحداً أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الرهط الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ"، فسمّى عليّاً، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية - فإن أصابت الإمارة سعداً1 فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمّرَ، فإني لم أعز له من عجز ولا خيانة". قال: "أوصي الخليفة من بعدي، بالمهاجرين الأوّلين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً: {الَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ والإِيمَانَ مِن قَبْلِهِم} [الحشر: 9] ، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردْء2 الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدوّ، وأن لا يؤخذ منه إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصل العرب، ومادة الإسلام، أن يؤخذ من حواشي أمالهم، ويردّ على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله، وذمة رسوله أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يُكلفوا إلا طاقتهم". فلما قبض خرجنا به، أو قال: معه، فانطلقنا نمشي، فسلّم عبد الله ابن عمر، قال: "يستأذن عمر بن الخطّاب"، قالت: "أدخلوه". فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه، فلما فُرِغَ من دفنه، اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبد الرحمن: "اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم"، قال الزبير: "قد جعلت أمري إلى عليّ"،

_ 1 ابن أبي وقاص. 2 في الأصل: (دار) ، وهو تحريف.

فقال طلحة: "قد جعلت أمري إلى عثمان"، وقال سعد: "قد جعلت / [116 / ب] أمري إلى عبد الرحمن بن عوف"، فقال عبد الرحمن: "أيكما تبرّأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرنَّ أفضلهم في نفسه؟ "، فأُسْكِتَ الشيخان، فقال عبد الرحمن: "أفتجعلونه1 إليّ والله عليّ أن لا آلو2 عن أفضلكم؟ "، قالا: "نعم". فأخذ بيد أحدهما فقال: "لك قرابةٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرتُ عثمان لتسمعنّ ولتطيعن"، ثم خلا بالآخر، فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: "ارفع يديك يا عثمان"، فبايعه، وبايع له عليّ وولج أهل الدار فبايعوه"3. وذكر ابن الجوزي عن معدان بن طلحة اليَعْمَري4: أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قام على المنبر يوم الجمعة، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أبا بكر رضي الله عنه، ثم قال: "رأيت رؤياً لا أرها إلا بحضور أجلي، رأيت كأن ديكاً نقرني نقرتين، فقصصتها على أسماء بنت عميس، ققال: "يقلتك رجل من العجم". قال: وإن الناس يأمرونني5 أن أستخلف، وإن الله عزوجل لم يكن ليضيع دينه وخلافته، التي بعث بها نبيّه صلى الله عليه وسلم وإن تعجل6 في أمرٌ، فإن الشورى في هؤلاء الستة الذين مات نبيّ الله، وهو عنهم

_ 1 في الأصل: (فتجعلونه) ، والمثبت من صحيح البخاري. 2 لا آلو: لا أقصر في اختيار أفضلكم. (لسان العرب 14/40) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1353-1357، رقم: 3497. 4 شامي، ثقة، من الثانية. التقريب ص 539) . 5 مطموس في الأصل، سوى (يأمر) . 6 في المسند: (يَعْجَل) .

راضٍ، فمن بايعتم له فاسمعوا وأطيعوا، وإني أعلم أن أناساً1 سيطعنون في [هذا] 2 الأمر3 أنا قاتلتهم بيدي هذه على الإسلام، أولئك أعداء الله، الضّلال الكفار، وإني أشهد الله على أمراء الأمصار أني إنما بايعتهم ليعلموا الناس دينهم، ويبينوا لهم سنة نبيّهم صلى الله عليه وسلم، [و] 4 يرفعوا إلي ما غُميّ5 عليهم". قال: فخطب الناس، وأصيب يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة6. وعن ابن شهاب: قال: "كان عمر رضي الله عنه لا يأذن لسبي7 قد احتلم في دخول المدينة، حتى كتب المغيرة بن شعبة، وهو على الكوفة يذكر له غلاماً عنده صانعاً، ويستأذنه8 أن يدخله المدينة، ويقول: إن عنده أعمالاً كثيرة فيها نفع للناس، وإنه حدادٌ نقاشٌ نجارٌ، فأذن له أن يرسله إلى المدينة، وضرب عليه المغيرة مئة درهم كل شهر، فجاء إلى عمر يشتكي شدة9 الخراج، فقال له عمر: "ماذا تحسن من العمل؟ "، فذكر له الأعمال التي يحسن، فقال له عمر: "ما خراجك كثير في كُنه عملك". فانصرف ساخطاً يتذمر، فلبث عمر ليالي، ثم إن العبد مرّ به فدعاه، فقال: "ألم أُحدَّث عنك أنك

_ 1 في المسند: (أناساً) . 2 سقط من الأصل. 3 في الأصل: (الأمراء) ، وهو تحريف. 4 سقط من الأصل. 5 في المسند، ومناقب عمر: (ما عُمّي) . 6 ابن الجوزي: مناقب ص 214، أحمد: المسند 1/192، وإسناده صحيح. مسلم: الصّحيح، كتاب المساجد ومواضع الصلاة 1/396، رقم: 567. 7 في الأصل: (لشيء) ، وهو تحريف. 8 مطموس في الأصل، سوى (يستأ) . 9 مطموس في الأصل، سوى (شد) .

تقول: لو أشاء1 لصنعت رحى تطحن بالريح؟ ". فالتفت العبد ساخطاً عابساً إلى عمر، ومع عمر رهط، فقال: "لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها"، فلما ولي العبد أقبل عمر على الرهط الذين معه فقال لهم: "أوعدني العبد آنفاً"، فلبث ليالي، ثم اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نصابه [في] 2 وسطه، فمكن في زاوية من زوايا المسجد في غلس السّحر، فلم يزل هنالك حتى خرج عمر يوقظ الناس3 للصلاة - صلاة الفجر - وكان عمر يفعل ذلك، فلما دنا منه عمر وثب عليه فطعنه ثلاث طعنات، إحداهن تحت السرة قد خرقت الصّفّاقين4، وهي التي قتلته، ثم انحاز أيضاً على أهل المسجد فطعن من يليه، حتى طعن سوى عمر أحد عشر رجلاً، ثم انتحر بخنجره. فقال عمر حين أدركه النزف: "قولوا لعبد الرحمن بن عوف فليصل بالناس". / [117/ أ] ثم غلب عمر النزف حتى غشي عليه. قال ابن عباس: "فاحتملت عمر في رهط حتى أدخلته بيته، ثم صلى بالناس عبد الرحمن بن عوف فأنكر الناس صوت عبد الرحمن"، قال ابن عباس: "فلم أزل عند عمر، ولم يزل في غشيةٍ واحدةٍ حتى أسفر، فلما أسفر أفاق فنظر في وجوهنا، فقال: "أصلى الناسُ؟ "، قلت: نعم. قال: "لا إسلام لمن ترك الصلاة"، ثم دعا بوَضوءٍ فتوضأ ثم صلى، ثم قال: "اخرج يا ابن عباس فسل5 من قتلني؟ ". فخرجت حتى فتحت باب الدار فإذا الناس مجتمعون جاهلون بأمر عمر، فقلت: من طعن

_ 1 في الأصل: (لو شاء) . 2 سقط من الأصل. 3 في الأصل: (اللناس) ، وهو تحريف. 4 الصفّاق: جلدة رقيقة تحت الجلد الأعلى وفوق اللحم. (النهاية 3/39) . 5 في الأصل: (فلي) .

أمير المؤمنين؟ فقالوا: طعنه عدوّ الله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة". قال: فدخلت فإذا عمر يمدني1، 2 النظر يستأني خبر ما بعثني إليه، فقلت: أرسلني أمير المؤمنين لأسأل من قتله، فكلمت الناس فزعموا أنه طعنه عدوّ الله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، ثم طعن معه رهطاً ثم قتل نفسه، فقال: "الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط، ما كانت العرب لتقتلني". قال سالم: "فسمعت عبد الله بن عمر يقول: قال عمر: "أرسِلُوا إليَ طبيباً ينظر إلى جُرحي هذا، فأرسلوا إلى طبيب فسقى عمر نبيذاً فشبه النبيذ بالدم حين خرج من الطعنة التي تحت السرة، فدعوت طبيباً آخر من الأنصار من بني معاوية3، فسقاه لبناً فخرج اللبن من الطعنة أبيضاً فقال له الطبيب: "يا أمير المؤمنين، اعهد". فقال: "صدقني أخو بني معاوية، ولو قلتَ غير ذلك لكذَّبتُك"، قال: فبكى عليه القوم حين سمعوا، فقال: "لا تبكوا علينا،، من كان باكياً فليخرج، ألم تسمعوا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "يُعَذَّبُ الميتُ ببكاء أهله عليه" 4.

_ 1 في طبقات ابن سعد، ومناقب عمر، والكنز: (يبد في) . 2 المدّ: طموح البصر إلى الشيء. (القاموس ص 406) . 3 معاوية بن مالك بن عوف بن مالك بن الأوس. (جمهرة أنساب العرب ص 335) . 4 ابن سعد: الطبقات 4/336، 345، وإسناده صحيح.

وعن عبد الله بن عمر قال: "سمعت عمر يقول: "لقد طعنني أبو لؤلؤة وما أظنه إلا كلباً حتى طعنني الثالثة"1. عن ابن سعد: أن عبد الله بن عوف2 طرح على أبي لؤلؤة خميصة3 كانت عليه فانتحر أبو لؤلؤة، فحز عبد الله بن عوف رأسه"4. وعن جعفر بن محمّد عن أبيه قال: "لما طُعن عمر رضي الله عنه اجتمع إليه البدريّون، المهاجرون والأنصار، فقال لابن عباس: "أخرج إليهم فسلهم، عن ملأ منكم مشورة كان هذا الذي أصابني؟ ". قال: فخرج ابن عباس فسألهم، فقال القوم: "لا والله ولوددنا أن الله زاد في عمرك من أعمارنا"5. وعن ابن عمر: أن عمر كان يكتب إلى أمراء الجيوش: لا تجلبوا علينا من العلوج أحداً، جرت عليه المواسي، فلما طعنه أبو لؤلؤة قال: "من هذا؟ "، قالوا6: "غلام المغيرة بن شعبة"، قال: "ألم أقل لكم لا تجلبوا علينا من العلوج أحداً، فغلبتموني؟ "7. وعن عبد الله بن ميمون8 قال: رأيت عمر رضي الله عنه يوم طعن وعليه ثوب

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/348، وفيه الواقدي. وابن الجوزي: مناقب ص 216، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/658، وعزاه لابن سعد. 2 الزهري، أخو عبد الرحمن، أسلم يوم الفتح، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم. (الإصابة4/116) . 3 الخَمِيصة: كساء أسود مربّع له علمان. (القاموس ص 797) . 4 ابن سعد: الطبقات3/347، 348، وفيه الواقدي. وابن الجوزي: مناقب ص 216. 5 ابن سعد: الطبقات 3/348، وهو منقطع، وفيه الواقدي. 6 في الأصل: (قال) ، والمثبت من طبقات ابن سعد. 7 ابن سعد: الطبقات3/349، وإسناده صحيح، وابن شبه: تاريخ المدينة3/892، وابن الجوزي: مناقب ص216، والمتقي الهندي: كنْز العمال12/685، وعزاه لابن سعد. 8 الأودي.

أصفر، فخر، وهو يقول: {وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَّقْدُوراً} [الأحزاب: 38] 1. وعن عبيد الله بن عبد الله2 حين طعن في غلس السحر، قال: فاحتملته أنا ورهط كانوا معي في المسجد حتى أدخلناه بيته، قال: وأمر عبد الرحمن بن عوف أن يصلي بالناس، قال: فلما دخل عمر بيته غشي عليه من النزف، فلم يزل في غشيته حتى أسفر، ثم أفاق، فقال: "هل صلى الناس؟ "، قال: قلنا: "نعم". قال: "لا إسلام لمن ترك الصلاة". قال: ثم دعا بوَضوء، فتوضأ، وصلى. وقال عمر حين أخبر / [117 / ب] أن أبا لؤلؤة هو الذي طعنه: "الحمد لله الذي قتلني من لا يحاجني عند الله بصلاة صلاها". وكان مجوسيّاً3. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "أنا أوّل من أتى عمر حين طعن فقال: "احفظ عني ثلاثاً إني أخاف أن لا يدركني الناس، أما4 أنا فلم أقضِ في الكلالة قضاء، ولم أستخلف، وكلّ مملوك لي عتيق". فقال الناس: "استخلف"، فقال: "أي ذلك أفعل5 فقد فعله من هو خير مني، إن أدع إلى الناس أمرهم فقد تركه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، وإن أستخلف فقد استخلف من [هو] 6 خير مني أبو بكر. فقلت: ابشر بالجنة صاحبتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/329، وابن أبي شيبة: المصنف 14/583، وإسنادهما صحيح، فيه الأعمش، مدلس، وقد عنعن، لكن روايته هنا محمولة على السماع. والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/678، وعزاه لابن سعد وابن أبي شيبة. 2 ابن عتبة الهذلي، ثقة، فقيه ثبت، من الثالثة، توفي سنة أربع وتسعين. (التقريب ص 372) . 3 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/902، وإسناده حسن، فيه إبراهيم بن المنذر الحزاميّ، صدوق. (التقريب رقم: 253) . 4 مطموس في الأصل، سوى (أ) . 5 مطموس في الأصل، سوى (أفعا) . 6 مطموس في الأصل.

فأطلتَ صُحبته، ووليت إمرة المؤمنين، فقويت وأديت الأمانة، فقال: "أما تبشيرك بالجنة فلا والله الذي لا إله إلا هو، لو أن لي الدنيا بما فيها لافتديت1 به من هول ما أمامي قبل أن أعلم ما الخبر، وأما قولك: في إمرة المؤمنين، فوالله لوددت أن ذلك كفافاً2 لا لي ولا عليّ، وأما ما ذكرت من صحبتي نبيّ الله فذلك"3. وعن عمرو بن ميمون قال: "إني لقائم ما بيني وبين [عمر] 4 إلا عبد الله بن عباس، غداة أصيب، وكان إذا مرّ بين الصفين قال: "استوو"، حتى إذا لم يكن5 فيهن خللاً تقدم فكبّر، وربما قرأ بسورة يوسف، أو النحل، أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس6، فما هو إلا أن كبّر فسمعته يقول قتلني أو أكلني الكلب حتى طعنه، فطار العلجُ بسكين ذات طرفين لا يمرُّ7 على أحمدٍ يميناً ولا شمالاً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً، مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين8 طرح عليه برنساً، فلما ظن العلجُ أنه مأخوذ نَحَرَ نفسه، وتناول عمر رضي الله عنه بيد عبد الرحمن بن

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (لا) . 2 مطموس في الأصل، سوى (كفا) . 3 ابن سعد: الطبقات 3/353، وأحمد: المسند 1/295، وإسنادهما صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 322، وعبد الرزاق بنحوه من طريق آخر. (المصنف 10/302) . 4 سقط من الأصل. 5 مطموس في الأصل، سوى (يكـ) . 6 مطموس في الأصل، سوى (النا) . 7 مطموس في الأصل، سوى (يمـ) . 8 مطموس في الأصل، سوى (المسلمـ) .

عوف فقدمه، فمن يلي عمر فقد رأى الذي رأى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم فقدوا صوت عمر1 وهم يقولون: "سبحان الله، سبحان الله". فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة، فلما انصرفوا، قال: "يا ابن عباس انظر من قتلني"2، فجال ساعة، ثم جاء فقال: "غلام المغيرة"، فقال: "نعم، قاتله الله لقد أمرت به معروفاً، الحمد لله الذي لم يجعل3 منيتي بيد رجل يدعي الإسلام قد كنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة". - وكان العباس4 أكثرهم رقيقاً - فقال: "إن شئت فعلت"، أي: قتلناهم، قال: "تكذب؟ "، بعدما تكلموا بلسانكم وصلّوا قبلتكم، وحجوا حجتكم". فاحتمل إلى بيته، فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يؤمئذٍ. فقال قائل: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه، فأتى بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه، فعرفوا5 أنه ميت، فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه، وجاء رجل شاب، فقال: "أبشر يا أمير المؤمنين6 ببُشرى الله لك، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت7، ثم شهادة". فقال: "وددت أن ذلك كفافاً8 لا علي ولا لي، قال: فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، قال: "ردّوا

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (عم) . 2 مطموس في الأصل، سوى (قنا) . 3 مطموس في الأصل، سوى (يجعا) . 4 مطموس في الأصل، سوى (العبـ) . 5 في الأصل: (فعرفوا) . 6 مطموس في الأصل، سوى (المؤمنـ) . 7 مطموس في الأصل، سوى (فعدله) . 8 في صحيح البخاري: (كفاف) ، وفي مناقب عمر: (كان كفافاً) ، وفي الأصل هكذا ورد بالنصب وله وجه من العربية.

علي الغلام، فقال: يابن أخي ارفع ثوبك فإنه أتقى لربّك، يا عبد الله بن عمر، انظر ما عليّ من الدين، "فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه، قال: "إن وفى له مال آل عمر فأدّه من أموالهم، وإلا فسأل1 في بني عدي بن كعب، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش، ولا تعدهم إلى غيرهم، فأدّ عني هذا المال، انطلق إلى عائشة أم المؤمنين، فقل: يقرأ عمر عليك السلام، ولا تقل أمير المؤمنين / [118 / أ] فإني ليست اليوم للمؤمنين بأمير، وقل يستأذن عمر بن الخطّاب أن يدفن مع صاحيبه". فمضى، وسلم، واستأذن، ثم دخل عليها، فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطّاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه". فقالت: "أريده لنفسي، ولأوثرنه اليوم على نفسي، فلما أقبل، قيل: "هذا عبد الله بن عمر، قد جاء"، قال: "ارفعوني"، فأسنده رجل إليه فقال: "ما لديك؟ "، قال: "الذي تحبّ يا أمير المؤمنين، أذنت". قال: "الحمد لله، ما كان شيء أهمّ إليّ من ذلك، فإذا أنا قضيت فاحملوني، ثم سلّم، وقل: يستأذن عمر بن الخطّاب، فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردّتني فردّوني إلى مقابر المسلمين. وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا، فولجت عليه، فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجل فولجت داخلاً لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا2: "أوص يا أميرَ المؤمنين استخلف". قال: "ما أجد أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، فسمّى: عليّاً، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعداً، وعبد الرحمن

_ 1 في صحيح البخاري، ومناقب عمر: (فسل) . 2 في الأصل: (فقالوا) .

ابن عوف، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس [له] 1 من الأمر شيء، كهيئة التعزية له، فإن أصابت الإمرةَ سعد فهو ذلك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة". وقال: "أوصي الخليفة من بعدِي بالمهاجرين الأوّلين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، [و] 2 أوصي بالأنصار خيراً: {الَّّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ والإِيمَانَ مِن قَبْلِهِم} [الحشر: 9] أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً فإنهم ردء الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدو، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصي بالأعراب خيراً، فإنهم أصل العرب، ومادة الإسلام أن يأخذ3 من حواشي أموالهم، ويرد على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم". فلما قبض رضي الله عنه خرجنا به، فانطلقنا نمشي، فسلّم عبد الله بن عمر، وقال: "يستأذن عمر بن الخطّاب"، قالت: "أدخلوه"، فأدخل فوضع هنالك، مع صاحبيه". ذكره ابن الجوزي4، وهو طريق البخاري5. وقد جاء في حديث آخر عن عمرو بن ميمون: أنه لما احتمل عمر إلى بيته صاح الناس، وقالوا: "الصلاة جامعة"، فدفعوا عبد الرحمن فصلى بهم أقصر سورتين من القرآن: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ الله وَالفَتْحُ} [النصر: 1] ، و {إِنَّا أَعْطَيْنَاك

_ 1 مطموس في الأصل. 2 سقط من الأصل. 3 في صحيح البخاري (يؤخذ) . 4 ابن الجوزي: مناقب ص 217، 218، 219. 5 سبق تخريجه ص 958.

الكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] 1. وعن عبد الله بن عمر، قال: "سمعت عمر يقول2: "أرسلوا إلى طبيب ينظر إلى جرحي هذا، قال فأرسلوا إلى طبيب من العرب، فسقى عمر نبيذاً فشبه النبيذ بالدّمّ حين خرج من الطعنة التي تحت السرة، قال: فدعوت طبيباً من الأنصار من بني معاوية فسقاه لبناً فخرج اللبن من الطعنة يصلد3 أبيض فقال هل الطّبيب: "يا أمير المؤمنين اعهد". فقال عمر: "صدقّني أخو بني معاوية، ولو قلت غير ذلك كذّبتك". قال: فبكى عليه القوم حين سمعوا ذلك، فقال: "لا تبكوا علينا، من كان باكياً فيخرج، ألم تسمعوا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ": "يعذب الميت ببكاء أهله عليه"، فمن أجل ذلك كان عبد الله لا يقرّ أن يُبكى عنده على هالكٍ من ولده، ولا غيرهم"4. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "دخلت على أبي فقلت5: سمعت الناس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لك: زعموا أنك غير مستخلفٍ، وأنك لو كان لك راعي إبل، أو راعي غنم، ثم جاءك وتركها رأيت أن قد ضيع،

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/340، 341، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/897، والحارث في مسنده كما في بغية الباحث 2/622، 623، وأبو نعيم: الحلية 4/151، كلهم عن أبي إسحاق السبيعي، وهو مدلّس، وقد عنعن، والبوصيري في الإتحاف 3/30، وقال: "قلت: في الصحيح طرف منه، وله شاهد في المناقب". وابن حجر في المطالب العالية 4/45، وعزاه للحارث، وقال: "هذا حديث صحيح أخرجه البخاري بأتم من هذا السياق". 2 في طبقات ابن سعد، ومسند أحمد: (فقال سالم: سمعتُ عبد الله بن عمر يقول: قال عمر". 3 في المسند، والطبقات: (صلداً) ، وفي مناقب عمر: (بصديد) . 4 ابن سعد: الطبقات 3/346، بأطول، وأحمد: المسند 1/282، وإسنادهما صحيح، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 294. 5 في الأصل: (حين) ، والتصويب من الهامش.

فرعاية الناس أشد، فوضع رأسه، ثم رفعه فقال: "إن الله يحفظ دينه، وإني لا أستخلف / [118 / ب] فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، وإن أستخلف فإن أبا بكر رضي الله عنه قد استخلف) . فوالله ما هو إلا أن ذكر1 رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر، فعلمت أنه لم يكن ليعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً، وأنه غير مستخلف"2. وعن ابن عمر3: أن عمر رضي الله عنه قيل له: "ألا تستخلف؟ "، فقال: "إن أترك فقد ترك من هو خير مني، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر رضي الله عنه"4. وعن محمّد بن سعد: أن مالك بن أنس قال5: "استأذن عمر رضي الله عنه عائشة في حياته، فأذنت له أن يدفن في بيتها، فلما حضرته الوفاة6، قال: إذا مت، فاستأذنوها فإن أذنت وإلاّ فدعوها، فإني أخشى أن تكون أذنت لي لسلطاني7، فلما مات أذنت لهم"8.

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (ذكـ) . 2 أحمد: المسند 1/299، وإسناده صحيح. ومن طريقه وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 175، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 332، وبنحوه مسلم: الصّحيح، كتاب الإمارة 3/1455، رقم: 1823. وقد مرّ بنحوه ص: 893، 956، 958، 964، 967. 3 مطموس سوى: (عم) . 4 أحمد: المسند 1/284، عبد بن حميد: المسند 1/83، وإسنادهما صحيح، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 299، ومسلم بنحوه: الصحيح، كتاب الإمارة 3/1454، رقم: 1823. 5 مطموس في الأصل، سوى (قا) . 6 مطموس في الأصل، سوى (الو) . 7 مطموس في الأصل، سوى (لسلط) . 8 ابن سعد: الطبقات 3/363، وفيه الواقدي، وابن الجوزي: مناقب ص 221.

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "لما طعن عمر رضي الله عنه كنت فيمن حمله حتى أدخلناه الدار، فقال لي: "يا ابن أخي اذهب فانظر من أصابني، ومن أصاب معي"، فذهبت فجئت1 لأخبره فإذا البيت ملآن، فكرهت أن أتخطى رقابهم، وكنت حديث السن فجلست، فإذا هو مسجى2، وجاء كعب، فقال: "والله لئن دعا أمير المؤمنين ليبقينه الله، وليرفعنه لهذه الأمة، حتى يفعل فيها كذا وكذا"، حتى ذكر المنافقين فيمن ذكر، قلت: أبلغه ما تقول؟، قال: "ما قلت إلا وأنا أريد أن تبلغه"، فتشجعت فقمت فتخطيت رقابهم حتى جلست عند رأسه، فقلت: إنك أرسلتني بكذا3 يعني: فأخبره. قال: وأصاب معك ثلاثة عشرة رجلاً، وأصاب كليباً4، وهو يتوضأ عند المهراس5، وإن كعباً6 يحلف بالله بكذا، فقال: "ادعوا كعباً، فدعي فقال: ما تقول؟ "، فقال: "أقول كذا وكذا"، قال: "لا والله، لا أدعو، ولكن شقي عمر إن لم يغفر الله له"7. وعن عمرو بن ميمون قال: "لما طعن عمر دخل عليه كعب فقال: {الحَقُّ

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (فجئـ) . 2 مطموس في الأصل، سوى (مسجـ) . 3 مطموس في الأصل، سوى (بكـ) . 4 كليب بن البكير الليثي. (الإصابة 5/313) . 5 المِهرْاس: حجر مستطيل منقور يتوضأ منه، ويدق فيه. (لسان العرب 6/248) . 6 مطموس في الأصل، سوى (كعـ) . 7 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/909، وفي إسناده أبو جميع، قال الحافظ: "مقبول". (التقريب رقم: 2172، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 170، عن أبي جميح، وابن الجوزي: مناقب ص 222، وقد مرّ بنحوه ص 944.

مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ} [البقرة: 147] ، قد أنبأتك أنك شهيد، فقلت: من أين لي الشهادة وأنا في جزيرة العرب؟! "1، 2. وعن المسور بن مخرمة: أن ابن عباس دخل على عمر بعدما طعن فقال: "الصلاة"، فقال: "نعم، لا حظ لامرئ في الإسلام أضاعَ الصلاة"، فصلى والجُرْحُ يَثْعَبُ3 دماً4. وعن المسور بن مخرمة: أن عمر رضي الله عنه لما طعن جعل يُغمى عليه، فقيل: "إنكم لن تفزعوه بشيء مثل الصلاة، إن كانت به حياة". فقالوا: "الصلاة5 يا أمير المؤمنين، الصلاة6، قد صُليت"، فانتبه، فقال: "الصلاة، هاءَ الله إذا ولا حظ في الإسلام7 لمن ترك الصلاة"، فصلى وإن جرحه ليثعب دماً"8. وعن المسور بن مخرمة، قال: "لما طعن عمر رضي الله عنه جعل يأْلَم، فقال له ابن عباس، وكأنه يُجَزِّعُه: يا أمير المؤمنين، ولا كل ذلك، ولقد

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (العر) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/341، 342، بأطول، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/917، وإسنادهما صحيح، وابن الجوزي: مناقب ص 222. 3 يثعب: يجري. (لسان العرب 1/236) . 4 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/44، وإسناده صحيح، وعبد الرزاق: المصنف1/150، وابن سعد: الطبقات 3/350، وابن أبي شيبة: المصنف14/583، وأحمد: الزهد ص: 124، والبيهقي: السنن 1/357، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم: 1528، وأبو نعيم: االمعرفة 1/25، والمتقي الهندي: كنْز العمال 9/622. 5 في الأصل: (فانتبه قد صليت) ، وهو تحريف. 6 مطموس في الأصل، سوى (الصا) . 7 مطموس في الأصل، سوى (الإسا) . 8 ابن سعد: الطبقات 3/350، وإسناده صحيح. وابن الجوزي: مناقب ص 222.

صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكر رضي الله عنه فأحسنت صحبته، [ثم] 1 فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبتهم وأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقَنَّهم وهم عنك راضون"2. قال: "أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ورضاه فذلك منّ من الله تعالى، منَّ به عليّ [وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر، ورضاه، فإنما ذاك منٌّ من الله - جل ذكره - منَّ به عليَّ] 3 وأما ما تراه من جَزَعِي فذلك من أجلك ومن أجل أصحابك، والله لو أن لي طلاعَ الأرض ذهباً4، لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه"5. وعن ابن عباس: أنه دخل على عمر حين طعن فقال: "أبشر6 يا أمير المؤمنين، أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كفر الناس، وقاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس، وتُوُفِّيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راضٍ، ولم يختلف في خلافتك رجلان"، فقال عمر7: "أعد"، فأعدت، فقال عمر: "المغرور من غررتموه، لو أن لي ما على ظهرها من بيضاء وصفراء لافتديت / [119 / أ] به من هول المُطَّلع"8"9.

_ 1 مطموس في الأصل. 2 مطموس في الأصل، سوى (راضـ) . 3 سقط من الأصل. 4 مطموس في الأصل، سوى (ذ) . 5 سبق تخريجه ص 735. 6 مطموس في الأصل، سوى (أبش) . 7 مطموس في الأصل، سوى (عم) . 8 المطلع: يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت، فشبّهه بالمُطلع الذي يشرف عليه من موضع عال. (النهاية 3/133) . 9 ابن أبي شيبة: المصنف13/20، وإسناده حسن وابن شبه: تاريخ المدينة3/935، 936.

وعن القاسم بن محمّد: أن عمر لما طُعِنَ جاء الناس يثنون عليه، ويودعونه، فقال عمر رضي الله عنه: "أبالإمارة تزكونني؟ "، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عني راضٍ، وصحبت أبا بكر رضي الله عنه فسمعت وأطعت، وتُوُفِّيَ أبو بكر وأنا سامع مطيعٌ، وما أصبحت أخاف على نفسي إلاّ إمارتكم هذه"1. وعن ابن عباس قال: "لما طعن عمر رضي الله عنه دخلت عليه، فقلت: أبشر يا أمير المؤمنين، فإن الله قد مصر بك الأمصار، فدفع بك النفاق"، قال: "أفي الإمارة تثني عليّ يا ابن عباس؟ "، فقلت: "وفي غيرها"، فقال: "والذي نفسي بيده، لوددت أني خرجت منها كما دخلت فيها، لا أجرَ ولا وِزْر"2. وعن أسلم أن عمر رضي الله عنه حين طعن قال: "لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من كرب ساعة - يعني: بذلك الموت - فكيف ولم أرد النار بعد"3. وعن ابن عباس، قال: "كنت مع عليّ رضي الله عنه فسمعنا الصيحة على عمر، قال: فقام وقمت معه، فدخلنا عليه البيت الذي هو فيه فقال: "ما هذا الصوت؟ "، فقالت له امرأةٌ: "سقاه الطبيب نبيذاً فخرج وسقاه4 لبناً

_ 1 ابن أبي شيبة: المصنف 14/584، وابن سعد: الطبقات 3/355، وإسنادهما صحيح إلى القاسم، وهو منقطع بين القاسم وعمر بن الخطاب، وابن الجوزي: مناقب ص 223، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/677. 2 ابن سعد: الطبقات 3/351، ابن شبه: وتاريخ المدينة 3/915، وإسنادهما حسن، فيه سماك الحنفي لا بأس به. وأبو نعيم: الحلية ص 52، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 171، وابن الجوزي: مناقب ص 224. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 224، بدون إسناد. 4 في الأصل: (وسقا) .

فخرج، فقال: لا أرى أن تمسّ، فما كنت فاعلاً، فافعل". فقالت أم كلثوم: "واعمراه"، وكان معها نسوة فبكين معها فارتج1 البيت بكاء، فقال: "والله لو أن لي ما في الأرض من شيء لافتديت به من هول المطلع". فقال ابن عباس: والله إني لأرجو أن لا تراها إلا مقدار ما قال الله عزوجل: {وَإِن مِّنْكُم إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم: 71] ، كنت ما علمنا لأمير المؤمنين، وسيد المؤمنين، تقضي بكتاب الله، وتقسم بالسوية، فأعجبه قولي فاستوى جالساً، فقال: "أتشهد لي بهذا يا بن عباس؟ "، قال: "فكففتُ فضرب على كتفي، فقال: "أتشهد لي؟ "، قلت: "نعم. أشهد"2. وعن قيس بن أبي حازم قال: "لما طعن عمر دخل عليّ وابن عباس، ورأسه في حجر عبد الله بن عمر، فدعا بنبيذٍ فشرب منه، فخرج من طعنته فقال بعضهم: "نبيذٌ، وقال بعضهم: دم، فدعا بشربة من لبن فشرب منه، فخرج بياض اللبن، فعرف أنه ميت، فقال لابن عمر: "ضع رأسي ثكلتك أمك فوضع رأسه، فقال: "لو كان لي ما بين المشرق والمغرب لافتديت به من هول المطلع"، فقال له ابن عباس: "ولِمَ يا أمير المؤمنين؟، فوالله لقد كان إسلامك عزّاً وإمارتك فتحاً، ولقد ملأت الأرض عدلاً". فقال: "تشهد لي بذلك يا ابن عباس؟ "، فكأنه كره ذلك، فقال له عليّ بن أبي طالب: "قل نعم. وأنا معك"3.

_ 1 الرّجّ: التحريك، والتحرّك، والاهتزاز. (القاموس ص 243) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/351، وإسناده ضعيف، فيه كثير النّواء، وهو ضعيف. (التقريب رقم: 5605) ، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 172، 173، عن ابن سعد، وابن الجوزي: مناقب ص 224، وأشار إليه ابن حجر في فتح الباري 7/52. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 224، 225، بدون إسناد.

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما طعن عمر رضي الله عنه كنت قريباً منه فمسست بعض جلده، فقلت: جلد لا تسمه النار أبداً، فنظر إليّ نظرة جعلت أرحمه منها، قال: "وما علمك بذلك؟ "، قلت: "يا أمير المؤمنين، صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، وفارقته وهو عنك راضٍ، وصحبت أبا بكر رضي الله عنه، بعده فأحسنت صحبته، وفارقته وهو عنك راضٍ، وصحبت المسلمين وفارقتهم - إن شاء الله - وهم عنك / [119/ ب] راضون، قال: "أما ما ذكرت من صحبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنٌّ من الله تعالى عليَّ، وأما ما ذكرت من صحبتي أبا بكر، فمنٌّ من الله، لو أن لي ما في الأرض لافتديت به عن عذاب الله قبل أن ألقاه أو أراه"1. وعن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: "ما أصابنا حزن منذ اجتمع عقلي منذ حزن أصابنا على عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ليلة طعن، قال: صلى بنا الظهر والعصر والمغرب والعشاء أسرّ الناس، وأحسنه حالاً، فلما كان الفجر صلى بنا رجل أنكرنا تكبيره، فإذا عبد الرحمن بن عوف، فلما انصرفنا قيل: طعن أمير المؤمنين، فانصرف الناس وهو في دمه لم يصلِّ الفجر بعد، فقيل: "يا أمير المؤمنين2، الصلاة الصلاة"، قال: "الصلاة، هاء الله3 إذ لا حظ لامرئ في الإسلام ضيع صلاته". قال: ثم وثب يقوم فانبعث الدم من جرحه، وانبعث جرحه دماً، فقال: "هاتوا لي عمامة"،

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1350، تعليقاً، ووصله الإسماعيلي في المستخرج كما في تغليق التعليق 4/65، 66، وإسناده صحيح. وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 173، وابن الجوزي: مناقب ص 225، وقد مرّ عن المسور بن مخرمة ص 771، 772. 2 مطموس في الأصل، سوى (المؤ) . 3 انظر: ص 937.

يعصب بها جرحه، ثم صلى، فلما صلى قال: "يا أيها الناس على ملأ منكم1؟ "، فقال له عليّ بن أبي طالب: "لا والله، لا ندري من الطاعن من خلق الله، أنفسنا تفتدي نفسك، ودماؤنا تفدي دمك"، فالتفت إلى عبد الله بن عباس، فقال: "اخرج فاسأل الناس ما بالهم وأصدقني الحديث"، فخرج ثم جاء فقال: "يا أمير المؤمنين، أبشر بالجنة، لا والله، ما رأيت عيناً2 تطرف من خلق الله من ذكر ولا أنثى إلا باكية عليك، يفدونك بالآباء، والأمهات، طعنك عبدُ المغيرة بن شعبة المجوسي، وطعن معك اثني عشر رجلاً، فهم في دمائهم حتى يقضي الله فيهم ما هو قاضٍ، فتهنأك يا أمير المؤمنين الجنة، فقال: "غرّ بهذا غير يا ابن عباس"، قال: ولِمَ لا أقول لك يا أمير المؤمنين؟ فوالله إن كان إسلامك لعزّاً وإن كانت هجرتك لفتحاً، وإن كان ولايتك لعدلاً، وقد قتلت مظلوماً". ثم التفت إلى ابن عباس فقال: "أتشهد لي بذلك عند الله يوم القيامة؟ "، فكأنه تلكأ، قال: يقول عليّ بن أبي طالب من جانبه: "نعم، يا أمير المؤمنين، نشهد لك بذلك عند الله يوم القيامة"، ثم التفت إلى ابنه عبد الله بن عمر3 فقال: "ضع خدي على الأرض"، فلم أعج4 لها، وظننت أن ذلك اختلاس من عقله، فقالها مرة أخرى: "ضع خدي إلى الأرض لا أم لك"، فعرفت أنه مجتمع العقل، ولم يمنعه هو إلا مما به من الغلبة، قال: فوضعت خده إلى الأرض، قال: حتى نظرت إلى أطراف شعر لحيته خارجة من بين

_ 1 في الأصل " مامنكم " وهو تحريف. 2 مطموس في الأصل، سوى (عينـ) . 3 مطموس في الأصل، سوى (عمـ) . 4 ما عاجَ بقوله عيجاً وعَيْجُوجة: لم يكترث له. (لسان العرب 2/336) .

أضغاث1 التراب، قال: وبكى حتى نظرت إلى الطين قد لصق بعينه قال: فأصغيت أذني لأسمع ما يقول، قال: فسمعته يقول: "يا ويل عمر، وويل أمه إن لم يتجاوز الله عنه"2. وعن عبد الله بن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لما طعن قال له الناس: "يا أمير المؤمنين، لو شربت شربة". قال: "اسقوني نبيذاً"، وكان / [120 / أ] من أحبّ الشراب إليه، قال: فخرج النبيذ من جُرحه من صديد الدم فلم يتبين لهم ذلك أنه شرابه الذي شرب، فقالوا: "لو شربت لبناً"، فأتي به فلما شرب اللبن خرج من جُرحه، فلما رأى بياضه بكى وأبكى3 من حوله من الصحابة، وقال: "هذا حينٌ لو أن لي ما طلعت عليه الشمس، لافتديت به من هول المطلع"، قالوا: "ما أبكاك إلا هذا؟ "، قال: "ما أبكاني غيره". قال: فقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "يا أمير المؤمنين والله إن كان إسلامك لنصراً، وإن كانت إمارتك لفتحاً، والله لقد ملأتَ الأرض عدلاً، ما من اثنين يختصمان إليك إلا انتهيا إلى قولك". فقال عمر رضي الله عنه: "أجلسوني"، فلما جلس قال لابن عباس: "أعد عليَّ كلامك"، فلما أعاد عليه قال: "أتشهد لي بهذا عند الله عزوجل يوم القيامة؟ "، فقال ابن عباس: "نعم". ففرح عمر بذلك وأعجبه4.

_ 1 الضّغث: قبضة من قضبان مختلفة أصل واحد، مثل: الأسل، والكراثِ، والثمام، وربما استعير ذلك في الشعر. (لسان العرب 2/164) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 225، 226، بدون إسناد. 3 في الأصل: (بكى) . 4 ابن سعد: الطبقات 3/354، وابن أبي شيبة: المصنف 12/36، 37، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 175، من طريق ابن سعد. وهو ضعيف لانقطاعه بين عبد الله بن عبيد الله وعمر بن الخطاب، وابن الجوزي: مناقب ص 227، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/677، 678.

وعن ابن سيرين: قال: "لما طعن عمر رضي الله عنه جعل الناس يدخلون إليه، فقال لرجل: "انظر"، فأدخل يده فنظر، فقال: "ما وجدت؟ "، فقال: "إني أجده قد بقي من وتينك1 ما تقضي منه حاجتك"، قال: "أنت أصدقهم وخيرهم"، فقال رجل: "والله إني لأرجو أن لا تمس النار جلدك أبداً"، قال: فنظر إليه حتى أوينا2 له3، ثم قال: "إن علمك بذلك يا ابن فلان لقليل، لو أن لي ما في الأرض لافتديت به من هول المُطَّلع"4. قال ابن عباس: فقال عمر: "إن غُلب على عقلي فاحفظ عني اثنين لم أستخلف أحداً، ولم أقض في الكلالة شيئاً"5. وذكر أبو القاسم الأصفهاني في (سيرة السلف) ، عن ابن عباس قال: "لما طعن عمر دخلت عليه فقلت: أبشر يا أمير المؤمنين فإن الله قد مصّر بك الأمصار، ودفع بك النفاق، وأفشى بك الرزق، فقال: "أفي الإمارة تثني عليّ؟ "، فقلت: وفي غيرها، قال: "والذي نفسي بيده، لوددت أني خرجت منها

_ 1 الوتين: عِرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه. (القاموس ص 1596) . 2 في الأصل: (ابنا) ، وهو تحريف. 3 أوى له: رَقَّ له. (القاموس ص 1628) . 4 سك 3/352، ومن طريقه وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 175، وهو حسن فيه هوذة بن خليفة وهو صدوق. (التقريب رقم: 7327) ، لكنه منقطع بين محمّد بن سيرين وعمر بن الخطاب، وابن الجوزي: مناقب ص 227، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/685، وعزاه لابن سعد. 5 ابن سعد: الطبقات 3/352، وإسناده حسن فيه هوذة بن خليفة وهو صدوق. والأثر مرّ بنحوه ص 893.

كما دخلت لا أجر ولا وزر"1. وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن عمرو بن ميمون قال: "شهدت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه حين طعن، فما منعني أن أكون في الصّفّ المقدم إلا هيبته، وكان مهيباً وكنت في الصّفّ الذي يليه، وكان عمر رضي الله عنه لا يكبّر حتى يستقبل [الصّفّ] 2 المقدم بوجهه فإذا رأى رجلاً متقدماً من الصّفّ، أو متأخراً ضربه بالدّرّة فذلك الذي منعني منه"3. قال: وفي رواية المسور بن مخرمة: لما طعن عمر دخلت فأخذت بعضادتي 4الباب، فقلت: كيف ترونه؟ قالوا: "كما ترى"، قلت: "فأيقضوه بالصلاة، فإنكم لن توقضوه بشيء أفزع له من الصلاة، فقلت: الصلاة يا أمير المؤمنين، قال: "الصلاة، لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة"، ثم قام فصلى وجرحه يثعب دماً5. وعن عمرو بن ميمون، قال: "أصيب عمر يوم أصيب وعليه إزار أصفر، فسمعته يقول: [حين] 6 وجد مسّ الحديد: {وَكَانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَّقْدُوراً} [الأحزاب: 38] 7.

_ 1 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 132، وقد سبق تخريجه ص 975. 2 سقط من الأصل. 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 149، ابن سعد: الطبقات 3/340، بأطول، وأبو نعيم: الحلية 4/150، عن أبي إسحاق السبيعي، وهو مدلّس، وقد عنعن، وقد سبق تخريجه ص 870، 879. 4 عضادتا الباب: الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل ومنه شماله. (لسان العرب 3/294) . 5 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 149، والأثر سبق تخريجه ص 974. 6 سقط من الأصل. 7 سبق تخريجه ص 963.

قلت: تضمن أمر عمر أحكاماً: الأوّل: لا يكره الإيثار بالقرب، والمكان الفضيل في الحياة والموت، خلافاً لبعضهم1. الثّاني: إذا بذل لا يكره القبول، خلافاً لمن نهى عنه2. الثّالث: من قتل مظلوماً يغسل، ويكفن، ويصلَّى عليه، وهو الصحيح عندنا3. الرّابع: الجريح تجوز له الصلاة بجرحه ودمه4. الخامس: أن تارك الصلاة يكفر وهو إحدى الروايتين5 عن أحمد، فيقتل كفراً لا يغسل ولا يصلى عليه6. والثّانية: لا يكفر، ويقتل لتركها حداً كالزنى ونحوه يغسل7 ويصلى عليه. / [120 / ب] .

_ 1 انظر: ابن قدامة: المغني 3/233، ابن مفلح: الفروع 2/106، 107، البهوتي: الروض المربع مع الحاشية 2/483. 2 انظر: ابن قدامة: المغني 3/233، ابن مفلح: الفروع 2/106، 107، البهوتي: الروضة المربع مع الحاشية 2/483. 3 انظر: ابن قدامة: المغني 3/475، 476، ابن مفلح: الفروع 2/213، المرداوي: الإنصاف 2/503. 4 انظر: ابن حجر: فتح الباري 1/281. 5 في الأصل: (الرواتين) ، وهو تحريف. 6 ابن قدامة: المغني 3/351، المرداوي: الإنصاف 1/327، 328، الحجاوي: منتهى الإرادات 2/499. 7 ابن قدامة: المغني 3/355، المرداوي: الإنصاف 10/327.

الباب الثمانون: وصاياه ونيه عن الندب

الباب الثمانون: وصاياه ونيه عن الندب ... الباب الثمانون: في ذكر وصاياه ونهيه عن النّدب في الصحيح عن عمرو بن ميمون عن عمر قال: "أوصيه - يعني الخليفة من بعده - بذمة الله وذمة رسول الله أن يُوفَى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يُكلّفوا إلاّ طاقتهم"1. وعن عمرو بن ميمون قال: قال عمر: "أوصي الخليفة بالمهاجرين الأوّلين، أن يُعرف لهم حقهم، وأوصي الخليفة بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلِ أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم"2. وعن ابن عمر قال: "دفع إليّ عمر رضي الله عنه كتاباً، فقال: "إذا اجتمع الناس على رجل فادفع إليه هذا الكتاب، وأقرأه مني السلام، فإذا فيه أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله، وأوصيه بالمهاجرين الأوّلين {الَّذِينَ أُخْرِجُوا من دِيَارِهِم وَأَمْوَالِهِم يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ الله وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ} [الحشر: 8-9] ، أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم كرامتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً، {الَّّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ والإِيمَانَ مِن قَبْلِهِم يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهُم وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِم حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا} ، إلى قوله: {المُفْلِحُونَ} [الحشر: 8-9] أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، وأن يشركوا في الأمر، وأوصيه بذمة الله وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يوفي بعهدهم، ولا يكلفوا فوق طاقتهم، وأن يقاتل من روائهم"3.

_ 1 سبق تخريجه ص 957، 968. 2 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1854، رقم: 4606. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 228، بدون إسناد.

وعن جويرية1 بن قدامة قال: "حججتُ فأتيتُ المدينةَ العام الذي أصيب فيه عمر، قال: فخطب فقال: "إني رأيت ديكاً أحمر نقرني نقرتين، أو نقرة"2. وكان من أمره أنه طعن، فأذن للناس عليه، فكان أوّل من دخل عليه أصحاب النبِي صلى الله عليه وسلم، ثم أهل المدينة، ثم أهل الشام، ثم أهل العراق، فخلتُ فيمن دخل، قال: فكان كلما دخل عليه قوم أثنوا عليه، وبكوا، قال: فلما دخلنا عليه، وقد عصب بطنه بعمامة سوداءَ، والدم يسيل، قال: فقلنا: أوصنا، قال: وما سأله الوصية أحد غيرنا، فقال: "عليكم بكتاب الله، فإنكم لن تضلوا ما اتّبعتموه". فقلنا: أوصنا، فقال: "أوصيكم بالمهاجرين فإن الناس سيكثرون ويقلون، وأوصيكم بالأنصار فإنهم شَعْب الإسلام الذي لجئ3 إليه، وأوصيكم بالأعراب، فإنهم أصلكم، ومادتكم، وأوصيكم بأهل ذمتكم فإنها عهد نبيّكم ورزق عيالكم قوموا عني". فما زاد على هؤلاء الكلمات"4. وعن عمرو بن ميمون قال: "شهدت عمر رضي الله عنه يوم طعن، فقال: "ادعوا لي عليّاً، وعثمان، وطلحة، والزبير، وابن عوف، وسعد بن أبي وقاص"، فلم يكلم أحداً منهم غير عليّ وعثمان، فقال: "يا عليّ لعل هؤلاء القوم يعرفون لك حقّك، وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهرك، وما آتاك الله من الفقه والعلم، إن وليت هذا الأمر فاتق الله"، ثم دعا عثمان، فقال: "يا عثمان

_ 1 في الأصل: (جويره) . 2 قوله: (نقرتين) ، تكرر في الأصل. 3 في الأصل: (نجا) ، وهو تحريف. 4 ابن سعد: الطبقات 336، 337، أحمد: المسند 1/309، 310، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/936، وأسانديهم صحيحة. وابن أبي شيبة: المصنف 11/73، وأصله البخاري: الصحيح، كتاب الجزية3/1154، رقم: 2991، والتاريخ الكبير2/241.

علّ هؤلاء القوم أن يعرفوا لك صهرك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنك وشرفك، فإن وليت هذا الأمر فاتق الله فيهم"، ثم قال: "ادعوا لي صهيباً"، فدعي له، فقال: "صلّ بالناس ثلاثاً، وليَخل هؤلاء القوم في بيت، فإذا اجتمعوا على رجل، فمن خالف فاضربوا رقبته". فلما خرجوا من عنده، قال: "إن يولوها الأجلحَ1 يسلك بهم الطريق". فقال له ابنه: "فما يمنعك يا أمير المؤمنين؟ "، قال: "إني أكره أن أتحملها حيّاً وميّتاً"2. وعن ابن عمر: أن عمر رضي الله عنه أوصى إلى حفصة - رضي الله عنها - فإن ماتت فإلى الأكابر من آل عمر3. / [121 / أ] . وقال ابن سعد4: "أوصى عمر أن تُقرّ عُمّاله سنةً، فأقرهم عثمان سنة"5. وعن الشعبي، قال: "كتب عمر رضي الله عنه في وصيته أن لا يقر عامل أكثر من سنة، فأقروا الأشعري - يعني أبا موسى - أربع سنين"6. وعن ابن عون7، قال: "سمعت رجلاً يحدّث محمّداً قال: "كانت

_ 1 الجَلَحُ: محرّكة: انحسار الشعر عن جانبي الرأس. (القاموس ص275) ، وهو عليّ بن أبي طالب. 2 البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 346، 347، وابن عبد البر: الاستيعاب 3/1153، 1154، وفي إسنادهما أبو إسحاق السبيعي، وهو مدلّس، وقد عنعن. والمحب الطبري: الرياض النضرة1/410، 411، وعزاه للنسائي. 3 ابن سعد: الطبقات 3/357، وإسناده صحيح. ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص372، والمتقي الهندي: كنْز العمال12/687، وعزاه لابن سعد. 4 في الأصل: (مسعود) ، وهو تحريف. 5 ابن سعد: الطبقات 3/359، وهو ضعيف لانقطاعه بين ربيعة بن عثمان وعمر بن الخطاب، وفيه الواقدي. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 230. 7 عبد الله بن عون بن أرطبان.

وصية عمر عند أم المؤمنين حفصة، فلما توفيت صارت إلى عبد الله بن عمر، فلما توفي عبد الله بن عمر أوصى إلى ابنه، قال: وصارت الوصية بعد إلى سالم، وقال ابن عون: "فشهدته يقسمها قال: فرأيت من يوسعه شيئاً، غبطته عليه، قال: وجاءه رجل عليه كسوة حسنة وهيئة حسنة فأعطاه منها"1. وعن ابن عمر قال: "وصاني عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقال: "إذا وضعتني فأفض بخدي إلى الأرض حتى لا يكون بين خدي وبين الأرض شيء"2. وعن المقداد بن معدي كرب3 قال: "لما أصيب عمر دخلت عليه حفصة - رضي الله عنها - فقالت: "يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويا صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويا أمير المؤمنين، فقال عمر: " [يا عبد الله] 4 أجلسني فلا صبر لي على ما أسمع، فأسنده5 إلى صدره6، فقال لها: "إني [أُحرِّج] 7 عليك بما لي من الحق أن تندبيني بعد مجلسك هذا، فأما عينكِ فلن أملكها، إنه ليس من ميت نُندبُ بما ليس فيه إلاّ الملائكة تمقته"8.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 230. 2 أحمد: الزهد ص: 120، وفي إسناده مجالد بن سعيد وهو ضعيف. وابن الجوزي: مناقب ص 230، وأبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 187، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/690، وعزاه لابن منيع. 3 الكندي، صحابي مشهور، توفي سنة سبع وثمانين على الصحيح. (التقريب ص 545) . 4 سقط من الأصل. 5 في الأصل: (فأسندته) ، وهو تحريف. 6 في الأصل: (صدرها) ، وهو تحريف. 7 سقط من الأصل. 8 ابن سعد: الطبقات 3/361، والحارث في مسنده كما في بغية الباحث 1/365، وإسنادهما صحيح، وصححه الحافظ ابن حجر. (فتح الباري 7/67) .

وقال ابن سيرين: قال صهيب: "واعمراه، وا أخاه، من لنا بعدك؟ "، فقال له عمر: "مه، يا أخي أما شعرت أنّه من يعوَّل1 عليه يعذَّب؟ "2. وفي الصحيح عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة قال: "توفيت ابنة لعثمان بمكّة، وجئنا لنشهدها، وحضرها ابن عمر وابن عباس، وإني لجالسٌ بينهما، أو قال: جلستُ إلى أحدهما، ثم جاء الآخر، فجلس إلى جنبي، فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان3: "ألا تنتهي عن البكاء؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه". فقال ابن عباس: "قد كان عمر يقول بعض ذلك، ثم حدّث قال: صدرت مع عمر من مكّة حتى إذا كنا بالبيداء4، إذا هو بركب تحت سمرة، فقال: "اذهب فانظر من هؤلاء الركب"، قال: فنظرت فإذا هو صهيب، فأخبرته، فقال: "ادعه لي"، فرجعت إلى صهيب فقلت: "ارتحل فالحق أمير المؤمنين، فلما أصيب عمر، دخل صهيب يبكي، ويقول: "وا أخاه، وصاحبا، فقال عمر: "يا صهيب أتبكي عليَّ؟ "، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه"، قال ابن عباس: فَلَمَّا مات عمر ذكرت ذلك لعائشة فقالت: "يرحم الله عمر، ما حدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه"، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ليزيدُ الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه"، وقالت: حسبكم القرآن ولا تزر وازرة وزر أخرى5، قال

_ 1 المعوّل عليه، أي: الذي يُبكى عليه من الموتى. (النهاية 3/321) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/362، وإسناده صحيح إلى ابن سيرين. 3 ابن عفان الأموي، ثقة، من الثالثة. (التقريب ص 424) . 4 البيداء: اسم لأرض مَلسَاء بين مكّة والمدينة، وهي إلى المدينة أقرب، تُعَدُّ من الشّرَف أمام ذي الحليفة. (معجم البلدان 1/523) . 5 تشير إلى قوله تعالى: {أَلاّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [سورة النجم آية: 38] .

ابن عباس عند ذلك: "والله هو أضحك وأبكى". قال ابن أبي مليكة: / [121/ب] والله ما قال ابن عمر شيئاً"1. وعن أبي بردة عن أبيه، قال: "لما أصيب عمر جعل صهيب يقول: "وا أخاه"2، فقال عمر: "أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الميّت ليعذب ببكاء الحي؟ " 3. ورواه الإمام أحمد في مسنده عن ابن أبي مليكة ولفظه: "كنتُ عند عبد الله بن عمر ونحن ننظر جنازة أم أبان بنت عثمان، وعنده عمرو بن عثمان، فجاء ابن عباس يقوده قائده4 قال: فأراه أخبر5 بمكان ابن عمر، فجاء حتى جلس إلى جنبي، وكنت بينهما فإذا صوت من الدار، فقال ابن عمر: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه"، فأرسلها عبد الله مرسلة، قال ابن عباس: "كنا مع أمير المؤمنين عمر، حتى إذا كنا بالبيداء إذ هو برجل نازل في ظل شجرة، فقال لي: "انطلق فاعلم من ذلك فانطلقت، فإذا هو صهيب، فرجعت إليه، فقلت: إنك أمرتني أن أعلم لك من ذاك، وإنه صهيب، فقال: "مرّوه فليلحق بنا"، فقلت: إن معه أهله، قال: "وإن كان معه أهله"، وربما

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/432، رقم: 1226، ومسلم: الصّحيح، كتاب الجنائز 2/640، رقم: 927، 928. 2 في الأصل: (وأخا) ، والمثبت من صحيح البخاري. 3 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/433، رقم: 1228، ومسلم: الصّحيح، كتاب الجنائز 2/640، رقم: 927. 4 في الأصل: (قائد) ، والمثبت من مسند أحمد. 5 في الأصل: (أخبر) ، والمثبت من مسند أحمد.

قال أيوب1 مرة: "فليلحق بنا"، فلما بلغنا المدينة لم يلبث أمير المؤمنين أن أصيب، فجاء صهيب، فقال: "واأخاه!!، واصاحباه!! "2، فقال عمر: "ألم تعلم، ألم تسمع3، أو قال: "ألم تعلم أو لم تسمع4، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله". فأما عبد الله فأرسلها مرسلة، وأما عمر فقال: ببعض، فأتيت عائشة، فذكرت لها قول عمر، فقالت: "لا، والله ما قاله رسول الله، أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الكافر ليزيده الله ببكاء أهله عذاباً". وإن الله لهو أضحك وأبكى، ولا تزر وازرة وزر أخرى5. قال أيوب: وقال ابن أبي مليكة: حدّثني القاسم، قال: "لما بلغ عائشة - رضي الله عنها - قول عمر بن الخطّاب، وابن عمر، قالت: "إنكم لتحدّثوني عن غير كاذبين، ولا مكذّبين، ولكن السمع يخطئ"6. فائدة يجوز البكاء على الميت لقوله عليه السلام: "العين تدمع، والقلب يحزن" 7. وأما النياحة، وما أشبه ذلك من شقّ الثياب، ولطم الخدود،

_ 1 أيوب بن أبي تميمة السختياني، البصري، ثقة ثبت، حجة من كبار الفقهاء العُبّاد، توفي سنة إحدى وثلاثين ومئة. (التقريب ص 117) . 2 مطموس في الأصل، سوى (واصاحبا) . 3 في الأصل: (أولم تعلم أو لم تسمع) . 4 مسلم: الصّحيح، كتاب الجنائز 2/640، رقم: 928. 5 تشير إلى قوله تعالى: {أَلاّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، وقوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} . سورة النجم آية: (38-42) . 6 أحمد: المسند1/280، وإسناده صحيح، ومسلم: الصّحيح، كتاب الجنائز2/640، رقم: 928. 7 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/349، رقم: 1241، ومسلم: الصّحيح، كتاب الفضائل 4/1808، رقم: 2115.

ونتف الشعور، وتسويد الوجه، فإنه لا يجوز1. والنياحة: رفع الصوت2. والندب: هو تعداد أوصاف الميت، وما أشبه ذلك3. والله أعلم. / [122 / أ] .

_ 1 النووي: شرح صحيح مسلم 2/110، 111، 6/235، 236، ابن حجر: فتح الباري 3/161، 163، 165. 2 انظر: ابن حجر: فتح الباري 3/161. 3 انظر: ابن منظور: لسان العرب 1/754.

الباب الحادي والثمانون: إظهاره الذل عند موته

الباب الحادي والثمانون: إظهاره الذل عند موته ... الباب الحادي والثمانون: في إظهاره الذّلّ عند موته ذكر ابن الجوزي عن ابن عمر قال: "كان عمر رضي الله عنه على فخذي في مرضه الذي مات فيه، فقال لي: "ضع رأس على الأرض"، فقلت: "وما عليك، كان على الأرض أو على فخذي؟ "، فقال ضعه على الأرض"، فوضعته على الأرض، فقال: "ويل وويل أمي إن لم يرحمني ربي"1. وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: "أنا آخركم عهداً بعمر رضي الله عنه دخلت عليه ورأسه في حجر ابنه عبد الله، فقال له: "ضع رأسي على الأرض"، فقال: "فهل فخذي والأرض إلا سواء؟ "، فقال: "ضع خدي بالأرض لا أم لك"، في الثانية أو في الثالثة، وسمعته يقول: "ويلي وويل أمي إن لم يغفر الله لي". حتى فاضت"2. وعن عثمان رضي الله عنه قال: "آخر كلمة قالها عمر رضي الله عنه: "ويلي وويل أمي إن لم يغفر الله لي، وويل أمي إن لم يغفر الله لي"3.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 231، وابن سعد: الطبقات 3/360، وابن أبي شيبة: المصنف 13/276، وأبو نعيم: الحلية 1/52، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 183. ومداره على عاصم بن عبيد الله العدوي وهو ضعيف. (التقريب رقم: 3065) . وابن شبه: تاريخ المدينة 3/918، وإسناده حسن، في إسناده جويرية بن أسماء، وهو صدوق. (التقريب رقم: 988) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/360، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/919، وإسنادهما صحيح، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 183، من طريق ابن سعد، وابن الجوزي: مناقب ص 231. 3 ابن سعد: الطبقات 3/360، 361، وأحمد: الزهد ص: 118، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/919، وهو ضعيف، مداره على عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف.

وسبق بعض ذلك في الباب التّاسع والسّبعون1. وذكر القاسم الأصفهاني في "سيرة السلف"، عن ابن عمر، قال: "كان رأس عمر رضي الله عنه على فخذي في مرضه الذي مات فيه، فقال لي: "ضع رأسي على الأرض"، فقلت: "وما عليك على فخذي أم على الأرض؟ "، قال: "ضعه على الأرض"، فوضعته على الأرض، فقال: "ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربّي"2. وعن ابن عمر قال: "أوصاني عمر رضي الله عنه قال: "إذا وضعتني في لحدي فأفض بخدي إلى الأرض"3. لما قرب القرب من القدوم على حبيبه أحبّ إظهار الذّلّ، وأكثر ما يقصد إظهار الذّلّ عند4 إرادة التقرب من الحبيب، كما قال الشاعر: أُهينُ لهم نَفسي لكي يكرمونها5 ... ولن يكرموا6 النفسَ التي لا تُهينها7 وقال آخر: اخضع لمن تهوى وذلّ له ... فليس في شرع الهوى أنف يشال ويعقد8

_ 1 ص 803. 2 سقط من الأصل 132، وسبق تخريجه. 3 سبق تخريجه ص 833. 4 في الأصل: (عن) ، وهو تحريف. 5 في ديوان الشافعي، وجامع بيان العلم، والحلية: (وأكرِمُها بهم) . 6 في ديوان الشافعي، والحلية: (لا تُكرم) ، وفي جامع بيان العلم، والحلية، وآداب الشافعي: (ولن تكرم) . 7 الشافعي: الديوان ص 89، وأبو نعيم: الحلية 9/148، ابن عبد البر: جامع بيان العلم ص 189، الرازي: آداب الشافعي ص 158. 8 لم أعثر عليه.

الباب الثاني والثمانون: تاريخ موته ومبلغ سنه

الباب الثاني والثمانون: تاريخ موته ومبلغ سنه ... الباب الثاني والثمانون: في تاريخ موته ومبلغ سنه قال الذهبي: "استشهد يوم الأربعاء لأربع أو ثلاث بقين من ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح1. وذكر ابن الجوزي عن محمّد بن سعد قال: "طعن عمر رضي الله عنه يوم الأربعاء لأربع ليالٍ بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين، فكانت ولايته عشر سنين وخمسة أشهر وإحدى وعشرين ليلة"2. وقال غيره: "عشر سنين وستة أشهر، وأربعة أيام"3. قال ابن الجوزي: "واختلف في سنِّه يوم موته على ثمانية أقوال4: أحدها: قبض وهو ابن ثلاث وستّين سنة5. والثّاني: ست وستّون سنة. قاله ابن عباس6. والثّالث: خمس وستّون سنة. قاله ابن عمر والزهري7.

_ 1 الذهبي: التهذيب ق 177 / ب. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 231، وابن سعد: الطبقات 3/365، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/943، 944، والطبري: التاريخ 4/193، وفيه والوادقي. 3 الطبري: التاريخ 4/194، عن أبي معشر، وابن الجوزي: مناقب ص 231. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 231، 232. 5 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1826، رقم: 2352. 6 الطبراني: المعجم الكبير 1/68، وابن الجوزي: مناقب ص 232، والذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص 284، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/78، وقال: "رواه الطبراني ورجاله ثقات". 7 ابن الجوزي: مناقب ص 232.

والرّابع: خمس وخمسون سنة1. وعن سالم بن عبد الله بن عمر: أن عمر قبض، وهو ابن خمس وخمسين2. والخامس: ست وخمسون سنة3. والسّادس: سبع وخمسون سنة4. والسّابع: تسع وخمسون سنة. رويت هذه الأقوال الثّلاثةعن نافع5. والثّامن: إحدى وستّون. قاله قتادة6. وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن معاوية قال: "توفي عمر رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستّين سنة"7. قال: وقال أهل التاريخ: "قتل عمر رضي الله عنه يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين. / [122 / ب] وكانت خلافته عشر سنين ونصفاً وأياماً، وخلافة أبي بكر سنتين وأشهراً"8.

_ 1 عبد الرزاق: المصنف 3/600، وإسناده منقطع بين ابن شهاب وعمر. والطبراني: المعجم الكبير 1/96، رقم: 70، 71، وإسناده صحيح، والذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 283، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/79، وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". 2 الطبراني: المعجم الكبير 1/69، وإسناده ضعيف، فيه عليّ بن زيد، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/79، وقال: "رجاله ثقات". 3 عبد الرزاق: المصنف 3/600، وفيه ابن جريج مجلس، وقد عنعن. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 232. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 232. 6 الطبراني: المعجم الكبير 1/69، والطبري: التاريخ 4/198، والهيثمي: مجمع الزوائد، وقال: "رواه الطبراني وإسناده حسن". قلت: وهو منقطع بين قتادة وعمر بن الخطاب. 7 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 160، وقد مرّ آنفاً. 8 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 160، 161، وقد مرّ آنفاً.

وقال أبو عبد الله بن سلامة في كتاب: "عيون المعارف": "ضربه أبو لؤلؤة فيروز الفارسي، غلام المغيرة بن شعبة، وكان مجوسيّاً، وقيل: كان نصرانيّاً ضربات إحداهن تحت سرته، وكان ذلك في يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي الحجة، سنة ستّ وعشرين فبقي ثلاثة أيام، وتوفي رضي الله عنه لأربع بقين من ذي الحجة، هذا قول الواقدي"1. قال: وقال غيره: "توفي يوم الاثنين لليلتين بقين من ذي الحجة"2. قال: "ويقال: إن أبا لؤلؤة ضرب مع عمر أحد عشر رجلاً من الصحابة، مات منهم خمسة، وأن رجلين من بني أسد3 لحقاه، فألقى أحدهما عليه برنساً ثم ضمّه، فأدنى السكين إلى حلقه فقتل نفسه"4. قال: "وكان سنة يوم مات خمس وخمسون سنة، وقيل: ستّ"5. وقيل: ثلاث وستّون6. وفي تاريخ أبي زرعة النصري78 عن جرير9 قال: "كنت عند معاوية

_ 1 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 45 / أ. 2 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب. 3 لم أجده في نسخة عيون المعارف التي بين يدي. 4 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب. 5 سبق تخريجه ص 996-997. 6 سبق تخريجه ص 996-997. 7 عبد الرحمن بن عمرو النصري، ثقة، حافظ مصنف، توفي سنة إحدى وثمانين ومئتين. (التقريب ص 347) . 8 في الأصل: (الثقفي) ، وهو تحريف. 9 البجلي.

فقال: "توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستّين، وتوفي أبو بكر رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وسّتين، وقتل عمر رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستّين"1.

_ 1 أبو زرعة: التاريخ 1/149، وقد سبق تخريجه ص 996-997.

الباب الثالث والثمانون: غسله والصلاة عليه ودفنه

الباب الثالث والثمانون: غسله والصلاة عليه ودفنه ... الباب الثالث والثمانون: في غسله والصّلاة عليه ودفنه ذكر ابن الجوزي عن عبد الله بن عمر: أن عمر رضي الله عنه غُسِّل وكُفِّن، وصلّي عليه، وكان شهيداً1. وقد ذكر غيره: أنه غسل رضي الله عنه وأنه حمل على السرير2. وفي حديث ابن عباس: وُضعَ عمر على سريره، فتكنَّفه3 الناسُ يدعون ويصلّون4. وفي حديث مقتله: فلما قبض خرجنا به، أو قال معه، فانطلقنا نمشي، فسلّم عبد الله بن عمر، قال: يستأذن عمر بن الخطّاب، قالت: "أدخلوه"، فأدخل فوضع هنالك رضي الله عنه"5. فإن قيل: كيف غُسل وهو شهيد؟ قيل: اختلف العلماء فيمن قتل مظلوماً هل هو كالشهيد لا يغسل أم لا؟ على قولين: أحدهما: أنه يغسل، وهذا حجة لأصحاب هذا القول6. الثّاني: لا يغسل ولا يصلَّى عليه، والجواب عن قصة عمر أن عمر عاش بعد أن ضرب وأقام مدة، والشهيد حتى شهيد المعركة لو عاش بعد أن ضرب

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 232، ومالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/37، وبن سعد: الطبقات 3/366، وإسنادهما صحيح. 2 لم أجده. 3 التّكنيف: الإحاطة. (القاموس ص 1099) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1348، رقم: 3482. 5 سبق تخريجه ص 957. 6 ابن قدامة: المغني 3/475، 476، المرداوي: الإنصاف 2/503.

حتى أكل أو شرب أو طال مقامه فإنه يغسل، ويصلّى عليه، وعمر طال مقامه حتى شرب النبيذ والماء، فلهذا غسل وصلّي عليه رضي الله عنه1. / [123 / أ] . فصل: في الصّلاة عليه قال الذهبي: "صلّى عليه صهيب بن سنان"2. وقال ابن عمر: "صُلي على عمر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم"3. وقال ابن سعد: "وسأل عليّ بن الحسين سعيد بن المسيب: من صلى على عمر؟ قال: "صهيب"، قال: "كم كبّر عليه؟ "، قال: "أربعاً". قال: "أين صُلي عليه؟ "، قال: "بين القبر والمنبر"4. قال ابن المسيب: "نظر المسلمون فإذا صهيب يصلي لهم المكتوبات بأمر عمر رضي الله عنه فقدموه، فصلى على عمر"5. قال أبو عبد الله ابن سلامة في كتابه: "عيون المعارف": "صلى عليه صهيب بن سنان الرومي"6. فإن قيل: كيف صلّوا عليه وهو شهيد؟ قيل: اختلف العلماء فيمن قتل

_ 1 مالك: الموطّأ (رواية يحبى بن يحيى) ص 237، ابن قدامة: المغني 3/472. 2 الذهبي: التذهيب ق 117 / ب. 3 مالك: الموطّأ 1/402، وإسناده صحيح. ومن طريق ابن سعد: الطبقات 3/367. 4 ابن سعد: الطبقات 3/366، وفي إسناده خالد بن إلياس، وهو متروك الحديث. (التقريب رقم: 1617) ، وابن الجوزي: مناقب ص 232. 5 ابن سعد: الطبقات 3/367، وفيه الواقدي، وابن الجوزي: مناقب ص 332. 6 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب.

مظلوماً هل هو كشهيد المعركة لا يصلى عليه؟ على قولين فمن قال يصلى عليه، احتج بهذا1. فصل: في دفنه قال الذهبي: "دفن في الحجرة النبوية"2. وذكر ابن الجوزي عن جابر قال: "نزل في قبر عمر عثمان وسعيد ابن زيد بن عمرو، وصهيب، وعبد الله بن عمر"3. وعن هشام بن عروة قال: "لما سقط عنهم - يعني قبر النبي صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - في زمن الوليد بن عبد الملك4 أخذوا في بنائه، فبدت لهم قدمٌ، ففزعوا، وظنوا أنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم فما وجدوا أحداً يعلم ذلك حتى قال لهم عروة: "لا والله، ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر رضي الله عنه"5. وقال أبو عبد الله ابن سلامة6 في كتابه: "عيون المعارف": دفن في حجرة عائشة - رضي الله عنها - ورأسه قبالة كتفى أبي بكر - رضي الله عنه -"7.

_ 1 ابن قدامة: المغني 3/475، 476، المرداوي: الإنصاف 2/503. 2 الذهبي: التذهيب ق 177 / ب. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 232، وابن سعد: الطبقات 3/368، وفيه الواقدي. 4 ابن مروان الأموي من خلفاء بني أمية. كانت نهمته في البناء، وأنشأ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزخرفه، توفي سنة ستّ وتسعين. (المعارف ص359، سيرأعلام النبلاء4/347) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/468، رقم: 1326. 6 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. 7 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 54 / ب.

وفي الصحيح عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عمر أرسل إلى عائشة - رضي الله عنها - ائذني لي أن أُدفن مع صاحبيَّ، فقالت: "إي والله"، قال: وكان الرجل إذا أرسل إليها من الصحابة قالت: "لا والله، لا أوثرهم بأحدٍ أبداً"1. ولا خلاف بين أهل2 العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - في هذا المكان من المسجد النبويّ على صاحبه أفضل الصّلاة والسّلام.

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 6/2671، رقم: 6897، قال ابن حجر في فتح الباري 13/308: "أن عمر أرسل إلى عائشة. هذا صورته الإرسال، لأن عروة لم يدرك زمن إرسال عمر إلى عائشة. لكنه محمول على أنه حمله عن عائشة فيكون موصولاً". 2 في الأصل: (أن) ، وهو تحريف.

الباب الرابع والثمانون: بكاء الإسلام على موته

الباب الرابع والثمانون: بكاء الإسلام على موته ... الباب الرابع والثمانون: في ذكر بكاء الإسلام على موته ذكر ابن الجوزي عن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال لي جبريل عليه السلام: ليبكِ الإسلام على موت عمر رضي الله عنه" 1. وذكر أبو القاسم الأصفهاني: أن أم أيمن2 قالت: لما مات عمر بن الخطّاب رضي الله عنه "اليوم وَهي3 الإسلام"4. كيف لا يبكي الإسلام على موته، وقد جرد نفسه للقيام فيه، ولم يفتر عن الجهاد فيه طرفة عين رضي الله عنه.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب 233، والطبراني: المعجم الكبير 1/67، 68، وفي إسناده حبيب كاتب مالك متروك كذّبه أبو داود وجماعة. (ميزان الاعتدال 1/452، التقريب رقم: 1087) . وقال الهيثمي: مجمع الزوائد 9/74: "رواه الطبراني وفيه حبيب كاتب مالك، وهو متروك كذاب". 2 حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم يقال اسمها: بركة، وهي والدة أسامة بن زيد، توفيت في خلافة عثمان. (التقريب ص 755) . 3 وهِيَ: ضعف. (لسان العرب 15/417) . 4 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 193، وابن سعد: الطبقات 3/369، وإسناده صحيح. ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 384، والطبراني: المعجم الكبير 25/86، وقال الهيثمي: في مجمع الزوائد 9/259: "وراه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيف". وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 191.

الباب الخامس والثمانون: عظم فقده عند الناس

الباب الخامس والثمانون: عظم فقده عند الناس ... الباب الخامس والثمانون: في ذكر عظم فقده عند النّاس تقدم أن عمر لما أصيب كأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل ذلك1. وعن الحسن بن أبي جعفر2 قال: "بلغنا أنه لما قتل عمر بن الخطّاب اظّلمت الأرض كلها، فجعل الصبي يأتي أمه فيقول: "يا أمه أقامت القيامة؟ "، فتقول: "لا، يا بني، ولكن عمر بن الخطّاب قتل"3. وعن الأحنف بن قيس: أنه سمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: "إن قريشاً / [123 / ب] رؤوس الناس ليس أحد منهم يدخل في باب إلا دخل معه طائفة من الناس". فلما طعن عمر أمر صهيباً أن يصلي بالناس، ويطعمهم ثلاثة أيام حتى يجتمعوا على رجل، فلما وضعت الموائد كفّ الناس عن الطعام، فقال العباس: "يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، فأكلنا بعده وشربنا ومات أبو بكر رضي الله عنه فأكلنا، وإنه لا بدّ للناس من الأكل والشرب"، فمدّ يده فأكل الناس، فعرفت قول عمر4. وعن محمّد بن الصّباح5 قال: "سمعت جرير6 يقول: "سمعت

_ 1 ص 957. 2 الجفري البصري، ضعيف الحديث مع عبادته وفضله، من السابعة، توفي سنة سبع وستّين ومئة. (التقريب ص 159) . 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 192، والمحب الطبري: الرياض النضرة 1/419، وهو ضعيف، لإعضاله. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 233، بدون إسناد. 5 الجَرْجَرَائي: أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، توفي سنة أربعين ومئتين. (التقريب ص 484) . 6 ابن عبد الحميد الضبي، الكوفي قاضي الريّ، ثقة، توفي سنة ثمان وثمانين ومئة. (التقريب ص 139) .

جدتي1 تقول: "لما جاء نعي عمر بن الخطّاب رضي الله عنه كان الناس يقولون: "إن القيامة قد قامت"2. وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن جرير بن عبد الحميد عن جدته قالت: "لما جاء نعي عمر بن الخطّاب كان الناس يرون أنّ القيامة قد قامت، جعل الرجل يوصي كأنهم قد أتاهم الأمر"3.

_ 1 لم أجد لها ترجمة. 2 أبو نعيم: المعرفة 1/223، ومن طريقه ابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 191، وهو ضعيف لجهالة أحد رجال السند. 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 160.

الباب السادس والثمانون: نوح الجن عليه

الباب السادس والثمانون: نوح الجن عليه ... الباب السادس والثمانون: في ذكر نوح الجنّ عليه تقدم في باب نعي الجنّ بعض ذلك من كلام وشعر1. وروى أبو القاسم الأصفهاني عن معروف بن أبي معروف2، قال: سمع صوت يوم أصيب عمر رضي الله عنه: لبيك على الإسلام من كان باكياً ... فقد أوشكوا هلكي وما قدم العهد وأدبرت الدنيا وأدبر أهلها3 ... وقد ملها من كان يوقن4 بالوعد5 وذكر أبو القاسم الأصفهاني: لما قتل عمررضي الله عنهسمع صوت من الجنّ: يبكيك نساء الجنّ ... يبكين شجيات ويخمشن وجوها ... كالدنانير النقيات ويلبسن ثياب ... السود بعد القصبيات67

_ 1 ص 948. 2 الموصلي، روى عن الحسن البصري، روى عنه ليث بن أبي سلم. (الجرح والتعديل8/322) . 3 في المعجم الكبير، والمعرفة: (خيرها) . 4 في المعجم الكبير: (يؤمن) . 5 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 159، وسبق تخريجه ص 949. 6 القصبيات: ثياب تتخذ من كتان، رقاق ناعمة، واحدهاقصبي. (لسان العرب1/677) . 7 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 192، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 199 وهو ضعيف لإبهام أحد رجال السند، والطبراني وابن كثير ونسباه لامرأة تبكيه. (تاريخ الطبري 4/219، البداية والنهاية 7/154) .

الباب السابع والثمانون: تعظيم عائشة له بعد دفنهم

الباب السابع والثمانون: تعظيم عائشة له بعد دفنهم ... الباب السابع والثمانون: في تعظيم عائشة له بعد دفنه ذكر ابن الجوزي عن هشام عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأضع ثيابي وأقول إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر معهما فوالله ما دخلته إلا وأنا مشدودة عليّ ثيابي حياء من عمر"1. وروت عمرة2 عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما زلت أضع خماري وأتفضل3 في ثيابي، حتى دفن عمر، فلم أزل متحفظة في ثيابي، حتى بنيت بيني وبين القبور جداراً، فتفضلت بعد"4. وعن القاسم بن محمّد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "من رأى ابن الخطاب، علم أنه خلق غناء للإسلام، كان والله أحوذياً5نسيج وحده،

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 234، بدون إسناد. 2 عَمْرَة بنت عبد الرحمن بن سعد الأنصارية المدنية، أكثرت عن عائشة، ثقة، من الثالثة، ماتت قبل المئة، ويقال بعدها. (التقريب ص 750) . 3 تفضلت المرأة، لبست ثوباً واحداً. (لسان العرب 11/536) . 4 ابن سعد: الطبقات 3/364، ابن شبه: تاريخ المدينة 3/945، عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس عن أبيه، والبلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 376، 377، وإسنادهما حسن فيه إسماعيل بن عبد الله، وعبد الله بن عبد الله ابن أويس، وهما صدوقان. 5 في الأصل: (أجودنا) ، وهو تصحيف. والمثبت من معرفة الصحابة، وسير السلف: (أحوذياً) ، وفي النهاية 1/457-459: "الأحوذي: هو الجاد المنكمس في أموره، الحسن السياق للأمور، ويروى بالزاي".

قد أعدّ للأمور أقراناً"1. وعن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "إذا ذكرتم عمر طاب المجلس"2. وذكره ابن الجوزي في "التبصرة" عن عائشة: "إذا شئتم أن يطيب المجلس، فعليكم بذكر عمر"3. وفي أحاديث ابن شاذان4 عن عائشة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بات وفي يده ريح غَمَرٌ5 فلا يلومن إلا نفسه" 6.

_ 1 أبو نعيم: المعرفة 1/212، وفي إسناده عبد الواحد بن أبي عون صدوق، يخطئ. (التقريب رقم: 4246) ، وباقي رجاله ثقات. وأبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 155، وابن الجوزي: مناقب ص 249. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 249. 3 ابن الجوزي: التبصرة ص 428. 4 أحمد بن إبراهيم بن شاذان البغدادي، ثقة، ثبت، كثير الحديث، توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 4/18، سير أعلام النبلاء 16/429) . 5 تصحفت على المؤلف فظنها عمر. والغَمَرُ - بالتحريك -: الدسم والزّهومة من اللحم، كالوَضَرَ من السمن. (النهاية 3/385) . 6 أحمد: المسند 14/4، وإسناده صحيح، وأبو دود: السنن 3/366، وابن ماجه: السنن 2/1906، والترمذي: السنن 4/289، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه وقد روى من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث وصحّه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 7559، والألباني في صحيح سنن الترمذي 2/168.

الباب الثامن والثمانون: كلام علي فيه

الباب الثامن والثمانون: كلام علي فيه ... الباب الثامن والثمانون: في ذكر كلام عليّ فيه في الصحيحين عن ابن عباس قال: "وضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون، قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يَرُعني إلا رجلٌ آخذٌ منكبي، فإذا عليّ بن أبي طالب، فترحم على عمر وقال: "ما خلفت أحداً أحبّ إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنتُ لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أني كنت كثيراً أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ذهبت أنا وأبو بكر / [124 / أ] وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر، وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر". هذا لفظ البخاري1. وفي رواية أخرى له قال: "إني لواقف في قوم فدعوا لعمر بن الخطاب، وقد وضع على سريره، إذا رجلٌ من خلفي قد وضع مَرفقه على منكبي يقول: "رحمك الله، إن كنتُ لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك، لأني كثيراً مما كنتُ أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كنت أنا وأبو بكر وعمر، وفعلتُ وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر" فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما". فالتفت فإذا هو عليّ بن أبي طالب"2. ولفظ مسلم كالأوّل إلا أن فيه: "إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وذلك أني كنت كثيراً أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر" فإن

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1348، رقم: 3482. 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1345، رقم: 3474.

كنت لأرجو أو لأظن أن يجعلك الله معهما"1. وعن جعفر بن محمّد عن أبيه قال: قال رجل من قريش لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: "يا أمير المؤمنين نسمعك تقول في الخطبة آنفاً: "اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين المهديين فمن هم؟ "، فاغرورقت عنياه ثم أهملهما، فقال: "هم حبيباي وعماك أبو بكر وعمر؛ إماما الهدى وشيخا الإسلام، ورجلا قريش، والمقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من اقتدى بهما عُصم، ومن اتبع آثارهما هدي الصراط المستقيم، ومن تمسك بهما هو من حزب الله، وحزب الله هم المفلحون"23. وعن عبد خير4 قال: "سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول: "إن الله جعل أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - حجة على من بعدهما من الولاة إلى يوم القيامة، سبقاً والله سبقاً بعيداً، وأتعبا بعدهما إتعاباً شديداً"5. وعن زيد بن وهب أن سويد بن غَفَلة دخل على عليّ رضي الله عنه في إمارته فقال: "يا أمير المؤمنين، إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي هما أهل له من الإسلام، فنهض إلى المنبر، وهو قابض على يدي،

_ 1 مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1858، رقم: 2389. 2 العشاري: فضائل أبي بكر ص 4، وهو ضعيف لانقطاعه بين محمّد الباقري وعليّ. والمتقي الهندي: كنْز العمال 13/11، وعزاه للالكائي وأبي طالب العشاري ونصر في الحجة. 3 منتصف ق 126 / ب، وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي من سياق الكلام. 4 في الأصل: (عبد الله بن خير) ، وهو تحريف. 5 ابن الأثير: أسد الغابة3/664، وفي إسنادهما إسماعيل بن عبد الرحمن الهاشمي لم أجد له ترجمة.

فقال: "والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة لا يحبهما إلا مؤمن [تقي] 1 ولا يبغضهما ويخالفهما إلا شقي مارق، فحبهما قربة، وبغضهما مروق، ما بال أقوام يذكرون أخوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه وصاحبيه، وسيدي قريش وأبوي الإسلام2، فإني بريءٌ ممن يذكرهما، وعليه3 معاقب"4، 5. وعن [أبي] 6 جعفر قال: قال عليّ رضي الله عنه وهو عند رأس عمر رضي الله عنه وهو طعين: "هذا أحبّ الأمة إليّ أن ألقى الله بمثل صحيفته"7. وعن جعفر بن محمّد عن أبيه قال: "لما غُسل عمر وكفن وحمل على سريره، وقف عليه عليّ فقال: "والله ما على وجه الأرض رجل أحبّ إليّ أن ألقى الله بصحيفته مثل هذا المسجى بالثوب"8. وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: "كنت عند عمر وهو مسجى بثوبه، قد قضى نحبه، فجاء عليّ فكشف الثوب عن وجهه، ثم قال: "رحمة الله عليك

_ 1 غير واضح في الأصل. 2 مطموس في الأصل، سوى (الإسلا) . 3 مطموس في الأصل، سوى (وعلـ) . 4 ما بين النجمتين في هامش ق 124 / أ. 5 ابن الأثير: أسد الغابة 3/663، 664، وفي إسناده هاشم بن مرثد، قال فيه ابن حبان: "ليس بشيء". (ميزان الاعتدال 4/290) . 6 سقط من الأصل. 7 ابن سعد: الطبقات 3/370، وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/264، 265، وهو ضعيف لانقطاعه، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 187، والمتن صحيح فقد ورد موصولاً من رواية ابن سعد: الطبقات 3/370، والحاكم: المستدرك 3/94، وإسنادهما صحيح، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/937، والفسوي: المعرفة والتاريخ 2/945. 8 ابن سعد: الطبقات 3/370، وهو ضعيف لانقطاعه.

أبا حفص، فوالله ما بقي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أحبّ إليّ أن ألقى الله عزوجل بصحيفته مثلك"1. وعن نافع عن ابن عمر قال: "وضع عمر بين المنبر والقبر فجاء عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه حتى وقف بين الصّفوف، فقال: "هو هذا ثلاثاً، ثم قال: "رحمة الله عليك، ما من خلق الله أحدٌ أحبّ إليّ من أن ألقاه بصحيفته، بعد صحيفة النبي صلى الله عليه وسلم من هذا المسجى عليه ثوبه"2. وعن أبي مجلز، قال: قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: "ما مات النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى عرفنا أن أفضلنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، وما مات أبو بكر حتى عرفنا أن أفضلنا بعد أبي بكر عمر - رضي الله تعالى عنهما -"3. وعن الشعبي قال: قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: "كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر وقلبه"4 وعن زر بن حبيش عن عليّ قال: "ما كنا نُبعد أن السكينة تنطق على

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/370، وابن شبه: تاريخ المدينة 3/937، وإسنادهما حسن، لغيره فيه يونس بن أبي يعفور، وهو صدوق، يخطئ كثيراً. (التقريب رقم: 9720) ، وعبد الله بن أحمد زوائد على المسند 1/109، وإسناده ضعيف فيه سويد بن سعيد الهروي. 2 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/938، عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 2/60، وإسنادهما ضعيف لأجل أبي معشر نجيح المدني، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 866. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 245، بدون إسناد. 4 عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 1/147، وفضائل الصحابة 1/330، وإسناده صحيح. والفسوي: المعرفة والتاريخ 1/461، 462، وأبو نعيم: الحلية 1/42، ومسدد وأحمد بن منيع من طريق مجالد بن سعيد، وهو ضعيف عن الشعبي كما في المطالب العالية 3/40، وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 834.

لسان عمر"1. وعن عمرو بن ميمون عن عليّ - رضي الله عنه قال: "ما كنا ننكر ونحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون أن السكينة تنطق على لسان عمر رضي الله عنه"2. وعن طارق بن شهاب قال: قال عليّ رضي الله عنه: "كنا نتحدث أن ملكاً ينطق على لسان عمر"3. وعن الشعبي عن عليّ قال: "كان أبو بكر أوَّاها4 حليماً، وكان عمر مخلصاً ناصحاً لله فنصحه، وكنا5 أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم ونحن متوافرون، والله إن كنا لنرى السكينة تنطق على لسان عمر، وإن كنا لنرى أن شيطان عمر يهابه، أن يأمره بالخطيئة"6.

_ 1 عبد الرزاق: المصنف 11/222، ومن طريقه القطيعي في زوائده على فضائل الصحابة 1/358، وإسنادهم حسن فيه عاصم بن أبي النجود. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 245. 3 أحمد: فضائل الصحابة 1/263، 264، وإسناده صحيح. والفسوي: المعرفة والتاريخ 1/456، والطبراني: المعجم الكبير 8/384، وابن الجوزي: مناقب ص 245، وابن كثير: البداية والنهاية 6/201، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/67، وقال: "رواه الطبراني ورجاله ثقات". 4 الأوّاه: الموقن أو الدّعاء أو الرحيم الرقيق. (القاموس ص 1604) . 5 في الأصل: (وكان) ، وهو تحريف. 6 القطيعي في زيادته على فضائل الصحابة 1/444، وفي إسناده أبو عقيل المدني وكثير النواء، وهما ضعيفان. (التقريب رقم: 7633، 5605) ، والعشاري: فضائل أبي بكر ص 6، مختصراً، وإسناده ضعيف لضعف أسيد بن زيد الهاشمي مولاهم، أفرط ابن معين في تكذيبه. (التقريب رقم512) . وأبو البختري: الأمالي ق231/ ب، والمتقي الهندي: كنْز العمال 13/24، وعزاه لأبي القاسم بن بشران في أماليه.

وعن الأسود بن قيس1، عن رجل عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "استخلف عمر عليّاً فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه"2. وعن عبد خير قال: قام عليّ رضي الله عنه على المنبر فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم واستُخْلِفَ أبو بكر، فعمل بعمله، وسار بسيرته، حتى قبضه الله عزوجل على ذلك، ثم استخلف عمر، فعمل بعملهما وسار بسيرتهما حتى قبضه الله عزوجل على ذلك"3. وعن أبي سَرِيحة4 قال: سمعت عليّاً يقول على المنبر: "ألا إن عمر ناصح الله فنصحه"5. وعن أبي إسحاق6 قال: جاء أهل نجران إلى عليّ فقالوا: "يا أمير المؤمنين / [124 / ب] 7 شفاعتك بلسانك وكتابك بيدك، أخرجنا عمر من أرضنا فردنا إليها قال: "ويلكم8 إن كان عمر رشيد الأمر، فلا أغير شيئاً صنعه"9.

_ 1 الأسود بن قيس العبدي، الكوفين ثقة من الرابعة. (التقريب ص 111) . 2 أحمد: المسند 2/181، وفضائل الصحابة 1/331، 332، وإسناده ضعيف لإبهام الرجل الراوية عن عليّ، وعبد الله بن أحمد: السنة 2/569، وابن أبي عاصم: السنة 2/575، عن الأسود بن قيس عن سعيد بن عمرو عن أبيه قال: قال عليّ. . . . وإسناده صحيح. 3 عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند2/233، 234، وإسناده صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 1055، وابن الجوزي: مناقب ص246. 4 أبو سريحة - بفتح السين المهملة، وكسر الراء ثم حاء مهملة - حذيفة بن أسيد ويقال ابن أمية بن أسيد الغفاري صحابي، شهد الحديبية، توفي سنة ثنتين وأربعين. (الإصابة 1/332، التقريب ص 154) . 5 ابن سعد: الطبقات 3/171، عبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/138، وإسنادهما ضعيف في كثير النواء، ضعيف. (التقريب رقم: 5605) . 6 الهمداني. 7 ق 124/ب وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي. 8 في الأصل: (ويكم) ، وهو تحريف. 9 الدارقطني: فضائل الصحابة ق 35 / أ – ب، وإسناده ضعيف لانقطاعه. والقطيعي: زوائده على فضائل الصحابة 1/537، عن أبي إسحاق عن الشعبي عن رجل عن عليّ. وإسناده ضعيف لإبهام شيخ الشعبي. وأبو يوسف: الخراج ص 80، بنحوه قال: حدّثني الأعمش عن سالم بن أبي الجعد الأثر، وإسناده صحيح. وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 139، عن الأعمش، وابن الجوزي: مناقب ص 246.

وروى أبو القاسم الأصفهاني عن أوفى بن حكيم1 قال: "لما كان اليوم2 الذي توفي فيه عمر خرج علينا عليّ رضي الله عنه قال: "لله درّ باكيةِ عمرَ واعمراهُ قوَّم الأود3، وأبرأ العمدَ4، واعمراه مات نقي الجيب، قليل العيب، واعمراه ذهبَ بالسنة وأبقى الفتنة"5. وعن سويد بن غفلة قال: "مررت بنفر من الشيعة، وهم يتناولون أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - وينتقصونهما، فدخلت على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقلت له: يا أمير المؤمنين، إني مررت آنفاً بنفر من أصحابك وهم يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي هما له من الأمر أهل، ولولا أنهم يرون أنك تضمر لهما بمثل ما أعلنوا، ما اجترأوا على ذلك، فقال: عليّ: "أعوذ بالله أن أضمر لهما، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل، أخَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه،

_ 1 لعله ابن أمية السلمي، زوج عزة بنت أبي لهب. (الإصابة 8/143) . 2 في الأصل: (للذي) ، وهو تحريف. 3 في: قوم الاعوجاج. (لسان العرب 3/75) . 4 العمد - بالتحريك - ورَمٌ دبرٌ يكون في الظهر، أرادت أنه حسن السياسة. (النهاية 3/297، لسان العرب 3/305) . 5 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 159، وأبو نعيم: الحلية 1/222، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 189، وفي إسناده أوفى بن حكيم لم أجد له ترجمة. وابن شبه: تاريخ المدينة 3/941، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 189، عن عبد الله بن مالك الأزدي. وإسناده ضعيف لانقطاعه بين غسان بن عبد الحميد وعبد الله بن مالك.

ووزيراه رحمة الله عليهما". ثم نهض دامعاً عيناه يبكي قابضاً على يدي حتى دخل المسجد، وصعد المنبر وجلس عليه متمكناً، قابضاً على لحيته، ينظر فيها، وهي بيضاء، حتى اجتمع له الناس، ثم قام فتشهد بخطبة بليغة موجزة، ثم قال: "ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش، وأبوي المسلمين، بما أنا عنه متنَزّه، وعما يقولون بريءٌ، وعلى ما يقولون معاقبٌ، أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لا يحبهما إلا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا فاجرٌ رديءٌ، صحبا رسول الله على الوفاء والصدق، يأمران، وينهيان، ويقضيان، ويعاقبان، ولا يجاوزان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم [ولا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم] 1 يرى مثل رأيهما [رأياً] 2 ولا يحبّ كحبهما أحداً، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهما راضٍ، ومضيا والمؤمنون عنهما راضون، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على صلاة المؤمنين، فصلى بهم تسعة أيام، في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قبض الله نبيّه صلى الله عليه وسلم واختار له عنده، ولاه المؤمنون ذلك، وأعطوه البيعة طائعين غير كارهين، أنا أوّل من سنَّ ذلك من بني عبد المطلب، وهو لذلك كاره، يودّ لو أن أحدنا كفاه ذلك، وكان والله خير من بقي، أرحمه رحمةً وأرأفه رافة، وأكيسه3 ورعاً، وأقدمه سناً وإسلاماً، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكيائيل رحمةً، وبإبراهيم عفواً ووقاراً، فسارَ بنا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى [على] 4 ذلك رحمة الله عليه. ثم ولي الأمر بعد عمرُ بن الخطاب،

_ 1 سقط من الأصل. 2 سقط من الأصل. 3 في الأصل، ومنهاج القاصدين: (أبيسه) . والتصويب من كنز العمال. 4 سقط من الأصل.

واستأمر المسلمين في ذلك فمنهم من رضي ومنهم من كره، فكنت فيمن رضي، فلم يفارق الدنيا حتى رضي عنه من كان كره، وأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه يتبع آثارهما كاتباع الفصيل1 أثر أمه، وكان والله رقيقاً رحيماً بالضعفاء والمؤمنين، عوناً وناصراً للمظلومين على الظالمين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ضرب الله بالحقّ على لسانه، وجعل الصدق من شأنه، حتى إن كنا لنظن ملكاً ينطق على لسانه، أعزّ الله بإسلامه2 الإسلام، وجعل هجرته للدين قِواماً3، ألقى الله له في قلوب المنافقين الرهبة، وفي قلوب المؤمنين المحبة، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل، فظاً غليظاً على الأعداء، وبنوح حنقاً مغتاظاً على الكفار، الضراء في طاعة الله آثر عنده من السراء في معصية الله / [125 / أ] ، من لكم بمثلهما؟ رحمة الله عليهما. ورزقنا المضي على سبيلهما، فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا اتّباع آثارهما، والحبّ لهما، فيمن أحبني فليحبهما ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه برئ، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشدّ العقوبة، إنه لا ينبغي أن أعاقب قبل التقدم، ألا فمن أوتيت به يقول هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيّها أبو بكر الصديق، وعمر الفاروق، ثم الله أعلم بالخير أين هو، أقول هذا ويغفر الله لي ولكم"4.

_ 1 الفصيل: ولد الناقة إذ فصل عن أمه. (القاموس ص 1347) . 2 في الأصل: (بإسلامه في الإسلام) . 3 قواماً: قوام الشيء: عماده الذي يقوم به. يقال: فلان قوام أهل بيته. (النهاية4/124) . 4 العشاري: فضائل أبي بكر ص 7، موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 24 / ب، عن أحمد بن بديل نا محمّد البكري كن المنهال بن عمر، وأحمد بن بديل، صدوق له أوهام. (التقريب رقم: 12) . والبكري لم أجد له ترجمة. وخيثمة بن سليمان: من حديث خيثمة ص 122-124، وابن عدي: الكامل 2/709، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 7/1295-1296، وابن الأثير: أسد الغابة 3/661، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 71-73، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 142، 143، ومداره على عليّ بن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو. والحسن بن عمارة متروك. (التقريب رقم: 1264) ، وأبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 164، 165، والمتقي الهندي: كنْز العمال 13/22، 23، بدون إسناد.

وفي مسند الإمام أحمد عن عليّ قال: "أعطي كل نبيّ سبعة نجباء، وأعطي نبيكم أربعة عشر نجيباً منهم: أبو بكر، وعمر، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر"1. وفيه عن عبد خير قال: "قام عليّ بن أبي طالب على المنبر وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "قُبض رسول الله واستخلف أبو بكر فعمل بعمله وسار بسيرته حتى قبضه الله على ذلك، ثم استخلف عمر، فعمل بعملهما، وسار بسيرتهما حتى قبضه الله على ذلك"2. وفي مجلس ابن بشران3 عن الحسن قال: "لما قدم عليّ رضي الله عنه

_ 1 أحمد: المسند2/315، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين سالم بن أبي حفصة وبين عبد الله ابن مليل. وعبد الله بن مليل لم يوثّقه غير ابن حبان. وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 1273، وأحمد: المسند2/73، والترمذي: السنن5/662، عن عليّ مرفوعاً. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي هذا الحديث عن عليّ موقوفاً". قلت: الحديث مداره على كثير النواء، وهو ضعيف. (التقريب رقم: 5605) ، وضعّفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي ص509، وضعيف الجامع الصغير2/169. 2 سبق تخريجه ص 1017. 3 عليّ بن محمّد بن عبد الله بن بشران الأموي البغدادي قال الخطيب: "وكان صدوقاً ثبتاً، حسن الأخلاق ظاهر الديانة". توفي سنة خمس عشرة وأربع مئة. (تاريخ بغداد 12/98، سير أعلام النبلاء 17/311) .

البصرة قام إليه ابن الكواء1، وقيس بن عُباد2، فقالا له: "ألا تخبرنا عن مسير كهذا الذي سرت فيه تتولى على الأمة؟ تضرب بعضهم ببعض، أعهدٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدّثنا فأنت الموثوق والمأمون على ما سقت". فقال: "أما أن3 يكون عندي من النبي صلى الله عليه وسلم عهدٌ في ذلك فلا والله، إن كنت أوّل من صدق به، فلا أكون أوّل من كذب عليه، ولو كان عندي من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك عهد ما تركت أخا بني تيم بن مرة4، وعمر بن الخطاب يقومان على منبره، ولقاتلتهما بيدي، ولو لم أجد إلا بردي هذا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُقتل قتلاً، ولم يمت فجاءة، مكث في مرضه أياماً وليالي، وهو يرى المؤذن فيؤذنه بالصلاة، فيأمر أبا بكر فيصلّي بالناس، وهو يرى مكاني، ولقد أرادت امرأة من نسائه أن تصرفه عن أبي بكر فأبى5 وغضب، وقال: "أنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر يصلي بالناس". فلما قبض الله نبيّه نظرنا في أمورنا، فاخترنا لدنيانا من رضيه النبي صلى الله عليه وسلم لديننا، وكانت الصلاة أصل الإسلام وقوام / [125 / ب] الدين، فبايعنا أبا بكر فكان لذلك أهلاً، لم يختلف عليه منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم نقطع منه البراءة، فأديت إلى أبي بكر حقّه وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جنوده، وكنت آخُذُ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني،

_ 1 عبد الله بن الكواء، من رؤوس الخوارج، وقال الحافظ ابن حجر: "إنه قد رجع عن مذهب الخوارج وعاودصحبة عليّ. (ميزان الاعتدال2/474، لسان الميزان3/329) . 2 قيس بن عباد الضّبَعِي البصري، ثقة من الثانية مخضرم، توفي بعد الثمانين، ووهم من عدّه في الصحابة. (التقريب ص 457) . 3 في الأصل: (ما أن) . 4 يعني: أبا بكر الصديق رضي الله عنه. 5 مطموس في الأصل، سوى (بى) .

وأضرب بين يديه الحدود بسوطي، فلما قُبض رضي الله عنه ولاّها عمر فأخذها بسنة صاحبه وما يعرف من أمره، فبايعنا عمر لم يختلف عليه منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم نقطع منه البراءة، فأدّيت إلى عمر حقّه، وعرفت طاعته، وغزوت معه في جيوشه، فكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي، فلما قبض تذكرت في نفسي قرابتي، وسابقتي وفضلي، وأنا أظن أن لا يعدل بيَ، ولكن خشي1 أن لا يعمل الخليفة بعده ذنباً إلاّ لحقه في قبره". ثم ذكر خلافة عثمان2.

_ 1 في الأصل: (أخشى) ، وهو تحريف. 2 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 71 / 72 / أ، من طريق ابن بشران ومن طريقه الذهبي: تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص: 639، 640، وهو ضعيف جداً. فيه أبو بكر الهذلي، قال فيه الذهبي: "واه". وقال الحافظ ابن حجر: "إخباري متروك". (ميزان الاعتدال 2/194) . التقريب رقم: 8002، ثم إن الحسن مدلس، ولم يصرح بالسماع، ومما يدل على عدم صحة هذا الخبر، بهذا السياق، أن عليّاً دخل البصرة سنة 36هـ بعد وقعة الجمل، وكيف يقول هذا الكلام ولم ينازعه أحد في الخلافة إلى هذا الوقت. نعم. نازعه معاوية، ولكن بعد ذلك. حين بايعه أهل الشام في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين، وقيل: سنة ثمان وثلاثين، بعد تحكيم الحكمين بينه وبين وعليّ - رضي الله عنهما -. أما قبلها فلم يطلب الخلافة. وإنما كان امتنع من البيعة لعليّ حتى يمكنه من القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه. ولم تتم لمعاوية البيعة إلا بعد تنازل الحسن بن عليّ سنة أربعين للهجرة. (انظر: تاريخ: خليفة ص 192، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين ص 552) .

الباب التاسع والثمانون: المنامات التي رآها

الباب التاسع والثمانون: المنامات التي رآها ... الباب التاسع والثمانون: في ذكر المنامات التي رآها ذكر ابن الجوزي عن ابن عمر قال: قال عمر رضي الله عنه: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فرأيته لا ينظر إليّ، فقلت: يا رسول الله ما شأني؟ فقال: "ألست الذي تقبل1 وأنت صائم؟ "، فقلت: "والذي بعثك بالحقّ لا أقبل2 وأنا صائم"3. وعن محمّد بن سعد يرفعه إلى عمر رضي الله عنه أنه قال: "يا أيها الناس إني رأيت رؤياً لا أراها إلا بحضور أجلي، رأيت أنّ ديكاً أحمر نقرني نقرتين، فحدّثتها أسماء بنت عُميس فحدّثتني أنه يقتلني رجل من الأعاجم"4. وفي مسند الإمام أحمد عن جويرية بن قدامة قال: "حججت فأتيت المدينة العام الذي أصيب فيه عمر، قال: فخطب فقال: "إني رأيت كأن ديكاً أحمر نقرني نقرة أو نقرتين". شعبة5 الشاك قال: فما

_ 1 في الأصل: (تقتل) ، وهو تحريف. 2 في الأصل: (أقتل) ، وهو تحريف. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 224، وابن أبي شيبة: المصنف 3/62، إسحاق بن راهويه في مسنده كما في المطالب العالية 1/288، والبزار: "لا نعلمه عن عمر إلا من هذا الوجه بهذا اللفظ، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف هذا". وقال الهيثمي في: مجمع الزوائد 3/165: "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. قال البزار وقد روى عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا". قلت: مداره على عمر بن حمزة بن عبد الله المدني، وهو ضعيف. (التقريب رقم: 4884) . 4 ابن سعد: الطبقات 3/335، وهو ضعيف لانقطاعه بين سعيد بن أبي هلال وبين عمر بن الخطاب، وقد سبق تخريجه بسند صحيح ص 958. 5 شعبة بن الحجاج العتكي مولاهم.

لبث إلا جمعه حتى طعن"1. وفي رواية قال: "حججتُ فأتيت المدينةَ العام الذي أصيب فيه عمر قال: فخطب فقال: "إني رأيت كأن ديكاً نقرني نقرة أو نقرتين"، شعبة الشاك / [126 / ب] فكان من أمره أنه طعن، فأذن للناس عليه، فكان أوّل من دخل عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أهل المدينة، ثم أهل الشام، ثم أذن لأهل العراق، فدخلت فيمن دخل قال: وكلما دخل عليه قوم أثنى عليه، وبكوا قال: فلما دخلنا عليه، قال: وقد عصب بطنه بعمامة سوداء والدم يسيل، قال: قلنا: أوصنا، قال: وما سأل الوصية أحد غيرنا، فقال: "عليكم بكتاب الله، فإنكم لن تضلوا ما اتبعتموه". فقلنا: أوصنا، قال: "أوصيكم بالمهاجرين". فذكر باقي الوصية2.

_ 1 أحمد: المسند 1/310، وإسناده صحيح. 2 سبق تخريجه ص 831.

الباب التسعون: المنامات التي رئيت له

الباب التسعون: المنامات التي رُئيت له ... الباب التسعون: في ذكر المنامات التي رُئيت له ذكر ابن الجوزي عن عوف بن مالك الأشعجي: "أنه رأى رؤياً زمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه فلما قدم قصّها على أبي بكر وعمر يسمع، فقال: "ما هذا؟ "، فلما ولي دعاه فسأله، قال: "أولم تكذب بها؟ "، قال: "لا. ولكن استحييت من أبي بكر، فقصّها عليّ". قال: رأيت كأن عمر أطول الناس وهو يمشي فوقهم، فقلت: أنى هذا؟ فقيل: "إنه لا يخاف في الله لومة لائم، وإنه أمير المؤمنين، وإنه يقتل شهيداً"، قال: "وكيف لي بالشهادة؟ وأنا بين الروم وفارس، أهل الشام، وأهل العراق"، قال: "يمنحها الله لك من حيث شاء"1. وعن عوف بن مالك الأشجعي، قال: "رأيت سبباً2 تدلى من السماء، وذلك في إمارة أبي بكر رضي الله عنه وأن الناس تطاولوا له، وأن عمر فضلهم بثلاثة أذرع، قلت: وما ذاك؟ قال: "لأنه خليفة من خلفاء الله تعالى في الأرض، وأنه لا يخاف لومة لائم، وأنه يقتل شهيداً، قال: فغدوت على أبي بكر فقصصتها عليه، فقال: "يا غلام انطلق إلى أبي حفص فادعه لي،

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 235، ابن سعد: الطبقات 3/331، ابن شبه: تاريخ المدينة 3/869، 870، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 334، جميعهم عن عبد الله بن جعفر الرقي قال: أخبرنا عبيد الله بن عمرو بن عبد الملك بن عمير عن أبي بردة عن أبيه، قال: "رأى عوف. . . "، وهذا إسناد صحيح إن سلم من تدليس عبد الملك بن عمير، فإنه ربما دلس. وابن عبد البر: الاستيعاب 3/1156. 2 سبباً: أي: حبْلاً. (النهاية 2/329) .

