مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع

محمد جميل زينو

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حقوق الطبع غير محفوظة ولكل مسلم حق الطبع الطبعة التاسعة 1417 هـ - 1997 م سمحت بطبعه مديرية المطبوعات إذا أردت أن يكون لك الأجر في حياتك وبعد موتك، فاطبع هذا الكتاب، أو ساهم في طبعه، واتصل بالمؤلف ليساعدك على الطبع بأرخص سعر ممكن ويرسل لك نسخة مزيدة ومنقحة ص. ب: 601 مكة هاتف البيت: 5561827 مكة دار الصميعي للنشر والتوزيع هاتف وفاكس: 4262945 - 4251459 الرياض - السويدي - شارع السويدي العام ص. ب: 4967 - الرمز البريدي: 11412 المملكة العربية السعودية

المجلد الأول

المقَدِّمَة إِن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فقد طلبت مني بعض المكتبات في السعودية السماح بطبع مجموعة رسائل التوجيهات الإِسلامية وكتابة مقدمة لها، نظرًا لإِقبال القراء عليها, لسهولة أسلوبها، وأهمية بحوثها المتنوعة لكل مسلم ومسلمة، ولأن هذه السلسلة قد لا توجد في مكتبة واحدة، مما يسبب للقارئ التعب في الحصول عليها. لذا كان طبعها في كتاب واحد يسهل للراغب اقتناؤها كاملة، والاستفادة منها جميعًا، علماً بأن السلسلة سيبقى طبعها متفرقة على شكل أجزاء يسهل حملها، وشراؤها بثمن مناسب. إن سلسلة التوجيهات الإِسلامية يمتاز كل عدد منها بميزات لا توجد في الآخر: 1 - كتاب (توجيهات إِسلامية لإِصلاح الفرد والمجتمع). يمتاز بمواضيعه الهامة، وبحوثه المتنوعة، فهو يبحث في العقيدة والعبادات، والمحرمات التي اشتبهت على بعض الناس كالغناء والموسيقى، والتصوير، والتماثيل، والتدخين، وغيرها من البحوث الهامة المفيدة بأسلوب سهل. 2 - كتاب (أركان الإِسلام والإِيمان من الكتاب والسنة الصحيحة). هو شرح موجز لأركان الإِسلام والإِيمان الواردة في الحديث، وفيه بحث هام عن

نواقض الإِسلام والإِيمان والاعتقادات الباطلة التي تؤدي إِلى الكفر. 3 - كتاب (منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة). يبحث في التوحيد وأنواعه وفضله من القرآن والحديث، ومَن هي الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة؟ كما أنه يبحث في الشرك وأنواعه ومشاهده، وأنه سبب شقاء العالم الإِسلامي، وما يلاقيه من المصائب والفتن والحروب، مع إِعطاء العلاج الناجع لهذه الأمراض الخطيرة. 4 - كتاب (العقيدة من الكتاب والسنة الصحيحة). جاء على شكل أسئلة وأجوبة متنوعة تتعلق بعقيدة التوحيد وأنواع الشرك، وأنواع الجهاد، والحكم بغير ما أنزل الله، وفيه بحث هام عن أفكار خطيرة. بثها أعداء الإِسلام، ليفتنوا المسلمين عن دينهم ويفسدوا عقائدهم، وأكثر الأجوبة تعتمد على الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة. 5 - كتاب (قطوف من الشمائل المحمدية، والأخلاق النبوية، والآداب الإِسلامية). إن اسمه دال عليه، وهو مأخوذ من القرآن الكريم، وأكثر كتب الحديث المعتمدة، وانتقاء الصحيح منها، وجاء بعض بحوث الكتاب على شكل حوار محبب للنفس كبحث الأخلاق والمعجزات والرفق والصبر والسيرة، وقد جاء في آخره خلاصة عن واجبنا نحو الرسول - صلى الله عليه وسلم - والتحلي بأخلاقه, لأنه القدوة الحسنة. 6 - كتاب (حكم الدخان والتدخين على ضوء الطب والدين). وضحت فيه أضرار التدخين الصحية والمادية، والاجتماعية، والأخلاقية، ثم بينت الأدلة من الكتاب والسنة على تحريمه بأسلوب سهل، وبيان واضح. وإني أسمح لكل مطبعة، أو مكتبة، أو دار نشر بطبع هذه السلسلة، على أن تخبرني لأرسل لها نسخة مزيدة ومنقحة ليخرج الكتاب سليماً من الأخطاء والملاحظات. وبما أنني تنازلت عن حقوق التأليف، فإِنه يحسن لدور النشر أن تبيعه بسعر

مناسب يشجع القراء على اقتنائه، وأن ترسل لي منه بعض النسخ للاستفادة منها ولتوزيعها كدعاية للكتاب المطبوع. والله أسأل أن ينفع بهذه المجموعة المسلمين، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم. ... المؤلف محمَّد بن جميل زينو المدرس في دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة 1/ 2 / 1408

رأي العلماء في سلسلة التوجيهات

رأي العلماء في سلسلة التوجيهات 1 - رأي فضيلة مدير الإدارة العامة لشؤون المصاحف، ومراقبة المطبوعات: كتب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز إِلى مدير مراقبة الكتب يأخذ رأيه في سلسلة التوجيهات فأجاب: سماحة الرئيس العام الشيخ عبد العزيز بن باز سلمه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فإِجابة لشرح سماحتكم رقم 433/ 1 / ك في 9/ 3/ 1404 هـ والمرفق به الكتب التالية: 1 - كتاب خذ عقيدتك من الكتاب والسنة الصحيحة الطبعة الأولى. 2 - كتاب منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة. 3 - كتاب توجيهات إِسلامية، وجميعها من تأليف محمد زينو. ونفيدكم أنه تمت دراستها واتضح ما يلي: أولًا: كتاب خذ عقيدتك من الكتاب والسنة الصحيحة: وهو عبارة عن أسئلة وأجوبة في العقيدة وما يتعلق بها مع ذكر الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة بأسلوب مختصر ومفيد - إِن شاء الله. ثانيًا: كتاب الفرقة الناجية والطائفة المنصورة: اتضح أنه ملخص لمنهج السلف أصولًا وفروعًا وهو نافع ومفيد وصالح للتداول دينياً. ثالثًا: كتاب توجيهات إِسلامية: وهو عبارة عن أبحاث متنوعة ومختصرة في

مبادئ الإِسلام وتعاليمه موضحا ذلك بالأدلة من الكتاب والسنة بطريقة مختصرة ومفيدة، ومما تقدم يتضح لسماحتكم أن الكتابين الأول والثاني سليمان وصالحان للتداول والنشر وكذلك الكتاب الثالث وفيما ترونه الخير والبركة - إِن شاء الله، وأسأل الله أن يمد في عمركم لخدمة شرعه المطهر إِنه سميع قريب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... مدير الإِدارة العامة لشؤون المصاحف ومراقبة المطبوعات عبد الله بن ردن البداح 12/ 1/ 1405 2 - وكتب فضيلة الشيخ عبد الله خياط عضو هيئة كبار العلماء وخطيب المسجد الحرام بمكة سابقاً حول السلسلة فقال: كم لنا من الركائز الإِسلامية ما يفتح الأنظار على أمور قد تكون من خير ما يعتد به المسلم في دينه وخلقه، وتنبه فيه الوعي للإِفادة منها، والسير على ما ترسمه من مناهج الخير. أضرب لذلك مثلًا بسلسلة التوجيهات الإِسلامية التي ألفها فضيلة الشيخ محمد بن جميل زينو المدرس في مدرسة دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة، والذي وقفت له على مشاركات كثيرة في التأليف ذات هدف رفيع توحي بأفق واسع ودراية. هذه السلسلة الأولى منها (توجيهات إِسلامية لإِصلاح الفرد والمجتمع) تحدث فيها المؤلف عن دروب الإِصلاح الديني والاجتماعي. والثانية تحت عنوان (أركان الإِسلام والإيمان من الكتاب والسنة الصحيحة) تحدث فيها المؤلف عن أصل الإِسلام وعموده، ألا وهو توحيد الله -جل جلاله- وتنزيهه عن الشريك في كل ما هو من خصائصه، وتصحيح المعتقد ومدلول رسالة الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم -، وفي طليعة ذلك الإِيمان به وبما جاء عنه، وأنه رسول وعبد لله لا يجوز الارتفاع

به عن المقام الذي وضعه الله فيه. والرسالة الثالثة تحت عنوان. (منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة على ضوء الكتاب والسنة). تحدث فيها المؤلف عن منهاج هذه الفرقة الناجية والطائفة المنصورة البارزة القائمة إِلى قيام الساعة لا يضرها من خالفها إِلى قيام الساعة. والرسالة الرابعة تحت عنوان (العقيدة الإِسلامية من الكتاب والسنة الصحيحة). تحدث فيها المؤلف عن واقع العقيدة السلفية، ومن موضوعاتها أنواع التوحيد وفوائده، والتوسل والشفاعة والسنة والبدعة إِلى غير ذلك من الموضوعات التي لها صلة بتصحيح العقيدة. أما الرسالة الخامسة فتحت عنوان: (قطوف من الشمائل المحمدية والأخلاق النبوية) الكريمة العظيمة التي يجب التأسي بها وأخذ القدوة منها، وإنا لنشد على يد المؤلف للمزيد من أمثال هذه الركائز الإِسلامية الصغيرة في حجمها، الكبيرة فىٍ مفهومها، ومدلولها، فهي ملائمة للقراء في هذا الزمن للإفادة منها، فالكثير من الناس لا يسمح له وقته بقراءة المطولات، فأمثال هذه الرسائل تغنيه، وتشفيه، وتهديه بهداية الله إِلى صراط الله، وفق الله المؤلف وكتب له أجر المحسنين بمنه وكرمه. عبد الله عبد الغني خياط عضو هيئة كبار العلماء 3 - وكتب مدير الجامعة الأثرية ببشاور في باكستان فقال: فضيلة الأستاذ الشيخ محمد جميل زينو -حفظه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد فإِن إدارة الجامعة الأثرية ببشاور تقدم شكرها وتقديرها لكم على ما تبذلونه من الجهود في نشر العقيدة الصحيحة الشافعية على ضوء الكتاب والسنة بصورة

الكتيبات النافعة القيمة ونشرات صغيرة، ولا شك أنها صغيرة في الحجم وكبيرة في العلم والنفع جزاكم الله عنا وعن سائر المسلمين ونفع بكم المسلمين آمين يا رب العالمين، ثم إِننا نبشركم بأن إِدارة الجامعة الأثرية قد قامت بترجمة كتابكم الكريم (العقيدة الإِسلامية) إِلى ثلاث لغات: الأردية - والفارسية - والأفغانية (بشتو) وتم بحمد الله طباعة اللغتين الأخريين في العدد الأول عشرين نسخة من كل لغة، وسوف تنتهي طباعة اللغة الثالثة في أقرب وقت ممكن - إِن شاء الله تعالى، والحمد لله- قد عم نفع هاتين الرسالتين في مخيمات المهاجرين ومراكز المجاهدين والمدارس الابتدائية الأهلية في باكستان حتى جعل بعضها في المناهج الدراسية كي يركز الطالب المبتدئ على عقيدة صحيحة ولله الحمد. والسلام عليكم ورحمة الله. أخوكم في الله أبو عمر عبد العزيز النورستاني مدير الجامعة الأثرية بشاور باكستان

(1) مجموعة رسائل التوجيهات الإِسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع 1 - توجيهات إِسلامية لإِصلاح الفرد والمجتمع. 2 - أركان الإِسلام والإيمان من الكتاب والسنة الصحيحة. 3 - منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة. 4 - العقيدة الإِسلامية من الكتاب والسنة الصحيحة. 5 - قطوف من الشمائل المحمدية والأخلاق النبوية والآداب الإسلامية. 6 - حكم التدخين على ضوء الطب والدين.

(1) توجيهات إسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع

(1) توجيهات إسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع

موجز لمحتويات الكتاب (1) توجيهات إسلامية * الخصائص الرئيسة في الإسلام * الإسلام نظام كامل للحياة * الدعاء هو العبادة * أين الله؟ الله فوق العرش * مبطلات الإِسلام * من أخلاق الرسول وأدبه ودعوته وجهاده - صلى الله عليه وسلم - * كيف نربي أولادنا؟ * حقوق الوالدين * اجتنبوا الكبائر واتّبعوا ولا تبتدعوا * الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر * الجهاد في سبيل الله * الوصية الشرعية لكل مسلم * إِعفاء اللحية واجب * حكم الغناء * حكم التصوير والتماثيل * دعاء الشفاء والسفر والضائع

الخصائص الرئيسة في الإسلام

الخصائص الرئيسة في الإِسلام 1 - الإِسلام دين التوحيد: فالإِيمان بوجود خالق واحد للعالم حقيقة تقتنع بها كل العقول المفكرة، وهذا الخالق هو الإله المستحق للعبادة وحده: كالذبح والنذر، ولا سيما الدعاء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة" [حسن صحيح رواه الترمذي] فلا يجوز صرف شيء منها لغير الله. 2 - الإِسلام يُجمِّع ولا يُفرِّق: فهو يؤمن بجميع الرسل الذين أرسلهم الله لهداية البشر، وتنظيم حياتهم، والرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتمهم، وشريعته نسخت ما قبلها بأمر من الله - تعالى، أرسله الله إِلى الناس جميعًا لينقذهم من جور الأديان المحرفة إِلى عدل الإِسلام المحفوظ. 3 - إِن تعاليم الاِسلام سهلة واضحة مفهومة، فهو لا يقر الخرافات، ولا المعتقدات الفاسدة، والفلسفات المعقدة، وهو صالح للتطبيق في كل زمان ومكان. 4 - إِن الإِسلام لا يفصل بين المادة والروح فصلاً كاملًا، بل ينظر إِلى الحياة على أنها واحدة تشملهما معًا، فلا يأخذ إِحداهما ويهمل الأخرى. 5 - أكد الإِسلام روح التساوي والأخوة بين المسلمين، فهو ينكر الفوارق الإِقليمية والعصبية، ففي كتابه الكريم: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] 6 - ليس في الإِسلام سلطة كهنوتية تحتكر الدين، ولا أفكار مجردة يصعب تصديقها، ويستطيع كل إِنسان أن يقرأ كتاب الله -تعالى- وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حسب فهم السلف الصالح ثم يصوغ حياته طبقًا لهما. (انظر كتاب الخصائص الرئيسة في الإسلام) للدكتور يوسف القرضاوى

الإسلام نظام كامل للحياة

الإِسلام نظام كامل للحياة 1 - إِن الإِسلام ينظم الحياة البشرية في مختلف ميادينها الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، كما يرسم لها الطريق الصحيح لحل مشاكلها. 2 - الإِسلام يسعى إِلى تنظيم الحياة للإِنسان، والعنصر الرئيسي هو تنظيم الوقت، والإِسلام وحده أقوى عامل لنجاح المسلم في الدنيا والآخرة. 3 - إِن الإِسلام عقيدة قبل أن يكون شريعة فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ركز جهده في مكة على التوحيد، ثم بعد ذلك طبق الشريعة عندما انتقل إِلى المدينة لإِقامة الدولة الإِسلامية فيها. 4 - الإِسلام يدعو إِلى العلم ويشجع على التطور العلمي النافع، فلقد كان المسلمون، في القرون الوسطى جهابذة في العلوم العصرية، مثل (ابن الهيثم) و (البيروني) وغيرهم. 5 - الإِسلام يبيح المال المكتسب من الحلال الذي لا استغلال فيه ولا غش، ويرغب في المال الحلال للرجل الصالح الذي يدفع منه للفقراء والجهاد، وبهذا تتحقق العدالة الإجتماعية في الأمة المسلمة التي تأخذ تشريعها من خالقها، وفي الحديث: "نِعْمَ المالُ الصالح للمرء الصالح". [صحيح رواه أحمد] وأما قولهم: (ما جُمِع مالٌ من حلال) فهو مكذوب لا أصل له. 6 - الإِسلام دين الجهاد والحياة: فهو يفرض على كل مسلم (¬1) أن يبذل ماله وروحه في سبيل نصرة الإسلام، وهو دين الحياة يريد من المسلم أن يعيش حياة هنيئة في ظل الإِسلام، وأن يُؤْثِر أُخراه على دنياه. 7 - إِحياء الفكر الإِسلامي الحر في حدود القواعد الإِسلامية، وإزالة الجمود الفكري، والأفكار الدخيلة التي شوهت جمال الإِسلام الصافي، وحالت دون تقدم المسلمين كالبدع والخرافات والأحاديث الموضوعة وغير ذلك [المصدر السابق] ¬

_ (¬1) ليس الجهاد فرض عين مطلقًا، ولا يصح التعبير بالفكر الإسلامي كما قال القرضاوي.

الدعاء هو العبادة

الدعاء هو العبادة هذا الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي، يدل على أن الدعاء من أهم أنواع العبادة، فكما أن الصلاة لا تجوز أن تكون لرسول أو ولي، فكذلك لا يُدعى الرسول أو الولي من دون الله. 1 - إِن المسلم الذي يقول: يا رسول الله أو يا رجال الغيب غوثًا ومدداً، هو دعاء وعبادة لغير الله، ولو كانت نيته أن الله هو المغيث، مثله مثل رجل أشرك بالله -عَزَّ وَجَلَّ- وقال: أنا في نيتي أن الإِله واحد فلا يقبل منه هذا, لأن كلامه دل على خلاف نيته، فلابد من مطابقة القول للنية والمعتقد، وإلا كان شركاً أو كفراً لا يغفره الله إِلا بتوبة. 2 - فإن قال هذا المسلم: أنا في نيتي أن أتخذهم واسطة إِلى الله، كالأمير الذي لا أستطيع أن أدخل عليه إلا بواسطة، فهذا تشبيه الخالق بالخلوق الظالم الذي لا يدخل عليه أحد إِلا بواسطة، وهذا التشبيه من الكفر. قال تعالى منزهاً ذاته وصفاته وأفعاله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] فتشبيه الله بمخلوق عادل كفر وشرك، فكيف إِذا شبهته بإِنسان ظالم؟! تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرًا. 3 - لقد كان المشركون في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعتقدون أن الله هو الخالق والرازق، ولكنهم يدعون الأولياء الممثلين في الأصنام واسطة تقربهم إِلى الله، فلم يرض منهم هذه الواسطة، بل كفَّرَهم وقال فيهم: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3] والله -تعالى- قريب سميع لا يحتاج إِلى واسطة، قال الله - تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186]

4 - إِن هؤلاء المشركين كانوا يدعون الله وحده عند الشدائد قال تعالى: {وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [يونس: 22] وكانوا يدعون أولياءهم الممثلة في الأصنام وقت الرخاء، فكفَّرَهم القرآن. فما بال بعض المسلمين يدعون غير الله من الرسل والصالحين، ويستغيثون بهم، ويطلبون المعونة منهم وقت الشدائد والمحن ووقت الرخاء؟!! ألم يقرؤوا قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5، 6] (بعبادتهم أي بدعائهم) 5 - يظن الكثير من الناس أن المشركين الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا يدعون أصناماً من الحجارة، وهذا خطأ؛ لأن الأصنام الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا رجالاً صالحين. ذكر البخاري، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى- في سورة نوح: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إِلى قومهم: أن انصبوا إِلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً، وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد، حتى إِذا هلك أولئك ونُسِي العلم بها عُبدت (أي الأصنام). 6 - قال الله -تعالى- منكرًا على الذين يدعون الأنبياء والأولياء: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 56، 57] يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية ما خلاصته:

نزلت هذه الآية في جماعة من الإِنس كانوا يعبدون الجن ويدعونهم من دون الله، فأسلم الجن. وقيل نزلت في جماعة من الإنس كانوا يدعون المسيح والملائكة. فهذه الآية تنكر على من يدعو غير الله ولو كان نبيًا أو ولياً. 7 - يزعم البعض أن الاستغاثة بغير الله جائزة ويقولون: المغيث على الحقيقة هو الله، والاستغاثة بالرسول والأولياء تكون مجازًا كما تقول: شفاني الدواء والطبيب، وهذا مردود عليهم بقول إِبراهيم -عليه السلام-: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 78 - 80] أكد بالضمير (هو) في كل آية ليدل على أن الهادي والرازق والشافي هو الله لا غيرهُ، وأن الدواء سبب للشفاء وليس شافياً. - الكثير من الناس لا يفرق بين الاستغاثة بحي أو بميت والله -تعالى- يقول: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} [فاطر: 22] وقوله -تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص: 15] وهي حكايته عن رجل استغاث بموسى ليحميه من عدوه، وقد فعل ذلك، {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15] أما الميت فلا تجوز الاستغاثة به؛ لأنه لا يسمع الدعاء، ولو سمع لا يستطيع الإِجابة لعدم قدرته، قال تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} [فاطر: 14] (هذا نص صريح في أن دعاء الأموات شرك). وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 20، 21] 9 - ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الناس يوم القيامة يأتون الأنبياء فيستشفعون بهم، حتى يأتوا محمدًا فيستشفعوا به أن يفرج عنهم، فيقول: أنا لها، ثم يسجد تحت

أين الله؟

العرش ويطلب من الله الفرج وتعجيل الحساب، وهذه الشفاعة طلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو حي يكلمه الناس ويكلمونه، أن يشفع لهم عند الله ويدعو لهم بالفرج، وهذا ما سيفعله - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي. 10 - وأكبر دليل على الفرق بين الطلب من الحي والميت هو ما فعله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما نزل بهم القحط، فطلب من العباس عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد انتقاله للرفيق الأعلى. 11 - يظن بعض أهل العلم أن التوسل كالاستغاثة مع أن الفرق بينهما كبير، فالتوسل هو الطلب من الله بواسطة فتقول مثلا: (اللهم بحبك وحبنا لرسول الله فرج عنا) فهذا جائز، أما الإستغاثة فهي الطلب من غير الله فتقول: (يا رسول الله فرِّج عنا) وهذا غير جائز وهو شرك أكبر لقوله - تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (أي المشركين) [يونس: 106] والله -تعالى- يأمر رسوله محمدًا صدى الله عليه وسلم - أن يقول للناس: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} [الجن: 21] {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} [الجن: 20] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] وقال الشاعر: الله أسالُ أنْ يُفرجَ كربَنا ... فالكربُ لا يَمحوهُ إِلا اللهُ أين الله؟ الله الذي خلقنا، أوجب علينا أن نعرف أين هو؟ حتى نتجه إِليه بقلوبنا ودعائنا وصلاتنا، ومن لا يعرف ربه أين هو؟ يبقى ضائعاً لا يعرف وجهة معبوده، ولا يقوم بحق عبادته.

إِن صفة العُلُو لله على خلقه هي كبقية الصفات الواردة في القرآن والأحاديث الصحيحة, كالسمع والبصر والكلام والنزول وغير ذلك من صفات الله. فإِن عقيدة السلف الصالح، والفرقة الناجية أهل السنة والجماعة الإِيمان بما أخبر الله به في كتابه أو رسوله في أحاديثه من غير تأويل ولا تعطيل، ولا تشبيه، لقوله - تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] ولما كانت هذه الصفات، ومنها صفة عُلُو الله على خلقه متابعة لذاته، فإِن الإيمان بها واجب، كالإِيمان بالذات العلية، ولذلك قال الإِمام مالك -رضي الله عنه- لما سئل عن معنى قوله - تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فقال: الاستواء معلوم (أي العلو) والكيف مجهول، والإِيمان به واجب. فانظر يا أخي المسلم إِلى قول مالك -رحمه الله- حيث جعل الإِيمان بالاستواء معرفته واجبة على كل مسلم، وهو العلو، ولكن كيفيته مجهولة لا يعلمها إِلا الله. إِن كل منكر لصفة من صفات الله الثابتة في القرآن والحديث ومنها العُلُوُّ المطلق وأنه على السماء، يكون منكرًا للآيات والأحاديث الدالة، على إِثباتها، وأن هذه صفات كمال ورفعة وعلُو لا يجوز نفيها عن الله، وإن محاولة بعض المتأخرين تأويل الآيات والصفات -متأثرين بالفلسفة التي أفسدت عقائد كثير من المسلمين- جعلهم يعطلون هذه الصفات الكمالية لله، وخالفوا طريقة السلف وهي أسلم وأعلم وأحكم، وما أحسن من قال: وكل خير في اتباع مَن سَلف ... وكل شر في ابتداع من خلف الخلاصة إِن الإيمان بجميع الصفات الواردة في القرآن والأحاديث الصحيحة واجب، ولا يجوز أن نفرق بين الصفات فنؤمن ببعضها، على ظاهرها، ونتأول بعضها الآخر، فالذي يؤمن بأن الله سميع بصير لا يشبهه بأحد في سمعه وبصره، عليه أن يؤمن بأن

الله فوق العرش

الله في السماء (أي علا السماء علُواً بجلاله لا يُشبهُه أحد) لأنها كلها صفات كمال لله، أثبتها الله لنفسه في كتابه، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - تؤيدها الفطرة السليمة، ويصدقها العقل السليم. قال نعيم بن حماد شيخ البخاري: "من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه". [ذكره في شرح العقيدة الطحاوية] الله فوق العرش القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة والعقل السليم. والفطرة السليمة تؤيد ذلك. 1 - قال الله - تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] (أي علا وارتفع) كما جاء في البخاري عن بعض التابعين. 2 - وقال تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: 16] قال ابن عباس: (هو الله) كما في تفسير ابن الجوزي. 3 - وقال تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50] 4 - وقال تعالى عن عيسى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158] (أي رفعه الله إِلى السماء) 5 - وقال تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} [الأنعام: 3] قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "اتفق المفسرون على أننا لا نقول كما تقول الجهمية (فرقة ضالة) إِن الله في كل مكان! تعالى الله عما يقولون علُوًّا كبيرا!! " (ومعنى في السموات: على السموات).

وأما قوله - تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] (فمعناه: أن الله معنا بعلمه يسمعنا ويرانا أين كنا، وحيث كنا، وما قبل الآية وبعدها يبين ذلك) انظر تفسير ابن كثير. 6 - وعرج - صلى الله عليه وسلم - إِلى السماء السابعة حتى كلمه ربه، وفرض عليه خمس صلوات [كما رواه البخاريُّ ومسلم] 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟ يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء" [رواه البخاري ومسلم] 8 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ارحموا مَن في الأرض يَرحمكم مَن في السماء" (أي هو الله) [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] 9 - سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - جارية، فقال لها، أين الله؟ فقالت: في السماء، قال: مَن أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة. [رواه مسلم] 10 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "والعرش فوق الماء، والله فوق عرشه، وهو يعلم ما أنتم عليه" [حسن رواه أبو داود] 11 - قال أبو بكر -رضي الله عنه: "ومَن كان يَعبد الله، فإن الله في السماء حيٌّ لا يموت" [رواه الدرامي في الرد على الجهمية بإسناد صحيح] 12 - وسُئل عبدُ الله بن المبارك -رضي الله عنه-: كيف نعرفُ ربنا؟ قال: إِنه فوق السماء على العرش بائنٌ مِن خَلقِهِ. ومعناه: إِن الله فوق العرش بذاته، منفصل مِن خَلقِهِ. 13 - إِن الأئمة الأربعة اتفقوا على عُلو الله فوق عرشه، لا يشبهه أحدٌ من مخلوقاته. 14 - المصلي يقول في سجوده (سبحان ربي الأعلى)، ويرفع يديه إِلى السماء عند الدعاء.

نواقض الإسلام

15 - الأطفال حين تسالهم: أين الله؟ فيجيبون بفطرتهم السليمة: هو في السماء (أي على السماء). 16 - العقل الصحيح يؤيد أن الله في السماء، ولو كان في كل مكان لأخبر به الرسول وعلمه أصحابه، علماً بأنه توجد أماكن نجسة وقَذرة! تعالى الله عما يقولون علُواً كبيرًا. 17 - والقول بأن الله معنا في كل مكان بذاته يؤدي إِلى تعدد الذات؛ لأن الأمكنة كثيرة ومتعددة. ولما كانت ذات الإِلهُ واحدة لا يمكن أن تتعدد بطل القول بأن الله في كل مكان بذاته، وثبت أن الله على السماء فوق عرشه وهو معنا في كل مكان بعلمه يسمعنا ويرانا أينما كنا. نواقض الإِسلام إن للإِسلام نواقض إِذا فعل المسلم واحدًا منها فقد فعل الشرك الذي يحبط العمل، ويخلد في النار، ولا يغفره الله إِلا بتوبة وهذه النواقض: 1 - دعاء غير الله: كدعاء الأنبياء أو الأولياء الأموات أو الأحياء الغائبين لقول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (أي المشركين) [يونس: 106] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن مات وهو يدعو مِن دون الله نِداً دخل النار" (الند: المثيل والشريك) [رواه البخاري] 2 - اشمئزازُ القلب من توحيد الله، ونفوره من دعائه والاستغاثة به وحده، وانشراح القلب عند دعاء الرسل أو الأولياء الأموات أو الأحياء الغائبين، وطلب المعونة منهم لقوله -تعالى- عن المشركين:

{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر: 45] (وتنطبق الآية على الذين يحاربون من يستعين بالله وحده، ويقولون عنه وهابي، إذا علموا أن الوهابية تدعو للتوحيد). 3 - الذبح لرسول أو ولي لقول الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] (أي صَلِّ لربك واذبح له) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله من ذبح لغير الله" [رواه مسلم] 4 - النذر لمخلوق على سبيل التقريب والعبادة له، وهي لله وحده. قال الله تعالى: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] 5 - الطواف حول القبر بنية التقرب والعبادة له، وهو خاص بالكعبة، لقول الله - تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] 6 - الاعتماد والتوكل على غير الله، لقول الله تعالى: {فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس: 84] 7 - الركوع أو السجود بنية العبادة للملوك أو العظماء الأحياء أو الأموات إِلا أن يكون جاهلًا لأن الركوع والسجود عبادة لله وحده. 8 - إنكار ركن من أركان الإِسلام المعروفة كالصلاة والزكاة والصوم والحج أو إنكار ركن من أركان الإِيمان: وهي الإِيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وغير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة. 9 - كراهية الإِسلام، أو كراهية شيء أجمع العلماء عليه في العبادات أو المعاملات، هو الاقتصاد، أو الأخلاق لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 9] 10 - الاستهزاء بشيء من القرآن، أو الحديث المتفق على صحته ودلالته، أو بحكم مجمع عليه من أحكام الإِسلام، لقوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ

تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66] 11 - إِنكار شيء من القرآن الكريم، أو الأحاديث المتفق على صحتها يوجب الردة عن الدين إِذا تعمد ذلك عن علم. 12 - شتمُ الرب أو لعنُ الدين أو سَبّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو الاستهزاء بحاله، أو نقد ما جاء به كل ذلك مما يوجب الكفر. 13 - إِنكار شيء من أسماء الله، أو صفاته، أو أفعاله الثابتة في الكتاب والسنة الصحيحة من غير جهل ولا تأويل 14 - عدم الإِيمان بجميع الرسل الذين أرسلهم الله لهداية الناس، أو انتقاص أحدهم لقوله تعالى: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: 285] 15 - الحكم بغير ما أنزل الله إِذا اعتقد عدم صلاحية حكم الإِسلام أو أجاز الحكم بغيره لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] 16 - التحاكم لغير الإِسلام، وعدم الرضا بحكم الإِسلام، أو يرى في نفسه ضيقاً وحرجاً في حكمه لقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] 17 - إِعطاء غير الله حق التشريع كالديكتاتورية، أو الديمقراطية، أو غيرها ممن تسمح بالتشريع المخالف لشرع الله. لقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] 18 - تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله كتحليل الزنى أو الربا غير متأول، لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] 19 - الإِيمان بالمبادئ الهدامة، كالشيوعية الملحدة، أو الماسونية اليهودية، أو الاشتراكية الماركسية، أو العلمانية الخالية من الدين، أو القومية التي تفضل غير المسلم

العربي على المسلم الأعجمي لقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] 20 - تبديل الدين والانتقال من الإِسلام لغيره لقوله - تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [البقرة: 217] ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بَدَّل دينه فاقتلوه" [رواه البخاري] 21 - مناصره اليهود والنصارى والشيوعين ومعاونتهم على المسلمين لقوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28] 22 - عدم تكفير الشيوعين المنكرين لوجود الله، أو اليهود والنصارى الذين لا يؤمنون بمحمد - صلى الله عليه وسلم - , لأن الله كفرهم فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6] 23 - قول بعض الصوفيين بوحدة الوجود: وهو ما في الكون إِلا الله، حتى قال زعيمهم: وما الكلب والخنزير إِلا إِلهنا ... وما الله إِلا راهبٌ في كنيسة وقال زعيمهم الحلاج: (أنا هو، وهو أنا) فحكم العلماء عليه بالقتل فأُعدِم. 24 - القول بانفصال الدين عن الدولة، وأنه ليس في الإِسلام سياسة حكم لأنه تكذيب للقرآن والحديث والسيرة النبوية. 25 - قول بعض الصوفية: إِن الله سلم مقاليد الأمور لبعض الأولياء من الأقطاب وهذا شرك في أفعال الرب -سبحانه- يخالف قوله تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 63] 26 - إِن هذه المبطلات أشبه بنواقض الوضوء، فإِذا فعل المسلم واحدًا منها، فليجدد إسلامه، وليترك المبطل، وليَتُب إِلى الله قبل أن يموت فيحبط عمله، ويُخلَّد

لا تصدق الدجالين

في نار جهنم قال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] وعلّمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقول: "اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم". [رواه أحمد بسند حسن] لا تُصدق الدجَّالين قال - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" [صحيح رواه أحمد] يحرم تصديق المنجم والكاهن والعراف والساحر والرمال والمندِّل وغيرهم ممن يَدعي العلم بما في النفس، هو بالماضي أو المستقبل, لأن ذلك من اختصاص الله قال تعالى: {وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الحديد: 6] {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" [رواه مسلم] وما يقع من الدجالين إِنما هو التخمين والمصادفة والظن، وأكثره كذب من الشيطان لا يغتر به إِلا ناقص العقل، ولو كانوا يعلمون الغيب لاستخرجوا الكنوز من الأرض، ولما أصبحوا فقراء يحتالون على الناس لأكل أموالهم بالباطل، وإن كانوا صادقين فليخبرونا عن أسرار اليهود لإِحباطها. لا تحلف بغير الله 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحلفوا بآبائكم، مَن حلف بالله فليصدُق، ومَن حُلِف له بالله فليرضَ، ومَن لم يَرض بالله فليس من الله". [صحيح رواه ابن ماجه، انظر صحيح الجامع 7124] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله،

ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون". [صحيح رواه أبو داود، انظر صحيح الجامع 7126] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف بغير الله فقد أشرك" [صحيح رواه أحمد وغيره] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين صبر (¬1) يقطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر (¬2)، لقي الله وهو عليه غضبان". [متفق عليه] 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه". [رواه مسلم] 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف فاستثنى (¬3)، فإن شاء مضى، وإن شاء ترك غير حنِث" (لا تلزمه كفارة اليمين) [صحيح رواه النسائي انظر صحيح الجامع 6082] 7 - وقال عبد الله بن مسعود: "لأن احلف بالله كاذبًا خيرٌ من أحلف بغيره صادقاً". 8 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف منكم فقال في حلفه: باللات والعُزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق بشيء". [متفق عليه] 9 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف بمِلة غير الإِسلام كاذبًا، فهو كما قال". [متفق عليه] معناه: إِذا قال المسلم: إن كان فعل ذلك فهو يهودي أو نصراني فإِن اعتقد تعظيم ذلك كفر، وإن قصد حقيقة التعليق فيُنظر، فإِن كان أراد أن يكون متصفاً بذلك كفر، وإن أراد البعد عن ذلك لم يكفر [انظر فتح الباري ج11/ 536] يستفاد من هذه الأحاديث 1 - يحرم الحلف بالنبي والكعبة والأمانة والذمة والولد والأبوين والشرف والأولياء وغيرها من المخلوقات، وهو من الشرك الأصغر, لأنه أشرك مع الله غيره في تعظيمه حينما حلف به، وهو من كبائر الذنوب، يجب النهي عنه، وتركه، والتوبة منه، ¬

_ (¬1) صبر: تلزمه من الحاكم. (¬2) فاجر: كاذب. (¬3) قال: إِن شاء الله.

من أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -

وقد يكون الحلف بغير الله من الشرك الأكبر، وذلك إِذا اعتقد الحالف بالولي أن له سر التصرف ينتقم منه إِذا حلف به كاذباً؛ لأنه أشرك مع الله هذا الولي في التصرف والانتقام والضرر. 2 - الحلف بغير الله ليس بيمين شرعي لا يلزم الحالف فعله، ولا كفارة عليه. 3 - من حلف أن يقطع رحمه، أو يفعل معصية، فلا يفعل، وليكفر عن يمينه، وكفارة اليمين وردت في قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89] من أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - كان خلقه القرآن، يسخط لسخطه ويرضى لرضاه، لا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها إِلا أن تُنتَهك حرمات الله فيغضبُ لله. وكان - صلى الله عليه وسلم - أصدقَ الناس لَهجةً، وأوفاهم ذِمّة، وألينهم عريكة وأكرمهم عِشرة، وأشدَّ حياء من العذراء في خدرِها، خافض الطرف أكثرُ نظره التفكير، ولم يكن فاحشًا ولا لعانًا، ولا يجزي بالسيئة ولكن يعفو ويصفح، من مسألة حاجة لم يَرده إِلا بها أو بميسور من القول، ليس بفظّ ولا غليظ، لا يقطع على أحد حديثه حتى يتعدَّى الحق فيقطعه بنهي أو قيام. وكان - صلى الله عليه وسلم - يحفظُ جاره ويكرمُ ضيفه، لا يمضي له وقت في غير عمل لله، أو فيما لا بد منه، يُحب التفاؤل ويكره التشاؤم، وما خُير بين أمرين إِلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، يحب إِغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم.

من أدب الرسول وتواضعه - صلى الله عليه وسلم -

وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب أصحابه ويشاورهم ويتفقدهم: فمن مرض عاده، ومن غاب دعاه، ومن مات دعا له، يقبل معذرة المعتذر إليه، والقويُّ والضعيف عنده في الحق سواء، وكان يُحدِّثُ حديثاً لوعدَّه العادُّ لأحصاه (لفصاحته وتمهُّلهِ) وكان - صلى الله عليه وسلم - يمزح ولا يقول إلا حقًا (صدقاً) - صلى الله عليه وسلم -. من أدب الرسول وتواضعه - صلى الله عليه وسلم - كان أرحم الناس وأشدهم إِكراماً لأصحابه، يوسع عليهم إِذا ضاق المكان، يبدأ من لقيه بالسلام، وإذا صافح رجلًا لا يَنزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده. كان - صلى الله عليه وسلم - أكثر الناس تواضعاً، وإذا انتهى إِلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبهم ولا يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه، وإذا جلس إِليه أحدهم لم يقم حتى يقوم الذي جلس إِليه إلا أن يستعجله أمر فيستأذنه. كان - صلى الله عليه وسلم - يَكره القيام له (¬1): عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك) [صحيح رواه أحمد والترمذي] وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يواجه أحدًا بما يكره، يعود المريض ويحب المساكين، ولِجالسهم ويشهد جنائزهم، ولا يحقرُ فقيرًا لفقره، ولا يَهاب مَلِكاً لمُلكه، يُعظم النعمة وإن قلت: فما عابَ طعاماً قط إِن اشتهاه أكله وإلا تركه، يأكل ويشرب بيمينه بعد أن يسمّي الله في أوله ويحمده في آخره. ¬

_ (¬1) يجوز لصاحب البيت القيام إلى الضيف لاستقباله, لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعله ويجوز القيام إلى قادم من سفر لمعانقته, لأن الصحابة -رضي الله عنهم- فعلوه.

دعوة الرسول وجهاده - صلى الله عليه وسلم -

يحب الطيب، ويكره الخبائث كالبصل والثوم وأمثالها لرائحتها. ولما حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهم هذه حجة لا رياءَ فيها ولا سمعة" [صحيح رواه المقدسي] وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يتميز على أصحابه في ملبس أو مجلس، يدخل الأعرابي فيقول: أيكم محمد؟ أحب اللباس إِليه القميص (ثوب طويل لنصف ساقيه) لا يُسرف في مأكل أو ملبس، يلبس القلنسوة والعمامة وخاتماً من فضة في خنصره الأيمن وله لحية كبيرة. دعوة الرسول وجهاده - صلى الله عليه وسلم - أرسل الله رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين، فدعا العرب والناس أجميعاً إِلى ما فيه صلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة. وأول ما دعا إِليه توحيد عبادة الله: ومنها الدعاء لله وحده لقوله - تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} [الجن: 20] ولقد عارض المشركون هذه الدعوة لمخالفتها عقيدتهم الوثنية وتقليدهم الأعمى لآبائهم، واتهموا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالسحر والجنون بعد أن كانوا يسمونه الصادق الأمين. لقد صبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أذى قومه، ممتثلاً أمر ربه القائل: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] وبقي ثلاثة عشر عامًا في مكة يدعو إِلى التوحيد ويتحمل مع أتباعه العذاب، ثم هاجر مع أصحابه إِلى المدينة ليقيم المجتمع الإِسلامي الجديد على العدل والمحبة والمساواة، قد أيده الله بمعجزات أهمها القرآن الكريم الداعي إِلى التوحيد والعلم والجهاد ومكارم الأخلاق .... كاتَب - صلى الله عليه وسلم - ملوك الأرض، فكتب إِلى هرقل عظيم الروم:

حب الرسول واتباعه - صلى الله عليه وسلم -

"اسلِم تسلَم يؤتك الله أجرَك مرتين". و {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: 64] (لا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التحريم والتحليل) حارب الرسول - صلى الله عليه وسلم - المشركين واليهود وانتصر عليهم، وغزا بنفسه عشرين غزوة تقريباً، وأرسل عشرات السرايا من أصحابه للجهاد والدعوة للإِسلام وتحرير الشعوب من الظلم والاستعباد، وكان يعلمهم أن يبدأوا بالتوحيد. حب الرسول واتّباعه - صلى الله عليه وسلم - قال الله-تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده، والناس أجمعين". [رواه البخاري ومسلم] لَقد اجتمع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكارم الأخلاق والشجاعة والكرم فمن رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، ولقد بلغ الرسول الرسالة، ونصح الأمة، وجمع الكلمة، وفتح مع صحابته القلوب بتوحيدهم، كما فتحوا البلاد بجهادهم لِيُخبرجوا الناسَ من عبادة العباد، إلى عبادة ربِّ العباد. وقد أوصلوا إِلينا هذا الدين، كاملا خاليًا من البدع والخرافات لا يحتاج إِلى زيادة أو نقصان قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما بعثت لِأُتمم صالحَ الأخلاق" [صححه الحاكم ووافقه الذهبي] هذه أخلاق رسولكم، فتمسكوا بها لتكونوا محبين صادقين:

من وصايا الرسول - صلى الله عليه وسلم -

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] واعلموا أن الحب الصادق لله ورسوله يتطلبُ العمل بكتاب الله، وأحاديث رسوله الصحيحة, والاحتكام إِليهما ومحبة التوحيد الذي دعا إِليه، وتطبيقه وعدم تقديم حكم أو قول أحد عليهما. قال الله-تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1] ومن علامات حبه - صلى الله عليه وسلم - حب التوحيد الذي دعا إِليه وتطبيقه وحب مَن يدعو إليه من الدعاة، وعدم نبزهم بالألقاب المنفرة. اللهم ارزقنا حُبه واتباعه وشفاعته والتخلق بأخلاقه - صلى الله عليه وسلم -. من وصايا الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - " إني قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلُّوا أبدا، كتاب الله وسنة نبيه" [رواه الحاكم وصححه الألباني] 2 - "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدِيين تمسكوا بها" [صحيح رواه أحمد] 3 - "يا فاطمة بنت محمد سليني مِن مالي ما شئتِ لا أغني عنكِ مِن الله شيئًا" [رواه البخاري] 4 - "مَن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله" [رواه البخاري] 5 - "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله". [رواه البخاري] (لا تطروني: لا تزيدوا في مدحي) 6 - "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" [رواه البخاري] 7 - "مَن تقوَّل علَيَّ ما لم أقُل فليَتَبوَّأ مقعدَه مِن النار". [صحيح رواه أحمد]

كيف نربي أولادنا؟

8 - "إني لا أصافح النساء" [صحيح رواه الترمذي] (اللاتي يجوز الزواج منهن). 9 - "من رغب عن سُنتي فليس مِني" [متفق عليه] 10 - "اللهم إني أعوذ بك مِن علم لا ينفع" [رواه مسلم] (أي لا أعمل به، ولا أُعلمه، ولا يُبَدل أخلاقي السيئة). 11 - "من عمل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رَدّ" [رواه مسلم] (رَد: أي مردود عليه غير مقبول). كيف نربي أولادنا؟ قال الله-تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] الأم والأب والمعلم والمجتمع مسؤولون أمام الله عن تربية هذا الجيل، فإِن أحسنوا تربيته سعد وسعدوا في الدنيا والآخرة، وإن أهملوا تربيته شقي، وكان الوزر في أعناقهم. ولهذا جاء في الحديث: "كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتهِ". [متفق عليه] فبشرى لك أيها المعلم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فوالله لأن يهديَ الله بك رجلا واحداً خيرٌ لك مِن حُمرِ النَّعم". [رواه البخاري] (حُمر النعم: الإِبل الحمراء وكل مركوب جيد). وبشرى لكما أيها الأبوان بهذا الحديث الصحيح: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقةٍ جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له" [رواه مسلم] فليكن إِصلاحك لنفسك أيها المربي قبل كل شيء، فالحسن عند الأولاد ما فعلت، والقبيح ما تركت، وإن حُسْن سلوك المعلم والأبوين أمام الأولاد أفضل تربية لهم،

تعليم الصلاة للأولاد

وعلينا أن نهتم بما يلي: 1 - تعليم الطفل النطق بـ "لا إِله إِلا الله، محمد رسول الله" وإفهامه معناها عندما يكبر. (لا معبود بحق إِلا الله، ومحمد مبلغ عن الله). 2 - غرس محبة الله والإِيمان به في قلب الولد؛ لأن الله خالقنا ورازقنا ومغيثنا وحده لا شريك له، وهو المعبود بحق. 3 - ترغيب الأولاد في الجنة، وأنها لمن صلى وأطاع والديه، وعمل بما يرضي الله، وتحذيرهم من النار وأنها لمن ترك الصلاة وعن والديه، وأسخط الله واحتكم لغير شرعه، وأكل أموال الناس بالغش والكذب والربا وغيرها. 4 - تعليم الأولاد أن يسألوا الله ويستعينوا به وحده لقوله - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه: "إذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] تعليم الصلاة للأولاد 1 - يجب تعليم الصبي والبنت الصلاة في الصغر ليلتزماها عند الكبر لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "علِّموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً، وفرقوا بينهم في المضاجع" [صحيح انظر صحيح الجامع للألباني] والتعليم يكون بالوضوء والصلاة أمامهم، والذهاب بهم إِلى المساجد وترغيبهم بكتاب فيه كيفية الصلاة لتتعلم الأسرة كلها أحكام الصلاة. وهذا مطلوب من المعلم والأبوين، وكل تقصير سيسألهم الله عنه. 2 - تعليم الأولاد القرآن الكريم، فنبدأ بسورة الفاتحة والسور القصيرة وحفظ (التحيات لله) لأجل الصلاة، وأن نخصص لهم معلماً للتجويد وحفظ القرآن والحديث .....

التحذير من المحرمات

3 - تشجيع الأولاد على صلاة الجمعة والجماعة في المسجد وراء الرجال، والتلطف في نصحنا لهم إِن أخطؤوا، فلا نزعجهم ولا نصرخ بهم، لئلا يتركوا الصلاة ونأثم بسبب ذلك، وإذا تذكرنا طفولتنا ولعبنا فسوف نعذرهم. التحذير من المحرمات 1 - تحذير الأولاد من الكفر والسب واللعن والكلام البذيء وإفهامهم بلطف أن الكفر حرام يسبب الخسران ودخول النار، وعلينا أن نحفظ ألسنتنا أمامهم لنكون قدوة حسنة لهم. 2 - تحذير الأولاد من الميسر بأنواعه كاليانصيب، والطاولة. وغيرها. ولو كان للتسلية؛ لأنها تجر إِلى القمار، وتورث العداوة، وأنها خسارة لهم ولمالهم ولوقتهم، وضياع لصلواتهم. 3 - منع الأولاد من قراءة المجلات الخليعة، والصور المكشوفة، والقصص البوليسية، ومنعهم من مثل هذه الأفلام في السينما والتلفزيون والفيديو لضررها على أخلاقهم ومستقبلهم. 4 - تحذير الولد من التدخين وإفهامه أن الأطباء أجمعوا على أنه يضر الجسم ويورث السرطان وينخر الأسنان، كريه الرائحة. معطل للصدر ليست له فائدة فيحرم شربه وبيعه. وينصح بأكل الفواكه والموالح عوضًا عنه. 5 - تعويد الأولاد الصدق قولًا وعملاً، بأن لا نكذب عليهم ولو مازحين، وإذا وعدناهم فلنوف بوعدنا، وفي الحديث الصحيح: "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّثَ كَذب، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا اؤتُمِنَ خان". [متفق عليه] 6 - أن لا نطعم أولادنا المال الحرام كالرشوة والربا والسرقة ومنها الغش وهو سبب لشقائهم وتمردهم وعصيانهم.

الستر والحجاب

7 - عدم الدعاء على الأولاد بالهلاك والغضب لأن الدعاء قد يستجاب بالخير والشر، وربما يزيدهم ضلالاً، والأفضل أن نقول للولد: أصلحك الله. 8 - التحذير من الشرك بالله: وهو دعاء غير الله من الأموات، وطلب المعونة منهم، فهم عباد لا يملكون خيرا ولا نفعاً، قال الله - تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106] (أي المشركين) الستر والحجاب 1 - ترغيب البنت في الستر منذ الصغر لتلتزمه في الكبر، فلا نلبسها القصير من الثياب، ولا البنطال والقميص بمفردهما لأنه تشبه بالرجال والكفار، وسبب لفتنة الشباب والإِغراء، وعلينا أن نأمرها بوضع غطاء على رأسها (لستر شعرها) منذ السابعة من عمرها، وبتغطية وجهها عند البلوغ، وباللباس الأسود الساتر الطويل الفضفاض الذي يحفظ شرفها، وهذا القرآن الكريم ينادي المؤمنات جميعًا بالحجاب فيقول: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] وينهى الله -تعالى- المؤمنات عن التبرج والسفور فيقول: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] 2 - توصية الأولاد أن يلتزم كل جنس بلبالسه الخاص ليتميز عن الجنس الآخر، وأن يبتعدوا عن لباس الأجانب وأزيائهم كالبنطال الضيق، وغير ذلك من العادات الضارة، ففي الحديث الصحيح: "لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، ولعن المخنثين مِن الرجال، والمترَجلات مِن النساء". [رواه البخاري] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ومَن تشَبهَ بقوم فهوَ منهم". [صحيح رواه أبو داود]

الأخلاق والآداب

الأخلاق والآداب 1 - نُعوّد الطفل استعمال اليد اليمنى في الأخذ والعطاء والأكل والشرب، والكتابة والضيافة، وتعليمه التسمية أول كل عمل، خصوصاً الطعام والشراب وأن يكون قاعدًا، وأن يقول الحمد لله عند الانتهاء. 2 - تعويد الولد النظافة، فيقص أظافره، ويغسل يديه قبل الطعام وبعده، وتعليمه الاستنجاء وأخذ الورق بعد البول ليمسحه أو الغسل بالماء لتصح صلاته، ولا ينجس لباسه. 3 - أن نتلطف في نصحنا لهم سراً، وأن لا نفضحهم إِن أخطؤوا، فإِن أصروا على العناد تركنا الكلام معهم ثلاثة أيام ولا نزيد. 4 - أمر الأولاد بالسكوت عند الأذان، وإجابة المؤذن بمثل ما يقول، ثم الصلاة على النبي ودعاء الوسيلة: "اللهم رَب هذهِ الدعوةِ التامة، والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلةَ والفضيلة، وابعثة مقاماً محموداً الذي وعدته" [رواه البخاري] 5 - أن نجعل لكل ولد فراشاً مستقلاً إِذا أمكن، وإلا فلحافاً مستقلاً، والأفضل تخصيص غرفة للبنات، وغرفة للبنين، وذلك حفظاً لأخلاقهم وصحتهم. 6 - تعويده ألا يرمي الأوساخ في الطريق، وأن يرفع ما يؤذي عنه. 7 - التحذير من رفقاء السوء ومراقبتهم من الوقوف في الشوارع. 8 - التسليم على الأولاد في البيت والشارع والصف بلفظ: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته". 9 - توصية الولد بالإِحسان إِلى الجيران وعدم إيذائهم. 10 - تعويد الولد إِكرام الضيف واحترامه وتقديم الضيافة له.

الجهاد والشجاعة

الجهاد والشجاعة 1 - يفضل تخصيص جلسة للاسرة، وللتلاميذ يقرأ فيها المعلم كتاباً في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسيرة أصحابه، ليعلموا أنه القائد الشجاع، وأن صحابته كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية فتحوا بلادنا، وكانوا سببًا في هدايتنا، وانتصروا بسبب إِيمانهم وقتالهم وعملهم بالقرآن والسنة، وأخلاقهم العالية. 2 - تربية الأولاد على الشجاعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن لا يخافوا إِلا الله، ولا يجوز تخويفهم بالأكاذيب والأوهام والظلام. 3 - أن نغرس في الأولاد حب الانتقام من اليهود والظالمين، وأن شبابنا سيحررون فلسطين والقدس حينما يرجعون إِلى تعاليم الإِسلام والجهاد في سبيل الله وسينتصرون بإذن الله. 4 - شراء قصص تربوية نافعة إِسلامية مثل: سلسلة قصص القرآن الكريم والسيرة النبوية وأبطال الصحابة والشجعان من المسلمين مثل كتاب: 1 - الشمائل المحمدية، والأخلاق النبوية، والآداب الإِسلامية. 2 - العقيدة الإِسلامية من الكتاب والسنة الصحيحة. 3 - أركان الإِسلام والإِيمان. 4 - منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة. 5 - حكم الإِسلام في التدخين. 6 - توجيهات إِسلامية لإِصلاح الفرد والمجتمع. 7 - معلومات مهمة من الدين. 8 - توجيه المسلمين إِلى طريق النصر والتمكين. 9 - معجزة الإسراء والمعراج. 10 - من بدائع القصص النبوي الصحيح.

حقوق الوالدين على الولد

حقوق الوالدين على الولد إِذا أردت النجاح في الدنيا والآخرة فأعمل بالوصايا الآتية: 1 - خاطب والدلِك بأدب: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}. 2 - أطع والديك دائمًا في غير معصية، فلا طاعة لخلوق في معصية الخالق. 3 - تلطف بوالديك ولا تعبس بوجههما, ولا تُحدق النظر إِليهما غاضبًا. 4 - حافظ على سمعة والديك وشرفهما ومالهما ولا تأخذ شيئًا بدون إِذنهما. 5 - اعمل ما يسرهما ولو من غير أمرهما كالخدمة وشراء اللوازم، والاجتهاد في طلب العلم. 6 - شاورهما في أعمالك كلها واعتذر لهما إِذا اضطررت للمخالفة. 7 - أحب نداءهما مسرعًا بوجه مبتسم قائلا: نعم يا أمي ويا أبي، ولا تقل يا بابا وماما، فهي كلمات أجنبية. (تركية). 8 - أكرم صديقهما وأقرباءهما في حياتهما، وبعد موتهما. 9 - لا تجادلهما ولا تخطِّئهما وحاول بأدب أن تبين لهما الصواب. 10 - لا تعاندهما, ولا ترفع صوتك عليهما، وأنصت لحديثهما. وتأدب معهما, ولا تزعج أحد إِخوانك إِكراماً لوالديك. 11 - انهض إِلى والديك إِذا دخلا عليك، وقبّل رأسهما. 12 - ساعد أمك في البيت، ولا تتأخر عن مساعدة أبيك في عمله. 13 - لا تسافر إِذا لم يأذنا لك ولو لأمر هام، فإِن اضطررت فاعتذر لهما, ولا تقطع رسائلك عنهما.

14 - لا تدخل عليهما بدون إِذن ولا سيما وقت نومهما وراحتهما. 15 - إِذا كنت مبتلىً بالتدخين فلا تدخن أمامهما. 16 - لا تتناول طعاماً قبلهما، وأكرمهما في الطعام والشراب، 17 - لا تكذب عليهما, ولا تلمهما إِذا عملا عملًا لا يُعجبك. 18 - لا تفضل زوجتك، أو ولدك عليهما، واطلب رضاءهما قبل كل شيء فرضاء الله في رضاء الوالدين وسخطه في سخطهما. 19 - لا تجلس في مكان أعلى منهما, ولا تمد رجليك في حضرتهما متكبراً. 20 - لا تتكبر في الانتساب اِلى أبيك ولو كنت موظفاً كبيرًا، واحذر أن تنكر معروفهما أو تؤذيهما ولو بكلمة. 21 - لا تبخل بالنفقة على والديك حتى يشكواك، فهذا عار عليك، وسترى ذلك من أولادك، فكما تدين تُدان. 22 - أكثر من زيارة والديك وتقديم الهدايا لهما، واشكرهما على تربيتك وتعبهما عليك، واعتبر بأولادك وما تقاسيه معهم. 23 - أحق الناس بالإكرام أمك ثم أبوك واعلم أن الجنة تحت أقدام الأمهات. 24 - احذر عقوق الوالدين وغضبهما فتشقى في الدنيا والآخرة. وسيعاملك أولادك بمثل ما تعامل به والديك. 25 - إِذا طلبت شيئًا من والديك فتلطف بهما واشكرهما إِن أعطياك، واعذرهما اِن منعاك، ولا تكثر طلباتك لئلا تزعجهما. 26 - إِذا أصبحت قادرًا على كسب الرزق فأعمل، وساعد والديك. 27 - إِن لوالديك عليك حقًا، ولزوجك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه، وحاول التوفيق بينهما إِن اختلفا وقدم الهدايا للجانبين سراً. 28 - إِذا اختصم أبواك مع زوجتك فكن حكيمًا وأفهم زوجتك أنك معها إِن كان الحق بجانبها وأنك مضطر لترضيتهما.

اجتنبوا الكبائر

29 - إذا اختلفت مع أبويك في الزواج والطلاق فاحتكموا إِلى الشرع فهو خير عون لكم. 30 - دعاء الوالدين مستجاب بالخير والشر، فاحذر دعاءهما عليك بالشر. 31 - تأدب مع الناس فمن سب الناس سبوه، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من الكبائر شتم الرجل والديه: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه، فيسب أمه". [متفق عليه] 32 - زر والديك في حياتهما وبعد موتهما، وتصدق عنهما، وأكثر من الدعاء لهما قائلا: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} {رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. اجتنبوا الكبائر 1 - قال الله-تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31] 2 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وقتل النفس وعقوق الوالدين، وشهادة الزور" [متفق عليه] 3 - الكبيرة: هي كل معصية فيها عقوبة حَد في الدنيا أو وعيد في الآخرة. 4 - عدد الكبائر: قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: هي إِلى السبعمائة أقربُ منها إِلى السبع، غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإِصرار. والكبائر متفاوتة في درجاتها.

أنواع الكبائر

أنواع الكبائر 1 - الكبائر في العقيدة: الشرك بالله وهو العبادة أو الدعاء لغير الله لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] والتعليم الشرعي للدنيا فقط، وكتمان العلم، والخيانة، وتصديق الكاهن أو الساحر، أو المنجم، والذبح، والنذر لغير الله، وتعلم السحر وتعاطيه، والحلف بغير الله، (كالشرف والولد والنبي والكعبة وغيرها) ولعن المسلم أو تكفيره بلا دليل، وعدم تكفير الكافرين، والكذب على الله ورسوله (كالأحاديث الموضوعة لمن يعرف أنها موضوعة) والأمن من عذاب الله، واللطم والنياحة على الميت، والتكذيب بالقدر، وتعليق التميمة: (كالخرز أو النضوة، أو الكف على الولد أو السيارة أو الدار تُعلَّق من العين). 2 - الكبائر في النفس والعقل: قتل النفس بغير حق، وإحراق الإنسان أو الحيوان بالنار، والاستطالة على الضعيف أو الزوجة، أو التمليذ، أو الخادم، أو الدابة، والغيبة، والنميمة (نقل الكلام السيئ للفتنة) والمشروبات المسكرة بأنواعها: (كالخمر والنبيذ والوسكي والبيرة وغيرها) وتناول السموم، وأكل لحم الخنزير والميتة بلا ضرورة، والأشربة الضارة: (كالحشيش والدخان لضررهما)، وقتل الإِنسان نفسه ولو ببطء كالتدخين، والجدال بالباطل، وظلم الناس والاعتداء عليهم، ورد الحق، أو الغضب منه، والسخرية، ولعن المسلم، أو سب أحد الصحابة، والتكبر، والعُجب والتجسس (التسمع على الناس بما يخفون)، والوشاية عند الحاكم للإِيذاء، والكذب في غالب أقواله، والتماثيل والتصوير لذات الروح من غير ضرورة، كالهوية أو الرخصة أو جواز السفر. 3 - الكبائر في المال: أكل مال اليتيم، والقمار، واليانصيب، والسرقة، وقطع الطريق، وأخذ المال غصباً، والرشوة، ونقص الكيل والميزان واليمين الغموس (الحلف بالله كذباً

لأخذ المال) والخديعة في البيع والشراء، وعدم الوفاء بالعهد، وشهادة الزور، والغش، والتبذير، والإضرار بالوصية (أن يوصي بدين ليس عليه ليمنع الورثة من حقهم)، وكتمان الشهادة، وعدم الرضا بما قسمة الله، ولبس الذهب للرجال، وإِطالة الثوب أو البنطال تحت الكعبين تكبراً. 4 - الكبائر في العبادات: ترك الصلاة، أو تأخيرها عن وقتها بلا عذر، ومنع الزكاة، والإِفطار في رمضان بلا عذر، وترك الحج مع القدرة عليه، والفرار من الجهاد في سبيل الله وترك الجهاد بالنفس أو المال أو اللسان على من وجب عليه وترك صلاة الجمعة أو الجماعة من غير عذر، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المستطيع، وعدم التنزه من البول (عدم التطهر من البول بالورق أو الحجر أو الماء)، وعدم العمل بالعلم. 5 - الكبائر في الأُسرَة والنسب: الزنا، واللواط (إِتيان الذكور)، وقذف المحصنات المؤمنات (الطعن في أعراضهن)، وتبرج المرأة، وإظهار شعرها، وتشبه النساء بالرجال، والرجال بالنساء (كحلق اللحية)، وعقوق الوالدين (عدم إِطاعتهما في غير معصية)، وهجر الأقارب من غير سبب مشروع، وعصيان المرأة زوجها في الفراش بلا عذر كالحيض والنفاس، وما يعمله المحلل والمحلَّل له من حيل (المحلِّل: هو الذي ينكح زوجة مطلقة ليردها لزوجها الأول وهو المحلَّل له) وإِنكار المرأة إِحسان زوجها، والانتساب إِلى غير الأب مع العلم به، والراضي لأهله بالزنا، وأذى الجار، ونتف الشعر من الوجه أو الحاجب للمرأة أو الرجل. 6 - التوبة من الكبائر: أخي المسلم: إِذا وقعت في كبيرة فاتركها حالًا، وتب واستغفر الله، ولا تَعُد، لقوله - تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ....} [النساء: 17، 18]

اتبعوا ولا تبتدعوا

اتَّبعوا ولا تبتدعوا 1 - إِذا أردت أن تحذر من البدع في الدين، وتحكم عليها بالضلال يقول لك بعض الناس: نظارتك الزجاجية بدعة! والجواب أن هذه ليست من الدين، بل هي من المخترعات الدنيوية التي قال عنها - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم أعلم بأمر دنياكم" [رواه مسلم] وهذه المخترعات سلاح ذو حدين: فالراديو مثلًا إِذا أحسنا استعماله فسمعنا القرآن، والأحاديث الدينية كان حلالًا ومطلوباً، وإذا استمعنا منه إِلى الأغاني الخليعة والموسيقا كان حرامًا، لأنه بذلك يفسد الأخلاق، ويضر المجتمع. 2 - البدعة الدينية: هي ما لم يقم عليها دليل من الكتاب والسنة الصحيحة, وتكون هذه البدعة في العبادات والدين، وهذا النوع من البدع هو الذي أنكره الإِسلام، وحكم عليه بالضلال: 1 - قال تعالى منكرًا على المشركين ابتداعهم: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدَّ، [رواه مسلم] (رَدٌّ: أي مردود) 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم ومحدَثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يَدعها" (أي يتركها) [صحيح رواه الطبراني وغيره] 5 - وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس أنها حسنة. 6 - قال مالك -رحمه الله-: من ابتدع في الإِسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله -تعالى- يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فما لم يكن يومئذ دينًا، فلا يكون اليوم دينا.

صدق الله العظيم

7 - وقال الشافعي -رحمه الله-: من استحسن فقد شرع، ولو جاز الاستحسان في الدين لجاز ذلك لأهل العقول من غير أهل الإِيمان. ولجاز أن يشرع في الدين في كل باب، وأن يُخرج كل إِنسان لنفسه شرعًا جديداً. 8 - وقال غضيف: لا تظهر بدعة إِلا تُرك مثلها سنة. 9 - وقال الحسن البصري: لا تجالِس صاحب بدعة فيمرضَ قلبك. 10 - وقال حذيفة: كل عبادة لم يتعبدها أصحاب محمد فلا تَعَبَّدوها. أنواع البدع كثيرة منها: 1 - الاحتفال بالمولد النبوي، وليلة المعراج، وليلة النصف من شعبان. 2 - الرقص والتصفيهق، وضرب الدف بالذكر، وكذا وقع الصوت، وتغيير أسماء الله مثل (أه، إِه آه، هو، هي). 3 - إِقامة المآتم، وجلب المشايخ للقراءة بعد الموت وغير ذلك. صدق الله العظيم 1 - اعتاد القراء أن يقولوها بعد الانتهاء من القراءة، مع أنها لم ترد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته والتابعين. 2 - إِن قراءة القرآن عبادة، لا تجوز الزيادة فيها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". (أي مردود) [متفق عليه] 3 - إِن الذي يفعله القراء لا دليل عليه من كتاب الله، وسنة رسوله، وعمل صحابته، وإنما هي من بدع المتأخرين. 4 - سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - القرآن من ابن مسعود، فلما وصل إِلى قوله - تعالى: {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} فقال: "حَسبُك" [رواه البخاري]

قلتُ: ولم يقل: صدق الله العظيم، ولم يأمره بها" 5 - يظن الجهال والصغار أنها آية من القرآن، فيقرأونها في الصلاة وخارجها، وهذا غير جائز؛ لأنها ليست من القرآن، ولا سيما وأنها تكتب أحياناً آخر السورة بخط المصحف. 6 - صرّح الشيخ عبد العزيز بن باز بأنها بدعة، عندما سئل عنها. 7 - أما قوله - تعالى: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} فهو رد على اليهود الكاذبين بدليل الآية التي قبلها {فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} وقد علم الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية، ومع ذلك لم يقلها بعد تلاوة القرآن، وكذلك صحابته والسلف الصالح. 8 - إِن هذه البدعة أماتت سنة، وهي الدعاء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ القرآن فليسألِ الله به" [حسن رواه الترمذي] 9 - على القارئ أن يدعو الله بما شاء بعد القراءة، ويتوسل إِلى الله بما قرأه فهو من العمل الصالح السبب لقبول الدعاء، ومن المناسب قراءة هذا الدعاء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أصاب عبدًا هَمٌّ ولا حزنٌ فقال: اللهم إنِّي عبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أَمَتِكَ، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عَدلٌ فيَّ قضاؤُك، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك، سمّيت به نفسَك، أو أنزلتَه في كتابك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرت به في عِلم الغيب عِندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونورَ بصري، وجَلاءَ حُزني، وذهابَ همِّي إلا أذهبَ الله هَمَّه وحُزنه، وأبدلَه مكانَه فرحاً" [صحيح رواه أحمد]

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر هما الدعامتان الأساسيتان اللتان يقوم عليها صلاح المجتمع، وهما من خصائص هذه الأمة الإِسلامية، قال الله - تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110] وحين تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فسد المجتمع، وانحطت الأخلاق، وساءت المعاملة، و .... ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بفرد دون آخر، بل هو واجب على كل مسلم رجلًا أو امرأة، عالمًا أو عامياً كل حسب مقدرته وعلمه. قال - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم مُنكرًا فليغيرْه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان" [رواه مسلم] (والمنكر ما أنكره الشرع). وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 1 - الخطبة يوم الجمعة والعيدين، يحذر الخطيب من أنواع المنكرات. 2 - المحاضرة أو المقالة في مجلة أو صحيفة لبيان أمراض المجتمع بإعطاء العلاج الشافي. 3 - الكتاب: يعرض المؤلف ما يريد بيانه للناس من أفكار لإصلاح الناس. 4 - الموعظة: تكون في مجلس فيتكلم أحد الحاضرين مثلًا عن أضرار الدخان الجسمية والمالية. 5 - النصيحة: تكون بين الأخ وأخيه سراً لترك خاتم الذهب، أو تحذيره من ترك الصلاة، أو تحذيره من دعاء غير الله. 6 - الرسالة: من أفيد الوسائل، فكل إِنسان يستطيع أن يقرأ صفحات قليلة عن الصلاة أو الجهاد، أو الزكاة، أو عن الكبائر: كدعاء الأموات وطلب المدد منهم.

شروط الآمر

شروط الآمِر 1 - أن يكون أمره ونهيه برفق ولين، حتى تقبله النفوس قال تعالى مخاطباً موسى وهارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43، 44] فإِذا رأيت إِنساناً يشتم ويكفر، فانصحه برفق، واطلب منه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم الذي كان سببًا في هذا الشتم، وأن الله الذي خلقنا وأنعم علينا بنعم كثيرة يستحق الشكر، وأن هذا الكفر لا يجدي نفعاً، بل يكون سببًا في شقاء الدنيا وعذاب الآخرة، ثم تأمره بالتوبة والاستغفار. 2 - أن يعرف الحلال والحرام فيما يأمره به، حتى ينفع ولا يضر بجهله. 3 - يحسن بالآمر أن يكون مطبقاً لما يأمر به، ومبتعداً عما ينهى عنه، حتى تكون الفائدة أتم وأنفع، قال تعالى مخاطباً من يأمر ولا يعمل: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44]. وعلى المبتلى أن يحذر مما هو واقع فيه معترفاً بخطئه. 4 - أن نخلص في العمل، وندعو للمخالفين بالهداية، ويكون لنا العذر عند الله، قال الله - تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 164] 5 - أن يكون الآمر شجاعاً لا يخاف في الله لومة لائم ويصبر على ما قد يصيبه. أنواع المنكرات 1 - من منكرات المساجد: زخرفتها وتلوينها، وتعداد مآذنها، ووضع اللوحات المكتوبة أمام المصلي، إذ فيها إِشغاله عن الخشوع وخاصة القصائد الشعرية التي فيها استغاثات بغير الله، والمرور أمام المصلي، وتخطي الرقاب بين الجالسين، ورفع الصوت بالأوراد أو

القرآن أو الكلام، أو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيشوشون على المصلين، إِذ الإِسرار بها هو الوارد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". [صحيح رواه أبو داود] والبصق والسعال بصوت مرتفع، وإيراد بعض الواعظين والخطباء الأحاديث الموضوعة والضعيفة، وعدم ذكر درجتها، رغم وجود الأحاديث الصحيحة وكثرتها التي تغني عنها، وطلب المدد والعون من غير الله -تعالى- قبل الأذان في المآذن، وعند إِنشاد القصائد بمناسبة الاحتفال، وظهور رائحة الدخان من بعض المصلين، والصلاة بثوب وسخ له رائحة كريهة، ورفع الصوت بشدة، والرقص والتصفيق اثناء الذكر، والبيع والشراء، وإنشادُ الضائع، وعدم إِلصاق الكتف بالكتف والقدم بالقدم عند صلاة الجماعة. 2 - من منكرات الشوارع: خروج النساء سافرات أو متكشفات، أو يتكلمن ويضحكن بصوت مرتفع، وإمساك الرجل بيد المرأة ومحادثتها بلا خجل، وبيع أوراق اليانصيب، وبيع الخمر في الحانات، وصور الرجال أو النساء بأوضاع مخزية تفسد الأخلاق، وطرح الأوساخ في الشارع، ووقوف بعض الشبان للتفرج على النساء، ومزاحمة النساء للرجال في الشوارع والأسواق والسيارات. 3 - مِن منكرات الأسواق: الحلف بغير الله كالشرف والذ من وغيره، والغش، والكذب في الربح والمشترى ووضع البسطات في الطريق، والكفر والشتم ونقص الكيل والميزان, والمناداة بصوت مرتفع. 4 - مِن المنكرات العامة: الاستماع إِلى الموسيقا أو الأغاني الخليعة، واختلاط الرجال بالنساء من غير محرم، ولو من الأقارب: كابن العم وابن الخالة وأخي الزوج وغيره وتعليق الصوَر أو التماثيل ذات الأرواح على الجدران، أو جعلها على المناضد، ولو لنفسه أو أبيه، والإِسراف في الطعام والشراب واللباس والأثاث وإلقاء الزائد منها فوق الأوساخ والقمامة إِذ الواجب توزيعها على الفقراء ليستفيدوا منها، وتقديم الدخان لضرره على الجسم والمال والجار، واللعب بالنرد، وعقوق الوالدين واقتناء المجلات الخليعة، وتعليق

دعاء السوق

التمائم على الأطفال أو على أبواب الدور، أو في السيارات كالخرز الأزرق والكف ونضوة الفرس، واعتقاد أنها ترد العين، وتدفع البلاء، وانتقاص أحد الصحابة، ومن الكفر الاستهزاء بطاعة الله كالصلاة والحجاب واللحية وغيرها مما جاء به الإِسلام. دعاء السوق قال - صلى الله عليه وسلم -: "من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يُحيي ويُميت وهو حَي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألفَ ألفِ حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئةٍ، ورفع له ألف ألف درجةٍ، وبنى له بيتاً في الجنة". [رواه أحمد وغيره، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم 6107] الجهاد في سبيل الله الجهاد واجب على كل مسلم، ويكون بالمال، وهو الإِنفاق، ويكون بالنفس وهو القتال، ويكون باللسان والقلم وهو الدعوة إِليه، والدفاع عنه. والجهاد على أنواع: 1 - فرض عين: وهو ضد العدو المهاجم لبعض بلاد المسلمين، كاليهود الآن الذين احتلوا فلسطين. فالمسلمون المستطيعون آثمون حتى يخرجوا اليهود منها بالمال والنفس. 2 - فرض كفاية: إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وهو الجهاد في سبيل نقل الدعوة الإِسلامية إِلى سائر البلاد، حتى يحكمها الإِسلام، فمن استسلم من أهلها تُرك، ومن وقف في طريقها قوتل حتى تكون كلمة الله هي العليا. فهذا الجهاد ماض إِلى يوم القيامة فضلاً عن الأول. رحين ترك المسلمون الجهاد وغرتهم الدنيا والزراعة والتجارة أصابهم الذل، وصدق فيهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تبايعتم بالعِينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم

الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم". [صحيح رواه أحمد] 3 - جهاد حكام المسلمين: ويكون بتقديم النصيحة لهم ولأعوانهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" [رواه مسلم] ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" [حسن رواه أبو داود والترمذي] وبيان طريق الخلاص من ظلم الحكام الذين هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا هو أن يتوب المسلمون إِلى ربهم، ويُصححوا عقيدتهم، ويُربُّوا أنفسهم وأهليهم على الإِسلام الصحيح، تحقيقاً لقوله - تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] وإلى ذلك أشار أحد الدعاة المعاصرين بقوله: "أقيموا دولة الإِسلام في قلوبكم، تقُم لكم على أرضكم" وكذلك فلابد من إِصلاح القاعدة لتأسيس البناء عليها، ألا وهو المجتمع قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (¬1) [النور: 55] 4 - جهاد الكفار والشيوعين والمحاربين من أهل الكتاب: ويكون بالمال والنفس واللسان حسب الاستطاعة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" [صحيح رواه أبو داود] ¬

_ (¬1) اختصاراً من كتاب (تعليقات على شرح العقيدة الطحاوية للألباني).

من أسباب النصر

5 - جهاد الفساق وأهل المعاصي: ويكون باليد، واللسان والقلب لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم منكرًا فليُغيِّرْه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان] [رواه مسلم] 6 - جهاد الشيطان: ويكون بمخالفته وعدم أتباع وساوسه. قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6] 7 - جهاد النفس: ويكون بمخالفتها، وحملها على طاعة الله، واجتناب معاصيه. قال تعالى على لسان امرأة العزيز التي اعترفت بمراودتها ليوسفَ: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف: 53] وقال الشاعر: وخالف النفس والشيطان واعصهما ... إن هما محَّضاك النصح فاتَّهم اللهم وفقنا لأن نكون من المجاهدين العاملين المخلصين. من أسباب النصر أرسل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جيشاً بقيادة سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- لفتح بلاد فارس وكتب إِليه عهداً هذا نصه: 1 - تقوى الله: "أما بعد فإِني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإِن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب". 2 - ترك المعاصي: "وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم، فإِن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما يُنصَر المسلمون بمعصية عدوهم لله،

الوصية الشرعية لكل مسلم

ولولا ذلك لم تكن بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم، وعدتنا ليست كعدتهم فإِن استوينا في المعصية كان لهم علينا الفضل في القوة، وإن لم نُنصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا". "واعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إِن عدونا شر منا فلن يُسلَّط علينا وإن أسأنا، فَرُبَّ قومٍ سُلِّط عليهم من هو شر منهم كما سلِّط على بني إِسرائيل كفارُ المجوسِ - لما عملوا بالمعاصي". قلت (وكما سُلِّطت اليهودُ على العربِ المسلمين الآن). 3 - الاستعانة بالله: "وسلوا الله النصر على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم، وأسال الله ذلك لنا ولكم" [ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية] الوصية الشرعية لكل مسلم قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما حَقُّ امرئٍ مسلم يَبيتُ ليلَتين وله شيءٌ يُريد أن يُوصي فيه، إلَّا ووصيتُه مكتوبة تحت رأسه". [متفق عليه] قال ابن عمر: ما مرت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك، إِلا وعِندي وصيتي. 1 - أوصي بمبلغ (.....) يُنفق على الأقارب والجيران الفقراء والكتب الإِسلامية، (لا تزيد على الثلث، ولا تكون لوارث). 2 - أن يحضرني في أثناء مرض الموت بعض الصالحين، ليذكروني بحسن الظن بالله". 3 - تلقيني كلمة التوحيد قبل الموت لا بعده، لقوله - صلى الله عليه وسلم -:

"لقنوا موتاكم لا إله إلَّا الله" [رواه مسلم] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة". [حسن رواه الحاكم] 4 - أن يدعو لي الحاضرون بعد الموت: اللهم اغفر له، وارفع درجته وارحمه ... وهكذا من الدعوات المباركات الورادة. 5 - إرسال أشخاص ليخبروا الأقارب وغيرهم بالوفاة ولو هاتفياً ولإِمام المسجد أن يخبر المصلين، ليستغفروا للميت. 6 - الإِسراع بوفاء الدين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نفسُ المؤمن مُعلَّقةٌ بدَينه حتى يُقضى عنه" [صحيح رواه أحمد] وعلي المسلم العاقل أن يوفي دَينه في حياته خوفاً من الضياع والإِهمال. 7 - السكوت حال سير الجنازة، وإِكثار عدد المصلين وإخلاص الدعاء للميت. 8 - الإعاء بالمغفرة بعد الدفن كان - صلى الله عليه وسلم - إِذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: "استغفروا لأخيكم وسلوا له الثبات فإنه الآن يُسأل". [صحيح رواه الحاكم] 9 - التعزية للمصاب بما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب" [رواه البخاري] وليس لها وقت ومكان محدد ويقول المصاب: إِنا لله وإنا إِليه راجعون، اللهم أجُرْني في مُصيبتي وأخلف لي خيراً منها. ويجب على أقارب الميت الصبر والرضا بقدر الله. 10 - على الأقارب والجيران والأصدقاء تهيئة الطعام لأهل الميت لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم" [حسن رواه أبو داود والترمذي]

الأمور الممنوعة شرعًا 1 - تخصيص أحد الورثة بشيء من المال لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا وصية لوارث" [رواه الدارقطني، وصححه الألباني في صحيح الجامع] 2 - رفع الصوت بالبكاء، والنياحة، ولطم الخدود، وشق الثياب، لبس السواد، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الميت يُعذب في قبره بما نيح عليه". (إِذا أوصاهم) [رواه البخاري ومسلم] 3 - الإعلان في المآذن والأوراق، أو تقديم الأكاليل لأنها من البدع وفيها ضياع للمال وتشبه بغير المسلمين. وفي الحديث الصحيح: "مَن تشبه بقوم فهو منهم" [صحيح رواه أبو داود] 4 - حضور المشايخ لقراءة القرآن في البيت قوله - صلى الله عليه وسلم -: " اقرؤوا القرآن واعملوا به ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به" [صحيح رواه أحمد] (تستكثروا به من متاع الدنيا) ويحرم على المعطي والآخذ، ولو أعطى المبلغ للفقراء لوصل ثوابه للميت وانتفع به. 5 - يكره الطعام والاجتماع للتعزية في البيت والمسجد وغيره، لقول جرير -رضي الله عنه-: "كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه لغيرهم من النياحة" (أي المحرمة) [صحيح رواه أحمد] نص على كراهية الاجتماع الإِمام الشافعي والنووي في كتابه الأذكار (باب التعزية) ونص ابن عابدين الحنفي على كراهة الضيافة من أهل الميت، لأنها شرعت في السرور لا في الشرور، وفي البزازية (حنفي)؛ ويكره اتخاذ الطعام في اليوم الأول والثالث، وبعد الأسبوع، ونقل الطعام إِلى القبر في الموسم، واتخاذ الدعوة لقراءة القرآن، وجمع الصلحاء والقراء للختم. 6 - لا تجوز قراءة القرآن والمولد والذكر على القبر لعدم فعل الرسول وصحابته ذلك. 7 - يحرم وضع الأحجار العالية وفرشة الحجر وغيرها على القبر، وكذلك تدهينه

إعفاء اللحية واجب

والكتابة عليه: "نهى - صلى الله عليه وسلم - أن يُجصَّص القبر، وأن يُبنى عليه" [رواه مسلم] وفي رواية: "نهى أن يُكتب على القبر شيء". [رواه الترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي] ويُكتفى بوضع حجر بارتفاع شبر ليعرف القبر "كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما وضع حجراً على قبر عثمان بن مظعون وقال: "أتعلِّم على قبر أخي" [رواه أبو داود بسند حسن] شاهد أول. شاهد ثاني. اسم منفذ الوصية. اسم الموصي أي (الميت). إعفاء اللحية واجب 1 - قال الله -تعالى- في حق الشيطان: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}. [النساء: 119] (وحلق اللحية تغيير لخلق الله، وطاعة للشيطان) 2 - وقال الله- تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] (وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإِعفائها، ونهى عن حلقها). 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "جُزُّوا الشَّوارب وأرخوا اللِّحى خالفوا المجوس". [رواه مسلم] (أي قصُّوا ما طال عن الشفة من الشارب، واعفوا اللحية مخالفة للكفار). 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر ... إلخ" [رواه مسلم] (وإعفاء اللحية من فطرة الله يحرم حلقها). 5 - "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء". [رواه البخاري] (وحلق اللحية تشبه بالنساء، معرض للطرد من رحمة الله) 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: " .. لكني أمرني ربي -عز وجل- أن أعفي لحيتي وأن أقص شاربي" [حسن رواه ابن جرير]

(وإعفاء اللحية أمر من الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو واجب لمحافظة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته عليها وللنهي الوارد في الأحاديث عن حلقها) 7 - لا يجوز حلق شعر الخدين، أو نتفهما؛ لأن شعر الوجنتين من اللحية كما في القاموس. 8 - أثبت الطب أن اللحية تقي اللوزتين من ضربة الشمس وحلقها يضر بالجلد. 9 - اللحية زينة للرجل خلقها الله له ولبعض الطيور كالديك، ليتميز عن الأنثى، ولذلك لما دخل رجل على زوجته ليلة العرس، وقد حلق لحيته التي رأته بها سابقاً، فأعرضت عنه، ولم يعجبها منظره. وسألت بعض النساء امرأة لماذا اختارت زوجاً ذا لحية؟ فأجابت: إِني تزوجت رجلًا، ولم أتزوج امرأة. 10 - حلق اللحية من المنكرات، يجب النهي عنه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، ونلك أضعف الإيمان" [رواه مسلم] 11 - سألت رجلًا يحلق لحيته: هل تحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: نعم كثيرًا، فقلت له: الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اعفوا اللحى" فالذى يحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - يطيعه أم يخالفه؟ فقال يطيعه، ووعد بإعفائها. 12 - إذا عارضتك زوجتك في إِعفاء اللحية، فقل لها: إِني رجل مسلم أخاف إِن عصيت ربي، وقدم لها هدية، واذكر لها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" [صحيح رواه أحمد]

حكم الإسلام في الغناء والموسيقا

حكم الإسلام في الغناء والموسيقا 1 - قال الله - تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا} [لقمان: 6] أكثر الفسرين على أن المراد (بلهو الحديث) هو الغناء. وقال ابن مسعود: هو الغناء وقال الحسن البصري: نزلت في الغناء والمزامير. 2 - وقال تعالى يُخاطب الشيطان: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64] (الغناء والمزامير) "قاله مجاهد: انظر زاد المسير لابن الجوزي". أضرار الغناء والموسيقا لم يُحرم الإِسلام شيئًا إِلا لضرره، وللغناء والموسيقا أضرار كثيرة، ذكرها شيخ الإِسلام ابن تيمية: 1 - المعازف هي خمر النفوس تفعل أعظم مما تفعله الكؤوس، فإِذا سكروا بالأصوات حل فيهم الشرك، ومالوا إِلى الفواحش وإلى الظلم، فيشركون، ويقتلون النفس التي حرم الله، ويزنون، وهذه الثلاثة موجودة كثيرًا في أهل سماع المعازف سماع الصفير والتصفيق .. 2 - أما الشرك فغالب عليهم بأن يحبوا شيخهم (أو مطربهم) مثل ما يحبون الله، ويتواجدون على حبه. 3 - وأما الفواحش فالغناء رقية الزنا (طريقه) وهو من أعظم الأسباب للوقوع في الفواحش، ويكون الرجل والصبي والمرأة في غاية العفة والحرية، حتى يحضر (الغناء والموسيقا) فتنحل نفسه، وتسهل عليه الفاحشة، كشاربي الخمر أو أكثر.

حقيقة الضرب بالشيش

4 - وأما القتل فإنَّ قتل بعضهم بعضاً في السماع كثير، يقولون: قتله بحاله، ويَعدّون ذلك من قوته، وذلك أن معهم شياطين تحضرهم، فأيهم كان شيطانه أقوى قتل الآخر. 5 - إِن سماع الغناء والموسيقا لا يجلب للقلوب منفعة ولا مصلحة إِلا وفي ضمن ذلك من الضلال والمفسدة ما هو أعظم منه، فهو للروح كالخمر للجسد، ولهذا يورث أصحابه سكراً أعظم من سكر الخمر، فيجدون لذة كما يجد شارب الخمر، بل أكثر وأكبر ... 6 - وإن الشياطين لتتلبس بهم، وتدخل بهم النار ويأخذ أحدهم الحديد المحمي فيضعه على بدنه (أو لسانه)، وأنواع من هذا الجنس، ولا تحصل لهم هذه الأفعال عند الصلاة، قراءة القرآن، لأن هذه عبادات شرعية وإيمانية، محمدية تطرد الشيطان. وتلك عبادات بدعية شركية شيطانية فلسفية، تستجلب الشياطين. حقيقة الضرب بالشيش (¬1) إِن الضرب بالشيش لم يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته من بعده. ولو كان فيه خيراً لسبقونا إِليه، وإنما هو من فعل الصوفية وأصحاب البدع، وقد شاهدتهم قد اجتمعوا في مسجد ومعهم الدفوف يضربونها، ويغنون قائلين: هات كاس الراح ... واسقنا الأقداح ولا يخجلون من ذكر الخمر والأقداح المحرمة في بيت الله، ثم جعلوا يضربون الدفوف بشدة، ويستغيثون بغير الله صارخين: يا جَداه! حتى غرَّتهم الشياطين، فخلع أحدهم قميصه، وأخذ سيخاً وأمسك جلد خاصرته وأدخله فيه، ثم قام أحد الجنود فأخذ زجاجة وكسرها، وقضمها بأسنانه، فقلت في نفسي: إِن كان صحيحًا ما يفعل ¬

_ (¬1) سيخ حديد رفيع تستعمله الصوفية.

فليقاتل اليهود الذين احتلوا أرضنا وقتلوا أولادنا، ومثل هذا العمل تساعدهم به الشياطين المجتمعين حولهم، لأنهم أعرضوا عن ذكر الله، وأشركوا بالله حين استغاثوا بأجدادهم، مصداقاً لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 36 , 37] والله -تعالى- يُسخر لهم الشياطين ليزدهم ضلالا، قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم: 75] ولا غرابة من مساعدة الشياطين لهم، فقد طلب سليمان -عليه السلام- من الجن أن يأتوه بعرش الملكة بلقيس، كما حكى القرآن: {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: 39] والذين ذهبوا إِلى الهند كالرحالة ابن بطوطة وغيره، شاهدوا من المجوس أكثر من الضرب بالشيش، مع أنهم كفار!! فالمسألة ليست كرامة ولا ولاية، بل هذا من أعمال الشياطين المجتمعين حول الغناء والمعازف، لأن أغلب الذين يقومون بضرب الشيش يرتكبون المعاصي، بل يشركون بالله جهراً، حينما يستغيثون بأجدادهم الأموات!! فكيف يكونون من الأولياء وأصحاب الكرامات؟ والله يقول: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:62، 63] فالولي هو المؤمن المستعين بالله وحده، التقي الذي يبتعد عن المعاصي والشرك بالله، وقد تأتيه الكرامة عفواً، بدون طلب وشهرة أمام الناس.

الغناء في الوقت الحاضر

الغناء في الوقت الحاضر أغلب الغناء الآن في الأعراس والحفلات، وفي الإِذاعات يتحدث عن الحب والهوى، والقبلة واللقاء، ووصف الخدود والقدود، وغيرها من الأمور الجنسية التي تثير الشهوة عند الشباب، وتشجعهم على الفاحشة والزنا وتقضي على الأخلاق. وإذا اجتمع الغناء والموسيقا من المغنين والمغنيات - الذين سرقوا أموال الشعب باسم الفن والمسرح، وذهبوا بأموالهم إِلى أوربا واشتروا الأبنية والسيارات - أفسدوا أخلاق الشعب بأغانيهم المائعة، وأفلامهم الجنسية، وافتتن الكثير من الشباب وأحبوهم من دون الله، حتى كان المذيع وقت حرب اليهود 1967، يقول للجنود: سيروا للأمام فإِن معكم المطرب فلان وفلانة ... حتى كانت الهزيمة المنكرة أمام اليهود المجرمين، وكان المفروض أن يقول لهم سيروا فالله معكم بمعونته، وأعلنت إحدى المطربات .. أنها ستقيم حفلتها الشهرية التي تقام في القاهرة ستقيمها في تل أبيب قبل حرب اليهود 1967، إِذا انتصرنا بينما وقف اليهود بعد الحرب على حائط المبكى في القدس يشكرون الله على نصرهم!!! حتى الأغاني الدينية لا تخلو من المنكرات، فاسمعها تقول: وقيل كلُّ نبي عند رتبته ... ويا محمدُ هذا العرش فاستلم وهذا الكلام الأخير كذب على الله ورسوله يخالف الحقيقة، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يستلم العرش، ولم يقل له ربه هذا الكلام. فتنة النساء بالصوت الحسن عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، وغلام أسود يقال له "أنجشة" يحدو، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أنجشة رويدك سوقا بالقوارير". [رواه مسلم]

الغناء ينبت النفاق

[القوارير: النساء] [رويدك: ارفق في صوتك بالغناء خوفاً على النساء من الصوت الحسن، وخوفاً على النساء من السقوط عن الإِبل لأنها تطرب عند سماع الغناء فتسرع]. إِذا كان الرسول قد خشي الفتنة على النساء من سماع الحِداء، ونحوه من النشيد بالصوت الحسن، فكيف لو سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يذاع في زماننا من الفاجرات والمستهترات، وأمثالهن من المطربين المجاهرين بالفسق والمجون والخلاعة، بأشعار الغزل المتضمن لوصف الخدود والقدود، والثغور والنهود وما في معنى ذلك من إِثارة الوجد والهوى، وإِزعاج القلوب المريضة إِلى طلب الصبا، وخلع جلباب الحياء، ولا سيما إِذا قرنت هذه الأغاني بأصوات المعازف التي تستفز العقول، وتفعل في نفس من أصغى إِليها نحو ما تفعل الخمور ... الغناء ينبت النفاق 1 - قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل، والذكر ينبت الإِيمان في القلب، كما ينبت الماء الزرع. 2 - قال ابن القيم: ما اعتاد أحد الغناء إِلا ونافق قلبه وهو لا يشعر، ولو عرف حقيقة النفاق لأبصره في قلبه، فإِنه ما اجتمع في قلب عبد قط محبة الغناء ومحبة القرآن، إِلا طردت إحداهما الأخرى، وقد شاهدنا ثقل القرآن على أهل الغناء وسماعه، وتبرمهم به وعدم انتفاعهم بما يقرؤه القارىء، فلا تتحرك، ولا تهيج منهم القلوب، فإذا جاء الغناء تخشع منهم الأصوات، ويقع الوجد، وطيب السهر، ولذا تجدهم يفضلون سماع الأغاني والموسيقا على سماع القرآن الكريم .. وقَلَّ أن يوجد مفتون بسماع الغناء والموسيقا إِلا وهو أكسل الناس عن الصلاة ولا سيما صلاة الجماعة في المسجد!!!

علاج الغناء والموسيقا

3 - قال ابن عقيل من أكابر علماء الحنابلة: إِن كان المغني امرأة أجنبية (يحل زواجها) فإِنه يحرم الاستماع إِليها، بلا خلاف بين الحنابلة. 4 - وصرح ابن حزم: بأنه يحرم على المسلم الالتذاذ بسماع نغمة المرأة الأجنبية (مثل صباح وأم كلثوم وغيرهما). علاج الغناء والموسيقا 1 - الابتعاد عن سماعها من الراديو والتلفزيون والفيديو وغيرها، ولا سيما الأغاني الخليعة، والمصحوبة بالموسيقا. 2 - وأعظم مضاد للغناء والموسيقا ذكر الله وتلاوة القرآن، ولا سيما قراءة سورة البقرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشيطان ينفر من البيت الذي يُقرأ فيه البقرة". [رواه مسلم] قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] 3 - قراءة السيرة النبوية والشمائل المحمدية، وأخبار الصحابة. الغناء المسموح به 1 - الغناء يوم العيد ودليله حديث عائشة: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها، وعندها جاريتان تضربان بدُفَّينِ (وفي رواية عندي جاريتان تغنيان) فانتهرهما أبو بكر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "دَعهُن، فإن لكل قوم عيداً، وإن عيدنا هذا اليوم". [رواه البخاري] (الجارية: البنت الصغيرة التي لم تبلغ الحلم) 2 - الغناء مع الدف وقت النكاح لإِعلانه وتشجيعه، ودليله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فصل ما بين الحلال والحرام، ضربُ الدف، والصوت في النكاح". [الغناء والدف في الزواج للبنات] [صحيح رواه أحمد]

3 - النشيد الإِسلامي وقت العمل مما يساعد على النشاط ولا سيما إِذا كان فيه الدعاء، فقد كان الرسول يتمثل يقول ابن رواحة، ويشجع العاملين في حفر الخندق قائلًا: اللهم لا عيش إِلا عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة فيجيب الأنصار والمهاجرون: نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدًا وكان - صلى الله عليه وسلم - يحفر الخندق مع صحابته يتمثل بقول ابن رواحة: واللهِ لولا الله ما اهتدينا ... ولا صُمنا ولا صَلينا فانزلَن سَكينةً علينا ... وثَبتِ الأقدامَ إن لاقينا والمشركون قد بَغَوا علينا ... إِذا أرادوا فتنةً أبينا يرفع بها صوته أبينا .. أبينا [متفق عليه] 4 - الشعر الذي فيه توحيد الله، أو محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر شمائله، أو فيه حث على الجهاد والثبات وتقوية الأخلاق، أو الدعوة إِلى المحبة والتعاون بين المسلمين، أو فيه محاسن الإِسلام ومبادئه وغير ذلك مما يفيد المجتمع في دينه وأخلاقه. 5 - يسمح من المعازف الدُّف فقط في وقت العيد والنكاح للبنات، ولا يجوز استعماله في الذكر أبدًا، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يستعمله، وكذا صحابته من بعده -رضي الله عنهم- وقد أباحه الصوفيون لأنفسهم وجعلوا الدف في الذكر سنة، وهو بدعة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إياكم ومُحدثات الأمور، فإن كل مُحدثةٍ بدعةٍ، وكلَّ بدعةٍ ضلالة" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح]

حكم الإسلام في التصوير والتماثيل

حكم الإسلام في التصوير والتماثيل قام الإِسلام ليدعو الناس جميعًا إِلى عبادة الله وحده، وترك عبادة غير الله من الأولياء والصالحين، المتمثلة في الأصنام والتماثيل والتصاوير .. وهذه الدعوة قديمة منذ أرسل الله الرسل لهداية الناس، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] (الطاغوت: كل ما عبد من دون الله برضاه) وقد ورد ذكر هذه التماثيل في سورة نوح -عليه السلام- وأكبر دليل على أن هذه كانت تمثل رجالاً صالحين هو ما ذكره البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} [نوح:23 - 24] قال: "هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إِلى قومهم، أن انصِبوا إِلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً (تماثيل) وسمُّوها بأسمائهم، ففعلوا ولم تُعبَد، حتى إذا هلك أولئك وتنسَّخ العلم عُبِدَت". ولأبي ذر (ونسخ العلم) أي علم تلك الصور بخصوصها". [فتح الباري 6/ 73] فهذه القصة تفيد أن سبب عبادة غير الله هي التماثيل الممثلة للزعماء. يظن الكثير من الناس أن هذه التماثيل، ولا سيما التصاوير أصبحت حلالًا، لعدم وجود من يعبد الصور والتماثيل في هذا العصر، وهذا مردود من عدة وجوه: 1 - إِن عبادة الصور والتماثيل لا تزال تُعبدُ في هذا العصر، فصورة عيسى وأمه مريم، تُعبدُ مِن دون الله في الكنائس، حتى الصليب يركعون له!! وهناك لوحات فنية لعيسى ومريم تباع بأغلى الأثمان. تعلق في البيوت لعبادتها وتعظيمها. 2 - وهذه تماثيل الزعماء في البلاد المتقدمة مادياً والمتأخرة روحياً تُكشف لها

أضرار الصور والتماثيل

الرؤوس، وتُحنى لها الظهور عند المرور على تمثال منها، كتمثال جورج واشنطن في أمريكا، ونابليون في فرنسا، وتمثال لينين وستالين في روسا، وغيرها من التماثيل الموضوعة في الشوارع، يركع المارون لها، وسرت فكرة التماثيل إِلى بعض البلاد العربية، فقلدوا الكفار، وأقاموا التماثيل في شوارعهم، ولا تزال تُنصب التماثيل في بقية الدول العربية والإِسلامية، ويجب صرف هذه الأموال في بناء مساجد ومدارس ومشافٍ وجمعيات خيرية فيكون نفعها أجدى وأنفع، ولا بأس بتسميتها بأسمائهم. 3 - إِن هذه التماثيل بعد مرور زمن طويل سوف تُحنى لها الرؤوس وتُعظم وتُعبد، كما حصل في أوربا وتركيا وغيرها من البلاد، وسبقهم في ذلك قوم نوح -عليه السلام- حيث نصبوا تماثيل زعمائهم، ثم عظموهم وعبدوهم. 4 - لقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليّ بن أبي طالب قائلًا: "لا تدَعْ تمثالاً إلا طمسْتَه، ولا قبراً مُشرفاً إلا سوَّيْتَه" (مشرفاً: مرتفعاً، سويته: جعلته قريبًا من الأرض) [رواه مسلم] وفي رواية: "ولا صورة إلا لطختها" [صحيح رواه أحمد] أضرار الصور والتماثيل لم يُحرم الإِسلام شيئًا إِلا لضرره في الدين، أو الأخلاق، أو المال، أو غير ذلك، والمسلم الحقيقي: هو الذي يستسلم لأمر الله ورسوله، ولو لم يعرف السبب والعلة. وأضرار الصور والتماثيل كثيرة أهمها: 1 - في الدين والعقيدة: لقد رأينا أن الصور والتماثيل أفسدت عقائد كثير من الناس، فالنصارى عبدوا صورة عيسى ومريم والصليب، وأوربا وروسيا عبدوا تماثيل زعمائهم، وحنوا لها الرؤوس إِجلالاً وتعظيماً، ولحق بهم بعض الدول الإِسلامية والعربية فنصبوا تماثيل زعمائهم، ثم قام بعض أهل الطرق من الصوفيين. وجعلوا صور شيوخهم

أمامهم في الصلاة يستمدون منهم الخشوع، ويتصورون شيوخهم وهم يذكرون الله بدلًا من مراقبة الله ورؤيته لهم، أو يعلقون صور شيوخهم تعظيماً لهم، وتبركاً بهم. وهناك صور المغنين والمطربين يحبهم أتباعهم ويقتنون صورهم ويعلقونها تعظيماً وتقديساً، وهذا ما جعل أحد المذيعين العرب يخاطب الجنود يوم حرب 1967 - مع اليهود- قائلًا: أيها الجنود: سيروا للأمام فإِن معكم المطرب فلان وفلانة وسماهم بأسمائهم، وذلك بدلًا من قوله لهم: سيروا فالله معكم بنصره وتأييده ومعونته. وكانت النتيجة في الحرب الهزيمة لأن الله تخلى عنهم، ولم ينفعهم المطربون ولا المطربات، بل كانوا هم السبب للهزيمة، وليت العرب يأخذون دروساً من الهزيمة فيرجعوا إِلى الله لينصرهم. 2 - وأما ضرر الصور والتماثيل في إِفساد أخلاق الشباب والشابات فحدِّث عنها ولا حرج، فتري الشوارع والبيوت مليئة بصور المطربين والمطربات، السافرات العاريات، التي تجعل الشباب يعشقونها، فيرتكبون الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فتنحل أخلاقهم وتفسد طبائعهم، فلم يعودوا يفكرون .. في دين ولا أرض محتلة، ولا قدس ولا شرف ولا جهاد. وقد انتشرت الصور انتشاراً هائلاً، ولا سيما صور النساء الفاتنات، حتى على علب الأحذية، وفي المجلات والجرائد والكتب والتلفزيون ولا سيما المسلسلات الجنسية والبوليسية، وهناك الصور الكاريكاتورية، وفيها تشويه لخلق الله، فالله لم يخلق أنفًا طويلاً، وأذناً كبيرة أو عيوناً جاحظة كما يصورونها بل خلق الله الإِنسان في أحسن تقويم. 3 - وأما ضرر الصور والتماثيل المادي فظاهر لا يحتاج إِلى دليل: فالتماثيل ينفق عليها الآلاف والملايين في سبيل الشيطان، كثير من الناس يشترون تمثال حصان أو جمل أو فيل ويضعونه في بيوتهم، أو يعلقون صورة الأسرة أو الأب المتوَفيَّ ويصرفون عليها المصاريف التي لو أنفقت للفقراء صدقة على روح الميت لاستفاد منها، والأبشع

هل الصور كالتماثيل؟

من ذلك أن يتصور الرجل مع زوجته ليلة العرس فيعلقها في بيته ليراها الناس وكأن زوجته ليست له فقط بل لكل الناس. هل الصور كالتماثيل؟ يزعم البعض أن التحريم منصب على التماثيل التي كانت شائعة في عصر الجاهلية. ولا يشمل التحريم للصور وهذا غريب جداً وكأنهم لم يقرؤوا النصوص الصريحة التي تحرم الصور، وإليك نصها: 1 - عن عائشة أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب فدم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية، فقالت يا رسول الله أتوب إِلى الله ورسوله، فما أذنبت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بال هذه النمرقة؟ فقالت اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة: ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم، ثم قال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة". [متفق عليه] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" "الرسام والمصور يشابهون بخلق الله" [متفق عليه] 3 - إِن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى مُحِيت". [رواه البخاري] 4 - "نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الصور في البيت ونهى الرجل أن يصنع ذلك" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] الصور والتماثيل المسموح بها 1 - يسمح بصورة وتمثال الشجر والنجوم والشمس والقمر والجبال والحجر والبحر والنهر والمناظر الجميلة والأماكن المقدسة كصور الكعبة والمدينة والمسجد الأقصى وباقية

اعملوا بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -

المساجد إِن خلت من صور إِنسان أو حيوان. ودليله قول ابن عباس-رضي الله عنهما: "إن كنتَ لابُدَّ فاعِلاً، فاصنَع الشجر وما لا نفس له". [رواه البخاري] 2 - الصور الموضوعة على الهوية والجواز للسفر ورخصة السيارة، وغيرها من الأمور الضرورية فمسموح بها للضرورة. 3 - تصوير المجرمين من القتلة والسارقين وغيرهم لإِلقاء القبض عليهم للقصاص منهم، وكذا ما تحتاجه العلوم كالطب مثلًا على قول بعض العلماء. 4 - يسمح للبنات باللعب المصنوعة في البيت من الخرق، على شكل طفلة صغيرة تلبسها الثياب، وتنظفها وتنيمها، وذلك لتتعلم تربية الأولاد عندما تكون أُمّاً ودليله قول عائشة: "كنت ألعب بالبنات عند النبي - صلى الله عليه وسلم - " [رواه البخاري] ولا يجوز شراء اللعب الأجنبية للأطفال، ولا سيما البنات السافرات المتكشفات فتتعلم منها وتقلدها وتفسد المجتمع بذلك، بالإِضافة إِلى صرف الأموال للبلاد الأجنبية واليهودية. 5 - يسمح بالصورة إِذا قطع رأسها لأن الصورة هي الرأس فإِذا قطع لا يبقى روح، وتصبح كالجماد وقد قال جبريل للرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مُر برأس التمثال يُقطع فيصير على هيئة الشجرة ومُر بالستر فليُقطع فليُجعل منه وسادتين توطآن. [صحيح رواه أبو داود وغيره] (الستر: حيث كان عليه تصاوير) اعملوا بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - " لا تقومُ الساعة حتى يُقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون" [رواه مسلم] 2 - "من قاتل لتكونَ كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله". [رواه البخاري]

وما آتاكم الرسول فخذوه

3 - "مَن أرضى الناسَ بسخط الله وَكَلَهُ الله إلى الناس" [حسن رواه الترمذي] (وكله: تركه) 4 - "من مات وهو يدعو مين دوني الله ندًّا دخل النار" [رواه البخاري] (الند: المثيل) 5 - "من كتم عِلماً ألجمه الله بِلجامٍ من نار". [صحيح رواه أحمد] 6 - "من لعب بالنردِشير، فكأنما غمس يده في لحم الخنزير ودمه". [رواه مسلم] (النردشير: لعبة الطاولة التي فيها النرد) 7 - "بدأ الإسلامُ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء" [رواه مسلم] وفي رواية: "فطوبى للغرباء: الذين يَصلحون إذا فسد الناس" [رواه أبو عمرو الداني بسند صحيح] 8 - "طوبى للغرباء: أناس صالحون، في أنُاس سوءٍ كثير, من يعصيهم أكثرُ ممن يُطيعهم" [صحيح رواه أحمد] 9 - "لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف". [رواه البخاري] وما آتاكم الرسول فخذوه 1 - " لعن الله النامصَات والمتنمَصات المغيِّرات لخلق الله" [متفق عليه] (كنتف شعر الحواجب والوجه) 2 - "ونساء كاسيات عاريات مُميلات مائلات رؤوسهن كأسنمَة البُخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها" [رواه مسلم] 3 - "اتقوا الله واجملوا في الطلب" [صحيح رواه الحاكم] (أي خذوا الحلال، واتركوا الحرام). 4 - "اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا". [رواه مسلم] 5 - "أشدُّ النَّاسِ بلاءً الأنبياء ثم الصالحون". [صحيح رواه ابن ماجه]

كونوا عباد الله إخوانا

6 - "صِل مَن قطعك، وأحسِن إلى من أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك". [صحيح رواه ابن النجار] 7 - "تعس عبد الدينارِ والدرهم والقطيفة إن أعطي رضي، وإن لم يُعط لم يَرض" (القطيفة: الثوب) [رواه البخاري] 8 - "أولا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم". [رواه مسلم] 9 - "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابرُ سبيل" [رواه البخاري] 10 - "لا يقيم الرجلُ الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن تفسَّحوا وتوسَّعوا] [رواه مسلم] 11 - "لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه، ولكن افسحوا يفسح الله لكم" [رواه أحمد وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 228] 12 - "ما أسكر كثيره فقليله حرام" [صحيح رواه أبو داود وغيره] كونوا عبادَ الله إخوانا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تحسَّسوا (¬1)، ولا تنافسوا (¬2) ولا تجسَّسُوا (¬3)، ولا تناجشوا (¬4) ولا تهاجروا (¬5) ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم: المسلمُ أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله (¬6) ولا يحقرهُ التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، ويُشير إلى صدره بحسب امرئ من الشر أن يحقِرَ أخاهُ المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرام: دَمُه، وعرضُه، ومالُه". "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث". "إن الله لا ينظرُ إلى صُوركم وأموالِكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالِكم". [رواه مسلم وروى البخاري أكثره] ¬

_ (¬1) لا تستمعوا لقوم يتكلمون سرًّا. (¬2) لا تنفردوا بشيء ترغبون به دون غيركم. (¬3) لا تبحثوا عن عيوب الناس. (¬4) لا تزيدوا في ثمن شراء سِلعةٍ لا تريدون شراءها. (¬5) لا يهجر بعضكم بعضاً. (¬6) لا يترك نصرته.

الذين يستحقون اللعن

الذين يستحقون اللعن 1 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها" [صحيح رواه أبو داود] 2 - "لعن الله زوّارات القبور" [صحيح رواه أحمد وغيره] 3 - "لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه، وكاتبه هم فيه سواء". [رواه مسلم] 4 - "لعن الله من آوى محدثاً". [رواه مسلم] أحاديث حول المسلم 1 - " المسلم من سلِمَ المسلمون مِن لسانه ويده" [متفق عليه] 2 - "سبابُ المسلم فُسوقٌ وقتاله كفر" [رواه البخاري] 3 - "غطِّ فخِذَك، فإن فخذ الرجل مِن عَورته". [صحيح رواه أحمد] 4 - "ليس المؤمنُ بالطعَّان ولا اللعَّان ولا الفاحِش ولا البذيء". [رواه مسلم] 5 - "مَن حملَ علينا السلاح فليس منا] [رواه مسلم] "ومن غش فليس منا" [صحيح رواه الترمذي] 6 - "مَن يُحرَم الرِّفقَ يُحرم الخير". [رواه مسلم] 7 - "من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مُؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، وكله الله إلى الناس" [صحيح رواه الترمذي] 8 - "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي". [حسن رواه الترمذي] 9 - "ما أسفل من الكعبين من الأزار ففي النار". [رواه البخاري] 10 - "إذا قال الرجل لأخيهِ يا كافر فقد باء بها أحدهما". [رواه البخاري] 11 - "لا تقولوا للمنافق سيدنا فإنه إن يَكُ سيدكم فقد أسخطتم ربكم. عز وجل". [صحيح رواه أحمد]

تكريم المرأة في الإسلام

12 - "الغلام مُرتهَن بعقيقته، تُذبح عنه يوم السابع ويُسمَّى، ويُحلَق رأسه". [صحيح رواه أبو داود] تكريم المرأة في الإسلام لقد كرم الإِسلام المرأة بأن جعلها مربية للأجيال، وربط صلاح المجتمع بصلاحها، وفرض عليها الحجاب ليحفظها من الأشرار، ويحفظ المجتمع من سفورها، والحجاب يبقي المودة والرحمة بين الزوجين، فالرجل عندما يرى امرأة أجمل من زوجته تسوء العلاقة بينهما، وربما يؤدي ذلك إِلى الفراق، وقد ورد ذكر الحجاب في القرآن، قال الله - تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] 1 - تقول الزعيمة العالمية (أني بيزانت) كثيرًا ما يرد على فكرى أن المرأة في ظل الإسلام أكثر حرية من غيره، فالإِسلام يحمي حقوق المرأة أكثر من الأديان الأخرى التي تحظر تعدد الزوجات، وتعاليم الإسلام بالنسبة للمرأة أكثر عدالة، وأضمن لحريتها، فبينما لم تنل المرأة حق الملكية في إِنجلترا إِلا منذ عشرين سنة فقط، فإِننا نجد أن الإِسلام قد أثبت لها هذا الحق منذ اللحظة الأولى، وإن من الافتراء أن يقال إِن الإِسلام يعتبر النساء مجردات من الروح. 2 - وتقول أيضًا: متى وزنّا الأمور بقسطاس العدل المستقيم ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإِسلامي الذي يحفظ ويحمي ويغذى ويكسو النساء أرجح وزناً من البغاء الغربي الذي يسمح بأن يتخذ الرجل امرأة لمحض إِشباع شهواته، ثم يقذف بها إِلى الشارع متى قضى منها أوطاره. 3 - وتقول المستشرقة (فرانسواز ساجان): أيتها المرأة الشرقية إِن الذين ينادون باسمك ويدعون إِلى مساواتك بالرجل إِنهم يضحكون عليك، فقد ضحكوا علينا من قبلك.

من أقوال المستشرقين في الإسلام

4 - ويقل الأستاذ (فون هرمر) الحجاب هو وسيلة الاحتفاظ بما يجب للمرأة من الاحترام والمكانة الشيء الذي تُغبط عليه. من أقوال المستشرقين في الإسلام 1 - يقول الفيلسوف (برنادشو) إِني أكِنُّ كل تقدير لدين محمد لحيويته، فهو الدين الوحيد الذي يبدو لي أن له طاقة هائلة لملاءمته أوجه الحياة المتغيرة، وصالحاً لكل العصور، لقد درست حياة هذا الرجل العجيب، وفي رأيي أنه يجب أن يُسمَّى "منقذ البشرية" دون أن يكون في ذلك عداء للمسيح، وإني لأعتقد أنه لو أتيح لرجل مثله أن يتولى حكم هذا العالم الحديث منفردًا لحالفه التوفيق في حل جميع مشاكله بأسلوب يُؤدي إِلى السعادة، والسلام اللذين يفتقر العالم إِليهما كثيرًا. إِني أتنبأ بأن الناس سيقبلون على دين محمد في أوربا في المستقبل، وقد بدأ يلقى القبول في أوربا اليوم. أمريكي يتحدث عن إسلامه هناك الكثير من الناس في الولايات المتحدة الأمريكية، ممن يبحثون عن سبل جديدة، إما عن طريق الإِسلام، أو عن طريق الديانة المسيحية، أو عن طريق البوذية، أو الهندوسية، ويدرك الكثير من الأمريكيين أنهم بحاجة إِلى إِله، ولكن هناك القليل من المسلمين في أمريكا ممن يصرحون بأن الإِسلام هو الطريق إِلى الله، الطريق الذي اختاره الله لنا. 1 - لقد كان اهتمامي في البداية مكرساً للديانة البوذية، ولسنوات مضت أردت أن أصبح راهباً بوذياً، ولكن بعد دراستي للأديان المقارنة في الجامعة اتجهت نحو الدين الإِسلامي، وبعد تخريجي من الجامعة سافرت إِلى أوربا، ودرست في هولندا بصحبة

صديقين، كان أحدهما طالب وهو أردني، وكان الآخر رجلًا كبيرًا في السن ذو مكانة مرموقة، لقد كان في ألبانيا وأمضى في هولندا مدة ثلاثين أو أربعين عامًا مكرساً حياته لله، وبتأثير هذين الشخصين دخلت دين الإِسلام غير مهتم بجمال هذا الدين، أو نقائه، أو فاعليته، بل مقتنعاً بأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كان في الحقيقة رسول الله، وإذا أعرضت جانباً عن رسالة الله ورسوله فيعرض الله عني. 2 - لقد أمضيت السنين الخمسة الأخيرة قسماً منها في أمريكا. وقسماً آخر في العالم العربي، وتوصلت إِلى نتيجة بأن أُحب الإِسلام وأقدره، وآخذ بعين الاعتبار كيف أن هذا الدين يصور حياة الإِنسان ويجعلها مقدسة مباركة. وإنها لمأساة بأن أرى المجتمعات الإِسلامية وقد فقدت ثقتها بالإِسلام، حيث إِن شعوب تلك المجتمعات وحكومتها تحاول أن تقلد أمريكا والعالم الغربي في الوقت الذي يصبح فيه الأمريكيون والعالم الغربي خائبي الأمل بتقاليدهم، ومعتقداتهم ونظمهم. إِن الملايين من البشر في العالم يتطلعون إِلى أمريكا من أجل الرشاد والهدى في حين أن ملايين من الشعب الأمريكي مقتنعون بأن دولتهم أمريكا تزداد سوءاً يومًا بعد يوم، ويتوقع الكثيرون منهم دمار هذه الدولة في القريب العاجل. 3 - أما مسلمو أمريكا، منهم يؤمنون بالإِسلام إِيماناً كبيرًا، وخاصة المتحولون (المهتدون) منهم، ولكننا بحاجة إِلى المعرفة، وبجهلنا للمعرفة غالبًا ما نقوم بأعمال طائشة، وخطيرة أحياناً، وذلك باسم الإِسلام، وهناك القليل من الشعب الأمريكي ممن يعرفون كيف يرشدون إِخوانهم، وفئة قليلة من المسلمين في المجتمعات التي تطبق الإسلام تذهب إِلى أمريكا لتنشر الدين الإِسلامي في العالم، في الحقيقة لا يُعمل كما يجب، وكثير من المرشدين المسلمين لا يذهبون إِلى أمريكا لدعم قضية الله ودينه. 4 - أخيراً: آمل وأتوقع في السنين العشر القادمة، أو نحوها أن يصبح الطلاب الأمريكيون على اطلاع كبير بالمراكز التقليدية للثقافة الإِسلامية، وآمل أن يجدوا هناك ولاءً قوياً، وطاعة لله ليعيشوا على هديهما، والحمد لله رب العالمين.

فتاة أمريكية تعتنق الإسلام

فتاة أمريكية تعتنق الإسلام الإِسلام هو السبيل الوحيد لإنقاذ وخلاص البشرية: "هاجر" الاسم الجديد لـ "ياميلا" فتاة أمريكية في الثامنة والعشرين من عمرها، طالبة في قسم الاجتماع في جامعة ميزورى -كولومبيا- بدأت قبل سنتين بدراسة الإسلام دراسة جادة متعمقة بحثًا عن الحقيقة التي كانت شغلها الشاغل والتي لم تجد كما تقول في الثقافة المادية الأمريكية، وبعد سنتين من الدراسة والبحث والتأمل أعلنت" ياميلا" الإسلام وغيَّرت اسمها إِلى "هاجر" حيث تقول إِن اسم (هاجر) محبب إِلى نفسي لكونه مرتبطاً بالإسلام. تتحدث هاجر عن تجربتها قائلة: منذ مدة طويلة كانت تدور في ذهني تساؤلات عن الكون، والوجود، والحياة، وقد أضناني البحث، والتفكير عن أجوبة هذه التساؤلات الفلسفية، ولكن عبثاً لم أجدلها تفسير مقنعاً من خلال دراستي في الثقافة الأمريكية المادية، وكنت أسمع بالإسلام، ولكن صورته غامضة في ذهني، بل مشوهة، فهو دين يفرق بين الرجل والمرأة، وقائم على العنف، للقوى المادية، فبدأت من حينها أدرس وأبحث عن الإسلام، وكان البحث في البداية منذ شعرت بحب الإسلام، فهو دين عدل وإنصاف، ويعطي الفرد حريته، ويحمله مسؤولية أعماله وأفعاله. وهكذا بمرور الوقت ازددت وعياً وفهماً بالإِسلام، وكان أن هداني الله لاعتناق الإسلام. هاجر تدعو للإسلام ومنذ أن أعلنت هاجر إِسلامها وهي تعمل بجد ونشاط لنشر الإِسلام، فهي ترى أن رسالتها الآن أن تجاهد في سبيل الإسلام وإبلاغ دعوته إِلى الأمريكيين الذين يجهلون حقيقة الاِسلام، وذلك بفعل الصورة المشوهة التى صُوِّرَ الاِسلام بها من خلال أعدائه الحاقدين عليه.

لقد غير الإِسلام "هاجر" تغييراً شاملاً: فبعد أن كانت تعيش كأية فتاة أمريكية -حياة لاهية- أصبحت الآن ملتزمة بقواعد ومبادئ الإسلام، وكما تقول: إن هدفي الأسمى أن أجاهد في سبيل الإِسلام. وأن أحارب الرأسمالية، والطغيان والشر، فبعد تجربتي وجدت أن الإِسلام هو الطريق الوحيد لخلاص الإنسانية من خطر الحروب والمجاعات والعناء. وعندما سئلت هاجر ولماذا الإِسلام بالذات هو السبيل إِلى خلاص البشرية؟ أجابت قائلة: إن الإِسلام هو الدين الوحيد الذي يقدم حلولاً لقضايانا الإجتماعية، والسياسية المعاصرة، إِنه نظام حياة شامل يوازن بين مطالب الروح وحاجات الجسد دونما إِخلال، لقد وجدت فيه أجوبة شافية على تساؤلات فلسفية كانت تقلقني وتقضُّ مضجعي. وحين تتحدث هاجر عن الإِسلام تشعر بالصدق في كلامها فهي تعي ما تقول، وأحيانا تنطق بالعبارات الإسلامية باللغة العربية، ولكنها في كل الحالات تفهم جيداً أن الإِسلام نظام شامل، وليس دين عبادات فقط. الجهاد في نظرها أهم ما في الإسلام، أو أهم ما يحتاج إِليه المسلمون في الوقت الحاضر ..... ومنذ إِسلامها غيرت هاجر أسلوب حياتها، فارتَدَتِ اللباس الشرعي، وبدأت تؤدي الصلاوات الخمس في مواقيتها، وبذلت جهداً كبيرًا في حفظ آيات من القرآن، لتستطيع تأدية الصلوات، وطبيعي أن تواجه صعوبات كبيرة من زميلاتها وعائلتها، ولكن هاجر المسلمة كما تقوله أستطيب المصاعب في سبيل عقيدتي، وهذا جدير بالنسبة للمسلمين والمسلمات، لقد سبق أن عُذّب الكثير منهم ولكنهم لَم يتحولوا، وأنا لن أبالي إِلا بالإِسلام. ولا يقتصر نشاط هاجر على الجانب الديني فهي أيضًا نشيطة سياسياً، ومؤمنة بالحقوق العادلة للشعب الفلسطيني المسلم، لذلك فهي دائماً تحاضر وتتحدث عن الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني.

تصريحات مطرب عالمي بعد إسلامه

إِنها حقًا ظاهرة فريدة، فتاة أمريكية بيضاء تتحول إِلى داعية إِسلامية تذب وتدافع عن قضايا الشعب الإِسلامي في مجتمع لا يصغي، ولكنها لا تملُّ ولا تتعب. ورسالتها إِلى الشعوب الإِسلامية عامة، والعربية خاصة، وأنتم الذين أنرتم الدرب للبشرية، فلا تضعفوا أمام غزاة أرضكم المقدسة أمام إِسرائيل وحلفائها. تصريحات مطرب عالمي بعد إسلامه نشرت جريدة المدينة المنورة بتاريخ 5 رمضان 1400 هـ تقريراً عن قضية إِسلام المطرب العالمي (كات ستيفنز) الذي سمى نفسه بعد إِسلامه (يوسف إِسلام)، وفي هذا التقرير تصريحات هامة، وعبر نافعة نذكر من أهم ما جاء فيها: 1 - صُدم الغرب عندما توقفتُ عن الغناء منذ أن أسلمت، وبدؤوا يتساءلون كيف تغيرت؟ وصمتت وسائل الإِعلام كلها، وتجاهلوني كلياً، ولم تعد تلهث خلفي كما كانت، لأن أجهزة الإِعلام في الغرب يهود، وهم يملكون جميع المفاتيح. 2 - سبب إِسلامي زيارة أخي للمسجد الأقصى، وتقديم هدية لي نسختين من القرآن: عربي، إِنجليزي؛ لمعرفته مدى اهتمامي بالأديان السماوية، فكنت أقرأ القرآن لوحدي، حتى أتممت دراسته دراسة كاملة، ثم درست حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتأثرت بشخصيته تأثراً عظيمًا، وبعد عام ونصف من الدراسات العلمية اقتنعت بعظمة الإِسلام، وأنه الدين الصحيح، وحمدت الله على أنني اعتنقت الإِسلام قبل أن أجتمع بأحد من المسلمين، وقبل أن أتعرف على خلافاتهم. 3 - ذهبت إِلى القدس، وفرح بي المسلمون في المسجد الأقصى، وبكيت وصليت هناك، والقدس هي قلب العالم الإِسلامي، فإِذا كان القلب عليلاً، فالعالم الإِسلامي كله مريض، وفي شفائه شفاء للجسم كله، وعلينا أن نحرر هذا القلب باسم الإِسلام. 4 - الشعب الفلسطيني يجب أن يتمسك بإِسلامه ودينه، ويحافظ على صلاته،

دعاء الشفاء

وأنا واثق أن الله سينصره. 5 - قالوا لي بعد إِسلامي: التدخين حرام فامتنعت عنه، وتركت الخمر، ومعاشرة النساء، وتوقفت عن الغناء والموسيقا. 6 - اخترت زوجة مسلمة محجبة، لأن الجمال في المرأة ليس أهم شيء، إنما الإِسلام هو الإيمان والفضيلة. 7 - أقوم الآن بتعلم اللغة العربية؛ لأقرأ القرآن، وأتذوق حلاوته ومعانيه، سأضع كتبًا عن عظمة الإسلام، مستغلاً شهرتي في الدعوة للإسلام. 8 - أعتقد أن الصلاة في أوقاتها أهم ركن من أركان الإِسلام، (بعد الشهادتين) والمحافظة عليها في مواعيدها هو أكبر حصن للإِنسان وإسلامه، وأشعر براحة وطمأنينة غير عادية بعد كل صلاة. 9 - سمعت أن (يوسف إِسلام) يقيم في إِنجلترا، ويقوم بالدعوة للإِسلام، وله مسجد خاص، يلتف حوله المسلمون ويؤيدونه، فقد سبق المسلمين في تمسكه بإسلامه وحبه له، أسأل الله له التوفيق والثبات. بارك الله فيه وفي أمثاله من المسلمين العاملين. دعاء الشفاء 1 - ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثًا، وقل سبع مرات: "أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" [رواه مسلم] وفي رواية: "ارفع يدك، ثم أعد ذلك وِتراً" (أي ثلاث مرات) [رواه الترمذي وحسنه وهو كما قال] 2 - "اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما" [متفق عليه]

دعاء الركوب والسفر

3 - "أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامَّة". [رواه البخاري] 4 - من عاد مريضًا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات: "أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله". [صححه الحاكم ووافقه الذهبي] 5 - مَن رأى مُبتلى فقال: "الحمد لله الذي عافاني مِما ابتلاك به وفضَّلني على كثير مِمن خلق تفضيلاً، لم يُصِبه ذلك البلاء". [حسن رواه الترمذى] 6 - إِن جبريل أتَى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نعم"، فقال جبريل: "باسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك ومن شر كل نفس وعين، باسم الله أرقيك، والله يشفيك" [رواه مسلم] 7 - على المسلم أن يستعمل العسل والحبة السوداء، ويشرب من ماء زمزم فهي علاج ناجع، وشفاء من جميع الأمراض الحسية والمعنوية. دعاء الركوب والسفر 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد أن يُسافر فليقل لمن يخلِف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه". [حسن رواه أحمد] 2 - ويقال للمسافر: "زوَّدك الله التقوى، وغفر ذنبك، ويسَّر لك الخير حيثما كنت" [رواه الترمذي وحسنه وهو كما قال] 1 - دعاء الركوب: إِذا ركبت سيارة أو طائرة أو غيرهما فقل: بسم الله الحمد لله سُبحان الذي سَخرَ لنا هذا وما كُنا له مقرنين (¬1)، وإنا إلى ربنا لَمُنقلبون (¬2) الحمد لله الحمد لله الحمد لله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سُبحانك إنِّي ظلمتُ نفسي فاغفر لي، فإنه لا يَغفِرُ الذنوبَ إلا أنت". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] ¬

_ (¬1) مطيقين. (¬2) لراجعون.

