مجموع تخريج شمس الدين المقدسي

المقدسي، أحمد بن عبد الواحد

جُزْءٌ مِنَ الْمَجْمُوعِ. تَخْرِيجُ الْإِمَامِ الْعَلامَةِ شَمْسِ الدِّينِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْبُخَارِيِّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رَبِّ يَسِّرْ

بيع المغنيات وعن التجارة فيهن وعن تعليمهن الغناء، وقال: ثمنهن حرام. وقال هذا من رواية

1 - أَنْبَأَنَا الْإِمَامُ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السِّلَفِيُّ، أنبا أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَاقِلانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أنبا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، بِمَكَّةَ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو غَسَّانَ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الْخَيَّاطُ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ §بَيْعِ الْمُغَنِّيَاتِ وَعَنِ التِّجَارَةِ فِيهِنَّ وَعَنْ تَعْلِيمِهِنَّ الْغِنَاءَ، وَقَالَ: «ثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ» . وَقَالَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ السِّلَفِيِّ: فِي نَحْوِ هَذَا أَوْ نَحْوِهِ أَوْ شِبْهِهِ نَزَلَتْ عَلَيَّ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] ". وَقَالَ: " مَا مِنْ رَجُلٍ يَرْفَعُ عَقِيرَةَ صَوْتِهِ بِالْغِنَاءِ إِلا بَعَثَ اللَّهُ شَيْطَانَيْنِ يَرْتَدِفَانِهِ هَذَا مِنْ ذَا الْجَانِبِ وَهَذَا ذَا الْجَانِبِ، فَلا يَزَالانِ يَضْرِبَانِ بِأَرْجُلِهِمَا فِي صَدْرِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْكُتُ

هل معك شيء؟ قلت: نعم، تمر في مزود معي، قال: جئ به، قال: فأخرجت منه تمرات بسرا، فأتيته به

2 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا، أنبا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَبَّاسِ الْعَلَوِيُّ، أنبا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْقَاسِمِ تَمَّامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى، ثنا سَهْلُ بْنُ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُصِبْتُ بِثَلاثَةِ مَصَائِبَ فِي الْإِسْلامِ لَمْ أُصَبْ بِمِثْلِهِنَّ: مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ صُوَيْحِبَهُ، وَقَتْلِ عُثْمَانَ، وَالْمِزْوَدِ، قَالُوا: وَمَا الْمِزْوَدُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، §هَلْ مَعَكَ شَيْءٌ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، تَمْرٌ فِي مِزْوَدٍ مَعِيَ، قَالَ: «جِئَ بِهِ» ، قَالَ: فَأَخْرَجْتُ مِنْهُ تَمَرَاتٍ بُسْرًا، فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَمَسَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَى فِيهِ، وَقَالَ: «ادْعُ عَشْرَةً» . فَدَعَوْتُ عَشْرَةً، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ لِي عَشْرَةً» . فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى أَكَلَ الْجَيْشُ كُلُّهُمْ، وَبَقِيَ هُوَ تَمْرُ الْمِزْوَدِ، فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ خُذْهُ فَأَعِدْهُ فِي الْمِزْوَدِ، فَإِذَا أَرَدْتَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَدْخِلْ يَدَكَ فِيهِ وَلا تَكُبَّهُ "، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكَلْتُ مِنْهُ حَيَاةَ أَبِي بَكْرٍ كُلَّهَا، وَأَكَلْتُ مِنْهُ حَيَاةَ عُمَرَ كُلَّهَا، وَأَكَلْتُ مِنْهُ حَيَاةَ عُثْمَانَ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ انْتُهِبَ مَا فِي بَيْتِي وَانْتُهِبَ الْمِزْوَدُ، أَلا أُخْبِرُكُمْ: أَكَلْتُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ وَسْقٍ

أن أهل الجنة إذا دخلوها فنزلوا فيها بفضل أعمالهم، ويؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام

3 - وَبِهِ أنبا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، إِجَازَةً، إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا , أنبا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أنبا أَبُو الْقَاسِمِ تَمَّامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَذْلَمِ بْنِ لَبْطَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ أَيُّوبَ، قَالا: ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي الْعِشْرِينَ، ثنا الأَوْزَاعِيُّ، ثنا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ لَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اسْأَلِ اللَّهَ، اسْأَلِ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ، قَالَ سَعِيدٌ: وَفِيهَا سُوقٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا فَنَزَلُوا فِيهَا بِفَضْلِ أَعْمَالِهِمْ، وَيُؤْذَنُ لَهُمْ فِي مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، فَيَرَوْنَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ , وَيَبْرُزُ لَهُمْ عَنْ عَرْشِهِ وَيَتَبَدَّى لَهُمْ فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، فَيُوضَعُ لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ لُؤْلُؤٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ يَاقُوتٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنَابِرُ مِنْ فِضَّةٍ، وَيَجْلِسُ أَدْنَاهُمْ وَمَا فِيهِمْ دَنِيٌّ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ وَالْكَافُورِ، مَا يَرَوْنَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَرَاسِيِّ بِأَفْضَلَ مِنْهُمْ مَجْلِسًا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَلْ نَرَى رَبَّنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، هَلْ تُمَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ قُلْنَا: لا. قَالَ: كَذَلِكَ لا تُمَارُونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ، وَلا يَبْقَى فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَحَدٌ إِلا حَاضَرَهُ اللَّهُ مُحَاضَرَةً قَالَ هِشَامٌ: هُوَ الدُّنُوُّ حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ لِلرَّجُلِ مِنْهُمْ: «يَا فُلانُ، تَذْكُرُ يَوْمَ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا» . يُذَكِّرُهُ بَعْضَ غَدَرَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَمْ تَغْفِرْ لِي؟ فَيَقُولُ: «بَلَى، بِسِعَةِ مَغْفِرَتِي بَلَغْتَ مَنْزِلَتَكَ هَذِهِ» . فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ غَشِيَتْهُمْ سَحَابَةٌ مِنْ فَوْقِهِمْ فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ طِيبًا لَمْ يَجِدُوا مِثْلَ رِيحِهِ قَطُّ، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «قُومُوا إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لَكُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ فَخُذُوا مَا اشْتَهَيْتُمْ» . قَالَ: فَيَأْتُونَ سُوقًا قَدْ حَفَّتْ بِهِ الْمَلائِكَةُ، فِيهِ مَا لَمْ تَنْظُرِ الْعُيُونُ إِلَى مِثْلِهِ، وَلَمْ تَسْمَعِ الآذَانُ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى الْقُلُوبِ، قَالَ: فَيَجْعَلُ لَنَا مَا اشْتَهَيْنَا، وَلَيْسَ يُبَاعُ فِيهِ وَلا يُشْتَرَى، وَفِي ذَلِكَ السُّوقِ يَلْقَى أَهْلُ الْجَنَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، قَالَ: فَيُقْبِلُ الرَّجُلُ ذُو الْمَنْزِلَةِ الْمُرْتَفِعَةِ فَيَلْقَاهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ , وَمَا فِيهِمْ دَنِيٌّ، فَيُرَوِّعُهُ مَا يَرَى عَلَيْهِ مِنَ اللِّبَاسِ، فَمَا يَبْقَى آخِرَ حَدِيثِهِ حَتَّى يُمَثَّلَ عَلَيْهِ أَحْسَنُ مِنْهُ , وَذَلِكَ أَنَّهُ لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَحْزَنَ فِيهَا، قَالَ: ثُمَّ نَنْصَرِفُ إِلَى مَنَازِلِنَا فَيَلْقَانَا أَزْوَاجُنَا، فَيَقُلْنَ: مَرْحَبًا وَأَهْلا، لَقَدْ جِئْتَ، وَإِنَّ بِكَ مِنَ الْجَمَالِ وَالطِّيبِ أَفْضَلَ مِمَّا فَارَقْتَنَا عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: إِنَّا جَالَسْنَا رَبَّنَا الْجَبَّارَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبِحَقِّنَا أَنْ نَنْقَلِبَ بِمِثْلِ مَا انْقَلَبْنَا وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عَسَاكِرَ بْنِ الْمُرَحِّبِ الْبَطَائِحِيُّ الْمُقْرِئُ، ثنا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ، أنبا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أنبا ابْنُ الْقَطِيعِيِّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ يَعْنِي الْمُؤَدِّبَ، ثنا مَنْ سَمِعَ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ، قَالَ: لَقِيتُ وَهْبَ بْنُ مُنَبِّهٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ حَدِّثْنِي حَدِيثًا أَحْفَظْهُ عَنْكَ فِي مَقَامِي هَذَا وَأَوْجِزْ، قَالَ: نَعَمْ، أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ إِلَى دَاوُدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا دَاوُدُ بْنَ إِيشَا، وَعِزَّتِي وَجَلالِي وَعَظَمَتِي لا يَعْتَصِمُ بِي عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي دُونَ خَلْقِي أَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ فَتَكِيدُهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَالأَرْضُونَ السَّبْعُ وَمَنْ فِيهِنَّ إِلا جَعَلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِهِمْ مَخْرَجًا، أَمَا وَعِزَّتِي وَعَظَمَتِي لا يَعْتَصِمُ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي بِمَخْلُوقٍ دُونِي أَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ إِلا قَطَعْتُ أَسْبَابَ السَّمَاءِ مِنْ يَدِهِ وَأَسَخْتُ الأَرْضَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ ثُمَّ لا أُبَالِي بِأَيِّ وَادٍ هَلَكَ» . وَبِهِ ثنا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُنَبِّهٍ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، قَالَ: لَمَّا رَأَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّارَ انْطَلَقَ يَسِيرُ حَتَّى وَقَفَ مِنْهَا قَرِيبًا، فَإِذَا هُوَ بِنَارٍ عَظِيمَةٍ تَفُورُ مِنْ فَرْعِ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ شَدِيدَةِ الْخُضْرَةِ، لا تَزْدَادُ النَّارُ فِيمَا يُرَى إِلا عِظَمًا، وَلا تَزْدَادُ الشَّجَرَةُ عَلَى الْحَرِيقِ إِلا خُضْرَةً وَحُسْنًا، فَوَقَفَ يَنْظُرُ لا يَدْرِي عَلَى مَا يَضَعُ أَمْرَهَا إِلا أَنَّهُ قَدْ ظَنَّ أَنَّهَا شَجَرَةٌ تَحْتَرِقُ، وَأَوْقَدَ إِلَيْهَا مَوْقِدٍ فَنَالَهَا، فَاحْتَرَقَتْ وَإِنَّهُ يَمْنَعُ النَّارَ شِدَّةُ خُضْرَتِهَا وَكَثْرَةُ أَفْنَانِهَا وَكَثَافَةُ وَرَقِهَا وَعِظَمُ جِذْعِهَا، فَوَضَعَ أَمْرَهَا عَلَى هَذَا، فَوَقَفَ وَهُوَ يَطْمَعُ أَنْ يَسْقُطَ مِنْهَا شَيْءٌ فَيَقْتَبِسُهُ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَهْوَى إِلَيْهَا بِضِغْثٍ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتَبِسَ مِنْ لَهَبِهَا، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ مُوسَى مَالَتْ نَحْوَهُ كَأَنَّهَا تُرِيدُهُ، فَاسْتَأْخَرَ عَنْهَا وَهَابَ ثُمَّ عَادَ فَطَافَ بِهَا فَلَمْ تَزَلْ تُطْمِعُهُ وَيَطْمَعُ فِيهَا، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ بِأَوْشَكَ مِنْ خُمُودِهَا، فَاشْتَدَّ عِنْدَ ذَلِكَ عَجَبُهُ، وَفَكَّرَ مُوسَى فِي أَمْرِهَا، وَقَالَ: هِيَ نَارٌ مُمْتَنِعَةٌ لا يُقْبَسُ مِنْهَا وَلَكِنَّهَا لَمْ تَتْضَرِّمْ فِي جَوْفِ شَجَرَةٍ وَلا تَحْرِقُهَا، ثُمَّ خُمُودُهَا عَلَى قَدْرِ عِظَمِهَا فِي أَوْشَكَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مُوسَى، قَالَ: إِنَّ لِهَذِهِ النَّارِ لَشَأْنًا ثُمَّ وَضَعَ أَمْرَهَا عَلَى أَنَّهَا مَأْمُورَةٌ أَوْ مَصْنُوعَةٌ، وَلا يَدْرِي مَنْ أَمَرَهَا وَلا مَنْ صَنَعَهَا، وَلَا لِمَ صُنِعَتْ؟ فَوَقَفَ مُتَحَيِّرًا لا يَدْرِي أَيَرْجِعُ أَمْ يُقِيمُ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ رَمَى طَرْفَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ يَنْظُرُ فَرْعَهَا فَإِذَا هُوَ أَشَدُّ مَا كَانَ خُضْرَةً، وَإِذَا الْخُضْرَةُ تُنَوِّرُ وَتُسْفِرُ وَتَبْيَاضُّ حَتَّى صَارَتْ نُورًا سَاطِعًا عَمُودًا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ عَلَيْهِ مِثْلَ شُعَاعِ الشَّمْسِ، تَكِلُّ دُونَهُ الأَبْصَارُ كُلَّمَا نَظَرَ إِلَيْهِ يَكَادُ يَخْطَفُ بَصَرَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ اشْتَدَّ خَوْفُهُ وَحُزْنُهُ، فَرَدَّ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَلَصَقَ بِالأَرْضِ، وَسَمِعَ الْحِسَّ وَالْوَجَسَ إِلا أَنَّهُ سَمِعَ حِينَئِذٍ شَيْئًا لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ بِمِثْلِهِ عِظَمًا , فَلَمَّا بَلَغَ مُوسَى الْكَرْبُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْهَوْلُ وَكَادَ أَنْ يَتَخَالَطَ فِي عَقْلِهِ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِمَا يَسْمَعُ وَيَرَى، نُودِيَ مِنَ الشَّجَرَةِ، فَقِيلَ: يَا مُوسَى، فَأَجَابَ سَرِيعًا، وَمَا يَدْرِي مَنْ دَعَاهُ، وَمَا كَانَ سُرْعَةُ إِجَابَتِهِ إِلا اسْتِئْنَاسًا بِالأَنَسِ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ , مِرَارًا , إِنِّي أَسْمَعُ صَوْتَكَ، وَأُوجِسُ وَجَسَكَ، وَلا أَرَى مَكَانَكَ، فَقَالَ: أَنَا فَوْقَكَ وَمَعَكَ وَأَمَامَكَ وَأَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْكَ , فَلَمَّا وَعَى هَذَا مُوسَى عَلِمَ أَنَّهُ لا يَنْبَغِي ذَلِكَ إِلا لِرَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، فَأَيْقَنَ، فَقَالَ: أَنْتَ كَذَلِكَ يَا إِلَهِي، وَكَلامَكَ أَسْمَعُ أَمْ رَسُولَكَ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: بَلْ أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكَ، فَادْنُ مِنِّي، فَجَمَعَ مُوسَى يَدَيْهِ فِي الْعَصَى ثُمَّ تَحَامَلَ حَتَّى اسْتَقَلَّ قَائِمًا، فَرَعَدَتْ فَرَائِصُهُ حَتَّى اخْتَلَفَتْ وَاضْطَرَبَتْ رِجْلاهُ، وَانْقَطَعَ لِسَانُهُ، وَانْكَسَرَ قَلْبُهُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ عَظْمٌ يَحْمِلُ آخَرَ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ إِلا أَنَّ رُوحَ الْحَيَاةِ تَجْرِي فِيهِ، ثُمَّ زَحَفَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَرْعُوبٌ حَتَّى صَارَ قَرِيبًا مِنَ الشَّجَرَةِ الَّذِي نُودِيَ مِنْهَا، قَالَ لَهُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى؟ قَالَ: هِيَ عَصَايَ، قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهَا؟ وَلا أَحَدَ أَعْلَمَ بِذَلِكَ مِنْهُ، قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ: أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى، وَكَانَ لِمُوسَى فِي الْعَصَى مَآرِبُ، كَانَتْ لَهَا شُعْبَتَانِ وَمِحْجَنٌ تَحْتَ الشُّعْبَتَيْنِ، قَالَ لَهُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَلْقِهَا يَا مُوسَى، فَظَنَّ مُوسَى أَنَّهُ يَقُولُ: ارْفُضْهَا؛ فَأَلْقَاهَا عَلَى وَجْهِ الرَّفْضِ، ثُمَّ جَاءَتْ مِنْهُ نَظْرَةٌ فَإِذَا بِأَعْظَمِ ثُعْبَانٍ نَظَرَ إِلَيْه النَّاظِرُونَ فَدَبَّ يَلْتَمِسُ كَأَنَّهُ يَبْتَغِي شَيْئًا يُرِيدُ أَخْذَهُ يَمُرُّ بِالصَّخْرَةِ مِثْلَ الْخَلِقَةِ مِنَ الإِبِلِ فَيَقْتَلِعُهَا وَيَطْعَنُ بِالنَّابِ مِنْ أَنْيَابِهِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ ا