فلما جاء قال: يا عوف اقصصها عليه كما رأيتها". فلما أتيت أنه خليفة من خلفاء الله تعالى، قال عمر: "أكل هذا يرى النائم". قال: فقصّها1 عليه فلما ولي عمر أتى الجابية، وإنه ليخطب فدعاني، فأجلسني، فلما فرغ من الخطبة قال: "قصّ علي رؤياك"، فقلت له: ألست قد جبهتني2 عنها؟! قال: "قد خدعتك أيها الرجل"، فلما قصصتها، قال: "أما الخلافة قد أوتيت ما ترى، وأما أن لا أخاف في الله لومة لائم، فإني أرجو أن يكون قد علم ذلك مني، وأما أن أقتل شهيداً، فأنى لي بالشهادة وأنا في جزيرة العرب، ولقد رأيت مع / [127 / أ] ذلك كأن ديكاً نقرني وما أمتنع منه بشيء"3. وعن الأعمش أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه استعمل معاذ بن جبل فلما قدم ومعه رقيق وغير ذلك، فقال لأبي بكر: "هذا لكم، وهذا أهدي إلي"، فقال عمر رضي الله عنه: "ادفع ذلك أجمع إلى أبي بكر" فأبى أن يدفعه فبات ليلة فرأى في النوم كأنه أشرف على نار عظيمة خاف أن يقع فيها، فجاءه فأخذ بمحجزته4 حتى أنقذه منها، فأصبح، فأتى أبا بكر، فقصّ عليه القصّة، ودفع جميع ما معه إلى أبي بكر، فقال أبو بكر: "أما إذا فعلت هذا

_ 1 في الأصل: (ليقصها عليه) ، وفي تاريخ المدينة: (لمكان أبي بكر) . 2 جَبَهَهُ: كمنعه. ردّه أو لقيه بما يكره. (القاموس ص 1606) . 3 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/868، 869، وإسناده حسن، فيه عبد الرحمن بن المسعودي، صدوق اختلط قبل موته. (التقريب رقم: 3919) . وأبو داود الطيالسي سمع منه قبل أن يختلط، وله شاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ابن شبه: تاريخ المدينة 3/870، 871، وإسناده صحيح إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 160، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/583، 584، وعزاه لخيثمة. 4 حُجزته: أي: مشد إزاره، والمُتَحَجز: الذي قد شد وسطه. (لسان العرب 5/332) .

فخذه1 فقد طيبته". فقال عمر رضي الله عنه: "الآن حين طاب لك"2. وعن سفيان3 قال: "حين استعمل النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً على اليمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم استخلف أبو بكر رضي الله عنه وهو عليها، وكان عمر يومئذٍ على الحجّ، فجاء معاذ إلى مكّة، ومعه رقيق ووُصفاء على حدة، فقال له عمر: "يا أبا عبد الرحمن لمن هؤلاء الوُصفاء؟ "، قال: "لي". قال: "ومن أين لك؟ "، قال: "اهدوا إلي". قال: "أطعني وأرسلهم إلى أبي بكر، فإن طيبهم لك فهم لك". قال: "ما كنت لأطيعك في هذا، شيء أهديَ إليَ أرسل بهم إلى أبي بكر؟ "، فبات ليلته ثم أصبح، فقال: "يابن الخطاب ما أراني إلا مطيعك، إني رأيت الليلة في منامي كأني أجر أو أقاد أو كلمة تُشْبِهُهَا إلى النار، وأنت آخذ بحجزتي، "فانطلق بهم إلى أبي أبكر، فقال: "أنت أحق بهم"، فقال أبو بكر: "هم لك"، فانطلق بهم إلى أهله، فصفّوا خلفه يصلّون، فلما انصرف قال: "لمن تصلّون؟ "، قالوا: "لله تبارك وتعالى"، قال: "انطلقوا فأنتم له"4.

_ 1 في الأصل: (فجاه) ، وهو تحريف. 2 ابن سعد: الطبقات 3/585، وإسناده صحيح إلى أبي وائل، وابن زنجويه: الأموال 2/596، وأبو نعيم: الحلية 1/232، الذهبي: سير أعلام النبلاء 1/454، وابن الجوزي: مناقب ص 236، ووصله الحاكم: المستدرك 3/68، من طريق الأعمش عن أبي وائل، عن عبد الله وصحّحه، ووافقه الذهبي. وروى أصل الخبر بأسانيد أخرى: عبد الرزاق: المصنف 8/268، وأبو بكر المروزي: مسند أبي بكر ص 90، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه وهو مرسل. والهيثمي: مجمع الزوائد 4/144، وقال: "رواه الطبراني في الكبير مرسلاً ورجاله رجال الصحيح". 3 لم يتميز لي. ولعله تحريف عن شيبان. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 236، 237، ابن سعد: الطبقات 3/585، بلفظه عن عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا شيبان عن الأعمش عن شقيق. الأثر. وإسناده صحيح إلى شقيق.

وعن أبي موسى الأشعري، قال: "رأيت كأني أخذت جواداً1 كثيراً، فجعلت تضحمل حتى بقيت واحدة، فأخذتها فانتهيت إلى جبل زلقٍ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه أبو بكر، وإذا هو يومئ إلى عمر أن تعال، فقلت: "ألا تكتب بها إلى عمر؟ "، فقال: "ما كنتُ لأنعى له نفسه"2. وعن يحيى بن عبد الرحمن3 قال: قال العباس بن عبد المطلب: "كنت جاراً لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فما رأيت أحداً من الناس كان أفضل من عمر، إن ليله صلاة، ونهاره صيام، وفي حاجات الناس، فلما توفي عمر سألت الله تعالى أن يرينه في النوم فرأيته في النوم مقبلاً متشحاً من سوق المدينة، فسلمت عليه وسلم عليّ، ثم قلت له: كيف أنت؟ قال: " (بخير". قلت له: ما وجدت؟، قال: "الآن حين فرغت من الحساب، ولقد كاد عرشي يهوي لولا أني وجدت ربّاً رحيماً"4. عن عبد الله بن عباس5 قال: "كان العباس خليلاً لعمر، فلما أصيب جعل يدعو الله أن يُريه عمر في المنام، قال: فرأيته بعد حول وهو يمسح العرق عن جبينه، قال: ما فعلت؟ قال: "هذا أوان فرغتُ، إن كان عرشي ليُهَدّ

_ 1 في الأصل: (جراداً) ، وهو تحريف. 2 ابن سعد: الطبقات 3/332، وإسناده صحيح. البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص335، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ13/ق 161، من طريق سعد. وابن الجوزي: مناقب ص 237. 3 ابن حاطب. 4 أبو نعيم: الحلية 1/54، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين يحيى بن عبد الرحمن والعباس. وفيه أيضاً محمّد بن عمرو بن علقمة صدوق له أوهام. وأبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 131، وابن الجوزي: مناقب ص 237. 5 عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، ثقة، من الرابعة. (التقريب ص 312) .

لولا أني وجدت ربّاً رحيماً"1. وعن أبي جَهْضَم2 قال: "كان العباس ودّاً لعمر رضي الله عنه قال العباس: "كنت أشتهي أن أراه في المنام، فما رأيته إلا عند قرب الحول، فرأيته يمسح العرق عن جيبنه، وهو يقول: "هذا أوان فرغتُ، إن كاد عرشي ليهوي لولا أني لقيته رؤوفاً رحيماً"3. وعن ابن عمر أنه قال: "ما كان شيء أحبّ إليّ أن أعلمه من أمر عمر، فرأيت في المنام قصراً، فقلت: لِمَن هذا؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، "فخرج من القصر عليه ملحفة كأنه قد اغتسل، فقال: "كيف صنعت؟ "، قال: خيراً، كاد عرشي يهوي لولا أني لقيت / [127/ب] ربّاً غفوراً". فقال: "منذ كم فارقتكم؟ "، فقلت: "منذ اثنتي عشرة سنة"، فقال: "إنما انفلت الآن من الحساب"4. وروى أبو القاسم الأصفهاني في (سيرة السلف) ، عن العباس بن عبد المطلب قال: "كنت جاراً لعمر، فما رأيت أحداً من الناس كان أفضل من عمر، إن5 ليله صلاة، وإن نهاره صيام، وفي حاجات الناس، فلما توفي سألت

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/375، ابن شبه: تاريخ المدينة 3/945، وإسنادهما حسن إلى عبد الله بن عبيد الله إلا أنه منقطع بين عبد الله بن عبيد الله والعباس. وابن الجوزي: مناقب ص237. 2 موسى بن سالم، مولى آل العباس، صدوق، من السادسة. (التقريب ص 550) . 3 ابن سعد: الطبقات 3/375، ابن شبه: وتاريخ المدينة3/946، وإسنادهما حسن إلا أنه منقطع بين عبد الله بن عبيد الله بن العباس، والعباس. وابن الجوزي: مناقب ص237. 4 أبو نعيم: الحلية 1/54، وإسناده ضيعف، فيه هياج بن بسطام التميمي، وهو ضعيف. (التقريب رقم: 7355) ، وابن الجوزي: مناقب ص 238. 5 في الأصل: (إنه) ، وهو تحريف.

الله أن يرينه في النوم، فرأيته مقبلاً من سوق المدينة، فسلمت عليه، وسلم عليّ، ثم قلت له: كيف أنت؟، قال: "بخير"، قلت له: ما شأنك؟ قال: "الآن فرغت من الحساب، والله كاد عرشي يهوى، لولا أني وجدت ربّاً رحيماً"1. قال: وفي رواية عبد الله بن عمر قال: "ما كان شيء أحبّ إليّ أن أعلمه من أمر عمر، فريت في المنام قصراً، فقلت: لمن هذا القصر؟، قالوا: "لعمر بن الخطاب"، فخرج من القصر وعليه ملحفة كأنه اغتسل، فقلت: كيف صنعت؟ قال: "خيراً، كاد عرشي يهوي لولا أني لقيت ربّاً غفوراً"2. وتقدم ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم له3. وروى الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه من حديث جابر بن عبد الله: أنه كان يحدّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُرِيَ الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط4 برسول الله، وعمر نيط بأبي بكر، وعثمان بعمر". قال جابر فلما قمنا من عند النبي صلى الله عليه وسلم قلنا أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم وأما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم نوط بعضهم ببعض، فهو هذا الأمر الذي بعث الله به نبيّه صلى الله عليه وسلم"5.

_ 1 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص131، وقد سبق تخريجه ص1031، 1032. 2 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص132، وقد سبق تخريجه ص1031، 1032. 3 تقدم ص 243. 4 نيط: أي: علق. (لسان العرب 7/418) . 5 أحمد: المسند 3/355، وفيه عمرو بن أبان بن عثمان مقبول. (التقريب رقم: 4985) ، وباقي رجاله ثقات. وأبو داود: السنن 4/208، والحاكم: المستدرك 3/71، 72، وقال: "ولعاقبة هذا الحديث إسناده صحيح عن أبي هريرة، ولم يخرجاه". وصحّحه الذهبي في تلخيصه. وضعّفه الألباني. (ضعيف الجامع الصغير 1/260، ضعيف سنن أبي داود ص 464) .

وقد تقدم حديث أبي بكرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الرؤيا الصالحة، ويسأل عنها، فقال رجل: "يا رسول الله، إني رأيت رؤياً، رأيت كأن ميزاناً من السماء، فوزنت أنت وأبو بكر، فرجحت بأبي بكر، ثم وُزن أبو بكر وعمر، فوزن أبو بكر عمرَ، ثم وُزن عمر بعثمان، فرجح عمر بعثمان، ثم رفع الميزان"1.

_ 1 تقدم ص 357.

الباب الحادي والتسعون: أولاده وأزواجه

الباب الحادي والتسعون: أولاده وأزواجه ... الباب الحادي والتسعون: في ذكر أولاده وأزواجه من أكابر ولده عبد الله بن عمر الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل". قال سالم: "فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً"1. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عبد الله رجل صالح" 2. وفي الصحيحين عنه قال: "كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أخبروني بشجرة تشبهُ، أو كالرجل المسلم، لا يتحاتُّ3 ورقها، وَلاَ4 تؤتي أُكُلُها كل حين". قال ابن عمر: "فوقع في نفسي أنها النخلة، ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان، فكرهت أن أتكلم، فلما لم يقولا شيئاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة". فلما قمنا قلت لعمر: "والله يا أبتاه، لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة، قال: "فما منعك أن تكلم؟ "، قلت: لم أركم تَكَلَّمُونَ، فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئاً، قال عمر: "لأن تكون قلتها أحبّ إليّ من كذا وكذا"5. وعن محم ّد بن سعد قال: "كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عبد الله،

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1367، رقم: 3530. 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1367، رقم: 3531. 3 تحاتّ الورق: سقطت. (القاموس ص 192) . 4 قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 1/146: "كذا ذكر النفي ثلاث مرات على طريق الاكتفاء، فقيل في تفسيره: ولا ينقطع ثمرها، ولا يعدم فيؤها، ولا يبطل نفعها". 5 البخاري: الصحيح، كتاب التفسير 4/1735، رقم: 4421، مسلم: الصّحيح، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم 4/2164، رقم: 2811.

وعبد الرحمن، وحفصة، وأمّهم زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح"1. وقال أبو عبد الله محمّد بن سلامة2: "عبد الله وحفصة أمهما زينب"3. وفي: (الإخوة والأخوات) لابن السّني4: "لما مات عاصم بن عمر وجد عليه عبد الله بن عمر وجداً شديداً، وأنشد يقول: فإن أبك أخواناً وفائض دمعة ... جرين دماً من داخل الجوف متقعاً5 تجرعتها في عاصم واحتسيتها ... فأعظم منها ما احتسا وتجرّعا فليت المنايا كن خلَّفن عاصماً ... فعشنا جميعاً أو ذهبن بنا معا6 / [128 / أ] . روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ألفي حديث وستّ مئة حديث وثلاثين حديثاً، ذكره أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد7.

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/265. 2 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. 3 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / أ. 4 أحمد بن محمّد بن إسحاق الهاشمي الجعفري مولاهم الدينوري، حافظ ثقة، اختصر سنن النسائي وسماه: (المجتنى) ، توفي سنة أربع وستّين وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء 16/255، طبقات الحفاظ ص 379) . 5 المقع: أشد الشرب، ومقع الفصيل أمه يمقعها مقعاً وامتقعها: رضعها بشدة وهو أن يشرب ما في ضرعها. (لسان العرب 8/341) . 6 لم أجد هذه الأبيات في المصادر التي بين يدي، ما عدا البيت الأخير، انظر: ابن عبد البر: الاستيعاب 2/783، والذهبي: سير أعلام النبلاء 4/97، وهذه الأبيات قالها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز في رثاء أخيه عاصم. (تاريخ الطبري 7/320) . 7 بقي بن مخلد: مقدمة المسند ص 79.

هاجر به أبوه، واستصغره يوم أحد، وشهد الخندق، وبيعة الرضوان، والمشاهد1. وقال ابن مسعود: "إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر"2. وقال جابر: "ما منا أحد إلا مالت به الدنيا ومال لها إلا ابن عمر"3. وقال سعيد بن المسيب: "مات ابن عمر يوم مات، وما في الأرض أحد أحبّ إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منه"4. وقال الزهري: "لا يعدل برأي ابن عمر فإنه أقام بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستّين سنة، فلم يخف عليه شيء من أمره، ولا أمر أصحابه"5. قال رجاء بن حَيْوة6: "أتانا نعي ابن عمر، ونحن في مجلس ابن [مُحَيْرِيز] 7، 8 فقال: "والله إن كنتُ لأعدُّ بقاء ابن عمر أماناً لأهل

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/142، 143، والذهبي: سير أعلام النبلاء 2/204، وابن حجر: الإصابة 4/107. 2 ابن سعد: الطبقات 4/144، وإسناده صحيح إلى إبراهيم النخعي. وأبو نعيم: الحلية 1/294، عن إبراهيم النخعي. والذهبي: سير أعلام النبلاء 3/211، وابن حجر: الإصابة 4/107. 3 أبو نعيم: الحلية 1/249، وإسناده صحيح. والذهبي: سير أعلام النبلاء 3/211، وابن ابن حجر: الإصابة 4/107، وعزاه لأبي سعيد الأعرابي، وقال: "إسناده صحيح". 4 الذهبي: التذهيب ج 2 / ق 69 / أ. 5 الذهبي: التذهيب ج 2 / ق 69 / أ. 6 أبو المقدام، الفلسطيني، ثقة فقيه، من الثالثة، توفي سنة اثنتي عشرة ومئة. (التقريب ص208) . 7 بياض في الأصل. 8 الجمحي، ثقة عابد، من الثالثة، توفي سنة تسع وتسعين. وقيل قبلها. (التقريب ص322) .

الأرض"1. ومناقبه كثيرة لا تحصى، ولعلّ لم يكن في الصحابة بعد العشرة مثله رضي الله عنه، كان له من الولد: سالم، وحمزة، وعبد الله. قال أبو نعيم2 وجماعة3: "مات ثلاث وسبعين"4. قال الواقدي وخليفة5 وجماعة6: "مات أربع وسبعين"7. قال الذهبي: كان إماماً، مفتياً، واسع العلم، كثير الاتباع، وافر الصلاح، والنسك، كبير القدر، مبين الديانة، عظيم الحرمة، ذكر للخلافة يوم التحكيم وخوطب في ذلك، فقال: "بشرط أن لا تجري فيها، مِحْجَمَة8 دم". ثم ورَّى عمرو بن العاص / [128 / ب] الأمر عنه لما رأى أنه لا يوليه شيئاً إن استخلف،

_ 1 الخطيب: تاريخ بغداد 1/172، المزي: تهذيب الكمال 15/340، 341. 2 الفضل بن دُكين التيمي مولاهم، ثقة ثبت، من التاسعة، توفي سنة ثماني عشرة، وقيل: تسع عشرة ومئتين. (التقريب ص 446) . 3 منهم: أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وضمرة بن ربيعة. (الثقات 3/209، 172، 173) . 4 البخاري: التاريخ الكبير 5/2، وابن حبان: الثقات3/209، والخطيب: تاريخ بغداد 1/172، 173، المزي: تهذيب الكمال15/340، الذهبي: سير أعلام النبلاء 3/232، والتذهيب ج2/1ق/69 / أ. 5 خليفة بن خياط العُصفُري، البصري، صدوق، ربما أخطأ، وكان أخبارياً علامة، توفي سنة أربعين ومئتين. (التقريب ص 195) . 6 منهم: محمّد بن سعد، وسعيد بن عفير. (الطبقات الكبرى 4/188، تاريخ بغداد 1/173) . . 7 ابن سعد: الطبقات4/187، 188، خليفة: التاريخ ص271، الخطيب: تاريخ بغداد 1/173، المزي: تهذيب الكمال 15/340، الذهبي: التذهيب ج2/1ق/69/ أ. 8 في الأصل: (مجمه) ، وهو تحريف. والمحجم - بالكسر -: الآنية التي يجمع فيها دم الحجامة عند المصّ. (لسان العرب 12/117) .

وبقي إلى أن بايع عبد الملك بن مروان، ومحاسنه جمة"1. / [129 / أ] 2. فصل ومنهم: حفصة وقد تقدم الكلام على فضلها ومناقبها - رضي الله عنها -3. فصل ومنهم: عبد الرحمن ذكر ابن الجوزي وأمه زينب4. ولم أجد له ذكراً في كتب أصحاب الحديث. فكأنه لم يرو شيئاً، والله سبحانه وتعالى أعلم. فصل ومنهم: عبد الرحمن الأوسط ذكره ابن الجوزي وهو أبو المُجَبر، وأمه لُهيّة أم ولد5. وقد ذكر الزبير بن بكار: أن عبد الرحمن الأوسط يكنى أبا شحمه6. وقال أبو عبد الله بن سلامة7: أبو شحمة، واسمه: عبد الرحمن، وكان قد شرب بمصر هو وعقبة بن الحارث، فسكرا وجلدهما عمرو بن العاص،

_ 1 الذهبي: التذهيب ج 2 / ق 69 / أ. 2 ق 129 / أبياض في الأصل، سوى سطر واحد، وليس ثمة ما يشير إلى نقص فالكلام متصل. 3 ص 614. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/265، الزبيري: نسب قريش ص 348. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/265، 266. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 239، ابن سعد: الطبقات 3/266، الزبيري: نسب قريش ص 349. 7 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف.

وسمع عمر بذلك، فكتب إليه ليرسله إليه"1. فصل ومنهم: عبد الرحمن الأصغر، ذكره ابن الجوزي وأمه فكيهة أم ولد2. ولم أجد له ذكراً في كتب أصحاب الحديث، فإنه لم يرو شيئاً من الحديث. فصل ومنهم: عاصم ذكره ابن الجوزي، أمه جميلة بنت عاصم بن أبي الأقلح3. وكذلك ذكر أبو عبد الله بن سلامة4، 5. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وكان من الحلماء، مات سنة سبعين6 له في الكتب حديثان7. كان بينه وبين رجل خصومة في أرض، فقال له: "لقد هممت بكذا وكذا".

_ 1 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / أ. 2 ابن الجوزي: مناقب ص238، ابن سعد: الطبقات3/266، والزبيري: نسب قريش ص409، وابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص155، ابن قتيبة: المعارف ص188. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/265، الزبيري: نسب قريش ص349، ابن قتيبة: المعارف ص187، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 408، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 152. 4 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. 5 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / أ. 6 خليفة: التاريخ ص 267، ابن عبد البر: الاستيعاب 2/782، 783، الباجي: رجال البخاري 1133، المزي: تهذيب الكمال 13/524. 7 المزي: تهذيب الكمال 13/525، 526، الحديثان: الأول: أخرجه البخاري: الصحيح، كتاب الصوم 2/691، رقم: 1853، مسلم: الصّحيح، كتاب الصيام 2/772، رقم: 1100. والثاني: أخرجه مسلم: الصّحيح، كتاب الصلاة 1/289، رقم: 385.

فقال: "ولا أرى الأمر بلغ بك هذا، هي لك". فاستحيا الرجل1. فصل ومنهم: عبيد الله، ذكره ابن الجوزي2. قتل يوم صفين مع معاوية، أمه كلثوم بنت جَرْوَل بن مالك بن المسيب بن ربيعة3. وقال أبو عبد الله محمّد4 بن سلامة: "عبيد الله أمه مليكة"5. ولعلها هي أم كلثوم. قال: "وكان عمر قد جلده في الشراب"6. قال: "ويقال: إنه وثب على الهرمزان فقتله، وقتل معه رجلاً نصرانياً يعرف بجُفينة من أهل الحيرة، وكانا اتهما بإغراء أبي لؤلؤة بعمر، وقتل ابنة لأبي لؤلؤة طفلة ووداهم عثمان، وخرج عبيد الله إلى الكوفة، ثم لحق بمعاوية في خلافة عليّ رضي الله عنه"7.

_ 1 المزي: تهذيب الكمال 13/523، بنحوه. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 238. 3 ابن سعد: الطبقات 3/265، الزبيري: نسب قريش ص 349، الطبري: التاريخ 5/36، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 152. 4 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. 5 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / أ-ب. 6 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / أ-ب. 7 لم أجده في نسخة عيون المعارف التي بين يدي، وأورده الزبيري: نسب قريش ص 355، ابن قتيبة: المعارف ص 187، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 405.

فصل ومنهم: عياض، ذكره ابن الجوزي1. وأمه عاتكة بنت زيد بن عمرو2، لم أره في كتب أصحاب الحديث، فكأنه لم يرو شيئاً. فصل ومنهم: فاطمة. ذكرها ابن الجوزي3. وأمها: أم حكيم بنت الحارث بن هشام4. وذكر أبو عبد الله ابن سلامة: أن أمها أم كلثوم بنت عليّ5. وليس كذلك، ولم أرها في كتب أصحاب الحديث. فصل ومنهم: زيد الأصغر. ذكره ابن الجوزي6. وأمه: أم كلثوم بنت جَرْوَل، ولعله مات صغيراً، أو لم يبلغ أن يذكر، فإنه قلّ من ذكره7.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 238. 2 ابن سعد: الطبقات 3/266، الزبيري: نسب قريش ص 349، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 152. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن قتيبة: المعارف ص 185. 4 ابن سعد: الطبقات 3/266، الزبيري: نسب قريش ص 349، 350. 5 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / أ. 6 ابن الجوزي: مناقب ص 238. 7 ابن سعد: الطبقات 3/265، الزبيري: نسب قريش ص 349، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 152.

فصل ومنهم: رقية. أمّها: أم كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب. وأمّها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم1. / [129 / ب] . فصل ومنهم: زينب. ذكرها ابن الجوزي2. وهي أصغر ولده. وأمّها فكيهة أم ولد3، لم أرها في كتب الحديث - أيضاً - فكأنها لم ترو شيئاً. فصل ومنهم: زيد الأكبر4 لا بقية له ذكر ابن الجوزي5. وأمّه: أم كلثوم بنت عليّ، وكذلك أبو عبد الله بن سلامة67. وذكر ابن قتيبة8: أن زيداً وأمه ماتا في يوم واحد، وأنه رمي بحجر

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/265، الزبيري: نسب قريش ص 349، ابن قتيبة: المعارف ص 185، ابن الجوزي: مناقب ص 238. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 238. 3 ابن سعد: الطبقات 3/266، الزبيري: نسب قريش ص 349، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 152. 4 في الأصل: (لأصغر) ، وهو تحريف. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 238. 6 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. 7 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / أ، ابن سعد: الطبقات 3/265، الزبيري: نسب قريش ص 349، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 152. 8 عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدّينوري، الكاتب صاحب التصانيف: غريب القرآن، المعارف، عيون الأخبار، وغيرها. توفي سنة ستّ وسبعين ومئتين. (تاريخ بغداد 10/170، سير أعلام النبلاء 13/297) .

فمات، وصلى عليهما عبد الله بن عمر - رضي الله عنهمأجمعين1. قال أبو عبد الله محمّد بن سلام: "ويقال إنه كان لعمر ولد اسمه: مُجَبَّر، فلعله أبو المُجَبَّر عبد الرحمن، ولعله غيره"2 فصل من زوجاته: زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حُذافة بن جمح، أمّ عبد الله، وعبد الرحمن الأكبر، وحفصة، ذكرها ابن الجوزي وغيره، لم أر لها ذكراً في كتب المحدّثين3. فصل ومنهن: عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل. ذكرها ابن الجوزي. وهي أمّ عياض4. وفي الموطّأ: عن يحيى بن سعيد: أن عاتكة ابنة زيد بن عمرو بن نُفَيْلٍ امرأة

_ 1 ابن قتيبة: المعارف ص 188، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 409، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 156، 157. 2 محمد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / ب، ابن سعد: الطبقات 3/266، والزبيري: نسب قريش ص 349، وابن قتيبة: المعارف ص 188. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/265، الزبيري: نسب قريش ص 348، ابن حجر: الإصابة 8/98. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/266، الزبيري: نسب قريش ص 349، ابن حجر: الإصابة 8/138.

عُمَر بن الخطاب كانت تُقَبِّلُ رأسَ عُمَر وهو صائم، فلا ينْهاها1. فصل ومنهن: فُكيهة، وكانت أم ولد له. ذكرها ابن الجوزي. وهي أم زينب، وعبد الرحمن الأصغر2، لم أرَ لها ذكراً في الكتب الستة، فكأنها لم ترو شيئاً. فصل ومنهن: أم حكيم بنت الحارث بن هشام، ذكرها ابن الجوزي. وهي أم فاطمة3. / [130 / أ] . فصل ومنهن: لُهَيَّة أمّ ولدٍ له، ذكرها ابن الجوزي. وهي أمّ عبد الرحمن الأوسط4. فصل ومنهن: أم كلثوم بنت جَرْوَل5 بن مالك بن المسيب بن ربيعة بن اصْرَم.

_ 1 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/305، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين يحيى بن سعيد وعمر. وابن سعد: الطبقات 8/266. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/266. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/266، الزبيري: نسب قريش ص 349، 350، ابن حجر: الإصابة 8/225. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/266، الزبيري: نسب قريش ص 249، ابن حجر: الإصابة 8/180. 5 في الإصابة: (أم كلثوم بنت عمرو بن جرول) .

ذكرها ابن الجوزي. وهي أم عبيد الله، زيد الأصغر1. وكان الإسلام فرق بين عمر وبين ابنة جرول2. فصل ومنهن: جميلة بنت عاصم بن أبي الأقْلَح، ذكرها ابن الجوزي. وهي أم عاصم3. وعن بسر بن عبيد الله4 قال: "كانت تحت عمر امرأة تسمى: العاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة، وكان يحبّها فكان إذا خرج إلى الصلاة مشت معه من فراشها إلى الباب فإذا أراد الخروج قبلته ثم مضى ورجعت إلى فراشها"5.

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/265، الزبيري: نسب قريش ص 349، ابن قتيبة: المعارف ص 184، ابن حجر: الإصابة 8/275. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الشروط 2/978، رقم: 2581، بدون تسمية المرأة. ابن حجر: الإصابة 8/275، ابن الجوزي: مناقب ص 238. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/265، الزبيري: نسب قريش ص 349، ابن قتيبة: المعارف ص 184، 185، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص 152، ابن حجر: الإصابة 8/40. 4 الحضرمي. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 240، وهو ضعيف لانقطاعه. وابن سعد: الطبقات 3/266، بنحوه عن نافع. ورجاله ثقات. إلا أنه مرسل. وأحمد: المسند 6/311، 312، رقم: 4682، ومسلم من طريقه الصحيح، كتاب الآداب 3/1686، رقم: 2139، عن نافع عن ابن عمر بلفظ: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية، وقال: "أنت جميلة". ومسلم: الصّحيح، كتاب الآداب3/1687، رقم: 2139، بلفظ آخر عن نافع عن ابن عمر: "أن ابنةً لعمر كانت يقال لها عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلمجميلة. قال أحمد شاكر: "وقد جزم ابن عبد البر: الاستيعاب، وتبعه ابن الأثير في أسد الغابة، وتبعهما الحافظ في الإصابة بأن هذه التي غير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها هي جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح. وأنه كان اسمها عاصية، وهي التي تزوجها عمر في سنة سبع، فولدت له عاصم بن عمر. لكن الثابت في صحيح مسلم أن التي غير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها هي جميلة بنت عمر. أولى بالصواب إن شاء الله. (تخريج أحمد شاكر لأحاديث المسند رقم: 4682) .

فصل ومنهن: أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب، وأمّها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكرها ابن الجوزي، وغيره. وهي أمّ رقيّة وزيد الأكبر1 الذي لا بقية له2. عن الزبير بن بكار قال: "خطب عمر رضي الله عنه أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب فقال له عليّ: "إنها صغيرة"، فقال له عمر: "زوجنيها يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصد أحد". فقال له عليّ: "أنا أبعثها إليك فإن رضيتها زوجتكها". فبعثها إليه ببرد، وقال لها: "قولي له هذا البرد الذي قلت لك". فقالت ذلك له، فقال: "قولي له قد رضيته رضي الله عنك". ووضع يده على ساقها فكشفها، فقالت له: "أتفعل هذا لولا أنك أمير المؤمنين لكسرتُ أنفك"، ثم خرجت، حتى جاءت أباها فأخبرته الخبر، وقالت: بعثتني إلى شيخ سوءٍ، فقال: "مهلاً، يا بُنَيَّة، فإنه زوجك". فجاء عمر بن الخطاب إلى مجلس المهاجرين في الروضة، وكان يجلس فيه المهاجرون الأوّلون، فجلس إليهم، فقال لهم: "رفِّؤوني، رفِّؤوني"3، فقالوا: "بماذا

_ 1 في الأصل: (الأصغر) ، وهو تحريف. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 238، ابن سعد: الطبقات 3/265، الزبيري: نسب قريش ص 349، ابن قتيبة: المعارف ص 185، ابن حجر: الإصابة 8/275. 3 الرِفَاءُ- بالمد- الالتئام والاتفاق، يقال: للمتزوج بالرِفَاء والبنين. (الصحاح 1/53) .

يا أمير المؤمنين؟ "، قال: "تزوجت أم كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل سبب ونسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري". وكان لي به السبب والنسب، فأردت أن أجمع إليه الصهر، فرفؤوه الصهر، فولدت له زيداً ورقية"1. وعن محمّد بن عمر2 وغيره قالوا: "لما خطب عمر الخطاب إلى عليّ رضي الله عنه أم كلثوم، قال: "يا أمير المؤمنين إنها صبية"، قال: "إنك والله ما بك ذلك، ولكن قد علمنا ما بك"، فأمر بها عليّ فصنعت، ثم أمر ببرد فطواه ثم قال لها: "انطلقي بهذا3 إلى أمير المؤمنين، فقولي: "أرسلني أبي يقرؤك السلام، ويقول: "إن رضيت البُرد فأمسكه، وإن سخطته فردّه"، فلما أتت عمر، قال: "بارك الله فيكِ وفي أبيك قد رضينا"، قال: "فرجعت إلى أبيها، فقالت: "ما نشر/ [130/ب] البرد، ولا نظر إلا إليَّ"، فزوجها إياه"4. وفي "أحاديث"، أحمد بن مالك القطيعي5 عن المستظل بن

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 239، وهو ضعيف لإعضاله، والزبيري: نسب قريش ص 349، تعليقاً. وبنحوه ابن سعد: الطبقات 8/463، وسعيد بن منصور: السنن 1/146، القطيعي: زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 2/625، وفي إسناده الكديمي، وهو ضعيف. الحاكم: المستدرك 3/142، وقال: "صحيح الإسناد". وتعقبه الذهبي في تلخيصه بقوله: "منقطع". والبيهقي: السنن 1/64، كلهم من طريق جعفر بن محمّد عن أبيه منقطعاً. 2 الواقدي. 3 في الأصل (بها) وهو تحريف. 4 ابن سعد: الطبقات8/464عن الواقدي تعليقاً. وابن الجوزي: مناقب ص239، 240. 5 أبو بكر بن جعفر بن حمدان بن مالك البغدادي القطيعي، الحنبلي، راوي (مسند الإمام أحمد) ، و (الزهد) ، و (الفضائل) له. توفي سنة ثمان وستّين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 4/73، طبقات الحنابلة 2/6) .

حصين1 أن عمر بن الخطّاب خطب إلى عليّ بن أبي طالب أم كلثوم فاعتل2 عليه بصغرها قال: "إني لم أرد الباه، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ما خلا سببي ونسبي، وكل ولد آدم فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم" 3. وقال أبو عبد الله محمّد بن سلامة4 في كتاب (المعارف) : "تزوج أم كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب، وأصدقها أربعين ألف درهم. وولدت له فاطمة وزيداً وماتت عنده"5. وقال ابن قتيبة: "بقيت في نكاحه إلى أن قتل فتزوجها محمّد بن جعفر بن أبي طالب6 رضي الله عنه"7.

_ 1 البارقي روى عن عمر وعلي، روى عنه شبيب بن غرقدة. (الجرح والتّعديل8/429، الثّقات 5/462) . 2 في الأصل: (فاعتال) ، وهو تحريف. 3 القطيعي: زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 2/626، وإسناده ضعيف لأجل محمّد بن يونس الكديمي، وهو ضعيف. (التقريب رقم: 9419) ، وفيه بشر بن مهران، وهو ضعيف. قال ابن أبي حاتم: "ترك أبي حديثه، وأمرني أن لا أقرأ عليه حديثه". (الجرح والتعديل 2/379) . وسماه بشيراً. 4 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. 5 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / أ، وابن أبي شيبة: المصنف 3/190، عن عطاء الخرساني مرسلاً، وابن حجر: الإصابة 8/275، وعزاه لابن وهب، وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف. (التقريب رقم: 3865) . 6 الهاشمي، ولد بأرض الحبشة. قيل: إنه قتل بصفين. (الإصابة 6/52) . 7 ابن قتيبة: المعارف ص 211.

فصل ومهن: قريبة بنت أبي أمية1. في "صحيح البخاري" قال عطاء2 عن ابن عباس: كانت قَرِيبَةُ بنتُ أبي أُمِيَّة عند عمر بن الخطّاب، فطلقها فتزوجها معاوية بن أبي سفيان"3. وفيه قال الزهري: "وبلغنا أنه لما أنزل الله: أن يردّوا إلى المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهم، وحكم على المسلمين أن لا يمسكوا بِعِصَمِ الكَوَافِر، أن عمر طلق امرأتين: قريبة بنت أبي أمية، وابنة جرول الخزاعي، فتزوج قريبة معاوية، وتزوج الأخرى أبو جهم"4، 5. فصل من ولد ولده سالم بن عبد الله أبو عمر، ويقال: أبو عبد الله العدوي، أحد الأئمة الفقهاء بالمدينة، كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به وكان

_ 1 المخزومية. (الإصابة 8/70) . 2 عطاء بن أبي رباح القرشي، مولاهم، المكي، ثقة، فقيه، لكنه كثير الإرسال. من الثالثة. توفي سنة أربع عشرة ومئة. (التقريب ص 391) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب الطلاق 5/2024، رقم: 4982، قال الحافظ ابن حجر: "وقال عطاء عن ابن عباس؛ هو موصول بالإسناد المذكور أوّلاً عن ابن جريح". (فتح الباري 9/418) . 4 في الأصل: (أبو جهل) ، وهو تحريف. وهو أبو الجهم بن حذيفة العدوي، أسلم عام الفتح، توفي في خلافة ابن الزبير. (الإصابة 7/34) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب الشروط 2/980، رقم: 2582، تعليقاً، ووصله ابن مردويه كما في فتح الباري 5/351، وتغليق التعليق 3/413، 414، عن سعيد بن أبي مريم ثنا عبد الله بن عتبة عن عقيل، فذكره بتمامه، وقال فيه: قال الزهري: وبلغنا إلى آخره.

سالم أشبه ولد عبد الله به، كان يلبس الصوف، وكان يعالج العمل بيديه، كان فقهاء المدينة سبعة كان سالم أجلهم، كان يلبس الثوب بدرهمين1. قال ميمون بن مهران: "دخلت على ابن عمر، فقومت كل شيء في بيته فما وجدته يساوي مائة درهم، ودخلت بعده على سالم فوجدته على حاله"2. وكان ابن عمر يقبل سالماً، ويقول: "شيخٌ يُقبِّل شيخاً"3. وكان يلام4 في حبه، وكان يقول: يلومُونَنِي في سَالمٍ وأَلومُهُم ... وجِلْدَة بين العين والأنف سالم5 وأرفع الأسانيد على الصحيح سالم عن أبيه. مات سنة ستّ ومئة6. قال بعضهم: في ذي القعدة7. وقال آخرون: في ذي الحجة8.

_ 1 انظر: ابن سعد: الطبقات 5/195، ابن قتيبة: المعارف ص 186، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 403، الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/457، المزي: تهذيب الكمال 10/150. 2 ابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 7 / ق 14، الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/460، المزي: تهذيب الكمال 10/150. 3 وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 7 / ق 14 الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/460. 4 في الأصل: (يأدم) ، وهو تحريف. 5 ابن سعد: الطبقات 5/196، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 7 / ق 14، والذهبي: سير أعلام النبلاء 4/460، المزي: تهذيب الكمال 10/150، وابن قتيبة: المعارف ص 186. 6 الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/465، المزي: تهذيب الكمال 10/153. 7 الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/465، المزي: تهذيب الكمال 10/153. 8 ابن سعد: الطبقات 5/201، الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/465، المزي: تهذيب الكمال 10/153.

وقال خليفة: "سنة سبع"1. والأوّل أصحّ. وأخباره تطول وليس هذا موضعها. ومنهم: عبد الله بن عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن2. روى عن أبيه وجماعة3. ومنهم: حمزة بن عبد الله أبو عمارة العدوي، عن أبيه وجماعة. وكان أحد فقهاء المدينة4. ومنهم: بلال بن عبد الله. روى عن أبيه وجماعة5. ومنهم: زيد بن عبد الله. روى عن أبيه وجماعة6. ومنهم: عبيد الله بن عبد الله أبو بكر العَدَويّ، عن أبيه وجماعة. وكان من الأعيان. وتوفي قبل سالم بقليل7. ومنهم: عمر بن عبد الله. روى عن أبيه وجماعة8.

_ 1 خليفة: التاريخ ص 338. 2 ابن سعد: الطبقات 5/201، البخاري: التاريخ الكبير5/125، مسلم: الكنى1/513، الطبري: التاريخ 6/427، المزي: تهذيب الكمال 15/180، 181. 3 المزي: تهذيب الكمال 15/181. 4 ابن سعد: الطبقات5/203، البخاري: التاريخ الكبير3/47، المزي: تهذيب الكمال7/330. 5 ابن سعد: الطبقات 5/204، البخاري: التاريخ الكبير 2/107-، ابن حبان: الثقات 4/65، المزي: تهذيب الكمال 4/296. 6 ابن سعد: الطبقات 5/203، البخاري: التاريخ الكبير 3/399، ابن حبان: الثقات 4/246، المزي: تهذيب الكمال 10/83. 7 ابن سعد: الطبقات 5/202، خليفة: الطبقات ص 246، البخاري: التاريخ الكبير 5/387، ابن حبان: الثقات 5/63، المزي: تهذيب الكمال 19/77. 8 البخاري: التاريخ الكبير 6/167، ابن حبان: الثقات 5/146، المزي: تهذيب الكمال 21/416، 417، ابن حجر: التقريب ص 414.

ومنهم: حفص بن عاصم. روى عن أبيه وجماعة1. ومنهم: عبيد الله بن عاصم. عن أبيه وجماعة2. - رضي الله عنهم أجمعين. فصل عن ابن عمر، قال: "كان عمر رضي الله عنه إذا نهى الناس عن شيء دخل على أهله، وقال: "إني قد نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتهم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وإني والله لا أُوتَى برجل وقع فيما نهيت الناس عنه إلاّ أضعفت له العذاب، لمكانه مني، فمن شاء منكم أن يتقدم، ومن شاء منكم فليتأخر"3. / [131 / أ] .

_ 1 ابن سعد: الطبقات 9/155، خليفة: الطبقات ص 246، البخاري: التاريخ الكبير 2/359، ابن حبان: الثقات 4/152، المزي: تهذيب الكمال 7/17. 2 البخاري: التاريخ الكبير 5/392، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 408، ابن حبان: الثقات 7/142. 3 ابن شبه: تاريخ المدينة 3/751، وإسناده حسن. وابن الجوزي: مناقب ص 240، والطبري: التاريخ 4/207، عن سالم مرسلاً. وبنحوه ابن سعد: الطبقات 3/289، وإسناده صحيح. والبلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص222.

الباب الثاني والتسعون: ضربه لولده على شرب الخمر

الباب الثاني والتسعون: ضربه لولده على شرب الخمر ... الباب الثاني والتسعون: في ذكر ضربه لولده على شرب الخمر عن أسامة [بن زيد] 1 بن أسلم عن أبيه عن جده قال: "سمعت عمرو بن العاص يوماً2 ذكر عمر رضي الله عنه فترَحَّم عليه، ثم قال: "ما رأيتُ أحداً بعد نبيّ الله وأبي بكر أخوفَ لله من عمر، لا يبالي على من وقع الحقّ على ولدٍ أو والدٍ، ثم قال: والله إني لفي منزلي ضحى بمصرَ إذ أتاني آتٍ فقال: "قدِمَ عبد الله وعبد الرحمن3 ابنا عمر غازيين "فقلت للذي أخبرني: أين نزلا؟ قال: "في موضع كذا وكذا"، - لأقصى مصر - وقد كتبَ إلي عمر إياك أن يقدم عليك أحد من أهل بيتي، فتحبوه بأمرٍ لا تصنعُه لغيره، فأفعلُ بكَ ما أنتَ أهلُه، وأنا لا أستطيعُ أن أهديَ لهما، ولا آتيَهما في منْزلهما للخوف من أبيهم، فوالله إني لعلى ما أنا عليه، إلى أن قال قائل: "هذا عبد الرحمن بن عمر, وأبو سِرْوَعَة4 على الباب يستأذنان"، فقلت: يدخلان، فدخلا وهما منكسران، فقالا: "أقم علينا حدّ الله، فإنا قد أصبنا البارحة شراباً فسكرنا". قال: "فزبرتُهما5 وطردتهما، فقال عبد الرحمن: "إن لم تفعل أخبرتُ أبي إذا قدمت". قال: فحضرني رأي، وعلمتُ أني إن لم أُقِم عليهما الحدّ غضب عليَّ عمر في ذلك، وعزلني، وخالفَه ما صعنتُ، فنحن على ما نحن عليه إذ

_ 1 سقط من الأصل. 2 في الأصل: (يقول يوماً) . 3 عبد الرحمن الأوسط أبو شحمة. (أسد الغابة 3/374) . 4 عقبة بن الحارث النوفلي، المكي، صحابي، من مسلمة الفتح، بقي إلى بعد الخمسين. (التقريب ص 394) . 5 زبره: أي: نهره وأغلظ له في القول والرد. (النهاية 2/293) .

دخل عبد الله بن عمر، فقمت إليه ورحبت به، وأردت أن أجلسه في صدر مجلسي فأبى عليّ، وقال: "أبي نهاني أن أدخل عليك إلا أن أجد من ذلك بدّاً، إن أخي لا يحلق على رؤوس الناس أبداً، فأما الضرب فاصنع ما بدا لك". - قال: وكانوا يحلقون مع الحدّ - قال: فأخرجتهما إلى صحن الدار فضربتهما الحدّ، ودخل ابن عمر بأخيه إلى بيتٍ من الدار فحلق رأسه ورأس أبي سروعة، فوالله ما كتبتُ إلى عمر بحرف، مما كان، حتى إذا تحنيتُ كتابه إذا هو نظم فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاصي بن العاصي، عجبت لك يا ابن العاصي ولجرأتك عليّ وخلاف عهدي، أما إني قد خالفتُ فيك أصحاب بدر ممن هو خيرٌ منك واخترتك1؛ لجرأتك عني، وإنفاذ عهدي، وأراك تلوثت بما تلوثت، فما أراني إلا عازلك، فمسيء2 عزلك، تضرب عبد الرحمن في بيتك وتحلق رأسه في بيتك، وقد عرفت أن هذا يخالفني، إنما عبد الرحمن رجلٌ من رعيتك تصنع به ما تصنع بغيره من المسلمين، ولكن قلت: هو ولد أمير المؤمنين، وقد عرفتَ أن لا هوادة لأحدٍ من الناس عندي في حقٍّ يجب لله عليه، فإذا جاءك كتابي هذا فابعث به في عباءةٍ على قتبٍ حتى يعرف سوءَ ما صنع". فبعثتُ به كما قال أبوه، وأقرأت ابن عمر كتاب أبيه، وكتبتُ إلى عمر كتاباً أَعْتَذر فيه، وأُخبره أني ضربته في صحن داري، وبالله الذي لا يُحلَف بأعظم منه إني أقيم الحدّ في صحن داري على الذمي والمسلم، وبعثت بالكتاب مع عبد الله بن عمر". /

_ 1 في الأصل: (وأخير لك) ، والتصويب من الكنز. 2 في الكنْز: (ومُنشي) .

[131 / ب] . قال أسلم: فقدم بعبد الرحمن على أبيه، فدخل عليه وعليه عباءةٌ ولا يستطيع المشي من مركبِهِ، فقال: " [يا] 1 عبد الرحمن فعلتَ وفعلتَ السياطُ". وكلمه عبد الرحمن بن عوف وقال: "يا أمير المؤمنين، قد أقمتم عليه الحدّ مرّةً"، فلم يلتفت إلى هذا عمر وزبَرَه، فجعل عبد الرحمن يصيح: "أنا مريضٌ وأنت قاتلي"، فضربه وحبَسَه، ثم مرِضَ فمات"2 وعن عبد الله بن عمر قال: "شرب عبد الرحمن بن عمر، وشرب معه أبو سِرْوَعَة عقبة بن الحارث، ونحن بمصر في خلافة عمر رضي الله عنه فسكرا، فلما أصبحا انطلقا إلى عمرو بن العاص وهو أمير مصر، فقالا: "طهِّرْنا فإنا قد سكرنا من شراب شربناه". قال عبد الله بن عمر: "ولم أشعر أنهما قد أتيا عمرو بن العاص، فذكر لي أخي أنه قد سكر، فقلت: أدخل الدار أطهرك، فآذنني أنه قد حدّث الأمير، قال عبد الله بن عمر، فقلت: والله لا تحلق اليوم على رؤوس الناس، أدخل3 أحلقك وكانوا إذ ذاك يحلقون مع الحدّ - فدخل معي الدار - قال عبد الله: "فحلقت أخي بيدي، ثم جلدهم عمرو بن العاص، فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب إلى عمرو: "أن ابعث إليّ بعبد الرحمن بن عمر على قتَبٍ"، ففعل ذلك عمرو، فلما قدم عبد الرحمن

_ 1 سقط من الأصل. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 240-242، المحب الطبري: الرياض النضرة 1/354، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/662-664، وعزاه لابن سعد. وهو ضعيف لأجل أسامة بن زيد بن أسلم. قال الحافظ: "ضعيف من قبل حفظه". (التقريب رقم: 315) . 3 مطموس في الأصل، سوى (ادخـ) .

على عمر جلده وعاقبه من أجل مكانه منه، ثم أرسله فلبث شهراً صحيحاً ثم أصابه قدره، فيحسب عامة الناس أنه مات من جلد عمر، ولم يمت من جلد عمر"1. قال ابن الجوزي: "ينبغي أن لا نظن بِعَبْدِ الرحمن بن عمر أنه شرب الخمر، وإنما شرب النبيذ متأولاً، يظن أن ما شرب منه لا يسكر، وكذلك أبو سروعة، وأبو سروعة من أهل بدر2، فلما خرج بهما الأمر إلى السكر طلبا التطهير بالحدّ، وقد كان يكفيهما مجرد الندم على التفريط، غير أنهما غضبا لله سبحانه على أنفسهما المفرطة، فأسلمهما إلى إقامة الحدّ، وأما كون عمر أعاد الحدّ على ولده فليس ذلك حدّاً، وإنما ضربه غضباً وتأديباً، وإلاّ فالحدّ لا يكرر، قال: وقد أخذ هذا الحديث قوم من القصاص فأبدلوا فيه، وأعادوا، فتارة يجعلون هذا الولد مضروباً على شرب الخمر، وتارة على الزنا،

_ 1 وعبد الرزاق: المصنف 9/232-233، وإسناده صحيح. وابن شبه: تاريخ المدينة 3/841، والبيهقي: السنن: 8/312-313، وقال: "والذي يشبه أنه جلده جلد تعزير، فإن الحدّ لا يعاد. الله أعلم". وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 118، ابن الجوزي: مناقب ص 242، والمتقي الهندي: كنْز العمال 12/664، وعزاه لعبد الرزاق والبيهقي. وقال: "وسنده صحيح". قال ابن الجوزي: "وليس بعجيب أن يكون شرب النبيذ متأولاً، فسكر من غير اختيار، وإنما لما قدم على عمر ضربه ضرب تأديب لا ضرب حدًّ، ومرض بعد ذلك لا من الضرب، ومات". (الموضوعات 3/275) . وقال ابن الأثير: "وعبد الرحمن بن عمر الأوسط، أبو شحمة هو الذي ضربه عمرو ابن العاص بمصر في الخمر، ثم حمله إلى المدينة، فضربه أبوه عمر بن الخطاب أدبَ الوالد، ثم مرض، فمات بعد شهر". (أسد الغابة 3/274) . 2 قوله: "من أهل بدر"، وهم، والصواب أنه من مسلمة الفتح. (أسد الغابة 3/547، الإصابة 4/249) .

ويذكرون كلاماً مرقّقاً1 ليبكي العوام2، لا يجوز أن يصدر عن مثل عمر. وقال: وقد ذكرت الحديث بطرقه في كتاب "الموضوعات3، ونزهت هذا الكتاب عنه"4. وعن ابن عمر قال: "بلغ عمر أن ابناً له ستر حيطانه، فقال: "والله لئن كان كذلك5 لأحرقنَّ بيته"6. وقال أبو عبد الله بن سلامة7 في كتابه: (عيون المعارف) : "أبو شحمة8 عبد الرحمن، وكان قد شرب بمصر، هو ورجل يعرف بعقبة بن الحارث فسكرا، وجلدهما9 عمرو بن العاص، وسمع عمر بذلك، فكتب إلى عمرو بن العاص: أن ابعث إليّ عبد الرحمن على قتَبٍ، ففعل، فلما قدم عليه جلده، وعاقبه لمكانه منه، ومات بعد شهر، فيحسب عامة الناس أنه مات من جلده، ولم يمت من ذلك". وروى هذا يحيى بن معين بإسناده عن عبد الله بن عمر"10. قال: ويقال: إنه قال له وهو يحدّه: "قتلتني يا أبتاه"، فقال: "يا بني إذا

_ 1 في مناقب عمر: (ملفقاً) . 2 مطموس في الأصل، سوى (العوا) . 3 ابن الجوزي: الموضوعات ص 3/269-275. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 242-243. 5 في المصنف: (ذلك) . 6 ابن أبي شيبة: المصنف 8/496، وإسناده صحيح. ابن الجوزي: مناقب ص 243. 7 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف. 8 في الأصل " أبو شمحة " وهو تحريف. 9 مطموس في الأصل، سوى (وجلد) . 10 لم أجده في نسخة عيون المعارف التي بين يدي، وقد مرّ بنحوه.

لقيت ربّك، فأعلمه أنه أباك يقيم الحدود"1. / [132 / أ] . وفي صحيح البخاري، وقال عمر رضي الله عنه: "وجدت من عبيد الله ريحَ شرب، وأنا سائلٌ عنه، فإن كان يُسكرُ جَلَدْتُهُ"2. فصول الأوّل إذا أقيم الحدّ مرّة فإن كان من أقامه ليس له إقامة الحدود لم يسقط، وللإمام إقامته مرة أخرى، وإن تلف المحدود في ضرب ما ليس له إقامته ضمنه، وإن كان من أقامه في المرّة الأولى له إقامة الحدود، فليس لغيره إقامته مرّة أخرى. وإن كان من أقامه هو من تحت يده أو دونه. وأما قصّة عمر فإنه ولده، وله التصرف فيه بما أراد وذلك على وجه التأديب لا على وجه الحدّ. الفصل الثّاني هل يحدّ بمجرد الريح في السّكر من غير بينة، أو مشاهدته على سكره؟ على روايتين عن الإمام أحمد: إحداهما: يُحَدُّ3.

_ 1 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / ب، ابن شبه: تاريخ المدينة 3/841، وهو منقطع بين الشعبي وعمر، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 290، وفيه الكلبي. ابن الجوزي: مناقب ص 3/269، وقال: "هذا موضوع. وضعه القصاص، وقد أبدوا فيه وأعادوا، وقد شرحوا وأطالوا". 2 البخاري: الصحيح، كتاب الأشربة 5/2125، تعلقاً، ووصله مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 2/45، وإسناده صحيح. والنسائي 8/326، وسعيد بن منصور: السنن كما في تغليق التعليق 5/26، وفتح الباري 10/65. 3 انظر: ابن قدامة: المغني 12/501، المرداوي: الإنصاف 10/233.

والثّانية: لا يُحَدُّ بمجرد الريح من غير بينة1. والله أعلم. الفصل الثّالث لا يجب في الحدّ إلا الضرب فقط، ولا يجب حلق ولا غيره. وأما ما ذكر من الحلق فإنه ترك، ولم يعمل به أحدٌ بعد ذلك2. الفصل الرّابع قولهم: إن عبد الرحمن إنما شرب النبيذ متأولاً، يظن أن ما شرب منه لا يسكر لو كان كذلك لم يجب عليه الحدّ، فإن الحدّ لا يجب إلاّ على من شرب الخمر مختاراً عالماً أنه خمر وأن كثيره يسكر، فإن شربه مكرهاً أو ناسياً، أو لا يعلم أنه يسكر فلا حدّ عليه. فلو شربه على هذا الوجه لم يجب عليه الحدّ3. الفصل الخامس كلّ ما أسكر كثيره فقليله حرام من أي شيء كان، من عنب، أو تمر، أو شعير أو عسل ونحو ذلك ويسمى خمراً، ولا يحلّ شربه مطلقاً، لا للذّة، ولا لتداوي، ولا لعطش، ولا غيره، إلا أن يضطرّ إليه لدفع لقمة غصَّ بها فيجوز، فإن وجده ووجد ماءَ الغير، فالماء مقدم عليه، وإن

_ 1 انظر: ابن قدامة: المغني 12/501، المرداوي: الإنصاف 10/233، الحجاوي: الإقناع 4/267، ابن النجار الفتوحي: منتهى الإرادات 2/476. 2 انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى 28/337، 24/216. 3 انظر: ابن قدامة: المغني 12/499، 501، المرداوي: الإنصاف 10/229، 231، الحجاوي: الإقناع 4/267.