الدعاء المستجاب

2 - دعاء السفر: وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا استوى على بعيره خارجاً إلى السفر كبَّر ثلاثًا، ثم قال: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كُنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون" "اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا. واطو عنا بُعدَه. اللهم أنت الصاحِبُ في السفر, والخليفةُ في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وَعثاءِ السفر وكآبة المنظر وسُوء المنقلب في المالِ والأهل". [رواه مسلم] 3 - وإذا رجع المسافر قالهن وزاد عليهن: "آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون" [رواه مسلم] الدعاء المستجاب إذا أردت النجاح في اختبار أو أى عمل فاقرأ الدعاء الآتي: سمع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - رجلًا يقول: 1 - اللهم إِني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إِلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سئل به أعطى". [صحيح رواه أحمد, وأبو داود وغيرهما] 2 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أصاب عبدًا همٌّ ولا حزنٌ فقال: "اللهم إني عبدك، وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حُكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحدًا مِن خلقِك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور بصري، وجلاء حزني، وذهاب همي - إلا أذهبَ الله همَّه وحزنه، وأبدله مكانه فرحاً". [صحيح رواه أحمد] 3 - دعوة ذي النون إِذ دعا بها وهو في بطن الحوت: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت مِن الظالمين" لم يَدعُ بها رجل مسلم في شيء إِلا استجاب الله له. [صحيح رواه أحمد وغيره]

دعاء الضائع

4 - كان - صلى الله عليه وسلم - إِذا نزل به هم أو غم قال: "يا حيُّ يا قيُّوم برحمتك استغيث" [حسن رواه الترمذي] 5 - يجب أن تأخذ بأسباب النجاح، وهو العمل والاجتهاد مع الدعاء. دعاء الضائع سُئِل ابن عمر -رضي الله عنه- عن الضالة فقال: يتوضأ ويُصلي ركعتين، ثم يتشهد، ثم يقول: اللهم رادّ الضالة، هادي الضلالة، تهدي من الضَّلال، رُدَّ عَليّ ضالَّتي بقدرتك وسلطانك، فإِنها من فضلك وعطائك. [قال البيهقي هذا موقوف وهو حسن] دعاء من القرآن الكريم {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة: 4] {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286] {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89] {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [يونس:85 - 86]

إلهي أنت المغيث وحدك

{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان: 12] {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف: 126] إلهي أنت المغيث وحدك يا مَن يرى ما في الضمير ويَسمع ... أنت المَعدُّ لكلّ ما يُتوقع يا من يُرجَّى لِلشدائد كُلِّها ... يا من إِليه المشتكى والمفزَعُ يا من خزائنُ رِزقهِ في قول كن ... أمنُن فإِن الخيرَ عندك أجمعُ مالي سوى فقري إِليك وسيلة ... فبالافتقار إِليك فقري أدفعُ مالي سوى قرعي لبابِك حِيلةٌ ... فلئن رُدِدتُ فأيَّ بابٍ أقرع؟ ومَنِ الذي أدعو وأهتِفُ باسمِه ... إن كانَ فضلُك عن فقيرك يُمنعُ حاشا لجودِك أن تُقنِّط عاصياً ... الفضل أجزلُ والمواهبُ أَوسعُ ثم الصلاةُ على النبي وآلهِ ... (من جاء بالقرآن نوراً يسطع)

(2) أركان الإسلام والإيمان من الكتاب والسنة الصحيحة

(2) أركان الإسلام والإيمان من الكتاب والسنة الصحيحة

موجز لمحتويات الكتاب (2) أركان الإسلام والإيمان * معنى الإسلام والإيمان ومعنى لا إِله إِلا الله محمد رسول الله. * أين الله؟ الله في السماء. * فضل الصلوات والتحذير من تركها، ووجوب تعلمها. * الزكاة وأهميتها ومصارفها. * الصيام وفوائده وواجبك في رمضان. * الحج وفضله وكيفيته. * الإِيمان بالقدر خيره وشره. * نواقض الإيمان والإِسلام. * اعتقادات باطلة تؤدي إِلى الكفر. * إِلهي أنت عوني. * محتويات الكتاب ص: 412.

أركان الإسلام

أركان الإسلام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بُنِيَ الإسلامُ على خمس": 1 - شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله: (لا معبود بحق إِلا الله، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - تجب طاعته فيما يبلِّغ عن الله) 2. وإقام الصلاة: (أداؤها بأركانها وواجباتها والخشوع فيها) 3 - وإيتاء الزكاة: تجب الزكاة إِذا ملك المسلم 85 غراماً ذهبًا أو ما يعادلها من النقود يدفع 2.5 في المئة منها بعد سنة، وغير النقُود لكل منها مقدار مُعَين. 4 - وحج البيت: (مَن استطاع إِليه سبيلاً). 5 - وصوم رمضان:. (الامتناع عن الطعام والشراب. وجميع المفطرات من الفجر حتى الغروب مع النية). [متفق عليه] أركان الإيمان 1 - أن تؤمن بالله: (بوحدانيته في العبادة والصفات والتشريع). 2 - وملائكته: (مخلوقات من النور لتنفيذ أوامر الله). 3 - وكتبه: (التوراة والإِنجيل والزبور والقرآن وهو أفضلها). 4 - ورسله: (أولهم نوح وآخرهم محمد - صلى الله عليه وسلم -). 5 - واليوم الآخر: (يوم الحساب لمحاسبة الناس على أعمالهم). 6 - وتؤمن بالقدر خيره وشره: (مع الأخذ بالأسباب، والرضاء بالقدر خيره وشره، لأنه بتقدير الله). [كما في الحديث الذي رواه مسلم]

معنى الإسلام والإيمان والإحسان

معنى الإسلام والإيمان والإحسان عن عمر -رضي الله عنه- قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديدٌ بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إِلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، وقال. يا محمد أخبرني عن الإِسلام؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" قال صدقت - فعجبنا له يسأله ويُصدقه. قال: أخبرني عن الإِيمان. قال: "أن تؤمن بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره". قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإِحسان. قال: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك". قال: فأخبرني عن الساعة. قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل". قال: فأخبرني عن أماراتها (¬1). قال: "أن تلِد الأمة ربَّتَها (¬2) وأن ترى الحفاة العُراةَ العالة رِعاءَ الشاء يتطاولون في البنيان". ثم انطلق فلبث مليّاً (¬3) ثم قال (¬4) لي: "يا عمر أتدري من السائل"؟ قلتُ: الله ررسوله أعلم قال: "فإنه جبريل أتاكم يُعلمكم دينكم". [رواه مسلم] * * * ¬

_ (¬1) أي علاماتها. (¬2) سيدتها. (¬3) وقتاً طويلاً. (¬4) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -

معنى لا إله إلا الله (لا معبود بحق إلا الله)

معنى لا إله إلا الله (لا معبود بحق إلا الله) فيها نفي الإِلهية عن غير الله، وإثباتها لله وحده. 1 - قال الله - تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من قال لا إله إلا الله مُخلِصاً دخل الجنة". [رواه البزار وصححه الألباني في صحيح الجامع] والمخلص: هو الذي يفهمها، ويعمل بها، ويدعو إليها قبل غيرها، لأن فيها التوحيد الذي خلق الله الجن والإِنس لأجله. 3 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب حين حضره الموت: "يا عم قل لا إله إلا الله، كلمة أُحاجُّ لك بها عند الله" وأبى أن يقول لا اله إِلا الله. [رواه البخاري ومسلم] 4 - بقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة ثلاثة عشر عامًا، يدعو المشركين قائلًا: قولوا لا إِله إِلا الله، فكان. جوابهم كما حكى القرآن عنهم: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} [سورة ص: 4 - 7] لأن العرب فهموا معناها، وأن من قالها لا يدعو غير الله، فتركوها ولم يقولوها، قال الله -تعالى- عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 35، 36، 37] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من قال لا إنَّه إلا الله، وكفر بما يُعبدُ مِنْ دون الله، حَرُم مالُه ودمهُ وحسابه على الله - عز وجل". [رواه مسلم] ومعنى الحديث: أن التلفظ بالشهادة يستلزم أن يَكفر ويُنكر كل عبادة لغير الله،

كدعاء الأموات وغيره. والغريب أن بعض المسلمين يقولونها بألسنتهم، ويخالفون معناها بأفعالهم ودعائهم لغير الله. 5 - "لا إِله إِلا الله" أساس التوحيد والإسلام، ومنهج كامل للحياة يتحقق بتوجيه كل أنواع العبادة لِله، وذلك إذا خضع المسلم لله، ودعاه وحده واحتكم لشرعه دون غيره. 6 - قال ابن رجب: "الإِله هو الذي يُطاع ولا يُعصى هيبةً له وإجلالاً، ومحبةً وخوفاً ورجاءً، وتوكلاً عليه، وسؤالاً منه، ودعاءً له، ولا يصلح هذا كله إِلا لله - عز وجل- فمن أشرك مخلوقاً في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإله، كان ذلك قدحاً في إِخلاصه في قوله: "لا إِلة إِلا الله" وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذل - صلى الله عليه وسلم -. 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم - "لَقِّنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنه مَن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة يومًا مِن الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه". [رواه ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني في صحيح الجامع] وليس التلقين ذكر الشهادة عند الميت، بل هو أمره بأن يقولها خلافًا لما يظن البعض، والدليل حديث أنس بن مالك: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد رجلًا من الأنصار، فقال: "يا خال! قل: لا إله إلا الله"، فقال: أخالٌ أم عَمٌ؟ فقال: "بل خال" فقال: فخَيرٌ لي أن أقول: لا إله إلا الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "نعم". [أخرجه الإمام أحمد (3/ 152) بإسناد صحيح على شرط مسلم] (نقلًا من أحكام الجنائز للألباني ص 11). 8 - إِن كلمة "لا إله إلا الله، تنفع قائلها إِذا طبق معناها في حياته ولم ينقضها بشِرك، كدعاء الأموات أو الأحياء الغائبين، فهي شبيهة بالوضوء الذي ينقضه الحدَث. قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قال لا إله إلا الله أنجَته يومًا مِن دهره يُصيبه قبل ذلك ما أصابه". [رواه البيهقي، وصححه الألباني في الأحاديث الصحيحة رقم 1932].

معنى محمد رسول الله

معنى محمد رسول الله الإِيمان بأنه مرسل من عند الله، فنصدقه فيما أخبر، ونطيعه فيما أمر، ونترك ما نهى عنه وزجر، ونعبد الله بما شرع. 1 - يقول الشيخ أبو الحسن الندوي في كتاب النبوة ما نصه: "الأنبياء -عليهم السلام- كان أول دعوتهم، وأكبر هدفهم في كل زمان وفي كل بيئة، هو تصحيح العقيدة في الله -تعالى- وتصحيح الصلة بين العبد وربه، والدعوة إِلى إِخلاص الدين لله، وإِفراد العبادة لله وحده وأنه النافع والضار، المستحق للعبادة والدعاء والالتجاء والنسك (الذبح) وحده، وكانت حملتهم مركزة موجهة إِلى الوثنية في عصورهم، الممثلة بصورة واضحة في عبادة الأوثان والأصنام، والصالحين المقدسين من الأحياء والأموات". 2 - وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له ربه: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188] وقال - صلى الله عليه وسلم - "لا تُطروني كما أطرت النصارى ابنَ مريم، فإنما أنا عبْدٌ فقولوا عبد الله ورسوله". [رواه البخاري] والإطراء هو الزيادة والمبالغة في المدح، ولا ندعوه من دون الله كما فعلت النصارى في عيسى ابن مريم، فوقعوا في الشرك وعلّمنا أن نقول: "محمد عبد الله ورسوله". 3 - إن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تكون بطاعته في دعاء الله وحده، وعدم دعاء غيره، ولو كان رسولاً أو ولياً مقرباً. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعِن بالله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] وكان - صلى الله عليه وسلم - إِذا نزل به همٌّ أو غمُّ قال: "يا حَيُّ يا قيُّوم برحمتك أستغيث" [حسن رواه الترمذي]

أين الله؟ الله في السماء

ورحم الله الشاعر حين قال في صدق المحبة: لوكان حبك صادقاً لأطعته ... إِن المحب لمن يُحب مطيع ومن علامة المحبة الصادقة أن تحب دعوة التوحيد التي بدأ بها دعوته، وتحب دعاة التوحيد، وتكره الشرك والداعين إِليه. أين الله؟ الله في السماء عن معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه- قال: " .. وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قِبَل (أُحد والجوانية)، فاطلعت ذات يوم، فإِذا بالذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفُون، لكني صككتُها صكَّة، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعظَم ذلك عليّ، قلت يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال: "ائتني بها"، فقال لها: "أين الله"؟ قالت في السماء، قال: "مَن أنا"؟ قالت: أنت رسول الله، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة". (صككتها: صُربتها ولطمتها) [رواه مسلم وأبو داود] من فوائد الحديث 1 - كان الصحابة يرجعون عند أي مشكلة ولو كانت صغيرة إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعلموا حكم الله فيها. 2 - التحاكم إِلى الله والرسول- عملًا يقول الله - تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. [النساء: 65] 3 - إِنكار الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الصحابي ضربه للجارية وتعظيمه لذلك الأمر. 4 - العتق يكون للمؤمن لا للكافر، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اختبرها، ولمَّا علم بإِيمانها أمر بإِعتاقها، ولو كانت كافرة لما أمر بعتقها.

فضل الصلوات والتحذير من تركها

5 - وجوب السؤال عن التوحيد، ومنه علُوُّ الله عدى عرشه ومعرفة ذلك واجب. 6 - مشروعية السؤال بأين الله؟ وأنه سنة حيث مسألة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 7 - مشروعية الجواب. بأن الله في السماء (أبي على السماء) لإِقراره - عليه الصلاة والسلام - جواب الجارية ولموافقة الجواب للقرآن الذي يقول: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ}. [الملك: 16] (قال ابن عباس: هو الله). (وفي السماء بمعنى: على السماء). 8 - صحة الإِيمان تكون بالشهادة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة. 9 - اعتقاد أن الله في السماء دليل على صحة الإيمان، وهو واجب على كل مؤمن. 10 - الرد على خطأ من يقول إِن الله في كل مكان بذاته، والحق أن الله معنا بعلمه لا بذاته. 11 - طلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - للجارية ليختبرها دليل على أنه لا يعلم الغيب وهو إيمان الجارية وهو ردّ على الصوفية القائلين بأنه يعلم الغيب. فضل الصلوات والتحذير من تركها 1 - قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج:34 - 35] 2 - وقال الله - تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] 3 - وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (غافلون عنها يؤخرونها عن وقتها بدون عذر) [الماعون: 4 - 5] 4 - وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1 - 2] 5 - وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ

تعلم الوضوء والتيمم والصلاة

فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (خسراناً) [مريم: 59] 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم - "أرأيتم لو أنَّ نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرنه شيء؟ قالوا لا يبقى من دَرنه شيء، قال فكذلك مَثلُ الصلواتِ الخمس يَمحو الله بهن الخطايا". [متفق عليه] 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر". [صحيح رواه أحمد وغيره] 8 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "بينَ الرجلُ وبين الشِّرك والكفر تركُ الصلاة". [رواه مسلم] تعلم الوضوء والتيمم والصلاة الوضوء: شمَّر عن يديك إِلى المرفقين، وقل {بِسْمِ اللَّهِ}. 1 - اغسل كفيك وتمضمض، واستنشق الماء "ثلاث مرات". 2 - اغسل وجهكَ، ويديك إِلى المرفقينِ، اليمنى فاليسرى "ثلاثًا". 3 - امسَح رأسكَ كُلَّهُ مع الأذنين. 4 - اغسل رِجليك إِلى الكعبين (اليمنى فاليسرى) "ثلاثًا". 5 - إِذا تعذر عليك الماء فامسح وجهك وكفيك بالتراب. 6 - يجب طهارة الماء والتراب والمكان والثياب. صلاة الصبح الصلاة: "فرض الصبح ركعتان" (النية محلها القلب). 1 - استقبل القبلة، وارفع يديك إِلى أذنيك، وقل: "الله أكبر". 2 - فرع يَدَكَ اليُمنى على اليُسرى على صَدرِك، واقرأ: "سبحانك اللهم وَبِحمدك، وتبارك اسمُكَ وتعالى جدُّك، ولا إِله غيرُك". (ويجوز قراءة غيره مما ورد في السنة).

الركعة الأولى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (سِراً). {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} آمين. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. (أو اقرأ غيرها مما تيسر حفظه من القرآن). 1 - ارفَع يَدَيك وَكَبِّر وَاركَع، وَضَع يَدَيكَ عَلَى ركبَتَيكَ وقُل: "سبحان ربي العظيم" ثلاثًا. 2 - ارفع رأسك ويديك وقل: "سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد". 3 - كَبر واسجد وضع كفيك وركبتيك، وَجَبهتك، وأنفَك وأصابعَ رجليك على الأرض تجاه القبلة وارفع مرفقيك وقل: "سبحان ربي الأعلى" ثلاثًا. 4 - ارفع رأسك من السجود، وَكَبِّر وضع يديك على ركبتيك وقل: "رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني". 5 - اسجد على الأرض ثانية وكبِّر وقل: "سبحان ربي الأعلى" ثلاثًا. 6 - ارفع رأسك من السجود الثاني واجلس على رجلك اليسرى وانصب أصابع رجلك اليمنى (وهذه تسمى جلسة الاستراحة).

جدول عدد ركعات الصلاة

الركعة الثانية 1 - انهض إِلى الركعة الثانية، وتعوّذَ وسَمِّ واقرأ سورة الفاتحة وسورة قصيرة أو ما تيسر من القرآن. 2 - اركع واسجُد كما تعلمت، واجلس بعد السجود الثاني واقبض أصابع كفك اليمنى وارفع السبابة اليُمنى وحركها واقرأ: "التحيات لله، والصلوات والطَيِّباتُ * السَّلام عليكَ أيها النبي ورحمةُ الله وبركاته، السلامُ علينا وعلي عباد الله الصالحين * أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله* اللهم صل على محمد وعلي آلِ محمد كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلي آل إبراهيم إنكَ حميد مجيد * اللهم بَارِك على محمدٍ وعلي آل محمد، كما بَاركت على إبراهيم وآل إبراهيم * إنكَ حَميد مجيد * ". 1 - اللهم إِني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات, ومن فتنة المسيح الدجال. 3 - التفت يمينًا وقل: "السلام عليكم ورحمة الله" ثم يساراً مثل ذلك. جدول عدد ركعات الصلاة الصلوات ... السنة القبلية ... الفرض ... السنة البعدية الصبح 2 - 2 - 0 الظهر 2 و 2 - 4 - 2 و 2 العصر 2 و 2 - 4 - 0 المغرب 2 - 3 - 2 العشاء 2 - 4 - 2، 3 وتر الجمعة 2 تحية للمسجد - 2 - 2 في البيت أو 2 و 2 في المسجد

من أحكام الصلاة

من أحكام الصَّلاة 1 - السُّنة القبلية: تُصلَّى قبل الفرض، والسنة البعدية بعده. 2 - تمهل وانظر مكان سجودك ولا تلتفت. 3 - أنصت إذا سمعت قراءة الإِمام واقرأ إِذا لم تسمع. 4 - فرض الجمعة ركعتان ولا تجوز إِلا في المسجد بعد الخطبة. 5 - فَرضُ المغرب ثلاث: صَلِّ ركعتين كما صليت في الصبح، وعند الانتهاء من قراءة التحيات كلها لا تُسلِّم وقم إِلى الركعة الثالثة رافعاً يديك إِلى كتفيك مكبراً، واقرأ الفاتحة فقط، وتمم صَلاتَكَ ثم سلَّم يمينًا ويساراً. 6 - فرض الظهر والعصر والعشاء أربع، افعل ما فعلته في صلاة الصبح وبعد أن تقرأ التحيات لله لا تسلم وقم إلى الركعة الثالثة ثم الرابعة واقرأ الفاتحة فقط وتمم صلاتك ثم سلِّم يمينًا ويساراً. 7 - الوتر ثلاثُ: صَلِّ ركعتين وسَلَّم، ثم صَلِّ ركعة منفردة وسَلَّم، والأفضل أن تدعو بما ورد قبل الركوع أو بعده: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولَّني فيمن توليت، وبارِكْ لي فيما أعطيت، وقني شرّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضَى عليك، وإنه لا يَذِل مَن واليت، ولا يعِزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت". [رواه أبو داود بسند صحيح] 8 - قف وكبر إذا اقتديت مع الإمام، ولو كان راكعاً، ثم الحق به وتحسب لك ركعة إِن لحقته في الركوع قبل أن يرفع وإلا فلا تحسب. 9 - إِذا فاتتك ركعة أو أكثر من الإِمام فتابعه حتى آخر الصلاة ولا تسلم مع الإِمام، وَقم إِلى صلاة الركعات الباقية. 10 - احذر السرعة في الصلاة فإِنها مبطلة لها، فقد رأى الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يسرع في صلاته فقال له: "ارجع فصل فإنك لم تُصل، فقال له في الثالثة: عَلِّمني يا رسول الله فقال: " .. اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تستوي قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن

وجوب صلاة الجمعة والجماعة

ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ... ". [متفق عليه] 11 - إذا فاتك واجب من واجبات الصلاة، فتركت القعود الأول مثلاً، أو شككت في عدد الركعات، فخذ بالأقل واسجد سجدتين في آخر الصلاة وسلم، وهذا يُسمَّى سجود السهو. 12 - لا تكثر الحركة في الصلاة فهي منافية للخشوع، وربما سببت فساد الصلاة إِذا كانت كثيرة وغير ضرورية. 13 - وقتُ صلاة العشاء ينتهي عند منتصف الليل الساعة 12 زوالي، أما صلاة الوتر فوقتها إِلى طلوع الفجر، ولا تؤخر صلاة العشاء إِلا لضرورة. * * * وجوب صلاة الجمعة والجماعة صلاة الجمعة والجماعة واجبة على الرجال للأدلة الآتية: 1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من ترك ثلاث جُمع تهاوناً بها، طبع الله على قلبه" [صحيح رواه أحمد] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لقد هممت أن آمُرَ بالصلاة فتُقام، ثم أخالف إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة فأُحرِّقَ عليهم". [رواه البخاري رقم 2420] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن سمع النداء، فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر" (الخوف أو المرض) [صحيح رواه ابن ماجه] 5 - "أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ أعمى، فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد

أحاديث الصلاة

يقودني إِلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُرخّص له، فرخّص له، فلما ولَّى دعاه فقال: "هل تسمع النداء" (الآذان)؟ قال: نعم، قال "فأجب". [رواه مسلم] 6 - وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: من سَرَّه أن يلقى الله غَداً مسلمًا، فليحافظ على هذه الصلوات الخمس، حيث يُنادى بهن، فإن الله شرع لنبيّكم سُنَنَ الهدى، وإنهن من سُنن الهدى ولو أنكم صَلَّيتم في بيوتكم كما يُصلِّي المُتخلِّف في بيته لتركتم سُنة نبيكم ولو تركتم سُنَّة نبيكم لضلَلتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يُقامَ في الصف. [رواه مسلم] (يهادىَ بين الرجلين: يتكئ عليهما). أحاديث الصلاة 1 - " صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي". (وتُسمَّى تحية المسجد) [رواه البخاري] 2 - "إذا دخل أحدكم المسجد فلْيركع ركعتين قبل أن يجلس". [رواه البخاري] 3 - "لا تجلسوا على القبور، ولا تُصلُّوا إليها". [رواه مسلم] 4 - "إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة". [رواه مسلم] 5 - "أُمِرتُ أن لا أكُفّ ثوباً". [رواه مسلم] (النهي عن الصلاة وكُمُّهُ مُشَمَّر أو ثوبه) [ذكره النووي] 6 - "أقيموا صفوفكم وتراصُّوا"، قال أنس: وكان أحدُنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه". [رواه البخاري] 7 - "إذا أُقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعَون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتموا". [متفق عليه] 8 - "اركع تطمئنّ راكعاً، كم ارْفع حتى تعتدلَ قائمًا، كم اسجد حتى تطمئنّ ساجداً". [رواه البخاري]

فضل صلاة الجمعة والجماعة

6 - "إذا سجدتَ فضع كفيك، وارفع مِرْفقيك". [رواه مسلم] 10 - "إني إمامكُم فلا تسبقوني بالركوع والسجود". [رواه مسلم] 11 - "أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله". [صحيح رواه الطبراني] 12 - "مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفَرِّقوا بينهم في المضاجع". [رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني في صحيح الجامع] فضل صلاة الجمعة والجماعة 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قُدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه غُفِر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام، ومَن مسَّ الحصى فقد لَغا". [رواه مسلم] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرَّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرَّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرَّب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرَّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرَّب بيضة. فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر". [رواه مسلم] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلَّى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومَن صلَّى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله". [رواه مسلم] 4 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الرجل في جماعة، تزيد على صلاته في بيته وصلاته. في سوقه بضعاً وعشرين درجة، وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا يَنهَزُه إلا الصلاة. لا يريد إلا الصلاة، فلم يَخْطُ خَطوة إلا رُفِع له بها درجة، وحُطَّ عنه بها خطيئة، حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه، والملائكة يُصلُّون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلَّى فيه يقولون: اللهم ارحمه. اللهم

كيف أصلى الجمعة مع آدابها

اغفر له. اللهم تُبْ عليه ما لم يؤذ فيه، ما لم يُحدث فيه". [رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم] كيف أُصلى الجمعة مع آدابها 1 - أغتسل يوم الجمعة، وأُقلمُ أظفاري، وأتطيبُ وألبس ثياباً نظيفة، بعد الوضوء. 2 - لا آكل ثوماً أو بصلاً نيئاً، ولا أشربُ دخاناً، وأُنظف فمي بالسواك أو المعجون. 3 - أصلي ركعتين عند الدخول إِلى المسجد، ولو كان الخطيب على المنبر امتثالاً لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما، (أي يُخففهما) (ينويها المصلي تحية المسجد). [متفق عليه] 4 - أجلس لسماع الخطبة من الإِمام ولا أتكلم. 5 - أصلِّي مع الإِمام ركعتين فرض الجمعة مقتدياً (النية بالقلب). 6 - أُصلي أربع ركعات سنة الجمعة البعدية، أو ركعتين في البيت، وهو الأفضل. 7 - الإِكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم زيادة عن بقية الأيام. 8 - تحرِّي الدعاء يوم الجمعة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه" [متفق عليه] 9 - يستحب للمسلم أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ سورة (الكهف) في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين" [رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 6346] 10 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ سورة (الكهف) يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه وبين البيت العتيق (الكعبة) ". [صحيح رواه البيهقي انظر صحيح الجامع الصغير رقم 6471].

وجوب صلاة المريض

وجوب صلاة المريض احذر يا أخي المسلم ترك الصلاة ولو في حالة المرض، لأنها واجبة عليك، وقد أوجبها الله على المجاهدين وقت الحرب. وأعلم أن الصلاة فيها راحة نفسية للمريض تساعد على شفائه ... قال الله - تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45] وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها" [رواه أبو داود وحسن إسناده الألباني] وخير للمريض إِذا دنا أجله أن يموت مُصَلِّياً، ولا يموت عاصياً بتركه الصلاة، وقد خفف الله عن المريض فسمح له بالتيمم إِذا عجز عن استعمال الماء للوضوء والجنابة لئلا يترك الصلاة. قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] (لامستم: جامعتم) ذكره ابن عباس. كيف يتطهر المريض؟ 1 - يجب على المريض أن يتطهر بالماء فيتوضأ من الحدث الأصغر ويغتسل من الحدث الأكبر. 2 - فإِن كان لا يستطيع الطهارة بالماء لعجزه أو خوف زيادة المرض أو تأخر برئه فإِنه يتيمم. 3 - كيفية التيمم: أن يضرب الأرض الطاهرة بيديه ضربة واحدة يمسح بهما جميع وجهه ثم يمسح كفيه بعضهما ببعض. 4 - فإن لم يستطع أن يتطهر بنفسه فإِنه يوضئه أو يُيَمِّمُه شخص آخر.

5 - إِذا كان في بعض أعضاء الطهارة جرح فإِنه يغسله بالماء، فإِن كان الغسل بالماء يؤثر عليه مسحه مسحاً فيَبُلَّ يده بالماء ويمرها عليه. فإِن كان المسح يؤثر عليه أيضاً فإِنه يتيمم عنه. 6 - إِذا كان في بعض أعضائه كسر مشدود عليه خرقة (¬1) أو جبس فإِنه يمسح عليه بالماء بدلًا من غسله ولا يحتاج للتيمم لأن المسح بدل عن الغسل. 7 - يجوز أن يتيمم على الجدار أو على شيء آخر طاهر له غبار فإِن كان الجدار ممسوحاً بشيء من غير جنس الأرض كالدهان فلا يتيمم عليه إِلا أن يكون له غبار. 8 - إِذا لم يكن التيمم على الأرض أو الجدار أو شيء آخر له غبار فلا بأس أن يوضع تراب في إِناء أو منديل ويتيمم منه. 9 - إِذا تيمم لصلاة وبقي على طهارته إِلى وقت الصلاة الأخرى فإِنه يصليها بالتيمم الأول ولا يعيد التيمم للصلاة الثانية لأنه لم يزل على طهارته ولم يوجد ما يبطلها. 10 - يجب على المريض أن يُطهر بدنه من النجاسات، فإن كان لا يستطيع صلّى على حاله وصلاته صحيحة ولا إِعادة عليه. 11 - يجب على المريض أن يصلي بثياب طاهرة، فإِن تنجست ثيابه وجب غسلها أو إِبدالها بثياب طاهرة فإِن لم يمكن صلى على حاله وصلاته صحيحة ولا إِعادة عليه. 12 - يجب على المريض أن يصلِّي على شيء طاهر، فإِن تنجس مكانه وجب غسله أو إِبداله بشيء طاهر، أو يفرش عليه شيئًا طاهراً فإِن لم يمكن صلى على حاله وصلاته صحيحة ولا إِعادة عليه. 13 - لا يجوز للمريض أن يؤخر الصلاة عن وقتها من أجل العجز عن الطهارة بل يتطهر بقدر ما يمكنه ويصلي الصلاة في وقتها ولو كان على بدنه أو ثوبه أو مكانه نجاسة يعجز عنها. [انظر مقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين]. ¬

_ (¬1) قال البيهقي: وصح عن ابن عمر المسح على العصابة موقوفًا عليه، وهو قول جماعة من التابعين. اهـ. وقال في المغني: ولأنه قول ابن عمر، ولم يعرف له في الصحابة مخالف [جـ 1/ 278].

كيف يصلي المريض؟

كيف يُصلي المريض؟ 1 - يجب على المريض أن يُصلي الفريضة قائمًا ولو منحنياً أو معتمداً على جدار أو عصاً يحتاج إِلى الاعتماد عليه. 2 - فإن كان لا يستطيع القيام صلى جالساً والأفضل أن يكون متربعاً في موضع القيام والركوع. 3 - فإِذا كان لا يستطيع الصلاة جالساً صلَّى على جنبه متوجهاً إِلى القبلة والجنب الأيمن أفضل، فإِذا لم يتمكن من التوجه إِلى القبلة صلَّى حيث كان اتجاهه، وصلاته صحيحة، ولا إِعادة عليه. 4 - فإِذا كان لا يستطيع الصلاة على جنبه صلَّى مستلقياً، رجلاه إِلى القبلة والأفضل أن يرفع رأسه قليلاً ليتجه إِلى القبلة فإِن لم يستطع أن تكون رجلاه إِلى القبلة صلَّى حيث كان ولا إِعادة عليه. 5 - يجب على المريض أن يركع ويسجد في صلاته فإِن لم يستطع أومأ بهما برأسه ويجعل السجود أخفض من الركوع فإِن استطاع الركوع دون السجود ركع حال الركوع وأومأ بالسجود. وإن استطاع السجود دون الركوع سجد حال السجود وأومأ بالركوع، ولا يحتاج إلى وسادة يسجد عليها. 6 - فإِن كان لا يستطيع الإِيماء برأسه في الركوع والسجود أشار بعينيه فيغمض قليلاً للركوعَ ويغمض تغميضاً أكثر للسجود. وأما الإِشارة بالإِصبع كما يفعله بعض المرضى فليس بصحيح ولا أعلم له أصلًا من الكتاب والسنة ولا من أقوال أهل العلم. 7 - فإِن كان لا يستطيع الإِيماء بالرأس ولا الإِشارة بالعين صلَّى بقلبه فيكبر ويقرأ وينوي الركوع والسجود والقيام والقعود بقلبه ولكل امرىءٍ ما نوى. 8 - يجب على المريض أن يصلِّي كل صلاة في وقتها ويفعل كل ما يقدر عليه مما يجب فيها، فإِن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر وبين

من أدعية أول الصلاة

المغرب والعشاء إِما جمع تقديم بحيث يقدم العصر إِلى الظهر والعشاء إِلى المغرب وإما جمع تأخير بحيث يؤخر الظهر إِلى العصر والمغرب إِلى العشاء حسبما يكون أيسر له. أما صلاة الفجر فلا تجمع لما قبلها ولا بعدها. 9 - إِذا كان المريض مسافراً يعالج في غير بلده فإِنه يقصر الصلاة الرباعية فيصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين حتى يرجع إِلى بلده سواء طالت مدة السفر أم قصرت. [نقلاً من مقالة للشيخ محمد صالح العثيمين] من أدعية أول الصلاة 1 - اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدَّنس. اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد. (وكان يقوله في الفرض) [متفق عليه] 2 - اللهم أنت الملك، لا إله إلا أنت أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر إلذنوب إلا أنت. اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سَيِّئها فإنه لا يصرف سَيِّئها إلا أنت. [رواه مسلم] (وكان يقوله في الفرض والنفل أول الصلاة بعد تكبيرة الإِحرام) أدعية آخر الصلاة 1 - اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات، ومن شَّر فتنة المسيح الدجَّال. [رواه مسلم] (وكان يدعو به في آخر تشهده) 2 - اللهم إني أعوذ بك من شرِّ ما عَملِت، ومن شَرِّ ما لم أعمل. [رواه النسائي بسند صحيح]

كيف تصلي على الميت؟

كيف تُصلِّي على الميت؟ ينويها المصلي في قلبه، ويكبر أربع تكبيرات. 1 - بعد التكبيرة الأولى يتعوذ، ويُسمي ويقرأ الفاتحة. 2 - بعد التكبيرة الثانية يقرأ الصلوات الإبراهيمية: (اللهم صلِّ على محمد وعلي آل محمد كما صليت على إبراهيم ....) إِلى آخرها. 3 - بعد التكبيرة الثالثة يدعو بالدعاء الوارد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو: اللهم اغفر لِحيِّنا ومَيتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأُنثانا، اللهم منَ أحْيَيْته منَّا فأحيهِ على الإسلام، ومن تَوَفيتَه منَّا فَتوفَّه على الإيمان. [رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح] اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنَّا بعده. 4 - بعد التكبيرة الرابعة يدعو بما شاء، ويُسلم يمينًا. عظة الموت قال الله - تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}. [آل عمران: 185] وقال الشاعر: تزوَّد للذي لابُدَّ مِنهُ ... فإِنَّ الموتَ ميقاتُ العبادِ وتُب مما جَنيت وأنتَ حَيُّ ... وكُن متنبهًا قبل الرُّقَادِ ستَندَم إِن رحلتَ بغير زاد ... وتَشقَى إِذ يناديكَ المنادي أترضى أن تكون رفيقَ قوم ... لهم زادٌ، وأنت بغير زادِ؟

صلاة العيدين في المصلى

صلاة العيدين في المصلَّى 1 - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلَّى، فأول شيء يبدأ به الصلاة [رواه البخاري] 2 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التكبير في الفطر: سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما". [حسن رواه أبو داود] 3 - أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نُخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق، والحُيَّض، وذوات الخدور، فأما الحُيَّض فيَعتزِلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها. [متفق عليه] يستفاد من الأحاديث 1 - صلاة العيدين مشروعة وهي ركعتان: يُكَبر فيها المصلِّي سبع تكبيرات أول الركعة الأولى، وخمس تكبيرات في أول الركعة الثانية، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر من القرآن. 2 - صلاة العيد تكون في المصلَّى، وهو مكان قريب من المدينة، كان يخرج إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لصلاة العيدين، ويخرج معه الصبيان والنساء الشابات، حتى النساء المعذورات بالحيض. قال الحافظ في الفتح: وفيه الخروج إِلى المصلَّى، ولا يكون في المسجد إِلا عن ضرورة. تأكيد الأضحية في العيد 1 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن أوَّلَ ما نبدأ به في يومنا هذا: أن نُصلِّي، ثم نرجع

صلاة الاستسقاء

فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن نحر قبل الصلاة، فإنما هو لحم قدمه لأهله، وليس من النُسك في شيء". [متفق عليه] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس: إن على كل بيت أُضحية". [رواه أحمد والأربعة، وقواه الحافظ في الفتح] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من وجد سَعَة لأن يُضَحِّ، فلم يُضحِّ، فلا يَقربن مُصلانا". [رواه أحمد وغيره وحسنه محقق جامع الأصول] صلاة الاستسقاء 1 - خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلَّى يستسقي، فدعا واستسقى، كم استقبل القبْلة، فصلى ركعتين، وقلب رداءه وجعل اليمين على الشمال. (يجوز تقديم الصلاة على الدعاء لوجود حديث آخر) [رواه البخاري] 2 - وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك - صلى الله عليه وسلم - فاسقنا فيُسقون. [رواه البخاري] هذا الحديث دليل على أن المسلمين كانوا يتوسلون بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في حال حياته يطلبون الدعاء منه لنزول المطر، فلما انتقل إلى الرفيق الأعلى، لم يطلبوا منه الدعاء، بل طلبوا من العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حي، فقام العباس يدعو الله لهم. صلاة الخسوف والكسوف 1 - عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خسفَت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث منادياً (الصلاة جامعة) فقام فصلَّى أربع ركوعات في ركعتين وأربع سجدات" [رواه البخاري]

صلاة الاستخارة

2 - وعن عائشة قالت: كُسِفَتِ الشمس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصلى بالناس، فأطال القراءة، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه، فأطال القراءة -وهي دون قراءته الأولى- ثم ركع فأطال الركوع دون ركوعه الأول، ثم رفع رأسه، فسجد سجدتين، ثم قام فصنع في الركعة الثانية مثل ذلك، فسلَّم وقد تجلَّت الشمس، فخطب الناس فقال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله يُريهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة .. وادعوا الله وصلُّوا وتصدقوا .. " "يا أمة محمد ما مِن أحدٍ أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلموا ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، ألا هل بلَّغت؟ " [هذه رواية البخاري ومسلم باختصار] صلاة الاستخارة عن جابر -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعلِّمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إِذا همَّ أحدُكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدِرُ ولا أقَدرُ. وتعلمُ ولا أعلم، وأنتَ علَّام الغيوب. اللهم إن كنتَ تعلم أن هذا الأمر (¬1) خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، (أو قال في عاجل أمري وأجله) فاقدُره لي، ويَسِّرهُ لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلَمُ أن هذا الأمر (¬2) شرُّ لي في ديني ومعاشي وَعاقبةِ أمري، (أو قال في عاجل أمري وأجله) فاصرفهُ عني واصرفني عنه، واقدُر لي الخيرَ حيث كان، ثم رضِّني به" (¬3) (قال ويَسمي حاجته). [رواه البخاري] ¬

_ (¬1) و (¬2) ويسمى حاجته من زواج أو شركة أو غيرهما مما يريد. (¬3) يقرأ دعاء الاستخارة بعد الصلاة.

احذر المرور أمام المصلي

وهذه الصلاة والدعاء يفعلهما الإِنسان لنفسه كما يشرب الدواء بنفسه مُوقناً أن ربه الذي استخاره سَيوُجِّههُ للخير، وعلامة الخير تيسُّرُ أسبابه، واحذر الاستخارة المبتَدَعَة التي تعتمد على المنامات وحساب اسم الزوجين وغيرهما مما لا أصل له في الدين. احذر المرور أمام المصلِّي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعدم المارُّ بين يدَي المصلِّي ماذا عليه دون أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه". قال أبو النضر: لا أدري قال أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة. [رواه البخاري في باب إثم المار بين يدي المصلي الجزء الأول] وجاء في رواية المتن خزيمة: "أربعين خريفاً" وصححها ابن حجر. هذا الحديث يدل على أن المرور بين يدى المصلِّي في محل سجوده، فيه إثم ووعيد، ولو عرف هذا المارّ ما عليه من الإثم لوقف أربعين سنة، ولو مر بعيداً من مكان سجوده لا شيء عليه حسب مفهوم الحديث الذي ينص على مكان وضع يدي المصلي عند سجوده. وعلي المصلِّي أن يضع سترة أمامه، حتى ينتبه المار فيحذر المرور أمامه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فإذا أراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفع في نحوه، فإن أبي فليقاتله، فإنما هو شيطان". [متفق عليه] وهذا الحديث الصحيح الذي رواه البخاري، والذى يحذر المرور بين يدى المصلي يشمل المسجد الحرام ومسجد الرسول لعمومه، ولأن الرسول حين قال هذا الحديث قاله في مكة أو المدينة، والدليل على ذلك ما يلي: 1 - ذكر البخاري في جـ 1/ 582 - من فتح الباري:

(باب يرد المصلي من مَرَّ بين يديه): "وَردَّ ابن عمر المارّ بين يديه في التشهد وفي الكعبة وقال: إِن أبي إلا أن تقاتله فقاتِلَه". قال الحافظ في الفتح: وتخصيص الكعبة بالذكر لئلا يُتخيل أنه يُغتفر فيها المرور لكونها محمل المزاحمة وقد وصل الأثر المذكور (وهو رد ابن عمر للمار) بذكر الكعبة فيه أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة له. 2 - وأما الحديث الذي رواه أبو داود في سننه فغير صحيح لوجود مجهول فيه، وهذا نصه: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان بن عيينة، حدثني كثير بن كثير بن المطلب ابن أبي رداعة عن بعض أهله عن جده أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي مما يلي باب بني سهم والناس يمرون بين يديه، وليس بينهما سترة، قال سفيان: ليس بينه وبين الكعبة سترة، قال سفيان: كان ابن جريج أخبرنا عنه قال: أخبرنا كثير عن أبيه، قال فسألته، فقال: ليس من أبي سمعته، ولكن من بعض أهلي عن جدي. قال الحافظ في الفتح: معلول [1/ 576]. 3 - وجاء في البخاري (باب السترة بمكة وغيرها): عن أبي جحيفة قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة فصلى بالبطحاء (بمكة) الظهر والعصر ركعتين ونصب بين يديه عَنَزة. (عصا على رأسها حديدة). والخلاصة: أن المرور في مكان سجود المصلي حرام، فيه إِثم ووعيد إِذا وضع أمامه سترة، سواء كان في الحرم، أو في غيره، لما تقدم من الأحاديث الصحيحة، وقد يجوز للمضطر عند الزحام الشديد. 4 - ويستحب أن تؤخر السنة إِذا كان الزحام شديدًا، دفعًا للحرج والإِثم.

قراءة الرسول وصلاته - صلى الله عليه وسلم -

قراءة الرسول وصلاته - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل] 2 - كان - صلى الله عليه وسلم - لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاثة (أيام). [صحيح رواه ابن سعد] 3 - كان - صلى الله عليه وسلم - يُقطِّع قراءته آية آية: (الحمد لله رب العالمين)، ثم يقف (الرحمن الرحيم)، ثم يقف. [صحيح رواه الترمذي] 4 - كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "زَيِّنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن، يزيد القرآن حُسنًا". [صحيح رواه أبو داود] 5 - "كان يمدُّ صوته بالقرآن مَدًا". [صحيح رواه أحمد] 6 - "كان يقوم إذا سمع الصارخ" (الديك) [متفق عليه] 7 - "كان يُصلِّي في نعليه" (أحياناً) [متفق عليه] 8 - "كان يعقد التسبيح (بيمينه) [صحيح رواه الترمذي وأبو داود] 9 - "كان إذا حَزَبَه أمر صلى" [حسن رواه أحمد وأبو داود] (حزبه: كربه) 10 - "كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، ورفع أصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها". [رواه مسلم في سنة الجلوس في الصلاة 5/ 80] 11 - "كان - صلى الله عليه وسلم - يُحرِّك أصبعه اليمنى يدعو بها". [صحيح رواه النسائي] (السبابة عند الجلوس في الصلاة) ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "لهي أشدُّ على الشيطان من الحديد". [حسن رواه أحمد] 12 - "كان يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره". (في الصلاة) [رواه ابن خزيمة وغيره وحسنه الترمذي] (ذكره النووي في شرح مسلم، وضعف حديث وضع اليد تحت السرة) 13 - إِن الأئمة الأربعة أجمعت على قول: "إِذا صح الحديث فهو مذهبي" فيكون

عبادة الرسول - صلى الله عليه وسلم -

التحريك، ووضع اليد على الصدر في الصلاة من مذهبهم، وهو من سنن الصلاة. 14 - لقد أخذ بسنة تحريك الأصبع (السبابة) في الصلاة الإِمام مالك وغيره. وبعض الشافعية -رحمهم الله- كما في شرح المهذب للنووي 3/ 454 وذكر ذلك محقق جامع الأصول 5/ 404. وقد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحكمة من تحريكها في الحديث المذكور أعلاه، لأن تحريك الأصبع يُشير إلى توحيد الله، وهذا التحريك أشد على الشيطان من ضرب الحديد لأنه يكره التوحيد. فعلى المسلم أن يتبع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا ينكر سنته فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "صَلُّوا كما رأيتموني أصلِّى". [رواه البخاريُّ] عبادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله - تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل:1، 2] 2 - قالت عائشة: "ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان، ولا في غيره، على إحدى عشرة ركعة، يصلِّي أربعًا، فلا تسأل عن حُسنهن وطولهن، ثم يُصلِّي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يُصلي ثلاثاً، فقلت: أتنام قبل أن توتر؟ فقال يا عائشة: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي". [متفق عليه] 3 - عن الأسود بن يزيد قال: سألت عائشة -رضي الله عنها- عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل فقالت: "كان ينام أول الليل، ثم يقوم، فإذا كان من السَّحَر أوتر، ثم أتى فراشه، فإذا كان جُنُباً أفاض عليه من الماء (اغتسل)، وإلا توضأ، وخرج إلى الصلاة" [رواه البخاري ومسلم وغيرهما] 4 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوم حتى تنتفخ قدماه، فيقال له: يا رسول الله تفعل هذا وقد غَفَر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال:

الزكاة وأهميتها في الإسلام

أفلا أكون عبداً شكوراً] [متفق عليه] 5 - قال رسول الله: "حُبِّب إليَّ من دُنياكم النساء والطيب، وجُعلت قرة عيني في الصلاة". [صحيح رواه أحمد] الزكاة وأهميتها في الإسلام هي حق واجب في مال بشروط لطائفة مُعينة، وفي وقت معلوم. والزكاة هي أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، وهي قرينة الصلاة في مواضع كثيرة من كتاب الله - عز وجل. وقد أجمع المسلمون على فرضيتها إِجماعاً قطعياً، فمن أنكر وجوبها مع علمه بها فهو كافر خارج عن مِلة الإسلام. ومَن بخل بها أو انتقص منها شيئًا فهو من الظالمين المتعرضين للعقوبة والنكال. ومن أدلة ذلك قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}. [البقرة: 110] وقال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. [البينة: 5] وفي الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بُني الإسلام على خمس فذكر منها إيتاء الزكاة" وفي البخاوي في قصة بَعث معاذ إِلى اليمن وفيه قال: "فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ مِن أغنيائهم فتُرَّدُّ على فقرائهم". وفي كفر تارك أدائها قال الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] حيث يُفهم من الآية أن الذي لا يقيم الصلاة ولا يؤتي الزكاة ليس من إِخواننا في الدين، بل هو من الكافرين، ولذلك قاتل أبو بكر الصِّديق -رضي الله عنه- مَن فرَّق

حكمة تشريع الزكاة

بين الصِلاة والزكاة ومنعها فأقام الصلاة ومنع الزكاة ووافقه الصحابة على ذلك فكان إِجماعاً حكمة تشريع الزكاة لتشريع الزكاة حِكم كثيرة ومقاصد عظيمة ومصالح تظهر من خلال التأمل انصوص الكتاب والسنة التي تأمر بأداء فريضة الزكاة: مثل آية مصارف الزكاة في سورة التوبة، وغيرها من الآيات والأحاديث التي تحث على الصدقة والإِنفاق في وجوه الخير بشكل عام. ومن هذه الحكم: 1 - تزكية نفس المؤمن من أوضار الذنوب والآثام وآثارهما السيئة على القلوب، وتطهير روحه من رذيلة البخل والشُّح وما يترتب عليهما من آثار سيئة. قال الله - تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}. [التوبة: 103] 2 - كفاية الفقير المسلم وسَدُّ حاجته ومواساته وإكرامه عن ذل السؤال لغير الله. 3 - التخفيف مِن هَمِّ المدِين المسلم بسَداد دَينه وقضاء ما وجب عليه من ديون الغرماء. 4 - جمع القلوب المشتَّتة على الإِيمان والإِسلام والانتقال بها من الشكوك والاضطرابات النفسية لعدم رسوخ الإيمان فيها، إِلى الإِيمان الراسخ واليقين التام. 5 - تجهيز المقاتلين في سبيل الله، وإعداد العُدد والعَتاد الحربي لنشر الإِسلام، ودَحر الكفر والفساد، ورفع راية العدل بين الناس حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. 6 - مساعدة المسلم المسافر إِذا انقطع في طريقه ولم يجد ما يكفيه مُؤنة سفره، فيُعطى مِن الزكاة ما يَسُد حاجته حتى يعود إِلى داره. 7 - تطهير المال وتنميته والمحافظة عليه ووقايته من الآفات ببركة طاعة الله وتعظيم أمره والإِحسان إِلى خَلقه.

الأموال التي تجب فيها الزكاة

هذه جملة من الحكم السامية والأهداف النبيلة التي شُرعت لها صدقة الزكاة، وغيرها كثير إِذ لا يحيط بأسرار الشرع وحِكَمه إِلا الله - عز وجل. الأموال التي تجب فيها الزكاة تجب الزكاة في أربعة أشياء: الأول: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}. [البقرة: 267] وقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}. [الأنعام: 141] وأعظم حقوق المال الزكاة. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فيما سقت السماء أو كان عُثريا العُشر وفيما سُقي بالنضح نصف العُشر". [رواه البخاري] (العُثري: هو من النخل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفرة). [ذكره ابن الأثير] الثاني: الأثمان كالذهب والفضة والأوراق النقدية لقول الله - تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}. [التوبة: 34] وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يُؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحت له صفائح من نار فأحميَ عليها في نار جهنم فَيُكوى بها جَنبه وجَبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين العباد". والمراد بحقها الزكاة لأنه ورد في رواية أخرى: "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته". [رواه مسلم] الثالث: عروض التجارة: وهي كل ما أُعِدَّ للتكسب والتجارة من عقار وحيوان

مقادير الأنصبة

وطعام وشراب وسيارات وغيرها من أصناف المال، فيقوِّمها صاحبها بما تساوي عند رأس الحول، ويُخرج رُبع عشر قيمتها سواء كانت قيمتها بقدر ثمنها الذي اشتراها به أقل أم أكثر، ويجب على أصحاب المحلات التجارية أهل البقالات والسيارات وقطع الغيار أن يُحصوا ما في محلاتهم من البضائع إِحصاء دقيقاً شاملاً للصغير والكبير، ويُخرجوا زكاتها فإِن شق عليهم ذلك احتاطوا وأخرجوا ما يكون به براءة ذممهم. الرابع: بهيمة الأنعام: وهي الإِبل والغنم من ضأن أو ماعز بشرط أن تكون سائمة وأُعِدَّت للدَّرِّ والنسل، وبلغت نصاباً، والسائمة هي التي ترعى العشب كل السنة أو أكثرها فإِن لم تكن سائمة فلا زكاة فيها إِلا أن تكون للتجارة، وإن أُعِدَّت للتكسب بالبيع والشراء فيها فهي عروض تجارة تُزكَّى زكاة العروض سواء كانت سائمة أو معلوفة إِذا بلغت نصاب التجارة بنفسها أو بضمها إلى تجارته. مقادير الأنصبة 1 - الحبوب والثمار: النصاب: خمسة أوسق وتساوى 612 كيلو جراماً بالبُرِّ الجيد مقدار الواجب فيه: العشر فيما سقت السماء أو العيون، ونصف العشر فيما سقي بكلفة. 2 - النقدي أو الأثمان: (أ) الذهب: عشرون دينارًا وتساوى 85 جراماً وفيه ربع العشر (2.5 لكل مائة) (ب) الفضة: خمس أوراق وتساوي 595 جراماً، وفيها ربع العشر (2.5 لكل مائة). (ج) الأوراق النقدية: ما يعادل قيمة أحد النصابين الذهب أو الفضة، وفيها ربع العشر (5، 2 لكل مائة)

شروط وجوب الزكاة

3 - عروض التجارة: تقدر قيمتها بنصاب الذهب أو الفضة ويخرج ربع عشرها (2.5 لكل مائة) 4 - بهيمة الأنعام: (أ) الإبل: أقلُّ النصاب فيها خمس، وفيها شاة. (ب) البقر: أقل النصاب ثلاثون، وفيها تبيع. (ج) الغنم: أقل النصاب أربعون، وفيها شاة. ومحل تفصيل ذلك كتب الحديث والفقه فلتراجع إِن أردت التوسع. (التْبيع: ما له سنة). وتجب الزكاة فيها إذا كانت ترعى من البرية أكثر السنة شروط وجوب الزكاة 1 - الإِسلام: فلا تجب على كافر أو مُرتَد. 2 - الملك التام للمال المزكَّى بحيث يكون في يده وتحت تصرفه أو قادر على تحصيله. 3 - بلوغ النصاب: أى أن يبلغ المال النصاب الذي حدده الشارع وهو يختلف باختلاف الأموال كما سبق وهو تقريبيٌّ في الأثمان ومحدد في غيرها. 4 - مضيُّ الحول: وهو مُضي السنة من يوم ملك النصاب، إِلا في الخارج من الأرض، فزكاته عند استوائه، وإلا نِتاج السائمة وربح التجارة فحولهما حول أصلهما من حين كمل نصاباً. 5 - الحرية: فلا تجب الزكاة على عبد لأنه لا يملك بل هو ما تحت يده إِلى بدء العمل يذلك ملك لسيده. 6 - لا تجب الزكاة في بهيمة الأنعام إِذا كان يعلفها صاحبها من ماله.

مصارف الزكاة

مصارف الزكاة الأصل في مصارف الزكاة قول الله - تبارك وتعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}. [التوبة: 60] (والمراد بالصدقات في الآية الزكاة المفروضة). وقد بين الله - سبحانه- ثمانية أصناف كل منهم يستحق الزكاة وهم: 1 - الفقير: هو المحتاج الذي لا يملك حاجته أو أقل وهو أشد حاجة من المسكين. 2 - المسكين: وهو المحتاج لكنه أحسن حالا من الفقير، كمن حاجته عشرة وعنده سبعة أو ثمانية، وكون الفقير أشد حاجة من المسكين دل عليه قوله - تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}. [الكهف: 79] فوصفهم بأنهم مساكين رغم امتلاكهم للسفينة. وُيَعطى الفقير والمسكين من الزكاة كفاية سنة، لأن وجوب الزكاة يتكرر كل سنة فينبغي أن يأخذ ما يكفيه لمثلها. والكفاية المعتبرة: هي أن يكون المطعم والملبس والمسكن وسائر ما لابُدَّ منه على مايليق بحاله بغير إِسراف ولا إِقتار لنفس الشخص، ولمن تلزمه مُؤنته، وهو يختلف باختلاف الأزمان والأمكنة والأشخاص، فما كان هنا كفاية لرجل لا يكون كفاية له هناك، وكذا ما يكون كفاية منذ عشر سنوات لا يكون كفاية اليوم، وكذلك ما يكون كفاية لهذا قد لا يكون كفاية لذاك لكثرة عيال ونفقة ونحو ذلك. وأفتى أهل العلم بأنه من تمام الكفاية أيضًا علاج المرضى وتزويج الأعزب، وكتب العلم المحتاج إليها.

ويشترط في آخذها من الفقراء والمساكين أن يكون مسلمًا وأن لا يكون من بني هاشم ومواليهم وألا يكون ممن تلزم المزكي نفقته كالوالدين والأولاد والزوجات، وأن لا يكون لقوي مكتسب لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حظَّ فيها لغني ولا لقوي مُكتسِب". [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه محقق جامع الأصول] 3 - العاملون عليها: وهم الذين يوليهم الإِمام أو نائبه عملًا من أعمال الزكاة من جمع أو حفظ أو تفريق كالسعاة الذين يجمعونها والخزنة والكتاب والحاسبين والحراس والقائمين على نقلها وتوزيعها ونحو ذلك. ويُعطى العامل على الزكاة قدر عمالته وأجر مثله، حتى لو كان غنيًا ما دام مسلمًا بالغاً أميناً كافياً لعمله، ولا تُصرف الزكاة له إِن كان من بني هاشم لما رواه مسلم من حديث المطلب بن ربيعة مرفوعًا: "إن الصدقه لا تنبغي لآل محمد". 4 - المؤلَّفة قلوبهم: وهم السادة المطاعون في عشائرهم ممن يرجى إسلامه، أو قوة إِيمانه أو إِسلام نظيره، أو الدفع عن المسلمين أو كفّ شره. وسهمهم باقٍ لم ينسخ وأنهم يُعطَون من الزكاة ما يحصل به تأليفهم على الإِسلام ونصرته والدفاع عنه، ويعطى هذا السهم للكافر، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى صفوان بن أميَّة من غنائم حنين .. [رواه مسلم] ويُعطى كذلك للمسلم، فقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان بن حرب، وأعطى كذلك الأقرع بن حابس، وعُيينة بن حصن لكل واحد منهم مائة من الإِبل. [رواه مسلم] 5 - وفي الرقاب: يشمل عتق العبيد ومساعدة المكاتَبين، وفك الأسرى من أسر العدو يدخل فيها لأنه أشبه ما يدفعه إِلى الغارم لفك رقبته من الدَّين بل وأولى لأنه يخاف عليه القتل أو الردة.

6 - والغارمون: وهم الله من تحمَّلوا الدُّيون وتَعيَّن أداؤها، والديون قسمان: 1 - إِما أن يكون الرجل غرم لمصلحة نفسه في مباح، كأن يستدين في نفقة، أو كسوة أو زواج أو علاج، أو بناء مسكن أو شراء أثاث لا بُدَّ منه، أو أتلف شيئًا على غيره خطأ أو سَهواً، فيُعطى ما يَقضي به دينه إِن كان في حاجة لفقره، وقد استدان في طاعة أو أمر مباح. ويشترط أن يكون مسلمًا، وأن لا يكون غنيًا قادرًا على السداد، وأن لا يكون دَينه في معصية، وأن لا يكون دَينه مُؤجلاً لا يحل تلك السنة، وأن يكون الدَّين لآدمي يُحبَس فيه، فلا يكون من الكفارات والزكاوات. 2 - الغارم لمصلحة غيره: لإِصلاح ذات البين، ويأخذ من الزكاة لحديث قبيصة الهلالي قال: تحمَّلت حمالة فأتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأله فيها فقال: "أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمَّل حمالةً فحلَّت له المسألة حتى يُصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فَحلت له المسألة حتى يصيب قِواماً من عيش أو قال: سِداداً من عيش. ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة مِن ذوي الحجا (أي العقل) من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة، فحلَّت له المسألة حتى يُصيب قواماً من عيش، أو قال سِداداً من عيش، فما سواهن من المسألة، يا قبيصة سُحتا يأكلها صاحبها سُحتاً". [رواه أحمد ومسلم] ويجوز قضاء دين الميت من الزكاة لأن الغارم لا يُشترط تمليكه، وعلي هذا يجوز الوفاء عنه، لأن الله جعل الزكاة فيهم، ولم يجعلها لهم. 7 - وفي سبيل الله: أي المتطوعون الذين لا يتقاضون راتباً من الحكومة، ويدخل في هذا الفقير والغني، والرباط على الثغور كالغزو، ولا يدخل فيها المصالح الخيرية، وإلا لما كان لذكر باقي الأصناف في الآية فائدة، إِذ الكل داخل في المصالح الخيرية.

من لا يصرف لهم الزكاة

ويدخل في سبيل الله مفهوم الجهاد الواسع: بمعنى أنه يدخل فيه التعبئة الشاملة الفكرية، وصَدُّ هجمات المغرِضين، ودرء شبهات المنحرفين، والمذاهب الهدامة، ونحو نشر الكتاب الإِسلامي المفيد، وتفريغ أمَناء مخلصين في العمل في مقاومة التبشير والإلحاد ونحو ذلك لحديث: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم". [رواه أبو داود بإسناد صحيح] 8 - وابن السبيل: وهو المسافر الذي يجتاز من بلد إِلى بلد فيُعطى ما يرجع به إِلى بلده بشرط أن يكون محتاجاً إلى ما يوصله إِلى بلده وأن يكون سفره في غير معصية بأن يكون واجبًا أو مستحباً ولو مباحًا. ويشترط أن لا يجد من يُقرضه في ذلك. ويعطى ابن السبيل وإن طال مقامه إِذا كان مقيماً لحاجة يتوقع انجازها. ولا يجب استيعاب الأصناف الثمانية في الصرف إِليها .. ولكنه مستحب بحسب الحاجة والمصلحة" وبحسب ما يراه الإمام أو نائبه أو المزكي. من لا يُصرف لهم الزكاة 1 - الأغنياء والأقوياء المكتسبون. 2 - أصول المزكي وفروعه وزوجته. 3 - غير المسلمين. 4 - آل النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجوز دفع الزكاة إِلى سائر الأقارب سوى الأصول والفروع، ويجوز دفعها لبني هاشم إذا مُنعوا الخمس وكان معروفاً لأنه محل حاجة وضرورة.

من فوائد أداء الزكاة

من فوائد أداء الزكاة 1 - امتثال أمر الله ورسوله وتقديم ما يحبه الله ورسوله على ما تحبه النفس من المال. 2 - مضاعفة ثواب العمل: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}. [البقرة: 261] 3 - الصدقة برهان على الإِيمان وعلامة دالة عليه كما في الحديث: "والصدقة بُرهان". [رواه مسلم] 4 - الطهارة من دنس الذنوب والأخلاق الرذيلة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}. [التوبة: 103] 5 - نماء المال وبركته وحفظه والسلامة من شره لما في الحديث: "ما ينقص مال من صدقة". [رواه مسلم] وقول الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}. [سبأ: 39] 6 - المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إِلا ظله: " .... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تُنفق يمينه". [متفق عليه] 7 - سبب لرحمة الله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}. [الأعراف: 156] ما جاء في وعيد مانع الزكاة 1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة:34، 35]

تنبيهات هامة

2 - وروى أحمد ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أُحمي عليه في نار جهنم فيُجعل صفائح فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار". 3 - وروى البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مَن آتاه الله مالاً فلم يُؤدِّ زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يُطوقه يوم القيامة، كم يأخذ بلهزمتيه (يعني شدقيه)، ثم يقول أنا مالك؛ أنا كنزك، ثم تلا: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. [آل عمران: 180] 4 - وروى مسلم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطأه بأظلافها كلما نفِدت عليه أُخراها عادت إليه أولاها حتى يُقضى بين الناس". تنبيهات هامة الأول: يصح دفع الزكاة لأحد الأصناف الثمانية ولا يجب توزيعها عليهم حال وجودهم. الثاني: يجوز إِعطاء الغارم ما يُسدِّد كل دينه أو بعضه. الثالث: لا تعطى الزكاة لكافر أصلي أو مُرتَد، ولا تارك الصلاة للقول بكفره وهو الراجح، إِلا إِذا اشترطنا عليه الصلاة فيعطى تشجيعاً له. الرابع: لا يجوز إِعطاء الزكاة لغني لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حظَّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب". [رواه أبو داود وإسناده صحيح] الخامس: لا يصح إِعطاء الزكاة لمن تجب النفقة عليهم كالوالدين والولد والزوجة. السادس: يجوز للمرأة أن تعطي زكاتها لزوجها إِذا كان فقيرًا لقصة إِعطاء امرأة

الصيام وفوائده

عبد الله بن مسعود الصدقة لزوجها عبد الله، وإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك. السابع: لا تنقل الزكاة من بلد إِلى بلد آخر إِلا لضرورة تستدعي ذلك، كشجاعة، أو عدم وجود فقير في بلد المال، أو إمداد المجاهدين، أو ينقلها الإِمام للمصلحة العامة. الثامن: من استفاد مالاً في غير بلده ووجبت عليه الزكاة أخرج الزكاة في بلد المال ولا ينقلها لبلده إِلا لضرورة تستدعي ذلك كما سبق. التاسع: يجوز إِعطاء الفقير من الزكاة ما يكفيه لعدة أشهر أو لسنة كاملة. العاشر: تحب الزكاة في الذهب والفضة سواء كانت نقدًا أو سبائك أو حُليًّا يُلبس أو يُعار أو غير ذلك لعموم الأدلة على وجوب الزكاة فيها بدون تفصيل. ومن أهل العلم من قال: إِن الحُليَّ الذي أُعِدَّ للبس والإِعارة لا زكاة فيه. والأول أرجح أدلة والأخذ به أحوط. الحادي عشر: لا زكاة فيما أعده الإنسان لحاجته من طعام وشراب وفرش ومسكن وحيوانات وسيارة ولباس ودليل ذلك كله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة". [متفق عليه] ويُستثنى من ذلك حلي الذهب والفضة على ما سبق. الثاني عشر: ما أُعِد للأجرة من عقارات وسيارات ونحوها فزكاتها في أُجرتها إِذا كانت نقوداً وحال عليها الحول، وبلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بضمها إلى ما عنده من جنسها. [بحث الزكاة هذا مأخوذ من رسالة (بتصرف بسيط) بقلم عبد الله بن صالح قصير] الصيام وفوائده قال الله - تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. [البقرة: 183] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصيام جُنَّة". (وقاية من النار). [متفق عليه]

واجبك في رمضان

قال - صلى الله عليه وسلم -: 1 - مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه. [متفق عليه] 2 - مَن صام رمضان، وأتبعَه سِتاً من شوال كان كصوم الدهر. [رواه مسلم] 3 - من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غُفِر له ما تقدم من ذنبه (والمراد صلاة التراويح) [متفق عليه] أعلم با أخي المسلم أن الصوم عبادة وله فوائد عديدة منها: 1 - الصوم يُريح جهاز الهضم والمعدة من عناء عملها المتواصل، ويذيب الفضلات، ويقوى الجسم وهو مفيد أيضًا لأمراض كثيرة. ويريح الصيامُ المدخنين من تعاطي الدخان ويساعدهم على تركه. 2 - الصوم تهذيب للنفس. وتعويد لها على الخير والنظام، والطاعة والصبر والإِخلاص. 3 - يشعر الصائم بالمساواة بين إِخوانه الصائمين، فيصوم معهم ويفطر معهم، ويحس بوحدة إِسلامية عامة، ويحس بالجوع فيواسي إِخوانه الجائعين والمحتاجين. واجبك في رمضان أعلم يا أخي المسلم أن الله فرض علينا الصوم لنتعبد الله به، ولكي يكون صومك مقبولاً ومفيداً فاعمل ما يلي: 1 - حافظ على الصلاة، فكثير من الصائمين يهملون الصلاة، وهى عماد الدين، وتركها من الكفر. 2 - كن حسن الأخلاق، واحذر الكفر وسب الدين، وسوء المعاملة مع الناس، محتجاً بصيامك، فالصوم يهذب النفوس، ولا يسيء الأخلاق، والكفر يُخرج المسلم من الدين.

3 - لا تتكلم الكلام البذيء ولو مازحاً فيَضيع صومُك، واسمع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانَ يومُ صوم أحدكُم فلا يَرْفُثْ يومئذٍ ولا يَصخَب: فإن شاتَمهُ أحَدٌ أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم". [متفق عليه] (لا يرفث: لا يفحش قولا) 4 - استفد من الصوم في ترك الدخان المسبب للسرطان والقرحة، وحاول أن تكون قوي الإرادة، وتتركه مساءً كما تركته نهارًا، فتوفر صحتك ومالك. 5 - لا تسرف في الطعام حين الإِفطار فتُضيع فائدة الصوم، وتسيء إِلى صحتك. 6 - لا تشاهد السينما والتلفزيون لئلا تشاهد ما يفسد الأخلاق ويتنافى مع الصوم. 7 - لا تسهر كثيرًا فتُضيع السحور وصلاة الفجر، وعليك بالعمل في الصباح الباكر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم بارك لأُمتي في بُكورها" [صحيح رواه أحمد والترمذي] 8 - أكثر من الصدقات على الأقارب والمحتاجين، وزُر الأرحام، وصالح الخصوم. 9 - أكثرْ من ذكر الله، وتلاوة القرآن وسماعه، وتَدبَّر معناه، واعمل به واذهب إِلى المساجد لتسمع الدروس النافعة. والاعتكاف في المسجد في آخر رمضان سُنّة. 10 - اقرأ رسالة (عن الصيام) وغيرها لتعلم أحكامه، فتعرف أن الأكل والشرب ناسياً لا يُفطِّر، وأن الجنابة ليلاً لا تمنع الصوم وإن كان الواجب رفعها للطهارة والصلاة. 11 - حافظ على صوم رمضان، وعوِّد أولادك متى أطاقوه، واحذر الإفطار فيه دون عذر، فمن أفطر يومًا واحدًا عمدًا فعليه القضاء والتوبة. ومن جامع زوجته أثناء رمضان نهاراً فعليه الكفارة بالترتيب (¬1). 12 - احذر يا أخي المسلم الإِفطار في رمضان، واحذر الجهر به أمام الناس، فالفطر ¬

_ (¬1) الكفارة: هي عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يجد فإطعام ستين مسكيناً.

أحاديث في الصوم

جرأة على الله، واستخفاف بالإسلام، ووقاحة بين الناس، وأعلم أن من لا صوم له لا عيد له، فالعيد فرحة كبرى بإِتمام الصوم وقبول العبادة. أحاديث في الصوم فضائل رمضان: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 1 - "إذا دخل رمضان فُتحت أبوابُ السماء، وأغلِقتْ أبوابُ جهنم، وسُلْسِلتِ الشياطين. وفي رواية: إِذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة. وفي رواية أخرى فُتحت أبوابُ الرحمن". [أخرجه البخاري ومسلم] 2 - وفي رواية الترمذي: "وينادي مناد يا باغي الخير هلُمَّ وأقبلْ، ويا باغي الشرِّ أقصِرْ، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة حتى ينقضي رمضان". [حسنه الألباني، في المشكاة] 3 - "كلُّ عمل ابن آدم يُضاعفُ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله - عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدَع شهوته وطعامه مِن أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك". (والخلوف: تغير رائحة الفم) [متفق عليه] حفظ اللسان: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 1 - "مَن لم يَدَع قول الزور والعمل به، فليسَ لله حاجة في أن يَدَعَ طعامه وشرابه .. ". (يَدَع: يترك) [رواه البخاري] الإفطار والدعاء والسحور: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 1 - "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد تمرًا فالماء فإنه طهور". [أخرجه الترمذي وقال محقق جامع الأصول إِسناده صحيح] 2 - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أفطر قال: "اللهم لك صُمت وعلي رزقك أفطرت، ذهب الظمأ وابتَلّتِ العُروق، وثبتَ الأجر إن شاء الله". [رواه أبو داود وحسنه محقق جامع الأصول والألباني في المشكاة رقم 1994]

صوم النبي - صلى الله عليه وسلم -

3 - وقال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال الناس بخير ما عجِّلوا الفطر". [متفق عليه] 4 - "تسحَّروا فإن في السحور بركة". [متفق عليه] صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثٌ من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، صيام يوم عرفة (¬1) احتسِبُ على الله أن يكَّفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام (يوم) عاشوراء (¬2) احتسِبُ على الله أن يكفّر السنة التي قبله". [رواه مسلم] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لَئِن بقيتُ إلى قابل لأصومَنَّ التاسع" (¬3). [رواه مسلم] 3 - سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الإِثنين ويوم الخميس؟ قال: "يومان تُعرض فيهما الأعمالُ على ربِّ العالمين، فأحِبُّ أن يُعرَض عملي وأنا صائم". [رواه النسائي وحسَّنه المنذري] 4 - "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الفطر والأضحى". [متفق عليه] 5 - "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيامَ شهر قط إلا شهر رمضان" [رواه البخاري ومسلم عن عائشة] 6 - لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرًا أكثر من شعبان". [رواه البخاري] فضائل الحج والعمرة 1 - قال الله - تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}. [آل عمران: 97] ¬

_ (¬1) الواقف بعرفة لا يصومه. (¬2) العاشر من محرم. (¬3) التاسع من محرم.

2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "العُمرةُ إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحجُ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". [متفق عليه] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حجَّ فلم يَرفُثْ ولم يَفسُقْ رجع مِن ذنوبه كيوم ولدته أُمه". (لم يرفث: لم يفحش في القول). [متفق عليه] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسِكَكُم". [رواه مسلم] 5 - أخي المسلم: عجل بفريضة الحج عندما يُصبح لديك مالٌ يكفيك ذهاباً وإياباً، ولا عبرة للمصاريف بعد الحج كالهدايا والحلوى وغيرها، حيث لا يقبل الله بها عذرًا، فبادر إِلى الحج قبل أن تمرض، أو تفتقر، أو تموت عاصياً، لأن الحج ركن من أركان الإسلام له فوائد عظيمة. 6 - يجب أن يكون مال العمرة والحج مالاً حلالًا حتى يقبلهما الله. 7 - يَحرمُ سفر المرأة إِلى الحج وغيره إِلا مع ذي مَحرَم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تسافر المرأة، إلا ومعها ذو مَحرم". [متفق عليه 8 - صالح خصومك، وأوفِ دينَك، وأوص أهلك ألا يُسرفوا في الزينة والسيارات والحلوى والذبيحة وغيرها، لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا}. [الأعراف: 31] 9 - الحج مؤتمر عظيم للمسلمين، ليتعارفوا ويتحابوا، ويتعاونوا على حل مشاكلهم، وليشهدوا منافع لهم في الدين والدنيا. 10 - والمهم جداً أن تتغلَّب على حَلِّ مشاكلك بالاستعانة بالله وحده، ودعائه دون سواه، لقوله - تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا}. [الجن: 20] 11 - تجوز العمرة في أي وقت، لكنها في شهر رمضان أفضلُ، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "عمرة في رمضان تَعدِل حجة". [متفق عليه] 12 - الصلاة في المسجد الحرام خير من مائة ألف صلاة في غيره. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام". [متفق عليه]

أعمال العمرة

ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاةٍ في مسجدي هذا بمائة صلاة". [صحيح رواه أحمد] 1000 × 100 = 100.000 مائة ألف صلاة. 13 - عليك بحج التمتع، وهو العمرة والتحلل منها ثم الحج لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا آل محمد، من حجَّ منكم فلْيُهِلّ بعمرة في حجة". [رواه ابن حبان وصححه الألباني] أعمال العمرة الإحرام، الطواف، السعي، الحلق، التحلل 1 - الإحرام: البس لباس الإِحرام عند الميقات (¬1) وقل: (لبيك اللهم بعمرة)، وارفع صوتك بالتلبية "لبيك اللهم لبيك". 2 - الطواف: إذا وصلت مكة، فاذهب إِلى الحرم، وطف حول الكعبة سبعاً، مبتدئاً بالحجر الأسود قائلًا: "بسم الله والله أكبر" وقَبِّلْهُ إِن استطعت، أو أشر إِليه باليمين، وامسح الركن اليماني بيمينك كل مرة إِن استطعت بلا تقبيل ولا إِشارة، وقل بين الركنين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، ثم صلِّ ركعتين خلف مقام إِبراهيم بعد الانتهاء من الطواف، واقرأ سورة (الكافرون) في الركعة الأولى، (والإِخلاص) في الركعة الثانية. 3 - السعي: اصعد إِلى الصفا، واستقبل القبلة رافعاً يديك إِلى السماء قائلًا: "إن الصفا والمروة من شعائر الله" أبدأ بما بدأ الله به، وكبر ثلاثًا بلا إِشارة وقل: "لا إِله إِلا ¬

_ (¬1) ميقات أهل الشام الجحفة (رابغ)، وأهل نجد (قرن المنازل)، وأهل اليمن (يلملم)، و "هل المدينة (ذو الحليفة)، وتسمى (أبيار علي) وأهل العراق (ذات عرق) ومَن مَرَّ عليها. "لباس الإحرام هو ما لم يكن مخيطاً للرجال".

أعمال الحج

الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إِله إِلا الله وحده، أنجز وعدَه، وصدق عبدَه، وهزم الأحزاب وحده" ثلاثًا، ثم ادعُ الله بما شئت. كرره عند الصفا والمروة في كل شرط من الدعاء. امِشِ بين الصفا والمروة مُسرعاً بين الميلين الأخضرين. السعي سبع مرات، يُحسب الذهاب مرة، والرجوع مرة. 4 - احلق شعرك كله، أو قصره، والمرأة تقص من شعرها قليلاً. 5 - وبهذا تكون قد أنهيت أعمال العمره وتحللت من إِحرامك. أعمال الحج (¬1) الإحرام، المبيت بمنى، الوقوف بعرفة، المبيت بمزدلفة، الرمي، الذبح، الحلق، الطواف، السعي، التحلل. 1 - البس ثياب الإِحرام يوم الثامن من ذى الحجة بمكة وقل: {لَبَّيك اللهم بحجة} واذهب إِلى منى وبِتْ فيها، وصلّ خمس صلوات قصراً، فتصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين في وقتها. 2 - اِذهب إِلى عرفة يوم التاسع بعد الشروق، وصَلِّ الظهر والعصر جَمعَ تقديم بأذان وإقامتين بدون سُنَّة، وتأكد أنك في عرفة داخل حدودها مُفطراً مُلبِّياً داعياً الله وحده، لأن الوقوف في عرفة ركن أساسي، ومسجد نمرة معظمه ليس من عرفة. 3 - انزل من عرفة بعد الغروب بهدوء (لمزدلفة) وصَلِّ المغرب والعشاء جمع تأخير، وَبِت فيها لتصليَ الفجر وتذكر الله عند المشعر الحرام، ويُسمح للضعفاء بعدم المبيت. ¬

_ (¬1) حج التمتع: هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج والتحلّل منه، ثم الإِحرام بالحج في الثامن من ذي الحجة، وهو الأسهل والأفضل، وهو الذي أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بقوله: "فمن كان منكم ليس معه هَديٌ، فليُحِل وليجعلها عُمرة". [رواه مسلم]

من آداب الحج والعمرة

4 - اخرج من مزدلفة قبل الشروق إِلى (منى) يوم العيد وصل صلاة العيد إِن استطعت، وارْمِ الجمرة الكبرى بسبع حصيات صغيرة مُكبراً مع كل واحدة بعد الشروق ولو إِلى الليل. 5 - اذبح ذبيحةً واسلخها بمنى أو مكة؛ أيام العيد، وكُل وأطعِم الفقراء، فإِن لم تملك ثمنها فصُم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إِذا رجعت لأهلك، والمرأة كالرجل تجب عليها الذبيحة أو الصوم، وهذا للمتمتع وجوبًا وللقارن. 6 - احلق شعرك أو قصِّره كله، والحلق أفضل، ثم البس ثيابك، ويحل لك كل شيء إِلا النساء. وهذا يسمى التحلل الأصغر. 7 - ارجع إِلى مكة فطُف سبعاً واسعَ بين الصفا والمروة سبعاً (ذهابًا مرة، ورجوعاً مرة)، وبعد الطواف والسعي تحل لك زوجتك بعد أن كانت حرامًا. ويجوز تأخير الطواف إِلى آخر شهر ذى الحجة. 8 - ارجع إِلى منى أيام العيد، وَبِتْ فيها وجوبًا، وارم الجمرات الثلاث مبتدئاً بالصغرى كل يوم بعد الظهر، ولو إِلى الليل، بسبع حصيات لكل جمرة، مكبراً عند كل حصاة، عالمًا بوقوعها في المرمى، فإِذا لم تقع في المرمى فأعدها، ويُسَن الوقوف بعد رمي الصغرى والوسطى للدعاء مع رفع اليدين. ويجوز التوكيل بالرمي عن النساء والمرضى والصغار والضعفاء، ويجوز تأخير الرمي إِلى اليوم الثاني والثالث عند الضرورة. 9 - طواف الوداع واجب، ويكون السفر بعد الطواف مباشرة. من آداب الحج والعمرة 1 - أخلِص حجَّك لله قائلاً: اللهم هذه حجّة لا رِياء فيها ولا سُمعة. 2 - رافق أهل الصلاح واخدمهم، وتحمل أذى جيرانك.

من آداب المسجد النبوي

3 - احذر شرب الدخان وشراءه، فهو حرام يضر الجسم والجار والمال، وفيه معصية لله - تعالى. 4 - استعمل السواك عند الصلاة، وخذ منه هدايا مع زمزم والتمر، فقد وردت أحاديث صحيحة بفضلها. 5 - احذر لمس النساء، والنظر إِليهن، واحجُب نساءك عن الرجال. 6 - لا تَتخَطَّ رقاب المصلين فتؤذيهم، واجلس في أقرب مكان. 7 - احذر المرور بين يدى المصلي حتى في الحرمين، فهو من عمل الشيطان (انظر الدليل في أول الكتاب تحت هذا العنوان) 8 - تمهَّل في صلاتك. وصَلِّ إِلى سترة (كجدار، أو ظهر رجل أو محفظة)، ويكفي المقتدين سترة إِمامِهم. 9 - تَلطف بمن حولك أثناء الطواف والسعي، والرمي، وتقبيل الحجر الأسود، فهو من الرفق المطلوب. 10 - احذر دعاء غير الله من الأموات فهو من الشركِ الذي يُبطل الحج والعمل قال تعالى: {ئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. [الزمر: 65] من آداب المسجد النبوي 1 - إذا دخلت المسجد فقدم رجلك اليمنى وقل: "بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك". 2 - صَلِّ ركعتين تحية المسجد، وسَلَّم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا عمر، ثم استقبل القبلة عند الدعاء، وتذكر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح]

تمسك المجتهدين بالحديث

3 - زيارة مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والسلام عليه مستحبة، ولا يتوقف عليها صحة الحج، وليس لها وقت محدد. 4 - احذر لمس أو تقبيل الشباك أو الجدار وغيرهما فهو بدعة. 5 - الرُّجوع إِلى الوراء عند مغادرة المسجد، بدعة لا دليل عليه. 6 - أكثِرْ من الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - لقوله - صلى الله عليه وسلم - "مَن صلى عليّ صلاة واحدة، صلَّى الله عليه بها عشراً". [رواه مسلم] 7 - تستحب زيارة البقيع وشهداء أُحُد. دون المساجد السبعة. 8 - السفر إِلى المدينة يكون بنية زيارة المسجد النبوي ثم السلام عليه - صلى الله عليه وسلم - بعد الوصول، لأن الصلاة في مسجده أفضل من ألف صلاة في غيره من المساجد، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا". [متفق عليه] 9 - توضأ واذهب إِلى مسجد قباء، وصل ركعتين لتكتب لك أجر عمرة. تَمسُّك المجتهدين بالحديث الأئمة الأربعة -رضي الله عنهم- وجزاهم الله عنا كل خير، اجتهد كل واحد منهم بحسب ما وصل إِليه من الأحاديث، وقد اختلفوا في كثير من الأمور لاطلاع أحدهم على أحاديث لم يطلع عليها غيره، لأن الأحاديث لم تكن منتشرة، وكان حفاظ الحديث قد تفرقوا في الحجاز والشام والعراق ومصر وغيرها من البلاد الإِسلامية، في عصر كانت المواصلات فيه صعبة وشاقة، لذلك نرى الإِمام الشافعي -رضي الله عنه- ترك مذهبه القديم في العراق حينما ذهب إِلى مصر، واطلع على أحاديث جديدة.

أقوال الأئمة في الحديث

وحينما نرى الشافعي يرى نقض الوضوء بلمس المرأة، فإِن أبا حنيفة لا يرى نقضه، عندئذ وجب الرجوع إِلى الكتاب والسنة الصحيحة لقوله - تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}. [النساء: 59] لأن الحق لا يمكن أن يتعدد، فيكون اللمس ناقضاً وغير ناقض. ونحن لم نؤمر إِلا باتباع القرآن المنزل من عند الله، وقد شرحه لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأحاديثه الصحيحة لقوله - تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}. [الأعراف: 3] فلا يجوز لمسلم سمع حديثاً صحيحًا أن يرده لأنه مخالف لمذهبه، فقد أجمع الأئمة على الأخذ بالحديث الصحيح، وترك كل قول يخالفه. أقوال الأئمة في الحديث هذه بعض أقوال الأئمة -رحمهم الله- ترفع الملام عنهم وتُبين الحق لأتباعهم. الإِمام أبو حنيفة -رحمه الله- وكلُّ الناس عِيال على فقهه يقول: 1 - لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه. 2 - حرام على من لم يعرف دليلي أن يُفتي بكلامي، فإِننا بشر نقول القول اليوم، ونرجع عنه غدًا. 3 - إِذا قلتُ قولًا يخالف كتاب الله، وخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاتركوا قولي. 4 - يقول ابن عابدين في كتابه: إِذا صح الحديث وكان على خلاف المذهب، عمل بالحديث، ويكون ذلك مذهبه، ولا يخرج مُقلده عن كونه حنفياً بالعمل به، فقد صح عن أبي حنيفة أنه قال: "إِذا صح الحديث فهو مذهبي". الإِمام مالك -رحمه الله- إِمام المدينة المنورة يقول:

1 - إِنما أنا بشر أُخطئ وأُصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه. 2 - ليس أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ويؤخذ من قوله ويُترك إِلا النبي - صلى الله عليه وسلم -. الإِمام الشافعي -رحمه الله- وهو من آل البيت يقول: 1 - ما من أحد إِلا وتذهب عليه سنة من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتغيب عنه، فمهما قلتُ مِن قول، أو أصَّلتُ من أصل ورد فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلاف ما قلت، فالقول ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قولي. 2 - أجمع المسلمون على أنه من استَبان له سُنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يحل لأحد أن يدعها لقول أحد. 3 - إِذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقولوا بقول رسول الله، وهو قولي. 4 - إِذا صح الحديث فهو مذهبي. 5 - قال يخاطب الأِمام أحمد بن حنبل: أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإِذا كان الحديث صحيحاً فأعلموني به حتى أذهب إِليه. 6 - كُل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أهل النقل بخلاف ما قلت. فأنا راجع عنه في حياتي وبعد موتي. الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- وهو إِمام أهل السنة يقول: 1 - لا تقلدني، ولا تقلد مالكاً، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا (لمن فهم وعلم). 2 - من رَدَّ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو على شفا هَلكة.

الإيمان بالقدر خيره وشره

الإيمان بالقدر خيره وشره هذا هو الركن السادس من أركان الإيمان، ومعناه كما قال الإِمام النووي في شرحه لهذا الركن في كتاب (الأربعين النووية): إِن الله -سبحانه وتعالى- قدَّر الأشياء في القِدَم، وعلم -سبحانه وتعالى- أنها ستقع في أوقات معلومة عنده -سبحانه وتعالى- وفي أمكنة معلومة، وهي تقع على حسب ما قدره الله - سبحانه وتعالى. والإيمان بالقدر على أنواع: 1 - التقدير في العلم: "وهو الإيمان بأن الله -تعالى- قد سبق في علمه ما يعمله العباد من خير وشر، وطاعة ومعصية قبل خلقهم وإيجادهم، ومَن هو منهم مِن أهل الجنة، ومَن هو منهم من أهل النار، وأعدَّ لهم الثواب والعقاب جزاء لأعمالهم قبل خلقهم وتكوينهم، وأنه كتب ذلك عنده وأحصاه، وأن أعمال العباد تجرى على ما سبق في علمه وكتابه". (نقلاً من كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ص 24) 2 - التقدير في اللوح المحفوظ: ذكر ابن كثير في تفسيره نقلاً عن عبد الرحمن بن سلمان قوله: "ما من شيء قضى الله: القرآن فما قبله وما بعده إِلا هو في اللوح المحفوظ" (أي هو في الملأ الأعلى). (ج 4/ 497). 3 - التقدير في الرحم: وقد ورد في الحديث: " ... ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويُؤمَر بكتب أربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ... ". [رواه البخاري ومسلم]. 4 - التقدير في المواقيت: "وهو سوق المقادير إِلى المواقيت، والله -تعالى- خلق الخير والشر، وقدر مجيئه إِلى العبد في أوقات معلومة". [نقلاً من شرح الأربعين حديث للنووي]

من فوائد الإيمان بالقدر

من فوائد الإيمان بالقدر 1 - الرضا واليقين والعوض: قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}. [التغابن: 11] قال ابن عباس: (بأمر الله، يعني عن قدره وقضائه) وقول تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}. [التغابن: 11] قال ابن كثير في تفسيرها: (أي ومن أصابته مُصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره، فصبر واحتسب، واستسلم لقضاء الله هدى الله قلبه، وعوَّضه عما فاته من الدنيا هدىً في قلبه، ويقيناً صادقاً، وقد يخلف عليه ما كان أُخذ منه أو خيراً منه، وقال ابن عباس: يَهدِ قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليُخطئه، وما أخطأه لم يكن ليُصيبه، وقال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله). 2 - تكفير الذنوب: قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما يصيب المؤمن من وصَب ولا نصَب، ولا سَقم، ولا حزَن حتى الهمِّ يهُمُّهُ إلا كفر الله به سيئاته". [متفق عليه] 3 - إِعطاء الأجر الكبير: قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157] 4 - غنى النفس: قال - صلى الله عليه وسلم - " .. وارض بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس". [رواه أحمد والترمذي وحسنه محقق جامع الأصول] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الغنى عن كثرة العَرض ولكن الغنى غنى النفس". [متفق عليه] والمشاهد أن كثيرًا ممن يملكون الأموال الطائلة، ولا يرضون بها فيكونون فقراء النفوس، والذى يملك مالاً قليلاً، وهو راضٍ بما قسمه الله بعد الأخذ بالأسباب، فيكون غنياً بنفسه. 5 - عدم الفرح والحزن: قال الله - تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا

فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}. [الحديد:22 - 23] (نبرأها: نخلقها، تأسوا: تحزنوا، مختال فخور: متكبر في نفسه فخور على غيره). قال ابن كثير: لا تفخروا على الناس بما أنعم الله به عليكم، فإِن ذلك ليس بسعيكم وإنما هو عن قدر الله ورزقه لكم فلا تتخذوا نعم الله أشَراً وبطراً، وقال عكرمة: ليس أحد إِلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكرًا والحزن صبراً. [انظر ابن كثير جـ 4/ 314] 6 - الشجاعة والإِقدام: إِن الذي يؤمن بالقدر يكون شجاعاً لا يهاب إِلا الله، لأنه يعلم أن الأجل مقدر، وأن ما أخطأه لم يكن ليُصيبه، وأن مع العسر يُسراً. 7 - عدم الخوف من ضرر البشر: قال - صلى الله عليه وسلم -: " ... وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجَفَّت الصحف". [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح]. 8 - عدم الخوف من الموت: وقد نُسب إِلى عليّ -رضي الله عنه- قوله: أيَّ يومَيَّ من الموت أفّر ... يوم لم يُقدَر، أم يوم قُدِر يوم لم يُقدَر لا أرهَبُهُ ... ومِن المكتوب لا ينجو الحذِر 9 - عدم الندم على ما فات: قال - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خير احرص على ما ينفعك واستعِن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان". [رواه مسلم] 10 - الخير فيما اختاره الله: إِذا أُصيب المسلم بجرح في يده مثلًا فليحمد الله أنها

لا تحتج بالقدر

لم تكسر، وإذا كسرت فليحمد الله أنها لم تقطع، أو لم يكسر ظهره مما هو أخطر، وحدث أن رجلًا تاجراً كان ينتظر طائرة لعقد صفقة تجارية فأذن المؤذن للصلاة، فدخل ليصلي، ولما خرج وجد الطائرة قد أقلعت، فجلس حزيناً على ما فاته، وبعد قليل علم أن الطائرة احترقت في الجو، فسجد شكرًا لله على صلاته وتأخرِّه بسبب الصلاة، وتذكر قوله -تعالى-: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. [البقرة: 216] لا تَحتَجَّ بالقدر يجب على كل مسلم الاعتقاد بأن الخير والشر بتقدير الله وعلمه وإرادته، ولكن فعل الخير والشر من العبد باختياره، ومراعاة الأمر والنهي واجب على العبد، فلا يجوز له أن يعصي الله ويقول "هكذا قدر الله ذلك"! الله أرسل الرسل وأنزل عليهم الكتب لِيُبيِّنوا طريق السعادة والشقاء، وتكرَّم على الإِنسان بالعقل والتفكير وعرَّفه الضلال والرشاد، قال الله - تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}. [الإنسان: 3] فإذا ترك الإِنسان الصلاة أو شرب الخمر استحق العقوبة لمخالفة أمر الله ونهيه، وعندها يحتاج إِلى التوبة والندم ولا يرفع عنه ذلك احتجاجه بالقدر .. وإنما يحتج بالقدر عند نزول المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيرضى بقضاء الله وقدره. قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}. [الحديد: 22]

نواقض الإيمان والإسلام

نواقض الإيمان والإسلام إِن للإِيمان نواقض، كما أن للوضوء نواقض إذا فعل المتوضِّئ واحدة منها بطل وضوؤه، ووجب عليه تجديده، ومثله الإِيمان. ونواقض الإِيمان ترجع إِلى أقسام أربعة: القسم الأول: يتضمن إِنكار وجود الرب أو الطعن فيه. القسم الثاني: يتضمن انكار الإله المعبود أو الإِشراك معه. القسم الثالث: يتضمن إِنكار أَسماء الله وصفاته الثابتة أو الطعن فيها. القسم الرابع: يتضمن إِنكار رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو الطعن فيها. القسم الأول: الذي يتضمن إِنكار وجود الرب أو الطعن فيه، وفيه أنواع: 1 - إنكار وجود الرب كالشيوعيين المنكرين له حيث ينكرون وجود الخالق، ويقولون: "لا إِله والحياة مادة" ويُسندون الخلق والأفعال للصدفة والطبيعة وينسون خالق الطبيعة والصدفة، إِذ يقول الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}. [الزمر: 62] وهؤلاء أكفر من مشركي العرب قبل الإِسلام ومن الشيطان، إِذ كانوا يعترفون بوجود خالق لهم، وقد حكى القرآن عنهم ذلك فقال: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}. [الزخرف: 87] ويحكى القرآن عن الشيطان: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}. [ص: 76] ومن الكفر أن يَقول المسلم هذا الشيء خلقته الطبيعة أو أوجدته الصدفة كما يقول الشيوعيون وغيرهم. 2 - أن يدعي شخص أنه رب كفرعون الذي قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}. [النازعات: 24]

من نواقض الإيمان الشرك بالعبادة

3 - الإدعاء بأن هناك أقطاباً من الأولياء يُدبِّرون أمور الكون مع اعترافهم بوجود الرب، وهؤلاء أسوأ حالاً من المشركين قبل الإِسلام في هذا الاعتقاد لأنهم كانوا يعترفون بأن المدبر لأمور الكون هو الله وحده بدليل قول الله - تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}. [يونس: 31] 4 - قول بعض الصوفية: أن الله حل في مخلوقاته حتى قال ابن عربي الصُّوفي المدفون بدمشق: الربّ عبدٌ، والعبدُ ربٌّ ... ياليتَ شعري من المكلّفِ؟ وقال طاغوتهم: وما الكلب والخنزير إِلا إِلهنا ... وما الله إِلا راهب في كنيسة وقال الحلاج: (أنا هو، وهو أنا) فحكم عليه العلماء بالقتل فأُعدم تعالى الله عما يقولون عُلوًّا كبيرًا. من نواقض الإيمان الشرك بالعبادة القسم الثاني: يتضمن إِنكار الإلهُ المعبود أو الإِشراك معه. وفيه أنواع: 1 - الذين يعبدون الشمس والقمر والنجوم والأشجار والشيطان وغيرها من المخلوقات ويتركون عبادة الإِله الذي خلق هذه الأشياء التي لا تضر ولا تنفع قال الله - تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}. [فصلت: 37] 2 - الذين يعبدون الله، ويشركون في عبادته بعض المخلوقات كالأولياء الممثلة في الأصنام، والقبور وغيرها، وهؤلاء هم المشركون من العرب قبل الإِسلام، حيث كانوا

يعبدون الله، ويدعونه وحده حين الشدة، ويدعون غيره حين الرخاء وذهاب الشدة وقد حكى القرآن عليهم فقال: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}. [العنكبوت: 65] وقد وصفهم بالشرك، مع أنهم كانوا يدعون الله وحده حين خشية الغرق في السفن، لأنهم لم يستمروا على ذلك، بل دعَوا غيره حين أنجاهم. 3 - إِذا كان الله -تعالى- لم يرض عن حالة العرب قبل الإِسلام، بل كفرهم وأمر نبيه أن يقاتلهم لأنهم دعَوا غير الله حين الرخاء، ولم يقبل منهم إِخلاصهم في دعاء الله وحده وقت الشدة، وسماهم مشركين، فما بال بعض المسلمين اليوم يلجؤون إِلى الأولياء الأموات في حالة الشدَّة والرخاء أيضًا، ويطلبون منهم ما لا يقدر عليه إِلا الله وحده كشفاء المرض وطلب الرزق والهداية وغيرها؛ وينسون الخالق للأولياء وهو الشافي والرازق والهادي وحده؟ وهؤلاء الأموات لا يملكون شيئًا، ولا يسمعون نداء غيرهم لهم، كما قال الله - تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر:13 - 14] وهذه الآية صريحة في عدم سماع الأموات لمن يُناديهم، وصريحة في أن دعاءهم من الشرك الأكبر .... قد يقول قائل: نحن لا نعتقد أن هؤلاء الأولياء والصالحين ينفعون أو يضرون، بل نتخذهم واسطة وشفعاء نتقرب بهم إِلى الله، وجوابنا لهم: إن المشركين قبل الإِسلام كانوا يعتقدون مثل هذا الاعتقاد، كما قال القرآن عنهم بقوله: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}. [يونس: 18] وهذه الآية صريحة في أن من يعبد ويدعو غير الله وهو من المشركين، وإن كان

اعتقاده عدم ضررهم ونفعهم، بل لشفاعتهم. وقال الله -تعالى- في حق المشركين: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}. [الزمر: 3] وهذه الآية صريحة في كفر من يدعو غير الله بنية التقريب لله وفي الحديث: "الدعاء هو العبادة" [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح] 4 - ومن نواقض الإِيمان الحكم بغير ما أنزل الله إِذا اعتقد عدم صلاحيته، أو أجاز غيره من القوانين المخالفة له، لأن الحكم من العبادة لقول الله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}. [يوسف: 40] ولقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. [المائدة: 44] أما إذا حكم بغير ما أنزل الله، وهو يرى صلاحيته للحكم، ولكنه فعل ذلك لهوىً أو مضطراً فهو ظالم وفاسق، وليس بكافر لقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: (من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به فهو ظالم وفاسق" واختاره ابن جرير وقال عطاء: "كفر دون كفر". وأما من وقع شرع الله وأحل مكانه قوانين وضعية مخالفة له، معتقداً صلاحيتها فهذا كفر مخرج من الملَّة باتفاق. 5 - ومن نواقض الإِيمان عدم الرضا بحكم الله، أو يرى في حكمه ضيقاً وحرَجاً في نفسه لحكم الإِسلام لقول الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. [النساء: 65]

من نواقض الإيمان الشرك في الصفات

أو يكره الحكم الذي أنزله الله، لقول الله - تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}. [محمد: 8، 9] من نواقض الإيمان الشرك في الصفات القسم الثالث: يتضمن إِنكار صفات الله أو أسمائه أو الطعن فيها. 1 - إِن من نواقض الإِيمان أن ينكر المؤمن أسماء الله، أو صفاته الثابتة في الكتاب والسنة الصحيحة، كان ينفي علم الله الكامل، وقدرته، أو حياته أو سمحه، أو بصره، أو كلامه، أو رحمته، أو استواءه على عرضه وعلوه عليه أو نزوله إِلى سماء الدنيا، أو أن له يداً، أو عينًا، أو ساقاً، وغيرها من الصفات الثابتة التي تليق بجلاله ولا يشبه مخلوقاته لقول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. [الشورى: 11] فقد نفى الله في هذه الآية مشابهته لمخلوقاته، وأثبت لنفسه السمع والبصر، وبقية الصفات مثلها. 2 - ومن الخطأ والضلال تأويل بعض الصفات الثابتة، وصرفها عن ظاهرها، كتأويل الاستواء بالاستيلاء، لأن الاستواء معناه العلوُ والارتفاع كما فسره البخاري في صحيحه نقلاً عن مجاهد وأبي العالية، وهما من السلف الصالح لأنهما من التابعين. وتأويل الصفات يؤدى إِلى تعطيلها، فتأويل الاستواء بمعنى الاستيلاء، عطل صفة من صفات الله، وهي علُوُّ الله على على عرشه الثابت في القرآن والسنة قال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. (أي علا وارتفع) [طه: 5]

وقوله - تعالى {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ}. (في السماء بمعنى على السماء) [الملك: 16] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب كتاباً .. فهو عنده فوق العرش" [متفق عليه] وتأويل الصفات هو تحريف كما قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب كتاب (أضواء البيان) في كتابه: (منهج ودراسات في الأسماء والصفات) ص 26 ما نصه: "ونريد اُن نختم المقالة بنقطتين: إِحداهما أنه ينبغي للمؤولين أن ينظروا في قوله - تعالى لليهود: {وَقُولُوا حِطَّةٌ}. [البقرة: 58] فإِنهم زادوا في هذا اللفظ نوناً، فقالوا: (حِنطة) فسمى الله هذه الزيادة تبديلاً فقال في سورة البقرة: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}. [البقرة: 59] وكذلك المؤولون للصفات قيل لهم: (استوى) فزادوا لاماً فقالوا (استولى) فانظر ما أشبه لامهم هذه التي زادوها بنون اليهود التي زادوها". [ذكر هذا ابن القيم] 3 - لقد اختص الله بصفات خاصة به لا يشاركه فيها أحد من مخلوقاته كعلم الغيب مثلًا، لقد قال الله -تعالى- في كتابه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}. [الأنعام: 59] وقد يُطلع الله رسله على بعض مغيباته بطريق الوحي حينما يريد لقول الله - تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ...} [الجن:26 - 27] ومن الكفر والضلال قول البوصيري في قصيدة البردة في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم -: فإِن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علمُ اللوح والقلم

من نواقض الإيمان الطعن في الرسل

فإِن الدنيا والآخرة من خلق الله وجوده، لا من جود الرسول وخلقه، كما قال الشاعر. قال الله تعالى: {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى}. [الليل: 13] إِن الرسول لا يعلم ما في اللوح المحفوظ وما خطأ به القلم كما قاله الشاعر، لأن هذا من الغيب المطلق الذي لا يعلمه إِلا الله، كما ذكر القرآن ذلك بقوله: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ...}. [النمل: 65] والأولياء من باب أولى لا يعلمون الغيب المطلق، ولا الغيب الذي قد يطلع الله رسوله عليه بطريق الوحي، لأن الوحي لا ينزل على الأولياء، وهو خاص بالأنبياء والرسل -عليهم السلام- فكل من ادَّعى علمَ الغيب من الناس، ومن صدَّقه من الناس فقد نقضوا إِيمانهم وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى كاهناً أو عرَّافاً فصدَّقه بما يقول، فقد كفر بما أُنزل على محمد" (الكاهن: الذي يدعي علم الغيب) [صحيح رواه أحمد] وما يقع من الكهنة والدجالين من أخبار إِنما هو الظن والمصادفة ووسوسة الشيطان، ولو كانوا صادقين لأخبرونا بأسرار اليهود، واستخرجوا كنوز الأرض، ولما أصبحوا عبادة على الناس يأخذون أموالهم بالباطل. من نواقض الإيمان الطعن في الرسل القسم الرابع: من نواقض الإيمان إِنكار واحد من الرسل أو الطعن فيه وهو أنواع: 1 - أن ينكر رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، لأن شهادة أن محمدًا رسول الله من أركان الإسلام. 2 - أن يطعن في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو في صدقه، أو أمانته، أو عفته، أو يسب الرسول، أو يستهزئ به، أو يستخف به، أو يطعن في تصرفاته الثابتة.

3 - أن يطعن في أحاديثه الصحيحة ويكذبها، أو ينفي الأخبار الثابتة التي أخبر عنها. كظهور الدجال، أو نزول عيسى -عليه السلام- للحكم بشريعته، وغير ذلك مما ثبت في القرآن، أو السنة الصحيحة بعد إِقراره بصحة نسبتها. 4 - أن يجحد أحد الرسل الذين أرسلهم الله قبل محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو ينكر قصصهم مع أقوامهم مما أخبر به القرآن، أو الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه الصحيحة. 5 - الذي يدعي النبوة بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -، كالمدعو غلام أحمد من القاديانية يدعي أنه نبي والقرآن يكذبه قائلًا: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}. [الأحزاب: 40] والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي ... " [متفق عليه] ومنْ صدَّق أن هناك نبيًا بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - سواء كان من القاديانية أو غيرها فقد كفر ونقض إيمانه. 6 - الذين يصفون رسول الله بما لا يوسف به إلا الله، كعلم الغيب المطلق، كما تقول الصوفية، حتى قال شاعرهم: يا علَّام الغيوب ... يا شفاء القلوب قد لجأنا إِليك ... الصلاة عليك 7 - الذين يطلبون كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما لا يقدر عليه إِلا الله كطلب النصر، والمدد، والشفاء وغيرها كما هو واقع اليوم بين المسلمين، ولا سيما الصوفية حتى قال شاعرهم البوصيري: ومن تكن برسول الله نصرتُه ... إِن تلقهُ الأسدُ في آجامها تهِمِ ما سامني الدهر ضيمًا واستجرتُ به ... إِلا ونلتُ جوارًا منه لم يُضم

إذا كان هذا القول في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - شركاً مخالفًا لما أعلنه القرآن بقوله: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}. [الأنفال: 10] ومخالفا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] فكيف بمن يصف الأولياء بأنهم يعلمون الغيب، أو ينذرون لهم، أو يذبحون لهم، أو يطلبون منهم ما لا يُطلب إِلا من الله كطلب الرزق؛ أو الشفاء، أو النصر وغير ذلك؟!! لا شك أن هذا من الشرك الأكبر. 8 - نحن لا ننكر المعجزات للرسل -عليهم السلام- ولا ننكر الكرامات للأولياء، ولكن الذي ننكره أن نجعلهم شركاء لله ندعوهم كما ندعو الله، ونذبح لهم، وننذر لهم النذور، حتى أصبحت قبور بعض من يسمونهم بالأولياء مليئة بالأموال التي يتقاسمها السدنة والخدمة ويأكلونها بالباطل، وهناك الفقراء الذين لا يجدون قوتَ يومهم، حتى قال الشاعر: أحياؤنا لا يُرزقون بدرهم ... وبألف ألفٍ تُرزق الأموات إن كثيرًا من المشاهد والمزارات والقبور ليس لها أساس من الصحة، بل هي من فعل الدجالين، والمحتالين لأخذ الأموال التي تقيهم من النزور، والدليل على ذلك ما يلي: أولاً: حدثني زميل لي في التدريس أن شيخاً من الصوفية جاء إِلى بيت والدته، وطلب منها التبرع لوضع علَم أخضر، للإِشارة إِلى وجود ولي في شارع معين، فأعطته شيئًا من المال، واشترى قماشاً أخضر، ووضعه على الجدار، وبدأ يقول الناس هذا ولي من أولياء الله، رأيته في المنام، وبدأ يجمع الأموال، وعندما أرادت الحكومة توسعة الشارع وإزالة القبر، بدأ الرجل الذي أنشأه كذباً يشيع أن الآلة التي أرادت هدمه قد تكسرت، وصدقه بعض الناس، وانتشرت هذه الإِشاعة، مما اضطر الحكومة إلى

اعتقادات باطلة تؤدي إلى الكفر

الحذر، فقد حدثني مفتي هذا البلد أن الحكومة استدعته في نصف الليل إلى مكان قبر الولي المراد إِزالته فذهب إِلى المكان، فوجد أن الجنود أحاطوا بالمكان، ثم جاءت الآلة والحفارة فأزالت القبر، ونظر المفتي إِلى داخل القبر، فلم يجد شيئًا، فعلم أن هذا كذب وافتراء. ثانيًا: سمعت من مدرس في الحرم هذه القصة: التقى رجل فقير بآخر مثله، وشكى كل واحد الفقر، ونظر إِلى قبر الولي فوجداه مليئاً بالمال، فقال أحدهم: تعال نحضر قبراً ونضع فيه ولياً فتأتينا الأموال فوافقه زميله على ذلك ومشيا في الطريق، فوجدا حمارًا ينهق، فذبحاه ووضعاه في حفرة، وبنيا عليه قبراً وقبة، وبدأ كل واحد منهما يتمرغ في القبر للتبرك به، فمر الناس عليهما فسألوهما، فقالا: هذا قبر الولي (حبيش بن طبيش) له من الكرامات ما يفوق الوصف، فاغتر بهذا الكلام الناس، وبدؤوا يضعون الأموال عند قبره من النذور والصدقات وغيرها، حتى اجتمع لديهما المال الكثير، وجلس الرجلان الفقيران يقتسمان المال، واختلفا في القسمة، وتصايحا واجتمع عليهما الناس، فقال أحدهم: أحلف لك بهذا الولي أنني لم آخذ منك! فقال له زميله: تحلف بهذا الولي وأنا وأنت تعرف أن في القبر حماراً دفناه سوية، فعجب الناس منهما وندموا على النذور التي قدموها، واستردوها منهما بعد أن لاموهما ووبخوهما. اعتقادات باطلة تؤدي إلى الكفر 1 - القول بأن الله خلق الدنيا لأجل محمد - صلى الله عليه وسلم - ويستندون إِلى حديث قدسي مكذوب وهو: (ولولاك ما خُلقت الدنيا). [قال ابن الجوزي حديث موضوع] وقد كذب البوصيري حين قال: وكيف تدعو إِلى الدنيا ضرورة مَن ... لولاه لم تُخلَق الدنيا من العدم

لأن هذا الاعتقاد يخالف قول الله تعالى: {وما خلقتُ الجن والإِنس إِلا ليعبدون} [الذاريات: 56] حتى إِن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خلقه الله لعبادته، حيث قال ربه: {واعبُدْ رَبك حتى يأتيك اليقين}. [الحجر: 99] والرسل جميعًا خلقهم الله للدعوة إِلى عبادته: {ولقد بعثنا في كل أُمَّة رسولًا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}. (الطاغوت: كل ما عبد من دون الله برضاه) فكيف يسوغ لمسلم أن يعتقد شيئًا يخالف القرآن الكريم، وهدي سيد المرسلين؟!! 2 - القول بأن الله خلق نور النبي - صلى الله عليه وسلم - أولًا، ومن نوره خُلِقت الأشياء. وهذا اعتقاد باطل لا دليل عليه، والعجيب أن يقول مثل هذا الكلام رجل عالم مصري مشهور هو الشيخ محمد متولي الشعراوي في كتابه: (أنت تسأل والإِسلام يجيب) حيث ذكر فيه تحت عنوان: (النور المحمدي وبداية الخليقة): س: ورد في الحديث: أن جابر بن عبد الله سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أوَّلُ ما خلق الله؟ فقال: "نور نبيك يا جابر" فكيف يتفق هذا الحديث مع أن أول المخلوقين آدم وهو من طين؟. جـ: من الكمال المطلق ومن الطبيعي أن يكون البدء بخلق الأعلى، ثم نأخذ منه الأدنى، وليس من المعقول أن تُخلق المادة الطينية أولا، ثم يُخلق منها محمد، لأن أعلى شيء في الإِنسان الرسل، وأعلى شيء في الرسل محمد بن عبد الله، إِذن لا يصح أن تخلق المادة، ثم يُخلق منها محمد. لابُد أن يكون النور المحمدي هو الذي وُجِد أولًا .. ومن النور المحمدي نشأت الأشياء .. ويكون حديث جابر صادقًا. وها هو العلم يؤكد تلك المعاني. فالنور هو البداية، ثم عملت منه الماديات ..

(ص 38) انتهى. أولًا: إِن كلام الشعراوي يخالف النقل وهو قول الله -تعالى- عن خلق آدم - عليه السلام- أول البشر: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} [ص: 71] وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ...} [غافر: 67] قال ابن جرير الطبري (خلق أباكم آدم من تراب، ثم خلقكم من نطفة) [ج 24/ 82] وكلام الشعراوي لِخالف الحديث وهو قول - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم بنو آدم، وآدم خلق من تراب". [رواه البزار وصححه الألباني في صحيح الجامع 4444] ثانيًا: إن الشعراوي يقول: (ومن الطبيعي أن يكون البدء بخلق الأعلى، ثم نأخذ منه الأدنى) وقد رَدَّ القرآن هذه الفلسفة حين امتنع إِبليس عن السجود لآدم {قال أنا خير منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ}. [ص 76] قال ابن كثير: (ادعى أنه خير من آدم فإِنه مخلوق من نار، وآدم خُلق من طين، والنار خير من الطين في زعمه) [4/ 43] وقال ابن جرير الطبري: (قال إِبليس لربه: لم أسجد لآدم لأني أشرف منه!! لأنك خلقتني من نار، وخلقتَ آدم من طين، والنار تأكل الطين وتحرقه فالنار خير منه، وأنا خير منه) انتهى. والمعقول أن تُخلق المادة الطينية أولًا، ثم يخلق منها محمد - صلى الله عليه وسلم - بعدها، وأن المادة خُلِقت أولًا وهي الطين الذي خُلق منه آدم، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - هو من نسل آدم وولده كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - بذلك حين قال: "أنا سيد ولد آدم ... " [رواه مسلم] ثالثًا: يقول الشعراوى: (لابد أن يكون النور المحمدى هو الذى وُجد أولًا)! هذا الكلام لا دليل عليه، بل ثبت في القرآن أن أول البشر آدم كما تقدم، ومن

المخلوقات بعد العرش القلم حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أول ما خلق الله القلم" [رواه الترمذى وصححه الألباني] والنور المحمدي ليس له وجود في النقل والعقل: فالقرآن يأمر رسوله أن يقول للناس: {قل إِنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ ...} [الكهف: 110] وقال - صلى الله عليه وسلم -: {إِنما أنا بشر مثلكم ...} [رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 2337] والمعروف أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خُلق من أبوين هما: عبد الله وآمنة بنت وهب. ووُلد كما يولد البشر، ورباه جده، ثم عمه أبو طالب. فقد ثبت أن أول الخلوقات من البشر آدم -عليه السلام- ومن الأشياء القلم، وبهذا يكون ردًا صريحًا على من يقول إِن محمدًا هو أول خلق الله، لأنه يعارض القرآن والحديث الصحيح السابق، لكن ورد حديث يبين أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكتوب عند الله خاتم النبيين قبل آدم، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني عند الله مكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لَمُنجَدِلٌ في طينته" (لَمنجَدلُ: لَمُلقى على الأرض) [صححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه الألباني] فالحديث يقول: (مكتوب) ولم يقل: (مخلوق) ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد" [رواه أحمد في السنة وصححه الألباني] وأما حديث: "كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث .. " [فضعفه ابن كثير والمناوي والألباني] وهو يخالف القرآن والأحاديث الصحيحة السابقة، ويخالف المعقول والمحسوس لأنه لم يولد قبل آدم أحد من البشر. رابعًا: يقوك الشعراوي: (ومن النور المحمدي خلقت الأشياء) والأشياء

تشمل: آدم والشيطان والإِنس والجن والحيوانات والحشرات والجراثيم وغيرها، وهذا مخالف لما جاء في القرآن الكريم، فآدم خلق من طين، والشيطان خلق من نار، والإِنسان من نطفة .. وكلام الشعراوي مخالف لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وُصف لكم". [رواه مسلم] ويخالف المعقول والمحسوس والواقع، لأن الإِنسان والحيوان خُلقا عن طريق التناسل والتوالد، وإذا كانت الجراثيم الضارة والحشرات المؤذية هي أشياء خلقت من نور محمد - صلى الله عليه وسلم - فلماذا نقتلها، بل أُمرنا بقتلها كالحية والثعبان والذباب والبعوض والوَزغ لضررها. خامسًا: يقول الشعراوي: ويكون حديث جابر صادقًا وهو: "أول ما خلق الله نور نببيك يا جابر" هذا الحديث مكذوب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وليس صادقًا كما يقول الشعراوي، لأنه يخالف القرآن الكريم الذى ينص على أن أول البشر آدم، ومن الأشياء القلم، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - من ولد آدم لم يخلق من النور، بل هو بشر مثلنا بنص القرآن خصه الله بالوحي والنبوة، والناس لم يروه نورًا، بل رأوه إِنسانًا. والحديث الذي صدقه الشعراوي هو عند أهل الحديث مكذوب وموضوع وباطل. 3 - إن من الاعتقادات الباطلة القول بأن الله خلق الأشياء من نوره، قاله بعض الصوفية، وصرح به الشعراوي في كتابه: (أنت تسأل والإسلام يجيب) فقال: (فإِذا عرفنا بأن الله خلق الأشياء من نوره فهذا صحيح .. ثم قال: فعندما يكون الحق -سبحانه وتعالى- خلق الأشياء من نوره. فمعنى هذا أن شعاع نوره خلقت منه الماديات ص 40) أقول هذا الكلام لا دليل عليه من الكتاب والسنة والعقل، وقد تقدم أن الله خلق آدم من طين، وخلق الشيطان من نار، وخلق البشر من نطفة. وهذا يرد كلام

الدين النصيحة

الشعراوي ويبطله ثم إِن كلام الشعراوي متناقض، فقد سبق أن قال: إِن النور المحمدي خُلقت منه الأشياء، وقال هنا: إِن الله خلق الأشياء من نوره! والفرق كبير بين النور المحمدي ونور الله. والأشياء التي خلقت من نور الله تشمل القردة والخنازير والحية والعقرب والجراثيم وغيرها من المؤذيات حسب زعمه فلماذا نقتلها؟! الدين النصيحة احذر يا أخي المسلم هدانا الله وإياك مثل هذه المعتقدات الباطلة التي يذكرها الصوفية فهي مخالفة للقرآن الكريم وأحاديث سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -، وتخالف المعقول والمحسوس، وتؤدي إِلى الكفر. اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وحبِّبه إِلينا، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، وكرِّهه إِلينا، وارزقنا اتباع هدي رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلم -. إلَهي أنت عوني إِلَهي ليس لي إِلَّاك عونٌ ... فكُن عوني على هذا الزمانِ إِلهي ليس لي إِلَّاك ذُخرٌ ... فكن ذُخري إِذا خلَتِ اليدانِ إِلَهي ليس لي إِلَّاك حِصنٌ ... فكن حِصني إِذا رامٍ رماني إِلَهي ليس لي إلَّاك جاهٌ ... فكن جاهي إِذا هاجٍ هجاني إلَهي أنتَ تعلم ما بنفسي ... وتعلم ما يَجيشُ به جَناني فهب لي يا رحيم رضًا وحلمًا ... إِذ ما زلَّ قلبي أو لساني إِلَهي ليس لي إلَّاك عِزٌ ... كن عِزي وكن حصنَ الأماني

(3) منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة

(3) منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة

موجز لمحتويات الكتاب (3) منهاج الفرقة الناجية * الفرقة الناجية، ومنهاجها، وعلامتها * من هي الطائفة المنصورة الواردة في الحديث؟ * التوحيد وأنواعه وأدلته، وأهميته، وفضله. * معنى لا إِله إِلا الله، محمد رسول الله * أعداء التوحيد وموقف العلماء من التوحيد * معركة التوحيد والشرك * العقيدة أولا أم الحاكمية؟ * الشرك الأكبر والأصغر وأنواعهما * من مظاهر الشرك المشاهد والمزارات * التوسل الممنوع والتوسل المطلوب * الكفر الأكبر والأصغر وأنواعهما * النفاق الأكبر والأصغر وأنواعهما * أولياء الرحمن، وأولياء الشيطان * الإحتفال بعيد المولد النبوي * فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - * القرآن للأحياء لا للأموات * عقيدة المسلم (شعرًا)

الفرقة الناجية

الفرقة الناجية 1 - قال الله تعالى: {واعتصموا بحبلِ الله جميعًا ولا تفرَّقوا} [آل عمران: 103] 2 - وقال تعالى: {ولا تكونوا مِن المشركين (31) مِن الذين فرَّقوا دينَهم وكانوا شِيعًا كلُّ حِزب بما لدَيهِم فرِحون}. [الروم: 31، 32] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أُوصيكم بتقوى الله - عَز وجل - والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبدٌ حبشيٌّ؛ فإنه من يَعِش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنُتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدِيين تمَسكوا بها وغضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأُمور، فإن كل محدّثة بدعة، وكل بِدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" [رواه النسائي والترمذي وقال حسن صحيح] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإنَّ مَن قبلَكم مِن أهل الكتاب افترقوا على ثِنتين وسبعين مِلَة (¬1)، وإن هذه المِلّة (¬2) ستفترق على ثلاثٍ وسبعين: ثِنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة" [رواه أحمد وغيره وحسنه الحافظ] وفي رواية "كلهم في النار إلا مِلّة واحدة ما أنا عليه وأصحابي". [رواه الترمذي وحسنه الألبانى في صحيح الجامع 5219] ¬

_ (¬1) وفي رواية "اثنتين وسبعين فرقة". (¬2) وفي رواية "وتفترق أمتي".

منهاج الفرقة الناجية

5 - وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطًا بيده ثم قال: هذا سبيلُ الله مستقيمًا. وخط خطوطًا عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السبل، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ". [الأنعام: 153] [صحيح رواه أحمد والنسائي] 6 - وقال الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه "الغُنية": أما الفرقة الناجية فهي أهل السنة والجماعة، وأهل السنة لا اسم لهم إِلا اسم واحد وهو أصحاب الحديث. 7 - يأمرنا الله -سبحانه وتعالى- أن نعتصم جميعًا بالقرآن الكريم، وأن لا نكون من المشركين المتفرقين في دينهم شيعًا وأحزابًا، ويخبرنا الرسول الكريم أن اليهود والنصارى تفرَّقوا فرقًا كثيرة، وأن المسلمين سيفترقون أكثر منهم، وأن هذه الفرق ستكون عرضة لدخول النار، لانحرافها، وبعدها عن كتاب ربها وسنة نبيها، وأن فرقة واحدة ناجية منها ستدخل الجنة، وهي الجماعة المتمسكة بالكتاب والسنة الثابتة، وعمل أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -. اللهم اجعلنا من الفرقة الناجية، ووفق المسلمين لأن يكونوا منها. منهاج الفرقة الناجية 1 - الفرقة الناجية: هي التي تلتزم منهاج الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته، ومنهاج أصحابه من بعده، وهو القرآن الكريم الذى أنزله الله على رسوله، وبيَّنَهُ لصحابته في أحاديثه الثابتة عنه، وأمر المسلمين بالتمسك بهما فقال: "تركت فيكم شيئين لن تضلّوا بعدهما: كتاب الله وسُنتي، ولن يَتفرقا حتى يَرِدا عَلَيَّ الحوض" [صححه الألباني في الجامع]

2 - الفرقة الناجية تعود إلى كلام الله ورسوله حين التنازع والاختلاف عملاً بقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. [النساء: 65] 3 - الفرقة الناجية لا تُقدم كلام أحد على كلام الله ورسوله، عملاً بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1] وقال ابن عباس: أُراهم سيهلكون، أقول: قال النبي- صلى الله عليه وسلم- ويقولون: قال أبو بكر وعُمر. [رواه أحمد وابن عبد البر] 4 - الفرقة الناجية تعتبر التوحيد، وهو إِفراد الله بالعبادة والاستعانة والدعاء وقت الشدة والرخاء، والذبح والنذر، والتوكل، والحكم بما أنزل الله، وغير ذلك من أنواع العبادة هو الأساس الذي تُبنى عليه الدولة الإِسلامية الصحيحة؛ ولا بد من إبعاد الشرك ومظاهره الموجودة في أكثر البلاد الإسلامية، لأنه من مقتضيات التوحيد، ولا يمكن النصر لأى جماعة تُهمل التوحيد، ولا تكافح الشرك بأنواعه، أسوة بالرسل جميعًا وبرسولنا الكريم- صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. 5 - الفرقة الناجية: يُحيون سُنن الرسول في عبادتهم وسلوكهم وحياتهم فأصبحوا غرباء بين قومهم، كما أخبر عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطُوبى للغرباء" [رواه مسلم] وفي رواية: "فطُوبى للغرباء: الذين يَصلحون إذا فسد الناس". قال الألباني: [رواه أبو عمرو الداني بسند صحيح] 6 - الفرقة الناجية: لا تتمسك إِلا بكلام الله وكلام رسوله المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى؛ أما غيره من البشر مهما علَت رتبته، فقد يُخطئ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:

"كلُّ بني آدم خَطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوابون" [حسن رواه أحمد] وقال الإِمام مالك: ليس أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إِلا يؤخذ من قوله ويُترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - 7 - الفرقة الناجية: هم أهل الحديث الذين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرّهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله". وقال الشاعر: أهلُ الحديثِ همُ أهلُ النبيِّ وإن ... لم يَصحَبوا نفسَه، أنفاسَه صَحِبوا 8 - الفرقة الناجية: تحترم الأئمة المجتهدين، ولا تتعصب لواحد منهم، بل تأخذ الفقه من القرآن والأحاديث الصحيحة، ومن أقوالهم جميعًا إِذا وافقت الحديث الصحيح، وهذا موافق لكلامهم، حيث أوصوا أتباعهم أن يأخذوا بالحديث الصحيح، ويتركوا كل قول يخالفه. 9 - الفرقة الناجية تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، فهي تنكر الطُّرق المبتدعة والأحزاب الهدامة التي فرقت الأمة، وابتدعت في الدين وابتعدت عن سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. 10 - الفرقة الناجية تدعو المسلمين أن يكونوا من المتمسكين بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى يكتب لهم النصر، وحتى يدخلوا الجنة بفضل الله وشفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد إذن الله -تعالى- له. 11 - الفرقة الناجية: تنكر القوانين الوضعية التي هي من وَضع البشر، لمخالفتها حكم الإِسلام، وتدعو إلى تحكيم كتاب الله الذي أنزله الله لسعادة البشر في الدنيا والآخرة، وهو أعلم - سبحانه وتعالى بما يصلح لهم، وهو ثابت لا تتبدل أحكامه على مدى الأيام، ويصلح لأهل كل زمان، وإن سبب شقاء العالم عامة والعالم الإِسلامي خاصة وما يلاقيه من متاعب وذل وهوان، هو تركه الحكم بكتاب الله وسنة رسوله

- صلى الله عليه وسلم -، ولا عِزَّ للمسلمين إِلا بالرجوع إِلى تعاليم الإسلام أفرادًا وجماعات، وحكومات، عملاً بقوله تعالى: {إِن الله لا يُغَيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغَيِّروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11] 12 - الفرقة الناجية: تدعو المسلمين جميعًا إِلى الجهاد في سبيل الله وهو واجب على كل مسلم حسب طاقته واستطاعته، ويكون الجهاد بما يلي: 1 - الجهاد باللسان والقلم: بدعوة المسلمين وغيرهم إِلى التمسك بالإِسلام الصحيح، والتوحيد الخالي من الشرك الذي انتشر في كثير من البلاد الإِسلامية، والذي آخبر عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه سيقع بين المسلمين فقال: "لا تقوم الساعة حتى تلحَقَ قبائل مِن أُمتي بالمشركين، وحتى تعبُدَ قبائل مِن أُمتي الأوثان". [صحيح رواه أبو داود ومعناه في مسلم] 2 - الجهاد بالمال: ويكون بالإِنفاق على نشر الإِسلام، وطبع الكتب الداعية إِليه على الوجه الصحيح، ويكون بتوزيع المال على المؤلفة قلوبهم من ضعفاء المسلمين لتثبيتهم، ويكون بتصنيع وشراء الأسلحة، والمعدات للمجاهدين، وما يلزمهم من طعام وكساء وغير ذلك. 3 - الجهاد بالنفس: ويكون بالقتال والاشتراك في المعارك لنصرة الإِسلام، ولتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هِيَ السفلى وقد أشار الرسول الكريم إِلى هذه الأنواع فقال: "جاهدوا المشركين بأموالِكم وأنفسِكم وألسِنَتكم" [صحيح رواه أبو داود] وحكم الجهاد في سبيل الله على أنواع: 1 - فرض عين: ويكون ضد العدُو المهاجم لبعض بلاد المسلمين كفلسطين التي اغتصبها اليهود المجرمون، فالمسلمون المستطيعون آثمون حتى يُخرجوا اليهود منها، ويُعيدوا المسجد الأقصى للمسلمين بما يستطيعون من المال أو النفس. 2 - فرض كفاية: إذا قام بعض المسلمين سقط عن الباقين، ويكون في تبليغ ونقل

علامة الفرقة الناجية

الدعوة الإِسلامية إِلى سائر البلاد حتى يحكمها الإِسلام. ومَن وقف في طريقها قوتل حتى تسير الدعوة في طريقها. علامة الفرقة الناجية 1 - الفرقة الناجية: هم قِلَّة بين الناس، دعا لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "طوبى للغرباء: أناس صالحون، في أُناسِ سُوء كثير، مَن يَعصيهم أكثرُ مِمن يُطيعهم". [صحيح رواه أحمد] ولقد أخبر عنهم القرآن الكريم فقال مادحًا لهم: {وقليلٌ من عباديَ الشكور} [سبأ: 13] 2 - الفرقة الناجية يُعاديهم الكثير من الناس، ويَفترون عليهم، ويُنابزونهم بالألقاب، ولهم أسوة بالأنبياء الذين قال الله عنهم: {وكذلك جعلنا لِكُل نبي عَدُوًّا شياطينَ الإِنس والجِنِّ يُوحي بعضهُم إِلى بعضٍ زُخْرُفَ القولِ غُرورًا ...}. [الأنعام: 122] وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عنه قومه: (ساحرٌ كذاب) حينما دعاهم إِلى التوحيد، وكانوا قبل ذلك يُسمونه الصادق الأمين. 3 - سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز عن الفرقة الناجية فقال: هم السلفيون، وكل من مشى على طريقة السلف الصالح (الرسول وصحابته وكل من سار على منهاجهم). هذه بعض مناهج وعلامة الفرقة الناجية، وسأتكلم في الفصول القادمة من هذا الكتاب عن عقيدة الفرقة الناجية، التي هي الطائفة المنصورة، لنكون على عقيدتها - إِن شاء الله.