الدنيا قد ارتحلت مدبرة، والآخرة مقبلة، ولكل واحدة منها بنون فكونوا من أبناء الآخرة، ولا

4 - أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السِّلَفِيُّ، أنبا الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْدَانِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ الْجَرَادِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ، ثنا بُهْلُولُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا مُهَاجِرٌ الْعَامِرِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «أَلا إِنَّ §الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً، وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابٌ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلٌ» وَأَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أنبا أَبُو مَسْعُودٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ السُّوذَرْجَانِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْفَضْلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بُنْدَارٍ السُّكَّرِيُّ، قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: أنبا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الْحَبَّالُ، وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ، أنْبَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّكْوَانِيُّ، قَالا: ثنا أَبُو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَكُونٍ الْفَابَجَانِيُّ، ثنا جَدِّي أَبُو مُوسَى عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلانِيُّ، ثنا أَبُو عَمْرٍو الصَّنْعَانِيُّ، ثنا هِشَامٌ، قَالَ: " بَلَغَنِي أَنَّ مُنَادِيًا يُنَادِي مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ: أَيْنَ الْعَابِدُونَ؟ فَيَقُومُ نَاسٌ فَيُصَلُّونَ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَوْسَطِ اللَّيْلِ أَيْنَ الْقَانِتُونَ؟ فَيَقُومُ نَاسٌ فَيُصَلُّونَ، ثُمَّ يُنَادِي بِالسَّحَرِ: أَيْنَ الْمُسْتَغْفِرُونَ؟ فَيَقُومُ نَاسٌ فَيُصَلُّونَ، فَإِذَا أَصْبَحَ، قَالَ: أَيْنَ الْغَافِلُونَ؟ ".

جزيت الجنة , إن بناتي عراة فاكسهنه أقسم بالله لتفعلنه , فقال عمر: وإن لم أفعل يكون ماذا؟