وجد بولاً فإن كان بول حيوان مأكول اللحم فهو مقدم1، وإلاّ فخلاف هل يقدم الخمر أم البول؟ 2. والله أعلم.

_ 1 انظر: ابن قدامة: المغني 12/495، 500، المرداوي: الإنصاف 10/229، الحجاوي: الإقناع 4/216، ابن تيمية: مجموع الفتاوى 28/337. 2 انظر: المرداوي: الإنصاف 10/229، الحجاوي: الإقناع 4/266، ابن النجار الفتوحي: منتهى الإرادات 2/475، 476، وقالوا: "ويقَدَّم عليه بول".

الباب الثالث والتسعون: ثناء الناس عليه

الباب الثالث والتسعون: ثناء الناس عليه ... الباب الثالث والتسعون: في ذكر ثناء الناس عليه في صحيح البخاري عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "سألني ابن عمر عن بعض شأنه" - يعني: [عمر] 1 - فأخبرته. فقال: "ما رأيت أحداً قطّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين قبض كان أجدّ وأجودَ، حتى انتهى، من عمر بن الخطّاب"2. وسبق أنه قيل لأبي بكر عند عهده إلى عمر: "ماذا تقول لربك وقد ولّيتَ علينا عمر؟ "، فقال: "أقول ولّيت عليهم خير أهلك"3. / [132 / ب] . وقالوا: "ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟ "، قال: "بل هو لو كان قَبِلَ"، ونحو ذلك مما تقدم4. وعن ابن سيرين قال: "كتب عمر إلى أبي موسى: إذا جاءك كتابي، فأعطِ الناس أعطياتهم، واحمل إليّ ما بقي مع زياد"5. ففعل. فلما كان عثمان كتب إلى أبي موسى بمثل ذلك، ففعل، فجاء زياد بما معه، فوضعه بين يدي عثمان، فجاء ابن عثمان فأخذ شيئاً نرى أنه من فضة فمضى بها، فبكى زياد، فقال عثمان: "ما يبكيك؟ "، قال: "أتيت6 أمير المؤمنين بمثل ما أتيك به، فجاء ابن له فأخذ درهماً، فأمر به فانتزع منه، حتى أبكى الغلام7،

_ 1 سقط من الأصل. 2 سبق تخريجه ص 926. 3 سبق تخريجه ص 335. 4 سبق تخريجه ص 304. 5 ابن أبيه. 6 مطموس في الأصل، سوى (أتيـ) . 7 مطموس في الأصل، سوى (الغلا) .

وإن ابنك هذا جاء فأخذ هذه، فلم أرَ أحداً قال له شيئاً، فقال له عثمان: "إن عمر كان يمنع أهله1 وأقرباءه ابتغاء وجه الله تعالى، وإني أعطي أهلي وأقربائي ابتغاء وجه الله تعالى، ولن تلقى مثل عمر، ولن تلقى مثل عمر، ولن تلقى مثل عمر"2. وعن إسماعيل بن أبي خالد قال: قيل لعثمان رضي الله عنه: "ألا تكون مثل عمر؟ "، قال: "لا أستطيع أن أكون مثل لقمان الحكيم"3. روي عن سعيد بن زيد أنه بكى4 عند موت عمر، فقيل له: "ما يبكيك؟ "، فقال: "على الإسلام، إن موت عمر ثَلَمَ الإسلامَ لا ترتق إلى يوم5 القيامة"6. وعن زيد بن وهب قال: "أتينا عبد الله بن مسعود، فذكر عمر، فبكى حتى ابتلّ الحصى من دموعه7، وقال: "إن عمر كان حصناً حصيناً للإسلام يدخلون فيه ولا يخرجون منه، فلما مات عمر انْثَلَم الحصن8 فالناس يخرجون من الإسلام"9.

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (أها) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 243، 244، بدون إسناد. 3 ابن الجوزي: مناقب ص 244، بدون إسناد. 4 مطموس في الأصل، سوى (بكـ) . 5 مطموس في الأصل، سوى (يو) . 6 ابن سعد: الطبقات3/372، ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبوبكر وعمر) ص 387، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ13/ق190، وفيه الواقدي. 7 مطموس في الأصل، سوى (دمـ) . 8 مطموس في الأصل، سوى (الحـ) . 9 عبد الرزاق: المصنف 7/289، وإسناده صحيح. وابن سعد: الطبقات 3/371، وابن أبي شيبة: المصنف 12/23، 34، والطبراني: المعجم الكبير 9/176، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/77، وقال: "رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدهما رجال الصحيح".

وعن أبي وائل قال: "قدم علينا عبد الله بن مسعود فنعى إلينا عمر، فلم أرَ يوماًكان أكثر باكياًولاحزيناً منه، ثم قال: "والله لو أعْلَم عمركان1 يُحِبُّ كلباً لأحببته، والله إني لأحسب العِضَاة قد وجدت فقد عمر"2. وعنه قال: قال عبد الله مسعود رضي الله عنه: "والله ما أحسب شيئاً إلا وقد دخل عليه فَقْدُ عمر حتى العِضَاة، ولو علمت أن كلباً يحب عمر لكان من أحب الكلاب إليّ"3. وعن أبي وائل عن عبد الله قال: "ما رأيت عمر قطّ إلاّ وكأن بين عينيه ملكاً يسدّده"4. وعنه قال: قال عبد الله: "لو أن علم عمر بن الخطّاب وضع في كفّة الميزان، ووضع علم الأرض في كفّة لرجح علم عمر"5.

_ 1 في الأصل: (كان عمر) ، وهو تحريف. 2 ابن سعد: الطبقات 3/372، وإسناده حسن. ومن طريقه وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 190. 3 ابن سعد: الطبقات 3/372، وإسناده حسن. ومن طريقه وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 190، وإسناده حسن. والطبراني: المعجم الكبير9/18، بنحوه عن زر عن عبد الله بن مسعود. قال الهيثمي: مجمع الزوائد 9/78: "رواه الطبراني من طرق، وفي بعضها عاصم بن أبي النجود وهو حسن الحديث، وبقية رجالهما رجال الصحيح، وبعضها منقطع الإسناد، ورجالهما ثقات". 4 ابن أبي شيبة: المصنف 12/25، وإسناده صحيح. عبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 1/247، وإسناده ضعيف، لأجل محمّد بن سلمة بن كهيل، قال ابن سعد: "كان ضعيفاً". وقال الجوزجاني: "ذاهب الحديث واهي الحديث". (الطبقات 6/380، ميزان الاعتدال 3/568) . 5 ابن أبي شيبة: المصنف 12/32، وإسناده صحيح. والطبراني: المعجم الكبير9/179، والحاكم: المستدرك 3/86، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/69، وقال: "رواه الطبراني بأسانيد ورجال هذا رجال الصحيح، غير أسد بن موسى، وهو ثقة".

وعن إبراهيم1 عن عبد الله أنه قال: "إني لأحسب عمر قد ذهب بتسعة أعشار العلم"2. وعن ابن وهب قال: قال عبد الله: "اقرأ كما أقرأك3 عمر، إن عمر كان أعلمنا بكتاب الله4، وأفقهنا في دين الله"5. وعن زرّ قال: "كان عبد الله يخطب - وهو ابن مسعود - يقول: "إني لأحسب عمر بين عينيه ملك يسدّده ويقومه، وإني لأحسب الشيطان يفرق من عمر أن يحدث حدثاً فيرده"6. وعن ابن مسعود قال: "كان إسلام عمر فتحاً وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة"7.

_ 1 إبراهيم النخعي. 2 الطبراني: المعجم الكبير 9/179، 180، وإسناده صحيح. والهيثمي: مجمع الزوائد 9/69، وقال: "رواه الطبراني بأسانيد ورجال هذا رجال الصحيح، غير أسد بن موسى، وهو ثقة". 3 في الأصل: (كما يقرااك) ، وهو تحريف. 4 لفظ الجلالة مطموس في الأصل. 5 عبد الرزاق: المصنف 7/289، وإسناده صحيح. وابن أبي شيبة: المصنف 12/26، والطبراني: المعجم الكبير 9/177، وابن الجوزي: مناقب ص 247. 6 عبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/80، 81، وإسناده حسن. في إسناده عاصم بن أبي النجود، والطبراني: المعجم الكبير 9/181، من طرق في بعضها عاصم بن أبي النجود، وهو حسن الحديث، وبقية رجالها رجال الصحيح، وبعضها منقطع الإسناد. ورجالها ثقات. قاله الهيثمي: مجمع الزوائد 9/78. 7 الطبراني: المعجم الكبير 9/178، وإسناده ضعيف، لانقطاعه بين القاسم بن عبد الرحمن وابن مسعود. والهيثمي: مجمع الزوائد 9/63، وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، إلا أن القاسم لم يدرك جدّه ابن مسعود".

وعن أنس بن مالك قال: قال أبو طلحة الأنصاري: "والله ما من أهل بيت من المسلمين إلا وقد دخل عليهم في موت عمر نقص في دينهم وفي دنياهم"1. وقال حذيفة: "إنما كان مثل الإسلام أيام عمر مثل أمر مقبل لم يزل في إقبال، فلما قتل أدبر فلم يزل في إدبار"2. عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: "بينما عمرو بن العاص يوماً يسير أمام ركبه، هو يحدّث نفسه، إذ قال: "لله درّ ابن حنتمة3 / [133 / أ] ، أي امرئ كان "يعني بذلك عمر بن الخطّاب رضي الله عنه"4. وعن عزرة بن قيس البجلي5 قال: "خطبنا خالد بن الوليد فقال: "إن عمر بعثني إلى الشام، وهو لهم مهم، فلما ألقى الشام نوايبه، وصار سمناً وعسلاً أراد أن يؤثر به غيري، ويبعثني إلى الهند، فقال رجل إلى جانبه: "اصبر، اصبر أيها الأمير، فإن الفتن قد ظهرت". فقال خالد: "وابن الخطاب حيّ! إنما

_ 1 ابن سعد: الطبقات 3/374، وابن أبي شيبة: المصنف 12/25، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 190، وفي إسناده عبد الملك بن عمير، وقد عنعن. ذكره الحافظ بالمرتبة الثالثة من المدلسين. (تعريف أهل التدليس ص 96) . وأبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 177، وابن الجوزي: مناقب ص 248. 2 ابن سعد: الطبقات 3/373، وإسناده صحيح. وابن شبه: تاريخ المدينة 3/943، والبلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 388، وابن الجوزي: مناقب ص 248. 3 مطموس في الأصل، سوى (حنتمـ) . وهي حنتمة بنت هاشم المخزومية أم عمر ابن الخطاب. (الإصابة 4/279) . 4 أحمد: فضائل الصحابة 1/326، ومن طريقه الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 13/32، وإسناده ضعيف لانقطاعه. لأن سعد بن إبراهيم الزهري لم يدرك عمرو ابن العاص. وابن الجوزي: مناقب ص 248. 5 في الأصل: (عروة) ، وهو تحريف. وهو عزرة بن قيس البجلي، روى عن خالد ابن الوليد، روى عنه أبو وائل سمعت أبي يقول ذلك. (الجرح والتعديل 9/21، الثقات 5/279) .

ذلك بعد"1. وعن عبد الله بن سارية2 قال: "جاء عبد الله بن سلام3 بعدما صُلِّي على عمر رضي الله عنه فقال: إن كنتم سبقتموني بالصلاة عليه، فلن تسبقوني بالثناء عليه، ثم قام، فقال: نِعمَ أخو الإسلام كنتَ يا عمر جواداً بالحقّ، بخيلاً بالباطل، ترضى من الرضى، وتسخط من السخط، لم تكن مداحاً ولا معياباً، طيب العَرْف4، عفيف الطرف"5. وعن طارق بن شهاب قال: "قالت أم أيمن يوم أصيب عمر رضي الله عنه: "اليوم وهى الإسلام"6. وعن [عمر بن] 7 سليمان بن أبي حَثْمَة8 عن أبيه9 قال: قالت الشفاء

_ 1 ابن أبي شيبة: المصنف 13/38، 39، وفي عزرة بن قيس لم يوثّقه غير ابن حبان. وابن الجوزي: مناقب ص 248، 249. 2 في تاريخ المدينة: (بن أبي سارية) ، ولم أجد له ترجمة. 3 الإسرائيلي: حليف بني الخزرج، صحابي مشهور، له أحاديث وفضل، توفي بالمدينة سنة ثلاث وأربعين. (التقريب ص 307) . 4 العَرْف: الريح طيبة كانت أو خبيثة. (لسان العرب 9/240) . 5 ابن سعد: الطبقات 3/369، ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 385، وإسناده ضعيف لإبهام رواته عن عبد الله بن سلام. وابن شبه: تاريخ المدينة 3/939، 940، بإسنادين: الأوّل: منقطع بين عون بن أبي شداد وعبد الله بن سلام. والثاني: فيه عبد الله بن سارية، ولم أجد له ترجمة. وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 189، وفيه عبد الله بن سارية. وابن الجوزي: مناقب ص 249. 6 سبق تخريجه ص 848. 7 سقط من الأصل. 8 لم أجد له ترجمة. 9 سليمان بن أبي حثمة بن حذيفة العدوي له صحبة، كان من فضلاء المسلمين وصالحهم، واستعمله عمر على السوق، وجمع الناس عليه في رمضان. (الثقات 3/160، الإصابة 3/159) .

بنت عبد الله، ورأت فتياناً يقصدون1 في المشي، ويتكلمون رويداً فقالت: "ما هؤلاء؟ "، قالوا: "نُسَّاكٌ"، قالت: "كان والله عمر إذا تكلم أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع، وهو الناسك حقّاً"2. وعن [ابن] 3 أبي حازم4 عن أبيه، قال: "سئل عليّ بن الحسين عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ومنزلتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "كمنزلتهما اليوم، وهما ضجيعاه"5. وقال عبد الرحمن بن غَنْم يوم مات - رحمة الله عليه -: "اليوم أصبح الإسلام مولياً ما من رجُلٍ بأرض فلاة يطلُبُهُ العدوّ فأتاه آتٍ، فقال: خذ حذرك، بأشد فراراً من الإسلام اليوم"6. وعن عبد الله بن إدريس7 قال: "سمعت أشعث8 يقول: "إذا اختلف

_ 1 قصد فلانٌ في مشيه: إذا مشى مستوياً. (لسان العرب 3/354) . 2 ابن سعد: الطبقات 3/290، ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 226، والطبري: التاريخ 4/212، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 100، وفيه الواقدي. 3 سقط من الأصل. 4 عبد العزيز بن سلمة بن دينار المدني. 5 سبق تخريجه ص 276. 6 ابن سعد: الطبقات 3/369، والبلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 284، 385، وفي إسنادهما شهر بن حوشب، وهو صدوق كثير الإرسال والأوهام. (التقريب رقم: 2830) ، وابن الجوزي: مناقب ص 250. 7 الأودي الكوفي، ثقة فقيه عابد، توفي سنة اثنتين وتسعين ومئة (التقريب ص 295) . 8 في الأصل: (أشعب) ، وهو تحريف. وهو أشعث بن سَوّار الكندي، الأفرق الأثرم، قاضي الأهواز، ضعيف، من السادسة، توفي سنة ستّ وثلاثين ومئة. (التقريب ص 113) .

الناس في شيء فانظر كيف صنع عمر، فإن عمر لم يكن يصنع شيئاً حتى يشاور، قال: فذكرت ذلك لابن سيرين، فقال: "إذا رأيت الرجل يخبرك أنه أعلم من عمر فاحذره"1. وعن صالح بن حيّ2 قال: الشعبي: "من سرّه أن يأخذ بالوثيقة من القضاء فليأخذ بقضاء عمر فإنه كان يستشير"3. وعن الشعبي قال: سمعت قبيصة بن جابر يقول: "صحبت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فما رأيت أقرأ لكتاب الله ولا أفقه في دين الله، ولا أحسن مدارسة منه"4. وعن قرة بن خالد5 عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه قال: "إذا أردتم أن يطيب المجلس فأفيضوا في ذكر عمر"6. وعنه أنه قال: (أيّ أهل بيت لم يجدوا فقده فهم أهل بيت سوء"7.

_ 1 ابن أبي شيبة: المصنف 9/9، بأخصر. وفيه أشعث بن سوار، وهو ضعيف. وابن الجوزي: مناقب ص 251. 2 صالح بن صالح بن حيّ، ثقة، توفي سنة ثلاث وخمسين. (التقريب ص 272) . 3 الفسوي: المعرفة والتاريخ 1/457، وإسناده صحيح. والبيهقي: السنن: 10/109، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 117، وابن الجوزي: مناقب ص 251، وبنحوه أحمد: فضائل الصحابة 1/264. 4 الفسوي: المعرفة والتاريخ 1/457، وفي إسناده مجالد بن سعيد، قال الحافظ: "ليس بالقويّ، وقد تغير في آخر عمره". (التقريب رقم: 6478) . وابن الجوزي: مناقب ص 251. 5 السّدوسي، ثقة ضابط، من السادسة، توفي سنة خمس وستّين ومئة. (التقريب ص 455) . 6 ابن الجوزي: مناقب ص 251، بدون إسناد. 7 ابن سعد: الطبقات 3/372، ومن طريقه البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص 387، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 191، ومن طريق الواقدي.

وعن واصل بن الأحدب1 عن مجاهد قال: "كنا نتحدث أن الشياطين مصفدة في زمن عمر، فلما قتل بثت في الأرض"2. وعن سعد بن أبي صدقة3 عن محمّد بن سيرين قال: "لم4 يكن أحد بعد / [133 / ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم أهيب لما لا يعلم من أبي بكر، ولم يكن أحد بعد أبي بكر أهيب لما لا يعرف من عمر"5. وعن قيس بن مسلم6 عن طارق بن شهاب، قال: "كنا نتحدث أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ينطق على لسان ملك7"8. وعن حماد بن زيد عن أيوب9 قال: "إذا بلغك اختلاف عن النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت في ذلك الاختلاف10 أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - فشدّ

_ 1 واصل بن حيان الأسدي الكوفي، ثقة ثبت، من السادسة، توفي سنة عشرين ومئة. (التقريب ص 579) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 252، بدون إسناد. 3 لم أجد له ترجمة. 4 في الأصل: (لما لم) ، وهو تحريف. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 252، بدون إسناد. 6 في الأصل: (ابن سهل) ، وهو تحريف. وهو قيس بن مسلم الجدلي، الكوفي، ثقة رمي بالإرجاء، من السادسة. توفي سنة عشرين ومئة. (التقريب ص 458) . 7 قول: (ملك) ، مطموس في الأصل. 8 أحمد: فضائل الصحابة 1/263، 264، وإسناده صحيح. والفسوي: المعرفة والتاريخ 1/456، والطبراني: المعجم الكبير 8/384، وابن الجوزي: مناقب ص 252، وقد مرّ عن طارق بن شهاب عن عليّ ص 858. 9 السختياني. 10 مطموس في الأصل، سوى (الا) .

يديك به، فإنه الحقّ، وهو السنة"1. وعن عليّ بن عبد الله بن عباس2 - رضي الله عنهما - قال: "دخلت في يوم شديد البرد على عبد الملك بن مروان فإذا هو في قبة باطنها قُوهِيٌّ3 معصفر، وظاهرها خزاعيز4، وحوله أربعة5 كوانين6، قال: فرأى البرد في تَقَفْقُفي7، فقال: "ما أظن يومنا هذا إلا بارداً"، قلت: "أصلح الله الأمير ما يظن أهل8 الشام أنه أتى عليهم يوم أبرد منه، فذكر الدنيا، وذمها، ونال منها، وقال: "هذا معاوية عاش أربعين سنة عشرين9 أميراً، وعشرين خليفة، لله درّ ابن حنْتَمة ما كان أعلمه بالدنيا - يعني: عمر10 - رضي الله عنه"11. وذكر أبو القاسم الأصفهاني عن ابن مسعود قال: "ما رأيت عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه إلاّ وكأن بين عينيه ملكاً يسدّده"12. وقال: "إن عمر كان حصناً حصيناً للإسلام، الناس13 يدخلون فيه، ولا

_ 1 الفسوي: المعرفة والتاريخ 1/456، وإسناده صحيح، والخطيب: الفقيه والمتفقه 1/174. 2 الهاشمي، ثقة عابد، من الثالثة، توفي سنة ثماني عشرة ومئة. (التقريب ص 403) . 3 القوهيّ: ثيابٌ بيض. (القاموس ص 1615) . 4 هكذا في الأصل. وفي مناقب عمر: (حرائر) . 5 في الأصل: (أربع) ، وهو تحريف. 6 الكانون: الموقد. (القاموس ص 1585) . 7 تقفقف: ارتعد من البرد وغيره، أو اضطرب حنكاه واصطكت أسنانه. (القاموس ص 1094) . 8 مطموس في الأصل، سوى (أها) . 9 في الأصل: (عشرا) ، وهو تحريف. 10 مطموس في الأصل، سوى (عـ) . 11 ابن الجوزي: مناقب ص 252. 12 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 156، وقد سبق تخريجه ص 1071. 13 مطموس في الأصل، سوى (الناسـ) .

يخرجون منه، فأصبح الحصن قد انهدم، والناس يخرجون منه ولا يدخلون1 فيه"2. وقال: "إن كان إسلام عمر لفتحاً، وإن كان هجرته لنصراً"3. وروي عن عبد الله - لعله ابن مسعود4 - قال: "لو أن علم عمر وضع في كفّة الميزان، ووضع علم أهل الأرض في كفّة أخرى رجح علم عمر"5. وذكر عن ابن مسعود: أنه مرّ على رجلين في المسجد قد اختلفا في آية من القرآن، فقال أحدهما: "أَقْرَأنيها6 عمر"، وقال الآخر: "أقْرأنيها أبي"، فقال ابن مسعود: "اقرأ كما أقرأكها عمر"، ثم هملت7 عيناه حتى بل الحصى، وهو قائم، ثم قال: "إن عمر كان حائطاً كثيفاً، فمات عمر، فانثلم الحائط، فهم يخرجون ولا يدخلون، ولو أن كلباً أحبّ عمر لأحببته، وما أحببت أحداً حبي لأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح بعد بني الله صلى الله عليه وسلم"8. وعن أنس قال: قال [أبو] 9 طلحة يوم مات عمر رضي الله عنه: "ما من

_ 1 مطموس في الأصل، سوى (يدخلو) . 2 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 156، وقد سبق تخريجه ص 1070. 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 156، وقد سبق تخريجه ص 1072. 4 مطموس في الأصل، سوى (مسعو) . 5 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 167، وقد سبق تخريجه ص 1071. 6 مطموس في الأصل، سوى (أقرأنيـ) . 7 هملت عينه: أي: فاضت، وسالت دمعاً. (لسان العرب 11/710) . 8 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 177، والقطيعي: زوائده على فضائل الصحابة لأحمد 1/338، 339، وإسناده ضعيف جداً، فيه الحسن بن الطيب البلخي، وهو متروك. تاريخ بغداد 7/333، ميزان الاعتدال 1/501) . 9 سقط من الأصل.

بيت حاضر ولا بادٍ إلا وقد دخله من موت عمر نقص"1. وقال سفيان بن عيينة بإسناد له: "ما كان أبو بكر وعمر إلا حجة على الناس أن يقول قائل: من ذا الذي يستطيع أن يعمل بمثل عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقال: أبو بكر وعمر. فكانا حجّة على الناس"2. / [134 /أ] . وعن عبد الله بن مسعود أنه قال: "كان عمر أعلمنا بالله، وأقرأنا لكتاب الله، وأتقانا لله، والله إن أهل بيت المسلمين لم يدخل عليهم حزن على عمر حين أصيب لأهل بيت سوء"3. وقال: "إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهبت يوم ذهب عمر"4. وعن الضحاك5 عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "أكثروا ذكر عمر فإن عمر إذا ذكر ذكر العدل، وإذا ذكر العدل ذكر الله"6. فصل المدح تارة يكون لحيّ، وتارة يكون لميّت، فإن كان لميّت جاز لما في الحديث، مرّ بجنازة فأثنوا عليه أو عليها خيراً7، وإن كان لحيّ فإن أطراه بما

_ 1 سبق تخريجه ص 1072. 2 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1328، أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 178، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 86، من طريق سفيان عن رجل عن عطاء. 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 190، وقد سبق تخريجه ص 1072. 4 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 190، وقد سبق تخريجه ص 1072. 5 ابن مزاحم. 6 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 190، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 147، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. 7 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/460، رقم: 1301، مسلم: الصّحيح، كتاب الجنائز 2/655، رقم: 949.

ليس فيه كره، وإن قال ما فيه، فليقل: أحسبه كذا، فلا يقول من باب القطع، فإن علمه بذلك من باب الظن، وفي الحديث: أن رجلاً مدح1 رجلاً بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "قطعت ظهر أخيك، من كان مادحاً أخاه لا محالة، فليقل: أحسبه كذا، وحسيبه الله، ولا أزكي على الله أحداً" 2. وفي صحيح مسلم والترمذي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "احثوا في أفواه المدّاحين التراب" 3. ويحمل هذا على من زاد في المدح والإطراء، بأن قال في الرجل ما ليس فيه، ولا يجوز أن يقطع لأحدٍ بجنةٍ ولا نارٍ إلا من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم وهم أصحابه العشرة، وأناس قليلون معهم، منهم: عكاشة بن محصن4، وخديجة بنت خويلد5 وغيرهما6. فإن كان ذلك بالإشارة لا بصريح اللفظ فهل يجوز أم لا؟ في حديث عبد الله بن سَلام لما دخل المسجد قالوا: "هذا من أهل الجنة، وقام إليه ذلك الرجل فأخبره، فقال: "ما ينبغي لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم، إنما رأيت كأني في روضة خضراء، وفي وسطها عمود وفيه عروة،

_ 1 في الأصل: (مدحا) ، وهو تحريف. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الشهادة 2/946، رقم: 2519، مسلم: الصّحيح، كتاب الزهد والرقائق 4/2296، رقم: 3000. 3 مسلم: الصّحيح، كتاب الزهد والرقائق 4/2297، رقم: 3002، الترمذي: السنن 4/600، وقال: "هذا حديث حسن صحيح". 4 الأسدي، من السابقين الأوّلين شهد بدراً، وقتل في قتال أهل الردة. (الإصابة4/256) . 5 القرشية الأسدية، أم المؤمنين، توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين. (الإصابة 8/62) . 6 ابن أبي العز الحنفي: شرح العقيدة الطحاوية ص 378.

فقيل لي: ارْقَ، فلم أقدر فأتاني وصيف فرفع بثيابي من ورائي، فرقيت فاستمسكت بالعروة، فاستيقظت وهي في يدي، فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "الروضة: الإسلام، والعمود: عمود الإسلام، والعُروة: العروة الوقثى، فأنت مستمسك بها حتى تموت" 1. فظاهر الحال أن النبي صلى الله عليه وسلم / [134 / ب] إذا قال في إنسان ما يدل على أنه من أهل الجنة، يجوز أن يشهد له بالجنة، وظاهر قول عبد الله ابن سلام أن الذي اختاره أنه لا يجوز ذلك. ولا يجوز أن يقطع لأحد أنه من أهل النار - أيضاً -، إلا من قطع له النبي صلى الله عليه وسلم والكافر الذي يموت على كفره. وفي الصحيحين: حين قالت امرأة لعثمان بن مَظْعُونِ: "رحمة الله عليكَ أبا السائب، شهادتي عليك: لقد أكرمكَ الله"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وما يُدْريكِ؟، والله إني رسول الله وما أدري ما يفعل بيَ، أو قال به". قالت: "فمن يكرمه الله يا رسول الله؟ "، قال: "أما هو فقد جاءه اليقين، وإني لأرجو له الخير"، قالت: "لا أزكي بعدها أحداً أبداً"2. وقال الله عزوجل: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفَسَكُم هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32] ، وقال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفَسَهُم بَلِ الله يُزَكِّي مَن يَّشَاء} [النساء: 49] . وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1387، رقم: 3602، مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1931، رقم: 2484، بنحوه. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/419، رقم: 1186، بنحوه.

النار" 1. المراد به في آخر الزمان. ويحتمل أشياء منها: - أن يكون يعرف ذلك بارتكاب الجرائم، والمعاصي والبدع ونحو ذلك، ولزوم طاعة الله. - ومنها: أن يعرف ذلك عند خروج الدابة ونزول عيسى، فإنه يظهر هناك المؤمن والكافر، وعند خروج الدابة فإنها تسم المؤمن بنور، والكافر بقتر، فعند خروج هذه الأشياء يعرف أهل الجنة من أهل النار. - ويحتمل أن يكون ذلك الخطاب لمن كان معه من الصحابة، أي: يعرفون ذلك بالفراسة وقوة الإيمان2. وأما مدح المرء نفسه، والإخبار عن نفسه بالدين والعلم والشجاعة والورع ونحو ذلك، فإنه لا يجوز. لقوله عزوجل: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفَسَكُم} [النجم: 32] ، وقوله عزوجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفَسَهُم} [النساء: 49] . وأهل ذلك يظهر عليهم، وهم يكتمونه، وأهل الشرّ يظهر الشّرّ عليهم، وهم يخفونه، ولو قالوا: إنهم من أهل الخير. وحكي عن حبيب العجمي3 أنه كان يرائي، فمرّ على الصبيان فقالوا: "انظروا إلى حبيب المرائي"، فقال: "أظهرت سرِّي حتّى للصّبيان".

_ 1 أحمد: المسند 3/416، وابن ماجه: السنن 2/1411، قال البوصيري في مصباح الزجاجة 3/301: "إسناده صحيح، رجاله ثقات". 2 هذه الاحتمالات أوردها المؤلف. وآخر الحديث بين ذلك، حيث قال صلى الله عليه وسلم: عندما سألوه: بِمَ ذاك يا رسول الله؟، قال: "بالثَّناء الحسنِ والثّناء السّيِّئ، أنتم شهداء بعضُكم على بعض". 3 حبيب بن محمّد العجمي، أبو محمّد البصري الزاهد، ثقة، عابد، من السادسة. (التقريب ص 151) .

فتاب، ورجع، ثم مرّ عليهم، فقالوا: "اصبروا، مرّ حبيب التائب"، أو نحو هذا، فقال: "أنا اليوم تائب، وذلك اليوم مرئي"1. / [135 / أ] .

_ 1 لم أجده.

الباب الرابع والتسعون: محبته وثوابها

الباب الرابع والتسعون: محبته وثوابها ... الباب الرابع والتسعون: في ذكر محبّته وثوابها ذكر ابن الجوزي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حبّ أبي بكر وعمر من الإيمان، وبغضهما من الكفر، ومن سبّ أصحابي فعليه لعنة الله" 1. وعن محمّد بن خالد بن عَثْمَة2 قال: "سمعت مالك بن أنس يقول: "يؤتى بأقوام يوم القيامة فيقفون بين يدي الله عزوجل فيؤمر بهم إلى النار، فإذا هَمَّ الزبانية بأخذهم، وقربوا من النار، وهَمَّ مالكٌ بأخذهم، قال الله تعالى لملائكة الرحمة: "ردّوهم"، فيردوهم، فيقفون بين يدي الله عزوجل طويلاً فيقول: "يا عبادي أمرت بكم إلى النار بذنوب سلفت لكم استوجبتم لها، وقد روعتكم، وقد أذهبت ذنوبكم لحبّكم أبا بكر وعمر"3. وعن إسماعيل بن يحيى4 بن سلمة بن كهيل5 قال: "كانت لي أخت أسن مني فاختلطت، وذهب عقلها، فتوحشت، وكانت في غرفة بضع

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 253، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 68، وإسناده ضعيف، لأجل خليد بن دعلج، والسيوطي: الجامع الصغير 1/146، ونسبه لابن عساكر، وضعفه. وضعّفه الألباني، وقال: "ضعيف جدّاً"، ضعيف الجامع الصغير 3/90) . 2 الحنفي البصري، صدوق يخطئ. من العاشرة. (التقريب ص 476) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 253، وإسناده منقطع، وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 69، عن عبد الله بن عمر، وفي إسناده محمّد بن السّري التمار، قال الذهبي: "يروي المناكير والبلايا، ليس بشيء". (ميزان الاعتدال 3/559) . 4 في الأصل: (يحيى بن إسماعيل) . 5 إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، متروك، من العاشرة. (التقريب ص 110) .

عشرة سنة، وكانت مع ذهاب عقلها تحرص على الطهور، وتعقد الصلوات، وربما غلبت على عقلها الأيام فتحفظ ذلك حتى تقضيه. قال: فبينا أنا نائم ذات ليلة إذ باب بيتي يدق في نصف الليل فقلت: من هذا؟، قالت: "بجة"، قلت: أختي؟، قالت: "أختك"، قلت: لبيك، وفتحت الباب، فدخلت ولا عهد لها بالبيت منذ أكثر من عشرين سنة، فقلت لها: يا أختاه، خير؟، فقالت: "خير أتيت الليلة في منامي، فقيل لي: السلام عليك يا بجة، فقلت: وعليكم السلام، فقيل لي: إن الله قد حفظ أباك يحيى1 لسلمة بن كهيل2، وحفظ إسماعيل لأبيك، فإن شئت دعوت الله لك فأذهب ما بك، وإن شئت صبرت ولك الجنة فإن أبا بكر وعمر قد شفعا لك إلى الله عزوجل بحبّ أبيك وجدك إياهما، فقلت: إن كان لا بدّ أختار أحدهما فالصبر على ما أنا فيه والجنة، والله واسع لا يتعاظمه شيء، إن شاء أن يجعلهما لي فعل، قالت: فقال لي: قد جمعهما لك الله ورضي عن أبيك، وجدك بحبّهما أبا بكر وعمر، قومي فانزلي فأذهب الله ما كان بها"3. عن هبة بن سلامة المفسر4 قال: "كان لنا شيخ يقرأ قراءة حمزة5 في باب مُحَوِّل6، فمات بعض أصحابه فرآه الشيخ في النوم، فقال: "ما

_ 1 يحيى بن سلمة، متروك، وكان شيعياً، توفي سنة تسع وسبعين ومئة. (التقريب ص591) . 2 سلمة بن كهيل الحضرمي، ثقة من الرابعة. (التقريب ص 248) . 3 ابن الجوزي: مناقب ص 253، 254. 4 هبة الله بن سلامة، أبو القاسم البغدادي، مفسر له كتب منها: الناسخ والمنسوخ في القرآن، توفي سنة عشر وأربع مئة. (الأعلام 8/72) . 5 حمزة بن حبيب الزيات القارئ، الكوفي التيمي، مولاهم، صدوق زاهد ربما وهم، توفي سنة ستّ وخمسين. (التقريب ص 179) . 6 باب محول: محلة كبيرة هي اليوم منفردة بجنب الكرخ، وكانت متصلة بالكرخ أوّلا. (معجم البلدان 5/66) .

فعل الله بك؟ "، قال: "غفر لي1"، قال: "فما حالك مع منكر ونكير؟ "، قال: "يا أستاذ لما أجلساني وقالا لي: من ربُّكَ؟، ومن نبيّك؟، فألهمني الله أن قلت لهما: بحقّ أبي بكر وعمر دعاني"، فقال أحدهما للآخر: "قد أقسم علينا بعظيم، دعه، فتركاني وانصرفا"2. / [135 / ب] . وعن الحسين بن محمّد القطان3 قال: حدّثني أبي4 قال5: "رأيت بشر بن الحارث6 وقد اشترى مسكاً بدرهم، ورأيته يطوف في مزبلة، فإذا رأى رقعة فيها اسم الله عزوجل طرح عليها من المسك وجعلها في كوة، ويقول في إثرها: كذا أو هكذا أرفع اسمك إليك7، قال: وقال لي بشر: أصبت رقعة ليس لله فيها اسم، فرميت بها، فرأيت في المنام قائلاً يقول لي: "يا بشر رميت بالرقعة وفيها اسمان يحبهما الله تعالى: أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - 8. وفي الصحيحين وغيرهما عن أنس "أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "متى الساعة؟ "، قال: "وما أعددت لها؟ "، قال: "لا شيء إلاّ أني أحبّ الله

_ 1 قوله: (لي) ، تكرر في الأصل. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 254، بدون إسناد. ومعلوم أنه لا يجوز القسم بغير الله، وأنه شرك. (فتح المجيد ص 364) . 3 لم أجد له ترجمة. 4 لم أجد له ترجمة. 5 مطموس في الأصل، سوى (ل) . 6 المروزي، نزيل بغداد، أبو نصر الحافي، ثقة قدوة، توفي سنة سبع وعشرين ومئتين. (التقريب ص 122) . 7 في الأصل: (إليه) ، وهو تحريف. 8 ابن الجوزي: مناقب ص 254، بدون إسناد.

ورسوله". قال: "فإنك مع من أحببت". [قال] 1 أنس: "فما فرحنا بشيء بعد الإسلام فرحاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مع من أحببت"، فقال أنس: "فأنا أحبّ النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم لحُبِّي إياهم، وإن كنت لا أعمل بأعمالهم"2. وذكر أبو القاسم الأصفهاني قال أبو بكر بن عياش: "ذكر عمر بن الخطّاب عبادة"3. وذكر الشيخ موفق الدين في "المنهاج"، عن عبد الرحيم بن زيد العمي4 أخبرني أبي5 قال: "أدركت سبعين شيخاً من التابعين كلهم يحدّثون عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أحبّ جميع أصحابي، وتولاهم، واستغفر لهم، جعله الله يوم القيامة معهم في الجنة" 6. وروى الشيخ موفق الدين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

_ 1 سقط من الأصل. 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1349، رقم: 3485، ومسلم: الصّحيح، كتاب البر والصلة 4/2032، رقم: 2639. 3 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 190، بدون إسناد، ولا أرى أن المعنى يستقيم، لأن العبادات توقيفية، فإن قصد أن ذكره ومعرفة أعماله يعين على الطاعة فحسن. 4 البصري، متروك كذبه ابن معين، من الثامنة، توفي سنة أربع وثمانين. (التقريب ص 354) . 5 زيد بن الحواري العمي البصري، قاضي هراة، ضعيف من الخامسة. (التقريب ص 223) . 6 موفق الدين ابن قدامة المقدسي: منهاج القاصدين 12/ ق أ، وابن عرفة في جزئه ص 72، والقطيعي: زيادته على فضائل الصحابة لأحمد 1/340، والحديث موضوع فيه متهمان بالكذب: مسلم بن سالم وعبد الرحيم بن زيد. (ميزان الاعتدال 2/185، المجروحين 1/344) .

"لا يجتمع حبّ هؤلاء الأربعة إلاّ في قلب مؤمن: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ" 1. وفي (فضائل الصحابة) لإبراهيم بن عبد الرحمن المقدسي2 عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن على حوضي أربعة أركان، فأوّل ركن منها3 في يدي أبي بكر، والركن الثاني في يد عمر، والركن الثالث في يد عثمان، والركن الرابع في يد عليّ، فمن أحبّ أبا بكر وأبغض عمر لم يسقه أبو بكر4، ومن أحبّ عمر وأبغض أبا بكر لم يسقه عمر، ومن أحبّ عثمان وأبغض عليّاً لم يسقه عثمان، ومن أحبّ عليّاً وأبغض عثمان لم يسقه عليّ5، ومن أحسن القول في أبي بكر فقد أقام الدين، ومن أحسن القول في عمر فقد وضح السبيل، ومن أحسن القول في عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحسن القول في عليّ فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ومن

_ 1 موفق الدين ابن قدامة المقدسي: منهاج القاصدين ق 16 / أ، والقطيعي: زيادته على فضائل الصحابة لأحمد 1/427، وابن البختري: أماليه 225/أ، وأبو نعيم: فضائل الخلفاء الأربعة 2/14/أ، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 14/332، وهو حديث ضعيف لانقطاعه بين عطاء بن أبي مسلم الخراساني وأبي هريرة، وعطاء موصوف بالوهم مع كثرة الإرسال والتدليس، وفيه - أيضاً - يزيد بن حيان قال فيه البخاري: "عنده غلط كثير". (تاريخ البخاري 8/325، ميزان الاعتدال 3/73، تهذيب التهذيب 7/212) . وقال الحافظ في المطالب العالية 4/84: "فيه انقطاع". 2 إبراهيم بن عبد الرحمن الكناني الحموي الأصل المقدسي، الصوفي، كان زاهد وقته، توفي في ذي الحجة سنة أربع وستّين وسبع مئة. (الدر الكامنة 1/36، 37) . 3 في الأصل: (منهما) ، وهو تحريف. 4 في الأصل: (أبا بكر) ، وهو تحريف. 5 في الأصل: (عليا) ، وهو تحريف.

أحسن القول في أصحابي فهو مؤمن" 1. وفي (أمالي) الجوهري عن عليّ أن النبي صلى الله عليه وسلم / [136 / أ] نظر إلى أبي بكر وعمر يأتيان من قبل قباء، فقال: "سابقان، سابقان بالخير حبّهما إيمان، وبغضهما نفاق، أتحبّهما يا عليّ؟ "، قال: نعم. يا رسول الله إني أحبّهما، وقد - والله - ازددت لهما حبّاً، وقال: "أجل فأحبهما فإن حبهما إيمان، وبغضهما نفاق" 2. وفي (أمالي) أبي عبد الله بن مَنْدَة3 عن مسروق بن الأجدع قال: "حبّ أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة"4. وفي (أحاديث) أبي بكر محمّد بن عبد الله بن إبراهيم5 الشافعي6 عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحبّ أن يتمسك بقضيب الدرّ الذي غرسه الله في جنة

_ 1 إبراهيم: فضائل الصحابة ق 305 / ب، 306 / أ، وأبو بكر الشافعي: فوائد أبي بكر ق10/ب، ومن طريقه ابن الجوزي: العلل المتناهية1/252، 253، وفي إسناده من لم أجد له ترجمة، وفيه - أيضاً - عليّ بن عاصم صدوق، يخطئ، ويصرّ ورمي بالتشيع. (التقريب رقم: 4758) . قال ابن الجوزي: "هذا لا يصح فيه مجاهيل، وعليّ بن عاصم قال فيه يزيد بن هارون: "ما زلنا نعرفه بالكذب". 2 لم أجده. 3 محمّد بن إسحاق العبدي الأصفهاني الحافظ الإمام المحدّث، صاحب التصانيف المفيدة، توفي سنة خمس وتسعين وثلاث مئة. (أخبار أصبهان 2/306، سير أعلام النبلاء 17/28) . 4 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1239. 5 في الأصل: (محمّد بن إبراهيم بن عبد الله) . 6 محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، المحدث، الحجة الفقيه، أبو بكر البغدادي، صاحب الأجزاء (الغيلانيات) العالية، توفي سنة أربع وخمسين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 5/456، سير أعلام النبلاء 16/39) .

عدن بيده، فليحبّ عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه" 1. وفي (أحاديث) إسماعيل بن محمّد الصفار2 عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حبّ أبي بكر، وعمر سنة وبغضهما كفر، وحبّ الأنصار إيمان وبغضهم كفر، وحبّ العرب إيمان وبغضهم كفر" 3. فصل محبّة أبي بكر وعمر واجبة على كلّ أحدٍ، فمن أبغضهما فقد ترك واجباً كالصلاة والصوم، وما سبق من الأحاديث يدلّ على ذلك، وأن الإنسان إذا ترك محبّتهما حكمه كمن ترك غير ذلك من الواجبات: الصلاة والصوم ونحو ذلك، وأنه يستتاب على ذلك، فإن تاب ورجع وإلاّ قتل، فإنه تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بغضهما كفر"، وذلك لأن الرسول عليه السلام أمر بمحبّتهما، ومن لم يفعل ذلك فقد ردّ على الرسول ما أمر به، ومن فعل ذلك كفر واستتيب فإن تاب وإلاّ قتل.

_ 1 لم أجده فيما تبقى من أحاديث أبي بكر. والحديث بنحوه أورده ابن الجوزي: الموضوعات 1/387، وابن عراق: تنزيه الشريعة 1/361، من حديث البراء وزيد بن أرقم. وفيه "فليتمسك بحبّ عليّ بن أبي طالب". 2 أبو عليّ البغدادي، ثقة، توفي سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد6/302، سير أعلام النبلاء 15/440) . 3 لم أجده فيما تبقى من أحاديث الصفار.

الباب الخامس والتسعون: عداوته وعقابها

الباب الخامس والتسعون: عداوته وعقابها ... الباب الخامس والتسعون: في ذكر عداوته وعقابها روى التّرمذي عن أيوب عن محمّد بن سيرين قال: "ما أظن رجلاً ينتقص أبا بكر وعمر يحبّ النبي صلى الله عليه وسلم" وقال: "حديث حسن غريب"1. وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسُبّوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما أدرك مدّ أحدِهم ولا نصيفه" 2. وفي النسائي عن عبد الله بن الزبير أن عمر رضي الله عنه قام بالجابية خطيباً فقال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا مقامي فيكم فقال: "أكرموا أصحابي فإنهم خياركم" 3.

_ 1 الترمذي: السنن 5/619، وقال الألباني: "صحيح الإسناد مقطوع". (صحيح سنن الترمذي 3/204) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1343، مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1967، رقم: 2540. 3 عبد الرزاق: المصنف 11/341، وعبد بن حميد كما في المنتخب من مسنده 1/64، 65، والنسائي: السنن الكبرى (عشرة النساء) ص 289، والحديث صحيح لغيره، فيه عبد الملك بن عمير وهو مدلس وقد عنعن. وقد ورد من طرق منها: عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن عمر، رواه عن عبد الملك: جرير بن حازم، وجرير بن عبد الحميد، وشعبة. أ- فمن طريق جرير بن حازم: أبو داود الطيالسي: المسند ص 7، والنسائي: السنن الكبرى (عشرة النساء) ص 287، 288، وأبو يعلى: المسند 1/131، 132، ابن حبان الصحيح كما في الإحسان 8/257، الذهبي: سير أعلام النبلاء 7/102. ب- ومن جرير بن عبد الحميد: أحمد: المسند 1/26، ابن ماجه: السنن 2/791، النسائي: السنن الكبرى (عشرة النساء) ص 287، أبو يعلى: المسند 1/133، ابن مندة: كتاب الإيمان 3/962، الذهبي: سير أعلام النبلاء 7/102. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 7/103: "هذا حديث صحيح، اتفق الجريران على روايته عن عبد الملك بن عمير. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 3/53: "وهذا الإسناد رجاله ثقات، إلا أن فيه عبد الملك بن عمير وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة". وصححه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 177. ج- ومن طريق شعبة بن عبد الملك بن عمير: الطبراني: المعجم الكبير 1/89، الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/187، 4/319. وقد روي هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير على وجوه أخر عن عمر ذكرها الدارقطني في كتابه العلل الواردة في الأحاديث النبوية 2/122، 125، ثم قال: "ويشبه أن يكون الاضطراب في هذا الإسناد من عبد الملك بن عمير لكثرة اختلاف الثقات عنه في الإسناد. والله أعلم". ثانياً: وممن روى هذا الحديث عن عمر ابنه عبد الله، وسعد بن أبي وقاص. أ- رواية ابن عمر: أحمد: المسند1/18، والنسائي: السنن الكبرى (عشرة النساء) ص 291، الطحاوي: شرح معاني الآثار 4/150، 151، والبيهقي: السنن: 7/91، والحاكم: المستدرك 1/113، وصححه، ووافقه الذهبي. قال الألباني بعد أن نقل كلام الحاكم، وموافقة الذهبي: "هو كما قالا". (الصحيحة 1/717) . ب- رواية سعد بن أبي وقاص عن عمر: الحاكم: المستدرك 1/114، 115، وصححه.

وذكر الشيخ موفق الدين في "المنهاج" عن عبد الرحمن بن سالم ابن عويم بن ساعدة عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اختارني واختار لي أصحاباً، فجعل لي منهم أصهاراً وأنصاراً، فمن سبّهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً" 1.

_ 1 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 12 / أ، وقد سبق تخريجه ص 241.

وروى الإمام أحمد وغيره عن عبد لله بن مُغَفَّل المزني1 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله اللهَ في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً2 بعدي، من أحبّهم فبحبّي أحبّهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن سبّهم فعليه لعنة الله" 3. قال الصابوني4: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن مغفل"5. وذكر الشيخ موفق الدين بسنده عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اختارني واختار لي أصحاباً فجعلهم أصحابي، وأصهاري، وأنصاري، وسيأتي قوم من بعدهم يسبّونهم، أو قال: يبغضونهم فلا

_ 1 صحابي بايع تحت الشجرة، ونزل البصرة، توفي سنة خمسين. (التقريب ص 325) . 2 الغرض: الهدف، والمعنى: لا تتخذوهم هدفاً ترموهم بقبيح الكلام كما يرمى الهدف بالسهام. (النهاية 4/360، فيض القدير 2/98) . 3 أحمد: المسند 4/87، 5/54، 57، فضائل الصحابة 1/47، البخاري: التاريخ الكبير 5/131، الترمذي: السنن 5/696، وابن أبي عازم: السنة 2/465، وعبد الله ابن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/48، وابن حبان: الصحيح، كما في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 9/189، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1247، 1248، وأبو نعيم: الحلية 8/287، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 9/123. وهو ضعيف، لأجل عبد الله بن عبد الرحمن - على الخلاف في اسمه - لم يوثّقه غير ابن حبان. (الثقات 5/46) . أما البخاري فقد ساق له هذا الحديث في ترجمته ثم قال: "فيه نظر". وقال يحيى: "لا أعرفه". وقال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه". وضعفه الشيخ الألباني في تخريجه لكتاب السنة لابن أبي عاصم 2/465، وضعيف الجامع الصغير وزيادته 1/352. 4 إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني الحافظ، مؤلف كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث، توفي سنة أربع مئة وتسع وأربعين. (البداية والنهاية 12/76، العبر في خبر من غبر 3/219) . 5 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 12 / أ.

تجالسوهم، ولا تواكلهم، ولا تناكحوهم، ولا تصلوا عليهم، ولا تصلوا معهم" 1. وروى الشيخ موفق الدين بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سبّ أصحابي فعليه لعنة الله الملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً" 2. وقال ابن عمر: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله من سبّ أصحابي" 3.

_ 1 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 12 / أ، ب، وهو ضعيف، لأجل عمر ابن أبي حفص ذكره البخاري ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. (التاريخ الكبير 6/184) . وفيه عبد الرحمن بن محمّد بن زياد، قال الحافظ ابن حجر: "لا بأس به، وكان يدلس". وقد عنعن. الخلال: السنة ص 483، من هذا الطريق: والعقيلي: الضعفاء الكبير 1/126، عن حمزة بن رشيد الباهلي، ولم أجد له ترجمة. والعقيلي: الضعفاء الكبير 1/126، وفي إسناده رجل مبهم، وفيه - أيضاً - أبان ابن عياش متروك وكذبه شعبة. (تهذيب التهذيب 1/97) . وابن حبان: المجروحين 1/187، عن بشر بن عبد الله عن أنس وقال عن بشر: "منكر الحديث". وقال عن هذا الخبر: "هذا خبر باطل". والذهبي: ميزان الاعتدال 1/319، وقال: "هذان منكران جدّاً"، يشير إلى هذا الحديث وآخر قبله. والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/99، وفي إسناده محمّد بشير الكندي، قال فيه يحيى بن معين: "ليس بثقة". (اللسان 5/94) . وضعّفه الألباني كما في ضعيف الجامع الصغير وزيادته 2/68) . 2 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 12 / ب. وإسناده ضعيف. فيه عليّ ابن يزيد وأبو شيبة الجوهري وكلاهما ضعيف. (التقريب رقم: 4816، 7855) . وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/52، وابن عدي كما في الميزان 2/162، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 14/241، جميعهم من طريق عليّ بن زيد عن أبي شيبة. وله شاهد عن ابن عباس. ذكره الهيثمي: مجمع الزوائد 10/21، وقال: "أخرجه الطبراني وفيه عبد الله بن خراش وهو ضعيف". 3 العقيلي: الضعفاء 2/264، والطبراني: المعجم الكبير 12/434، والأوسط. قال الهيثمي: مجمع الزوائد 10/21: "وفي إسناد الطبراني عبد الله بن سيف الخوارزمي، وهو ضعيف". وذكر هذا الحديث السيوطي في الجامع الصغير من رواية الطبراني ورمز لصحته، فتعقبه المناوي في فيض القدير 5/274، بقول: "رمز لصحته وهو زلل كيف وفيه عبد الله بن سيف، أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: "لا يعرف وحديثه منكر". وقال العقيلي في الضعفاء 2/264: "حديثه غير محفوظ وهو مجهول بالنقل". وبنحوه الترمذي: السنن 5/697، والبزار كما في كشف الأستار 3/293، 294، وإسنادهما ضعيف لأجل سيف بن عمر، والنضر بن حماد، أما سيف فقال الحافظ: "ضعيف الحديث عمدة في التاريخ) . (التقريب رقم: 2724) ، وأما النضر فقد ضعّفه أبو حاتم. (الجرح والتعديل 8/479) . قال الترمذي: "هذا حديث منكر لا نعرفه من حديث عبد الله بن عمر إلاّ من هذا الوجه. والنضر مجهول، وسيف مجهول". كذا قال الترمذي في حقّ النضر وسيف وحالهما معروفة. وقال الهيثمي: مجمع الزوائد 10/21: "وفي إسناد البزار سيف بن عمر، وهو متروك".

وقال ابن عمر: "لا تسبّوا أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عبادة أحدكم أربعين سنة"1. وذكر الشيخ موفق الدين عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قالوا: "يا رسول الله أوصنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوصيكم بالسابقين المهاجرين الأوّلين، وأبنائهم من بعدهم إن لا تفعلوا لا يُقبل منكم صرف ولا عدل" 2. وروى الطبراني3 في "المعجم الكبير" عن سهل بن يوسف بن سهل بن

_ 1 سبق تخريجه ص 242. 2 البزار: المسند كما في كشف الأستار 3/292، والطبراني: المعجم الأوسط 1/482، كلاهما من طريق حميد بن القاسم بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن بن عوف به. قال البزار: "لم يروه إلا عبد الرحمن بن عوف ولا له إلا هذا الإسناد". وقال الطبراني: "لا يروي هذا الحديث عن عبد الرحمن إلا بهذا الإسناد". وحميد وأبوه القاسم لم يوثّقهما غير ابن حبان. (الثقات 8/196، 7/331) . 3 سليمان بن أحمد اللخمي، صاحب المعاجم الثلاثة، توفي سنة ستّين وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء 15/119) .

مالك، عن أبيه عن جده1 سهل بن مالك2 قال: "لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن أبا بكر لم يسؤني قطّ، فاعرفوا ذلك له، يا أيها الناس إني راضٍ عن عمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، والمهاجرين الأوّلين، فاعرفوا ذلك لهم، يا أيها الناس إن الله قد غفر لأهل بدرٍ والحديبية، يا أيها الناس لا تسؤوني في أختاني، وأصهاري، وأصحابي، يا أيها الناس لا يطالبنكم أحد منهم [بمظلمة] 3 فإنها لا توهب، يا أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين، وإذا مات الرجل فقولوا فيه خيراً" 4.