من هي الطائفة المنصورة؟

مَن هي الطائفة المنصورة؟ 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرينَ على الحق لا يَضرُهم من خذلهم حتى يأتيَ أمرُ الله" [رواه مسلم] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا فسد أهلُ الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفةٌ مِن أمتي منصورون، لا يَضرُّهم من خذلهم حتى تقوم الساعة". [صحيح رواه أحمد] 3 - قال ابن المبارك: هم عندي أصحاب الحديث. 4 - وقال البخاري: قال علي بن المديني: هم أصحاب الحديث. 5 - وقال أحمد بن حنبل: إِن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث فلا أدري مَن هم؟. 6 - يقول الإِمام الشافعي يُخاطب الإِمام أحمد: "أنتم أعلم بالحديث مني، فإِذا جاءكم الحديث صحيحًا فأعلموني به حتى أذهب إِليه سواء كان حجازيًا، أم كوفيًا أو بصريًا". 7 - إِن أهل الحديث هم بحكم اختصاصهم في دراسة السنة وما يتعلق بها أعلم الناس قاطبة بسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، وهديه وأخلاقه وغزواته وما يتصل بها. فأهل الحديث حشرنا الله معهم لا يتعصبون لقول شخص معين مهما علا وسما، حاشا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، بخلاف غيرهم ممن لا ينتمي إِلى أهل الحديث والعمل به فإِنهم يتعصبون لأقوال أئمتهم -وقد نهوهم عن ذلك- كما يتعصب أهل الحديث لأقوال نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، فلا عجب أن يكون أهل الحديث هم الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية. 8 - يقول الخطيب البغدادي في كتابه "شرف أصحاب الحديث": "ولو أن صاحب الرأي شُغل بما ينفعه من العلوم، وطلب سنن رسول رب العالمين لوجد ما يُغنيه عن سواه، لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد، وبيان ما جاء من وجوه الوعد والوعيد، وصفات رب العالمين، والإِخبار عن صفة الجنة والنار، وما أعد الله فيها

التوحيد وأنواعه

للمتقين والفجار، وما خلق الله في الأرضين والسموات ... وفي الحديث قصص الأنبياء وأخبار الزهاد والأولياء ومواعظ البلغاء وكلام الفقهاء، وخطب الرسول ومعجزاته، وفيه تفسير القرآن العظيم، وما فيه من النبأ والذكر الحكيم، وأقاويل الصحابة في الأحكام المحفوظة عنهم، وقد جعل الله أهله "أي الحديث" أركان الشريعة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة، فهم أمناء الله في خليقته، والواسطة بين النبي وأُمته، والمجتهدون في حفظ متنه، أنوارهم زاهرة، وفضائلهم سائرة، وكل فئة تتحيز إِلى هوى ترجع إِليه، وتستحسن رأيًا تعكف عليه سوى أصحاب الحديث، الكتاب عُدتهم، والسنة حُجتهم، والرسول فِئتهم، وإليه نسبتهم، لا يلتفتون إِلى الآراء، مَن كابدهم قصمه الله، ومن عاداهم خذله الله" اهـ اللهم اجعلنا من أهل الحديث، وارزقنا العمل به، ومحبة أهله، ومناصرة العاملين به. التوحيد وأنواعه التوحيد هو إِفراد الله بالعبادة التي خلق الله العالم لأجلها. قال الله - تعالى: {وما خلقتُ الجِن والإِنسَ إِلا لِيعبدون} (¬1) [الذاريات:56] (أي يُوحدوني في العبادة ويُفردوني في الدعاء) وأنواع التوحيد الآتية مأخوذة من القرآن الكريم: 1 - توحيد الرب: هو الاعتراف بأن الله هو الربُّ والخالق؛ وقد اعترف بهذا الكفار، ولم يُدخلهم ذلك في الإِسلام، قال تعالى: {ولَئِنْ سألتَهم مَن خلقَهم ليَقولُن الله} [الزخرف:87] وقد أنكر الشيوعيون وجود الرب، فكانوا أشدَّ كفرًا من كفار الجاهلية. ¬

_ (¬1) الآية رَدّ على من يزعم أن العالم خُلِق لأجل محمد - صلى الله عليه وسلم -.

2 - توحيد الإله: هو توحيد الله بأنواع العبادات المشروعة، كالدعاء والاستعانة والطواف والذبح والنذر وغيرها، وهذا النوع الذي جحده الكفار، وكانت فيه الخصومة بين الأمم ورسلهم منذ نوح -عليه السلام- إِلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد حَثَّ القرآن الكريم في أكثر سُوَره عليه، وعلى دعاء الله وحده، ففي سورة الفاتحة نقرأ: {إِياك نعبدُ وإِياك نستعين} ومعناه نخصُّك بالعبادة، فندعوك وحدك، ولا نستعين بغيرك؛ وتوحيد الإِله يشمل إِفراده في دعائه، والحكم بقرآنه، والاحتكام إِلى شرعه، وكله داخل في قوله تعالى: {إِنَّني أنا الله لا إِله إِلا أنا فاعبُدْني}. [طه:14] 3 - توحيد الأسماء والصفات: هو الإِيمان بكل ما ورد في القرآن الكريم والحديث الصحيح، من صفات الله التي وصف بها نفسه، أو وصفه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - على الحقيقة من غير تحريف ولا تكييف ولا تفويض، كالاستواء والنزول، واليد والمجيء، وغيرها من الصفات، نفسرها بما ورد عن السلف، فالاستواء مثلًا ورد تفسيره عن التابعين في صحيح البخاري بأنه العلُو والارتفاع اللذان يليقان بجلاله قال الله تعالى: {ليس كمِثلِه شَيْء وهو السميعُ البصير}. [الشورى: 11] 1 - التحريف: هو صرف ظاهر الآيات والأحاديث الصحيحة إِلى معنى آخر باطل مثل استوى بمعنى استولى. 2 - التعطيل: هو جحد صفات الله ونفيها عنه كعُلُوّ الله على السماء فقد زعمت الفرق الضالَّة أن الله في كل مكان. 3 - التكييف: هو تكييف صفات الله، وأن كيفيتها كذا فَعُلوُّ الله على العرش لا يشبه مخلوقاته ولا يعلم كيفيته أحد إِلا الله. 4 - التمثيل: هو تمثيل صفات خلقه، فلا يقال: ينزل الله إِلى السماء كنزولنا، وحديث النزول رواه مسلم. ومن الكذب نسبة هذا التشبيه إِلى شيخ الإِسلام ابن تيمية، إِذ لم نجده في كتبه بل وجدنا نفيه للتمثيل والتشبيه.

إياك نعبد وإياك نستعين

5 - التفويض: عند السلف في الكيف، لا في العنى، فالاستواء مثلًا معناه العُلوُّ الذي لا يعلم كيفيته إِلا الله. 6 - أما التفويض عند المفوضة في المعنى والكيف معًا وهذا خلاف ما ورد عن السلف كأم سلمة -رضي الله عنها- وربيعة شيخ الإِمام مالك -رحمه الله والإمام مالك -رحمه الله- حيث اتفقت أقوالهم على أن الإستواء معلوم والكيف مجهول والإِيمان به واجب والسؤال عنه بدعة (أي عن كيفيته)، لأن الإِمام مالك قال للسائل: الإستواء معلوم فكيف يقول: السؤال عن الإستواء بدعة!! هذا لا يمكن أبدًا. إياكَ نَعبد وإياكَ نستعين (نخصك بالعبادة والدعاء والاستعانة وحدك) 1 - ذكر علماء العربية أن الله -تعالى- قدم المفعول به (إِياك) على الفعل (نعبد ونستعين) ليخص العبادة والإِستعانة به وحده، ويحصرهما له دون سواه. 2 - إِن هذه الآية التي يكررها المسلم عشرات المرات في الصلاة وخارجها، هي خلاصة سورة الفاتحة، وهي خلاصة القرآن كله. 3 - إِن العبادة في هذه الآية تعُم العبادات كلها مثل الصلاة والنذر والذبح ولا سيما الدعاء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] فكما أن الصلاة عبادة لا تجوز لرسول ولا لولي فكذلك الدعاء عبادة، بل هو لله وحده: {قل إنما أدعوا ربي ولا أُشركُ به أحدًا} [الجن:20] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم - "دعوةُ ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إنه إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين، لم يَدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له". [صححه الحاكم ووافقه الذهبي]

استعن بالله وحده

استعِن بالله وحده قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنت فاستعِن بالله" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] 1 - يقول الإِمام النووي والهيتمي في تفسير هذا الحديث ما خلاصته: إِذا طلبت الإِعانة على أمر من أمور الدنيا والآخرة فاستعن بالله، لا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله، كشفاء المرض وطلب الرزق والهداية، فهي مما اختص الله بها وحده قال تعالى: {وإِنْ يمسَسْكَ الله بضر فلا كاشِفَ له إِلا هو} [الأنعام: 17] 2 - مَن أراد حُجة فالقرآن يكفيه، ومن أراد مُغيثًا فالله يكفيه، ومن أراد واعظًا فالموت يكفيه، ومن لم يكفه شيء من ذلك، فإِن النار تكفيه، قال تعالى: {أليسَ الله بكافٍ عبدَه} [الزمر: 36] 3 - يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني في الفتح الرباني: "سَلوا الله ولا تسألوا غيره، استعينوا بالله ولا تستعينوا بغيره، ويحك بأيِّ وجهٍ تلقاه، وأنت تُنازعه في الدنيا، فعرِض عنه، مُقَبل على خلقه، مُشرك به، تُنزل حوائجك بهم. وتتكل بالمهمات عليهم. ارفعوا الوسائط بينكم وبين الله فإِن وقوفكم معها هَوَس، لا مُلك ولا سلطان، ولا غنى، ولا عِزَّ إلا للحق -عز وجل- كن مع الحق، بلا خَلق". (أى كن مع الله بدعائه بلا واسطة من خلفه) 4 - الاستعانة المشروعة: أن تستعين بالله على حل مشاكلك، والاستعانة الشركية: أن تستعين بغير الله كالأنبياء والأولياء الأموات، أو الأحياء الغائبين، فهم لا يملكون نفعًا ولا ضرًا، ولا يسمعون الدعاء، ولو سمعوا ما استجابوا لنا، كما حكى القرآن عنهم ذلك. أما الاستعانة بالأحياء الحاضرين فيما يقدرون عليه من بناء مسجد، أو قضاء

الرحمن على العرش استوى

حاجة، وغير ذلك، فهي جائزة لقول الله تعالى: {وتعاونوا على البرِّ والتقوي} [المائدة: 2] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله في عون العبد، ما دام العبد في عون خيه". [رواه مسلم] ومن أمثلة الاستعانة الجائزة من الأحياء قول الله- تعالى: {فاستغاثه الذي من شيعته على الذي مِن عَدُوه} [القصص: 15] وقول الله -تعالى- في طلب ذي القرنين: {فأعينوني بقُوة} [الكهف: 95] الرحمن على العرش استوى لقد وردت آيات وأحاديث وأقوال السلف تثبت العلُوَّ لله: 1 - قال الله تعالى: {إِليه يصعَدُ الكَلمُ الطيبُ والعمل الصالح يرفعه} [فاطر: 10] 2 - وقال الله تعالى: {ذي المعارج (3) تعرُج الملائكة والروح إِليه} [المعارج: 3، 4] 3 - وقال الله تعالى: {سبح اسمَ ربك الأعلى} [الأعلى: 1] 4 - وقال الله تعالى: {الرحمنُ على العرش استوى} (¬1) [طه: 5] (أي علا وارتفع كما جاء في تفسير الطبري) 5 - نقل البخاري في كتاب التوحيد عن أبي العالية ومجاهد في تفسير {استوى} (أي علا وارتفع) 6 - خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة في حجة الوداع قائلًا: "ألا. هل بلغت؟ " قالوا نعم، يرفع أصبعه إِلى السماء ويُنكِّبها (¬2) إِليهم ويقول: "اللهم اشهد" [رواه مسلم] ¬

_ (¬1) لقد تكرر في القرآن الإستواء على العرش سبع مرات، مما يدل على أهميته. (¬2) ينكبها: يميلها إلى الناس.

7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي فهو مكتوب عنده فوق العرش" [رواه البخاري] 8 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: ألا تأمنوني وأنا أمين مَن في السماء؟ يأتيني خبرُ السماء صَباحًا ومساءً" [متفق عليه] 9 - وقال الأوزاعي: كنا والتابعون متوافرون نقول: إِن الله -جل ذكره- فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته. [رواه البيهقي بإسناد صحيح] [فتح الباري] 10 - وقال الشافعي: إِن الله -تعالى- على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وأن الله ينزل إِلى السماء الدنيا كيف شاء. 11 - وقال أبو حنيفة: من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فقد كفر، لأن الله يقول: {الرحمنُ على العرش استوى} وعرشه فوق سبع سموات، فإِن قال إِنه على العرش، ولكن يقول: لا أدري العرش في السماء أم في الأرض؟ قال هو كافر، لأنه أنكر أنه في السماء، فمن أنكر أنه في السماء فقد كفر، لأن الله أعلى عليين، وهو يُدعى مِن أعلى لا مِن أسفل. [شرح العقيدة الطحاوية 322] 15 - سئل الإِمام مالك عن كيفية استواء الله على عرشه فقال: "الإستواء معلوم، والكَيف مجهول، والإِيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة (أي عن كيفيته) أخرجوا هذا المبتدع. 16 - لا يجوز تفسير استوى بمعنى استولى، لعدم ورود ذلك عن السلف فطريقتهم أسلم وأعلم وأحكم. قال ابن قيم الجوزية: لقد أمر الله اليهود أن يقولوا (حِطَّة) فقالوا (حنطة) تحريفًا، وأخبرنا الله أنه (استوى على العرش). فقالوا المتأولون: (استولى)

أهمية التوحيد

فانظر ما أشبه لامهم التي زادوها، بنون اليهود التي زادوها. [نقله محمد الأمين الشنقيطي عن ابن القيم الجوزية] ومع ما في قولهم استولى، من تحريف فهو يوهم أن الله -تعالى- استولى على العرش من منازع له. وأن العرش لم يكن من ملكه ثم استولى عليه. أهمية التوحيد 1 - لقد خلق الله العالَم لعبادته، وأرسل الرسل ليدعو الناس إِلى توحيده، وهذا القرآن الكريم يهتم بعقيدة التوحيد في أكثر سُوَره، ويُبين ضرر الشرك على الفرد والجماعة، وهو سبب الهلاك في الدنيا، والخلود في نار الآخرة. 2 - إِن الرسل جميعًا بدؤوا دعوتهم إِلى التوحيد الذي أمرهم الله بتبليغه للناس، قال تعالى: {وما أرسلنا مِن قبلك مِن رسول إِلا نوحي إِليه أنه لا إِله إِلا أنا فاعبدون}. [الأنبياء: 25] وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقي ثلاثة عشر عامًا في مكة، وهو يدعو قومه إِلى توحيد الله ودعائه وحده دون سواه، وكان فيما أنزل الله عليه: {قل إِنما أدعو ربي ولا أُشرِكُ به أحدا} [الجن: 20] ويُربي الرسول - صلى الله عليه وسلم - أتباعه على التوحيد من الصغر، فيقول لابن عمه عبد الله ابن عباس: "إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنت فاستعن بالله" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] وهذا التوحيد هو حقيقة دين الإِسلام الذي بُني عليه، والذي لا يقبل الله مِن أحد سواه. 3 - لقد علَّم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يبدؤوا دعوتهم للناس بالتوحيد، فقال لمعاذ حينما أرسله إِلى اليمن:

من فضل التوحيد

"فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ان لا إله إلا الله. وفي رواية - إلى أن يُوَحِّدوا الله". [متفق عليه] 4 - إِن التوحيد يتمثل في شهادة أن لا إِله إِلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ومعناها لا معبود بحق إلا الله، ولا عبادة إِلا ما جاء بها رسول الله، والشهادة يدخل بها الكافر الإِسلام، لأنها مفتاح الجنة، وتُدخل صاحبها الجنة إِذا لم ينقضها بناقض كالشرك أو كلمة الكفر. 5 - لقد عرض كفار قريش على رسول الله الملك والمال والزواج وغيرها من مُتع الحياة مقابل أن يترك دعوة التوحيد، ومهاجمة الأصنام، فلم يرض منهم ذلك، بل استمر في دعوته يتحمل الأذى مع صحابته إِلى أن انتصرت دعوة التوحيد بعد ثلاثة عشر عامًا، وفُتحت مكة بعد ذلك، وكُسرت الأصنام، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: {جاء الحق وزَهَقَ الباطلُ إِن الباطِلَ كان زَهوقًا}. [الإسراء: 81] 6 - التوحيد وظيفة المسلم فى الحياة فيبدأ حياته بالتوحيد، ويُودِّعها بالتوحيد، ووظيفته في الحياة إِقامة التوحيد، والدعوة إِلى التوحيد، لأن التوحيد يُوحد المؤمنين، ويجمعهم على كلمة التوحيد، فنسأل الله أن يجعل كلمة التوحيد آخر كلامنا من الدنيا، ويجمع المسلمين على كلمة التوحيد. مِن فضل التوحيد 1 - قال الله - تعالى: {الذين آمنوا ولَم يَلبِسوا إيمانهم بظلمٍ أولئكَ لهم الأمنُ وهم مُهتدون}. [الأنعام: 82] عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين، وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: {يا بُنَي لا تُشرِكْ باللهِ

إِن الشِّرك لَظُلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13] [متفق عليه] فهذه الآية تبشر المؤمنين الوحدين الذين لم يَلبسوا إِيمانهم بشرك، فابتعدوا عنه، أن لهم الأمن التام من عذاب الله في الآخرة، وأولئك هم المهتدون في الدنيا. 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان بضع وستون شعبة: فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" [رواه مسلم] التوحيد يُسبب السعادة ويُكفِّر الذنوب 3 - جاء فى كتاب (دليل المسلم في الاعتقاد والتطهير) لفضيلة الشيخ عبد الله خياط ما يلي: المرء بحكم بشريّته وعدم عصمته قد تَنزلِق قدمه، ويقع في معصية الله، فإِذا كان من أهل التوحيد الخالص من شوائب الشرك، فإِن توحيده لله، وإخلاصه في قول لا إِله إِلا الله، يكون أكبر عامر في سعادته وتكفير ذنوبه ومحو سيئاته، كما جاء في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل". [رواه البخاري ومسلم] أي إِن جملةَ هذه الشهادات التي يشهدها المسلم بهذه الأصول تستوجب دخوله الجنة دار النعيم، وإن كان في بعض أعماله مآخذ وتقصيرات، كما جاء في الحديث القدسي: قال الله تعالى: "يابن آدم لو أتيتَني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتَني لا تشركُ بي شيئًا لأتيتك بِقرابها مَغفرة" [حسن رواه الترمذي والضياء]

المعنى لو أتيتني بما يقارب ملءَ الأرض ذنوبًا ومعاصي، غير أنك مت على التوحيد لغفرتُ لك ذنوبك. وجاء في حديث آخر: "مَن مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومَن مات يُشركُ بالله شيئًا دخل النار" [رواه مسلم] وكُل هذه الأحاديث يتضح منها فضل التوحيد، وأنه عامل لسعادة العبد، وأعظم وسيلة لتكفير ذنوبه، ومحو خطاياه. انتهى. مِن فوائد التوحيد إِن التوحيد الخالص إِذا تحقق في حياة فرد أو جماعة، حقق أطيب الثمرات، ومن ثمراته. 1 - تحرير الإِنسان من العبودية، والخضوع لغير الله من أشياء، ومخلوقات لا يَخلقون شيئًا، وهم يُخلَقُون، ولا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا، ولا يملكون موتًا ولا حياة ولا نشورًا، فالتوحيد تحرير للإِنسان من كل عبودية إِلا لربه الذي خلقه فسوَّاه، تحرير لعقله من الخرافات والأوهام، تحرير لضميره من الخضوع والذل والإستسلام، وتحرير لحياته من تسلط الفراعنة والأرباب والكهنة والمتألِّهين على عبادة الله، ولهذا قاوم زعماء الشرك وطغاة الجاهلية دعوات الأنبياء عامة، ودعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - خاصة، لأنهم كانوا يعلمون معنى "لا إِله إِلا الله" إِعلان عام لتحرير البشر، وإسقاط للجبابرة عن عروشهم الكاذبة، وإعلاء لجباه المؤمنين التي لا تسجد إِلا لله رب العالين. 2 - تكوين الشخصية المتزنة: فالتوحيد يساعد على تكوين الشخصية المتزنة التي تميزت في الحياة وِجربتها, وتوحدت غايتها، فليس لها إِلا إِله واحد تتجه إِليه

في الخلوة والجلوة، وتدعوه في السراء والضراء، بخلاف المشرك الذي تقسمت قلبه الآلِهة والمعبوداتُ، فمرة يتجه إِلى الأحياء ومرة يتجه إِلى الأموات، ومن هنا قال يوسف -عليه السلام-: {ياصاحِبَي السجن أأرباب مُتفرِّقون خيرٌ أمِ الله الواحدُ القهار} [يوسف: 39] فالمؤمن يعبد إِلهًا واحدًا، عرف ما يرضيه وما يُسخطه، فوقف عندما يُرضيه، واستراح قلبه؛ والمشرك يعبد آلهة عديدة، هذا يأخذه إِلى اليمين، وآخر إِلى اليسار، وهو بينهم مُشتت لا قرار له. 3 - التوحيد مصدر لأمن الناس: لأنه يملأ نفس صاحبه أمنًا وطمأنينة، فلا يخاف غير الله، وقد سَدَّ منَافذ الخوف على الرزق والنفس والأهل، والخوف من الإِنس والجن والموت وغيرها من الخاوف، والمؤمن الموحد لا يخاف أحدًا إِلا الله، ولهذا تراه آمنًا إِذا خاف الناس، مطمئنًا إِذا قلق الناس؛ ولهذا المعنى أشار القرآن الكريم بقوله: {الذين آمنوا ولم يَلْبِسوا إِيمانهم بِظلم أولئك لهم الأمنُ وهم مُهتدون}. [الأنعام: 82] وهذا الأمن ينبع من داخل النفس، لا مِن حراسة الشرطة وهذا أمن الدنيا، وأما أَمنُ الآخرة فهو أعظم وأبقى، لأنهم أخلصوا لله ولم يخلطوا توحيدهم بشرك، لأن الشرك ظلم عظيم. 4 - التوحيد مصدر لقوة النفس لأنه يمنح صاحبه قوةً نفسية هائلة لِما تمتلئ به نفسه من الرجاء في الله، والثقة به والتوكل عليه، والرضا بقضائه والصبر على بلائه، والاستغناء عن خلقه؛ فهو راسخ كالجبل، فإِذا نزلت به مصيبة سأل ربه كشفها، ولم يسأل الأموات ذلك، شعاره قوله - صلى الله عليه وسلم -:"إذا سألت فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] وقوله تعالى: {وِإن يمسَسْكَ الله بضرٍّ فلا كاشفَ له إِلا هو}. [الأنعام: 17]

أعداء التوحيد

5 - التوحيد أساس الإِخاء والمساواة. لأنه لا يسمح لأتباعه أن يتَّخِذَ بعضهُم بعضًا أربابًا من دون الله، فالأُلوهية لله وحده، والعبادة من الناس جميعًا وعلى رأسهم محمد رسوله ومصطفاه - صلى الله عليه وسلم - (¬1). أعداء التوحيد قال الله تعالى: {وكذلك جعلنا لِكل نبى عَدُوًّا شياطينَ الأِنسِ والجِن يُوحي بعضهُم إِلى بعضٍ زُخرُفَ القولِ غُرورًا} [الأنعام: 112] اقتضت حكمة الله أن يجعل للأنبياء، ودعاة التوحيد أعداءً من شياطين الجن يوسوسون لشياطين الإِنس بالضلال والشر والأباطيل، ليضلوهم، ويصدوهم عن التوحيد الذي دعت إِليه الأنبياء أقوامهم إِليه أولًا، لأنه الأساس الذي تُبنى عليه الدعوة الإِسلامية؛ والغريب أن بعض الناس يعتبرون الدعوة إلى التوحيد تفريق للامة، بينما هو توحيد لها، فإِن اسمه دال عليه. أما المشركون الذين اعترفوا بتوحيد الربوبية، وأن الله خالقهم، قد أنكروا توحيد الألوهية في دعاء الله وحده، ولم يتركوا دعاء أوليائهم، وقالوا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي دعاهم إلى توحيد الله في العبادة والدعاء: {أجعلَ الآلهة إِلهًا واحدًا إِن هذا لَشئٌ عُجاب}. [ص: 5] وقال تعالى عن الأم السابقة: {كذلك ما أتى الذين مِن قَبلهم مِن رسول إِلا قالوا ساحِرٌ أو مجنون (52) أتواصَوْا به بل هم قوم طاغون}. [الذاريات: 52 - 53] وصفات المشركين أنهم إِذا سمعوا دعاء الله وحده، اشمأزت قلوبهم ونفرت، فكفروا وأنكروا، وإذا سمعوا الشرك ودعاء غير الله فرحوا واستبشروا، وقد وصف ¬

_ (¬1) من كتاب (حقيقة التوحيد) للدكتور يوسف القرضاوي بتصرف.

موقف العلماء من التوحيد

الله هؤلاء المشركين بقوله: {وِإذا ذُكرَ الله وحدَه اشمأزت قلوبُ الذين لا يؤمنون بالآخرة وإِذا ذُكرَ الذينَ من دونه إِذا هُم يَستَبْشِرون}. [الزمر: 45] وقال تعالى يصف المشركين الذين ينكرون التوحيد: {ذلكم بأنه إِذا دُعِيَ الله وحده كفرتم وِإنْ يُشرَكْ به تُؤمنوا فالحكمُ لله العَلِيِّ الكبير}. [غافر: 12] وهذه الآيات وإن كانت في حق الكفار، فإِنها تنطبق على كل من اتصف بصفاتهم ممن يدَّعون الإِسلام، ويحاربون دعاة التوحيد، ويفترون عليهم، ويلقبونهم بالأسماء المنفِّرة، ليصدوا الناس عنهم، ويُنفِّروهم من التوحيد الذي بعث الله الرسل من أجله، ومن هؤلاء من يسمع طلب الدعاء من الله فلا يخشع، وإذا سمع الدعاء من غير الله، كطلب المدد من الرسول أو الأولياء خشع واستبشر!! فبئس ما يفعلون. موقف العلماء من التوحيد إِن العلماء ورثة الأنبياء وأول ما دعى إِليه الأنبياء هو التوحيد الذي ذكره الله بقوله: {ولقد بعثنا في كُل أمةٍ رَسولًا أنِ اعبدوا الله واجتَنبوا الطاغوت} [النحل: 36] (والطاغوت: هو كل ما عُبد مِن دون الله برضاه) ولذلك يجب على العلماء أن يبدؤوا بما بدأت به الرسل، فيدعوا الناس إِلى توحيد الله في جميع أنواع العبادة، ولا سيما الدعاء الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". رواه الترمذي وفال حسن صحيح] وأكثر المسلمين اليوم وقعوا في الشرك ودعاء غير الله، وهو سبب شقائهم، وشقاء الأمم السابقة الذين أهلكهم الله بسبب دعائهم لأوليائهم من دون الله. إِن موقف العلماء من التوحيد ومحاربة الشرك على أقسام:

1 - القسم الأول فهموا التوحيد وأهميته وأنواعه، وعرفوا الشرك وأقسامه، فقاموا بواجبهم، وبينوا للناس التوحيد والشرك-، وحجتهم القرآن الكريم والسنة الثابتة، وقد تعرض هؤلاء العلماء -كما تعرض الأنبياء- إِلى اتهامات كاذبة، فصبروا ولم يتراجعوا، وشعارهم قوله تعالى: {واصبر على ما يقولون واهجُرهم هَجرًا جميلًا}. [المزمل: 10] وقديمًا أوصى لقمان الحكيم ولده قائلًا: {يا بُنيَّ أقمِ الصلاة وأمُر بالمعروف وانه عن المنكر واصبِرْ على ما أصابك إِنَّ ذلك مِن عَزْمِ الأمور}. [لقمان: 17] 2 - والقسم الثاني من العلماء أهملوا الدعوة إِلى التوحيد الذي هو أساس الإِسلام، فراحوا يدعون الناس إِلى الصلاة والحكم والجهاد دون أن يصححوا عقائد المسلمين، وكأنهم لم يسمعوا قوله تعالى: {ولو أشركوا لَحبطَ عنهم ما كانوا يعملون}. [الأنعام: 88] ولو قدموا التوحيد قبل غيره كما فعلت الرسل لنجحت دعوتهم، ونصرهم الله، كما نصر الرسل والأنبياء، قال تعالى: {وعَدَ الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنهم في الأرض كما استخلف الذينَ مِن قبلِهم ولَيُمَكِّنَنَّ لهم دينَهم الذي ارتضى لهم ولَيُبَدِّلَنَّهم مِن بعد خوفهم أمْنًا يعبدونني لا يُشركون بي شيئًا ومَن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون}. [النور: 55] فالشرط الأساسي للنصر هو التوحيد، وعدم الإِشراك بالله. 3 - والقسم الثالث من العلماء والدعاة تركوا الدعوة إِلى التوحيد، ومحاربة الشرك خوفًا من مهاجمة الناس لهم، أو خوفًا على وظائفهم ومراكزهم، فكتموا العلم الذي أمرهم الله بتبليغه للناس، وحق عليهم قوله تعالى: {إِن الذين يَكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد بيّناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}. [البقرة: 159]

وقال تعالى في حق الدعاة: {الذين يبلِّغون رسالاتِ اللهِ ويخشونه ولا يخشون أحدًا إِلا الله}. [الأحزاب: 39] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كتم عِلمًا ألجمَه الله بلِجام من نار". [صحيح رواه أحمد] 4 - القسم الرابع من العلماء والمشايخ مَن يعارض الدعوة إِلى توحيد الله في دعائه وحده، وعدم دعاء غير الله من الأنبياء والأولياء والأموات لأنهم يُجيزون ذلك، ويصرفون الآيات الواردة في التحذير من دعاء غير الله، في حق المشركين، وإِنه لا يوجد أحد من السلمين داخلًا في الشرك، وكأنهم لم يسمعوا قوله - تعالى: {الذين آمنوا ولم يَلْبِسوا إِيمانهم بظُلم أولئك لهم الأمن وهم مُهتدون} [الأنعام: 82] والظلم معناه هنا الشرك، بدليل قوله تعالى: {إِن الشِركَ لَظُلْمٌ عظيم} [لقمان:13] فالشرك حسب الآية قد يقع فيه المسلم والمؤمن كما هو واقع الآن في كثير من البلاد الإِسلامية، وهؤلاء الذين يبيحون للناس دعاء غير الله، والدفن في المساجد، والطواف حول القبور، والنذور للأولياء، وغيرها من البدع والمنكرات، قد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - منهم فقال: "إنما أخاف على أمَّتي الأئمة المضلين" [صحيح رواه الترمذي] وأجاب أحد مشايخ الأزهر السابقين على سؤال حول جواز الصلاة إِلى القبر فقال: لماذا لا تجوز إِلى القبر، وهذا رسول الله في المسجد، والناس يُصلون إِلى قبره! انتهى. بينما الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يدفن في مسجده، بل دفن في بيت عائشة، وقد نهى عن الصلاة إِلى القبور؛ ومن دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني اعوذ بك مِن عِلم لا ينفع" [رواه مسلم]

ما معنى وهابي؟

(أي لا أُعلّمه غيري، ولا أعمل به ولا يُبدل مِن أخلاقي السيئة) [فسره المناوى] 5 - الناس الذين أخذوا بكلام مشايخهم وأطاعوهم في معصية الله خالفوا قول رسولهم - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف". [رواه البخاري] وسوف يندمون يوم القيامة على طاعتهم، حيث لا ينفعهم الندم. قال تعالى يصف عذاب الكافرين ومَن سار على طريقتهم: {يوم تُقلَّبُ وُجُوهُهُم في النار يقولون يا ليتَنا أطعنا الله وأطعْنا الرسولا (66) وقالوا ربنا إِنا أطعنا سادَتنا وكَبُراءَنا فأضلونا السبيلا (67) ربنا آتِهم ضعفَينِ من العذابِ والْعَنْهم لَعْنًا كبيرًا}. [الأحزاب: 66 - 68] قال ابن كثير في تفسير الآية: (أي اتبعنا الأمراء والكبراء من المشيخة، وخالفنا الرسل، واعتقدنا أن عندهم شيئًا، وأنهم على شيء، فإِذا هم ليسوا على شيء) ما معنى وهّابي؟ اعتاد الناس أن يُطلقوا كلمة وهابي على كل من يخالف عاداتهم ومعتقداتهم وبدعهم، ولو كانت هذه المعتقدات فاسدة، تخالف القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة، ولا سيما الدعوة إِلى التوحيد ودعاء الله وحده دون سواه: كنت أقرأ على شيخ حديث ابن عباس في الأربعين النووية، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألتَ فاسأل الله وإذا استعنتَ فاستعن بالله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] فأعجبني شَرح النووي حين قال: "ثم إِن كانت الحاجة التي يسألها، لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه، كطلب الهداية والعلم .. وشفاء المرض وحصول العافية سأل ربه ذلك؛ وأما سؤال الخلق والاعتماد عليهم فمذموم" فقلت للشيخ هذا الحديث وشرحه يفيد عدم جواز الاستعانة بغير الله، فقال لي: بل تجوز!! قلت

وما دليلك؟ فغضب الشيخ وصاح قائلًا: إِن عمتي تقول يا شيخ سعد (وهو مدفون في مسجده تستعين به)، فأقول لها يا عمتي وهل ينفعك الشيخ سعد؟ فتقول: أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني!! مع أنه ميت!! قلت له: إِنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب، ثم تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة! فقال لي عندك أفكار وهابية، أنت تذهب للعمرة وتأتي بكتب وهابية!!! وكنت لا أعرف شيئًا عن الوهابية إِلا ما أسمعه من المشايخ: فيقولون عنهم: الوهابيون مخالفون للناس لا يؤمنون بالأولياء وكراماتهم، ولا يحبون الرسول، وغيرها من الاتهامات الكاذبة! فقلت في نفسي: إِن كانت الوهابية تؤمن بالاستعانة بالله وحده، وأن الشافي هو الله وحده، فيجب أن أتعرف عليها، سألت عن جماعتها فقالوا لهم مكان يجتمعون فيه مساء الخميس، لإِلقاء دروس في التفسير والحديث والفقه، فذهبت إِليهم مع أولادي وبعض الشباب المثقف، فدخلنا غرفة كبيرة، وجلسنا ننتظر الدرس، وبعد فترة دخل علينا شيخ كبير السن، فسلَّم علينا وصافحنا جميعًا مبتدئًا بيمينه، ثم جلس على مقعد، ولم يقم له أحد، فقلت في نفسي هذا شيخ متواضع لا يحب القيام. بدأ الشيخ الدرس بقوله: إِن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره .. إِلى آخر الخطبة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بها خطبه ودروسه، ثم بدأ يتكلم باللغة العربية، ويورد الأحاديث، ويبين صحتها وراويها، ويصلي علي النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما ذكر اسمه؛ وأخيرًا وجهت له الأسئلة المكتوبة على الأوراق، فكان يجيب عليها بالدليل من القرآن والسنة، ويناقشه بعض الحاضرين فلا يرد سائلًا، وقد قال في آخر درسه: الحمد لله على أننا مسلمون وسلفيون (¬1)، وبعض الناس يقولون إننا ¬

_ (¬1) السلفيون: الذين يتبعون طريقة السلف الصالح.

محمد بن عبد الوهاب

وهابيون، فهذا تنابز بالألقاب، وقد نهانا الله عن هذا بقوله: {ولا تنابزوا بالألقاب}. [الحجرات: 11] وقديمًا اتهموا الإِمام الشافعي بالرَّفض فردَّ عليهم قائلًا: إِن كان رَفضًا حُبُّ آل محمدٍ ... فليشهد الثقلان أني رافضيِ ونحن نردُّ على مَن يتهمنا بالوهابية بقول أحد الشعراء: إِن كان تابعُ أحمدٍ مُتوهبًا ... فأنا المِقرُّ بأنني وهَّابي ولما انتهى خرجنا مع بعض الشباب معجبين بعلمه وتواضعه، وسمعت. أحدهم يقول: هذا هو الشيخ الحقيقي!!! معنى وهابي أطلق أعداء التوحيد على الموحد كلمة (وهابي) نسبة إِلى محمد بن عبد الوهاب، ولو صدقوا لقالوا (محمدي) نسبة إِلى اسمه (محمد)، وشاء الله أن تكون (وهابي) نسبة إِلى (الوهاب) وهو اسم من أسماء الله الحسنى. فإِذا كان الصوفي ينتسب إِلى جماعة يلبسون الصوف، فإِن الوهابي ينتسب إِلى الوهاب، وهو الله الذي وهب له التوحيد، ومكنه من الدعوة إِليه. محمد بن عبد الوهاب ولد في بلدة (العُيَينة) في نجد سنة 1115 هـ حفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة، وتعلم على والده الفقه الحنبلي، وقرأ الحديث والتفسير على شيوخ من مختلف البلاد، ولا سيما في المدينة المنورة، وفهم التوحيد من الكتاب والسنة، وراعه ما رأى في بلده (نجد) والبلاد التي زارها من الشرك والخرافات والبدع، وتقديس القبور التي تتنافى مع الإِسلام الصحيح؛ فقد سمع النساء في بلده يتوسلن بفحل

النخل ويقلن (يا فحل الفحول أريد زوجًا قبل الحول)! ورأى في الحجاز من تقديس قبور الصحابة، وأهل البيت والرسول ما لا يسوغ إِلا لله فقد سمع في المدينة استغاثات بالرسول ودعائه من دون الله، مما يخالف القرآن وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالقرآن يقول: {ولا تدعُ مِن دونِ الله ما لا يَنفعُك ولا يَضرك فإِنْ فعلتَ فإِنك إِذًا من الظالمين} [أي المشركين] [يونس: 106] والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لابن عمه عبد الله بن عباس: "إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنت فاستعِن بالله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] قام الشيخ يدعو قومه للتوحيد ودعاء الله وحده، لأنه هو القادر والخالق، وغيره عاجز عن دفع الضر عن نفسه وغيره، وأن محبة الصالحين تكون باتباعهم لا باتخاذهم وسائط بينهم وبين الله، ودعائهم من دون الله!! 1 - وقوف المبطلين ضده: وقف المبتدعون ضد دعوة التوحيد التي تبناها الشيخ، ولا غرابة فقد وقف أعداء التوحيد في زمن الرسول وقالوا مستغربين: {أجعلَ الآلهة إِلهًا واحدًا إِن هذا لشيءٌ عُجاب}. [ص: 5] وبدأ أعداء الشيخ يحاربونه، ويشيعون عنه الأكاذيب، ويتآمرون على قتله، والخلاص من دعوته؛ ولكن الله حفظه، وهيَّأَ من يساعده حتى انتشرت دعوة التوحيد في الحجاز والبلاد الإِسلامية، وما زال بعض الناس إِلى يومنا هذا يشيعون الأكاذيب، ويقولون إِن إِنه ابتدع مذهبًا خامسًا، مع أن مذهبهُ حنبلي؛ ويقولون: الوهابيون لا يُحبون الرسول، ولا يُصلون عليه! مع أن الشيخ -رحمه الله- له كتاب (مختصر سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -) وهذا دليل على حبه للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد افترَوا عليه الأكاذيب التي سيحاسبون عليها يوم القيامة؛ ولو درسوا كتبه بإِنصاف لوجدوا فيها القرآن والحديث وأقوال الصحابة؛ حدثني رجل صادق أن أحد العلماء كان يُحذر في دروسه من الوهابية، فأعطاه أحد الحاضرين كتابًا بعد أن نزع اسم المؤلف

معركة التوحيد والشرك

محمد بن عبد الوهاب، فقرأه وأعجبه ولما علم بمؤلفه بدأ يمدحه. 2 - ورد في الحديث: "اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا، قالوا وفي نجدنا، قال: هنالك الزلازل والفِتَن وبها يطلعُ قرن الشيطان" [رواه البخاري ومسلم] (ذكر ابن حجر العسقلاني وغيره من العلماء أن نجد الواردة في الحديث هي نجد العراق) فقد ظهرت الفتن هناك حيث قتل الحسين بن علي -رضي الله عنه- خلافًا لما يظنه بعض الناس أن المراد نجد الحجاز، حيث لم يظهر فيها شيء من الفتن التي ظهرت في العراق، بل ظهر من نجد الحجاز التوحيد الذي خلق الله العالم لأجله، والذي من أجل أرسل الله الرسل. 3 - ذكر بعض العلماء المنصفين أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو من مُجددي القرن الثاني عشر الهجري، ولقد ألفوا كتبًا عنه، ومن هؤلاء المؤلفين الشيخ علي الطنطاوي أخرج سلسلة من أعلام التاريخ، ذكر منهم الشيخ محمد ابن عبد الوهاب، وأحمد بن عرفان، ذكر فيه أن عقيدة التوحيد وصلت إِلى الهند وغيرها بواسطة الحجاج المسلمين الذين تأثروا بها في مكة، فقام (الإنكليز) وأعداء الإسلام يحاربونها لأنها توحد المسلمين ضدهم وأوعزوا إِلى المرتزقة أن يُشوِّهوا سُمعتها، فأطلقوا على كل موحد يدعو للتوحيد كلمة (وهابي)، وأرادو به المبتدع، لِيصرفوا المسلمين عن عقيدة التوحيد التي تدعو إِلى دعاء الله وحده، ولم يعلم هؤلاء الجهلة أن كلمة (وهابي) نسبة إِلى (الوهاب) وهو اسم من أسماء الله الذي وهب له التوحيد، ووعده بالجنة. معركة التوحيد والشرك 1 - إِن معركة التوحيد مع الشرك قديمة منذ زمن الرسول نوح -عليه السلام- حينما دعا قومه إِلى عبادة الله وحده، وترك عبادة الأصنام، وبقي فيهم ألف سنة

إِلا خمسين عامًا، وهو يدعوهم إِلى التوحيد، فكان ردهم كما ذكر القرآن، (وقالوا لا تَذَرُنَّ آلهتَكم ولا تَذرُنَّ ودًّا ولا سواعًا ولا يغوثَ ويَعوقَ ونَسْرًا (23) وقد أضَلّوا كثيرًا} [نوح:23، 24] روى البخاري عن ابن عباس-رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية قال: 1 - هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إِلى قومهم أن انصِبوا إِلى مجالسهم التى كانوا يجلسون أنصابًا وسموها باسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إِذا هلك أولئك وتنسَّخ العلم عُبِدَت. (أي الأحجار والأنصاب التي هي التماثيل) 2 - ثم جاء الرسل بعد نوح يدعون قومهم إِلى عبادة الله وحده، وترك ما يعبدون من دونه من الآلهة التي لا تستحق العبادة، فاسمع إِلى القرآن وهو يُحدثك عنهم فيقول: {وِإلى عادٍ أخاهم هُودًا قال يا قوم اعبُدوا الله ما لكم مِن إِله غَيره أفلا تتقون}. [الأعراف: 65] {وإِلى ثمودَ أخاهم صالحًا فال يا قوم اعبدوا الله ما لكم مِن إِله غيره} [هود: 61] {وإِلى مَدين أخاهم شُعيبًا قال يا قَوم اعبدوا الله ما لكم من إِله غيره} [هود: 84] {وإِذ قال إِبراهيم لأبيه وقومَه إِنني بَراءٌ مما تَعبدون (26) إِلا الذي فطرَني فإِنه سيهدين} [الزخرف:27،26] وكان رَدُّ المشركين على جميع الأنبياء بالمعارضة والاستنكار لما جاءوا به، ومحاربتهم بكل ما يستطيعون من قوة. 3 - وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي كان معروفًا عند العرب قبل البعثة بالصادق الأمين، لما دعاهم الى عبادة الله وتوحيده، وترك ما كان يعبد آباؤهم نسوا صدقه

وأمانته، وقالوا: {ساحر كذاب} وهذا القرآن يحكي ردهم فيقول: {وعجبوا أنْ جاءَهم مُنذِرٌ منهم وقال الكافرون هذا ساحِرٌ كذَّاب (4) أجعل الآلهة إِلهًا واحد إِن هذا لشيءٌ عجاب} [ص: 4، 5] {كذلك ما أتى الذين مِن قَبلهم مِن رسول إِلا قالوا ساحِرٌ أو مجنون (52) أتواصَوا به بل هم قومٌ طاغون} [الذاريات: 52 - 53] هذا موقف الرسل جميعًا من الدعوة إِلى التوحيد، وهذا هو موقف أقوامهم المكذبين المفترين. 4 - وفي عصرنا الحاضر حينما يدعو المسلم إِخوانه إِلى الأخلاق والصدق والأمانة لا تجد معارضًا له، فإِذا قام يدعو إِلى التوحيد الذي دعت إِليه الرسل وهو دعاء الله وحده، وعدم دعاء من سواه من الأنبياء والأولياء الذين هم عباد الله - قام الناس يعارضونه ويتهمونه بتهم كاذبة، ويقولون عنه (وهابي)! ليصدوا الناس عن دعوته، وإِذا جاءهم بآية فيها توحيد قال قائلهم: (هذه آية وهابية)!! وإِذا جاءهم بحديث: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنتَ فاستعِن بالله" قال بعضهم: (هذا حديث وهابي)!. وإِذا وضع المصلي يديه على صدره، أو حرَّك إِصبعه في التشهد، كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال الناس عنه وهابي!! فأصبح الوهابي رمزًا للموحد الذي يدعو ربه وحده، ويتبع سنة نبيه، والوهابي منسوب للوهَّاب، وهو اسم من أسماء الله - الذي وهب له التوحيد، وهو أكبر نعمة من الله على الموحدين. 5 - على دعاة التوحيد أن يصبروا، ويتأسوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال له ربه: (واصبِر على ما يقولون واهجُرهم هَجرًا جميلًا} [المزمل: 10] {فاصبر لحكم ربك ولا تُطِعْ منهم آثِمًا أو كَفورًا} [الإِنسان:24] على المسلمين أن يقبلوا دعوة التوحيد، ويحبوا دعاته، لأن التوحيد دعوة

إن الحكم إلا لله

الرسل عامة، ودعوة رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فمن أحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحب دعوة التوحيد، ومن أبغض التوحيد فقد أبغض الرسول - صلى الله عليه وسلم -. إنِ الحكم إلا لله خلق الله العالم لعبادته وحده، وأرسل لهم الرسل لتعليمهم وأنزل مع الرسل الكتب، ليحكم بالحق والعدل بينهم، وهذا الحكم يتمثل في كلام الله، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويشمل الحكم في العبادات، والمعاملات، والعقائد، والتشريع، والسياسة، وغيرها من أمور البشر. 1 - الحكم في العقيدة: أول ما بدأ به الرسل دعوتهم هو تصحيح العقائد، ودعوة الناس إِلى التوحيد، فهذا يوسف -عليه السلام- في السجن يدعو صاحبيه إِلى التوحيد عندما سألاه تعبير الرؤيا، وقبل أن يجيبهما قال لهما: {يا صاحِبَي السجن أَأربابٌ مُتَفَرِّقون خير أم الله الواحدُ القهار (39) ما تعبدون مِن دونه إِلا أسماءً سمَّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها مِن سلطان إِنِ الحكمُ إِلا لِلّه أمرَ ألا تعبدوا إِلا إِياه ذلك الدين القيِّم ولكن أكثرَ الناس لا يعلمون}. [يوسف: 39 - 40] 2 - الحكم في العبادات: يجب أن تأخذ أحكام العبادة من صلاة وزكاة وحج وغير ذلك من القرآن والحديث الصحيح عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صَلّوا كما رأيتموني أصلي" [متفق عليه] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككُم" [رواه مسلم] وعملًا بقول الأئمة المجتهدين: إِذا صح الحديث فهو مذهبي. فإِذا اختلف الأئمة في أمر من الأمور، فلا نتعصب لقول أحد، إِلا لمن كان معه الدليل الصحيح الذي له أصل من الكتاب والسنة. 3 - الحكم في المعاملات من بيع وشراء وقرض وإجارة وغيرها يكون الحكم فيها

لله ولرسوله، لقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] وقد ذكر المفسِّرون سبب نزولها، وهو أن رجلين اختلفا في السقاية، فحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - للزبير أن يسقي، فقال رجل حكمتَ له لأنه ابن عمتك! فنزلت الآية. [رواه البخارى] 4 - الحكم في الحدود والقصاص لقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} إِلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] 5 - الحكم لله في التشريع لقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الشورى: 13] وقد أنكر الله على المشركين إِعطاء حق التشريع لغير الله فقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] الخلاصة يجب على المسلمين أن يحكموا بالكتاب والسنة الثابتة، ويتحاكموا إِليهما في كل شيء، عملاً بقول الله - تعالى: {وأن احكمْ بينهم بما أنزل الله} [المائدة:49] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما لم تحكُم أئِمتُهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسَهم بينهم" [حسن رواه ابن ماجه وغيره] وعلى المسلمين أن يُلغوا القوانين الأجنبية من بلادهم كالقوانين الفرنسية والإِنجليزية وغيرها مما يخالف حكم الإِسلام وأن لا يلجؤوا إِلى المحاكم التي تحكم بقوانين تخالف الإِسلام وأن يحتكموا إِلى الإِسلام عند مَن يثقون به من أهل العلم، فذلك خير لهم، لأن الإِسلام ينصفهم، ويعدل بينهم، ويوفر عليهم المال والوقت

العقيدة أولا أم الحاكمية؟

الذي يضيع في المحاكم المدنية بلا فائدة تُذكر، إِضافة إِلى العذاب الأكبر يوم القيامة، لأنه أعرض عن حكم الله العادل، ولجأ إِلى حكم المخلوق الظالم. العقيدة أولًا أم الحاكمية؟ أجاب الداعية الكبير محمد قطب على هذا في محاضرة ألقاها في دار الحديث بمكة المكرمة، وهذا نص السؤال: س- البعض يقول إِن الإِسلام سيعود من قِبَل الحاكمية، والبعض الآخر يقول: سيعود الإِسلام عن طريق تصحيح العقيدة، والتربية الجماعية، فأيهما أصح؟ ج- من أين تأتي حاكمية هذا الدين في الأرض، إِن لم يكن دعاة يصححون العقيدة ويؤمنون إِيمانًا صحيحًا ويُبتَلون في دينهم فيصبرون، ويجاهدون في سبيل الله، فَيُحكَّم دِين الله في الأرض، قضية واضحة جدًا، ما يأتي الحكم من السماء، ما يتنزل من السماء؟ وكل شيء يأتي من السماء، لكن بجهد من البشر، فرضه الله على البشر: {ولو يشاء الله لانتصرَ منهم ولكن لِيَبلُوَ بعضكم ببعض} [محمد: 4] لابد أن نبدأ بتصحيح العقيدة، وتربية جيل على العقيدة الصحيحة، جيل يُبتلى فيصبر على البلاء، كما صبر الجيل الأول. انتهى. الشرك الأكبر وأنواعه الشرك الأكبر أن تجعل لله نِدًا (شريكًا) تدعوه كما تدعو الله، أو تصرف له نوعًا من أنواع العبادة، كالاستغاثة أو الذبح أو النذر أو غيرها، وفي الصحيحين عن ابن مسعود سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أيُّ الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعلَ لله نِدًا وهو خلقك". [رواه البخاري ومسلم]

أنواع الشرك الأكبر 1 - شرِك الدعاء: وهو دعاء غير الله من الأنبياء والأولياء لطلب الرزق أو شفاء المرض، لقول الله - تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [أي المشركين بالله] [يونس: 106] ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن ماتَ وهو يدعو من دون الله نِدًا دخل النار" [رواه البخاري] والدليل على أن دعاء غير الله من الأموات أو الغائبين شرك قول الله - تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}. [فاطر: 13، 14] 2 - الشرك في صفات الله: كالاعتقاد بأن الأنبياء أو الأولياء يعلمون الغيب قال الله - تعالى: {وعنده مفاتح الغيبِ لا يَعلَمُها إِلا هو} [الأنعام: 59] 3 - شرِك المحبة: وهو محبة أحد الأولياء أو غيرهم كمحبة الله لقوله - تعالى: {ومِنَ الناسِ مَن يتخذُ مِن دون الله أندادًا يحبونهم كحُبّ الله والذين آمنوا أشَدُّ حُبًا لله}. [البقرة: 165] 4 - شِرك الطاعة: وهو طاعة العلماء والمشايخ في المعصية مع اعتقادهم جواز ذلك لقوله تعالى: {اِتخَذوا أحبارَهم ورُهبانهم أربابًا مِن دونِ الله} [التوبة: 31] وقد فسرت العبادة بطاعتهم في المعصية بتحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله. قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". [صحيح رواه أحمد] 5 - شِرك الحُلول: وهو الإعتقاد بأن الله حل في مخلوقاته، وهذه عقيدة ابن عربي الصوفي المدفون بدمشق حتى قال: الربُّ عبدٌ، والعبد رَبٌّ ... يا ليتَ شِعري مَن المكلفُ؟

وقال شاعر آخر صوفي يعتقد الحلول: وما الكلب والخنزير إِلا إِلهنا ... وما الله إِلا راهبٌ في كنيسةٍ 6 - شرِك التصرف: وهو اعتقاد أن بعض الأولياء لهم تصرفات في الكون يُدبرون أموره، يُسمونهم الأقطاب مع أن الله -تعالى- يسأل المشركين الأقدمين قائلًا: {ومَن يُدبِّرُ الأمرَ فسيقولون الله} [يونس: 31] 7 - شِرك الخوف: وهو الاعتقاد بأن لبعض الأولياء الأموات أو الغائبين تصرفًا وضررًا يسبب الخوف منهم لذلك تجد بعض الناس يحلف بالله كاذبًا ولا يحلف بالولي كاذبًا خوفًا منه وهذا اعتقاد المشركين الذي حذر منه القرآن بقوله: {ألَيسَ الله بكافٍ عبده ويُخوفونك بالذين مِن دونه}. [الزمر: 36] أما الخوف من الحيوان المفترس، والظالم الحي فجائز، وليس بشرك. 8 - شِرك الحاكمية: وهو الذي يصدر القوانين المخالفة للإِسلام ويجيزها، أو يرى عدم صلاحية حكم الاسلام، ويشمل الحاكم والمحكوم، وذلك إِذا اعتقدها المحكوم ورضيَ بها. 9 - الشرك الأكبر يحبط العمل: لقوله - تعالى: {ولقد أوحيَ إِليكَ وإِلى الذينَ مِن قبلِكَ لئن أشركتَ ليَحبطَنَّ عملُكَ ولتَكوننَّ مِن الخاسرين}. [الزمر: 65] 10 - الشرك الأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة: وترك الشرك كله: قال تعالى: {إِن الله لا يغفرُ أن يُشرَكَ به ويَغفرُ ما دون ذلك لِمَن يشاء ومَن يُشرِكْ بالله فقد ضَلَّ ضَلالًا بعيدًا}. [النساء: 116] 11 - وللشرك أنواع كثيرة: منها الأكبر والأصغر .. يجب الحذر منها، وقد علمنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نقول: "اللهم إنا نعوذُ بك مِن أن نُشرِك بك شيئًا نعلَمه، ونستغفرك لما لا نعلمه". [رواه أحمد بسند حسن]

مثل من يدعو غير الله

مَثل مَن يدعو غير الله 1 - قال الله تعالى: {يا أيها الناس ضُرِبَ مَثلٌ فاستمِعوا له ان الذين تدعون مِن دون الله لن يَخلُقوا ذُبابًا ولو اجتمعوا له وِإن يَسلُبْهم الذبابُ شيئًا لا يَستنقِذوه منه ضَعُفَ الطالبُ والمطلوب}. [الحج: 73] يخاطب الله الناس جميعًا أن يستمعوا لهذا المثل العظيم قائلًا لهم: إن هؤلاء الأولياء والصالحين وغيرهم الذين تدعونهم عند الشدائد ليساعدوكم لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك، بل هم عاجزون أن يخلقوا شيئًا من المخلوقات، كالذباب، وإذا ما أخذه منهم، وهذا دليل على ضعفهم، وضعف الذباب، فكيف تدعوهم من دون الله؟! وهذا المثل فيه إنكار شديد على مَن يدعو غير الله من الأنبياء والأولياء!! 2 - قال الله تعالى: {له دعوة الحق والذين يدعون مِن دونه لا يَستَجيبون لهم بشيء إلا كباسطِ كفَّيهِ إِلى الماء لِيبلُغَ فاهُ وما هو ببالغه وما دعاءُ الكافرين إِلا في ضلال} [الرعد: 14] تفيد هذه الآية أن الدعاء الذى هو العبادة يجب أن يكون لله وحده، وهؤلاء الذين يدعون غير الله لا ينتفعون منهم، ولا يستجيبون لهم بشيء مَثلُهم هي ذلك مثل الذي يقف على طرف البئر ليتناول الماء منه بيده، فلا يستطيع. قال مجاهد: "يدعو الماء بلسانه ويشير إليه فلا يأتيه أبدًا". [ذكره ابن كثير] ثم حكم الله على الذين يدعون غير الله بالكفر، وأن دعاءهم ضلال في قوله - تعالى: {وما دعاءُ الكافرينَ إِلا في ضلال}. [الرعد: 14] فاحذر يا أخي المسلم أن تدعو غير الله فتكفر وتضل، وادع الله وحده القادر، حتى تكون من المؤمنين الموحدين.

كيف ننفي الشرك بالله؟

كيف ننفي الشرك بالله؟ إِن نفي الشرك بالله تعالى لا يتم إِلا بنفي ثلاثة أنواع من الشرك: 1 - الشرك في أفعال الرب: وذلك بأن يعتقد أن مع الله خالقًا أو مدبرًا آخر، كاعتقاد بعض الصوفية بأن الله سلَّم بعض مقاليد الأمور إِلى بعض أوليائه من الأقطاب لتدبيرها! وهذا الاعتقاد لم يقله المشركون قبل الإِسلام حين سألهم القرآن: {ومَن يُدبرُ الأمرَ فسيقولون الله} [يونس: 31] قرأت في كتاب (الكافي في الرد على الوهابي) ومؤلفه صوفي قال فيه: "إِن لله عبادًا يقولون للشيء كن فيكون" والقرآن يكذبه قائلًا: {إنما أمرُه إذا أراد شيئًا أن يقول له كنْ فيكون}. [يس: 82] وقال الله تعالى: {ألا لَه الخلقُ والأمر}. [الأعراف: 54] 2 - الشرك في العبادة والدعاء: وهو أن يعبد ويدعو مع الله غيره من الأنبياء والصالحين كالاستغاثة بهم ودعائهم عند الشدائد أو الرخاء، وهذا مع الأسف كثير في هذه الأمة، ويحمل وزره الأكبر بعض المشايخ الذين يؤيدون هذا النوع من الشرك باسم التوسل، يُسمونه بغير اسمه، لأن التوسل طلب من الله بواسطة مشروعة. وهذا الذي يفعلونه طلب من غير الله كقولهم: (المدد يا رسول الله، يا جيلاني يا بدوي ... إلخ) وهذا الطلب عبادة لغير الله، لأنه دعاء، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". [حديث رواه الترمذي وقال حسن صحيح] والمدد لا يطلب إِلا من الله لقوله تعالى: {ويُمدِدكم بأموال وبنين} [نوح:12] ومن الشرك في العبادة شرك الحاكمية إِذا اعتقد الحاكم أو المحكوم عدم صلاحية حكم الله، أو أجاز الحكم بغيره. 3 - الشرك في الصفات: وذلك بأن يصف بعض خلقه من الأنبياء والأولياء وغيرهم

من هو الموحد؟

ببعض الصفات الخاصة بالله -عز وجل- كعلم الغيب مثلًا، وهذا النوع منتشر بين الصوفية، ومن تأثر بهم، كقول البوصيرى يمدح النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإِن من جودك الدنيا وضَرَّتها ... ومِن علومك عِلمُ اللوح والقلم ومن هنا جاء ضلال بعض الدجالين الذين يزعمون رؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقظة، ويسألونه عما خفي عليهم من بواطن نفوس مَن يخالطونهم، ويُريدون تأميرهم في بعض شؤونهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان ليعلم مثل ذلك في حال حياته كما حكى القرآن عنه بقوله: {ولو كنتُ أعلَمُ الغيبَ لا ستكثرتُ مِن الخير وما مسَّنيَ السوء} [الأعراف: 188] فكيف يعلم ذلك الغيب بعد وفاته وانتقاله إِلى الرفيق الأعلى؟ وحين سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - إِحدى الجواري تقول: "وفينا نبي يعلم ما في غد" قال لها: "دعي هذا وقولي بالذي كنتِ تقولين" [رواه البخاري] والرسل قد يطلعهم الله على بعض المغيبات، لقول الله - تعالى: {عالِمُ الغيبِ فلا يُظهِرُ على غيبه أحدًا إِلا مَن ارتضى مِن رسول} [الجن: 27،26] مَن هو المُوحِّد؟ هذه الأنواع الثلاثة من الشرك مَن نفاها عن الله، فوحَّده في ذاته وفي عبادته ودعائه، وفي صفاته، فهو الموحِّد الذي تشمله كل الفضائل الخاصة بالموحدين، ومن أثبت نوعًا منها فلا يكون مُوحِّدًا، بل ينطبق عليه قوله تعالى: {ولو أشركوا لَحبِط عنهم ما كانوا يعملون} [الأنعام: 88] {لَئن أشركتَ لَيحْبَطن عملُك ولتكونن من الخاسرين} [الزمر: 65] وإذا تاب ونفى الشريك عن الله فيكون من الموحِّدين. اللهم اجعلنا من الموحِّدين، ولا تجعلنا من المشركين.

الشرك الأصغر وأنواعه

الشرك الأصغر وأنواعه كل وسيلة يمكن أن تؤدي إِلى الشرك الأكبر، ولم تبلغ رتبة العبادة، ولا يخرج فاعله من الإِسلام، ولكنه من الكبائر: 1 - الرياء اليسير: والتصنُّع للمخلوق، كالمسلم الذي يعمل لله، ويُصلي لله ولكنه يحسن صلاته وعمله لِيمدَحَه الناس، قال تعالى: {فمَن كان يرجوا لِقاء رَبه فليعْملْ عملاً صالحًا ولا يُشْرِك بعبادة ربه أحدًا}. [الكهف: 110] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟ ". [صحيح رواه أحمد] 2 - الحلف بغير الله لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن حَلفَ بغير الله فقد أشرك" [صحيح رواه أحمد] وقد يكون الحلف بغير الله من الشرك الأكبر، وذلك إِذا اعتقد الحالف أن الولي له تصرفات يضره إِذا حلف به كاذبًا. 3 - الشرك الخفِي: وفسره ابن عباس بقول الرجل لصاحبه: (ما شاء الله وشئت ........) ومثله: لولا الله وفلان، ويجوز أن نقول: (لولا الله ثم فلان) قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا ما شاء الله، وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان" [صحيح رواه أحمد وغيره] مِن مظاهر الشرك إِن مظاهر الشرك المنتشرة في العالم الإِسلامي هي السبب الرئيسي في مصائب المسلمين، وما يلاقونه من الفتن والزلازل والحروب، وغيرها من أنواع العذاب الذي

صبَّه الله على المسلمين، بسبب إِعراضهم عن التوحيد، وظهور الشرك في عقيدتهم وسلوكهم، والدليل على ذلك ما نراه في أكثر بلاد المسلمين من مظاهر الشرك المتنوعة التي حسبها الكثير من المسلمين أنها من الإِسلام، ولذلك لم ينكروها، علمًا بأن الإِسلام جاء ليحطم مظاهر الشرك، أو المظاهر التي تؤدي إِليه، وأهم هذه المظاهر: 1 - دعاء غير الله: ويظهر ذلك في الأناشيد والقصائد التي تقال بمناسبة الإحتفال بالمولد أو بذكرى تاريخية، فقد سمعتهم ينشدون: يا إِمام الرسل يا سنَدي ... أنتَ بابُ الله ومُعتمدي وفي دنياي وآخرتي ... يا رسول الله خُذ بيدي ما يُبدِلُني عسر يُسرا ... إِلَّاكَ يا تاج الحضره ولو سمع الرسول مثل هذا لتبرأ منه، إِذ لا يبدل العسر باليسر إِلا الله وحده، ومثلها قصائد الشعر التي تكتب في الجرائد والمجلات والكتب، وفيها طلب المدد والعون والنصر من الرسول والأولياء والصالحين العاجزين عن تحقيقها .. 2 - دفن الأولياء والصالحين في المساجد: فترى في أكثر بلاد المسلمين القبور في بعض المساجد، وقد بُنيت عليها القباب، وبعض الناس يسألونها من دون الله، وقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك بقوله: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". [متفق عليه] فإِذا كان دفن الأنبياء في المساجد ليس مشروعًا، فكيف يجوز دفن المشايخ والعلماء؟ عِلمًا بأن هذا المدفون قد يُدعى مِن دون الله، فيكون سببًا لحصول الشرك، والإسلام يُحرم الشرك، ويُحرم وسائله المؤدية إِليه. 3 - النذر للأولياء: بعض الناس ينذرون ذبيحة أو مالًا أو غير ذلك للولي الفلاني، وهذا النذر شرك يجب عدم تنفيذه، لأن النذر عبادة وهي لله وحده. قالت امرأة

عمران: {رب إني نذرتُ لكَ ما في بطني مُحرَّرًا}. [آل عمران:35] 4 - الذبح عند قبور الأنبياء والأولياء: ولو كانَتِ النية أن الذبيحة لله، فهو من عمل المشركين الذين كانو يذبحون عند تماثيل أصنامهم الممثلَة لأوليائهم لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله مَن ذبح لغير الله". [رواه مسلم] 5 - الطواف حول قبور الأنبياء والأولياء: كالجيلاني والرفاعي والبدوي والحسين وغيرهم، لأن الطواف عبادة لا يجوز إِلا حول الكعبة لقوله تعالى: {ولْيطَّوَّفُوا بالبيتِ العتيقِ} [الحج: 29] 6 - الصلاة إلى القبور: وهي غير جائزة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجلسوا على القبور، ولا تُصَلُّوا إليها". [رواه مسلم] 7 - شد الرحال إلى القبور: للتبرك بها، أو للصلاة عندها لا يجوز، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُشَدُّ الرِحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى" [متفق عليه] وإذا أردنا الذهاب إِلى المدينة المنورة فنقول: ذهبنا لزيارة المسجد النبوي ثم السلام على صاحبه - صلى الله عليه وسلم -. 8 - الحكم بغير ما أنزل الله: كالحكم بالقوانين الوضعية المخالفة للقرآن الكريم، والسنة الصحيحة إِذا اعتقد جواز العمل بتلك القوانين، ومثلها الفتاوى التي تصدر عن بعض المشايخ، وهي تتعارض مع النصوص الإِسلامية، كتحليل الربا (¬1) الذي أعلن الله الحرب على فاعله. 9 - طاعة الحكام، أو العلماء والمشايخ: في أمر يخالف نص القرآن أو السنة الثابتة، وهذا يُسمى شرك الطاعة (¬2)، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" [صحيح رواه أحمد] ¬

_ (¬1) متعمدًا غير متأول. (¬2) إذا اعتقد المطيع جواز طاعتهم في المعصية.

المشاهد والمزارات

وقوله تعالى: {اتخذوا أحبارَهم ورُهبانهم أربابًا مِن دون الله والمسيحَ ابنَ مريم وما أُمِروا إِلا ليَعبدوا إِلهًا واحدًا لا إِله إِلا هو سبحانه عما يُشركون} [التوبة: 31] وقد فسر حذيفة العبادة بالطاعة فيما أحل لهم علماء اليهود وحرَّموا. المشاهد والمزارات إِن المشاهد التي نراها في البلاد الإِسلامية، كبلاد الشام والعراق ومصر وغيرها من البلاد لا توافق تعاليم الإِسلام، فقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن البناء على القبور، ففي الحديث الصحيح: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُجصَّصَ القبر وان يُقعَد عليه، وأن يُبنى عليه". [رواه مسلم] والتجصيص: (يشمل الدهان بالكلس وغيره) وفي رواية صحيحة للترمذي: "وأن يُكتب عليه" (القرآن والشعر وغيره). 1 - إِن هذه المزارات أكثرها غير صحيح: فالحسين بن علي-رضي الله عنه- استشهد في العراق، ولم يصل إِلى مصر فقبره في مصر غير صحيح، وأكبر دليل على ذلك أن له قبرًا في العراق ومصر والشام؛ ودليل آخر، وهو أن الصحابة لا يدفنون الموتى في المسجد لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". [منفق عليه] والحكمة في ذلك حتى تبقى المساجد خالية من الشرك، قال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا} [الجن: 18] والثابت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دُفن في بيته، ولم يدفن في مسجده، وقد وسع الأمويون المسجد فأدخلوه فيه، وليتهم لم يفعلوا؛ وقبر الحسين الآن في المسجد يطوف بعض الناس حوله، ويطلبون حاجاتهم التي لا تطلب إِلا من الله، كشفاء

المرضى، وتفريج الكربات وديننا يأمرنا أن نطلبها من الله وحده، وأن لا نطوف إِلا حول الكعبة، وقال تعالى: {وليَطوَّفوا بالبيت العتيق} [الحج: 29] 2 - إِن مشهد السيدة زينب بنت علي، في مصر ودمشق غير صحيح، لأنها لم تمت في مصر، ولا في الشام، والدليل على ذلك وجود مشهد لها في كل منهما!! 3 - إِن الإِسلام ينكر بناء القباب على القبور، وجَعلَها في المساجد ولو كانت حقيقة، كقبر الحسين في العراق، وعبد القادر الجيلاني في بغداد والإمام الشافعي في مصر وغيرهم، للنهي العام الوارد المتقدم؛ وحَدثني شيخ صادق أنه رأى رجلًا يصلي إلى قبر الجيلاني، ويترك القبلة، وقدم النصيحة له فرفضها، وقال له: أنت وهابي!! وكأنه لم يسمع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجلسوا على القبور ولا تُصَلّوا إليها". [رواه مسلم] 4 - إِن أكثر المشاهد في مصر بنتها ما تسمى بالدولة الفاطمية (¬1)، وقد ذكر ابن كثير في (البداية والنهاية) ج 11 / ص 346 قائلًا عنهم: (كفار، فساق، فجار، مُلحدون، زنادقة، مُعطلون، للإِسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية مُعتقدون). هؤلاء الكفار، راعهم لما رأوا المساجد تمتلئ بالمصلين، وهم لا يُصلون ولا يَحجون ويحقدون على المسلمين، ففكروا في صرف الناس عن المساجد، فأنشؤوا القباب والمزارات الكاذبة، وزعموا أن فيها الحسين بن علي، وزينب بنت علي، وأقاموا احتفالات ليجذبوا الناس إِليها، وسَمُّوا أنفسهم بالفاطميين تَسَتُّرًا ليميل الناس إِليهم، ثم أخذ المسلمون عنهم هذه البدع التي أوقعتهم في الشرك، وصرفوا لها الأموال الطائلة، وهم في أمس الحاجة إِليها لشراء الأسلحة للدفاع عن دينهم وكرامتهم. 5 - إِن المسلمين الذين صرفوا الأموال على بناء القباب والمزارات والجدران والشواهد ¬

_ (¬1) اسمهم الحقيقي (العُبَيْديون) نسبة إِلى عبيد بن سعد ذكر اسمه ابن كثير فى البداية والنهاية ج 11/ 346.

مفاسد الشرك وأضراره

على القبور، لا تفيد الميت شيئًا، ولو أعطوا هذه الأموال للفقراء لنفعت الأحياء والأموات؛ علمًا بأن الإسلام يُحرم البناء على القبور كما تقدم. وقال - صلى الله عليه وسلم - لعلي -رضي الله عنه-: "لا تَدَعْ تمثالًا إلا طمستَه، ولا قبرًا مُشرِفًا إلا سوَّيته" [رواه مسلم] (أي لا تترك قبرًا مرتفعًا إِلا كسرته، وجعلته قريبًا من الأرض). وقد سمح الإِسلام أن يرفع القبر قدر شبر حتى يُعرف. 6 - وهذه النذور التي تُقدم للأموات، هي من الشرك الأكبر، يأخذها الخدام بالحرام،. وقد يصرفونها في المعاصي والشهوات فيكون صاحب النذر والمعطَى شريكه في ذلك. ولو أُعطي هذا المال باسم الصدقة للفقراء لاستفاد الأحياء والأموات وتحقق للمتصدق ما يحتاجه في قضاء حوائجه. اللهم أرِنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وحببنا فيه وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه وكَرهنا فيه. مفاسد الشرك وأضراره إِن للشرك مفاسدَ وأضرارًا كثيرة في حياة الفرد والمجتمع أهمها: 1 - الشرك مهانة للإنسانية: إِنه إِهانة لكرامة الإِنسان، وانحطاط لقَدره، ومنزلته، فقد استخلفه الله في الأرض وكرَّمه وعلَّمه الأسماء كلها, وسخر له ما في السموات وما في الأرض جميعًا منه، وجعل له السيادة على كل ما في هذا الكون، ولكنه جهل قدر نفسه، وجعل بعض عناصر هذا الكون إِلهًا معبودًا يخضع له ويذل؛ وأي إِهانة للإِنسان أكثر من أن يرى -إِلى يومنا هذا- مئات الملايين من البشر في الهند يعبدون البقر التي خلقها الله للإِنسان، لتخدمه وهي صحيحة، ويأكلها وهي ذبيحة، ثم ترى

بعض المسلمين يعكفون على قبور الموتى، ويسألونهم حاجتهم، وهم عبيد مثلهم لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا، فالحسين -رضي الله عنه- لم يستطع أن يمنع عن نفسه القتل، فكيف يدفع عن غيره البلاء، ويجلب النفع؟ والأموات يحتاجون إلى دعاء الأحياء، فنحن ندعو لهم، ولا ندعوهم من دون الله، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 20 - 21]. وقال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]. 2 - الشرك وَكرُ الخرافات والأباطيل: لأن الذي يعتقد بوجود مُؤَثر غير الله في الكون من الكواكب أو الجن أو الأشباح أو الأرواح، يصبح عقله مستعدًا لكل خرافة، وتصديق كل دجال، وبهذا يروج في المجتمع المشرك بضاعة الكهنة والعرافين والسحرة والمنجمين وأشباههم ممن يدعون علم الغيب الذي لا يعلمه إِلا الله، كما يشيع في مثل هذا المجتمع إِهمال الأسباب والسنن الكونية. 3 - الشرك ظلم عظيم: ظلم للحقيقة، لأن أعظم الحقائق أن لا إِله إِلا الله، ولا رَبَّ غيره، ولا حَكَمَ سواه، ولكن المشرك اتخذ غير الله إِلهًا، وابتغى غيره حَكَمًا، والشرك ظلم للنفس، لأن المشرك جعل نفسه عبدًا لخلوق مثله، أو دونه، وقد خلقه الله حُرًا، والشرك ظلم للغير، لأن من أشرك بالله غيره فقد ظلمه حيث أعطاه من الحق ما ليس له. 4 - الشرك مصدر المخاوف والأوهام: فإِن الذي يقبل عقله الخرافات، ويُصدق الأباطيل يصبح خائفًا من جهات شتى، لأنه اعتمد على عِدة آلهة، وكلها عاجزة عن جلب النفع، ودفع الضر عن نفسها، ولهذا ينتشر في جو الشرك التشاؤم والرعب من غير سبب ظاهر، كما قال تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا

أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 151]. 5 - الشرك يعطل العمل النافع: لأنه يُعلِّم أتباعه الاعتماد على الوسطاء والشفعاء، فيتركون العمل الصالح، ويرتكبون الذنوب، معتقدين أن هؤلاء سيشفعون لهم عند الله، وهذا اعتقاد العَرب قبل الإسلام الذين قال الله فيهم: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18] وهؤلاء النصارى الذين يعملون المنكرات معتقدين أن المسيح قد كفَّر عنهم الخطايا حين صُلِبَ بزعمهم، وبعض المسلمين يتركون الواجبات، ويفعلون المحرمات، ويعتمدون على شفاعة رسولهم لدخولهم الجنَّة، مع أن رسولهم الكريم يقول لبنته فاطمة: "يافاطمةُ بنت محمّد، سَليني مِن مالي ما شئتِ لا أُغني عنكِ مِن الله شيئًا" [رواه البخاري] 6 - الشرك سبب الخلود في النار: والشرك سبب للضياع في الدنيا والعذاب المؤبد في الآخرَة، قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وهو يدعو مِن دون الله نِدًا دخل النّار" (النِّدُّ: المثيل والشريك) [رواه البخاري] 7 - الشرك يُفرق الأُمة: قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (¬1) [الروم: 31، 32]. ¬

_ (¬1) اختصارًا من كتاب حقيقة التّوحيد للدكتور يوسف القرضاوى بتصرُّف.

التوسل المشروع

الخلاصة الخلاصة: إن كل الفصول المتقدمة توضح وضوحًا تامًا أن الشرك أعظم أمر يجب الاحتراز منه، والترفع عنه، والخوف من التورط فيه لأنه أعظم الذنوب، ولأنه يحبط كل ما يعمله العبد من أعمال صالحة قد يكون منها نفع للأمة، وخدمة للإنسانية، كما قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23] (نقلاً من كتاب دليل المسلم في الاعتقاد) للشيخ عبد الله عبد الغني خياط. التوسل المشروع قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35] (قال قتادة تقربوا إِليه بطاعته والعمل بما يرضيه) والتوسل المشروع هو الذي أمر به القرآن، وحكاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعمل به الصّحابة، وله أنواع عديدة أهمها: 1 - التوسل بالإيمان: قال تعالى يحكي توسل عباده بإِيمانهم: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران: 193]. 2 - التوسل بتوحيد الله: كدعاء يونس - عليه السّلام- حين ابتلعه الحوت: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88]. 3 - التوسل بأسماء الله؛ قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] ومن دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأسمائه قوله: - "أسألك بكل اسم هُوَ لك ... " [رواه الترمذي وقال حسن صحيح]

4 - التوسل بصفات الله: كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا حَيٌّ يا قيوم برَحمَتِكَ أستَغيث" [حسن رواه الترمذي] 5 - التوسل بالأعمال الصالحة: كَالصلاة، وبر الوالدين، وحفظ الحقوق والأمانة والصدقة، والذكر، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحُبنا له ولأصحابه، وغيرها من الأعمال الصالحة، فقد ثبت في صحيح مسلم قصة أصحاب الغار الذين حُبسوا فيه، فتوسلوا إِلى الله بحفظ حَق الأجير، والإِحسان للوالدين، ومخافة الله فَفَرَّجَ الله عنهم. 6 - التوسل إلى الله بترك المعاصي: كالخمر والزنا وغيرها من المحرمات، وقد توسل أحد أصحاب الغار الذين حُبسوا فيه بتركه الزِّنا فَفَرَّجَ الله عنه. 7 - والمسلمون اليوم تركوا العمل الصالح والتوسل به: ولجؤوا إِلى التوسل بأعمال غيرهم من الأموات، مخالفين هَديَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته. 8 - التوسل بطلب الدُّعاء مِن الأنبياء والصالحين الأحياء: فقد ورد أن رجلًا ضريرَ البَصرِ آتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ادعُ الله أن يُعافيني. قال: إن شئتَ دعوتُ لك، وإن شئتَ صبرتَ فهو خَيرٌ لك، فقال: ادعُه: فأمره أن يتوضأ، فيُحسِن وضوئه فيصَلي ركعتين يدعو بهذا الدُّعاء: اللهم إني أسالك، وأتوجَّهُ إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمدُ إني توجهتُ بك إلى ربي في حاجتي هذه، لِتُقضى لي، اللهم فشفِّعه فيَّ، وشفِّعني فيه. قال: ففعل الرجل فبرئ [صحيح رواه أحمد] يفيد هذا الحديث: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعا للأعمى وهو حَي، فاستجاب الله دعاءه وأمره يدعو لنفسه، ويتوجه إِلى الله يسَأله أن يقبل فيه شفاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقبل الله منه، وهذا الدُّعاء خاص في حياته - صلى الله عليه وسلم -، ولا يمكن الدعاء به بعد الوفاة، لأن الصحابة لم يفعلوه، ولم يستفد منه العميان بعد هذه الحادثة.

التوسل الممنوع

التوسل الممنوع التوسل الممنوع هو الذي لا أصل له في الدين، وهو أنواع: 1 - التوسل بالأموات، وطلب الحاجات منهم، والاستعانة بهم، كما هو واقع اليوم، ويُسمونه توسلًا، وليس كذلك، لأن التوسل هو الطلب من الله بواسطة مشروعة كالإِيمان والعمل الصالح وأسماء الله الحسنى؛ ودعاء الأموات إِعراض عن الله، وهو من الشرك الأكبر، لقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106]. (الظالمين: المشركين). 2 - أما التوسل بجاه الرسول كقولك: (يارَب بجاه محمّد اشفني) فهو بدعة، لأن الصّحابة لم يفعلوه، ولأن عمر الخليفة، توسل بالعباس حَيًّا بدعائه، ولم يتوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد موته عندما طلب نزول المطر، وحديث "توسَّلوا بجاهي" لا أصل له، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية. وهذا التوسل البدعي قد يؤدي للشرك، وذلك إِذا اعتقد أن الله محتاج لواسطة، كالأمير والحاكم، لأنه شبه الخالق بانحلوق. وقاك أبو حنيفة: "أكره أن أسأل الله بغير الله" كما في الدر الختار 3 - وأما طلب الدعاء من الرسول بعد موته، كقولك: (يا رسول الله ادع لي) فغير جائز، لأن الصحابة لم يفعلوه، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإنسانُ انقطع عملُه إِلا مِن ثلاث: صَدقةٍ جاريةٍ أَوْ عِلم يُنتَفَع به، أَوْ ولدٍ صالح يدعو له". [رواه مسلم] شروط تحقيق النصر إِن القاريء لسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجهاده يرى المراحل التالية: 1 - مرحلة التوحيد: بقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة عشر عامًا في مكة المكرمة، وهو

يدعو قومه إِلى توحيد الله في العبادة والدعاء والحكم ومحاربة الشرك، حتى ثبتت هذه العقيدة في نفوس أصحابه وأصبحوا شجعانًا لا يخافون إِلا الله. فيجب على الدعاة أن يبدؤوا بالتوحيد، ويُحذروا من الشرك ليكونوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المقتدين. 2 - مرحلة الأُخُوة: لقد هاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مِن مكة إِلى المدينة ليكوَّن المجتمع المسلم القائم على التحابب، فأول ما بدأ به هو بناء مسجد يجتمع فيه المسلمون لعبادة ربهم، ويُتاح لهم الاجتماع كل يوم خصكمرات، ليُنظموا حياتهم، وقد بادر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إِلى المؤاخاة بين الأنصار سكان المدينة، وبين المهاجرين من مكة الذين تركوا أموالهم، فعرض الأنصار أموالهم للمهاجرين وقدَّموا لهم كل ما يحتاجون إِليه. ولقد وجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - سكان المدينة، وهم من الأوس والخزرج بينهم عداوة قديمة، فأصلح بينهم، وأزال الله الحقد والعداوة من صدورهم، وجعلهم إِخوة متحابين في الإِيمان والتوحيد. وكما جاء في الحديث: المسلم أخو المسلم .. إِلخ. 3 - الاستعداد: لقد أمر القرآن الكريم بالاستعداد للأعداء فقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] وفسرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "ألَّا إن القوة الرمي". [رواه مسلم] والرمي وتعليمه واجب على كل المسلمين حسب استطاعتهم، فالمدفع والدبابة والطائرة وغيرها من الأسلحة تحتاج إِلى تعلم الرمي عند استعمالها، وليت طلاب المدارس تعلموا الرماية، وأجرَوا المباريات والمسابقات ليتأهلوا للدفاع عن دينهم ومقدساتهم؛ ولكن الأولاد يضيعون أوقاتهم في لعب الكرة، وإجراء المباريات، فيكشفون الأفخاذ التي أمرنا الإسلام بسترها ويضيعون الصلوات التي أمرنا الله بالمحافظة عليها. 4 - وعندما نعود إِلى عقيدة التوحيد، ونكون إِخوانًا متحابين، ونستعد للاعداء بالسلاح سيتحقق -إِن شاء الله- النصر للمسلمين كما تحقق النصر للرسول - صلى الله عليه وسلم -

وكان حقا علينا نصر المؤمنين

وصحابته من بعده .. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7] 5 - ليس هذا معناه أن هذه المراحل منفصلة، بمعنى أن مرحلة الأخُوة لا تكون مع مرحلة التّوحيد، فهذه المراحل يمكن أن تتداخل. {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} هذه الآية الكريمة تُبين أن الله تعهد للمؤمنين بالنصر على أعدائهم، وهو وعد لا يُخلَف، فقد نصر الله رسوله في غزوة بدر، والأحزاب وغيرهما من الغزوات، ونصر أصحاب رسول الله بعده على أعدائهم، وانتشر الإسلام وفُتحت البلاد، وانتصر المسلمون، رغم الأحداث والمصائب، وكانت العاقبة للمؤمنين الله مِن صدقوا الله في إِيمانهم وتوحيدهم وعبادتهم ودعائهم لربهم في وقت الشدة والرخاء وهذا القرآن يحكي حال المؤمنين في غزوة بدر، وهم قليلون في العَدد والعُدة، فيدعون ربهم: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فاستجاب الله دعاءهم، وأمدّهم بالملائكة يقاتلون معهم فيضربون أعناق الكفار، ويضربون أطرافهم، وذلك حين قال: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12] وتم النصر للمؤمنين الموحدين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123]. وكان مِن دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - في معركة بدر: "اللَّهُمَّ آتني ما وعدتني به، اللَّهُمَّ إن تَهلِك هذه العِصابة من أهل الإسلام لا تُعبدُ في الأرض" [رواه مسلم] ونرى المسلمين اليوم يخوضون المعارك ضد أعدائهم في أكثر البلاد ولا ينتصرون فما هو سبب ذلك؟ هل يتخلف وعد الله بالنسبة للمؤمنين؟ لا أبدًا لا يتخلف ولكن أين المؤمنين حتى يأتيهم النصر المذكور في الآية؟ نسأل المجاهدين:

الكفر الأكبر وأنواعه

1 - هل استعدوا بالإِيمان والتوحيد اللَّذيْن بدأ بهما الرسول دعوته في مكة قبل القتال؟ 2 - هل أخذوا بالسبب الذي أمرهم به ربهم بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}؟ [الأنفال: 60] وقد فسرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرمي. 3 - هل دعَوا ربهم وأفردوه بالدعاء عند القتال؟ أم أشركوا معه غيره فراحوا يسألون النصر من غيره ممّن يعتقدون فيهم الولاية، وهم عبيد لله لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا؟ ولماذا لا يقتدون بالرسول في دعائه لربه وحده؟ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ؟} [الزمر: 46] 4 - وأيضًا هل هُم مجتمعون ومتحابون فيما بينهم شعارهم قول ربهم: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] 5 - وأخيرًا. لما ترك المسلمون عقيدتهم وأوامر دينهم التي تأمر بالتقدم العلّمي والحضاري تخلفوا عن سائر الأمم وحين يعودون لدينهم يعود لهم تقدمهم وعزتهم. إذا حققتم الإِيمان المطلوب، فسيأتيكم النصر الموعود: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:47] الكفر الأكبر وأنواعه الكفر الأكبر يُخرج صاحبه من الإسلام وهو الكفر الاعتقادي وأنواعه كثيرة منها: 1 - كفر التكذيب: وهو تكذيب القرآن أو الحديث، أو بعض ما جاء فيهما، والدليل قوله - تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ} [العنكبوت: 68]

وقوله - تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة: 85] 2 - كفر الإباء والاستكبار مع التصديق: وهو عدم الانقياد للحق مع الإِقرار به كَكُفر إِبليس، والدليل قو تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} 3 - كفر الظن والشك بيوم القيامة: والغيبيات أو إِنكارها وعدم التصديق بها قال تعالى: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} [الكهف: 36، 37]. 4 - كفر الإعراض: وهو الإِعراض عن مطاب الإسلام غير مؤمن بها، والدليل قوله - تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} [الأحقاف: 3] 5 - كفر النفاق: وهو إِظهار الإسلام باللسان، ومخالفته في القلب والأعمال، لقوله - تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 3] وقوله - تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8] 6 - كفر الجحود: وهو الذى ينكر شيئًا معلومًا من الدين مثل أركان الإسلام أو الإِيمان، كالذي يترك الصّلاة غير معتقد وجوبها، فهو كافر مُرتَد عن الإسلام. وكذلك الحاكم إِذا جحد حكم الله، لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] قال ابن عباس: مَنْ جحد ما أنزل الله فقد كفر.

الكفر الأصغر وأنواعه

الكفر الأصغر وأنواعه الكفر الأصغر: هو الذي لا يخرج صاحبه من الإسلام مثل: 1 - كفر النعمة: والدليل قوله - تعالى - يخاطب المؤمنين مِن قوم موسى - عليه السّلام - {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7] 2 - الكفر العملي: وهو كل معصية أطلق عليها الشارع اسم الكفر، مع بقاء اسم الإِيمان على فاعله، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سِبابُ المسلم فسوق، وقتالُه كفر". [رواه البخاري] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن". [رواه مسلم] فهذا كفر لا يخرج صاحبه من الإسلام، لكنه من كبائر الذنوب. 3 الحاكم بغير ما أنزل الله: وهو مُعترِف بحكم الله قال ابن عباس: من أقرَّ به فهو ظالم فاسق واختاره ابن جرير. وقال عطاء: كفر دون كفر. احذروا الطواغيت الطاغوت: هو كل ما عُبد من دون الله، ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع، أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله. ولقد أرسل الله الرسل ليأمروا أقوامهم بعبادة الله، واجتناب الطاغوت. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] والطواغيت كثيرة: ورؤوسهم خمسة: 1 - الشيطان الداعي إِلى عبادة غير الله والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا

النفاق الأكبر

بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يس: 60] 2 - الحاكم الظالم المغيرِّ لأحكام الله -تعالى- كواضع الدستور الذي يخالف الإسلام، والدليل قوله -تعالى- منكرًا على المشركين المشرّعين بما لم يرض به الله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] 3 - الحاكم بغير ما أنزل الله، إِذا اعتقد عدم صلاحية ما أنزل الله، أو أجاز الحكم بغيره، قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] 4 - الذي يدعي علم الغيب من دون الله لقوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65] 5 - الذي يعبده الناس ويدعونه من دون الله، وهو راض بذلك والدليل قوله - تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 29] واعلم أنه يجب على المؤمن أن يكفر بالطاغوت حتى يكون مؤمنًا مستقيمًا، والدليل قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 256] وهذه الآية دليل على أن عبادة الله لا تنفع إِلا باجتناب عبادة ما سواه، وورد في هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قال لا إله إِلَّا الله، وكفر بما يُعبَد مِن دون الله حَرُمَ مالُه ودمه". [رواه مسلم] النفاق الأكبر النفاق الأكبر هو إِظهار الإسلام باللسان واعتقاد الكفر في القلب والجنان وهو على أنواع:

النفاق الأصغر

1 - تكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو تكذيب بعض ما جاء به. 2 - بُغض الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو بُغضُ بعضِ ماجاء به. 3 - الفرح بهزيمة الإسلام، أو كراهية انتصار دينه. وصاحب النفاق عذابه أشد من الكفار وخطره أعظم لقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145] ولهذا وصف الله الكافرين بآيتين، ووصف المنافقين بثلاث عشرة آية في أول سورة البقرة. ونرى الصوفية مسلمين يُصلون ويصومون ولكن خطرهم عظيم حيث يفسدون عقائد المسلمين، فُيبيحون دعاء غير الله الذي هو من الشرك الأكبر، ويعتقدون أن الله في كل مكان، وينفون علُوَّ الله على عرشه مخالفين القرآن والحديث. النفاق الأصغر هو النفاق العملي كالمسلم المتصف بصفة المنافقبن التي أخبر عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كَذب، واذا وعَدَ أخلَفَ، واذا اؤتُمِن خان". [متفق عليه] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربَعٌ مَنْ كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدَعها: إذا حدَّث كذب، وإذا وعدَ أخلَف، وإذا عاهد غدَر، وإذا خاصم فجَر". [متفق عليه] وهذا النفاق لا يخرج صاحبه من الإسلام، إِلا أنه من الكبائر. قال الترمذي: معنى هذا عند أهل العلم: نفاق العمل، وإنما كان نفاق التكذيب على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -. [نقلاً من جامع الأصول - ج 11/ 569] هذه الفصول الأربعة المتقدمة مأخوذة من كتاب (مقرر التوحيد) بتصرُّف.

أولياء الرحمن وأولياء الشيطان

أولياء الرحمن وأولياء الشيطان قال الله - تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62 - 63] تفيد هذه الآية أن الولي هو المؤمن التقي الذي يجتنب المعاصي، ويدعو ربه ولا يُشرك به أحدًا؛ وقد تظهر له كرامة عند الحاجة مثل كرامة مريم حينما كانت تجد رزقًا في بيتها. فالولاية ثابتة، ولا تكون إِلا لمؤمن طامُع مْوَحِّد، ولا يشترط ظهور الكرامة للولي حتى يكون وليًا، لأن القرآن لم يشترطها. ولا يمكن أن تظهر الولاية على يَدِ فاسق أو مشرك يدعو غير الله، لأن ذلك من عمل الشركين، فكيف يكون الأولياء المكرمين؟ والولاية لا تكون بالوراثة من الأجداد، بل تكون بالإِيمان والعمل الصالح، وما يظهر على بعض المبتدعين من ضرب الحديد في بطونهم، أو أكل النار، فهو من عمل الشّياطين وهو استدراج لهم ليسيروا في ضلالهم. قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم: 75] والذين ذهبوا إِلى الهند شاهدوا من المجوس أكثر من هذا كضرب السيف لبعضهم البعض وغير ذلك رغم كفرهم! والإِسلام لا يُقِر هذه الأعمال التي لم يعملها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته. ولو كان فيها خير لسبقونا إِليها. إن الولي عند كثير من الناس هو الذي يعلم الغيب، وهذا ممّا اختص به الله وحده، وقد يُطلع بعض رسله عندما يُريد لقوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ...} [الجن: 26] فالآية خصصت الرسول، ولم تذكر غيره. وبعض الناس يرى قبرًا بُني عليه قبة فيظن أنه ولي، وقد يكون هذا القبر لفاسق أو

خرافات وليست كرامات

ليس فيه أحد، والبناء على القبور قد حَرمه الإسلام ففي الحديث: "نهي - صلى الله عليه وسلم - أن يُجصَّصَ القبر وأن يُبنى عليه". [رواه مسلم] فليس الولي مَنْ دُفِن في مسجد، أو أقيم له ضريح، أو نُصبت له قبة، فهذا مخالف لتعاليم الإسلام، كما أن رؤيا الميت في المنام لا تعتبر دليلًا شرعيًّا على ولايته، فقد تكون أضغاث أحلام من الشيطان. خرافات وليست كرامات نشرت مجلة التوحيد تحت عنوان: "خرافات حول الدسوقي". جاء في حاشية الصاوي: أنه كان يتكلم بجميع اللغات: عجمي، وسرياني، ولغات الوحش والطير، وأنه صام في المهد، ورأى اللوحَ المحفوظ، وأن قدَمه لم تسعها الدنيا، وأنه ينقل اسمَ مُريده مِن الشقاوة إِلى السعادة، وأن الدنيا جعِلَت في يده كالخاتم، وأنه جاوز سدرة المنتهى. وهذا كلام باطل لا يصدقه إِلا غبي جاهل، بل هو كفر صراح، فكيف اطلع على اللوح المحفوظ الذي لم يطلع عليه سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم -؟ وكيف ينقل دراويشه من الشقاوة إِلى السعادة؟ .. كل هذه خرافات يحكيها المتصوفة فخورين، وما دَرَوا أنهم في ضلال مبين. احذر قراءة الكتب التي تحوي مثل هذه الخرافات: منها الطبقات الكبرى للشعراني، وخزينة الأسرار، ونزهة المجالس، والروض الفائق، ومكاشفة القلوب للغزالي، والعرائس للثعالبي، فكلها كتب يحرم طبعها وبيعها.

أنواع شعب الإيمان

أنواعُ شُعَب الإيمان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمانُ بِضعٌ وسِتون شعبة فأفضلُها قولُ لا إله إِلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" [رواه مسلم] وقد لخَّص الحافظ في الفتح ما أورده ابن حبّان يقوله: إِن هذه الشُعب تتفرع من أعمال القلب وأعمال اللسان وأعمال البدن: 1 - فأعمال القلب: المعتقدات والنيات، وهي أربع وعشرون خصلة: الإِيمان بالله: ويدخُل فيه الإيمان بذاته وصفاته وتوحيده بأنه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] واعتقاد حدوث ما دونه، والإِيمان بملائكته وكتبه ورسله، وبالقدَر خيره وشره، والإيمان باليوم الآخر: ويدخل فيه السؤال في القبر ونعيمه وعذابه، والبعث والنشور، والحساب والميزان والصراط والجنة والنار؛ ومحبةُ الله، والحبُ والبغضُ فيه، ومحبةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - واعتقاد تعظيمه: ويدخل فيه الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - واتباع سنته؛ والإِخلاص: ويدخل فيه ترك الرياء والنفاق؛ والتوبة والخوف، والرجاء والشكر والوفاء، والصبر، والرضا بالقضاء والقدر، والتوكل والرّحمة والتواضع: ويدخل فيه توقير الكبير، ورحمة الصغير، وترك الكِبر والعُجب، وترك الحسد، والحقد، والغضب. 2 - وأعمال اللسان: وتشتمل على سبع خصال: التلفظ بالتوحيد (شهادة أن لا إِله إِلا الله وأن محمدًا رسول الله) وتلاوة القرآن، وتعلم العلم وتعليمه، والدعاء، والذكر، ويدخل فيه الاستغفار، والتسبيح ... واجتناب اللغو. 3 - وأعمال البدن: وتشتمل على ثمان وثلاثين خصلة: (أ) منها ما يتعلق بالأعيان، وهي خص عشرة خصلة: التطهر حِسًّا وحُكمًا: ويدخل فيه اجتناب النجاسات، وستر العورة، والصلاة فرضًا ونفلًا والزكاة كذلك،

وفك الرقاب، والجود: ويدخل فيه إِطعام الطّعام، وإكرام الضيف، والصيام فرضًا ونفلًا، وا لاعتكاف، والتماسُ ليلة القدر، والحج والعمرة، والطواف كذلك؛ والفِرار بالدين: ويدخل فيه الهِجرة مِن دار الشرك إِلى دار الإِيمان، والوفاء بالنذر، والتحري في الإيمان (بأن يكون الحلف بالله صادقًا عند الحاجة) وأداء الكفارات: (مثل كفارة اليمين، وكفارة الجماع في نهار رمضان). (ب) ومنها ما يتعلق بالأتباع: وهي ستُ خِصال: التعفف بالنكاح والقيام بحقوف العيال، وَبِر الوالدين: ويدخل فيه اجتناب العقوق، وتربية الأولاد، وصلة الرّحم، وطاعة السادة (في غير معصية الله)، والرفق بالعبيد. (ج) ومنها ما يتعلّق بالعامة، وهي سبع عشرة خصلة: القيام بالإِمرة مع العدل، ومتابعة الجماعة، وطاعة أولي (¬1) الأمر، والإِصلاح بين الناس، ويدخل فيه قتال الخوارج (¬2) والبغاة، والمعاونة على البِر والتقوى: ويدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وِإقامة الحدود، والجهاد: ومنه المرابطة، وأداء الأمانة، ومنه أداء الخُمس، والقرض مع وفائه، وِإكرام الجار، وحسن المعاملة، ويدخل فيه جمع المال من حِلّه، وإنفاقه في حقه، ويدخل فيه ترك التبذير والإِسراف، ورد السّلام، وتشميتُ العاطس، وَكَفُّ الضرر عن الناس، واجتناب اللهو، وإماطة الأذى عن الطريق. وهذا الحديث المتقدم يدل على أن التوحيد هو كلمة لا إِله إِلا الله أعلى مراتب الإِيمان وأفضلها. فعلى الدعاة أن يبدؤوا بالأعلى ثم الأدنى، وبالأساس قبل البناء، ويالأهم فالمهم، لأن التوحيد هو الذي جمع الأمة العربية والأعجمية على الإسلام، وكوَّن منهم الدولة المسلمة دولة التوحيد. ¬

_ (¬1) المراد بأولي الأمر: الحكام المسلمون إِذا لم يأمروا بمعصية. (¬2) الخوارج هم الذين يكفرون المسلم بارتكاب الكبائر.

أسباب حدوث المصائب وإزالتها

أسباب حدوث المصائب وإزالتها ذكر القرآن الكريم أسباب نزول المصائب، وكيف يرفعها الله عن عباده، منها قوله تعالى: 1 - {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: 53] 2 - {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] 3 - {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41] 4 - {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112]. إِن هذه الآيات الكريمة تُفيدنا أن الله -تعالى- عادل وحكيم، وأنه لم يُنزل البلاء على قومٍ إِلا بسبب عصيانهم لله، ومخالفة أوامره، ولا سيما الإبتعاد عن التوحيد وانتشار مظاهر الشرك في أكثر البلاد الإِسلامية التي تعاني بسببه الفِتن والمحن، ولن تزول إِلا بالرجوع إِلى توحيد الله، وتحكيم شريعته في النفس والمجتمع. 5 - ذَكر القرآن حال الشركين ودعاءهم لله وحده حين نزول المصائب، وحلول الشدة، فلما نجاهم ممّا هم فيه عادوا إِلى الشرك، ودعاء غير الله في وقت الرخاء. قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65] 6 - إِن كثيرًا من المسلمين اليوم إِذا وقعوا في مصيبة دعَوا غير الله، وصاحوا: (يا رسول الله يا جيلاني، يا رفاعي يا مرغني، يا بدري يا شيخ العرب ...) فهم يشركون في الشدة وفي الرخاء، يخالفون كلام ربهم، وكلام رسولهم - صلى الله عليه وسلم -!.

الإحتفال بالمولد النبوي

7 - إِن المسلمين في غزوة أحد حينما هُزِموا بسبب مخالفة بعض الرماة لقائدهم تعجبوا من ذلك، فقال لهم القرآن: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165] وفي غزوة حنين حينما قال بعض المسلمين: "لن نُغلَب مِن قلّة" فكانت الهزيمة، وكان العتاب من الله في قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25] 8 - كتب عمر بن الخطاب لقائده سعد في العراق: "ولا تقولوا إِن عدوَّنا شرّ منا فلَن يُسلَّط علينا، فربما سُلِّط على قوم مَنْ هو شَرّ منهم، كما سُلط على بني اسرائيل - كفارُ المجوس لما عملوا بالمعاصي، وسلوا الله العون على أنفسكم، كما تسألونه العون على عدوِّكم". الإحتفال بالمولد النبوي إِن الذي يجري في أكثر الموالد لا يخلو من منكر وبدع ومخالفات، والاحتفال لم يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة والتابعون، ولا الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل القرون المفضلة، ولا دليل شرعي عليه: 1 - كثيرًا ما يقع أهل المولد في الشرك، وذلك حينما يقولون: يا رسول الله غوثًا ومَدَد ... يا رسول الله عليك المعتمَد يا رسول الله فرِّج كربَنا ... ما رآك الكربُ إِلا وشرَدَ لو سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام لحكم عليه بالشرك الأكبر، لأن الغَوث والمعتمدَ والمفرِّجَ للكُروب هو الله وحده. قال الله - تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}؟ [النمل: 62] ويأمر الله رسولَه - صلى الله عليه وسلم - يقول للناس: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} [الجن: 21]

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألتَ فاسأل الله واذا استعنتَ فاستعنِ بالله" [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح] 2 - أكثر الموالد فيها إِطراء ومبالغة، وزيادة في مدحه - صلى الله عليه وسلم -، وقد نَهَى عن ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُطروني كما أطرتِ النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا عبدُ الله ورسوله" [رواه البخاري] 3 - يذكر مولد العروس وغيره أن الله خلق محمدًا مِن نوره، وخلَق من نوره الأشياء كلها، والقرآن يكذبهم قائلًا: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110] والمعروف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خُلِق من أبوين، وهو من البشر الذي يمتاز بالوحي من الله؛ ويقولون في المولد: إِن الله خلق العالَم من أجل محمّد، والقرآن يُكذِّبهم بقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] 4 - إِن النصارى يحتفلون بعيد ميلاد المسيح، وميلاد أفراد أسرتهم، وعنهم أخذ المسلمون هذه البدعة، فاحتفلوا بمولد نبيهم ومولد أفراد أسرتهم، ورسُولُهم يحذرهُم قائلًا "مَنْ تشبَّه بقومِ فهو منهم". [صحيح رواه أبو داود] 5 - كثيرًا ما يختلط الرجال والنساء في حفلة المولد، وهو مما يحرمه الإسلام. 6 - إِن الذي يُصرف من الأموال في الزينة يوم المولد من الورق الملون والقناديل وغير ذلك يبلغ الملايين، وهي تلقى على الأرض دون فائدة سوى فائدة الكفار الذين يقبضون ثمن الزينة المستوردة من بلادهم، وقد نَهَى الرسول عن إِضاعة المال. 7 - إِن الوقت الذي يُضيعه الناس في نصب الزينة يعرضهم لترك الصلاة أحيانًا كما رأيت ذلك. 8 - جَرَت العادة أن يَقُوم الناس وقوفًا في آخر المولد، لاعتقاد بعضهم حضور الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو كذب واضح، لأن الله -تعالى- يقول: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى

يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100]. (برزخ: حاجز ما بين الدنيا والآخرة) وقال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "ما كان شخصٌ أحبُّ إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا إذا رأوه (الصحابة) لم يقوموا له لما يَعلمون من كراهيته لذلك". [صحيح رواه أحمد والترمذي] 9 - يقول بعضهم: نحن نقرأ في المولد سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والواقع أنهم يأتون بأشياء تخالف كلامه وسيرته، والمحب هو الذي يقرأ سيرته كل يوم لا كل سنة، هذا مع أن شهر ربيع الأول الذي ولد فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد مات فيه فليس الفرح بأولى من الحزن فيه. 10 - كثيرًا ما يسهر أهل المولد إِلى نصف الليل، فيُضيِّعون صلاة الصُّبح مع الجماعة على الأقل، أو تفوتهم الصلاة. 11 - لا عبرة بما يفعله الكثير من الناس في الإحتفال بالمولد، لأن الله -تعالى- يقول: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: 116] ويقوك حذيفة: كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس أنها حسنة. 12 - وقال الحسن البصري: إِن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي، الذين لم يذهبوا مع أهل الترف في إِترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سُنتهم حتى لقوا ربهم، فكذلك فكونوا. 13 - إِن أول من أحدث المولد الملك المظفر في بلاد الشام في مطلع القرن السابع للهجرة، وأول من أحدثه في مصر الفاطميون وهم كما قال ابن كثير: (كفار فساق). انظر بحث المشاهد والمزارات من هذا الكتاب ص 198.

كيف نحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؟

كيف نُحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؟ 1 - قال الله - تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من والدِه، وولدِه، والناس أجمعين". [رواه البخاري] 3 - تفيد هذه الآية أن محبة الله، تكون باتباع ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطاعته فيما أمر به، وترك ما نَهَى عنه مما جاء في أحاديثه الصحيحة التي بينها للناس، ولا تكون المحبة بالتشدق بالكلام وعدم العمل بهديه وأوامره وسنته. 4 - ويفيدنا هذا الحديث الصحيح أن إِيمان المسلم لا يكتمل حتى يحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - محبة تزيد على محبة الولد والوالد والناس كلهم وحتى تزيد على محبة المسلم لنفسه، كما ورد ذلك في حديث آخر، ويظهر أثر المحبة عندما تتعارض أوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونواهيه مع شهوات النفس، ورغبة الزوجة والأولاد والناس الذين حوله، فإِن كان مُحبًا صادقًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدَّم أوامره، وخالف نفسه وأهله وشهواته، ومَن حوله، وإن كان كاذبًا عصى الله ورسوله، ووافق شيطانه وهواه. 5 - إذا سألت مسلمًا، هل تحب رسولك؟ فيقول لك نعم فداه روحي ومالي، فإِذا سألته لماذا تحلق لحيتك وتخالف أمره في كذا .. وكذا .. ولا تتشبه به في مظهره وأخلاقه وتوحيده؟ أجابك بقوله: المحبة في القلب وقلبي طيب والحمد لله!! نقول له: لو كان قلبك طيبًا لظهر على جسدك، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسدَ الجسدُ كله، إلا وهي القلب". [رواه البخاري ومسلم] 6 - دخلت عيادة طبيب مسلم فرأيت صور الرجال والنساء معلقات على الجدار، فذكرته بنهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن تعليق الصور، فرفض قائلًا هؤلاء زملائي وزميلاتي في

فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -

الجامعة! عِلمًا بأن الأكثرية منهم كفار، ولا سيما النساء الَّلاتي يُظهرن شعورهن وزينتهن في الصورة، وهم من بلاد الشيوعية، وكان هذا الطبيب يحلق لحيته، فنصحته فأخذته العزة بالإِثم، وقال: سيموت وهو حالق لحيته، والعجيب أن هذا الطبيب المخالف لتعاليم الرسول يدعي حبه الكاذب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول لي: قل يا رسول الله أنا في حماك! قلت في نفسي أنت تعصي أمره، ثم تدخل في حماه، وهل يرضى الرسول بذلك الشرك؟ فنحن والرسول في حمى الله وحده. 7 - إِن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا تكون في الاحتفالات ونصب الزينة، وِإنشاد الأناشيد التي لا تخلو من منكر، وغير ذلك من البدع التي لا أصل لها في الدين بل تكون المحبة باتباع هديه، والتمسك بسنته، وتطبيق تعاليمه، وما أحسن قول الشاعر: لوكان حُبك صادقًا لأطعته ... إِن المحب لمن يُحب مطيع فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الله - تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] (قال البخاري: قال أبو العالية: صلاة الله -تعالى- ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء). وقال ابن عباس: (يّصَلون: يُبرِّكون): (أي يباركون) والمقصود من هذه الآية، كما ذكر ابن كثير في تفسيره: (إِن الله -سبحانه وتعالى - أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه وحبيبه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يّثني عليه عند الملائكة، وإن الملائكة تُصلّي عليه، ثم أمر تعالى أهل العَالَم السُّفلي بالصلاة عليه، ليجتمع الثّناء عليه من أهل العالَميْن).

1 - في هذه الآية يأمرنا الله أن ندعو للرسول - صلى الله عليه وسلم - ونصلي عليه، لا أن ندعوه من دون الله، أو نقرأ له الفاتحة، كما يفعل بعض الناس. 2 - أفضل صيغة للصلاة على رسول الله هي ما علَّمها لأصحابه حين قال لهم: "قولوا اللَّهُمَّ صَلِّ على محمد، وعلى ال محمد، كما صلَّيت على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيمَ، إنك حميد مجيد، اللَّهُمَّ بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيمَ إنك حميد مجيد" [رواه البخاري ومسلم] 3 - هذه الصلاة وغيرها من الصلوات الواردة في كتب الحديث وكتب الفقه المعتمدة لم تذكر فيها كلمة "سيدنا" التي يزيدها الكثير من الناس، عِلمًا بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سيدنا، ولكن التقيد بكلام الرسول واجب، والعبادة مبنية على النقل لا على العقل. 4 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول، ثم صَلَّوا عَليَّ، فإنه مَنْ صلَّى على صلاة صلى الله عليه بها عَشرًا، كم سَلوا الله ليَ الوسيلةَ، فإنها مَنزلةٌ في الجنَّة، لا تنبغي إِلا لعبدٍ من عبادِ الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمَن سأل ليَ الوسيلَة حلَّت له الشفاعة" [رواه مسلم] ودعاء الوسيلة الوارد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان وبعد الصلاة على النبي (الصلاة الإِبراهيمية) سِرًا هو: "اللَّهُمَّ ربِّ هذه الدعوة التامة، والصلاةِ القائمة، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته". [رواه البخاري] 5 - والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مطلوبة عند الدعاء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل دعاء محجوب حتى يُصلّى على النبي - صلى الله عليه وسلم -: [حسن رواه البيهقي] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله ملائكة سيَّاحين في الأرض، يُبلِّغوني عن أُمتي السلام" [صحيح رواه أحمد] والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مطلوبة ولا سيما يوم الجمعة، وهي من أفضل القُرُبات،

الصلوات المبتدعة

والتوسل بها مشروع عند الدعاء لأنها من العمل الصالح، فنقول: اللهم بصلاتي على نبيك فرّج عني كربتي .. وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم. الصلوات المبتدعة نسمع كثيرًا من صيغ الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مبتدعة، لم ترِد في كلام الرسول وصحابته، والتابعين والأئمة المجتهد مِن، بل هي من وضع بعض المشايخ المتأخرين، وقد راجت هذه الصيغ بين العوام وأهل العلم، فأخذوا يقرؤونها أكثر مما يقرؤون الصلوات الواردة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وربما تركوا الوارد الصحيح، ونشروا الصلوات المنسوبة لمشايخهم، ولو أمعنا النظر في هذه الصلوات لرأينا فيها مخالفة لهدى الرسول الذي نصلي عليه ومن هذه الصلوات المبتدعة وقولهم: 1 - (اللهم صَل على محمد طِبِّ القلوب ودوائها، وعافية الأبدان وشفائِها، ونور الأبصار وضِيائها، وعلى آله وسلم). إِن الشافي والمعافي للأبدان والقلوب والعيون هو الله وحده، والرسول لا يملك النفع لنفسه ولا لغيره، فهذه الصيغة تخالف قول الله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 188] وتخالف قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُطرُوني كما أطرتِ النصارى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا عبدُ الله ورسوله" [رواه البخاري] ومعنى الإِطراء: هو مجاوزة الحد أو الزيادة في المدح. 2 - رأيت كتابًا في فضل الصلوات، لشيخ لبناني صوفي كبير فيه هذه الصيغة: (اللهم صَل على محمد حتى تجعلَ منه الأحدِيَّة القيُّومِيَّة) فالأحدية والقيومية من صفات الله الواردة في القرآن قد جعلها هذا الشيخ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 3 - ورأيت في كتاب (أدعية الصباح والمساء) لشيخ سوري كبير قوله: (اللهم صَلِّ على محمد الذي خَلقتَ من نوره كل شيء) والشيء يشمل آدم وإيليس، والقردة

والخنازير. والذباب، والبعوض وغيرها فهل يقول عاقل بأنهم خُلِقوا من نُور محمد؟! لقد عرف الشيطان خَلقَه وخَلق آدم حين قال في القرآن: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [ص: 76] فهذه الآية تكذب كلام الشيخ وتبطله. 4 - ومن هذه الصيغة المبتدعة قولهم: "الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، ضاقت حيلتي فأدرِكني يا حبيب الله". الجزء الأوّل من هذه الصلاة مقبول، ولكن الخطر والشرك في الجزء الثاني، من قوله " أدركني يا حبيب الله" وهذا مخالف لقول الله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}؟ [النمل: 62] وقوله: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ} [الأنعام: 17] وكان الرسول إِذا أصابه هَمٌّ أو غمٌّ قال: "يا حيُّ يا قيُّوم برحمتك أستغيث". [حسن رواه الترمذي] فكيف يجوز لنا أن نقول له أدركنا ونجنا؟!! وهذه الصيغة مخالفة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألتَ فاسأل الله، واذا استعنت فاستعِن بالله، [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] 5 - صلاة الفاتح: وصيغتها: "اللهم صَل على محمد الفاتح لما أُغلِق .... " وقائلها يزعم أن من يقرؤها أفضل له من قراءة القرآن بستة آلاف مرة ونقل ذلك من الشيخ أحمد التيجاني رئيس الطريقة التيجانية. إنها لسفاهة أن يعتقد العاقل فضلًا عن المسلم أن قراءة هذه الصيغة المبتدعة، أفضل من قراءة كلام الله مرة واحدة، فضلًا عن ستة آلاف مرة، وهذا ما لا يقوله مسلم! وأما وصف الرسول بالفاتح لما أُغلِق على إِطلاقه دون تقييده بمشيئة الله فهو خطأ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفتح مكة إِلا بمشيئة الله، ولم يستطع فتح قلب عمه للإيمان بالله،

بل مات على الشرك، والقرآن يخاطب الرسول قائلًا: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] وقال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] 6 - يقول صاحب دلائل الخيرات في الحزب السابع. "اللهم صَلّ على محمد ما سجَعتِ الحمائم، ونفعت التمائم" والتميمة هي الخرزة والخيط ونحوها التي تُعلَّق على الأولاد وغيرهم للحماية من العين، ولا ينفع مُعَلِّقها ولا من عُلِّقت له، بل هي أعمال المشركين. قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ علَّق تميمة فقد أشرك". [صحيح رواه أحمد] فهذه الصيغة تخالف الحديث، وتجعل الشرك والتميمة قربة إِلى الله. 7 - جاء في كتاب دلائل الخيرات هذه الصيغة: (اللهم صَلّ على محمد، حتى لا يبقى مِن الصلاة شَيء، وارحم محمدًا حتى لا يبقى مِن الرحمة شيء). هذه الصيغة جعلت الصلاة والرّحمة، وهي صفات أفعال الله تنتهي وتنفذ، والله يردّ عليهم قائلًا: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109] 8 - الصلاة البشيشية: يقول ابن بشيش فيها: (اللهم انشلني من أوحال التوحيد، وأغرقني في بحر الوحدة، وزُجَّ بي في الأحدية حتى لا أرى ولا أسمع ولا أُحس إِلا بها). هذا مذهب القائلين بوحدة الخالق والمخلوق، وأن التوحيد فيه أوحال وأوساخ يدعو أن ينشله منها، ويغرقه في بحر وحدة الوجود ليرى إلهه في كل شيء، حتى قال زعيمهم: وما الكلب والخنزير إِلا إِلهنا ... وما الله إِلا راهبٌ في كنيسة فالنصارى أشركوا حينما قالوا عيسى ابن الله، وهؤلاء جعلوا المخلوقات كلها

الصلاة النارية

شركاء لله!! تعالى الله عما يقول المشركون. احذر يا أخي المسلم هذه الصيغ البدعية، التي توقعك في الشرك، وتقيد بما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، الذي لا ينطق عن الهوى، ولا تخالف هديه: قال - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ". [رواه مسلم] الصلاة النارية الصلاة النارية معروفة عند كثير من الناس وأن من قرأها 4444 مرة بنية تفريج كرب، أو قضاء حاجة تُقضى له، وهذا زعم باطل لا دليل عليه، ولا سيما إِذا عرفت نصها ورأيت الشرك ظاهرًا فيها وهذه صيغتها: (اللهم صَلِّ صلاة كاملة، وسلم سلامًا تامًا على سيدنا محمد، الذي تنحلُّ به العُقَد، وتنفرج به الكرب، وتُقضى به الحوائج، وتنال به الرغائب، وحسن الخواتيم ويُستسقى الغمام بوجهه الكريم، وعلى آله وصحبه عدد كل معلوم لك). 1 - إِن عقيدة التوحيد التي دعا إِليها القرآن الكريم وعلَّمنا إِياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تُحتم على كل مسلم أن يعتقد أن الله وحده هو الذي يحل العقد ويُفرَج الكرب، ويقضي الحوائج ويعطي ما يطلبه الإِنسان حين يدعوه، ولا يجوز لمسلم أن يدعو غير الله لتفريج همه أو شفاء مرضه، ولو كان المدعو مَلكًا مُرسَلًا، أو نبيًا مُقَرّبًا، وهذا القرآن ينكر دعاء غير الله، من المرسلين والأولياء فيقول: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 56، 57] قال المفسرون، نزلت في جماعة كانوا يدعون المسيح، أو الملائكة، أو الصالحين من الجن.

القرآن للأحياء لا للأموات

2 - كيف يرضى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن يُقال عنه يحل العُقَد، ويُفرِّج الكرب، والقرآن يأمره ويقول له: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188] وجاء رجل إِلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله نِدًّا؟ قل ما شاء الله وحده، (النِدُّ: المثيل والشريك). [رواه النسائي بسند حسن] علمًا بأن في آخر الصيغة تحديد لعدد معلومات الله، وهذا خطأ كبير. 3 - ولو حذفنا كلمة (به) ووضعنا بدلًا عنها كلمة (بها) لكان معنى الصيغة صحيح، وتكون كالآتي: (اللهم صل صلاة كاملة، وسلم سلامًا تامًا على محمد، التي تُحَلُّ بها العقد) (أي بالصلاة) لأن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عبادة يُتوسل بها لتفريج الهم والكرب. 4 - لماذا نقرأ هذه الصلوات البدعية من كلام المخلوق، ونترك الصلاة الإِبراهيمية وهي من كلام المعصوم - صلى الله عليه وسلم -؟. القرآن للأحياء لا للأموات قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29] لقد تسابق الصحابة للعمل بأوامر القرآن وترك نواهيه، فأصبحوا سعداء الدنيا والآخرة، وحين ترك المسلمون تعاليم القرآن، واتخذوه للموتى يقرؤونه على القبور، أيّام التعزية أصابهم الذل والتفرق وحق عليهم قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30] لقد أنزل الله القرآن للأحياء ليعملوا به في حياتهم، فالقرآن ليس للموتى، وقد انقطع عملهم، فلم يستطيعوا قراءته والعمل به، ولا يصل ثواب قراءته لهم إِلا مِنَ الولد

لأنه من سعي أبيه، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إِلا من ثلاث: صدقة جارية، أو عِلم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له" [رواه مسلم] ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] فقال: (أى كما لا يُحمَل عليه وِزرُ غيره كذلك لا يحصل من الأجر إِلا ما كسب هو لنفسه، ومن هذه الآية الكريمة استنبط الإمام الشافعي -رحمه الله - أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها للموتى، لأنه ليس مِن عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إِليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُمته، ولا حثُّهم عليه، ولا أرشدهم إِليه بنص ولا إِيماء، ولم يُنقل ذلك عن أحد من الصحابة، ولو كان خيرًا لسبقونا إِليه، وباب القُريِات يُقتصرَ فيه على النصوص، ولا يُتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء؛ فأما الدعاء والصدقة فذلك مجمع على وصولها ومنصوص من الشارع عليهما). 1 - لقد راجت فكرة قراءة القرآن للموتى، حتى أصبحت قراءته علامة على الموت، فما تكاد تسمع القرآن من الإِذاعات بشكل مستمر، حتى تعلم أن رئيسًا قد مات، وإذا سمعته من بيت فتعلم أن فيه عزاءً ومأتمًا، وقد سَمِعَت أمٌّ من أحد الزائرين يقرأ القرآن على ولدها المريض فصاحت: إن ابني لم يمت حتى تقرأ عليه القرآن!! .. وسمعت امرأة سورة الفاتحة من الإِذاعة فقالت: أنا لا أحبها لأنها تذكرني بأخي الميت وقد قُرئت عليه! (لأن الإِنسان يكره الموت وما يلوذ به). 2 - إِن الميت الذى ترك الصلاة في حياته ماذا يستفيد من القرآن بعد موته، وهو يبشره بالويل والعذاب؟. {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5] (هذا إِذا أخرها عن وقتها ولم يتركها) 3 - أما حديث: "اقرؤوا على موتاكم يَس" فقد أعلَّه ابن القطان بالاضطراب والوقف والجهالة، وقال الدارقطني: هذا حديث مضطرب الإِسناد ومجهول المتن ولا يصح" انتهى

القيام الممنوع

ولم يثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته أنهم قرؤوها على ميّتٍ، سواء كانت سورة يَس، أو الفاتحة، أو غيرها من القرآن، بل كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لأصحابه عند فراغه من الدفن للميت: "استغفروا لأخيكم وسَلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل". [صحيح رواه أبو داود وغيره] 4 - يقول أحد الدعاة: ويحك يا مسلم تركت القرآن في حياتك ولم تعمل به، حتى إِذا اقتربت من الموت، قرؤوا عليك سورة "يس" لتموت بسهولة! فهل أنزل القرآن لتحيا، أم لتموت؟!. 5 - لم يُعلِّم صحابته أن يقرؤوا الفاتحة عند دخول المقبرة، بل علمهم أن يقولوا: "السّلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية، (مِن العذاب) [رواه مسلم وغيره] فهذا الحديث يُعلمنا أن ندعو للأموات، لا أن ندعوهم ونستعين بهم. 6 - أنزل الله القرآن، لِيُقرَأ على مَنْ يمكنهم العمل من الأحياء، قال تعالى: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس: 70] أما الأموات فلا يسمعونه، ولا يمكنهم العمل به. اللهم ارزقنا العمل بالقرآن الكريم، على طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. القيام الممنوع قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحبَّ أن يتمثَل الناسُ له قيامًا فليتَبوَّأ مقعده من النار". [صحيح رواه أحمد] وقال أنس -رضي الله عنه-: "ما كان شخص أحبَّ إليهم مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له، لِما يعلَمون مِن كراهيته لذلك". [صحيح رواه الترمذي] 1 - يُفهم من هذين الحديثين أن المسلم الذي يُحب أن يَقوم له الناس عند دخوله

مجلسًا يتعرض لدخول النار، وأن الصحابة -رضي الله عنهم - يُحبون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبًا شديدًا، ومع ذلك كانوا إِذا رأوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - داخلًا عليهم لم يقوموا له، لما يعلمون من كراهية الرسول - صلى الله عليه وسلم - للقيام له. 2 - اعتاد الناس أن يقوموا لبعضهم، وخاصة إِذا دخل الشيخ لإعطاء الدرس، أو لزيارة مكان من الأمكنة، وكذا المدرس إِذا دخل على الطلاب فسرعان ما يقف الطلاب احترامًا له، والذي يمتنع عن القيام يُلام ويُوبخ على سوء أدبه، وعدم احترامه لأستاذه. إِن سكوت الشيخ أو المعلم على القيام له، أو لوم الطالب المتخلف عن القيام يدلُّ على با الشيخ والمدرس القيام، ويُعرضان نفسيهما لدخول النار؛ ولو كانا لا يحبان القيام لهما، أو يكرهانه، لأعلم كلُّ منهما طلابه، وطلب منهم عدم القيام بعد ذلك، وشرح لهم الأحاديث الناهية عن القيام. إن تكرار القيام للعالم أو الداخل يولد في نفس كل منهما حب القيام، بحيث إِذا لم يقم أحد له شعر بانزعاج، كان هؤلاء القائمين كانوا عونًا للشيطان في حب القيام للقادم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تكونوا عون الشيطان على أخيكم" [رواه البخاري] 3 - كثير من الناس يقولون: نحن نقوم للمدرس، أو الشيخ احترامًا لعلمه فنقول لهم: هل تَشُكُّون في علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأدب صحابته معه، ومع ذلك لم يقوموا له، والإِسلام لا يعتبر الاحترام بالقيام، بل يكون بالطاعة وامتثال الأمر، وإلقاء السلام والمصافحة، ولا عبرة بقول الشاعر شوقي: قُم للمُلم وفِّه التبجيلا: لمخالفته قول رسول الله المعصوم - صلى الله عليه وسلم - الذي كره القيام، وهدَّد من أحبه بدخول النار. 4 - كثيرًا ما نكون في مجلس، فيدخل الغني، فيقوم له الناس، ويدخل الفقير فلا يقوم له أحد، فيجد في نفسه حِقدًا على الغني والجالسين لهذه المعاملة، وتكون الشحناء بين المسلمين التي نَهَى الإسلام عنها وكان سببها القيام؛ وقد يكون هذا الفقير

القيام المطلوب والمشروع

الذى لا يقوم الناس له أفضل عند الله من ذلك الغني المُقامِ له، لقول الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] 5 - قد يقول قائل: إِذا لم نقم للرجل فربما وجد في نفسه شيئًا على الجالسين، فنقول له: نحن نشرح لهذا القادم أن محبته في قلوبنا، وأننا نقتدي برسول الله الذي يكره القيام له، وبصحابته الذين لم يقوموا له، ونحن نكره للقادم دخول النار. 6 - قد تسمع من بعض المشايخ يقولون إِن حسان شاعر الرسول يقول: (قيام العزيز عليَّ فرض) فهذا غير صحيح. وما أحسن قول تلميذ ابن بطة الحنبلي: وإذا صَحَّت الضمائر منا ... اكتفينا أن نُتعب الأجساما لا تُكلّف أخاك أن يتلَقا ... ك بما يستحِلُّ فيك الحراما كلناواثق بوُدِّ مُصافيه ... ففيم انزعاجنا وعلامَ؟ القيام المطلوب والمشروع لقد وردت أحاديث صحيحة،. وأعمال من الصحابة تدل على جواز القيام إِلى القادم، تعالوا معنا لنفهم هذه الأحاديث: 1 - كان - صلى الله عليه وسلم - يقوم إِلى ابنته فاطمة إِذا دخلت عليه، وتقوم إِليه إِذا دخل عليها، وهذا جائز ومطلوب، لأنه قيام إِلى الضيف لملاقاته وإكرامه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرِم ضَيفه". [متفق عليه] والقيام يكون من صاحب البيت فقط. 2 - "قوموا إلى سَيِّدكم" [متفق عليه] وفي رواية "فأنزلوه" [حسن] سبب ورود هذا الحديث أن سعدًا -رضي الله عنه- كان جريحًا، وطلبه الرسول

الأحاديث الضعيفة والموضوعة

الله ليحكم في اليهود، فركب حمارًا، فلما وصل قال للأنصار: "قوموا إلى سيدكم فأنزلوه" فقاموا إِليه فأنزلوه، وهذا القيام مطلوب لمساعدة سعد سيد الأنصار -رضي الله عنه- وهو جريح على ظهر الحمار لئلا يقع، ولم يقم الرسول وبقية الصحابة. 3 - ورد أن الصحابي كعب بن مالك، حينما دخل المسجد، والصحابة جالسون، فقام إِليه طلحة وحده مُهرولًا ليبشره بقبول توبته بعد أن تخلف عن الجهاد، وهذا القيام لإدخال السرور على رجل حزين: وبشارته بالتوبة عليه من الله - تعالى. 4 - القيام إِلى القادم من سفر لمعانقته. 5 - نلاحظ أن هذه الأحاديث كلها جاءت بلفظ: (إِلى سيدكم، إِلى طلحة، إِلى فاطمة) وهي تدل على جواز القيام بعكس الأحاديث المانعة من القيام، فقد جاءت بلفظ: (له). والفرق كبير بين قام إِليه (أي أسرخ إلى مساعدته أو إِكرامه) وبين قام له: (أي قام واقفًا في مكانه للتعظيم). الأحاديث الضعيفة والموضوعة الأحاديث المنسوبة للرسول - صلى الله عليه وسلم - منها الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، ولكل ذكر الإمام مسلم في مقدمة كتابه ما فيه تحذير من الضعيف: "باب النهي عن الحديث بكل ما سمع" مستدلًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكل ما سمع" [رواه مسلم] وذكر الإمام النووي في شرحه لمسلم: "باب النّهي عن الرواية عن الضعفاء" مستدلًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "سيكون في آخر الزمان ناسٌ مِن أُمتي يُحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا أباؤكم، فإياكم وإياهم" [رواه مسلم] قال الإمام ابن حبان في صحيحه: "فصل ذكر إِيجاب دخول النار لمن نسب شيئًا إِلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وهو غير عالم بصحته" ثم ساق بسنده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قال علَيَّ ما لم أقل، فلْيَتَبَوَّأ مقعدَه مِن النار" [حسن رواه أحمد]

وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث الموضوعة فقال: "مَنْ كذب علَيَّ متعمدًا، فليتَبوَّأ مقعده من النار". [متفق عليه] ومن الأسف نسمع كثيرًا من المشايخ يُحدث بها تأييدًا لمذهبه ومعتقده. من هذه الأحاديث قوله: "اختلاف أُمتي رحمة" .. قال العلامة ابن حزم: ليس بحديث، بل هو باطل مكذوب، لأنه لو كان الاختلاف رحمة، لكان الاتفاق سخطًا، وهذا ما لا يقوله مسلم. ومن الأحاديث المكذوبة (تعلموا السحر ولا تعملوا به) وقولهم (لو اعتقد أحدكم في حجر لنفعه) وغيرها من الأحاديث الموضوعة. وأما الحدّ يث المنتشر الآتي: "جَنّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم". قال ابن حجر: ضعيف، وقال ابن الجوزي لا يصح، وقال عبد الحق لا أصل له. لقد ثبت في الحديث الصحيح وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "علِّموا أولادَكم الصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليهَا وهم أبناء عشر". [صحيح رواه أحمد] والتعليم يكون في المسجد كما علَّم الرسول أصحابَه الصلاة وهو على المنبر، والصبيان كانوا في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى غير المميزين: 1 - لا يكفي أن نقول في آخر الحديث: [رواه الترمذي أو غيره، لأنه يروي أحيانًا أحاديث غير صحيحة، فلا بد من ذكر درجة الحديث: [صحيح، حسن، ضعيف] أما قولنا "رواه البخاري أو مسلم" فيكفي لأن أحاديثهما صحيحة. 2 - إن الحديث الضعيف لم تثبت نسبته للرسول - صلى الله عليه وسلم - لوجود علة في سنده أو متنه، وِإن أحدنا لو نزل للسوق ورأى لحمًا سمينًا وضعيفًا فيأخذ السمين في الأضحية، ونترك الضعيف، وقد أمرنا الإسلام أن نأخذ الذبيحة السمينة في الأضحية، ونترك الضعيفة الهزيلة، فكيف يجوز الأخذ بالحديث الضعيف في الدين، ولا سيما عند وجود الحديث الصحيح؟ ونص علماء الحديث على أن الحديث الضعيف لا يقال فيه قال رسول الله التي هي للصحيح، بل يقال روي بصيغة المجهول للتفريق بينهما.

نماذج من الأحاديث الموضوعة

3 - يرى بعض العلماء المتأخرين جواز الأخذ بالحديث الضعيف بشروط: 1 - أن يكون في فضائل الأعمال. 2 - أن يندرج تحت أصل صحيح من السنة. 3 - أن لا يشتد ضعفه. 4 - أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته. والناس اليوم لا يتقيدون بهذه الشروط إِلا ما ندر. نماذج من الأحاديث الموضوعة 1 - إِن الله قبض قبضة من نوره فقال لها كوني محمدًا [موضوع] 2 - أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر [موضوع] 3 - توسلوا بجاهي [لا أصل له] 4 - مَنْ حج فلم يزرني فقد جفاني [قال بوضعه الحافظ الذهبي] 5 - الكلام في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. [قال الحافظ العراقي: لا أصل له] 6 - حب الوطن من الإِيمان. [موضوع كما قال الأصفهاني] 7 - عليكم بدين العجائز. [موضوع، لا أصل له] 9 - كنتُ كنزًا مخفيًا. [لا أصل له] 10 - لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسالك بحق محمد لما غفرت لي. [موضوع] 11 - الناس كلهم موتى إِلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إِلا العاملون، والعاملون غرقى إِلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم. [موضوع] 12 - أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. [موضوع انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم 58]

كيف نزور القبور زيارة شرعية؟

13 - إِذا صعد الخطيب المنبر فلا صلاة ولا كلام. [باطل انظر السلسلة الضعيفة 87] 14 - اطلبوا العلم ولو بالصين. [باطل أورده ابن الجوزي في الموضوعات] كيف نزور القبور زيارة شرعية؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: "إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها لِتذكركم زيارتها خيرًا". [صحيح رواه أحمد] 1 - يُسَن السلام على الأموات والدعاء لهم عند الدخول، فقد عَلم الرسول أصحابه أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لَلاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية" (أي من العذاب) [رواه مسلم] 2 - عدم الجلوس على القبر، وعدم وطئه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُصلُّوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها" [رواه مسلم] 3 - عدم الطواف حول القبر بنية التقرب. لقوله تعالى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (الكعبة) [الحج: 29] 4 - عدم قراءة شيء من القرآن في المقبرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان ينفِر من البيت الذي تُقرَأ فيه سورة البقرة" [رواه مسلم] وهذا إِشارة إلى أن القبور ليست محلاً للقرآن، بعكس البيت، والأحاديث الواردة في القراءة على القبور غير صحيحة 5 - أما طلب المدد والعون من الميت، ولو كان نبيًا أو وليًا، فهو من الشرك الأكبر، لقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (أي المشركين) [يونس: 106]. 6 - عدم وضع أكاليل الزهور وحملها لوضعها على قبر الميت لأنه تشبه بالنصارى، وإضاعة للمال فيما لا فائدة فيه. ولو أعطي المبلغ للفقراء صدقة على الميت لاستفاد الميت والفقراء.

التقليد الأعمى

التقليد الأعمى قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [المائدة: 104]. 1 - يخبرنا الله عن حال المشركين، حينما قال لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -: تعالوا إِلى القرآن وتوحيد الله ودعائه وحده، فقالوا يكفينا عقيدة الآباء، فرد عليهم القرآن قائلًا: إِن آباءكم جهال لا يعلمون شيئًا، ولم يهتدوا إِلى طريق الحق. 2 - إِن كثيرًا من المسلمين وقعوا في هذا التقليد الأعمى، فقد سمعت أحد الدعاة يخطب في محاضرة قائلًا: هل كان آباؤكم يعلمون أن الله له يد؟ يحتج بآبائه على الإِنكار! مع أن القرآن أثبت ذلك في قوله -تعالى- عن خلق آدم: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ولا تشبه يدُ مخلوتاته يدَه. لقول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] 3 - وهناك نوع أخر من التقليد الضار، هو تقليد الكفار في الفجور والسفور واللباس الضيةه، وليتنا قلدناهم في الخترعات النافعة كصنع الطائرات وغيرها مما يفيدنا. 4 - كثير من الناس تقول له: قال الله، قال رسوله، فيقول قال الشيخ!! ألم يسمعوا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] (أى لا تقدموا قول أحد على قول الله ورسوله) وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء. أقول لكم: قال رسول الله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر!! وقال الشاعر ينكر على المحتجين بكلام شيوخهم: أقول لك قال الله، قال رسوله ... فتجيب شيخي إِنه قد قال

لا تردوا الحق

لا ترُدُّوا الحق 1 - لقد أرسل الله الرسل للناس، وأمرهم بالدعوة إِلى عبادة الله وتوحيده، ولكن أكثر الأمم كذبوا الرسل، وردوا الحق الذي دُعوا إِليه، وهو التوحيد فكان عاقبتهم الدمار. 2 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذرة من كِبر". ثم قال: "الكِبرُ بطَرُ الحق، وغَمطُ الناس". [رواه مسلم] (بَطر الحق: رَدُّ الحق. غمطُ الناس: احتقارهم) فعلى هذا لا يجوز للمؤمن أن يَرُدَّ الحق والنصيحة، حتى لا يتشبه بالكفار، وحتى لا يقع في الكبر الذي يمنع صاحبه دخول الجنة، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها. 3 - ولهذا يجب قبول الحق من أى إِنسان كان، حتى من الشيطان، فقد ورد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وضع أبا هريرة حارسًا على بيت المال، فجاءه سارق ليسرق فقبض عليه أبو هريرة، فجعل السارق يرجوه ويشكو ضعفه، فتركه، ثم عاد مرة ثانية، وثالثة، فقبض عليه وقال له: لأرفعنك إِلى رسول الله، فقال: دعني، فإِني أعلمك آية من القرآن إِذا قرأتها لا يقربك شيطان قال: ما هي؟ قال آية الكرسي، فتركه، وقص أبو هريرة على الرسول ما رأى، فقال له الرسول: "أتدري مَن تكلم؟ إنه شيطان، صدقك وهو كذوب". [رواه البخاري]

عقيدة المسلم

عقيدة المسلم إن كان تابعُ أحمد متوهِّبا ... فأنا المقِرُّ بأنني وهَّابي أنفي الشريك عن الإِله فليسَ لي ... ربٌّ سوى المتفرّدِ الوهّاب لا قبةٌ تُرجى ولا وثَنٌ ولا ... قبرٌ له سببٌ من الأسباب كلا ولا حجرٌ، ولا شجرٌ ولا ... عينٌ (¬1)، ولا نُصُبٌ من الأنصاب أيضًا ولست مُعلِّقًا لتميمةٍ (¬2) ... أو حلقةٍ، أو وَدعةٍ أو ناب لِرجاء نفعٍ، أو لِدفع بليةٍ ... الله ينفعني، ويدفعُ ما بي والابتداعُ وكلّ أَمرٍ مُحدثٍ ... في الدين ينكره أولوا الألباب أرجو بأني لا أُقارِبه ولا ... أرضاه دينًا، وهو غير صواب وأعوذ من جهميةٍ (¬3) عنها عتت ... بخلاف كل مُؤوِّلٍ مرتاب والإستواء (¬4) فإِن حسبي قدوةً ... فيه مَقال السادة الأنجاب الشافعي ومالكٍ وأبي حنيفةَ ... وابن حنبل التقَي الأوَّاب وبعصرنَا من جاء معتقدًا به ... صاحوا عليه مُجسِّمٌ وهَّابي جاء الحديث بغربة الإسلام فَلبـ ... ـيكِ المحبُّ لِغُربة الأحباب فالله يحيمنا، ويَحفظ ديننا ... من شَرِّ كلّ مُعاندٍ سَبَّاب ويُؤيِّد الدينَ الحنيف بعصبةٍ ... مُتمسكينَ بسنةٍ وكتاب لا يأخذون برأيهم وقياسهم ... ولهم إِلى الوحيينِ خير مآب قد أخبر المختار عنهم أنهم ... غُرباءُ بين الأهلِ والأصحاب سلكوا طريق السالكين إِلى الهُدى ... ومشوا على مِنهاجهم بصواب من أجل ذا أهلُ الغُلُوِّ تنافروا ... عنهم فقلنا ليس ذا بعجاب نفرَ الذين دعاهم خيرُ الورى ... إِذ لَقبوه بساحرٍ كذاب معَ علمهم بأمانةِ وديانةٍ ... فيه ومكرمة، وصدق جواب صلّى عليه الله ما هبَّ الصبا ... وعلى جميع الآل والأصحاب الشيخ مُلا عُمران ¬

_ (¬1) عين ماء يغتسلون بها للتبرك والشفاء (¬2) التميمة: الخرزة ونحوها توضع للحماية من العين. (¬3) الجهمية: فرقة ضالة تنكر أن الله في السَّماء، وتقول بأن الله في كل مكان. (¬4) الإستواء: هو العلو والارتفاع.

(4) العقيدة الإسلامية من الكتاب والسنة الصحيحة

(4) العقيدة الإسلامية من الكتاب والسنة الصحيحة

موجز لمحتويات الكتاب (4) العقيدة الإسلامية * معنى لا إِله إِلا الله وشروطها * الاهتمام بالعقيدة والتوحيد * شروط المسلم، وشروط قبول العمل * الولاء والبراء في الإِسلام * أفكار خطيرة منتشرة * فائدة الإشتغال بالدعوة والكتب * التكافؤ الاجتماعي يقضي على المذاهب الهدامة * الجهاد والولاء والحكم * العمل بالقرآن والحديث * الإِيمان بالقدر خيره وشره * السنة والبدعة * التعليم الشرعي والمخترعات المفيدة * الدعوة إِلى الله وواجب العرب. * لا تدعوا مع الله أحدًا.

معنى الإسلام والإيمان

معنى الإسلام والإيمان س 1 - ما هو الإسلام؟ ج 1 - الإسلام هو الإستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والابتعاد عن الشر، قال الله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 112] وقال - صلى الله عليه وسلم - "الإسلام أن تشهد أن لا إله إِلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتُقيم الصلاة، وتؤتي الزَّكاة، وتصوم رمضان، وتَحجَّ البيت إن استطعت إليه سبيلًا". [رواه مسلم] س 2 - ما هو الإيمان؟ ج 2 - الإِيمان: هو الاعتقاد بالقلب، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح والأركان، قال الله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان: أن تؤمن باللهِ، وملائكتِه وكتبه، ورسلِه، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدَر خيره وشره" [رواه مسلم] وقال الحسن البصري: ليس الإِيمان بالتمني، ولا بالتحلِّي، ولكن هو ما وقر في القلب، وصدَّقه العمل. س 3 - مَنْ ربُّك؟ ج 3 - ربي الله الذي خلقني ورَبَّاني وربَّى جميع الخلوقات بنعمته، وهو معبودي، ليس لي معبود سواه، قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]

س 4 - ما دِينك؟ ج 4 - ديني الإسلام، وهو ما دل عليه الكتاب والسنة من عبادته وطاعته. قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}. [آل عمران: 19] س 5 - مَنْ هو نبيك؟ ج 5 - نبيّي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، ولد في مكة وأُمه آمنة بنت وهب، وهو نبي ورسول إِلى الناس كافة، قال الله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] وهو خاتم النبيين، وليس بعده نبي ولا رسول قال الله - تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] أصبح نبيًا عندما نزل عليه قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] وأصبح رسولًا عندما نزل عليه قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 1، 2] نزل عليه الوحي وعمره أربعون سنة، وهاجر بعد ثلاثة عشر عامًا من بعثته إِلى المدينة، وبقي فيها عشر سنين، ومات وعمره ثلاث وستون سنة في المدينة. وأول ما دعا إِليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - التوحيد، وهو قول: "لا إله إِلا الله، [أي لا معبود بحق إِلا الله"]، وأمره ربه أن يدعو الله وحده، ولا يُشرك به أحدًا في دعائه كما يفعل المشركون في زمانه، فقال له ربه: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} [الجن: 20] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] فالواجب على المسلمين أن يدعوا الله وحده، ولا يدعوا غيره، ولو كان نبيًا أو وليًا، لأن الله وحده هو القادر، وغيره من الأموات عاجزون عن دفع الضر عنهم. قال الله - تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 20، 21]

س 6 - ما هي عقيدتك البعث؟ وما حكم إنكاره؟ ج 6 - عقيدتي في البعث: الإِيمان به واجب، وأنه جزء لا يتجزأ من الإِيمان بالله، وأن الذي خلق الخلق من العدم قادر على اِعادة الخلق مرة أخرى. وحكم إِنكاره: كفر ومخلَّد صاحبه في النار، والدليل قوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 78، 79] س 7 - ما هي علامات حسن الخاتمة للميت؟ ج 7 - علامات. حسن الخاتمة كثيرة، فأيما مسلم مات بإِحداها كانت بشارة له، ويا لها مِن بشارة: (1) النطق بالشهادتين عند الموت. [لوجود حديث شاهد] (2) الموت ليلة الجمعة، أو نهارها. [لوجود حديث شاهد] (3) الموت برشح الجبين (بعَرقه). [لوجود حديث شاهد] (4) الاستشهاد بساحة القتال. [لوجود حديث شاهد] (5) الموت غازيًا في سبيل الله، ويشتمل من قتل ومات في سبيل الله، ومن مات في الطّاعون، وأمراض البطن كالاستسقاء، وانتفاخ البطن، أو الإسهال، وكل من يشتكي من بطنه. [لوجود حديث يدل على ذلك] (6) من مات بالغرق أو الحرق. [لوجود حديث شاهد] (7) موت المرأة في النفاس. [لوجود حديث يدل عليه] (9) الموت بداء السلِّ. [لوجود حديث يدل عليه] (10) الموت في سبيل الدفاع عن دينه أو نفسه أو ماله. (11) الموت مرابطًا في سبيل الله (والرباط: هو الحراسة). (12) الموت على عمل صالح: كالشهادتين، والصوم، والصدقة. [انظر هذا البحث بأدلته في كتاب أحكام الجنائز للمحدث الألباني ص 34]

حق الله على العباد

حقُّ الله على العباد س 1 - لماذا خلقنا الله؟ ج 1 - خلقنا الله لنعبده ولا نُشركَ به شيئًا. والدليل قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "حق الله على العباد أن يَعبدوه، ولا يُشركوا به شيئًا" [متفق عليه] س 2 - ما هي العبادة؟ ج 2 - العبادة: اسمُ جامعٌ لما يُحبه الله من الأقوال، والأفعال: كالدعاء والصلاة والخشوع وغيرها. قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (نُسكي: ذبحي للحيوانات قُربة لله) [الأنعام: 162]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: قال الله تعالى: "وما تَقَرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه" [حديث قدسي رواه البخاري] س 3 - ما هِيَ أنواع العبادة؟ ج 3 - أنواع العبادة كثيرة منها: الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والذبح والنذر والركوع والسجود والطواف والحلف والحكم، وغير ذلك من أنواع العبادات المشروعة. س 4 - كيف نعبد الله؟ ج 4 - كما أمرنا الله ورسوله، مع الاتباع قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عمل عمَلًا ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ" (أي غير مقبول) [رواه مسلم]

أنواع التوحيد وفوائده

س 5 - هل نعبدُ الله خوفًا وطمعًا؟ ج 5 - نعم نعبدهُ كذلك، قال الله - تعالى- آمرًا عباده: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الأعراف: 56] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أسألُ الله الجنَّة، وأعوذُ به مِنَ النار". [رواه أبو داود بسند صحيح] س 6 - ما هو الإحسان في الدِّين؟ ج 6 - الإِحسان هو مراقبة الله -تعالى- وحده الذي يرانا. قال الله - تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 218، 219] وقال - صلى الله عليه وسلم -:"الإحسان أنْ تَعبُدَ الله كأَنَّك تراهُ، فإنْ لم تَكنْ تراهُ فإنه يراكَ" [رواه مسلم] س 7 - ما هو أعظم حَقٍّ بعد حَقِّ اللهِ ورسولِه؟ ج 7 - حَق الوالدين، قال الله - تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23] وعن أبي هريرة قال: جاء رجل إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله مَنْ أَحَقْ الناسِ بحُسن صحابتي؟ قال: "أُمك" قال: ثم مَن؟ قال: "أُمك" قال: ثم مَن؟ قال: "أُمك" قال: ثم مَن؟ قال: "أبوك". [متفق عليه] أنواع التوحيد وفوائده س 1 - لماذا أرسل الله الرسل؟ ج 1 - أرسلهم للدعوة إِلى عبادته، ونَفي الشرك به قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] (الطاغوت الذي يعبدهُ الناس، ويَدعونه مِن دون الله، وهو راض بذلك).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: " .. والأنبياء إخوة .. ودينهم واحد" (أي كل الرسل دَعَوا إِلى توحيد الله). [الحديث متفق عيه] س 2 - ما هو توحيد الرب؟ ج 2 - هو إِفراده بأفعاله كالخلق والتدبير وغيرهما .. قال الله - تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] قال - صلى الله عليه وسلم -: " .. أنتَ ربُّ السموات والأرض .. " [متفق عليه] س 3 - ما هو توحيد الإله؟ ج 3 - هو إِفراده بالعبادة كالدعاء والذبح والنذر والحكم والصلاة والرجاء والخوف والاستعانة والتوكل وغيرها. قال الله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "فَلْيَكُن أولُ ما تدعوهم إليه، شهادةَ أن لا إله إِلا الله". [متفق عليه] وفي رواية البخاري: "إلى أن يُوَحِّدوا الله". س 4 - ما هي الغاية من توحيد الرب والإله؟ ج 4 - الغاية من توحيد الرب والإله أن يعرف الناس عظمة ربهم ومعبودهم فيفردوه في عبادتهم، ويطيعوه في سلوكهم، ويستقر الإِيمان في قلوبهم، ويتحول إلى عمل في واقع الأرض، فيقيموا دولة الإسلام. س 5 - ما هو توحيد صفات اللهِ وأسمائه؟ ج 5 - هو إِثبات ما وصف الله به نفسه في كتابه أو وصفه رسوله في أحاديثه الصحيحة على الحقيقة، بلا تأويل، ولا تمثيل، ولا تعطيل، ولا تكييف، كالاستواء والنزول واليد وغيرها، مما يليق بكمال الله. قال الله - تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ينزلُ الله في كُلِّ ليلة إلى السماء الدنيا". [رواه مسلم] (ينزل نزولًا يليق بجلاله، ولا يُشبهه أحد من مخلوقاته).

معنى "لا إله إلا الله" وشروطها

س 6 - أين الله؟ ج 6 - الله فوق العرش على السَّماء. قال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. [طه: 5] (أي علا وارتفع [كما جاء في البخاري عن التابعين] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتبَ كتابًا .. فهو عندَه فوق العرش" [متفق عليه] ومن أنكر أن الله فوق العرش فقد كذّب الله، وتكذيب الله كفر. س 7 - هَل الله معنا؟ ج 7 - الله معنا بعلمه يسمع ويرى: لقول الله - تعالى: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] وقال - صلى الله عليه وسلم - "إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم، (أي بعلمه). [رواه مسلم] س 8 - ما هي فائدة التوحيد؟ ج 8 - فائدة التوحيد هي الأمن في الآخرَة من العذاب المؤبد، والهداية في الدنيا، وتكفير الذنوب، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "حَقُّ العباد على الله أن لا يُعذِّبَ مَنْ لا يُشركُ به شيئًا" [متفق عليه] معنى "لا إله إِلا الله" وشروطها س 1 - ما هي شروط "لا إله إِلا الله" ومعناها؟ ج 1 - اعلم يا أخي المسلم -هدانا الله وِإياك- أن "لا إِله إِلا الله" مفتاح الجنة، ولكن ما من مفتاح إِلا وله أسنان، فإِن جئتَ بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك. وأسنان هذا المفتاح هي شروط "لا إِله إِلا الله" الآتية:

(1) العلم بمعناها: وهو نفي المعبود بحق عن غير الله، وإثباته لله وحده. قال الله - تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} [محمد: 19] (أي لا معبود في السموات والأرض بحق إِلا الله). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ مات وهو يعلم أنه لا إله إِلا الله دخل الجنة" [رواه مسلم] (2) اليقين المنافي للشك: وذلك أن يكون القلب مستيقنًا بها بلا شك. قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ...} (لم يرتابوا: أي لم يَشُكُّوا). [الحجرات: 15] وقال - صلى الله عليه وسلم -: أشهد ان لا إله إِلا الله، وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاكٍّ فيُحجَب عن الجنة" [رواه مسلم] (3) القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه. قال الله -تعالى- حكاية عن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: 35] (أي يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون) [ذكره ابن كثير] وقال - صلى الله عليه وسلم -:"أُمِرت أن أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إِلا الله، فمن قال لا إله إِلا الله فقد عصم مني مالَه ونفسه إِلا بحق الإسلام وحسابه على الله -عَزَّ وَجَلَّ-" [متفق عليه] (4) الإنقياد والإستسلام لما دلت عليه. قال الله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 54] (أي ارجعوا إلى ربكم واستسلموا له) [ذكره ابن كثير] (5) الصدق المنافي للكذب، وهو أن يقولها صدقًا من قلبه. قال الله تعالى: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ

الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1 - 3] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من أحَد يشهد أن لا إله إِلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله صدقًا من قلبه إِلا حرَّمه الله على النار" [متفق عليه] (6) الإِخلاص: وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك. قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إِلا الله خالصًا من قلبه، أو نفسه" [رواه البخاري ج 1/ 193] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حرَّم على النار من قال: لا إله إِلا الله يبتغي بذلك وجهَ الله -عَزَّ وَجَلَّ-". {رواه مسلم ج 1/ 456] (7) - المحبة لهذه الكلمة الطيبة، ولما اقتضَت ودلَّت عليه، ولأهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها، وبغض ما ناقض ذلك. قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} (أَنْدَادًا: شُركاء). [البقرة: 165] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث مَن كُنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يُحب المرء لا يحُبه إِلا الله، وأن يكرَه أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يُقذف في النار" [متفق عليه] (بتصرف من كتاب الولاء والبراء للدكتور محمد سعيد القحطاني) 8 - أن يكفر بالطواغيت وهي المعبودات من دون الله، ويؤمن بالله ربًا ومعبودًا بحق. قال الله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قال لا إله إِلا الله، وكفر بما يُعبد مِن دون الله حَرُم ماله ودمه" [رواه مسلم]

الإهتمام بالعقيدة والتوحيد

الإهتمام بالعقيدة والتوحيد س 1 - لماذا نهتم بالتوحيد أكثر من غيره؟ ج 1 - نهتم بالتوحيد لأسباب كثيرة منها: (1) التوحيد: (ضد الشرك) هو الركن الأساسي الذي يُبنى عليه الإسلام، ويتمثل في الشهادتين: "لا إِله إِلا الله، محمد رسول الله". (2) التوحيد المذكور هو الذي يدخل به الكافر الإِسلام فلا يُقتل. (3) التوحيد: دعوة جميع المرسلين إِلى أممهم قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. [النحل 36] (4) التوحيد هو الذي خلق الله العالَم لأَجله قال الله - تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. [الذاريات: 56] (ليعبدون: ليوحدوني ويفردوني في العبادة) (5) التوحيد: يشمل توحيد الرب والإِله والحكم والأسماء والصفات وجميع أنواع العبادات. (6) التوحيد: في الأسماء والصفات مُهم جدًا، فقد التقيتُ بشاب مسلم يقول: "إن الله في كل مكان" فقلت له إِن أردتَ به ذاته فهذا خطأ كبير، لأن الله تعالى - يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. [طه: 5] (أي علا وارتفع كما جاء في البخاري) وإني أردت أن الله معنا بسمعه وبصره وعلمه فهذا صحيح، فرضي بهذا الشرح. (7) التوحيد: هو الذي تتوقف عليه سعادة الإِنسان وشقاؤه في الدارين. (8) التوحيد: هو الذي أخرج العرب من الشرك والظلم والجهل والتفرق إِلى العدل والعزة والعلم والوحدة والمساواة والتوحيد. (9) التوحيد: هو الذي فتح به المسلمون البلاد وأنقذوا العباد من عبادة الطغاة إِلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان المحرَّفة إِلى عدل الإِسلام المحفوظ.

(10) التوحيد: هو الذي يدفع بالمسلم إِلى الجهاد والتضحية والفداء. (11) التوحيد: هو الذي يُوحد العرب والعجم ويجعلهم أمة واحدة، ولذلك لمَا وصلت دعوة التوحيد التي قام بها المجدد محمد بن عبد الوهاب إِلى بلاد الهند عن طريق الحجاج خاف الإنجليز منها، لأنها توحد المسلمين جميعاً في أقطار العالم فتخرجهم من البلاد التي سيطروا عليها، لذا راح الإِنجليز مع أتباعهم يقاومون دعوة التوحيد، ويطلقون عليها (الدعوة الوهابية) لِيُبعدوا الناس عنها، كما ذكر ذلك الشيخ علي الطنطاوي في كتابه: (الشهيد أحمد عرفان) و (محمد بن عبد الوهاب). (12) التوحيد: هو الذي يُقرر مصير المجاهد، فإِن كان من الموحّدين فله الجنة، وإن كان من المشركين فيكون من أهل النار. (13) التوحيد: هو الذي قامت المعارك من أجله، واستُشهد المسلمون في سبيله، ثم انتصروا بسببه، ولا يزال المسلمون يحاربون من أجله، ولا عِزَّ لهم ولا نصر إِلا بتحقيقه. فكما أنه استطاع في الماضي أن يوحدهم ويُقيم لهم دولة كبيرة، فهو الآن قادر -بإِذن الله- أن يُعيد لهم مجدهم وعزهم ودولتهم إِذا عادوا إِليه. قال الله - تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}. [محمد: 7]. س 2 - ما هو لزوم الدين والعقيدة للإنسان؟ ج 2 - الإِنسان محدود بطبيعته، ومحدود بوظيفته لرب العالمين، وظيفة العبادة في الأرض لتحقيق جميع معاني العبادة لله، وهو بفطرته لا يرضى أن يبقى كذرة ضائعة تائهة، فلذلك لا بد من عقيدة ربانية تُفسر له ما حوله، وتُحدد له مكانه، وتضبط وظيفته، وترسم له الطريق المستقيم الموصل للسعادة الدنيوية والأخروية. وهذه العقيدة هي النور الصافي بما يتفرع عنها من أحكام وتشريع لتضبط سلوك الإِنسان، وتوصله إِلى الأمن والاستقرار، فيها الهدى والنور، والفوز والنجاح. قال الله - تعالى:

شروط المسلم

{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ}. [البقرة: 138] (من كتاب الأجوبة المفيدة بتصرف) س 3 - ما هو واجب الدعاة والجماعات الإسلامية؟ ج 3 - الواجب على الدعاة والجماعات الإسلامية أن يسيروا على منهاج الكتاب والسنة الصحيحة، وأن يبدؤوا بما بدأ به جميع الرسل -عليهم السلام- وعلى رأسهم سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقد بدأ دعوته بالتوحيد الذي يتمثل في شهادة لا إِله إِلا الله، ومعناها: لا معبود حق إِلا الله، وبقي ثلاثة عشر عامًا في مكة يدعو إِليها، حتى استقر في نفوس أصحابه أن العبادة، ومنها الدعاء لا يطلب إِلا من الله، لأنه وحده القادر، وغيره عاجز، وأن التشريع والحكم لا يجوز إِلا لله، لأنه الخالق وهو أعلم بمصالح عباده، ثم بعد أن هاجر إِلى المدينة كوَّن الدولة الإِسلامية ودعا إِلى الجهاد والقتال لتكون كلمة الله العليا. شروط المسلم س 1 - ما هي شروط المسلم؟ ج 1 - إِن الرجل لا يكون مسلمًا حقًّا إِلا بالشروط الآتية: (1) أن يعرف توحيد الله في العبادة، ويعمل بموجبه. (2) تصديق الرسول فيما جاء به، وطاعته فيما أمر به، واجتناب ما نهى عنه. (3) معاداة المشركين والكافرين: فكم من مسلم لا يقع منه الشرك، ولكنه لا يعادي أهله، فلا يكون مسلمًا حقًا بذلك، إِذ ترك مبدأ جميع المرسلين، فإِبراهيم يقول لقومه: {كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}. [الممتحنة: 4] فقوله وبدا (أي ظهر وبان) وتأمَّل تقديم العداوة على البغضاء، لأن الأولى أهم من الثانية، فإِن المسلم قد يبغض المشركين ولا يعاديهم، فلا يكون آتيًا بالواجب

شروط قبول العمل

عليه، حتى تحصل منه العداوة والبغضاء باديتين ظاهرتين، وأما إِذا وجدت الموالاة والمواصلة فإِن ذلك يدل على عدم البغضاء. (4) القيام بواجب النصيحة: فمن قال لا أتعرَّض للمسلمين ولو فعلوا الشرك والكفر والمعاصي، لا يكون مسلمًا حقًا بل يجب. عليه أن ينصحهم ويبين لهم خطر الشرك والكفر والمعاصي وغيرها من الأعمال المنكرة، بأسلوب لَيِّن، عملاً بقوله - تعالى: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. [النحل: 125] شروط قبول العمل س 1 - ما هي شروط قبول العمل؟ ج 1 - شروط قبول العمل عند الله أربعة: (1) الإِيمان بالله وتوحيده، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا}. [الكهف: 107] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "قل آمنت بالله، ثم استقِمْ" [رواه مسلم] (2) الإِخلاص: وهو العمل لله من غير رِياء ولا سُمعة. قال الله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}. [الزمر: 2] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قال لا إله إلا الله مُخلِصًا دخل الجنة" [صحيح رواه البزار وغيره] (الرياء والسمعة: أن تعمل عملاً ليسمع بك الناس) (3) الموافقة لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -. قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. [الحشر: 7] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن عمِل عمَلًا ليسَ عليه أمرُنا فهو رَدٌّ". [رواه مسلم] (4) أن لا ينقض صاحب العمل إِيمانه بكفر أو شرك، بأن يصرف شيئًا من العبادة لغير الله كدعاء الأنبياء والأولياء والأموات والاستعانة بهم، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -:

"الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] قال الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [يونس: 106] (الظالمين: أي المشركين) وقال الله - تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. [الزمر: 65] س 2 - ما هو معنى النية؟ ج 2 - النية: هي القصد، محلها القلب، ولا يجوز التلفظ بها لأن الرسول والصحابة لم يتلفظوا. قال الله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}. [الملك: 13] وقال - صلى الله عليه وسلم - "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". [متفق عليه] ومعناه: إِنما صحة الأعمال أو قبول الأعمال أو كمال الأعمال بالنيات (انظر شرح الحديث في الأربعين النووية). س 3 - ما معنى قول الناس: الدين في القلب؟ ج 3 - هذه الكلمة يقولها بعض الذين يريدون التهرب من التكاليف الشرعية؛ والدين يشمل العقائد والعبادات والمعاملات .... (1) إن العقائد تكون بالقلب كأركان الإيمان التي أخبر عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدَر خيره وشره". [رواه مسلم] (2) إِن العبادات تكون بالجوارح مع نية القلب، كأركان الإِسلام التي أخبر عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "بُني الإسلام على خمس: على أن يُعبد الله، ويُكفرَ بما دونه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام رمضان". [رواه مسلم]

ولابد من تطبيق هذه الأركان اعتقادًا بالقلب وعملًا بالجوارح. (3) كثيرًا ما نذكَّر المسلم بالصلاة وإعفاء اللحية مثلًا فيقول متهربًا: الدين في القلب!! نحن نحكم على المسلم بأعماله الظاهرة، والقلوب لا يعلم ما فيها إلا الله، ولو كان قلب هذا الرجل صالحًا لظهر على بدنه الصلاة والزكاة وغيرها من الفروض، ولظهرت اللحية في وجهه، وقد أشار الرسول الكريم إِلى ذلك بقوله: "ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" وقال الحسن البصرى: ليس الإِيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكنه شيء وقر في القلب، وصدقه العمل وقال الشافعي: الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص. وقال السلف: الإيمان هو اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان. [انظر فتح الباري جـ1/ 46] وقال البخاري: باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال [جـ 1/ 11] س 4 - ما هي شروط قبول التوبة؟ ج 4 - شروط قبول التوبة هي: 1 - الإِخلاص: أن تكون توبة المذنب خالصة لله، لا لشيء آخر. 2 - الندم: أن يندم المذنب على ما فعل من الذنوب. 3 - الإِقلاع: أن يترك المذنب المعصية التي فعلها. 4 - عدم العودة: أن يعزم المسلم على ألا يعود إِلى ذنبه. 5 - الاستغفار: أن يستغفر الله من الذنب الذي فعله في حق الله. 6 - أداء الحقوق: أن يؤدى حقوق الناس أو يسامحوه. 7 - وقت القبول: أن تكون توبة المذنب في حياته وقبل حضور موته. قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يقبل توبة عبده ما لم يُغرغِر". [حسن رواه الترمذي]

الولاء والبراء في الإسلام

الولاء والبراء في الإسلام س 1 - ما هو الولاء والبراء؟ ج 1 - الولاء: هو حب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم. والبراء:- هو بغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين من الكافرين والمشركين والمبتدعين الذين يطلبون من غير الله الشفاء والرزق والهداية. إِن كل مؤمن موحِّد مُلتزم للأوامر والنواهي الشرعية تجب محبته وموالاته ونصرته، وكل مَن كان خلاف ذلك وجب التقرب إلى الله ببغضه ومعاداته، وجهاده باللسان والقلب بحسب القدرة والإِمكان، ولا سيما الذين يستعينون بغير الله. كلٌّ يُبغَض حسب معصيته. (1) قال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] (2) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله" [حسَّنه الألباني بمجموع طرقه] (3) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان" [صحيح رواه أَبو داود وغيره] (4) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن من عباد الله لأناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يَغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانتهم من الله تعالى، قالوا: يا رسول الله تُخبرنا مَن هم؟ قال: "هم قوم تحابُّوا بروح الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لَنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس" وقرأ هذه الآية: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62] (تحابوا بروح الله: أي بالقرآن). [رواه أبو داود وحسنه محقق جامع الأصول]

أولياء الرحمن وأولياء الشيطان

(5) وجاء عن السلف: "مَن أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تُنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثُرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يُجدي على أهله شيئًا". (6) احرص على حُبِّ المؤمنين المستعينين بالله، ولو نابزهم الناس بالألقاب المنفرة، وابتَعِد عن كل مَن يدعو غير الله، ويُنكر علُو الله على عرشه، فهو من المبتدعين. أولياء الرحمن وأولياء الشيطان س 1 - مَن هم أولياء الرحمن؟ ج 1 - أولياء الرحمن هم المؤمنون المتقون المتمسكون بالكتاب والسنة. قال الله - تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما وَلِيِّيَ اللهُ، وصالحُ المؤمنين" [متفق عليه] س 2 - مَن هم أولياء الشيطان؟ ج 2 - هم المخالفون للرحمن، لا يلتزمون بالكتاب والسنة أصحاب البدع والأهواء، يدعون غير الله، وينكرون عُلُوَّ الله على عرشه، يضربون أنفسهم بالحديد، ويأكلون النار، وغيرهما من أعمال المجوس والشيطان، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}. (يَعشُ: يُعرِض) [الزخرف: 36،37] س 3 - هل بين الحق والباطل طريقًا وسطًا يطلبه الناس؟ ج 3 - ليس هناك طريقٌ وسطٌ بين الحق والباطل يختاره الناس، لأن الله -تعالى-

الشرك الأكبر وأنواعه

حصر الضلال والباطل فيما سوى الحق، فليس فيما سواه طريقٌ صالحٌ، ولا أنصاف حلول أبدًا. قال الله تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلَالُ}. [يونس:32] الشرك الأكبر وأنواعه س 1 - ماهو الشرك الأكبر؟ ج 1 - الشرك الأكبر هو صرف نوع من أنواع العبادة لغير الله كالدعاء والذبح وغير ذلك، والدليل قول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. (أي المشركين) [يونس:106] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور". [رواه مسلم] س 2 - ما هو أعظم الذنوب عند الله؟ ج 2 - أعظم الذنوب عند الله الشرك الأكبر، والدليل قول الله - تعالى: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. [لقمان: 12] ولما سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيُّ الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نِدًا وهو خلقَك". [متفق عليه] (الند: المثيل والشريك) س 3 - هل الشرك موجود في هذه الأمة؟ ج 3 - نعم موجود، والدليل قول الله - تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}. [يوسف: 106] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقومُ الساعةُ حتى تَلحق قبائلُ مِن أُمتي بالمشركين وحتى تعبدَ الأوثان". [صحيح رواه الترمذي] س 4 - ما حكم دعاء غير الله كالأولياء؟ ج 4 - دعاؤهم من الشرك الأكبر الذي يدخل النار. قال الله - تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ

لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}. [فاطر: 41] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وهو يدعو مِن دونِ الله نِدًّا دخل النار" (النِّد: الشريك) [رواه البخاري] س 5 - هل الدعاء عبادة؟ ج 5 - نعم الدعاء عبادة. قال الله - تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. [غافر: 60] (عبادتي: دعائي. داخرين: صاغرين) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] س 6 - هل يسمع الأموات الدعاء؟ ج 6 - لا يسمعون. قال الله - تعالى: (1) {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}. [فاطر:22] (2) إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [الأنعام: 36] (يعني بذلك الكفار، لأنهم موتى القلوب، فشبههم الله بأموات الأجساد). [ذكره ابن كثير] (3) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن لِلهِ ملائكة سَياحين في الأرض يُبلِّغوني عن أمتي السلام" [صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع] فإِذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع السلام عليه إِلا بتبليغ الملائكة له، فغيره من باب أولى لا يسمع. (4) وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على قليب بدر (مكان قتلى المشركين) فقال: "هل وجدتم وعد ربكم حقًا؟ " ثم قال: "إنهم الآن يسمعون ما أقول" فذُكِر لعائشة فقالت: "إنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إِنهم الآن ليَعلَمون، أن ما

إقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لفهم الصحابة

كنتُ أقول لهم هو الحق" ثم قرأت: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}. [النمل:80] وقال قتادة راوي حديث أبي طلحة الذي في معناه: "أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخًا وتصغيرًا، ونقمة وحسرة وندامة". [رواه البخاري في كتاب المغازي باب 8] يستفاد من الحديث (1) إِن سماع قتلى المشركين مؤقَّت بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنهم الآن يسمعون" ومفهومه بعد الآن لا يسمعون، لأنه كما قال قتادة راوي الحديث: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخًا وتصغيرًا ونقمة وحسرة وندامة. (2) إِنكار عائشة لرواية ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل "يسمعون" بل قال: "إنهم الآن ليَعلمون" مستدلة بالآية: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}. [النمل:8] (3) ويمكن التوفيق بين رواية ابن عمر وعائشة بما يلي: إِن الأصل هو عدم سماع الموتى، كما صرح به القرآن، ولكن الله أحيا قتلى المشركين معجزة للرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعوا كما صرح بذلك قتادة راوي الحديث والله أعلم. * * * إقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لفهم الصحابة إِن في حديث القليب دلالة على أن الموتى لا يسمعون وذلك يتضح من مبادرة الصحابة، وفي مقدمتهم عُمر إِلى قولهم: ما تُكلِّم أجسادًا لا أرواح فيها؟ فهو يدل على رسوخ هذه الفكرة عندهم، وإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - لسؤالهم هو تأكيد لها أيضًا، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - نبههم للخصوصية لأهل القليب. ويزيد الأمر وضوحًا ما رواه أحمد بلفظ؛ "فسمع عمر صوته" فقال: يا رسول الله: أتناديهم بعد ثلاث؟ وهل يسمعون؟ يقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ

أنواع الشرك الأكبر

الْمَوْتَى}، فقال: "والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمَع لمِا أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يُجيبوا". [قال الألباني: سنده صحيح على شرط مسلم] ووجه الدلالة منه استشهاد عمر بالآية، ولو كان معناها غير ما فهمه وتكلم به لأنكره النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيَّن أن الآية لا تنفي مطلقًا سماع الموتى، فلمَّا لم ينكره، دل ذلك على صحة استدلال عمر بها والله أعلم. أنواع الشرك الأكبر س 1 - هل نستغيث بالأموات أو الغائبين؟ ج 1 - لا نستغيث بهم، بل نستغيث بالله. قال الله - تعالى: (1) {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}. [النحل: 20] (2) {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}. [الأنفال: 9] (3) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يا حَيُّ يا قيُّوم، برحمتكِ أستغيث". [حسن رواه الترمذي] س 2 - هل نستغيث بالأحياء؟ ج 2 - نعم فيما يقدرون عليه من مساعدات ممكنة. قال الله تعالى- عن موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15] س3 - هل تجوز الاستعانة بغير الله؟ ج 3 - لا تجوز في أمور لا يقدر عليها إِلا الله، والدليل قول الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. [الفاتحة: 5] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألت فاسألِ الله، وإذا استعنت فاستعن بالله" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح]

س 4 - هل نستعين بالأحياء؟ ج 4 - نعم فيما يقدرون عليه من قرض أو نصرة. قال الله - تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "والله في عونِ العبدِ، ما كان العبدُ في عونِ أخيه". [رواه مسلم] أما طلب الشفاء والرزق والهداية وأمثالها فلا تطلب إِلا من الله، لأن الأحياء عاجزون عنها فضلًا عن الأموات. قال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 78 - 80] س 5 - هل يجوز النذر لغير الله؟ ج 5 - لا يجوز النذر إِلا لله، لقول الله -تعالى- حكاية عن امرأة عمران: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن نَذرَ أن يُطيعَ الله فليُطِعهُ، ومَن نذرَ أن يعصِيهُ، فلا يَعصِهِ" [رواه البخاري] س 6 - هل يجوز الذبحُ لغير الله؟ ج 6 - لا يجوز، والدليل قول الله - تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. (انحر: اذبح لله). [الكوثر: 2] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لعنَ الله مَن ذبح لِغير الله" [رواه مسلم] ولا يجوز الذبح عند القبور والمشاهد ولو كان باسم الله، لأنه من عمل المشركين. قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تشبَّه بقوم فهو منهم" [صحيح رواه أبو داود] س 7 - هل نطوف بالقبور للتقرب بها إلى الله؟ ج 7 - لا نطوف إِلا بالكعبة لأن الله أمرنا به. قال الله - تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن طاف بالبيتِ سبعًا وصَلَّى ركعتين، كان كعتق رقبة" [صحيح رواه ابن ماجه]

س 8 - ما حكم السِّحْر؟ ج 8 - السحر من الكبائر، وقد يكون من الكفر. قال الله تعالى. {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}. [البقرة: 102] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اجتنبوا السبعَ الموبقات: الشركُ بالله، والسحر .. " (الموبقات: المهلكات). [الحديث رواه مسلم] وقد يكون الساحر مشركًا أو كافرًا أو مفسدًا يجب قتله قصاصًا أو حَدًّا أو تعزيرًا حسب نشاطه في الفتك أو الشعوذة أو الفتنة عن الدين، أو تسهيل الفساد لطالبه، أو تغطية الجرائم، أو التفريق بين المرء وزوجه، أو عمل ما يفتك بالحياة، أو يزيل العقل إلى غير ذلك من سوء نتائجه. س 9 - هل نُصدِّق العرَّاف والكاهِنَ في علِم الغيب؟ ج 9 - لا نُصدِّقُهما، لقول الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [النمل: 65] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى عَرَّافًا، أو كاهنًا، فصدَّقه بما يقولُ فقد كفرَ بما أنزلَ على محمد" [صحيح رواه أحمد] س 10. هل يَعلمُ الغيب أحد؟ ج 10 - لا يعلَمُ الغيبَ أحدٌ إِلا الله. قال الله - تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ} [الأنعام: 59] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يعلمُ الغيب إلا الله". [حسن رواه الطبراني] س 11 - ما حكم العمل بالقوانين المخالفة للإسلام؟ ج 11 - العمل بالقوانين الخالفة للإِسلام كفر مخرج من الإِسلام إِذا أجازها، أو اعتقد صلاحيتها، أو اعتقد عدم صلاحية الإسلام. قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "وما لم تحكم أئِمتُهم بكتاب الله، ويتخيَّروا مما أنزل الله، إلا جعلَ الله بأسَهم بينهم". [حسن رواه ابن ماجه وغيره] س 12 - ما هو الإلحاد؟ وما حكم الملحد؟ ج 12 - الإِلحاد: هو الميل عن الحق والانحراف عنه بشتى الاعتقادات والتأويل، فالمنحرف عن صراط الله والمعاكس لحكمه بالتأويل الفاسد، وِإبداء التشكيك يُسمَّى مُلحدًا، ويدخل فيه من ينكر وجود الرب، أو من يعدل بربه غيره فيتألَّهُه بالعبادة والدعاء والحب والتعظيم، أو قبول مبادئه وتشريعاته المخالفة لشرع الله. ومَن أخضع نصوص التنزيل من الآيات والأحاديث للعقل والهوى بالتأويل فقد ألحد في الأسماء والصفات والآيات والأحاديث. قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180] (قال قتادة: يُلحدون: يُشركون في أسمائه). (وعن ابن عباس: الإِلحاد: التكذيب). وقال الله - تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}. [فصلت: 40] (قال ابن عباس: الإِلحاد: وضع الكلام على غير موضعه. وقال قتادة وغيره: هو الكفر والعناد) [انظر ابن كثير ج 4/ 102] وكذلك من زعم أن الشرع لا يفيد اليقين الموجب للعمل حتى يستسيغه عقله الفاسد، فإِنه يُلحد لجعله العقل نِدًا للدين الإِسلامي. وحكم الملحد يختلف حسب إِلحاده: 1 - فالملحد الذي ينكر وجود الرب أو ينكر شيئًا من أسمائه وصفاته الثابتة هو كافر. 2 - والملحد الذي يدعو غير الله، ويستعين بالأموات واقع في الشرك المحبط للعمل.

3 - والملحد الذي يُؤوِّل الأسماء والصفات الثابتة في الكتاب والسنة الصحيحة هو في ضلال مبين. اللهم إِنا نعوذ بك من الإلحاد بجميع أنواعه. [نقلاً من كتاب (الأجوبة المفيدة) للدوسري بتصرف] س 13 - من خلق الله؟ ج 13 - إِذا وسوس الشيطان لأحدكم بهذا السؤال فليستعذ بالله. قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. [فصلت:36] وعلَّمنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نَرُدَّ كيد الشيطان ونقول: "آمنت بالله ورُسله، الله أحد، الله الصمدُ لم يَلِد، ولم يُولَد، ولم يكُن له كفُوًا أحد. كم ليَتفُل عن يساره ثلاثًا، وليَستَعِذ من الشيطان، وليَنتهِ، فإن ذلك يذهب عنه" [هذه خلاصة الأحاديث الصحيحة الواردة في البخاري ومسلم، وأحمد وأبي داود] يجب القول: بأن الله خالق وليس بمخلوق، ولتقريب ذلك من الأذهان نقول مثلًا: إن العدد اثنان قبله واحد، والواحد لا شيء قبله؛ فالله واحد لا شيء قبله. قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أنت الأولُ فلا شيء قبلك" [رواه مسلم] س 14 - ما هي عقيدة المشركين قبل الإسلام؟ ج 14 - كانوا يدعون الأولياء للتقرب وطلب الشفاعة. (1) قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:3] (2) {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18] وبعض المسلمين يفعلون ذلك متشبهين بالمشركين.

س 15 - ما هو الخوف؟ وما هي أنواعه؟ ج 15 - الخوف: جبن في القلب، وهو نوعان: اعتقادي، وطبيعي. (1) الخوف الاعتقادي: هو الخوف من الأموات، وهو من الشرك الأكبر، ومن عمل الشيطان. قال الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] (أي يخوفكم أولياءه، ويوهمكم أنهم ذَوُو بأس، وذوو شِدة، فإِذا سوِّل لكم وأوهمكم فتوكلوا عليِّ، والجؤوا إِليَّ فإِني كافيكم وناصركم عليهم) [ذكره ابن كثير] والخوف من الأموات من عمل المشركين واعتقادهم، قال الله - تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: 36] (يعني المشركين يخوفون الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويتوعدون بأصنامهم وآلهتهم الأموات التي يدعونها من دون الله جهلًا منهم وضلالًا). [ذكره ابن كثير] وكما قال قوم هود لنبيهم هود -عليه السلام-: {إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ}. [هود: 54] يقولون ما نظن إِلا أن بعض الآلهة أصابك بجنون وخبَل في عقلك بسبب نهيك عن عبادتها وعيبك لها فأجابهم هود: {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ}. [هود: 54، 55] [ذكره ابن كثير] أقول: وهذا دليل على أن الخوف من الأموات شرك، وقد وقع فيه بعض المسلمين فخافوا من الأموات، مع أنهم عاجزون عن دفع الضر عنهم، فضلًا عن إِنزال الضر بغيرهم، فالميت إِذا أصابه حريق لا يستطيع الهرب فيحترق. (2) الخوف الطبيعي: وهو خوف الإِنسان من الظالم أو الوحش وغيرهما فهذا ليس بشرك، قال الله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى}. [طه:67]

نفي الشرك بالله

{وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ}. [الشعراء: 14] س 16 - ما حكم دفن الميت في المسجد؟ ج 16 - المسجد بيت الله يحرم الدفن فيه. قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}. [الجن: 18] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" [متفق عليه] س 17 - هل تجوز الصلاة في القبور؟ ج 17 - لا تجوز لقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. [البقرة: 144] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُصَلّوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها". [رواه مسلم] نفي الشرك بالله س 1 - كيف تنفي الشرك بالله؟ ج 1 - لا يتم نفي الشرك بالله إِلا بنفي ما يلي: (1) الشرك في أفعال الرب، كالاعتقاد بأن هناك أقطابًا يُدبِّرون الكون، مع أن الله يسأل المشركين: {وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}. [يونس: 31] (2) الشرك في العبادهَ: كدعاء الأنبياء والأولياء لقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا}. [الجن: 20] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] (3) الشرك في صفات الله: كالاعتقاد بأن الرسل والأولياء يعلمون الغيب. قال الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [النمل: 65] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يعلم الغيبَ إلا الله". [حسن رواه الطبراني] (4) الشرك في التشبيه: كأن يقول: لا بُدَّ لي من واسطة بَشر حين أدعو الله، كالأمير الذي لا أستطيع الدخول عليه اِلا بواسطة، فهذا شبَّه الخالق بالمخلوق، وهو من

الشرك لقوله - تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] س 2 - هل شرك الجاهلية موجود الآن أم لا؟ ج 2 - الشرك الذي كان في عهد الجاهلية موجود الآن: (1) لقد كان المشركون السابقون يعتقدون أن الله هو الخالق والرازق، ولكنهم يدعون الأولياء الممثَّلين في الأصنام واسطة تُقرِّبهم إِلى الله، فلم يَرضَ الله منهم هذه الواسطة، بل كفَّرهم وقال لهم: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}. [الزمر:3] والله -تعالى- سميع قريب لا يحتاج إِلى واسطة مخلوق، قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186] وترى كثيرًا من المسلمين اليوم يدعون الأولياء الممثّلين في القبور تقربًا بهم إِلى الله، والأصنام تُمثل أولياء أمواتًا في نظر المشركين، والقبور تُمثِّل أولياء أمواتًا في نظر المسلمين أيضًا علمًا بأن الفتنة في القبر أشد من الصنم! (2) إِن المشركين السابقين كانوا يدعون الله وحده عند الشدائد ويُشركون به وقت الرخاء، قال الله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65] فكيف يجوز لمسلم أن يدعو غير الله وقت الشدائد أو الرخاء؟

أضرار الشرك الأكبر

أضرار الشرك الأكبر س 1 - ما هو ضرر الشرك الأكبر؟ ج 1 - الشرك الأكبر يسبب الخلود في النار. قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن مات يُشرك بالله شيئًا دخل النار" [رواه مسلم] س 2 - هل ينفعُ العمل مع الشرك؟ ج 2 - لا ينفع العمل مع الشرك، لقول الله تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الأنعام: 88] وقال - صلى الله عليه وسلم -: قال الله - تعالى: "إنا أغنى الشركاء عن الشرك مَن عَمِلَ عمَلًا أشركَ معي فيه غيري تركتُه وشِركَهُ". [حديث قدسي رواه مسلم] أفكار خطيرة منتشرة س 1 - هل الحكم للشعب والمال للشعب؟ ج 1 - هذه كلمات مخترعة ومخترعوها كاذبون في زعمهم لا يطبقون ذلك على أنفسهم فيتنازلوا للشعب ولا عن رأي واحد من آرائهم، بل هي نغمة تغرير لإِلهاء الشعوب التي تحب التنفس من حكمها الأول لتنخدع بالحكم الثاني الذي هو أشقى وأضل سبيلًا، والحق أن الشعوب البشرية يجب أن تكون مصمونة الكرامة نائلة للعدل والحرية الصحيحة لا تساق كالأنعام، ولكن لا يجوز إِطلاق هذه الكلمات على عواتقها، فالحكم لله الذي يجب أن يكون توجيه الشعب على نور وحيه، وحكمه وفق شريعته، لا أن يقول "الحكم للشعب" مَن يوجه الشعوب نحو رغباته هو من أصحاب المذاهب المادية والمبادئ الوثنية المخالفة لما أنزل الله ويفرض سلطته عليها قهرًا

وسائل الشيوعية لهدم الإسلام

تحت شعارات دجلية ماكرة، وكذلك "مال الله" يجب صرفه في المصالح العامة، وحفظ ثغور المسلمين، والدفاع عن جميع قضاياهم في مشارق الأرض ومغاربها فوق كل شيء، والقيام بالدعوة إِلى الله والإستعداد بكل قوة لقمع المفتري، أو المعتدي على بعض المسلمين وسد حاجة ذوي الحاجات، ويُقدم في صَرفه ما تدعو الحاجة الضرورية إِليه من ذلك، هكذا يُعمل بمال الله لا يجوز أن ينتهبه ذو الأنانية ولا أن يُصرف في البذخ والميوعة والتبذير فضلًا عن الفسق والفجور والمسارح والبلاجات الخليعة، ولا يجوز قطعًا أن يُقال "مال الشعب"، لأنه إِذا سُلِّم هذا كان لهم أن يفعلوا ذلك وأن يبددوا قسمًا كبيرًا منه على حفظ سلطانهم والتجسُّس وشراء الضمائر وغير ذلك من الأمور الضارة. [نقلاً من كتاب (الأجوبة المفيدة) للدوسري] س 2 - ما هي الأسُس التي تقوم عليها الشيوعية؟ ج 2 - الأسس التي تقوم عليها الشيوعية كثيرة منها: (1) إِنكار الإِله وإنكار الأديان والرسل والرسالات شعارهم: "لا إِله والحياة مادة". (2) هدم القيم والأخلاق والفضائل. (3) إِيجاد الأحقاد والضغائن بين الأغنياء والفقراء. (4) إِلغاء الملكية الفردية إِلا على رؤسائهم وهي من غريزة الإِنسان. س3 - ما هي وسائل الشيوعية لهدم الإسلام؟ ج 3 - الوسائل كثيرة منها: (1) أن يكون الداعية للشيوعية على علم بالدين الإِسلامي والشبَه المثارة حوله وبعادات وتقاليد المجتمع الذي يدعو فيه. (2) استخدام النساء في الدعوة إِلى هذا المذهب الهدام في أوساط النساء المسلمات، لأن الإسلام يمنع اختلاط الرجال الأجانب بالنساء. (3) استخدام كبار السن في الدعوة لمذهبهم إِما لاحترام هؤلاء الكبار في تلك

هل في الإسلام طرق صوفية وأحزاب؟

المجتمعات، أو لمكانتهم في نفوس الناس. (4) استخدام الأطباء في الدعوة إِلى الشيوعية باستخدام عجز المريض وضعفه وحاجته إِلى الدواء. (5) غزو الشعوب من الأعلى عن طريق الاستيلاء على الحكم ومن ثم نشر الشيوعية بين أفراد الشعب. س 4 - هل دول الكفر متحدة في عدائها للإسلام؟ ج 4 - من المعلوم أن دول الكفر وإن اختلفت في نظرتها للإِسلام، فهي متفقة على عدائها له، وذلك مختلف باختلاف أساليب العداوة، فالشيوعية تجاهر بعدائها للإِسلام من اضطهاد المسلمين وتدمير للإِسلام، والصليبية تتستر خلف المذاهب الهدامة للإِسلام،- وتقوم بحركة التنصير بين المسلمين ليبدلوا دينهم، ولا ننسى اليهودية التي تقف وراء الجميع وخلف كل مذهب هدام ومُدمر للاخلاق والقيم كالماسونية والصهيونية العالمية والبابية. س 5 - ما هو التنصير؟ وما أخطاره؟ وكيف نكافحه؟ ج 5 - التنصير مذهب من المذاهب الهدامة التي تسعى في حرب الإِسلام والقضاء عليه ومن مبادئهم التشكيك في الإِسلام وترغيب المسلمين في النصرانية وادعائهم أن عيسى ابن الله، وبث سمومهم في جميع المجالات واستغلال الشعوب الفقيرة والمريضة. وطرق مكافحته: الاعتصمام بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولزوم جماعة المسلمين والإطلاع على تعاليم الإِسلام ومعرفة أن دين النصارى محرف، ومساعدة الأغنياء بأموالهم للفقراء. س 6 - هل في الإسلام طرق صوفية وأحزاب؟ ج 6 - ليس في الإِسلام طرق صوفية أو أحزاب. قال الله تعالى:

(1) {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92] (2) {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] (3) {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31 - 32] (4) عن ابن مسعود قال: "خطَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا بيده، ثم قال: هذا سبيل الله مستقيمًا، وخط خطوطًا عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السُبُل، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله - تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}. (السبل: الطرق) [سورة الأنعام: 153] [رواه أحمد والنسائي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي] (5) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ضرب الله - تعالى: مثلًا صِراطًا مستقيمًا، وعلى جنبَي الصِراطِ سُوران فيهما أبوابٌ مُفتحة، وعلى الأبواب سُتور مُرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط المستقيم جميعًا ولا تفرَّقوا، وداع يدعو مِن فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئًا مِن تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تَلِجه. فالصراط: الإسلام، والسُّوران: حدود الله - تعالى، والأبواب المفتحة: محارم الله -تعالى- وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي مِن فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم". (سُوران: السور هو البناء المرتفع). [رواه أحمد والحاكم بسند صحيح] س 7 - هل الدين لله والوطن للجميع؟ ج 7 - هذه خطة شركية ابتدعها أهل (أوروبا) للهروب من حكم الكنيسة الظالم المحارب للعلم؛ ثم أرادوا بها إِبعاد أهل الإِسلام عن دينهم، فكأنهم قالوا: (الدين لله يُطرح ظهريًا، ليس له حق في شؤوننا الوطنية من سياسة وعلم واقتصاد وغيره) فالمستعمرون قصدوا بهذه الكلمة المزوَّقة البدعية إِفكًا وتضليلًا ليبعدوا حكم الله ويفصلوه عن جميع القضايا والشؤون بحجة الوطن الذي جعلوه نِدًّا لله، وفصلوا

هل الدين يسبب الطائفية والشقاق؟

بسببه الدين عن الدولة، وقد أمرنا القرآن بعدم طاعتهم في مثل هذا قال الله - تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [سورة آل عمران: 149] وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}. [آل عمران: 100] إن هذه الدعوة فتحت الأبواب للدعاية النصرانية وبثِّ الإِلحاد على حساب المسلمين وفي عُقر بيوتهم، وأخَّرت دعوة الإسلام وأوقفت زحفه إِرضاءً لأقليَّة نصرانية انتحلوا هذه النحلة فإِذا ما رفضها المسلم قالوا: "فتنة طائفية"!!! [نقلاً عن كتاب (الأجوبة المفيدة) بتصرف] س 8 - هل الدين يُسبب الطائفية والشقاق؟ ج 8 - الدين الإِسلامي الصحيح مصدر الوحدة الصحيحة، وتحقيقه يُسبب العِز والتمكين والتضامن والتراحم والبذل والإِيثار، وحماية غير المسلمين. وأي طائفية في دين يقول لأهله: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. [آل عمران:84] س 9 - هل يقال: إن إرادة الشعب من إرادة الله؟ ج 9 - إِن هذا الافتراء الذي تجرأ به على الله بعض فلاسفة المذاهب لم يجرؤ عليه أَبو جهل، ومن على شاكلته مع خبثه وعناده، فغاية ما قص الله عنهم التعلق بالمشيئة: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ}. [النحل:33] فكذبهم الله؛ وهؤلاء جعلوا للشعب الموهوم (إِرادة الأمر) فعلى قولهم الفاسد يكون للشعب أن يفعل ما شاء، ويتصرف في حياته تصرف من ليس مُقيَّدا بشريعة وكتاب، بل على وفق ما يهواه وعلى أساس المادة والشهوة والقوة!

حكم الإشتراكية في الإسلام

إِن هذا القول هو تأليه للشعب يجعله نِدًّا من دون الله وأهواءه أندادًا لشريعته وحكمه بدلًا من أن يكون محتكمًا إِلى الله ملتزمًا لحدوده متكيفًا بشريعته مُنفِّذًا لها. [نقلاً من كتاب (الأجوبة المفيدة) للدوسري بتصرف] س 10 - ما مقالة من يقول: "الدين أفيون الشعوب". ج 10 - هذه مقالة اليهودي (كارل ماركس) الذي نبش الشيوعية المزدكية اليهودية بعدما قبرها الإِسلام، فاخترع هذه المقالة يزعم أن الدين مُخدِّر ومُبَلِّد للشعوب، وهذا قد يصدق على الأديان الباطلة المزعومة مِن لاهوتية وثنية لتقيد أهلها بالخرافات؛ أما الدين الصحيح الحنيف ملَّة إِبراهيم الذي أمر الله بإِقامته، دين يلهب القلوب والمشاعر، محرك لجميع الأحاسيس والقوى، دافع بها إِلى الأمام لا يقبل من أهله الذل والاستكانة والخضوع للظلم، بل يوجب عليهم الجهاد بشتى صوره وأشكاله لإِعلاء كلمة الله وقمع المفتري عليه والبراءة ممن جانب وتنكر لحكم شريعته. [المصدر السابق] س 11 - ما حكم الإشتراكية في الإسلام؟ ج 11 - قبل الحكم على الإشتراكية يجب أن ينظر المسلم إِلى مراجعها لدى التطبيق، ولا يغتر بتسميتها عربية، بل ينظر: هل لهم مراجع في تطبيقها غير ما كتبه طغاتها اليهود (ماركس ولينين) وأتباعهما ممن اجتهدوا في تفسير أقوالهما؟ أم لهم مرجع وحيد يستقي من كتاب الله وسنة رسوله حتى يتقبلها المسلم؟ فإِذا كان الأمر على الأول (ماركس ولينين) فلا يجوز لمسلم بتاتًا قبولها، بل بجب رفضها من الأساس، ولا يشك عاقل في مراجعهم كلها من تلك الطواغيت، وحينئذ يكون رفضها من مستلزمات الشهادتين: (لا إِله إِلا الله، محمد رسول الله) اللتين لا يصح إِيمان المسلم بدون السير والعمل على مدلولهما. [من كتاب الأجوبة السابق] أقول: إِن في الإِسلام العادل المنزَّل مِن لَدُن حكيم خبير ما يغني عن الإشتراكية

ما هي الماسونية؟

والرأسمالية وغيرهما من أنظمة البشر المعرضة للخطأ، ولا سيما إِذا خالفت الإسلام الذي يكفل لأتباعه العدالة والمساواة والحرية والسعادة الدنيوية والأخروية. {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ}. [البقرة: 138] س 12 - ما هي الماسونية؟ ج 12 - الماسونية: جمعية سرية يهودية يُسمونها (بالقوة الخفية) أسسوها بادئ الأمر ضد النصارى لتعمل على تحريف أناجيلهم، وإفساد عقائدهم وأفكارهم، وتشَتُّتِ أمرهم بأنواع الخلاف والشقاق، فلما جاء الإِسلام وسعوا دائرتها ليحيطوه بأشراكها. واليهودية العالمية تمد الجمعيات الماسونية برجال الفكر والدهاء والمكر، ويلبسون لكل عصر لبوسه الملائم، بل يلبسون لكل أمة وشعب وبلد لبوسها الملائم، بل يدخلون إِلى كل رجل من مداخله وأذواقه الخاصة، حتى يستطيعوا فتنته. وقد حصلت اعترافات كثيرة في أوقات متفرقة علمًا بأن الماسونية أُوجدت لخدمة أهداف اليهود الشريرة، وتسهيل عملية استيلائهم على عقول القادة، وتحطيم نفوسهم وتحويلهم إِلى عبيد يُؤمنون بالماسونية وذلك لقوة انطلاء المكر الماسوني وشدة تأثيره على القلوب، بحيث كسبت أعظم وأكثر القادة من الشرق والغرب، وتغلغت الماسونية في الأسَر المالكة والطبقات الحاكمة في أوربا، ومن دار في فلكها الثقافي في البلاد العربية. ولهم طرق خداع الشعوب إِذا لمسوا فيهم الإِحساس بخطر الماسونية، أو الامتعاض من حكمها المتهمين بها، فإِنهم يوعزون إِليهم بإِغلاق أي مؤسسة افتضحت بالماسونية ليقيموا على أنقاضها مؤسسة تحمل اسمًا آخر، وهي في الباطن عين الماسونية، ليبرئ المسؤول نفسه من وَصمتها، ويكسب سُمعة جديدة لخدمة اليهود. وقد جاء في قرار المؤتمر الماسوني المنعقد عام 1900 م في باريس: أن غاية الماسونية تأسيس جمهوريات علمانية تتخذ الوصولية والنفعية أساسًا للإتحاد الماسوني؛ ومن نتائجها القديمة:

(أ) تحريف الكتب المقدسة، والعبث بتفريق الأديان والجماعات، وإضرام نيران الحروب والعداوة بين الأمم. ومن نتائجها في أول عهد الإِسلام. 1 - عمل المؤامرة لقتل الخليفة الثاني (عمر بن الخطاب) 2 - اختلاق الأكاذيب على الخليفة الثالث (عثمان بن عفان) وعماله. 3 - تزوير المكاتيب، وقلب الحقائق حتى جرى ما جرى: (قتل عثمان). 4 - العبث بعقول الأحزاب حتى أنشؤوا فيهم الخوارج والنواصب. 5 - نشر التجهم بفروعه المختلفة من جَهمية، ومُعتزلة، وقدرية، وغيرهم. هذا إِلى جانب القرامطة والباطنية في نواح أُخرى. 6 - أكاذيبهم على الأمويين، والتعاون مع الأعاجم على الإِطاحة بهم حتى تسنى لهم تروت هذه المذاهب، وما عملوه في زمنهم من إِبراز المختار الكذاب ونحوه، كما ضبطه صاحب كتاب: (تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة في الإِسلام) الذي ينبغي اقتناؤه. 7 - العمل على إِضرام نيران الحروب المفترية والصليبية، وإبراز مَن يخدمها، وتمهد للغزاة سبيل الفتك كالنصير الطوسي، وابن العلقمي، وغيرهما على نصارى الشرق، وإثارة النعرة فيهم ليتعاونوا مع إِخوانهم الغزاة ضد المسلمين، ويتجسَّسوا لهم ويدلوهم على كل طريق، كما قرره قادهَ الغزو في ثنائهم على نصارى العرب، عكس ما يزعمه أتباع (جورج حبش) ونحوه من القوميين عن جهل وتضليل. [نقلاً من كتاب (الأجوبة المفيدة) للشيخ عبد الرحمن الدوسري] س 13 - ما هو حكم الإسلام في الصوفية؟ ج 13 - لم تكن الصوفية في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته والتابعين، ولكنها ظهرت فيما بعد عندما ترجمت كتب اليونان إِلى العربية، وهي مأخوذة من (صوفيا) ومعناها في لغتهم (الحكمة) وقال بعضهم: مأخوذة من الصوف الذي يلبسونه،

وقال بعضهم: مأخوذة من الصفاء؛ وهو قول باطل، لأن النسبة تكون (صفائي وليست (صوفي). والصوفية تخالف الإِسلام في أمور كثيرة منها: (1) دعاء غير الله: فأكثر الصوفيين يدعون غير الله من الأموات، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] وصرف العبادة ومنها الدعاء لغير الله من الشرك الأكبر الذي يحبط العمل، قال الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. (أي المشركين) [يونس: 106] وقال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن مات وهو يدعو مِن دون الله نِدًا دخل النار". [رواه البخاري] (الند: المثيل والشريك، يدعونه كما يدعون الله) (2) أكثر الصوفية يعتقدون أن الله في كل مكان بذاته، مخالفين للقرآن القائل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. [طه: 5] (أي علا وارتفع كما جاء في البخاري) ومخالفين الحديث القائل: "إن الله كتب كتابًا ... فهو عنده فوق العرش" [متفق عليه] وأما قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] (أي بعلمه يسمع ويرى حسب ما فسره المفسرون) (3) بعض الصوفية يعتقدون أن الله حل في مخلوقاته، حتى قال ابن عربي المدفون بدمشق: الربُّ عبد، والعبدُّ ... ليت شِعري مَن المكلف؟ وقال طاغوتهم:

وما الكلب والخنزير إِلا إِلهنا ... وما الله إِلا راهبٌ في كنيسة (4) أكثر الصوفية يعتقدون أن الله خلق الدنيا لأجل محمد - صلى الله عليه وسلم - وهذا يخالف القرآن القائل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى} [الليل: 13] (5) أغلب الصوفية يعتقدون أن الله خلق محمدًا من نوره، وأنه خلق الأشياء من نوره، وأن محمدًا أول خلق الله، وهذا كله مخالف للقرآن القائل: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ}. [ص: 71] فآدم عليه السلام- هو أول المخلوقات من البشر خلقه من طين، ومن غير البشر القلم بعد العرش والماء، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أولَ ما خلق الله القلم" [رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح] وأما حديث: "أول ما خلق الله نوُر نبيك يا جابر". فقال عنه علماء الحديث: لا سند له، وهو موضوع وباطل. 6 - ومن المخالفات عند الصوفية النذور للأولياء، والطواف حول قبورهم، وبناء الأضرحة على القبور، والأذكار على صفات وهيئات لم يشرعها الله ورسوله، والرقص عند الذكر، وضرب الحديد، وأكل النار، والتمائم والسحر، والشعوذة وأكلهم أموال الناس بالباطل، والاحتيال عليهم، وغيرها كثير. س 14 - ما حكم مَن يرمي الإسلام بالرجعية؟ ج 14 - هذا الإِتهام أطلقه أعداء الإِسلام ليصدوا أتباعه عنه فإِن قصدوا بهذه الكلمة أن الإِسلام دين رجعي متأخر عن ركب الحضارة فهذا كذب وافتراء، لأن الإِسلام يأمر بالتقدم والرقي، ويدعو إِلى النهضة الحديثة في المخترعات والأمور النافعة. قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}. [الأنفال: 60] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم أعلم بأمرِ دنياكم". [رواه مسلم] إِن الإسلام يأمر بالرجوع إِلى كتاب الله وسنة رسوله وعمل صحابته الذين فتحوا

هل يجدر بنا أن نعرف المبادىء العصرية

البلاد بإِيمانهم وعقيدتهم وأخلاقهم وجهادهم، فأخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان المحرفة إِلى عدل الإِسلام ولا عز للمسلمين إِلا بالرجوع إِلى دينهم. س 15 - هل يجدر بنا أن نعرف المبادىء العصرية، والطرق الصوفية؟ ج 15 - نعم يجدر بنا أن نعرفها لنتجنبها، والدليل قول حذيفة بن اليمان: كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يُدركني، فقلت: يا رسول الله إِنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم" قلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم وفيه دَخن" (¬1) قلت: وما دَخَنه؟ قال: "قوم يَستَنُّون بغير سُنتي، ويهتدون بغير هَديي (¬2)، تعرف منهم وتُنكِر" فقلت هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم دُعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها" فقلت: يا رسول الله صِفهم لنا. قال: "قوم مِن جِلدتنا، ويتكلمون بألسِنَتنا" قلتُ: يا رسول الله، فما ترى إِن أدرَكني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" فقلت: فإِن لم تكن لهم جماعة ولا إِمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفِرَق كلها، ولو أن تعَض على أصل شجرة، حتى يُدرِكَكَ الموت وأنت على ذلك" [رواه مسلم] ما يستفاد من الحديث يفيد هذا الحديث أن دعاة الشر هم الذين لا يسيرون على سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطريقته في حياتهم، ومنهاجهم، وحكمهم، ولا يسيرون على هيئته وأدبه في لباسهم وعاداتهم وتقاليدهم، وعلى المسلم أن يحذرهم. ¬

_ (¬1) الدخن: الفساد والاختلاف. [ذكره ابن الأثير في النهاية] (¬2) هديي: هيئتي، وسيرتي، وطريقتي.

فائدة الإشتغال بالدعوة والكتب

فائدة الإشتغال بالدعوة والكتب س 16 - ما الفائدة من الاشتغال بالدعوة ونشر الكتب، والمسلمون يُذبَحون؟ ج 16 - إِن كل مسلم على ثغرة مِن ثُغر الإِسلام، فمن المسلمين من يُتقن فن الجهاد والقتال، ومنهم من يتقنه باللسان، ومنهم من يدفع المال، وقد أشار الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - إلى هذه الأنواع فقال: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" [صحيح رواه أبو داود] ولذلك كان حسان -رضي الله عنه- يدافع عن الإسلام بلسانه وشعره. ولا يشك مسلم عاقل بوجوب الجهاد بالسيف والسنان على المسلمين على حسب استطاعتهم، وإن تشجيع المسلمين على الجهاد بالكتب والمقالات هو من لوازم الجهاد. ثم إِن نشر الكتب المبنية على الكتاب والسنة هي من عوامل تنقية هذا الدين مما أُلحق به مِن بدع وضلالات سواء في العقيدة أو العبادات أو المعاملات أو غيرها، وهي هامة جداً. وإن نشر الكتب في عصرنا أصبح من وسائل الإِعلام المطلوبة للتصفية كما تقدم، ولتربية شباب يؤمنون بهذا الإِسلام العظيم عقيدة، وعبادة وحكمًا وجهادًا وتضحية، وسلوكًا وتربية، ودولة، و .......... س 17 - لماذا جعل الله {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}؟ ج 17 - بما أن حياة الإنسان الطيبة هي بصحة دينه وحسن أخلاقه وسلامة عقله وعقيدته من الشرك، فإِن القيام بفتنته عن دينه وإفساد أخلاقه وعقيدته بالشرك يُعتبر قتلًا معنويًا لروحه، وجناية على عقله، وقتل الروح أعظم من قتل الجسم؛ فلذا قال الله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}. (الفتنة: الشرك) [البقرة: 191] {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217] س 18 - هل يجوز مدح المنحرفين عن الإسلام؟

التكافل الاجتماعي يقضى على المذاهب الهدامة

ج 18 - لا يجوز مدحهم، لأن الله حصر السفاهة فيمن ابتعد عن ملَّة إِبراهيم، وشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: 130] وشبه الله مَن لم ينتفع بالكتب السماوية بالحمار فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}. [الجمعة: 5] وشبَّه الله من انسلخ من آيات الله بالكلب فقال: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 175، 176] فمن مدح من ذم الله طريقتهم فهو متعد لحدود الله، فكل منحرف عن تعاليم الإسلام أو معطل لحدوده، أو محتكم إِلى غير شريعة الله لا يجوز وصفه بأي لقب من ألقاب المدح أو الشرف مهما كان، قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا للمنافق سيدنا، فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم" [صحيح رواه أحمد وأبو داود. انظر صحيح الجامع رقم 6282] [من كتاب الأجوبة المفيدة بتصرف] التكافل الاجتماعي يقضى على المذاهب الهدامة س 1 - ما هي الوسائل التي أتى بها الإسلام للتكافل الاجتماعي؟ ج 1 - الوسائل كثيرة منها: (1) إِصلاح أحوال المسلمين كإِعطاء الزكاة للفقراء. (2) تقدم حياتهم الاجتماعية كتقديم الصدقات والهبات للمستحقين. (3) تضامنهم فيما بينهم.

الشرك الأصغر وأنواعه

(4) تلاقي قلوبهم على أساس متين من الإِيمان والتعاون والتناصح والمحبة. س 2 - ما هو الهدف من التكافل الاجتماعي في الإسلام؟ ج 2 - هدفه: تكوين مجتمع صالح قابل للرقي والنمو؛ والإِسلام أول شريعة حققت الضمان الاجتماعي لمن هو في حاجة إِليه، ولقد اهتم الإِسلام والمسلمون العاملون بالتكافل الاجتماعي على مختلف صوره: (1) وجهوا الناس ونصحوهم. (2) فرضوا المال لكل عاجز ومحتاج. (3) أتاحوا العمل لكل قادر عليه. (4) جهزوا البيوت للمرضى والعجزة والمسافرين. (5) قاموا بكفالة اليتامى والمساكين. (6) أخذوا الزكاة والصدقات، ووزعوها على المستحقين. [من كتاب الأجوبة المفيدة للدوسري بتصرف] الشرك الأصغر وأنواعه س 1 - ما هو الشرك الأصغر؟ ج 1 - الشرك الأصغر هو الرياء، قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}. [الكهف: 110] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أخوفَ ما اخافُ عليكم الشرك الأصغر: الرياء" (الرياء: أن تعمل عملاً ليراك الناس). [صحيح رواه أحمد] ومن الشرك الأصغر قول الرجل: "لولا الله وفلان، ما شاء الله وشئت، ولولا الكلب لأتانا اللص". قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا ما شاء الله، وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان" [صحيح رواه أحمد]

س 2 - هل يجوز الحلف بغير الله؟ ج 2 - لا يجوز الحلف بغير الله قال الله تعالى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن حلف بغير الله فقد أشرك" [صحيح رواه أحمد] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من كان حالِفًا، فلْيحلفْ بالله، أو لِيَصْمُت". [متفق عليه] وقد يكون الحلف بالأنبياء أو الأولياء من الشرك الأكبر، إِذا اعتقد الحالف أن للولي تصرفًا يضره، كان يخاف أن يحلف بالولي كاذبًا. س 3 - هل نلبس الخيط والحلقة للشفاء؟ ج 3 - لا نلبسهُما، لقول الله تعالى: (1) {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ}. [الأنعام: 17] (2) عن حذيفة أنه رأى رجلًا في يده خَيط من الحُمَّى فقطعه، وتلا قول الله - تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [صحيح رواه ابن أبي حاتم] س 4 - هل نعلِّق التميمَة كالخرزَة والودعة ونحوهما من العين؟ ج 4 - لا نُعلِّقهما من العين، لقول الله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ} [الأنعام: 17] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن علَّق تميمة فقد أشرك". [صحيح رواه أحمد] (التميمة: الخرزة أو الودعة تُعلَّق من العين) س 5 - هل يمكن أن يكون الشرك الأصغر شركًا أكبر؟ ج 5 - نعم، وذلك إِذا اعتقد المسلم أن التميمة، ولبس الخيط والحلقة تنفع بنفسها، وأن يخاف أن يحلف بالولي كاذبًا خوفًا من أن يضره لاعتقاده بأن للولي تصرفًا. س 6 - ما هو حكم الشرك الأصغر؟ ج 6 - حكمه مِن كبائر الذنوب، يجب التوبة منه، ولكن صاحبه لا يخلد في

النار، ولا يحبط عمله كالشرك الأكبر. س 7 - كيف يتخلص المسلم من الشرك الأكبر والأصغر؟ ج 7 - يجب على المسلم أن يبتعد عن الشرك الأكبر والأصغر وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ منهما ونقول: "اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم". [رواه أحمد بسند حسن] التوسل وطلب الشفاعة س 1 - بماذا نتوسل إلى الله؟. ج 1 - التوسل منه جائز، وممنوع: (1) - التوسل الجائز والمطلوب هو التوسل بأسماء الله وصفاته، والعمل الصالح، وطلب الدعاء من الأحياء الصالحين. قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}. [الأعراف: 180] وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}. (أي تقرّبوا إليه بطاعته، والعمل بما يُرضيه). [المائدة: 35] [ذكره ابن كثير نقلاً عن قتادة] وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أسألكَ بِكُلِّ اسمٍ هو لكَ سمَّيتَ به نفسَك". [صحيح رواه أحمد] وقوله - صلى الله عليه وسلم - للصحابي الذي سأله مرافقته في الجنة: "أعِني على نفسِكَ بِكَثرَةِ السجود". [رواه مسلم] (أي الصلاة وهى من العمل الصالح) وكقصة أصحاب الغار الذين توسلوا بأعمالهم الصالحة ففرَّج الله عنهم. ويجوز التوسل بحب الله. وحبنا للرسول - صلى الله عليه وسلم - والأولياء، لأن حُبنا لهم من العمل الصالح.

فنقول مثلًا: (اللهم بحبك لرسولك وأوليائك انصرنا وبحبنا لرسولك وأوليائك اشفنا). (2) التوسل الممنوع: وهو دعاء الأموات، وطلب الحاجات منهم، كما هو واقع اليوم، وهو شرك أكبر، لقول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. (أي المشركين) [يونس: 106] (3) أما التوسل بجاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - كقولك: "يا رب بجاه محمد اشفني" فهذا بدعة، لأن الصحابة لم يفعلوه، ولأن عمر توسل بالعباس حيًا بدعائه، ولم يتوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد موته. وهذا التوسل قد يؤدي للشرك، وذلك إِذا اعتقد أن الله محتاج لواسطة بَشر كالأمير والحاكم، لأنه شبه الخالق بالمخلوق. قال أَبو حنيفة: "أكره أن أسأل الله بغير الله". [ذكره صاحب الدر المختار] س 2 - هل يحتاج الدعاء لواسطة مخلوق؟ ج 2 - لا يحتاج الدعاء لواسطة مخلوق لقول الله - تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معَكم". (أي بعلمه) [رواه مسلم] س3 - هل يجوز طلب الدعاء من الأحياء؟ ج 3 - نعم يجوز طلب الدعاء من الأحياء لا الأموات. قال الله -تعالى- يخاطب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو حي: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] وفي الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي: "أن رجلًا ضرير البصر أتى النبيَ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ادعُ الله أن يعافِيَني قال: إن شئتَ دعوتُ لك، وإن شئت صبرتَ فهو خيرٌ لك .. "

س 4 - ما هي واسطة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ ج 4 - واسطة الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي التبليغ، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}. [المائدة: 67] وقال - صلى الله عليه وسلم - "اللهم اشهَدْ" جوابًا لقول الصحابة: "نشهد أنك قد بلَّغت" [رواه مسلم] س 5 - ممن نطلب شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ ج 5 - نطلب شفاعة الرسول مِن الله، قال الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}. [الزمر: 47] وعلَّم - صلى الله عليه وسلم - الصحابي أن يقول: "اللهم شفِّعْهُ فِيَّ" (أي شفِّع الرسول فِيَّ) [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إني اختبأتُ دَعوتي شفاعةً لِأُمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله: مَن ماتَ مِن أُمتي لا يُشركُ بالله شيئًا". [رواه مسلم] س 6 - هل نطلب الشفاعة من الأحياء؟ ج 6 - نطلب الشفاعة من الأحياء في أمور الدنيا، قال الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا}. (أي نصيب من وزرها) [النساء: 85] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اشفعُوا تُؤجروا" [صحيح رواه أبو داود] س 7 - هل نبالغ ونزيد في مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ ج 7 - لا نبالغ ولا نزيد في مدحه - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا عبدُ الله ورسولُه". [رواه البخاري] (الإطراء: هو المبالغة والزيادة في المدح) أما المدح الوارد في الكتاب والسنة فهو مطلوب في حقه - صلى الله عليه وسلم -.

س 8 - مَن هو أول المخلوقات؟ ج 8 - أول المخلوقات من البشر آدم، ومن الأشياءِ العرش ثم القلم، قال الله تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ}. [ص: 71] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "كُلكم بنو آدم، وآدم خُلِق من تراب"، [رواه البزار وصححه الألباني] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أول ما خلق الله القلم". (أي بعد الماء والعرش) [رواه أَبو داود والترمذي وقال حسن صحيح] وأما حديث "أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر" فهو موضوع ومكذوب يخالف القرآن والسنة والعقل والنقل. قال السيوطي: لا سند له، وقال الغماري: موضوع، وقال الألباني: باطل. ومن قال: إِن الله خلق الأشياء من نوره أو من نور محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد كذَّبه القرآن الذي ينص على أن الله خلق آدم من طين، وخلق الشيطان من نار. س 9 - هل خلق الله محمدًا من نور أم من نطفة؟ ج 9 - خلق الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من نطفة كسائر البشر قال الله - تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ}. [سورة غافر] وقد أمر الله -تعالى- نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يقول للناس: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}. [الكهف: 110] فالرسول - صلى الله عليه وسلم - بشر مثلنا بنص القرآن، ويمتاز بالوحي الذي أكرمه الله به، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه:"إنما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُم ...} [رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 2337] والمعروف من السيرة أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خلقه الله بواسطة أبوين ووُلد كما يولد البشر، وأصابه المرض، والجوع، والعطش، والتعب، وجرح في غزوة أحد، وغير ذلك مما يتعرض له البشر، وقد أمرنا الله -تعالى- بالاقتداء به في قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ

الجهاد والولاء والحكم

فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. [الأحزاب 21] الجهاد والولاء والحكم س 1 - ما هو الجهاد؟ وما هي أنواعه وغايته؟ ج 1 - الجهاد هو ذروة سنام الدين، ووجوبه مُحتَّم على القادرين، والناكص عنه مع القدرة على خطر من دينه. وقد ذكر العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية أن الأمر يختلف بحسب الاستطاعة، فيُصار إلى الآيات المكية من الموادعة والصفح في القتال حالة ضعف المسلمين، يعني حسب التفصيل بالتدرج الذي لا يتحطم به كيانهم. وقد أمر الله رسوله بالجهاد في مكة والمدينة فأمرهُ في مكة بقوله تعالى: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان: 52] (يعني بالقرآن) وقال سبحانه: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 41] وعليه يمكن بيان أن الجهاد أربعة أنواع: (1) جهاد الشيطان. (2) جهاد النفس. (3) جهاد الكفار. (4) جهاد المنافقين. [من كتاب الأجوبة المفيدة] س 2 - لماذا شرع الله الجهاد؟ ج 2 - شرع الله الجهاد لعدة أمور منها: (1) مقاومة الشرك والمشركين لأن الله لا يقبل الشرك أبدًا. (2) إِزالة العقبات التي تعترض سبيل الدعوة إِلى الله.

(3) حماية العقيدة من من كل الأخطار التي تهددها. (4) الدفاع عن المسلمين وعن أوطانهم. [المصدر السابق] س3 - ما حكم الجهاد في سبيل الله؟ ج 3 - الجهاد واجب بالمال والنفس واللسان حسب الاستطاعة. قال الله - تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. [التوبة: 41] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "جاهدوا المشركين بأموالِكم وأنفسِكم وألسِنتكم" (بقدر الاستطاعة) [صحيح رواه أبو دواد] س 4 - ما هو الولَاء للمؤمنين؟ ج 4 - الوَلاء هو الحبُّ والنُصرة للمؤمنين الموحدين. قال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن للمؤمن كالبُنيان يشدُّ بعضهُ بعضًا" [رواه مسلم] س5 - هل تجوز موالاة الكفار ونُصرتهم: ج 5 - لا يجوز موالاة الكفار ونصرتهم. قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}. [المائدة:51] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن آل أبي فلان لَيسوا لي بأولياء". [متفق عليه] س 6 - بماذا يحكم المسلمون؟ ج 6 - يحكم المسلمون بالقرآن والحديث الصحيح. قال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}. [المائدة: 49] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما بعد، ألا أيها الناس: فإنما أنا بشرٌ يوشك أن يأتي رسولُ ربي فأُجيب، وأنا تارك فيكم ثقلَين: أوَّلُهما كتابُ الله، فيه، الهدى والنور، فخذوا كتابَ الله واستمسِكوا به" فحث على كتاب الله. ورغب فيه، ثم قال: "وأهل بيتي" [رواه مسلم] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "تركتُ فيكم أمرين لن تَضِلُّوا ما تمَسكتم بهما: كتابَ الله، وسنة رسوله". [رواه مالك، وصححه الألباني ومحقق جامع الأصول بشواهده]

العمل بالقرآن والحديث

العمل بالقرآن والحديث س 1 - لماذا أنزل الله القرآن؟ ج 1 - أنزل الله القرآن للعمل به، قال الله - تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}. [الأعراف: 3] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إقرؤوا القرآن، واعمَلوا به ولا تأكلوا به .. ". [صحيح رواه أحمد] س 2 - ما أهَم ما تولى القرآن بيانه للناس؟ ج 2 - أهمّ ما تولى القرآن بيانه للناس معرفة الخالق المنعم الذي يستحق العبادة وحده دون سواه، وردَّه على المشركين الذين كانوا يدعون أولياءهم الذين نحتوا لهم أحجارًا على صورهم، وأمر الله رسوله أن يقول: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا}. [الجن: 20] س3 - لماذا نقرأ القرآن الكريم؟ لفهمه وتدبره والعمل به. قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}. [ص: 29] ورُوي عن عليًّ مرفوعًا وموقوفًا بسند ضعيف، لكن معناه صحيح، وهو قوله: "ألا إِنها ستكون فتن، قلتُ وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله، كتاب الله: فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحُكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل. من تركه مِن جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلَق عن كثرة الرَّد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم ينته الجن إِذ سمعته أن قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}. [الجن: 1] هو الذى من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أُجر، ومن دعا إِليه هُدي إِلى صراط مستقيم".

س 4 - هل القرآن للأحياء أم للأموات؟ ج 4 - لقد أنزل الله القرآن للاحياء ليعملوا به في حياتهم، وليس للأموات، وقد انقطع عملهم، فلم يستطيعوا قراءته والعمل به، ولا يصل ثواب قراءته لهم إِلا من الولد لأنه من سعي أبيه، قال الله -تعالى- في حقِّ القرآن: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ}. [يس: 70] وقال الله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] وقد استنبط الإِمام الشافعي من هذه الآية: أن القراءة لا يصل إِهداء ثوابها للموتى، لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم. [انظر تفسير ابن كثير 4/ 258] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو عِلْم يُنتفَع به، أو ولد صالح يدعو له". [رواه مسلم] فأما الدعاء والصدقة عن الميت، فذاك منصوص من الشارع بالآيات والأحاديث على وصولهما. [انظر تفسير ابن كثير 4/ 258] س 5 - ما حكم العمل بالحديث الصحيح؟ ج 5 - العمل بالحديث الصحيح واجب، لقول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. [الحشر: 7] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بسُنتي وسُنَّةِ الخلفاء الراشدين المهدِييِّن، تمسَّكوا بها". [صحيح رواه أحمد] س 6 - هل نستغني بالقرآن عن الحديث؟ ج 6 - لا نستغني بالقرآن عن الحديث، قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}. [النحل: 44] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإني أُوتيتُ القرآن ومثله معه". [صحيح رواه أبو داود] س 7 - هل نقدم قولاً على قول الله ورسوله؟

ج 7 - لا نقدم قولاً على قول الله ورسوله، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}. [الحجرات: 1] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". [صحيح رواه أحمد] وقول ابن عباس: "أراهم سيهلكون، أقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقولون: قال: أَبو بكر وعمر!! ". [رواه أحمد وابن عبد البر] س 8 - ما حكم تحكيم الكتاب والسنة في الحياة؟ ج 8 - حكمه واجب لقول الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. [النساء: 65] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيَّروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم". [حسن رواه ابن ماجه وغيره] س 9 - ماذا نفعل إذا اختلفنا في شيء؟ ج 9 - نعود إِلى الكتاب والسنة الصحيحة، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}. [النساء: 59] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "تركتُ فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتابَ الله وسنة رسوله". [رواه مالك وصححه الألباني في صحيح الجامع] س 10 - ما حكم مَن يرى أن أوامر الشريعة ونواهيها غير مُلزمة له؟ ج 10 - حكمه: كافر ومرتد وخارج عن ملة الإِسلام. لأن العبودية لله وحده. وهي مفهوم الإِقرار بالشهادتين لا تتحقق في عالم الواقع حتى يعبد الله عبادة شاملة، تشمل أصول الاعتقاد، وشعائر التعبد والتحاكم إِلى شريعة الله وتطبيق منهج الله في كل مجال من مجالات الحياة. وأن التحليل والتحريم بغير ما أنزل الله لون من الشرك لا يختلف عن شرك العبادة بحال من الأحوال. [من كتاب الأجوبة المفيدة للدوسرى]

س 11 - كيف نحب الله ورسوله؟ ج 11 - نحبهما بطاعتهما، واتباع أوامرهما، قال- الله تعالى:- {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31] وقال - صلى الله عليه وسلم - "لا يُؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين" [متفق عليه] س 12 - ما هي شروط المحبة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -؟ ج 12 - شروط المحبة كثيرة منها: (1) موافقة المحبوب فيما يحبه ويرضاه. (2) رفض ما يكره المحبوب ويسخطه. (3) محبة أحبابه، وبغض أعدائه. (4) موالاة من والاه، ومعاداة من عاداه. (5) القيام بنصرته، والسير على طريقته. فمن عكس هذه الأمور فهو كاذب في محبته يصدق عليه قول الشاعر: لو كان حُبك صادقًا لأطعته ... إِن المحب لمن يحب مطيع [نقلاً من كتاب (الأجوبة المفيدة)] س13 - لمن يكون الحب المقتضي للذل والخشوع؟ ج 13 - الحب المقتضي للذل والخشوع لا يكون إِلا لله. قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165]

الإيمان بالقدر خيره وشره

الإيمان بالقدر خيره وشره س 1 - هل يجوز الاحتجاج بالقدَر؟ ج 1 - يجوز الاحتجاج بالقدر على المصائب، لأنها واقعة بقضاء الله وقدره. قال الله - تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ}. [التغابن: 11] (قال ابن عباس: بأمر الله، يعني عن قدره وقضائه). [انظر ابن كثير 4/ 475] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اِحرِص على ما ينفعك، واستعِن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان". [رواه مسلم] وأما الاحتجاج بالقدر على المعاصي فهو من خصال المشركين الذين قال الله فيهم: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 148] والمحتج بالقدر إِما جاهل مُقلِّد أو ملحد معاند، وهو متناقض في دعواه لا يقبل أن يعتدي عليه أحد، ثم يقول: هذا قضاء الله وقدره! لقد أرسل الله الرسل وأنزل معهم الكتب ليُبيِّنوا للناس طريق السعادة والشقاء، وتكرَّم على الإِنسان بالعقل والتفكير، وعرَّفه الضلال والهدى. قال الله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان 3] وقال تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس 8 - 10] فإِذا ترك الإِنسان الصلاة أو شرب الخمر استحق العقوبة لمخالفة أمر الله ورسوله وعندها يحتاج إِلى التوبة، ولا ينفعه احتجاجه بالقدر. س 2 - هل نتركُ العملَ ونتَّكلُ على القدر؟ ج 2 - لا نترك العمل لقول الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ

السنة والبدعة

بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}. [الليل: 5 - 7] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اعملوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له". [رواه البخاري ومسلم] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، اِحرص على ما ينفعك واستعِن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل: لَو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قلْ: قدَّر الله وما شاء فعل، فإنّ لو تفتح عمل الشيطان" [رواه مسلم] يُستفاد من الحديث إن المؤمن الذي يحبه الله هو المؤمن القوى الذى يعمل ويحرص على نفعه، ويستعين بالله وحده، ويأخذ بالأسباب؛ فإِن أصابه بعد ذلك أمر يكرهه، فلا يندم، بل يرضى بما قدَّره الله: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. [البقرة: 216] س3 - ما هي الحكمة مِن نزول المصائب والكروب؟ ج 3 - إِن الإِنسان عندما يُحس بالقوة ويستكبر، فيعتقد أنه لن ينهزم أمام شيء، فإِذا رأى قوته تتضاءل حتى يدركها العجز ورأى الكرب يشتد حتى لم تعد له قوة. عندها يرى نفسه على حقيقتها ويزول الكبر والطغيان والتجبر، ويلجأ إِلى الله موقنًا أنه وحده الذي ينقذه، وكل ما عداه هباء. قال الله تعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} [فصلت: 51] "انظر الأجوبة المفيدة للدوسرى" السنة والبدعة س 1 - هل في الدين بدعة حسنة؟ ج 1 - ليس في الدين بدعة حسنة، والدليل قول الله - تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ

{لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. [المائدة: 3] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إيَّاكم ومحدثاتِ الأمور، فإن كلَّ محدَثة بدِعة، وكلَّ بِدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار". [رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح] س 2 - ما هي البدعة في الدين؟ ج 2 - البدعة في الدين كل ما لم يقم عليه دليل شرعي. قال الله -تعالى- منكرًا على المشركين بدعهم: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ"، (ردّ: غير مقبول) [متفق عليه] س3 - ما هي أنواع البدع؟ ج 3 - أنواع البدع كثيرة منها: (1) البدعة المكفرة: كدعاء الأموات أو الغائبين والاستعانة بهم. كقولهم: "المدد يا سيدى فلان". (2) البدعة المحرمة: كالتوسل إِلى الله بالأموات، والصلاة إِلى القبور، والنذر لها، والبناء عليها كان ينذر لأحد الأولياء بقرة إِن شفاه الله. (3) البدعة المكروهة: كصلاة الظهر بعد الجمعة، ورفع الصوت بالصلاة والتسليم بعد الأذان، إِذ المطلوب هو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - سِرًّا. س 4 - هل في الإسلام سنة حسنة؟ ج 4 - نعم كالباديء بفعل خير كصدقة ليقتدي الناس به: قال الله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 75] (أي قدوة في الخير] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سنَّ في الإسلام سُنةً حسنة فله أجرُها، وأجرُ من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أُجُورهم شيء .. " [رواه مسلم] س 5 - ما حقيقة الزهد؟

حكم التعليم الشرعي، والمخترعات المفيدة

ج 5 - هي أن لا يجعل المسلم الدنيا غاية قصده أو يؤثرها على الآخرة ويفضل السعي للتفاخر والتكاثر بها، بل تكون غايته من العمل نصرة دين الله والسعي للآخرة الذي يحقق بها جميع معاني الجهاد في سبيل الله وحسن المعاملة معه ومع خلقه. وليس الزهد الانصراف عن الأعمال والتخلي عن شؤون الحياة والعيش عيشة الدروشة التي هي من رواسب الوثنية فإِنها لا يجوز أن تسمى زهدًا فهي جبن وضعف نفس وتعطيل للمواهب والطاقات البشرية. وهي من مبتدعات الصوفية السيئة التأثير المسببة لتأخر المسلمين عن السبق الصحيح والزحف بدينهم ورسالتهم إِلى الإِمام حتى غزاهم أهل الباطل في عقر دارهم ومزقهم شر تمزيق. [من كتاب (الأجوبة المفيدة) بتصرف] س 6 - ما حكم التقليد؟ ج 6 - التقليد في أصول الدين والتوحيد لا يجوز بل يجب فهم الدين كما جاءت به الرسل على وجهه الصحيح من الكتاب والسنة الصحيحة، والرجوع إِلى فهم السلف الصالح لأخذ العقيدة عنهم، أما في فروع الدين فيجوز تقليد أي مذهب من المذاهب السنية ولو لم يلتزم مذهبًا معيناً بشرط أن لا يتتبَّع الرُّخص؛ وعلى العالم البحث عن الدليل والحرص على التمسك بما كان أقرب لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من غيره في تفريعات المذاهب (¬1). [المصدر السابق] حكم التعليم الشرعي، والمخترعات المفيدة س7 - ما حكم تعلّم العلم الشرعي، وعلوم الصنائع والمخترعات؟ ج 7 - العلم الشرعي نوعان: علم لا تصح العقيدة والعبادات إِلا به، فهو فرض عين على كل مسلم. ¬

_ (¬1) عملاً بقول الأئمة المجتهدين رضي الله عنهم: (إذا صح الحديث فهو مذهبي).

الفرقة الناجية والطائفة المنصورة

وعلم يبحث في التفصيلات والدقائق، كعلم الفرائض، ودقائق الأحكام، وأصول الفقه، ومصطلح الحديث، فهذا فرض كفاية إذا قام به بعض العلماء سقط عن الباقين. وأما تعلم الصنائع والمخترعات الضرورية، فهو فرض كفاية، وإذا تعين على أحد من المسلمين وجب عليه، ولولي الأمر جبرُ فئة من الناس عليها، ومنع من يتَخلَّى من أهل الصنائع عن حرفته، وإجباره على العمل، وتشجيعه من مال الله الذي هو بيت المال. وعلى كل عامل من المسلمين بذل الجهد في الإِبداع والاختراع، وتسليح وتسخير كل مادة، نصحًا لله ولرسوله، بنية إعزاز الدين ورفعة شأن المسلمين وإعلاء كلمة الله في الأرض وقمع المعتدى [من كتاب الدوسري بتصرف] الفرقة الناجية والطائفة المنصورة س 1 - مَن هي الفرقة الناجية؟ ج 1 - الفرقة الناجية: هي المتمسكة بمنهاج الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته وهو الكتاب والسنة، قال الله - تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103] وقال - صلى الله عليه وسلم -: " .. وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين مِئة، وتفترق أُمَّتي على ثلاث وسبعين ملَّة، كلهم في النار إلا ملَّة واحدة: ما أنا عليه وأصحابي" [رواه الترمذي، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم 5219] س 2 - ما هي علامة الفرقة الناجية؟ ج 2 - الفرقة الناجية هم قلَّة يعاديهم كثير من الناس وقد مدحهم الله بقوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]

زيارة القبور، ونعيمها وعذابها

وقد مدحهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وذكر أوصافهم بقوله: "طوبى للغرباء: أناس صالحون، في أناسِ سوء كثير، مَن يعصيهم أكثر ممن يطيعهم". [صحيح رواه أحمد] س 3 - متى ينتصر المسلمون؟ ج 3 - ينتصر المسلمون إِذا رجعوا إِلى تطبيق كتاب ربهم، وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وأخذوا بنشر التوحيد، وحذروا من الشرك على اختلاف مظاهره، وأعَدُّوا لأعدائهم ما استطاعوا من قوة. (1) قال الله - تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7] (2) وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. [النور: 55] (3) وقال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] (4) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن القوة الرمي". [رواه مسلم] زيارة القبور، ونعيمها وعذابها س 1 - كيف نزور القبور؟ ولماذا نزورها؟ ج 1 - زيارة القبور مستحبة في كل وقت، ولها فوائد وآداب: (1) فيها ذكرى وموعظة ليعلم الأحياء أنهم سيموتون فيستعدون للعمل. قال - صلى الله عليه وسلم -: "كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها". [رواه مسلم] وفي رواية: "فإنها تذكركم بالآخرة". [صحيح رواه أحمد] (2) أن ندعوا للأموات بالمغفرة، لا أن ندعوهم من دون الله أو نطلب منهم الدعاء

فقد علم للرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يقولوا عند دخول المقابر: "السلام عليكم أهل الديار مبن المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لَلاحقون. أسأل الله لنا ولكم العافية" (العافية من العذاب). [رواه مسلم] (3) عدم الجلوس على القبور، وعدم الصلاة إِليها. قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصَلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها" [رواه مسلم] (4) عدم قراءة شيء من القرآن ولو الفاتحة: قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه البقرة" [رواه مسلم] والحديث يشير إِلى أن المقابر ليست محلاً للقرآن بعكس البيوت، ولم يثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته أنهم قرؤوا القرآن للأموات، بل دَعَوْا للأموات: كان - صلى الله عليه وسلم - إِذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: "استغفروا لأخيكم وسَلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل". [صحيح رواه الحاكم] (5) عدم وضع الزهور على القبر، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته لم يفعلوه، وفيه تشبه بالنصارى، ولو أعطينا ثمن الزهور للفقراء لاستفاد الميت والفقراء. (6) عدم طلائها بالجص والدهان وعدم البناء عليها، ففي الحديث: "نهى - صلى الله عليه وسلم - أن يُجصصَ القبر، وأن يُبنى عليه" [رواه مسلم] س 2 - ما دليل نعيم القبر وعذابه؟ ج 2 - قال الله تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 45، 46] وقال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أحدكم إذا مات عرِض عليه مقعدُه بالغداة والغشي إنْ كان مِن أهل

الجنة فمِن اهل الجنة، وإنْ كان مِن أهل النار فمِن أهلِ النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة" [متفق عليه] س 3 - ما هي الأسئلة التي توجه للإنسان في قبره؟ ج 3 - لقد ورد في الحديث أن المؤمن يأتيه ملكان فيُجلِسانه فيقولان له: (1) مَن ربك؟ فيقول: ربي الله. (2) ما دينك: فيقول: ديني الإسلام. (3) ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول هو رسول الله. (4) وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدَّقت. فينادي مُنادٍ من السماء أنْ صدق عبدى فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إِلى الجنة، فيأتيه مِن روحها وطيبها، ويُفسح له في قبره مَدّ بصره. وأما الكافر فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: 1 - مَن ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري! 2 - ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري! 3 - ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؛ فيقول: هاه هاه، لا أدري! (هاه: كلمة تُقَال للضحك: وهنا بمعنى التوجع) فينادي مناد من السماء: أن كذب عبدى، فأفرشوه من النار، وافتحوا له باباً إِلى النار، فيأتيه مِن حرِّها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه. [رواه أحمد وأبو داود وغيره، وصححه الألباني. انظر صحيح الجامع رقم 1672] س 4 - ما هي غاية المؤمن، وغاية الكافر؟ ج 4 - غاية المؤمن في الحياة إرضاء خالقه ومعبوده والتقرب إِليه؛ ووسيلته هي الأعمال الصالحة، وهي الطاعة لأوامر الله. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)} [المائدة: 35]. (قال قتادة: تقربوا إِليه بطاعته والعمل بما يرضيه) [انظر ابن كثير جـ 2/ 52]

الدعوة إلى الله وواجب العرب

وأما الكافر فيعيش لإرضاء ملذاته القريبة، غافلاً عن النهاية التي تنتظره في آخر الطريق، فهو كالبهيمة، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد: 12] س 5 - هل يجوز شد الرحال إلى القبور؟ ج - لا يجوز شد الرحال إِلى القبور، ولا سيما للتبرك بها أو لطلب الدعاء منها، ولو كان القبر لرسول هو لولي. قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجدِ الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" [متفق عليه] وعملاً بهذا الحديث فإِن الذهاب إِلى المدينة يكون بنية زيارة المسجد النبوي لا زيارة القبر، لأن الصلاة في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أفضل من غيره بألف صلاة، وعند دخول المسجد تسَلم على الرسول - صلى الله عليه وسلم -. الدعوة إلى الله وواجب العرب س 1 - ما حكم الدعوة إلى الله والعمل للإسلام؟ ج 1 - هي وظيفة كل مسلم أورثه الله الكتاب والسنة من نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وكل مسلم يشمله عموم الأمر بالدعوة إِدى الله ودوازمها من قول الله تعالى: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125] وقوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] فكل مسلم عليه أن يشارك في الجهاد بجميع أنواعه بحيث لا يترك من المستطاع منه شيئاً، ولا سيما في الأزمنة التي أصبح المسلمون بحاجة إِلى العمل للإِسلام، والدعوة إِلى الله، والجهاد في سبيله؛ فإِن ذلك أصبح متحتماً في عنق كل مسلم فيعتبر

عاصياً مفرطاً في جنب الله إِن قصَّر في ذلك أو تخلَّى عنه. [من كتاب الأجوبة المفيدة للدوسري] س 2 - هل يكتفي الإنسان بإصلاح نفسه؟ ج 2 - لا بُدَّ في إِصلاح النفس أولاً، ثم البدء بإِصلاح غيره عملاً يقول الله - تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104] وقال - صلى الله عليه وسلم - "مَن رأى منكم منكراً فلْيُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" [رواه مسلم] س3 - ما هو واجب الأُمة العربية؟ ج 3 - الأمة العربية هي التي حملت رسالة الإسلام، فالقرآن نزل بلغتها، وهي خير أُمة أُخرِجت للناس إِذا طبقت الإسلام، ومن واجب العرب جميعاً: (1) أن يتمسكوا بالإِسلام عقيدة وعبادة وتشريعاً وحكماً، ويدعوا غيرهم من الأُمم. (2) أن لا تنحاز إِلى العلمانية اللادينية أو الرأسمالية الظالمة أو الإشتراكية الماركسية أو الشيوعية الملحدة أو الماسونية اليهودية أو غيرها من المبادئ الهدامة الخالفة للإسلام، أو تطبيق شيئاً من الأفكار الدخيلة بحجة ما، أو تجعل الوطن والمادة هما الغاية في كل شيء والدين (صفر على الشمال) لأنها إِن ربحت على سبيل الفرض أقلية في جوف بلادها فهو أولاً تحصيل حاصل، وثانياً هو خسارة عظيمة لقاء طرحها رسالات ربها وتخلِّيها عن قيادة الأمم وهداية أهل الأرض، كما تخسر أيضاً مودة جميع المسلمين وارتباطهم الروحي بها في المشارق والمغارب، وتجعل الدول هذا حجة على المسلمين الذين يتعلقون بالعرب النابذين لدينهم والمعرضين عن قضاياهم فيخسرون المكانة الروحية التي احتلوها بسبب الدين بين جميع الأمم الإِسلامية كما يخسرون التضامن الروحي ويفقدون مئات الملايين ثم لا يربحون من الأقلية التي يزعمونها كما يربحونها لو

طبقوا الإسلام [المصدر السابق] س 4 - ما هو السَيرُ المجدي في الحياة؟ ج 4 - هو السير على الصراط المستقيم الذي أوجبه الله وسار عليه الرسول وأصحابه وأن نتبنى الإسلام تبنياً صادقاً صحيحاً بروحه وتعاليمه، ونكون به مثالاً يحتذى، ولا نوالي مَن حَاد عنه بحجة عصبية، أو وطنية أو هدف مادي مما قذفت به علينا الثقافة الاستعمارية، وأن لا نخرج عن تعاليم الإسلام قيد شعرة، ونوالي في الله ونعادي فيه، لا نوالي أحداً أو نعاديه لغاية أُخرى على حساب الإسلام، بل نقف مع إِخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وقفة المناصر المدافع كالبنيان المرصوص ونعادي من يمتهنهم أو يؤذيهم أو يضيق عليهم سبل المعايش، فتتعالى عليه صيحاتنا حتى نكشفه ونخزيه. ونعمل بجد وإخلاص على سد ثغور الشقاق بتخليص الدين من شوائب البدع والطرق التي أُنشئت ونشأت لأغراض سياسية، ولا ننخدع بطلب الوحدة أو رجائها في غير الدين، فإِن ما يزعمه تلاميذ الإِفرنج الخارجون عن حكم الله إلى غيره من مقاومة الإنتهازية والرجعية إِفك صراح، وزعم خيالي، لا يمكن تحقيقه، لأن خطتهم هي الجالبة للإنتهازية المشبعة بها، وهي عين الرجعية التي رجعوا بها إِلى الوثنية المادية بألوان جديدة، وأعادوا بها كل خلق ذميم، ولا يمكن زوال الانتهازية وقتل الأنانية إِلا بتحقيق الدين الحنيف: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة: 138] تالله إِنه لا يليق بالشعوب الإِسلامية والعرب خاصة أن تتبنى هذه الأفكار الغربية التي اضطرت إِليها شعوب (أوربا) المادية فهي لا تليق بكرامة المسلمين ولا تتفق مع رسالتهم التي أوجب الله عليهم حملها، بل تنزل بهم من مقام الأساتذة الربانيين في الأرض المتكيفين بهدي الله والمسيِّرين للدنيا بجميع نظمها على ضوئه إِلى مقام التلاميذ الضعفاء الصعاليك المتلقفين لما عندهم بدون إِحساس، وهي أيضاً إِذابة لشخصيتهم بين الأمم وإعدام لميزتها التي ميز الله بها، حيث تندمج بتلك الأفكار ضمن

الجاهلية القديمة والحديثة

الدول والأمم العلمانية اللادينية فتخرج من الخيرية التي هيأها الله لها وأناط سؤددها وشرفها بها؛ ومن ثَم نهانا الله عن التشبه بأي قوم في شعائرهم وشعاراتهم وأزيائهم كي لا تنحدر هذه الأمة عن مستواها في قليل ولا كثير. [نفس المصدر السابق] الجاهلية القديمة والحديثة س 1 - هل الجاهلية مقصورة على قرون مضت أو تتجدد في الناس؟ ج 1 - ليست مقصورة على قرون، بل تزيد الجاهلية في فرن على ما قبله من القرون، إذ لها طوابع خاصة يتصف بها كل فرد، وكل أُمة عتت عن أمر ربها ورسله، وتَبعت أهواءها في كل شيء، حتى أن جاهلية اليوم تُعتبر أفظع مِن كل جاهلية سبقتها، لأن فيها من الإغراء على كفر النعم، وإنكار الخالق، أو التنكر لدينه وشريعته، والتهجم على حكمته والاستهانة بعزته، وتحسين الخلاعَة والرذيلة والفجور، وذهاب الغَيرة والحياء ما لم يكن في محيط أبي جهل وأبي لهب وما قبله من كل جاهلية، وقد لا ينتهي الأمر عند هذا الحد ما دامت الإِنسانية خارجة عن حدودها متَمَردة على نظام الله، وستبقى عرضة لعقوباته حتى ترجع إِلى أمره، وتحكيم شرعه. [المصدر السابق]

لا تدعوا مع الله أحدا

لا تدعوا مع الله أحداً قولوا لمن يدعو سوى الرحمن ... مُتَخَشِّعاً في ذِلَّة العُبدان يا داعياً غير الإِله ألا اتَّئِد ... إن الدعاءَ عبادةُ الرحمن أنسيتَ أنكَ عبدهُ وفقيره ... ودعاؤه قد جاء في القرآنِ الله أقرب مَن دعوتَ لِكربة ... وهو المجيب بلا توسط ثان هل جاء دعوةُ غيره في سُنة؟ ... أم أنتَ فيه تابع الشيطان؟ إن كنت فيما تدَّعيه على هُدًى ... فَلْتَأتِنا بسواطع البرهان واللهِ ما دعت الصحابةُ غيرَه ... يتقربون به كذي الأوثان لكنَّ هذا الفعل كان لديهمو ... شِركاً، وفرُّوا منه للإيمان ليس التوسلُ والتقربُ بالهوى ... بل بالتقى والبِر والإِحسان هذا كتاب اللهِ يفصل بيننا ... هل جاء فيه: توسلوا بفلان؟ إِن التوسل في الكتاب لواضِح ... وإذا فَطِنْتَ فإِنه نوعان (¬1) الشيخ عبد الظاهر أبو السمح -رحمه الله - مدير دار الحديث بمكة المكرمة ¬

_ (¬1) توسل المؤمنين بطاعة الله وأسمائه وصفاته والعمل الصالح. كما توسل المشركين فيكون بدعائهم لأوليائهم الممثلة في الأصنام.

(5) قطوف من الشمائل المحمدية والأخلاق النبوية والآداب الإسلامية

(5) قطوف من الشمائل المحمدية والأخلاق النبوية والآداب الإسلامية

موجز لمحتويات الكتاب (5) قطوف من الشمائل المحمدية * مولد الرسول وأسماؤه ونسبه - صلى الله عليه وسلم - * الرسول المبارك، ووصف أُم معبد للرسول - صلى الله عليه وسلم -. * مِن فضائل الرسول وقراءته وصلاته، وزهده - صلى الله عليه وسلم -. * مِن أخلاق الرسول وتواضعه وحلمه - صلى الله عليه وسلم -. * مِن معجزات الرسول وصبره ورفقه - صلى الله عليه وسلم -. * مِن شجاعة الرسول ورحمته وعدله - صلى الله عليه وسلم -. * مِن كرم النبي وحياته وآدابه - صلى الله عليه وسلم -. * مِن هدي الرسول ومزاحه - صلى الله عليه وسلم -. *حسان يمدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - (شِعراً). * لباس الرجل والمرأة. * الزينة في اللباس والصلاة * مِن آداب الإسلام. * واجبنا نحو الرسول - صلى الله عليه وسلم -. * مكارم أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - (شعراً). * حسان يدافع عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - (شعراً).

من الشمائل المحمدية إِنْ فاتكم أنْ تروة بالعيون فَما ... يفوتُكم وصفُه هذى شمائِلُه مُكمَّل الذاتِ في خَلق وفي خُلُق ... وفي صفاتٍ فلا تحصى فضائلُه - صلى الله عليه وسلم -

مولد الرسول - صلى الله عليه وسلم -

مولد الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله - تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164] 2 - وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110] 3 - وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الإثنين؟ قال: "ذاك يوم ولدتُ فيه، وفيه بُعثتُ، وفيه أُنزِل عليّ (القرآن) " [رواه مسلم] 4 - لقد ولد الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم الإثنين من شهر ربيع الأول في مكة المكرمة في دار معروفة بدار المولد، عام الفيل عام 571 م من أبوين معروفين: أبوه عبد الله بن عبد المطلب، وأمه آمنة بنت وهب، سماه جده محمداً - صلى الله عليه وسلم - وقد مات أبوه قبل ولادته. 5 - إِن من واجب المسلمين أن يعرفوا قدر هذا الرسول الكريم، فيحكموا بالقرآن الذى أُنزل عليه، ويتخلقوا بأخلاقه، ويهتموا بالدعوة إِلى التوحيد التي بدأ بها رسالته مُتَمثلة في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} [الجن: 20] اسمُ ونسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {محمد رسولُ الله}. [الفتح:29] 2 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لي خمسةُ أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو اللهُ بي الكفر، وأنا الحاشرُ الذي يُحشَر الناس على قدمي، وأنا العاقب: الذي ليس بعده نبي". وقد سماه الله رؤوفاً رحيماً. [متفق عليه] 3 - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسمي لنا نفسه أسماء فقال: "أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا المقفَّي، ونبي التوبة، ونبي الرحمة" (المقفَّي: آخر الأنبياء) [رواه مسلم]

الرسول كأنك تراه - صلى الله عليه وسلم -

4 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتمَ قريش، ولعنهم؟ يشتمون مذمَّماً، ويلعنون مُذمَّماً، وأنا محمد" [رواه البخاري] 5 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً مِن كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم" [رواه مسلم] 6 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "تسمَّوا باسمي ولا تكتنوا بكُنيتي، فإنما أنا قاسم أقسم بينكم". [رواه مسلم] الرسول كأنك تراه - صلى الله عليه وسلم - 1 - " كان وسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسنَ الناس وجهاً، وأحسنهم خَلْقاً، ليس بالطويل البائن ولا القصير". [متفق عليه] 2 - "كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبيض مَليح الوجه" [رواه مسلم] 3 - "كان وسول الله - صلى الله عليه وسلم - مربوعاً (¬1)، عريض ما بين المنكبين، كث اللحية، تعلوه حُمرة، جُمتُه إلى شحمة أُذنيه، لقد رأيته في حُلّةٍ حمراء، ما رأيت أحسن منه". (كث اللحية: كثير الشعر) (جُمته: شعره) [رواه البخاري] 4 - "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضخمَ الرأس واليدين والقدمين، حسن الوجه، لم أرَ قبله ولا بعده مثلَه". [رواه البخاري]، 5 - "كان وجهُه مثل الشمس والقمر وكان مستديراً" [رواه مسلم] 6 - "كان رسول - صلى الله عليه وسلم - إذا سُرَّ استنار وجهُه، حتى كان وجهه قطعةُ قمر، وكنا نعرف ذلك". [متفق عليه] 7 - "كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يضحك إلا تبسما، وكنتَ إذا نظرتَ إليه قلت أكحلَ العينين وليس بأكحل". [حسن رواه الترمذي] ¬

_ (¬1) مربرعاً: ليس بالطويل ولا بالقصير.