5 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاتِيلَ، أنبا الْإِمَامُ أَبُو الْخَطَّابِ مَحْفُوظُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَلْوَذَانِيُّ، أنبا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرَيُّ، أنبا أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْخُطَبِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا عُمَرَ الْخَيْرِ، §جُزِيتَ الْجَنَّةَ , إِنَّ بَنَاتِي عُرَاةً فَاكْسُهُنَّهْ أَقْسِمْ بِاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّهْ , فَقَالَ عُمَرُ: «وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ يَكُونُ مَاذَا؟» قَالَ: إِذًا أَبَا حَفْصٍ لأَذَهْبَنَّهُ. قَالَ: «فَإِذَا ذَهَبْتَ يَكُونُ مَاذَا؟» قَالَ: يَكُونُ عَنْ حَالِي لَتَسْأَلَنَّهُ , يَوْمَ تَكُونُ الأُعْطِيَاتُ ثَمَّهْ , وَالْوَاقِفُ الْمَسْئُولُ بَيْنَهُنَّهْ , إِمَّا إِلَى نَارٍ وَإِمَّا إِلَى جَنَّةْ. فَبَكَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا غُلامُ، أَعْطِهِ قَمِيصِي هَذَا لِذَلِكَ الْيَوْمِ لا لِشِعْرِهِ، أَمَا وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُ» وَأَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أنبا ابْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , أنبا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَتِيقِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزَ غُلامَ الزَّجَّاجِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْفَرَجِ الْهَنْدُبَائِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَأَيْتُ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: أَتَاكَ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: فَمَا فَعَلْتَ مَعَهُمَا؟ فَقَالَ قَالا لِي: مَنْ رَبُّكَ؟ فَقُلْتُ: أَمَا تَسْتَحِيَانِ مِنِّي تَقُولانِ لِي هَذَا، فَقَالا: يَا أَحْمَدُ اعْذُرْنَا فَإِنَّا بِهَذَا أُمِرْنَا، وَتَرَكَانِي وَمَضَيَا. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنْتُ أَزُورُ قَبْرَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَتَرَكْتُهُ مُدَّةً، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ قَائِلا يَقُولُ: لِمَ تَرَكْتَ زِيَارَةَ قَبْرِ إِمَامِ السُّنَّةِ؟ وَأَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خُضَيْرٍ، أنبا أَبُو غَالِبٍ شُجَاعُ بْنُ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، أنبا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْحَنْبَلِيُّ الْمُقْرِئُ، وَأَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ بْنِ الْعُشَارِيِّ، قَالا: ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ دُوسْتَ الْعَلافُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الْحُسَيْنِ بْنِ صَفْوَانٍ الْبَرْذَعِيِّ، وَأَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَكُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا، ثنا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحُسَيْنِ، ثنا حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا مُطَرِّفُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، قَالَ: أَظُنُّهُ عَبْدَ النُّورِ السَّلِيطِيَّ، قَالَ: تَعَبَّدَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً، فَقَالَتْ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ، لَوْ نِمْتَ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا، فَقَالَ: مَا شِئْتِ يَا أُمَّهْ، إِنْ شِئْتِ نِمْتُ الْيَوْمَ وَلَمْ أَنَمْ غَدًا فِي الآخِرَةِ، وَإِنْ شِئْتِ لَمْ أَنَمِ الْيَوْمَ لَعَلِّي أُدْرِكُ الرَّاحَةَ غَدًا مَعَ الْمُسْتَرِيحِينَ مِنْ عُسْرِ الْحِسَابِ، قَالَتْ: يَا بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ لَكَ إِلا الرَّاحَةَ فَرَاحَةُ الآخِرَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَاحَةِ الدُّنْيَا، فَدُونَكَ يَا بُنَيَّ فَحَالِفِ السَّهَرَ أَيَّامَ الْحَيَاةِ لَعَلَّكَ تَنْجُو مِنْ عُسْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَمَا أَرَاكَ نَاجِيًا. فَصَرَخَ الْفَتَى صَرْخَةً فَسَقَطَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَيِّتًا، فَاجْتَمَعَتْ عِنْدَهَا رِجَالاتُ بَنِي تَمِيمٍ يُعَزُّونَهَا، وَهِيَ تَقُولُ: وَابُنَيَّاهُ , قَتِيلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَابُنَيَّاهُ قَتِيلَ الآخِرَة، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنَ ابْنِهَا. وَبِهِ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبِّرِ، ثنا أَعْيَنُ الْخَيَّاطُ أَبُو حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَنَامِي بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلامَ، فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ السَّلامَ؟ قَالَ: أَنَا مَيِّتٌ فَكَيْفَ أَرُدُّ السَّلامَ؟ قَالَ: قُلْتُ: فَمَاذَا لَقِيتَ يَوْمَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَا مَالِكٍ عِنْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَقِيتُ وَاللَّهِ أَهْوَالا وَزَلازِلَ عِظَامًا شِدَادًا. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا كَانَ بَعْدُ؟ قَالَ: وَمَا تَرَاهُ يَكُونُ مِنَ الْكَرِيمِ؟ قَبِلَ مِنَّا الْحَسَنَاتِ وَعَفَى لَنَا عَنِ السَّيِّئَاتِ، وَضَمِنَ لَنَا التَّبِعَاتِ. قَالَ: ثُمَّ شَهِقَ مَالِكٌ شَهْقَةً خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ قَالَ: فَلَبِثَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيَّامًا مَرِيضًا مِنْ غَشْيَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ، فَيَرَوْنَ أَنَّ قَلْبَهُ انْصَدَعَ , فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَبِهِ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، وَحَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ سَلَمَةَ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْعَبَّادَانِيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مَرَّةً صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ، وَعُتْبَةُ الْغُلامُ، وَسَلَمَةُ الأَسْوَارِيُّ، فَنَزَلُوا عَلَى السَّاحِلِ، قَالَ: فَهَيَّأْتُ لَهُمْ ذَاتَ لَيْلَةٍ طَعَامًا فَدَعَوْتُهُمْ إِلَيْه فَجَاءُوا، فَلَمَّا وَضَعْتُ الطَّعَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، إِذَا قَائِلٌ يَقُولُ فِي بَعْضِ أُولَئِكَ الْمُطَّوِّعَةِ، وَهُوَ عَلَى السَّاحِلِ مَارًّا رَافِعًا صَوْتَهُ، يَقُولُ: وَتُلْهِيكَ عَنْ دَارِ الْخُلُودِ مَطَاعِمُ وَلَذَّةُ نَفْسٍ غِبُّهَا غَيْرُ نَافِعٍ فَقَالَ: فَصَاحَ عُتْبَةُ صَيْحَةً، وَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَبَكَى الْقَوْمُ فَرَفَعْنَا الطَّعَامَ، وَمَا ذَاقُوا مِنْهُ وَاللَّهِ لُقْمَةً. وَأَنْبَأَنَا الْحَافِظُ السِّلَفِيُّ، أنبا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْعَتِيقِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ , يَقُولُ: سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ أَحْمَدَ الزُّبَيْدِيُّ الْمُقْرِئُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ , يَقُولُ وَقَدْ أَقْبَلَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ بِأَيْدِيهِمُ الْمَحَابِرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهَا، وَقَالَ: هَذِهِ سُرُوجُ الْإِسْلَامِ. يَعْنِي الْمَحَابِرَ. وَبِهِ قَالَ: ثنا الْعَتِيقِيُّ، قَالَ: قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عِيسَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَاذَانَ الرَّزَّازَ، قَالَ: كُنْتُ فِي جَامِعِ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ صَلَّيْنَا الْعَصْرَ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَاضِرٌ فَسَمِعْتُهُ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ عَلَى هَوًى أَوْ عَلَى رَأْيٍ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ عَلَى حَقٍّ، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى الْحَقِّ فَرُدَّهُ إِلَى الْحَقِّ حَتَّى لا يَضِلَّ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ أَحَدٌ، اللَّهُمَّ لا تَشْغَلْ قُلُوبَنَا بِمَا تَكَفَّلْتَ لَنَا بِهِ، وَلا تَجْعَلْنَا فِي رِزْقِنَا خَوْلا لِغَيْرِكَ، وَلا تَمْنَعْنَا خَيْرَ مَا عِنْدَكَ بِشَرِّ مَا عِنْدَنَا، وَلا تُرِنَا حَيْثُ نَهَيْتَنَا، وَلا تَفْقِدْنَا مِنْ حَيْثُ أَمَرْتَنَا، أَعِزَّنَا وَلا تُذِلَّنَا، أَعِزَّنَا بِالطَّاعَةِ وَلا تُذِلَّنَا بِالْمَعَاصِي.