_ 1 قال ابن عبد البر في سهل وأبيه وجده: "كلهم لا يعرف". وقال الحافظ ابن حجر في سهل: "مجهول الحال". (الاستيعاب 2/666، اللسان 3/122) . 2 اختلف في صحبته فأثبتها ابن حجر وقال في نسبه: سهل بن مالك بن أبي كعب الأنصاري". (الإصابة 3/142) . وقال ابن عبد البر: "ابن عبيد بن قيس، ويقال فيه: سهل بن عبيد بن قيس". ثم قال بعد ذلك: "ولا تثبت لأحدهما صحبة ولا رواية". (الاستيعاب 2/666) . 3 سقط من الأصل. 4 الطبراني: المعجم الكبير 6/126، 127، العقيلي: الضعفاء 4/147، 148، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/119، وبن عبد البر: الاستيعاب 2/666، وموفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 15 / أ. وهو حديث ضعيف لأجل خالد بن عمرو بن محمّد بن عمرو بن محمّد بن عبد الله ابن سعيد الأموي، فقد رماه ابن معين بالكذب، ونسبه صالح جزره وغيره إلى الوضع. (التقريب رقم: 1660) . قال ابن عبد البر: الاستيعاب 2/666: "حديث منكرٌ موضوعٌ". وقال الحافظ ابن حجر في: الإصابة 3/142: "ووقع للطبراني فيه وهم، فإنه أخرجه من طريق المقدمي عن عليّ بن يوسف بن محمّد عن سهل بن يوسف، واغتر الضياء المقدسي بهذه الطريق، فأخرج الحديث في المختارة، وهو وهم لأنه سقط من الإسناد رجلان فإن عليّ بن يوسف بن محمّد إنما سمعه من قنان بن أبي أيوب عن خالد بن عمرو عن سهل". وقد روى هذا الحديث سيف بن عمر في أوائل الفتوح عن أبي همام سهل بن يوسف بن مالك عن أبيه عن جده. ذكر ذلك الحافظ، ورد دعوى الدارقطني في (الأفراد) ، أن خالد بن عمرو تفرد به عن سهل.

وروى الشيخ موفق الدين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد افترض عليكم حبّ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، كما افترض عليكم الصلاة والصيام، والحجّ، فمن أبغض أحداً منهم أدخله الله النار" 1. وروى الشيخ موفق الدين عن وهب بن منبه قال: "رأيت أسقف قيسارية في الطواف فسألته عن إسلامه فقال: / [137 / أ] 2 "ركبت سفينة أقصد بعض المدن في جماعة من الناس فانكسرت السفينة فوثبت على خشبة يضربني الموج ثلاثة أيام بلياليها، ثم قذف بيَ الموج إلى غيضة فيها أشجار لها ثمر مثل النَبِق، ونهر مطرد، فشربت الماء وأكلت من ذلك الثمر، فلما جنّ الليل صعد من الماء شخص عظيم، وحوله جماعة لم أرَ على صورتهم أحداً، فقال بأعلى صوته: "لا إله إلا الله الملك الجبار محمّد رسول الله النبي المختار، أبو بكر الصديق صاحب الغار، عمر بن الخطّاب فتاح الأمصار، عثمان بن عفان حسن الجوار، عليّ بن أبي طالب قاصم الكفار، على باغضيهم3 لعنة الله، ومأواه جهنم وبئست الدار، ثم غاب، فلما كان بعد مضي أكثر الليل صعد ثانياً في أصحابه فنادى: لا إله إلا الله القريب المجيب، محمّد رسول الله النبي الحبيب، أبو بكر الصديق الشفيق الرفيق، عمر بن الخطّاب ركن من حديد،

_ 1 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 16 / أ، ب، وهو ضعيف لأجل إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري، قال الذهبي: "ما كان الرجل صاحب حديث، إنما أسمعه أبوه واعتنى به، سمع من عبد الرزاق تصانيفه وهو ابن سبع سنين أو نحوها، وسماعه من عبد الرزاق متأخر جداً بعدما تغير. (ميزان الاعتدال 1/181) . وهذا الحديث من رواية إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق. 2 ق 137 / أوردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي. 3 في منهج القاصدين: (باغضهم) .

عثمان بن عفان الحيي الحليم، عليّ بن أبي طالب الكريم المستقيم، ثم بصر بيَ أحدهم فدنا مني فقال: "أجني أم إنسي؟ "، فقلت: "إنسي". قال: "ما دينك؟ "، قلت: "النصرانية"، قال: "أسلم تسلم، أما علمت أن الدين عند الله الإسلام"، فقلت: "ما هذا الشخص العظيم الذي نادى؟ "، قال: "هو التيار ملك البحار، هذا دأبه كلّ ليلة في بحر من البحور"، ثم قال: "غداً يمر بك مركب، فصح بهم، وأشر إليهم يحملوك إلى بلد الإسلام"، فلما كان من الغدّ مرّ مركبٌ، فأشرت إليهم، وكانوا نصارى، فحملوني، وقصصت عليهم قصتي، فأسلموا كما أسلمت، وضمنت لله لا أكتم هذا الحديث"1. وفي "فضائل الصحابة" لإبراهيم بن عبد الرحمن المقدسي عن الأعمش قال: "خرجت في البلد في ليلة مظلمة أريد الجامع، فإذا بشخص قد عارضني فاقشعررت منه، فقلت: أمن الإنس أنت أم الجنّ؟ قال: "بل من الجن". فقلت: "من مؤمنها أم من كافرها؟ "، قال: "بل من مؤمنها". قلت: "فيكم من هذه البدع شيئاً؟ "، فقال: "نعم. إلاّ أنه ليس منا شرٌّ من المرجئة، ولا أرعَنَ من القدرية، ولا أجهل من الرافضة"، ثم قال لي: "ألا أحدثك بحديث؟ "، قلت: "بلى". قال: "أعلمك أنه وقع بيني وبين عفريت من الجنّ اختلافٌ في أبي بكر وعمر، فقال العفريت: "إن أبا بكر وعمر ظلما عليّ بن أبي طالب واعتديا عليه، وأخذا ما ليس لهما بحقّ، فقال لي: بمن ترضى؟ ". فقلت: "بإبليس، فأتينا إبليس وهو جالس على ساحل البحر على سرير من

_ 1 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 18 / ب، 19 / أ، وفي إسناده مجاهيل، وفضل الخلفاء الأربعة وعلوّ مكانتهم ومنزلتهم جاء فيه من الأحاديث الصحيحة الصريحة ما يغني عن مثل هذا الحكايات.

الخشب، فلما نظر إلينا ضحك وقهقه، وقال: "فيما جئتماني؟ "، فقصصنا عليه القصة، فقال: "ألا أحدثكم بحديث؟ "، قلنا: "بلى". قال: "أُعَلِّمُكُم أني عبدت الله عزوجل في السماء الدنيا ألف عام، فسميت فيها العابد، ورفعت إلى السماء الثانية، فعبدت الله فيها ألف عام، فسميت فيها الزاهد، ورفعت إلى السماء الثالثة، فعبدت الله فيها ألف عام، فسميت فيها الراغب، ثم رفعت إلى السماء الرابعة فرأيت فيها ألف صنف من الملائكة يستغفرون لأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ثم رفعت إلى السماء الخامسة، فرأيت فيها ألف صنف من الملائكة يلعنون مُلْعِنِي أبي بكر وعمر، فهذا قد رأيت، فإن شئتما فأحباهما، وإن شِئْتُمَا فأبغضاهما"1. / [136 / ب] 2. وذكر ابن الجوزي عن أبي المُحَيَّاة3 التيمي4 قال: حدّثني مؤذنعليّ5 قال: "خرجت أنا وعمي إلى مُكْرَان6، وكان معنا رجل يَسُبُّ أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - فنهيناه فلم ينتهِ، فقلنا: اعتزلنا، فلما دنا خروجنا نَدِمْنا، فقلنا: لو صحبنا حتى نرجع إلى الكوفة، فلقينا غلاماً له، فقلنا له: قل لمولاك يعود إلينا قال: "إن مولاي قد حدّث به أمر عظيم، قد مسخت

_ 1 إبراهيم المقدسي: فضائل الصحابة ق 308 / ب، 309 / أوفيهاطمس. 2 ق 36/ ب وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي. 3 في الأصل: (المحيا) . 4 يحيى بن يعلى التيمي، الكوفي، ثقة، من الثامنة. (التقريب ص 598) . 5 ابن أبي طالب. 6 في الأصل: (بكران) ، وهو تحريف. قال ياقوت في معجم البلدان 5/180: "وهي ولاية واسعة تشتمل على مدن وقرى، وهذه الولاية بين كرمان من غربيّها وسجستان شماليها، والبحر جنوبيها والهند في شرقيها.

يداه يدا خنزير، قال: فأتيناه فقلنا له: ارجع إلينا، فقال: "إنه قد حدث بيَ أمر عظيم"، وأخرج ذراعيه / [137 / ب] فإذا هما ذراعاً خنزير، قال: فصحبنا حتى انتهينا إلى قرية من قرى السواد كثيرة الخنازير فلما رآها صاح صيحة ووثب فمسخ خنزيراً1، وخفي علينا فجئنا بغلامه ومتاعه إلى الكوفة"2. قال أبو المحياة: وحدّثني رجل قال: "خرجنا في سفر ومعنا رجل يشتم أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - فنهيناه، فلم ينته، فخرج لبعض حاجته، فاجتمع عليه الدبر - يعين: الزنابير3 - فاستغاث، فأغثناه، فحملت علينا حتى تركناه، فما أقلعت عنه حتى قطعته"4. وعن خلف بن تميم5 قال: "سمعت بشيراً - ويكنى: أبا الخصيب6 قال: "كنت رجلاً تاجراً، وكنت موسراً، وكنت أسكن مدائنَ كسرى، وذلك

_ 1 في الأصل: (خنزير) . 2 ابن الجوزي: مناقب ص 254، 255، وابن أبي الدنيا: مجابو الدعوة ص 108، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 92، وهو ضعيف لجهالة شيخ أبي المحياة، وفيه - أيضاً - سويد بن سعيد الهروي، قال فيه الحافظ ابن حجر: "صدوق في نفسه إلاّ أنه عمي، فصار يتلقن ما ليس من حديثه، فأفحش فيه ابن معين القول. (التقريب ص 2690) . 3 الزنبور: الدبر وهي تؤنث والزنابير لغة وربما سميت النحلة زنبوراً والجمع: الزنابير. (حياة الحيوان للدميري 2/9) . 4 ابن أبي الدنيا: مجابو الدعوة ص 109، وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/233، وإسنادهما ضعيف لإبهام شيخ أبي المحياة، وفيه سويد بن سعيد، وهو ضعيف. وابن الجوزي: مناقب ص 255، بدون إسناده. 5 أبو عبد الرحمن الكوفي، نزيل المصيصة، صدوق عابد، من التاسعة، توفي سنة ستّ ومئتين. (التقريب ص 194) . 6 لم أجد له ترجمة.

في زمن ابن هبيرة1 قال: فأتاني أجيري فذكر أن في بعض خانات2 المدائن رجلاً قد مات، ولم يوجد له كفن، فأقبلت حتى دخلت ذلك الخان، فدفعت إلى رجل مُسَجَّى، وعلى بطنه لبنةٌ، ومعه نفرٌ من أصحابه، فذكروا من عبادته وفضله، [قال:] 3 فبعثتُ يُشْتَرى4 الكفن وغيره، وبعثت إلى حافر يحفر له، وهيّأ له لبناً، وجلسنا نُسَخِّن له ماء لنغسّله، فبينا نحن كذلك، إذ وثب الميتُ وثبةً فندرت اللبنة عن بطنه، وهو يدعو بالويل والثُّبورِ والنار، فتصدّع أصحابه عنه، قال: فدنوتُ منه حتى أخذت بعضده وهَزَزته، ثم قلت: ما أنت5 وما حالك؟ فقال: "صحبت مَشْيَخة من أهل الكوفة، فأدخلوني في دينهم، أو في رأيهم الشكّ من أبي الخصيب في سبّ أبي بكر وعمر والبراءة منهما"، قال: قلت: اسْتَغْفِر الله، ثم لا تعد. قال: فأجابني: "وما ينفعني، وقد انطُلِقَ بيَ إلى مدخلي من النار، فرأيته، وقيل لي: إنك سترجع إلى أصحابك، فتُحَدِّثُهم بما رأيت، ثم تعود إلى حالك؟ "، قال: فما انقضت كلمتُه حتى مال ميتا على حاله الأوّل، فانتظرت حتى أُتيتُ بالكفن، فأخذته، ثم قمت، فقلت: لا كَفَّنْتُهُ، ولا غَسَّلْتُهُ، ولا صَلَّيتُ عليه، ثم انصرفت، فأُخبِرتُ بعد أن القوم الذين كانوا معه كانوا على رأيه،

_ 1 عمرو بن هبيرة بن معاوية الفزاري الشامي، أمير العراقيين ووالد أميرها يزيد، كان ينوب ليزيد بن عبد الملك فعزله هشام، توفي سنة سبع مئة. تقريباً. (المعارف ص 408، سير أعلام النبلاء 4/562) . 2 الخان: الحانوت: فارسي معرب، وقيل: الخان الذي للتجار. (لسان العرب 13/146) . 3 سقط من الأصل. 4 في الأصل: (اشترى) ، وهو تحريف. 5 في المصادر: (ما رأيت) .

ولوا1 غسله، ودفنه، والصلاة عليه. وقالوا: "ما الذي أنكرتم من صاحبنا، إنما كانت خطفه من الشيطان تكلم بها على لسانه". قال خلف: فقلت: "يا أبا الخصيب هذا الذي حدّثتني به شهدته؟ "، قال: "نظر عيني وسماع أذني، وأنا أؤدّيه إلى الناس"2. وعن أبي الحُباب3 وهو عمّ عمار بن سيف الضبِي4 قال: "كنا في غزاةٍ في البحر وقائدنا موسى بن كعب5، ومعنا في المركب رجل من أهل الكوفة يكنى: أبا الحجاج، قال: فأقبل يشتمُ أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - فزجرناه فلم ينزجر، ونهيناه ولم ينته، فأرسينا إلى جزيرة في البحر، فتفرقنا فيها نتأهّبُ / [138 / أ] لصلاة الظهر، فأتانا صاحب لنا، فقال: "أدركوا أبا الحجاج فقد أكلتهُ النحلُ، فدفعنا إلى أبي الحجاج وهو ميت، وقد أكَلَتْهُ الدَّبْرُ - وهي: النحل -. قال6: وزادني في هذا الحديث ابن المبارك7: قال أبو الحباب: "فحفرنا له لندفنه فاستوعرت علينا الأرض، قال: "وما استوعرت؟ "، قال: صلبت8، فلم نقدر على أن نحفر له، فألقينا عليه ورق الشجر والحجارة، وتركناه".

_ 1 في النهي عن سبّ الأصحاب: (وولوا) ، وفي مناقب عمر: (وتولوا) . 2 ابن أبي الدنيا: من عاش بعد الموت ص 25، وإسناده حسن إلى بشير أبي الخصيب. الضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 90، 91، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1256، وابن الجوزي: مناقب ص 255، 256. 3 لم أجد له ترجمة. 4 أبو عبد الرحمن الكوفي، ضعيف الحديث عابد، توفي بعد الستّين ومئة. (التقريب ص 407) . 5 التميمي المرائي أحد النقباء في دولة بني العباس. 6 القائل: خلف بن تميم. 7 نجدة بن المبارك السلمي. (شرح أصول أهل السنة 4/1255) . 8 الصُّلب: المكان الغليظ المُحَجَّر. (القاموس ص 153) .

قال خلف: "وكان صاحب لنا يبول، فوقعت نحلة على ذكره، فلم تضره فعلمنا أنها مأمورة"1. وعن أبي الحسين أحمد بن عبد الله السوسنجردي2 قال: "كان في جوارنا رجل يقرأ القرآن، يعرف بأبي الحسن بن عرنة3، وكان يختلف إلى شيخنا أبي الحسن بن أبي عمر المقرئ4، فبات ليلة، وقد عمي، فسئل عن ذلك فقال: "كنت في مجلس في شارع باب الكوفة فذكر رجل بحضرة جماعة أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - بسوء، فما أنكرت، وكنت قادراً على الإنكار، فلما كان الليل رأيت عليّاً بن أبي طالب رضي الله عنه في النوم، فقال لي: "لم لا تنكر على من ذكرهما بسوء؟ "، فضرب رأسي بمرزبة فأصبحت أعمى"5. وعن محمّد بن عليّ السمان6 قال: "سمعت رضوان السمان7 قال: "كان لي جار في منزلي وسوقي، وكان يشتم أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - قال: فكثر الكلام بيني وبينه، فلما كان ذات ليلة شتمهما وأنا حاضر، حتى وقع بيني وبينه كلام، حتى تناولني وتناولته، فانصرفت إلى منزلي وأنا

_ 1 ابن الجوزي: مناقب ص 256، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 97، 98، وفيه أبو الحباب، لم أجد له ترجمة. واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1255، عن عمير أبي الحباب عن عمار بن سيف الضبي. 2 ثقة، حسن الاعتقاد، شديداً في السنة، توفي سنة اثنتين وأربع مئة. (تاريخ بغداد 4/237) . 3 لم أجد له ترجمة. 4 لم أجد له ترجمة. 5 ابن الجوزي: مناقب ص 256، بدون إسناد. 6 لم أجد له ترجمة. 7 لم أجد له ترجمة.

مغموم حزين، ألوم نفسي، قال: فنمت، وتركت العشاء من الغم، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي في ليلتي، فقلت له: يا رسول الله، فلان جاري في منْزلي وفي سوقي، هو يعيب أصحابك، قال: "من أصحابي؟ "، فقلت: أبا بكر وعمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذ هذه المدية فاذبحه بها". قال: فأخذته فأضجعته فذبحته، فرأيت كأن يدي أصابها من دمه، قال: فألقيت المدية وأوهيت بيدي إلى الأرض أمسحها، فانتبهت، وأنا أسمع الصراخ من نحو داره، قلت: انظروا ما هذا الصراخ؟، قالوا: فلان مات فجأة، فلما أصبحنا نظرت إليه فإذا خطّ في موضع الذبح"1. وقال أبو بكر بن عبيدة2: وحدّثني أبو بكر الصّيْرَفي3 قال: مات رجل كان يشتم أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - ويرى رأي جهم4، فأريه رجل في النوم كأنه عريان على رأسه خرقة سوداء وعلى عورته أخرى، قال: "ما فعل الله بك؟ "، قال: "جعلني مع بكر القصّ، وعون بن الأعسر، وهما نصرانيان"5. وعن المعافي بن عمران6 قال: "قال سفيان الثوري: "كنت امرءًا أغدو إلى الصلاة بغلسٍ، فغدوت ذات يوم، وكان لنا جار له كلب عقور،

_ 1 عبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/299، وفي إسناده محمّد بن عليّ السمان، ورضوان السمان لم أجدهما. وابن الجوزي: مناقب ص 257. 2 لم أجد له ترجمة. 3 يعقوب بن أحمد النيسابوري، قال الذهبي: "كان صحيح الأصول مُحتَشِماً، توفي سنة ستّ وسّتين وأربع مئة. (تذكرة الحفاظ 3/1160، سير أعلام النبلاء 18/245) . 4 جهم بن صفوان السمرقندي، مولى بني راسب، أخذ الكلام عن الجعد بن درهم، أظهر مذهبه في ترمذ، وخرج مع اليمانية، فقتله سلم بن أحوز المازني التميمي. رحمه الله سنة128هـ (انظر البداية والنهاية9/364، 10/19، 28، تاريخ الجهمية ص7) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 257. 6 الأزدي الموصلي، ثقة عابد فقيه، توفي سنة خمس وثمانين ومئة. (التقريب ص 537) .

فجعلتُ أنظر حتى يتنحى، فقال الكلب: "جز يا أبا عبد الله فإنما أمرتُ بمن / [138 / ب] يشتم أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما -"1. وعن أبي روح2 رجل من الشيعة قال: "كنا بمكة في المسجد الحرام قعوداً3، فقدم رجل نصف وجهه أسود، ونصف وجهه أبيض، فقال: "أيها الناس اعتبروا بيَ، فإني كنت امرءاً أتناول4 الشيخين أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - أسبهما، فبينا أنا ذات ليلة في منامي إذ أتاني آتٍ، فرفع يده فلطم حرّ وجهي وقال لي: "يا عدوّ الله، يا فاسق، أتسبّ الشيخين: أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما -؟ فأصبحت وأنا على هذه الحال"5. وعن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة6 قال: كان لنا جار طحان رافضي، وكان له بغلان، سمى أحدهما أبا بكر والآخر عمر، فرمحه ذات ليلة أحدهما فقلته، فأخبر أبو حنيفة فقال: "البغل الذي رمحه الذي سماه عمر، فنظروا فكان كذلك"7. وعن يوسف بن إبراهيم بن الحسن الخياط8 شيخٌ صالح قال: "كان في

_ 1 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1258، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 112. 2 لم أجد له ترجمة. 3 في الأصل: (قعود) . 4 في الأصل: (تناول) . 5 ابن الجوزي: مناقب ص 257، 258، بدون إسناد. 6 الكوفي القاضي، تكلموا فيه، من التاسعة. توفي في خلافة المأمون. (التقريب ص 107) . 7 ابن الجوزي: مناقب ص 258، بدون إسناد. 8 لم أجد له ترجمة.

الجانب الشرقي في وقت أبي الحسن بن بويه12، رجل ديلمي من قواده، ويسمى جبنه3 مشهور من وجوه عسكره، فبينا هو واقف يوماً في موسم الحجّ ببغداد، وقد أخذ الناس في الخروج إلى مكّة، إذ عبر به رجل يعرف بعليّ الدقاق، قال: يوسف: هو حدّثني بهذه القصة وشرحها، إذ كان هو صاحبها والمبتلى بها، وكنت أسمع غيره من الناس يذكرونها لشهرتها، إلا أنّي سمعته يقول: عبرت على جنبه فقال لي: "يا عليّ هو ذا الحجّ هذه السنة". فقلت: لم يتفق لي حجة إلى4 الآن، وأنا في طلبها، فقال لي جواباً عن كلامي: "أنا أعطيك حجة"، فقلت له: هاتها، فقال: "يا غلام مرّ إلى الصيرفي وقل له: يزن له عشرين ديناراً"، فمررت مع غلامه فوزن لي عشرين ديناراً فرجعت إليه، فقال لي: "أصلح أمورك، فإذا عزمت على الرحيل فأرني وجهك لأوصيك بوصية، فانصرفت عنه وهيأت أموري ورجعت إليه فقال لي: "أولا قد وهبت هذه الحجة لك ولا حاجة لي بها، ولكن أحملك رسالة إلى محمّد"، فقلت: ما هي؟. قال: "قل له: أنا بريء من صاحبيك أبي بكر وعمر اللذين معك"، ثم حلفني بالطلاق لتقولنها وتبلغن هذه الرسالة إليه، فورد عليّ مورد عظيم، وخرجت من عنده مهموماً حزيناً، وحججت ودخلت المدينة، وزرت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرت متردداً في الرسالة أبلغها

_ 1 في الأصل: (توبه) ، وهو تصحيف. 2 أحمد بن بويه الديلمي، معز الدولة، الذي أظهر الرفض، فلما أحسّ بالموت أظهر التوبة. ورد كثيراً من المظالم، ورجع إلى السنة ومتابعتها، توفي سنة ستّ وخمسين وثلاث مئة. (البداية والنهاية 6/279) . 3 في الأصل غير منقوط، والمثبت من شرح أصول أهل السنة. 4 في السنة، ومناقب عمر: (إلا) .

أم لا أبلغها. [و] 1 فكرت أني إن لم أبلغها طلقت امرأتي، وإن بلغتها عظمت عليّ مما أواجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستخرت الله عزوجل في القول وقلت: إن فلاناً بن فلان يقول كذا وكذا وأديت الرسالة بعينها، واغتممت غمّاً شديداً / [139 / أ] وتنحيت ناحية، فغلبتني عيناي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "قد سمعت الرسالة التي أديتها، فإذا رجعت فقل له: يا عدوّ الله أبشر بيوم التاسع والعشرين من قدومك بغداد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك: أبشر بنار جهنم" وقمت، وخرجت، ورجعت إلى بغداد، فلما عبرت إلى الجانب الشرقي، فكرت أن هذا رجل سوء بلغت رسالته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أبلغ إليه رسالته، وما هو إلاّ أن أخبره، فيأمر بقتلي أو يقتلني بيده، وأخذت أقدم وأؤخر، وقلت: لأقولنّها ولو كان فيها قتلي، ولا أكتم رسالته صلى الله عليه وسلم وأخالف أمره، فدخلت عليه قبل الدخول على أهلي، فما هو إلاّ أن وقعت عينه عليّ، فقال: "يا دقاق ما عملت في الرسالة؟ "، قلت: أديتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن قد حملني جوابها، قال: "وما هو؟ "، فقصصت عليه رؤياي، فنظر إليّ وقال: "إن قتلَ مثلك عليّ هين وسبّ وشتم، وكان في يده زوبين2 فهزّه في جوهي ولكن لأتركنك إلى اليوم الذي ذكرته، ولأقتلنك بهذا الزوبين". ولامني الحاضرون، وقال لغلامه: "أحبسه في الإصطبل3 وقيده". فَحُبِست وقُيدت، وجاءني أهلي وبكوا عليّ ولاموني، فقلت: قضى الذي كان ولا أموت إلا بأجل، فلم تزل تمرّ الأيام والناس

_ 1 سقط من الأصل. 2 هكذا في الأصل والسنة، وفي مناقب عمر: (زوتين) . 3 الإصطبل: موقف الدّواب. (القاموس ص 1242) .

يتفقدوني ويرحموني مما أنا فيه، حتى مضت سبعة وعشرون يوماً، فلما كانت الليلة الثامنة والعشرون اتخذ الديلمي دعوة عظيمة، وأحضر فيها وجوه قواد العسكر، وجلس معهم للشرب فلما كان نصف الليل جاءني السائس فقال لي: "يا دقاق القائد قد أخذته حمى عظيمة وقد تدثر1 بجميع ما في الدار وهو ينتفض". وكان على حالته اليوم الثامن والعشرين، وأمسى ليلة التاسع والعشرين، ودخل السائس نصف الليل وقال: "يا دقاق مات القائد". وحل عني القيد، فلما أصبحنا اجتمع الناس من كل وجه، وجلس القواد للعزاء، وأخرجت أنا، فاستعادني2 الناس فقصصت عليهم، فرجع جماعة كثيرة عن مذاهبهم الردية، وخليت أنا"3. وعن زائدة بن قدامة4 قال: قلت لمنصور بن المُعْتَمِر5: "اليوم الذي أصومه أقع في الأمراء؟، قال: "لا". قلت: "فأقع فيمن يتناول أبا بكر وعمر؟ "، قال: "نعم"6. وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: قلت لأبي: "لو سمعت رجلاً

_ 1 تَدَثَّرَ: أي: تلفّف في الدّثار. (لسان العرب 4/276) . 2 استَعَدْتُه الشيء فأعادَه إذا سألته أن يفعله ثانياً. (لسان العرب 3/317) . 3 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1258، 1259، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 94، 95، ومداره على أبي بكر بن أبي الطيب ولم أجد له ترجمة. ابن الجوزي: مناقب ص 258، 259. 4 الثقفي، ثقة، ثبت، صاحب سنة، من السابعة. توفي سنة ستّين ومئة. وقيل: بعدها. (التقريب ص 213) . 5 السُّلمي الكوفي، ثقة ثبت، وكان لا يدلس، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومئة. (التقريب ص 547) . 6 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1266، وفي إسناده إسحاق بن بشر، وهو متروك الحديث. (ميزان الاعتدال 1/184) .

يسبّ أبا بكر وعمر ما كنت تصنع؟ قال: "كنت أضرب عنقه"1. وعن محمّد بن يحيى الواسطي، قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: "ههنا قوم يشتمون أبا بكر وعمر وهما مني / [139 / ب] بمنزلة هاتين وقرن بين إصبعيه المسبحة والوسطى فمن شتمهما فقد شتمني"2. وذكر أبو القاسم الأصفهاني في "سيرة السلف"، قال المهدي3: "ما فتشت رافضيّاً قطّ إلاّ وجدته زنديقاً"4. وقال طلحة بن مُصَرِّف5: "لولا أني على وضوء لخبرتك ببعض ما [تقول] 6 الشيعة"7. وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: قلت لأبي: "لو أتيت برجل يسبّ أبا بكر رضي الله عنه ما كنت صانعاً؟ قال: "أضرب عنقه". قلت: فعمر؟ قال: "أضرب عنقه"8. وقال مسلم البطين9:

_ 1 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1261، بدون إسناد، وابن الجوزي: مناقب ص 260، بدون إسناد. وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 151، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 86، وإسناده حسن، وابن قتيبة: الصار المسلول ص 589. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 260، بدون إسناد. 3 محمّد بن عبد الله العباسي الهاشمي الخليفة العباسي. (سير أعلام النبلاء 7/400) . 4 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 91، اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1267) . 5 اليامي الكوفي، ثقة قارئ فاضل، توفي سنة عشرة ومئة. (التقريب ص 283) . 6 مطموس في الأصل. 7 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص91، اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1269. 8 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 92، وقد سبق تخريجه ص 1117. 9 ابن عمران، ويقال: ابن أبي عمران، أبو عبد الله الكوفي، ثقة. (التقريب ص 530) .

أنى تعاتب لا أبا لك رفقة ... علقوا الفِرَى وبروا من الصديق وبروا سفاهاً من وزير نبيهم ... تبّاً لمن يتبرأ من الفاروق1 وذكر أبو القاسم الأصفهاني قال: "بلغ عليّاً رضي الله عنه أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر-رضي الله عنهما-فدعا به، ودعا له بالسيف، وهم بقتله، فكلم فيه، فقال: لا يساكني ببلدة أنا فيها، فسيره إلى المدائن"2. وسمعت بعضهم يخبر: أن قيم حمام حلق رأس شخص ثم أراد أن يحك رجليه فوجد في أسفل رجله أبا بكر وعمر، فقال له: "ألا أحلق لك تحت لحيتك؟ "، ولم يكن في الحمام غيرهما، قال: "نعم". فذبحه، ثم فزع وخرج، فدخل شخص فوجده خنزيراً، فقال: "ما هذا الخنزير الذي في الحمام؟ "، فدخلوا إليه فوجدوه قد صار في صورة خنزيرٍ، أو ما هذا معناه". وأُخْبِرْتُ: أنه قطّ ما قتل سني أحداً منهم ولا خاف إلاّ وحول الرافضي خنزيراً. وأخبرت أن عامتهم يتحولون في قبورهم كذلك. فصل الرافضة لا يتركون على بدعتهم، ومن علم به منهم استتيب فإن تاب وإلاّ قتل، لأنهم كفار، وكفرهم بأشياء منها:

_ 1 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 141، ابن أبي عاصم: السنة 2/484، 485، وإسناده صحيح. الطبري: تهذيب الآثار رقم: 1001، اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1329، قال الألباني: "إسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال الشيخين". 2 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 162، والعشاري: فضائل الصديق ص 9، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1264.

تكذيبهم لله ورسوله، فيما أخبر به من فضل أبي بكر وعمر، ومن تركهم على بدعتهم فهو فاسق. واختلف في تكفير من لم يكفرهم، وقد ذكرنا الكلام على هذا في "فضائل أبي بكر" وما شابهت الرافضة اليهود فيه1. وفي "مسند الإمام أحمد" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام" 2. / ب 140 / أ] .

_ 1 قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما من اقترن بسبّه دعوى أن عليّاً إله، أو أنه كان هو النبي وإنما غلط جبريل في الرسالة، فهذا لا شكّ في كفره، بل لا شكّ في كفر من توقف في تكفيره. . . وأما من سبّهم سبّاً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، - مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم، أو عدم الزهد، ونحو ذلك - فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك. وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم. وأما من لعن وقبّح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم، لتردد الأمر بين لعن الغليظ ولعن الاعتقاد. وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدّوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ نفراً قليلاً لا يبلغون بعضة عشر نفساً، أو أنّهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره؛ لأنه مكذّب لما نصّه القرآن في غير موضع: من الرضي عنهم والثناء عليهم، بل من يشكّ في كفر مثل هذا فإن كفره متعيّن، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب أو السنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي: {كُنْتُم خيرَ أمَّةٍ أُخْرِجَت للنَّاس} وخيرها هو القرن الأوّل، كان عامتهم كفاراً أو فساقاً، ومضمونها أن هذه الأمّة شرّ الأمم وأن سابقي هذه الأمّة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام". (الصارم المسلول ص 586، خلق أفعال العباد ص 13) . 2 عبد الله بن أحمد في زيادته على المسند 1/103، والسنة 2/546، وإسناده ضعيف فيه يحيى بن المتوكل وكثير النواء، وهما ضعيفان. (التقريب رقم: 5605، 7633) ، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 808.

الباب السادس والتسعون: أنه من أعلى أهل الجنة منزلة

الباب السادس والتسعون: أنه من أعلى أهل الجنة منزلة ... الباب السادس والتسعون: في ذكر أنّه من أعلى أهل الجنة منزلةً روى الترمذي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ أهل الدرجات العُلى ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أفق السماء، وإنّ أبا بكر وعمر منهم وأنعُما". وقال: "حديث حسن"1. وذكره ابن الجوزي من طرق إحداها عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الدرجات ليراهم من تحتهم كما يُرى الكوكب الطالع من أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعُما" 2. ومن طريق آخر عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الدرجات العُلى كما يتراءى أهل الدنيا الكوكب الدّرِّي في

_ 1 الترمذي: السنن 5/607، أحمد: المسند 3/50، 93، وفضائل الصحابة 1/168، وأبو داود: السنن 4/34، وابن أبي عاصم: السنة 2/616، والطبراني: الصغير 1/128، 206، وابن عدي: الكامل 5/2007، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/394، 3/195، وعبد الغني المقدسي: فضائل عمر جـ 2 / 65 ق 2، كلهم عن عطية العوفي عن أبي سعيد. وقد تابع عطية أبو الوداك، أخرجها أحمد: المسند 3/26، 61، الفضائل 1/170، أبو يعلى: المسند 2/461، ابن حبان: المجروحين 3/11، فيكون الحديث حسناً لغيره. وله شاهد أخرجه الطبراني: المعجم الكبير 2/284، وفي إسناده الربيع بن سهل الواسطي. قال والهيثمي: مجمع الزوائد 9/54: "وفيه الربيع بن سهل الواسطي لم أعرفه". والحديث صحّحه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي3/199، وصحيح الجامع الصغير وزيادته2/187، 188. 2 ابن الجوزي: مناقب ص 33، الترمذي: السنن 5/607.

في السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعُما" 1. ومن طريق آخر عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الجنة ليَرَونَ أهل عليين كما ترون الكوكب الدّرِّي في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما" 2. ومن طريق آخر: "إن أهل عليين ينظر إليهم من أسفل منهم كما ينظر الكوكب الدّرِّي في جوّ السماء، وأن أبا بكر وعمر منهم وأنعما" 3. ورواه الشيخ موفق الدين عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الدرجات العُلى ليراهم من تحتهم كما يرى الكوكب الدّرِّيّ في أفق من آفاق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما". قال: "ومعناه: أنهما زادا على ذلك"45. ورواه إبراهيم بن عبد الرحمن المقدسي في "فضائل الصحابة" له عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الدرجات العُلى لينظرون من هو أسفل منهم كما ترون الكوكب الدّرِّي في أفق السماء أبا بكر وعمر منهم وأنعما" 6.

_ 1 لم أجده بهذا اللفظ. 2 ابن الجوزي: مناقب ص33، وأحمد: فضائل الصحابة1/169، 170، والمسند3/61. 3 ابن الجوزي: مناقب ص33، والقطيعي بنحوه: زيادته علىفضائل الصحابةلأحمد1/149. 4 قال المناوي في الفيض 2/435: "أي: زاد في الرّتبة وتجاوز تلك المنزلة". 5 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 28 / ب، وأحمد: المسند 3/93. 6 إبراهيم المقدسي: فضائل الصحابة ق 304 / ب، 305 / أ.

الباب السابع والتسعون: أنه أول من تنشق عنه الأرض

الباب السابع والتسعون: أنه أول من تنشق عنه الأرض ... الباب السابع والتسعون: في ذكر أنّه من أوّل من تنشقّ عنه الأرض روى التّرمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أوّل من تنشقّ عنه الأرض ثم أبو بكر ثم عمر، ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي، ثم أنتظر أهل مكّة حتى أحشرَ بين الحرمين". وقال: حديث حسن غريب رواه عاصم بن عمر العمري قال الترمذي: "ليس عندي بالحافظ"1. ورواه أبو عثمان سعيد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن جعفر البحيري2 في "فوائده" عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوّل من تنشقّ عنه الأرض أنا، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم آتي أهل البقيع فتنشقّ عنهم ثم أنتظر أهل مكّة فتنشقّ / [104 / ب] عنهم فأبعث بينهم" 3. وفي (أحاديث أبي الطاهر) محمّد بن أحمد بن أحمد الذُّهْلي القاضي4 عن

_ 1 الترمذي: السنن 5/622، والقطيعي: زيادته على فضائل الصحابة 1/150، وابن حبان كما في مورد الظمآن ص 539، ومدار الحديث عندهم على عاصم بن عمر، وهو ضعيف. قال المناوي في فيض القدير 3/41: "أورده ابن الجوزي في الواهيات. وقال: لا يصح. ومداره على عبد الله بن نافع. قال يحيى: "ليس بشيء". وقال عليّ: "يروي أحاديث منكرة". وقال النسائي: "متروك". وضعّفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي ص 494. وضعيف الجامع الصغير 2/9. 2 شيخ كبير، ثقة في الحديث، توفي سنة إحدى وخمسين وأربع مئة. (سير أعلام النبلاء 18/103) . 3 لم أجده في فوائد أبي عثمان سعيد بن محمّد البحيري، والحديث سبق تخريجه. 4 البغدادي المالكي، قاضي الديار المصرية، ثقة في الحديث، توفي سنة سبع وستّين وثلاث مئة. (الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد1/313، سير أعلام النبلاء16/204) .

أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوّل من يصافح الحقّ عمر، وأوّل من يسلم عليه، وأوّل من يأخذ بيده يدخله الجنة" 1. وفي "أمالي الجوهري" عن عبد خير قال: قلت لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين من أوّل الناس دخولاً الجنة بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: "أبو بكر وعمر". قلت: يا أمير المؤمنين، يدخلان قبلك؟ قال: "إي والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنهما ليأكلان من ثمارها ويتكآن على فرشها"2.

_ 1 ابن ماجه: السنن 1/39، ابن أبي عاصم: السنن 2/580، القطيعي: زيادته على فضائل الصحابة 1/408، وابن الجوزي: العلل المنتاهية 1/192، وضعّفه بداود بن عطاء، وداود بن عطاء ضعيف. (التقريب رقم: 1801) . والحاكم: المستدرك 3/84، من طريق آخر عن أبي سعيد عن أبي، قال الذهبي في تخليصه: "موضوع وفي إسناده كذاب". وقال في الميزان 2/12: "هذا منكر جدّاً". وضعّفه الألباني. (ضعيف الجامع الصغير 2/240) . 2 سبق تخريجه ص 282.

الباب الثامن والتسعون: أنه لم يبل في قبره

الباب الثامن والتسعون: أنه لم يبل في قبره ... الباب الثامن والتسعون: في ذكر أنّه لم يبل في قبره قال الله عزوجل: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَات بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} [البقرة: 154] ، وقال: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عَنْدَ رَبِّهِم يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] . وقد اختلف العلماء فيمن قتل مظلوماً هل هو كمن قتل في سبيل الله أم لا؟. فإحدى الروايتين عن أحمد: أنه كمن قتل في سبيل الله في معركة الكفار في جميع أحكامه من الشهادة1 وغيرها2. وفي الصحيح عن هشام بن عروة عن أبيه: لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه فبدت لهم قدمٌ، ففزعوا وظنُّوا أنّها قدم النبي صلى الله عليه وسلم فما وجدوا أحداً يعلم ذلك، حتى قال لهم عروة: "لا والله، ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلاّ قدم عمر رضي الله عنه"3. وذكره ابن الجوزي عن هشام بن عروة ولفظه: "لما سقط عنهم - يعني: قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، رضي الله عنهما - في زمن الوليد ابن عبد الملك. فذكره"4. وذلك لأنه قتلَ شهيداً، وغالب الشهداء لا تأكلهم الأرض.

_ 1 في الأصل: (الشهداه) ، وهو تحريف. 2 ابن قدامة: المغني 3/475، 486، المرداوي: الإنصاف 2/503. 3 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/476، رقم: 1326. 4 ابن الجوزي: مناقب ص 232، بدون إسناد. وسبق ص 1003.

وقد ورد في ذلك أشياء، منها: قصة عبد الله بن الثّامر1 لما حفر بعض أهل نجران خرب لبعض شأنه، فوجده جالساً في رأسه شجّه2 يسيل منها الدم، وهو واضع يده عليها، فإذا أخرت يده تثعب3 الدم وإذا تركت يده ردّها فوضعها عليها، فكتبوا في ذلك إلى عمر رضي الله عنه فكتب إليه: ردّوا التراب كما كان واتركوه على حاله"4. وأخبرني بعض شيوخنا عن حفَّارٍ كان بالصّاليحة5 قال لي: "من عدة ستين سنة أرى في قبر ميتا عليه كفنه كما هو". وأخبرني جماعة: أنه حفر في الكهف الذي بالصالحية في مكان فوجد جماعة موتى على هيأتهم لم يتغيّروا، بثيابهم، على هيئة العرب. فبعض أصحابنا يظن أنهم ممن قتل بالشام من الصحابة. / [141 / أ] .

_ 1 انظر: قصّته في ابن هشام: السيرة النبوية 1/71. 2 الشجّ: كسر الرأس. (لسان العرب 2/304) . 3 ثعب: جرى وسال. (لسان العرب 1/236) . 4 ابن هشام 1/75، ابن كثير: التفسير 8/391. 5 الصالحية: قرية كبيرة ذات أسواق وجامع في لحف جبل قاسيون من غوطة دمشق وفيها قبور جماعة من الصالحين، وأكثر أهلها ناقلة البيت المقدسي على مذهب أحمد ابن حنبل. (معجم البلدان 3/390) .

الباب التاسع والتسعون: رؤيته في النوم

الباب التاسع والتسعون: رؤيته في النوم ... الباب التاسع والتسعون: في رؤيته في النّوم في مسند الإمام أحمد أن عثمان رضي الله عنه قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، ورأيت أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - وإنهم قالوا لي: اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة"1. قال بعض علماء التعبير: "من رأى واحداً من الصحابة أو جميعهم أحياء دلّت رؤياه على قوّة الدين وأهله، وأن صاحب الرؤيا ينال عزّاً وشرفاً، ويعلو2 أمره. فإن رأى كأنه صار واحداً منهم نالته شدائد، ورزق الظفر، فإن رآهم مراراً ضاقت معيشته. قال بعضهم: "ومن رأى عمر رضي الله عنه أكرم بالصلابة في الدين والعدل في الأفعال والأقوال، وحسن السيرة فيمن تحت يده". وقال - أظن ابن سيرين -: "من رآه في أرض بها جدب3 أو قحط، مطرت مطرَ جُودٍ، وكان بها بركات وفتوحات، لما كان على يديه وفي أيامه، وإن كانوا على أثر هلاك إمامهم، أقام الله لهم من يقوم بعد مقامه، وإن كانوا

_ 1 عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 1/388، وأبو عرب: المحن ص 64، وأبو يعلى كما في المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي ق 164 / أ، وابن الأثير: أسد الغابة 3/490، وابن عساكر: تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) ص 393، جميعهم عن مسلم أبي سعيد سكت عنه البخاري، ووثقه ابن حبان. (التاريخ الكبي 7/262، الثقت 5/394) . قال الهيثمي: مجمع الزوائد 7/232: "رواه عبد الله وأبو يعلى في الكبير، ورجالهما ثقات". وصحّح إسناده أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 526. 2 في الأصل: (ويعلوا) . 3 في الأصل: (جذب) ، وهو تصحيف.

في جورٍ رزقوا العدل، فإن رآه ضربه بدرته أو توعده بعقوبة فلينزع عما هو عليه، وربما نزل به ذلك من قاضي وقته أو سلطان بلده، وأما من لبس ثوبه أو عادت1 صفته أعطه2 من حاله ما يليق من زيادة مناه وقد يموت شهيداً أو مقتولاً. والله أعلم".

_ 1 هكذا في الأصل. 2 هكذا في الأصل، ولعلها: (أعطي) ، أو (أعطاه) .

الباب المئة: نبذ متفرقة عنه

الباب المئة: نبذ متفرقة عنه ... الباب المائة: في نبذ متفرقة فيه في الصحيح عن حذيفة: أن عمر بن الخطّاب قال: "أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ "، فقال حذيفة: أنا كما قال، قال: "هات إنك لجرئ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". قال: "ليست هذه، ولكن التي تموج كموج البحر". قال: يا أمير المؤمنين، لا بأس عليك منها، إن بينك وبينها باباً مغلقاً، قال: "يفتح الباب أو يكسر؟ "، قال: لا، بل يكسر، قال: "ذاك أحرى أن لا يُغلق"، قلنا: "علم عمر الباب؟ "، قال: نعم. كما أن دون غدٍ ليلة إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط، فهبنا أن نسأله، وأمرنا مسروقاً1 فسأله، فقال: "من الباب؟ "، فقال: عمر"2. وعن أبي هريرة رضي الله غنه قال: "أصابني جهد شديد، فلقيت عمر بن الخطّاب رضي الله غنه فاسْتَقْرَأْتُهُ آيةً من كتاب الله، فَدَخَلَ داره وفَتَحَها عليَّ فمشيتُ غير بعيدٍ فخررتُ لوجهي من الجهدِ والجوع، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ على رأسي فقال: "أباهر؟ "، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، فأخذ بيدي فأقامني، وعرف / [141 / ب] الذي بيَ، فانطلق بيَ إلى رحله، وأمر لي بعُسٍّ من لبنٍ فشربتُهُ منه، ثم قال: "عُدْ"، فعدت فشربت منه

_ 1 مسروق بن الأجدع. 2 البخاري: الصحيح، كتاب المناقب 3/1314، رقم: 3393، مسلم: الصحيح، كتاب الفتن وأشراط الساعة، 4/2218، رقم: 144.

حتى استوى بطني فصار كالقدْحِ1، قال: فلقيت عمر فذكرت له الذي كان من أمري، فقلت له: تولّى ذلك من كان أحقَّ به منك يا عمرُ، والله لقد استقرأتُك الآية وأنا أقرأها لها منك، فقال عمر: "والله لأن أكون أدخلتك أحبّ إليَّ من أن يكون ليّ مثل حُمْر النَّعَم"2. العسّ: هو القدح الضخم3. وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبي بكر4 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن ربّي أعطاني سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب". فقال عمر: "يا رسول الله فهلاّ استزدته؟ "5، قال: "قد استزدته فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفاً"، قال عمر: فهلاّ استزدته. قال: "قد استزدته، فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفاً"، قال عمر: "فهلاّ استزدته؟ "، قال: "قد استزدته فأعطاني هكذا"، وفرّج عبد الله بن بكر6 بين يديه، وقال عبد الله7: "وبسط باعيه، وحثا عبد الله8، وقال هشام9: "وهذا

_ 1 القدح: السهمُ قبل أن يُراشَ ويُنصلَ. (القاموس ص 301) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب الأطعمة 5/2055، رقم: 5060. 3 انظر: القاموس ص 719. 4 الصّديق، شقيق عائشة، أسلم قبيل الفتح، توفي سنة ثلاث وخمسين فجاءة، وقيل: بعد ذلك. (التقريب ص 337) . 5 مطموس في الأصل، سوى (استزد) . 6 السهمي الباهلي البصري، نزيل بغداد، ثقة، توفي في المحرم سنة ثمان ومئتين. (التقريب ص 3234) . 7 ابن بكر. 8 ابن بكر. 9 ابن حسان الأزدي القُردُوسي، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، من السادسة، توفي سنة سبع - أو ثمان - وأربعين ومئة. (التقريب ص 752) .

من الله يُدْرَى ما عدَدُه؟ "1. وفيه عن عروة أن عبد الرحمن بن عوف قال: "أقطعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، فذهب الزبير إلى آل عمر، فاشترى نصيبه منهم، فأتى عثمان بن عفان فقال: "إن عبد الرحمن بن عوف زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، وإني اشتريت نصيب آل عمر". فقال عثمان بن عفان: " [عبد الرحمن] 2 جائز الشهادة له وعليه"3. وفيه عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: "سمع عمر بن الخطّاب صوت ابن المُغْتَرف، أو ابن الغَرِف الحادي في جوف الليل، ونحن منطلقون إلى مكّة فأوضع عمر رضي الله عنه راحلته حتى دخل مع القوم، فإذا هو مع عبد الرحمن، لما طلع الفجر، قال عمر: "هيء الآن، اسكت اسكت الآن قد طلع الفجر، اذكروا الله". قال: ثم أبصر على عبد الرحمن خفين قال: "وخفان؟! "، فقال: "قد لبستهما مع من هو خير منك، أو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر:

_ 1 أحمد: المسند 3/155، 156، وإسناده ضعيف، فيه القاسم بن مهران مجهول الحال. وقال الهيثمي: "رواه أحمد والبزار بنحوه، والطبراني بنحوه، وفي أسانيدهم القاسم بن مهران عن موسى بن عبيد وموسى بن عبيد هذا هو مولى خالد بن عبد الله بن أسيد، ذكره ابن حبان في الثقات، والقاسم بن مهران ذكره الذهبي في الميزان، وأنه لم يرو عنه إلاّ سليم بن عمرو النخعي، وليس كذلك. فقد روى عنه هذا الحديث هشام بن حسان، وباقي رجال إسناده محتج بهم في الصحيح". (مجمع الزوائد 10/411) . 2 سقط من الأصل. 3 أحمد: المسند 3/133، وإسناده صحيح. وصحّح أحمد شاكر إسناده في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 1670.

"عزمت عليك إلا نزعتهما، فإني أخاف أن ينظر الناس فيقتدون بك"1. وفيه عن طلحة بن عبيد الله أن عمر رآه كئيباً فقال له: "ما لك يا أبا محمّد كئيباً؟، لعلك ساءتك إمارة ابن عمك؟ "، - يعني: أبا بكر - قال: لا، وأثنى على أبي بكر، ولكني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا فرّج الله عنه كربته وأشرق لونه"، فما منعني أن أسأله عنها إلاّ القدرة عليها حتى مات، فقال له عمر: "إني لأعلمها"، فقال له طلحة: "وما هي؟ "، فقال له عمر: "هل تعلم كلمة هي أعظم من كلمة أمر بها عمّه: "لا إله إلاّ الله؟ "، فقال طلحة: "هي والله هي"2. / [142 / أ] . فصل ذكر جماعة أنّ كُتَّابَ عُمَرَ عَبْدُ الله بن خلف الخزاعي3، وزيدٌ بن ثابت، وعلى بيت المال عبد الله4 بن أرقم5، وأن قُضَاته يزيد بن أخت النمر بالمدينة، وأبو أمية شريح بن الحارث الكندي بالكوفة6. ويقال: إن شريحاً أقام قاضياً خمساً وسبعين سنة، إلى أيام الحجاج، تعطل منها ثلاث سنين، وامتنع من الحكم، وذلك في فتنة ابن الزبير، ولما

_ 1 سبق تخريجه ص 449. 2 أحمد: المسند 2/360 وإسناده صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 1386. 3 كان كاتب عمر على ديوان البصرة، وشهد وقعة الجمل مع عائشة، فقتل. (الإصابة4/62) . 4 في الأصل: (زيد) ، وهو تحريف. 5 خليفة: التاريخ ص 156، محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / ب. 6 خليفة: التاريخ ص 155.

ولي الحجاج استعفاه فأعفاه1. وقال أبو بشر الدّولابي2: "إنه أقام قاضياً ستّين سنة، ومات سنة سبع وثمانين وله مئة سنة"3. وقال غيره: "مات سنة تسع وسبعين، وله مئة وعشرون سنة"4. وروي عن شريح-رحمه الله-أنه كان إذا أحرم كأنّه حيّة صَمَّاء5. وكان الأمير بمصر أبو عبد الله عمرو بن العاص السهمي، ثم صرف عن الصعيد وردت إمرته إلى عبد الله بن سعد6 بن أبي سرح العامري7. وكان القاضي بمصر قيس بن أبي العاص السهمي8، ثم كعب ابن يسار بن ضنة9، ثم عثمان بن قيس بن أبي العاص السهمي10"11.

_ 1 انظر: وكيع: أخبار القضاء2/392، 397، محمّد بن سلامة: عيون المعارفق 56/ أ. 2 محمّد بن أحمد الأنصاري الدّولابي الرازي، توفي سنة عشر وثلاث مئة. (المنتظم 6/169، سير أعلام النبلاء 14/309) . 3 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 56 / أ. 4 البخاري: التاريخ 4/228، المزي: تهذيب أسماء الكمال 12/444، محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 56 / أ. 5 الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/104. 6 في الأصل: (سعيد) ، وهو تحريف. 7 خليفة: التاريخ ص 155، 159. 8 أسلم عام الفتح وشهد حنيناً، توفي سنة ثلاث وعشرين. (الإصابة 5/259) . 9 العبسي صحابي شهد فتح مصر وتولى القضاء فيها. (الإصابة 5/308) . 10 شهد فتح مصر، وتولى القضاء فيها إلى سنة اثنتين وأربعين، وكان عابداً مجتهداً. (الإصابة 4/224) . 11 وكيع: أخبار القضاء 3/220، 221.

وكان حاجبه يرفأ مولاه1. وأصحاب الشورى الذين جعل عمر رضي الله غنه الأمر بعده شورى فيهم ستة: عثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وكان غائباً، وجعل عبد الله ابنه مشيراً وليس له من الأمر شيء"2. فصل وجدت بخط إبراهيم بن أبي الفرج3 قال: وجدت بخط ابن حجر الشافعي4 قال: وجدت بخط صاحبنا المحدّث الحافظ صلاح الدين خليل ابن محمّد الأفقهسي5 في ثبت مسموعاً به، ولم يذكر من أين نقله: قدامة ابن مقدام بن نصر بن فتح6 بن حديثه بن محمّد بن يعقوب بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن محمّد بن سالم بن عبد الله بن عمر الخطاب7.

_ 1 خليفة: التاريخ ص 156، محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 56 / أ. 2 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 56 / أ. 3 لم أجد له ترجمة. 4 الحافظ أحمد بن عليّ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني الشافعي، إمام عصره، صاحب المصنفات المفيدة كـ: (فتح الباري) ، و (التلخيص الحبير) ، وغيرهما، توفي سنة اثنتين وخمسين وثمان مئة. (الأعلام 1/178) . 5 أبو الصفاء المعري الشافعي، محدّث، عارف بالآداب والفرائض، توفي سنة إحدى وعشرين وثمان مئة. (الدرر الكامنة 2/90، الأعلام 2/322) . 6 في الذيل على طبقات الحنابلة، ونزهة الخاطر: (عبد الله) . 7 انظر: الغزي: النعت الأكمل ص 67، وابن بدران: روضة الناظر مع شرحها: نزهة الخاطر العاطر 1/3.