8 - "وعن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمِعاً قط ضاحكاً، حتى أرى منه لهواته، إنما كان ضحكه التبسم" (لهواته: أقصى حلقه) [رواه البخاري] 9 - وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة إضْحيان، فجعلتُ أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى القمر، وعليه حُلَّة حمراء، فإذا هو عندي أحسنُ مِن القمر". (إضحيان: مضيئة مقمرةٍ) [أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي]. 10 - وما أحسن من قال في وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم -: وأبيضُ يُستسقى الغمامُ بوجهه ... ثمالُ اليتامي عصمةٌ للأرامل هذا شعر من كلام أبي طالب أنشده ابن عمر، لما أصاب المسلمين قحط، فدعا لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اسقنا" فنزل المطر [رواه البخاري] (وثمالُ: مطعم، عصمة: مانع من ظلمهم). 11 - والمعنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنعوت بالبياض يسأله الناس أن يتوجه إِلى الله بوجهه الكريم ودعائه أن ينزل عليهم المطر، وذلك في حالة حياته - صلى الله عليه وسلم -. أما بعد مماته فقد توسل الخليفة عمر بالعباس أن يدعو لهم بنزول المطر ولم يتوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم -. وأنشد رجل من كنانة فقال: لك الحمد، والحمد ممن شكر ... سُقينا بوجه النبي المطر دعا الله خالقه دعوة ... إِليه وأشخص منه البصر فلم يك إِلا كإِلقا الردا ... ء وأسرع حتى رأينا الدرر وكان كما قال له عمه ... أبو طالب أبيضُ ذو غُرر به الله يسقي صوب الغمام ... وهذا العيان لذاك الخبر فمَن يشكرالله يلق المزيد ... ومن يكفرالله يلقَ الغِيَر (نقلا من كتاب منال الطالب لابن الأثير ص 106)

الرسول المبارك - صلى الله عليه وسلم -

الرسول المبارك - صلى الله عليه وسلم - " الرسول وأبو بكر ومولاه، ودليلهما يخرجون من مكة ويمرون في طريقهم إِلى المدينة على خيمتي امرأة عجوز تُسمى (أُم معبد) كانت تجلس قرب الخيمة تَسقي وتُطعم، فيسألونها لحماً وتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا عندها شيئاً، ينظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شاة في جانب الخيمة، بعد أن نَفِدَ زادهم وجاعوا .... ". الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما هذه الشاة يا أُم معبد؟ أم معبد: شاة خلَّفها الجَهد (¬1) عن الغنم. الرسول - صلى الله عليه وسلم - هل بها من لبن؟ أم معبد: هي أجهد من ذلك (أضعف من ذلك). الرسول - صلى الله عليه وسلم - أتأذنين لي أن أحلُبها؟ أم معبد: بأبي وأمي إِن رأيت بها حلبا فاحلُبها. الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعو الشاة، فيمسح بيده ضرعها، ويُسمي الله -جل ثناؤه- ويدعو لأم معبد في شاتها، حتى فتحت الشاة رجليها، ودرَّت للحلب، فدعا بإناء كبير، فحلب فيه حتى امتلا، ثم سقى المرأة حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رُوُوا (أي شبعوا)، ثم شرب آخرهم، ثم حلب في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء ثم تركه عندها وبايعها وارتحلوا عنها .. "وبعد قليل أتى زوج المرأة (أبو معبد) يسوق أعنزاً عِجافا يتمايلن من الضعف، فيرى أبو معبد اللبن!! ". أبو معبد (متعجباً): من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاء عازب (¬2) حيال ولا حلوب في البيت؟ ... أم معبد: لا والله إِنه مرّ بنا رجل مبارَك من حاله كذا وكذا. أبو معبد: صفيه لي يا أمَّ معبد. ¬

_ (¬1) الجهد: الضعف. (¬2) عازب: الغنم بعيدة. ولم تحمل.

أم معبد تصف الرسول - صلى الله عليه وسلم -

أم مَعبد تصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلج (¬1) الوجهِ لم تَعبه نُحلةٌ (¬2)، ولم تُزرِ به صُقلَة (¬3)، وسيم قسيم (¬4) في عينيه دعَج (¬5) وفي أشفاره وَطَف (¬6)، وفي صوته صهل (¬7) وفي عنقه سطَع (¬8) وفي لحيته كثاثة (¬9)، أزجُّ أقرَن (¬10)، إِن صمت، فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجملُ الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلوُ المنطق، فصلٌ لا نزرٌ ولا هذَر (¬11)، كأنَّ منطقه خرزات نظم يتحدرنَ، رَبعة لا يأس من طول، ولا تقتحمه عين من قِصَر (¬12)، غُصن بين غصنينْ فهو أنضَر الثلاثة منظراً، وأحسنهُم قدراً، له رفقاء يحفون به، إن قال: أنصَتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محشود محفود (¬13)، لا عابس ولا مفنَّد (¬14)، قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذُكر لنا مِن أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلنَّ إِن وجدت إِلى ذَلك سبيلا. وأصبح صوتٌ بمكة عالياً يسمعون الصوت، ولا يدرون مَن صاحبه وهو يقول: جزى الله ربُّ الناسِ خيرَ جزائه ... رفيقين قالا خيمتي أمِّ مَعبد هما نَزلاها بالهدى، واهتدت به ... فقد فاز مَن أمسى رفيق محمد [حديث حسن قوي أخرجه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي انظر منال الطالب ص 132] قال ابن كثير: "قصة أم معبد مشهورة مروية مِن طرق يشد بعضها بعضاً" ¬

_ (¬1) مشرِق الوجه، مضيئه. (¬2) نحول الجسم. (¬3) تريد أنه ليس بناحل، ولا منتفخ. (¬4) حسَن وضيء. (¬5) سواد. (¬6) طويل شعر العبن. (¬7) بُحة وحُسن. (¬8) طول. (¬9) كثرة الشعر. (¬10) حاجباه طويلان ومقوسان ومتكسلان. (¬11) كلامه بين وسط ليس بالقليل ولا بالكثير. (¬12) ربعة ليس بالطويل البائن، ولا القصير. (¬13) عنده جماعة من أصحابه يطيعونه. (¬14) غير عابس الوجه، وكلامه خال من الخرافة.

من فضائل الرسول - صلى الله عليه وسلم -

مِن فضائل الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 45 - 47] 2 - قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب: 40] 3 - وقال الله تعالى: {وما أرسلناك إِلا رحمة للعالمين}. [الأنبياء: 107] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة، وأنا أوَّلُ مَن يقرعُ باب الجنة" [رواه مسلم] 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم - "أنا أول شفيع في الجنة، لم يُصدِّق نبي مِن الأنبياء ما صُدِّقتُ، وإن نبياً مِن الأنبياء ما صدقه من أمَّتِه إلا رجل واحد". [رواه مسلم] 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم - سألت ربي ثلاثاً، فأعطاني ثنتين، ومنعتي واحدة: سألت ربي أن لا يُهلك أمتي بالسنةِ (¬1) فأعطانيها، وسألتُه أن لا يُهلك أُمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها". [رواه مسلم] وفي رواية: "فسألته أن لا يُسلَّط عليهم عدوًا مِن غيرهم فأعطانيها" [رواه الترمذي والنسائي وصحح الألباني سنده] 7 - وقال أنس بن مالك في حديث الإِسراء وفيه: "والنبي - صلى الله عليه وسلم - نائمة عيناه، ولا ينام قلبه" [رواه البخاري] 8 - وقال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "أنا سيدُ ولدِ أدم يوم القيامة، وأول كان تنشَقُّ عنه الأرض، وأولُ شافع ومُشفَّع" [رواه مسلم] ¬

_ (¬1) أي القحط.

9 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فُضِّلت على الأنبياء بستٍّ: أعطيتُ جوامع الكلِم، وُنصرتُ بالرعب، وأحِلَّت في الغنائم، وجُعلت في الأرض مسجداً وطهوراً، وأرسلتُ إلى الخلق كافة، وخُتِمَ بي النبيون" [رواه مسلم] 10 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بُعثتُ مِن خير قرون بني أدم قرناً فقرناً، حتى كنتُ من القرن الذي كنت منه" [أخرجه البخاري] 11 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن مثلي ومَثل الأنبياء قبلي، كمثل رجل بنى بُنياناً فأحسنَه وأجمله، إلا موضع لَبِنة مِن زاوية مِن زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وُضِعت هذه اللَّبنة؟ قال: فانا اللَّبِنة، وأنا خاتم النبيين". [أخرجه البخاري ومسلم] 12 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إني عند الله مكتوب خاتم النبيين، وان أدم لَمُنْجدِلٌ في طينته، وسأخبركم بأول أمري: دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أُمي التي رأت حين وضعتني، وقد خرج لها نور أضاءت منه قصور الشام" [صححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه الألباني في المشكاة] (لمنجدلٌ: مُلقى على الأرض) 13 - جاء الملَك جبريل إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غار حراء فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق ...} فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يُخزيك الله أبداً، إنك لَتصِل الوحِم وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقَت به خديجة إلى ورقة بن نوفل، فقالت له خديجة: يا ابن عم: اسمع مِن ابن أخيك .. فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزَل الله على موسى، ياليتني فيها جَذعاً، ليتني أكون حَياً إذ يُخرجك قومك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوَ مُخرجي هم؟ قال نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي، وإن يُدركني يومُك أنصرك نصراً مُوزراً .. ". [الناموس: صاحب السر جبريل] [رواه البخاري في كتاب بدء الوحى]

خاتم نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم -

خاتم نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - عن جابر بن سمرة قال: "رأيت الخاتم بين كتفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غُدة حمراء مِثلَ بيضة الحمامة يُشبه جسده". [رواه مسلم] 2 - عن عبد الله بن سرجس قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ودخلت عليه وأكلت من طعامه وشربت من شرابه، ورأيت خاتم النبوة في نُغض كتفه اليسرى، كأنه جمعُ خيلان سود، كأنها ثآليل" [رواه مسلم] 3 - عن الجعد بن عبد الرحمن قال: سمعت السائب بن يزيد يقول: "ذهبت بي خالتي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وَجِع فمسحَ رأسي، ودعا لي بالبركة، وتوضأ، فشربت مِن وضوئه، وقمت خلف ظهره، فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه، فإذا هو مثل زِرٍّ الحجَلة" [متفق عليه] (زر الحَجَلة: بيضة حجل الطير) (الوضوء: الماء الذي توضأ به). طِيبُ رائحة النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - عن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزهرَ اللون، كان عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفَّا، وما مسَسَتُ ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا شَمَمت مسكاً ولا عنبراً أطيب من رائحة النبي الله - صلى الله عليه وسلم -". [متفق عليه] 2 - عن أنس قال: "دخل علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عندنا فعرق، فجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت العرق فيها، فاستيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا أمَّ سليم! ما هذا الذي تصنعين؟ قالت هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو مِن أطيب الطيب" [رواه مسلم] (قال: أي نام) 3 - "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعرف بريح الطيب إذا أقبل" [رواه ابن سعد عن إبراهيم مرسلاً، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 4864]

صفة نوم الرسول - صلى الله عليه وسلم -

4 - وعن أنس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لايردّ الطيب". [رواه البخاري] صفة نوم الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - " كان ينام أول الليل، ويُحيي آخره" [متفق عليه] 2 - "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إِذا أوى إِلى فراشه قال: "باسمك اللهم أموت وأحيا، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور" [رواه مسلم] 3 - "كان - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه، وضع كفه اليمنى تحت خده الأيمن وقال: "رب قِني عذابَك يوم تبعث عِبادك" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] 4 - "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفث فيهما، وقرأ فيهما: قل هو الله أحد، قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يصنع ذلك كلاث مرات" [متفق عليه] 5 - "كانت وسادته التي ينام عليها بالليل من أدَم (جلد) حشوها من لِيف". [صحيح رواه أحمد] 6 - "كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي ينام عليه من أدَم (أي جلد) حشوه ليف". [رواه مسلم] 7 - "قالت عائشة: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة: إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي" [متفق عليه] قراءة الرسول وصلاته - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {ورَتِّل القرآن ترتيلا}. [سورة المزمل:4] 2 - كان لا يقرأ القرأن في أقل من ثلاثة (أيام). [صحيح رواه ابن سعد]

3 - "كان يُقطَع قراءته آية آية: (الحمد لله رب العالمين)، ثم يقف (الرحمن الرحيم) ثم يقف .... " [صحيح رواه الترمذي] 4 - كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "زَيِّنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن، يزيد القرآن حُسناً" [صحيح رواه أبو داود] 5 - كان يمد صوته بالقرآن مدًا" [صحيح رواه أحمد] 6 - " كان يقوم إذا سمع الصارخ". (الديك) [متفق عليه] 7 - "كان يصلِّي في نعليه" [متفق عليه] 8 - "كان يعقد التسبيح "بيمينه" [صحيح رواه الترمذي وأبو داود] 9 - "كان إذا حزبه أمر صلى" [حسن رواه أحمد وأبو داود] 10 - "كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، ورفع أصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها" [رواه مسلم في صفة الجلوس في الصلاة 5/ 80] 11 - "كان يُحرِّك أصبعه اليمني يدعو بها" [صحيح رواه النسائي] (السبابة عند الجلوس في الصلاة) ويقول: "لهي أشدُّ على الشيطان من الحديد". (يعنى السبابة) [حسن رواه أحمد] 12 - "كان يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره" (في الصلاة) [رواه ابن خزيمة وغيره وحسنه الترمذي] (ذكره النووى في شرح مسلم، وضعَّف حديث وضع اليد تحت السرة) 13 - إن الأئمة الأربعة أجمعت على قول "إِذا صح الحديث فهو مذهبي" فيكون التحريك ووضع اليد على الصدر في الصلاة من مذهبهم وهو من سنن الصلاة. 14 - لقد أخذ بسنة تحريك الأصبع (السبابة) في الصلاة الإمام مالك وغيره ... وبعض الشافعية -رحمهم الله - كما في شرح المهذب للنووي 3/ 454. وقد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحكمة من تحريكها في الحديث المذكور أعلاه، لأن تحريك الإِصبع يشير إِلى توحيد الله، وهذا التحريك أشد على الشيطان من ضرب

صوم النبي - صلى الله عليه وسلم -

الحديد، لأنه يكره التوحيد. فعلى المسلم أن يتبع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا ينكر سنته فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي". [رواه البخاري] صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال - صلى الله عليه وسلم - "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه" [متفق عليه] 2 - وقال الله - صلى الله عليه وسلم - "من صام رمضان وأتبعه ستاً مِن شوال كان كصوم الدهر" [رواه مسلم] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، صيام يوم عرفة (¬1) أحتسبُ على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء (¬2) أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" [رواه مسلم] 4 - وقال الله - صلى الله عليه وسلم - لئن بقيت إلى قابل لأصومَنَّ التاسع (¬3) ". [رواه مسلم] 5 - سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الإثنين ويوم الخميس؟ قال: "يومان تُعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، فأحبُّ أن يعرَض عملي وأنا صائم" [رواه النسائي وحسَّنه المنذري] 6 - "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الفطر والأضحى" [متفق عليه] 7 - ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيامَ شهر قط إلا شهر رمضان [رواه البخاري ومسلم عن عائشة] ¬

_ (¬1) الواقف بعرفة لا يصومه. (¬2) العاشر من محرم. (¬3) التاسع من محرم.

عبادة الرسول - صلى الله عليه وسلم -

عبادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله - تعالى: {يا أيها المزَّمِّل قُمِ الليل إِلا قليلا} [الزمل: 1، 2] 2 - قالت عائشة: "ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان، ولافي غيره، على إحدى عشرة ركعة، يُصلي أربعاً، فلا تسأل عن حُسنِهن وطولهن، ثم يُصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً فقلت: أتنام قبل أن توتر؟ فقال يا عائشة: إن عينَي تنامان، ولا ينام قلبي". [متفق عليه] 3 - عن الأسود بن يزيد قال: "سألت عائشة -رضي الله عنها- عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل فقالت: "كان ينام أول الليل، ثم يقوم فإذا كان من السحَر أوتر، ثم أتى فراشه، فإذا كان له حاجة ... ألَمَّ بأهله فإذا سمع الأذان وَثَب، فإذا كان جنباً أفاض عليه من الماء وإلا توضأ وخرج إلى الصلاة" [رواه البخاري ومسلم وغيرهما] 4 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم حتى تنتفخ قدماه، فيقال له: يا رسول الله. تفعل هذا وقد غفرَ الله لكً ما تقدم مِن ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟! " [متفق عليه] 5 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حُبِّب إليَّ من دنياكم: النساء والطيب، وجُعلَت قُرَّةُ عيني في الصلاة" [صحيح رواه أحمد] صفة كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:1 - 4] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو: "اكتب فوالذي نفسي بيده، ما خرج مني إلا الحق" [حسن رواه أبو داود] 3 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نُصرتُ بالرعب، وأوتيت جوامع الكلم، وجُعلت لي الأرض

صفة حوض النبي - صلى الله عليه وسلم -

مسجداً وطهوراً وبينما أنا نائم أتيت بمفاتح الأرض فَثُلَّت في يدي" [رواه البخاري] (جوامع الكلم: الكلام القليل ذو المعنى الكثير) (أتيت بمفاخّ خزائن الأرض: قال أبو هريرة: ذهب رسول الله وأنتم تستخرجونها) (ثُلت في يدي: أي أُلقيت في يدي). 4 - عن عائشة قالت: "ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسردُ كسَردِكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يحفظه مَن جلس إليه". (فصل: ظاهر) [رواه مسلم] 5 - "كان يُحدَّث حديثاً لو عدَّه العادُّ لأحصاه". [متفق عليه] 6 - "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طويل الصمت" [رواه أحمد بإسناد حسن] 7 - "كان - صلى الله عليه وسلم - يعيد الكلمة ثلاثا لِتُعقَل عنه". [رواه البخاري] وفي رواية (حتى تُفهم عنه). (المراد: الكلمة المهمة التي تحتاج للإعادة) 8 - "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب الجوامع مِن الدعاء، ويدَع ما بين ذلك" [صحيح رواه أحمد] 9 - "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرَّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم" [رواه مسلم] صفة حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكِيزانه كنجوم السماء، مَن شرب منه، فلا يظمأ أبداً" [رواه البخاري] (كيزان: جمع كوز: وهو إِناء كالإبريق لكنه أصغر منه) من زهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [سورة طه: 131]

جوع الصحابة والرسول - صلى الله عليه وسلم -

2 - "عن عمر بن الخطاب في حديث إيلاء (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن أزواجه، ألا يدخل عليهن شهراً، واعتزل عنهن في علية، فلما دخل عليه عمر في تلك العلية، فإذا ليس فيها سوى صُبرة (¬2) من قرظ (¬3)، وأهبة معلقة، وصبرة مِن شعير، وإذا هو مضطجع على رُمال حصير، قد أثر في جنبه، فهملت عينا عمر، فقال: مالك؟ فقلت يا رسول الله أنت صفوة الله مِن خلقه، وكسرى وقيصر فيما فيه، فجلس محمَراً وجهه، فقال: أوَ في شك يا ابن الخطاب؟ كم قال: أولئك قوم عُخئت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا". [متفق عليه] وفي رواية مسلم: "أما ترضى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال: فاحمد الله -عَزَّ وَجَلَّ-". 3 - وعن علقمة عن ابن مسعود قال: "اضطجع رسول الله على حصير، فأثر الحصير بجلده، فجعلت امسحه وأقول: بأبي أنت وأمي؛ إلا آذنتنا فنبسط لك شيئاً يقيك منه تنام عليه؟ قال: مالي وللدنيا، ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] 4 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أن في مثل أُحُد ذهباً، ما سرني أن تأتي عليٌّ ثلاثٌ ليال، وعندي منه شيء، إلا شيء أرصده لديني" [رواه البخاري] 5 - وعن عمرو بن الحارث -رضي الله عنهما- قال: "ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موته ديناراً ولا درهماً، ولا عبداً ولا أمَة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضاً جعلها لابن السبيل صدقة" [رواه البخاري] جوع الصحابة والرسول - صلى الله عليه وسلم - " يخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فإِذا هو بأبي بكر قاعد وعمر معه خارج بيوتهما". ¬

_ (¬1) الإملاء: الحلف. (¬2) الصُّبرة: ما جمع من طعام أو غيره. (¬3) ورق السلم يدبغ به

الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما أخرجكما مِن بيوتكما هذه الساعة؟!. أبو بكر وعمر: الجوع يا رسول الله!! الرسول - صلى الله عليه وسلم -: وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما!. "يأمرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقوموا فقاموا معه، فذهبوا إِلى بيت رجل من الأنصار اسمه: (أبو الهيثم بن التيهان) فلم يجدوه في بيته". المرأة: (تخاطب الرسول - صلى الله عليه وسلم -): مرحباً وأهلاً ... الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أين فلان؟ (يعني أبا الهيثم) المرأة: ذهب يستعذب لنا الماء (يأتي بالماء الحلو) .. "يأتي أبو الهيثم فينظر إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه، ويلتزم النبي ويفدّيه بأبيه وأمه" أبو الهيثم: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافاً مني! "ينطلق أبو الهيثم فيأتي بغصن نخيل فيه بسرُ وتمر ورطب." (أنواع التمر حين نضجه). أبو الهيثم: كلوا مِن هذه .... "ينطلق أبو الهيثم ومعه السكين ليذبح لهم شاة" الرسول - صلى الله عليه وسلم - إِياك والحلوب (احذر الشاة ذات اللبن) "الرسول وصاحباه يأكلون التمر واللحم ويشربون الماء العذب، حتى شبعوا ورَوَوا". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لأبي بكر وعمر) والذي نفسي بيده لتُسألُن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم مِن بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم! [الحديث رواه مسلم ومالك والترمذي]

عيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

يُستفاد من الحديث 1 - كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته يشتد بهم الجوع، فيخرجون مِن بيوتهم، لعلهم يجدون طعاماً. 2 - لا بأس أن يذهب الرجل إِلى تناول الطعام في بيت أحد أصحابه. 3 - التنبيه على فضل النعمة، وشكر خالقها، وعدم الإشتغال بها عن المنعم. 4 - يجوز سؤال الرجل للمرأة من وراء حجاب. 6 - صبر الرسول وصحابته على الجوع. 7 - إكرام الضيف وتقديم ما عند الإِنسان من طعام وماء وغيرهما. 8 - الخروج من البيوت عند الجوع طلباً للقوت والأخذ بالأسباب. 9 - استحباب الإبتعاد عما يدر الخير كالغنم الحلوب وغيرها إِذا وجد ما يُستغنى به عنها. عيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله - تعالى: {وَوَجدك عائلاً فأغنى} [سورة الضحى: 8] (أي كنت فقيراً ذا عيال، فأغناك الله عمن سواه) [تفسير ابن كثير] 2 - وعن عائشة أنها قالت: "إن كنا آل محمد، لَيَمر بنا الهلال، ما نوقد ناراً، إنما هما الأسودان: التمر والماء، إلا أنه كان حولنا أهل دور مِن الأنصار، يبعثون إلى رسول الله بلبن منائحهم (¬1)، فيشرب ويسقينا مِن ذلك اللبن" [متفق عليه] 3 - وعن أنس قال: "ما أعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رغيفاً مُرققاً، حتى لحق بالله، ولا شاة سميطاً (¬2) بعينه قط" [رواه البخاري] ¬

_ (¬1) النوق أو الأغنام. (¬2) سميطاً: مشوية.

بكاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -

4 - وقال عمر بن الخطاب: "لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلتوي مِن الجوع، ما يجد ما يملأ مِن الدقل بطنه" [رواه مسلم] (الدقل: رديء التمر) 5 - وعن أنس أنه مشى إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخبز شعير وإِهالة سنخة (¬1)، ولقد رهن درعه عند يهودي، فأخذ لأهله شعيراً، ولقد سمعته ذات يوم يقول؛ "ما أمسى عند آل محمد صالح تمر ولا صاع حَب". [رواه البخاري] 6 - "وكان يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله، ولا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم الشعير" [حسن رواه أحمد وغيره] 7 - وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت:، ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - منذ قدموا المدينة - أيام تباعاً- مِن خبز بُرٍّ، حتى مضى لسبيله". (أي مات) [متفق عليه] 8 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً". (أي ما يسد الجوع) [متفق عليه] بكاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحديث الأول: "الرسول جالس مع عبد الله بن مسعود" الرسول - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ عليَّ ... ابن مسعود: أقرأُ عليك، وعليك أُنزل؟! الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أحب أن أسمعه مِن غيري .. عبد الله بن مسعود يقرأ من سورة النساء حتى أتى هذه الآية: {فكيف إِذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنابك على هؤلاء شهيداً}. [النساء: 41] الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "حسبك الآن". "يلتفت ابن مسعود إِلى الرسول فإِذا عيناه تذرفان" (أي تدمعان) [الحديث متفق عليه] ¬

_ (¬1) دهن متغير الرائحة يؤتدم به.

رؤيا الرسول - صلى الله عليه وسلم -

يُستفاد من الحديث 1 - أن الخشوع عند سماع القرآن يكون بالبكاء لا بالصياح. 2 - قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - للقارئ: "حسبك الآن" ولم يقل صدق الله العظيم. 3 - كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحب سماع القرآن مِن غيره. الحديث الثاني: "يدخل الصحابة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ولده إبراهيم وهو عند مرضعته، فيأخذه ويقبله ويشمه. ثم يدخل الصحابة عليه بعد ذلك فيجدون إبراهيم يجود بنفسه (أي يموت) فجعلت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرفان (تدمعان) ". عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله! (تبكي)؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إنها رحمة .. إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون". [متفق عليه] يُستفاد من الحديث 1 - جواز البكاء على الميت بدون صراخ ولا نواح. 2 - جواز الحزن على الميت، مع الرضا بالقدر وتجنب الكلام الذي يدل على السخط. رؤيا الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "من رأني في المنام، فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي" [رواه البخاري] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من رأني فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتزيا بي". [متفق عليه] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي" [متفق عليه]

يستفاد من هذه الأحاديث 1 - أن رؤيا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ممكنة، على الوجه الذي ورد في شمائله - صلى الله عليه وسلم - من طوله، ولونه، وهيئته، ولحيته، وغير ذلك. 2 - لقد ذكر المناوي في تفسير هذه الأحاديث أن الرؤيا الصحيحة: أن يراه بصورته الثابتة بالنقل الصحيح، فإن رآه بغيرها كطويل أو قصير، أو شديد السمرة. لم يكن رآه. 3 - وذكر المناوي أن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فسيراني في اليقظة" رؤية خاصة بصفة القرب والشفاعة (يوم القيامة). 4 - يدعي بعض الصوفية أنهم يرون الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا يقظة إستناداً للحديث الثالث، ورد عليهم ابن حجر بقوله: "يلزم عليه أن هؤلاء صحابة، وبقاء الصحبة إِلى يوم القيامة "! (وهذا لا يقوله مسلم). 5 - قرأت في أحد كتب الصوفية قوله: قال أبو المواهب الشاذلي قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ... إِلى آخر الحديث المكذوب" ولما سألت المؤلف عن هذا الشخص، هل هو صحابي؟ قال: لا، بل بينه وبين أبي الحسن الشاذلي خمسة مشايخ وقد رأى الرسول يقظة!! قلت له: الصحابة لم يروا الرسول يقظة بعد موته، فلم يقتنع، فقلت في نفسي: هذا من الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي حذر منه بقوله: "مَن كذب عليَّ متعمدأ فليتبَوأ مقعدَه من النار" [متفق عليه] 6 - سئل شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن رجل زعم أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمره بشيء، فقال: يُكره، بل يحرم. ونص العلماء على أن الرؤيا لا يؤخذ منها أحكام. 7 - إِن أكبر رد على من يدعي رؤية الرسول يقظة بعد موته قوله تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100]

وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله - تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: 34] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- إذا أراد رحمة أُمةٍ من عباده قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرَطاً وسلَفاً بين يديها، وإذا أراد هلكة أمة، عذبها ونبيها حَيُّ، فأهلكها وهو ينظر، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه، وعصَوا أمره" [رواه مسلم] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -:"إن الله خيرٌ عبداً بين الدنيا وبين ما عند الله، فاختار ذلك العبد ما عند الله" فبكى أبو بكر [رواه البخاري] 4 - وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "أخر نظرة نظرتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كشف الستارة (¬1) يوم الاثنين فنظرت إلى وجهه كأنه ووقة مصحف- والناس خلف أبي بكر فكاد الناس أن يضطربوا، فأشار إلى الناس أن اثبتوا، وأبو بكر يؤمهم، وألقى السَّجفُ (الستر) وتُوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن آخر ذلك اليوم". [رواه البخاري ومسلم بنحوه] 5 - وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "قبضه الله، كان رأسه لبَين نحري وسَحري". (أرادت أنه مات في حِضنها) [رواه البخاري] 6 - وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "لما وَجَدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كَرب الموت ما وجد، قالت فاطمة -رضي الله عنها-: واكرباه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا كربَ على أبيك بعد اليوم إنه قد حضر مِن أبيك ما ليس بتارك منه أحداً (¬2) الموافاة يوم القيامة (¬3). [رواه البخاري] 7 - وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مكث النبي ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، وبالمدينة عشراً، وتوفيَ وهو ابن ثلاث وستين [رواه البخاري] ¬

_ (¬1) المراد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بكشف الستارة المعلقة على بيته. (¬2) أي نزل بأبيك الموت، فإنه أمر عام لكل واحد، والمصيبة إِذا عمت هانت. (¬3) أي الملاقاة حاصلة يوم القيامة.

8 - وعن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات وأبو بكر بالسنح (تعني بالعالية بالمدينة) فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله!! فجاء أبو بكر، فكشف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقَبلَه وقال: بابي أنت، طِبتَ حياً وميتاً، والذي نفسي بيده، لا يُذيقنك الله الموتتين أبداً (¬1)، ثم خرج أبو بكر فقال: أيها الحالف على رسلِك "أي لا تعجل يا عمر" فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال: ألا مَن كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات، ومَن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت، وقال: {إِنك ميت، وإِنهم ميتون} [سورة الزمر: 144] وقال: {وما محمد إِلا رسول قد خلت مِن قبله الرسل أفإن مات أو قُتلَ انقلبتم على أعقابكم ومَن ينقلِب على عقبَيه فلن يَضرَّ الله شيئاً وسيَجزي الله الشاكرين} [سورة آل عمران: 144] قال فنشج الناس يبكون [رواه البخاري] 9 - وعن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو صحيح: "إنه لم يُقبَض نبي حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يُخير بين الدنيا والآخرة" قالت عائشة: فلما نزل به" ورأسه على فخذي" غُشيَ عليه كم أفاق فاشخص بصرَه إلى السقف، ثم قال: "اللهم الرفيق الأعلى" قلت: إذاً لا يختارنا قالت: وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به وهو صحيح". [متفق عليه] 10 - والمعروف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - توفي يوم الإثنين سنة 11 هـ بعد أن بلَّغ رسالته، وأكمل الله به الدين. * * * ¬

_ (¬1) أشار بذلك إلى الرد على من زعم أنه سيحيا وفي النهاية سيموت.

من الأخلاق النبوية بنيتَ لهم من الأخلاق رُكناً ... فخانوا الركن فانهدم اضطرابا وكان جنابُهم فيها مَهيباً ... وللأخلاقُ أجدرُ أن تُهابا

من أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم -

من أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159] 2 - وقال الله تعالى: {وإِنك لَعلى خُلُقٍ عظيم} [القلم: 4] 3 - "كان - صلى الله عليه وسلم - خلُقه القرآن" [رواه مسلم] 4 - "كان أبغضَ الخلُق إليه الكذب" [صحيح رواه البيهقي] 5 - لم يكن رسول الله فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: "إن مِن خياركم أحسَنِكم أخلاقاً". [متفق عليه] 6 - وعن أنس قال: "لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشاً ولا لعاناً ولا سباباً، وكان يقول عند المعتبة: (المعاتبة) ماله تربت يمينه، وفي رواية ترِب جبينه" [رواه البخاري] 7 - "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً" [رواه البخاري] 8 - وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "قيل يا رسول الله ادعُ على المشركين، قال: "إني لم أبعَث لَعاناً، وإنما بُعثتُ رحمة" [رواه مسلم] 9 - "كان يتفاعل ولا يتطير (لا يتشاءم) ويُعجبه الإسم الحسَن" [صحيح رواه أحمد] 10 - عن عمرو بن العاص قال: "كان رسول الله يُقبِلُ بوجهه على أمر القوم يتألفهم بذلك، فكان يُقبِلُ بوجهه وحديثه عَلَيَّ، حتى ظننت أني خير القوم". عمرو بن العاص: يا رسول الله، أنا خير أم أبو بكر؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أبو بكر!

عمرو بن العاص: يا رسول الله، أنا خير، أم عمر؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: عُمَر! عمرو بن العاص: يا رسول الله أنا خير، أم عثمان؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: عثمان! عمرو بن العاص: فلما سألت رسول الله فصَدَقني، فلوَدِدت أني لم أكن سألته". [حسن رواه الترمذي] 11 - وعن عطاء بن يسار قال: "لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- فقلت: أخبِرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة، فقال: "أجل، والله إِنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وحِرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سَميتك المتوَكل، ليس بفَظٍّ ولا غليظ ولا سَخاب في الأسواق". (لا يرفع صوته ولا يصيح). ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه الله حتى يُقيم به المِلَّة العوجاء، بأن يقولوا:"لا إله إلا الله" ويفتح به أعيناً عُمياً، وآذانا صُماً، وقلوباً غُلفا". [رواه البخاري] 12 - وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما خُيِّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه في شيء قط إلا أن تُنتهك حُرمة الله، فينتقم لله بها" [متفق عليه] 13 - وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً قط بيده، ولا امرأة، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن يُنتهك شيء مِن محارم الله فينتقم لله". [رواه مسلم] 14 - وكان - صلى الله عليه وسلم - إِذا أتاه السائل، أو صاحب الحاجة فال؛ "اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء" [متفق عليه]

أحاديث في الأخلاق

15 - وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن أحسن الناس خُلُقاً، فأرسلَني يوماً لحاجة، فقلت: واللهِ لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله - صلى الله عليه وسلم -. فخرجت حتى أَمُر على صبيان، وهم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبض بِقفاي مِن ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: يا أُنَيْس ذهبت حيث أمرتك؟ أنس -رضي الله عنه-: أنا أذهب يا رسول الله! قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمتُه قال لشيء صنعتُه: لِمَ فعلت كذا وكذا؟ ولا عابَ عَلَيَّ شيئاً قط والله ما قال لي أُفٍّ قط [رواه مسلم] 16 - أسَر الصحابة سيداً اسمه "ثُمامة" وربطوه بسارية المسجد، فخرج إِليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"ماذا عندك يا ثُمامة؟ " فقال عندي يا محمد خير، إن تَقتُل تَقتل ذا دم، وإن تُنعم تُنعِم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسَل تُعطَ منه ما شئت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَطلِقوا ثمامة". فانطلق ثُمامة فاغتسل كم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ مِن وجهك فقد أصبح وجهك أحبَّ الوجوه كلها إليَّ، وما كان من دينٍ أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحبَّ الدين إليَّ، والله ما كان مِن بلد أبغض إليَّ مِن بلدك، فأصبح بلدك أحبَّ البلاد كلها إليَّ، ولما قدم مكة قال له قائل: أصبوت؟ قال: لا ولكني أسلمت. [متفق عليه واللفظ لمسلم باختصار] أحاديث في الأخلاق 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً". [متفق عليه] 2 - "إن من أحبكم إليَّ أحسنَكم أخلاقاً". [رواه البخاري]

3 - "أكمل المؤمنين إيماناً، أحسنُهم خُلقاً، وخيارُكم: خيارُكم لنسائهم خلُقاً". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] 4 - "إن لكل دين خلقاً، وإن خلُق الإسلام الحياء". [حسن رواه ابن ماجه] 5 - "إن المؤمن ليُدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم" [صحيح رواه أبو داود] 6 - "إن مِن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً، وألطفهم بأهله" [رواه الترمذي وحسنه] 7 - "ما مِن شيء [أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة مِن خلُق حسن، وإن الله يُبغض الفاحش البذيء" رواه أبو داود والترمذي، وقال حسن صحيح] 8 - "إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة، الثرثارون، والمتشدَّقون والمتفيهقون، قالوا: يا رسول الله ما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون". [رواه الترمذي وحسنه محقق جامع الأصول بشواهده] (الثرثارون: المكثرون من الكلام تكلفاً) (المتشدقون: المتكلمون تفاصحاً وتعظيماً لنطقهم) 9 - "البرُّ حسنُ الخلق" [رواه مسلم] 10 - "اتِق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة تمحُها، وخالق الناس بخلُق حَسن". [رواه الترمذي وحسنه] 11 - "إنما بُعثت لِأُتمم صالح الأخلاق" [صححه الحاكم ووافقه الذهبي] 12 - "ألا أخبركم بمَن يَحرم على النار، أو بمَن تحرم عليه النار؟ على كل قريب سهل ليّن" [رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني بشواهده] 13 - "أحَب عباد الله إلى الله، أحسنهُم خلُقا" [رواه الحاكم وصححه الألباني] 14 - " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنُهم خلُقا، الموَطَّؤون أكنافاً، الذين يألفون، ويؤلفون، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف" [رواه الطبراني وحسنه الألباني] 15 - "سئل - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخُلق" [رواه الترمذي وهو صحيح بشواهده عند محقق جامع الأصول]

من دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأخلاق

16 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن غِز كَرِيم، والفاجر خَب لئيم". [رواه أحمد وغيره وحسنه الألبانى] 17 - "المؤمنون هيِّنون ليِّنون كالجمل الأنِف، إن قيد انقادَ، وإن أُنيخ على صخرة، استناخ". (الأنِف: الذلول) [حسنه الألباني بشواهده] 18 - "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير مِن المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" [رواه أحمد، وحسنه الحافظ في الفتح] 19 - "ألا أُنبئكم بخياركم؟ قالوا: بلى، قال: "خياركم أطولكم أعماراً وأحسنكم أخلاقاً". [رواه أحمد، وقال الألباني حسن لغيره] 20 - "أربع إذا كن فيك، فلا عليك ما فاتك من الدنيا، صِدق الحديث، وحفظ الأمانة، وحُسن الخلق، وعفة مطعم" [رواه أحمد وغيره وصححه الألباني في السلسلة] 21 - "إن الله لم يبعثني معنِّتاً ولا مُتعنِّتاً، ولكن بعثني مُعَلماً ومُيسِّراً". [رواه مسلم] 22 - " أنا زعيمُ بيتٍ في ربَض الجنة لمن تَرك المِراءَ وان كان مُحِقاً، وبيت في وسط الجنة لِمن ترك الكذب وإن كان مازحاً. وبيت في أعلى الجنة لمن حسُن خلُقه". (ربَض: أسفل، المراء: الجدال) [رواه أبو داود وحسنه الألباني في السلسلة وهو في رياض الصالحين] من دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأخلاق 1 - " اللهم اهدني لأحسن الأعمال، وأحسن الأخلاق، لا يِهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيِّئ الأعمال، وسيِّئ الأخلاق، لا يقي سَيِّئها إلا أنت" [أخرجه النسائي، وصححه الأرناؤوط في جامع الأصول] 2 - "اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء" [رواه الترمذي وصححه الألباني]

العفو عند الخصام

3 - "اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأصلح ذاتَ بيننا". [رواه البخاري] 4 - "اللهم إنما أنا بَشرٌ، فأيُّ المسلمين سببتُه أو لعنته، فاجعلها له زكاة وأجرا". [رواه مسلم] 5 - "اللهم مَن ولِيَ مِن أمرِ أمتي شيئاً فشقَّ عليهم، فاشقُق عليه، ومَن ولي مِن أمر أُمتي شيئاً، فرفق بهم، فارفق به" [رواه مسلم] 6 - "اللهم إني أعوذ بك مِن علم لا ينفع". [رواه مسلم] (لا أعمل به، ولا أبلِّغه غيري، ولا يُبدِّل من أخلاقي السيئة) 7 - "اللهم كما حسَّنت خَلقي، فأحسِن خُلقي" [رواه أحمد، وصححه الألباني في المشكاة رقم 5099] العفو عند الخصام 1 - " عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً شتم أبا بكر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - جالس يتعجب ويبتسم، فلما أكثر رَدَّ عليه بعضَ قوله، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام، فلحقه أبو بكر. أبو بكر: يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس، فلما ردَدتُ عليه بعضَ قوله غضبتَ وقُمتَ!! الرسول - صلى الله عليه وسلم -: كان معك مَلَكُ يَرُدُّ عليه، فلما رددتَ عليه وقع الشيطان (أي حضر)، يا أبا بكر: ثلاث كلُّهُن حَق: ما مِن عبد ظُلِم بمظلمةٍ فيُغضي (¬1) عنها لله -عَزَّ وَجَلَّ- إلا أعز الله بها نصرَه، وما فتح رجل بابَ عطية (¬2) يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة (¬3) يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قِلة" [رواه أحمد، وحسنه الألباني في المشكاة رقم 5102] ¬

_ (¬1) يعفو عنها. (¬2) أي باب صدقة يعطيها لغيره. (¬3) أي يسأل الناس المال.

من تواضع الرسول - صلى الله عليه وسلم -

2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "المستَبَّان ما قالا، فعلى البادئ مالَم يَعتدِ المظلوم". [رواه مسلم] دل الحديث على جواز مجازاة من ابتدأ الإِنسان بالأذية أو السبَّ بمثله، وأن إِثم ذلك عائد على البادئ، لأنه المتسبب لكل ما قاله المجيب، إِلا أن يعتدي المجيب في أذيته بالكلام، فيختص به إِثم عدوانه لأنه إِنما أُذن له في مثل ما عوقب به. قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40] وعدم المكافأة والصبر والاحتمال أفضل، كما في حديث أبي بكر الأول. 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصِم" [متفق عليه] ومعناه "أن الله يبغض مَن كان شديد المراء الذي يحج صاحبه، وحقيقة المراء طعنك في كلام غيرك لإظهار خلَل فيه، لغير غرض سوى تحقير قائله وإِظهار مزيتك عليه" هذا شرح الصنعاني. من تواضع الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 215] 2 - عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلُقاً، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير وهو فطيم - كان إذا جاءنا، قال: يا أبا عمير، ما فعل النغَيْر؟ لِنُغَرٍ كانْ يلعب به". (أي عصفور) [رواه البخاري ومسلم] 3 - وعن الأسود بن يزيد النخعي -رحمه الله- قال: سألت عائشة -رضي الله عنها- "ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: يكون في مهنة (¬1) أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ، ويخرج إلى الصلاة" [رواه البخاري] 4 - وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "إن كانت الأمَة (¬2) لَتأخذ بيد رسول ¬

_ (¬1) حوائج أهله. (¬2) الجارية يذهب معها الرسول ليحل لها مشاكلها.

الله - صلى الله عليه وسلم -، فتنطلق به حيث شاءت" [رواه البخاري] 5 - وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "ما كان شخص أحب إليهم مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا إذا راوه لم يقوموا له، لما يعلمون مِن كراهيته لذلك". [رواه أحمد والترمذي بسند صحيح] 6 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُطروني كما أطرتِ النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله، ورسوله. (الإطراء: الزيادة في المدح) [رواه البخاري] 7 - "كان يزور الأنصار، ويسلِّم على صبيانهم. ويمسح رؤوسَهم" [صحيح رواه النسائي] 8 - "كان لا يُسأل شيئاً إلا أعطاه، أو سكت". [صحيح رواه الحاكم] 9 - "كان يأتي ضعفاء المسلمين، ويزورهم، ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم". [صحيح رواه أبو يعلى] 10 - "كان يتخلف في المسير، فيُزجي الضعيف، ويردف، ويدعو لهم" (يُزجي: يسوق الضعيف ليلحق بأهله) [صحيح رواه أبو داود] 11 - "كان يُكثر الذكر، ويُقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، وكان لا يأنف، ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين، والعبد، حتى يقضي له حاجته" [صحيح رواه النسائي] 12 - كان يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ويعقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبر الشعير" [صحيح رواه الطبراني] 13 - "كان لا يُدفع عنه الناس ولا يُضرَبوا عنه" [صحيح رواه الطبراني] 14 - "كان لا يَرُدُّ الطيب" [رواه البخاري] 15 - "كان يُلاعب زينب بنت أم سلمة، ويقول: يا زُوينب، يا زوينب مِراراً". [صحيح رواه الضياء] 16 - عن جابر -رضي الله عنه- قال: "أتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر يمشيان". [رواه البخاري]

أحاديث في التواضع

17 - "وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على صبيان يلعبون فسلَّم عليهم" [رواه مسلم] 18 - وعن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته، كما يعمل أحدكم في بيته. وقالت: كان بشراً مِن البشر يُفلِّي ثوبه، ويَحلب شاته ويخدم نفسه" [رواه الترمذي وصححه الألباني] 19 - وعن أنس قال: "خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن ثمان سنين فما لامني على شيء قط أُتيَ فيه، (أي أهلك وأُتلف) فإن لامني لائم مِن أهله قال: دعوه، فإنه لو قُضي شيء كان" [رواه البيهقي وصححه الألباني] أحاديث في التواضع 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحدٌ على أحد ولا يبغي أحد على أحد". [رواه مسلم] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما نقصت صدقة مِن مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عِزًا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه". [رواه مسلم] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لو دُعيتُ إلى كُراعٍ, أو ذراع لأجبت، ولو أُهدي إليَّ ذراع أو كراع لقبلتُ" [رواه البخاري] 4 - وعن أنس -رضي الله عنه- قال: كانت ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (العضباء) لا تُسبق، أو لا تكاد تُسبق، فجاء أعرابي على قعود له (جمل) فسبقها، فشقَّ ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "حقٌّ على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه" [رواه البخاري] 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم، قال أصحابه: وأنت؟ فقال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة" [رواه البخاري] 6 - وعن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إِذا أكل طعاماً لعق أصابعه

عاقبة المتكبرين

الثلاث قال: وقال (الرسول - صلى الله عليه وسلم -): "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها، ولا يدَعها للشيطان" وأمر أن تُسلَت القصعة قال: "فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة". [رواه مسلم] أقول: إذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن لا نترك اللقمة الساقطة، فكيف بمن يلقي الطعام الباقي في أماكن القمامة، ولا يوزعه على الفقراء المحتاجين إِليه؟ عاقبة المتكبرين 1 - قال الله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [سورة الإسراء] 2 - وقال تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 18، 19] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: "العزّ إزاري، والكِبرياء ردائي، فمن نازعني شيئاً منهما عذبته". [رواه مسلم] (إزاري وردائي): شبه العزَّ والكبرياء بالإِزار والرداء، لأن المتصف بهما يشملانه، كما يشمل الإِنسان الإِزار والرداء وأنه لا يشاركه في إِزاره وردائه، فلا ينبغي أن يشركه فيهما أحد، فضربه مثلاً لذلك، ولله المثل الأعلى [ذكره ابن الأثير في جامع الأصول] 4 - وقال: - صلى الله عليه وسلم - "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يُحب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسنةً، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بَطَرُ الحق، وغمطُ الناس" [رواه مسلم] وفي رواية: "لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل مِن إيمان، ولا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل مِن كِبر". [رواه مسلم]

من حلم النبي - صلى الله عليه وسلم -

معنى الحديث 1 - (بطرُ الحق: رَدُّ الحق، غَمطُ الناس: احتقارهم) 2 - ذكر الإمام النووي في شرح صحيح مسلم هذا الحديث: "لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة مِن كبر" (أي لا يدخلها مع المتقين أولاً، حتى ينظر الله فيه، فإما أن يجازيه، وإما أن يعفو عنه) 3 - وقوله: "لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان" (يعني به دخول تخليد وتأبيد) [ذكره ابن الأثير في جامع الأصول] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يُحشرُ المتكبرون يوم القيامة أمثال الذَّرِّ في صوَر الرجال يغشاهم الذُّل مِن كل مكان، يساقون إلى سجن جهنم يُقال له: (بُولَس) تعلوهم نار الأنيار، يُسقون من عُصارة أهل النار طينة الخبال". (طينة الخبال: صديد أهل النار) [رواه الترمذي وحسنه، ووافقه محقق جامع الأصول] 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "قد أذهب الله عنكم عِبِّيَّة الجاهلية، وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس بنو آدم وآدم خلِق مِن تراب" (عبَيًة الجاهلية: كبرها) [رواه الترمذي وحسنه، ووافقه محقق جامع الأصول] 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "بينما رجل يمشي في حُلَّة تُعجبه نفسهُ، مُرَجَل رأسه، يختال في مشيته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة" [متفق عليه] (مُرجَّل: أي مُسرح. يتجلجل: يسوخ في الأرض) من حلم النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] 2 - عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه بُردٌ

الغضب وعلاجه

نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جَبذة شديدة، حتى نظرتُ إلى صفحة عاتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أثَّرت بها حاشية البُردِ مِن شدة جبذتِه، قال: يا محمد، مُرْ لِي مِن مال الله الذي عندك، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ضحك، كم أمرَ له بعطاء". [متفق عليه] 3 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأشج عبد القيس: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة" [رواه مسلم] 4 - نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة فعلَّق بها سيفه، ثم نام، فاستيفظ وعنده رجل وهو لا يشعر به فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا اخترط سيفي، فقال: من يمنعك؟ قلت: الله، فشام السيف، فها هو ذا جالس، ثم لم يعاقبه" [متفق عليه واللفظ للبخاري مختصراً] (اخترط سيفي: سَلَه بن غْمده. فشام السيف: أعاده لغمده) الغضب وعلاجه 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37] 2 - وقال الله - تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] 3 - وعن عائشة قالت: "وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه إلا أن تُنتهكَ حرمة الله، فينتقم لله بها" [متفق عليه] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كظم غيظاً وهو يقدر أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، حتى يُخيِّره في أي الحور شاء" [رواه الترمذي وأبو داود وقال الألباني في المشكاة حسن] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم - "ليس الشديدٌ مَن غلَب الناس ولكن الشديد مَن غلب نفسه" [صحيح رواه ابن حبان وصححه]

5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الشديد بالصُّرَعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" [متفق عليه] 6 - جاء رجل إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أوصني ولا تكثر عَليَّ، لَعلِّي أحفظ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تغضب" [رواه البخاري] 7 - وعن سلمان بن صُرد، قال: استبَ رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسب صاحبه مُغضَباً، قد احمرَّ وجهه. النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" الصحابة للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ الرجل الغاضب: إِني لست بمجنون [متفق عليه] 8 - وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] قال: (الصبر عند الغضب، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا عصمهم الله، وخضع لهم عدَّوهم كأنه وَلِيٌّ حميم) [رواه البخاري تعليقا] 9 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الغضب مِن الشيطان، وإن الشيطان خُلِق مِن النار، وإنما تُطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليَتوضأ". [أخرجه أبو داود وحسنه شعيب الأرناؤوط في شرح السنة] 10 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا غضب أحدكم وهو قائم، فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع". [رواه أبو داود وحسَن إِسناده شعيب الأرناؤوط في شرح السنة] ذكر الخطابي في هذا الحديث فقال ما نصه: القاثم متَهيِّئ للحركة والبطش، والقاعد دونه في هذا المعنى والمضطجع ممنوع منهما. فيشبه أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمره بالقعود والاضطجاع لئلا تبدر منه في حال

من معجزات الرسول - صلى الله عليه وسلم -

قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد - والله أعلم. [نقلا من سنن أبي داود وشرح معالم السنن للخطابي جـ 7/ 116] من معجزات الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نعُد الآيات بَركةً وأنتم تعدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى سفر فقلَّ الماء. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اطلبوا لي فضلة مِن ماء". "الصحابة يجيؤون بإِناء فيه ماء قليل، فيُدخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يده في الإِناء". الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"حَي على الطهور المبارك، والبركة مِن الله". ابن مسعود: لقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع الرسول - صلى الله عليه وسلم -ولقد كنا نسمع تسبيح الطعاء وهو يؤكل (الآيات: المعجزات) [رواه البخاري] 2 - وعن عمران بن حصين قال: سرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر هو وأصحابه، فأصابهم عطش شديد، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلين من أصحابه: أحسبه علياً والزبير، أو غيرهما ... الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إنكما ستجدان امرأة بمكان كذا وكذا، معها بعير عليه مُزادتان، فأتياني بها" "الصحابيان يأتيان المرأة، فيجدانها قد ركبت بين مُزادتين على البعير" (مزادتين: قربتان من جلد). الصحابيان (للمرأة) أجيبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة تسأل ومن هو رسول الله؟ هذا الصابئ .. (أي التارك لدين آبائه) الصحابيان: هو الذي تعنين هو رسول الله حقاً. "تأتي المرأة إِلى رسول الله، فيأمر أن يُؤخذ من مُزادتيها، ويوضع في الإِناء، ثم

يقول في الماء ما شاء الله أن يقول، ثم أعاد الماء في المزادتين، ثم أمر بفتح المزادتين فَفُتحتا، ثم أمر الناس فملؤوا آنيتهم، وأسقيتهم، فلم يدَعوا (يتركوا) إِناء ولا سِقاء إِلا ملؤوه" قال عمران: حتى كان يُخيلُ إِلي أنها لم تزدَد إِلا امتلاءً. "يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يُبسط ثوب المرأة، ثم أمر أصحابه أن يُحضروا شيئاً من زادهم، حتى ملأ لها ثوبها". الرسول - صلى الله عليه وسلم - (للمرأة): "اذهبي فإنا لم نأخذ مِن مائك شيئاً، ولكن الله سقانا" "تأخذ المرأة الزاد والمزادتين وتأتي أهلها" المرأة لأهلها: جئتكم مِن عند أسحر الناس، أو إِنه لرسول الله حقاً. "يأتي أهل ذلك الحِواء (الحي) إِلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيُسلموا كلهم" [متفق عليه] يستفاد من هذه المعجزة 1 - يلفت الرسول - صلى الله عليه وسلم - نظر أصحابه إِلى الماء المبارك الذي ينبع من بين أصابعه - إِنما بركته من الله وحده الذي خلق هذه المعجزة، وهذا حرص من الرسول - صلى الله عليه وسلم - على توجيه أمته إِلى التوحيد، وتعلُّقهم بالله ولذا قال: "والبركه من الله" 2 - قد يُطلعُ الله رسولَه على بعض المغيبات عندما يريد، وعند اللزوم، ولذلك أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عن مكان المرأة التي تحمل الماء. 3 - كان المشركون يقولون لمن أسلم (صابئ) (أي تارك دين آبائه الذين لِدعون الأولياء من دون الله) ليصرفوا الناس عنه ويذمونه، وفي عصرنا من دعا إِلى التوحيد، وأمر بدعاء الله وحده، وحذر من دعاء غير الله من الأنبياء والأولياء، حسب أمر الله ورسوله- قال الناس عنه (وهابي) ليصرفوا الناس عن دعوته، لأنه في نظرهم كالصابئ في نظر المشركين، وشاء الله أن تكون كلمة (وهابي) نسبة إِلى (الوهَّاب) وهو اسم من

من صبر النبي - صلى الله عليه وسلم -

أسماء الله الذي وهب له التوحيد. 4 - المكافأة على الإحسان: أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يكافئ المرأة التي أعطتهم قليلاً من الماء، فملأ ثوبها زاداً بعد أن أعاد لها الماء، ولم ينقص منه شيء وقال لها: "ولكن الله سقانا". 5 - لقد تأثرت المرأة بهذه الأخلاق والمعاملة الطيبة التي لقيتها من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، فعادت إِلى قومها تقول لهم: إِنه لرسول الله حقاً، وتكون النتيجة أن يُسلم أهلها ومن معهم جميعاً. 6 - بهذا الحرص على التوحيد، وبهذه الأخلاق الحسنة، نصر الله المسلمين، وانتشر الإسلام في المعمورة، ويوم ترك المسلمون التوحيد والأخلاق الفاضلة أصابهم الذل والهوان، ولا عزَّ لهم إِلا بالرجوع إِلى التوحيد والأخلاق. {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز} [الحج: 40] مِن صَبر النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 127، 128] الحديث الأول: عائشة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هل أتى عليك يوم كان أشدَّ مِن يوم أحُد؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: لقد لقيتُ مِن قومِك، وكان أشدّ مالقيتُ منهم يومُ العقبة، إذ عَرضتُ نفسي على ابن عبدِ ياليل بن عبد كلال، فلم يُجبني إلى ما أردت، فانطلقتُ وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرنِ الثعالب (¬1)، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت، فإذا فيها جبريل. ¬

_ (¬1) جبل بين الطائف ومكة.

جبريل (ينادي): إن الله قد سمع قول قومك لك، وما رَدُّوا عليك، وقد بعث إليك ملَكَ الجبال لِتأمر بما شئت فيهم. ملَك الجبال: (يُسلِّم على الرسول ويقول): يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملَك الجبال، وقد بعثني ربُّك إليك لتأمرني بأمرك، إن شئت أن أُطبق علمهم الأخشبَين" (جبلان بمكة). الرسول - صلى الله عليه وسلم -: بل أرجو أن يُخرج الله مِن أصلابهم مَن يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئاً. [متفق عليه] الحديث الثاني: "وعن ابن مسعود قال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسْماً" رجل يقول: ما أُريد بهذا وجه الله .. "ابن مسعود يذكر كلام الرجل للرسول - صلى الله عليه وسلم - فيتمعَّرُ وجهه" (أي يتغير) الرسول - صلى الله عليه وسلم -: يرحم الله موسى قد أوذيَ بما هو أشد مِن هذا فصبر". [متفق عليه] الحديث الثالث: "الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة أحد تُكسرُ رباعيته، ويشُجُّ في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: كيِف يُفلح قوم شجُّوا نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟ ". القرآن ينزل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] الحديث الرابع: عن خَبَّاب قال: شكونا إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُتوسِّد بردهْ له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تدعو الله لنا؟ إِلا تستنصر لنا؟ فجلس محمَرًّا لونه أو وجهه، فقال لنا: "لقد كان مَن قبلكم يؤخذ الرجل، فيُحفَر له في الأرض، ثم يجاء بالمنشار، فيُجعَل فوق رأسه، ثم يُجعُل بفرقتين ما يصرفه عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه مِن عظم

من رفق الرسول - صلى الله عليه وسلم -

وعصَب ما يصرفه عن دينه، ولَيُتِمَنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب منكم من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله، ولكنكم تستعجلون" [رواه البخاري] مِن رفق الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] الحديث الأول: عن أنس -رضي الله عنه- قال: "بينما نحن في المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد. أصحاب الرسول: (يصيحون به) مَه مَه (أي أترك) الرسول - صلى الله عليه وسلم -: لا تُزرموه دعوه (لا تقطعوا بوله) "يترك الصحابة الأعرابي يقضي بوله ثم يدعو الرسول الأعرابي" الرسول (للأعرابي): "إن المساجد لا تصلح لشيء مِن هذا البول والقذر، إنما هي بذكر والصلاة، وقراءة القرآن" الرسول لأصحابه: "إنما بُعثتم مُبَشِّرين، ولم تُبعثوا مُعَسّرين، صُبُّوا عليه دَلواً من الماء" الأعرابي: اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لقد تحجَّرتَ واسعاً". أي ضيقت واسعاً. [متفق عليه] الحديث الثاني: وعن معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه- قال: بينا أنا أُصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذ عطس رجل من القوم (أي المصلين). معاوية للعاطس: يرحمك الله: "المصلون ينظرون لي منكرين" معاوية يخاطبهم: وا ثُكل أُماه. ما شأنكم تنظرون إِليَّ؟

"المصَلون يضربون بأيديهم على أفخاذهم لِيَسكت، فسكت عندما رأهم يُصمّتونه حتى انتهت الصلاة". معاوية يمدح الرسول: بأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسنَ تعليمًا منه، فوالله ما كهرني، ولا ضربني, ولا شتمني (كهرني: قهرني) الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن ... " معاوية: يا رسول الله إِني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإِسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان (الذين يدعون علم الغيب). الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " فلا تأتهم". معاوية: ومنا رجال يتطيرون (يتشَاءمون). الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يَصدَّنهم". (أي لا يمنعهم ذلك عن وجهتهم، فإن ذلك لا يؤثر نفعًا ولا ضرًا). [الحديث رواه مسلم] الحديث الثالث: وعن عائشة قالت: إِن اليهود أتَوا النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود: السَّام عليك (الموت عليك) الرسول: وعليكم. عائشة: السام عليكم. ولعنكم الله وغضب عليكم. الرسول: "مهلاً يا عائشة عليكِ بالرفق، وإياكِ والعُنف والفُحش". عائشة: أو لم تسمع ما قالوا؟ الرسول: "أو لم تسمعي ما قلت: رددتُ عليهم، فيستجاب لي، ولا يستجاب لهم فِيَّ" [رواه البخاري] وفي رواية لمسلم: "لا تكوني فاحشة، فإن الله لا يحب الفُحشَ والتفحشَ".

أحاديث في الرفق

أحاديث في الرفق 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويُعطي على الرفق مالا يُعطي على العُنف، وما لا يُعطي على سواه" [رواه مسلم] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: " عليكِ بالرفق، وإياكِ والعُنف والفحش، إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزَع مِن شيء إلا شانه". (أي عابه) [رواه مسلم] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة ارفقي، فإن الله إذا أراد بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق" [صحيح رواه أحمد] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يُحرَم الرفق، يُحرَم الخير كله". [رواه مسلم] 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أعطي حظَّه مِن الرفق، فقد أعطي حظَّه مِن الخير، ومَن حُرِم حظَّه مِن الرفق، فقد حُرِمَ حظَّه مِن الخير". [رواه أحمد والترمذي وحسنه الأرناؤوط] 6 - "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذا بعث أحدًا مِن أصحابه في بعض أمره قال: بَشروا ولا تُنفِّروا ولا تُعسِّروا". [متفق عليه] 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأدخل في الصلاة، وأنا أريد أن أطيلها فاسمع بكاء الصبي فأتجوَّز في صلاتي مما أعلم من شدة وَجدِ أُمه مِن بكائه". [متفق عليه] (أتجوَّز: لا أُطيل، وَجدُ أُمه: حُزن أمه) مِن شجاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 84] 2 - "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسنَ الناس وَجهًا، وكان أجودَ الناس، وكان أشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناسٌ مِن قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعًا، وقد سبقهم إلى الصوت، -وفي رواية-: وقد استبرأ الخبر - وهو على فرس

عُرْي لأبي طلحة، في عنقه السيف، وهو يقول: لن تُراعوا، قال: وجدناه بحرًا، أو إنه لبحر، قال: وكان فرسًا يبُطَّأ". [متفق عليه] (وجدناه بحرًا: وجدنا الفرس سريعًا) 3 - "جاء رجل إلى البراء، فقال: أكنتم وليتم يوم حُنَين يا أبا عمارة؟ فقال: أشهدُ على نبي اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ما ولَّى، ولكنه انطلق أخِفَّاءُ مِن الناس، وحُسْرٌ إلى هذا الحَي مِن هوازن، وهم قوم رماة، فرموهم برشق من نبل، كأنها رِجلُ من جراد، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته، فنزل ودعا واستنصر، وهو يقول: " أنا النبي لا كذب أنا ابنُ عبدِ المطلب " "اللهم أنزل نصرَك". [متفق عليه] " قال البراء كُنا والله إِذا احمرَّ البأس نتقي به وإن الشجاع منا الذي يحاذي به" (يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -). [رواه البخاري ومسلم] 4 - وعن علي -رضي الله عنه- قال: " لقد رأيتُني يوم بدر. ونحن نلوذ (أي نحتمي) بالنبي -عليه السلام- وهو أقربنا إلى العدوِّ، وكان مِن أشدِّ الناس يومئذ بأسًا" [حسن سنده محقق شرح السنة] 5 - وعن جابر -رضي الله عنه- قال: إِنا كنا نحفر، فعرضت كُدية شديدة (صخرة قوية) فجاؤوا إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. الصحابة للرسول - صلى الله عليه وسلم -: هذه كُدية عرضت لنا. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أنا نازل" "يقوم الرسول وبطنه معصوب بحجر مِن الجوع فيأخذ المعوَل فيضرب الصخرة، فتعود كثيبًا أهيَل (ترابًا ناعمًا). [أصل القصة في البخاري ومسلم]

الرحمة عند الرسول - صلى الله عليه وسلم -

الرحمة عند الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "بُعثتُ بالرحمة". [رواه مسلم] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا رحمة مُهداة". [رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرحم الله من لا يرحم الناس". [متفق عليه] 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُنزَع الرحمة إلا مِن شقي". [رواه الترمذي وغيره وحسنه الأرناؤوط] 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الراحمون يرحمهم الرحمن -تبارك وتعالى- ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء". (أي على السماء وهو الله). [رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني والأرناؤوط] 7 - وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:"قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال مَن لا يَرحَم لا يُرحَم". [متفق عليه] 8 - وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم تُقبِّلون الصبيان، ولا نُقبِّلهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أوَ أملكُ لك أن نزع الله الرحمة من قلبك". [متفق عليه] 9 - "كان - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا، لا يأتيه أحدٌ إلا وعده وأنجز له إن كان عنده" (أي كان لا يرد سائلًا). [حسن رواه البخاري في الأدب المفرد] 10 - وعن أنس بن مالك قال: ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[رواه مسلم] رحمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالحيوان 1 - وعن سهيل بن الحنظلية قال: "مَرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمَة فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة". (المعجمة التي لا تنطق) [أخرجه أبو داود وحسن إسناده الأرناؤوط]

من عدل الرسول - صلى الله عليه وسلم -

2 - وعن عبد الله، عن أبيه قال: "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا (حُمّرة) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمّرة، فجعلت تُعرِّشُ، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: مَن فجع هذه بولدها؟ رُدُّوا ولدها إليها، ورأى قرية نمل قد أحرقناها، فقال: مَن أحرق هذه؟ قلنا: نحن قال: لا ينبغي أن يُعذِّب بالنار إلا رب النار". [رواه أحمد وغيره وصحح إسناده الأرناؤوط] (الحمَّرة: طائر يشبه العصفور) (تُعرِّش: ترفرف) 3 - "كان - صلى الله عليه وسلم - يُصغي للهرة الإناء، فتشرب ثم يتوضأ، بفضلها" (يُصغي: يميل) [صحيح رواه الطبراني] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِبحة، ولْيُحِدَّ أحدكم شفرته، ولْيُرح ذبيحته". [رواه مسلم] 5 - وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "مَرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يُحِدُّ شفرته، وهي تلحظ إليه ببصرها، فقال: أتريد أن تُميتها مَوتتين؟! هلا حدَدتَ شفرتك قبل أن تضجعها؟ " (تلحظ: تنظر). [رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي] 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "عُذَبت امرأة في هِرة سجَنتها حتى ماتت ... ، فدخلت فيها النار, لا هي أطعمَتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل مِن خشاش الأرض" [رواه البخاري] (خشاش الأرض: حشراتها) مِن عدل الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ...} [النحل: 90] 2 - وقال تعالى آمراً نبيه: {وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} [الشورى: 15] 3 - وعن عائشة قالت: "إن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا مَن يُكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا ومُن يجترئ عليه إلا أُسامة بن زيد، حِبُّ رسول الله

من كرم النبي - صلى الله عليه وسلم -

- صلى الله عليه وسلم -؟ فكلمه أُسامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتشفعُ في حَدٍّ مِن حدود الله؟ ثم قام فاختطب، ثم قال إنما أهلك الذين قبلكم: أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، فإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحَد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها. ثم أمر بتلك المرأة التي سَرقت فقطِعت يدها، قالت عائشة: فحسُنت توبتها بعدُ وتزوجت، وكانت تأتي بعد ذلك فارفعُ حاجتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[متفق عليه] مِن كرم النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، حتى ينسلخ فيأتيه جبريل، فيعرض عليه القرآن، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير مِن الريح المرسَلَة". [رواه البخاري] 2 - وعن أنس -رضي الله عنه-: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُسأل شيئًا على الإسلام إلا أعطاه، قال فأتاه رجل فأمر له بشاء كثير بين جبلين مِن شاء الصدقة، قال: فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلِموا فإن محمدًا يُعطي عطاء مَن لا يخشى الفاقة" (بشاء: أي بغَنم). [رواه مسلم] 3 - وعن أنس، "إن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه غنمًا بين جبلين، فأتى قومه فقال: أي قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء ما يخاف الفاقة، فإن كان الرجل ليجيء إلى رسول الله ما يريد إلا الدنيا، فما يمسي حتى يكون دينه أحب إليه , وأعز عليه مِن الدنيا وما فيها". [رواه مسلم] 4 - وعن ابن شهاب قال: "غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة الفتح: فتح مكة، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه مِن المسلمين، فاقتتلوا بحنين فنصر الله دينه والمسلمين، وأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ صفوان بن أميَّة مائة مِن النَّعم، ثم مائة، ثم مائة، قال ابن شهاب: حدثني سعيد بن المسيب أن صفوان قال: والله لقد أعطاني رسول الله ما

الحياء عند الرسول - صلى الله عليه وسلم -

أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليَّ فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليَّ" [رواه مسلم] وفي رواية: "فاقتتلوا والكفار بحنين" 5 - "لما قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن غزوة حُنين، تبعه الأعراب يسألونه , فألجؤوه إلى شجرة ,فخطِفْت رداءه، وهو على راحلته, فقال: "رُدُّوا عليَّ ردائي، أتخشون عليَّ البخل؟ فوالله لو كان لي عدد هذه العضاه نعَمًا لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلًا ولا جبانًا ولا كذابًا". [رواه البخاري] 6 - "بايع الرسول - صلى الله عليه وسلم - جابر بن عبد الله في جمل له كان قد كل في السفر، فباعه إياه بكذا درهمًا، ولما جاء يتقاضاه الثمن أعطاه الكمن والجمل معًا". [متفق عليه] الحياء عند الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ...} [الأحزاب: 53] 2 - "كان - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء مِن العذراء في خِدرها، وكان إذا كره شيئًا عرفناه في وجهه" [متفق عليه] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الحياء مِن الإيمان" و "الحياء خير كله". [متفق عليه] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الحياء مِن الإيمان، والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار" [رواه الترمذي وغيره، وقال حسن صحيح]. (البذاء: الفحش) 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم - "الحياء والإيمان قُرِنا جميعًا، فإذا رُفِعَ أحدهما رُفع الآخر". [رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني] 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الحياء لا يأتي إلا بالخير". [متفق عليه]

7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الحياء والعِيُّ شعبتان مِن الإيمان. والبذاء والبيان شعبتان من النفاق". [رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع] (العِيُّ: الابتعاد عن الكلام المهلِك، البذاء: الكلام الفاحش، البيان: التعمق في الكلام نفاقًا) (والمعنى أن الحياء وقلة الكلام مِن شعب الإِيمان، والفحش والتشدق في الكلام مِن شعب النفاق). 8 - وعن يعلى بن أُمية قال: إِن رسول الله رأى رجلًا يغتسل بالبَراز (أي بالفضاء) فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن الله حَييُّ سِتِّيرُ، يُحب الحياء والتَّستُّر، فإذا اغتسل أحدُكم فليستتر". [رواه أحمد، وغيره، وحسن سنده الألباني في المشكاة] 9 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن لكل دين خُلقا، وإن خلُق الإسلام الحياء". [حسن رواه ابن ماجه] 10 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن مما أدرك الناس مِن كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئتَ". [رواه البخاري] 11 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان بضعٌ وسبعون شُعبة أو بِضعٌ وستون شُعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة مِن الإيمان". [رواه مسلم] 12 - وعن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: "مَرَّ رسول الله برجل، وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول: إنه ليَستحي يعني كأنه يقول: قد أضرَّ بك الحياء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "دَعه فإن الحياء مِن الإيمان". [متفق عليه] 13 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما كان الفحش في شيء إلا شأنه ولا كان الحياء في شيء إلا زانه". (شانه: أي عابه). [رواه الترمذي وغيره، وقال محقق شرح السنة: إسناده صحيح]

من الآداب الإسلامية دينٌ يُشَيَّدُ آيةً في آية ... لَبِناتُه السُّوراتُ والأضواء الحقُّ فيه هو الأساسُ وكيف لا ... (والله مُنزلُه هُدىً وضياء) أما حديثُك للعقول فمَشرَع ... والعِلمُ والحِكَمُ الغوالي الماء

من آداب الرسول - صلى الله عليه وسلم -

من آداب الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - كان إِذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن مِن ركنه الأيمن أو الأ يسر، ويقول: "السلام عليكم، السلام عليكم" [صحيح رواه أحمد] 2 - كان إِذا بعث أحدًا مِن أصحابه في بعض أمره قال: "بشِّروا ولا تُنفِّروا، وَيسِّروا ولا تُعسِّروا". [صحيح رواه أبو داود] 3 - "كان يقبل الهدية ويُثيب عليها". [رواه البخاري] 4 - "كان يُغيِّر الإسمَ القبيح". [صحيح رواه الترمذي] 5 - كان إِذا دخل على مريض يعوده قال: "لا بأس طهور إن شاء الله". [رواه البخاري] 6 - كان إِذا شرب تنفس ثلاثًا، ويقول "هو أهنأ وأمرَأ وأبرأ". [صحيح رواه ابن ماجه] 7 - "كان إذا مشى مشى أصحابه أمامه، وتركوا ظهره للملائكة". [صحيح رواه ابن ماجه] 8 - "كان لا يصافح النساء في البيعة" (ولا غيرها). [حسن رواه أحمد] 9 - "كان يجعل يمينه لأكِله وشربه ووضوئه وثيابه وأخذه وعطائه. وشماله لما سوى ذلك". [صحيح رواه أحمد] 10 - "كان إذا اطلع على أحد مِن بيته كذبَ كِذبة، لم يزل مُعرضِاً عنه، حتى يُحدِث توبة". [صحيح رواه أحمد] 11 - وعن عائشة قالت: "استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال:" ائذنوا له، فبئسَ ابن العشيرة - أو بئس أخو العشيرة" فلما دخل ألان له الكلام، فقلتُ له يا رسول قلتَ ما قلتَ ثم ألنتَ له في القول!! فقال: "إن شر الناسِ مَنزلة عند الله مَن تركه أو ودَعه الناسُ اتقاء فُحشه". [رواه البخاري في كتاب الأدب] (وقد اعتبر العلماء قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه وهو غائب، وإلانته له القول وهو حاضر، من باب المداراة والتأليف ليُسلم قومه)

من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -

مِن هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - كان إِذا أتاه الأمر يَسُره قال "الحمد لله الذي بنِعمَته تَتِم الصالحات" وإذا أتاه الأمر يكرهه قال: "الحمد لله على كل حال". [صحيح رواه الحاكم] 2 - عن عائشة -رضي الله عنها- قالت "كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنتُ اقرأ عليه وأمسح بيده رَجاء برَكتها". [متفق عليه] 3 - "كان إذا جاءه أمر يُسَرُّ به، خرَّ ساجدًا، شكرًا لِله - تعالى". [صحيح رواه أبو داود] 4 - كان إِذا خاف قومًا: قال "اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك مِن شرورهم" [صحيح رواه أحمد] 5 - كان إِذا راعه شيء قال: "الله ربي، الله ربي، لا شريك له". [صحيح رواه النسائي] 6 - كان إِذا كربه أمر قال: "يا حي يا قيوم، برَحمتِك أستغيث". [حسن رواه الترمذي] 7 - كان يتعوذ مِن الجان، وعين الإنسان، حتى نزلت "المعوذتان" فلما نزلت أخذ بهما وترك ما سواهما. [صحيح رواه الترمذي] 8 - كان يتعوذ مِن جهد البلاء، ودَرْكِ الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء" [متفق عليه] 9 - "كان يخطب بـ (قاف) يوم الجمعة (أي يقرأ سورة ق) ". [رواه أبو داود بسند صحيح] 10 - كان إِذا غزا قال: "اللهم أنت عضُدي، وأنت نصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أُقاتل" [صحيح رواه أحمد] 11 - كان لا يقوم مِن مجلس إِلا قال: "سبحانك اللهم ربي وبحمدك، لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك" وقال: "لا يقولهن أحد حيث يقوم مِن مجلسه إلا غُفِر له ما كان منه في ذلك المجلس". [صحيح رواه الحاكم] 12 - "كان ينهانا عن كثير من الإرفاه" (أي التدهن وتسريح الشعر يوميًا). "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نحتفِيَ أحيانًا". (نحتفي: نمشي حفاة) [رواه أبو داود، وصححه الألباني في المشكاة]

من مزاح الرسول - صلى الله عليه وسلم -

كان أكثر دعوة يدعو بها يقول: "اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". [رواه مسلم] مِن مِزاح الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - عن أنس قال: إِن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليُخاطبنا، حتى يقول لأخ لي صغير: "يا أبا عُمَير ما فعل النُّغَيْر" كان له نُغَير يلعب به فمات. [متفق عليه] (النُّغير: طائر يشبه العصفور، أحمر المنقار) 2 - وعن أبي هريرة قال: يا رسول الله إِنك تداعبنا. قال: "إني لا أقول إلا حقًا". (صدقًا). [حسن رواه الترمذي] 3 - وعن أنس أن رجلاً استحمل رسول الله فقال: "إني حاملك على ولد ناقة" فقال: وما أصنع بولد ناقة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " وهل تلد الإبل إلا النوق؟ ". (استحمل: أي طلب منه أن يحمله على دابة) [رواه أبو داود والترمذي بإِسناد صحيح] 4 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "ياذا الأُذنين". [رواه الترمذي وحسنه الألباني] 5 - وعن أنس، أن رجلًا من أهل البادية كان اسمُه زاهر بن حرام، وكان يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - بن البادية، فيُجهَّزه رسول الله إِذا أراد أن يخرج، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن زاهرًا باديتنا، ونحن حاضروه" وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبه، وكان دميمًا، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا وهو يبيع متاعه، فاحتضنه مِن خلفه لا يُبصره. زاهر بن حرام: أرسلني، مَن هذا؟ "يلتفت زاهر فيرى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل يلزق ظهرهُ بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرفه" الرسول - صلى الله عليه وسلم - (للناس) مَن يشتري العبد؟.

الشعر الذي تمثل به الرسول - صلى الله عليه وسلم -

زاهر بن حرام للرسول: إذًا والله تجدني كاسدًا!! الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لكن عند الله لست بكاسد، أو قال: لكن عند الله أنت غال". [رواه أحمد والترمذي، وصححه الحافظ في الإصابة] المزاح - بكسر الميم: الانبساط مع الغير من غير تنقيص أو تحقير له، والمزاح المنهي عنه هو الذي فيه كذب أو إِفراط، ويداوم عليه، فإِنه يورث كثرة الضحك وقسوة القلب، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار. [ذكره الزغبي محقق الشمائل المحمدية] الشعر الذي تمثل به الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] 2 - عن شريح قال: قلت لعائشة: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتمثل بشيءٍ من الشعر؟ قالت: كان يتمثل من شعر ابن رواحة. قالت: وربما قال: "ويأتيك بالأخبار مَن لم تُزوِّدِ". (هذا الشعر لطرفة من معلقته). [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح] 3 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: "ألا كلُّ شيء ما خلا اللهَ باطلُ" وكاد أُمية بن أبي الصلت أن يُسلِم. (قال ذلك الرسول عندما سمع شعره). [متفق عليه] 4 - وعن جندب بن سفيان البجلي قال: أصاب حجرٌ إِصبعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدميت فقال: هل أنتِ إلا إصبعٌ دميتِ ... وفي سبيل الله ما لقيت (هذا الشعر لابن رواحة) 5 - عن البراء بن عازب قال: "له رجل أفررتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أبا عمارة؟ فقال: لا والله ما وَلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن ولَّى سرعان الناس، تلقتهم هوزان بالنبل، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلته، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذ بلجامها ورسول الله

- صلى الله عليه وسلم - يقول: أنا النبي لا كذِب ... أنا ابنُ عبد المطلب [متفق عليه] 6 - وعن البراء، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقل التراب يوم الخندق حتى اغبرَّ بطنه يقول: واللهِ لولا اللهُ ما اهتدينا ... ولا تصدَّقنا، ولا صَلَّينا فأنزِلَنّ سكينةً علينا ... وثَبِّت الأقدام إِنْ لاقينا والمشركون قد بغَوا علينا ... إِذا أرادوا فتنة أبينا يرفع بها صوته: "أبينا أبينا". [متفق عليه] 7 - وعن أنس، قال: جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق، وينقلون التراب وهم يقولون: نحن الذين بايعوا محمدًا ... على الجهاد ما بقينا أبدا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يُجيبهم: اللهم لا عيش إِلا عيش الآخره ... فاغفِر للأنصار والمهاجره [متفق عليه]

حسان يمدح الرسول - صلى الله عليه وسلم -

حسان يمدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - أغرُّ (¬1) عليه للنبوهَ خاتم ... مِن الله مشهود يلوح ويشهدُ وضمَّ الإِله اسمَ النبي إِلى اسمه ... إِذ قال في خمس المؤذن أشهدُ وشقَّ له مِن اسمه لِيُجلَّه ... فذو العرش محمودٌ، وهذا محمدُ نبيٌ أتانا بعد يأس وفترة ... مِن الرسل، والأوثان في الأرض تُعبدُ فأمسى سراجًا مستنيرًا وهاديًا ... يلوح كما لاح الصقيلُ المهَندُ وأنذرنا نارًا، وبشَّرَ جَنة ... وعلمَنا الإسلام، فاللهَ نحمدُ وأنتَ إِله الخلق ربي وخالقي ... لذلك ما عَمَّرتُ في الناس أشهدُ تعاليتَ رَبَّ الناس عن قول مَن ... دعا، سواك إِلهًا أنت أعلى وأمجدُ لك الخلقُ والنَّعماء والأمرُ كله ... فإياك نستهدي، وإياك نعبدُ * * * بطيبة رسمٌ للرسول ومَعهد ... مُنير، وقد تعفو الرسوم وتهمَدُ عرفتُ بها رسمَ الرسولِ وعهدَه ... وقبرًا به واراه التراب ومُلحِدُ * * * أعني الرسول فإِن الله فضله ... على البرية بالتقوى وبالجودِ فينا الرسول وفينا الحق نتبعُه ... حتى المماتِ ونصرٌ غيرُ محدودِ (من ديوان حسان بن ثابت -رضي الله عنه-) لباس الرجل المسلم 1 - قال تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} .. [المدثر: 4] (اغسلها بالماء، وطَهر نفسك وأصلِح عمَلك) [ذكره ابن كثير] ¬

_ (¬1) أغر: أبيض.

2 - عن أُم سلَمة قالت: "كان أحبُّ الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القميص". [صحيح رواه أبو داود وغيره انظر صحيح الجامع 4501] (القميص: ثوب طويل إِلى نصف الساق) 3 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى مَن جَرَّ ثوبه خيلاء". [متفق عليه] (الخيلاء: الكبر والعُجب) 4 - وعن أبي هريرة قال: "ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار" [رواه البخاري] 5 - وعن ابن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتَم سدل عمامته بين كتفيه" [رواه الترمذي وحسنه] 6 - وعن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، مَن جر منها شيئًا خُيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة" [رواه أبو داود والنسائي، وصحح إِسناده الألباني] 7 - وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله يقول: "إزار المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما أسفل من ذلك ففي النار، قال ذلك ثلاث مرات ولا ينظر الله يوم القيامة إلى مَن جَرَّ إزاره بَطرًا" (أي تكبرًا) [رواه أبو داود وابن ماجه، وصحح إِسناده الألباني] 8 - وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "مررت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي إزاري استرخاء فقال: يا عبد الله ارفع إزارك، فرفعته، ثم قال: زِد، فزدتُ، فما زلت أتحراها بعد، فقال بعض القوم: إلى أين؟ قال: إلى أنصاف الساقين". [رواه مسلم] 9 - وعن سمرة بن جندب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البسوا الثياب البيض، فإنها أطهرُ وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم". [رواه أحمد وغيره وإسناده صحيح] 10 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن لبس ثوب شُهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مَذلَّة يوم القيامة" [رواه أحمد وحسنه الألباني]

11 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "كل ما شئت والبس ما شئت، ما أخطأتكَ اثنتان: سرَف ومخيلة" (أي اجتنب الإسراف والتكبر في الأكل واللبس). [رواه البخاري] الخلاصة 1 - ذكر الإِمام النووي بعد ذكره أحاديث اللبس ما خلاصته: أن الإِسبال يكون في الإِزار والقميص والعمامة والثوب، وأنه لا يجوز إِسباله تحت الكعبين إِن كان للخيلاء، فإِن كان لغيرها فهو مكروه، فالمستحب إِلى نصف الساقين، والجائز بلا كراهة إِلى الكعبين، فما نزل عن الكعبين فهو ممنوع. 2 - وقد ذكر ابن حجر في الفتح رأيه، وهو عدم الجواز في اللباس تحت الكعبين فقال: "وقد نقل القاضي عياض الإِجماع على أن المنع في حق الرجال دون النساء (أي تطويل اللباس تحت الكعبين). ثم قال ابن حجر: والحاصل أنّ للرجال حالين: حال استحباب، وهو أن يقتصر بالإزارعلى نصف الساق، وحال جواز وهو إِلى الكعبين". ومفهوم كلامه أن إِطالة الإِزار، ومثله الثوب والسروال والبنطال تحت الكعبين غير جائز. 3 - وعن عبد الله بن عَمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى عليه ثوبين مُعَصفَرَين فقال: "إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسهما". [رواه مسلم] يستفاد من الحديث 1 - لا يجوز للمسلم أن يلبس ثياب الكفار، أو أن يتزيَّا بزيهم لقوله - صلى الله عليه وسلم - "مَن تشبه بقوم فهو منهم". [صحيح رواه أبو داود]

لباس المرأة المسلمة

لقد انتشر في كثير من البلاد الإِسلامية التشبه بالكفار كلباس البنطال الضيق الذي يسمونه (كوبوي، أو شارلستون وغيرهما)، وسمعت أحد العلماء يجيب شابًا عن سؤاله على لباس البنطال الضيق، فقال: حرام، لأنه يجسم العورة، وفيه تشبه بالكفار. 2 - أما لباس الرأس فهو شعار الأمم (¬1)، وقد تشبه بعض المسلمين فلبسوا البرنيطة، وتسمى القبعة، وقد فرضت على الجنود فألبسوهم القبعة التي يلبسها الكفار، ويلبسها بعض الأغنياء وبعض العمال بحجة ستر الرأس من الشمس، ولو ستروا الرأس بقلنسوة أو عمامة، أو منديل لكان أصحَّ لرؤوسهم، وأبعد عن مخالفة شرعية، فإِنا لله وإنا إِليه راجعون، فكيف نحارب الكفار، ونحن نتشبه بهم في لباسهم وعاداتهم؟ وكان الواجب أن نقلدهم في الأمور النافعة كصنع الطائرة، والدبابة والمدفع وغير ذلك مما يساعد على الدفاع عن ديننا وأرضنا .. لباس المرأة المسلمة 1 - قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من جَر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أُم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبرًا، قالت إذن تنكشف أقدامُهن، قال فيُرخين ذراعًا لا يَزِدن عليه". [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح] ¬

_ (¬1) أي لكل أُمة شعار تُعرف به: فالعمائم مثلًا شعار العرب والمسلمين.

لبس الذهب والخاتم

يستفاد من الآية والحديث 1 - أن لباس المرأة يجب أن يكون عريضًا وطويلًا يغطي القدمين، بعكس الرجال الذين أمرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقصروا الثياب إِلى نصف الساق، ولا يزيدوا عن الكعبين، وفي عصرنا انعكس الأمر، فأصبح الرجال يُطيلون ثيابهم أسفل الكعبين، ويتعرضون لدخول النار، وأصبح النساء يُقصرن إلى الركبة، أو ما فوقها، ويتعرضن بهذا العمل إِلى حرمانهن من دخول الجنة، كما أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " ونساء كاسياتٌ عاريات، مُميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لَيوجَد مِن مسيرة كذا وكذا". [رواه مسلم] (والمعنى أن المرأة التي تكشف ساقها أو شيئًا من جسمها، وتتمايل في مشيتها ورأسُها مرتفع بشعرها كأنه سنام جمل، لا تدخل الجنة حتى تلقى جزاءها). 2 - إذا كان قدم المرأة لا يجوز كشفها فوجهها بالأولى، لأنها تعرف به، وفيه الفتنة أكثر، وسفور المرأة تقليد للكفار والأجانب وتشبه بهم، وفي الحديث: "مَن تشبه بقوم فهو منهم" [صحيح رواه أبو داود] وليتبها قلدناهم في المخترعات النافعة كصنع الغواصات وغيرها مما يفيدنا، ولكن كما قال الشاعر: قلَّدوا الغربي لكن بالفجور ... وعن الُّلبِّ استعاضوا بالقشور 3 - المسؤول هو الأب والزوج والأخ، وكل راع يقوم على النساء، قال - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع، وكُلكم مسؤول عن رعيته". [متفق عليه] لبس الذهب والخاتم 1 - عن أنس -رضي الله عنه- قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتما من فضة، ونقش فيه محمد رسول الله". [رواه البخاري ومسلم]

2 - وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن خاتم الذهب" [متفق عليه] 3 - وعن عبد الله بن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتمًا مِن ذهب في يد رجل، فنزعه وطرحه، وقال: "يعمد أحدُكم إلى جمرة مِن نار فيطرحها في يده" فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله، لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [رواه مسلم] 4 - وعن علي بن أبي طالب قال: "نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ألبس خاتمي في هذه، أو في هذه أو في التي تليها، وأشار إلى الوسطى والتي تليها". [رواه مسلم] وفي رواية النسائي: "نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخاتم في السبابة والوسطى" 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم - "مَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يلبس حريرًا ولا ذهبًا" [أخرجه الحاكم وصححه , ووافقه الذهبي] 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم - عن الذهب والحرير: "هذان حرام على ذكور أمتي، حِلٌّ لإناثها". [رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني بشواهده] (المراد الحرير الأصلي المستخرج من دودة القز، لا الحرير الإصطناعي الموجود الآن) 7 - وعن عبد الله بن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى على بعض أصحابه خاتمًا من ذهب، فأعرض عنه، واتخذ خاتمًا مِن حديد، فقال هذا شر، هذا حلية أهل النار، فألقاها، فاتخذ خاتمًا من وَرِق (فضة) فسكت عنه" [رواه أحمد وصححه الألباني بشواهده في كتاب آداب الزفاف] 8 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من لبس الذهب مِن أمتي فمات وهو يلبسه حرم الله عليه ذهب الجنة". [رواه أحمد بسند صحيح]

الزينة في اللباس

يستفاد من الأحاديث 1 - أن الذهب محرم على الرجال، حلال للنساء، والمسلم هو الذي يستسلم لأوامر الله ورسوله. 2 - إذا لبس الرجل خاتم الذهب للزواج المسمَّى خاتم الخطبة، فهو حرام من الكبائر لأنه خالف أوامر دينه، وقلَّد الكفار والنصارى الذين ابتدعوا خاتم الخطبة، ومَن تشبَّه بقوم فهو منهم وفي لبس خاتم الذهب تشبه بالنساء، وفي الحديث: " لعن النبي المتشبهين مِن الرجال بالنساء". [رواه البخاري] 3 - يباح للرجال خاتم الفضة، مالم يكن للخطبة، تجنبًا لمشابهة الكفرة. الزينة في اللباس 1 - قال الله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] (ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية ما خلاصته: اغسلها، وطهر نفسك من الذنوب والمعاصي وغيرهما). 2 - وقال الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] (ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية: عن ابن عباس قال: كان رجال يطوفون بالبيت عراة، فأمرهم الله بالزينة، والزينة: اللباس وهو ما يواري السوأة وما سوى ذلك من جَيد البَزِّ والمتاع، فأُمروا أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد) ثم قال ابن كثير بعد ذلك: (ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنة يُستحب التجمل عند الصلاة، ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد، والطيب لأنه من الزينة، والسواك لأنه من تمام ذلك، ومن أفضل اللباس البياض) 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "البسوا الثياب البيض. فإنها أطهر وأطيب. وكفَّنوا فيها موتاكم".

الزينة للصلاة والناس

[رواه أحمد وغيره وإسناده صحيح عند المحدثين] 4 - وعن البراء بن عازب قال: "كان رسول الله مربوعاً، وقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئًا قط أحسن منه". [متفق عليه] 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال حبة مِن كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكِبر بَطَر الحق، وغَمط الناس". (رَدُّ الحق واحتقار الناس) [رواه مسلم] 6 - وعن أبي الأحوص عن أبيه -رضي الله عنه- قال: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وعَليَّ ثوبٌ دُونٌ (أي رديء) الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ألك مال؟ الرجل: نعم الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مِن أي المال"؟ الرجل: مِن الإبل والبقر والغنم والخيل والرقيق. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا أتاك الله مالًا، فلْيُرَ أثرُ نعمةِ اللهِ عليك وكرامته". [رواه أحمد وإسناده صحيح كما جاء في حاشية جامع الأصول] 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أنعم الله عليه نِعمة، فإن الله يُحب أن يرى أثر نِعمتِه على عبده". [رواه أحمد، وصححه الألباني في المشكاة] الزينة للصلاة والناس 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما على أحدكم إن وجَد - أو ما على أحدكم إن وجدتم أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة، سوى ثوبي مهنته". [رواه أبو داود وقال محقق جامع الأصول إِسناده صحيح] 2 - وعن جابر -رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني أنمار، قال: فبينما أنا تحت شجرة، إذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. جابر: يا رسول الله، هَلُمَّ إلى الظِلّ. "الرسول - صلى الله عليه وسلم - يأتي ويُسلِّم وينزل، فيأتي جابر بصغار القثاء، ويُقربه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: مِن أين لكم هذا؟

النظافة من الإيمان

جابر: خرجنا به من المدينة. "يخرج راع لجابر، وعليه بردان قد أخلَقا (بَليا وتَلِفا) فنظر إِليه رسول الله". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أما له ثوبان غير هذين؟ جابر: بلى، له ثوبان في العيبة كسوته إِياهما. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: فادعُه فليَلبَسهما. "يأتي الراعي، ويلبس الثوبين ويذهب". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ماله؟ ضرب الله عنقه - أليس هذا خيرًا؟ "الراعي يسمع كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -". الراعي يتفاءل: في سبيل الله يا رسول الله. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: في سبيل الله. "الرجل يُقتَل في سبيل الله". [رواه الإمام مالك والحاكم وقال محقق جامع الأصول إسناده حسن] النظافة من الإيمان 1 - عن جابر بن عبد الله قال: "أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (زائرًا في منزلنا) فرأى رجلاً شعثًا قد تفرق شَعره فقال: أما كان يجد هذا ما يُسكِّنُ به شَعره؟ ورأى رجلاً أخر وعليه ثياب وسخة فقال: أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه".؟ [رواه أحمد وغيره، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من كان له شَعر فليُكرِمه". [رواه أبو داود وحسنه الحافظ في الفتح] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "عشر مِن الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وغسل البراجم (عقد الأصابع) ونتف الإبط وحلق العانة، وانتقاصُ الماء (يعني الاستنجاء) والمضمضة" [رواه مسلم]

من آداب السلام

4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "خمس مِن الفطرة: الختان، والاستحداد (حلق العانة) وتقليم الأظافر، ونتف الإبط وقص الشارب". [متفق عليه] 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أن أشُق على أمتي -أو على الناس- لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" [متفق عليه] 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "السواك مطهرة للفَم، مَرضاة للرب". [رواه النسائي وغيره، وصححه النووي وغيره] من آداب السلام 1 - قال الله - تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أولى الناس بالله مَن بدأهم بالسلام". [رواه أبو داود وأحمد وسنده صحيح] 3 - وعن عبد الله بن عمرو: أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الإِسلام خير؟ قال "تُطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت، ومَن لم تعرف". [متفق عليه] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده، لا تدخلون الجنة حتى تُؤمنوا، ولا تُؤمنوا حتى تَحابوا، أولا أدُلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم". [رواه مسلم] 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يُسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير". [متفق عليه] 6 - وعن أنس، قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على صبيان فسلَّم عليهم" [متفق عليه] 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سلّم عليكم أهلُ الكتاب، فقولوا: وعليكم" [متفق عليه] 8 - وعن عمران بن حصين: "أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليكم، فرد عليه، ثم جلس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عَشر" كم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد

عليه، فجلس، فقال: "عشِرون" ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردّ عليه، فجلس، فقال: ثلاثون". (أي حسنة). [رواه الترمذي وأبو داود وحسنه الألباني وغيره] 9 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخلتم بيتًا، فسلموا على أهله، وإذا خرجتم فأودعوا أهله بسلام" [رواه البيهقي وحسنه الألباني في المشكاة] 10 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يا بُني إذا دخلت على أهلك، فسلم يكون بركة عليك وعلى أهلك". [رواه الترمذي وقال الألباني في المشكاة حسن بطرقه] 11 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه". [رواه في الحلية وحسنه الألباني في السلسلة] 12 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة، أو جدار أو حجر ثم لقيه، فليسلم عليه" [رواه أبو داود وقال الألباني إِسناده صحيح] 13 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يُجزئ عن الجماعة إذا مَرُّوا أن يُسَلم أحدهم ويجزئ عن الجلوس أن يَرُدَّ أحدهم". [رواه أبو داود وقال الألباني إسناده حسن] 14 - وعن جابر أنه قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثني لحاجة، ثم أدركته وهو يسير (قال قتيبة يُصلي) فسَلَّمت عليه، فأشار إليَّ، فلما فرغ دعاني فقال: "إنك سلمت أنفاً وأنا أصلي" وهو مُوَجِّه حينئذ قبل المشرق. (أني موجِّه راحلته نحو الشرق) [رواه مسلم] 15 - وعن ابن عمر قال: قلتُ لبلال كيف رأيتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم حين يُسّلمون عليه وهو يُصلي؟ قال: يقول هكذا وبسط كفه" [أخرجه أبو داود والترمذي وصححه] والحديث دليل على أنه إِذا سلم أحد على المصلي رد عليه السلام بإِشارة دون النطق. والسلام على القارئ والذاكر والمدرس جائز من باب أولى.

المصافحة لا التقبيل

المصافحة لا التقبيل 1 - عن أبي الخطاب قتادة قال: قلت لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. [رواه البخاري] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِن مُسلمَين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفِر لهما قبل أن يَتفرقا"ـ[رواه أبو داود وغيره، وهو حديث حسن بشواهد كما قال محقق رياض الصالحين] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يقدم عليكم غداً أقوام هم أرقَّ قلوباً للإسلام منكم". (يعني أهل اليمن) فقدم الأشعريون، فيهم أبو موسى الأشعري، فلما دنوا من المدينة، جعلوا يرتجزون ويقولون: غدًا نلقى الأحِبة ... محمدًا وصحبه فلما أن قدموا تصافحوا، فكانوا هم أول من أحدث المصافحة. [أخرجه أحمد، وقال المنذري: إِسناده صحيح على شرط مسلم] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسَلم عليه، وأخذ بيده، فصافحه تناثرت خطاياهما، كما يتناثر ورق الشجر". [ذكره المنذرى في الترغيب، وقال لا أعلم في رواته مجروحاً] 5 - وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه، أينحنى له، قال: "لا" قال: أفيلتزمه ويُقبله؟ قال: "لا" قال: فيأخذ بيده ويصافحه وقال: "نعم". [رواه الترمذي وقال حديث حسن، ووافقه محقق رياض الصالحين] 6 - وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعانقون إذا قدموا من سفر. 7 - وأما تقبيل اليد في الباب أحاديث وآثار كثيرة يدل مجموعها على ثبوت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنرى جواز تقبيل يد العالم إذا لم يَمدَّ يده متكبراً، ولا يكون على سبيل التبرك ولا يُتخذ التقبيل عادة، ولا يُعطل المصافحة ولا توضع على الجبهة. [نقلا من سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني باختصار]

لا أصافح النساء

لا أصافح النساء 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] 2 - وقالت عائشة: "لا والله ما مست يده - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط في المبايعة، ما بايعهُن إلا بقوله: قد بايعتُكِ على ذلك" [رواه البخاري] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يُطعَنَ في رأس أحدكم بمِخيط مِن حديد، خيرٌ له من أن يَمسَّ امرأة لا تحل له" [رواه الطبراني، وصححه الألباني في السلسلة] آداب العطاس والتثاؤب 1 - قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "إِن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقًا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، فأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان. فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان" [رواه البخاري] وفي رواية لمسلم: "فإن أحدكم إذا قال: ها ضَحِكَ الشيطان منه". 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله فليقل: يهديكم الله ويصلِح بالكم" [رواه البخاري] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه (1)، وإن لم يحمد الله فلا تُشمتوه" [رواه مسلم] 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تثاءب أحدكم فليمسك يده على فيه، فإن الشيطان يدخل". [رواه مسلم] 5 - "وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا عطس غطَّى وجهه بيده أو ثوبه، وغض بها صوته". [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح]

غيروا الشيب، واجتنبوا السواد

6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "شمَّت العاطس ثلاثًا فإن زاد فشمته، وإن شئت فلا". [رواه أبو داود والترمذي وقال الألباني حديث حسن لغيره] 7 - "وعن نافع أن رجلاً عطس إلى جنب ابن عمر، فقال: الحمد لله والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله، وليس هكذا، علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقول: الحمد لله على كل حال" [رواه الترمذي وقال الألباني حديث حسن] يفيد هذا الحديث أن التقيد بتعاليم الرسول - صلى الله عليه وسلم - واجب. غَيِّروا الشيب، واجتنبوا السواد 1 - قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سورة الحشر: 7] 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "جُزُّوا الشوارب، واعفوا اللحى، خالفوا المجوس". [رواه مسلم] 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم". [رواه البخاري] 4 - وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "أُتِيَ بأبي قحافة يوم الفتح، ولحيته ورأسه كالثغامة بياضاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: غَيِّروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد". [رواه مسلم] 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد، كحواصل الحمام، لا يجدون ريح الجنة". (أي مع السابقين) [رواه أبو داود والنسائي، وقال الألباني في المشكاة صحيح] 6 - وعن ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس النعال السبتية (¬1)، ويُصَفرُ لحيته بالورس (¬2) والزعفران، وكان ابن عمر يفعل ذلك". [رواه النسائي وصححه الألباني في المشكاة] ¬

_ (¬1) السبتية: نعال من جلد. (¬2) الورس: نبت أصفر.

واجبنا نحو الرسول - صلى الله عليه وسلم -

7 - وعن ابن عباس قال: "مَرَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل قد خضب بالحناء فقال: "ما أحسن هذا"، قال: فمرَّ آخر قد خضَّب بالحناء والكتَم، فقال: "هذا أحسن مِن هذا" ثم مَرَّ آخر قد خضب بالصفرة، فقال: "هذا أحسن مِن هذا كله". [رواه أبو داود، وقال الألباني في المشكاة: إِسناده جيد] 8 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "غيِّروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود". [أخرجه النسائي وقال محقق جامع الأصول صحيح بشواهده] 9 - وعن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: "دخلت على أم سلمة، فأخرجت إلينا شعرًا من شعر النبي مخضوباً، وفي رواية أخرى: أن أُم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أرته شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحمر". [رواه البخاري] 10 - خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مشيخة مِن الأنصار بيض لحاهم فقال: "يا معشر الأنصار حَمِّروا أو صَفِّروا، وخالفوا أهل الكتاب". [رواه أحمد وحسنه الحافظ في الفتح] 11 - وقد نقل عن الإِمام أحمد -رحمه الله - أنه يجب، وعنه يجب ولو مرة، وعنه لا أحب لأحد ترك الخضب، ويتشبه بأهل الكتاب، وفي السواد عنه كالشافعية روايتان: المشهورة: يكره، وقيل يحرم، ويتأكد المنع لمن دَلَّس به (أي غش) [ذكره فتح الباري جـ 10/ 355] واجبنا نحو الرسول - صلى الله عليه وسلم - إن للرسول - صلى الله عليه وسلم - حقوقاً وواجبات إِذا أداها المسلم نفعه الله به، وأسعده بشفاعته، وأكرمه بورود حوضه، وسقاه من ماء كوثره: 1 - محبته - صلى الله عليه وسلم - أكثر من محبة النفس والأهل والمال والولد. 2 - طاعته في كل ما أمر به بن دعاء الله وحده، والاستعانة به، والصدق والأمانة، وحسن الخلُق، وغير ذلك مما جاء في القرآن وأحاديثه الصحيحة.

3 - التحذير من الشرك الذي حذّر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو صرف العبادة لغير الله، كدعاء الأنبياء والأولياء وطلب المدد والعون منهم، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن مات وهو يدعو من دون الله نِداً دخل النار" [رواه البخاري] (النِد: المِثل والشريك) 4 - أن نؤمن بما أخبر به القرآن والرسول - صلى الله عليه وسلم - مِن الصفات كعُلو الله على عرشه، تحقيقًا لقوله - تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [سورة الأعلى: 1] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب كتابًا .. فهو عنده فوق العرش". [متفق عليه] وأن الله مع عباده بعلمه يسمعهم ويراهم، لقوله تعالى: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [سورة طه: 46] 5 - إن من واجب المسلمين أن يشكروا الله على بعثة ومولد الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فيتمسكوا بسنته، ومنها صيام يوم الإثنين الذي "سئل عن صومه، فقال: ذاك يوم وُلدتُ فيه، وفيه بُعِثت وعلَي أُنزل". (أي القرآن) [رواه مسلم] 6 - أما الإحتفال يوم مولده - صلى الله عليه وسلم - الذي أحدثه المتأخرون، فلم يعرفه الرسول والصحابة والتابعون ولو كان في الإحتفال خير لسبقونا إِليه، وأرشدنا إِليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما أرشدنا في الحديث السابق إِلى صوم يوم الإثنين الذي وُلد فيه علماً بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مات يوم الإثنين، فليس الفرح فيه بأولى من الحزن على موته - صلى الله عليه وسلم -. 7 - إِن الأموال التي تنفق في الاحتفالات، لو أنفقت في بيان شمائل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسيرته وأخلاقه، وأدبه وتواضعه ومعجزاته. وأحاديثه، ودعوته للتوحيد التي بدأ بها رسالته وغيرها مِن الأمور النافعة، ولو فعل ذلك المسلمون لنصرهم الله كما نصر رسوله - صلى الله عليه وسلم -. 8 - إن المحب الصادق للرسول - صلى الله عليه وسلم - يهمه اتباع أوامره والعمل بسنته، والحكم بالقرآن والإِكثار من الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -.

التحلى بأخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم -

التحلِّى بأخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - إِذا كنت محباً صادقاً لرسول - صلى الله عليه وسلم - فتخلَّق بأخلاقه: 1 - اترك الفحش، وهو كل ما قبح وساء مِن قول أو فعل. 2 - اخفض صوتك، واغضض منه إِذا نطقت، وخاصة في المجمعات العامة، كالأسواق والمساجد والحفلات وغيرها، ما لم تكن خطيبًا أو واعظاً. 3 - ادفع السيئة التي قد تصيبك من أحد بالحسنة، بأن تعفو عن المسيء، فلا تؤاخذه، وتصفح عنه بأن لا تعاقبه ولا تهجره. 4 - ترك التأنيب والتعنيف لخادمك، أو زميلك أو ولدك، أو تلميذك أو زوجتك إِذا قصَّر في خدمتك. 5 - لا تُقصِّر في واجبك، ولا تبخس حقَّ غيرك، حتى لا تضطره إِلى أن يقول لك: لِمَ فعلت كذا .. ؟ أو لِمَ لا تفعل كذا؟ لائماً عليك، أو عاتباً لك. 6 - اترك الضحك إِلا قليلًا، وليكن جُلُّ ضحكك التبسم. 7 - لا تتأخر عن قضاء حاجة الضعيف والمسكين والمرأة والمشي معهم في غير تكبّر ولا استنكاف. 8 - مساعدة أهل البيت على شؤون البيت، ولو كان حلب شاة أو طهي طعام أو غيره. 9 - البس أحسن الثياب التي عندك لا سيما وقت الصلاة والأعياد والحفلات. 10 - لا تتكبّر عن الأكل على الأرض، وأكل ما وُجدَ من الطعام، والإكتفاء بقليل الطعام. 11 - العمل ومشاركة العاملين، ولو بحفر الأرض. ونقل التراب، والسرور بذلك إِظهاراً لعدم التكبر. 12 - عدم الرضا بالمدح الزائد، والإِطراء المبالغ فيه، والإكتفاء بما هو ثابت للعبد، وبما

قام به من صفات الكمال والفضل والخير. 13 - لا تنطق ببذاء ولا جفاء ولا كلام فاحش ولو مازحاً. 14 - لا تقل سوءًا ولا تفعله. 15 - لا تواجه أحدًا من إِخوانك بمكروه. 16 - لازم سلامة النطق، وحلو الكلام (¬1). 17 - لا تكثر المزاح ولا تقل إِلا الصدق. 18 - ارحم الإِنسان والحيوان حتى يرحمك الله. 19 - اِحذر البخل، فهو مكروه من الله والناس. 20 - نم باكراً، واستيقظ باكراً للعبادة والإجتهاد والعمل. 21 - لا تتأخر عن صلاة الجماعة في المسجد. 22 - احذر الغضب وما ينتج عنه، وإذا غضبت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. 23 - الزم الصمت، ولا تكثر الكلام فهو مسجل عليك. 24 - اقرأ القرآن بفهم وتدبُّر واسمعه من غيرك. 25 - لا ترُدَّ الطيب، واستعمله دائمًا لا سيما عند الصلاة. 26 - استعمل السواك فهو مفيد جدًا، لا سيما عند الصلاة. 27 - كن شجاعاً وقل الحق ولو على نفسك. 28 - اقبل النصيحة من كل إِنسان، واحذر رَدَّها. 26 - اعدل بين زوجاتك وأولادك وفي كل أعمالك. 30 - اصبر على أذى الناس وسامحهم حتى يسامحك الله. 31 - أحب للناس ما تحب لنفسك. 32 - أكثر من السلام عند الدخول والخروج واللقاء وفي الأسواق. ¬

_ (¬1) هذه الفقرات مأخوذة بتصرف من كتاب العلم والعلماء للشيخ أبو بكر الجزائري المدرس في المدينة المنورة.

33 - تقيد بلفظ السلام الوارد في السنة وهو: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته". ولا يُغني عنه كلمة (صباح الخير، ومساء الخير) أو (أهلاً أو مرحباً) ويمكن قولها بعد السلام. 34 - كن نظيفا في مظهرك ولباسك. 35 - غَيِّر شيبك بالأصفر أو الأحمر واحذر السواد امتثالاً لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -. 36 - تمسَّك بسنن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى تدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن مِن ورائكم أيامَ الصبر، للمتمسك فيهنّ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم" [أخرجه ابن نصر في السنة وصححه الألباني بشواهده] 37 - اللهم ارزقنا العمل بكتابك. وسنة نبيك، وارزقنا حبه واتباعه وشفاعته.

حسان يدافع عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -

حسان يدافع عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - عَدِمنا خَيلنا إن لم تَرَوها ... تُثيُر النَّقعَ مَوعِدُها كَدَاءُ (¬1) 2 - يُبَارينَ الأسِنَّةَ مُصعدات ... على أكتافها الأسَلُ الظِّماء (¬2) 3 - تَظلُّ جيادُنا مُتمطِّراتٍ (¬3) ... تُلطِّمهُن بالخُمُرِ النِّساءُ 4 - فإِما تُعرِضوا عنا اعتمرنا ... وكان الفتح (¬4) وانكشَفَ الِغطاءُ 5 - وإِلا فاصبروا لجلاد (¬5) يوم ... يُعِز الله فيِه مَن يَشاءُ 6 - وجبريلُ أمينُ الله فينا ... وروحُ القدس (¬6) ليسَ لهُ كِفاءُ 7 - وقالَ الله قد أرسلتُ عبدًا ... يقولُ الحقَّ إِن نفعَ البلاءُ (¬7) 8 - شهدتُ به فقوموا صدِّقوه ... فقلتم لا نقومُ ولا نشاء 9 - ألا أبلِغ أبا سفيان عني .... فأنتَ مُجوَّفٌ نخِبٌ هَواءُ (¬8) 10 - بأنَّ سُيوفنا تركتك عبدًا ... وعبدُ الدار (¬9) سَادتُها الإِماءُ 11 - هجوتَ محمدًا فأجبتُ عنه ... وعند الله في ذاك الجزاءُ 12 - أتهجوه ولستَ لهُ بكُفءٍ؟ ... فَشَركُما لخيرِكُما الفِداءُ 13 - فَمَن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصرهُ سواءُ 14 - فإِن أبي ووالدهُ وعِرضي ... لعِرضِ محمد منكم فِداءُ 15 - لساني صارمٌ لا عيبَ فيه ... وبحري لا تُكدِّرُه الدِّلاءُ ¬

_ (¬1) النقع: غبار الحرب، كداء: موضع بأعلى مكة. (¬2) مصعدات: مسرعات فى الصعود، الأسل: الرماح الجيدة. (¬3) متمطرات: مُتحفزات. (¬4) الفتح: فتح مكة (¬5) الجلاد: المصابرة في القتال. (¬6) روح القدس: جبريل (¬7) نفع البلاء: نفع الاختبار، ونفعت الذكرى. (¬8) مجوف:: فارغ. نَخب: جبان، هواء: فارغ. (¬9) عبد الدار أخو عبد مناف. وحسان يهجو بني عبد الدار لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من بني عبد مناف.

مكارم أخلاق - صلى الله عليه وسلم -

مكارم أخلاق - صلى الله عليه وسلم - يا مَن له الأخلاق ما تهوى العُلا ... منها وما يتعشَّق الكُبَراء لو لم تُقِم دينًا لقامت وحدها ... دينًا يضيء بنوره الاَناء زانتك في الخلُق العظيم شمائلٌ ... يُغرَى بهن ويُولعُ الكرماء وإذا سخوت بلغتَ بالجود المدى ... وفعلتَ ما لا تفعل الكرماء وإذا عفوت فقادرًا ومقدرًا ... لا يستهين بعفوك الجُهلاء وإِذا رحمت فأنت أمٌّ أو أبٌ .... هذانِ في الدنيا هُما الرُّحَماء وإِذا غضبتَ فإِنما هي غَضبة ... في الحق لا ضِغنٌ ولا بغضاء وإِذا رضيتَ ففي مرضاته .... ورضى الكثير تَحلُّمٌ ورياء وإذا خطبتَ فلِلمَنابر هِزةٌ ... تَعرو النَّدِيَّ وللقلوب بُكَاء وإذا قضيتَ فلا ارتيابَ كأنما ... جاء الخصومَ مِن السماء قضاءُ وإِذا أخذت العهد أو أعطيته .... فجميُع عهدِكَ ذِمَّة ووفاء بك يا بنَ عبدِ الله قامت سمحة ... بالحق مِن مِلل الهُدى غرَّاء بُنِيَت على التوحيدِ وهيَ حقيقة ... نادى بها (الحكماء والعقلاء) الله فوق الخلقِ فيها وحده ... والناسُ تحت لِوائها أكفاء والدين يُسرٌ والخلافة بَيعة ... والأمُر شورى والحقوقُ قضاءُ أنصفت أهل الفقر مِن أهل الغنى ... فالكلُّ في حقِّ الحياة سواء ظلموا شريعتك التي نِلنا بها ... ما لم يَنل في رُومة الفقهاء صلى عليك الله ما صَحِبَ الدُّجى ... حادٍ وحَنَّتْ بالفلا وَجناء من ديوان الشاعر أحمد شوقي

(6) حكم الدخان والتدخين على ضوء الطب والدين

(6) حُكم الدخان والتدخين على ضوء الطبّ وَالدين

حكم التدخين في ضوء الطب والدين (6) * ضرر الدخان الصحي والاجتماعي والمادي والأخلاقي * قصة مدخن * هل الدخان حرام؟ * حكم الفقهاء على الدخان * تحريم العلماء للتدخين " رَدَّ شبه المدخنين * الغضب وعلاجه عند المدخنين * دعاء لدفع الهم والحزن * كيف تتخلص من التدخين؟ * هجاء التدخين (شعرًا) *يا شارب التنباك (شعرًا) * نصيحتي لك أيها المدخن

الإهداء

الإهداء إِلى إِخواني الله ين ابتلوا بالتدخين ويريدون أن يتخلصوا منه ويعرفوا حكم الإِسلام فيه هل هو حرام أو حلال أومكروه؟ إِلى إِخواني الذين لم يبدؤوا بالتدخين، ولم يتعودوا هذه العادة الخبيثة، ويُخشى عليهم في المستقبل أن يغويهم شياطين الإِنس والجن فيكونوا من المدخنين. إِلى الشباب المثقف، والشباب الرياضي الذي يعرف عن الدخان أضراره وسمومه أكثر بن غيرهم، ويريدون أن يتمتعوا بالصحة الجسمية والنفسية. إِلى هؤلاء أُقدم لهم هذه الرسالة التي حوت معلومات هامة عن الدخان راجياً المولى -عَزَّ وَجَلَّ- أن ينفع بها الناس ويجعلها خالصة لوجهه الكريم. فوائد السواك للسواك فوائد عظيمة أثبتها الطب الحديث فهو يحتوي على مادة مطهرة للأسنان والفم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: 1 - لولا أن أشُقَّ على أُمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء. [صحيح رواه مالك والشافعي] 2 - لولا أن أشق على أُمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة. [متفق عليه]

سبب نشر الرسالة

السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب [صحيح رواه أحمد] فعليك به يا أخي المسلم، وضعه في فمك بدلاً من السيجارة الخبيثة الضارة. سبب نشر الرسالة منذ زمن طويل والأمل معقود على إِصدار رسالة صغيرة تبين حكم الإِسلام في التدخين، وحدث أن عُقدت ندوات طبية عالمية أجمع فيها الأطباء رأيهم على أن الدخان خطر على الصحة، وسبب هام في سرطان الحنجرة والرئة وغيرها من الأمراض الخطيرة. وهالني ما رأيته مِن انتشار التدخين بين طبقات الشعب، حتى الأولاد الذين يعزُ علينا أن يكونوا فريسة هذه العادة الخبيثة، التي تقضي على صحتهم وأخلاقهم ومستقبلهم. وقد استشرت الأطباء والعلماء، فشجعوني على ذلك، وزادني تشجيعا ما لمسته من استجابة كثيرِ مِن المدخنين لِتركه حينما نصحتهم وبينت لهم ضرره وٍ تحريمه، فكان لابُد مِن تعصيم هذه النصيحة على جميع الناس، ليعلموا أن هذا الإسلام الحكيم جاء ليكفل لهم الصحة والسعادة في الدنيا والآخرة. أطفئ سيجارتك فوراً * مادة النيكوتين الموجودة في التبغ لها تأثير قابض على الأوعية الدموية فتسبب ضيقها. *غاز أول أكسيد الكربون الذي ينبعث من التبغ عند احتراقه غاز سام ويقلل من قابلية كريات الدم الحمراء لنقل الأوكسجين فيسبب نقص الأوكسجين في الأنسجة. لذلك فالتدخين:

ضرر الدخان الصحي

* يتلف أنسجة عضلة القلب. * يسبب مرض القصور في الشريان التاجي. * يسبب الذبحة الصدرية. * أخي الكريم: إِن كنت من المدخنين توقف عن التدخين فورًا محافظة على قلبك. ضرر الدخان الصحي أعلم أخي المسلم هدانا الله وإياك، أن الإِسلام حريص على صحتك وسعادتك، فهو يُحِلُّ لك كل الطيبات النافعة كالفواكه والمرطبات وغيرها .. ، وَيحَرِّم عليك كل خبيث ضار كالخمر والحشيش وغيرها من المخدرات , فهل الدخان مِن الخبائث الضارة؟ وما هي أضراره؟ 1 - عُقدت ندوة طبية في المركز الثقافي في حلب وأُلقيت محاضرة في نقابة الأطباء أجمع الأطباء فيها رأيهم على أن الدخان خطر على الصحة، وهو سبب هام في سرطان الحنجرة والرئة، والسكتة القلبية والسل، وقرحة المعدة وغيرها، لاحتوائه على سموم عديدة، أهمها سم النكوتين والقطران وغيرهما من السموم الضارة. 2 - صرح الدكتور كنعان الجابي أستاذ كلية الطب بعد المحاضرة قائلًا: (لقد مضى على معالجتي للسرطان 25 عامًا فلم يأتني مصاب بسرطان الحنجرة إِلا مدخن، وإنَّ شرب القليل من الدخان ضار، ولكن نسبة السرطان تخف إِذا خفف، وتزيد إِذا أكثر). 3 - وصرح دكتور آخر أخصائي في الأمراض الصدرية في المحاضرة، بأن شرب 10 سجائر يوميًا خطر على الصحة، ثم قال: إن 90 % من المصابين بالسرطان هم

من المدخنين. 4 - إِن الدخان يضر الطلاب والرياضيين حيث وُجد أن الطلبة المتأخرين أكثرهم من المدخنين. 5 - إن مجاري المدفأة تحتاج إِلى تنظيفها كل عام، فكيف تنظف صدر هذا المدخن المسكين؟ 6 - عرض التلفزيون السوري أضرار التدخنِن بواسطة جراح عالمي زار سورية. 7 - أخذت دول العالم تكافحه، وتكتب على علبته (احذر الدخان فإِنه مضر). 8 - حدثني رجل صادق أنه شاهد طبيبًا يشرح جُثة مدخن ميت، فلما كشف عن رئتيه طلب من الناس الذين حوله أن يشاهدوا رئة هذا المدخن التي علاها طبقة سوداء من القطران، وأخذ يسلت بيده الرئة ويعصرها، فيسيل منها القطران، حتى وصل إِلى داخل الرئة فوجدها مسدودة الثقوب التي يتنفس بها الإنسان الهواء، والتي سببت موت هذا المدخن الأحمق الذي قتل نفسه بدخانه. وقد طلب هذا الطبيب من أحد الحاضرين أن يشعل سيجارة وينفخ على شاشة بيضاء حتى اصفرت، وما زال الطبيب يطلب من المدخن تكرار النفخ حتى سُدّت ثقوبُ الشاشة ثم التفت الطبيب إِلى الحاضرين قائلاً: إذا كانت هذه السيجارة استطاعت أن تسد ثقوب الشاشة بدخانها، فكيف بدخان مئات السجاير التي تدخل صدر المدخن ورئتيه؟!! 9 - إِن العلم الحديث أثبت أن في الدخان سمًّا يُدعى (النيكوتين) وقد استدلوا على ذلك بالتجربة الآتية: أخذوا أرنبًا حيًا، وحقنوه بمادة (النيكوتين)، فتخدر الأرنب، ثم مات. 10 - صرح طبيب ألماني بأن الإِنسان المدخن إِذا أخذ عدة مجَات متتالية من

قصة مدخن

السيجارة يملأ بها صدره، فإِنه يحدث له سكرًا قريبًا مِن الخمر. وحدثني مدخن بأنه جرب هذه العملية فسكر منها. 11 - إِذا أردت أن تعرف بعض ضرر الدخان وما يترسب في صدرك من الأوساخ، فانظر إِلى الأنبوب الذي يوضع فيه السيجارة، والغليون الذي يوضع فيه التبغ والتنباك، وما يترسب فيهما من سواد وقطران. 12 - حدثني مهندس زراعي أن شجرة التبغ لا يقربها حيوان ولا طائر لأنهم بغريزتهم يعرفون ضررها. 13 - إِن التنباك والقات لها أضرار على الصحة والجسم والمال والجار لا تقل عن الدخان. قصة مدخن كنت جالسًا عند الحلاق على كرسي الحلاقة، وكان بجانبي مدخن ينفخ الدخان، فيزعجني بدخانه المتصاعد الذي يملأ الغرفة وهي مغلقة لأننا في فصل الشتاء والجو بارد، فتنهدت قليلاً وترددت في أن أكلمه فاستجمعت قواي وقلت له ياعم: لو أنك أخرت سيجارتك خارج هذا المكان المغلق حيث الهواء الطلق، فانزعج المدخن ولم يَردَّ جوابا! ثم رأيته مرة أخرى في الشارع، فقلت له: سامحني ياعم، فقال لي: لكني سأشرب الدخان ولا أتركه، فقلت له ياعم: ما أردت إِلا نصحك فتركته وانصرفت حزينًا عليه. ومضت الأيام والتقيت بهذا الرجل المسكين الذي أصَر على التدخين وإذ به يفَاجئني بوجه مبتسم قائلًا: لقد تركت التدخنِن، فسألته مدهوشًا وما سبب ذلك؟! فبدأ يسرد عليَّ قصته مع الدخان وعن السبب الذي أدَّى به إِلى تركه، فقال لي: اسمع لقد كنت

شديد الولع بالتدخين حيث إِنني لم أتركه دقيقة واحدة برغم ما كنت أُعاني من أضراره وآلامه بحيث كنتُ أذهب إلى المستشفى للإِسعاف ليلًا لأنني كنت أُصاب بنوبات تنفسيَّة حادة أكادُ أختنق فيها واستمر الحال على هذا الوضع عدة شهور فازدادت النوبة التنفسية فأصبحت أشعر بشيء يضايقني في حنجرتي حين آكل وأشرب، فذهبت إِلى الأطباء وتعدد العلاج، لكن دونه فائدة، رغم تغييري للأطباء، وساقتني الأقدار إلى طبيب مختص فأخذ صورة لصدرى، وبعد أن نظر إِلى الصور المتعددة سألني الطبيب: كم سيجارة تدخن كل يوم؟ المدخن: باكيت ونصف. الطبيب: لو أنك أخذت تدخن سيجارة وتنفست بها على شاشة بيضاء لاصفرَّت، ثم اسودَّت، وانسدت ثقوبها، فكيف بثلاثين سيجارة ينبعث دخانها كل يوم إِلى صدرك ورئتيك؟! المدخن: فما هو الدواء يا دكتور؟ الطبيب: ليس لك دواء عندي، بل عليك أن تذهب إلى بيروت فهناك يعالجونك من مرضك ويُعطونك الدواء اللازم. المدخن وهو في حالة عصبية شرسة: أرجوك يا دكتور أن تخبرني عن مرضي. الطبيب: عندك بداية سرطان! المدخن: وقد بدأ على وجهه الرعب والإصفرار، وهو يقول مرتجفا: سرطان - سرطان - سر - سر. الطبيب: لا بد من ترك الدخان حتى تُشفى. المدخن يخرج بالباكيت من جيبه ويمزقه، ويطرحه في الأرض قائلًا: سوف أقتلك قبل أن تقتلني! الطبيب: اذهب الآن إِلى بيروت لمعالجة السرطان بالأشعة.

ضرر الدخان الاجتماعي

يذهب المدخن إِلى بيروت، ويدخل المستشفى الخاص بالسرطان، وبعد أخذ الصورة الشعاعية للحنجرة، وبعد تحاليل الدم والفحوص الطبية الأخرى. الطبيب للمدخن: لا نعالجك إلا إِذا تركت الدخان. المدخن: لقد تركته إِلى الأبد يا دكتور. الطبيب: يجب أن تأتي كل يوم لمعالجة السرطان بالأشعة يذهب المدخن كل يوم للمستشفى لمعالجة السرطان بالأشعة الكهربائية، ويبقى مدة شهر ويدفع الأموال الكثيرة، والنفقات الباهظة ويتحسن وضعه فيعود إِلى بلده، وبعد فترة من الزمن يصاب بتصلب الشرايين بسبب الدخان الذي شربه أربعين سنة فلم يتركه على قيد الحياة بل قتله بسمومه. ضرر الدخان الاجتماعي 1 - الدخان يفسد الهواء، لا سيما إِذا كان في الغرف والسيارات، فيؤذي برائحته الكريهة الجلساء والأولاد والزوجة. وقد قرر الأطباء ضرر استنشاق الدخان لاحتوائه على مادة النيكوتين السامة والقطران وغيرها. وصرح الطبيب (كلفورد) بأن استنشاق الدخان يُضعف القلب إِذا كان لدى الشخص حساسية. وصرح الدكتور ناظم النسيمي نقيب أطباء حلب بأن الجلوس أربع ساعات في غرفة المدخنين المغلقة تعادل شرب عشر سجاير. 2 - قد يُعدي المدخن المصاب بالسل والزكام وغيره، لا سيما عند سعالة. 3 - الماء والهواء عنصران هامان للحياة فكما أن الماء يُمنع تلويثه، فإِن الهواء أولى بالمنع من تلويثه بالدخان.