أي القرآن أعظم؟ فأجابه عبد الله: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [البقرة: 255] . حتى ختم

6 - أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنبا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ، بِمِصْرَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دُرَيْدٍ، ثنا الْعُكْلِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْهَيْثَمِ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَقِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَكْبًا فِي سَفَرٍ لَيْلا فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَأَمَرَ عُمَرُ رَجُلا يُنَادِيهِمْ: مِنْ أَيْنَ الْقَوْمُ؟ فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَقْبَلْنَا مِنَ الْفَجِّ الْعَمِيقِ. فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْبَيْتُ الْعَتِيقُ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ فِيهِمْ لَعَالِمًا، فَأَمَرَ رَجُلا يُنَادِيهِمْ: §أَيُّ الْقُرْآنِ أَعْظَمُ؟ فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللَّهِ: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] . حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ، قَالَ: نَادِهِمْ: أَيُّ الْقُرْآنِ أَحْكَمُ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] . فَقَالَ: نَادِهِمْ: أَيُّ الْقُرْآنِ أَجْمَعُ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {7} وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7-8] . فَقَالَ عُمَرُ: نَادِهِمْ، أَيُّ الْقُرْآنِ أَحْزَنُ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: {وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] الآيَةَ، فقَالَ عُمَرُ: نَادِهِمْ: أَيُّ الْقُرْآنِ أَرْجَى؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] . الآيَةَ، قَالَ عُمَرُ: نَادِهِمْ، أَفِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ أنبا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ الْبَابِيُّ، أنبا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَلَوِيُّ، أنبا أَبُو الْحَسَنِ الْمُعَدَّلُ، أنبا أَبُو مُحَمَّدٍ الْغَسَّانِيُّ، أنبا أَبُو بَكْرٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عَبْدُ الْمُنْعِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلامُ، لَمَّا قُتِلَ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ رُوحَهُ ثُمَّ أُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا يَحْيَى هَذَا عَمَلُكَ الَّذِي عَمِلْتَهُ وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ ثَوَابَ عَمَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرًا، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا. قَالَ: فَرَأَى يَحْيَى إِلَى ثَوَابِ عَمَلِهِ، فَإِذَا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الثَّوَابِ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ , وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. قَالَ: فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا يَحْيَى هَذَا عَمَلُكَ، وَهَذَا ثَوَابُهُ , فَأَيْنَ نَعْمَائِي عَلَيْكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلائِكَتِهِ: أَخْرِجُوا نَعْمَائِي عَلَيْهِ، فَأَخْرَجُوا نِعْمَةً وَاحِدَةً مِنْ نِعَمِهِ، فَإِذَا قَدِ اسْتَوْعَبَتْ جَمِيعَ أَعْمَالِهِ وَالثَّوَابَ، فَقَالَ يَحْيَى: مَا هَذِهِ النِّعْمَةُ الْجَلِيلَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي قَدِ اسْتَوْعَبَتْ عَمَلِي وَعَشَرَةَ أَضْعَافِ ثَوَابِهِ؟ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا يَحْيَى هَذِهِ النِّعْمَةُ الْجَلِيلَةُ، قَالَ: فَخَرَّ يَحْيَى لِوَجْهِهِ، فَقَالَ: إِلَهِي جَازِنِي بِرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ لا بِعَمَلِي. وَبِهِ قَالَ: أنبا الدَّيْنَوَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الأَوَّابَ الْحَفِيظَ الَّذِي إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَصَبْتُ فِي مَجْلِسِي هَذَا آخِرَهُ وَاللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَحْدَهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا. وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , إِذْنًا، أنبا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، إِذْنًا عَنْ كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ صَالِحٍ، وَأُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ فُورَجَةَ، أنبا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ السِّيرَوَانِيَّ، يَقُولُ: قَالَ لِيَ الْمَوَازِينِيُّ سَمِعْتُ ابْنَ الْحَبَّارِ، يَقُولُ: كُنْتُ يَوْمَ النَّحْرِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ، وَإِذَا بِفَقِيرٍ وَاقِفٍ وَبِيَدِهِ كُوزٌ وَرَكْوَةٌ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا سَيِّدِي تَقَرَّبَ أُنَاسٌ إِلَيْكَ مُتَقَرِّبُونَ بِذَبَائِحِهِمْ وَقُرْبَانِهِمْ، وَلَسْتُ أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي. فَشَهِقَ شَهْقَةً وَمَاتَ. وَذَكَرَ أَبُو سَعِيدٍ النَّقَّاشُ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ، أَنَّهُ حَكَى عَنْ ذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ، قَالَ: وُصِفَ لِي شَابٌّ مِنَ الْمُرِيدِينَ , فَقَصَدْتُهُ وَلَقِيتُهُ وَهُوَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ يَا ذَا النُّونِ. فَقُلْتُ: وَمِمَّنْ عَرَفْتَ أَنِّي ذُو النُّونِ؟ قَالَ: عَرَفْتُكَ بِفُنُونِ تَوَاتُرِ الْمَعْرِفَةِ , فَاتَّصَلَتِ الْمَعْرِفَةُ بِالأَنْوَارِ فَعَرَفْتُكَ بِمَعْرِفَةِ الْجَبَّارِ. قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَسَائِلَ فَوَجَدْتُهُ حَكِيمًا. قَالَ: ثُمَّ مَضَيْتُ وَسَبَقَنِي، فَلَمَّا كَانَ بِمَنًى لَقِيتُهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ وَالنَّاسُ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِقُرْبَانِهِمْ وَهُوَ مُطْرِقٌ، قَالَ ذُو النُّونِ: وَأَنَا أَرْقُبُهُ وَهُوَ لا يَشْعُرُ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ رَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ تَقَرَّبُوا إِلَيْكَ بِقُرْبَانِهِمْ، وَأَنَا لا أَجِدُ قُرْبَانًا غَيْرَ نَفْسِي، وَإِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِذَبْحِ نَفْسِي فَتَقَبَّلْ مِنِّي، ثُمَّ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ إِلَى حَلْقِهِ فَخَطَّ فِيهِ خَطًّا كَمَا يَفْعَلُ بِالسِّكِّينِ فَخَرَّ سَاقِطًا، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا قَدْ فَارَقَ رُوحَهُ. وَأَخْبَرَ مُحَمَّدٌ، أنبا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، أنبا مَسْعُودُ بْنُ نَاصِرٍ السِّجْزِيُّ الْحَافِظُ، أنبا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْقَرِمِيسِينِيُّ، أنبا أَبُو بَكْرٍ الْمُشَدُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَطَشِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا تُرَابٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَبَا ثَابِتٍ الْخَطَّابَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُوسَى، يَقُولُ: رَأَيْتُ فَتْحًا الْمَوْصِلِيَّ فِي يَوْمِ عِيدِ أَضْحَى، وَقَدْ شَمَّ رِيحَ الْقُتَارِ، فَدَخَلَ إِلَى زُقَاقٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: تَقَرَّبَ الْمُتَقَرِّبُونَ إِلَيْكَ بِقُرْبَانِهِمْ، وَأَنَا أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِطُولِ الْحُزْنِ , كَمْ تَتْرُكُنِي أَتَرَدَّدُ فِي أَزِقَّةِ الدُّنْيَا مَحْزُونًا، قَالَ: ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ وَحُمِلَ فَدَفَنَّاهُ بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ. وَذَكَرَ أَبُو سَعِيدٍ النَّقَّاشُ , أَيْضًا، عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْشَادٍ الْفَقِيهِ النَّيْسَابُورِيِّ، أَنَّ عَجُوزًا بِالْبَصْرَةِ كَانَتْ لَهَا دَجَاجَةٌ لَمْ تَمْلِكْ غَيْرَهَا وَأَدْرَكَهَا يَوْمُ النَّحْرِ فَذَبَحَتْهَا، وَقَالَتْ: إِلَهِي لَوْلا أَنَّكَ نَهَيْتَنِي عَنْ قَتْلِ نَفْسِي لَذَبَحْتُ نَفْسِي لَكَ مَكَانَ هَذِهِ الدَّجَاجَةِ، فَرَأَى الْحَسَنُ فِي الْيَوْمِ أَنَّ اللَّه قَدْ قَبِلَ قَرَابِينَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لأَجْلِ قُرْبَانِ تِلْكَ الْعَجُوزِ. وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّلَفِيُّ، أنبا الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ الْبَرْدَانِيُّ، أنبا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ، أنبا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزَّازُ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُلْدِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، حَدَّثَنِي هَارُونُ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ، يَقُولُ: بَيْنَمَا أَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ لَكَزَنِي رَجُلٌ بِمِرْفَقِهِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِالْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا صَالِحٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا أَبَا عَلِيٍّ، قَالَ: إِنْ كُنْتَ تَظُنُّ أَنَّهُ شُهِدَ هَذَا الْمَوْسِمَ شَرٌّ مِنِّي وَمِنْكَ فَبِئْسَ مَا ظَنَنْتَ. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّلَفِيُّ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرْدَانِيُّ، أنبا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، أنبا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدَانَ الصَّيْرَفِيُّ , ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْأَزْدِيُّ، ثنا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، ثنا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: صَامَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً , قَامَ لَيْلَهَا وَصَامَ نَهَارَهَا، وَكَانَ يَبْكِي اللَّيْلَ كُلَّهُ، فَتَقُولُ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ قَتَلْتَ قَتِيلا؟ فَيَقُولُ أَنَا أَعْلَمُ بِمَا صَنَعْتُ بِنَفْسِي، قَالَ: فَإِذَا أَصْبَحَ كَحَّلَ عَيْنَيْهِ، وَدَهَنَ رَأْسَهُ، وَبَرَقَ شَفَتَيْهِ وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَأَخَذَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ عَامِلُ الْكُوفَةِ يُرِيدُهُ عَلَى الْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ وَأَبَى، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَقَدْ جِئَ بِقَيْدٍ لِيُقَيِّدَهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ خَصْمَانِ فَقَعَدَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَسْأَلْهُمَا وَلَمْ يُكَلِّمْهُمَا، قَالَ: وَقِيلَ لِيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ: إِنَّكَ لَوْ نَثَرْتَ لَحْمَهُ لَمْ يَلِ لَكَ عَمَلا فَخَلِّ عَنْهُ. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا أَبُو مُسْلِمٍ عُمَرُ بْنُ اللَّيْثِ الْحَافِظُ، أنبا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، كِتَابًا مِنْ أَصْبَهَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُقْرِئِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ فِي الْمَنَامِ، فَقُلْ