قلت: وكان لقدامة، أحمد ومحمّد، ولأحمد عبد الله موفق الدين، ومحمّد الشيخ أبي عمر1، ومحمّد بن قدامة من ولده يوسف، ومن يوسف عبد الهادي، ومن ولد عبد الهادي: عبد الحميد، ومن ولد عبد الحميد: عبد الهادي. وقد حصلت لنا بحمد الله اتصال بالفروع الثلاثة لمحمّد بن قدامة من جهة الرجال، فإن والدي حسن بن أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد، وبالشيخ أبي عمر من جهة الإناث فإن أم والدي حُسْن بنت جمال الدين الإمام ابن أحمد بن العز إبراهيم بن عبد الله بن الشيخ أبي عمر محمّد بن أحمد بن قدامة. وسمعت جدي يذكر: أن له اتصالاً بالشيخ موفق الدين من جهة الإناث ولم أقف على ذلك. / [142 / ب] . فصل روى الإمام أحمد في المسند عن أبي ميسرة2 عن عمر بن الخطّاب قال: "لما نزل تحريم الخمر، قال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في البقرة: {يسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة: 219] ، فدعى عمر فقرئت عليه، فقال: الله بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في النساء: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُم سُكَارى} [النساء: 143] . فكان منادي النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى "أن لا يقربن الصلاة سكران"، فدعي عمر

_ 1 محمّد بن أحمد المقدسي الحنبلي، الزاهد، واقف المدرسة العمرية، توفي سنة سبع وست ومئة. (سير أعلام النبلاء 22/5) . 2 عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي، ثقة عابد، مخضرم، توفي سنة ثلاث وستّين. (التقريب ص 422) .

فقرئت عليه، فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر فقرئت عليه فما بلغ: {فَهَلْ أَنْتُم مُّنْتَهُونَ} ، [المائدة: 91] ، قال عمر: "انتهينا، انتهينا"1. وعن جابر بن عبد الله عن عمر أنه قال: "هَششْتُ2 يوماً فقبلتُ وأنا صائم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: صنعتُ اليوم أمراً عظيماً، قبلت وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيت لو تمضمضتَ بماءٍ وأنت صائم؟ "، فقلت: لا، بأس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَفِيمَ؟ " 3. وفي الصحيحين والمسند وغيرهما عن ابن عمر أن عمر بن الخطّاب بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجل من المهاجرين الأوّلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنادى عمر: أيَّة ساعة هذه؟ قال: "إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد أن توضّأت"، فقال: "والضوءَ أيضاً، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل"4. وفي الصحيح عن السائب بن يزيد: كان النداء يوم الجمعة أوّله إذا جل س

_ 1 أحمد: المسند 1/316، وإسناده صحيح. وأبو داود: السنن 3/325، والترمذي: السنن 5/253، 254، وابن كثير: التفسير 1/327. والحديث وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 378، والألباني في صحيح سنن الترمذي 3/46. 2 هشِشتُ: أي: فرحت، واشتهيت. (لسان العرب 6/364) . 3 أحمد: المسند 1/215، 216، وأبو داود: السنن 2/311، والحاكم: المستدرك 1/431، وصحّحه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 138. 4 أحمد: المسند 1/241، رقم: 199، البخاري: الصحيح، كتاب الجمعة 1/300، رقم: 838، مسلم: الصّحيح، كتاب الجمعة 2/580، رقم: 845.

الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر"1. وعن ابن عباس قال: "شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فكلُّهم كانوا يُصَلُّون قبل الخطبة"2. وعن أنس بن مالك: أن عمر بن الخطّاب كان إذا قحطوا استقسى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: "اللهم إنّا كُنّا نتوسَّل إليك بنبيّنا فتسقِينا، وإنّا نتوسّل إليكَ بِعَمِّ نبيّنا فأسقنا، قال: فَيُسْقُون"3. وعن ربيعة بن عبد الله4 بن الهُدَير5، عمّا حضر6 ربيعة بن عمر ابن الخطاب قرأَ يومَ الجمعة على المنبر بِسُورة النّحل حتى جاءت السجدة نزل فسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلةُ قرأ بها حتى إذا جاءت السجدة قال: "أيها الناس إنّما7 نَمُرُّ بالسجدة، فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه". ولم يسجد عمر رضي الله غنه". زاد نافع عن ابن عمر: "إن الله سبحانه لم يفرض علينا السجود إلاّ أن نشاء"8. وعن مُوَرِّق9 قال: "قلت لابن عمر: تصلي الضحى؟، قال: "لا".

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الجمعة 1/309، رقم: 870. 2 البخاري: الصحيح، كتاب العيدين 1/327، رقم: 919. 3 البخاري: الصحيح، كتاب الاستسقاء 1/342، رقم: 964. 4 في الأصل: (عبد الرحمن) ، وهو تحريف. 5 له رؤية، توفي سنة ثلاث وتسعين. (التقريب ص 207) . 6 عمّا حضر ربيعة: أي: أخبرني عن حضوره مجلس عمر. 7 في صحيح البخاري: (إنّا) . 8 البخاري: الصحيح، كتاب سجود القرآن 1/366، رقم: 1027. 9 العجلي.

قلت: "فعمر؟ ". قال: "لا". قلت: "فأبو بكر؟ "، قال: "لا". قلت: "فالنبي صلى الله عليه وسلم؟ "، قال: "لا أخا له"1. / [143 / أ] . وفي مسند الإمام أحمد عن رجل من قريش يقال له: ماجدة2 قال: "عارَمْتُ3 غلاماً فعضّ أذني فقطع منها، أو عضضت أذنه فقطعت منها، فلما قدم علينا أبو بكر رضي الله غنه حاجّاً رفعنا إليه، فقال: "انطلق4 بهما إلى عمر بن الخطّاب، فإن كان الجارح بلغ أن يُقتصّ منه فليَقتص. قال: فلما انتهى بنا إلى عمر نظر إلينا فقال: "نعم قد بلغ هذا أن يُقتص منه، ادعوا لي حجاماً". فلما ذكر الحجام، قال: "أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قد أعطيت خالتي غلاماً وأنا أرجو5 أن يبارك الله لها فيه، وقد نهيتها أن تجعله حجاماً، أو قصّاباً، أو صائغاً" 6. وعن ربيعة بن دراج7: أن عليّ بن أبي طالب سَبَّحَ بعد العصر ركعتين في طريق مكّة، فرآه عمر فتغيظ عليه، ثم قال: "أما والله لقد علمت أن رسول الله

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب التّطوّع 1/394، رقم: 1121. 2 عليّ بن ماجدة - بالجيم - السهمي، مجهول، من الثالثة. (التقريب ص 404) . 3 عارمت: خاصمت وفاتنت، من العُرام - بضم العين - وهو الشدة والقوّة والشراسة. (النهاية 3/223) . 4 في المسند: (انطلقوا) . 5 في الأصل: (أرجوا) ، وهو تحريف. 6 أحمد: المسند 1/198، 199، وأبو داود: السنن 3/267، 268، وهو ضعيف لجهالة ماجدة القرشي، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 102، والألباني في ضعيف سنن أبي داود ص 343. 7 الجمحي القرشي، صحابي، قتل يوم الجمل. (الإصابة 2/198) .

صلى الله عليه وسلم نهى عنها"1. وعن عاصم بن عمرو البَجَلي2 عن رجل من3 القوم الذين سألوا عمر بن الخطّاب قالوا: "إنما أتيناك نسألك عن ثلاث: عن صلاة الرجل في بيته تطوّعاً، وعن الغسل من الجنابة، وعن الرجل ما يصلح له من امرأته إذا كانت حائضاً؟ فقال: "أَسُحَّار أنتم؟!، لقد سألتموني عن شيء ما سألني عنه أحد منذ سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم". فقال: "صلاة الرجل في بيته تطوّعاً نور فمن شاء نوّر بيته، وقال في الغسل من الجنابة: يغسل فرجه ثم يتوضّأ ثم يفيض على رأسه ثلاثاً، وقال في الحائض: له ما فوق الإزار" 4. وعن الأشعث بن قيس قال: "ضِفتُ عمر رضي الله غنه فتناول امرأته فضربها، وقال: "يا أشعث احفظ عني ثلاثاً حفظتهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُسَأَلُ الرجل فيم ضربَ امرأته، ولا تَنَم إلاّ على وترٍ، ونسيت الثالثة"5.

_ 1 أحمد: المسند 1/198، والبخاري: التاريخ الكبير 3/282، وإسنادهما ضعيف لانقطاعه بين الزهري وربيعة بن دراج. وقد أطال الحافظ الكلام على هذا الحديث وبَيَّن أنه منقطع ورجَح رواية أبي زرعة عن أبي صالح عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن ابن شهاب كتب إليه يذكر أن ابن محيريز أخبره عن ربيعة بن دراج". (الإصابة 1/198) . 2 الكوفي، صدوق، رمي بالتشيع. من الثالثة. (التقريب ص 286) . 3 في الأصل: (عن) ، وهو تحريف. 4 أحمد: المسند 1/190، وإسناده ضعيف لإبهام شيخ عاصم بن عمرو. وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 86، وقال: "إسناده ضعيف لانقطاعه بجهالة الرجل الذي روى عنه عاصم بن عمرو". 5 أحمد: المسند 1/209، أبو داود: السنن 2/246، ابن ماجه: 1/639، البيهقي: السنن 7/305، جميعهم عن عبد الرحمن المُسلي وهو ضعيف لأجله. قال الذهبي: "لا يعريف إلا في هذا الحديث، تفرد عنه داود بن عبد الله الأودي". (ميزان الاعتدال 2/602) . وقال الحافظ: "مقبول". (التقريب رقم: 4052) . وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 122، والألباني في ضعيف سنن ابن ماجه ص 151، وضعيف الجامع الصغير رقم: 6281.

وعن حُمْرَة بن عبد كلالٍ1 قال: "سار عمر إلى الشام بعد مسيره الأوّل كان إليها وحتى إذا شارفها بلغه ومن معه أن الطاعون فاش فيها، فقال له أصحابه: "ارجع ولا تَقَحَّم عليه، فلو نزلتها وهو بها لم نر لك الشّخوصَ عنها". فانصرف راجعاً إلى المدينة، فعرّس2 من ليلته وأنا أقرب القوم منه، فلما انبعث انبعثت معه في أثره فسمعته يقول: "رَدُّوني عن الشام بعد أن شافرت عليه لأن الطاعون فيه، ألا وما مُنْصرفي عنه بمؤخر في أجلي وما كان قدوميه بِمُعجلي عن أجلي، ألا ولو قدمت المدينة ففرغتُ من حاجات لا بدّ لي منها3، لقد سِرتُ حتى أدخل الشام ثم أنزل حمص، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليبعثن الله منها يوم القيامة سبعين ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب عليهم، مبعثهم فيما بين الزيتون وحائطها في البَرْث4 الأحمر منها "5. وعن عثمان: أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله

_ 1 الرعيني، المصري، وثقه ابن حبان. (تعجيل المنفعة ص 71) . 2 التّعْرِيس: النزول في آخل الليل للاستراحة. (لسان العرب 6/136) . 3 قوله: "منها"، تكرر في الأصل. 4 البَرْث - بفتح الباء وسكون الراء -: الأرض اللينة، يريد بها أرضاً قريبة من حمص قُتِل بها جماعة من الشهداء والصالحين. (النهاية 1/112) . 5 أحمد: المسند 1/207، وإسناده ضعيف لأجل أبي بكر بن عبد الله، قال الحافظ: "ضعيف". (التقريب رقم: 7974) . والهيثمي: مجمع الزوائد 10/61، وقال: "رواه أحمد وفيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، وهو ضعيف". والحاكم: المستدرك 3/88، 89، من طريق آخر وصحّحه. وتعقبه الذهبي بقوله: (بل منكر، وإسحاق هو ابن زيريق كذّبه محمّد بن عوف الطائي". وقال أبو داود: "ليس بشيء". وقال النسائي: "ليس بثقة".

صلى الله عليه وسلم / [143 / ب] حزنوا عليه حتى كاد بعضهم يوسوس، قال عثمان: وكنت منهم، فبينا أنا جالس في ظلّ أُطمِ من الآطام، مرّ عليَّ عمر - رحمة الله عليه - فسلم عليَّ، فلم أشعر أنه مرّ ولا سلم، فانطلق عمر حتى دخل على أبي بكر - رحمة الله عليه - فقال له: "ما يعجبك أني مررت على عثمان فسلمت عليه فلم يردّ عليَّ السلام؟ "، وأقبل هو وأبو بكر في ولاية أبي بكر - رضي الله عنهما - جميعاً حتى سلما جميعاً ثم قال أبو بكر: "جاءني أخوك عمر فذكر أنه مرّ عليك فسلم فلم ترد عليه السلام، فما الذي حملك على ذلك؟ "، قال: قلت: ما فعلت. فقال عمر: "بلى والله لقد فعلت، ولكنها عُبّيتُكم1 يا بني أمية". قال: قلت: والله ما شعرت أنك مررت ولا سلمتَ. قال أبو بكر: "صدق عثمان. وقد شغلك عن ذلك أمر". فقلت: أجل. قال: "ما هو؟ ". فقال عثمان: توفى الله عزوجل نبيّه صلى الله عليه وسلم قبل أن نسأله عن نجاة هذا الأمر، قال: أبو بكر: "قد سألته عن ذلك". قال: فقمت إليه فقلت له: بأبي أنت وأمي أنت أحقّ بها، قال أبو بكر: قلت: "يا رسول الله، ما نجاة هذا الأمر؟ "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمّي فردّها عليَّ فهي له نجاة" 2. وعن ابن عمر قال: "رأى عمر على رجل حلة من استبرق، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله اشتر هذه فألبسها لوفد الناس إذا قدموا عليك". قال: "إنما يلبس الحرير من لا خلاق له"، فمضى من ذلك ما مضى، ثم إن

_ 1 العُبية - بضم العين وكسرها مع الباء المكسورة والياء المفتوحة المشددتين -: الكبر. (النهاية 3/169) . 2 أحمد: المسند 1/165، وإسناده ضعيف لإبهام شيخ الزهري.

النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه بحلةٍ، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "بعثت إلي بهذه، وقد قلت في مثلها أو قال في حُلّة عطارد1 ما قلت؟ ". قال: "إنما بعثت إليك لتصيب بها مالاً" 2. وفي رواية: "لتبعها أو لتلبسها"، فكساها عمر أخا له بمكّة قبل أن يسلم"3. وعن صفية بنت أبي عبيد، قالت: "زلزلت الأ رض على عهد عمر حتى اصطفقت السرر، وابن عمر يصلي فلم يدر بها، ولم يوافق أحداً يصلي فدرى بها، فخطب عمر الناس فقال: أحدثتم لقد أعجلتم، قال: ولا أعلمه إلاّ قال: لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم". خرّجه البيهقي4 وخرّجه حرب الكرماني5 من رواية أيوب عن نافع مختصراً"6. وذكر السُّرّمَرِّي7 بسند في المجلس الذي وضعه في الجرد عن جابر ابن عبد الله

_ 1 التميمي الدارمي. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الأدب 5/2258، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1638، رقم: 2068. 3 البخاري: الصحيح، كتاب الأدب 5/2230، رقم: 5636، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1645، رقم: 2072. 4 أحمد بن الحسين البيهقي، العلامة الحافظ، مؤلّف السنن والآثار، توفي سنة ثمانٍ وخمسين وأربع مئة. (سير أعلام النبلاء 18/163) . 5 حرب بن إسماعيل الكرماني الفقيه تلميذ أحمد بن حنبل، له: (مسائل حرب) . من أنفس كتب الحنابلة، توفي سنة ثمانين ومئتين. (طبقات الحنابلة 1/146، سير أعلام النبلاء 13/244) . 6 البيهقي: السنن 3/342. 7 يوسف بن محمّد العبادي العقيلي، الحنبلي، نزيل دمشق، حافظ للحديث له نحو مئة مصنف. منها: (إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة) ، توفي سنة ستّ وسبعين وسبع مئة. (شذرات الذهب 6/249، والأعلام 8/250) .

قال: "قلّ الجراد في سنة من سني عمر بن الخطّاب رضي الله غنه فلم يخبر عنه بشيء فاغتمّ لذلك فأرسل راكباً إلى اليمن، وراكباً إلى الشام، وراكباً إلى العراق، يسألون هل رأوا من الجراد شيئاً أو لا؟ فأتاه الراكب الذي دخل اليمن بقفعة من الجراد فأفلقاه بين يديه، فلما رآه كبّر ثلاثاً، ثم قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خلق ألف أمة، منها ستّ مئة في البحر، وأربع مئة في البرّ وأوّل شيء يهلك من هذه الأمم الجراد، فإذا هلكت تتابعت مثل النظام إذ انقطع سلكه" 1. وعن ابن عمر: أن عمر سئل عن الجراد فقال: "ليت أن عندنا منه قفعة أو قفعتان نأكله"2. وعن / [144 / أ] عثمان بن عبد الله الأنصاري3 قال: "سألت أنس بن مالك عن الجراد، فقال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ومع عمر بن الخطّاب قفعة فيها جراد، قد أحقبها يده وراءه يأخذ منها4 فيناولنا ويأكل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، قال أنس: "فرجعنا إلى المدينة فكنا نؤتى به فنشتريه، ونكثر ونجففه فوق الأجاجير5، فنأكل

_ 1 لم أجده. 2 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 2/111، وإسناده صحيح. والبيهقي: السنن 9/258، وبنحوه عبد الرزاق: المصنف 4/530، وابن أبي شيبة: المصنف 8/326. 3 لم أجد له ترجمة. وفي سنن البيهقي الرواية عن سنان بن عبد الله الأنصاري. قال ابن حبان: "سنان بن عمرو الأنصاري، ويقال: سنان بن عبد الله، يروي عن أنس بن مالك، روى عنه حيوة بن شريح ونافع بن يزيد المصريان. (الثقات 4/336) . 4 في سنن البيهقي: (قد احتقبها وراءه فيرد يد وراءه فيأخذ) . 5 الأجاجير: جمع إجّار - بالكسر والتشديد -: السطح الذي ليس حوليه ما يردّ الساقط عنه. (النهاية 1/26) .

منه زماناً"1. الفقعة: شيء شبيه بالزنبيل، يعمل من الخوص ليس بالكبير2. وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن هشام3 قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطّاب، يعني: المصافحة"4. وعن عبد الله بن عمر قال: "لما فتح هذان المصران5، أَتوا عمر فقالوا: "يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّ لأهل نجدٍ قرناً6، وهو جوزٌ عن طريقنا، وإنّا إن أردنا قرناً شقّ علينا"، قال: "انظروا حذوها من طريقكم، فحدّ لهم ذات عرقٍ"78. وعن أبي موسى قال: "بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومي باليمن، فجئت وهو بالبطحاء، فقال: "بما أهللتَ؟ "، قلت9: أهللت كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "هل معك من هدي؟ "، قلت: لا. فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة،

_ 1 البيهقي: السنن: 9/258، وفي إسناده سنان بن عبد الله لم يوثّقه غير ابن حبان. 2 انظر: ابن الأثير: النهاية 4/91، انظر: منظور: لسان العرب 8/289. 3 التيمي. 4 سبق تخريجه ص 221. 5 يريد: البصرة والكوفة. 6 قرن المنازن ميقات أهل نجد. وهو جبل أبيض ملموم الرأس بطرف ليّة. تراه وأنت تخرج من الطائف إلى نجد على مسافات بعيدة قد تصل إلى أربعين كيلاً. (معجم معالم الحجاز 7/119، 120) . 7 ذات عرقٍ: مهل أهل العراق وهو الحدّ بين نجد وتهامة. وعرق: هو الجبل المشرف على ذات عرق. (معجم معالم الحجاز 6/77. 8 البخاري: الصحيح، كتاب الحجّ 2/556، رقم: 1458. 9 في الأصل: (قال) ، والمثبت من صحيح البخاري.

ثم أمرني فأحللتُ، فأتيت امرأة من قومي، فمشطتني، أو غسلت رأسي. فقدم عمر فقال: "إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام قال: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لله} ، [البقرة: 196] ، وإن نأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يحلّ حتى نحر الهدي"1. وفي صحيح البخاري: أن عمر صلى ركعتي الطواف خارجاً من الحرم2. وفيه: أن عمر طاف بعد صلاة الصبح فركب حتى صلَّى الركعتين بذي طُوَىً34. وعن عبيد بن عمير: أن أبا موسى الأشعري، استأذن على أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب فلم يؤذن له، وكأنه كان مشغولاً فرجع أبو موسى ففزع5 أو قال: فَفَرَغَ عُمَرُ، فقال: "ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس؟ ائذنوا له". قيل: "قد رجع". فدعاه، فقال: "كنا نؤمر بذلك". فقال: "تأتيني على ذلك بالبينة"، فانطلق إلى مجلس الأنصار فسألهم، فقالوا: "لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا، أبو سعيد الخدري". فذهب بأبي سعيد الخدري، فقال

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الحجّ 2/564، رقم: 1484. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الحجّ باب من صلّى ركعتي الطواف خارجاً من المسجد 2/587. 3 ذو طُوىً: واد يخترقه الطريق بين ثنية كداء (الحجون) وبين الثنية الخضراء (ريع الكحل) . وهو اليوم في وسط عمران مكّة، ومن أحيائه العُتيبية، وجرول. (معجم معالم الحجاز 5/237) . 4 البخاري: الصحيح، كتاب الحج 2/588، تعليقاً، ووصله مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/502، وإسناده صحيح. وابن حجر: فتح الباري 3/489، وتغليق التعليق 3/78. 5 البخاري: الصحيح، كتاب الفتح 11/28.

عمر: "أخفي هذا عليَّ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، ألهاني الصَّفْقُ بالأسواق. يعني: الخروج إلى التجارة"1. وعن ابن عمر قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكنت على بكر صعب2 لعمر، فكان يغلبني فيتقدم أمام القوم، فيزجره عمر ويرده، فقال النبي لعمر: "بعنيه". قال: "هو لك يا رسول الله". قال: "بعنيه"، فباعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هو لك يا عبد الله بن عمر تصنع به ما شئت" 3. / [144 / ب] . وعن ابن شهاب عن مالك بن أوس أخبره أنه التمس صرفاً بمئة دينار فدعاني طلحة بن عبد الله فتراوضنا4 حتى اصطرف مني فأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال: "حتى يأتي خازني من الغابة"5. وعمر يسمع ذلك، فقال: "والله لا تفارقه حتى تأخذ منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب رباً إلاّ هَاء وهاء، والبُرُّ بالبرِّ رباً إلاّ هاء وهاء، والشعير بالشعير رباً إلاّ هاء وهاء، والتّمرُ بالتّمر رباً إلاّ هاء وهاء" 6. وعن عبد الله بن أبي المجالد7 قال: "اختلف عبد الله بن شداد بن

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب البيوع 2/727، رقم: 1956، مسلم: الصّحيح، كتاب الآداب 3/1696، رقم: 2153. 2 صعب: غير منقاد ولا ذَلُول. (النهاية 3/29) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب البيوع 2/745، رقم: 2009. 4 المرواضة: أن تُوصَفَ الرجل بالسلعة ليست عندك. (القاموس ص 831) . 5 الغابة: موضع قرب المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة. (معجم البلدان 4/182، معجم معالم الحجاز 6/215) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب 2/761، رقم: 2065. 7 مولى عبد الله بن أبي أوفى، ثقة، من الخامسة. (التقريب ص 320) .

الهاد1 وأبو بُردة2 في السَّلَفِ، فبعثوني إلى ابن أوفى3 فسألته فقال: "إنا كنا نُسْلِفُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الحنطة والشعير والزبيب والتمر، وسألت ابن أبزى4 فقال مثل ذلك"5. وفي الصحيح عن محمّد بن حمزة بن عمرو الأسلمي6 عن أبيه أن عمر بعثه مصدّقاً، فوقع رجل على جارية امرأته، فأخذ حمزة من الرجل كفلاء7 حتى قدم على عمر، وكان عمر قد جلده مئة [جلدة] 8، فصدّقهم وعذرهم بالجهالة"9. وفيه أن عمر وابن عمر وكَّلا في الصرف10. وفيه: أن عمر عامل الناس على إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر،

_ 1 الليثي. 2 الأشعري. 3 الأسلمي، صحابي شهد الحديبية، توفي سنة سبع وثمانين، وهو آخر من مات بالكوفة من الصحابة. (التقريب ص 296) . 4 عبد الرحمن بن أبزى. 5 البخاري: الصحيح، كتاب السلم 2/782، رقم: 2127. 6 المدني، مقبول، من الثالثة. (التقريب ص 475) . 7 في صحيح البخاري: (كفيلاً) . 8 سقط من الأصل. 9 البخاري: الصحيح، كتاب الكفالة2/801، تعليقاً، ووصله الطحاوي: شرح معاني الآثار3/147، وفي إسناده محمّد بن حمزة بن عمرو قال الحافظ فيه: "مقبول". 10 البخاري: الصحيح، كتاب الوكالة 2/808، تعليقاً، وقد وصلهما سعيد بن منصور في سننه كما في تغليق التعليق 3/293، 294، وإسنادهما صحيح. وحكم عليهما ابن حجر بالصحة وقال: "إسناد كل منهما صحيح". (فتح الباري4/481) .

وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا وكذا"1. وعن أنس: أنه حُلبت لرسول الله شاة داجن وهو في دار أنس بن مالك، وشيب لبنها بماءٍ من البئر التي في دار أنس بن مالك، فأُعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم القدح فشرب منه، حتى إذا نزع القَدَحَ من فيه، وعلى يساره أبو بكر وعمر وعن يمينه أعرابي، فقال عمر وخاف أن يعطيه الأعرابي أعط أبا بكر يا رسول الله عندك، فأعطاه الأعرابي الذي على يمينه ثم قال: "الأيمن فالأيمن" 2. وعن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلاّ أن يشترط المُبْتَاعُ، ومن ابتاعَ عبداً وله مال فماله للذي باعه إلاّ أن يشترطه المبتاع" 3. وعن مالك4 عن نافع عن ابن عمر عن عمر في العبد5. وعن جابر بن عبد الله: أن أباه تُوُفِّي وترك عليه ثلاثين وسقاً لرجل من اليهودِ، فاستنظره فأبى أن يُنظِره، فكلم جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفعَ له إليه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلم اليهودي ليأخذ ثمر نخله بالذي له فأبى،

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب المزارعة 2/820، تعليقاً، ووصله ابن أبي شيبة: المصنف 14/550، عن يحيى بن سعيد مرسلاً، والبيهقي: السنن: 6/135، عن عمر بن عبد العزيز مرسلاً، وأوردهما الحافظ ابن حجر في فتح الباري 5/12، وقال: "يتقوى أحدهما بالآخر". 2 البخاري: الصحيح، كتاب المساقاة 2/830، رقم: 2225. 3 البخاري: الصحيح، كتاب المساقاة 2/838، رقم: 2250، مسلم: الصّحيح، كتاب البيوع 3/1172، رقم: 1543. 4 قال الحافظ ابن حجر: قوله: "وعن مالك"، هو معطوف على قوله: "حدّثنا الليث"، فهو موصول، والتقدير: حدّثنا عبد الله بن يوسف عن مالك". (فتح الباري 5/51) . 5 البخاري: الصحيح، كتاب المساقاة 2/838 رقم: 2250.

فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل فمشى فيها ثم قال لجابر: "جُدَّ له، فأوفِ له الذي له". فجده بعدما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوفاه ثلاثين وسقاً1، وفضلت / [145 / أ] له سبعة عشر وسقاً، فجاء جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي كان، فوجده يصلي العصر، فلما انصرف أخبره بالفضل، فقال: "أخبر بذلك ابن الخطاب"، فذهب جابر إلى عمر فأخبره فقال له عمر: "لقد علمت حين مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيُبَارَكَنَّ فيها"2. وفي رواي ة: ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فأخبرته بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: "اسمع - وهو جالس - يا عمر". فقال عمر: "ألا يكون؟ قد علمنا أنك رسول الله، والله إنك لرسول الله"3 وفي رواية قال: "إذا جددته فوضعته في المربد4 آذني ". فلما جددته ووضعته في المربد آذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه ومعه أبو بكر وعمر فجلس عليه فدعا بالبركة، ثم قال: "ادع غرماءك فأوفهم"، فما تركت أحداً له على أبي دين إلاّ قضيته، وفضل ثلاثة عشر وسقاً، سبعة عجوة وستة لون5، أو ستة عجوة وسبعة لون، فوافيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فذكرت ذلك له فضحك، فقال: "ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما"، فقالا: "لقد علمنا إذا صنع رسول الله ما صنع أن سيكون ذلك"6.

_ 1 الوَسْقُ: ستون صاعاً. (القاموس ص 1199) . 2 البخاري: الصحيح، كتاب الاستقراض 2/844، رقم: 2266. 3 البخاري: الصحيح، كتاب الهبة 2/919، رقم: 2461. 4 مربد التمر: جرينه الذي يوضع فيه بعد الجداد لييبس. (لسان العرب 3/171) . 5 اللَّونُ: الدَّقل من النخل. (القاموس ص 1590) . 6 البخاري: الصحيح، كتاب الصلح 2/965، رقم: 2562.

وفي الصحيح: أن عمر أخرج أختَ أبي بكر حين ناحت، - يعني: من البيت -1. وفيه: أن نافع بن الحارث2 اشترى داراً للسجن بمكّة، من صفوان ابن أمية، على إن رضي عمر فالبيع بيعه، وإن لم يرض عمر فلصفوان أربع مئة دينار3. وفيه: أن رجلاً ساوم شيئاً فغمزه4آخر فرآى عمر أن له شركه5. وفيه عن موسى بن أنس6: أن سيرين سأل أنساً المكاتبة، وكان كثير المال فأبى فانطلق إلى عمر، فقال كاتبه فأبى، فضربه بالدّرّة ويتلو عمر: {فَكَاتِبُوهُم إِنْ عَلِمْتُم فِيهِم خَيْراً} [النور: 33] ، فكاتبه7.

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الخصومات 2/852، تعليقاً، ووصله ابن سعد: الطبقات 3/208، قال الحافظ ابن حجر: "وصله ابن سعد في الطبقات، بإسناد صحيح عن طريق الزهري عن سعيد بن المسيب) . (فتح الباري 5/74) . 2 الخزاعي، صحابي فتحي، وأمّره عمر على مكّة فأقام بها إلى أن مات. (التقريب ص558) . 3 البخاري: الصحيح، كتاب الخصومات2/853، تعليقاً، ووصله عبد الرزاق: المصنف 5/148، بإسنادين: الأوّل فيه عبد الرحمن بن فروخ، قال فيه الحافظ: "مقبول". والثاني فيه انقطاع يبن سعيد الثوري، ونافع بن الحارث. ووصله ابن أبي شيبة: المصنف 7/306، عن عبد الرحمن بن فروخ، وابن حجر تغليق التعليق 3/326. 4 فغمزه: أي: أشار له بعينه أن يشتريها. 5 البخاري: الصحيح، كتاب الشركة 2/884، تعليقاً، بصيغة التمريض. ووصله سعيد بن منصور: السنن كما في تغليق التعليق 3/337. قال الحافظ ابن حجر: "علته الانقطاع بين إياس وعمر، وعمر هو ابن الخطاب ولهذا لم يجزم به". 6 ابن مالك الأنصاري، قاضي البصرة، من الرابعة. (التقريب ص 549) . 7 البخاري: الصحيح، كتاب العتق 2/903، تعليقاً، ووصله عبد الرزاق: المصنف 8/372، وذكره الحافظ ابن حجر، وقال: "ووقع في رواية عبد الرزاق عن ابن جريح: "أخبرني مخبر أن موسى بن أنس أخبره". وقد عرف اسم المخبر من رواية روح، وظاهر سياقه الإرسال فإن موسى لم يذكر وقت سؤال ابن سيرين من أنس الكتابة، وقد رواه عبد الرزاق والطبراي من وجه آخر متصلاً من طريق سعد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس". (فتح الباري 5/186) .

وعن أبي الأسود1 قال: "أتيت المدينة، وقد وقع بها مرض، وهم يموتون موتاً ذريعاً، فجلست إلى عمر رضي الله غنه فمرت جنازة فأُثني خيراً، فقال عمر: "وجبت"، ثم مُرَّ بأُخرى فأثني خيراً، فقال: "وجبت"، ثم مُرَّ بالثالثة فأُثني شرّاً، فقال: "وجبت"، فقلت: وما "وجبت"، يا أمير المؤمينين؟ قال: قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما مسلم شهد له أربعةٌ بخير أدخله الله الجنة". قلنا: وثلاثة قال: "وثلاثة"، قلت: أو قال: قلنا: واثنان، قال: "واثنان". ثم لم نسأله عن الواحد"2. وروى أبو العبا س الطوسي3 عن أنس بن مالك: أنه سمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه سلم عليه رجل فردّ عليه السلام، ثم قال له عمر: "كيف أنت؟ "، فقال: "أحمد الله"، فقال عمر: "ذاك الذي أردت"4. وفي "مسند الرُّوياني" عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعاهد الأنصار، ويأتيهم ويسأل عنهم، فبلغه عن امرأة منهم مات ابنها فجزعت عليه جزعاً شديداً، فأتاها يعزّيها فأمرها بتقوى الله والصبر، فقالت: "يا رسول الله، إني امرأة رَقوب، لا أَلِدُ، ولم يكن لي غيره". قال: / [145 / ب] "الرَّقُوب: التي5 يبقى ولدها6 ثم قال: "ما أعلم امرءً مسلماً ولا

_ 1 الدُّؤَلي. 2 البخاري: الصحيح، كتاب الشهادات 2/935، رقم: 2500. 3 لم أجد له ترجمة. 4 سبق تخريجه ص 859. 5 كذا في الأصل وجميع المصادر. 6 انظر: ابن منظور: لسان العرب 1/427.

مسلمة يموت بينهما ثلاثة أولاد إلاّ أدخلهما الله بهنّ الجنة"، قال عمر بن الخطّاب: "واثنان"، قال: "واثنان" 1. وفيه عن ابن عباس قال "جاء رجل إلى عمر يسأله فجعل ينظر إلى رأسه مرة وإلى رجليه مرة، هل يرى عليه من البؤس شيئاً، فقال له عمر: "كم مالك؟ "، قال: "أربعون من الإبل"، قال ابن عباس فقلت: "صدق الله ورسوله: "لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب، ويتوب الله على من تاب" 2. فقال عمر: "ما هذا؟ "، فقلت: هكذا أقرأنيها أبي بن كعب، فقال عمر: "قم بنا إليه"، فقام إليه، فقال: "ما يقول هذا؟ "3، فقال أبي: "هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقال عمر: "نكتبها أو نثبتها؟ "، قال: "نعم. فاكتبها أو اثبتها"4. وفيه عن سلمة بن عمرو بن الأكوع5 قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر الصديق برايته إلى بعض حصون خيبر، فقاتل فرجع ولم يكن فتح،

_ 1 لم أجده فيما تبقى من مسند الرّوياني. والحديث أخرجه البزار كما في كشف الأستار 1/405، وإسناده حسن. وابن حجر: المطالب العالية 1/197، وعزاه لأبي يعلى. قال الهيثمي: مجمع الزوائد3/8: "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح". 2 في صحيح البخاري عن أُبي قال: "كنا نرى هذا من القرآن حتى أنزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر} . قال الحافظ: "وجه ظنهم أن الحديث المذكور من القرآن، ما تضمنه من ذمّ الحرص على الاستكثار من جمع المال، والتقريع بالموت الذي يقطع ذلك، ولا بدّ لكل أحد منه، فلما نزلت هذه السورة وتضمنت معنى ذلك مع الزيادة عليه علموا أن الأوّل من كلام النبي صلى الله عليه وسلم". (فتح الباري 11/253، 257) . 3 في الأصل: (هكذا) ، والمثبت من المسند. وفي الهامش بخط المؤلف لعله: (هذا) . 4 لم أجد فيما تبقى من مسند الرّوياني. والحديث في أحمد: المسند 5/117، وإسناده صحيح. 5 قوله: "سلمة بن الأكوع" تكرر في الأصل.

وقد جُهِدَ، ثم بعث الغد عمر بن الخطاب فقاتل، ثم رجع ولم يكن فتح، وقد جُهِدَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، يفتح الله على يده، ليس بفرار". قال سلمة: فدعا رسول الله عليّاً رضي الله غنه وهو أرمد فتفل في عينيه، ثم قال: "خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك"، قال يقول سلمة: فخرج والله بها يهرول هرولة وإنا لخلفه نبتع أثره حتى ركز رأيته في رَضْم1 من حجارة تحت الحصن، فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن، قال: "من أنت؟ "، قال: "أنا عليّ بن أبي طالب"، قال: فقال اليهودي: "غلبتم وما أنزل الله على موسى عليه السلام". أو كما قال، قال: فما رجع حتى فتح الله على يديه رضي الله غنه"2. وفيه عن الوليد3: أن رجلاً من بني سليم كبير السن كان ممنأدرك أبا ذرّ بالربذة4 بيناهو قاعد يوماً في ذلك المجلس، وأبو ذر في المجلس، إذ ذكر

_ 1 الرَّضْم: صخور عظام يُرضمُ بعضها فوق بعضٍ في الأبنية. (القاموس ص 1439) . 2 الروياني: المسند جـ 2 ق 200 / ب، 201 / أ، والحارث: المسند كما في بغية الباحث 2/708، وأبو نعيم: الحلية 1/62، من طريق الحارث، ومداره على سفيان ابن فروة الأسلمي ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. (الجرح 2/219) . قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث بريدة عن أبيه في زيادات وألفاظ لم يتابع عليها، وصحّحه من حديث يزيد بن أبي عبيدة، عن سلمة بن الأكوع". وذكره البوصيري: الإتحاف 3/107، وسكت عليه، وابن حجر: المطالب العالية 4/240، وعزاه للحارث. وأخرجه مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1872، عن سلمة بن الأكوع وغيره، وذكره ابن حجر: التلخيص 4/106. وقال: "رواه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع مطولاً". 3 الوليد بن سويد يروي عن رجل من بني سليم عن أبي ذر، روى عن الزهري. (ابن حبان: الثقات 7/550) . 4 الربذة: قرية قديمة واقعة على طريق حاج بغداد القديم، وقد خربت هذه القرية وأصبحت خالية من السكان، وتسمى الآن البركة لوجود بركة عامر فيها، وتبعد عن المدينة مئة وخمسين كيلاً. (عالية نجد 2/570، معجم معالم الحجاز 4/2) .

عثمان بن عفان، فقال السلمي: "فأنا أظن في نفس أبي ذر على عثمان معتبه لإنزاله إياه بالرَّبَذَة1، فلما ذكر له عثمان عرض له بعض أهل العلم بذلك، وهو يظن أن في نفسه عليه معتبة، فلما ذكره قال: "لا تقل / [146 / أ] في عثمان إلاّ خيراً فإني أشهد لقد رأيت منه نظراً وشهدت منه مشهداً لا أنساه حتى أموت، كنت رجلاً ألتمس خلوات النبي صلى الله عليه وسلم لأسمع منه أو لآخذ منه، قال: فهجّرت2 يوماً من الأيام، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من بيته، فسألت عنه الخادم فأخبرني أنه في بيتٍ، فأتيته فهو جالس ليس عند أحد من الناس، وكان حينئذٍ أرى أنه في وحي، فسلمت عليه فردّ السلام، وقال لي: "ما جاء بك؟ "، فقلت: الله ورسوله. فأمرني أن أجلس فجلست إلى جنبه لأسأله عن شيء ولا يذكره لي فمكثت غير كبير ثم جاء أبو بكر مسرعاً فسلم عليه فردّ عليه السلام، قال: "ما جاء بك؟ "، قال: "جاء بيَ الله ورسوله"، فأشار إليه أن اجلس، إلى ربوة مقابل النبي صلى الله عليه وسلم الطريق بينه وبينها حتى إذا استوى جالساً أشار بيده فجلس إلى جنبي عن يميني، ثم جاء عمر ففعل مثل ذلك، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، وجلس إلى جنب أبي بكر على تلك الربوة، ثم جاء عثمان فسلم فردّ السلام، وقال: "ما جاء بك؟ "، قال: "جاء بيَ الله ورسوله"، فأشار بيده وقعد3 إلى الربوة، ثم أشار بيده فجلس إلى جنب عمر، فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة ولم أفقه أوّلها غير أنه قال: "قليل ما تبقين". ثم قبض على حصيات سبع أو تسع أو قريباً من ذلك، فسبحن في يده"،

_ 1 الصحيح أن أبا ذر نزل الربذة باختياره كما ثبت في الحديث. 2 التّهجير: التبكير والمباردة إلى كلّ شيء. (لسان العرب 5/255) . 3 في الأصل: (وفقعد) .

حتى سمع لها حنين كحنين النحل في كفّ النبي صلى الله عليه وسلم ثم ناولهن أبا بكر وجاوزني فسبّحن في كفّ أبي بكر كما سبّحن في كفّ النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخذهن منه فوضعهن1 إلى الأرض فخرسن، ثم ناولهن عمر فسبّحن في كفّه كما سبّحن في كفّ أبي بكر ثم أخذهن فوضعهن بالأرض فخرسن"2. وفيه عن أبي وائل: أن عمر بن الخطّاب بعث بشر بن عاصم3 على الصدقات، فتخلف فخرج عمر رضي الله غنه بالمكيال والميزان ومعه درته، فلقي بشر بن عاصم فقال: "يا بشر ما ترى لنا عليك حقّ سمع ولا طاعة؟ "، قال: "بلى يا أمير المؤمنين"، قال: "ما يمنعك أن تخرج إلى سمعنا وطاعتنا؟ "، قال: "وكيف وهم يزعمون أنا نظلمهم؟ "، قال: "ولِمَ؟ "، قال: نحسب السَّخْلة4 ولا نأخذها منه"، قال: "نعم. فاحسبها وإن جاء بها الراعي يحملها على كفّه، وأعلمهم أنا نترك لهم الرُّبَّا5

_ 1 في الأصل: (فوضهن) ، وهو تحريف. 2 ضعيف لجهالة الوليد بن سويد وشيخه. والحديث أخرجه من طريق آخر، خيثمة: فضائل الصحابة ق 248 / ب، 249 / أ، والبيهقي: دلائل النبوة 6/64، بنحوه وفي إسنادهما الكُديمي وصالح بن أبي الأخضر وهما ضعيفان. (التقريب رقم: 2844، 6419) ، وابن الجوزي: العلل المتناهية 1/201، 202، وقال: "هذا حديث لا يصحّ، قال يحيى بن معين: "صالح بن أبي الأخضر ليس بشيء"، قال الدارقطني: "وقد روي من طريق آخر والحديث مضطرب". وأورده السيوطي في الخصائص الكبرى 2/74، وعزاه للبزار والطبراني في الأوسط وأبي نعيم والبيهقي. 3 المخزومي: صحابي، كان عاملاً لعمر. (الإصابة 1/157) . 4 السَّخلة: تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد. والجمع سخال. (لسان العرب 11/332) . 5 الرُّبَّا: التي تربي في البيت من الغنم لأجل اللبن. وقيل: هي الشاة القريبة العهد بالولادة، وجمعها: رباب - بالضم -. (النهاية 2/180) .

والمَاخِض1، والأكولة2، وفحل الغنم". قال: "يا عمر، وما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدّث: "من ولي للمسلمين سلطاناً أوقف يوم القيامة فإن كان محسناً نجا"، قال: فانصرف عنه عمر كئيباً حزيناً، فلقيه أبو ذر، فقال: "يا عمر، أراك كئيباً حزيناً؟ "، وقال: "وما يمنعني وقد سمعت بشر بن عاصم يحدّث بكذا وكذا، عن النبي صلى الله عليه وسلم". قال أبو ذر: "أو ما سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم؟ "، قال: "لا". قال: "أشهد / [146 / ب] لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "ما من والٍ يلي المسلمين سلطاناً إلاّ وقف يوم القيامة فإن كان محسناً نجا"، فأيّ الحديثين أوجع قلبك يا عمر؟ "، قال: "كلا [هما] 3 قد أحربني، فمن يأخذها بما فيها؟ "، قال: "من سلت الله أنفه وألصق خدّه بالأرض أما إنا لا نعلم إلاّ خيراً وعسى إن وليته من لا يقوم بما فيها لا تنجو من إثمها"4. وفي أحاديث الرافقي5 عن عبد الله قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلاّ عند افتتاح الصلاة"6.

_ 1 الماخض: كلّ حامل ضربها الطلق. (لسان العرب 7/228) . 2 في الأصل: (الأكلة) ، وهو تحريف. وفي لسان العرب 11/21: (الأكولة: التي تسمن للأكل) . 3 سقط من الأصل. 4 لم أجده فيما تبقى من مسند الرّوياني. والحديث أخرجه الطبراني: المعجم الكبير 2/39، وفي إسناده سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف. (التقريب رقم: 2692) . وقال الهيثمي في: مجمع الزوائد 5/206: "رواه الطبراني وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك". وابن أبي شيبة: المصنف 12/217، من طريق آخر بنحوه، وإسناده منقطع بين محمّد الراسبي وبشر بن عاصم. وأورده ابن حجر في الإصابة 1/157. 5 محمّد بن أحمد الرّافقي، من القرن الرّابع. (المنتخب من مخطوطات الحديث ص285) . 6 الرافقي: جزء الرافقي ق 12 / أ، وفي إسناده محمّد بن جابر الحنفي، صدوق ذهبت كتبه فساء حفظه وخلط كثيراً، وعمي فصار يلقن. (التقريب رقم: 5776) .

وعن الأسود1 عن عمر: أنه رفع يديه في أوّل تكبيره ثم لم يعد2. وعن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يستفتحون القراءة بـ: {الحَمْدُ لله ربِّ العَالمِين} 3. وفي رواية: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم يجهروا بـ: {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 4. وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يخفون {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 5. وفي رواية: قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلّهم لا يقرأ6 {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 7. وفي رواية: خلف النبي صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر خلف عمر خلف عثمان خلف عليّ فلم أسمع أحداً منهم يجهر بـ: {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 8.

_ 1 الأسود بن يزيد النخعي، ثقة مكثر فقيه، توفي سنة أربع - أو خمس - وسبعين. (التقريب ص 111) . 2 الرافقي: جزء الرافقي ق 12 / أ، وفيه سيار بن نصر لم أجد له ترجمة. 3 الرافقي: جزء الرافقي ق 13 / أ - ب، والبخاري: الصحيح، كتاب صفة الصلاة 1/259، رقم: 710، ومسلم: الصّحيح، كتاب الصلاة 1/299، رقم: 399. 4 الرافقي: جزء الرافقي ق 13 / ب، مسلم: الصّحيح، كتاب الصلاة 1/299، رقم: 399، والبيهقي: السنن: 2/51. 5 الرافقي: جزء الرافقي ق 13 / ب. 6 المراد: لا يقرأ بها جهراً. 7 الرافقي: جزء الرافقي ق 14 / أ، وإسناده ضعيف، فيه عمرو بن أبي عمر الكَلاَعي، ضعيف. (التقريب رقم: 4953) . والبيهقي: السنن: 2/51، 52، من طريق آخر عن أنس وإسناده صحيح. 8 الرافقي: جزء الرافقي ق15/أوفي إسناده انقطاع، وعامر بن شريح لم أجد له ترجمة.

وفي رواية: وكلهم قرأها: {مَالِكِ1 يَوْمِ الدِّينِ} 2. وروي عن أبي وائل: أن عمر بن الخطّاب وعليّ بن أبي طالب كانا لا يجهران بـ: {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 3. وعن ابن عبد الله بن مغفل4 قال: "كان أبي إذا سمع رجلاً يقرأ {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال: "صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر فلم أسمع أحداً منهم يقرأ {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 5. وروي عن أبي هريرة قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "دية المسلم واليهودي والنصراني سواء"، وكان على عهد أبي بكر كذلك، وكان على عهد عمر كذلك، فلما صار الأمر إلى معاوية صيره إلى النصف من دية المسلم". قال الوليد6 عن الأوزاعي: "فلما استخلف عمر بن عبد العزيز ردّ الأمر

_ 1 وقرأ بها من السبعة: عاصم والكسائي، ومن الثلاثة: يعقوب وخلف في اختياره. والقراءة الثّانية: {مَلَكِ يَوْمِ الدِّينِ} قرأ بها الباقون. (البدور الزاهرة ص 13، إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر 1/363) . 2 الرافقي: جزء الرافقي ق 16 / أ، وإسناده ضعيف فيه خازم بن الحسين أبو إسحاق الحُميسي ضعيف. (التقريب رقم: 1614) . 3 الرافقي: جزء الرافقي ق 16 / ب، وإسناده ضعيف فيه سعيد بن المرزبان ضعيف مدلس وقد عنعن. 4 يزيد بن عبد الله بن مغفل المزني. (التقريب ص 695) . 5 الرافقي: جزء الرافقي ق 14 / ب، وعبد الرزاق: المصنف 2/88، وابن ماجه: السنن 1/267، والترمذي: السنن 1/12، 13، وحسنّه. وجميعهم عن ابن عبد الله بن مغفل. ذكره ابن أبي حاتم وسكت عنه. (الجرح والتعديل 3249) . قال الزيعلي في نصب الراية 1/332: "قال النووي في الخلاصة: "وقد ضعّف الحفاظ هذا الحديث وأنكروا على الترمذي تحسينه، كابن ماجه وابن عبد البرّ والخطيب، وقالوا: "إن مداره على ابن عبد الله بن مغفل، وهو مجهول". وضعّفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه ص 63، 64) . 6 الوليد بن مسلم القرشي مولاهم.

إلى القضاء الأوّل"1. وفي أحاديث أحمد بن ملاك القطيعي2 عن زُهرة بن معبد3 عن جدّه4 قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطّاب فقال: "والله لأنت يا رسول الله أحبّ إليّ من كلّ نفس إلا نفسي". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من نفسه ". قال عمر رضي الله غنه: فأنت الآن والله أحبّ إليَّ من نفسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فالآن يا عمر" 5. / [147 / أ] . وفي (مسند الرّوياني) وغيره ع ن عمران بن حصين؛ "أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "إنها زنت وهي حُبْلَى"، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليّها وقال: "أحسن إليها، فإذا وضعت فجئ بها"، فلما وضعت جاء بها فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فَشُكَّت6 عليها ثيابها، ثم أَمَرَ بها فرُجمت، ثم أمرهم فصلوا عليها، ثم دفنوها، فقال عمر بن الخطّاب: "يا نبي الله تُصَلِّي عليها وقد زنت؟ "، فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعَتْهم وهل وجدت [توبة

_ 1 الرافقي: جزء الرافقي ق20/ أ، ب، وفي إسناده الوليد بن مسلم مدلس وقد عنعن. 2 أحمد بن جفعر بن حمدان بن مالك القطيعي. 3 زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام القرشي التيمي، المدني، ثقة عابد، توفي سنة سبع وعشرين، ويقال: خمس وثلاثين ومئة. (التقريب ص 217) . 4 عبد الله بن هشام. 5 لم أجده فيما تبقى من أحاديث القطيعي. والحديث أخرجه أحمد: المسند 5/293، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف. وقد تابعه عليه متابعة تامة حيوة عند البخاري فيكون إسناده حسناً لغيره. 6 شكت: أي: جُمعت عليها ولُفّت لئلا تنكشف كأنها نُظِمَت وزُرّت عليها بشوكة أو خلال. (النهاية 2/495) .

أفضل] 1 من أن جادت بنفسها لله؟ " 2. وفي الصحيح عن عبد الله بن هشام قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطّاب، فقال له عمر: "يا رسول الله لأنت أحبّ إليّ من كلّ شيء إلاّ نفسي". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، والذي نفسي بيده حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك". فقال له عمر: "فإنه الآن، والله لأنت أحبُّ إلى من نفسي"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن يا عمر" 3. وفي أخبار عمر بن عبد العزيز للآجري4 عن مجاهد قال: "المهادي سبعة مضى خمسة وبقي اثنان". قال: خارجة5: "أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعمر بن العزيز"6. وقال سفيان الثوري: "الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعمر بن عبد العزيز"7. وفي الصحيحين عن محمّد بن المنكدر قال: "رأيت جابر بن عبد الله

_ 1 سقط من الأصل. 2 الرّوياني: المسند جـ 1 / ق 27 / ب، وإسناده صحيح، مسلم: الصّحيح، كتاب الحدود 3/1324، رقم: 1696. 3 البخاري: الصحيح، كتاب الأيمان والنذور 6/2446، رقم: 6457، وانظر: ص 221، 1148، 1165 4 محمّد بن الحسين البغدادي الآجري الحنبلي، صاحب المصنفات المفيدة: (الشريعة) ، (الرؤية) ، وغيرهما، توفي سنة ستّين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 2/243، سير أعلام النبلاء 16/133) . 5 خارجة بن مُعصب السّرخسي، متروك، وكان يدلس عن الكذّابين، ويقال: إنّ ابن معين كذّبه، توفي سنة ثمان وستين ومئة. (التقريب ص 186) . 6 الآجري: أخبار عمر بن عبد العزيز ص 51. 7 أبو داود: السنن 4/206، 207.

يحلف بالله أن ابن صياد الدّجال فقلت: تحلف بالله؟ قال: "إني سمعت عمر رضي الله غنه يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم"1. وفي (فضائل الصحابة) لإبراهيم بن عبد الرحمن المقدسي عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مكتوب على العرش: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله أبو بكر الصّدّيق، عمر الفاروق، عثمان ذو النّورين، يقتل مظلوماً"2. وفي جزء ابن الغوري3 عن ابن عباس: "ما في الجنة شجرة إلاّ مكتوب على ورقها4 لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، أبو بكر الصّدّيق، عمر الفاروق، عثمان ذو النّورين"5.

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 6/2677، رقم: 6922، مسلم: الصّحيح، كتاب الفتن وأشراط الساعة 4/2243، رقم: 2929. 2 إبراهيم المقدسي: فضائل الصحابة ق 308 / أ، وابن الجوزي: الموضوعات 1/337، وقال: "هذا حديث لا يصحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصوفي ومحمّد ابن مجيب كذابان، قاله يحيى بن معين". وابن عراق: تنزيه الشريعة 1/351، وقال: "فيه أبو بكر عبد الرحمن ومحمّد بن مجيب، قلت: قال الحافظ ابن حجر: "المتهم به عبد الرحمن". 3 محمّد بن أحمد الغوري، له مجلس من أماليه، توفي سنة تسع وثلاثين ومئتين. (تبصير المنتبه 3/1061، توضيح المشتبه 6/444) . 4 في الأصل " وقها " وهو تحريف. 5 الطبراني: المعجم الكبير 11/76، ابن حبان: المجروحين 2/116، ابن الجوزي: الموضوعات 1/337، وقال: "قال أبو حاتم بن حبان: "هذا باطل موضوع وعليّ ابن جميل كان يضع الحديث لا تحلّ الرواية عنه بحال". وقال أبو أحمد بن عيد: "لم يأتِ بهذا الحديث عن جرير غير عليّ، وعلي يحدّث بالبواطيل عن ثقات الناس فيسرق السرق". وابن عراق: تنزيه الشريعة 1/350، وعزاه للطبراني وقال: "من طريق عليّ بن جميل، وسرقه منه معروف بن أبي معروف البلخي، أخرجه ابن عدي، وقال: "معروف هذا غير معروف".