مغزى الحديث

4 - ورد في الحديث الصحيح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك، وأما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة؛ ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة" [متفق عليه] (يحذيك: يعطيك. تبتاع: تشتري. الكير مجمرة الحداد) مغزى الحديث يرشدنا هذا الحديث أن الجلساء على نوعين: (أ) الجليس الصالح الذي يستفاد منه، وهو شبيه بحامل الطيب الذي يعطيك منه، أو تشتري منه، أو تشم رائحة طيبة. (ب) الجليس السوء ومثله مثل موقد الحداد، وهو شبيه بالمدخن، إِما أن يحرق ثيابك بسيجارته، أو تجد منه رائحة الدخان الخبيثة. د- لو أن إِنسانًا غير مدخن وقف ينفخ في وجهك لخاصمته، أو قلت مجنون، فما بالك بمن ينفخ في وجهك دخانًا كريه الرائحة فيه سموم مضرة؟! 6 - الدخان يؤذي الجيران والملائكة وفي الحديث الشريف: "من أكل ثومًا أو بصَلًا فليعتزِلنا وليَعتَزل مسجدنا وليقعد في بيته، [متفق عليه] والدخان أشد إِزعاجًا من الثوم والبصل. 7 - والعجب أن أكثر المدخنين يفقدون الإِحساس الاجتماعي، فلا يشعرون بضرره على مَن حولهم، حتى ولو كانوا مرضى، ولا يبالون بما كتب من لوحات "ممنوع التدخين" فترى المدخن يدخن داخل السيارة، وفي الغرف المغلقة، وحين الاجتماع، وفي المستشفى، ويدخل المدخن إِلى المسجد ورائحته الكريهة تؤذي المصلين والملائكة، مع أن الإِسلام يطلب من المسلم استعمال السواك لا سيما عند الصلاة واستعمال الطيب لتكون رائحته طيبة.

ضرر الدخان المادي

ضرر الدخان المادي الدخان فيه تبذير للمال بدون فائدة، وكثير من الفقراء يحرمون عيالهم من الطعام والشراب والكساء من أجل الدخان، ولو وفَّر المدخن مصروفه كل يوم من الدخان لاستعان به في شراء مسكن أو زواج أو حج ... إِن الواحد منا لو اعتاد أن يرمي كل يوم من ماله ليرة في البحر مُلتذا بوقها لعدَّهُ الناس مجنونا يجب علاجه كي لا يرمي من ماله أكثر فأكثر، فكيف بمن يحرق كل يوم عدة ليرات لِيَضرّ جسمه وجليسه ويتلف ماله؟ إِذا أردت أن تعرف الخسارة من الدخان فانظر إِلى ما يلي: 1 - إِن عدد سكان سوريا مثلًا ثمانية ملايين، فلو فرضنا أن مليوناً منهم يدخن ويصرف المدخن ليرة واحدة يومياً لكانت الخسارة مليون ليرة يومياً و 360 مليون ل. س سنوياً بالإِضافة إِلى ثمن القداحات الغالية المستعملة للتدخين، أو الكبريت اللازم له. فما بالك بعدد العالم الإِسلامي، وعدده ألف مليون مسلم تقريباً، يشرب الدخان كثير منهم، وكم يصرفون على الدخان، ليضروا أجسامهم، ويؤذوا جيرانهم؟! 2 - أضف إِلى هذا المبلغ ما يُصرف على التداوي مما يحدثه الدخان من سعال وسرطان وو .... 3 - الدخان كثيرًا ما يكون سببًا في إِحراق الثياب والمتاجر، ومراكز البنزين، والمطابع وغيرها .... 4 - ثبت عند الإِطفائية أن 70 % من حرائق البيوت والمعامل والبيادر والسيارات يرجع إِلى السيجارة الملعونة، ومعظم النار من مستصغر الشرر. 5 - لو عرفنا أن كثيرًا من الدخان يأتي من بلاد أجنبية معادية، لأدركنا أن

ضرر الدخان الأخلاقي

الخسارة فادحة جدًا، لا سيما ونحن في عصر نحتاج فيه إِلى المال للدفاع عن ديننا ومقدساتنا، ولمساعدة المجاهدين والفقراء من المسلمين. 6 - صرح الدكتور وزير الصحة السعودي بأن إِيردات الجمارك على السجاير تصرف الحكومة أضعافها على علاج أمراض التدخين ثم قال: إِن ما تحصل عليه بعض الدول من جمارك على الدخان: يُصرف كله، بل وأكثر منه في علاج الأمراض الناتجة عن التدخين!! ضرر الدخان الأخلاقي 1 - الشباب المدخن قد يسرق من أبيه وجاره ليشتري الدخان ولاحظت. المحاكم أن 95 % من المجرمين مدخنون. 2 - الدخان تقليد أعمى للاجانب، ومن مستلزمات المدينة الزائفة، فترى الدخان يُشرب في الخمارات والمراقص والسينما والمقاهي، وعند اللعب بالميسر والدنيا عندهم سيكارة وكأس!! 3 - يقول الدكتور (جونستون): إِن الدخان يثير الأعصاب، ولذلك ترى المدخن عصبياً يغضب ويخاصم ويشتم ويضرب، وتسُوء معاملته مع الناس ومع أسرته، ولا سيما إِذا فقد الدخان، وقد يضرب أو يكفر أو يطلِّق أحيانًا. 4 - يضطر المدخن أن يسأل سيجارة أحيانًا، فيذل نفسه من أجلها. ولو جاع، فلا يسأل الرغيف، ولا يذل نفسه. 5 - الدخان يجعل بعض المسلمين يدخنون جهراً في رمضان، مخالفين الشرع والقانون لأنهم فقدوا الشعور الديني والاجتماعي (إِذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا). 6 - إِن تدخين بعض الأولاد والطلاب يدل على سُوء أدبهم وأخلاقهم. وليست

هل الدخان حرام؟

السيكارة علامة الرجولة. 7 - إِن تدخين بعض النساء يُسيء إِلى جمال المرأة وينتن فمها، ويضرها مع أولادها، وهو تقليد أعمى، وفي حديث البخاري: "لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المتشبهات من النساء بالرجال والمترجلات من النساء". هل الدخان حرام؟. لم يكن الدخان موجودًا في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولقد جاء الإِسلام بنصوص عامة تحرم كل ضار بالجسم، أو مؤذٍ للجار، أو متلف للمال. 1 - قال الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}. [سورة الأعراف: 157] (والدخان من الخبائث الضارة كريه الرائحة). 2 - وقال الله تعالىَ: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ}. [سورة البقرة: 195] (والدخان يوقع في الأمراض المهلكة كالسرطان والسل). 3 - وقال الله تعالى: {ولا تَقتلوا أنفسَكم}. [سورة النساء: 29] (والدخان قتل بطيء للنفس). 4 - وقال الله تعالى عن ضرر الخمر والميسر: {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [سورة البقرة: 219] (والدخان ضرره أكبر من نفعه، بل كله ضرر). 5 - وقال الله تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (27) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}. [سورة الإسراء: 27] (والدخان تبذير وِإسراف لماله وصاحبه). 6 - وقال الله تعالى عن طعام أهل النار: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا

يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}. [سورة الغاشية: 6، 7] (والدخان لا يُسمن ولا يغني من جوع كطعام أهل النار). 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" [صحيح رواه أحمد] (والدخان يضر صاحبه، ويؤذي جاره، ويتلف ماله). 8 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال" [متفق عليه] (والدخان ضياع لمال شاربه). 9 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين". [متفق عليه] (أي كل المسلمين. يُعفى عن ذنوبهم إِذا شاء الله، لكن المجاهرين بالمعاصي كالمدخنين لا يعفى عنهم، لأنهم يشربونه علانية، ولا يراقبون الله ويشجعون غيرهم على فعل هذا المنكر). 10 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذ جاره". [رواه البخاري] (والدخان يؤذي برائحته زوجته وأولاده وجيرانه، لا سيما الملائكة والمصلين). 11 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن عمله ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه". [رواه الترمذي وصححه الألباني في الجامع والسلسلة] (والمدخن أنفق ماله في الدخان المحرم الذي أضر بجسمه وآذى جاره). 12 - وقال - صلى الله عليه وسلم - "ما أسكر كثيره فقليله حرام" [صحيح رواه أحمد وغيره] (والدخان كثيره مسكر خاصة لمن لم يتعود شربه، أو إِذا أخذ الدخن عدة مجَّات كبيرة فيسكر قليلًا (صرح بهذا طبيب ألماني، وأحد المدخنين الذين جربوا ذلك). 13 - بعض الناس لا يقتنعون بتحريم الدخان، رغم الأدلة الكثيرة المتقدمة على تحريمه، ولا سيما المدخنين الذين يدافعون عن أنفسهم، فنقول لهم: إِذا لم يكن

حكم الفقهاء على الدخان

الدخان محرمًا فلماذا لا يُشرب في المساجد، والأماكن المقدسة؟ بل تشربونه في الحمامات وأماكن اللهو والمحرمات؟ 14 - والبعض يقول: إِنه مكروه، فنقول لهم: إِذا كان مكروهًا فلماذا تشربونه، والمكروه أقرب للحرام منه للحلال، واسمعوا هذا الحديث الله. يقول فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الحلال بيِّن والحرام بَيِّن، وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لِدِينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه" الحديث [متفق عليه] 15 - لقد دعا الإسلام إِلى حفظ خمسة أشياء: وهي النفس والعقل والمال والدين والعِرض، والآن وقد اتفق الأطباء والعلماء على أضرار التدخين والتي تمس على الأقل الأربع نقاط الأولى أعني التي دعا الإسلام لحفظها، فإِن الفقهاء لا يجدون حرجًا في تحريم التدخين معتمدين على الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة. حكم الفقهاء على الدخان 1 - الحنفية: قال في تنقيح الحامدية لابن عابدين: "إِن ثبت في هذا الدخان أضرارٌ صرفٌ خالٍ عن المنافع، فيجوز الإفتاء بتحريمه". (وقد ثبت الآن ضرره في الصحة والمال والأخلاق والمجتمع) وقال في الدر المختار من الجزء الخامس من كتاب الأشربة: والتتن يدَّعي شاربه أنه لا يُسْكِر، وإن سُلِّم له، فإِنه مُفتّر، وهو حرام. لحديث الإِمام أحمد عن أم سلمة: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مُسكر ومُفتِّر" (¬1). ¬

_ (¬1) ضعف الشيخ الألباني كلمة (ومفتّر).

تحريم العلماء للتدخين

(والدخان مفتر باعتراف المدخنين والأطباء، ولدى التجارب). 2 - وعند الشافعية قال في بغية المسترشدين: "يحرم بيع التنباك ممن يشربه أو يسقيه غيره" والتنباك معروف من أقبح الخِلال، إذ فيه ذهاب الحال والمال، ولا يختار استعماله ذو مروءة من الرجال. وقد فطن الشيخ القليوبي لأضرار الدخان فحرمه وكان عالمًا وطبيبًا. ويقول الباجوري في حاشيته على ابن قاسم: "وقد تعتريه الحرمة إِن تيقن ضرره". (وقد تحقق ضرره الآن بإجماع الأطباء). 3 - الحنابلة: منهم الشيخ عبد الله بن آل الشيخ حين قال: "وبما ذكرنا من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكلام أهل العلم يتبين لك تحريم التتن الذي كثر في هذا الزمن استعماله" وممن حرمه من علماء مصر الشيخ أحمد السنهوري الحنبلي. 4 - المالكية: وأجاب الشيخ خالد بن أحمد من فقهاء المالكية بقوله: "لا يجوز إِمامة من يشرب التنباك، ولا الإتجار به، ولا بما يُسكر". وممن حرم الدخان من علماء المالكية الشيخ إِبراهيم اللقاني وغيره. 5 - والذي قال من الفقهاء بحله، أو أنه تعتريه الأحكام الفقهية الخمس فذلك قبل اكتشاف ضرر في الطب الحديث وقد ثبت الآن ضرره، فلا اختلاف في تحريمه، ولو وُجدوا في زماننا واطلعوا على أضراره لحرموه. تحريم العلماء للتدخين لقد حرم كثير من العلماء القدامى والمحدِّثين الدخان ونذكر منهم: 1 - الشيخ بدر الدين الحسيني الدمشقي، وهو عالم كبير زار المحافظات السورية

مع الشيخ هاشها الخطيب والشيخ على الدقر، واستجاب الناس وتركوه لحرمته. 2 - الشيخ أحمد كردي مفتي حلب السابق وقد حرمه بعد ما لمس ضرره. 3 - الشيخ أسعد عبجي مفتي الشافعية في حلب وكان يفتي بتحريمه. 4 - وأما الشيخ محمد الحامد مدرس حماة، فقال في كتابه "ردود على أباطيل": "وبعد فالذي ينبغي أن يُعتمد للإِفتاء بإِناطة الأمر بالضرر وعدمه، فمتى ثبت ضرره حرم تناوله، وأراني أميل إلى تحريمه لما ورد من الآيات والأحاديث، وقد التزمت خطة، هي أنني لا أقدمه لضيفي، وأعتذر بأنه سُم، ولا أحب أن أسم ضيفي، ويستأذنني بعضهم فأنكر عليهم، وفُشوِّه بين الناس لا يخفف من حكمه، ألا ترى أن عموم الربا في المعاملات لا يُحله، وقد كشف الطب الحديث ضرره، وبذلك قطعت جهيزة قول كل خطيب، ولو أن الفقهاء أفتو بتحريمه، وفطموا أنفسهم عنه، ونهوا الناس لكانوا أسوة حسنة ولأفلح الناس". 5 - وقد حرمه الشيخ مصطفى الحمامي من مصر في كتابه "النهضة الإصلاحية" ص 489 / فقال: "أما بعض العلماء قال بتحريمه فهو مما لا شك فيه، وخصوصًا في الأماكن المحترمة كمجالس القرآن، والمساجد، ومجالس الذكر، وإني لا أتردد في الحكم على تناوله بالتحريم على من يَضرهم في أبدانهم فإِن المحافظة على الصحة فريضة". 6 - أصدر مشايخ الحجاز فتوى بحريم الدخان والتنباك وممن حرمه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن إِبراهيم، والشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي والشيخ عبد الله بن علي الفضية، والشيخ عبد الرازق العفيفي، والشيخ أبو بكر الجزائري الدرس في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وقد ألف بعضهم كتبًا في تحريم الدخان.

رد شبه المدخنين

رَد شُبَه المدخنين 1 - يزعم بعض المدخنين أنه صاحب الدخان سنين طويلة، ولا يترك صحبته. أقول لهؤلاء: لو سرق صاحبك منك ليرة واحدة لهجرته وحذرت منه فما بالك بالدخان الذي يسرق منك كل يوَم عدة ليرات ليَضُرَّ جسمَك، ويؤذي جيرانك، وقد يحرقك في الدنيا والآخرة، فبئس هذا الصاحب، وبئس القرين. 2 - قد يقول قائل: إِن الدخان لم يكن موجودًا في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى يحرمه نقول لهم: إِن الإِسلام يحرم كل ضار بالجسم أو الجار أو المال، فكيف بالدخان الذي يجمع كل هذه الأضرار الثلاث؟ وقد تقدم الكلام على تحريمه بالتفصيل. 3 - يزعم البعض أن بعض المدخنين عاشوا طويلًا ولم يضرهم. نقول لهم: إِذا لم يعمر الدخان أجسامهم فقد أضر بمالهم وأخلاقهم وجيرانهم، وقد لا يظهر ضرره إِلا بعد حين، ويكفي نتن رائحة فم المدخن وسواد أسنانه، وإفساده للهواء الذي منحه الله صافيًا للناس. والذين لا يظهر عليهم أضرار الدخان قليلون، والأكثرية يتضررون به، وللأكثر حكم الكل، مع أن الطب الحديث أعلن ضرره لكل الناس، كل حسب جسمه، وشربه. 4 - يدعي بعض المدخنين أنهم لا يستطيعون ترك الدخان. نقول لهؤلاء: إِن الإِنسان يستطيع الإمتناع عن الطعام والشراب أيامًا، فكيف لا يستطيع الامتناع عن الدخان، وهو لا يُسمِن ولا يُغني من جوع، وهل يرضون أن يكونوا عبيدًا لدخانهم وشهواتهم حتى يُقضى عليهما فيموتوا، كما قال الشاعر: صاحب الشهوة عبد فإِذا ... ملك الشهوة أضحى ملِكًا

الغضب وعلاجه عند المدخنين

د- يزعم كثير من الناس أن الدخان لم يرد ذكره في القرآن الكريم غافلين أن الله -تعالى- يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}. [الأنعام: 38] وذلك لا يتأتى إِدراكه إِلا إِذا علمنا أنه يذكر الأشياء إِما بأسمائها، أو بصفاتها، فلو ذكر كل شيء باسمه لما كان بهذا الحجم، ولما كان مُيَسَّرًا للذكر، فقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] يغني عن تعدادها، ويدخل تحتها الدخان والتنباك والجراك وغيرها من الخبائث. 6 - يحتج بعض المدخنين بشرب الدخان من بعض الأطباء والمشايخ، وهذا لا يُحله, لأنهم غير معصومين من الخطأ، ولا نقلدهم في خطئهم، وفي الحديث: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون". [رواه أحمد والترمذي بإِسناد حسن] ولا قدوة لنا إِلا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. [الأحزاب: 21] الغضب وعِلاجُه عند المدخنين يدعي الكثيرون أنهم يدخنون لتخفيف غضبهم وحزنهم، وجهلوا أن الدخان داء، وليس بدواء، وهو الذي يجعل المدخن يثور ويغضب، ولا سيما إِذا فقد الدخان! علمًا بأن هناك علاجًا مفيدًا لغضبهم وذهاب حزنهم أفضل بكثير من الدخان المحرم: 1 - جاء رجل إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أوصني، ولا تكثر عَلي، لَعلي أحفظ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تغضب". [رواه البخاري] 2 - وعن سليمان بن صُرد، قال: استبَّ رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونحن عنده

دعاء لدفع الحزن

جلوس، وأحدهما يسبُّ صاحبه مُغضَبًا، قد احمرَّ وجهُه. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". فقال الصحابة للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ الرجل الغاضب: إِني لست بمجنون. 3 - وعن ابن عباس -رضي الله عنهما في قوله - تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] قال: "الصبر عند الغضب والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا عصمهم الله، وخضع لهم عدَّوهم كأنه وَليٌّ حميم". [رواه البخاري تعليقًا] 4 - إِذا أصابتك مصيبة فارض بقضاء الله وقدره، وكن من الذين قال الله فيهم: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}. [البقرة: 155 - 157] دعاء لدفع الحزن عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أصاب عبدًا هَمٌّ ولا حزن فقال: اللهمَّ إني عبدُك وابن عبدِك وابنُ أمَتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فِيَّ حكمك، عَدلٌ فِيَّ قضاؤك، أسالك بكل اسم هو لك، سمَّيتَ به نفسَك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمتَه أحدًا مِن خلقك، أو استأثَرت به في عِلم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور بصري، وجلاء حزني، وذهاب همي. إلا أذهب الله هفه وحزنه، وأبدله مكانه فرحًا". [صحيح رواه أحمد] فعليك يا أخي المدخن أن تقرأ هذا الدعاء عندما تصاب بحزن ومصيبة، فتجد أن الله أبدل همك وحزنك فرحًا، والدخان لا يُذهبُ الحزن، بل يزيدك مرضًا ويورث عندك سوء الخلق وغضب شديد، بالإِضافة إِلى خسارة المال، وأذى الجار.

كيف تتخلص من التدخين؟ لقد تبين لك يا أخي القارئ أن الدخان محرم, لأنه مضر بالصحة، متلف للمال، مؤذٍ للجار، لا سيما في السيارات العامة والأماكن المزدحمة. أخي المدخن: هل من الذوق والأدب والدين أن تزعج الناس بدخانك وتنفخه شي وجوههم، وتُلَوِّث هواءهم؟ واعلم أن تلويث الهواء بالدخان أشد ضررًا من تلويث الماء، فاترك التدخين، ولا تكن من المجادلين. إن الواحد منا لو أحرق ليرة واحدة لقال الناس عنه: (مجنون، حرام عليه)!! فكيف بمن يشتري بمئات الليرات والدنانير والريالات دخانًا، فيحرق ماله، ويضر جسمه وجاره؟ 1 - عاهد ربك أمام صحبك على ترك الدخان، وقل: {يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: 38] 2 - تسلَّ عن الدخان بالفواكه والموالح والحلوى وغيرها من الطيبات. 3 - لا تقدم الدخان في الأعياد والأفراح والزيارات فتؤذي ضيوفك، وتتلف مالك، وتخالف دينك. 4 - خير علاج للتدخين ألا تبدأ به، واعتذِرْ عن قبوله. 5 - فتش عن دواء (لوبيدان) أربع حبات يوميًا لترك الدخان. 6 - إِذا غضبت فاستعذ بالله، وتوضأ فالغضب نار يُطفأ بالماء لا بالدخان والنار. 7 - لا يجوز للحجاج جلب الدخان، فالتمر والسواك وماء زمزم خير هدية لضيوفهم، وضع السواك النافع في فمك بدلاً من السيجارة المضرة. 8 - الصيام في رمضان وغيره خير مساعد على ترك الدخان. 9 - استعن بالله عدى ترك الدخان، فمن ترك شيئًا لله أعانه الله عليه. 10 - ادع الله قائلًا: اللهمَّ أرنا الدخان باطلاً، وارزقنا اجتنابه، وكرهنا له. 11 - ابتعد عن المدخنين ورائحة الدخان وحذر منه.

علاج جديد للتدخين

12 - استعمل سواكًا أو علكًا إِذا وجدت ميلًا للتدخين. 13 - قلل من شرب القهوة والشاي، وأكثر من الفواكه. 14 - تناول بعد الإِفطار كأسًا من عصير العنب أو الليمون أو البرتقال. 15 - التدخين عادة، والعادة يمكن تركها، وتركها سهل، واحذر العودة إِليه بعد تركه. وهناك في بعض المستشفيات مراكز لمداواة المدخنين. 16 - على المدخن أن يقرأ الدعاء الآتي للتخلص من التدخين: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تعارَّ من الليل، فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم اغفر لي، او دعا استجيب له، فإن توضأ وصلَّى قُبلَت صلاته" [رواه البخاري وغيره] وقل: اللهم اصرف الدخان عني وكرهني فيه. علاج جديد للتدخين اكتشف علماء (أوزبيكستان) في الاتحاد السوفيتي دواء جديدًا يقضي على عادة التدخين في مدة لا تتجاوز مائة يوم اسمه (سلفات الأناباسين) وقد سبق استخدام هذا الدواء في معالجة بعض حالات ضيق التنفس. وقد ذكر أن من يتعاطى الأناباسين يشعر بمذاق اللفافة (السيجارة) في فمه وكأنه يدخن فعلًا، كما أن جهاز دورانه الدموي يسترخي كما لو أن دمه يحتوي على كمية كبيرة من النيكوتين، أي هذا الدواء يولد كافة الآثار التي يحرِّضها التدخين بالجسم، يضاف إِلى ذلك أن الدواء عديم الإِضرار تمامًا. وقد أفاد كثيرون ممن استخدموا هذا الدواء، أنهم فقدوا فعلًا أي ميل أو رغبة في التدخين بعد مرور حوالي مائة يوم على بدء العلاج. [نقلاً عن بعض المجلات والجرائد]

هجاء الدخان

هجاء الدخان 1 - أتكرمني بسيجار الدخان؟ ... وما في شربها إِلا هواني 2 - أُصاحبها فيتركني شبابي ... يُفارقني، ويجعل ما أُعاني 3 - أيُشعِل عاقل بيديه نارًا ... ليحرق نفسه في كل آنِ؟ 4 - سأهجوها بأشعاري وأُبدي ... لها كُرهًا ويشتمها لساني 5 - أَأُدخلها إِلى صدري فأعيا؟ ... ويحني الداءُ عود الخيزران 6 - أَأَشربُها وتشربني سريعًا؟ ... أَأُطمعُهَا وتأكلُ مِن زماني؟ 7 - حرام أن تضيع العمر فيها ... وتعلم أنها كالأفعوان 8 - نُطيعُ نفوسنا فيها ونعصي ... نداء الله، والسبع المثاني 9 - وكم قال الطبيب لنا دعوها ... وسوأتها تبدَّت للعَيان 10 - وما زلنا نُبيح لها حمانا ... لتطعن في الضلوع بلا سِنان 11 - هي الخزيُ العظيم فلا تذقْها ... وأبعِدها إِلى أقصى مكان الشاعر: مصطفى الحدري أضرار التدخين وحكمه 1 - يا من يرومُ التقى من كل مَأثُمَة ... اسلُك سبيل الهدى وامش على السنن 2 - ولا تحد أبدًا عن ذي الطريق تَفُز ... وخالِفِ النفسِ واقهرْها على المِحَنِ 3 - إِياك من مِحنة تُلقيكَ في عطبٍ ... لا سيما ما فَشَا في الناس مِن تُتُنِ 4 - مُخدَّرُ الجسم لا نفعٌ به أبدًا ... بل مورث الضُرِّ والأسقام في البدنِ 5 - وحيثُ قد ثبتت هذي الصفات له ... فاجزم بتحريمه إِن كنت ذا فطنِ 6 - وإِن تُرِد صِدقًا فيما أقول فسَل ... به الخبير تنل من علمه الحسنِ

معايب الدخان

معايب الدخان 1 - كم في الدخان معائب ومكاره ... دلَّت رذائله على إِنكاره 2 - سأريك بعضًا من معائب شُربه ... يا صاحبي أحببتني أم كارِهِ 3 - يؤذي الكرام الكاتبين بنتنِهِ ... وأمام وجهك شُعلةٌ مِن نارِهِ 4 - كم من نقود يا فتى وملابس ... أنفقتَها بشرائه، وشراره 5 - وبه الثنايا اللؤلؤية أُفسدت ... بقبيح لون سواده وصفاره 6 - كانت كمثل الدُر حُسنًا شانها ... مِن نفخها الشدقين في مزماره 7 - وترى الصفار على شواربه بدا ... مِن جذبه الدخان من منخاره 8 - وترى الذي في شربه مُتولِّها ... يلتذ في الصهروج في استكثاره 9 - وترى الهوام إِذا أحسّ بريحه ... ترك المكان وفرَّ من أوكاره 10 - والنحل لا تلوي إِليه لخبثه ... أبدًا، ولا تدنو إِلى أزهاره 11 - ولِنتنه ولِقبحه في طعمه ... لم تدنُ سائمةٌ إِلى أشجاره 12 - إِن خالط المأكول منه دُريهمٌ ... غلبت خبائثُه على قِنطاره 13 - فإِن انتهيت، وما أظنك تنتهي ... ورغبت عنه نجوتَ من أوعاره 14 - وأرحتَ نفسك من عَنا تحصيله ... وحفظتَ مالَكَ من مُصاب خساره يا شارب التنباك 1 - يا شارب التنباك ما أجراكا ... من ذا الذي في شربهْ أفتاكا؟ 2 - أتظنُّ أن شرابه مستعذبٌ؟ ... أم هل تظنُّ بأن فيه غِذَاكا؟ 3 - هل فيه نفع ظاهر يا فتى؟ ... كلا، فلا فيه سوى إِيذاكا 4 - مَضَرةٌ تبدو، وخبثُ روائح ... مكروهة، تؤذي بها جُلَسَاكا 5 - وفتُورُ جسمٍ، وارتخاءُ مفاصل ... مع ضيق أنفاس وضعف قواكا

نصيحتي لك أيها المدخن

6 - وتلافُ مالٍ لا تجد عوضًا له ... إِلا دخانًا، قد حشى أحشاكا 7 - ورضيت فيه بأن تكون مُبذّرًا ... وأخو المبذِّر لم يكن يخفاكا 8 - فإِذا حضرت بمجلسٍ، واستنشقوا ... من فيك ريحًا، يكرهون لقاكا 9 - يكفيك ذمًا فيه أن جميع مَن ... قد كان يشربه، يود فِكَاكا 10 - فارفِق بنفسك، واتَبِع آثار مَن ... أهداك، لا مَن فيه قد أغواك 11 - إِن كنت شهمًا فاجتنبه ولا تكن ... في شربه مستتبعًا لهواكا 12 - إني نصحتك، فاستمع لنصيحتي ... ونُهيتَ، فاتبع قولَ مَن ينهاكا 13 - وبذلت قولي ناصحًا لك يا فتى ... فعساك تقبل ما أقول عساكا * * * نصيحتي لك أيها المدخن * إِن حياتك وصحتك ومالك وديعة من الله -تعالى- عندك ولا يحل لك التفريط فيها. * ارجع إِلى الله وهو -سبحانه وتعالى- قادر على مساعد تك للنجاة من مخاطر التدخين إِذا ما خلصت نيتك. * واعلم أن الرغبة في التدخين ما هي إِلا مجرد عادة وليست إدمانًا، ويمكن الإستغناء عنها في أول أسبوعين بشغل الفم واليد بشيء آخر مثل السواك والمسبحة. * تجنب المدخنين في الفترة الأولى للإِقلاع فإِن ذلك يساعدك على نسيان تلك العادة. * إِن ما قد تلاحظه من أعراض طفيفة عند بداية إِقلاعك عن التدخين ما هي إِلا

سحابة عابرة نتيجة لعوامل نفسية بحتة. * إِن إِقلاعك عن التدخين فيه انتصار على الشعور بالعجز أمام عادة سيئة، وهو كفيل بأن يبدل هذا الشعور إِلى الإِحساس بالمتعة وصفاء النفس بإِرضاء الله تعالى. [نقلا عن رسالة (أخطار التدخين) أصدرتها كلية الطب والعلوم الطبية بجدة] تمنياتنا لك بالتوفيق.

المجلد الثاني

مقدمة المجلد الثاني إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فإني أقدم للقراء الكرام المجلّد الثاني من: "مجموعة رسائل التوجيهات الإِسلامية لِإصلاح الفرد والمجتمع". وتضم عدة كتب يمتاز كل واحد منها بميزات لا توجد في الآخر: 1 - "كيف نفهم القرآن؟ بيان أنواع التفسير، وتوجيه وبيان لفهم بعض آي القرآن". هذا الكتاب يساعد القارىء على فهم كتاب الله تعالى الذي أمرنا الله تعالى أن نعمل به بعد فهمه فقال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}. [ص: 29] فقد ذكرت فيه بعض أنواع التفسير المعتمدة التي يعتمد عليها المسلم في تفسيره للقرآن، وذكرت أيضًا تفسير بعض الآيات، وما يستفاد منها. 2 - "معلومات مهمة من الدين لا يعلمها كثير من المسلمين". هذا الكتاب يعالج أمورًا مهمة واقعة في الجتمع قد اعتادها الناس في حياتهم، وهي في الواقع بعيدة عن الدين، كما أنني ذكرت فيه الأخطاء في قصيدة البوصيري، وكتاب دلائل الخيرات. 3 - "توجيه المسلمين إلى طريق النصر والتمكين". هذا الكتاب صدر إبان أزمة الخليج، واحتلال العراق لدولة الكويت، وذكرت في الكتاب أسباب اضطهاد المسلمين في العالم، والعلاج الناجع لهم لينتصروا على أعدائهم. وقد اشترك معي زميلي محمد سيد أحمد، في إعداد بعض المواضيع المهمة للكتاب.

4 - "صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -". كتاب مختصر في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - الواردة في صحيح مسلم وغيره، ثم بينت خلاصة أعمال العمرة والحج، والفوائد التي يحصل عليها الحاج في الدنيا والآخرة. 5 - "من بدائع القصص النبوي الصحيح". كتاب يحوىِ بعض القصص الواردة في السنة المطهرة، والقصص جاءت على شكل حوار ومشهد، كأنك ترى القصة أمامك، وهذا أسلوب سهل محبب للنفوس جدًا. 6 - "معجزة الِإسراء والمعراج". هذه الرسالة تتحدث عن معجزة الِإسراء والمعراج التي وردت في القرآن والسنة، وهي مهمة جدًا، وقد ذكرت فيها أحاديث صحيحة، وما يستفاد من هذه المعجزة، وذكرت فيها بدع الِإسراء والمعراج. 7 - كيف نربي أولادنا؟ وما هو واجب الآباء والأبناء؟ يتحدث هذا الكتاب عن أهمية تربية الأولاد ما هو واجب الآباء نحو أولادهم؟ وما هو واجب الأبناء نحو آبائهم؟ حتى يسعد الآباء والأبناء، وذلك بعد أن يقوم كل منهم بواجبه. ومن أراد التفصيل فليقرأ الكتب السابقة، أو محتويات الكتاب آخر الكتاب. والله أسأل أن ينفع بها المسلمين ويجعلها خالصة لوجهه الكريم. 1/ 1415/1 هـ محمد بن جميل زينو

محتويات مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية 1 - كيف نفهم القرآن؟ 2 - معلومات مهمة من الدين. 3 - توجيه المسلمين الى طريق النصر والتمكين. 4 - صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -. 5 - من بدائع القصص النبوي الصحيح. 6 - معجزة الإسراء والمعراج. 7 - كيف نربي أولادنا، وما هو واجب الآباء والأبناء.

(1) كيف نفهم القرآن أنواع التفسير وشرح بعض آي القرآن

(1) كيف نفهم القرآن أنواع التفسير وشرح بعض آي القرآن

موجز كيف نفهم القرآن 1 - التفسير وتوابعه. 2 - تفسير القرآن بالقرآن. 3 - تفسير القرآن بالحديث الصحيح. 4 - تفسير القرآن بأقوال الصحابة. 5 - تفسير القرآن بأقوال التابعين. 6 - تفسير القرآن باللغة العربية. 7 - معرفة الاستنباط وأسباب النزول. 8 - معرفة الناسخ والمنسوخ. 9 - القرآن المكي والمدني. 10 - خصائص القرآن المكي والمدني. 11 - فوائد العلم بالمكي والمدني. 12 - متى نعمل بالقرآن المكي والمدني. 13 - نزول القرآن مفرقا والحكمة منه. 14 - الأمثلة على نزول القرآن بالتدريج.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فإن الله تعالى أنزل القرآن الكريم للناس، ليفهموه، ويتدبروه، ويعملوا به: قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}. [ص: 29] وقد يسر الله فهمه لمن أراد الانتفاع به، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}. [القمر: 17] وقد أنزله الله باللغة العربية ليعقله العرب، ويؤمنوا به، ويبلغوه إلى بقية الأمم، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}. [يوسف: 2] وفهم القرآن يحتاج للاطلاع على تفسيره أحيانًا، ولا سيما بعض الآيات التي تحتاج إلى تفسير وتوضيح. وإني أذكر للقارىء بعض أنواع التفسير التي تساعد على فهم القرآن وتفسيره، ثم أذكر له تفسير بعض الأيات المجملة التي تتطلب التفسير والبيان متوخيًا ذكر الراجح من أقوال المفسرين مع ذكر الدليل أحيانًا. والله أسأل أن ينفع به المسلمين، ويجعله خالصًا لوجهه الكريم. محمد بن جميل زينو

تفسير القرآن بالقرآن

تفسير القرآن بالقرآن إن تفسير القرآن بالقرآن هو أعلى أنواع التفسير، فالقرآن يفسر بعضه بعضًا. مثال ذلك قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق: 1 - 3] [فالنجم الثاقب] تفسير لكلمة [الطارق]. 2 - ومثال آخر: وهو قول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}. [البقرة: 219] فقد جاء في آية أخرى تحريم الإِثم الوارد في الخمر وهي قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}. [الأعراف: 33] والِإثم يتناول كل معصية يتسبب عنها الِإثم، وقيل هو الخمر خاصة، ومنه قول الشاعر: شربت الِإثم حتى ضل عقلي ... كذاك الِإثم تذهب بالعقول وليس في إطلاق الِإثم على الخمر ما يدل على اختصاصه به. فهو أحد المعاصي التي يصدق عليها. وقال في الصحاح: وقد يُسمى الخمر إثمًا. [انظر فتح القدير للشوكاني ج 2/ 200] 3 - ومثال آخر قول الله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}. [يونس: 62] فقد فسر الأولياء بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}. [يونس: 63] أقول: وفي هذا التفسير رد على القائلين: بأن الولي: هو الذي يعلم الغيب أو تكون له كرامات، أو له قبة على قبره أو غير ذلك من الإعتقادات الباطلة.

فكل مؤمن بالله يطيع أوامره، ويتقي محارمه فهو من أولياء الله، والكرامة ليست شرطًا فقد تظهر، وقد تختفي. وقد تظهر بعض الأمور الغريبة على يد بعض الصوفية والمبتدعة وهذا من السحر الذي قال الله عنه: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66] وقد ظهرت مثل هذه الأمور على يد المجوس في الهند وغيرها.

تفسير القرآن بالحديث الصحيح

تفسير القرآن بالحديث الصحيح إن تفسير القرآن بالحديث الصحيح مُهمٌّ جدًا لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعلم بمراد الله من غيره من الناس جميعًا. فهو كما قال الله تعالى عنه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. [النجم: 3] وقد أنزله الله عليه ليُبينه للناس، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإني أُوتيتُ القرآن ومثله معه". [صحيح رواه أبو داود] 1 - مثال ذلك قول الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}. [الأنفال: 60] فتفسير [القوة] ورد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن القوة الرمي (ثلاثًا) ". [رواه مسلم] قال القرطبي: إنما فسر القوة بالرمي وإن كانت القوة تظهر بإعداد غيره من آلات الحرب لكون الرمي أشد نكاية في العدو، وأسهل مؤنة, لأنه قد يرمي رأس الكتيبة فيهاب فينهزم مَن خلفه. [ذكره الحافظ في الفتح] أقول: حتى الآن فإن آلات الحرب الحديثة يتوقف مفعولها على الرمي، لذلك حث الِإسلام على تعلمه ولا سيما للشباب. وليتهم تعلموه مع السباحة بدلاً من تعلمهم بقية الألعاب التي شغلتهم عنه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من علم الرمي ثم نسيه فليس منا أو قد عصى". [رواه مسلم] ومرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفر من أسلم ينتضلون فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا، أرموا وأنا مع بني فلان، قال فأمسك أحد الفريقين بأيديهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لكم لا ترمون؟ قالوا كيف نرمي وأنت معهم؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أُرموا وأنا معكم كلكم". [رواه البخاري]

2 - ومثال آخر قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}. [يونس: 26] فقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الزيادة بالنظر إلى وجه الله تعالى حينما قال: "فيكشف الحجاب فما أُعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ثم تلا هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} " [رواه مسلم] 3 - ومثال آخر في قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}. [القلم: 42] فقد ذكر البخاري في كتاب التفسير عند تفسير هذه الآية الحديث الآتي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى مَن كان يسجد في الدنيا رياءً وسُمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا". [باب يوم يكشف عن ساق ج 6/ 72] ولا يلزم منه تشبيه ولا تجسيم {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فأهل السنة والجماعة يثبتون ما أثبت الله لنفسه كاليدين والوجه والسمع والبصر، وما أثبته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالساق والأصابع والقدم على ما يليق بجلاله ولا نعلم كيفيتها. 4 - ومثال آخر: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] شق ذلك على المسلمين، قالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس ذلك، إنما هو الشرك ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] قال الحافظ في الفتح: (لم يلبسوا: أي لم يخلطوا). ومن فوائد الآية والحديث: أن درجات الظلم تتفاوت، وأن المعاصي لا تسمى شركًا، وأن من لم يشرك بالله شيئًا فله الأمن وهو مُهتد. [ذكره الحافظ في الفتح] أقول: هناك أمثلة كثيرة لتفسير الرسول - صلى الله عليه وسلم - للقرآن سوف أجمعها إن شاء الله في كتاب بعنوان (التفسير النبوي للقرآن الكريم) أو (تفسير القرآن بالحديث النبوي الصحيح).

تفسير القرآن بأقوال الصحابة

تفسير القرآن بأقوال الصحابة إن تفسير الصحابة رضي الله عنهم. كابن عباس وابن مسعود وغيرهما مُهِم؛ لأنهم صحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعلموا منه. 1 - مثال ذلك قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] قال الحافظ في الفتح ما يلي: ونقل مُحي السنة البغوي في تفسيره عن ابن عباس وأكثر المفسرين أن معناه [ارتفع]. ثم نقل قول أم سلمة وربيعة ومالك وغيرهم: الإستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإِقرار به إيمان، والجحود به كفر. [ج 406/ 13] 2 - مثال آخر في قول الله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] فقد نقل ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس قال: الجماع. وقال ابن عباس أيضًا: اللمس والمسُ والمباشرة: الجماع، ولكن الله يُكني بما يشاء. وقال ابن كثير: وقد صح من غير وجه عن عبد الله بن عباس أنه قال ذلك. ثم ذكر قول ابن مسعود قوله: اللمس: ما دون الجماع. ثم ذكر ابن كثير قول ابن جرير: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال عنى الله بقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} الجماع دون غيره من معاني اللمس لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قبَّل بعض نسائه ثم صَلى ولم يتوضأ. [ابن كثير ج 1/ 502] ملحوظة: إذا تعارض تفسير الحديث لآية مع تفسير صحابي أو تابعي، فعلينا أن نوفق بين التفسيرين، وإن لم يمكن فالواجب أن نقدم تفسير الرسول - صلى الله عليه وسلم - على تفسير غيره مهما كان؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعلم بمراد الله من غيره، فهو الذي لا

ينطق عن الهوى، ولأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}. [الحجرات: 1] (أي لا تُقدِّموا قولاً أو فعلًا). [ذكره ابن كثير] مثال ذلك قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [سورة القلم: 42] فقد فسرها البخاري بالحديث: "يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة .. ". [متفق عليه] وجاء في رواية عن ابن عباس في تفسير الآية قال: هو يوم كرب وشدة (¬1). [ذكره ابن جرير] فإن صح النقل عنه فلا يتعارض مع الحديث الذي فسر الآية بالساق لله تعالى من غير تشبيه، فيكشف ربنا عن ساقه يوم القيامة، وهو يوم كرب وشدة. ويمكن أن يقال: إن ابن عباس لم يبلغه حديث أبي سعيد الخدري الذي فسر الآية، كما ثبت في الصحيح أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثًا فلم يؤذن له انصرف ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له، فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما أرجعك؟ قال: إني استأذنت ثلاثًا ولم يُؤذَن لي، وإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا استأذن أحدكم ثلاثًا ولم يُؤذن له فلْينصرف". فقال عمر: لتأتيني على هذا ببينة وإلا أوجعتك ضربًا، فذهب إلى ملأ من الأنصار فذكر لهم ما قال عمر، فقالوا: لا يشهد لك إلا أصغرنا، فقام معه أبو سعيد الخدري فأخبر عمر بذلك فقال: ألهاني عنه الصفق بالأسواق. [متفق عليه] ¬

_ (¬1) ضعف قول ابن عباس (سليم الهلالي) في كتابه (المنهل الرقراق) لاضطرابه.

تفسير القرآن بأقوال التابعين

تفسير القرآن بأقوال التابعين إن تفسير القرآن بأقوال التابعين رحمهم الله مُهِم أيضًا لأنهم أخذوا عن الصحابة الذين أخذوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 1 - مثال ذلك ما ذكره البخاري في كتاب التوحيد: [ج 8/ 175] قال أبو العالية: {اسْتَوَى إِلى السَّمَاءِ} [البقرة: 29] (أي ارتفع). وقال مجاهد: استوى: (علا على العرش). [ج 8/ 175] وقد فسرها الطبري بالعلو بعد أن ذكر أقوالًا كثيرة حيث قال: وأولى المعاني في قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلى السَّمَاءِ}: علا تبارك وتعالى عليهن فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات. ونقل الطبري عن الربيع بن أنس: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلى السَّمَاءِ} يقول (ارتفع إلى السماء). [تفسير الطبري ج 8/ 175]

تفسير القرآن باللغة العربية

تفسير القرآن باللغة العربية التفسير باللغة العربية مهم لقول الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}. [يوسف: 2] 1 - مثال ذلك ما نقله الحافظ في الفتح عن ابن بطال قال: اختلف في الإستواء المذكور هنا أي في آية: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلى السَّمَاءِ} [البقرة: 29] فقالت المعتزلة: معناه الاستيلاء بالقهر والغلبة، واحتجوا بقول الشاعر: قد استوى بشرٌ على العراقِ ... من غير سيف ودم مهراق ثم رد هذا القول حيث قال: فأما قول المعتزلة فإنه فاسد لأنه لم يزل قاهرًا غالبًا مستوليًا سبحانه وتعالى، وذكر أقوالًا عديدة ثم قال: وأما تفسير استوى: علا فهو صحيح وهو المذهب الحق وقول أهل السنة؛ لأن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بالعلي. (أي الأعلى). وقال: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} وهي صفة من صفات الذات. [فتح الباري ج 13/ 406] أقول: الصواب أن يقال: الإستواء من صفات الله الفعلية المتعلقة بذات الله. والله أعلم. [انظر شرح العقيدة الواسطية للهراس ص 91] ثم ذكر الحافظ في الفتح قائلًا: وقد نقل أبو إسماعيل الهروي في كتاب الفاروق بسنده إلى داود بن علي بن خلف قال: كنا عند عبد الله بن الأعرابي يعني محمد بن زياد اللغوي فقال له رجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فقال: هو على العرش كما أخبر قال يا أبا عبد الله إنما معناه استولى، فقال اسكت، لا يقال استولى على الشيء إلا أن يكون له مضاد. وقال غيه: لو كان بمعنى استولى لم يختص بالعرش لأنه غالب على جميع المخلوقات. [ج 13/ 406]

والعجيب أن الأشاعرة أخذوا عن المعتزلة تفسير استوى بمعنى استولى، وفشى هذا في بعض كتب التفسير والتوحيد وأقوال الناس، فأنكروا العلو لله -عَزَّ وَجَلَّ- كما دلت عليه الآيات والأحاديث الصحيحة وأقوال الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، حتى خالفوا اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم. ورحم الله ابن القيم حين قال: لقد أمر الله اليهود أن يقولوا [حطة] فقالوا حنطة تحريفًا وأخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه {اسْتَوَى} على العرش فقال المتأولون: استولى، فانظر ما أشبه لامهم التي زادوها بنون اليهود التي زادوها. (وهذا معنى ما ذكره نظمًا) [انظر القصيدة النونية لابن القيم] 2 - ومن التفسير باللغة العربية ما حكاه الله عني إبراهيم عليه السلام: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}. [الأنبياء: 52] ومعنى التماثيل: الأصنام، كما في تفسير فتح القدير للشوكاني. حيث قال: والتماثيل: الأصنام، وأصل التمثال الشيء المصنوع مشابهًا لشيء من مخلوقات الله سبحانه، يقال مثَّلت الشيء بالشيء إذا جعلته مشابهًا له، واسم ذلك الممثَّل تمثال. [12/ 411] والأصنام التي كان المشركون يعبدونها تمثل الأولياء، والدليل: أ - ذكر البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}. [نوح: 23] قال: صارت الأوثان التي تعبد في قوم نوح في العرب. . . . وهي أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونُسخ العلم عُبدت (أي الأصنام). ومعنى: (نُسخ العلم) أي عِلم تلك الصور بخصوصها. [ج 6/ 73] ب - وذكر البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: 19] قال كان (اللات) رجلاً يلت سويق الحاج. [ج 6/ 51] أقول: ولذلك سماهم الله تعالى بالأولياء في كثير من الآيات، منها: قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الشورى: 9]

ومن هذا التفسير المتقدم تعلم خطأ كثير من المسلمين الذين يزعمون أن المشركين الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا يدعون أصنامًا من الحجارة وليسوا بأولياء، وهذا خطأ لأن الأوثان والأصنام كانت تمثل رجالًا صالحين كما تقدم. 3 - ومن التفسير باللغة العربية قول الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ}. [محمد: 19] فالإله: معناه العبود، فيكون معناها: لا معبود إلا الله، ولما كانت العبودات من دون الله كثيرة: فالهندوس في الهند يعبدون البقر، والنصارى تعبد المسيح، وبعض المسلمين -مع الأسف الشديد- يعبدون الأولياء ويدعونهم من دون الله، والحديث يقول: "الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح] لذلك كان لابد من إضافة كلمة (حق) على التفسير، فيصبح معناها: لا معبود حق إلا الله، وبذلك خرجت جميع العبودات الباطلة كلها. والدليل على هذا التفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} [لقمان: 30] ومن هذا التفسير لمعنى الإِله يتبين خطأ كثير من المسلمين الذين ينكرون عُلُوَّا لله -عَزَّ وَجَلَّ- فوق عرشه، ويستدلون بقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] ولو عرفوا معنى الإِله لما استدلوا بالآية؛ لأن الإِله معناه العبود كما تقدم، فيكون معناها: وهو الذي في السماء معبود وفي الأرض معبود. علمًا بِأن آيات كثيرة تثبت عُلُو الله على عرشه منه قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] [أي علا وارتفع]. ومن الخطأ أيضًا ما يقوله كثير من المسلمين من أن معنى: (لا إِله إلا الله) لا خالق ولا رازق إلا الله؛ لأن المشركين كانوا يعترفون بذلك، ولكنهم يعلمون أن الإِله معناه العبود، لذلك استكبروا عن قول: لا إله إلا الله كما قال الله تعالى عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}. [الصافات: 35، 36]

4 - ومما يساعد على التفسير معرفة قواعد اللغة العربية مما حقه التقديم والتأخير: مثال ذلك قول الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فقدَّم المفعول (إياك) مرة على الفعل (نعبد) ومرة على الفعل (نستعين) للحصر والاختصاص، أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك يا الله، ونخصك بالعبادة والاستعانة وحدك. {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال ابن القيم في مدارج السالكين: وسر الخلق والأمر، والكتب والشرائع، والثواب والعقاب انتهى إلى هاتين الكلمتين: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وعليهما مدار العبودية والتوحيد، حتى قيل: أنزل الله مائة كتاب وأربعة: جمع معانيها في التوراة والإِنجيل والقرآن، وجمع معاني هذه الكتب الثلاثة في القرآن. . . وجمع معاني القرآن في الفاتحة في: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] [انظر مدارج السالكين لابن القيم باختصار] من فوائد الآية 1 - إفراد الله بالعبادة: كالصلاة والطواف والحكم ودعاء الله لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة). [حديث حسن صحيح] 2 - سؤال الله، والاستعانة به، ولا سيما فيما لا يقدر عليه غيره: كشفاء المرض، وطلب الرزق والهداية وغيرها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله). [رواه الترمذي وقال حسن صحيح]

معرفة الإستنباط

معرفة الإستنباط الاستنباط: هو الفهم الدقيق المستنبط من معنى الآية: 1 - مثال ذلك قول الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 1، 2] فقد نقل البخاري عن ابن عباسبى قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لِمَ تُدخل معنا هذا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم، فما رؤيتُ أنه دعاني إلا ليريهم. قال ما تقولون في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}؟. فقال بعضهم: أُمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه له: قال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، وذلك علامة أجلك. {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}. فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول. [البخاري ج 6/ 94] 2 - ومثال آخر ما نقله ابن كثير عن الشافعي في قول الله تعالى: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 38، 39] أي كما لا يحمل عليه وزر غيره، كذلك لا يحصل له من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه. ومن هذه الآية الكريمة استنبط الِإمام الشافعي رحمه الله تعالى أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُمته، ولا حثَّهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم يُنقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء.

فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما ومنصوص من الشارع عليهما. وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الِإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به". فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله كما جاء في الحديث: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه". [رواه الترمذي وأبو داود وصححه محقق جامع الأصول] والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من عمله ووقفه، وقد قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12] والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضًا من سعيه وعمله، وثبت في الصحيح: "من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء". [انظر تفسير ابن كثير ج 4/ 258]

معرفة أسباب النزول

معرفة أسباب النزول إن معرفة أسباب النزول مما يساعد على فهم القرآن الكريم: 1 - مثال ذلك قول الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}. [الإسراء: 56، 57] عن ابن مسعود قال: "كان نفرٌ من الِإنس يعبدون نفرًا من الجن فأسلم النفر من الجن فاستمسك الآخرون بعبادتهم فنزلت: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [متفق عليه] قال الحافظ: استمر الِإنس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن، والجن لا يرضون بذلك لكونهم أسلموا، وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة. وروى الطبري من وجه آخر عن ابن مسعود فزاد فيه (والِإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم) وهذا هو المعتمد في تفسير الآية. [فتح الباري ج 8/ 397] {يَدْعُونَ} يتضرعون إلى الله في طلب ما يقربهم إلى ربهم. {يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} يتقربون إليه بطاعته والعمل بما يرضيه. {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} أيهم أقرب إلى الله بالأعمال الصالحة. {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} لا تتم العبادة إلا بالخوف والرجاء. {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} ينبغي أن يحذره العباد ويخافوه. أقول: في هذه الآية ردٌّ على الذين يدعون غير الله من الأنبياء والأولياء، ويتوسلون بذاتهم ولو توسلوا بإيمانهم بهم وحبهم لهم لجاز. 2 - مثال آخر: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}. [الأنعام: 82]

قال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأينا لم يظلم؟ فنزلت: {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. [لقمان: 13] [رواه البخاري] قال الحافظ في الفتح: [لم يلبسوا: لم يخلطوا]. 3 - ومثال آخر: ما ذكره البخاري عن عروة قال: خاصم الزبير رجلاً من الأنصار في شريج من الحرة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك، فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك، فتلوّن وجهه ثم قال: اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدر، ثم أرسل الماء إلى جارك" واستوعى النبي - صلى الله عليه وسلم - للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري، وكان أشار عليهما بأمر لهما فيه سعة. في شريج: مسيل الماء وينزل من الجبل إلى مكان اسمه (الحرة). قال الزبير فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]. [البخاري ج 5/ 180] 4 - ومثال آخر: عن حذيفة: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ}. [البقرة: 195] قال: نزلت في النفقة "أي في تركها". [أخرجه البخاري] وفي رواية أبي داود قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مَه مَه. لا إله إلا الله، يُلقى بيديه إلى التهلُكة! فقال أبو أيوب الأنصاري: إنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه، وأظهر الِإسلام قلنا: هلُم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ}. فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة: أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد. قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية. [رواه أبو داود بسند صحيح] [انظر جامع الأصول ج 2/ 32]

معرفة الناسخ والمنسوخ

معرفة الناسخ والمنسوخ مما يساعد على فهم القرآن الكريم أيضًا، ودليله قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}. [البقرة: 106] النسخ: هو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر. فالحكم المرفوع يسمى (المنسوخ) والدليل الرافع يسمى (الناسخ) ويسمى الرفع (النسخ). ويطلق الناسخ (¬1) على الله تعالى كهذه الآية. ويطلق على الآية فيقال: هذه الآية ناسخة لآية كذا، وُيطلق على الحكم النّاسخ لحكم آخر. 1 - مثال ذلك: عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}. [البقرة: 184] كان من أراد أن يفطر يفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها. وفي رواية حتى نزلت الآية: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. [البقرة: 185] [متفق عليه] وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قال هي منسوخة. [أخرجه البخاري] وذهب ابن عباس الى أنها مُحكمة غير منسوخة. روى البخاري عن عطاء أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، قال ابن عباس: "ليست منسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما فيُطعمان كل يوم مسكينًا". وليس معنى (يُطيقونه) على هذا يستطيعونه. وإنما معناه يتحملونه بمشقة وكلفة. ¬

_ (¬1) إطلاق الناسخ علي الله فيه نظر لأن أسماء الله توقيفية.

الحكمة في النسخ

2 - ومثال آخر قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}. [البقرة: 284] نسخت بقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا}. [البقرة: 286] 3 - قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا}. [النساء: 15، 16] نسختا بآية الجَلْد للبكر في سورة النور: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}. [النور: 2] بالجَلْد للبكر، وبالرجم للثيّب الوارد في السنة: ". . البكر بالبِكر جَلد مائة، ونفيُ سَنَة، والثيّب بالثيّب جَلْد مائة والرجم". [رواه مسلم] 4 - قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 65] نسخت بقوله: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 66] الحكمة في النسخ 1 - مراعاة مصالح العباد. 2 - تطور التشريع إلى مرتبة الكمال حسب تطور الدعوة، وتطور حال الناس. 3 - إبتلاء المكلف واختباره بالامتثال وعدمه. 4 - إرادة الخير للأمة والتيسير عليها؛ لأن النسخ إن كان إلى أشق ففيه زيادة الثواب وإن كان إلى أخف ففيه سهولة التيسير. [انظر مباحث في علوم القرآن للقطان]

القرآن المكي والمدني

القرآن المكي والمدني إن مما يساعد على فهم القرآن وتفسيره معرفة القرآن المكي والمدني، لذلك اهتم به الصحابة ومن بعدهم حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه: "والله الذي لا إله غيره ما نزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت؟ ولا نزلت آية من كتاب الله إلا وأعلم فيم نزلت؟ ولو أعلم أن أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الِإبل لركبت إليه". [رواه البخاري] والصحابة رضي الله عنهم كانوا يعملون بما تعلموه من القرآن، ولذلك قال ابن مسعود: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن" [صحح إسناده أحمد شاكر] وهذا العمل تطبيق لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائل: "اقرأوا القرآن واعملوا به، ولا تأكلوا به. .". [صحيح رواه أحمد] وبسبب هذا العمل بالقرآن الكريم نصر الله رسوله وصحابته من بعده، ولما ترك المسلمون اليوم العمل بالقرآن الكريم تأخر النصر عنهم حتى يعودوا إلى تعلم كتاب ربهم والعمل به، فيعود النصر إليهم. معرفة المكي والمدني: اعتمد العلماء في معرفة المكي والمدني على منهجين أساسيين: 1 - المنهج السماعي النقلي: ويستند إلى الرواية الصحيحة عن الصحابة الذين عاصروا الوحي، وشاهدوا نزوله، أو عن التابعين الذين تلقوا عن الصحابة وسمعوا منهم كيفية النزول ومواقعه وأحداثه، ومعظم ما ورد في المكي والمدني من هذا القبيل، إذ لم يرد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قول؛ لأنه لم يؤمر به. مثال ذلك ما يجده القارىء في أول السورة: (سورة مكية) أو (سورة مدنية). 2 - المنهج القياسي الاجتهادي: ويستند إلى خصائص المكي والمدني، فإذا ورد في

تعريف القرآن المكي والمدني

السورة المكية آية تحمل طابع التنزيل المدني، أو تتضمن شيئًا من حوادثه قالوا إنها مدنية، وإذا ورد في السورة المدنية آية تحمل طابع التنزيل المكي، أو تتضمن شيئًا من حوادثه قالوا إنها مكية، وإذا وجد في السورة خصائص المكي قالوا إنها مكية، وإذا وجد في السورة خصائص المدني قالوا إنها مدنية. مثال ذلك قالوا: كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الخالية فهي مكية، وكل سورة فيها فريضة أو حَدٌّ فهي مدنية. [انظر علوم القرآن للقطان] تعريف القرآن المكي والمدني 1 - القرآن المكي: هو الذي نزل به الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة وإن كان بغير مكة. 2 - القرآن المدني: هو الذي نزل به جبريل على محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة، وإن كان بمكة، كالذي نزل في حجة الوداع. مثال ذلك قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. [المائدة: 3] "جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزلت معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: فأي آية؟ تال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عرفة يوم جمعة. [رواه البخاري] أقول: في هذه الآية رد على القائلين بالبدعة الحسنة في الإِسلام وقد قال الإِمام مالك من ابتدع في الإِسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية. فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا.

خصائص القرآن المكي

خصائص القرآن المكي الغالب في القرآن المكي من حيث الموضوع الاهتمام بما يلي: 1 - الدعوة إلى توحيد الإله الذي أنكره المشركون كما قال الله تعالى عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}. [الصافات: 35، 36] لأن العربي كان يفهم معنى (لا إله إلا الله) وأن من قالها ترك عبادة غير الله، أما بعض المسلمين اليوم فلا يفهمون معناها وهو (لا معبود بحق إلا الله) ولذلك يقولونها بألسنتهم، وينقضونها بأفعالهم، وذلك حينما يدعون غير الله، أو يتحاكمون إلى غير شرع الله، أو ينذرون لغير الله، وغير ذلك من الأعمال الشركية. 2 - التحذير من الشرك كدعاء غير الله، قال الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [أي المشركين] [يونس: 106] 3 - إبطال عبادة الأولياء بدعوى تقربهم بها إلى الله، وطلب شفاعتهم عند الله، حيث قال الله لهم: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3] {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}. [يونس: 18] فحكم بالكفر والشرك على كل مَن صرف شيئًا مِن العبادة لغير الله كالدعاء، ولو كان قصده التقرب إلى الله وطلب الشفاعة منهم عند الله، وسرت هذه الفكرة إلى كثير من المسلمين اليوم، مع الأسف الشديد! فإذا سألت مسلمًا: لماذا تدعو هؤلاء الأولياء؟

قال لك: أريد التقرب بهم إلى الله، وطلب شفاعتهم عند الله! 4 - الدعوة إلى الإِيمان باليوم الآخر، وبعث الناس من قبورهم للحساب، حيث أنكر ذلك المشركون في مكة، وقد رد الله عليهم بقوله: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}. [التغابن: 7] 5 - التحدي للعرب -رغم فصاحتهم- أن يأتوا بسورة مثل هذا القرآن، وقد تحداهم الله تعالى بقوله: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ. . .}. [يونس: 38] 6 - إيراد قصص المكذبين الغابرين: كقوم نوح، وهود، وقوم صالح، وشعيب، وموسى، وغيرهم، قال الله تعالى مهددًا مشركي مكة: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}. [الفجر: 6 - 14] 7 - الحث على الصبر: كقوله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا}. [المزمل: 10] 8 - جهاد المشركين بالقرآن، وجدالهم بالحسُنى: كقوله تعالى: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}. [الفرقان: 52] {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. [النحل: 125] 9 - إقامة الأدلة الكونية والعقلية على توحيد الربوبية الذي يستلزم منه توحيد الألوهية مثال ذلك قول الله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}؟. [الغاشية: 17 - 20] 10 - يمتاز القرآن المكي غالبًا في أسلوبه بوجود ألفاظ شديدة القرع على المسامع تقذف حروفها الوعيد والعذاب: مثال ذلك قول الله تعالى: {الْقَارِعَةُ}. [القارعة: 1] {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ}. [عبس: 33] {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}. [الغاشية: 1] {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}. [الواقعة: 1] {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ}. [العلق: 15] فحرف [كلا] للردع والزجر. [انظر علوم القرآن للقطان]

خصائص القرآن المدني

خصائص القرآن المدني الغالب في القرآن المدني من حيث الموضوع الاهتمام بما يلي: 1 - الدعوة إلى الجهاد والاستشهاد في سبيل الله: لأن المسلمين هاجروا إلى المدينة وأقاموا دولة الإِسلام فيها فهم بحاجة للدفاع عن دينهم ودولتهم، لذلك نرى القرآن المدني يشجعهم على القتال قائلًا: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ. .}. [التوبة: 111] 2 - بيان أحكام الإِسلام: مثل حكم الربا الذي أعلن الله الحرب على فاعليه حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}. [البقرة: 278، 279] 3 - الحكم في الحدود: كحد الزنا والسرقة وغيرها من الحدود التي تضمن الأمن والاستقرار في المجتمع،. كقول الله تعالى في حد فاعل الزنى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}. [النور: 2] وقوله في حد السرقة: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. [المائدة: 38] 4 - فضح المنافقين وكشف دخيلتهم وذكر أوصافهم: كقول الله تعالى في كشف نفاقهم: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}. [المنافقون: 1]

فوائد العلم بالمكي والمدني

5 - إسكات أفواه أهل الكتاب من اليهود وغيرهم ومجادلتهم لإِقامة الحجة عليهم: كقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}. [العنكبوت: 46] 6 - تحقيق النصر للمؤمنين في غزواتهم مع أعدائهم: كقول الله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}. [آل عمران: 123] [انظر مباحث علوم القرآن لمناع القطان] فوائد العلم بالمكي والمدني 1 - الاستعانة في تفسير القرآن: فإن معرفة مواقع النزول تساعد على فهم الآية وتفسيرها صحيحًا، وإن كانت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ويستطيع المفسر في ضوء ذلك عند تعارض المعنى في آيتين أن يميز بين الناسخ والمنسوخ، فإن المتأخر يكون ناسخًا للمتقدم. 2 - تذوق أساليب القرآن والاستفادة منها في أسلوب الدعوة إلى الله، فإن لكل مقام مقالًا، ومراعاة مقتضى الحال من أخص معاني البلاغة، وخصائص أسلوب المكي في القرآن والمدني منه تعطي الدارس منهجًا لطرائق الخطاب في الدعوة إلى الله، بما يلائم نفسية المخاطب، ولكل مرحلة من مراحل الدعوة موضوعاتها وأساليبها، ويبدو هذا واضحًا جليًا قي أساليب القرآن المختلفة في مخاطبة المؤمنين أو المشركين والمنافقين وأهل الكتاب. 3 - الوقوف على السيرة النبوية من خلال الآيات القرآنية، فالقرآن هو المرجع الأصيل لهذه السيرة. [انظر مباحث في علوم القرآن] 4 - عدد السور المكية: 82 سورة، والسور المدنية: 20 سورة، وعدد المختلف فيها: 12 سورة، ومجموعها: 114 سورة، وعدد آيات القرآن: 6236 آية.

الآيات المكية والمدنية المتداخلة

الآيات المكية والمدنية المتداخلة الآيات المكية في السور المدنية: لا يقصد بوصف السورة بأنها مكية أو مدنية أنها بأجمعها كذلك فقد يكون في المكية بعض آيات مدنية، وفي المدنية بعض آيات مكية، ولكنه وصف أغلبي حسب أكثر آياتها، ولذا يأتي في التسمية: سورة كذا مكية إلا آية كذا فإنها مدنية، وسورة كذا مدنية إلا آية كذا فإنها مكية، كما نجد ذلك في المصاحف -ومن أمثلة الآيات المكية في السور المدنية "سورة الأنفال مدنية" واستثنى منها كثير من العلماء قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. [الأنفال: 30] قال مقاتل: هذه الآية نزلت بمكة وظاهرها كذلك؛ لأنها تضمنت ما كان من المشركين في دار الندوة عند تآمرهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة. [انظر علوم القرآن]

متى نعمل بالقرآن المكي والمدني؟

متى نعمل بالقرآن المكي والمدني؟ يرى شيخ الإِسلام ابن تيمية أن القرآن المكي الذي يدعو إلى الصبر على الأذى، وعدم مجابهة الكفار يطبق في حالة ضعف المسلمين، والقرآن المدني الذي يدعو إلى الجهاد والقوة يطبق في حالة قوة المسلمين، وذلك حين قال: "وصارت تلك الآيات في حق كل مؤمن مستضعف لا يمكنه نصر الله ورسوله بيده ولا بلسانه فينتصر بما يقدر عليه من القلب ونحوه، وصارت آية الصَّغار على المعاهدين في حق كل مؤمن قوي يقدر على نصر الله ورسوله بيده أو لسانه، وبهذه الآيات ونحوها كان المسلمون يعملون في آخر عُمْرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى عهد خلفائه الراشدين، وكذلك هو إلى يوم قيام الساعة، لا تزال طائفة من هذه الأمة قائمين على الحق ينصرون الله ورسوله النصر التام. فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين، وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون". [الصارم المسلول 221] أقول: يؤيد كلام شيخ الإِسلام ابن تيمية قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. [الجاثية: 14] يأمر الله رسوله أن يقول للمؤمنين أيام ضعف المسلمين في مكة قبل الهجرة اصفحوا وتجاوزوا عمن يؤذيكم من الكفار، ولا تردوا الأذى بمثله، وهذا يدل على مشروعية التسامح مع الكفرة في حال ضعف المسلمين.

واجبنا نحن المسلمين 1 - ليت الجماعات الإِسلامية طبقوا ما جاء في القرآن المكي الذي يدعو إلى الصبر والعفو حتى يأتي الله بالنصر. 2 - أن نطبق الأحكام الشرعية على أنفسنا، إذ رأينا البعض يدعو إلى الجهاد وحكم الإِسلام، وهو لا يطبقه على نفسه. 3 - أن ندعو حكام المسلمين وأعوانهم إلى تطبيق حكم الإِسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والقول اللين كما فعل موسى وهارون مع فرعون. 4 - أن يكون جهادنا في حالة الضعف بالمال واللسان عملَاَ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم". [صحيح رواه أبو داود] 5 - أن ندعو الأُمة أفرادًا وجماعات إلى تطبيق حكم الإِسلام على أنفسهم، حتى ينشأوا على حبه وإقامته على أرضهم. وقد قال أحد الدعاة المعاصرين: "أقيموا دولة الإِسلام في صدوركم تقم لكم في أرضكم". 6 - العقيدة أولًا أم الحاكمية؟ أجاب الداعية الكبير محمد قطب على هذا في محاضرة ألقاها في دار الحديث المكية، وهذا نصه: س- البعض يقول: إن الإِسلام سيعود من قبل الحاكمية، والبعض الآخر يقول: سيعود الإِسلام عن طريق تصحيح العقيدة والتربية الجماعية، فأيهما أصح؟ ج- من أين تأتي حاكمية هذا الدين في الأرض إن لم يكن دعاة يصححون العقيدة، ويؤمنون إيمانًا صحيحًا، وُيبتلون في دينهم فيصبرون. ويجاهدون في سبيل الله، فيحكم دين الله في الأرض، قضية واضحة جدًا، ما يأتي الحكم من السماء، ما يتنزل من السماء، وكل شيء يأتي من السماء، لكن بجهد من البشر فرضه الله على البشر: {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}. [محمد: 4] لابد أن نبدأ بتصحيح العقيدة، وتربية جيل على العقيدة الصحيحة، جيل يُبتلى فيصبر على البلاء، كما صبر الجيل الأول.

نزول القرآن مفرقا والحكمة منه

نزول القرآن مفرقًا والحكمة منه لقد نزل القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متفرقًا حسب الوقائع والمناسبات وفي ذلك حِكَم بالغة: 1 - تثبيت قلب النبي - صلى الله عليه وسلم -: وهذه الحكمة هي التي رد الله بها على اعتراض الكفار في نزول القرآن متفرقًا بقوله تعالي: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}. [الفرقان: 32] قال العلامة أبو شامة: "فإن قيل ما السر في نزوله مُنجمًا؟ وهلا أُنزل كسائر الكتب جملة؟ قلنا: هذا سؤال قد تولى الله جوابه، فقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} يعنون: كما أُنزل على مَن قبله من الرسل، فأجابهم تعالى بقوله: {كَذَلِكَ} أي أنزلناه مُفرَّقًا {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} أي لنقوّي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه، وتجدد العهد به، وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز، فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة لقياه جبريل". [انظر الإتقان للسيوطي ج 1/ 42] 2 - التحدي والإِعجاز: لقد اعترض الكفار على نزول القرآن مُفرَّقًا، كما قال القرآن عنهم، وبما أنهم قد عجبوا مِن نزوله مُفرقًا، فإن الله تحداهم أن يأتوا بسورة مثله فعجزوا، وإن تحديهم به مُفرَّقًا أقوى في الِإعجاز، وأبلغ في الحجة من أن ينزل جملة واحدة فمن يعجز عن أن يأتي بسورة مثله مُفرقًا يعجز بالأولى من الِإتيان بمثله جملة واحدة. ويشير إلى هذه الحكمة ما جاء في بعض الروايات في حديث ابن عباس عن نزول

القرآن: "فكان المشركون إذا أحدثوا شيئًا أحدث الله لهم جوابًا". [أخرجه ابن أبي حاتم] 3 - تيسير حفظ القرآن وفهمه: إن نزول القرآن مُفَرَّقًا يسهل للناس حفظه وفهمه، ولا سيما إذا كانوا أُميين كالعرب الذين نزل القرآن بلغتهم، فكان نزوله مُفرقًا خير عون لهم على حفظه في صدورهم، وفهمهم لآياته، كلما نزلت الآية أو الآيات حفظها الصحابة، وتدبروا معانيها، وعملوا بها، لذلك قال عمر -رضي الله عنه-: "تعلموا القرآن خمس آيات، خمس آيات، فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسًا خمسًا". [أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وسنده صحيح] 4 - تنشيط نفوس المؤمنين لقبول ما نزل من القرآن والعمل به: حيث يتشوق المسلمون إلى نزول الآية، ولا سيما عند الحاجة إليها كما في آيات الإفك واللعان. 5 - مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع: كان القرآن الكريم يتدرج في نزوله، ويبدأ بالأهم فالمهم: أ- لقد اهتم القرآن الكريم أولًا بأصول الإِيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وما فيه من بعث وحساب وجنة ونار، وُيقيم الأدلة على ذلك ليستأصل العقائد الفاسدة من نفوس المشركين، ويغرس فيها عقيدة الإِسلام. ب- ثم بدأ يأمر بمحاسن الأخلاق، وينهى عن الفحشاء والمنكر ليقتلع جذور الفساد والشر، ويبين قواعد الحلال والحرام في المطاعم والمشارب والأموال والأعراض والدماء وغير ذلك. ج- كان القرآن ينزل وفق الحوادث التي تمر بالمسلمين في جهادهم الطويل لِإعلاء كلمة الله، وتشجيعهم على ذلك. [انظر مباحث في علوم القرآن]

الأمثلة على نزوله بالتدريج

الأمثلة على نزوله بالتدريج 1 - نزلت سورة الأنعام -وهي مكية- تبين أصول الإِيمان، وأدلة التوحيد، وتحذر من الشرك، وتوضح ما يحل وما يحرم: قال الله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}. [الأنعام: 151] ثم نزل بعد ذلك تفصيل هذه الأحكام في المدينة، كآية المداينة، وتحريم الربا، وأصل الزنى حُرم بمكة: يقول الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}. [الإسراء: 32] والعقوبات المترتبة عليه نزلت بالمدينة. 2 - وأوضح مثال لذلك التدرج في التشريع تحريم الخمر، فقد نزل قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا}. [النحل: 67] فإنه وصف الرزق بالحسن دون السَّكَر إشارة إلى ذم الخمر، ثم نزل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}. [البقرة: 219] فقارنت الآية بين منافع الخمر الوقتية، وبين مضارها في إثم تعاطيها وما ينشأ عنه من ضرر الجسمِ، وفساد العقل، وضياع المال، وإثارة لبواعث الفجور والعصيان، ثم نفَّرت الآية من الخمر بترجيح المضار على المنافع. ثم نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}. [النساء: 43] فعرفوا تحريمه وقت الصلوات ثم نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. [المائدة: 90] 3 - ويوضح هذه الحكمة ما قالته عائشة -رضي الله عنها-: "إنما نزل أول ما نزل سورة مِن المفَصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإِسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء "لا تشربوا الخمر" لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل "لا تزنوا" لقالوا: لا ندَع الزنا أبدًا". [أخرجه البخاري]

من خصائص القرآن الكريم

من خصائص القرآن الكريم 1 - القرآن كلام الله المنزل على رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس. 2 - التعبد بتلاوته في الصلاة وغيرها وأخذ الثواب على قراءته - صلى الله عليه وسلم - لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: [ألم] حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف". [صحيح رواه الترمذي] وقد ورد في قراءة سوره أحاديث صحيحة كسورة (البقرة وآل عمران والملك، والكهف، والمعوذات) وغيرها. 3 - الصلاة لا تصح إلا بقراءة القرآن لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". [متفق عليه] 4 - القرآن سلِمِ من التحريف والتبديل لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] أما بقية الكتب السماوية كالتوراة والإِنجيل فقد حرفها (اليهود والنصارى) 5 - القرآن سليبم من التناقض لقوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] 6 - تيسير حفظه عن ظهر قلب، لقوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر: 40] 7 - القرآن معجز لا يستطيع أحد أن يأتي بسورة مثله، وقد تحدى الله العرب فعجزوا: قال الله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [يونس: 38] 8 - تنزل السكينة والرحمة على قارىء القرآن - صلى الله عليه وسلم -: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا

نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده". [رواه مسلم وغيره] 9 - القرآن للأحياء لا للأموات: قال الله تعالى عن القرآن: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} وقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] وقد استنبط الإمام الشافعي من هذه الآية أن القراءة لا يصل ثواب إهدائها إلى الموتى لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم. وأما قراءة الولد لأبويه فيصل ثواب القراءة لأن الولد من سعي أبيه كما ورد في الحديث " .. وإن. ولده من كسبه". [صححه محقق جامع الأصول] 10 - القرآن شفاء القلوب من أمراض الشرك والنفاق وغيرها، وفيه بعض الآيات والسور لشفاء الأبدان: كسورة الفاتحة والمعوذات، وغيرها مما ثبت في السنة الصحيحة. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82] 11 - القرآن يشفع لصاحبه لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه". [رواه مسلم] 12 - القرآن مهيمن على الكتب التي قبله، قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48]. قال ابن كثير بعد أن ذكر أقوالًا في تفسير المهيمِن: "وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى، فإن اسم المهيمن يتضمن هذا كله، فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله، هذا الكتاب العظيم الذي أُنزل آخر الكتب وخاتمها، وأشملها عظماً، وأكملها، حيث جمِع فيه محاسنِ ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره، فلهذا جعله شاهداً وأميناً وحاكماً عليها كلها، وتكفل الله بحفظه". [تفسير ابن كثير 2/ 65]

13 - القرآن الكريم صادق في أخباره، عدل في أحكامه. قال الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام: 115] قال قتادة: صدقاً فيما قال، وعدلاً فيما حكم، يقول صدقاً في الأخبار، وعدلًا في الطلب، فكل ما أخبر به حق لا مِرية فيه ولا شك، وكل ما أمر به فهو العدل الذي لا عدل سواه، وكل ما نهى عنه فباطل، فإنه لا ينهى إلا عن مفسدة كما قال تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] [انظر تفسير ابن كثير ج 2/ 167] 14 - القصة في القرآن حقيقة لا خيال: فقصة موسى مع فرعون واقعة قال تعالى: {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ} [القصص: 3] ومثلها قصة أصحاب الكهف، فهي حقيقة، قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} [الكهف: 13] وجميع ما قص الله في القرآن حق، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} [آل عمران: 62] 15 - القرآن يجمع بين مطلب الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: 77] 16 - القرآن فيه كل ما يحتاجه البشر من عقائد وعبادات وأحكام ومعاملات وأخلاق وسياسة واقتصاد وغير ذلك من أمور الحياة اللازمة للمجتمع، قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] وقال تعالى: {وَنَزلنَا عَلَيكَ الكِتَابَ تِبيَاناً لِكل شيَءٍ، وَهدىً وَرَحمَة وَبُشرَى للمُسلِمِينَ}. [النحل 89] 1 - قال القرطبي عند تفسير قوله تعالى: {ما فرَّطنا في الكتاب من شيء} أي في اللوح المحفوظ فإنه أثبت فيه ما يقع من الحوادث، وقيل: أي في القرآن: ما تركنا شيئاً من أمر الدين إلا وقد دللنا عليه في القرآن، إما دلالة مبينة مشروحة، وإما مجملة يُتلقى بيانها من الرسول - صلى الله عليه وسلم -،

أو من الِإجماع، أو من القياس الذي ثبت بنص الكتاب. [ج 6/ 420] ثم قال: فصدَقَ خبرُ الله بأنه ما فرَّط في الكتاب من شيء إما تفصيلاً أو تأصيلاً. ب - وقال الطبري في تفسير قوله تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء} يقول: نزل عليك يا محمد هذا القرآن تبياناً لكل ما بالناس إليه الحاجة من معرفة الحلال والحرام والثواب والعقاب {وهدى} من الضلالة {ورحمة} لمن صدق به، وعمل بما فيه من حدود الله، وأمره ونهيه، فأحل حلاله، وحرم حرامه. {وبشرى للمسلمين} يقول: وبشارة لمن أطاع الله وخضع له بالتوحيد، وأذعن له بالطاعة يبشره بجزيل ثوابه في الآخرة، وعظيم كرامته. [ج 14/ 61] 17 - القرآن الكريم له تأثير قوي على النفوس من الإِنس والجن. أ - أما الإِنس فقد تأثر به كثير من المشركين في أول الإِسلام، ودخلوا به، وفي العصر الحاضر التقيت بشاب نصراني دخل في الإِسلام، وذكر في أنه تأثر بسماعه القرآن من الأشرطة. ب - وأما الجن فقد قال نفر منهم: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}. {الجن 1 - 2] ج - وأما المشركون فكثير منهم تأثر بالقرآن عند سماعه، حتى قال الوليد بن المغيرة: (فوالله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذي من الجنون؛ وإن قوله من كلام الله، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وما يُعلى عليه [انظر ابن كثبرج 4/ 443] 18 - الذي يتعلم القرآن ويعلمه للناس هو خيرهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْركُم مَن تعلّم القرآن وعَلَّمه". [رواه البخاري] 19 - "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررَة، والذي يقرؤه ويُتعتعُ فيه وهو عليه شاق له أجران". [متفق عليه] (السفرة: الملائكة) [يُتعتع: يتردد فيه]. 20 - القرآن جعله الله هادياً ومبشراً فقال: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9]

21 - القرآن يسكن القلوب، ويثبت اليقين، والمؤمنون يعلمون أنه أعظم آية تطمئن لها قلوبهم ببرد اليقين. قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] فإذا أصاب المسلم هَمٌ أوحزن أومرض فعليه أن يسمع القرآن الكريم من مقرىء حسن الصوت كالمنشاوى وغيره، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حُسناً". [صحيح، وانظر صحيح الجامع للألباني] 22 - القرآن الكريم يدعو في أكثر سوره إلى التوحيد، ولا سيما توحيد الِإله في العبادة والدعاء والاستعانة: ففي أوله في سورة الفاتحة تجد قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}، (أي لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك). وفي آخره في سورة الِإخلاص، والفلق، والناس، تجد التوحيد ظاهراً في قوله: {قل هو الله أحد}، {قل أعوذ برب الفلق}، {قل أعوذ برب الناس}، وفي سورِة الجن تقرأ قوله تعالى: {قُل إِنَمَا أدعُوا رَبي وَلَا أشرِكُ بهِ أحَدا}. [الجن 20] {وَأنً المَسَاجدَ لله فَلَا تَدعُوا مَعً الله أحداً}. [الجن 18] وفي بقية سورَ القرآن كثير من آيات التوحيد. والعجيب أن أحد المشايخ وجد هذه الآية مكتوبة على باب المسجد، فقال: هذه آية وهابية، لأنها تنهى عن دعاء غير الله!! وقال لي دكتور صوفي: إن آية {إياك نعبد وإياك نستعين} وهابية، لأنها تدعو إلى الاستعانة بالله وحده!! 23 - القرآن الكريم مصدر الشريعة الإِسلامية الأول أنزله الله على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ليخرج الناس من ظلمات الكفر والشرك والجهل إلى نور الإِيمان والتوحيد والعلم قال الله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: 1]

24 - القرآنَ الكريم يخبر عن الحوادث المستقبلة التي لا تُعلَم إلا بالوحي كقوله تعالى: {سَيُهزَمُ الجَمعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}. [القمر: 45] وقد هُزم المشركون يوم بدر وهربوا من المعركة. وأخبر القرآن عن أمور كثيرة قد تحققت فيما بعد كتغَلُّب الروم على الفرس. 25 - الاستعاذة عند تلاوة القرآن لقول الله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}. [النحل: 98] 26 - وجوب الاستماع والإِنصات إليه لمن كان مُؤتما في الصلاة وخطبة الجمعة. لقول الله تعالى: {وإذا قُرىء القرآن فاستمعوا له، وأنصِتوا لعلكم تُرحمون} [الأعراف 204] فإذا قُرِىء عليكم القرآن فاستمعوا له، لتفهموا آياته وأنصتوا إليه لتعقلوه، ليرحمكم ربكم. [انظر تفسير الطبري] الخلاصة إن خصائص القرآن كثيرة، وقد وصفه الله تعالى بقوله: {وإنه لكتابٌ عزيزٌ، لا يأتيه الباطلُ مِن بين يديه ولا مِن خلفه، تنزيلٌ من حكيم حميد}. [فصلت 41 - 42] وقال عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (تركت فيكم شيئين، لن تضلُّوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرَّقا حتى يرِدا عليَّ الحوض). [صحيح رواه الحاكم] وقال جلادستون -رئيس وزراء بريطانيا سابقاً-: ما دام هذا القرآن موجوداً فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق الإِسلامي.

القرآن كتاب جامع شامل

القرآن كتاب جامع شامل القرآن الكريم تطرق لموضوعات شتى هامة كالأمر والنهي، والوعد والوعيد، والحكم والأمثال، والوعظ والقصص، وذكر المغيبات، والعلوم الكونية، ومظاهر الخلق، ودلائل البعث والنشور، وغير ذلك من الأمور المهمة. وحين نتدبر القرآن في كل هذه المواضيع والأغراض نجدها في منتهى البلاغة والبراعة وغاية الانسجام والتوافق والالتئام، أوله يشبه آخره، ويشبه بعضه بعضاً في الحسن، ولا يمل قارؤه، ولا يسأم مجوده، ولا يشك متدبره، يزيد المتقين هدى، والمؤمنين إيماناً، وذلك أنه في غاية الترابط والتلاحم، أوله يصدق آخره. إن نظم القرآن وترتيبه على الوجه المعهود، المباين والمخالف لأنظمة الكتب المؤلفة، وهو مع ذلك متناسب الآي والسور في المعاني والمباني والموضوعات، كأنه وحدة واحدة متكاملة - دليل مادي على أنه ليس بكتاب وضعي بشرِي، يجلس إليه واضعه من الناس، فيجعل لكل طائفة من معلوماته المتناسبة فصلًا، ولكل مجموعة من فصوله المتتابعة باباً، بل هو مجموعة هدايات من الوحي الِإلهي اقتضتها الحكمة، ودعت إليها المصلحة، لا تجد فيها خللًا ولا تناقضاً، بل تأخذ برقاب بعضها كأنها موضوع واحد. [انظر رسالة موهم الاختلاف والتناقض في القرآن الكريم للشيخ ياسر أحمد علي الشمالي] يقول الشيخ الزرقاني: إن هذا المزيج الطريف الذي نجده في كل سورة، أو طائفة منه، له أثر بالغ في التذاذ قارئه، وتشويق سامعه، واستفادة المستفيد بأنواع متنوعة منه، فما أشبه كل مجموعة من القرآن بروضة يانعة، يتنقل الِإنسان بين أفيائها، متمتعاً بكل الثمرات، أو بمائدة حافلة بشتى الأطعمة، يُشبع الجائع حاجته بما فيها من جميع الألوان. [انظر مناهل العرفان ج 1/ 80] ويقول الدكتور محمد عبد الله دراز: إنك لتقرأ السورة الطويلة المنسجمة، يحسبها الجاهل أضغاثاً من المعاني حشيت حشواً، وأوزاعاً من المباني جمعت عفواً، فإذا هي

لو تدبرت بُنية متماسكة قد بنيت من المقاصد الكلية على أُسس وأصول، وأقيم على كل أصل منها شعب وفصول، فلا تزال تنتقل بين أجزائها كما تنتقل بين حجرات وأفنية في بنيان واحد، قد وضع رسمه مرة واحدة، لا تحس بشيء من تناكر الأوضاع في التقسيم والتنسيق، ولا بشيء من الانفصال في الخروج من طريق إلى طريق، بل ترى بين الأجناس المختلفة تمام الألفة، كما ترى بين آحاد الجنس الواحد نهاية التضام والإلتحام. ومن وراء ذلك كله يسرى في جملة السورة اتجاه معين، وتؤدي بمجموعها غرضاً خاصاً، كما يأخذ الجسم قواماً واحداً، ويتعاون بجملته على أداء غرض واحد مع اختلاف وظائفه العضوية. [انظر كاب النبأ العظيم 155]

القرآن سليم من الإختلاف

القرآن سليم من الإختلاف قال الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]، 1 - قال الطبري في تفسيرها: يعني جل ثناؤه بقوله: {أفلا يتدبرون القرآن} أفلا يتدبر المبيتون غير الذي تقول لهم يا محمد: كتاب الله، فيعلمون حجة الله عليهم في طاعتك واتباع أمرك، وإن الذي أتيتهم به من التنزيل من عند ربهم لاتِّساق معانيه، وائتلاف أحكامه، وتأييد بعضه بعضاً بالتصديق، وشهادة بعضه بعضاً بالتحقيق، فإن ذلك لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه، وتناقضت معانيه، وأبان بعضه عن فساد بعض. وأسند ابن جرير عن قتادة: (أي قول الله لا يختلف، وهو حق ليس فيه باطل، وإن قول الناس يختلف). وأسند عن ابن زيد: (إن القرآن لا يُكذِّب بعضه بعضاً، ما جهل الناس من أمر فإنما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم، وقرأ: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] قال فحق على المؤمن أن يقول: (كل من عند الله) ويؤمن بالمتشابه ولا يضرب بعضه ببعض، وإذا جهل أمراً ولم يعرفه أن يقول: (الذي قال الله حق، ويعرف أن الله تعالى لم يقل قولاً وينقضه، ينبغي أن يؤمن بحقيقة ما جاء من الله). [انظر تفسير الطبرى ج 8/ 567] 2 - وقال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية: يقول تعالى آمراً لهم بتدبر القرآن، وناهياً لهم عن الِإعراض عنه، وعن تفهم معانيه المحكمة، وألفاظه البليغة، ومخبراً لهم أنه لا اختلاف فيه ولا اضطراب، ولا تعارض، لأنه تنزيل من حكيم حميد، فهو

حق من حق، ولهذا قال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالُها}. [سورة محمد 24] ثم قال: {ولو كان من عند غير الله} أي لوكان مفتعلًا مختلقاً كما يقوله من يقوله من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم لوجدوا فيه اختلافاً أي اضطراباً وتضاداً كثيراً، أي وهذا سالم من الاختلاف فهو من عند الله، كما قال تعالى عن الراسخين في العلم حيث قالوا: {آمنا به كل من عند ربنا} أي مُحكَمِه (¬1) ومتشابهه (¬2) حق، فلهذا ردوا المتشابه إلى المحكم فاهتدوا، والذين في قلوبهم زيغ ردوا المحكم إلى المتشابه فغووا، ولهذا مدح الله تعالى الراسخين، وذم الزائغين. [انظر ابن كثير ج 1/ 529] 3 - وقال الشاطبي وإذا ثبت أن القرآن في نفسه لا اختلاف فيه، صح أن يكون حكماً بين جميع المختلفين، لأنه إنما يقرر معنى هو الحق، والحق لا يختلف في نفسه، فكل اختلاف صدر من المكلفين فالقرآن هو المهيمن عليه، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] فهذا دليل على أن الحق فيه واضح، وأن البيان فيه شاف، ولا شيء بعده يقوم مقامه، وهكذا فعل الصحابة. [انظر الاعتصام ج 2/ 309] ¬

_ (¬1) المحكم: أن يكون معنى الآية ظاهراً كقوله تعالى. {وأحل الله البيع} [البقرة 275] (¬2) المتشابه نوعان: حقيقى: وهو ما لا يمكن أن يعلمه البشر كحقيقة صفات الله، وكيفيتها، لكن معناها معلوم كقوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} فالاستراء معلوم كما قال الإمام مالك، وقد ورد تفسيره في البخاري عن الابعين بالعلو والارتفاع، وكيفية الاشراء غير معقولة. النوع الثاني. في: وهو ما يكون متبهاً على بعضر الاسر دون بعض كقوله تعالى: {ليس كمثله شيء} فأهل التعطيل فهموا منها نفي الصفات عن الله، وادعوا أن ثبوتها بستلزم المشابهة، وأعرضوا عن الآيات التي تثبت الصفات لته، علماً بأن إثات المعنى لا يستلزم المشابهة.

أسماء القرآن وأوصافه

أسماء القرآن وأوصافه 1 - لقد سمى الله القرآن بأسماء كثيرة منها: القرآن، والفرقان، والكتاب، والتنزيل، ولها أدلة من القرآن. 2 - ووصف الله القرآن بأوصاف في آياته منها أنه: نور، وهُدى، وموعظة، وشفاء، ورحمة، ومبا رك، ومبين، وبشرى، وعزيز، ومجيد، وبشير، ونذير، وكريم، وأحسن الحديث. قال تعالى يصف كتابه العزيز: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ} [الزمر: 23] (أحسن الحديث: أبلغه وأصدقه وأوفاه القرآن). (كتاباً متشابهاً: في إعجاره وهدايته وخصائصه، يشبه بعضه بعضاً في الحسن). (مثاني: مكرراً فيه الأحكام والمواعظ والقصص والآداب). (تقشَعرُّ منه: تضطرب وترتعد من قوارعه). (تلين جلودهم: تسكن وتطمئن لينة غير منقبضة). [انظر كلمات القرآن لحسنين محمد مخلوف] 3 - وقد ورد وصفه في أحاديث فيها ضعف إلا أن معناها صحيح: فروي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أ - "إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا مأدبته ما استطعتم، كان هذا القرآن هو حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة من تمسك به، ونجاة من تبعه، لا يُعوَج فيُقَوَّم، ولا يزيغ فيُستعتَب، ولا تنقضى عجائبه، ولا يخلَق عن كثرة الرد، أتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول

بـ (ألم)، ولكن بألفٍ عشراً، وباللام عشراً، وبالميم عشراً". [صححه الحاكم، وضعفه الذهبي] ب - "ألا إنها ستكون فتن، قلت وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله، كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، وهو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلَق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه. وهو الذي لم تَنتهِ الجن إذ سمعته أن قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن: 1] هو الذي من قال به صدق، ومن حكم به عدَل، ومن عمل به أُجِر، ومن دعا إليه هديَ إلى صراط مستقيم". [رواه الترمذي وقال محقق جامع الأصول في سنده مجهول] [ورجح الشيخ الألباني وقفه على علي بن أبي طالب]

معنى التأويل وأنواعه في القرآن

معنى التأويل وأنواعه في القرآن قال الله تعالى: {هُوَ الًذِي أنزلَ عَلَيكَ الكِتَاب مِنهُ ءايَاتٌ مُحكَمَات هُن اُمُّ الكِتَاب وَأُخَرُ مُتَشَابهاتٌ؛ فَأمًا الذين في قُلُويهم زَيغ فَيَتَبعُونَ مَا تَشَابَة مِنه ابتغَاءَ اَلفِتنِةَ وابتِغَاَءَ تَأويِلِه، وَمَا يَعلمُ تَأويلَه إِلا الله. وَالراسخونَ في العِلمِ يَقَولُون ءامَنَّا بهِ كُلٌ مِن عِندِ رَبنَا، وَمَا يَذَّكرُ إلَأ أولُوا الَألبَاب} [آل عمران 7] الأول: التأويل: بمَعنى التفسير، فهو الكلام الذي يفسر به اللفظ حتى يفهم معناه، وهذا هو الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن كابن جرير الطبري وأمثاله من المفسرين. الثاني: التأويل: هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، فتأويل ما أخبر الله به عن ذاته وصفاته هو حقيقة ذاته المقدسة وما لها من حقائق الصفات، وتأويل ما أخبر الله به عن اليوم الآخر هو نفس ما يكون في اليوم الآخر. 1 - فالذين يقولون بالوقف على قوله تعالى: {فأما الذين في قلويهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله} ويجعلون {والراسخون في العلم} استئنافاً، إنما عَنَوا بذلك التأويل بالمعنى الثاني، أي الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، فحقيقة ذات الله وكنهها، وكيفية أسمائه وصفاته، وحقيقة الميعاد لا يعلمها إلا الله. 2 - والذين يقولون بالوقف على قوله: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} على أن الواو للعطف، وليست للاستئناف، إنما عَنَوا بذلك التأويل بالمعنى الأول وهو التفسير، فإذا ذكر عن مجاهد أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به أنه يعرف تفسيره. وبهذا يتضح أنه لا منافاة بين القولين في النهاية، وإنما الأمر يرجع إلى الاختلاف في معنى التأويل. [علوم القرآن للقطان]

التأويل المذموم

3 - وقال ابن عباس رضي الله عنهما: التفسير على أربعة أنواع: 1 - فتفسير لا يعذر أحد في فهمه (كمعرفة الحلال والحرام). 2 - وتفسير تعرفه العرب من لغاتها (كمعنى الإله: وهو المعبود). 3 - وتفسير يعلمه الراسخون في العلم (كمعنى الإستواء: العلو). 4 - وتفسير لا يعلمه إلا الله (كمعرفة كيفية الذات والصفات). [ذكره ابن كثير] التأويل المذموم الثالث: التأويل المذموم: هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به، وهو الذي عناه أكثر المتأخرين في تأويل نصوص الصفات، وإنما لجأوا إليه مبالغة منهم في تنزيه الله تعالى عن مماثلة المخلوقين في زعمهم؛ وهذا زعم باطل أوقعهم في مثل ما هربوا منه أوأشد، فهم حين يؤولون اليد بالقدرة مثلًا إنما قصدوا الفرار من أن يثبتوا للخالق يداً، لأن للمخلوقين يداً فاشتبه عليهم لفظ اليد فأولوها بالقدرة، وذلك تناقض منهم، لأنهم يلزمهم في المعنى الذي أثبتوه نظير ما زعموا أنه يلزم في المعنى الذي نفوه، لأن العباد لهم قدرة أيضاً. فإن كان ما أثبتوه من القدرة حقاً ممكناً كان إثبات اليد لله حقاً ممكناً أيضاً. وإن كان إثبات اليد باطلاً ممتنعاً لما يلزمه من التشبيه في زعمهم كان إثبات القدرة باطلاً ممتنعاً كذلك، فلا يجوز أن يقال: إن هذا اللفظ مُؤوَّل بمعنى أنه مصروف عن الإحتمال الراجح إلى الإحتمال المرجوح. وما جاء عن أئمة السلف وغيرهم من ذم للمتأولين إنما هولمثل هؤلاء الذين تأولوا ما يشتبه عليهم معناه على غير تأويله وإن كان لا يشتبه على غيرهم. [انظر علوم القرآن للقطان]

موقف الراسخين في العلم والزائغين من المتشابه

موقف الراسخين في العلم والزائغين من المتشابه إن موقف الرالسخين في العلم من المتشابه وموقف الزائغين منه بينه الله تعالى فقال في الزائغين: {فأما الذين في قلويهم زَيغٌ فيتَّبعون ما تشابة منه ابتغاءَ الفتنة وابتغاءَ تأويلِه}. [آل عمران 7] وقال في الراسخين في العلم: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به كُل من عند رَبنا} [آل عمران 7] فالزائغون يتخذون من هذه الآيات المشتبهات وسيلة للطعن في كتاب الله وفتنة الناس عنه وتأويله لغير ما أراد الله تعالى به فيَضِلون وُيضلون. وأما الراسخون في العلم فيؤمنون بأن ما جاء في كتاب الله تعالى فهو حق وليس فيه اختلاف ولا تناقض لأنه من عند الله. {ولو كان من عند الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً}. [النساء: 82] وما جاء مشتبهاً ردوه إلى المحكم ليكون الجميع مُحكَماً. 1 - ويقولون في المثال الأول: إن لله تعالى يدين حقيقتين على ما يليق بجلاله وعظمته لا تماثلان أيدي المخلوقين كما أن له ذاتاً لا تماثل ذوات الخلوقين لأن الله تعالى يقول: {لَيسَ كمِثله شيء وَهُوَ السَميِعُ البَصير}. [الشورى 11] وكعُلُو الله على عرشه على ما يليق بجلاله لا يشبه مخلوقاته: قال الله تعالى: {الرحمَن عَلَى العَرش استَوَى}. [طه 5] 2 - ويقولون في المثال الثاني: إن الحسنةَ والسيئة كلتاهما بتقدير الله -عَزَّ وَجَلَّ- لكن الحسنة سببها التفضل من الله تعالى على عباده. أما السيئة فسببها فعل العبد كما قال الله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}. [الشورى 30] فإضافة السيئة إلى العبد من إضافة الشيء إلى سببه لا من إضافته إلى مُقَدِّره، أما

إضافة الحسنة والسيئة إلى الله تعالى فمن باب إضافة الشيء إلى مُقَدِّره، وبهذا يزول ما يوهم الاختلاف بين الآيتين لانفكاك الجهة. 3 - ويقولون في المثال الثالث: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقع منه شك فيما أُنزل إليه بل هو أعلم به وأقواهم يقيناً كما قال الله تعالى {قل يا أيها الناس إن كنتم في شَكٍ مِن ديني فلا أعبدُ الذين تعبدون مِن دون الله} الآية. [سورة يونس104] المعنى إن كنتم في شك منه فأنا على يقين منه ولهذا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله بل أكفر بهم وأعبد الله. ولا يلزم من قوله: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} أن يكون الشك جائزاً على الرسول - صلى الله عليه وسلم - واقعاً منه، ألا ترى قوله تعالى: {قل إنْ كان للرحمن ولَدٌ فأنا أولُ العابدين}. [الزخرف 81] هل يلزم منه أن يكون الولد جائزاً على الله تعالى أو حاصلاً؟ كلا، فهِذا لم يكن حاصلاً ولا جائزاً على الله تعالى، قال الله تعالى: {وَمَا يَنبغِيِ لِلرَّحمن أن يَتَّخِذَ وَلَداً، إِنْ كُلُّ مَن في السَّمَوَاتِ وَالأرضِ إِلاءَاتِى الرَّحَمنِ عَبداَ}. [سوره مريم 92 - 93] ولا يلزم من قوله تعالى: {فلا تكونَن من الممترين} أن يكون الامتراء واقعاً من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأن النهي عن اليء قد يوجه إلى من لم يقع منه، ألا ترى قوله تعالى: {ولا يصدُنَّك عن آياتِ الله بعد إذ أنزلَتْ إليك وادعُ إلى ربك ولا تكونن من المشركين}. [القصص 87] المعلوم أنهم لم يصدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن آيات الله وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقع منه شرك؛ والغرض من توجيه النهي إلى من لا يقع منه التنديد بمن وقع منهم والتحذير من منهاجهم، وبهذا يزول الاشتباه وظن ما لا يليق بالرسول - صلى الله عليه وسلم -. [انظر كتاب أصول في علم التفسير للشيخ محمد صالح العثيمين]

أنواع التشابه في القرآن

أنواع التشابه في القرآن التشابه الواقع في القرآن نوعان: أحدهما: حقيقى وهو ما لا يمكن أن يعلمه البشر كحقائق صفات الله -عَزَّ وَجَلَّ- فإننا وإن كنا نعلم معاني هذه الصفات لكننا لا ندرك حقائقها وكيفيتها لقوله تعالى: {ولا يُحيطون به علماً}. [طه 110] وقوله تعالى: {لا تُدركه الأبصار وهو يُدرِك الأبصارَ وهو اللطيف الخبير}. [الأنعام 103] ولهذا لما سئل الإِمام مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} كيف استوى قال: الإستواء غير مجهول والكيف غير معقول والِإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. وهذا النوع لا يُسأل عن استكشافه لتعذر الوصول إليه. يفهم من قول مالك أن كيفية الإستواء مجهولة لنا، ومعنى الإستواء معلوم وهو العلو. النوع الثاني: نسبي وهو ما يكون مشتبهاً على بعض الناس دون بعض فيكون معلوماً للراسخين في العلم دون غيرهم. وهذا النوع يسأل عن استكشافه وبيانه لِإمكان الوصول إليه إذ لا يوجد في القرآن شيء لا يتبين معناه لأحد من الناس قال الله تعالى: {هذا بيانٌ للناس وهُدىً وموعظة للمتقين}. [آل عمران 138] وقال: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء}. [النحل 89] وقال: {فإذا قرأناه فاتَّبِع قرآنه ثم إن علينا بيانه} [القيامة 17 - 18] وقال: {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً}. [النساء174] وأمثلة هذا النوع كثيرة منها قوله تعالى: {ليس كمِثلِه شيء} حيث اشتبه على أهل التعطيل ففهموا منه انتفاء الصفات عن الله تعالى وادَّعَوا أن ثبوتها يستلزم المماثلة

وأعرضوا عن الآيات الكثيرة الدالة على ثبوت الصفات له وأن إثبات أصل المعنى لا يستلزم المماثلة. مثال ذلك قوله تعالى: {ومَن يقتل مؤمناً مُتعَمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدً له عذاباً عظيماً}. [النساء93] حيث اشتبه على الوعيد ية ففهموا منه أن قاتل المؤمن عمداً مخلد في النار واطَّردوا ذلك في جميع أصحاب الكبائر وأعرضوا عن الأيات الدالة على أن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله تعالى. ومنها قوله تعالى: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير} حيث اشتبه على الجبرية ففهموا منه أن العبد مجبور على عمله وادعوا أنه ليس له إرادة ولا قدرة عليه، وأعرضوا عن الآيات الدالة على أن للعبد إرادة وقدرة وأن فعل العبد نوعان اختياري وغير اختياري. والراسخون في العلم أصحاب العقول يعرفون كيف يخرجون هذه الآيات المتشابهة إلى معنى يتلاءم مع الآيات الأخرى فيبقى القرآن محكماً كله لا متشابه فيه. [انظر كتاب أصول علم التفسير للشيخ محمد صالح العثيمين]

الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه

الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه لو كان القرآن كله محكماً لفاتت الحكمة من الاختبار به تصديقاً وعملًا لظهور معناه وعدم المجال لتحريفه والتمسك بالمتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. ولو كان كله متشابهاً لفات كونه بياناً وهُدىً للناس، ولما أمكن العمل به وبناء العقيدة السليمة عليه، ولكن الله تعالى بحكمته جعل منه آيات محكمات يُرجع إليهن عند التشابه وأُخر متشابهات امتحاناً للعباد ليتبين صادق الإِيمان ممن في قلبه زيغ فإن صادق الإِيمان يعلم أن القرآن كله من عند الله تعالى وما كان من عند الله فهو حق ولا يمكن أن يكون فيه باطل أو تناقض لقوله تعالى: {لا يأتيه الباطل مِن بين يديه ولا مِن خَلفِه تنزيل من حكيمٍ حميد}. [فصلت42] وقوله: {وَلَو كَانَ مِن عِندِ غَير الله لَوَجَدُوا فية اختِلاَفاً كَثيرا}. [النساء82] وأما مَن في قلبه زيغ فيتخذ من المتشابه سبيلاً إلى تحريفَ المحكم واتباع الهوى في التشكيك في الأخبار والاستكبار عن الأحكام ولهذا تجد كثيراً من المنحرفين في العقائد والأعمال يحتجون على انحرافهم بهذه الآيات المتشابهة. [انظر كتاب أصول في التفسير للشيخ محمد بن صالح العثيمين بزيادة أمثله] وعن عائشة قالت: {تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا رأيت الذين يتَّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سَمَّى الله فاحذرهم}. [متفق عليه]

كيف تنتفع بالقرآن الكريم؟

كيف تنتفع بالقرآن الكريم؟ قال الله تعالى: {إِنَ في ذَلِكَ لَذِكرَى لِمَن كانَ لَهُ قَلبٌ أو ألقَى السمعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}. [سورة ق 37] إذا أردت الإنتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به، فإنه خطاب منه سبحانه لك على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفاً على مؤثر مُقتضٍ، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه: تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه، وأدله على المراد. فقوله: {إن في ذلك لذكرى} إشارة إلى ما تقدم من أول سورة ق إلى ههنا، وهذا هو المؤثر. وقوله: {لِمَن كان له قلب} فهذا هو المحل القابل، والمراد به: القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: {إنْ هُوَ إِلا ذِكرٌ وَقرءَانٌ مُبينٌ، لِيُنذرَ مَن كَانَ حَيّاً}. [سورة ص 69 - 70] (أي حي القلب). وقوله: {أو ألقى السمع} أي وجَّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له وهذا هو شرط التأثير بالكلام. وقوله: {وهو شهيد} أي شاهد القلب حاضر، غير غائب. قال ابن قتيبة: استمع لكتاب الله، وأنت شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساهٍ. وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير: وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له، والنظر فيه وتأمله. فإذا حصل المؤثر، وهو القرآن، والمحل القابل، وهو القلب الحي، ووجد الشرط، وهو الِإصغاء، وانتفى المانع، وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب، وانصرافه إلى شيء آخر: حصل الأثر، وهو الإنتفاع بالقرآن والتذكر. [انظر الفوائد لابن القيم ص 3 - 5]

كيف تقرأ القرآن؟

كيف تقرأ القرآن؟ قال الله تعالى: {ورَتَل القرآن ترتيلاً}. [المزمل 4] اقرأه على تمهُّل، فإنه يكون عوناً على فهم القرآن وتدبره: سُئلت، أم سلمة عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كان - صلى الله عليه وسلم - يقطع قراءته آية آية: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [صحيح رواه الترمذي] ويستحب الترتيل وتحسين الصوت وعدم السرعة في القراءة. قال - صلى الله عليه وسلم -: "حَسّنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حُسناً". [صحيح رواه أبو داود وغيره] وقال ابن مسعود: لا تنثروه نثر الرمل، ولا تهذوه هذَّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن همُّ أحدكم آخر السورة. [رواه البخاري] لا يجوز أن تقول بعد النهاية من قراءة القرآن (صدق الله العظيم)، لأن قراءة القرآن عبادة لا تجوز الزيادة فيها إلا إذا ورد نص من الشارع، ولم يرد فيها شيء: سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - القرآن من ابن مسعود، فلما وصل إلى قول الله تعالى: {وجئنا بك على هؤلاء شهيداً}، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (حسبك) [رواه البخاري] ولم يقل ابن مسعود (صدق الله العظيم) ولم يأمره بها. إن هذه البدعة أماتت سنة، وهي الدعاء لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ القرآن فليسأل الله به". [حسن رواه الترمذي] فعلى القارىء أن يدعو الله بما شاء بعد القراءة، ويتوسل إلى الله بما قرأه، فهو من العمل الصالح المسبب لقبول الدعاء.

"القرآن حجة لك أو عليك"

"القرآن حجة لك أو عليك" هذا الحديث الصحيح رواه مسلم يقسم القراء إلى قسمين: 1 - القارىء الذي يقرأ القرآن ويكون حجة له يوم القيامة هو الذي يعمل بأوامره، ويبتعد عن نواهيه فيحل حلاله، ويحرم حرامه، ويحكم به، ويتحاكم إليه، ويرضى بحكمه، ويتدبر معانيه عملاً بقوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَاب} [ص: 29] ويكثر من تلاوته وحِفظه وسماعه من غيره، ولا سيما محطة الإذاعة للقرآن الكريم في السعودية وغيرها، ومن الأشرطة المسجلة لمشاهير القُراء كالمنشاوي والحصري وغيرهما، فيستفيد مع عائلته مِن تلاوته وتفسيره: فإذا قرأ أو سمع قوله تعالى {وأوفوا بِالعهد إن العهد كان مسئولًا}. [الإسراء 34] بادر إلى الوفاء بالعهد والوعد مع ربه وإخوانه. 2 - القارىء الذي يَقرأ القرآن ويكون حجة عليه هو الذي لا يعمل بأوامره، ولا يبتعد عن نواهيه، ولا يحل حلاله ولا يُحرم حرامه، ولا يحكم به، ولا يتحاكم إليه، ولا يرِضى بحُكمه، ولا يهمه فهمه وتدبره وتطبيقه .. فإذا قرأ أو سمع قوله تعالى: {ثُمَ نَبتَهِل فَنَجعل لًعنَتَ الله عَلىَ الكَاذِبِين}. [آل عمران 61] فترى هذا القارىء يكذب على الناس في حديثه، ووعده، ومُعاملاته، وعقوده ومن المؤسف أن ترى مِن الكفار من يلتزم الصدق في مُعاملته وعقوده ووعوده، وحدثني ولدي أنه رأى في باريس حديقة الحيوانات، ورأى فيها حيواناً له يدان، فإذا ألقى إليه إنسان شيئاً أمسَكه بيده، وبما أن أحد المشاهدين لم يجد شيئاً معه، فأشار بيده إلى الحيوان دون أن يلقي إليه شيئاً، فرآه الفرنسي حارس الحديقة، وتقدم إلى هذا المسلم يوبخه على كذِبه على الحيوان!!

وهذه القصة تذكرنا بقصة جرت مع الإمام البخاري رحمه الله حينما رحل إلى بلد بعيد لِيأخذ الحديث عن رجل سمع به، فلما وصل إليه بعد سَفر طويل ومشقة وجدَه يُنادي حيواناً بيده وذيله دون أن يكون معه شيء، فرجع البخاري ولم يأخذ عَنه الحديث، لأن الذي يكذب على الحيوان قد يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ونرى كثيراً من الناس يكذب بحجة المزح، أو يكذب على ولده، ولا يدري أن هذا مسجل عليه في أعماله وفي الحديث: "أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك الكذب ولو كان مازحاً". [حسنه الألباني] فعليك يا أخي المسلم أن تعمل بما تقرأ وتسمع حتى يكون القرآن حجة لك لا عليك، ولا سيما حفظة القرآن والمشتغلين بعلومه وتفسيره، فكثيراً من حفظة القرآن ومفسريه لا يتقيدون بتعاليمه وآدابه. وهناك من الرجال من يحفظ القرآن، ويشتغل بتفسيره مدة طويلة ولكنه لا يتورع عن الكذب ورمي إخوانه باقبح الخصال، والفحش من الكلام، دون سبب موجب، حتى لقد حكم على رجل مُحدِّث عالم جليل سلفي العقيدة بأنه يحترق في نارجهنم!! وهاجم أحد إخوانه في الحرم المكي وقال له: يا جاهل يا ضال أنت ترد عليَّ!!! علما بأن أخاه نصحه وبيَّن أخطاءه بلطف، ولكن أخذته العزة بالِإثم، فخاصم وفجر في بيت الله الحرام، مع أن المشرك قبل الإِسلام كان يحترم الحرم، فإذا وجد قاتل أبيه أعرض عنه احتراماً لبيت الله الحرام؛ فماذا استفاد هذا الرجل من حفظه للقرآن وتفسيره؟ لا شك أنه سيكون حجة عليه كما ورد عن الصادق المصدوق: "والقرآن حجة لك أو عليك". [رواه مسلم] وأعرف من حفظة القرآن مَن يتخذه مهنة ليقرأه على الأموات ويأخذ الأموال ويأكل الطعام على الموائد، وقد حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُمته فقال: 1 - اقرأوا القرآن واعملوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به". [صحيح رواه الإمام أحمد وغيره] 2 - "اقرأوا القرآن وسلوا الله به، قبل أن يأتي أقوام يقرؤون القرآن فيسألون به الناس". [صحيح رواه الإِمام أحمد وغيره]

التحذير من هجر القرآن

التحذير من هجر القرآن قال الله تعالى: {وقال الرسولُ يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً}. [الفرقان 30] يقول الله تعالى مخبراً عن رسوله ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: {يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً}. وذلك أن المشركين كانوا لا يُصغون للقرآن ولا يستمعونه كما قال تعالى: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغَوْا فيه لعلكم تغلبون}. [فصلت 26] فكانوا إذا تليَ عليهم القرآن أكثروا اللغَط والكلام في غيره حتى لا يسمعونه: فهذا مِن هجرانه، وترك الإِيمان به وترك تصديقه: مِن هجرانه، وترك تَدبُّرهِ وتفهمه: مِن هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره: مِن هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام، أو طريقة مأخوذة من غيره: مِن هجرانه. فنسأل الله الكريم المنان القادر على ما يشاء، أن يُخلصنا مما يُسخطه ويستعملنا فيما يرضيه من حفظ كتابه وفهمه والقيام بمقتضاه آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يحبه ويرضاه إنه كريم وهاب. [انظر تفسير ابن كثير]

توجيه وبيان لفهم معاني بعض آي القرآن

توجيه وبيان لفهم معاني بعض آي القرآن * - التحذير من البدع في الدين. * - علاقة الشرك بالإفساد في الأرض. * - محبة غير الله كحب الله شرك. * - الله فوق العرش على السماء. * - الخوف والرجاء. * - طريق الحق واحد وطرق الضلال كثيرة. * - المفهوم الصحيح لآية الهداية. * - أنواع الهداية في القرآن. * - القرآن يأمر بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -. * - الذكر الكثير وأنواعه. * - حكم تعدد الزوجات في الإسلام. * - خطر اختلاط الرجال بالنساء. * - عيسى عليه السلام حي في السماء. * - الآيات الدالة على عدم قتل عيسى. * - الأحاديث التي تثبت نزول عيسى. * - الكافي هو الله وحده. * - ترك الحكم بكتاب الله يسبب البلاء. * - تنزيه القرآن عن دسائس الشيطان. * - الفسق وأثره في هلاك الأمة. * - كيفية الدعوة إلى الله. * - استجيبوا لله وللرسول. * - الخسارة للكافرين والفوز للمؤمنين.

التحذير من البدع في الدين

التحذير من البدع في الدين قال الله تعالى في حق عيسى عليه السلامِ: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ..} [الحديد: 27] {رهبانية} منصوب بابتدعوها أي وابتدعوا رهبانية، فالوقف التام على قوله: {ورحمة} ثم يبتدىء {ورهبانية ابتدعوها} أي لم نشرعها لهم، ولم نكتبها عليهم، بل هم ابتدعوها من عند أنفسهم. [وهم الرهبان من النصارى]. وفي نصب قوله: {إلا ابتغاء رضوان الله} ثلاثة أوجه: فالصواب: أنه منصوب نصب الاستثناء المنقطع، أي: لم يفعلوها ولم يبتدعوها إلا لطلب رضوان الله ودل على هذا قوله: {ابتدعوها} ثم ذكر الحامل لهم والباعث على ابتداع هذه الرهبانية، وأنه طلب رضوان الله؛ ثم ذمهم بترك رعايتها. [انظر مدارج السالكين ج 3/ 32] وعلق الشيخ حامد الفقي على هذا الكلام بقوله: والظاهر من سياق الآية مع ما قبلها وما بعدها: أن الله سبحانه وتعالى يقصد إلى ذم الابتداع في الدين، ويبين أنه مناف للفطرة، وأن كل من ابتدع بدعة فإن مقتضى الفطرة أن يهن ويضعف عن القيام بها، لأنها مخالفة ومجافية للفطرة والعقل السليم. فأما الدين الذي شرعه الله الرب العليم الحكيم لِإتمام النعمة على عباده، فإنه لِإصلاح الإِنسانية وأخذها إلى الصراط المستقيم بفطرة الله التي فطر الناس عليها. والرهبانية: وهي حرمان الطبيعة البشرية من حقوقها الفطرية في النساء والطعام واللباس والراحة والنوم ونحوها منافية للفطرة، فمحال أن يقدر الإِنسان على الوفاء بها ورعايتها حق الرعاية. ولذلك غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد الغضب على منِ حاول ذلك، وقال الله تعالى: {قُل مَن حَرمَ زِينَةَ الله ائَتي أخَرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَيبَاتِ مِنَ الرزق}. [الأعراف 32] وذكر في كثير من الآيات أنها من وحي الشيطان إلى أوليائه والله أعلم. [انظر هذا التعليق في كتاب التفسير القيم لابن القيم ص 486] أقول: لقد تشبه بعض الصوفية بالرهبان، فلبسوا الصوف، وحرموا أنفسهم من الطيبات، مخالفين القرآن وهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

التحذير من مخالطة المبتدعة

التحذير من مخالطة المبتدعة قال الله تعالى: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68] والمراد بذلك كل فرد من آحاد الأمة أن لا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله، ويضعونها على غير موضعها. [تفسير ابن كثير ج 2] أقول: وكلمة الظالمين: تشمل المشركين، والمحرفين، والمبتدعين في الدين. وقد حذر ابن القيم منهم فقال: القسم الرابع: مَن مخالطته الهُلْك كله، ومخالطته بمنزلة أكل السم، فإن اتفق لآكله ترياق، وإلا فأحسن الله فيه العزاء. وما أكثر هذا الضرب في الناس- لا كثَرهم الله - وهم أهل البدع والضلالة، الصادون عن سنة الله ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الداعون إلى خلافها، الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً، فيجعلون البدعة سنة، والسنة بدعة، والمعروف منكراً، والمنكر معروفاً. 1 - إن جرَّدت التوحيد بينهم قالوا: تنقصت جناب الأولياء الصالحين! 2 - وإن جرَّدت المتابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: أهدرت الأئمة المتبوعين! 3 - وإن وصفت الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه رسوله من غير غُلُوِّ ولا تقصير قالوا: أنت من المشبهين! 4 - وإن أمرت بما أمر الله به ورسوله من المعروف، ونهيت عما نهى الله عنه ورسوله من المنكر قالوا: أنت من المفتنين! 5 - وإن اتبعت السنة وتركت ما يخالفها قالوا: أنت من أهل البدع المضلين! 6 - وإن انقطعت إلى الله تعالى، وخليت بينهم وبين جيفة الدنيا قالوا: أنت من الملَبسين!

7 - وإن تركت ما أنت عليه، واتبعت أهواءهم، فانت عند الله من الخاسرين، وعندهم من المنافقين! فالحزم كل الحزم: التماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم، وأن لا تشتغل بأعتابهم، ولا باستعتابهم، ولا تبال بذمهم، ولا بغضهم، فإنه عَينُ كمالك، فإنه كما قيل: وإذا أتتك مَذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني فاضل [انظر تفسير القيم لابن القيم ص 630] أقول: لابد من دعوة مثل هؤلاء إلى الحق بالتي هي أحسن لِإقامة الحجة عليهم امتثالًا لأمر الله تعالى مخاطباً رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم -: {وَجَادِلهم بالتي هِي أَحسَن}. [النحل 125] {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 127، 128]

علاقة الشرك بالإفساد في الأرض

علاقة الشرك بالإفساد في الأرض قال الله تعالى: {وَلَا تُفسِدُوا في الأرض بَعدَ إِصلَاحها}. [الأعراف 56] قال أكثر الفسرين: لاَ تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة اللة بعد إصلاح الله إياها ببعث الىسل وبيان الشريعة، والدعاء إلى طاعة الله فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيىه والشرك به هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو الشرك به ومخالفة أمره: قال تعالى: {ظهر الفسادُ في البَر والبحر بما كسبت أيدي الناس} [الروم 41] وبالجملة فالشرك والدعوة إلى غير الله، وإقامة معبود غيىه، ومُطاعِ مُتَّبَع غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو أعظم الفساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا بأن يكون الله وحده هو المعبود، والدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباع لرسوله ليس إلا، وغيىه إنما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرسول، فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له ولا طاعة، فإن الله أصلح الأرض برسوله ودينه، وبالأمر بتوحيده، ونهى عن إفسادها بالشرك به، وبمخالفة رسوله. ومَن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله، وكل شر في العالم، وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو, وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله. [انظر تفسير القيم لابن القيم ص 255]

محبة غير الله كحب الله شرك

محبة غير الله كحب الله شرك قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165] [الأنداد: جمع نِد: وهو المثيل والنظير]. قال ابن القيم: أخبر تعالى أن من أحب من دون الله شيئاً كما يحب الله تعالى، فهوِ ممن اتخذ من دون الله أنداداً، فهذا نِد في المحبة، لا في الخَلق والربوبية، فإن أحداً من أهل الأرض لم يُثبت هذا النِد، بخلاف نِد المحبة، فإن أكثر أهل الأرض قد اتخذوا من دون الله أنداداً في الحب والتعظيم. وقوله: {يُحبونهم كحُب الله} أي يُحبونهم كما يحبون الله، فيكون قد أثبت لهم محبة الله، ولكنها محبة يشركون فيها معِ الله أنداداً. ثم قال: {والذين آمنوا أشد حباً لله}. أي والذين آمنوا أشد حباً لله من أصحاب الأنداد لأندادهم، وآلهتهم التي يحبونها، ويعظمونها من دون الله. ورجح شيخ الإسلام اين تيمية هذا التفسير حين قال: إنما ذموا بأن اشركوا بين الله وبين أندادهم في المحبة ولم يخلصوها لله، كمحبة المؤمنين له، وهذه التسوية المذكورة في قوله تعالى: مخبراً عنهم وهم في النار: أنهم يقولون لآلهتهِم وأندادهم، وهي محضرة معهم في العذاب: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 97، 98] ومعلوم أنهم لم يُسووهم برب العالمين في الخلقَ والربوبية، وإنما سوَّوهم به في المحبة والتعظيم. [انظر مدارج السالكين لابن القيم ج 3/ 13 - 14] أقول: إن بعض المسلمين من الصوفية يحبون مشايخهم ويعظمونهم كما يحبون الله، متشبهين بالمشركين الذي ذمهم الله في الآية الأولى، والبعض من المسلمين - مع

الأسف الشديد- يدعون أولياءهم كما يدعون الله، فقد ساووا بينهم وبين الله في الدعاء وهو من العبادة التي لا تجوز إلا لله، فتنطبق عليهم الآية الأخيرة، وفي الحديث: "الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] ومن الصوفية من يسوي بين الله ومخلوقاته كابن عربي المدفون بدمشق حيث يقول: الرب عبد، والعبد رَب ... ياليت شعري مَن المكلف؟ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

الله فوق العرش على السماء

الله فوق العرش على السماء قال الله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} [الأنعام: 3] كثيراً ما تسأل مسلماً: أين الله؟ فيجيبك: في كل مكان ويستشهد بهذه الآية، أو بغيرها، ولو عرف تفسير الآيات لما استشهد بها على جوابه الخطأ. قال ابن كثير: اختلف مفسرو هذه الآية على أقوال بعد اتفاقهم على إنكار قول الجهمية (فرقة ضالة) الأول القائلين -تعالى عن قولهم علواً كبيراً- بأنه في كل مكان، حيث حملوا الآية على ذلك. 1 - فالأصح من الأقوال أنه المدعو الله في السموات وفي الأرض أي يعبده ويوحده، ويقر بالِإلهية مَن في السموات ومن في الأرض، ويسمونه الله، ويدعونه رغباً ورهباً إلا من كفر من الجن والانس، وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] أي هو إله مَن في السماء وإله مَنِ في الأرض، وعلى هذا فيكون قوله: {يعلم سِركم وجَهركم} خبراً أو حالًا. 2 - والقول الثاني أن المراد أنه الله الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض مِن سِر وجهر، فيكون قوله: {يعلم} متعلقاً بقوله: {في السموات وفي الأرض} تقديره: وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض، ويعلم ما تكسبون. 3 - الثالث: أن قوله: {وهو الله في السموات} وقف تام، ثم استأنف الخبر فقال: {وفي الأرض يعلم سِركم وجهركم}، وهذا اختيار ابن جرير. وقوله: {ويعلم ما تكسبون} أي جميع أعمالكم خيرها وشرها. [انظر تفسير ابن كثير ج 2/ 123] 4 - وأما قوله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} فقد فسرها ابن كثير بما يلي: (أي رقيب عليكم شهيد على أعمالكم حيث كنتم من بَرٍّ أو بحر في ليل أو نهار في البيوت أو في القفار، الجميع في علمه على السواء، وتحت بصره وسمعه، فيسمع كلامكم، ويرى مكانكم، ويعلم سركم ونجواكم). [ج 4/ 304]

5 - إن القائلين بأن الله في كل مكان أي معنا يسمعنا ويرانا فهذا صحيح، وإن أرادوا ذاته في كل مكان فهذا خطأ كبير، لأن هناك أماكن نجسة وقذرة كالحمامات والمزابل، فلا يقول عاقل مسلم بأن الله فيها، تعالى الله عن ذلك. وبعض المسلمين يقول: إن الله في قلب عبده المؤمن، ويستندون إلى حديث لا أصل له: "ما وسعني سمائي ولا أرضي، وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن". فمن قال إن الله يحل في قلوب الناس فهو أكفر من النصارى الذين خصوا ذلك بالمسيح وحده. والصحيح أن الله تعالى على السماء وفوق العرش، والدليل ما يلي: أ - قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء}. [البقرة 29] حسب تفسير مجاهد وأبي العالية في البخاري: (أي علا وارتفع). ب - قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - للجارية: "أين الله؟ " فأجابت: (في السماء) قال لها: "من أنا؟ " قالت: (محمد رسول الله)، فقال لصاحبها: "أعتقها فإنها مؤمنة". [رواه مسلم] يفهم من الحديث: أن من لم يعتقد أن الله في السماء فليس بمؤمن. (ومعنى في السماء: أي على السماء). والإعتقاد بأن الله في السماء هو قول الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ومن سار على نهجهم.