من صلى ليلة الجمعة عشر ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وثلاثين مرة قل هو الله

7 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عِيسَى الْمَدِينِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ أَجَازَ لَهُ أَبُو صَالِحٍ الْمُؤَذِّنُ، أنبا الأُسْتَاذُ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، أنبا أَبِي، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ السَّرِيِّ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَثَلاثِينَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ مَرَّةً، أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَلْفَ نُورٍ، وَأَلْفَ رَحْمَةٍ، وَأَلْفَ بَرَكَةٍ، وَأَلْقَى اللَّهُ تَعَالى مَحَبَّتَهُ فِي قُلُوبِ النَّاسِ، وَلا يَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا إِلا عَلَى التَّوْبَةِ النَّصُوحِ، وَلا تَخْرُجُ رُوحُهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ رِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ يُشْرِبُهُ مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ فَيَشْرَبُهُ وَيَقُومُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأَبْدَالِ، وَيُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَى الْغِلَّ وَالْغِشَّ وَالْحَسَدَ مِنْ قَلْبِهِ»

8 - وَبِهِ أَنْبَأَنَا أَبُو الْمَحَاسِنِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَوْمَسَانِيُّ، أنبا أَبُو شُجَاعٍ شِيرَوَيْهِ بْنُ شَهْرَذَارَ بْنِ شِيرَوَيْهِ، أنبا أَبُو الْقَاسِمِ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، أنبا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ نَصْرِ بْنِ أَبِي اللَّيْثِ، أنبا الْفَضْلُ بْنُ الْفَضْلِ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَرِيرٍ ذَكَرَ فِي تَصْنِيفٍ صَنَّفَهُ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ خَرَجَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ حَتَّى صَارُوا اثْنَيْ عَشَرَ نَفَرًا فَخَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَنَزَلُوا بَلَدًا مِنَ الْبُلْدَانِ، وَاشْتَغَلُوا بِكُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ حَتَّى نَفِدَتْ نَفَقَاتُهُمْ، فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّحِيلَ جَاءَهُمْ يَهُودِيٌّ وَأَعْطَى إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثًا، فَرَجَعُوا وَاشْتَغَلُوا بِالْعِلْمِ حَتَّى كَانَ مِنْهُمْ وَمِنْهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً جَاءَهُمُ الْيَهُودِيُّ وَأَعْطَى إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فِضَّةً، فَتَعَجَّبُوا مِنْ فِعْلِهِ، وَقَالُوا: يَا هَذَا أَلَيْسَ أَنْتَ؟ قَالَ: يَهُودِيٌّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، قَالُوا: فَلِمَ أَكْرَمْتَنَا أَرْبَعِينَ مَرَّةً بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ؟ قَالَ: لأَنِّي قَرَأْتُ فِي تَوْرَاةِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَفْضَلُ نَفَقَةٍ أَنْفَقْتُمْ فِي سَبِيلِي أَنْ تُنْفِقُوا عَلَى طُلابِ الْعِلْمِ وَالْمُتَعَلِّمِينَ الْعِلْمَ، وَطَلَبْتُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِمْ مَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ فَأَنْفَقْتُ عَلَيْكُمْ، حَيْثُ رَأَيْتُكُمْ تَطْلُبُونَ الْعِلْمَ، قَالَ: فَوَدَّعْنَاهُ وَقَصَدْنَا، قَالَ: فَرَأَيْنَاهُ فِي الطَّوَافِ، فَقُلْنَا: فُلانٌ، قَالَ: فُلانٌ، قُلْنَا: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: لَمَّا فَارَقْتُمُونِي فَأَمْسَيْتُ فَرَأَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَلَمَّا أَصْبَحْتُ وَقَالَ لِي: إِنَّ اللَّهَ تَعَالى قَدْ أَكْرَمَكَ بِالإِسْلامِ بِإِنْفَاقِكَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ فِي دَارِنَا مِنَ الأَوْلادِ وَالْخَتَنِ وَالْخَدَمِ نَحْوَ سَبْعَةَ عَشَرَ نَفْسًا فَرَأَى كُلُّ وَاحِدٍ مِثْلَ رُؤْيَايَ فَأَصْبَحُوا كُلُّهُمْ مُسْلِمِينَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ

§1/1