وفي (فضائل الصحابة) لأبي خيثمة1 قال: أمر المغيرة بن شعبة صعصعة بن صوحان2 أن يخطب الناس قال: "فتكلم فحمد الله وأثنى عليه، فقال: "إن الله عزوجل بعث محمّداً صلى الله عليه وسلم حين درست الآثار، وتهدمت الجَوادّ3، فبلّغ ما أرسل به، قال: فذكر حين قبضه الله عزوجل واستخلف أبو بكر فأقام المصحف وورث الكلالة، وكان قويّا في أمر الله عزوجل / [147/ب] ثم قبض أبو بكر - رحمه الله - يعني4 فولي عمر فمصر الأمصار، وفرض العطاء فكان قويّا في أمر الله ثم قبض عمر، واجتمع الناس على عثمان فكانت5 خلافته فزراً6 وقبله مدراً7 رحمه الله. قال المغيرة: "انظروا ما يقول"، قال: "أنت أمرتني أن أخطب فخطبت، وأمرتني أن أجلس فجلست"8. وفي حديث أبي الحارث الليث بن سعد عن عراك9 أن رجلاً انطلق

_ 1 هكذا في الأصل، ولعله خيثمة بن سليمان القرشي الطرابلسي، مؤلف: (فضائل الصحابة) ، توفي سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء 15/412، تذكرة الحفاظ 3/858) . 2 العبدي، تابعي كبير، مخضرم، ثقة، توفي في خلافة معاوية. (التقريب ص 276) . 3 في الأصل: (الجدار) ، وهو تحريف. والجَوادّ: الطرق، واحدها: جادة. وهي سواء الطريق ووسطه. (النهاية 1/245) . 4 هكذا في الأصل. 5 في الأصل: (فكان) ، وهو تحريف. 6 الفزر: الشقوق، وتفزّر الثوب والحائط: تشقق وتقطع وبلي. (لسان العرب 5/53) . 7 المَدَر: قطع الطين اليابس، وفي حديث جابر: (ثم مداره) ، أي: طيناه وأصلحاه بالمدر، وهو الطين المتماسك، لئلا يخرج منه الماء. (لسان العرب 5/162) . 8 لم أجده فيما تبقى من فضائل الصحابة لخيثمة. 9 عِراك بن مالك الغفاري، المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، توفي في خلافة يزيد بن عبد الملك. (التقريب ص 388) .

إلى البحرين، فقالت له أمرأته: "انطلق بوليدتي هذه فبعها"، فأشهد على قولها نفراً من المسلمين، فلما قدم البحرين وقفها في السوق حتى إذا انتهى ثمنها أشهد نفراً من المسلمين أني قد أخذتها لنفسي بهذا الثمن، وأن الرجل لما قدم إلى أهله، وعلمت أنه قد اشتراها أتت عمر رضي الله غنه فقالت: "إن زوجي قد وقع على وليدتي"، قال: "والله لَئِنْ كنت صدقت لأرجمنَّه". فأقام البيّنة أنّها أمرأته ببيعها وأقام البيّنة أنه وقفها في السوق حتى انتهى ثمنها ثم ابتاعها، فجلدها الحدّ"1. وفي مجلس أبي مخلد العطار2 عن جابر بن عبد الله قال: "رأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم أكل طعاماً مما مسَّت النار ثم صلى ولم يتوضّأ، ثم رأيت أبا بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم أكل طعاماً مما مسّت النار ثم صلّى ولم يتوضّأ، ورأيت عمر بن الخطّاب من بعد أبي بكر - يعني: أكل طعاماً مما مست النار، ثم صلّى ولم يتوضّأ"3. وفي (الأربعين) لصلاح الدين أبي بكر أحمد بن المُقرِّب4 عن ابن عباس

_ 1 لم أجده. 2 محمّد بن مخلد بن حفص، الدوري ثم البغدادي، مأمون، توفي سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 3/310، سير أعلام النبلاء 15/256) . 3 ابن أبي شيبة: المصنف 1/47، وأحمد: المسند 3/307، وأبو داود: السنن 1/49، مختصراً، والترمذي: السنن 1/116، بنحوه، وقال: "حسن صحيح". وصحّحه أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي 1/116، رقم: 80، والألباني صحيح سنن الترمذي 1/25، وصحيح ابن أبي داود رقم: 185. 4 أحمد بن المُقرّب البغدادي الكرخي، شيخ دين كيّس، صحيح السماع، نسخ الأجزاء، وله أصول حسنة، توفي سنة ثلاث وستّين وخمس مئة. (سير أعلام النبلاء 20/473، شذرات الذهب 4/208) .

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة ونظر إلى عمر بن الخطّاب رضي الله غنه فتبسم فقال: "يا عمر هل تدري لم تبسمت إليك؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: "إن ربّك عزوجل باهى بأصحابي عشية عرفة وباهى بك خاصة" 1. وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن رباح2 عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى العصر، فقام رجل يصلّي فرآه عمر فقال له: "اجلس فإنما أهلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحسن ابن الخطاب" 3. وفي الصحيح: أن عمر أمر رجلاً ضرب/ [148/أ] الحدّ غائباً عنه4. وقال ابن شهاب: "أخبرني عروة بن الزبير: أن عمر غرَّبَ - يعني: في الحدّ - ثم لم تزل تلك السنة"5.

_ 1 الطبراني: المعجم الكبير 1/182، وإسناده ضعيف لأجل ارشدين بن سعد، كان صالحاً في دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث". (التقريب رقم: 1942) ، قال الهيثمي: مجمع الزوائد 9/70: "وفيه رشدين بن سعد، وهو مختلف في الاحتجاج به". وابن الجوزي: العلل المنتاهية 1/192، وقال: "هذا حديث لا يصحّ، قال ابن حبان: "موسى بن عبد الرحمن دجال يضع الحديث". 2 الأنصاري، ثقة، من الثالثة، قتلته الأزارقة. (التقريب ص 302) . 3 أحمد: المسند 5/369، وإسناده صحيح. 4 البخاري: الصحيح، كتاب المحاربين 6/2515، تعليقاً، ووصله سعيد بن منصور في سننه كما في فتح الباري 12/186، قال الحافظ ابن حجر: "وقد ورد ذلك عن عمر في عدة آثار منها ما أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح". 5 البخاري: الصحيح، كتاب المحاربين 6/2507، رقم: 6444، قال الحافظ في فتح الباري 12/158: "قال ابن شهاب: هو موصول بالسند المذكور". أي: السند الذي قبله.

وقال البخاري: "لم يعاقب عمر صاحب الظبي"1. وذلك أن رجلاً قتل ظبياً وهو محرم فاستفتى عمر، فأوجب عليه شاة ولم يعاقبه بشيء واسم الرجل: قبيصة بن جابر2. وفي (الإخوة والأخوات) ، لابن السُّنِّي عن عثمان بن مظعون قال: "كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرّ به عمر بن الخطّاب فقال: "هذا غلق الفتنة"، وأشار إليه بيده، وقال: "لا يزال بينكم وبين الفتنة باباً شديداً مغلقاً ما دام هذا بين أظهركم" 3. وفي (الإخوة) ، لابن السُّنِّي عن الصَّعْب بن جثّامة4: أنه كان تزوج امرأة أخيه محلم بن جثامة5 بعد أخيه ولها منه غلام فتوفي ابن أخيه في زمن عمر بن الخطّاب فاعتزل الصعب امرأته قال: فذكر لعمر بن الخطاب قال، فقال له عمر: "ما حملك على اعتزالك امرأتك مذ توفي ابنها؟ "، قال: "كرهت أن أدخل في رحمها6 من لا حق له في الميراث". قال له عمر: "أنت الرجل يهدى للرشد، وتوفق له"، ثم كتب بذلك إلى الأجناد من كان تحته امرأة ولها

_ 1 البخاري: الصحيح، كتاب المحاربين 6/2500، تعليقاً ووصله سعيد بن منصور في سننه كما في فتح الباري 12/132، قال الحافظ: "ووصله سعيد بن منصور بسند صحيح". 2 ابن حجر: فتح الباري 12/132. 3 البزار: كما في كشف الأستار 3/176، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/72، وقال: "رواه الطبراني والبزار وفيه جماعة لم أعرفهم، ويحيى بن متوكل ضعيف". وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 23. 4 الليثي، صحابي، عاش إلى خلافة عثمان. (التقريب ص 276) . 5 الليثي، قيل: إنه مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ودفن فلفظته الأرض مرة بعد أخرى. (الإصابة 6/49) . 6 في الأصل: (حمها) ، وهو تحريف.

ولد من غيره ثم توفي ولدها فلا يقرّبنّها حتى يستبرئ رحمها"1. وفي (جزء أبي الجهم) 2 عن ابن عباس قال: "خطبنا عمر بن الخطّاب فقال: "إن أخوف ما أخاف عليكم تغير الزمان، وزيغة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون يضلون الناس بغير علم"3. وفي (صحيح البخاري) عن صفية بنت أبي عبيد: أن عبداً من رقيق الإمارة وقع على وليدة من الخمس، فاستكرهها حتى افْتَضَّها، فجلده عمر الحدَّ ونفاه، ولم يجلد الوليدة من أجل أنه استكرهها4. وفي (مسند الرّوياني) عن عامر الشعبي قال: "كان رجلان من الأنصار أخوان في دارٍ، فغزا أحدهما في جيش من جيوش المسلمين وبقي الآخر، قال: فأتت الشاهد امرأته، فقالت: "هل لك في امرأة أخيك عندها رجل". فلم تزل به حتى رقته على سلم فاطلع فرأى رجلاً متكئاً تنتف له دجاجة وهو يقول: وأشعث غره الإسلام مني ... خلوت بعرسه ليل التمام أبيت على ترائبها5 ويمسي ... على أدماء6 مشرفة الحزام

_ 1 لم أجده. 2 العلاءُ بن موسى الباهلي البغدادي، صاحب ذلك الجزء العالي، توفي سنة ثمان وعشرين ومئتين. (تاريخ بغداد 12/240، سير أعلام النبلاء 10/526) . 3 أبو الجهم: جزء الجهم ق 64 / أ، وإسناده ضعيف لأجل مجالد بن سعيد، وقد سبق تخريجه ص 850. 4 البخاري: الصحيح، كتاب الإكراه 6/2548، تعليقاً، ووصله أبو القاسم البغوي كما في فتح الباري 12/322. 5 الترائب: موضع القلادة من الصدر. (لسان العرب 1/230) . 6 الأدمة في الإبل: البياض الشديد. يقال: بعير آدم وناقة أدماء. (لسان العرب 12/12) .

كأن مجامع الرّبلات1 منها ... ثمامٌ2 قد جمعن إلى ثمام قال: فنَزل إليه فقتله قال: فقام عمر خطيباً حين أصبح فقال: "أنشد الله رجلاً كان عنده / [148 / ب] من هذا القتيل علم لما قام"، قال: فقام الرجل فقال: "يا أمير المؤمنين، عندي منه علم". قال: فقصّ عليه القصّة، فقال عمر: "أبعده الله"3. وفيه عن صفية بنت بحرة4: أن خداش5 استوهب من رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة قالت: فكان عمر بن الخطّاب إذا جاءنا سألنا فأخرجناها له، وملأناها من ماء زمزم، فشرب منها وغسل وجهه، فعدا علينا سارق فسرقنا وسرقها فيما سرق، فجاءنا عمر فسألنا عنها فأخبرناه أنها سرقت فضرب بإحدى يديه على الأخرى وقال: "لله أبوه سرق6 صحفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. "قال: فسمعته ما سبه ولا لعنه حتى انصرف"7. وفي (معجم أبي يعلى الموصلي) 8 وغيره عن محمّد بن كعب القرظي

_ 1 الرّبلات: أصول الأفخاذ. (لسان العرب 11/263) . 2 الثّمام: نبت معروف في البادية ولا تجهده النعم إلاّ في الجدوبة. (لسان العرب 12/80) . 3 لم أجده في مسند الروياني، والأثر في ابن أبي شيبة: المصنف 9/404، وفيه انقطاع بين الشعبي وعمر، الشعبي لم يدرك خلافة عمر، ولم يصرح بمن روى عنه. وعبد الرزاق: المصنف 9/435، عن أبي عبد الله بن عبد مختصراً ومرسلاً. 4 روى عنها أيوب بن ثابت. (ابن حبان: الثقات 4/386) . 5 خداش بن أبي خداش المكي. (الإصابة 2/105) . 6 في الأصل: (سرقت) ، وهو تحريف. 7 لم أجده فيما تبقى من مسند الروياني، والأثر أورده ابن حجر في الإصابة 1/105، وعزاه لابن منده وأبي موسى، وقال: "قال ابن السكن: "ليس بمشهور روى عنه حديث في إسناده نظر". 8 الإمام الحافظ أحمد بن عليّ التميمي الموصلي، صاحب (المسند) ، و (المعجم) ، توفي سنة سبع وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء 14/174، والوافي بالوفيات 7/241) .

قال: "بينما عمر بن الخطّاب رضي الله غنه ذات يوم جالس إذ مرّ به رجل، فقيل: "يا أمير المؤمنين أتعرف هذا المار؟ "، قال: "ومن هذا؟ "، قالوا: "هذا سواد بن قارب1 الذي أتاه رئيّه2 بظهور النبي صلى الله عليه وسلم قال: فأرسل إليه عمر رضي الله غنه فقال له: "أنت سواد بن قارب؟ "، قال: "نعم". قال: "أنت الذي أتاك رَئيُّك بظهور النبي صلى الله عليه وسلم؟ "، قال: "نعم"، قال: "فأنت على ما كنت عليه من كهانتك؟ "، قال: فغضب، وقال: "ما استقبلني بهذا أحد منذ أسلمت يا أمير المؤمنين". قال عمر: "يا سبحان الله، ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك، فأخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم". قال: "نعم. يا أمير المؤمنين، بينا أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتاني رَئي فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول الله من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عزوجل وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول: عجبتُ للجنّ وتطلاَبِها ... وشدّهَا العيسَ بأقتَابها تهوي إلى مكّة تبغى الهُدى ... ما صادق الجنّ ككذابها فارحل الصفوة من هاشم ... ليس قُدَامَها كأذنابها قال: قلت: دعني أنام، فإني أمسيت ناعساً، فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن

_ 1 الدوسي. قال البخاري: (له صحبة) . (الإصابة 3/148) . 2 رئيّه: يقال للتابع من الجنّ رَئيّ بوزن كميّ، وهو فعيل أو فعول، سُمِّي به لأنه يتراءى لمتبوعه، أو هو من الرّأي. (النهاية 2/178) .

كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو1 إلى الله عزوجل وإلى عبادته ثم أنشأ يقول: عجبتُ للجنّ وتخبَارِها ... وشدّها العيسَ بأكوراها / [149/أ] تهوي إلى مكّة تبغى الهُدى ... ما مؤمن الجنّ كَكُفَّارها فارحل إلى الصفوة من هاشم ... بين روابيها وأحجارها يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل، فإنه قد بعث رسول الله من لؤي بن غالب يدعو2 إلى الله عزوجل وإلى عبادته ثم أنشأ يقول: عجبتُ للجنّ وتجساسها ... وشدّها العيسَ بأحلاسها تهوي إلى مكّة تبغى الهُدى ... ما خير الجنّ كأنجاسها فارحل إلى الصفوة من هاشمٍ ... واسمُ بعينيك إلى راسها فقمت فقلت: قد امتحن الله قلبي، فرحَّلتُ ناقتي، ثم أتيت المدينة فإذا رسول الله وأصحابه حوله فدنوت فقلت: اسمع مقالتي يا رسول الله، قال: هات فأنشأت أقول: أتاني نجيبِي بين هدء ورقدة ... ولم يك فيما قد بلوت بكاذب ثلاثُ ليالٍ قوله كلِّ ليلة ... أتاك رسول من لؤيٍّ بن غالب فشمَّرتُ عن ذيلي الإزار ووسطت ... بيَ الذَّعِلبُ3 الوَجناءُ بين السَّباسِبِ4

_ 1 في الأصل: (يدعوا) ، وهو تحريف. 2 في الأصل: (يدعوا) ، وهو تحريف. 3 جمل ذعْلِب: سريع باقٍ على السير. (لسان العرب 1/388) . 4 السََبْسَبُ: القفرُ والمفازة. (لسان العرب 1/460) .

فأشهد أن الله لا شيءَ غيرُهُ ... وأنك مأمون على كلّ غائبٍ وأنك أدنى المرسلين وسيلة ... إلى الله يابن الأكرمينَ الأطايبِ فمرنا بما يأتيك يا خيرَ من مشى ... وإن كان فيما جاء شَيْبُ الذُّوائب وكن لي شفيعاً يوم لا ذي شفاعة ... سواك بمغن عن سواد بن قارب فقال: ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بها فرحاً شديداً حتى رئي الفرح في وجوههم، قال: فوثب عمر بن الخطّاب فالتزمه وقال: "قد كنت أشتهي أن أسمع هذا الحديث منك، فهل يأتيك رَئِيُّك اليوم؟ "، قال: أما منذ قرأت القرآن فلا، ونعم العِوَضُ كتاب الله عزوجل من الجنّ، ثم أنشأ عمر يقول: "كنا يوماً في حيّ من قريش يقال له آل ذريح وقد ذبحوا عجلاً لهم فالجزار يعالجه إذ سمعنا صوتاً1 من جوف العجل ولا نرى شيئاً: يا آل ذريح، أمر نجيح، صائح يصيح بلسان فصيح، أشهد أن لا إله إلاّ الله"2. / [149 / ب] . وفي (الموطّأ) عن ابن عمر: أن عمر بن الخطّاب قال: "أيّما وليدة ولدت من سَيِّدها، فإنه لا يبعها ولا يهبها، وهو يستمتع منها ما عاش فإذا مات فهي حرة"3. وقال مالك: "إنه بلغه أن عمر أتَتْهُ وليدةٌ قد ضربها سيِّدُها، أو أصابها

_ 1 في الأصل: (صواتاً) ، وهو تحريف. 2 أبو يعلى: المعجم ص 346، 350، وإسناده تالف لأجل عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي متروك وكذبه ابن معين. (التقريب رقم: 4493) . وفيه أيضاً انقطاع بين محمّد بن كعب وعمر، والبيهقي: دلائل النبوة 2/252، من طريق أبي يعلى، والحاكم: المستدرك 3/608، قال الذهبي في تلخيصه: "والإسناد منقطع". 3 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 2/403، وإسناده صحيح.

بنار فأعتقها"1. وقال: "إنه بلغه أن عمر قال: "اتَّجِرُوا في أموال اليتامى، لا تأكلُها الزكاة"2. وفيه عن سفيان بن عبد الله3: أن عمر بن الخطّاب بعثه مُصدِّقاً وكان يَعُدُّ على الناس بالسَّخْلِ، فقالوا: "تَعُدُّ علينا بالسَّخْلِ، ولا تأخذ منه شيئاً؟ فلما قدم على عمر بن الخطّاب ذكرَ ذلك له، فقال عمر بن الخطّاب: "نعم، نَعُدُّ عليهم بالسَّخْلَةِ يحمِلُها الرّاعي، ولا نأخُذُها، ولا نأخُذُ الأكولةَ ولا الرُّبَّاء ولا المَاخضَ، ولا فحل الغنم ونأخذ الجذعة والثنية، وذلك عدل بين غِذَاءِ4 المالِ وخياره"5. وفيه عن زيد بن أسلم عن أخيه67: أن عمر بن الخطّاب أفطر ذات يومٍ في رمضان في يوم ذي غيمٍ، وَرَأى أنّه قد أمسى وغابتِ الشمس، فجاءه رجلٌ فقال: "يا أمير المؤمنين، قد طلعت الشمس". فقال عمر بن الخطّاب: "الخطب يسيرٌ، وقد اجتهدنا". قال مالك بن أنس8: "يريد بذلك القضاء، ويسارة مؤونته وخفته فيما

_ 1 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 2/403، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين مالك وعمر. 2 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/257، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين مالك وعمر. 3 الثقفي الطائفي، صحابي، وكان عامل عمر على الطائف. (التقريب ص 244) . 4 جمع غذي: أي: سخال. (القاموس ص 1698) . 5 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/272) وإسناده ضعيف لجهالة ابن عبد الله بن سفيان الثقفي. 6 في رواية أبي مصعب: (عن أبيه) . 7 خالدبن أسلم القرشي العدوي أخوزيد مولىعمر صدوق، من الخامسة. (التقريب ص186) . 8 في الأصل: (قال عمر بن الخطاب) ، والمثبت من الموطّأ.

يُرَى. والله أعلم"1. وعن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطّاب قال: "كَرَمُ المرء تَقْوَاهُ، ودينُه حَسَبُهُ، ومُرُوءَتُه خُلُقُهُ، والجرُأَةُ والجبنُ غرائز يضعها الله حيث شاء، فالجبان يفرّ عن أبيه وأُمِّه، والجريء يُقَاتِلُ عَمَّا لا يبالي ولا يؤوب إلى رحلِهِ، والقتل حتفٌ من الحتُوفِ، والشهيد من احتسب نفسه على الله"2. وعن زيد بن أسلم قال: "كتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر يذكر له جموعاً من الروم وما يتخوف منهم، فكتب إليه عمر بن الخطّاب: أما بعد، فإنه مَهْمَا ينزلِ بعبدٍ مؤمنٍ من منزلٍ شدَّةٍ يجعل الله من بعدها فرجاً، وإنه لن يغلبَ عسرٌ يُسْرَين، وإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا واتَّقُوا الله لَعَلَّكُم تُفْلِحُون} " [آل عمر: 200] 3. وعن أسلم مولى عمر: أن عمر وجد ريح طيبٍ وهو بالشجرة4 فقال: "ممن ريحُ هذا الطيب؟ "، فقال معاوية بن أبي سفيان: "مني يا أمير المؤمنين". فقال عمر: "منكَ لَعَمْري" فقال معاوية: "إِنَّ أُمَّ حبيبة5 طيبتني يا أمير المؤمنين". فقال عمر: "عزمت عليك لترجعن فلتغسلنّه"6. وعن الصّلت بن زُبَيْدٍ7 عن غير واحدٍ من أهله: أن عمر بن الخطّاب وجد

_ 1 مالك: الموطّأ (رواية يحبى بن يحيى) ص 154، ورواية أبي مصعب1/316، وإسناده صحيح. 2 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/367، وهو ضعيف لانقطاعه بين يحيى بن سعيد وعمر. وانظر: ص 680. 3 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/379، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين زيد بن أسلم وعمر. 4 الشّجرة: سَمُرة بذي الحليفة على ستّة أميال من المدينة. (معجم البلدان 3/325) . 5 رملة بنت أبي سفيان، أم المؤمنين، توفيت سنة اثنتين وأربعين. (التقريب ص747) . 6 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/417، وإسناده صحيح. 7 الصّلت بن زبِيد بن الصَلت الكندي المدني، يروى عن سليمان بن يسار، ورى يسار، روى عنه عبد العزيز بن أبي سلمة. (ابن حبان: الثقات 6/472) .

ريحَ طيبٍ هو بالشجرة، وإلى جنبه كثيرُ بن الصّلت، فقال عمر: "ممن ريح هذا الطيب؟ "، فقال كثير: "مني لبدت رأسي وأردتُ أن أحلق". فقال عمر: "اذهب إلى شَرَبَة1 فادلك رأسكَ حتى تنقيه ففعل كثيرُ بن الصّلت"2. وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن عمر بن الخطّاب قال: "يا أهل مكّة ما شأن الناس يأتون شُعثاً3 وأنتم مُدَّهنون4 أهلُّوا إذا رأيتم الهلال"5. وعن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطّاب قال: "افصلوا بين حجّكم وعمرتكم، فإنّه أتمّ لحجّ أحدكم، وأتمّ لعمرته، أن يعتمر في غير أشهر الحجّ"6. وفي الصحيح: أن عمر لاعن عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم7. وفيه: أن عمر قال لعبد الرحمن بن عوف: "لو رأيت رجلاً على حدٍّ، زناً أو سرقةٍ، وأنت أمير؟ ". فقال: "شهادتك شهادة رجل من المسلمين". قال: "صدقت"8. / [150 / أ] . وفي (المختارة للضياء) 9 عن معاوية بن قرة المزني قال: "أتيت

_ 1 في رواية يحيى ص 170: (قال مالك: الشربة: حفيرة تكون عند أصل النخلة) . 2 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/418، وإسناده ضعيف لإبهام شيوخ الصّلت بن زييد. 3 شعثاً: أي: مغبرين متلبدين. (القاموس ص 219) . 4 في الأصل: (مدهونون) . 5 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/429، وإسناده صحيح إلى القاسم. 6 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/444، وإسناده صحيح. 7 البخاري: الصحيح، كتاب الأحكام 6/2621، تعليقاً. 8 البخاري: الصحيح، كتاب الأحكام 6/2622، تعليقاً. 9 محمّد بن عبد الواحد المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، صاحب التصانيف المفيدة: (الأحكام) ، (النهي عن سبّ الأصحاب) ، وغيرهما، توفي سنة ثلاث وأربعين وستّ مئة. (ذيل طبقات الحنابلة 2/236) .

المربد1 زمان الأقط والسمن، قال: والأعراب تجول بذلك، فإذا أنا برجل طامح2 بصره ينظر إلى الناس، فظننته غريباً فدنوت منه، فقال: "أمن أهل هذه أنت؟ "، قلت: "نعم". قال: "ألا أحدّثك حديثاً شهدته من عمر بن الخطّاب رضي الله غنه؟ "، قلت: "ومن أنت؟ "، قال: "كهمس3 رجل من بني هلال، أو من بني سلول، إني كنت عند عمر بن الخطّاب أتته امرأته فقالت: "يا أمير المؤمنين، إن زوجي قد كثر شرّه، وقلّ خيره". قال لها عمر: "ومن زوجك؟ "، قالت: "أبو سلمة"، قال: فعرفه عمر رضي الله غنه، فإذا رجل له صحبة، فقال لهاعمر: "ما نعلم من زوجك إلاّ خيراً"، ثم قال لرجل عنده: "ما تقول أنت؟ "، فقال: "يا أمير المؤمنين، لا نعلم إلاّ ذلك". فأرسل إلى زوجها وأمرها فقعدت خلف ظهره، فلم يلبث أن جاء الرجل مع زوجها، فقال له عمر: "أتعرف هذه؟ "، قال: "ومن هذه يا أمير المؤمنين؟ "، قال: "هذه امرأتك"، قال: "وتقول ماذا؟ "، قال: "تزعم أنه كثر شرُّكَ وقلَّ خيرُك"، قال: "بئسما قالت يا أمير المؤمنين، والله إنّها لأكثر نسائها كسوة، وأكثره رفاهية بيتٍ، ولكن بعلها بَكيء"4. فقال: "ما تقولين؟ "، قالت: "صدق". فأخذ

_ 1 المربد: من أشهر محال البصرة، وكان سوق الإبل فيه قديماً، ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس، وبه كانت مفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء. (معجم البلدان 5/98) . 2 طمح بصره إليه: ارتفع. (القاموس ص 296) . 3 صحابي سكن البصرة. (الثقات لابن حبان 3/356، الإصابة 6/314) . 4 بكئءٌ وبكئيةٌ: الناقة والشاة إذا قلّ لَبَنُها. (النهاية 1/148) ، وكأنه يعني أن زوجها لا يستطيع الجماع.

الدّرَّة فقام إليها فتناولها وهو يقول: "يا عدوة نفسها أفنيت شبابه، وأكلت ماله، ثم أنشأت تشنين عليه ما ليس فيه". فقالت: "يا أمير المؤمنين، أقلني في هذه المرّة، والله لا تراني في هذا المقعد أبداً". فدعا بأثواب ثلاثة فقال لها: "اتّقي الله وأحسني صحبة هذا الشيخ". ثم أقبل عليه فقال: "لا يمنعك ما رأيتني صنعت بها أن تحسن صحبتها". قال: "أفعل يا أمير المؤمنين"، قال: "كأني أنظر إليها أخذت الأثواب منطلقة، ثم إني سمعت عمر رضي الله غنه يقول: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خير أمتي القرن الذي أنا فيه، ثم الذين يلونه، ثم الذين يلونه، ثم يجيء قوم تسبق شهادته أيمانهم، يشهدون قبل أن يستشهدوا لهم في أسواقهم لغط" 1، 2. وفي أحاديث أبي عمر الزاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينادي منادي يوم القيامة من تحت العرش، أين أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم فيؤتى بأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ - رضي الله عنهم - فيقال لأبي بكر: قف على باب الجنة فأدخل من شئت برحمة الله عزوجل واردع3 من شئت بعلم الله عزوجل، ويقال لعمر بن الخطاب رضي الله غنه: قف على الميزان فثقّل من شئت برحمة الله عزوجل، وخفّف من شئت بعلم الله عزوجل، ويكسى

_ 1 اللغط: الصوت والجلبة. (القاموس ص 885) . 2 الضياء المقدسي: المختارة 1/391، بأخصر، وإسناده صحيح. والطيالسي: المسند ص 8. ومن طريق أبي داود رواه البزار: المسند 15/22، وذكره الهيثمي: مجمع الزوائد 10/91، ونسبه للبزار وقال: "رجاله ثقات". وابن حجر: المطالب العالية 2/50، 4/151، وعزاه للطيالسي. 3 في الأصل: (وادرع) ، وهو تحريف.

عثمان رضي الله غنه [حُلتين] 1 ويقال له: البسهما فإني خلقتهما، أو ادخرتهما حين أنشأت خلق السموات الأرض، ويُعطي عليّ رضي الله غنه عصا عوسج من الشجرة التي غرسها الله عزوجل بيده في الجنة، ويقال: "ذد الناس عن الحوض". فقال بعض أهل العلم: "لقد واسى الله عزوجل بينهم في الفضل والكرامة"2. وفي أحاديث عفان بن مسلم الصفار عن سويد بن غَفَلَة، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله غنه: "عجّلوا العِشاء قبل [أن] 3 ينام المريض ويكسل العامل"4. وعن أنس بن مالك: أن عمر أُتي بسارق فقال: "والله ما سرقت قط قبلها"، فقال: "كذبت ما كان الله ليسلم عبده أوّل ذنبه". فقطعه رضي الله غنه"5. فصل وجدت أظن في "المنثورة" للضياء ثنا محمّد6 ثنا أبو عثمان

_ 1 سقط من الأصل. 2 أبو عمر الزاهد: حديث أبي عمر الزاهد ق 65 / ب، وفي إسناده من لم أجد له ترجمة. وأبو بكر الشافعي: الفوائد ق 11 / أ، وورده ابن عراق: تنزيه الشريعة 1/369، وعزاه إلى أبي بكر الشافعي، وقال في إسناده جماعة مجهولون. 3 سقط من الأصل. 4 ابن أبي شيبة: المصنف 1/331، وإسناده صحيح. 5 لم أجده. 6 محمّد بن يزيد المُبَرَّد الأزدي البصري النحوي، صحاب (الكامل) ، إمام النحو، توفي سنة ستّ وثمانين ومئتين. (تاريخ بغداد3/380، سير أعلام النبلاء 13/576) .

المازني1 ثنا الأصمعي عن سلمة بن بلال2 عن مجالد بن سعيد الشعبي قال: "اصطرع عمر بن الخطّاب وخالد بن الوليد وهما غلامان، وكان خالدٌ بن خال3 عمر، فكسر خالد ساق عمر - رضي الله عنهما - فعولجت وجبرت، وكان ذلك سبب العداوة بينهما"4. وذكر أهل التاريخ: أن خالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويرة قدم أخوه إلى المدينة ودخل على عمر بن الخطّاب وأنشده ما قال فيه [من] 5 الشعر فقام معه ودخل على أبي بكر، وقام معه على خالد، فأرسل أبو بكر إلى خالد، فقدم وقد غرز أسهماً في رأسه، فدخل المسجد فرآه عمر بن الخطّاب فقام، فأخذ الأسهم من رأسه وكسرها، وقال: "قتلت رجلاً مؤمناً وزنيت بامرأته6، لأرجمنّك بأحجارك، فخاف خالد أن يكون أبو بكر الصّدّيق موافقه على ذلك فقام ودخل عليه واعتذر إليه فعذره، ثم قام فخرج فإذا عمر فقال: "هلم إليّ يا ابن أم عمر7 فعلم أن أبا بكر

_ 1 بكر بن محمّد المازني البصري، صاحب (التصريف) ، إمام العربية، توفي سنة سبع وأربعين ومئتين. (أخبار النحويين البصريين ص74، سير أعلام النبلاء12/270) . 2 لم أجد له ترجمة. 3 في الأصل: (خالة) ، وهو تحريف. 4 ابن كثير: التاريخ 4/118، وهو ضعيف لانقطاعه، ومجالد ضعيف. 5 سقط من الأصل. 6 هذا القول غير ثابت عن أمير المؤمنين عمر، ولو صحّت هذه الرواية لاستحال أن يبقيه أبو بكر رضي الله غنه في قيادة الجيش، وأما ما يُحاك حول زواج خالد بامرأة مالك من الخيالات الشائنة فليس إلا صنع يد الكذّابين، ولم يذكر منه شيء بسند صحيح. 7 في الأصل: (عمرو) ، وهو تحريف.

رضي الله عنه، رضي عنه فقام ثم دخل على أبي بكر فكلمه في أمره، فقال: "هب أن خالداً اجتهد فأخطأ، قد اجتهد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأخطأ فوداهم النبي صلى الله عليه وسلم من عنده فوداه أبو بكر1. ولما عزله عمر من إمرة الشام وأمّر أبا عبيدة كتب عمر إلى أبي عبيدة: إن أكذب خالد نفسه فاتركه فيها، فقام فدخل على أخته واستشارها فقالت: "تعلم أن عمر لا يحبك، ولا يتركك فيها وإن أكذبت نفسك"2. ولم أدر تكذيب نفسه عماذا؟ وفحصت عن ذلك فلم أجده3. وسألت جماعة من شيوخنا وغيرهم، فما أخبرني أحد عنها بعلم4. فصل قويت شدّة عمر في الدين وصلُبت عزائمه، فلما حانت الهجرة سلك مسلك القضاء واختال في مِشْية الأسد، فقال عند خروجه: "هَا أنا أخرج إلى الهجرة فمن أراد لقائي فليلقنِي في بطن هذا الوادي". لما ولي الخلافة شمَّر عن ساق جدّه، وكظم عن هوى نفسه، وحمل في الله فوق طاقته. شعر: تحدّث ولا تجزع بكلّ عجيبةٍ ... عن البحر أو تلك الخِلال الزَّواهر ولا عيبَ في أخلاقه غير أنّها ... فرائد دُرٍّ ما لها من نظائر

_ 1 الطبري: التاريخ 3/277، 280، ابن كثير: التاريخ 3/326، 327. 2 الطبري: التاريخ 3/436، ابن كثير: التاريخ 4/19. 3 في الأصل: (فلم جده) ، وهو تحريف. 4 لعل المراد: أن يقرّ بخطئه. فقد ثبت في مسند الإمام أحمد أن عمر قال: ( ... وإني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس، وذا الشرف وذا اللسان فنزعته وأمّرت أبا عبيدة بن الجراح". (المسند 3/475، 476) ، وانظر: ق 70 / أ.

يقرّ له بالفضل كلّ منازعٍ ... إذا قيل يوم الفخر هل من مفاخرٍ1 / [151 / أ] . ما زال الإسلام قرير العين، لما كان مفتوح العين، شمل الكلّ برّه وإحسانه، وقلا: "والله لئن بقيت ليأتين الراعي بجبل صنعاء حَظَّهُ من هذا المال، وهو يرعى مكانه". خاف التقصير فجد واصطبر، وقال: "لو مات جَدْيٌ بالفرات خشيت أن يحاسب به عمر". وكان من شدّة التشمير يرى فيه عمله القلة، فكان يقول عند موته: "الويل لعمر إن لم يغفر له". شعر: متيقظُ العَزماتِ مُذ نهضت به ... عزماتُه نحو العُلَى لم يقعدِ ويكاد من نور البصير أن يرى ... في يومِه فعلَ العواقب في غدِ2 صايح الوفد في القوم جهراً: ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر، كأن أقدامه في الدّجى قائمة، وعينه ساهرة لا نائمة وهمته على الطاعة عازمة، هذه أفعل النفوس الحازمة، طالما غسل وجهه بالدموع، وأذلّ نفسه بالخشوع والخضوع، وأذاب نفسه ومهجته بالظما والجوع، خاطر بنفسه في المهالك، فأصبحت سالمة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] ، يا لها من نفس أذعنت وذلّت، وألفت السجود فما ملت وتوجهت إلى الله وعن غيره تولت، وزالت عنها فترة الهجر وتجلت، فجلت، فأُدخلت دار الكرامة فحلّت غانمة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] ، سهرت الليل إلى الصباح فصارت من الوجوه الصباح، وقنعت بالخبر الفقار والماء القراح، خافت من الاجتراح الجناح،

_ 1 ابن الجوزي: التبصرة 1/426. 2 ابن الجوزي: التبصرة 1/426، 428.

فصيرها الخوف لمقصوص الجناح، وعلى الحقيقة فكلّ الأرواح من الخوف هائمة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] 1. شعر: كلّ يومٍ مجدٌ وفخرٌ يشادُ ... وطريفٌ من الثّنا وتِلاَدُ وكرامٌ من المساعي جسامٌ ... عجزت عن صعابها الحسادُ هممٌ دونها الكواكبُ تتلو ... عزَماتٍ للنار فيها اتقادُ كلما قيل قد دَجَى ليل خطب ... فلرأي الفاروق فيه زِنادُ مغرم بالمكارم الغُرِّ لما ... ضمّ أبكارها إليه الولادُ ساهرُ العين بالعزائم يقظا ... ن وقد قيّد العيون الرّقادُ قد كفَتْه المناقبُ المدحَ ... إلاّ مدحاً من صفاته يستفادُ2 / [151 / ب] . اتّخذ الصّدق دأباً، فقال: "لا تجد المؤمن كذاباً". وفي (الصمت) لابن أبي الدنيا عن أبي هريرة قال: "كان عمر بن الخطّاب يقول في خطبته: "ليس فيما دونَ الصّدق من الحديث خيرٌ، مَنْ يكذب يفجر، ومن يفجر يهلك"3.

_ 1 انظر: ابن الجوزي: التبصرة 1/429. 2 ابن الجوزي: التبصرة 1/428. 3 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 497، ومن طريقه البيهقي: السنن: 3/215، وإسناده ضعيف، فيه عبد العزيز بن عبد الله العامري، يرمى بالكذب. (اللسان 4/33) ، وأورده الزبيدي: الإتحاف 7/521، وعزاه لابن أبي الدنيا.

وفي رواية: "فقد أفلح من حُفظ من ثلاث: الطمع والهوى والغضب"1. وقال سفيان2: "بلغنا أن فتى كان يحضر مجلس عمر بن الخطّاب، فيستمع3 فيحسن الاستماع، ثم يقوم من قبلِ أن يتكلّم. قال: ففطن إلى ذلك منه عمر، فقال له: "أراك تحضرُ المجلسَ فتحسنُ الاستماع، ثم تقومُ من قبل أن تتكلّم مع القوم، ولا تدخل في حديثهم فمم ذاك؟ ". قال: فقال له الفتى: "إني والله أُحبُّ أن أحضر فأسمع فأحسن الاستماع، ثمَّ أَتَنَقَّى وأَتَوَقَّى وأصمتُ لعلي أسلم". قال: يقول عمر: يرحمك الله، وأَيُّنا4 يفعل هذا؟ "5. وفي حديث أبي جعفر محمّد البختري6 الرّزّاز7 عن سفيان الثوري قال عمر: "إلى كم تزجرون كما تزجر البهائم، قد أتعبتم الواعظين"8. وفي فوائد أبي القاسم الأزَجيّ9 عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرحم أمتي أبو بكر، وأشدّها في دين الله عمر" 10.

_ 1 ابن أبي الدنيا: الصمت ص499، وفي إسناده انقطاع بين أبي بكر بن عياش وعمر بن الخطاب. 2 الثوري. 3 في الأصل: (فسمع) ، وهو تحريف. 4 في الأصل: (الله، والله وأينا) . 5 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 610، عن سفيان، وابن حبان: روضة العقلاء ص 45، عن محمّد بن يزيد بن خنيس عن وهيب بن الورد به. وفي إسنادها انقطاع. 6 محمّد بن عمرو بن البختري. 7 اسم لمن يبيع الرز. 8 لم أجده فيما تبقى من حديث أبي جعفر. 9 تميم بن أحمد الأزجي، مفيد الجماعة، كتب الكثير، وكان خبيراً بالمرويات وبالشيوخ، وله فهم، وليس بذاك المُتقن، توفي سنة سبع وتسعين وخمس مئة. (سير أعلام النبلاء 22/65، ذيل طبقات الحنابلة 1/399) . 10 أبو القاسم: الفوائد ق 99 / ب، وأحمد: المسند 3/184، وإسناده صحيح، والترمذي: السنن 5/664، 665، وابن ماجه: السنن 1/55، والطيالسي كما في منحه المعبود 2/140، والخطيب: الفقيه والمتفقه 2/139، جميعهم من طريق أبي قلابة، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وصحّحه الألباني في صحيح سنن الترمذي 3/227.

في أحاديث ابن شاذان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نعم الرجل أبو بكر، ونعم الرجل عمر" 1. قال بعض أهل التفسير في قوله عزوجل: {مُحَمَّدٌ رّسولُ اللهِ والّذِينَ مَعَهُ} - أبو بكر – {أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّار} ِ - عمر – {رُحَمَاء بَيْنَهُم} ، عثمان"2. [الفتح: 29] . وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن كعب بن مالك3 عن أبيه4 قال: "كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حُرِمَ عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطّاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سهر عنده فوجد امرأته قد نامت، فأرادها فقالت: "إني قد نمت"، قال: "ما نمت"، ثم وقع عليها، وصنع كعب بن مالك مثل

_ 1 البخاري: الأدب المفرد ص 123، والترمذي: السنن 5/666، وحسّنه، وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/186، وإسناده حسن. والحاكم: المستدرك 3/233، 268، 246، وقال: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. والنسائي كما في تحفة الأشراف 9/407، وصحّحه الألباني (صحيح سنن الترمذي 3/222، 228، وصحيح الأدب المفرد ص 136) . 2 ابن الجوزي: زاد المسير 7/446، عن مبارك بن فضالة عن الحسن، وهذا غير صحيح، لأن اللغة لا تحتمل هذا التأويل، وليس مع الحسن نقل يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبارك بن فضالة مدلس وقد عنعن. 3 الأنصاري المدني، ثقة، يقال له رؤية، توفي سنة سبع وتسعين. (التقريب ص 319) . 4 كعب بن مالك الأنصاري، صحابي، توفي في خلافة عليّ. (التقريب ص 461) .

ذلك فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله عزوجل: {عَلِمَ الله أنَّكُم كُنْتُم تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُم فَتَابَ عَلَيْكُم وَعَفَا عَنْكُم} [البقرة: 187] 1. صابر بنفسه في الإسلام وصبر، فقارب من سبق، وفضل من غبر، فظهر له منشور خبر: "لو كان بعدي نبي لكان عمر"2. عظمت عليه المنة فأكثر الشكر، وأدام الحُنّة فقال بقول المصطفى: "عمر سراج أهل الجنة"3. / [152 / أ] . شعر: وقال الحكم بن معبد4 لنفسه: منحتكم يا أهل ودّي نصيحتي ... وإني بها في العالمين لمشتهر وأظهرت قول الحقّ والسنة التي ... عن المصطفى قد صحّ عندي بها الخبر ألا إنّ خير النّاس بعد محمّد ... عليه السّلام بالعشي وبالبكر أبو بكر الصّدّيق لله درّه ... على رغم من عادى ومِن بعده عمر وبعدهما عثمان ثمة بعده ... أبو الحسن المرضي من أفضل البشر أولئك أعلام الهدى ورؤوسه ... وأفضل من في الأرض يمشي على العفر5 وحبّهم فرض على كلّ مسلمٍ ... وحبّهم فخر الفخور إذا افتخر

_ 1 أحمد: المسند 3/360، الطبري: التفسير 2/165، وفي إسناده موسى بن جبر الأنصاري، قال الحافظ: "مستور". (التقريب رقم: 6954) . وابن كثير: التفسير 1/318، وعزاه لابن جرير. 2 سبق تخريجه ص 788. 3 سبق تخريجه ص 201. 4 الخزاعي الفقيه، مصنف كاتب السنة بأصبهان، كان من كبار الحنفية وثقاتهم، توفي سنة خمس وتسعين ومئتين. (شذرات الذهب 2/218) . 5 العَفْرُ والعَفَرُ: ظاهر التراب. (لسان العرب 4/583) .

وحبّ الأولى قد هاجرواثم جاهدوا ... ففرض ومن آوى النبي ومن نصر وأشهد أنّ الله لا ربّ غيره ... له الفضل والنّعماء والحمد والشّكر سيبدو لنا يوم القيامة بارزاً ... فتبصره جهراً كما تبصر القمر وأنّ كلام الله ليس بمحدَثٍ ... ومن قال مخلوق فبالله قد كفر أدين بقول الهاشمي محمّدٍ ... وما بقول1 الجهم2 دِنتُ ولا القدر ولا الرفض الإرجاء ديني وإنني ... لبان على التّنزيل ثم على الأثر فديني دين قيم قد عرفته ... أبوح به إن ملحد دينه ستر بهذا أرجي من إلهي عفوه ... وأرجو بهذا الفوز يا ربّ من سقر أجرني يا رحمان إنّك سيدي ... وجارك في أمن وفي أعظم الحبر3 آخره. والحمد له وحده، وصلّى الله على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم. فرغ منه ... 4 مؤلّفه يوسف بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي، وذلك في شهر رمضان المعظَّم، من شهور سنة ستّ وستّين وثمان مئة، بصالحية دمشق المحروسة، بمنزله بالسّهم الأعلى. والحمد لله وحده وصّلى الله على سيّدنا محمّد وآله وصحبه وسلّم. / [152 / ب] .

_ 1 في الأصل: "يقال) ، وهو تحريف. 2 الجهم بن صفوان. 3 لم أجد هذا النّصّ في المصادر الأخرى. 4 كلمة في الأصل لم أتبيّن قراءتها، وهذا رسمها: (هاته) .

الخاتمة

الخاتمة الحمد لله الذي مَنَّ علينا بإتمام هذه الرّسالة، وأنعم علينا بخدمة كتب أهل السنة والجماعة. وبعد: فيسعدني أن أُجْمِلَ أهمَّ ما توصلتُ إليه خلال معايشتي لرسالتي هذه في نقاط، هي: 1- أهمية مبحث فضائل الصحابة، وأنّه ينبغي على كلّ مسلم أن يكون له نصيب من قراءة بعض هذه الكتب، لما فيها من تنقية القلوب، ومعرفة منزلة أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم لاسيما في هذا الزّمان الذي كثر فيه الطّعن بالصّحابة. 2- اهتمام أهل العلم والعلماء بمبحث فضائل الصّحابة ومناقبهم، إذ قد ألّفوا فيه ووضعوا فيه كتباً مطوَّلة، مع العناية بها أشدّ العناية. 3- حرص ابن عبد الهادي على استيفاء جميع فضائل عمر في هذا الكتاب. 4- رسوخ قدم ابن عبد الهادي وتضلعه في كثير من العلوم، مع تميّزه في علم الحديث والفقه والتّاريخ. 5- أثبتت الدّراسة أن ابن عبد الهادي يعتنق مذهب أهل السّنة والجماعة في الأمور العقديّة. 6- غزارة نتاج ابن عبد الهادي في التّأليف حيث كانت مؤلّفاته تربو على خمس مئة مصنف. 7- أنّ عناوين الأبواب داخل الرّسالة قد بلغت مئة باب، وهذا العدد يدلّ على وفرة وتنوّع المادة العلميّة التي ضمّنها ابن عبد الهادي في كتابه. 8- لم يكن المؤلّف قد التزم فيما يورده من الأحاديث والآثار الصّحة،

ولذا كان في الكتاب جملة وافرة من الأحاديث الضّعيفة، بل والشّديدة الضّعف، وهذه وتلك قد اجتهدنا في دراستها دراسة حديثية. 9- اهتمام المؤلّف بانتقاء الأخبار، وعدم الاكتفاء بسرد الرّوايات، حيث يقوم بالتّعقيب، ويذكر الفوائد. 10- اسم الكتاب المدوّن على الصّحيفة الأولى منه هو: (محض الصّواب في فضائل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه) . ربّنا تقبّل منا إنّك أنت السّميع العليم، وتب علينا إنّك أنت التّوّاب الرّحيم.

مصادر ومراجع

مصادر ومراجع ... فهرس المصادر والمراجع أوّلاً: المخطوطات: إبراهيم بن عبد الرحمن بن جماعة الكناني المقدسي (ت 764هـ) : 1- فضائل الصحابة، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (457) ، ق (303-309) ، ميكروفلم. أحمد بن مروان المالكي (ت 333هـ) : 2- المجالسة، نسخة مصورة عن الظاهرية في مكتبة الجامعة الإسلاميّة. ابن البختري: محمّد بن عمر البختري (ت 339هـ) : 3- الأمالي، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (1515) ، ق (224-235) ، ورقم: (989) ، ق 13 (191-203) . ابن بطة: عبد الله بن محمّد بن بطة العكبري الحنبلي (ت 387هـ) : 4- الإبانة الكبير، في مكتبة حماد الأنصاري، تحت رقم: (6) . البوصيري: أحمد بن محمّد البوصيري (ت 840هـ) : 5- إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (232-243) . أبو بكر الشافعي: محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي (ت 354هـ) : 6- الفوائد، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (359) . البيهقي: أحمد بن الحسين (ت 458هـ) : 7- القضاء والقدر، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: 141) ، ميروفيلم. 8- المدخل إلى السنن، نسخة مصورة في مكتبة حماد الأنصاري، تحت رقم: (1319) . الثعلبي: أحمد بن محمّد النيسابوري (ت 427هـ) : 9- التفسير، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (648) ، ميكروفيلم. أبو الجهم: العلاء بن موسى الباهلي (ت 228هـ) .

10- جزء أبي الجهم، مكتبة حماد الأنصاري، تحت رقم: (429) ، ق (57-66) . الجوهري: عليّ بن الجعد الجوهري (230هـ) : 11- حديث عليّ بن الجعد، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (583) . ابن أبي حاتم: عبد الرحمن بن محمّد الرازي (ت 327هـ) : 12- التفسير، جامعة أم القرى، مركز البحث العلمي. خيثمة بن سليمان القرشي الأطرابلسي (343هـ) : 13- فضائل الصحابة، جـ3، مكتبة حماد الأنصاري، تحت رقم: (1084) . الذهبي: محمّد بن أحمد الذهبي (ت 747هـ) : 14- تذهيب تهذيب الكمال، مكتبة حماد الأنصاري، تحت رقم: (425) ، ومكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (2734) . الرافعي: أبو الحسن محمّد بن أحمد (من القرن الرابع) : 15- جزء الرافعي، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (2455) ق 28 (4-31) . ابن رجب: شهاب الدين أحمد بن رجب السلامي (ت 775هـ) : 16- المنتقى من معجم شيوخ ابن رجب، مصورة عن نسخة بيل رقم: (447) . الروياني: محمّد بن هارون (ت 307هـ) : 17- مسند الروياني، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (575، 576) . السكري: عليّ بن عمر السكري الحربي (386هـ) : 18- أحاديث الحربي: الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (2234) ، ق 26 (25-51) ، وقم: (1189) ، ق 18 (60-77) . ابن شاكر: محمّد بن شاكر الكتبي (764هـ) : 19- عيون التاريخ، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (2538-2543) . أبو الشيوخ: عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيان الأصبهاني (369هـ) .

20- عوالي أبي الشيخ، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (546) ، ق (55-59) . الصفار: عفان بن مسلم الصفار (ت 219هـ) : 21- أحاديث الصفار، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (1488) ، ق 18، (97-114) . ابن الضريس: محمّد بن أيوب (ت 294هـ) : 22- فضائل القرآن، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (4574) ، ميكروفيلم. ابن طولون: محمّد بن عليّ الحنفي (ت 953هـ) : 23- العقد الغالي في النظم العالي، مكتبة الظاهرية تحت رقم: (3054) . ابن عبد الهادري: يوسف بن حسن العمري الحنبلي: (909هـ) : 24- آداب الحمام وأحكامه، مكتبة الظاهرية، تحت رقم: 4549) . 25- تهذيب النفس للعلم وبالعلم، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (993، 1563) . 26- جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر، مكتبة الظاهرية، تحت رقم: (1132/2) . 27- ذم الهوى والذعر من أحوال الزعر، مكتبة الظاهرية، تحت رقم: (3243) . 28- صبّ الخمول على من وصل أذاه إلى أولياء الله، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (350) . 29- معارف الأنعام في فضل الشهور والصيام، مكتبة الظاهرية، تحت رقم: (1463) . 30- الفتاوى، مكتبة الظاهرية، تحت رقم: (3212، 190/2) . 31- فضل لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (1009، 1585) .

32- فهرست الكتب، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (1563) . ابن عساكر: عليّ بن الحسن الدمشقي (ت 571هـ) : 33- تاريخ دمشق، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، مكتبة العلوم الاجتماعية، (مصور عن المخطوط) . أبو عمر الزاهد: محمّد بن عبد الواحد المعروف بغلام ثعلب (ت 345هـ) : 34- حديث أبي عمر الزاهد، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (960) ، ق (62-70) . أبو الفرج الثقفي: مسعود بن الحسن الثقفي (ت 562هـ) : 35- فوائد أبي الفرج، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (4573) ، ق (65-105) ، ميكروفيلم. الفريابي: أبو بكر جعفر بن محمّد (ت 301هـ) : 36- القضاء والقدر، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (2570) . أبو القاسم الأزجي: تميم بن أحمد الأزجي (597هـ) : 37- الفوائد، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (482) ، ق (89-103) . ابن قدامة: أبو محمّد عبد الله بن أحمد المقدسي (620هـ) : 38- منهاج القاصدين في فضائل الخلفاء الراشدين، مصورة عن النسخة المخطوطة بدار الكتب المصرية، تحت رقم: 1218) ، تاريخ. القطيعي: أحمد بن جعفر بن حمدان (تهذيب التهذيب 368هـ) : 39- الفوائد المنتقاة والأفراد الغرائب الحسان من حديث أبي بكر، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (555) . ابن قندس: أبو بكر بن إبراهيم (ت 861هـ) : 40- حواش بن قندس على كتاب الفروع، وزارة الأوقاف الكويتية، مكتبة الموسوعة الفقهية، تحت رقم: (395) . محمّد بن سلامة القضا عي (454هـ) .

41- عيون المعارف وفنون أخبار الخلائف (كتاب الإنباء بأنباء الأنبياء وتواريخ الخلفاء وولاة الأمراء) نسخة مصورة عن مكتبة برلين الغربية، تحت رقم: (9433) . ابن الملقن: عمر بن عليّ بن أحمد الأنصاري الشافعي (430هـ) : 42- الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، مكتبة حماد الأنصاري، تحت رقم: (96) . أبو نعيم: أحمد بن عبد الله الأصبهاني (430هـ) : 43- فضائل الخلفاء الأربعة، جـ 2، مكتبة الجامعة الإسلاميّة، قسم المخطوطات، تحت رقم: (5041) ، ميكروفيل. النعيمي: عبد القادر بن محمّد بن عمر النعيمي (ت 927هـ) : 44- العنوان في ضبط مواليد ووفيات الزمان، دار الكتب المصرية، تحت رقم: (2913) . ثانياً: المصادر والمراجع المطبوعة: القرآن الكريم الآجري: محمّد بن الحسين (ت 360هـ) : 45- أخبار أبي حفص عمر بن العزيز، تحقيق د/ عبد الله عبد الرحيم عسيلان طبعة ثانية 1412هـ. 46- الشريعة، طبع بعناية محمّد حامد الفقي، الطبعة الأولى 1369هـ. ابن الأثير: عليّ بن محمّد الجزري (ت 630هـ) : 47- أسد الغابة في معرفة الصحابة، دار الفكر، بدون تاريخ. 48- الكامل في التاريخ، دار صادر، بيروت 1399هـ/1979م. ابن الأثير: المبارك بن محمّد الجزري (606هـ) : 49- منال الطالب في شرح طول الغرائب، تحقيق د/ محمود محمّد الطناحي، مطبعة المدني، مصر 1399هـ/1979م. 50- النهاية في غريب الحديث، طبع بعناية طاهر أحمد الزاوي، ومحمود محمّد الطناحي، المكتبة العلمية، بيروت، بدون تاريخ. أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني (240هـ) .