الخوف والرجاء

الخوف والرجاء قال الله تعالى: {وَادعُوهُ خَوفاً وَطَمَعاً}. [الأعراف 56] يأمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يدعوا خالقهم ومعبودهم خوفاً من ناره وعذابه، وطمعاً في جنته ونعيمه، كما قال في سورة الحجر: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر: 49، 50] لأن الخوف من الله يحمل العبد على الابتعاد عن معاصي الله ونواهيه، والطمع في جنته ورحمته يحفزه على العمل الصالح، وكل ما يُرضي ربه. ما تهدي إليه هذه الآية 1 - أن يدعو العبد ربه الذي خلقه، وهو الذي يسمع دعاءه، ويجيبه. 2 - عدم دعاء غير الله، ولو كان نبياً أو ولياً أو ملكاً، لأن الدعاء عبادة كالصلاة لا تجوز إلا لله. 3 - أن يدعو العبد ربه خائفاً من ناره، راغباً في جنته. 4 - في الآية رد على الصوفيين القائلين: بأنهم لا يعبدون الله خوفاً منه، أو رغبة فيما عنده؛ لأن الخوف والرغبة من أنواع العبادة، وقد امتدح الله الأنبياء وهم صفوة البشر فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90] 5 - في الآية ردٌّ على كتاب (الأربعين النووية) عندما شرح النووي حديث: "إنما الأعمال بالنيات" حيث قال: وإذا وجد العمل وقارنته النية فله ثلاثة أحوال:

الأول: أن يفعل ذلك خوفاً من الله تعالى: وهذه عبادة العبيد. الثاني: أن يفعل ذلك لطلب الجنة والثواب، وهذه عبادة التجار. الثالث: أن يفعل ذلك حياء من الله وتأدية لحق العبودية وتأدية للشكر .. وهذه عبادة الأحرار. وقد علق الشيخ محمد رشيد رضا على هذا الكلام في (مجموعة الحديث النجدية) فقال: هذا التقسيم أشبه بكلام الصوفية منه بكلام فقهاء الحديث. والتحقيق أن الكمال الجمع بين الخوف الذي سماه عبادة العبيد، وكلنا عَبيد الله، والرجاء في ثواب الله وفضله الذي سماه عبادة التجار. أقول: والشيخ متولي الشعراوي يتبنى عقيدة الصوفية في كتبه، حيث ذكر هذا التقسيم السابق، بل زاد في شططه حينما فسر -بالرائى- قوله تعالى: {وَلا يُشرك بعِبادَة ربه أحَدَاً}. [الكهف 110] فقال: والجنةَ أحد. (كأنه يعني: عبادة الله تعالى طلباً لجنته شرك). قال الشعراوي في كتابه (المختار من تفسير القرآن العظيم): النوع الثالث: أنه يعبده لأنه يستحق أن يُعبد واستدل بحديث قدسي: "لو لم أخلق جنة أو ناراً أما كنت أهلاً لأن أُعبد". [ج 2/ 25] وهذا الحديث لم يذكر درجته والظاهر عليه الكذب لأنه يخالف القرآن وهذا الكلام الذي ذكره في كتابه يؤيد ما قاله في الرائي عندما فسر الآية بقوله: (والجنة أحد). فإن قال قائل: أراد الشعراوي أن من عبد الجنة فقد أشرك بالله. نقول له: لا يوجد في الدنيا من يقول: إنه يعبد الجنة، ولكن هذا التفسير من الشعراوي تدليس وإخفاء لعقيدة الصوفية التي يتبناها في كتبه. والصوفية تقول: إنما يعبدون الله لا طمعاً في جنته ولا خوفاً من ناره!

الله نور السموات والأرض

الله نور السمواتِ والأرض قال الله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور: 35] وقد فسر ابن القيم قوله تعالى: {الله نَور السموات والأرض}: بكونه مُنوراً السموات والأرض، وهادي أهل السموات والأرض، فبنوره اهتدى أهل السموات والأرض، وهذا إنما هو فعله وإلا فالنور هو من أوصافه قائم به، ومنه اشتق له اسم النور الذي هو أحد الأسماء الحسنى. [إعلام الموقعين لابن القيم ج 1/ 185] وضرب الله -عَزَّ وَجَلَّ- لهذا النور ومحله وحامله ومادته مثلاً بالمشكاة، وهي الكوة في الحائط، فهي مِثل الصدر، وفي تلك المشكاة زجاجة من أصفي الزجاج، حتى شبهت بالكوكب الدري في بياضه وصفائه. وهي مِثل القلب، وشبه بالزجاجة لأنها جمعت أوصافاً هي في قلب المؤمن، وهي الصفاء والرقة والصلابة، فيرى الحق والهدى بصفائه، وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة برقته، ويجاهد أعداء الله تعالى ويَغلظ عليهم، ويَشتد في الحق، ويصلب فيه بصلابته، ولا تُبطل صفة منه صفة أخرى ولا تعارضها، بل تساعدها وتعاضدها كما قال الله تعالى في وصفهم: {أشِداء على الكفار، رحماء بينهم}. [الفتح 29] وفي الزجاجة مصباح، وهو النور الذي في الفتيلة، وهي حاملته، ولذلك النور مادة، وهو قد عصر من زيتونة في أعدل الأماكن تصيبها الشمس أول النهار وآخره، فزيتها من أصفى الزيت، وأبعده عن الكدر، حتى إنه ليكاد من صفائه يضيء بلا نار، فهذه مادة نور المصباح.

وكذلك مادة نور المصباح الذي في قلب المؤمن: هو من شجرة الوحي التي هي أعظم الأشياء بركة، وأبعدها عن الإنحراف، بل هي أوسط الأمور وأعدلها وأفضلها، لم تنحرف انحراف النصرانية، ولا انحراف اليهودية، بل هي وسط بين الطرفين المذمومين في كل شيء. فهذه مادة مصباح الإِيمان في قلب الؤمن. ولما كان ذلك الزيت قد اشتد صفاؤه، حتى كاد أن يضيء بنفسه، ثم خالط النار، فاشتدت بها إضاءته، وقويت مادة ضوء النارية فيه كان ذلك نوراً على نور. وهكذا المؤمن: قلبه مضيء يكاد يعرف الحق بفطرته وعقله، ولكن لا مادة له من نفسه، فجاءت مادة الوحي فباشرت قلبه، فازداد نوراً بالوحي على نوره الذي فطره الله تعالى عليه، فاجتمع له نور الوحي إلى نور الفطرة. فليتأمل اللبيب هذه الآية العظيمة ومطابقتها لهذه المعاني الشريفة، فقد ذكر سبحانه وتعالى نورَه في السموات والأرض، ونوره في قلب عباده المؤمنين: النور المعقول المشهود بالبصائر والقلوب، والنور المحسوس المشهور بالأبصار التي استنارت به أقطار العالم العلوي والسفلي، فهما نوران عظيمان، وأحدهما أعظم من الآخر. وكما أنه إذا فقد أحدهما من مكان أو موضع لم يعش فيه آدمي ولا غيره، لأن الحيوان إنما يكون حيث النور، ومواضع الظلمة لا يشرق عليها نور لا يعيش فيها حيوان ولا يكون البتة. فكذلك أمة فُقد فيها نورُ الوحي والِإيمان ميتة ولا بُد، وقلبٌ ضد منه هذا النور: ميت ولا بُد، لا حياة البتة، كما لا حياة للحيوان في مكان لا نور فيه. [انظر تفسير القيم لابن الميم 374/ والوابل الصيب 736] وفسر الطبري قوله تعالى: {يهدي الله لنوره مَن يشاء}. يوفق الله لاتباع نوره، وهو هذا القرآن مَن يشاء مِن عباده. وقوله تعالى: {ويضربُ الله الأمثالَ للناس} يقول: ويمثل الله الأمثال والأشباه للناس كما مثل لهم مَثل هذا القرآن في قلب المؤمن بالمصباح في المشكاة وسائر ما في هذه الآية من الأمثال. {والله بكل شيء عليم} والله يضرب الأمثال وغيرها من الأشياء كلها، ذو علم. [انظر تفسير الطبري 18/ 143]

ما يستفاد من الآية 1 - أن الله جعل للمؤمن نوراً يهتدي به. 2 - أن الله يهدي من يشاء من عباده إلى الإِيمان. 3 - أن هذه الهداية هي هداية التوفيق. 4 - أن هداية التوفيق بيد الله لا يقدر عليها أحد. 5 - استحسان ضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأذهان والفهم. 6 - أن اسم النور من أسماء الله تعالى. 7 - النور نوعان: نور محسوس كضوء الشمس لا يستغني عنه إنسان ولا حيوان ولا نبات. ونور معنوي: وهو القرآن الذي سماه الله نوراً لا يستغني عنه إنسان يريد الحياة الطيبة. 8 - إذا ظهر نور الشمس المحسوس الذي خلقه الله تعالى، لم يكن للمصابيح والشموع نور يُذكر؛ وكذلك إذا ظهر نور الإِسلام الذي أنزله الله لعباده -وهو نور معنوي- يجب أن تزول المبادىء المخالفة له: كالعلمانية، والماسونية، والرأسمالية، والشيوعية، وغيرها مما يضعه البشر، وقد زالت الشيوعية، وستزول بقية الأنظمة المخالفة للإِسلام، بإذن الله تعالى. وصدق الشاعر حين قال: الله أكبر إن دين محمد ... وكتابه أقوى وأقوم قيلا لا تُذكَر الكتب السوالف عنده ... طلع الصباح فأطفىء القنديلا

المحو والإثبات في الأجل

المحو والإثبات في الأجل قال الله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] قال الطبري: وأولىَ الأقوال التي ذكرت فَي ذلك بتأويل الآية وأشبهها بالصواب، القول الذي ذكرناه عن الحسن ومجاهد، وذلك أن الله تعالى ذكره توعد المشركين الذين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآيات بالعقوبة، وتهددهم بها، وقال لهم: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: 38] يعلمهم بذلك أن لقضَائه فيهم أجَلًا مثبتاً في كتاب، هم مؤخرون إلى وقتَ مجيء ذلك الأجل، ثم قال لهم: فإذا جاء ذلك الأجل يجيء الله بما شاء ممن دنا أجله وانقطع رزقه، أو حان هلاكه أو اتضاعه من رفعة أو هلاك مال، فيقضي ذلك في خلقه، فذلك محوه، ويثبت ما شاء ممن بقي أجله ورزقه وأكله: [أي حظه من الدنيا من البقاء والرزق، فيتركه على ما هو عليه فلا يمحوه. [انظر تفسير الطبري ج 16/ 490/ تحقيق محمود شاكر] وقال الطبري في تفسير {وعنده أم الكتاب}: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: (وعنده أصل الكتاب وجملته). وذلك أنه تعالى ذكره أخبرأنه يمحوما يشاء ويثبت ما يشاء، ثم عقب ذلك بقوله: (وعنده أم الكتاب)، فكان بيناً أن معناه: وعنده أصل المثبت منه، والممحو، وجملته في كتاب لديه. [تفسير الطبري ج 16/ 498 تحقبق شاكر] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في تفسير الآية: إن العلماء قالوا: إن المحو والإِثبات في صحف الملائكة، وأما علم الله سبحانه فلا يختلف، ولا يبدوله ما لم يكن عالماً به، فلا محو فيه ولا إثبات. وأما اللوح المحفوظ فهل فيه محو وإثبات؟ على قولين، والله سبحانه وتعالى أعلم. [انظر الفتاوي مجلد 14/ 492] أقول هذا التفسير من العلماء يرد على المبتدعين الذين يقرؤون هذه الآية في ليلة النصف من شعبان، زاعمين أن الله يمحو في هذه الليلة ما يشاء ويثبت.

الزيادة والنقصان في العمر

الزيادة والنقصان في العمر قال الله تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ} [فاطر: 11] قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: فقد قيل: إن المراد الجنس: أي ما يُعمر من عمر إنسان، ولا ينقص من عمر إنسان، ثم التعمير والتقصير يراد به شيئان: 1 - أحدهما أن هذا يطول عمره، وهذا يقصر من عمره، فيكون تقصيره نقصاً له بالنسبة إلى غيره، كما أن المعمر يطول عمره، وهذا يقصر عمره فيكون تقصيره نقصاً له بالنسبة إلى غيره، كما أن التعمير زيادة بالنسبة إلى آخر. 2 - وقد يراد بالنقص من العمر المكتوب، كما يراد بالزيادة الزيادة في العمر المكتوب. وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَن سره أن يُبسَط له في رِزقه، ويُنسأ له في أثَره فليصِل رحمه". وقد قال بعض الناس: إن المراد به البركة في العمر، بأن يعمل في الزمن القصير ما لا يعمله غيره إلا في الكثير، قالوا: لأن الرزق والأجل مقدران مكتوبان. فيقال لهؤلاء: تلك البركة والزيادة في العمل، والنفع أيضاً مقدرة مكتوبة، وتتناول لجميع الأشياء. والجواب المحقق: أن الله يكتب للعبد أجلاً في صحف الملائكة، فإذا وصل رحمه زاد في ذلك المكتوب، وإن عمل ما يوجب النقص نقص من ذلك المكتوب، ونظير هذا في الترمذي وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن آدم لما طلب من الله أن يُريه صورة الأنبياء من ذريتهْ، فأراه إياهم، فرأى فيهم رجلاً له بصيص، فقال: من هذا يا رب؟ فقال: ابنك داود، قال: فكم عمره؟ قال: أربعون سنة. قال: وكلم عمري، قال: ألف سنة. قال: فقد وهبتُ له من عمري ستين سنة، فكتب عليه كتاب، وشهدت عليه الملائكة، فلما حضرته الوفاة قال قد بقي من عمري ستون سنة. قالوا وهبتها لابنك داود، فأنكر ذلك، فأخرجوا الكتاب. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فنسِى آدم فنسِيَت ذريته، وجحد آدم فجحدت ذريته". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح مع اختلاف الألفاظ] [انظر الفتاوى ج 14/ 490]

طريق الحق واحد وطرق الضلال كثيرة

طريق الحق واحد وطرق الضلال كثيرة 1 - قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] 2 - وقال ابن مسعود: "خَط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطاً بيده، ثم قال: هذا سبيل الله مستقيماً وخط خطوطاً عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السبل، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} الآية". [صحيح رواه أحمد والنسائي] فوحّد لفظ الصراط وسبيله، وجمع السبل المخالفة له، لأن الطريق الموصل إلى الله واحد، وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه، لا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق. ولو أتى الناس من كل طريق، واستفتحوا من كل باب، فالطريق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مغلقة، إلا من هذا الطريق الواحد، فإنه متصل بالله، موصل إلى الله قال الله تعالى: {هذَا صرَاط علَيً مُستَقِيمٌ} (أي صراط موصِل إليَّ). [الحجر 41] وقال مجاهد: (الحق يرجع إلى الله، وعليه طريقه، لا يعرج على شيء) وهو من أصح ما قيل في الآية. وقيل: (عليَّ) فيه للوجوب، أي عليَّ بيانه وتعريفه والدلالة عليه. والقولان نظير القولين في آية النحل وهي: {وَعَلَى الله قَصدُ السّبيلِ}. [النحل 9] والصحيح فيها كالصحيح في آية الحجر: أن السبيل القاصد -وهو المستقيم المعتدل- يرجع إلى الله، ويوصل إليه. [انظر التفسير القيم لابن القيم 14 - 15] 3 - أقول: من هذه الآية الكريمة، ومن هذا الحديث الشريف يتبين للمسلم طريق الحق واحد، وهو صراط الله المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه، والصراط: هو

الإسلام المتمثل في الكتاب والسُنة الصحيحة، من تمسك بهما فقد هُدي إلى صراط الله المستقيم. وتفيد الآية والحديث أن طرق الضلال كثيرة:. وهي التي ابتعدت عن الكتاب والسنة، وابتدعت لنفسها بدعاً ينكرها الإِسلام فمشت في الظلمات، وتركوا صراط الله الذي فيه النور والهداية، لذلك قال الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257] ففي هذه الآية وحَّد طريق النور، وجمع طرق الظلمات، كما جاء في الآية الأولى والحديث المتقدم، وهذا يدل على أن طريق الحق واحد، وطرق الضلال كثيرة.

المفهوم الصحيح لآية الهداية

المفهوم الصحيح لآية الهداية قال الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56] إذا أردت أن تنصح إنساناً وتدعوه إلى الهُدى، فسرعان ما يقول لك بعضهم: دعه فإنك لا تهدي من أحببت! ولو عرف هذا المعترض معنى هذه الآية، ومعنى الهداية في الآية، وسبب نزولها، لم يقل هذا الكلام. 1 - ذكر العلامة القاسمي في تفسير هذه الآية ما نصه: {إنك لا تهدي من أحببت} أي لا تقدر أن تُدخل في الإسلام كل من أحببت أن يدخل فيه من قومك وغيرهم، {ولكن الله يهدي من يشاء}: أي أن يهديه فيدخله في الإسلام بعنايته. {وهو أعلم بالمهتدين} أي: القابلين للهداية لاطلاعه على استعدادهم، وكونهم غير مطبوع على قلوبهم. [محاسن التأويل 13/ 115] 2 - أما سبب نزولها فقد ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره ما نصه: وقد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان يحوطه وينصره ويقوم في صفه ويحبه حباً شديداً طبعياً لا شرعياً، فلما حضرته الوفاة وحان أجله دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإِيمان والدخول في الإِسلام، فسبق القدر فيه، واختطفه من يده، فاستمر على ما كان عليه من الكفر ولله الحكمة البالغة. [3/ 394] 3 - وذكر سبب النزول الإمام مسلم في كتاب الإِيمان: باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت، ما لم يشرع في النزع، وهو الغرغرة، ونسخ جواز الاستغفار للمشركين، والدليل على أن من مات على الشرك فهو في أصحاب الجحيم، ولا ينقذه من ذلك شيء من الوسائل

ثم ذكر السبب بطوله وخلاصته: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله"، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عن ذلك". فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] وأنزل الله تعالى في أبي طالب، فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَكَ لَا تَهدِي مَن أحببَت}. [القصص] قوله: "لما حضرت أبا طالب الوفاة" المراد قربت وفاته وحضرت دلائلها، وذلك قبل المعاينة والنزع، ولو كان في حال المعاينة والنزع لما نفعه الإِيمان. [انظر صحيح مسلم ج 1/ 54] أقول: في هذه الآية، وهذا الحديث يثبت أن أبا طالب مات كافراً، وفيه رد صريح على القائلين بنجاة أبي طالب. ولا سيما ما رواه العباس بن عبدالمطلب أنه قال: يا رسول الله هل نفعتَ أبا طالب بشيء؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: "نعم. هو في ضحضاح من نار. ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار". [رواه مسلم] وفي رواية: "فيُجعل في ضَخضاح من نار، يبلغ كعبيه، يَغلي منها دماغه". [رواه مسلم] 4 - ومعنى الهداية الواردة في الآية: {إنك لا تهدي من أحببت} هي هداية التوفيق الخاصة بالله، أما الهداية بمعنى دعوة الناس إلى الإِسلام فهي عامة في حق الله والرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكل داع، وقد قام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدعاء أبي طالب لهدايته وإسلامه، فأبى الإِسلام ومات كافراً، فنزلت الآية. ونحن نقوم بدعوة الناس إلى هدايتهم، فإذا أعرضوا ندعوا لهم بهداية التوفيق، ولا يجوز أن نترك دعوتهم، ونحتج بهذه الآية إلا في حادثة شبيهة بحادثة أبي طالب، كأن ندعوَ كافراً إلى الإِسلام فيأبى ويموت كافراً.

أنواع الهداية في القرآن الكريم

أنواع الهداية في القرآن الكريم وهداية الله تعالى للِإنسان على أربعة أوجه ذكرها الراغب الأصفهاني: 1 - الهداية التي عم بجنسها كل مكلف من العقل، والفطنة، والمعارف الضرورية التي أعم منها، كل شيء بقدر فيه حسب احتماله، كما قال تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50] 2 - الهداية التي جعل الناس بدعائه إياهم على ألسنة الأنبياء، وإنزال القرآن، ونحو ذلك، وهو المقصود بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 73] 3 - هداية التوفيق الذي يختصَ به من اهتدى، وهو المعنى بقوله: {وَالًذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدىً وَءَاتَاهُم تَقوَاهُم}. [محمد 17] {وَمَن يؤمِن بالله يَهدِ قَلبه}. [التغابن 11] {إِن الذِينَءَامنُوا وَعَملوا الِصَالِحَاتِ يَهدِيهِم رَبهم بإِيمَانِهِم}. [يونس] {وَالًذِينَ جَاهدوا فِينَا لَنَهدِينَهُم سبُلَنَا}. [العنكبوت 69] {وَيَزيدُ الله الًذِينَ اهتَدَوا هدى}. [مريم 76] {فهدَى الله الذِينَءَامَنُوا لِمَا اختَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِ بإِذنِهِ والله يَهدِي مَن يَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ}. [البقرة 213] 4 - الهداية في الآخرة إلى الجنة المعني بقوله: {سَيَهديهِم وَيُصلح بَالَهُم}. [محمد 5] {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}. [الأعراف 43] وهذه الهدايات الأربع مترتبة: أ - فإن لم تحصل له الأولى لا تحصل له الثانية، بل لا يصح تكليفه. ب - ومن لم تحصل له الثانية لا تحصل له الثالثة والرابعة.

ج - ومن حصل له الرابع فقد حصل له الثلاث التي قبلها. د - ومن حصل له الثالث، فقد حصل له اللذان قبله. هـ - ثم ينعكس، فقد تحصل الأولى، ولا يحصل له الثاني، ولا يحصل له الثالث. والِإنسان لا يقدر أن يهدي أحداً إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائر أنواع الهدايات. 1 - وإلى الثانية (التي هي الدعاء وتعريف الطرق) أشار بقوله تعالى: {وَإنَّكَ لَتَهدِي إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيم}. [الشورى 52] وقوله: {وَلِكُلِ قَوم هادٍ} (أي داع). [الرعد 7] 2 - وإلىِ سائر الهدايات أشار بقوله تعالى: {إِنَكَ لَا تَهدِي مَن أحبَبتَ ولكن الله يهدي من يشاء}. [القصص 56] 3 - وكل هداية ذكر الله -عَزَّ وَجَلَّ- أنه منع الظالمين والكافرين فهي الهداية الثالثة، وهي التوفيق الذي يختص به المهتدون. 4 - والرابعة التي هي الثواب في الآخرة وإدخال الجنة نحو قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 86] وكقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [النحل: 107] 5 - وكل هداية نفاها الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن البشر وذلك أنهم غير قادرين عليها - فهي ما عدا المختص من الدعاء وتعريف الطريق، وذلك كإعطاء العقل والتوفيق وإدخال الجنة كقوله عز ذكره: {لَيسَ عَلَيكَ هُدَاهُم وَلَكِنً الله يَهدِي مَن يَشَاءُ}. [البقرة 272] {وَلَو شَاءَ الله لَجَمَعَهُم عَلَى الهُدَى}. [الأنعام 35] {وَمَا أنتَ بهادِ العُمى عن ضَلاَلَتِهِم}. [الروم 53] {إنْ تَحرص عَلَى هُدَاهُم فَإِن الله لَا يَهدِي مَن يُضِل}. [النحل 37] {وَمَن يُضلِل الله فَما لَهُ مِن هادٍ}. [غافر 33]

{وَمَن يَهدِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍ}. [الزمر 37] {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. [القصص: 56] وإِلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى: {أفَأنتَ تُكرِهُ النًاس حَتى يَكُونُوا مُؤمِنِين}. [يونس 99] {مَن يَهدِ الله فَهُوَ المُهتَدِ ومن يُضلل فلن تجدَ له ولياً مُرشداً}. [الكهف 17] أي طالب الهدى ومُتحريه هو الذي يوفقه الله، ويهديه إلى طريق الجنة، لا من أضله فيتحرى طريق الضلال والكفر كقوله تعالى: {وَالله لَا يَهدي القَومَ الكَافِرَيَن}. [البقرة 264] {إِن الله لَا يَهدِي منَ هُوَ كَاذبٌ كفًارٌ}. [سوره الزمر 3] الكاذب الكفار: هو الذي لا يقبل هدايته، فإن ذلك راجع إلى هذا وإن لم يكن لفظه موضوعاً لذلك، ومن لم يقبل هدايته لم يهده، كقولك: من لم يقبل هديتي لم أهد له، ومن لم يقبل عطيتي لم أعطه، ومن رغب عني لم أرغب فيه. [انظر كتاب المفردات في غريب القرآن للأصفهاني 539]

المحافظة على أرواح المؤمنين

المحافظة على أرواح المؤمنين قال الله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 25] يستفاد من الآية ما يلي: 1 - أن المشركين من أهل مكة منعوا المسلمين من دخول مكة لأداء العمرة ومعهم الهدي محبوساً لم يبلغ مكانه المخصص له ليذبح. 2 - لا يجوز قتال الكفار المعتدين، والمؤمنون مختلطون بينهم، خشية أن تقع الخسارة بالمؤمنين والمؤمنات بغير قصد، فيقع الإِثم والعار على المؤمنين المقاتلين وهذا يبين مدى حرص الإسلام على حياة المؤمنين والمؤمنات، ولو كانوا قلة، فقد ذكر ابن كثير في تفسيره: أن عدد المؤمنين والمؤمنات الموجودين في مكة تسعة نفر سبعة رجال، وامرأتان، وهذا ما يفيده قوله تعالى: {ولولا رجال مؤمنون، ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم، فتُصيبكم منهم مَعَرًة بغير عِلم}. 3 - تأخير عقوبة المشركين، حتى يُدخل الله منهم من شاء في الإِسلام، وهذا ما حصل فعلاً، فقد ذكر ابن كثير في تفسيره عن حبيب بن سباع قال: (قاتلت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول النهار كافراً، وقاتلت معه آخر النهار مؤمناً). وإلى هذا يشير قوله تعالى: {ليُدخل الله في رحمته من يشاء}. 4 - جواز قتال الكافرين إذا كان بينهم مؤمنون متميزون عنهم، لا يختلطون فيما بينهم وهذا معنى قوله تعالى: {لو تزيّلوا لعذبنا الذين كفروا منه عذاباً أليم}. 5 - أقول: ليت المسلمين عامة، والمجاهدين منهم خاصة أخذوا بتطبيق هذه الآية،

وراعَوا وجود إخوان لهم من المسلمين والمسلمات مختلطين بين الذين يريدون قتالهم، ولو أنهم أخروا قتالهم -كما آخر المسلمون الأولون قتالهم عندما منعهم المشركون دخول مكة- لحقنوا دماء إخوانهم المؤمنين والمؤمنات، ولم يقدموا رقابهم للمجرمين، وأعراضهم للفتك بها.

القرآن يأمر بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -

القرآن يأمر بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. [الحشر 7] قال ابن كثير: أي مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه يأمر بخير، وإنما ينهى عن شر. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنَمصات والمتفلجات للحسن المغَيرات خلق الله -عَزَّ وَجَلَّ-". قال فبلغ امرأة من بني أسد في البيت يقال لها أم يعقوب، فجاءت إليه، فقالت: بلغني أنك قلت كيت وكيت. قال ما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي كتاب الله تعالى، فقالت: إني لأقرأ بين لوحيه فما وجدته، فقال: "إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه. أما قرأت: {وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا"، قالت: بلى، قال: فإنه قد نهى عنه، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه، قال: اذهبي فانظري، فذهبَتْ فلم ترَ من حاجتها شيئاً، فجاءت فقالت: ما رأيت شيئاً. قال: لو كان كذا لم تجامعنا". [متفق عليه] [4/ 336] وفي رواية "ما جامَعَتنا". [كما في البخاري نفسير سورة الحشر] (المراد: الإجتماع أي لم تجتمع بنا). [فتح الباري ج 8/ 631] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه". [متفق عليه] أقول: هذه الآية تنطبق على كل ما أمر به الرسول على من صدق وأمانة، ووفاء ووَعدٍ وإعفاء لحية، وغير ذلك من الأوامر، فقد كنت منذ سنين طويلة أدرس في الحرم المكي، وأنصح الحجاج أن يعفوا لحاهم، ويقصوا شواربهم كما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقام رجل من الحاضرين وطلب مني الدليل من القرآن الكريم على وجوبها، فقلت له: اقرأ قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. [الحشر 7] وقد أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإعفاء اللحية، فقال: لي صدقت، وبعد أيام أعفى لحيته.

الذكر الكثير وأنواعه

الذكر الكثير وأنواعه قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب: 41] إن دوام الذكر لما كان سببًا لدوام المحبة، وكان الله سبحانه أحق بكمال الحب والعبودية والتعظيم والِإجلال كان كثرة ذكره من أنفع ما للعبد، فالذكر للقلب كالماء للزرع بل كالماء للسمك لا حياة له إلا به: وهو أنواع: 1 - ذكره بأسمائه وصفاته، والثناء عليه بها. 2 - تسبيحه وتحميده، وتكبيره وتهليله، وتمجيده، وهو الغالب من استعمال لفظ الذكر عند المتأخرين. 3 - ذكره بأحكامه وأوامره ونواهيه: وهو ذكر أهل العلم. بل الأنواع الثلاثة هي ذكرهم لريهم. 4 - ذكره بكلامه، وهو القرآن، ويعتبر من أفضل الذكر: قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124] فذكره هنا هو كلامه الذي أنزله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] 5 - ذكره بدعائه، واستغفاره، والتضرع إليه. وذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبع لذكره فهذه خمسة أنواع من الذكر. [انظر جلاء الأفهام لابن القيم ص 307] أقول: وذكر الله يكون بما شرعه الله، وعلمه رسوله لأمته، لا بالإبتداع كما يفعل الصوفية من الأذكار المختلفة المخترعة المبتدعة مثل قولهم، هو، هو، ويعتبرونه من أسماء الله، وهو غير صحيح، وكذلك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تكون إلا بما ورد في السنة كالصلوات الإِبراهيمية وغيرها مما يوافق السنة.

ما هي فتنة داود -عليه السلام-؟

ما هي فتنة داود -عليه السلام-؟ قال الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25) يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 21 - 26] اختلف المفسرون في هذه الآيات إلى أقوال 1 - قال الطبري: هذا مثَل ضربه الخصم المتَسَوِّرون على داود محرابه، وذلك أن داود كانت له فيما قيل تسع وتسعون امرأة. وكان للرجل الذي أغزاه- حتى قتل- امرأة واحدة. فلما قتل نكح فيما ذكر داود امرأته. ثم لما قضى للخصمين بما قضى علم أنه ابتُلي، فسأل غفران ذنبه، وخر ساجدًا لله وأناب إلى رضا ربه، وتاب من خطيئته. [انظر تفسير الطبري 23/ 143] ثم أسند الطبري قصته مطولة، ويشبه سياق بعضها ما ذكر في التوراة المتداولة الآن. [انظر تفسير القاسمي ج 14/ 156] 2 - قال السيوطي في الإِكليل: القصة التي يحكونها في شأن المرأة، وأنها أعجبته (داود) وأنه أرسل زوجها مع البعث حتى قتل، أخرجها ابن أبي حاتم من حديث أنس مرفوعًا، وفي إسناده ابن لهيعة، وحاله معروف، عن أبي يزيد الرقاشي، وهو ضعيف، وأخرجها من حديث ابن عباس موقوفًا. انتهى.

أقول: والعجيب أن يقول هذا القول الطبري وغيره من المفسرين مع ضعف أدلته النقلية والعقلية. 3 - وقال ابن حزم في (الفصل): ما حكاه تعالى عن داود -عليه السلام- قول صادق صحيح، لا يدل على شيء مما قاله المستهزئون الكاذبون المتعلقون بخرافات ولَّدها اليهود. وإنما كان ذلك الخصم قومًا من بني آدم بلا شك مختصمين في نعاج من الغنم على الحقيقة بينهم. بغى أحدهما على الآخر (على نص الآية). ومن قال إنهم كانوا ملائكة مُعَرِّضين بأمر النساء، فقد كذب على الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وقوَّله ما لم يقل، وزاد في القرآن ما ليس فيه. . تالله إن كل امرىء منا ليصون نفسه وجاره المستور عن أن يتعشق امرأة جاره، ثم يعرض زوجها للقتل عمدًا ليتزوجها. 4 - وقال البقاعي في تفسيره: وتلك القصة وأمثالها من كذب اليهود. وأخبرني بعض من أسلم منهم أنهم يتعمدون ذلك في حق داود -عليه السلام-، لأن عيسى -عليه السلام- من ذريته، ليجدوا سبيلًا إلى الطعن فيه، انتهى. ثم قال: وقوله تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} أي الوقوع في الحديث عن إسناد الظلم إلى أحد بدون سماع لكلامه. وهذه الدعوى تدريب لداود -عليه السلام- في الأحكام. وذكرها للنبي - صلى الله عليه وسلم - تدريب له في الأناة في جميع أموره على الدوام. ولما ذكر هذا ربما أوهم شيئًا في مقامه - صلى الله عليه وسلم - فدفعه بقوله: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} فالقصة لم يجر ذكرها إلا للترقية في رتب الكمال. وأول دليل على ما ذكرته، أن هذه الفتنة إنما هي تدريبًا في الحكم، لا بامرأة ولا غيرها، وأن ما ذكره من قصة المرأة باطل وإن اشتهر، فكم من باطل مشهور ومذكور، وهو عين الزور. انتهى. [انظر تفسير القاسمي ج 14 - 159]

النبي سليمان يمسح الخيل حبا لها

النبي سليمان يمسح الخيل حبًا لها قال الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: 30 - 33] ذكر كثير من المفسرين أن سليمان -عليه السلام- شغلته الخيل عن صلاة العصر، حتى غابت الشمس فأمر بقطع سوقها وذبحها تقربًا إلى الله، وقد اختلفت عباراتهم، وكلها تدور على هذا المعنى، وهذا التفسير عليه ملاحظات: 1 - قوله: {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} أي: صلاة العصر، لا دليل عليه، لأن كلمة (عن) تأتي بمعنى (لأن) كما نقل الشوكاني في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} يقول: مِن ذكر ربي. [ج4/ 432] فالخيل هي من ذكر الله، لأن فيها الإِعانة على الجهاد، ولذلك أمر الله تعالى برباطها فقال عز من قائل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ} [الأنفال: 60] وقد حل مكانها الآن الدبابات، والطائرات والمصفحات، والصواريخ، وغيرها من المخترعات. فإعداد الخيل للجهاد من العبادات المطلوبة، بل هو من أفضلها، لذلك جاء مدحها في كثير من الأحاديث الصحيحة. 2 - قول المفسرين {حَتَّى تَوَارَتْ} أي الشمس: لا دليل عليه أيضًا لأن الشمس ليس لها ذكر من قريب أو بعيد، والأقرب هو ذكر الخيل، فيكون المعنى: حتى توارت الخيل واختفت عن نظر سليمان -عليه السلام-.

3 - والأهم من ذلك قول المفسرين: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} قطع سوقها وأعناقها حيث فسروا المسح بالقطع: وهذا لا دليل عليه، ولا سيما أن فيه تعذيبًا للحيوان وإتلافًا للمال. والأولى أن نحمل الآية على ظاهرها، فقد نقل الطبري عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}: يقول: جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبًا لها. وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن عباس أشبه بتأويل الآية، لأن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن إن شاء الله ليعذب حيوانًا بالعرقبة، ويُهلك مالاً من ماله بغير سبب. (العرقبة: قطع أرجل الخيل). [انظر تفسير الطبري ج 23/ 156] 4 - أقول: هذا التفسير لابن عباس هو الصحيح، ويمكن القول بأن سليمان عليه السلام كان يُجري استعراضًا عسكريًا للخيل لمحبته لها فلما مرت أمامه، وغابت عن نظره أمر بإعادتها وردها، فجعل يمسح التراب والعرَق عن سوقِها وأعناقها مِن أثر الغبار الذي لحقها، كما يفعل الآن من عنده الخيل. 5 - وقال ابن حزم: تأويل الآية على أنه قتل الخيل إذ اشتغل بها عن الصلاة، خرافة موضوعة مكذوبة سخيفة باردة. قد جمعت أفانين من القول، لأن فيها معاقبة خيل لا ذَنب لها، والتمثيل بها، وإتلاف مال منتفع به بلا معنى؛ ونسبة تضييع الصلاة إلى نبي مرسل، ثم يعاقب الخيل على ذنبه لا على ذنبها!! وإنما معنى الآية أنه أخبر أنه أحب حُب الخير من أجل ذكر ربه حتى توارت الشمس، أو تلك الصافنات بحجابها، ثم أمر بردها فطفق مسحًا بسوقها وأعناقها بيده برًا بها وإكرامًا لها، وهذا هو ظاهر الآية الذي لا يحتمل غيره، وليس فيها إشارة أصلًا إلى ما ذكره من قتل الخيل وتعطيل الصلاة، وكل هذا قد قاله ثقات المسلمين. فكيف ولا حجة في قول أحد دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 6 - وقال الفخر الرازي في الآية: إن رباط الخيل كان مندوبًا إليه في دينهم، كما أنه كذلك في دين الإِسلام. ثم إن سليمان -عليه السلام- احتاج إلى الغزو، فجلس وأمر بإحضار الخيل وأمر بإجرائها، وذكر أني لا أحبها لأجل الدنيا ونصيب النفس، وإنما أحبها لأمر الله وطلب تقوية دينه. وهو المراد من قوله:

{عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} ثم أنه -عليه السلام- أمر بإعادتها وتسييرها حتى توارت بالحجاب أي غابت عن بصره، ثم أمر الرائضين بأن يردوا تلك الخيل، فلما عادت إليه طفق يمسح سوقها وأعناقها. والغرض من ذلك المسح أمور: 1 - تشريفًا لها وإبانة لعزتها، لكونها من أعظم الأعوان في دفع العدو. 2 - أنه أراد أن يظهر أنه في ضبط السياسة والملك وأنه يباشر أكثر الأمور بنفسه. 3 - أنه كان أعلم بأحوال الخيل وأمراضها وعيوبها، فكان يمتحنها ويمسح سوقها وأعناقها حتى يعلم هل فيها ما يدل على المرض.

التفسير الصحيح لفتنة سليمان -عليه السلام-

التفسير الصحيح لفتنة سليمان -عليه السلام- قال الله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34] هذه الآية الكريمة يفسرها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قال سليمان -عليه السلام-: لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلِد كلُ امرأة منهن غلامًا يقاتل في سبيل الله، فقال له الملَك: قل إن شاء الله، فلم يقل ونسي، فطاف بهن، ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان". وفي رواية: "فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشِق رَجل". قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو قال: "إن شاء الله لم يحنث، وكان أرجى لحاجته"، وفي رواية: "ولو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلامًا فارسًا يقاتل في سبيل الله". [متفق عليه] [معنى: بشِق رجَل: أي نصفه]. قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان: فإذا علمت هذا فاعلم أن هذا الحديث الصحيح بيَّن معنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}. وأن فتنة سليمان كانت بسبب تركه قوله (إن شاء الله) وأنه لم يلد من تلك النساء إلا واحدة نصف إنسان وأن ذلك الجسد الذي هو نصف إنسان هو الذي أُلقي على كرسيه بعد موته في قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} الآية. فما يذكره المفسرون في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} الآية. من قصة الشيطان الذي أخذ الخاتم وجلس على كرسي سليمان، وطرد سليمان من ملكه، حتى وجد الخاتم في بطن السمكة التي أعطاها له مَن كان يعمل عنده بأجر مطرودًا عن ملكه، إلى آخر القصة!! لا يخفى أنه باطل لا أصل له، وأنه لا يليق بمقام النبوة، فهو من الإِسرائيليات التي لا يخفى أنها باطلة، والظاهر في معنى الآية هو ما ذكرنا، وقد دلت السنة الصحيحة عليه في الجملة، واختاره بعض المحققين والعلم عند الله تعالى. [ج4/ 77]

السحر من عمل الشياطين

السحر من عمل الشياطين قال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 101 - 103] لما جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - مصدقًا للتوراة التي مع اليهود كذبوه، ونبذوا القرآن والتوراة وراء ظهورهم ولم بعملوا بهما، واتبع اليهود ما تفتري الشياطين وتختلق من السحر على ملك سليمان، حيث أخرجت الشياطين السحر، وزعموا أن سليمان -عليه السلام- كان يستعمله وبه حصل له الملك العظيم، فكذبهم الله تعالى وبرأ النبي سليمان من السحر الذي فيه الكفر والضرر، وأسند السحر والكفر إلى الشياطين الذين علموه لليهود، وأن هذا السحر لم ينزله الله على الملَكَين هاروت وماروت. 1 - قال الألوسي في تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} عطف على السحر، وفائدة العطف التنصيص بأنهم يعلمون ما هو جامع ما بين كونه سحرًا وبين كونه مُنزَّلاً للإبتلاء، فيفيد ذمهم بارتكابهم النبي بوجهين، فكأنه قيل اتبعوا السحر المدوَّن في الكتب وغيره، وهذان الملَكان أُنزلا لتعليم السحر ابتلاءً من اللهِ تعالى للنَّاس؛ فمن تعلَّم وعمل به كفر ومن تعلَّم وتوقَّى عملَه ثبت على الإيمان؛ ولله تعالى أن يمتحن عباده بما شاء كما امتحن قوم طالوت بالنهر، وتمييزًا بين السحر وبين المُعجزة، حيث إنَّه كثُر في ذلك الزمان وأظهر السحرةُ أمورًا غريبة وقع الشك بها في النبوة، فبعث الله تعالى الملَكين لتعليم أبواب السحر

حتى يزيلا الشُبه، ويميطا الأذى عن الطريق. (ج 1/ 306) روح المعاني للألوسي. 2 - قال الطبري: ". . . معنى "ما" التي في قوله {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} بمعنى "الذي" وأن هاروت وماروت، مُترجَم، بهما عن الملكين، فإن التبس ما قلنا، فقال: وكيف يجوز لملائكة الله أن تُعلِّم الناس التفريق بين المرء وزوجه؟ أم كيف يجوز أن يضاف إلى الله إنزال ذلك على الملائكة؟ قيل له: إن الله عرَّف عباده جميع ما أمرهم به وجميع ما نهاهم عنه، فالسحر مما قد نهى عباده من بني آدم عنه، فغير منكر أن يكون جل ثناؤه علَّمهُ الملَكين اللذين سماهما وجعلهما فتنة لعباده من بني آدم ليختبر بهما عباده الذين نهاهم عن التفريق بين المرء وزوجه، وعن السحر، فيُمحِّصَ المؤمن بتركه التعلم منهما ويُخزي الكافر بتعلمه السحر والكفر منهما". [الطبري باختصار جـ 2/ 426 تحقيق محمود شاكر] أقول: تفسير الطبري هو المعتمد، وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن (¬1) ما يستفاد من الآية 1 - الإِعراض عن الكتاب والسنة يوقع الشر والفساد والظلم والسحر. 2 - كفر الساحر، وتحريم تعلم السحر، وتحريم استعماله. 3 - السحر له ضرر، ويُدفع بقراءة المعوذتين ودعاء الله وحده. 4 - يحرم تصديق الكاهن والعراف والساحر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أ - "من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدَّقه فقد كفر بما أنزل على محمد". [صحيح رواه أحمد] ب - "مَن أتى عَرَّافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا". [رواه مسلم] [العراف والكاهن: اللذان يدعيان علم الغيب كذبًا]. 5 - باب التوبة مفتوح للساحر وغيره ولو كان كافرًا. 6 - ابتلاء الله لعباده بالشر والخير ليعلم العاصي من المطيع قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]. ¬

_ (¬1) وتفسير الألوسي قريبٌ منه تفسير الإمام الطبري.

حكم تعدد الزوجات في الإسلام

حكم تعدد الزوجات في الإسلام قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] يفهم بعض الناس من هذه الآية أنها تبيح تعدد الزوجات للرجل في الحالات الضيقة ومشروط بمرض أو عقم ولو رجع هؤلاء إلى تفسير العلماء لهذه الآية لزال عنهم هذا الفهم الخاطىء. 1 - قال ابن الجوزي في تفسيره: اختلفوا في تنزيلها وتأويلها. أ - أن القوم كانوا يتزوجون عددًا كثيرًا من النساء في الجاهلية لا يتحرجون من ترك العدل بينهن وكانوا يتحرجون في شأن اليتامى، فقيل لهم في هذه الآية: احذروا من ترك العدل بين النساء كما تحذرون من تركه في اليتامى. وهذا المعنى مروي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والضحاك، وقتادة، والسدي، ومقاتل. ب - أن معناها وإن خفتم يا أولياء اليتامى أن لا تعدلوا في صدقات اليتامى (أي المهور) إذا نكحتموهن، فانكحوا سِواهن من الغرائب اللواتي أحل الله لكم، وهذا المعنى مروي عن عائشة رضي الله عنها: روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}. فقالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنُهوا عن ذلك إلا أن يُقسطوا لهن، ويبلغوا أعلى سنتهن في

الصداق، فأُمِروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. [انظر زاد المسير ج 2/ 6] 2 - قال القرطبي: واتفق كل من يعاني علوم القرآن على أن قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} الآية. ليس له مفهوم، (يخالفه) إذ قد أجمع المسلمون على أنه من لم يخف القسط في اليتامى له أن ينكح أكثر من واحدة: اثنتين، أو ثلاثًا، أو أربعًا، كمَن خاف. [ج5/ 13] فدل على أن الآية نزلت جوابًا لمن خاف ذلك، وأن حكمها أعم من ذلك. 3 - أما معنى قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} الآية. فقال الشوكاني في تفسيرها: والمعنى: فإن خفتم ألا تعدلوا بين الزوجات في القَسْم ونحوه، فانكحوا واحدة، وفيه المنع من الزيادة على الواحدة لمن خاف ذلك. {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يجوز للرجل نكاح ما ملكت يمينه بدون تحديد. {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} والمعنى: وإن خفتم عدم العدل بين الزوجات فهذه التي أُمرتم بها أقرب إلى عدم الجور. (أي الظلم). [انظر فتح القدير ج1/ 421] ومفهوم العدل في القرآن هو العدل في النفقة والمبيت، بحيث ينفق على كل واحدة مثل ما ينفق على الأخرى، وأن يعدل في المبيت بحيث يبيت عند كل واحدة ليلة أو أكثر حسب الاتفاق. أما الحب القلبي، والجماع فلا يملكه الإِنسان، لذلك قال الله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 129] قال الإِمام الشوكاني في تفسير هذه الآية: أخبرنا سبحانه بنفي استطاعة الرجال للعدل بين النساء، على الوجه الذي لا ميل فيه البتة لما جبلت عليه الطباع البشرية من ميل النفس إلى هذه دون هذه، وزيادة هذه في المحبة، ونقصان هذه، وذلك بحكم الخِلقة، بحيث لا يملكون قلوبهم، ولا يستطيعون توقيف أنفسهم على التسوية، ولهذا قالت عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: "اللهم هذا قَسْمي فيما أملك، فلا تلُمني فيما تملك ولا أملك".

(يعنى القلب) وإسناده صحيح [أقول: لكن ضعفه الألباني في الإِرواء]. ولما كانوا لا يستطيعون ذلك ولو حرصوا عليه وبالغوا فيه نهاهم الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يميلوا كل الميل، لأن ترك ذلك وتجنب الجَور كل الجَور في وُسعهم وداخل تحت طاقتهم، فلا يجوز لهم أن يميلوا عن إحداهن إلى الأخرى كل الميل، حتى يذروا الأخرى كالمعلقة التي ليست ذات زوج ولا مطلقة تشبيهًا بالشيء الذي هو معلق غير مستقر على شيء، {وَإِنْ تُصْلِحُوا} أي ما أفسدتم من الأمور التي تركتم ما يجب عليكم فيها عِشرة النساء والعدل بينهن {وَتَتَّقُوا} كل الميل الذي نُهيتم عنه {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} لا يؤاخذكم بما فرط منكم. [انظر فتح القدير ج1/ 521] 4 - وقال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية: "أي لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإنه وإن وقع القَسْم الصوري ليلة وليلة، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع،. 5 - تقول الزعيمة العالمية (أني بيزانت): (متى وزنا الأمور بقسطاس العدل المستقيم ظهر لنا تعدد الزوجات الإِسلامي الذي يحفظ ويغذي ويكسو النساء أرجح وزنًا من البغاء الغربي الذي يسمح بأن يتخذ الرجل امرأة لمحضِ إشباع شهواته، ثم يقذف بها إلى الشارع متى قضى منها أوطاره). أقول: هذه شهادة امرأة كافرة، والفضل ما شهدت به الأعداء.

الخلاصة 1 - إن الإسلام الحكيم الذي أباح تعدد الزوجات، فهو في مصلحة النساء قبل الرجال، حتى يكفل للبنات والأرامل العيش العزيز في بيوت أزواجهن بدلاً من أن يكن عالة في بيوت من يعولهن. 2 - إن الدعوة إلى عدم تعدد الزوجات تسبب قلة النسل الذي يسعى إليه أعداء الإسلام لتقليل عددهم وإذلالهم، كما أنه يسبب كثرة العوانس من البنات والأرامل في البيوت مما يُعرضهن للفتنة والفساد لأن النساء أكثر عددًا من الرجال حسب الإحصاء ولا سيما حينما يتعرض الرجال للقتل في الحروب والمعارك، وقد قامت مظاهرة نسائية في ألمانيا بعد الحرب العالمية يطالبن بتعدد الزوجات! 3 - إن تعدد الزوجات يوافق هذا الزمن لأن الأمم يُنظر إليها بعدد نفوسها، وكلما ازداد عددهم قويت شوكتهم، وبما أن الحروب في أفغانستان وإيران، وفلسطين، ولبنان، والعراق وغيرها من البلاد الإسلامية سببت قلة الرجال، وكثرة النساء الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن، فإن الإسلام يريد من المسلمين ألا يتركوا هؤلاء الأرامل للجوع والفتنة والفساد.

خطر اختلاط الرجال بالنساء

خطر اختلاط الرجال بالنساء قال الله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] اختلف المفسرون في هَمِّ يوسف بها على أقوال: الأول: أنه كان من جنس همها، فلولا أن الله تعالى عصمه لفعل. الثاني: أنها همَّت به أن يفترشها، وهمَّ بها، أي: تمناها أن تكون له زوجة. الثالث: أن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا: ولقد همَّت به، ولولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها فلما رأى البرهان لم يقع منه الهم، فقدم جواب (لولا) عليها، كما يقال: قد كنت من الهالكين، لولا أن فلانًا خلَّصك. الرابع: أنه هَمَّ أن يضربها ويدفعها عن نفسه، فكان البرهان الذي رآه من ربه أن الله أوقع في نفسه أنه إن ضربها كان ضربه إياها حجة عليه، لأنها تقول: راودني فمنعته فضربني. (ذكره ابن الأنباري). [انظر زاد المسير لابن الجوزي ج 4/ 203] أقول: اختار هذا القول الأخير الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار، واختاره أبو بكر الجزائري حين قال: (ولقد همَّت به. وهمَّ بها لولا أن رأى برهان ربه) أي همَّت بضربه لامتناعه عن إجابتها لطلبها بعد مراودات طالت مدتها، وهمَّ هو بضربها دفعًا لها عن نفسه، إلا أنه أراه الله برهانًا في نفسه، فلم يضربها (¬1)، وآثر الفرار إلى خارج البيت، ولحقته تجرى وراءه لترده. [انظر أيسر التفاسير ج 2/ 391] أقول 1 - : هذا القول هو الذي دل عليه السياق وهو الآية التي قبلها، قوله: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23] ¬

_ (¬1) أقول: لذلك وجب الوقف على قوله {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} ثم يبتدىء بقوله: {وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} ليفهم القارىء أن الهم لم يقع من يوسف.

فالمراودة: وهي طلب المرأة من يوسف أن يواقعها بعد تغليق الأبواب قد حصلت، وقد قالت له: أقبل إليَّ فإني أُحب مضاجعتك! فكان جواب يوسف: {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23] فكان هذا الرد الحاسم من يوسف صفعًا لها، ومخيبًا لآمالها، ومخالفًا لأمرها، ولا سيما وأنها السيدة امرأة العزيز، ويوسف فتى عندها وخادم لها، فلذلك همَّت به أن تضربه تأديبًا له، لعله يستجيب بهذا الضرب إلى طلبها، بعد أن امتنع عن طلبها بالقول اللين، والعبارات المغرية. 2 - أما اللحاق: وهي الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} [يوسف: 24] فالله قد صرف عنه السوء وهو الضرب الذي لو فعله للحق به ما يُسيء إليه، وهو إلصاق التهمة به، وقد صرف الله عنه الفحشاء: وهو الزنى بامرأة العزيز، وعلل ذلك قوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] فيوسف -عليه السلام- من عباد الله الذين استخلصهم، واصطفاهم لرسالته، وعصمهم من السوء والفحشاء، فلا يمكن أن يقع يوسف في السوء والفحشاء، لأن الله صرف عنه ذلك، فلذلك جاء التعبير بقوله: {لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} ولم يقل لنصرفه عن السوء والفحشاء، وهذا يرد على القائلين بأن يوسف وقع منه همٌّ بامرأة العزيز. 3 - ودليل آخر على تفسير الهمِّ بالضرب: هو همُّ يوسف بالهرب منها تخلصًا منها حينما حاولت ضربه، وقد لحقته لتمسك به وتأخذه بقوة، وأمسكت بقميصه من الخلف فشقته، وذلك قوله تعالى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ} [يوسف: 25]

ما يستفاد من هذه القصة 1 - التحذير من اختلاط الخدم والسواقين وغيرهم من الرجال بالنساء، وعدم الدخول عليهن، والخلوة معهن، لئلا يقع من النساء ما وقع لامرأة العزيز، ولا سيما عند غياب صاحب البيت، ومنع النساء من الاختلاط بالأجانب وخاصة العمال في البيوت والسواقين. . الخ. 2 - السواقون والخدم والمدرسون لا يقاسون بيوسف الذي عصمه الله، فقد يقعون بالفاحشة إلا من رحم ربك. 3 - تحذير النساء مما وقعت فيه امرأة العزيز من الخيانة الزوجية، وقد وصل خبرها إلى النساء، ورأوها في ضلال مبين. 4 - الاقتداء بيوسف -عليه السلام-، والإبتعاد عن الزنا ومقدماته، ولا سيما للمسلم الذي يحرم عليه دينه ذلك.

عيسى -عليه السلام- حي في السماء

عيسى -عليه السلام- حي في السماء قال الله تعالى بشأن عيسى -عليه السلام-: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 55] قد يتوهم بعض الناس من ظاهر هذه الآية الكريمة وفاة عيسى وموته، ولو رجعوا إلى أقوال المفسرين المعتمدين لهذه الآية لزال عنهم الوهم. وقد اختلف المفسرون فيها على أقوال: 1 - إن التوهم جاء من كلمة (مُتَوفيك) على أن التوفي بمعنى الإماتة، وأنه قد حصل قبل الرفع، والجواب على هذا ما يلي: أن قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} لا يدل على تعيين الوقت، ولا يدل على أن التوفي قد مضى، والله تعالى متوفيه يومًا ما، ولكن لا دليل على أن ذلك اليوم قد مضى. وأما عطفه {وَرَافِعُكَ} على قوله: {مُتَوَفِّيكَ} فلا دليل فيه، لأن الجمهور من علماء اللغة يرون أن الواو لا تفيد الترتيب ولا الجمع، وإنما تفيد مطلق التشريك، والدليل قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} [الجاثية: 24] فدلت الآية على أن الواو لا تفيد الترتيب، لأن المعطوف وهو الحياة سابق في الوجود على المعطوف عليه، وهو الموت. وعليه فيكون معنى الآية: (إني رافعك إِليَّ ومُتوفيك) وقد ثبت بالأدلة على أن عيسى حي في السماء، وأنه سينزل ويقتل الدجال ويكسر الصليب، وغير ذلك كما سيأتي، ثم يتوفاه الله بعد ذلك. [انظر أضواء البيان، وزاد المسير وغيرهما] 2 - التفسير الثاني: أنها وفاة نوم للرفع إلى السماء فيكون معنى الآية: (إني مُنيمك، ورافعك إليَّ). وقد جاء في القرآن إطلاق الوفاة على النوم في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: 60]

{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42] وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من النوم يقول: "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور". [رواه البخاري] فقد ثبت في الكتاب والسنة صحة إطلاق الوفاة على النوم، ويكون رفع عيسى -عليه السلام- وهو نائم رفقًا به كما قال الحسن البصري. 3 - التفسير الثالث: أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: هذا من المقدم والمؤخر: أي رافعك ومتوفيك بعد ذلك في الأرض بعد أن تعود إليها قبل يوم القيامة، لتكون علمًا من أعلام الساعة. وهذا قول الفراء والزجاج، وتكون الفائدة في إعلامه بالتوفي تعريفه أن رفعه إلى السماء لا يمنع من موته. 4 - الوجه الرابع: أن {مُتَوَفِّيكَ} اسم فاعل من توفاه إذا قبضه وحازه إليه، ومنه قولهم: (توفى فلان دينه) إذا قبضه. قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {مُتَوَفِّيكَ}: قابضك من الأرض من غير موت (¬1) قال الإِمام ابن جرير الطبري: ومعلوم أنه لوكان أماته الله -عَزَّ وَجَلَّ- لم يكن بالذي يميته ميتة أخرى، فيجمع عليه ميتتين .. فتأويل الآية: يا عيسى إني قابضك من الأرض، ورافعك إليَّ ومُطهرك من الذين كفروا فجحدوا نبوتك. [انظر تفسير الطبري تحقيق محمود شاكر 6/ 460] أقول: كل التفاسير التي مرت يصح تفسير الآية بها، إلا أن الراجح هو التفسير الرابع: وهو أن المراد من قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} أي متوفي شخصك حيًا من الأرض من غير موت ولا نوم، وأن قوله: {رَافِعُكَ إِلَيَّ} هو تعيين لنوع التوفي، وهو اختيار الطبري وابن قتيبة كما تقدم، وهو الرواية الصحيحة عن ابن عباس كما قال الألوسي في روح المعاني. وعلى هذا فلا يمكن تفسير قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} مميتك، ومن قوله تعالى {رَافِعُكَ} رافع روحك كما زعم البعض وذلك لما تقدم من أوجه التفسير في معنى التوفي. والله أعلم. ¬

_ (¬1) انظر موهم الاختلاف بين آيات القرآن للأخ ياسر أحمد الشمالي

الآيات الدالة على عدم قتل عيسى

الآيات الدالة على عدم قتل عيسى 1 - قال الله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 157 - 158] فقوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا}، بل رفعه الله إليه رَدٌّ وإنكار لقتله، وإثبات لرفعه -عليه السلام-. وهذا النص قطعي الدلالة في رفع المسيح -عليه السلام- حَيًا إلى السماء، ولا يحتمل التأويل، لأن كلمة (بل) بعد النفي يجب أن يكون ما بعدها إثباتًا للنفي المتقدم. ولو حمل الرفع على رفع الروح فقط، فهذا لا يضاد القتل والصلب المنفيين قبل، لاجتماع القتل مع رفع الروح، كما أنه يلغي النفي السابق. ولهذا فإن الآية صريحة في رفع عيسى -عليه السلام- حيًا إلى السماء بروحه وجسده. 2 - قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159] فقوله: (قبل موته) أي موت عيسى -عليه السلام- في آخر الزمان، كما هو مروي عن ابن عباس وعبدالرحمن بن زيد وأبي هريرة، والحسن وقتادة، واختاره ابن جرير الطبري، وقال ابن كثير: وهذا القول هو الحق، وأفاد بأنه المقصود من سياق الآي في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى -عليه السلام- وصلبه، وتسليم من سَلَّم لهم ذلك من النصارى الجهلة. فالمراد تقرير وجود عيسى -عليه السلام-، وبقاء حياته في السماء، وأنه سينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة. [ج 1/ 577] 3 - قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61]

عن ابن عباس مرفوعًا في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ}. قال: نزول عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة. [أخرجه الإمام أحمد والحاكم وصححه ووفقه الذهبي] قال ابن كثير: ويؤيد هذا المعنى القراءة الأخرى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} أي أمارة ودليل على وقوع الساعة. وقال مجاهد: وإنه لعَلَم للساعة أي آية للساعة خروج عيسى بن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة. أقول: فهذه الآيات تدل على بقاء عيسى -عليه السلام- حيًا، وأنه علَم من أعلام الساعة، وأن أهل الكتاب سوف يؤمنون به، على أنه عبد الله ورسوله، ويدخلون في شرع الإسلام.

الأحاديث التي تثبت نزول عيسى

الأحاديث التي تثبت نزول عيسى 1 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لَيوشِكن أن ينزل فيكم ابن مريم حَكمًا عدلًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال، حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها، ثم يقول أبو هريرة: واقرأوا إن شئتم قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} ". [رواه البخاري] فهذا الحديث يدل على أن عيسى -عليه السلام- حي في السماء، وأنه ينزل آخر الزمان، ويحكم بشريعة الإِسلام عند نزوله: قال - صلى الله عليه وسلم -: "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم". [رواه البخاري/ كتاب الأنبياء/ باب نزول عيسى 4/ 142]

الكافي هو الله وحده

الكافي هو الله وحده قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 64] ذكر ابن القيم رحمه الله في تفسيرها أقوال: 1 - أي الله وحده كافيك، وكافي أتباعك، فلا تحتاجون معه إلى أحد. 2 - إن {حَسْبُكَ} في معنى كافيك، أي: الله يكفيك، ويكفي من اتبعك كما تقول العرب: "حسبك وزيدًا درهم" وهذا أصح التقديرين: أي: ومن اتبعك من المؤمنين فحسبهم الله. 3 - المعنى: حسبك الله وأتباعك، وهذا إن قاله بعض الناس فهو خطأ محض لا يجوز حمل الآية عليه، فإن الحسب والكفاية لله وحده، كالتوكل، والتقوى، والعبادة. قال الله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 62] ففرَّق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب لله وحده، وجعل التأييد له بنصره، وبعباده. وأثنى الله سبحانه على أهل التوحيد والتوكل من عباده، حيث أفرده، بالحسب، فقال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173] ولم يقولوا حسبنا الله ورسوله. فإذا كان قولهم، ومدح الرب تعالى لهم بذلك، فكيف يقول لرسوله: الله وأتباعك حسبك؟ وأفراده قد أفردوا الرب تعالى بالحسب، ولم يشركوا بينه وبين رسوله فيه، فكيف يشرك بينهم وبينه في حسب رسوله؟ هذا من أمحل المحال، وأبطل الباطل. ونظير هذا قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] والحسب هو الكافي، فأخبره سبحانه وتعالى أنه وحده كاف عبده، فكيف يجعل أتباعه مع الله في هذه الكفاية؟ والأدلة الدالة على بطلان هذا التأويل أكثر من أن نذكرها هنا. [ويقصد المعنى الثالث]. [انظر زاد المعاد لابن القيم ج 1/ 3]

ترك الحكم بكتاب الله يسبب البلاء

ترك الحكم بكتاب الله يسبب البلاء قال الله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 65] لما نزلت هذه الآية: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعوذ بوجهك". {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال: "أعوذ بوجهك". {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هاتان أهون أو أيسر". [رواه البخاري وغيره] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أُمتي سيبلغ ملكها ما زُوي لي منها، وأُعطيتُ الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي: أن لا يُهلكها بسنة عامَّة، وأن لا يُسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتَهم، وإن ربي قال: يا محمد، إذا قضيتُ قضاء فإنه لا يُرَد، وإني أعطيتك لأُمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، ولا أُسلّط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم مَن بأقطارها أو قال: مَن بين أقطارها حتى يكون بعضهم يُهلك بعضًا، ويُسبي بعضهم بعضًا". [رواه مسلم وغيره] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "سألت ربي ثلاثًا فأعطاني ثنتين ومنعني من واحدة: سألت ربي أن لا يهلك أُمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يُهلك أُمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها". [بسنة عامة: بجدب وشدة] [يستبيح بيضتهم: يأخذهم أسرًا وقتلًا]. [رواه مسلم] هذا البأس الذي يحل بالمسلمين مقيد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم". [صححه الحاكم ووافقه الذهبي]

وزاد أبو داود في الحديث الثاني: "وإنما أخاف على أُمتي الأئمة المضلين، وإذا وُضِعَ السيف في أُمتي لم يُرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبدَ قبائلُ من أُمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أُمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله". [زوى: جمع] [الكنزين الأحمر والأبيض: الذهب والفضة]. قال الطبري: وأما الذين تأولوا (فسروا) أنه عنى بجميع ما في هذه الآية هذه الأمة فإني أراهم تأولوا -فسروا- أن في هذه الأمة مَن سيأتي من معاصي الله وركوب ما يسخط الله، نحو الذي ركب مَن قبلهم مِن الأمم السالفة، مِن خلافه والكفر به، فيحل بهم مثل الذي حل بمن قبلهم من المثُلات والنقمات. [انظر تفسير الطبرى تحقيق محمو شاكر ج 11/ 431] من فوائد الآية والحديث 1 - قدرة الله تعالى على إرسال العذاب على الأمم من فوقهم أو من تحت أرجلهم فيبيدهم ويهلكهم، وقد استعاذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بوجه ربه أن ينزل بأمته مثل هذا العذاب كالغرق وغيره. 2 - وفي الحديث إثبات الوجه لله تعالى على ما يليق به من غير تشبيه: قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] 3 - قدرة الله تعالى أن يجعل الأُمة تتفرق شيعًا وأحزابًا، ويُسلط بعضها على بعض حينما يتركون الحكم بشريعة الله، ويأخذون بالقوانين المخالفة لها، كما هو واقع الآن، مع الأسف الشديد. 4 - قدرة الله تعالى أن يجمع الأرض لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، ليرى مشارقها ومغاربها، وأن أُمته سيبلغ ملكها مقدار ما جُمع له فيها. 5 - رحمة الله بالأمة الإِسلامية، وعدم إرسال عذاب عام يستأصلها، فإن وقع عليهم القحط لم يكن عامًا، بل يكون في ناحية يسيرة بالنسبة إلى باقي بلاد الإِسلام. [ذكره النووي في شرح مسلم]

6 - رحمه الله بالأمة الإِسلامية، وأنه لم يسلط عليهم عدوًا خارجيًا يقضي عليهم، بل سلط بعضهم على بعض، وهذا أسهل مما قبله. 7 - خوف الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أُمته من الأئمة المضلين الذين لا يأخذون بالكتاب والسنة، والتحذير منهم. 8 - إذا وُضع السيف في هذه الأُمة، فلن يُرفع عنها إلى يوم القيامة، كما هو واقع الآن. 9 - وجود الشرك في هذه الأمة: وهو صرف العبادة لغير الله: كالدعاء، والحكم بغير ما أنزل الله، وغيرهما. 10 - الإخبار عن وجود من يدعي أنه نبي وهو كذاب: كمسيلمة الكذاب في العصور الأولى، وغلام ميرزا أحمد في العصر الحاضر، مع أنه لا نبي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -. 11 - لا تزال طائفة من هذه الأمة متمسكين بالحق والإِسلام والتوحيد إلى يوم القيامة.

تنزيه القرآن عن دسائس الشيطان

تنزيه القرآن عن دسائس الشيطان قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 52 - 54] 1 - ذكر بعض المفسرين، ومنهم (المحلي) في الجلالين تفسيرًا باطلًا فقال: (ألقى الشيطان في أُمنيته) قراءته ما ليس من القرآن مما يرضاه المرسَل إليهم، وقد قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - في سورة النجم بمجلس من قريش بعد: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} بإلقاء الشيطان على لسانه من غير علمه - صلى الله عليه وسلم -: "تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى" ففرحوا بذلك؛ ثم أخبره جبريل بما ألقاه الشيطان على لسانه من ذلك، فحزن، فسُلِّيَ بهذه الآية. 2 - إن كلامه هذا باطل، فلقد اتفق العلماء على أن قصة الغرانيق التي ذكرها باطلة متنًا وسندًا، وهي من وضع الزنادقة، وردها القاضي عياض في الشفاء، وأبو بكر ابن العربي وابن كثير، وغيرهم فيجب التحذير منها، لأن أعداء الإِسلام والمستشرقين يتخذونها مطعنًا في القرآن، وأن الشيطان يستطيع أن يُدخل في القرآن ما ليس منه، وقد ألف المحدث الألباني رسالة قيمة لردها سماها: "نصب المنجنيق لنسف قصة الغرانيق" وهي مطبوعة.

التفسير الصحيح للآية

التفسير الصحيح للآية إن أحسن ما قيل في تفسيرها هو ما اختصره الدكتور أبو شهبة في كتابه: (الموضوعات والإِسرائيليات في التفسير) حيث قال في تفسير الآية: وللِإجابة عن ذلك أذكر خلاصة ما ذكره الأستاذ الإِمام (محمد عبده) في تفسيرها، وفي تفسيرها وجهان: الأول: أن التمني بمعنى القراءة إلا أن الإِلقاء لا بالمعنى الذي ذكره المبطلون. بل بمعنى إلقاء الأباطيل والشبه مما يحتمله الكلام، ولا يكون مرادًا للمتكلم، أو لا يحتمله، ولكن يدعى أن ذلك يؤدي إليه، وذلك من عمل المعاجزين، الذين دأبهم محاربة الحق، يتبعون الشبهة، ويسعون وراء الريبة، ونسبة الإِلقاء إلى الشيطان حينئذ لأنه مثير الشبهات بوساوسه، ويكون المعنى: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا حدَّث قومه عن ربه، أو تلا وحيًا أنزل الله فيه هداية لهم، قام في وجهه مشاغبون يتقوَّلون عليه ما لم يقله، ويُحرفون الكلم عن مواضعه، وينشرون ذلك بين الناس، ولا يزال الأنبياء يجادلونهم ويجاهدون في سبيل الحق، حتى ينتصر، فينسخ الله ما يُلقي الشيطان مِن شُبَه، وُيثبت الحق، وقد وضع الله هذه السُنة في الخلق ليتميز الخبيث من الطيب، فيفتتن ضعفاء الإِيمان الذين في قلويهم مرض، ثم يتمحص الحق عند أهله، وهم الذين أوتوا العلم، فيعلمون أنه الحق من ربهم، وتخبت له قلوبهم. الثاني: أن التمني: المراد به: تشهي حصول الأمر المرغوب فيه وحديث النفس بما كان ويكون، والأمنية من هذا المعنى: وما أرسل الله من رسول، ولا نبي ليدعو قومه إلى هُدى جديد، أو شرح سابق إلا وغاية مقصوده، وَجُلَّ أمانيه، أن يؤمن قومه، وكان نبينا من ذلك في المقام الأعلى: قال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6]

تفسير رائع للعلامة الشنقيطي

{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] ويكون المعنى: وَما أرسلنا من رسول ولا نبي، إِلا إذا تمنى هذه الأمنية السامية ألقى الشيطان في سبيله العثرات، وأقام بينه وبين مقصده العقبات ووسوس في صدور الناس، فثاروا في وجهه، وجادلوه بالسلاح حينًا وبالقول حينًا آخر، فإذا ظهروا عليه والدعوة في بدايتها. ونالوا منه وهو قليل الأتباع، ظنوا أن الحق في جانبهم، وقد يستدرجهم الله جريًا على سنته، يجعل الحرب بينهم وبين المؤمنين سِجالاً، فينخدع بذلك الذين في قلوبهم شك ونفاق، ولكن سرعان ما يمحق الله ما ألقاه الشيطان من الشبهات، وينشىء من ضعف أنصار الحق قوة، ومِن ذُلهم عزة، وتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى ليعلم الذين أوتوا العلم أن ما جاء به الرسل هو الحق، فتُخبت له قلويهم، وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم. هذا هو الحق: وما عدا ذلك فهو باطل. تفسير رائع للعلامة الشنقيطي لقد فسر العلامة محمد الأمين الشنقيطي الآية تفسيرًا رائعًا فقد ذكر في تفسيره: ونحن وإن ذكرنا أن قوله: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} [الحج: 52] يُستأنس به لقول من قال: إن مفعول الإلقاء المحذوف تقديره: ألقى الشيطان في قراءته ما ليس منها، لأن النسخ هنا هو النسخ اللغوي، ومعناه الِإبطال والِإزالة من قولهم: نسخت الشمس الظل، ونسخت الريح الأثر، وهذا كأنه يدل على أن الله ينسخ شيئًا ألقاه الشيطان، ليس مما يقرؤه الرسول أو النبي، فالذي يظهر لنا أنه الصواب وأن القرآن يدل عليه دلالة واضحة، وإن لم ينتبه له من تكلم على الآية من المفسرين: هو أن ما يلقيه الشيطان في قراءة النبي الشكوك والوساوس المانعة من تصديقها وقبولها، كإلقائه عليهم أنها سحر أو شعر، أو أساطير الأولين، وأنها مفتراة على الله ليست منزلة من عنده. والدليل على هذا المعنى: أن الله بين أن الحكمة في الإِلقاء المذكور امتحان الخلق، لأنه قال: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الحج: 53]

ثم قال: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} فقوله: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ} الآية: يدل على أن الشيطان يُلقي عليهم: أنه الذي يقرؤه النبي ليس بحق فيصدقه الأشقياء، ويكون ذلك فتنة لهم، ويكذبه المؤمنون الذين أوتوا العلم، ويعلمون أنه الحق لا الكذب كما يزعم لهم الشيطان في إلقائه. فهذا الامتحان لا يناسب شيئًا زاده الشيطان من نفسه في القراءة، والعلم عند الله تعالى. وعلى هذا القول، فمعنى نَسخُ ما يلقي الشيطان: إزلته وإبطاله، وعدم تأثيره في المؤمنين الذين أوتوا العلم. ومعنى يُحكم آياته: يُتقنها بالإحكام، فيُظهر أنها وحي منزل منه بحق، ولا يؤثر في ذلك محاولة الشيطان صدَّ النَاس عنها بإلقائه المذكور، وما ذكره هنا من أنه يسلط الشيطان فيلقي في قراءة الرسول والنبي، فتنة للناس ليظهر مؤمنهم من كافرهم. بذلك الامتحان، جاء موضحًا في آيات كثيرة قدمناها مرارًا كقوله: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [المدثر: 31] وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143] وقوله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] أي لأنها فتنة، كما قال: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} الآية [الصافات: 62 - 63 - 64] لأنه لما نزلت هذه الآية قالوا: ظهر كذب محمد - صلى الله عليه وسلم - لأن الشجر لا ينبت في الموضع اليابس، فكيف تنبت شجرة في أصل الجحيم إلى غير ذلك من الآيات، كما تقدم إيضاحه مرارًا، والعلم عند الله تعالى. واللام في قوله: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} الآية.

الأظهر أنها متعلقة بألقى أي ألقى الشيطان في أمنيَّة الرسل والأنبياء، ليجعل الله ذلك الِإلقاء فتنة للذين في قلوبهم مرض، خلافًا للحوفي القائل: إنها متعلقة بـ (يُحكِم)، وابن عطيه القائل: إنها متعلقة بـ (ينسخ). ومعنى كونه: فتنة لهم أنه سبب لتماديهم في الضلال والكفر. وقوله: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الحج: 53] أي كفر وشك. [انظر أضواء البيان ج 5/ 732] من فوائد الآية 1 - إلقاء الشيطان في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - الشكوك والوساوس المانعة من تصديقها وقبولها، كإلقائه على الكفرة أنها سحر أو شعر أو أساطير الأولين، وأنها مفتراة على الله، كما ذكر القرآن ذلك كله، ورَدَّ هذه الشبهات كلها. 2 - الأنبياء عليهم السلام كلهم يتمنون إيمان قومهم، ولكن الشياطين تضع العراقيل والعقبات والوساوس في صدور الناس، وهذه الوساوس جعلها الله اختبارًا للذين في قلوبهم مرض وشك، فيجازيهم على أعمالهم، وليعلم الله في هذا الاختبار المؤمنين بالحق، ويهديهم إلى صراط مستقيم. 3 - بيان سنة الله في إلقاء الشيطان في قراءة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو النبي للفتنة. 4 - بيان أن الفتنة يهلك فيها مرضى القلوب وقساتها، ويخرج منها المؤمنون أكثر يقينًا وأعظم هدىً. 5 - بيان حكم الله تعالى بين عباده يوم القيامة بإكرام أهل الإِيمان والتقوى وإهانة أهل الشرك والمعاصي. [الفوائد الأخيرة مأخوذة من كتاب أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري ج 3/ 171]

الفسق وأثره في هلاك الأمة

الفسق وأثره في هلاك الأمة قال الله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16] 1 - {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} بطاعة الله وتوحيده وتصديق رسله واتباعهم فيما جاءوا به. {فَفَسَقُوا} أي خرجوا عن طاعة أمر ربهم وعصوه وكذبوا رسله: {فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ} أي وجب عليها الوعيد. {فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} أي أهلكناهم إهلاكًا مستأصلًا. وهذا القول الذي هو الحق تشهد له آيات كثيرة كقوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ..} الآية [الأعراف: 28] فتصريحه جل وعلا بأنه لا يأمر بالفحشاء دليل واضح على أن قوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} أي أمرناهم بالطاعة فعصوا. وليس المعنى أمرناهم بالفسق ففسقوا، لأن الله لا يأمر بالفحشاء. وهذا القول الصحيح في الآية جارٍ على الأسلوب العربي المألوف من قولهم: أمرته فعصاني: أي أمرته بالطاعة فعصى، وليس المعنى أمرته بالعصيان كما لا يخفى. 2 - {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}: أي أكثرنا جبابرتها وأُمراءها، قاله الكسائي. [انظر أضواء البيان للشنقيطي 3/ 441] 3 - {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} يقول: سلطنا أشرارها فعصَوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكهم الله بالعذاب، وهو كقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123] قاله علي بن طلحة عن ابن عباس، وهو قول أبي العالية ومجاهد والربيع بن أنس. 4 - {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} أكثرنا عددهم. قاله العوفي عن ابن عباس. [انظر تفسير ابن كثير ج 3/ 33]

من فوائد الآية 1 - أن غير المترفين تبع لهم، فهلكوا معهم. 2 - أن الهلاك يعم الجميع: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] ولما سئل الرسول عنه: (أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبَث). [الخبث: المعاصي والفسق والفجور]. [رواه البخاري] أما إذا كان في البلد مصلحون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فلن يهلكوا. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117]. [لأن المصلحين يريدون إصلاح الناس بخلاف الصالحين]. 3 - عدالة الله في إهلاك الأمم، وأنها لا تهلك إلا بعد الإِنذار بالرسل لقول الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] 4 - التحذير من الترف، فإنه يؤدي إلى الفسق بترك الطاعة، ثم يؤدي إلى الهلاك والدمار. 5 - تقرير عقيدة الإِيمان بالقضاء والقدر والعدالة الإِلهية.

معنى قوله تعالى {ووجدك ضالا فهدى}

معنى قوله تعالى {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} قال العلامة محمد الأمين الشنقيطى في دفع إيهام الإضطراب: هذه الآية الكريمة يوهم ظاهرها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ضالاً قبل الوحي، مع أن قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - فُطرَ على هَذا الدين الحنيف، ومعلوم أنه لم يهوده أبواه، ولم ينصراه، ولم يمجساه؛ بل لم يزل باقيًا على الفطرة حتى بعثه الله رسولاً، ويدل على ذلك ما ثبت من أن أول نزول الوحي عليه كان وهو يتعبد في غار حراء، فذلك التعبد قبل نزول الوحي دليل على البقاء على الفطرة. والجواب: أن معنى قوله {ضَالًّا فَهَدَى} أي غافلاً عما تعلمه الآن من الشرائع وأسرار علوم الدين التي لا تُعلم بالفطرة ولا بالعقل، وإنما تُعلم بالوحي، فهداك إلى ذلك بما أوحى إليك، فمعنى الضلال على هذا القول: الذهاب عن العلم. ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] وقوله: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] وقوله: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} [يوسف: 95] ويدل لهذا قوله تعالى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} [الشورى: 52] لأن المراد بالإِيمان شرائع دين الإِسلام. وقوله: {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: 3] وقوله: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النساء: 113] وقوله: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [القصص: 86] وقيل: المراد بقوله: ضالًا: ذهابه وهو صغير في شعاب مكة، وقيل ذهابه في سفره إلى الشام، والقول الأول هو الصحيح، والله تعالى أعلم، ونسبة العلم إلى الله أسلم. انتهى [أضواء البيان ج9/ 334]

النهي عن التشبه بالكفار

النهي عن التشبه بالكفار قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 104] يقول الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم، وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما- يقصدونه من التنقيص- عليهم لعائن الله -. فإذا أرادوا أن يقولوا اسمع لنا يقولوا راعنا، وُيوَرّون بالرعونة كما قال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلًا} [النساء: 46] وكذلك جاءت الأحاديث بالإِخبار عنهم بأنهم كانوا إذا سلَّموا إنما يقولون: (السامُ عليكم)، والسام هو الموت، ولهذا أمرنا الله أن نرد عليهم بـ (وعليكم)، وإنما يستجاب لنا فيهم، ولا يستجاب لهم فينا، والغرض أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكفار قولاً وفعلًا، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وذكر بسند صحيح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "بُعثتُ بين يدَيِ الساعة بالسيف، حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعل رزقي تحت ظِل رمحي، وجُعل الذل والصَّغار على من خالف أمري، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم". [صحيح رواه أحمد وغيره] ففيه دلالة على النهي الشديد، والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم، وغير ذلك من أمورهم التي لم تُشرَع لنا، ولا نُقَرُّ عليها.

ثم ذكر بسند أن رجلاً أتى عبد الله بن مسعود فقال: اعهدْ إليَّ، فقال: إذا سمعت الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأوعها سمعك، فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه. وقال ابن جرير: والصواب عندنا أن الله تعالى نهى المؤمنين أن يقولوا لنبيه - صلى الله عليه وسلم - (راعنا)، لأنها كلمة كرهها الله تعالى أن يقولها لنبيه - صلى الله عليه وسلم - نظير الذي ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تقولوا للعنب الكرم، ولكن قولوا الحبَلَة، ولا تقولوا عبدي، ولكن قولوا فتاي". [أول الجزء من الحديث رواه مسلم، والثاني رواه أحمد وهو صحيح ج 1/ 148] [الحبَلة: أصل شجرة العنب، وقضيبها]. من فوائد الآية 1 - النهي عن التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم، ولباسهم، وعاداتهم، وأعيادهم، وعبادتهم، ويجوز، بل يجب العمل على مجاراتهم في الإختراعات الحديثة كالطائرات والدبابات والغواصات، وغيرها مما يساعد على تقوية المسلمين لقول الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] 2 - الأدب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعدم مخاطبته بكلمات لا تناسب قدره، كقول اليهود للرسول - صلى الله عليه وسلم -: {رَاعِنَا} ويريدون بها التنقيص. 3 - هناك ألفاظ ورد النهي عنها: كقولك للعنب: الكرْم، بل قل: الحَبَلَة، ولا تقل: عبدي، بل قل: فتاي.

صفات عباد الرحمن

صفات عباد الرحمن 1 - قال الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] من صفاتهم أنهم يمشون بسكينة ووقار وتواضعٍ، لا يضربون بأقدامهم تكبرًا، فقد قال تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: 37] قال ابن كثير: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}: أي متبخترًا متمايلًا مشي الجبارين، فلن تقطع الأرض بمشيك. وقوله: {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} أي بتمايلك وفخرك وإعجابك بنفسك؛ بل قد يجازى فاعل ذلك بنقيض قصده. [والمتكبرون. يحشرون يوم القيامة كأمثال الذر]. 2 - {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] أي إذا خاطبهم السفهاء بالقول السيّء لم يقابلوهم بمثله، بل قالوا كلامًا فيه سلام من الإِيذاء والإِثم، سواء كان بصيغة السلام كقولهم: (سلام عليكم) أو غيرها مما فيه لطف في القول، أو عفو أو صفح، وكظم للغيظ، دفعًا بالتي هي أحسن. [أنظر تفسير القاسمي] 3 - {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64] يكون لهم في الليل صلاة وقيام ودعاء كما قال تعالى في وصفهم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استُجيب له، فإن توضأ وصلَّى قُبلت صلاته". [رواه البخاري وغيره]

(تعارَّ: استيقظ وقال بصوت) وقد قرأت هذا الدعاء فكانت الإِجابة. 4 - {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: 65 - 66] ومن صفاتهم أنهم يدعون ربهم أن يصرف عنهم عذاب النار، لأن عذابها هلاك دائم، وبئس المقام والمستَقَر فيها، وفي الآية ردٌ على الصوفية القائلين بأنهم لا يعبدون الله خوفًا من ناره. 5 - {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] وصفهم الله بالقصد، فهم لا يُسرفون في الإِنفاق، ولم يُضيقوا على أنفسهم وأهليهم بالبخل، بل كانوا متوسطين: وقال الطبري في تفسير الآية: "الإِسراف في النفقة الذي عناه الله في هذا الموضع: ما جاوز الحد الذي أباحه الله لعباده إلى ما فوقه. والِإقتار: ما قصرَّ عما أمر الله به. والقَوام بين ذلك". أقول: ويوضح معنى هذه الآية قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29] يقول تعالى: آمرًا بالاقتصاد ذامًا للبخل ناهيًا عن السرف، لا تكن بخيلاً مَنوعًا لا تعطي أحدًا شيئًا، ولا تسرف في الإِنفاق، فتعطي فوق طاقتك، وتُخرج أكثر من دخلك، فتقعد إن بخلت ملومًا يلومك الناس ويذمونك، ويستغنون عنك، ومتى بسطت يدك فوق طاقتك قعدت بلا شيء تنفقه فتكون كالحسير، وهو كالدابة التي عجزت عن السير فوقفت ضعفًا وعجزًا فإنها تسمى الحسير، هكذا فسَّر هذه الآية بأن المراد هنا البخل والسرَف: ابن عباس والحسن. . [انظر تفسير ابن كثير ج 3/ 37] 6 - {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] هذه صفة مهمة جدًا، وهي أنهم يوحدون الله، ولا يشركون به أحدًا في جميع عباداتهم، ولا سيما الدعاء لأنه من العبادة، ولأن دعاء غير الله من الأموات - ولو كانوا أنبياء أو أولياء- هو من الشرك الذي يحبط العمل، "ولما سُئل رسول الله

- صلى الله عليه وسلم -: أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تدعو لله نِدًّا وهو خلقك". [متفق عليه] (النِدُّ: المثيل، ومعناه) ن تدعو غير الله، وتجعله مماثلًا له]. 7 - {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68] ومن صفاتهم أنهم لا يقتلون النفس التي حرم الله قتلها، ومنها الوأد وغيره، إلا بالحق المزيل لحرمتها: كالردة، والقاتل لغيره، والساعي في الأرض فسادًا، فيُقتلون بحق. - {وَلَا يَزْنُونَ} فعباد الرحمن لا يقربون الزنا، لأنه فاحشة وساء سبيلًا، وفيه ضرر على الفرد والجماعة، حيث يورث الأمراض، ويضيع الأنساب، ويُدمر الأسرة وغير ذلك من المخاطر. {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 68 - 69] ومن يفعل ما تقدم من الكبائر كدعاء غير الله، وقتل النفس، والزنا، فإنه يلقى جزاءً يوم القيامة بأن يكرر عليه العذاب، ويخلد فيه ذليلًا حقيرًا. {إِلا مَنْ تَابَ} إلى الله في الدنيا من جميع ما فعل، فإن الله يتوب عليه إذا قام بشروط التوبة. 9 - {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72] قال الطبري: وأولى الأقوال بالصواب أن يقال: والذين لا يشهدون شيئًا من الباطل، لا شِركًا، ولا غِناء، ولا كذبًا، ولا غيره، وكل ما لزمه اسم الزور، لأن الله عَمَّ في وصفه إياهم أنهم لا يشهدون الزور، فلا ينبغي أن يخص من ذلك شيء إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر أو فعل، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر" ثلاثًا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "الشرك بالله، وعقوق الوالدين" وكان متكئًا فجلس فقال: "ألا وقول الزور؛ ألا وشهادة الزور"، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. [متفق عليه] 10 - {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72] جاوزوه علماء معرضين عنه. قال الطبري: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي أن يقال: إن الله أخبرنا عن هؤلاء المؤمنين الذين مدحهم بأنهم إذا مروا

باللغو مروا كرامًا، واللغو في كلام العرب هو كل كلام أو فعل باطل لا حقيقة له ولا أصل، أو ما يُستقبح، فسَبُّ الإِنسانِ الإِنسانَ بالباطل الذي لا حقيقة له من اللغو، وذِكر النكاح بصريح اسمه مما يستقبح في بعض الأماكن، فهو من اللغو، وكذلك تعظيم المشركين آلهتهم من الباطل الذي لا حقيقة لما عظموه على نحو ما عظموه، وسماع الغناء هو مما يستقبح في أهل الدين، فكل ذلك يدخل في معنى اللغو، فلا وجه- إذا كان كل ذلك يلزمه اسم اللغو- أن يقال: عنى به بعض ذلك دون بعض، إذ لم يكن لخصوص ذلك دلالة من خبر أو عقل. 11 - {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان: 73] قال ابن كثير: وهذه أيضًا من صفات المؤمنين: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2] بخلافِ الكافر فإنه إذا سمع كلام الله لا يؤثر فيه ولا يتغير عما كان عليه. بل يبقى مستمرًا على كفره وطغيانه وجهله وضلاله. فقوله: {لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا}. سئل الشعبي عن الرجل يرى القوم سجودًا ولم يسمع ما سجدوا، أيسجد معهم؟ قال فتلا هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا. . .}. يعني أنه لا يسجد معهم، لأنه لم يتدبر أمر السجود، ولا ينبغي للمؤمن أن يكون إمَّعة، بل يكون على بصيرة من أمره، ويقين واضح بين. وقال قتادة في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا}. يقول: لم يَصُمّوا عن الحق ولم يعموا فيه، فهم والله قوم عقلوا عن الحق، وانتفعوا بما سمعوا من كتابه. [ج 3/ 329] 12 - {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74] قال ابن كثير: يعني الذين يسألون الله أن يُخرج من أصلابهم ومن ذرياتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له. 1 - قال ابن عباس: يعنون من يعمل بطاعة الله فتَقرُّ به أعينهم في الدنيا والآخرة. 2 - قال عكرمة: لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالًا ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين.

3 - وسئل الحسن البصري عن هذه الآية فقال: أن يُريَ الله العبد المسلم من زوجته ومن أخيه ومن حميمه طاعة الله. لا والله لا شيء أقَرُّ لعين المسلم من أن يرى ولدًا أو ولدَ ولدٍ أو أخًا أو حميمًا مطيعًا لله -عَزَّ وَجَلَّ-. 13 - {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} اجعلنا أئمة يُهتدى بنا. قال ابن كثير: قال ابن عباس والحسن والسدي: اجعلنا أئمة يُقتدى بنا إلى الخير. وقال غيرهم: اجعلنا هداة مهتدين دعاة إلى الخير. {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: 75 - 76] قال ابن كثير: لما ذكر تعالى من أوصاف عباده المؤمنين ما ذكر من الصفات الجميلة، والأقوال والأفعال الجميلة، قال بعد ذلك (أولئك) المتصفون بهذه (يُجزِون) يوم القيامة (الغرفة) وهي الجنة (بما صبروا) أي على القيام بذلك (ويُلَقَّون فيها) أي في الجنة (تحية وسلامًا) أي يُبتدرون فيها بالتحية والإِكرام، ويلقون التوقير والاحترام، فلهم السلام وعليهم السلام، فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. وقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا} (أي مقيمين ولا يحولون، ولا يموتون ولا يزالون عنها) وقوله تعالى: {حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}. أي حسنت منظرًا، وطابت مقيلًا ومنزلًا. [ج 3/ 330]

من فوائد الآيات 1 - فضيلة التواضع والسكينة في المشي، وتحريم التكبر. 2 - فضيلة رَدّ السيئة بالحسنة. 3 - فضل قيام الليل والدعاء. 4 - فضيلة الاعتدال في النفقة. 5 - تحريم الشرك والقتل والزنى. 6 - التوبة تمحو الذنوب بشروطها. 7 - تحريم شهود الزور وشهادته. 8 - فضيلة الإعراض عن اللغو. 9 - فضل تدبر القرآن والعمل به. 10 - من اتصف بصفات عباد الوحمن فله الجنة والتكريم.

كيفية الدعوة إلى الله

كيفية الدعوة إلى الله قال الله تعالى: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125] 1 - قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: يقول الله تعالى آمرًا رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الخلق إلى الله بالحكمة. قال ابن جرير: وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة، والموعظة الحسنة: أي بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس، ذكرهم بها ليحذروا بأس الله تعالى. وقوله: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين، وحسن خطاب، كقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46] فأمره تعالى بلين الجانب، كما أمر به موسى وهارون عليهما السلام حين بعثهما إلى فرعون بقوله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44]. [ج 2/ 591] 2 - وقال ابن القيم في تفسير الآية السابقة: جعل الله سبحانه وتعالى مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق: أ - فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يُدعى بطريق الحكمة. ب - والقابل الذي عنده نوع غفلة وتأخر: يدعى بالموعظة الحسنة، وهي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب. ج - والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن. هذا هو الصحيح في معنى هذه الآية، لا ما يزعم أسير منطق اليونان: أن الحكمة: قياس البرهان، وهي دعوة الخواص، والموعظة الحسنة: قياس

الخطابة، وهي دعوة العوام، وبالمجادلة بالتي هي أحسن: القياس الجدلي، وهو رد شغب المشاغب بقياس جدلي مسلَّم المقدمات. وهذا باطل، وهو مبني على أصول الفلسفة، وهو مناف لأصول المسلمين، وقواعد الدين من وجوه كثيرة ليس هذا موضع ذكرها. [مفتاح دار السعادة ج 1/ 193] من فوائد الآية 1 - وجوب الدعوة إلى الإِسلام والبدأ بالتوحيد، وهو واجب كفائي إذا قام به البعض أجزأ ذلك عنهم. 2 - بيان أسلوب الدعوة: وهو أن يكون بالكتاب والسنة. 3 - دعوة الناس تكون بالرفق واللين، والإبتعاد عن الغلظة والشدة: قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ. . .} [آل عمران: 159]

الدعوة تقوم على العلم

الدعوة تقوم على العلم قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] قال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية: يقول تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى الثقلين الجن والإِنس آمرًا له أن يخبر الناس أن هذه سبيله أي طريقته ومسلكه وسنته، وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له، يدعو الله بها على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان، هو وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي. وقوله: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ} أي وأُنزِّه الله وأُجله وأُعظمه وأُقدسه عن أن يكون له شريك، أو نظير أو عديل، أو نديد، أو ولد، أو والدة، أو صاحبة، أو وزير، أو مشير تبارك وتقدس وتنزه عن ذلك كله عُلوًا كبيرًا. [ج 2/ 495] 2 - وقال الطبري: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: قل يا محمد: هذه الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان، والإنتهاء إلى طاعته، وترك معصيته (سبيلي) وطريقتي ودعوتي أدعو إلى الله وحده لا شريك له. (على بصيرة) بذلك ويقين وعلم مني به أنا، ويدعو إليه على بصيرة أيضًا من اتبعني وصدقني وآمن بي. (وسبحان الله) يقول تعالى ذكره: وقل تنزيهًا لله، وتعظيمًا له من أن يكون له شريك في ملكه، أو معبود سواه في سلطانه. (وما أنا من المشركين) يقول: وأنا بريء من أهل الشرك به، لست منهم، ولا هم مني. [تفسير الطبري تحقيق محمود شاكر ج 16/ 290]

من فوائد الآية وتفسيرها 1 - الأمر بالدعوة إلى توحيد الله، وتقديمه على غيره. 2 - التوحيد يتمثل في كلمة لا إله إلا الله: (لا معبود بحق إلا الله). 3 - الداعية يجب أن يدعو على علم وبصيرة في أمور دينه، فينفع الناس، والجاهل يضر أكثر مما ينفع. 4 - تنزيه الله تعالى عن الشريك في الذات والصفات. 5 - البراءة من الشرك: وهو صرف نوع من أنواع العبادة لغير الله: كدعاء الأموات، أو الغائبين، أو الحكم بغير الإسلام. . 6 - العلم قبل القول والعمل، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} [محمد: 19] وقال البخاري في كتابه: (باب العلم قبل القول والعمل). قلت: إن المسلم لا يستطيع أن يقول ويعمل عملاً صحيحًا مقبولًا قبل أن يعلم.

استجيبوا لله وللرسول

استجيبوا لله وللرسول قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 24] 1 - قال البخاري: {اسْتَجِيبُوا} أجيبوا {لِمَا يُحْيِيكُمْ} لما يصلحكم. 2 - وقال مجاهد: في قوله: {يُحْيِيكُمْ} قال للحق. 3 - وقال قتادة: قال هذا هو القرآن فيه النجاة والبقاء والحياة. 4 - وقال السدي: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} ففي الإِسلام أحياؤهم بعد موتهم بالكفر. 5 - وقال عروة بن الزبير: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} أي للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل، وقواكم بها بعد الضعف، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم. [انظر ابن كثير 2/ 297] وإنما سمي الجهاد حياة، لأن في وهن عدوهم بسببه حياة لهم وقوة، أو لأنه سبب الشهادة الموجبة للحياة الدائمة، أو سبب المثوبة الأخروية التي هي مَعدِن للحياة كما قال تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت: 64] (أي الحياة الدائمة). [ذكره القاسمي في محاسن التأويل ج 8/ 34] 6 - وقال الفراء: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} إحياء أمورهم. فيُخرَّج في إحيائهم خمسة أقوال: الأول: أنه إصلاح أمورهم في الدنيا والآخرة. الثاني: بقاء الذكر الجميل لهم في الدنيا، وحياة الأبد في الآخرة. الثالث: أنه دوام نعيمهم في الأخرة. الرابع: أنه كونهم مؤمنين، لأن الكافر كالميت. الخامس: أنه يحييهم بعد موتهم، وهو على قول من قال: هو الجهاد، لأن الشهداء

أحياء، ولأن الجهاد يُعزهم بعد ذلهم: فكأنما صاروا به أحياء. [انظر زاد المسير ج 3/ 339] قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} أولًا: قال القاسمي: يحتمل وجوهًا من المعاني: أحدهما: أنه تعالى يملك على المرء قلبه، فيصرفه كيف يشاء فيحول بينه وبين الكفر إن أراد هدايته، وبينه وبين الإِيمان إن أراد ضلالته. وهذا المعنى رواه الحاكم في مستدركه عن ابن عباس وصححه. ويؤيده ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر أن يقول: "يا مُقلِّب القلوب ثبتْ قلبي على دينك". [رواه أحمد والترمذي وحسنه] "إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفها كيف يشاء، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم مُصرِّف القلوب، صرّف قلوبنا إلى طاعتك". [رواه مسلم] ثانيهما: أنه حث على المبادرة إلى الطاعة قبل حلول المنية. فمعنى {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} يميته فتفوته الفرصة التي هو واجدها، وهي التمكن من إخلاص القلب، ومعالجة أدوائه وعلله، ورده سليمًا كما يريده الله، فاغتنموا هذه الفرصة، وأخلصوها لطاعة الله ورسوله، فشبه الموت بالحيلولة بين المرء وقلبه الذي به يعقل في عدم التمكن من علم ما ينفعه علمه. [انظر تفسير القاسمي محاسن التأويل 8/ 35] أقول: وفي الحديث دلالة على إثبات الأصابع للرحمن على ما يليق به تعالى من غير تشبيه ولا تمثيل، ومثلها اليدان، والساق، والقدم، والوجه، وغيرها من الصفات الثابتة في الكتاب والسنة. 1 - {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر والإِيمان. [مروي عن ابن عباس] 2 - يحول بين المؤمن وبين معصيته، وبين الكافر وبين طاعته. [رواه العرفي عن ابن عباس] 3 - يحول بين المرء وقلبه حتى لا يتركه يعقل. [قاله مجاهد] قال ابن الأنباري: المعنى: يحول بين المرء وعقله، فبادروا الأعمال، فإنكم لا تأمنون زوال العقول، فتحصلون على ما قدمتم.

4 - أن المعنى: هو قريب من المرء لا يخفى عليه شيء من سره. [قاله قتادة] 5 - يحول بين المرء وقلبه، فلا يستطيع إيمانًا ولا كفرًا إلا بإذنه. [قاله السدي] 6 - يحول بين المرء وقلبه: يحول بين المرء وبين هواه [ذكره ابن قتيبة] 7 - يحول بين المرء وبين ما يتمنى بقلبه من طول العمر والنصر وغيره. 8 - يحول بين المرء وقلبه بالموت، فبادروا بالأعمال قبل وقوعه. 9 - يحول بين المرء وقلبه بعلمه، فلا يضمر العبد شيئًا في مفسدة إلا والله عالم به لا يقدر على تغيبه عنه. 10 - يحول بين ما يوقعه في قلبه من خوف أو أمن، فيأمن بعد خوفه، ويخاف بعد أمنه. [زاد المسير 3/ 339] ثانيًا: وقال الطبري بعد أن ذكر أقوالًا شبيهة بما تقدم: إن الله عمً بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} هو الخبر عن أنه يحول بين العبد وقلبه، ولم يخصص من المعاني التي ذكرنا شيئًا دون شيء، والكلام محتمل كل هذه المعاني، فالخبر على العموم حتى يخصه ما يجب التسليم له. من فوائد الآية 1 - وجوب الاستجابة لنداء الله تعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، بفعل المأمور به، وترك المنهي عنه، لما فيه حياة الفرد المسلم، وحياة المجتمع. 2 - ومما يساعد على الحياة السعيدة للفرد والمجتمع الجهاد في سبيل الله، لأن الجهاد يعزهم فكأنما صاروا به أحياء. 3 - على المسلم العاقل أن يبادر إلى العمل الصالح قبل مرضه أو موته.

ضعف الخلق وقوة الخالق

ضعف الخلق وقوة الخالق قال الله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن: 33] 1 - "أي لا تستطيعون هربًا من أمر الله وقدره، بل هو محيط بكم لا تقدرون على التخلص من حكمه، ولا النفوذ عن حكمه فيكم، أينما ذهبتم أُحيط بكم، وهذا في مقام الحشر: الملائكة محدقة بالخلائق سبع صفوف من كل جانب، فلا يقدر أحد على الذهاب. {إِلا بِسُلْطَانٍ}: أي إلا بأمر الله: {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ} [القيامة: 10 - 12] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يونس: 27] ولهذا قال تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: 35] والمعنى على كل قول: لو ذهبتم هاربين يوم القيامة لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار والنحاس المذاب عليكم لِترجعوا، ولهذا قال: {فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. [انظر تفسير ابن كثير ج 4/ 274] 2 - وقال القاسمي في تفسير الآية: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي تجوزوا أطراف السموات والأرض فتُعجزوا ربكم، أي بخروجكم عن قهره، ومحل سلطانه ومملكته، حتى لا يقدر عليكم. (فانفذوا) أي فجُوزوا واخرجوا.

{لَا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ}: أي بقوة وقهر وغلبة، وأنى لكم ذلك؟ ونحوه: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [العنكبوت: 22] 3 - ويقال معنى الآية: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموه، ولن تعلموه إلا بسلطان، يعني البينة من الله تعالى. والأول أظهر، لأنه لما ذكر في الآية الأولى أنه لا محالة مجازٍ للعباد عَقَّبه بقوله: {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ. . .} إلخ لبيان أنهم لا يقدرون على الخلاص من جزائه وعقابه إذا أراده. {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13] 1 - قال ابن جرير: أي من التسوية بين جميعكم، بأن جميعكم لا يقدرون على خلاف أمر أراده بكم. 2 - وقال القاضي: فإن التهديد لطف، والتمييز بين المطيع والعاصي بالجزاء والإنتقام من الكفار من عِداد الآلاء (النِعم). [تفسير القاسمي ج 15/ 292 - 295] من فوائد الآية 1 - بيان جلال الله وقدرته وسلطانه. 2 - بيان عجز الخلق أمام خالقه -عَزَّ وَجَلَّ- في الدنيا والآخرة. 3 - جميع الخلق لا يقدرون على خلاف أمر أراده الله بهم. 4 - تقرير عقيدة الإِيمان بالبعث والجزاء.

معاني فواتح السور

معاني فواتح السور قال الله تعالى: {الم} {الر} {المص} {حم} {عسق} {ن}. اختلف المفسرون في معنى هذه الحروف، فمنهم من قال: 1 - هي مما استأثر الله بعلمه ولم يفسرها. 2 - هي أسماء للسور، واستدلوا على ذلك بالحديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة {الم} السجدة و {هل أتى على الإِنسان}. [متفق عليه] وقال مجاهد: {الم} {حم} {المص} {ص}: فواتح افتتح الله بها القرآن (أي أسماء سوره). 3 - وقال آخرون: إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور بياناً لإِعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها. وحكى هذا القول جمع من المحققين منهم: الرازي، والقرطبي، وإليه ذهب شيخ الإِسلام ابن تيمية، والحافظ المزي. قال الزمخشري: ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن؛ وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت، كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي بالصريح في أماكن، وجاء منها على حرف واحد كقوله: {ص} {ن} {ق} وحرفين مثل: {حم}، وثلاثة مثل: {الم}، وأربعة مثل: {المر} {المص}، وخمسة مثل: {كهيعص} {حم عسق} لأن أساليبهم على هذا من الكلمات ما هو على حرف، وعلى حرفين، وعلى ثلاثة، وعلى أربعة، وعلى خمسة، لا أكثر من ذلك. [انظر تفسير ابن كثير ج 1/ 36] قال ابن كثير: ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف، فلابد أن يذكر فيها الإنتصار

للقرآن وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالإستقراء، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة. ولهذا يقول تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 1] {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [سورة فصلت: 2] {المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} [أول سورة الأعراف] 4 - وأما من زعم أنها دالة على معرفة المُدَدَ، وأنه يستخرج من ذلك أوقات. الحوادث والفتن والملاحم فقد ادعى ما ليس له، وطار في غير مطاره. 5 - لا شك أن الله لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثاً ولا سُدى؛ ومن قال من الجهلة أن في القرآن ما هوتعبد لا معنى له، فقد أخطا خطاً كبيراً، فتعين أن لها معنى في نفس الأمر، فإن صح لنا عن المعصوم لشيء قلنا به، وإلا وقفنا حيث وقفنا وقلنا: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران] ولم يُجمع العلماء فيها على شيء معين، وإنما اختلفوا، فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه وإلا فالوقف حتى يتبين هذا المقام. [تفسير ابن كثير ج/361]

كيف نلفظ هذه الحروف

كيف نلفظ هذه الحروف يجب أن نلفظ الحروف التي في أوائل السورة مقطعة حرفاً حرفاً .. لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف". [صحيح رواه الترمذي وغيره] 1 - قوله تعالى: {الم} ألف، لام، ميم. [أول سورة البقرة] 2 - قوله تعالى: {المر} ألف، لام، ميم، را. [سورة الرعد] 3 - قوله تعالى: {المص} ألف، لام، ميم، صاد. [الأعراف] 4 - قوله تعالى:- {الر} ألف، لام، را. [سورة يوسف] 5 - قوله تعالى: {حم} {طس} حا، ميم، طا، سين. [غافر والنمل] 6 - قوله تعالى: {ن} {ق} {ص} نون، قاف، صاد. [أسماؤها] 7 - قوله تعالى: {كهيعص} كاف، ها، يا، عين، صاد. [مريم] 8 - قوله تعالى: {حم. عسق} حا، ميم، عين، سين، قاف. [الشورى] 9 - بعض هذه الحروف تمد حركتين مثل: حا، ها، يا، را. 10 - وبعض الحروف تُمد أكثر مثل: نون، قاف، صاد، ميم، عين. 11 - يُعرف التلفظ بالحروف بالسماع من القراء والمشايخ.

الخسارة للكافرين والفوز للمؤمنين

الخسارة للكافرين والفوز للمؤمنين قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر] العصر: الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير وشر. وقال مالك عن زيد بن أسلم هو العصر، والمشهور الأول. فأقسم تعالى بذلك على أن الإِنسان لفي خسر أي في خسارة وهلاك. {إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا} فاستثنى من جنس الإِنسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم. {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} وهو أداء الطاعات وترك المحرمات. {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} أي على المصائب والأقدار وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهون عن المنكر. [انظر تفسير ابن كثير ج 4/ 547] قال الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى: لو تدبر الناس هذه السورة لكفتهم. وذلك لما فيها من المراتب العالية التي باستكمالها يحصل للمسلم غاية كماله: الأولى: معرفة الحق، والثانية: عمله به، والثالثة: تعليمه من لا يحسنه، والرابعة: صبره على تعلمه والعمل به وتعليمه.

من فوائد السورة 1 - فضل سورة العصر لاشتمالها على طريق النجاة. 2 - لله أن يقسم بما شاء لأنه الخالق له. 3 - لا يجوز الحلف بغير الله للعباد لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أ - "من حلف بغير الله فقد أشرك". [صحيح رواه أحمد] ب - "لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فلْيَصدق، ومن خلِف له فلْيرضَ، ومن لم يرض بالله فليس من الله". [صحيح رواه ابن ماجه] ج - وقال عبد الله بن مسعود: "لأن أحلف بالله كاذباً خير من أن أحلف بغيره صادقاً". [أخرحه الطبراني وصححه الألباني في الإرواء جـ 8] 4 - بيان مصير الإِنسان الكافر، وأنه في خسران. 5 - بيان فوز أهل إلإِيمان والعمل الصالح الموافق للشرع. 6 - الإيمان: قول وعمل، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي. 7 - وجوب التواصي بالحق، والتواصي بالصبر بين المسلمين. 8 - وجوب الصلاة مع الجماعة، ولا سيما صلاة العصر، لقول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] [والصلاة الوسطى: هي صلاة العصر]. 9 - الزمن له قيمة عند المسلم، فيقضيه بطاعة الله.

(2) معلومات مهمة من الدين لا يعلمها كثير من المسلمين

(2) معلومات مهمة من الدين لا يعلمها كثير من المسلمين

موجز معلومات مهمة من الدين رقم (2) * - ما هو الشرك وأنواعه؟ * - الولاء والبراء والحكم. * - كيف نؤمن بالقدر خيره وشره؟ * - أسباب الإنحراف عن المسيرة الإسلامية. * - أسباب وقوع العذاب والبلاء في الدنيا. * - حجاب المرأة المسلمة وشروطه. * - عادات وتقاليد يجب تركها. * - بدع المواسم والأعياد. * - منكرات البيوت والأزياء والزواج. * - الصوفية في ميزان الكتاب والسنة. * - أولياء الرحمن وأولياء الشيطان. * - ماذا تعرف عن قصيدة البردة ودلائل الخيرات.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضِل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: فهذه معلومات مهمة من الدين تهم جميع المسلمين، ولا يعلمها كثيرمن المسلمات والمسلمين، قمت بجمعها من بعض الكتب والمجلات والنثرات الإسلامية لمؤلفين معروفين بعقيدتهم السليمة، ومنهجهم القويم، وكتاباتهم المستقيمة، وقد رقمت الآيات وخرجت الأحاديث الواردة فيها إذا لم يكن هناك ترقيم أو تخريج، وعزوت كل مقال لصاحبه إذا عُرف. وهناك بحوث هامة كتبتها بقلمي، وسجلتها باسمي، ورتبت مواضيع الكتاب كلها حسب الأهم، وهي تعالج أموراً هامة واقعة في المجتمع، قد اعتادها الناس في حياتهم، وهي في الواقع بعيدة عن الدين. وأملي كبير في أن يتنبه المسلمون لها، ويرجعوا عنها، حتى يحققوا تعاليم الإِسلام، ولعل الله ينصرهم، ويمكن لهم في الأرض. والله أسأل أن ينفع بها المسلمين ويجعلها خالصة لوجهه الكريم. محمد بن جميل زينو

{يا أيها الناس اعبدوا ربكم}

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} هل فكرت يا أخي في معنى حياتنا على هذه الأرض: من أين جئنا؟ ومَن جاء بنا؟ ولماذا جاء بنا؟ وأين يُذهَب بنا بعد هذه الحياة؟ هذه الأسئلة لا بُدَّ وأن تكون قد خطرت ببالك، بل وعلى بال كل إنسان، وأكثر الناس لم يُتعبوا أنفسهم في البحث عن الجواب فصار همهم في الحياة الطعام والشراب والشهوات، وكثير منهم ضل في بحثه عن الإِجابة حيث لم يتجه الِإتجاه الصحيح إلى من يملك الِإجابة، وكلا الفريقين أموات يتحركون على الأرض كما وصفهم خالقهم-: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179] فلنحاول إذاً معاً في هذه السطور أن نخرج من هذه الغفلة لنسير في حياتنا على هُدى ونور على صراط مستقيم بَيَّنه لنا خالق السموات والأرض وهو دينه الذي لا يقبل من أحدٍ من خلقه ديناً سواه وهو وحده الذي يعطيك الجواب الشافي على هذه الأسئلة لأنه وحده الدين الخالص من عند الله: قال الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [سورة الطور، آية 35] {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [سورة طه، آية 50] {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} [يونس، آية 31] بهذا الوضوح أجاب القرآن عن السؤال الأول من أين جئنا؟ ومَن جاء بنا؟. حقيقة لا يمكن لِإنسان أن يهرب منها أقر بها المشركون لعجزهم عن الفرار، ولكن هل الإِقرار وحده يكفي؛.

قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات، آية 56] إذا علمت أن الله وحده هو المنفرد بالخلق والتدبير والإِحياء والإِماتة والملك التام لكل ما في هذا الكون، فلا بُدَّ أن يثمر ذلك في قلبك إفراده بحق العبادة لا شريك له في شيء منها، ومن أجل هذا قامت السموات والأرض، ومن أجل هذا خُلقنا في هذا العالم وجئنا إليه، ومن أجل هذا بُعثت الرسل وأُنزلت الكتب، وعلى هذا يكون الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار. فهل معنى هذا أن نقضي حياتنا كلها في المسجد راكعين ساجدين. ونترك الحياة تسير كما شاء أهلها أن يسيروها؟. المفهوم الصحيح للعبادة: ليس هذا هو المفهوم الصحيح للعبادة، ولكن العبادة هي فعل كل ما يحبه الله ويرضاه، وترك ما ينهى عنه ويأباه، وهي أن تكون في دراستك وعملك وبيتك وطريقك ومسجدك وعلاقتك مع الناس تبتغي وجه الله، وتتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبهذين الشرطين تصبح كل حياتك عبادة لله، فالعبادة طاعة وخضوع واستسلام لأوامر الله، وهي صلاة وصوم وحج وزكاة، وهي حُب وخوف ورجاء وإخلاص لله وحده، وهىِ شكر وصبر ورضى وشوق لله وحده، وهي دعاء وتضرع وتذلل وخشوع لله وحده، وهي أكل حلال وترك حرام، وهي بر لوالدين، وحسن خلق، واحترام للكبير، ورحمة للصغير والمسكين، وتبسم في وجه أخيك المسلم، وهي صدق في الحديث ووفاء بالعهد والوعد وأداء للأمانة وترك للغش واجتناب للربا والرشوة وسائر المحرمات، وهي غض بصر وحفظ فرج وحجاب وعفة، وهي أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ودعوة إلى الله وجهاد في سبيل الله: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [سورة الأنعام، الآية 162] [نسكي: ذبحي للحيوانات قربة لله].

{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [سورة البقرة، الآية 256]. ولا تتحقق هذه العبادة إلا بالكفر بالطاغوت كما أخبر الله وبهذا بعث الله كل الرسل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل، الآية 36] والطاغوت هو كل من جاوز حَد العبودية، ونسب لنفسه حقاً أو صفة لا تجوز إلا لله؛ فالشيطان رأس الطواغيت حيث دعا الناس إلى عبادة غير الله وطاعته قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [سورة يس، آية 60] وعبادة الشيطان طاعته فيما يأمر به من الكفر بالله. والطاغوت أيضاً كل متبوع أو مطاع أو حاكم على غير بصيرة من الله وشرع الله، وكذا كل من ادعى معرفة الغيب كالعرافين والمنجمين والكهان: قال الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [سورة النمل، آية 65] وكذلك كل من زعم معه الضر والنفع من دون الله. ومعنى الكفر بالطاغوت أن تعتقد بقلبك بطلان عبادة هؤلاء الطواغيت وبطلان ما نازعوا فيه ربهم من حقوق الِإلهية وتُفْرِد ربك وحده بها، ثم تسعى لإزالة عبادتهم مِن على ظهر الأرض بكل طريق.

ما هو الشرك وأنواعه؟

ما هو الشرك وأنواعه؟ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}: وهو ذنب لا يغفره الله، فما هو الشرك؟ الشرك أن يصرف الإِنسان أيَّ عبادة من العبادات لغير الله كائناً مَن كان ملَكاً مُقَرباً أو نبياً مرسلاً، أو ولياً صالحاً، أو عالماً أو عابداً أو زعيماً أو حجراً أو شجراً أو شمساً أو قمراً أو درهماً أوديناراً أو هوىً مُتَّبَعاً، فكل هذه الأشياء يشرك كثير من الناس بريهم بسببها، فمن دعا غير الله واستغاث به -وهو غائب أوْ مَيْت- وطلب منه المدد واعتقدَ أنهُ ينفع ويضر ويشفي المريض ويرد الغائب وينتصر لِلمظلوم فقد أشرك بالله العظيم. قال الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سورة سبأ، الآية 22] ولا ينفع هذا أن يُسمّى ما يفعله شفاعة أو توسلًا، فهذه حجة المشركين حيث قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى} [سورة الزمر، آية 3] وقال سبحانه وتعالى عنهم: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [سورة يونس، آية 18] ومن الشرك ما يفعله كثير من الناس منِ النذر لغير الله والذبح لهم كما يُفعل عند قبور الصالحين وغيرهم قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [سورة الكوثر، آية 2] فكما أن من صلى وسجد لغير الله فقد أشرك، فكذلك من نحر وذبح لغير النّه فقد أشرك، ومن هنا حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته من اتخاذ القبور مساجد حتى لا يقع الناس في الشرك بسبب الغلو في الصالحين. قال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا لا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك". [رواه مسلم]

ومن الشرك الأصغر الحلف بغير الله قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن حلف بغير الله فقد أشرك". [صحيح رواه الإمام أحمد] عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "لأن أحلف بالله كاذباً أحَبُّ إليَّ من أن أحلف بغيره صادقاً". فلا تحلف يا أخي بحياة الأب أو بالشرف أو النبي أو الكعبة؛ بل لا تحلف إلا بالله. ومن الشرك الأصغر الرياء: هو أن يطلب الإِنسان مدح الناس بعمله فيتعلم ليقال عالم، وينفق ليقال كريم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال: الرياء". [صحيح رواه أحمد] ومن الشرك ما ينتشر بين كثير من الناس من تعليق الأحجبة والتمائم لدفع العين والحسد وجلب الحظ. قال - صلى الله عليه وسلم -: "من علَّق تميمة فقد أشرك" (¬1) [صحيح رواه أحمد] وأعلم يا أخي أن العلم بهذه الأشياء وحرمتها واجب على كل مسلم حتى يتجنب الوقوع في الشرك الأكبر والأصغر، فالشرك الأكبر هو الذي يُخلد صاحبه في النار. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [سورة النساء، آية 116] والشرك الأصغر هو الذريعة والوسيلة التي تؤدي إلى الوقوع في الشرك الأكبر، وهو أكبر من الكبائر الأخرى. ¬

_ (¬1) التميمة: هي الخرزة أو الودعة أو غيرها تُعلق على الولد أو على البنت أو على السيارة من العين وغيرها.

{وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين}

{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} * منزلة الصلاة في الإسلام: للصلاة في الإِسلام منزلة لا تعدلها منزلة أي عبادة أُخرى فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به: قال - صلى الله عليه وسلم -: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] وهي أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات، وتولى إيجابها بمخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا واسطة ليلة المعراج، قال أنس: "فُرضَتْ الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به خمسين، ثم نقصَت حتى جُعلِتْ خمساً، ثم نودي يا محمد: إنه لا يُبَدَّلُ القول لديّ، وإن لك بهذه الخمس خمسين". [رواه البخاري] وهي أول ما يحاسب عليه العبد. قال - صلى الله عليه وسلم -: "أولُ ما يحاسَبُ عليه العبدُ يوم القيامة الصلاة، فإن صلَحتْ صلح سائر عمله، وإن فسدَتْ فسد سائر عمله". [صحيح رواه الطبراني] وهي آخر وصية وصى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُمته عند مفارقة الدنيا، جعل يقول وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: "الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم". [صحيح رواه أحمد] وهي آخر ما يفقد من الدين، فإن ضاعت ضاع الدين كله. قال - صلى الله عليه وسلم -: "لتُنقضَنَّ عُرى الإِسلام عُروة عُروة؛ فكلما انتقضت عُروة تشبث الناس بالتي تليها فأوَّلهن نقضاً الحُكم، وآخرهن الصلاة". [صحيح رواه أحمد] وقد ذكرها الله تعالى من الأشراط الأساسية للهداية والتقوى فقال تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}. [سورة البقرة، الآيات 1 - 3] وقد استثنى تبارك وتعالى المحافظين على الصلوات مِن أصحاب الأخلاقِ الذميمة فقال: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ}. [المعارج: 19 - 23]

وقال وهو يحكي عن أهل النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [سورة المدثر، الآيات 42 - 43] * دوام التكليف بالصلاة: وهي فريضة دائمة مطلقة على كل عبد وحر، غني وفقير، صحيح ومريض، مقيم ومسافر، رجل وامرأة، لا تسقط عمن بلغ الحلم في حال من الأحوال، حتى أمر بها في ساحة القتال وشرعت صلاة الخوف. قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [سورة البقرة، الآيات 238، 239] ولا تسقط هذه الفريضة عن نبى مرسل فضلاً عن صالح أو عارف، أو مجاهد، قال الله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}. [سورة الحجر، آية 99] (اليقين: الموت). فمن ترك الصلاة واستغنى عنها، اعتماداً على وصوله إلى الغايات، والنتائج التي يعتقد أن الصلاة شرعت لها، أو بسبب شدة اشتغاله بعمل مثمر، يعود على الأُمة بالفائدة والخير الكثير شأن كثير من العاملين في حقل الإجتماع والسياسة والتعليم وغير ذلك فإنهم يستهينون بأمر الصلاة ومواقيتها؛ ويعتذرون بأنهم في شغل شاغل في خدمة الأمة، وفي جهاد مُتصل لا يترك لهم وقتاً لأداء الصلوات المكررة في اليوم والليلة، فهؤلاء قد عرضوا أنفسهم للهلاك، وأعمالهم للحبوط، وإيمانهم للضياع: قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [سورة النساء، آية 103] (أي مفروضاً ووقتاً مُحدداً). * حكم حكم تارك الصلاة: ترك الصلاة جحوداً بها وإنكاراً لها كفر وخروج عن ملة الإِسلام، بإجماع المسلمين. أما من تركها مع إيمانه بها واعتقاده بفرضيتها، ولكن تركها تكاسلاً أو تشاغلًا عنها:

فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". [رواه مسلم] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرتُ أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويُقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإِسلام وحسابهم على الله تعالى". [متفق عليه] * الجماعة وأهميتها وفضلها: وقد أوجب الله الصلاة المفروضة في الجماعة وهي طبيعة الصلاة المفروضة المشروعة في الإِسلام، ووضعها الصحيح. قال تعالى: {وَاركَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}. [سوره البقرة، آية 43] ولذلك داوم عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مداومة شديدة، حتى كأنها جزء من الصلاة ولم يتركها في السلم ولا في الحرب ولا في مرضه الذي مات فيه، وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - شديد الإِنكار على من يتغيب عن الجماعة ولا يشهد الصلاة مع المسلمين. فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أُخالف إلى رجال يتخلفون عن الجماعة فآمر بهم فيحرقون عليهم رحالهم بحزم من الحطب" [رواه مسلم] كما أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ (الفرد) أضعافاً مضاعفة: قال - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة". [متفق عليه] وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "مَن أحبَّ أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن (في المساجد)، فإن الله تعالى شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سُنن الهدى، ولو أنكم صلّيتم في رحالكم (بيوتكم) كما يصلي هذا المتخلف لتركتم سُنة نبيكم، ولو تركتم سُنة نبيكم لضللتم، وإنه كان يُؤتى بالرجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". (يُهادى: يتكىء). [رواه مسلم]

الولاء والبراء والحكم

الولاء والبراء والحكم أخي المسلم في هذه السلسلة نستكمل معرفة أصول التوحيد الذي من أجله أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وبه قامت السماوات والأرض وهو غاية وجودنا في هذه الحياة وعلمنا في اللقاء الأول أن الله خلقنا لعبادته وعلمنا معنى العبادة الشامل لحياة الإِنسان وعرفنا معنى الطاغوت وضرورة الكفر به واتضح لنا معنى الشرك وبعض مظاهره؛ ونتابع هنا بإذن الله أركان التوحيد أول حقوق الله على العبيد. الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإِيمان الولاء والبراء ركن ركين من أركان التوحيد، هل يُتَصَوَّر مؤمن يحب الله وفي نفس الوقت يحب أعداءه ومن يكذبه ويكذب رسله ولا يتبرأ منهم؟ هل يُتَصَوَّر مؤمن يحب الله ويعبده وفي نفس الوقت يكرهُ المؤمنين بالله ولا يحبهم ولا يَنصرهم؟ لا يتصور هذا إلا من لا يعرف حقيقة الإِيمان: قال الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [سورة المجادلة، آية 22] وقال سُبحانهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [سورة المائدة، آية 51] وقال تبارك وتعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}. [سورة الممتحنة، آية 4] ومعنى الوَلاء: الحب وَالنصرة والطاعة والمتابعة والنصح والصداقة وتولي الأمور بالإِصلاح ويستلزم ذلك إظهار المودة والتشبه بمن تواليهم واستئمانهم على الأسرار ونحو ذلك، والبراء عكس ذلك، فكل هذه الأمور يجب أن تكون للمؤمنين، ولا يجوز أن تكون للكافرين.

واعلم يا أخي أن الله لم يرض لعباده أن يجتمعوا على راية إلا راية العقيدة والدين، فالناس إما مؤمن تقي وإما كافر شقي، لا فرق بين عربي وعجمي، أبيض وأسود، إلا بالتقوى وأما كل الدعاوي الأُخرى التي يتعصب لها الناس كانتمائهم إلى قبيلة واحدة، أو إلى وطن واحد، أو إلى قومية واحدة، بحيث يصير الإِنسان يحب ويبغض ويوالي ويعادي بناء عليها، فإنها من دعوى الجاهلية قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تشاجر بعض المهاجرين والأنصار، فقال المهاجرون: يا للمهاجرين، وقال الأنصار: يا للأنصار، قال - صلى الله عليه وسلم -: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم دعوها فإنها مُنتنة". (متفق عليه) فإذا كان هذا في أشرف الأسماء، فكيف إذا كان التحزب على ما ليس فيه شرف، بل على تقليد شخص معين، فكيف إذا كان الإِجتماع على مبادىء تناقض الإِسلام كالعلمانية والشيوعية والماسونية وسائر المبادىء الوضعية يميناً ويساراً شرقاً وغرباً؟ قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [سورة القلم، الآيات 35 - 36] فراجع يا أخي حبك وبغضك وانتماءك ومودتك وصداقتك في نور كتاب ربك. {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}. [سورة المائدة، الآيات 55 - 56]

إن الحكم إلا لله

إن الحكم إلا لله ومن أصول عقيدة التوحيد إفراد الله بالحكم والتشريع، فليس هذا الحق لفرد أو طائفة أو شعب. قال تعالى عن اليهود والنصارى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا}. [سورة التوبة، آية 31] وفسرها النبي - صلى الله عليه وسلم -فقال: "ألم يُحلوا لكم الحرام ويُحرموا عليكم الحلال فاتبعتموهم -قيل: بلى- قال: "فتلك عبادتهم". [حسنه الألباني بشواهده] وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [سورة الشورى، آية 21] فمن استجاز أن يُحكَم البشر في دمائهم وأموالهَم وأعراضهم وسائر معاملاتهم بغير حكم الله فقد أشرك بالله العظيم: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [سورة المائدة، آية 50] والواجب على كل مسلم أن لا يتحاكم إلى القوانين الوضعية المخالفة للشريعة وأن يقبل حكم الله في كل نزاعِ بينه وبين غيره فِي الناس، وأن يدعو الناس إلى ذلك. قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [سورة النساء، آية 65]

ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها

ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها أول واجب على العبد معرفة ربه ومولاه، وذلك بمعرفة أسمائه وصفاته التي وصف بها نفسه في كتابه أووصفه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته من غير تحريف ولا تأويل، وكذلك من غير إدخال للعقل في تصور الكيفية أو محاولة التشبيه والتمثيل بالمخلوقات فهو كما وصف نفسه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سورة الشورى، آية 11] {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [سورة الإخلاص، الآيات 3 - 4] ثم القيام بحقوق كل اسم وصفه لله سبحانه بالتعبد له بهذه الأسماء والصفات ودعائه بها وتأثر القلب بها، فأسماء الله العظيم المجيد المتكبر المتعال ذو الجلال والإِكرام وأنه فوق عباده على العرش استوى تملأ القلب تعظيماً له وإجلالًا وخوفاً منه ورهبة، وأنه لا ملجا منه إلا إليه وأسماء الخبير السميع البصير العليم الشهيد تملأ القلب مراقبة لله في الحركات والسكنات وأسماء الرحمغ الرحيم البرَّ الكريم الجواد الرزاق تملأ القلب محبة له وشوقاً إليه وطمعاً في رزقه ورحمته وحمداً له وشكراً. وكلما ازداد الإِنسان معرفة باسماء الله وصفاته إزداد عبودية لله. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة". [رواه البخاري] [أحصاها: حفظها وقام بحقوقها]. فهلا قمت أخي المسلم ففتحت هذا الباب العظيم فهو من أعظم أسباب سعادة الإنسان ولعلك لم تسمع به من قبل!!