51- الزهد، دار الكتب العلمية، بيروت 1398هـ/1978م. 52- فضائل الصحابة، تحقيق وصي الله بن محمّد عباسي، طبعةمركزالبحث العلمي في جامعة أم القرى، مكّة، الطبعةالأولى1403هـ/1983م. 53- مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح، تحقيق فضل الرحمن بن محمّد، الدار العلمية، دلهي، الطبعة الأولى 1408هـ/1988م. 54- مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله، تحقيق زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى 1401هـ/1981م. 55- المسند، تحقيق أحمد شاكر، دار المعارف، مصر، الطبعة الثالثة، 1368هـ/ 1949م. 56- المسند، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعةالخامسة، 1405هـ/ 1985م. الأزهري: محمّد بن أحمد (ت 370هـ) : 57- تهذيب اللغة، تحقيق عبد السلام محمّد هارون، المؤسسة المصرية للتأليف والأنباء والنشر، بدون تاريخ. ابن إسحاق: محمّد بن إسحاق المطلبي (ت 151هـ) : 58- السير والمغازي، تحقيق سهيل زكار، دار الفكر، الطبعة الأولى 1398هـ/ 1978م. الأسنوي: عبد الرحيم بن الحسن الأموي (ت 772هـ) : 59- طبقات الشافعية، تحقيق كمال يوسف الحوت، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ/ 1987م. الأشعري: عليّ بن إسماعيل (ت 324هـ) : 60- مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلين، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة المصرية، لبنان 1411هـ. الأموي: أحمد بن عليّ الأموي (ت 292هـ) : 61- مسند أبي بكر الصّدّيق، تحقيق شعيب الأرناؤوط، الطبعة الثالثة، المكتب الإسلامي، بيروت 1399هـ. الأنطاكي: داود بن عمر (1008هـ) .

62- تزيين الأسواق، المطبعة الأزهرية، القاهرة. ابن إياس: محمّد بن أحمد (ت 930هـ) : 63- بدائع الزهور في وقائع الدهور، القاهرة، 1311هـ. البخاري: أبو عبد الله محمّد إسماعيل الجعفي (ت 265هـ) : 64- الأدب المفرد، تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الثالثة، 1409هـ/ 1989م. تن 65- التاريخ الكبير، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، بدون تاريخ. 66- التاريخ الصغير، تحقيق محمود إبراهيم زايد، نشر مكتب المعارف، الرياض، الطبعة الأولى، 1406هـ/ 1986م. 67- الجامع الصغير، طبع بعناية مصطفى ديب البغا، مطبعة اليمامة، دمشق، الطبعة الثالثة، 1407هـ/ 1987م. 68- الجامع الصحيح، طبع المكتبة الإسلامية، إستانبول، تركيا، بدون تاريخ. 69- خلق أفعال العباد والردّ على الجهمية وأصحاب التعطيل، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ/ 1984م. 70- الضعفاء الصغير، تحقيق بوران الضاوي، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1404هـ/ 1984م. ابن بدران: عبد القادر بن أحمد الدمشقي (ت 1346هـ) : 71- نزهة الخاطر العاطر شرح كتاب روضة الناظر، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 72- المدخل إلى مذهب الإمام أحمد، تحقق د/ عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعةالثانية1401هـ/1981م. البغدادي: إسماعيل باشا: 73- إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون على أسامي الكتب والفنون، بعناية محمّد شرف الدين، دار الفكر، 1402هـ/1982م.

74- هدية العارفين، دار الفكر 1402هـ/ 1982م. الغدادي: عبد اللطيف (ت 629هـ) : 75- الطب من الكتاب والسنة، تحقيق د/ عبد المعطي قلعجي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ. البغدادي: عبد الوهّاب بن عليّ بن نصر (ت 422هـ) : 76- الإشراف على مسائل الخلاف، مطبعة الإرادة. البغوي: الحسين بن مسعود (ت 516هـ) : 77- تفسير البغوي (معالم التنزيل) تحقيق خالد بن الرحمن العلك، ومروان سوار، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية 1407هـ. بقي بن مخلد القرطبي (ت 276هـ) : 78- مقدمة المسند، تحقيق د/ أكرم ضياء العمري، الطبعة الأولى 1404هـ/ 1984م. البلاذري: أحمد بن يحيى بن جابر (ت 279هـ) : 79- أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر وولدهما) ، تحقيق إحسان صدقي العمد، مؤسسة الشراع العربي، الكويت، الطبعة الأولى 1409هـ/1989م. 80- فتوح البلدان، طبع بعناية صلاح الدين المنجد، مكتبة النهضة، القاهرة، بدون تاريخ. ابن بلبان: أبو القاسم: عليّ بن بلبان المقدسي: (ت 684هـ) : 81- تحفة الصّدّيق في فضائل أبي بكر الصّدّيق، تحقيق محيي الدين مستور، دار ابن كثير، دمشق، الطبعة الأولى 1408هـ/ 1988م. البناء: أحمد بن محمّد (ت 1117هـ) : 82- إتحاف فضائل البشر بالقراءات الأربعة عشرة (منتهى الأماني والمسرات في علوم القراءات) ، الناشر: عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ. ابن البناء: أبو عليّ الحسن بن أحمد (ت 471هـ) : 83- المقنع في شرح مختصر الخرقي، تحقيق د/ عبد العزيز بن سليمان البعيمي، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى 1414هـ/1993م. البهوتي: منصور بن يونس الحنبلي (ت 1051هـ) .

84- الروض المربع مع حاشية ابن القاسم، الطبعة الثانية، 1403هـ. 85- كشاف القناع عن متن الإقناع، طبع مطبعة الحكومة، مكّة المكرّمة. البوصيري: أحمد بن أبي بكر (ت 840هـ) : 86- مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه، تحقيق موسى محمّد عليّ، وعزّة عليّ عطية، دار الكتب الحديثة، القاهرة، بدون تاريخ. البيهقي: أحمد بن الحسن (ت 458هـ) : 87- دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، تحقيق عبد المعطي قلعجي، دارالكتب العلمية، بيروت، الطبعةالأولى1405هـ/1985م. 88- السنن الكبرى، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. التبريزي: محمّد بن عبد الله العمري (ت 741هـ) : 89- مشكاة المصباح، تحقيق محمّد ناصر الدين الألباني، المكتبة الإسلامي، دمشق، 1382هـ/1962م. الترمذي: محمّد بن عيسى بن السورة السلمي (ت 279هـ) : 90- الجامع الصحيح (سنن الترمذي) ، تحقيق أحمد محمّد شاكر، وإبراهيم عطوة عوض، مطبعةالبابي الحلبي، مصر، الطبعةالأولى1382هـ/1962م. ابن تغزي بردي: أبو المحاسن يوسف العتابكي (ت 874هـ) : 91- النجوم الزاهرة، تحقيق فهيم محمّد شلتوت، نشر الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، مصر. 1390هـ/1970م. ابن تيمية: أبو العباس أحمد بن عبد الحليم النميري (ت 728هـ) : 92- اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، تحقيق د/ ناصر العقيل، الطبعة الأولى 1404هـ. 93- الصارم المسلول على شاتم الرسول، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، عالم الكتب، 1402هـ/ 1982م.

94- الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، طبع بعناية محمود فائد. 95- قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، تحقيق د/ ربيع بن الهادي، مكتبة لينة للنشر، 1409هـ. 96- مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم، دار المدني، بدون تاريخ. 97- منهاج السنة النبوية، تحقيق محمّد رشاد سالم، إدارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام، الرياض، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1986م. الجزري: أبو الخير، محمّد بن أحمد (ت 833هـ) : 98- غاية النهاية في طبقات القراء، تحقيق برجشتراسر، القاهرة، 1933م. جعفر شمس الخلافة مجد الملك. 99- الآداب، تحقيق محمّد أمين الخانجي، دار السعادة، مصر، الطبعة الأولى 1349هـ/ 1931م. ابن الجوزي: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ (ت 597هـ) : 100- التبصرة، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، بدون تاريخ. 101- الحدائق في علم الحديث والزهديات، تحقيق مصطفى السبكي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ/ 1988م. 102- زاد المسير، الطبعة الثالثة، المكتبة الإسلامي 1404هـ. 103- صفة الصفوة، تحقيق محمود فاخوري، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثالثة 1399هـ/ 1979م. 104- العلل المنتاهية في الأحاديث الواهية، تحقيق إرشاد الحقّ الأثر، نشر إدارة العلوم الأثرية، فيصل آباد، الطبعة الثانية 1401هـ/1981م. 105- الموضوعات، طبع بعناية عبد الرحمن محمّد عثمان، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، 1407هـ/ 1987م. 106- مناقب عمر بن الخطّاب، تحقيق زينب القاروط، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة، 1407هـ/ 1987م. الجوهري: إسماعيل بن حماد (ت 393هـ) .

107- الصحاح، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الثانية، 1402هـ/ 1982م. ابن أبي حاتم: أبو محمّد عبد الرحمن بن محمّد الرازي (ت 327هـ) : 108- الجرح والتعديل، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ. حاجي خليفة: مصطفى عبد الله. 109- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، دار الفكر، 1402هـ/ 1982م. الحاكم: أبو عبد الله محمّد بن عبد الله النيسابوي (ت 405هـ) : 110- المستدرك على الصحيحين، طبع بعناية يوسف عبد الرحمن المرغلي، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. ابن حبان: أبو حاتم محمّد بن حبان البستي (ت 354هـ) : 111- الثقات، دائرة المعارف العثمانية، حيد آباد، الطبعة الأولى 1393هـ/ 1973م. 112- روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، طبع بعناية محمّد ميي الدين، ومحمّد عبد الرزاق حمزة، ومحمّد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1397هـ/ 1977م. 113- الصحيح، ترتيب علاء الدين الفارسي، تصحيح كمال يوسف الحوت، دار الكتب العلمية، بيورت، الطبعة الأولى 1407هـ/ 1987م. 114- المجروحين من المحدّثين والضعفاء والمتروكين، تحقيق محمود إبراهيم أبو زيد، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. الحجاوي: شرف الدين موسى الحجاوي المقدسي (ت 968هـ) : 115- الإقناع في فقه الإمام أحمد، تصحيح عبد اللطيف محمّد السبكي، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. ابن حجر العسقلاني: أحمد بن عليّ الكناني (ت 852هـ) : 116- الإصابة في تمييز الصحابة، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 117- إنباء الغمر بأنباء العمر، طبع بعناية د/ محمّد عبد المؤيد خان، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية 1406هـ/ 1986م.

118- تبصير المنتبه بتحرير المشتبه، تحقيق محمّد النجار، مراجعة عليّ محمّد البجاوي، طبعة وزارة الثقافة. 119- تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة، طبع بعناية عبد الله الهاشم اليماني، دار المحاسن، القاهرة، 1386هـ/ 1966م. 120- تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس، تحقيق د/ عبد الغفار سليمان البنداري، ومحمّد عبد العزيز، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1405هـ. 121- تغليق التعليق على صحيح البخاري، تحقيق سعيد بن عبد الرحمن موسى القزفي، المكتب الإسلامي دار عمار، عمان، الطبعة الأولى 1405هـ/ 1985م. 122- تقريب التهذيب، طبع بعناية محمّد عوامة، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1986م. 123- تهذيب التهذيب، دارالفكر، بيروت، الطبعةالأولى، 1404هـ/1984م. 124- الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، بعناية محمّد سيد جاد الحقّ، دار الكتب الحديثة، مصر، بدون تاريخ. 125- فتح الباري، شرح صحيح البخاري، بعناية الشيخ عبد العزيز، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. 126- لسان الميزان، مؤسسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الثانية1390هـ/1971م. 127- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. ابن حجر الهيتمي: أحمد بن حجر (ت 974هـ) : 128- الزواجر عن اقتراف الكبائر، طبع بعناية أحمد عبد الشافي، دار الفكر، الطبعة الأولى 1407هـ/ 1987م. 129- الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البدع والزندقة، تصحيح جماعة من العلماء، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1403هـ/1983م. الحربي: أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق (ت 285هـ) .

130- المناسك وأماكن طرق الحجّ ومعالم الجزيرة، تحقيق حمد الجاسر، منشورات دار اليمامة، الرياض، الطبعة الثانية، 1401هـ/ 1981م. ابن حزم: أبو محمّد عليّ بن أحمد (ت 456هـ) : 131- جمهرة أنساب العرب، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1403هـ/ 1983م. 132- المحلى، تحقيق أحمد محمّد شاكر، طبع دار التراث، القاهرة، بدون تاريخ ابن حميد: عبد بن حميد الكشي (ت 249هـ) : 133- المسند، تحقيق مصطفى بن العدوية، شلباية، دار الأرقم، الكويت، الطبعة الأولى 1405هـ/ 1985م. ابن حميد: محمّد بن عبد الله النجدي (ت 1259هـ) : 134- السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة، مكتبة الإمام أحمد، الطبعة الأولى 1409هـ/ 1989م. الخرائطي: محمّد بن جعفر (ت 327هـ) : 135- مكارم الأخلاق، تحقيق أبي محمّد عبد الله بن الحجاج، مكتبة السلام العالمية، القاهرة، بدون تاريخ. الخرقي: عمر بن الحسين (ت 334هـ) : 136- مختصرالخرقي، الناشرمؤسسةالخافقين ومكتبتها، الطبعةالثالثة، 1402هـ. ابن خزيمة: أبو بكر بن إسحاق السلمي (ت 311هـ) : 137- صحيح ابن خزيمة، تحقيق محمّدالمصطفىالأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى 1395هـ/ 1975م. الخشني: مصعب بن محمّد الأندلسي (ت 604هـ) : 138- شرح السيرة بحاشية السيرة النبوية. الخطيب: أبو بكر أحمد بن عليّ البغدادي (ت 463هـ) : 139- تاريخ بغداد، دار الكتاب العربي، بيروت، بدون تاريخ.

140- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، تحققي د/ محمود الطحان، مكتب المعارف، الرياض، 1403هـ/ 1983م. الخلال: أبو بكر أحمد بن هارون (ت 311هـ) : 141- السنة، تحقيق عطيةالزهراني، دار الراية، الطبعة الأولى1410هـ/1989م. ابن خلكان: أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمّد (ت 681هـ) : 142- وفيات الأعيان، تحقيق إحسان عباس، دارصادر، بيروت، بدون تاريخ. خليفة بن خياط العصفري (ت 420هـ) : 143- التاريخ، تحقيق أكرم بن ضياء العمري، دار طيبة، الرياض، الطبعة الثانية، 1405هـ. 144- الطبقات، تحقيق أكرم بن ضياء العمري، دار طيبة الرياض، الطبعة الثانية، 1402هـ/ 1982م. خيثمة بن سليمان القرشي (ت 343هـ) : 145- من حديث خيثمة، تحقيق عمر بن عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، بدون تاريخ. الدارقطني: عليّ بن عمر (ت 385هـ) : 146- سنن الدارقطي، الناشر عبد الله هاشم المدني، (1386هـ) . 147- العلل الواردة في الأحاديث النبوية، الأجزاء المطبوعة منه، بتحقيق د/ محفوظ الرحمن زين الله السلفي. الدارمي: عبد الله بن عبد الرحمن (ت 355هـ) : 148- سنن الدارمي، طبع بعناية أحمد دهمان، دار الكتب العلمية، بيرت، بدون تاريخ. الدارمي: عثمان بن سعيد (ت 282هـ) : 149- ردّ عثمان بن سعيد على بشر المريشي العنيد، طبع بعناية محمّد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 150- الردّ على الجهمية، الدار السلفية، الكويت، الطبعة الأولى1405هـ. أبو داود السجستاني: سليمان بن الأشعث (ت 275هـ) .

151- سنن أبي داود، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت، بدون تاريخ. أبو داود الطيالسي: سليمان بن داود بن الجارود (ت 204هـ) : 152- المسند، دار المعرفة، بيروت، توزيع دار الباز، بدون تاريخ. ابن أبي داود: أبو بكر عبد الله بن أبي داود (ت 316هـ) : 153- المصاحف، دارالكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى1405هـ/1985م. الدردير: أحمد بن محمّد (ت 1201هـ) : 154- الشرح الصغير مع بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك، البابي الحلبي، مصر، الطبعة الأخيرة، 1372هـ. ابن أبي الدنيا: أبو بكر عبد الله بن محمّد البغدادي (ت 281هـ) : 155- الإشراف في منازل الأشراف، تحقيق مجدي السيد، مكتبة القرآن، القاهرة، بدون تاريخ. 156- إصلاح المال، تحقيق مصطفى مفلح القضاة، دار الوفاء، المنصورة، الطبعة الأولى 1410هـ/ 1990م. 157- الأهوال، تحقيق مجدي فتحي السيد، مكتبة آل ياسر، الطبعة الأولى 1413هـ/ 1993م. 158- التواضع والخمول، تحقيق لطفي محمّد الصغير، دار الاعتصام، القاهرة، بدون تاريخ. 159- الرضا عن الله بقضائه، تحقيق ضياء الحسن السلفي، بومباي، الطبعة الأولى 1410هـ/ 1990م. 160- الصمت وآداب اللسان، تحقيق نجم عبد الرحمن خلف، دار الغرب الإسلام، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1986م. 161- الغيبة والنميمة، تحقيق عمرو عليّ عمر، الدار السلفية، بومباي، الطبعة الأولى 1409هـ/ 1988م.

162- مجابو الدّعوة، تخقيق محمّد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1986م. الدولابي: أبو بشر محمّد بن أحمد (ت 310هـ) : 163- الكنى والأسماء، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1403هـ/ 1983م. الذهبي: أبو عبد الله محمّد بن أحمد (ت 748هـ) : 164- تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى 1407هـ/ 1987م. 165- تاريخ الإسلام (عهد معاوية) ، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى 1409هـ/ 1989م. 166- تذكرة الحفاظ، تصحيح عبد الرحمن المعلمي، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 167- سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة 1405هـ. 168- العبر في خبر من غبر، تحقيق السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ/ 1985م. 169- العلوّ للعليّ الغفار في صحيح الأخبار وسقيمها، تحقيق عبد الرحمن محمّد عثمان، دار الفكر، الطبعة الثانية، 1388هـ/ 1986م. 170- المشتبه في الرجال أسمائهم وأنسابهم، تحقيق عليّ محمّد البجاوي، الدار العلمية، الهند، الطبعة الثانية 1987م. ابن رجب: عبد الرحمن بن أحمد السلامي الحنبلي (ت 759هـ) : 171- أحكام الخواتم وما يتعلق بها، تحقيق محمّد بن حمود الوائلي، مطابع الرحاب، المدنية، الطبعة الأولى 1407هـ/ 1987م. 172- الاستخراج لأحكام الخراج، تحقيق جندي محمود الهيتي، مكتبة الرشد، الرياض، 1409هـ/ 1989م.

173- الذيل على طبقات الحنابلة، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. ابن رشد: محمّد أحمد (ت 595هـ) : 174- بداية المجتهد ونهاية المقتصد (بدون ذكر الطبعة ولا مكان الطبعة) ، مكتبة الجامعة الإسلامية. الزبيري: مصعب بن عبد الله الأسدي (ت 236هـ) : 175- نسب قريش، بعناية ليفي بروفنسال، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثالثة. أبو زرعة: عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي (ت 281هـ) : 176- تاريخ أبي زرعة، تحقيق شكر الله بن نعمة الله القوجاني، مجمع اللغة العربية، دمشق، بدون تاريخ. ابن زنجويه: حميد بن زنجويه (ت 251هـ) : 177- الأموال، تحقيق د/ شاكر ذيب فياض، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1986م. الزيعلي: أبو محمّد عبد الله بن يوسف الحنفي (ت 762هـ) : 178- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية. 179- نصب الراية لأحاديث الهداية، المجلس العلمي، كراتشي، بدون تاريخ. السبكي: تاج الدين، أبو نصر عبد الوهّاب بن عليّ (ت 771هـ) : 180- طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق محمود محمّد الطناحي، عبد الفتاح الحلو، الطبعة الأولى 1383هـ/ 1964م. السخاوي: أبو الخير محمّد بن عبد الرحمن (ت 902هـ) : 181- الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ علم التاريخ، تحقيق فرانز روزنثال، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 182- الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، الناشر دار مكتبة الحياة’ بيروت، بدون تاريخ. 183- المقاصد الحسنة، تحقيق عبد الله محمّد الصّدّيق، وعبد الوهّاب عبد اللطيف، دارالكتب العلمية، بيروت، الطبعةالأولى1399هـ/1979م السرخسي: محمّد بن أحمد الحنفي (ت 483هـ) .

184- المبسوط، بعناية خليل الميس، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. ابن سعد: محمّد بن سعد البصري (ت 230هـ) : 185- الطبقات الكبرى، دار صادر، بيروت، بدون تاريخ. 186- الطبقات الكبرى (القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ومن بعدهم) تحقيق زياد منصور، نشر المجلس العلمي بالجامعة الإسلاميّة بالمدينة، الطبعة الأولى 1403هـ/ 1983م. سعيد بن منصور الخراساني (227هـ) : 187- السنن، بعناية الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ/ 1985م. السفاريني: محمّد بن أحمد (ت 1188هـ) : 188- غذاءالألباب لشرح منظومة الآداب، مطبعة الحكومة، مكّة، 1993م. ابن سلام: محمّد بن سلام الجمحي (ت 231هـ) : 189- طبقات فحول الشعراء، تحقيق محمود محمّد شاكر، مطبعة المدني، القاهرة، بدون تاريخ. السمرقندي: علاء الدين محمّد بن أحمد (ت 539هـ) : 190- تحفة الفقهاء، تحقيق د/ محمّد زكي عبد البرّ، تقديم عليّ الخفيف، مطبعة دمشق، الطبعة الأولى 1377هـ/ 1957م. السمعاني: أبو سعد عبد الكريم بن محمّد التميمي (ت 582هـ) : 191- الأنساب، تحقيق عبد الله عمر البارودي، دار الجنان، بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ/1988م. ابن سيد الناس: أبو الفتح محمّد بن محمّد اليعمري (ت 734هـ) : 192- المقامات العلية في الكرامات الجليلة لبعض الصحابة، تحقيق عفت وصال حمزة، دار الملاح للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1986م. ابن سيف: عبد الله بن سيف إبراهيم النجدي (توفي في منتصف القرن الثالث عشر) . 193- العذب الفائض شرح ألفية الفرائض، مطبعة مصطفى الحلبي، الطبعة الأولى 1372هـ. السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت 911هـ) .

194- تاريخ الخلفاء، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، بدون ذكر الطبعة ولا مكان الطبع. 195- الدر المنثور، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. الشافعي: أبو عبد الله محمّد بن إدريس المطلبي (ت 204هـ) : 196- الأم، بعناية محمّد النجار، مكتبة الكليات الأزهرية، الطبعة الأولى 1384هـ/ 1961م. 197- الديوان، جمع نعيم زرزور، تقديم د/ مفيد قميحة، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة 1408هـ/ 1988م. 198- الرسالة، تحقيق أحمد شاكر، دار الفكر، بدون تاريخ. 199- المسند، دارالكتب العلمية، بيروت، الطبعةالأولى1400هـ/1980م. الشلبي: عمر بن عبد الله الحنفي (ت 719هـ) : 200- آكام المرجان في أحكام الجان، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. ابن شبه: عمر بن شبه النميري (ت 262هـ) : 201- تاريخ المدينة، تحقيق فهيم محمّد شلتوت، دار الأصفهاني، جدة، بدون تاريخ. الشماخ بن ضرار الذبياني (توفي في خلافة عثمان) : 202- ديوان الشماخ، تحقيق صلاح الدين الهادي، دار المعارف، مصر، بدون تاريخ. أبو الشيخ: انظر: عبد الله بن محمّد بن جعفر. الشيرازي: أبو إسحاق إبراهيم بن عليّ (ت 467هـ) : 203- المهذب في فقه الشافعي، مطبعة البابي الحلبي، الطبعة الثالثة 1396هـ/ 1976م. الصفوري: عبد الرحمن بن عبد السلام (ت 894هـ) : 204- مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة، تحقيق محمّد خير المقداد، دار ابن كثير، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1986م. الصيرفي: عليّ بن داود (ت 900هـ) .

205- نزهة النفوس والأبدان في تواريخ الزمان، تحقيق، د/ حسن حشي طبع مطبعة دار الكتب 1970م. ت ضياء الدين: محمّد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي (ت 643هـ) : 206- المختارة، تحقيق عبد الملك بن دهيش، مكتبة النهضة الحديثة، مكّة، الطبعة الأولى 1411هـ. 207- النهي عن سبّ الأصحاب وما فيه من الإثم والعقاب، تحقيق محيي الدين نجيب، مكتبة العروبة، الكويت، الطبعة الأولى 1413هـ/ 1992م. الطبراني: أبو القاسم سليمان بن أحمد (ت 360هـ) : 208- مسند الشاميّين، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1409هـ/ 1989م. 209- المعجم الأوسط، تحقيق د/ محمود الطحان، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ/ 1985م. 210- المعجم الكبير، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الثانية، بدون تاريخ. الطبري: محمّد بن جرير (ت 310هـ) : 211- تاريخ الرسل والملوك، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، مصر، الطبعة الثانية، بدون تاريخ. 212- تهذيب الآثار، تحقيق محمود محمّد شاكر، مطبعة المدني، القاهرة، بدون تاريخ. 213- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر، 1405هـ/ 1984م. الطحاوي: أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة (ت 321هـ) : 214- مشكل الآثار، دائرة المعارف، الهند، الطبعة الأولى 1333هـ. ابن طولون: محمّد بن عليّ الحنفي (ت 953هـ) : القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية، تحقيق محمّد أحمد دهمان، مجمع اللغة العربية بدمشق، الطبعة الثانية 1401هـ/ 1980م.

216- مفاكهة الخلان في حوادث الزمان، طبع بعناية محمّد مصطفى، وزارة الثقافة، مصر، 1381هـ/ 1962م. ابن أبي عاصم: أبو بكر أحمد بن عمرو (ت 287هـ) : 217- الآحاد والمثاني، تحقيق باسم فيصل الجوابرة، دار الراية، الرياض، الطبعة الأولى 1411هـ/ 1991م. 218- الزهد، تحقيق عبد العليّ عبد الحميد الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ/ 1985م. 219- السنة، تحقيق محمّد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى 1400هـ/ 1980م. ابن عابدين: محمّد أمين الشهير بابن عابدين (ت 1252هـ) : 220- حاشية ردّ المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار، دار الفكر، الطبعة الثانية 1399هـ/ 1979م. ابن عبد البرّ: أبو عمر يوسف بن عبد الله (ت 463هـ) : 221- الاستذكار لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطّأ في معاني الرأي والآثار، تحقيق عليّ النجدي ناصف، المجلس الأعلى للشّؤون الإسلامية، القاهرة، 1391هـ/ 1971م. 222- الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق عليّ محمّد البجاوي، مكتبة نهضة مصر، القاهرة، بدون تاريخ. 223- جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله، دار الكتاب الإسلامي، مصر، الطبعة الثانية، 1402هـ/ 1982م. 224- القصد والأمم في التعريف بأصول أنساب العرب والعجم، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، الطبعةالأولى1405هـ/ 1985م. 225- الكافي في فقه أهل المدينة، تحقيق د/ محمّد محمد ولد ماديك، الطبعة الأولى 1398هـ/ 1978م. ابن عبد الحكم: محمّد بن عبد الله (ت 214هـ) .

226- سيرة عمر بن عبد العزيز، تحقيق أحمد عبيد، الطبعة الخامسة، دار العلم للملايين، بيروت، 1387هـ. 227- فتوح مصر، ليدن، 1920م، عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت211هـ) . 228- المصنف، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1403هـ/ 1983م. عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي (ت 600هـ) : 229- جزء أحاديث الشعر، تحقيق إحسان عبد المنان الجبالي، المكتبة الإسلامية، عمان، الطبعة الأولى 1410هـ/ 1989م. عبد الله بن أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني (ت 290هـ) : 230- السنة، تحقيق د/ محمّد سعيد القحطان، درا ابن القيم، الدمام، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1986م. عبد الله بن المبارك الحنظلي (ت 181هـ) : 231- الزهد، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيان الأصبهاني (ت 369هـ) : 232- جزء فيه أحاديث أبي محمّد حيان، انتقاء أبي بكر أحمد بن مردويه، تحقيق بدرالبدر، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعةالأولى1414هـ/ 1993م. 233- العظمة، تحقيق رضاء الله بن محمّد المباركفوري، دار العاصمة الرياض، النشرة الأولى 1411هـ. عبد المؤمن بن عبد الحقّ (ت 739هـ) : 234- مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، تحقيق عليّ بن محمّد البجاوي، دار إحياء الكتب العربية، الطبعةالأولى1373هـ/ 1954م. ابن عبد الهادي: يوسف بن حسن (ت 909هـ) : 235- الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي، تحقيق د/ رضوان مختار، دار المجتمع، جدة، الطبعة الأولى 1411هـ/ 1991م. أبو عبيد: القاسم بن سلام (ت 224هـ) .

236- الأموال، تحقيق محمّد خليل هراس، دار الباز، مكّة، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1986م. 237- غريب الحديث، طبع دار المعارف العثمانية، حيدر آباد، مصورة على الطبعةالأولى1385هـ، المصورة 1396م، دار الكتاب العربي، بيروت. ابن عدي: عبد الله بن عدي (ت 365هـ) : 238- الكامل في ضعفاء الرجال، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ/ 1984م. ابن عراق: عليّ بن محمّد الكناني (ت 963هـ) : 239- تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة، تصحيح عبد الوهّاب عبد اللطيف، عبد الله محمّد الصّدّيق، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1399هـ/ 1979م. أبو العرب: محمّد بن أحمد بن تميم التميمي (ت 333هـ) : 240- المحن، تحقيق يحيى وهيب الجبوري، بيروت، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الثانية 1408هـ. ابن عساكر: عليّ بن الحسن الدمشقي (ت 571هـ) : 241- تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) تحقيق سكينة الشهابي، مجمع اللغة العربية، دمشق، بدون تاريخ. العشاري: أبو طالب محمّد بن عليّ (ت 451هـ) : 242- فضائل أبي بكر الصّدّيق، أنصار السنة المحمّدية، مصر، الطبعة الأولى 1358هـ/ 1939م. العقيلي: أبو جعفر محمّد بن عمرو (ت 322هـ) : 243- الضعفاء الكبير، تحقيق عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ/ 1984م. العلائي: خليل بن كيكلدي العلائي (ت 761هـ) : 244- جامع التحصيل في أحكام المراسيل، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، الدار العربية، أعظمية، الطبعة الأولى 1398هـ/ 1978م. أبو عليّ الصواف: محمّد بن أحمد (ت 359هـ) .

245- الفوائد، انتقاء الدارقطني، تحقيق أبي عبد الله الحداد، دار العاصمة، الرياض، النشرة الأولى 1408هـ. ابن العماد: أبو الفلاح عبد الحيّ الحنبلي (ت 1089هـ) : 246- شذرات الذهب في أخبار من ذهب، دار الفكر، الطبعة الأولى 1399هـ/ 1979م. عياض بن موسى اليحصبي (ت 544هـ) : 247- بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد، تحقيق صلاح الدين ابن أحمد الأدلبي وجماعة، وزارة الأوقاف المغربية، 1395هـ/1975م. الغزي: نجم الدين محمّد بن محمد الغزي الشافعي (1061هـ) : 248- الكواكب السائرة، تحقيق د/ جبرائيل جبور، دار الآفاق الجديدة، بيروت، الطبعة الثانية 1979م. ابن الغزي: محمّد كمال الدين بن محمّد (ت 1214هـ) : 249- النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد، تحقيق محمّد الحافظ، نزار أباظة، دار الفكر، 1402هـ/ 1982م. الفاسي: محمّد بن أحمد الحسني (ت 832هـ) : 250- العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، بعناية محمّد حامد الفقي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1406هـ/ 1986م. أبو الفرج الأصبهاني: عليّ بن الحسين (ت 356هـ) : 251- الأغاني، بيروت، 1960م. ابن فرحون: إبراهيم بن عليّ (ت 799هـ) : 252- الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، تحقيق محمّد الأحمدي أبو النور، القاهرة 1351هـ. الفريابِي: أبو بكر جعفر بن محمّد (ت 301هـ) : 253- صفة النفاق وذمّ المنافقين، تحقيق محمّد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ/ 1985م. الفيروزآبادي: محمّد بن يعقوب (ت 817هـ) .

254- القاموس المحيط، تحقيق مكتب التراث، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1986م. أبو القاسم الأصفهاني: إسماعيل بن محمّد التيمي (ت 535هـ) : 255- سير السلف، رسالة علمية مطبوعة على الآلة الكاتبة، قدمها عبد العزيز الفريح رسالة العالية (الماجستير) في كلية الدعوة. أبو القاسم الرازي: تمام بن محمّد (ت 414هـ) : 256- الفوائد، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى 1412هـ/ 1992م. قاسم بن قطلوبغا (ت 879هـ) : 257- عوالي الليث، تحقيق عبد الكريم النعيمي، مكتبة دار الوفاء، جدة، الطبعة الأولى 1408هـ/ 1987م. ابن قتيبة: أبو محمّد عبد الله بن مسلم الدينوري (ت 276هـ) : 258- عيون الأخبار، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب، وزارة الثقافة المصرية، بدون تاريخ. 259- غريب الحديث، تحقيق عبد الله الجبوري، مطبعةالعاني، بغداد، 1397هـ. 260- المعارف، تحقيق د/ ثروت عكاشة، دار المعارف، مصر، الطبعة الرابعة. ابن قدامة: عبد الله بن أحمد المقدسي (ت 620هـ) : 261- إثبات صفة العلوّ، تحقيق بدر البدر، الدار السلفية، الكويت، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1992م. 262- التبيين في أنساب القرشيّين، تحقيق محمّد نايف الدليمي، عالم الكتب، بيروت، 1408هـ/ 1988م. 263- روضة الناظر وجنة المناظر، تحقيق د/ عبد العزيز السيد، جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية، الطبعة الثانية 1399هـ/ 1979م. الكافي، المكتب الإسلامي، بعناية زهير الشاويش، الطبعة الرابعة 1405هـ/ 1985م.

265- المغني، تحقيق د/ عبد الله التركي، د/ عبد الفتاح الحلو، هجر، القاهرة، الطبعة الأولى. 266- المقنع، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. القرشي: عبد القادر محمّد (ت 775هـ) : 267- الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية، تحقيق عبد الفتاح الحلو، دار العلوم، الرياض، 1978م. القلقشندي: أبو العباس أحمد بن عليّ (ت 821هـ) : 268- صبح الأعشى في كتابة الإنشا، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1405هـ، مصورة عن الطبعة الأميرية 1910م – 1920م. ابن القيم الجوزية: أبو عبد الله محمّد بن أبي بكر (ت 751هـ) : 269- أحكام أهل الذمة، تحقيق د/ صبحي الصالح، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثالثة 1983م. 270- أعلام الموقّعين عن ربّ العالمين، بعناية عبد الرؤوف سعد، دار الجيل للنشر والتوزيع، بيروت. 271- روضة المحبّين، تحقيق د/ السيد الجميلي، دار الهدى، الرياض، الطبعة الأولى 1414هـ/ 1994م. 272- زاد المعاد في هدي خير العباد، تحقيق شعيب الأرناؤوط، وعبد القادر الأرنوؤط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1399هـ/ 1979م. 273- مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، طبع بعناية محمّد حامد الفقي، دار الرشاد الحديثة، بدون تاريخ. الكاساني: علاء الدين بن مسعود الكاساني الحنفي (ت 578هـ) : 274- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الطبعة الثانية 1402هـ، دار الكتاب العربي، بيروت. ابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر (ت 774هـ) .

275- البداية والنهاية، تصحيح د/ أحمد أبو ملحم وزملائه، دار الريان للتراث، الطبعة الأولى 1408هـ/ 1988م. مصر. 276- تفسير القرآن العظيم، تحقيق عبد العزيز غنيم وزملائه، مطبعة الشعب، القاهرة، بدون تاريخ. 277- السيرة النبوية، تحقيق مصطفى عبد الواحد، دار المعرفة، بيروت، 1395هـ/ 1976م. ابن الكلبي: هشام ابن القطان محمّد (ت 204هـ) : 278- جمهرة النسب، تحقيق ناجي حسن، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ/ 1986م. الكوهجي: عبد الله بن حسن. 279- زاد المحتاج بشرح المنهاج، بعناية عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، المكتبة العصرية، بيروت، الطبعة الأولى 1402هـ/ 1982م. اللالكائي: هبة الله بن الحسن الطبري (ت 418هـ) : 280- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، تحقيق د/ أحمد سعد حمدان، دار طيبة، الرياض، الطبعة الأولى 1409هـ/ 1988م. ابن ماجه: أبو عبد الله محمّد بن يزيد القزويني (ت 275هـ) : 281- السنن، تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بدون تاريخ مالك بن أنس الأصبحي (ت 179هـ) : 282- المدوّنة الكبرى، دار صادر، بيروت، بدون تاريخ. 283- الموطّأ، رواية أبي مصعب الزهري، تحقيق د/ بشار عواد، محمود محمّد خليل، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1412هـ/ 1992م. 284- الموطّأ، رواية يحيى بن يحيى، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ/ 1984م. المبرد: محمّد بن يزيد (ت 285هـ) : 285- الكامل في اللغة والأدب، طبع بعناية نعيم زرزور، تغاريد بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ/ 1987م. المجد: عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني (ت 652هـ) .

286- المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد، طبع بعناية محمّد حامد الفقي، دار الكتاب العربي، بدون تاريخ. المحبّ الطبري: أحمد بن محمّد (ت 694هـ) : 287- الرياض النضرة في مناقب العشرة، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأوى 1405هـ/ 1984م. المحبي: محمّد أمين (ت 1111هـ) : 288- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، القاهرة، سنة 1384م. محمّد المقدسي: محمّد بن حامد (ت 888هـ) : 289- الردّ على الرافضة، تحقيق عبد الوهّاب خليل الرحمن، الدار السلفية، الهند، الطبعة الأولى 1403هـ/ 1983م. ابن المديني: عليّ بن عبد الله (ت 234هـ) : 290- الرواة من الأخوة والأخوات، تحقيق باسم فيصل الجوابرة، دار الراية، الطبعة الأولى 1408هـ/ 1988م. 291- العلل، تحقيق محمّد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1392هـ المزي: يوسف بن عبد الرحمن (ت 742هـ) : 292- تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، تصحيح عبد الصمد شرف الدين، المكتب الإسلامي، بيبروت، الطبعة الأولى 1400هـ/ 1980م. 293- تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعةالأولى1400هـ/1980م1413هـ/ 1992م. مسلم بن الحجاج القشيرت (ت 261هـ) : 294- الصحيح، تحقيق فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، مصر، بدون تاريخ. 295- الكنى والأسماء، تحقيق عبد الرحمن محمّد القشقري، المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة، الطبعة الأولى 1404هـ/ 1984م. ابن مفلح: إبراهيم بن محمّد (ت 884هـ) .

296- المبدع في شرح المقنع، المكتب الإسلامي، سنة 1394هـ/1974م. ابن مفلح: أبو عبد الله بن محمّد بن مفلح (ت 763هـ) : 297- الآداب الشرعية والمنح والمرعية، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، 1391هـ/ 1971م. 298- الفروع، طبع بعناية عبد الستار فرج، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الرابعة 1405هـ/ 1985م. المقريزي: أحمد بن عليّ (ت 845هـ) : 299- المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، دار الكتاب اللبناني، بيروت، مصورة عن طبعة بولاق سنة 127هـ. المناوي: عبد الرؤوف بن تاج العارفين (ت 1031هـ) : 300- فيض القدير شرح الجامع الصغير، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1391هـ/ 1972م. ابن منظور: جمال الدين محمّد بن مكرم (ت 711هـ) : 301- لسان العرب، دار صادر، بيروت، بدون تاريخ. ابن ناصر الدين: محمّد بن عبد الله القيسي الدمشقي (ت 842هـ) : 302- توضيح المشتبه، تحقيق محمّد نعيم العرقسوس، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ/ 1993م. ابن النجار: محمّد بن أحمد الفتوحي الحنبلي (ت 972هـ) : 303- منتهى الإرادات، تحقيق عبد الغني عبد الخالق، عالم الكتب، بدون تاريخ. النسائي: أبو عبد الرحمن محمّد بن شعيب (ت 303هـ) : 304- السنن (المجتبى) تصحيح عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الثانية 1406هـ/ 1986م. 305- عشرة النساء (وهو من السنن الكبرى) تحقيق عمرو عليّ عمر، مكتب السنة، القاهرة، الطبعة الأولى 1408هـ/ 1988م.

306- فضائل الصحابة، دارالكتب العلمية، بيروت، الطبعةالأولى1405هـ/1984م. أبو نعيم: أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430هـ) : 307- تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة، تحقيق إبراهيم بن عليّ التهامي، دار الإمام مسلم، بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ/ 1987م. 308- حلية الأولياء، دار الفكر، بيروت، بدون تاريخ. 309- دلائل النبوة، تحقيق محمّد رواس قلعة جي وعبد البر عباس، دار النفائس، الطبعة الثانية 1406هـ/ 1986م. 310- ذكر أخبار أصبهان، الدار العلمية، الهند، الطبعة الثانية، 1405هـ/ 1985م. 311- معرفة الصحابة، تحقيق محمّد راضي عثمان، مكتبة الدار، المدينة المنوّرة، الطبعة الأولى 1408هـ/ 1988م. النووي: يحيى بن شرف (ت 676هـ) : 312- روضة الطالبين وعمدة المفتين، إشراف زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1405هـ/ 1985م. 313- المجموع شرح مهذب الشيرازي، مع تكملته بقلم محمّد نجيب المطيعي، مكتبة الإرشاد، جدة. الهجري: أبو عليّ هارون بن زكريا الهجري (ت 300هـ) : 314- التعليقات والنوادر، تحقيق حمد الجاسر. ابن هشام: عبد الله بن يوسف الأنصاري المصري (ت 761هـ) : 315- أوضع المسالك مع ضياء السالك للنجار، مصر، القاهرة. 316- شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، بدون ذكر الطبعة ولا مكان الطبع. ابن هشام: أبو محمّد عبد الملك بن هشام (ت 218هـ) : 317- السيرة النبوية، تحقيق همام سعيد، محمّد أبو صعليك، مكتبة المنار، الأردن، الطبعة الأولى 1409هـ/ 1988م. ابن الهمام: كمال الدين محمّد بن عبد الواحد (ت 861هـ) .

318- شرح فتح القدير، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ. هناد بن السري الكوفي (ت 234هـ) : 319- الزهد، تحقيق عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، الكويت، الطبعة الأولى 1406هـ/ 1985م. الهندي: علاء الدين عليّ بن حسان (975هـ) : 320- كنزل العمال في سنن الأقوال والأفعال، تصحيح بكري حيائي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الخامسة 1405هـ/ 1985م. الهيثمي: أبو بكر عليّ بن أبي بكر (ت 807هـ) : 321- بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، تحقيق حسين أحمد صالح الباكري، مركز خدمة السنة والسيرة النبوية، الجامعة الإسلاميّة، الطبعة الأولى 1413هـ/ 1992م. 322- كشف الأستار عن زوائد البزار، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1404هـ/ 1984م. 323- مجمع الزوائد، دارالكتاب العربي، بيروت، الطبعةالثالثة1402هـ/1982م ابن وضاح: محمّد بن وضاح (ت 287هـ) : 324- البدع والنهي عنها، دار الرائد العربي، بيروت، الطبعة الثانية 1402هـ. وكيع بن الجراح (ت 197هـ) : 325- الزهد، تحقيق عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي، مكتبة الدار، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1404هـ/ 1984م. وكيع: محمّد بن خلف بن حيان (ت 306هـ) : 326- أخبار القضاة، عالم الكتب، بيروت، بدون تاريخ. ياقوت: أبو عبد الله الحموي (ت 622هـ) : 327- معجم البلدان، دار إحياء التراث العربي، 1399هـ/ 1979م. أبو يعقوب بن شيبة بن الصلت (ت 262هـ) .

328- مسند عمر بن الخطاب، تحقيق كمال يوسف الحوت، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ/ 1985م. أبو يعلى الحنبلي: محمّد بن الحسين البغدادي (ت 458هـ) : 329- الأحكام السلطانية، بعناية محمّد حامد الفقي، الطبعة الثانية، البابي الحلبي، القاهرة، 1386هـ. 330- كتاب الروايتين والوجهين، تحقيق عبد الكريم اللاحم، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ/ 1985م. 331- مسائل الإيمان، تحقيق سعود الخلف، طبع دار العاصمة، الرياض، النشرة الأولى 1410هـ. 332- المعتمد في أصول الدين، تحقيق د/ وديع زيدان حداد، المكتبة الشرقية، بيروت، بدون تاريخ. أبو يعلى الموصلي: أحمد بن عليّ بن المثنى (ت 307هـ) : 333- المسند، تحقيق حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، الطبعة الأولى 1404هـ/ 1984م 334- المعجم، تحقيق حسين سليم أسد، عبده عليّ كوشك، دار المأمون للتراث، الطبعة الأولى 1410هـ. ثالثاً: المراجع الحديثة: الألباني: محمّد ناصر الدين: 335- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1405هـ/ 1985م. 336- تخريج أحاديث مشكاة المصابيح، بحاشية مشكاة المصابيح، المكتب الإسلامي، دمشق 1382هـ/ 1962م. 337- سلسلة الأحاديث الصحيحة، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الرابعة، 1405هـ/1985م، جـ3، 4، 5، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الثانية، 1407هـ، جـ4، الطبعة الثالثة، 1406هـ، جـ5، الطبعة الأولى، 1412هـ/ 1991م.

338- سلسلة الأحاديث الضعيفة، جـ1، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الخامسة، 1405هـ/1985م، جـ2، مكتبةالمعارف، الرياض، الطبعة الرابعة، 1408هـ، جـ3، 4، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1408هـ/ 1988م. 339- صحيح الأدب المفرد، دار الصّدّيق، الجبيل، الطبعة الأولى 1414هـ/ 1991م. 340- صحيح الجامع الصغير، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1406هـ/ 1986م. 341- صحيح سنن الترمذي، مكتبة التربية العربي لدول الخليج، الرياض، الطبعة الأولى، 1408هـ/ 1988م. 342- صحيح سنن ابن ماجه، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ. 343- صحيح سنن النسائي، مكتب التربية العربي لدول الخليج، الرياض، الطبعة الأولى، 1408هـ/ 1988م. 344- ضعيف الأدب المفرد، دار الصّدّيق، الجبيل، الطبعة الأولى، 1414هـ/ 1994م. 345- ضعيف الجامع الصغير، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1399هـ/1979م. 346- ضعيف سنن الترمذي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1411هـ/ 1991م. 347- ضعيف سنن أبي داود، الإسلامي، الطبعة الأولى، 1412هـ/ 1991م. 348- ضعيف سنن ابن ماجه، المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1408هـ/ 1988م. 349- ضعيف سنن النسائي، الإسلامي، الطبعة الأولى، 1411هـ/ 19910م. 350- ظلال الجنة في تخريج السنة، بحاشية السنة لابن أبي عاصم، الإسلامي، الطبعة الأولى، 1400هـ/ 1980م. 351- مختصر العلوّ للعليّ الغفار، الإسلامي، الطبعة الأولى، 1401هـ/ 1981م. باوزير: أحمد محمّد: 352- مرويات غزوة بدر، مكتبة طيبة، الطبعة الأولى، 1400هـ/ 1980م. بروكلمان.

353- تاريخ الأدب العربي، دار المعارف، القاهرة، 1977م، (ترجمةيعقوب بكر) . بكر عبد الله أبو زيد: 354- معجم المناهي اللفظية، دارابن الجوزي، الطبعةالأولى، 1410هـ/1989م البلادي: عاتق بن غيث: 355- معجم معالم الحجاز، دار مكّة، الطبعة الأولى، 1400هـ/ 1980م. ابن جنيدل: سعد بن عبد الله: 356- عالية نجد، دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، بدون تاريخ. حسين: عبد المنعم محمّد: 357- سلاجقة إيران والعراق، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية، 1380هـ. حمد الجاسر: 358- شمال غرب المملكة، دار اليمامة للبحث الترجمة والنشر، الرياض، الطبعة الأولى 1397هـ. 359- شمال المملكة، دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، الرياض، بدون تاريخ. 360- المنطقة الشرقية، منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة، والنشر، الرياض، بدون تاريخ. الخيمي: صلاح الدين الخيمي: 361- يوسف بن عبد الهادي حياته وآثاره المخطوطة والمطبوعة، مستلة من مجلة معهد المخطوطات العربية، المجلد السادس والعشرون، الجزء الثاني، 1402هـ/ 1982م، الكويت. الدميجي: عبد الله بن عمر: 362- الإمامة العُظمى عند أهل السنة والجماعة، دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1407هـ/ 1987م. دهمان: محمّد أحمد دهمان: 363- مقدمة القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية، مجمع اللغة العربية، بدمشق، الطبعة الثانية، 1401هـ/ 1980م. رضوان مختار بن غربية.

364- مقدمة الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي، دار المجتمع للنشر والتوزيع، جدة، الطبعة الأولى 1411هـ/ 1991م. رمضان عبد التوّاب: 365- مقدمة كتاب البئر لابن الأعرابي، دار النهضة العربية، بيروت، 1983م. الزركلي: خير الدين بن محمود (ت 1396هـ) : 366- الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة السادسة، 1984م. الساعاتي: أحمد بن عبد الرحمن ألبنا: 367- الفتح الرباني، دار الشهاب، القاهرة، بدون تاريخ. سلام: محمّد زغلول سلام: 368- الأدب في العصر المملوكي (عصر الدولة الثانية المماليك الشراكسة) دار المعارف، القاهرة، بدون تاريخ. شاكر: محمود: 369- التاريخ الإسلامي (العهد المملوكي) ، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1405هـ/ 1985م. صبري: د/ عامر حسن صبري: 370- مقدمة تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق، نشر المكتبة الحديثة، الإمارات، الطبعة الأولى 1409هـ/ 1989م. طلس: محمّد أسعد: 371- مقدمة ثمار المقاصد في ذكر المساجد، طبعة المعهد الفرنسي بدمشق، 1975م. عاشور: سعيد عبد الفتاح: 372- مصر والشام في عصر الأيوبيّين والمماليك، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، القاهرة، 1976م. عبد القديم زلوم.

373- الأموال في دولة الخلافة، دار العلم للملايين، الطبعة الأولى 1403هـ. العثيمين: عبد الرحمن بن سليمان: 374- مقدمة الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب الإمام أحمد، مطبعة المدني، القاهرة، الطبعة الأولى 1407هـ/ 1987م. العسلي: كامل جميل: 375- معاهد العلم في بيت المقدس، جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان، 1981م، الطبعة الأولى 1402هـ/ 1982م. العلبي: أكرم حسن: 376- دمشق بين عصر المماليك والعثمانيّين، الشركة المتحدة للتوزيع، دمشق، الطبعة الأولى 1402هـ/ 1982م العمري: د/ أكرم ضياء العمري: 377- السيرة النّبويّة الصّحيحة، مكتبة العلوم والحكم، المدنية المنوّرة، الطبعة الخامسة 1413هـ/ 1993م. العمري: ضيف الله بن صالح: 378- يوسف بن عبد الهادي وأثره في الأصول مع تحقيق ودراسة كتابه غاية السول إلى علم الأصول، رسالة علمية، قدمت لنيل العالية (الماجستير) . الغامدي: عبد العزيز بن صالح: 379- الخلافة العباسية في عصر المماليك، رسالة علمية، قدمت لنيل العالمية (الدكتوراه) . ابن قاسم: عبد الرحمن بن محمّد النجدي (ت 1392هـ) : 380- حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع، المطابع الأهلية للأوفست، الرياض، الطبعة الأولى 1400هـ. القاضي: عبد الفتاح القاضي (ت 1403هـ) : 381- البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، بدون تاريخ. الكتاني: عبد الحيّ بن عبد الكبير.

382- فهرس الفهارس والأثبات، تحيق إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1402هـ/ 1982م. كحالة: عمر رضا: 383- معجم المؤلّفين، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ. كرد: محمّد كرد عليّ: 384- خطط الشام، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثانية، 1391هـ/ 1971م. محمّد رأفت عثمان: 385- رئاسة الدولة في الفقه الإسلامي، مطبعة السعادة، مصر، الناشر: الكتاب الجامعي، بدون تاريخ. محمّد رواس قلعة جي: 386- موسوعة فقه إبراهيم النخعي، دار النفائس، الطبعة الثانية 1406هـ. الندوة العالمية للشباب الإسلامي: 387- الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، الطبعة الثانية، 1409هـ/ 1989م. الوادعي: مقبل بن هادي: 388- الصحيح المسند من أسباب النزول، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، الطبعة الرابعة، 1408هـ/ 1987. وصي الله عباسي: 389- مقدمة بحر الدم فيمن تكلم بهم الإمام أحمد بمدح أو ذمّ، دار الراية، الرياض، الطبعة الأولى، 1409هـ/ 1989م. استدراك: 390- السلوك لمعرفة دول الملوك جـ 1، بعناية د/ محمّد مصطفى زيادة، دار الكتب، مصر. آل الشيخ: عبد الرحمن بن حسن (ت 1285هـ) : 391- فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، تعليق وتصحيح الشيخ عبد العزيز ابن باز، دار الخير، بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ. باشا: عمر موسى.

392- تاريخ الأدب العربي (العصر المملوكي) ، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1409هـ. البسام: عبد الله بن عبد الرحمن: 393- علماء نجد خلال ستة قرون، مكتبة النهضة، مكّة، الطبعة الأولى 1398هـ. البقلي: محمّد قنديل: 394- التعريف بمصطلحات صبح الأعشى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة 1983م. دهمان: محمّد أحمد دهمان: 395- معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي، دار الفكر المعاصر، بيروت، الطبعة الأولى، 1410هـ. سليم: محمود زرق سليم: 396- عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي، مكتبة الآداب، الطبعة الثانية، 1381هـ/ 1962م. عاشور: سعيد عاشور: 397- المجتمع المصري في مصر والشام، الطبعة الأولى 1965م. عبد الكريم زيدان: 398- الوجيز في أصول الفقه، نشر مؤسسة الرسالة، بيروت، 1987م. عبد المنعم ماجد: 399- نظم دولة سلاطين المماليك ورسومهم في مصر، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الثانية، 1979م. قاسم عبده قاسم: 400- دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي (عصر سلاطين المماليك) ، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثانية، 1983م.

§1/1