كيف نؤمن بالقدر خيره وشره

كيف نؤمن بالقدر خيره وشره في هذه السطور لقاؤنا مع أصول الإِيمان والتوحيد نتعلم فيه أصلين عظيمين من أصول الإِيمان لا تقبل عبادة من العبادات إلا ممن أتى بهما: القضاء والقدر، واليوم الآخر: س1: كيف نؤمن بالقدر؟ جـ 1: أن تعلم أن ما أصابك لمِ يكن ليُخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن توقن أن الخلق جميعاً لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجَفَت الصحف، وأن تؤمن بأن ما شاء الله كان وما لم يثا لم يكن، وأن كل ما فى الكون من حركة وسكون وحياة وموت وخير وشر وطاعة ومعصية إنما هو بتقدير الله ومشيئته وعلمه وحكمته لم يكن شيء من ذلك قهراً عليه سبحانه وتعالى عن ذلك ولا عبثاً منه -عَزَّ وَجَلَّ-. س2 ما معنى قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} [سورة محمد، آية 31] ألم يكنَ الله يعلم ذلك قبل وجوده؟ جـ 2: بلَى فالله بكل شيء عليم، علِمَ ما الخلق عاملون قبل أن يخلقهم، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ كما قال: {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [سورة الطلاق، آية 12] وقال: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سورة الأنعام، آية 59] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أول ما خلق الله القلم فقال اكتب فقال ما أكتب؟ قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة". [رواه البخاري] ولكن من عدله سبحانه وحكمته لا يظلم العباد فهو لا يحاسبهم إلا على ما صدر منهم من أعمال عملوها هم بإرادتهم التي خلقها الله لهم، فلا

يحاسبهم إلا بعلمه بما صدر منهم لا على مجرد العلم السابق والكتابة في اللوح الحفوظ، فمعنى الآية: أن الله يبتلي عباده -أي يختبرهم ليعلم المجاهدين الصابرين من المنافقين- علماً يحاسبهم عليه وإن كان قد علمه قبل ذلك. س 3: هل الإِنسان مُسيّر أم مخيّر؟ جـ 3: هذا السؤال خطأ من أصله فالِإنسان في أفعاله الاختيارية -كالطاعة والخير، والمعصية والشر- له قدرة واختيار لا ينكره إلا معاند، لأن كل إنسان يشعر بذلك في نفسه، وأثبت الله ذلك في القرآن فقال: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}. [سورة الكهف، آية 29] ولكن هذه المشيئة ليست مطلقةً بلا حدود، بل هي مقيدة بمشيئة الله لأن الله هو الذي خلق الإنسان وخلق له القدرة والإِرادة كما قال سبحانه: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}. [سورة الإنسان، آية 30] وهذا التقييد لا يعني إلغاء إرادته وأنه مُسَير أو مجبور بلا اختيار، بل لا يحاسب الله أحداً فقد إرادته كالمكره والمجنون والنائم، ولكن مشيئة الله تجري على العباد من خلال ما يعلمونه هم بأنفسهم وقدرتهم، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم وأفعالهِم، أما الأفعال غير الاختيارية كنبض القلب والانجذاب إلى الأرض مثلًا فلا خلاف أن العبد لا قدرة له عليها ولا اختيار. س 4: إذا كان الله هو الذي شاء وجود الخير والشر وهو الذي خلقهما فهل يرضى عن الشر ويُحب أن يُعْصَى؟. جـ 4: الله لا يحب الفساد ولا يرضى لعباده الكفر، بل رضي لهم الإِسلام ديناً، وهو يحب المؤمنين والمتقين والمحسنين ولا يرضى عن القوم الفاسقين، فالمحبة والرضى تابعة لتنفيذ أمر الله الشرعي المنزل على رسله -لا لمجرد المشيئة في وجود الشيء،- فالله خلق إبليس ولا يحبه، وكذلك هو الذي خلق الشر ولا يرضى عنه، ولا يأمر عباده به، ولكنه خلقه لِحكَم يعلمها فهو العليم الحكيم: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}. [سورة الأنبياء، آية 23] لأن العباد يعجزون عن الإِحاطة بعلم الله وحكمته.

س 5: إذا كان كل شيء مُقدَّراً ومكتوباً فما فائدة العمل؟ وكيف يعذب الله العصاة على أمر هو الذي كتبه وخلقه؟ جـ 5: (اعملوا فكل مُيَسَّر لما خُلِق له) فالشقاوة والسعادة خلقها الله مرتبطة بأسبابها من المعصية والطاعة، ولم يخلقها مجردة عن الأسباب، فلا يصير أحد إلى النار إلا بعمل أهل النار، ويدخل المؤمنون الجنة جزاءً بما كانوا يعملون، وكما سبق فالعمل وإن كان بمشيئة الله وقدرته فهو مقدور للإِنسان، وهو سبب سعادته أو شقائه وهو يكون بمشيئة العبد: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سورة فصلت، آية 40] والله يعذب من يستحق العذاب من عباده على عملهم هم وإن كان هو كتبه فهو لم يأمرهم به: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [سورة الأعراف، آية 28] كما أن الكتابة في اللوح اَلمحفوظ لا يعلمها العباد وإنما يعلمون شرع الله: الأمر والنهي والحلال والحرام وعندهم العقل والاختيار، ولذا رد الله على المشركين القائلين: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}. [سورة الأنعام، آية 148] بقوله: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ} [سورة الأنعام، آية 148] والسؤال يوم القيامة يكون عن ماذا أجبتم المرسلين؟؟. و (ماذا كنتم تعملون؟؟) لا عن ماذا كتب عليكم في اللوح المحفوظ. س 6: ما حكم من يفعل المحرمات ويترك الواجبات ويقول: "لو أراد الله أن يهديني لهداني". جـ6: هذا من أتباع إبليس الذي قال لربه: {رب بما أغويتني} فأول من احتج بالقدر إبليس فلم تنفعه هذه الحجة، وأما آدم وحواء فقالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. [سورة الأعراف، آية 23] فاختر لنفسك مع مَن تريد أن تكون فإن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون.

س 7 ما حكم من لم يؤمن بالقدر؟ جـ 7: لو أنفق مثل أحُد ذهباً ما تُقبل منه حتى يؤمن بالقَدر، ولو مات على غير ذلك لكان من أهل النار. هكذا روى أُبيّ وحذيفة، وابن مسعود، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}. [سورة القمر، آية 48] س 8: أين نقرأ في هذا الموضوع؟ جـ: في كتاب القضاء والقدر لأبي بكر الجزائري، ومعارج القبول لأحمد حكمي، وشفاء العليل لابن القيم، والعقيدة الواسطية لابن تيمية، وأركان الإِسلام والإِيمان للمؤلف.

فريق في الجنة وفريق في السعير

فريق في الجنة وفريق في السعير هذه نهاية المطاف وآخر الأجوبة على الأسئلة الثلاثة: {وأن إلى ربك المنتهى} فهذا اليوم العظيم يوم القيامة الذي مقداره خمسون ألف سنة لا يعلم وقته إلا الله، لكن تسبقه علامات كبرى كظهور المسيح الدجال، ونزول المسيح ابن مريم عليه السلام ليقتله ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، وخروج يأجوج ومأجوج كما ذكر الله في القرآن، فبعد هذه العلامات الكبرى يقوم الناس من قبورهم بعد عذاب أو نعيم فيها، ويحشر الله الخلق جميعاً في حَرِّ شمس دانية من الرؤوس قدر ميل فيعرق الناس عرقاً شديداً حسب أعمالهم في أهوال عظيمة أخرى، فيحاسب الله عباده على الصغيرة والكبيرة بميزان عدل لا يضيع مثقال ذرة، ويمر الناس على صراط على ظهر جهنم أدق من الشعرة وأحد من السيف، عليه خطاطيف تأخذ الناس بأعمالهم، فناج مسلم، ومخدوش، ثم ينجو، ومكدوس في نار جهنم، ويتميز الناس إلى فريقين في حياة أبدية لا تنتهي: فريق في الجنة وفريق في السعير. فمن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واتبعهبم فهم السعداء أهل الجنة: {أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41) فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43) عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (44) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (47) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ}. [سورة الصافات، الآيات 41 - 49] لباسهم فيها حرير وحليهم فيها الذهب والفضة وغاية نعيمهم النظر إلى وجه الله الكريم. {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [سورة القيامة، الآيات 22، 23] والفريق الآخر من أعرض عن ذكر الله وأشرك به وكفر برسله وارتكب ما حرم الله عليه - فهم الأشقياء أهل النار خالدين فيها أبدأ طعامهم نار، وشرابهم حميم، وفرشهم وغطاؤهم من جهنم: {قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}. [سورة الحج, الآيات21،20،19]

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}. [سورة فاطر، الآيتين 36 - 37] {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}. [سورة الزخرف، آية 77] {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}. [سورة الكهف، آية 29] فهذه يا أخي النهاية فاختر لنفسك أحد الطريقين تكن في إحدى الدارين، قد بينا لك في هذه السلسلة مفتاح دار السعادة. التوحيد حق الله على العبيد، فراجع كل مسألة فيها، وزن نفسك بالكتاب والسنة، هل أديت حق الله عليك بالتمسك بالعروة الوثقى لا إله إلا الله فهي كلمة النجاة وهي منهاج الحياة، ألا هل بلغنا اللهم اشهد. [إعداد لفيف من العلماء]

أسباب الإنحراف عن المسيرة الإسلامية

أسباب الإنحراف عن المسيرة الإسلامية وبعد فإنه على الرغم من قوة تيار الكفر والضلال الذي يحاول أن يسوق أمتنا بعصاه، ويلقي بها في مهاوي الضياع والفناء، وعلى الرغم من محاولة أنصار الجاهلية الحديثة جهدهم وتجميعهم جندهم ليقطعوا هذه الأمة الإِسلامية العريقة عن عقيدتها، ويجتثوا إسلامها من حياتها فإن هناك بصيصاً من النور، ورفيفاً من الأمل يلمحه المراقب للأحداث متمثلاً في ذاك التيار الوليد الذي يحبو ويحاول الحركة، ويتلمس الطريق كي يصدَّ ذاك التيار الأهوج المدمر، ويرده على أعقابه وينقذ البلاد والعباد من آثاره وأخطاره. وما ذاك التيار الحبيب إلا هذه البراعم الندية، والزهرات المتفتحة هنا وهناك من الشباب المسلم المؤمن الذي فتح عينيه على الحياة، واستيقظ على صيحات بعض الدعاة والمصلحين الذين حركوا فيه الغيرة والحمية وأثاروا فيه العاطفة الدينية والنفس الأبية، ويحاول هؤلاء الشباب أن ينهضوا بالأمة بعد طول تأخر، وينقذوها من الأعداء والأخطار، فيسعون جادين مخلصين، ويدأبون غير هيابين ولا وجلين، لكنهم سرعان ما يُفاجاون بأنهم ما يزالون في مكانهم، وأنهم قد رجعوا بعد طول سير وشدة نصَب إلى موضعهم الذي كانوا قد انطلقوا منه وغادروه، فيأسفون لذلك ويحزنون، وييأس بعضهم فيقعد، ويعيد الكرة ويسعى من جديد آخرون ويجرب هؤلاء ويعملون. * إن نجاح المسيرة الإسلامية يتحقق بأمرين: الأول: الهداية إلى الصراط المستقيم، وذلك بالتعرف عليه ومعرفة حدوده وأبعاده. وقد شرع الله لنا أن ندعوه دائماً كي يهدينا إلى الصراط المستقيم، فنحن دائماً نردد في صلاتنا وفي خارج صلاتنا. {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [سورة الفاتحة، آية 6، 7]

وكان المعصوم - صلى الله عليه وسلم - عندما يقوم من الليل يسأل ربه الهداية قائلاً: "اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. اهدني لما اختلف فيه مِن الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم". [رواه مسلم من حديث عائشة] الثاني: إتباع هذا الصراط المستقيم وعدم الميل عنه يميناً أو شمالًا. {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [سورة الأنعام، آية 153] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطاً، ثم قال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، وقال: هذه سبل، على كلل سبيل منها شيطان يدعو إليه، وقرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ}. [رواه أحمد والحاكم وصححه وأقرَّة الذهبي] ووضح هذا بمثال فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ضرب الله تعالى مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تتعرجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإِنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإِسلام، والسوران حدود الله تعالى، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط المستقيم كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم". [رواه أحمد والحاكم بسند صحيح من حديث النواس بن سمعان] والإستقامة على الطريق أمر في غاية المشقة والصعوبة، ذلك أن النفس البشرية أمارة بالسوء، والدنيا مليئة بالمغريات وشياطين الإِنس والجن، كل ذلك يحاول أن يحرف المسيرة ويحرف العاملين بها عن الدرب القويم. لذلك كانت أشق آية أنزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يقول ابن عباس: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [سورة هود، آية 112]

فانحراف المسيرة يأتي من أحد هذين الأصلين، إما من جهل الصراط وعدم العلم به وهذا هو الضلال، ومن هنا أتى النصارى الذين سماهم الله بـ (الضالين) إذ عبدوا الله على جهل، وإما أن يأتي من عدم الاستقامة عليه واتباعه مع العلم به، وهذا حال اليهود الذين يعرفون الحق ولا يتبعونه؛ ولذلك سماهم الله (المغضوب عليهم) وأما حال الذين أنعم الله عليهم فهو معرفة الحق واتباعه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [سورة الفاتحة، الآيتين 6، 7] عن علي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قل اللهم اهدني وسدِّدْني واذكر (¬1) بالهدى هدايتك الطريق، والسداد سداد السهم". [رواه مسلم] أيها الأخوة: إن من نعمة الله علينا أن الصراط المستقيم الذي ينبغي لنا أن نسلكه واضحة معالمه معروفة حدوده محفوظ في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. يقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: "تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يرِدا عليَّ الحوض". [رواه الحاكم بسند صحيح] وهذا الدرب لم ولن يخلو من السالكين مصداقاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم مَن خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". [رواه مسلم والترمذي] فالصراط المستقيم محفوظة تعاليمه في الكتب وفي الصدور، فإذا طلبنا في هذا الطريق القويم فإننا سنهتدي بحول الله وقوته وسنصل إلى الهدف المنشود إن شاء الله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [سورة العنكبوت، آية 69] * فمن أسباب الإنحراف: أ - اعتماد أصول غير إسلامية فمن ذلك اعتماد كثير من الكتاب ورجال الدعوة والفكر على الأحاديث الضعيفة والموضوعة. ¬

_ (¬1) تذكر ذلك يا علي في حالة دعائك هذا المعنى.

وقد أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالتثبت فيما نروي فقال: "مَن حدث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين". [رواه مسلم] "كفى بالمرء إثماً أن يُحدَّث بكل ما سمع". [رواه أبو داود والحاكم بسند صحيح من حديث أبي هريرة] وعليه: كفى بالمرء إثماً أن يعمل بكل ما سمع. فالحديث الضعيف إنما يفيد الظن المرجوح بلا خلاف بين العلماء. وإذا كان كذلك فكيف يقال يجوز العمل به والله -عَزَّ وَجَلَّ- قد ذمه في غير ما آية من كتابه: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [سورة النجم، آية 28] "إياكم وَالظن فإن الظن أكذب الحديث". [متفق عليه من حديث أبي هريرة] ب - اعتماد المنهج الفلسفي الكلامي في إرساء العقيدة وعمدة المنهج الفلسفي الكلامي نظريات عقلية وأصول فلسفية. وهذا المنهج يختلف مع المنهج الرباني القرآني في طريقة الإستدلال. فالإستدلال القرآني أساسه الوحي والإِيمان بالرسالة، والغاية التي يدعو إليها المنهج القرآني عبادة الله، وعبادته متضمنة لمعرفته وتوحيده، أما عمدة المنهج الفلسفي فهي تلك النظريات والأقيسة التي جعلوها أصولًا للعقائد، وهذه الأدلة سبيلها وعر لا يسهل الإرتقاء إليه وقد ينقطع السالك قبل الوصول إلى مراده. قد اقتضت الأقيسة الباطلة رفض الكتاب والسُّنَّة فردّوا كثيراً من الأسماء والصفات. وأكثر الكتب التي الفت بعد القرون الثلاثة كلها تسير على هذا المنهج الكلامي والفلسفي، ولا تزال هذه الكتب تُدرَّس إلى يومنا هذا ويتخرج عليها رجال في الجامعات فتؤثر فيهم أثراً كبيراً. جـ - الإشتغال بالبدع: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وكُل بدعة ضَلالة وكل ضلالة في النار". [رواه مسلم] "مَن أحدث في أمرنا هذا ما لَيس منه فهو رَد". [متفق عليه من حديث عائشة]

قال بعض السلف: كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله فلا تتعبدوها. وقال حسان بن عطية المحاربي: "ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة". [رواه الدارمي بسند صحيح] وقال ابن مسعود: "كم من مريد للخير لم يبلغه". [رواه الدارمى بسند صحيح] فهذا معناه أن النية وحدها لا تكفي لتصحيح الفعل، بل لابد أن يضاف إلى ذلك التقيد بالمشروع. وقد يقول قائل: هل معرفة البدع التي أُدخلت في الدين أمر هام؟ والجواب: نعم لأنه لا يتم للمسلم التقرب إلى الله إلا باجتنابها، ولا يمكن ذلك إلا بمعرفتها وإلا وقع في البدع وهو لا يشعر. ومثل ذلك معرفة الشرك وأنواعه، فإن من لا يعرف ذلك وقع فيه كما هو مثاهد من كثير من المسلمين الذين يتقربون إلى الله بما هو شرك: كالنذر للأولياء والصالحين والحلف بهم والطواف بقبورهم وبناء المساجد عليها وغير ذلك مما هو معلوم شركه عند أهل العلم. لذلك فلا يكفي في التعبد الاقتصار على معرفة السنة فقط بل لابد من معرفة ما يناقضها من البدع، كما لا يكفي في الإِيمان التوحيد، دون معرفة ما يناقضه من الشركيات، وإلى هذه الحقيقة أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "مَن قال لا إله إلا الله، وكفر بما يُعبد مِن دون الله، حرُم ماله ودمه وحسابه على الله". [رواه مسلم] فلم يكتف -عليه السلام- بالتوحيد، بل ضم إليه الكفر بما سواه، وذلك يستلزم معرفة الكفر، وإلا وقع فيه وهو لا يشعر، وكذلك القول في السنة والبدعة ولا فرق، ذلك لأن الإِسلام قام على أصلين عظيمين: 1 - أن لا نعبد إلا الله. 2 - وأن لا نعبده إلا بما شرع. فثبت مما تقدم أن معرفة البدع أمر لابد منه، لتسلم عبادة المؤمن من البدع التي تنافي التعبد الخالص لله تعالى، فالبدع من الشر الذي يجب معرفته لا لِإتيانه، بل

لاجتنابه على حد قول الشاعر: عرفت الشر لا للشر ... ولكن لِتوَقيه ومن لا يعرف الشر ... من الخير يقع فيه وهذا المعنى مستقى من السنة: فقد قال حذيفة بن اليمان: "كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني. فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؛ قال: نعم. قلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هدي، تعرف منهم وتنكر. فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها". [متفق عليه] [دخن: فساد واختلاف] [إعداد لفيف من العلماء]

أسباب وقوع العذاب والبلاء في الدنيا

أسباب وقوع العذاب والبلاء في الدنيا 1 - الفتنة والامتحان: قال الله تعالى: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}. [سورة العنكبوت، الآيات 1 - 3] ويأتي هذا الِإمتحان في شدته على قدر الإِيمان. عن سعد -رضي الله عنه- قال: قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أشد بلاء؟ قال: "أشدُ الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً، اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتُلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة". [رواه الترمذي وابن ماجه والدارمي والطحاوي وابن حبان والحاكم وأحمد بسند صحيح] عن عبد الله بن يزيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جعل الله عذاب هذه الأمة في دنياها". [رواه الطبراني بسند صحيح] 2 - تكفير الذنوب ورفع الدرجات: عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما يُصيب المسلم من نصَب، ولا وصَب، ولا هَم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه ". أمتفق عليه، [النصَب: التعب]. [الوَصَب: المرض]. وكذلك فقد تصيب المؤمن المصيبة فترفع درجته في الآخرة إذا صبر واحتسب. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل ليكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل، فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يُبلغه إياها". [رواه ابن حبان والحاكم بسند صحيح]

ومن هذا الباب المرض فقد يكفر الله ذنوب عبد بمرض يصيبه. عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اشتكى المؤمن أخلصه من الذنوب كما يُخلص الكير خبث الحديد". [رواه البخاري في الأدب وابن حبان والطبراني في الأوسط بسند صحيح] لذلك علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ندعو بالطهور للمريض تيَمناً أن يُطهره الله من ذنوبه. إذن فتعجيل العقوبة في الدنيا للعبد الصالح إنما هو من باب الخير لذلك العبد فعليه ألا يقنط أو ينحرف عن الطريق لأن عذاب الآخرة أشد وأبقى بينما عذاب الدنيا مهما كانت شدته إلا أن أكثره يزول بعد فترة. عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر، أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة". [رواه الترمذي والحاكم بسند صحيح]

أمثلة ونماذج من عذاب الدنيا

أمثلة ونماذج من عذاب الدنيا 1 - المعاصي تورث الهزائم العسكرية: قال الله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. [سورة آل عمران، الآيات 152 - 153] هكذا تصف الآيات كيف كانت رحى المعركة تدور لصالح المؤمنين حتى تنازعوا وعصوا الرسول لأن منهم من كان يريد الدنيا أي الغنائم فكانت النتيجة أنهم مُنوا بالهزيمة كجزاء لهذه المعصية. وفي غزوة حُنين أصاب الغرور بعض المسلمين لما أعجبتهم كثرتهم وهذه معصية اخرى فلحقت بهم الهزيمة أيضاً ويقول تعالى في وصف هذه الغزوة: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}. [سورة التوبة، آية 25] يتبين لنا مما سبق بأن نصر الله للمسلمين قد يستبدله سبحانه وتعالى بالهزيمة إذا عصَوا وخالفوا أمره، ومما هو جدير بالملاحظة في القصص السابقة أن صفوف المسلمين في ذلك الوقت كانت تضم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخير الأنام على وجه الأرض إلا أن هذا لم يمنع عقاب الله وما فيه من تحذير وتقويم أن يقع، فكيف بصفوف المسلمين اليوم وقد كثر الخبث وأخذ الربا وترك الجهاد وظهرت ألوان لا حصر لها عن الفساد.

التحذير من التمادي في المعصية: تأتي مصائب الدنيا بمثابة إشارات وتنبيهات من الله تعالى للعبد إلى أنه غارق في معصية ويجب عليه الرجوع قبلِ فوات الأوان كما قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. [سورة السجدة، آية 21] عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- في قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} [السجدة: 21]. قال: "مصائب الدنيا". [رواه مسلم] وأخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن بعض الذنوب أجدر بوقوع عذاب الدنيا فقال: "ما من ذنب أجدر أن يُعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يَدخره له في الآخرة، مِن قطيعة الرحم، والخيانة، والكذب، وإن أعجل الطاعة ثواباً لصلة الرحم، حتى إن أهل البيت ليكونون فجرة، فتنمو أموالهم، ويكثر عددهم، إذا تواصلوا". [رواه الطبراني بسند صحيح من حديث أبي بكرة] عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تبايعتم بالعِينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلًا، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم". [رواه أبو داود بسند صحيح] (العِينة: أن يبيع الرجل شيثاً من غيره بثمن مؤجل، ويُسلمه للمشتري، ثم يشتريه منه قبل قبض الثمن بثمن أقل من ذلك القدر يدفعه نقداً). 3 - المعاصي تذهب الخيرات وتزيل النعم: قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. [سورة الرعد، آية 11] قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. [سورة الأنفال، آية 53] فَالله تعالى لا يزيل نعمته عن قوم ولا يسلبهم إياها إلا إذا بدلوا أحوالهم الجميلة بأحوال قبيحة، وهذه سنن الله الإِجتماعية أنه تعالى لا يبدل ما بقوم من عافية ونعمة، وأمن وعزة إلا إذا ارتكبوا المعاصي كما حدث في قصة صاحب الجنتين في سورة الكهف.

ولابد من الإِشارة إلى أن النجاة من عقوبة الدنيا رغم المعاصي لا تعني رضى الله وغفرانه، كما جاء في الحديث: "إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحب فإنما هو استدراج ثمِ تلا: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}. [سورة الأنعام، آية 44] [رواه أحمد والطبراني بسند صحيح من حديث عقبة بن عامر] وقال بعض السلف: "رُب مستدرَج بنعم الله وهو لا يعلم، ورب مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم، ورُب مفتون بثناء الناس عليه وهو لا يعلم". وبناء على فهم السلف لهذه القواعد كان بعضهم يقول: "إني لأعصي الله فأجد ذلك في خلُق دابتي وامرأتي". 4 - الختم على القلوب. قال بعض السلف: "جزاء الحسنة الحسنة بعدها وجزاء السيئة السيئة بعدها". وقولهم هذا يعد قاعدة عظيمة يجدر بكل مسلم أن يقف عندها ويتدبرها، ولا شك أن من أعظم الآثار الدنيوية المترتبة على المعاصي هي أن تتعود نفس المخطىء على اجتراحِ السيئات الواحدة تلو الأخرى حتى يصبح لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتَت في قلبه "نكتة سوداء، فإن هو نزع واستقر وتاب صُقِل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو علىِ قلبه، وهو الرّان الذي ذكره الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سورة المطففين، آية 14] [رَواَه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقي بسند حسن] وقال عبد الله بن المبارك -رحمه الله-: رأيت الذنوب تُميت القلوب .... وقد يورث الذُل إدمانُها وترك الذنوب حياة القلوب ... وخَير لنفسك عصيانها وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ ... وأحبارُ سوء ورُهبانها

وهذا مثال لأحد الذنوب يضربه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيقول: "لَينتَهِيَن أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليَختِمَن الله على قلوبهم، ثم ليكونُّن مِن الغافلين". [رواه أحمد ومسلم] (ودعهم الجمعات: تركها) 5 - رد الدعاء: يحصل العبد المطيع على نعمة عظيمة وهي استجابة الله سبحانه لدعائه إذا سأله أمراً من أمور الدنيا أو الآخرة كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حَيي كريم، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردها صفراً خائبتين". [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم بسند صحيح من حديث سلمان] وهي نعمة أخرى يُحرمها العاصي فلا يُستجاب لرجائه مهما طال دعاؤه وذلك لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإِجابة واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه". [رواه الترمذي والحاكم بسند من حديث أيى هريرة] وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسىِ بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهَوُن عن المنكر أو ليَوشِكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتَدعُنه فلا يستجيب لكم". [رواه أحمد والترمذي بسند حسن] 6 - الفضيحة: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشِر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإِيمان في قلبه! لا تؤذوا المسلمين، ولا تُعيَروهم، ولا تتَبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، يتتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله". [رواه الترمذي بسند صحيح] 7 - الأمراض والأوبئة: عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما اختلج عِرق ولا عين إلا بذنب، وما يدفع الله عنه أكثر". [رواه الطبراني في الأوسط والضياء المقدسي بسند صحيح] (أي لو عاقب الله المذنب بالمرض لما بقي أحد مُعافى ولكنه سبحانه يدفع ويغفر الكثير).

8 - إتيان الجدل: عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما ضَل قوم بعد هُدىً كانوا عليه، إلا أوتوا الجدل". [رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم بسند حسن] 9 - الخلاف: عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما توادَّ اثنان في الله فيُفرَّق بينهما إلا بذنب يُحدثه أحدهما". [رواه البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح] وقد يظن بعض الناس أن بعض الجزئيات من العبادة أو السنة الواجبة أو الشكليات كما يسمونها لا تستوجب مثل هذه العقوبة، ولكن تعالوا نتأمل الأحاديث التالية: أ - عن أنس رضي الله عنه قال: "أُقيمت الصلاة، فأقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم وتراصوا، فإني أراكم مِن وراء ظهري. قال: وكان أحدنا يُلزق، منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه". [رواه البخاري وأحمد] وهي عند المخلص بلفظ: "قال أنس: فلقد رأيت أحدنا يُلصق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه، فلو ذهبت تفعل هذا اليوم لنفر أحدكم كأنه بغل شموس". وترجم البخاري لهذا الحديث بقوله: "باب إلزاق المنكب، والقدم بالقدم في الصف". ب - وعن النعمان بن بشير-رضي الله عنه- قال: "أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم ثلاثاً، والله لتَقيمُن صفوفكم أو لَيُخالِفن الله بين قلوبكم. قال فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه". [رواه أبو داود وابن حبان وأحمد بسند صحيح] فهذه عقوبة شديدة يحذرنا الرسول الكريم منها نتيجة لعدم إقامة الصف في الصلاة. 10 - الخسف والدمار: عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "في هذه الأُمة خَسفٌ، ومسخ، وقذف، إذا ظهرت القيان والمعازف، وشُربت الخمور". [رواه الترمذي بسند صحيح]

1 - الذكر السيء: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبد إلا له صيت في السماء، فإن كان صيته في السماء حسناً، وُضِع في الأرض، وإن كان صيته في السماء سيئاً وُضع في الأرض". [رواه البزار بسند صحيح] عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أحب الله عبداً نادي جبريل إني أحببت فلاناً فأحبه، فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في الأرض، فذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [سورة مريم، آية 96] وإذا أبغض الله عبداً نادى جبريل إني أبغضت فلاناً، فينادي في السماء، ثم تنزل له البغضاء في الأرض". [رواه الترمذي بسند صحيح] 12 - خسران الدنيا والآخرة: عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومَن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدر له". [رواه الترمذي بسند صحيح] وهكذا يلهث العاصي وراء سراب لا حقيقة له، وتحيط به وحشة المعصية وظلمة القلب ويبتعد عنه أهل الخير وتوسوس له الشياطين. قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}. [سورة الزخرف، آية 36 - 37] تتشعب بالعصَاة همَوم الدنيا ويتخلى الله عنهم كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "من جعل الهموم هماً واحداً، هَمُّ المعاد كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك". [رواه ابن ماجه بسند حسن من حديث ابن مسعود] وهؤلاء العصاة يكلهم سبحانه وتعالى إلى الناس كما جاء في الحديث: "من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس". [رواه الترمذي بسند صحيح من حديث عائشة] [وكله: تركه].

13 - فقدان بركة الأموال والأعمال: هناك أمثلة كثيرة من أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - التي تدل على إعانة الله للعبد المطيع ومباركته لأعماله وتخليه سبحانه عن العصاة ومحق البركة من أعمالهم. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلَفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلَفاً". [متفق عليه] وعن أسماء -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا توكىء فيوكأ عليك". [رواه البخاري] (والوكاء هنا هو الإِغلاق وهو كناية عن الشح وعدم الإِنفاق أي لا ينفق الله على البخيل). وعن حكيم بن حزام -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا المال خَضِر حلو، فمن أخذه بحقه بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارَك له فيه، وكان كالذي جمل ولا يشبع؛ واليد العليا خير من اليد السفلى". [رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي] 14 - حديث جامع: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا معشر المهاجرين! خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تُدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها إلَا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجَور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنِعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطرَوا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً مِن غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخَيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم". [رواه ابن ماجه والحاكم بسند صحيح] ولكن هل يصيب عذاب الدنيا العاصي فقط دون غيره من الناس؟

15 - العذاب يعم إذا كثر الخبث: قالت عائشة -رضي الله عنها-: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث". [رواه مسلم] (الخبث: أي الفسق والفجور). وفي الختام نوصيكم بتقوى الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}. [سورة النساء، آية 131] ونحذركم من المعاصى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إياك والمعصية، فإن بالمعصية حلّ سخط الله". [رواه أحمد والطبراني بسند حسن من حديث معاذ] عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة إياك ومُحقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً". [رواه الدارمي وابن ماجه وابن حبان وأحمد بسند صحيح] عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنا مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطنَ وادٍ فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تُهلِكه". [رواه أحمد والطبراني بسند صحيح] وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارحموا، واغفروا يُغفر لكم، وويل لأقماع القول، وويل للمصِرين الذين يُصرون على ما فعلوا وهم يعلمون". [رواه البخاري في "الأدب المفرد" وأحمد بسند صحيح] وإن في الأحاديث السابقة دعوة صريحة للعاملين للإِسلام إلى تنقية صفوفهم من المعصية إذا أرادوا التوفيق والنصر إلا أن الكثير منهم غابت عنهم هذه الحقيقة فتفشت فيهم المعاصي مثل: التوسل بالقبور ودعائها، وتأويل صفات الرب جل وعلا، ورد الأحاديث الصحيحة بحجة التقليد، أو عدم قبول حديث الآحاد، والكثير من البدع التي تعسكر في بلاد المسلمين اليوم وتحول بينهم وبين ما يريدون من العزة والنصر وتطبيق شرع الله تعالى على أرضه. وفي نهاية المطاف لا تنسنا يا أخي من دعائك بظهر الغيب: "دعاء المرء المسلم مستجاب لأخيه بظهر الغيب، عند رأسه ملَك مُوَكل به، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك: آمين ولك بمثل ذلك". [رواه أحمد ومسلم وابن ماجه من حديث أبي الدرداء] [إعداد لفيف من العلماء]

وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون

وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون * وجوب التوبة وفضلها: التوبة واجبة على الدوام فإن الإِنسان لا يخلو في معصية ولا يسلم من نقص، وإنما الخلق يتفاوتون في المقادير، وقد أمر الله بالتوبة فقال: {وَتُوبُوا إِلى اللَّهِ جَمِيعًا}. [سورة النور، آية 31] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة". [رواه مسلم] فهذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي أكرمه الله يقول له: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}. [سورة الفتح، آية 2] يتوب إلى الله في اليوم مائة مرة فكيف يكون حال غيره؟ شروط التوبة: 1 - الندم: التوبة عبارة عن ندم يورث عزماً وقصداً وعلماً بأن المعاصي حائل بين الإِنسان وربه وعلامته طول الحزن، فإن من أخبر بأن عقوبة أو مصيبة ستنزل بولده أو من يعز عليه طال حزنه واشتدت مصيبته، وأي عزيز أعز عليه من نفسه؟ وأي عقوبة ومصيبة أشد من النار؟، وأي سبب أدل على نزول العقوبة من المعاصي؟ وأي مخبر أصدق من الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. 2 - العزم: على أن لا يعود في المستقبل إلى تلك الذنوب ولا إلى أمثالها، وهذا العزم لابد أن يكون مؤكداً في الحال وإن كان يتصور أن تغلبه الشهوة بعد ذلك، لكن لا يكون تائباً حتى يتأكد عزمه في الحال.

3 - الإقلاع عن المعصية: فإن المستغفر بلسانه وهو مصر على معصيته كالمستهزىء بدينه، واستغفاره يحتاج إِلى استغفار، فاحذر يا أخي أن تغفل عن معاصيك وأنت تستغفر الله منها، خاصة تلك التي يقع فيها أكثر الناس وهم لا يشعرون: وأخطرها الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقول الزور، والغيبة وهي ذكرك أخاك بما يكره حتى وإن كان فيه ما تقول، والنميمة، والكذب، والشتم، واللعن، وبذاءة اللسان، وإيذاء المسلم بقول أو فعل، وسوء الظن، والحسد، والتباغض، والتحاسد، والتقاطع، والتجسس، واحتقار الناس، والِإفتخار عليهم، والمن بما يعطي، والرياء، وأكل الربا (مثل الفوائد الربوية) والرشوة (أخذاً أو عطاء) والغش في البيوع وغيرها، والخداع، والغدر، والزنا بالعين والأذن واللسان واليد والرجل والفرج، والخلوة بالأجنبية، والتبرج، وسماع الموسيقى، والغناء المحرم، وحلق اللحية، وتغيير خلق الله، وشرب الخمر، والدخان، ونحوه مما يضر، ولبس الذهب والحرير للرجال، وتصوير ما فيه روح سواء برسم أم نحت ونحو ذلك، والتحاكم إلى غير شرع الله ولمن يحكم بالقوانين الوضعية الباطلة، والتشاؤم، وإتيان العرافين وتصديقهم ولو مزاحاً. فراجع نفسك يا أخي في هذه الأمور وزن نفسك بميزان الإِسلام. 4 - رد المظالم إلى أهلها إن كان الذنب متعلقاً بمخلوق: وينبغي للتائب أن يأتي بحسنات تمحو ما عمل من السيئات وتكفرها مثل: حب الله ورسوله وحب المؤمنين ومعاداة من عاداهم، والخوف من الله، والبكاء من خشيته، ورجاء رحمته، والتوكل عليه، والإفتقار والتذلل إليه، والرضا بقضائه، والصبر على بلائه، والشكر على نعمته، والانقياد لحكمه، والحرص على سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، والحذر من البدع، والزهد في الدنيا، والقناعة منها بالقليل، والتنافس في أمور الآخرة، ومجاهدة النفس على الطاعة مع دوام المراقبة لله سبحانه، وترك الشبهات، والورع، والتواضع، والحلم، والعفو، والإِعراض عن الجاهلين، والغضب إذا انتهكت حرمات الشرع، والمحافظة على الصلوات الخمس في جماعة في المسجد في أول الوقت خاصة الفجو والعشاء مع الحرص على

الخشوع فيها، وذكر الله في الصباح والمساء وفي كل وقت، وقراءة القرآن وحفظه، والاستغفار، وقيام الليل، وحضور مجالس العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعيادة المرضى، واتباع الجنائز، وزيارة القبور، وغض البصر، والحذر من لمس المرأة الأجنبية والحديث معها فيما لا حاجة فيه، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والتفكر في خلق السموات والأرض، وقلة الكلام إلا في الخير، وكثرة الصدقة والصوم، واعتزال قرناء السوء، وقراءة كتب العلم الشرعي، والمشاركة في أعمال البر والتقوى. فحاسب نفسك يا أخي على هذه الطاعات وَلُمْها إذا تركتها. 5 - المبادرة إلى العمل والحذر من التأخير: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ". [صحيح رواه أحمد] - أي لا يغتنمهما ولا يعرف قدرهما إلا بعد زوالهما، وسبب التسويف حب الدنيا والجهل، فالِإنسان إذا أَنِسَ بالدنيا ولذاتها وما يحتاجه فيها من مال وأهل ومسكن صار قلبه عاكفاً على ذلك، فينسى ذكر الموت، ويسوِّف التوبة إذا خطرت له وقال: الأيام بين يديك طويلة إلى أن تكبر، ثم تتوب إلى أن تصير شيخاً، فلا يزال يُسوِّف ويؤخر ويشتغل بشغل بعد شغل إلى أن تخطفه المنية في وقت لا يحتسبه ولا يظنه لأن الموت يأتي فجأة ليس له وقت مخصوص من صيف أو شتاء أو ليل أو نهار، ولا مقيد بسن مخصوص بل قد يكون في الشباب أكثر، فتطول عند الموت حسرته وتعظم مصيبته ويندم حين لا ينفع الندم. فالمبادرة إلى التوية والاستغفار فإنما هي الأنفاس لو حبست عنكم لانقطعت عنكم الأعمال التي تتقربون بها إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}. [سورة الزمر، آيتين 17 - 18]

{ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}

{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] هذه رسالة إلى كل أخت مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر. إلى كل من رضيت بالله رباً وبالِإسلام ديناً وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولًا. إلى كل من استرعاه الله أُماً أو أختاً أو زوجة أو بنتاً وهو سائله عن رعيته يوم القيامة. إلى كل من وعى قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [سورة الأحزاب، آية 36] فالمسلم والمسلمة لا يرون لأنفسهم رأياً ولا حريةَ ولا اختياراً بعد حكم الله ورسوله لأنه لا يثبت للِإنسان الإِسلام إلا مع القبول والإِذعان، وهذا في كل أمور الحياة وليس فيما يسمى بالشعائر فحسب، بل دين الله سبحانه إنما جاء لينظم للناس كل شئونهم في كل زمان ومكان وإليك أختي المسلمة بعض نعم الله عليك حيث خصك بالخطاب في كتابه الكريم وأنزل على نبيه آيات بينات ليحفظك بما فيها من تشريعات ويطهرك من أرجاس الجاهلية التي تردت إليها المرأة والتي يسعى اليوم أعداؤها بل أعداء الِإنسانية جمعاء أن يركسوها فيها مرة أخرى تحت ستار المدنية والعصرية والحرية، وقد غاب عنهم أن المسلمة لا تقبل التحرر من عبوديتها لريها لتقع فريسة لعبودية جنود إبليس، ولا تغتر بمدنية صارت فيها المرأة سلعة تباع لمن يريد، فاحذري أختي المسلمة أن تبدلي نعمة الله عليك كفراً: قال تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [سورة الأحزاب، آية 32، 33]

ينهى الله المؤمنات في هذه الآية الكريمة عن مخاطبة الرجال الأجانب بترقيق الصوت والليونة في القول فيطمع فيها الذي في قلبه مرض الشهوة المحرمة، وذلك سداً لذريعة الفساد، كما قالوا: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء .. ، ثم يبين تعالى وجوب أن يكون موضوع الحديث الكلام الحسن المعروف الذي فيه مصلحة شرعية دون لغوِ الكلام الذي لا فائدة فيه فضلا عما فيه إثارة للشهوة وإيقاظ للفتنة- ومن المنكرات الظاهرة أن نجد الشبان والفتيات وقد وقفوا يتبادلون أطراف الحديث، ويتصافحون ويتلاعبون بدعوى الصداقة البريئة أو الزمالة، أو أنهم مثل الإِخوة، ونحو هذا مما ينافي نص القرآن وروح الشريعة التي سعت دائماً للفصل بين الرجال والنساء حتى في الصلاة حين يقفون بين يدي ربهم أبعد ما يكونون عن الشهوة - وذلك لما للإختلاط من أعظم المفاسد على الجنسين جميعاً فالرجل يميل بطبعه إلى المرأة، والمرأة تميل بفطرتها إلى الرجل، ويحدث عند التقائهما ما لا يقدرون على منعه. وادعاء البراءة والأخوة في هذه الحالة إنما هي من مكر الشيطان ليتدرج بها إلى الفاحشة، ومعظم النار من مستصغر الشرر، وكم من علاقة محرمة نشأت بسبب الحديث والنظر، ولقد بين الله سبحانه وهو العليم بما فطر عليه عباده حرمة نظر الرجل إلى المرأة وبالعكس، فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}. {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}. [سورة النور، آية 31] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الإستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش". [رواه مسلم] وقال - صلى الله عليه وسلم - لمن سأل عن نظر الفجأة: "اصرف بصرك". [رواه مسلم] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لأنْ يُطعَن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له". [صحيح رواه الطبراني] وهذا يدل على حرمة لمس المرأة الأجنبية ومصافحتها، وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمن الفتنة على صحابي جليل هو ابن عمه الفضل بن العباس -رضي الله عنهما- وعلى صحابية جليلة هي المرأة الخثعمية التي سألته عن الحج عن أبيها ولوى عنق الفضل حتى لا ينظر إليها وقال: "رأيت شاباً وشابة فلم آمن عليهما الفتنة". [كما في البخاري]

فهل تأمنون أنتم يا شباب على أنفسكم من هذه الفتنة؟ فاتقوا الله ولا تخدعوا أنفسكم. واعلمي أختي المسلمة أن التبرج الذي نهاك الله عنه في القرآن هو إبداء المرأة زينتها لغير زوجها ومحارمها المنصوص عليهم في القرآن وهم الأب والابن وأبو الزوج وابنه وابن الأخ وابن الأخت وكذا العم والخال والنساء المؤمنات لا الكافرات والرجال الذين لا رغبة لهم في النساء لكبر السن مثلًا؟ والأطفال الذين لا يميزون عورات النساء - وقد كانت المرأة في الجاهلية لا تشد خمارها (غطاء رأسها) فيبدو بعض شعرها وأذنها وعنقها فحذر الله المؤمنات من ذلك فقال: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب, آية 33] فكيف حالنا اليوم وقد تردت كثير من النساء إلى أجهل من الجاهلية الأولى. وقد اتفق العلماء في كل عصر على أنه لا يجوز للمرأة المسلمة البالغة أن تكشف ما زاد على الوجه والكفين بل المشروع سترهم - خاصة عند كثرة الفساق وخوف الفتنة وِذلك امتثالًا لأمره تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}. [الأحزاب: 59] والجلباب هو ما يغطي البدن كله. واقتداءً بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين حيث كن يغطين وجوههن بالإجماع. وتنبهي أختي المسلمة إلى أن غطاء الرأس لابد أن يكون سابغًا على الصدر والعنق لقوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] ولا يجوز أن تلبس المرأةَ الثياب الضيقة ولا الشفافة (كالجوارب الشفافة). لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صنفان من أهل النار لم أرهما" الحديث، وفيه "نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت (الِإبل) لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها". [رواه مسلم] والكاسية العارية هي التي تستر بعض جسمها وتعري البعض، أو تستره بما لا يستر كالملابس الضيقة والشفافة، وهذا الحديث من معجزات النبوة حيث وقع كما أخبر - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز أيضًا أن تتشبه المسلمة بالكافرات كمن تتبع (الموضة) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن تشبه بقوم فهو منهم". [صحيح رواه أبو داود]

ويحرم أن تخرج المرأة متعطرة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "المرأة إذا استعطرت فمرت بقوم ليَجدوا ريحها فهي زانية". [حسن رواه أبو داود] ولا يجوز أن يكون الثوب زينة في نفسه ولا ثوب شهرة يلفت الأنظار لمنافاة ذلك لقصود التستر - ويجب علينا أن ننبه هنا على حُرمة خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية من غير ذي محرم معها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يخلُون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم". [رواه البخاري] وكذا حرمة سفر المرأة بلا محرم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم". [متفق عليه] وفقنا الله لما يحبه ويرضاه. [إعداد لفيف من العلماء] انتهت المواضيع التي وجدتها على أوراق كتب عليها: [إعداد لفيف من العلماء]

حجاب المرأة المسلمة

حجاب المرأة المسلمة أ - يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}. [الأحزاب: 59] ب - وتحدث القرآن عن غطاء رأس المرأة بصيغة الأمر فقال: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}. [النور: 31] وقد نهى عن التبرج بشتى صوره فقال: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] وذلك أن نساء الجاهلية كن يلبسن غطاء الرأس ويضربنه على ظهورهن، فتظهر أعناقهن ونحورهن وآذانهن بالحلي والأقراط، فنهى الله جل جلاله عن ذلك، وأمر المؤمنات بسترها. من هذه الآيات ومن غيرها يتبين حجاب المرأة المسلمة ويتحقق بما يلي: 1 - استيعاب الحجاب لجميع البدن حتى الوجه. 2 - أن لا يكون الحجاب ضيقًا بحيث يصف ما تحته، من سِمن، وظهور ثدي. 3 - أن لا يشِفَّ أو يصف ما تحته؛ لأنه رقيق أو شفاف. 4 - أن لا يشبه ملابس الرجال للنهي الوارد في الحديث. 5 - أن لا يكون زاهيًا أو مشجرًا أو ملونًا، أو بشكل يجذب الأنظار ويجلب الانتباه أو للشهرة. 6 - أن لا يشبه ملابس الكافرات فمن تشبه بقوم فهو منهم.

عادات وتقاليد يجب تركها

عادات وتقاليد يجب تركها لقد أصبح كثير من المسلمين يقلدون الكفرة في أزيائهم وعاداتهم باعتبارها على حد زعمهم حضارة وتقدمًا، وظنوا أنهم مثلهم في القوة إذا تشبهوا بهم في أزيائهم. ولو رجع المسلمون إلى دينهم، وطبقوا تعاليمه لوجدوا فيه الحضارة والتقدم والقوة والسعادة في الدنيا والآخرة. ويوم ترك المسلمون تعاليم الإِسلام وآدابه، وتشبهوا بالكفرة أصابهم الله بالذل والتفرق جزاء وفاقًا. ولو أن المسلمين قاموا بالاختراعات المفيدة وقلدوا الكفرة فيها لكان خيرًا من التشبه بهم في العادات التي تضرهم ولا تنفعهم. فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى المسلمين عن التشبه بالكفرة قائلًا: "من تشبه بقوم فهو منهم". [صحيح رواه أبو داود] وفي غزوة الخندق يستشير أصحابه في مواجهة الأحزاب المهاجمين على المدينة، فيشير عليه الصحابي الجليل (سلمان الفارسي) أن يحفر الخندق ليمنع المشركين من دخول المدينة -كما كان يفعله الفرس- فيأخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - برأيه، ويشارك أصحابه في حفر الخندق؛ لأنه يفيد المسلمين في حمايتهم من عدوهم. أما التشبه بالكفرة في عاداتهم وتقاليدهم الضارة، فتعود على المسلمين بالخسارة المادية والمعنوية والدنيوية والأخروية.

بدع المواسم والأعياد

بدع المواسم والأعياد لقد ظهرت احتفالات في المواسم، وأطلقوا عليها أعيادًا، ولم تكن موجودة في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وصحابته، والتابعين، والسلف الصالح، وهي من البدع المحدثة في الدين؛ لأنها ليس لها أصل في الكتاب والسنة، وأهمها: 1 - بدعة الإحتفال بعيد المولد النبوي: فلم يثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته هذا الإحتفال السنوي، ولا سيما ما ابتدع فيه من إقامة السرادقات، ونحر الذبائح، واختلاط الرجال بالنساء، وغير ذلك من الاستغاثات بغير الله، مما يتبرأ منه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والمطلوب من المسلم الإتباع لا الإبتداع، فمحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تكون بطاعته والصلاة عليه، وصيام الإثنين لأنه يوم مولده، فقد سئل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الإثنين؟ فقال: "ذاك يوم وُلدتُ فيه". [رواه مسلم] 2 - الإحتفال بليلة النصف من شعبان، وليلة الإِسراء والمعراج، وعيد رأس السنة الهجرية والميلادية، وعيد ميلاد المسيح، وغيرها من الأعياد التي ينكرها الإِسلام. 3 - ذكر الدكتور (ناصر بن عبد الكريم العقل) في مقدمة تحقيق كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم) ما نصه: "فقد تبين أن الله تعالى لم يشرع للمسلمين إلا عيدين: هما عيد الأضحى وعيد الفطر، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن اتخاذ الأعياد سواء كانت أعيادًا جديدة أو أعيادًا قديمة تحيا. كما بين أن مسألة الأعياد من المسائل الشرعية التعبدية التي لا يجوز الإبتداع فيها، ولا الزيادة ولا النقص، فلا يجوز إحداث أعياد غير ما شرعه الله ورسوله. إذا فعل المسلمون القليل من الأعياد المبتدعة، فسيؤدي إلى فعل المكثير؛ لأن هذا أمر لا ضابط له إلا الشرع، ومن ثم تكثر الأعياد وتشغل المسلمين عن عبادتهم وأمور معاشهم ومصالحهم، وهذا ما حدث فعلًا الآن، فكل بلد من بلاد المسلمين له أعياد واحتفالات: فعيد لميلاد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وآخر لميلاد الرئيس، وثالث للوطن، ورابع للإستقلال، وخامس للإعتلاء، وسادس للمرأة، وسابع

للطفل، وثامن للأم، وتاسع للربيع، وعاشر للنصر. . الخ مما لا يحصى من الأعياد التي أولها قطر وآخرها طوفان. ويضاف إلى ذلك ما تستنزفه هذه الأعياد من الأموال والجهود والطاقات والأوقات التي تضيع هدرًا على المسلمين في سبيل الشيطان، وتشغلهم عن ذكر الله والصلاة وعن كثير من الفروض والواجبات، كما أنها مفتاح اللهو والعبث والمجون والإنحلال في حياة الفرد والمجتمع".

منكرات منتشرة في البيوت

منكرات منتشرة في البيوت 1 - سائق السيارة في البيوت: اعتادت الزوجة والبنات التساهل في الحجاب أمام السائق، وهو أجنبي طبعًا مسلمًا كان أو غير مسلم؛ لأنه أصبح في نظر البعض أن السائق وهو رجل، ليس كالرجال الآخرين حسب رأي بعض الرجال أو النساء، فهو يدخل البيت بلا إذن، والنساء أمامه بلا حجاب ويركبن السيارة معه للجامعة أو للنزهة أو غيرها، ولا تسأل عما يجري بين السائق والنساء من مزاح وضحك قد يؤدي إلى الفاحشة والعياذ بالله. ومثل السائق الخدم من الرجال والنساء، فليحذر المسلم العاقبة الوخيمة، وهو مسؤول أمام الله عن سائقه وخادمه وخادمته وليحذر دخولها على الرجال. 2 - الفديو، والتلفزيون، والمسجل، والراديو: سلاح ذو حدين فإن كان ما نسمعه ونراه فيه فائدة لتعليم الدين والأخلاق والعلم النافع فلا بأس، وإن كان الذي نسمعه أو نراه فيه الموسيقى، والرقص، والخلاعة، والغناء الفاسد، و. . . .، فهذا رأس البلاء، وقَلَّ من يتحكم في الفديو والتلفزيون وغيرهما، لذا كان الخير في اجتنابهما. وإني أنصح كل مسلم أن يفتح إذاعة القرآن الكريم السعودية، فإن فيها القرآن الكريم وتفسيره، والأحاديث النبوية والمحاضرات القيمة والأخبار. . وكذا المسجل فاستمع منه إلى أشرطة القرآن ودروس الدين. 3 - الإختلاط: إن بعض المسلمين يتساهلون في الجلوس مع أقاربهم رجالًا ونساءً بلا حجاب، بحجة أنهم أقارب، ولم يعلموا أن ابن العم والعمة وابن الخال والخالة حتى الأخ لا يحل له الجلوس والنظر إلى زوجة أخيه، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم والدخول على النساء، فقال رجل: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ فقال: الحمو: الموت". [متفق عيه] [الحمو: قريب الزوج]

4 - الصور: بعض المسلمين يضعون في بيوتهم صورة له، أو لزوجته وأولاده وبناته، فإذا كانت الصورة للرجل لا يجوز تعليقها وصنعها، فكيف بالنساء؟ والتماثيل أشد حرمة من التصاوير، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه تماثيل أو صورة". [صحيح رواه أحمد] 5 - عيد الميلاد: اعتاد بعض المسلمين أن يقيموا حفلة عيد الميلاد لهم ولأزواجهم وأولادهم، ويعملون الحلاوة، ويشعلون الشمع، ثم يطفئون الشمع على عدد سنين العمر، وهذا العمل تشبه بالنصارى حذر منه ومن غيره الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين قال: "لتتبعُن سُنن من قبلكم، شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضَبِ لتبعتموهم" قلنا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: "فمَن؟ ". [أي هم اليهود والنصارى]. [متفق عليه] 6 - السفر: بعض الناس يسافر بعائلاتهم في إجازة الصيف إلى أوربا، وسويسرا، وفرنسا وغيرها لمجرد النزهة، وربما دخلوا بعائلاتهم وبناتهم إلى أماكن اللهو والفساد، ويكون الرجل سببًا في وقوعهم في الفساد الأخلاقي أو غير ذلك.

منكرات الأزياء والزينة

منكرات الأزياء والزينة 1 - الأزياء: تذهب المرأة إلى الخياط لتفصيل (الفستان) فيأخذ طولها وعرضها، وعدة مواقع من جسمها، ويطلع على المفاتن التي لا تحل إلا لزوجها، ولماذا لا تذهب إلى الخياطة المسلمة لتفصيل الفستان؟ إن المسؤول الأول زوجها وأبوها وأخوها. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته". [متفق عليه] 2 - الكوفيرا: صالون التجميل كما يسمى الآن، وفي هذا يدخل تحويل الشعر إلى أنواع: تسريحة فرنسية، وأمريكية، أو هوليود، إلى أنواع متنوعة. وقد أخبر الرسول: عن هؤلاء فقال: "صنفان من أهل النار لم أرهما. . . . ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت لا يجدن ريح الجنة. .". [رواه مسلم] (البخت: الإبل). 3 - المناكير: ما يوضع من ألوان مختلفة على الأظافر تمنع وصول الماء إلى ما تحتها ولا يصح الوضوء بعد استعمالها، والذين يستعملون المناكير يطيلون أظافرهم فتدخل فيها الأوساخ، بالِإضافة إلى سوء منظرها، ومخالفتها للفطرة التي قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر. . . الحديث". [متفق عليه] ولم يخرج البخاري إلا حديث خمس من الفطرة. 4 - نتف الحواجب والخدود: اعتادت النساء أن ينتفن الحواجب أو الوجه لتظهر رقيقة، وفي هذا تشويه لخلق الله بالِإضافة إلى منظرها البشع، وقد قال فيهن - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله". [متفق عليه] (الوشم: خرز الجلد بحديدة لوضع مادة فيه للتجميل، وهو معروف عند العرب).

(النامصة: التي تأخذ شعر الوجه أو الحاجب بالمنقاش). (المتفلجات: يأخذن من أطراف الأسنان). فإذا كان هذا التغيير لخلق الله حرام للنساء، فالرجال من باب أولى.

بدع الخطبة والزواج

بدع الخطبة والزواج 1 - الشبكة للعروسة: ما يسمى بالملكة، وبدخل الزوج قبل العقد ليلبسها الخاتم، وهي مأخوذة عن النصارى والكفرة الذين لا يجدون حرَجًا في مس المرأة والدخول على النساء، والِإسلام لا يقر هذا. 2 - الدبلة للعريس: ما يلبسه الرجل في أصابع اليد اليسرى، وهي بدعة أيضًا فيها تقليد للنصارى والكفرة، وأما إذا كان الخاتم للرجل من ذهب فهو حرام من الكبائر. رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا من ذهب في يد رجل، فنزعه فطرحه، فقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده؟! "، فقيلِ للرجل بعدما ذهب الرسول: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [رواه مسلم] 3 - حفلات الزواج تقام في الفنادق: ويطوف موظفو الفندق من الرجال على النساء بالعصير والضيافة، وقد يتم تصوير اجتماع النساء بكاميرات الفديو للزفاف وحفلة النساء والزفة بواسطة الرجال، وربما أخذوا هذه الأفلام وعرضوها في البيوت، ويطلع عليها كثير من الأجانب ليشاهدوا النساء والزفاف والعروسة، وقد يصورون العروسة مع زوجها ليضعوها في البيوت ويشاهدها الضيوف، وهذا كله منكر لا يرضاه الإِسلام، وفيه تقليد لغير المسلمين. والطعام الذي يقدم في الأعراس يبقى منه الكثير، ويُلقى في الزبالة، وهو من نعم الله، وكان الواجب أن يوزع على الفقراء والجائعين. وبعد الإنتهاء من العرس في قصر الأفراح، تخرج النساء والبنات فلا يجدن المحرم من الرجال، فيذهبن مع الشباب الأجانب، وهُن في زينتهن، وهذه فتنة كبيرة، وفي الحديث: "ما تركتُ بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء". [متفق عليه] 4 - شهر العسل: وهو سفر الزوجين لبعض البلاد، وقد يكون لبلد الكفر كفرنسا وغيرها وهناك الفتن وقلة الحياء، وبهذه الفتنة تبدأ الحياة الزوجية، وقد تنتهي بالطلاق.

بدع البناء في البيوت والمساجد

بدع البناء في البيوت والمساجد 1 - إن كثيرًا من المسلمين يبنون القصور والمساكن، وُيسرفون في بنائها، ويوسعونها زيادة على حاجتهم، كما أنهم يسرفون في الحدائق وعمل المسابح بالِإضافة إلى الإِسراف في الفرش بأغلى التكاليف، ولا سيما الستائر للجدران لأن هذا منهي عنه في الحديث. ولو اتبع المسلم طريق الهدى والإعتدال في مسكنه ومأكله وحياته، ولم يُسرف؛ لأن الله لا يحب المسرفين، لكان هذا خيرًا له في دنياه وآخرته. فلو اقتصر على اللازم في حدود المعقول، ووجَّه بقية المبلغ في أوجه الخير والِإحسان، وصرفه على الفقراء والمحتاجين من الشعوب التي تعاني الجوع والمرض والجهل وقلة السكن كما حدث في أفريقيا كالصومال والحبشة والسودان وغيرها من بلاد المسلمين، وهناك المجاهدون الأفغان لهم الحق على الأغنياء أن يقدموا لهم المساعدة ليتخلصوا من الكفرة الشيوعيين. 2 - نرى كثيرًا من المسلمين يبنون المساجد، ويصرفون عليها مصاريف ليست ضرورية كالزخرفة والديكور من الداخل والخارج وتعداد المآذن وغيرها من البدع التي ينكرها الإِسلام، وفيها تشبه بالكنائس، وحدثني زميل لي وهو مدرس بأنه دخل مسجدًا فخمًا فيه زخرفة ونقوش متنوعة، فلم يشعر أنه في مسجد، ولم يخشع في صلاته. علمًا بأن الإسلام ينهى عن الإِسراف، ولا سيما إذا كان فيه تشبه بغير المسلمين، والواجب على الذين يبنون المساجد أن يقتصدوا في بناء المسجد على الشيء الضروري، ويصرفون المبلغ الزائد على بناء مدرسة لتعليم القرآن وغيره أو بناء مساجد في بعض الدول الإِسلامية الفقيرة، أو بناء سكن للفقراء، وغيرها من أعمال الخير والإحسان. 3 - على المسلمين أن يتذكروا دائمًا قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31] {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 26، 27]

منكرات التشبه بغير المسلمين

منكرات التشبه بغير المسلمين 1 - بعض المسلمين لا يلتزمُ بالتحية الإِسلامية وهي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ويقول بدلاً منها: صباح الخير، مساء الخير، مرحبًا، عالعافية، وغيرها من الكلمات التي يستعملها غير المسلمين، فيتشبهون بهم، ويحرمون أنفسهم من أجر وثواب السلام الشرعي، وهو ثلاثون حسنة كما ورد في الحديث الصحيح. 2 - إن بعض المسلمين إذا قلت له: السلام عليكم ورحمة الله، أجابك قائلًا: مرحبًا، هلا، أهلًا، وغير ذلك من الأجوبة المخالفة لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}. [النساء: 86] 3 - إذا فتحت هاتفًا لأحد، فسرعان ما يجيبك (ألو) ومعناها في الإِنجليزي (مرحبًا) فهذه الكلمة فيها خطئان: خطأ تقليد الكفرة، وخطأ ترك السلام واستبداله بمرحبًا، وكثير من الناس يقولون (تليفون) أو يكتبون اختصارًا (ت) واللفظ العربي (هاتف) أو (ها) اختصارًا. 4 - بعض المسلمين يُعلمون أولادهم أن يقولوا عند الوداع: (باي، باي) وهي كلمات أجنبية لينشأ الولد على حب تقليد الكفرة، وكان الواجب على الآباء أن يعلموهم لفظ التحية الوارد في القرآن والسنة وهو: السلام عليكم. . . 5 - بعض المسلمين يُعلمون بناتهم أن يصافحوا الرجال، حتى إذا كبرت تعودتها، وهي عادة الكفرة، وهي محرمة في الإِسلام؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني لا أصافح النساء". [صحيح رواه الترمذي] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يَمَسَّ امرأة لا تحل له". [صحيح رواه الطبراني] والمحرم: هو مصافحة المرأة لمن يحل له زواجها من الرجال كابن العم والخال والخالة وغيرهم. 6 - بعض المسلمين يقول: سأفعل كذا وكذا، ولا يقول إن شاء الله، ألم يسمعوا قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}. [الكهف: 23، 24]

7 - يقول بعض الناس: سأزورك غدًا يا صديقي، فيقول له: وعد إنكليزي، فيرُد عليه (أوكي) يعني وعدًا مؤكدًا. هذا التعبير فيه أخطاء: أ - لقد استهان المسلمون بوعودهم ولم يفوا بها، مخالفين تعاليم دينهم: فالله يأمرهم بالوفاء بالوعد قائلًا: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}. [الإسراء: 34] والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان". [متفق عليه] ولذلك لم يقولوا (وعد مسلم) لأنه تعود خلف الوعد، فعدلوا عنه إلى (وعد إنكليزي) يُعني لا يتخلف، وكلمة (أوكي) زيادة في التأكيد، أليس هذا عارًا على المسلمين الذين يسيئون بخلف وعدهم إلى أنفسهم ودينهم حتى أصبحوا مضرب المثل، ولذلك قال أحد الدعاة الذين عاشروا المسلمين في بلادهم، والكفرة في وطنهم: يوجد في بلاد المسلمين مسلمون بلا إسلام، وفي بلاد الكفر توجد أخلاق الإِسلام، ولا يوجد مسلمون! بمعنى أن الكفار يطبقون شيئًا أمر به الإِسلام وهو الوفاء بالوعد، والمسلمون لا يطبقون تعاليم دينهم فيخلفون الوعد. ب - إستعمال كلمة (وعد انكليزي، أوكي) ينبغي استبدالها بكلمات عربية فتقول: (وعد مسلم لا يخلف وعده، وعد مؤكد)، وأن نطبق الفعل، والقول. 8 - بعض المسلمين يقول لك: أزورك بعد العصر، فتنتظره طويلًا ولا يأتي إلا قبل المغرب، ويلحق الضرر بأخيه الذي فوَّت عليه مصالحه بانتظاره طويلًا. إن بعض التجار يريدون الدعاية والترويج لبضائعهم، فيكتب على متجره أسماء أجنبية مثل: هولدن، أو أزياء باريس، أو سيدتي الجميلة، سيدتي الأنيقة، ولا يرضى اسمًا عربيًا من الأسماء التي لها دلالة على تاريخنا الإِسلامي مثل: تبوك، اليرموك وغيرها. . وبعض التجار يريد إغراء المشتري فيقول له: حاجة مودرن، أو آخر ما أنتجته أمريكا وأوربا، أو آخر صيحة في عالم الأزياء، أو عالم كذا وكذا، وقد يكذب.

9 - إن بعض المسلمين إذا رزق بصبي أو بنت راح يبحث عن اسم غريب مثل: سوسن، وسوزان، وسوسو، عبير، هويدا، كيتي، ناهد، ولو نصحته أن يختار اسمًا لولده مثل: محمد، أحمد، عمر، عبد الله، عبد الرحمن، أو لبنته مثل: حسانة، سمية، خديجة، عائشة، حليمة، لقال لك إنها أسماء قديمة أنا أرغب في أسماء مودرن (جديدة). ولم يعلم هذا الأب المسلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خير أسمائكم عبد الله وعبد الرحمن، والحارث". [صحيح رواه الطبراني صحيح الجامع 3269] وأن اسم (سمية) أول شهيدة في الإِسلام، واسم (رُفيدة) كانت تضمد الجرحى. أليس من العار أن نترك أسماء الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والصحابيات، ثم نسمي بأسماء المغنيات والفنانات، وهن الفاسقات؟ ثم لا ترى من اليهود والنصارى والكفرة من يُسمي بأسماء الصحابة والصحابيات أو المسلمات!! 10 - كثير من الناس يقولون عن الجسر وهو اسم عربي، يقولون: كوبري (غير عربي)، نحن مسلمون وقرآننا عربي، فعلينا أن نتكلم العربية ونفخر بها، لا أن نقلد الأعاجم. 11 - اعتاد كثير من المسلمين حتى في البلاد العربية أن يكتبوا التاريخ بالميلادي بدلاً من التاريخ الهجري في السنة والأشهر، وهذا خطأ كبير، فإن الكفرة والنصارى يؤرخون بميلاد عيسى، ثم تبعهم المسلمون، وتركوا تاريخ هجرة نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - التي ترمز لعزهم ونصرهم، فعلى المسلمين أن يؤرخوا بالهجري وإذا احتاجوا إلى الميلادي، فليجعلوه بعد الهجري. 12 - ذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم فقال: الوجه الثاني: كراهته أن يتعود الرجل النطق بغير العربية فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي يتميزون بها [1/ 463].

مشروعية التكني وعدم التشبه بالأعاجم

مشروعية التكني وعدم التشبه بالأعاجم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: "اكتني أنت أم عبد الله". [صحيح رواه أحمد انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة] 1 - سبب الحديث: أن عائشة قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله كل نسائك لها كُنية غيري، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قال: "فكان يقال لها أم عبد الله حتى ماتت ولم تلد قط". 2 - يستفاد من الحديث: مشروعية التكني ولو لم يكن له ولد، (والصبي والبنت سواء)، وهذا أدب إسلامي ليس له نظير عند الأمم الأخرى فيما أعلم. فعلى المسلمين جميعًا أن يتمسكوا به رجالًا ونساءً، ويتركوا ما تسرب إليهم من عادات الأعاجم مثل: (البيك) و (الأفندي) و (الباشا) ونحو ذلك (المسيو) أو (السيد) و (السيدة) و (الآنسة) إذ كل ذلك دخيل على الإِسلام، وقد نص فقهاء الحنفية على كراهة (الأفندي) لما فيه من التزكية كما في حاشية ابن عابدين. أقول: ومثله: (الشنته) فهي تركية، ولفظها العربي: (محفظة) أو (حقيبة). أما السيد فإنما يطلق على من كان له نوع ولاية ورياسة، وفي ذلك جاء في الحديث: "قوموا إلى سيدكم". [رواه البخاري] ولا يطلق على كل أحد؛ لأنه من باب تزكية النفس: وفي الحديث: "لا تقولوا للمنافق سيدنا فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم -عَزَّ وَجَلَّ-". [صحيح رواه أحمد] [انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ الألباني]

(من تشبه بقوم فهو منهم)

(من تشبه بقوم فهو منهم) يحذرنا الرسول الكريم في هذا الحديث الصحيح من التشبه بالكفار فيما يخالف تعاليم الإِسلام، حتى لا نكون منهم، ولا نحشر معهم يوم القيامة، ويَحضنا هذا الحديث على التشبه بالمؤمنين والصالحين في أخلاقهم وزيهم وعقيدتهم، حتى نكون منهم، ونُحشر معهم، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}. [النساء: 69] إن المسلمين اليوم تركوا أمور دينهم، وتركوا الزيَّ الإِسلامي المخصص لهم والذي يميزهم عن غيرهم من اليهود والنصارى، وراحوا يتشبهون بأعدائهم فيما يضرهم، ويفسد أخلاقهم، وتركوا تقليد الأجانب فيما ينفعهم من الإختراعات الحديثة كالطائرات والمدافع، وغيرها مما يفيدهم في الدفاع عن دينهم ومقدساتهم، وحق عليهم قول الشاعر: قلَّدوا الغربي، لكن بالفجور ... وعن اللُّب استعاروا بالقشور أهم التقاليد الأجنبية التي عمت الرجال والنساء: 1 - السفور: لقد تركت المرأة المسلمة الحجاب الذي فرضه الله عليها، ليحفظ شرفها، وراحت تتشبه بالمرأة اليهودية والنصرانية، فأفسدت أخلاق الشباب، عندما كشفت وجهها ونحرها وذراعها، وشعرها، وأصبحت رخيصة في الأسواق. 2 - لباس البنطال: الكثير من شباب المسلمين اليوم يلبسون البنطال الضيق الذي يُجسم عورتهم الأمامية والخلفية، ويحكي حجم أفخاذهم، مقلِّدين الكفار، ولا أدل على ذلك من تسميته بأسماء أجنبية (شلستو، كوبوي) وقد لبسه النساء أيضًا، ليُسهلوا عملية الاختلاط بالرجال في خطة يهودية خبيثة، فكثيرًا ما يصعب عليك أن تفرق بين الرجل والمرأة، وقد سئل رجل عالم عن لبس البنطال الضيق فقال: يحرم لبسه في الصلاة وخارجها، وإذا أردت أن تعرف تجسيم البنطال

للعورة، فانظر إلى رجل يلبس البنطال، كيف يبدو حجم عورته من الأمام، وانظر إلى تجسيم مقعده وخاصة عند السجود، وهو من أبشع المناظر المخزية، ويمكن للمضطرين لباس البنطال العريض جدًا عند العمل، ولبس الثوب في غير وقته، ولا سيما عند الصلاة. 3 - كثير من المسلمين يلبسون الثوب، ولكنهم يطيلونه إلى أسفل الكعبين مخالفين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إرفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإِزار، فإنها من المخيلة". (أي الكبر والاختيال). [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسفل الكعبين من الإِزار ففي النار". [رواه البخاري] ويُفهم من هذه الأحاديث تحريم تطويل الثياب أسفل الكعبين لأنه من التكبر. 4 - لباس البرنيطة: يحرم لباسها لأنها شعار الكفرة، يضعونها على رؤوسهم، وتسمى (كاسك) ومن سيئاتها تمنع المسلم من السجود، والقلنسوة (الطاقية) العربية أو فوقها العمامة، هو شعار الإِسلام، وهو يقي حر الشمس، والبرد، ولا يمنع المسلم من السجود، وبه يتميز المسلم عن غيره. 5 - لباس خاتم الذهب والأساور في اليد والرقبة للرجال: كما يحرم حلق اللحية لأنه تشبه بالكفار والنساء، قال - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء". [صحيح رواه أحمد وأبو داود والترمذي انظر صحيح الجامع رقم 4976]

منكرات المآتم والقبور

منكرات المآتم والقبور 1 - الِإعلان في المآذن عن موت شخص، ولا سيما إذا كان في الإِعلان أذان وتمطيط لألفاظه. 2 - تقديم الأكاليل والزهور لوضعها على الميت؛ لأن فيها تشبهًا بالنصارى، وضياعًا للأموال. 3 - رفع الصوت بالبكاء على الميت، أو النياحة، أو لطم الخدود، أو شق الثياب، أو لبس السواد. 4 - ذهاب النساء مع الرجال إلى المقبرة لدفن الميت، أو عزف موسيقى حزينة في المقبرة. 5 - رثاء الميت عند القبر، ومدحه بالنثر والشعر؛ لأن هذا مَنْهي عنه، والوارد هو إلقاء كلمة فيها موعظة للحاضرين كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -. 6 - قراءة القرآن عند القبر، أو الذكر أو المولد لعدم فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لذلك، بل الثابت عنه أنه كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: "استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل". [صحيح رواه الحاكم] 7 - تقديم الطعام من أهل الميت للمجتمعين لقول جرير -رضي الله عنه-: "كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه لغيرهم من النياحة". (النياحة محرمة في الإِسلام). [صحيح رواه أحمد] 8 - الاجتماع إلى أهل الميت في مكان معين للتعزية، إذ يمكن تعزيتهم في كل وقت، ولا سيما إذا كان الاجتماع فيه قراءة القرآن لعدم فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته ذلك. 9 - يحرم البناء على القبر، والأحجار العالية، وتدهينه والكتابة عليه، ففي الحديث: "نهى - صلى الله عليه وسلم - أن يُجَصَّصَ القبر، وأن يُبنى عليه". [رواه مسلم] "ونهى أن يُكتب على القبر شيء". [رواه الترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي] لأن في البناء والكتابة ضياعًا للأموال، ولو صرفت على الفقراء لاستفاد الميت. 10 - القيام بعمل حفلة الأربعين والحول للميت، وتوزيع المأكولات.

11 - زيارة القبور في يوم مخصوص: كيوم الجمعة، أو العيد، أو نصف شعبان؛ لأن زيارة القبور تكون للموعظة وللدعاء للأموات، وليس لها وقت معين. 12 - يقول أحد الدعاة: أعطوني ما تنفقونه من الأموال التي تبلغ بضعة ملايين يوميًا على المآتم وتشييد القبور. . وأنا كفيل لكم بأن أُغيّر لكم وجه العالم الإِسلامي، فيصبح من دول الدنيا الكبيرة. 13 - المشروع والمطلوب من المسلمين أن يصنعوا الطعام لأهل الميت لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم". [حسن رواه أبو داود والترمذي]

الصوفية في ميزان الكتاب والسنة

الصوفية في ميزان الكتاب والسنة لقد انتشرت الصوفية في بلاد العالم الإِسلامي، وانقسم الناس فيها إلى فريقين: مؤيد ومعارض، فكيف يعرف المسلم الحق؟ هل هو مع المؤيدين للصوفية، فيسير معهم؟ أم هو من المعارضين للصوفية فيجتنبهم؟ لابدّ من الرجوع إلى الكتاب والسنة الصحيحة لمعرفة ذلك عملاً بقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}. [النساء: 59] لم يعرف الِإسلام اسم الصوفية في زمن الرسول وصحابته والتابعين، ثم جاء جماعة من الزهاد لبسوا الصوف، فأطلقوا هذا الأسم عليهم، وقيل مأخوذ من كلمة (صوفيا) ومعناها الحكمة، حينما ترجمت كتب الفلسفة اليونانية، وليست مأخوذة من الصفاء كما يدعي بعضهم لأن النسبة إلى الصفاء (صفائي) وليست (صوفي) يقول أبو الحسن الندوي في كتابه (ربانية لا رهبانية): ليتهم ما قالوا صوفية، بل سموها تزكية، كما قال الله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}. [البقرة: 129] فظهور هذا الاسم الجديد فرَّق المسلمين. وقد تختلف الصوفية الأوائل عن الصوفية المتأخرة التي انتشرت فيها البدع أكثر من سالفتها، وقد حذر منها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "إياكم ومُحدثات الأمور، فإن كل مُحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] ومن الإنصاف أن نضع تعاليم الصوفية في ميزان الإسلام لنرى قربها أو بعدها عنه: 1 - الصوفية لها طرق متعددة كالتيجانية، والقادرية، والنقشبندية، والشاذلية، والرفاعية وغيرها من الطرق التي يدعي كل منها أنه على حق، وغيرها على باطل، والإِسلام ينهي عن التفرق ويقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}. [الروم: 31، 32]

2 - الصوفية تدعو غير الله من الأنبياء والأولياء الأحياء والأموات، فهم يقولون: (يا جيلاني ويا رفاعي ويا رسول الله غوثًا ومددًا ويا رسول الله عليك المعتمد). والله ينهى عن دعاء غيره، ويعتبره شركًا إذ يقول: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [يونس: 106] (الظالمين: أي المشركين). والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح]. فالدعاء عبادة كالصلاة لا يجوز لغير الله ولو كان رسولًا أو وليًا، وهو من الشرك الأكبر الذي يحبط العمل، ويخلد صاحبه في النار. 3 - الصوفية تعتقد أن هناك أبدالًا وأقطابًا وأولياء سلَّم الله لهم تصريف الأمور وتدبيرها والله يحكي جواب المشركين حين يسألهم: {وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} [يونس: 31] والصوفية يلجأون لغير الله عند نزول المصائب والله يقول: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. [الأنعام: 17] والله يحكي عن المشركين في الجاهلية حين تنزل بهم المصائب: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53] 4 - بعض الصوفية يعتقد بوحدة الوجود، فليس عندهم خالق ومخلوق، فالكل خلق، والكل إله، وزعيمهم ابن عربي المدفون بدمشق يقول: العبد رَب، والربُّ عبد ... يا ليت شعري مَن المكلف؟ إن قلت عبد فذاك حَق ... أو قلت رب أنَّى يُكلَّف؟ [الفتوحات المكية لابن عربي] 5 - الصوفية تدعو إلى الزهد في الحياة، وترك الأسباب والجهاد والله تعالى يقول: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}. [القصص: 77] {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}. [الأنفال: 60]

6 - الصوفية تعطي مرتبة الإِحسان إلى شيوخهم وتطلب منهم أن يتصوروا شيخهم عندما يذكرون الله، حتى في صلاتهم، وكان لي قريب رأيته يضع صورة شيخه أمامه في الصلاة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الِإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". [رواه مسلم] 7 - الصوفية تدعي أن عبادة الله لا تكون خوفًا من ناره، ولا طمعًا في جنته، ويستشهدون بقول رابعة العدوية: [اللهم إن كنت أعبدك خوفًا من نارك فاحرقني فيها، وإن كنت أعبدك طمعًا في جنتك فاحرمني منها]. ولقد سمعتهم ينشدون قول عبد الغني النابلسي: من كان يعبد الله خوفًا من ناره فقد عبد النار، ومن عبد الله طلبًا للجنة فقد عبد الوثن. والله -عَزَّ وَجَلَّ- يمدح الأنبياء الذين يدعونه طلبًا لجنته وخوفًا من عذابه فيقول: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا}. [الأنبياء: 90] أي (راغبين في جنته، خائفين من عذابه). والله يخاطب رسوله الكريم قائلًا: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}. [الأنعام: 15] 8 - الصِوفية تُبيح الرقص والدف ورفع الصوت بالذكر والله تعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}. [الأنفال: 2] ثم تراهم يذكرون بلفظ (الله) حتى يصلوا إلى التلفظ بكلمة (أه، آه) والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أفضل الذكر: لا إله إلا الله". [حديث حسن رواه الترمذي] ورفع الصوت في الذكر والدعاء منهي عنه بقول الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. [الأعراف: 55] (لا يُحب المعتدين في الدعاء بالتشدق ورفع الصوت). [ذكره تفسير الجلالين] والرسول - صلى الله عليه وسلم - يسمع أصحابه يرفعون أصواتهم فيقول لهم: "أيها الناس اربَعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم". (وهو معكم: بسمعه وعلمه). [رواه مسلم] 9 - الصوفية تذكر اسم الخمر والسكر، فيقول شاعرهم وهو ابن الفارض: شربنا على ذكر الحبيب مُدامة ... سكرنا بها من قبل أن يُخلَق الكَرْم

وسمعتهم ينشدون في المسجد: هات كاس الراح ... واسقنا الأقداح (والمدامة والراح: من أسماء الخمر). أقول: لا يستحي الصوفية من ذكر أسماء الخمر في بيت الله الذي أُنشىء لذكر الله لا لذكر أسماء الخمر المحرمة، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. [المائدة: 90] 10 - الصوفية تتغزل باسم النساء والصبيان في مجالس الذكر، فيرددون اسم الحب، والعشق والهوى، وليلى، وسعاد، وغيرها، وكأنهم في مجلس طرب، فيه الرقص، وذكر الخمر، مع التصفيق والصياح، والتصفيق من عادة المشركين وعبادتهم، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}. [الأنفال: 35] (المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق). 11 - الصوفية تستعمل الدف المسمى (بالمزهر) في ذكرها، وهو مزمار الشيطان، فقد دخل أبو بكر على عائشة فوجد عندها جاريتين تضربان بالدف، فقال أبو بكر: مِزمار الشيطان (مرتين)، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "دعهما يا أبا بكر، فإنهما في يوم عيد". [رواه البخاري بألفاظ مختلفة] فقد أقر الرسول أبا بكر على قوله، ولكنه أخبره أنه في يوم عيد مسموح به للبنات، ولم يثبت عن الصحابة والتابعين أنهم استعملوا الدف عند ذكرهم بل هو من بدع الصوفية التي حذر منها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ". [رواه مسلم] (رد: غير مقبول). 12 - بعض الصوفية يضرب نفسه بسيخ حديد قائلًا: (يا جداه) فتأتيه الشياطين ليساعدوه على فعله؛ لأنه استغاث بغير الله، والدليل قول الله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}. (يَعشُ: يُعرض). [الزخرف: 36]

وبعض الجهال يظن أن هذا العمل من الكرامات، مع أن الفاعل لها قد يكون فاسقًا وتاركًا للصلاة، وكيف نعتبره كرامة، وصاحبه استغاث بغير الله عندما قال: (يا جداه) بل هذا من الشرك والضلال الذي قال الله فيه: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ}. [الأحقاف: 5] وهو استدراج في طريق الضلال لفاعله بعد أن اختار الطريق لنفسه، قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا}. [مريم: 75] 13 - الصوفية لها طرق كثيرة كالتيجانية، والشاذلية، والنقشبندية، وغيرها، والِإسلام له طريق واحد فقط، والدليل حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- حين قال: خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطًا بيده، ثم قال: "هذا سبيل الله مستقيمًا"، وخط خطوطًا عن يمينه وشماله، ثم قال: "هذه السُّبل، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه"، ثم قرأ قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. [الأنعام: 153] [صحيح رواه أحمد والنسائي] 14 - الصوفية تدعي الكشف وعلم الغيب، والقرآن يكذبهم قائلًا: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}. [النمل: 65] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يعلم الغيب إلا الله". [حسن رواه الطبراني] 15 - الصوفية تزعم أن الله خلق محمدًا من نوره، وخلق من نوره جميع الأشياء، والقرآن يكذبهم قائلًا: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ. . .}. [الكهف: 110] وقوله تعالى عن خلق آدم: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ}. [ص: 71] وأما حديث: "أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر". [فهو موضوع وباطل] 16 - الصوفية تزعم أن الله خلق الدنيا لأجل محمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن يكذبهم قائلًا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. [الذاريات: 56] وخاطب القرآن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}. (اليقين: الموت). [سورة الحجر: 99]

17 - الصوفية تزعم رؤية الله في الدنيا، والقرآن يكذبهم حين قال على لسان موسى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي}. [الأعراف: 143] وقد ذكر الغزالي في كتابة إحياء علوم الدين (باب حكاية المحبين ومكاشفاتهم)، هذه القصة: قال أبو تراب يومًا: لو رأيت أبا يزيد!، فقال له صديقه: إني عنه مشغول، قد رأيت الله تعالى فأغناني عن أبي يزيد، قال أبو تراب: ويلك تغتر بالله -عَزَّ وَجَلَّ- لو رأيت أبا يزيد (البسطامي) مرة واحدة كان أنفع لك من أن ترى الله سبعين مرة. ثم قال الغزالي: فأمثال هذه المكاشفات لا ينبغي أن ينكرها المؤمن. أقول للغزالي: بل يجب على المؤمن أن ينكرها لأنها كذب وكفر تخالف القرآن والحديث والعقل. 18 - الصوفية تدعي وتزعم رؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا يقظة، والقرآن يكذبهم قائلًا: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}. [المؤمنون: 100] (أي من أمامهم حاجز يحجز بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا إلى يوم القيامة). [ذكره الطبري] ولم ينقل إلينا أن أحدًا من الصحابة رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقظة، فهل هم أفضل من الصحابة؟ سبحانك هذا بهتان عظيم. 19 - الصوفية تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: (حدثني قلبي عن ربي)، قال ابن عربي المدفون بدمشق في كتابه الفصوص: (فمنا الخليفة عن الرسول الذي يأخذ الحكم عنه- صلى الله عليه وسلم - أو بالاجتهاد الذي أصَّلَه أيضًا، وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة الله!). أقول: هذا الكلام باطل يخالف القرآن الذي ينص على أن الله أرسل محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ليبلغ الناس أوامر الله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}. [المائدة: 67] ولا يمكن لأحد أن يأخذ عن الله مباشرة، وهو كذب وافتراء، ثم إن الإِنسان لا يكون خليفة عن الله؛ لأن الله لم يغب عنا حتى يخلفه الإِنسان، فالله هو الذي يخلفنا حينما نغيب ونسافر، لذلك جاء في الحديث: "اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل". [رواه مسلم]

20 - الصوفية تقيم المولد والاجتماع باسم مجلس الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم يخالفون تعاليمه، ولذلك حينما يرفعون أصواتهم في الذكر والأناشيد والقصائد التي فيها الشرك الصريح، فسمعتهم يقولون مخاطبين الرسول - صلى الله عليه وسلم -: المدد يا عريض الجاه المدَد ... ويا مفيض النور على الوجود المدد يا رسول الله فرِّج كربنا ... ما رآك الكرب إلا وشرَد أقول: الإِسلام يوجب علينا الاعتقاد بأن مفيض النور على الوجود، والمفرج للكروب هو الله وحده. 21 - الصوفية تشد الرحال إلى القبور للتبرك بأهلها أو الطواف حولها، أو الذبح عندها مخالفين قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى". [متفق عليه] 22 - الصوفية تتعصب لشيوخها، ولو خالفت قول الله ورسوله، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}. [الحجرات: 1] والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا طاعة لأحدٍ في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف". [متفق عليه] 23 - الصوفية تستعمل الطلاسم والحروف والأرقام لعمل الإستخارة، والتمائم والحجب، وغير ذلك. أقول: لماذا يلجأون إلى الخرافات من حساب اسم الزوجين في الإستخارة، وغيرها من البدع والمنكرات، ويتركون دعاء الإستخارة الوارد في صحيح البخاري الذي كان يُعلِّمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه كالسورة من القرآن يقول: "إذا هَمَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك، واستقدِرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدِر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. . الخ". [رواه البخاري] 2 - الصوفية لا تتقيد بالصلوات الواردة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بل يبتدعون صلوات فيها الشرك الصريح الذي لا يرضاه الذي يُصلون عليه، فقد قرأت في كتاب (أفضل الصلوات) لشيخ لبناني صوفي يقول فيه: (اللهم صلى على محمد حتى تجعل منه الأحدية القيومية).

أقول: الأحدية، والقيومية: من صفات الله وأسمائه. وفي كتاب (دلائل الخيرات) صلوات مبتدعة لا يرضاها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. لقد رأيت يا أخي المسلم أن الصوفية بعيدة عن الإسلام جدًا بعد أن رأيت اعتقادها وأعمالها في ميزان الإسلام، وأن العقل السليم يرفض هذه البدع والضلالات والمنكرات التي توقع في الشرك والكفر. اللهم أرنا الحق حقًا، وارزقنا اتباعه وحببنا فيه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه وكرهنا فيه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.

من أقوال الصوفية

من أقوال الصوفية إن كثيرًا من الناس يظن أن الصوفية من الإِسلام، وأن فيهم الأولياء، وأريد لكل أخ مسلم أن يطلع على أقوالهم ليرى بعدهم عن الإسلام وتعاليم القرآن: 1 - يقول الشيخ مُحيي الدين بن عربي الدفون بدمشق وهو كبير الصوفية في كتابه الفتوحات المكية: "ورُب حديث يكون صحيحًا عن طريق رواته حصل لهذا المكاشف الذي عاين هذا المظهر، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الحديث فأنكره وقال له: "لم أقله ولا حكمت به فيعلم ضعفه، فيترك العمل به، على بينة من ربه، وإن كان عمل به أهل النقل لصحة طريقه، وهو في نفس الأمر ليس كذلك" وهذا الكلام موجود في مقدمة كتاب الأحاديث المشتهرة للعجلوني. هذا الكلام خطير وضَربٌ للحديث النبوي، وطعن في علماء الحديث كالبخاري ومسلم وغيره. 2 - ويقول ابن عربي عن وحدة الأديان كاليهودية والنصرانية والوثنية والإِسلام: وقد كنتُ قبل اليوم أُنكر صاحبي ... إذا لم يكن ديني إلى دينه داني فأصبح قلبي قابلًا كل حالة ... فمرعىً لِغزلان، وَدَير لرُهبان وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةِ طائف ... وألواح توراةٍ ومُصحف قرآن والقرآن يَرد كلامَ ابن عربي ويقول: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. [آل عمران: 85] 3 - وابن عربي يعتقد أن الله هو المخلوق، والمخلوق هو الله، وكل منهما يعبد الآخر، ويُعبِّر عن ذلك بقوله: فَيحمدُني وأحمَدُه ... ويَعبدنُي وأعبدُه؟ 4 - ويقول ابن عربي في كتابه الفصوص: "إن الرجل حينما يضاجع زوجته، إنما يضاجع الحق"!. 5 - ويشرح النابلسي ذلك بقوله: "إنما ينكح الحق".

6 - ويقول أبو يزيد البسطامي يخاطب الله: فزيِّني بوحدانيتك، وألبِسْني رَبَّانيتك، وارفعني إلى أحديتك، حتى إذا رآني خلقُك قالوا رأيناك ويقول عن نفسه: سبحاني سبحاني، ما أعظم شأني، الجنة لعبة صبيان!! 7 - ويقول جلال الدين الرومي: مسلم أنا ولكني نصراني، وبرهامي، وزرادشتي، ليس لي سوى معبد واحد. . . مسجد، أو كنيسة، أو بيت أصنام!! 8 - يقول ابن الفارض: إن الله تجلَّى لقيس بصورة ليلى، وتجلى لكُثير بصورة عَزة، وتجلّى لجميل بصورة بُثينة في قصيدته التائيّة المعروفة، فهو يعتبر أن هذا من تجليات الحق. 9 - سُئلت رابعة العدوية: هل تكرهين الشيطان؟ فقالت: "إن حبي لله لم يترك في قلبي كراهية لأحد"، وتقول مخاطبة لله تعالى: "إن كنتُ أعبدُك خوفًا مِن نارك فأحرقني بها!! " والله يُحذرنا من النار فيقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. . .}. [التحريم: 6] وقالوا عن رابعة: إنها كانت مُغنِّية أو راقصة، فكيف يجوز الأخذ بقولها، وهي تخالف القرآن؟ 10 - ألَّف الشيخ عثمان (¬1) البرهاني وهو صوفي معاصر من السودان كتابًا سماه: (انتصار أولياء الرحمن على أولياء الشيطان): (ويقصد الوهابيين والإِخوان المسلمين). ¬

_ (¬1) حكمت عليه الحكومة السودانية بالإعدام فقتل.

كرامات الصوفية

كرامات الصوفية تزعم الصوفية أن لها رجالًا من الأولياء لهم كرامات وسأذكر للقارىء الكريم شيئًا من كراماتهم الصادرة عن أوليائهم ليرى أنها خرافات وضلالات وكفريات. يقول الشعراني في كتابه "الطبقات الكبرى" يُعدد كرامات أولياء الصوفية: 1 - وكان -رضي الله عنه- يلبس الشاش المخطط كعمامة النصارى، وكان دكانه مُنتنًا قذرًا لأن كل كلب وجده ميتًا أو خروفًا يأتي به فيضعه داخل الدكان، فكان لا يستطيع أحد أن يجلس عنده، وأنه توجه إلى المسجد فوجد في الطريق مسقاة كلاب فتطهر فيها، ثم وقع في مشخة حمير. 2 - وكان -رضي الله عنه- إذا رأى امرأة أو أمردًا (شابًا بلا لحية) راوده عن نفسه، وحسَّس على مِقعدته، سواء كان ابن أمير أو ابن وزير، ولو كان بحضرة والده أو غيره، ولا يلتفت إلى الناس! .. 3 - ويتحدث الشعراني عن سيده (علي وحيش) فيقول: وكان إذا رأى شيخ بلد أو غيره، يُنزله من على الحمارة ويقول له إمسك رأسها حتى أفعل بها، فإن أبى شيخ البلد، تسمَّر في الأرض لا يستطيع أن يمشي خطوة. 4 - يقول الشعراني عن سيده محمد الخضري: "أخبرني الشيخ أبو الفضل السرسي، أنه جاءهم يوم الجمعة، فسألوه الخطبة، فطلع على المنبر، وحمد الله وأثنى عليه وحده ثم قال: "وأشهد أن لا إله لكم إلا إبليس عليه الصلاة والسلام"، فقال الناس: كفر، فسل السيف ونزل وهرب الناس كلهم من الجامع، فجلس على المنبر إلى أذان العصر، وما تجرأ أحد أن يدخل الجامع، ثم جاء بعض أهالي البلاد المجاورة، فأخبر أهل كل بلدة أنه خطب عندهم وصلى فيهم، فعددنا له ذلك اليوم ثلاثين خطبة، هذا ونحن نراه جالسًا عندنا في الخطبة".

الجهاد عند الصوفية

الجهاد عند الصوفية الجهاد الصحيح عند الصوفية قليل جدًا فهم مشغولون بجهاد أنفسهم على زعمهم ويروون حديثًا كما قال شيخ الإِسلام ابن تيمية وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رجعنا من الجهاد الأصفر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس". فهذا لم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل الواضح من القرآن والسنة أن جهاد الكفار من أعظم القربات إلى الله تعالى، وهذه أقوال الصوفية في الجهاد: 1 - يقول الشعراني: لقد أُخذ علينا العهد بأن نأمر إخواننا أن يدوروا مع الزمان وأهله كيفما دار، ولا يزدرون قط من رفعه الله عليهم، ولو كان في أمور الدنيا وولايتها. 2 - ويقول ابن عربي: إن الله إذا سلَّط ظالمًا على قوم: فلا يجب أن يقاوموه؛ لأنه عقاب لهم من الله. 3 - وابن عربي وابن الفارض الزعيمان الصوفيان الكبيران عاشا في عهد الحروب الصليبية، فلم نسمع أن واحدًا منهما شارك في قتال، أو دعا إلى قتال، أو سجل في شعره أو نثره آهة على الفواجع التي نزلت بالمسلمين، لقد كانا يقرران للناس: أن الله هو عين كل شيء، فليدع المسلمون الصليبيين، فما هم إلا الذات الآلهية مُتجسدة بتلك الصور. 4 - ويذكر الغزالي في كتابه (المنقذ من الضلال) عند بحث طريقة التصوف، أنه كان خلال الحروب الصليبية مشغولًا في خلوته تارة في مغارة دمشق، وتارة في صخرة بيت المقدس، يغلق بابهما عليه في مدة تزيد على السنتين. ولما سقط بيت المقدس في يد الصليبيين عام 492 هـ لم يُحرِّك الغزالي ساكنًا، ولا دعا للجهاد لإِعادته، مع أنه عاش (12) سنة بعد سقوطه. وكتاب إحياء علوم الدين للغزالي، لم يذكر فيه شيئًا عن الجهاد أبدًا، بل ذكر فيه كثيرًا من الكرامات التي هي خرافات وكفريات، وهي في الجزء الرابع صحيفة 456. 5 - ويذكر صاحب كتاب (تاريخ العرب الحديث والمعاصر) أن أصحاب الطرق

الصوفية أشاعوا الخرافات والبدع، وبثُّوا روح الإنهزامية والسلبية في النضال، فاستخدمهم، الإستعمار كجواسيس. 6 - ومن كتاب "في التصوف" لمحمد فهر شقفه السوري ص 217 يقول: (نرى من واجبنا خدمة للحقيقة والتاريخ أن نذكر أن الحكومة الفرنسية في زمن الإنتداب على سورية حاولت نشر هذه الطريقة (التيجانية) واستأجرت بعض الشيوخ لهذه المهمة، فقدمت لهم المال والمكان لتنشئة جيل يميل إلى فرنسا، لكن مجاهدي المغرب لفتوا انتباه المخلصين من أهل البلاد إلى خطر الطريقة التيجانية، وأنها فرنسية استعمارية تتستر بالدين، فهبت دمشق عن بكرة أبيها في مظاهرات صاخبة).

مفهوم الولي عند الناس

مفهوم الولي عند الناس إن مفهوم الولي عند كثير من الناس هو الذي يكون على قبره قبة كبيرة أو الذي دفن في المسجد، وينسب السَّدنة لهذا الولي بعض الكرامات، وقد تكون غير صحيحة، لكي يأخذوا من الناس أموالهم ويأكلوها بالباطل. وفكرة القباب، والمشاهد بدعة اخترعها الدروز وسَمُّوا أنفسهم بالفاطميين ليصرفوا الناس عن المساجد، وأكثرها مفتعلة لا أصل لها، حتى قبر الحسين -رضي الله عنه- ليس في مصر، وقد استشهد في العراق. والدفن في المسجد من عمل اليهود والنصارى حذر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". [متفق عليه] ويظن بعض الناس أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دفن في مسجده، وهذا خطأ كبير؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دفن في بيته، ثم بقي على حاله حتى جاء الأمويوق بعد (80) عامًا ووسَّعوا المسجد، وأدخلوا القبر إليه. إن كثيرًا من المسلمين يدفنون الموتى في المساجد ولا سيما إذا كان شيخًا، وبعد مدة يبنون عليه القُبة ويطوفون حوله، ويسألونه من دون الله، ويقعون في الشرك، والله تعالى يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}. [الجن: 18] فالمساجد في الإسلام ليست مقابر لدفن الموتى، بل، هي للصلاة ولعبادة الله وحده، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تُصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها". [رواه مسلم] "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم، وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك". [رواه مسلم]

أولياء الرحمن

أولياء الرحمن 1 - قال الله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}. [يونس: 62] 2 - وقال تعالى: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ}. [الأنفال: 34] 3 - الولي في القرآن هو المسلم الذي يتقي الله ولا يعصيه ويدعوه ولا يشرك به وهو الذي حذر الله من إيذائه ومعاداته وأكل ماله، فقال الله في الحديث القدسي: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب. . .". [رواه البخاري] وقد تظهر لهذا الولي المسلم الموحد الطائع كرامة يكرمه الله بها عند الحاجة، فالولاية ثابتة والكرامة ثابتة في القرآن الكريم، والدليل على ذلك قصة مريم عليها السلام حينما كانت تجد الرزق والطعام في بيتها، حيث قال الله في حقها: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}. [آل عمران: 37] فالولاية ثابتة، والكرامة ثابتة ولكن لا تكون إلا لمؤمن طائع موحد، ولا يُمكن أن تكون لرجل فاسق يترك الصلاة أو يُصر على الذنوب، ولا يشترط ظهور الكرامة على يديه حتى يكون وليًا، فالقرآن الكريم لم يشترطها، بل اشترط الإِيمان والتقوى فقط.

أولياء الشيطان

أولياء الشيطان ولا يمكن أن تظهر الكرامة على يد فاسق يجاهر بالمعاصي أو يستغيث بغير الله وهو من عمل المشركين، فكيف يكون من الأولياء المكرمين؟. كما أن الكرامة لا تكون بالوراثة عن الأجداد، بل تكون بالإِيمان والعمل الصالح، وما يظهر على يد بعض المبتدعين من ضرب السيف لأنفسهم، أو أكل النار، فهو من عمل الشياطين والمجوس، وهو استدراج لهم ليسيروا في ضلالهم، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}. [الزخرف: 36] ومثل هذا العمل لا يُقرُّه الإِسلام؛ لأنه لم يعملهُ رسول الله وصحابته من بعده، وهو من البدع المحدثة التي قال عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكُل بدعة ضلالة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] والكفار في الهند يفعلون أكثر من ذلك، كما نقل ذلك ابن بطوطة في رحلته وحكى عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه، فهل نقول عنهم أولياء لهم كرامات؟!! بل هذا من عمل الشياطين وهو استدراج لصاحبه ليزيد في الضلالة كما قال تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا}. [سورة مريم: 75]

الخوف والرجاء

الخوف والرجاء قال الله تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا}. [الأعراف: 56] يأمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يدعوا خالقهم ومعبودهم خوفًا من ناره وعذابه، وطمعًا في جنته ونعيمه، كما قال تعالى في سورة الحجر: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ}. [الحجر: 49، 50] لأن الخوف من الله يحمل العبد على الابتعاد عن معاصي الله ونواهيه، والطمع في جنته ورحمته يحفزه على العمل الصالح، وكل ما يُرضي ربه. ما تهدي إليه هذه الآيات: 1 - أن يدعو العبد ربه الذي خلقه، وهو الذي يسمع دعاءه، ويجيبه. 2 - عدم دعاء غير الله، ولو كان نبيًا أو وليًا أو ملكًا؛ لأن الدعاء عبادة كالصلاة لا يجوز إلا لله. 3 - أن يدعو العبد ربه خائفًا من ناره، راغبًا فى جنته. 4 - في الآية ردُّ على الصوفيين القائلين: بأنهم لا يعبدون الله خوفًا منه، أو رغبة فيما عنده؛ لأن الخوف والرغبة من أنواع العبادة، وقد امتدح الله الأنبياء وهم صفوة البشر فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}. [الأنبياء: 90] 5 - في الآية رَدٌّ على كتاب (الأربعين النووية) عندما شرح النووي حديث: "إنما الأعمال بالنيات"، حيث قال: وإذا وجد العمل وقارنته النية فله ثلاثة أحوال: الأول: أن يفعل ذلك خوفًا من الله تعالى، وهذه عبادة العبيد. الثاني: أن يفعل ذلك لطلب الجنة والثواب، وهذه عبادة التجار. الثالث: أن يفعل ذلك حياء من الله وتأدية لحق العبودية، وتأدية للشكر. . وهذه عبادة الأحرار.

وقد علَّق السيد محمد رشيد رضا على هذا الكلام في (مجموعة الحديث النجدية) فقال: هذا التقسيم أشبه بكلام الصوفية منه بكلام فقهاء الحديث. والتحقيق أن الكمال الجمع بين الخوف الذي سماه عبادة العبيد، وكلنا عبيد الله، والرجاء في ثواب الله وفضله الذي سماه عبادة التجار. أقول: والشيخ متولي الشعراوي يتبنى هذه العقيدة في كتبه، بل زاد في شططه، وفسر بالتلفزيون قوله تعالى: {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}. [الكهف: 110] فقال: والجنة أحد. (يعني عبادة الله للجنة شرك).

ماذا تعرف عن: قصيدة البردة

ماذا تعرف عن: قصيدة البردة هذه القصيدة للشاعر البوصيري مشهورة بين الناس ولا سيما بين الصوفيين، ولو تدبرنا معناها لرأينا فيها مخالفات للقرآن وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو يقول في قصيدته: 1 - يا أكرم الخلق مالي مَن ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العَمِم يستغيث الشاعر بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ويقول له: لا أجد من ألتجىء إليه عند نزول الشدائد العامة إلا أنت، وهذا من الشرك الأكبر الذي يُخلِّد صاحبه في النار إن لم يتب منه، لقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [يونس: 106] (أي المشركين) لأن الشرك ظلم عظيم. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو من دون الله نِدًا دَخَلَ النَّار". [رواه البخاري] (الند: المثيل). 2 - فإن مِن جودك الدنيا وضرَتَها ... ومن علومك علم اللوح والقلم وهذا مخالف لقول الله تعالى: {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى}. [الليل: 13] فالدنيا والآخرة هي من الله ومن خَلْقِه، وليست من جود الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخلقه، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم ما في اللوح المحفوظ، إذ لا يعلم ما فيه إلا الله وحده، وهذا إطراء ومبالغة في مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى جعل الدنيا والآخرة من جود الرسول وأنه يعلم الغيب الذي في اللوح المحفوظ بل إن ما في اللوح من علمه وقد نهانا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الإِطراء فقال: "لا تُطْرُوني كَما أَطْرَتْ النَّصارى ابْن مَرْيم، فَإِنَّمَا أنا عَبْدٌ، فقُولوا عَبْد الله وَرَسُولُهُ". [رواه البخاري] 3 - ما سامني الدهر ضيمًا واستجرت به ... إلا ونلت جوارًا منه لم يُضَم يقول: ما أصابني مرض أو همٌّ وطلبت منه الشفاء أو تفريج الهم إلا شفاني وفرَّج همي.

والقرآن يحكي عنِ إبراهيم -عليه السلام- قوله عن الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}. [الشعراء: 80] والله تعالى يقول: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ}. [الأنعام: 17] والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إِذا سألْتَ فَاسألِ الله وإذَا اسْتَعَنْتَ فَاستَعِنْ بالله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] 4 - فإن لي ذمة منه بتسميتي محمدًا ... وهو أوفى الخلق بالذمم يقول الشاعر: إن لي عهدًا عند الرسول أن يدخلني الجنة؛ لأن اسمي محمدًا، ومن أين له هذا العهد، ونحن نعلم أن كثيرًا من الفاسقين والشيوعيين من المسلمين اسمه محمد؟ فهل التسمية بمحمد مُبرر لدخولهم الجنة؟ والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لبنته فاطمة -رضي الله عنها-: "سليني من مالي ما شِئْتِ، لا أُغني عَنْكِ مِنَ الله شيئًا". . [رواه البخاري] 5 - لعل رحمة ربي حين يقسمها ... تأتي على حسب العصيان في القسم وهذا غير صحيح، فلو كانت الرحمة تأتي قسمتها على قدر المعاصي كما قال الشاعر لكان على المسلم أن يزيد في المعاصي حتى يأخذ من الرحمة أكثر، وهذا لا يقوله مسلم ولا عاقل ولأنه يخالف قول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}. [الأعراف: 56] ومعنى ذلك أن رحمة الله بعيدة عن العاصين. والله تعالى يقول: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}. [الأعراف: 156] 6 - وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من ... لولاه لم تخرج الدنيا من العدم الشاعر يقول: لولا محمد - صلى الله عليه وسلم - لما خُلقت الدنيا، والله يكذبه ويقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. [الذاريات: 56] وإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خلق للعبادة وللدعوة إليها يقول الله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}. [الحجر: 99] (اليقين: الموت).

7 - أقسمت بالقمر المنشق إن له ... من قلبه نسبة مبرورة القسم الشاعر يقسم ويحلف بالقمر، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ حَلَفَ بَغَيْر الله فَقَدْ أشْرَك". [حديث صحيح رواه أحمد] ثم يقول الشاعر يخاطب الرسول قائلًا: 8 - لو ناسبت قدرَه آياتُه عِظَمًا ... أحيا اسمُه حين يُدعى دَارِسَ الرِمَمِ ومعناه: لو ناسبتْ معجزات الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدره في العِظَم، لكان الميت الذي أصبح باليًا يحيا وينهض بذكر اسم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وبما أنه لم يحدث هذا فالته لم يُعط الرسول - صلى الله عليه وسلم - حقه من المعجزات، فكانه اعتراض على الله حيث لم يعط الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقه!! وهذا كذب وافتراء على الله، فالته تعالى أعطى كل نبي المعجزات المناسبة له، فمثلًا أعطى عيسى -عليه السلام- معجزة إبراء الأعمى والأبرص وإحياء الموتى، وأعطى لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - معجزة القرآن الكريم، وتكثير الماء والطعام وانشِقاق القمر وغيرها. ومن العجيب أن بعض الناس يقولون: إن هذه القصيدة تسمى بالبردة وبالبُرأة؛ لأن صاحبها كما يزعمون مرض فرأى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأعطاه جبته فلبسها فبرىء من مرضه! -وهذا كذب وافتراء- حتى يرفعوا من شأن هذه القصيدة، إذ كيف يرضى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا الكلام المخالف للقرآن ولهديه - صلى الله عليه وسلم - وفيه شرك صريح. علمًا بأن رجلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: مَا شَاءَ الله وشِئت، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أجَعَلْتني لله ندًّا؟ قُلْ مَا شَاءَ الله وَحْده". [رواه النسائي بسند حسن] (الند: المثل والشريك). فاحذر يا أخي المسلم قراءة هذه القصيدة وأمثالها المخالفة للقرآن، وهدي الرسول عليه الصلاة والسلام. والعجيب أن في بعض بلاد المسلمين من يُشَيِّع بها موتاهم إلى القبور، فيضمون إلى هذه الضلالات بدعة أخرى حيث أمر بالصمت عند تشييع الجنائز ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ماذا تعرف عن كتاب دلائل الخيرات؟

ماذا تعرف عن كتاب دلائل الخيرات؟ أما بعد فإن كتاب (دلائل الخيرات) لمؤلفه محمد بن سليمان الجزولي منتشر في العالم الإِسلامي، ولا سيما في المساجد، يقرؤه المسلمون كثيرًا، بل ربما قدمو على قراءة القرآن، ولا سيما يوم الجمعة، وتتسابق المطابع في طبعه طمعًا في الربح المادي والدنيوي دون النظر إلى الخسارة الأخروية التي تلحق أصحاب المطابع، والنسخة التي بين يدي مكتوب على ظهرها: (الحرمين للطباعة والنشر والتوزيع سنغافورة جدة). ولو تصفح المسلم العاقل المطلع على أحكام دينه الكتاب لوجد فيه مخالفات شرعية كبيرة، وأهم هذه المخالفات: 1 - يقول مؤلفه في المقدمة (ص 12) (مستمدًا من حضرته العالية). ويقصد به الرسول - صلى الله عليه وسلم -. أقول هذا الكلام يخالف القرآن الذي لا يجيز طلب المدد إلا من الله قال تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}. [سورة آل عمران: 125] وكلام (دلائل الخيرات) يخالف قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح] 2 - ثم يقول قي (حزب النصر لأبي الحسن الشاذلي) المكتوب على الهامش ص 7: (يا هو، يا هو، يا هو، يا من بفضله لفضله نسألك العجل). أقول: إن كلمه (هو) ليست من أسماء الله الحسنى، بل هي ضمير يعود على الكلمة التي قبلها، ولذلك لا يجوز إدخال (يا) عليها كما يفعل الصوفية، وهي من بدعهم يزيدون في أسماء الله ما ليس منها. 3 - ثم يذكر المؤلف أسماء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويعددها، ويصفها بأسماء وصفات لا تليق إلا بالله -عَزَّ وَجَلَّ-، علمًا بأن أسماء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وردت في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا

الحاشر الذي يُحشر الناس على قَدَمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد وقد سماه الله رءوفًا رحيمًا". [رواه مسلم] وعن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسمي لنا نفسه أسماء، فقال: "أنا محمد، وأحمد، والمقفِّي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة". [رواه مسلم] 4 - وأسماء الرسول التي ذكرها كتاب (دلائل الخيرات) هي بدءًا من ص 37 - 47. (مُحيي، منج، ناصر، غوث، غياث، صاحب الفرج، كاشف الكرب، شاف). [ص 38، 40، 43، 47] أقول هذه الأسماء والصفات لا تليق إلا بالله، فالمحيي، والمنجي، والناصر، والمغيث، والشافي، وكاشف الكرب، وصاحب الفرج هو الله سبحانه وتعالى، وقد أشار القرآن إلى ذلك فقال إبراهيم -عليه السلام-: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ}. [الشعراء: 78 - 81] وقد أمر الله تعالى رسوله أن يقول للناس: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا}. [الجن: 21] {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}. [الكهف: 110] أقول: إن صاحب (دلائل الخيرات) خالف القرآن، وسوّى بين الله ورسوله في أسمائه وصفاته، وهذا مما يتبرأ منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو سمعه لحكم على قائله بالشرك الأكبر. جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "ما شاء الله وشئت"، فقال: "أجعَلتَني لله ندًّا، قل ما شاء الله وحده". [رواه النسائى بسند حسن] (الند: المثيل والشريك). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُطروني كما أطرَت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله". [رواه البخاري] (الإِطراء: المبالغة والزيادة في المدح، ويجوز مدحه بما ورد في الكتاب والسنة). 5 - ثم ذكر بعض أسماء الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مُهيمن، جبار، روح القدس". [ص 41، 42] والقرآن ينفي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه الصفات فيقول له في القرآن:

{لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}. [الغاشية: 22] {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ}. [ق: 45] وروح القدس هو جبريل -عليه السلام- لقوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}. [النحل: 102] 6 - ثم ذكر صاحب الكتاب صفات لا تليق بمسلم فضلًا عن رسول هو من أفضل البشر فيقول عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أحيد، أجير، جرثومة). [ص 37، 115] وفي أول الكتاب رفع المؤلف الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى درجة الِإله حينما قال: (مُحي، ناصر، شاف، مُنج. . .) إلى آخر الأوصاف التي مرت، وهنا يُنزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى درجة (جرثومة، أجير) وهذا ما تقشعر له الأبدان، وتشمئز منه النفوس، فهي في عرف الناس الشيء الضار الذي يكافح كجرثومة السِّل مثلًا، وحاشاه - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، وهو الذي نفع الأمة، وبلَّغ الرسالة، وأنقذ بتعاليمه الناس من الظلم والشرك والتفرقة إلى العدل والتوحيد وإن أراد بالجرثومة الأصل والسبب فهو غير صحيح أيضًا. 7 - ثم بعد هذا الكلام الباطل يعود ليصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأوصاف كاذبة فيها الشرك الذي يحبط العمل كقوله في [صفحة 90]: (اللهم صلّ على مَن تفتقت من نوره الأزهار، واخضرت من بقية ماء وضوئه الأشجار). فالله الذي خلق الأشجار وهو الذي فتق أزهارها، وأعطاها لون الخضرة. 8 - ثم يقول عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -[ص 100]: (والسبب في كل موجود). إن كان قصده أن الموجودات خلقها الله لأجل محمد - صلى الله عليه وسلم - فهذا كذب وضلال. لأن الله تعالى يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. [الذاريات: 56] 9 - ثم يقول المؤلف ص 198: (اللهم صل على محمد ما سجعت الحمائم، وحمت الحوائم، وسرحت البهائم، ونفعت التمائم). وهذا الكلام يخالف كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي نهى عن التمائم فقال: "مَن علَّق تميمة فقد أشرك". [صحيح رواه أحمد] (والتميمة: هي الخرزة أو الودعة أو غيرها تُعلَّق على الولد، أو السيارة، أو البيت

لرد العين) وهي من الشرك: وكلام المؤلف يخالف القرآن الذي يعتبر النفع والضر منِ الله فيقول: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. [سورة الأنعام: 17] 10 - ثم يقول الجزولي: (اللهم صلّ على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء، وارحم محمدًا حتى لا يبقى من الرحمة شيء، وبارك على محمد حتى لا يبقى من البركة شيء، وسلم على محمد حتى لا يبقى من السلام شيء). [ص 64] هذا كلام باطل يخالف القرآن فإن صلاة الله، ورحمته، وبركته، وسلامه دائمة لا تنفد ولا تفنى، قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}. [الكهف: 109] 11 - ثم يذكر في آخر الكتاب (الصلاة المشيشية)، التي على الهامش، وهذا نصها: [ص 259، 260] (اللهم صلِّ على من منه انشقت الأسرار، وانفلقت الأنوار، وفيه ارتقت الحقائق. . ولا شيء إلا وهو به منوط. إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط). أقول: هذا كلام باطل. في أوله، وسخيف معقد في آخره يخالف الشرع والعقل. ثم يقول في تتمة هذا الدعاء [ص 26]: (وزُجَّ بي في بحار الأحدية، وانشلني مغ أوحال التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة، حتى لا أرى، ولا أسمع، ولا أُحِس إلا بها). لاحظ أخي المسلم أن في هذا الدعاء أمرين: أ - قوله: (وانشلني من أوحال التوحيد). والأوحال هي الطين والأوساخ، فهل للتوحيد أوساخ؟! .. إن توحيد الله في العبادة والدعاء نظيف ليس فيه أوحال وأوساخ كما يزعم ابن مشيش، وإنما الأوحال والأوساخ في دعاء غير الله من الأنبياء أو الأولياء، وهو من الشرك الأكبر الذي يُحبط العمل، ويُخلد صاحبه في النار. ب - قوله: (وزُجّ بي في بحار الأحدية، وأغرقني في عين بحر الوحدة). أقول: هذه وحدة الوجود عند بعض الصوفية التي عبر عنها زعيمهم ابن عربي المدفون بدمشق حيث قال في الفتوحات المكية:

العبد رب، والرب عبد ... يا ليت شعري من المكلف؟ إن قلت عبد فذاك حق ... وإن قلت رَبٌ فأنى يكلف؟ فانظر كيف جعل العبد ربًا، والرب عبدًا، فهما مستويان عند ابن عربي وابن مشيش الذي ذكر كلامه (دلائل الخيرات). 12 - ثم ذكر المؤلف [ص 83]: (اللهم صل على كاشف الغُمة، ومُجلي الظلمة، ومُولي النعمة، ومُؤتي الرحمة). أقول: هذا إطراء لا يرضاه الإِسلام وقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عنه. 13 - ثم يقول علي بن سلطان محمد القاري في ورده الذي سماه: (الحزب الأعظم) المطبوع على هامش (دلائل الخيرات): (اللهم صل على سيدنا محمد السابق للخلق نوره). [ص 138] أقول: هذا كلام باطل يكذبه الحديث القائل: "إن أول ما خلق الله القلم". [رواه أحمد وصححه الألباني] أما حديث: "أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر". فهو عند أهل الحديث مكذوب وموضوع وباطل. 14 - جاء في بعض النسخ من كتاب (دلائل الخيرات) وفي آخر قصيدة جاء فيها: بأبي خليل شيخنا وملاذنا ... قطبُ الزمان هو المسمى محمد يقول: إن شيخه محمد يلوذ به ويلتجىء إليه عند المصائب، وهذا شرك؛ لأن المسلم لا يلوذ إلا بالله، ولا يلتجىء إلا إليه لأنه حي قادر، وشيخه ميت عاجز لا ينفع ولا يضر. ويعتقد أن شيخه قطب الزمان، وهذا اعتقاد الصوفية القائلة: إن في الكون أقطابًا يتصرفون في أمور الكون، حيث جعلوهم شركاء لله في تدبير الأمور، مع أن المشركين السابقين يعتقدون أن المدبر للكون هو الله وحده، قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}. [يونس: 31]

15 - لقد ورد في كتاب (دلائل الخيرات) أدعية صحيحة، ولكن هذه الطامات الكبرى السابقة الموجودة فيه أفسدت عقيدة القارىء للكتاب إذا اعتقد بها، فلم تعد تنفع الأدعية الصحيحة. وفي الكتاب أخطاء كثيرة، ومن أراد التوسع فليرجع إلى كتاب (كتب ليست من الإِسلام) لمؤلفه الأستاذ محمود مهدي استانبولي حيث تكلم عنه، وعن قصيدة البردة، ومولد العروس، وطبقات الأولياء للشعراني، وتائية ابن الفارض، والأنوار القدسية، والتنوير في إسقاط التدبير، ومعراج ابن عباس، والحِكم لابن عطاء الله الإِسكندري، وغيرها من الكتب التي طالب المؤلف بإحراقها لما فيها من الضرر على عقيدة المسلمين. 16 - احذر يا أخي المسلم قراءة هذه الكتب، وعليك بقراءة كتاب (فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -) للشيخ إسماعيل القاضي تحقيق المحدث الألباني، كما أن هناك كتابًا جيدًا اسمه (دليل الخيرات) لمؤلفه (خير الدين وانلي) جمع فيه صلوات وأدعية صحيحة يغنيك عن (دلائل الخيرات) الذي يوقعك في الشرك والآثام. اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وحببنا فيه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، وكرهنا فيه، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم. [انتهت المواضيع التي كتبها محمد بن جميل زينو].

علامات حسن الخاتمة

علامات حسن الخاتمة ثم إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بينات يستدل بها على حسن الخاتمة -كتبها الله لنا بفضله ومَنه- فأيما امرىء مات بإحداها كانت بشارة له، ويالها من بشارة! الأولى: نطقهُ بالشهادة عند الموت وفيه أحاديث. 1 - "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة". [أخرجه الحاكم وغيره بسند حسن عن معاذ] 2 - عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- قال: "رأى عمر طلحة بن عبيد الله ثقيلًا، فقال: ما لك يا أبا فلان؟ لعلك ساءتك امرأة عمك يا أبا فلان؟ قال: لا، [وأثنى على أبي بكر] إلا أني سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثًا ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات، سمعته يقول: "إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه، ونفَّس الله عنه كربته، قال: فقال عمر إني لأعلم ما هي! قال: وما هي؟ قال: تعلم كلمة أعظم من كلمة أمرَ بها عمَّه عند الموت: (لا إله إلا الله) قال طلحة: صدقت، هي والله هي". [أخرجه الإمام أحمد وغيره وإسناده صحيح] الثانية: الموت برشح الجبين: لحديث بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه-: "أنه كان بخراسان، فعاد أخًا له وهو مريض، فوجده بالموت، وإذا هو بعرق جبينه، فقال: الله أكبر، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "موت المؤمن بعرق الجبين". [أخرجه النسائي وغيره وهو صحيح على شرط البخاري] الثالثة: الموت ليلة الجمعة أو نهارها. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يموت يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة، إلا وقاه الله فتنة القبر". [أخرجه أحمد (6582 - 6646) من طريقين عن عبد الله بن عمرو، والترمذي من أحد الوجهين، وله شواهد عن أنس وجابر بن عبد الله وغيرهما]

الرابعة: الاستشهاد في ساحة القتال. قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}. [آل عمران: 169 - 171] وفي ذلك أحاديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: 1 - "للشهيد عند الله ست خصال: يُغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويُحلَّى حلية الإِيمان، ويُزوَّج من الحور العين، ويُشفَّع في سبعين إنسانًا من أقاربه". [أخرجه الترمذي وصححه، وابن ماجه وأحمد وإسناده صحيح] 2 - عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. "أن رجلاً قال: يا رسول الله ما بال المؤمنين يُفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: "كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة". [رواه النسائي وسنده صحيح] (تنبيه): ترجى هذه الشهادة لمن سألها نحلصًا من قلبه ولو لم يتيسر له الاستشهاد في المعركة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "من سأل الله الشهادة بصدق، بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه". [أخرجه مسلم] الخامسة: الموت غازيًا في سبيل الله. وفيه حديثان: 1 - "ما تعدُّون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله مَن قُتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أُمتي إذا لقليل، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: مَن قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن (¬1) فهو شهيد، والغريق شهد". [أخرجه مسلم وأحمد عن أبي هريرة] 2 - "مَن فصَل (أي خرج) في سبيل الله فات أو قتل فهو شهيد، أو وقصه فرسه أو بعيره، أو لدغته هامّة، أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله فإنه شهد وإن الجنة". [حسن أخرجه أبو داود] ¬

_ (¬1) أي بداء البطن وهو الاستسقاء وانتفاخ البطن وقيل هو الإِسهال وقيل الذي يشتكي بطنه

السادسة: الموت بالطاعون. وفيه أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: 1 - عن حفصة بنت سيرين: قال لي أنس بن مالك: بم مات يحيى بن أبي عمرة؟ قلت: بالطاعون، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطاعون شهادة لكل مسلم". [أخرجه البخاري] 2 - عن عائشة أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعون؟ فأخبرها نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنه كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابرًا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر الشهيد". [أخرجه البخاري] 3 - "يأتي الشهداء والمتوفون بالطاعون، فيقول أصحاب الطاعون: نحن شهداء، فيقال انظروا فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دمًا ريح المسك فهم شهداء، فيجدونهم كذلك". [رواه أحمد وغيره وحسنه الحافظ] السابعة: الموت بداء البطن. وفيه حديثان: 1 - ". . ومن مات في البطن فهو شهيد" [رواه مسدم وغيره، وتقدم بتمامه في "الخامسة"] 2 - عن عبد الله بن يسار قال: "كنت جالسًا وسليمان بن صرد وخالد بن عرفطة، فذكروا أن رجلاً توفي، مات ببطنه، فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهداء جنازته فقال أحدهما للآخر: ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يقتله بطنه فلن يُعذب في قبره؟ ". فقال الآخر: بلى وفي رواية: "صدقت". [أخرجه النسائي وغيره وسنده صحيح] الثامنة والتاسعة: الموت بالغرق والهدم: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله". [متفق عليه] العاشرة: موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها: لحديث عبادة بن الصامت: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد عبد الله بن رواحة قال: فما تحوَّز (¬1) له عن فراشه، فقال: أتدري من شهداء أُمتي؟ قالوا: قتل المسلم شهادة، قال: "إن شهداء أُمتي إذًا لقليل! قتل المسلم شهادة، ¬

_ (¬1) تحوَّز: أي تنحنى.

والطاعون شهادة، والمرأة يقتلها ولدها جمعاء (¬1) شهادة، (يجرهما ولدهما بسرره (¬2) إلى الجنة) ". [أخرجه أحمد وغيره وسنده صحيح] الحادية عشر والثانية عشر: الموت بالحرق، وذات الجنب: وفيه أحاديث، أشهرها عن جابر بن عتيك مرفوعاً: "الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذى يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بُجُمع (¬3) شهيدة". [رواه أحمد وغيره والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي] الثالثه عشر: الموت بداء السل. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "القتل في سبيل الله شهادة، والنفساء شهادة، والحرق شهادة، والغرق شهادة، والسِّل شهادة، والبطن شهادة". [رواه أحمد وغيره وحسنه المنذري] الرابعة عشر: الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه. وفيه أحاديث: 1 - "مَن قتل دون ماله، (وفي رواية: مَن أريد ماله بغير حق فقاتل، فقُتل) فهو شهيد". [متفق عليه بالرواية الأولى] الخامسة عشر والسادسة عشر: الموت في سبيل الدفاع عن الدين والنفس: وفيه حديثان: 1 - "مَن قُتل دون ماله فهو شهيد، ومَن قتل دون أهله فهو شهيد، ومَن قتل دون دينه فهو شهيد، ومَن قُتِل. دون دمه فهو شهيد". [صحيح رواه أبو داود وغيره] 2 - "مَن قُتل دون مظلمته فهو شهيد". [رواه أحمد وسنده صحيح] (والمظلمة: تشمل الأنواع الأربعة المذكورة في الحديث الأول). السابعة عشر: الموت مرابطاً في سبيل الله. ونذكر فيه حديثين: 1 - "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجريَ عليه رزقه، وأمِنَ الفَتان". [رواه مسلم وغيره] ¬

_ (¬1) هي التي تموت وفي بطنها ولد. (¬2) السرر: ما تقطعه القابلة من السرة. (¬3) معنى جُمُع: المرأة التى تموت وفي بطنها ولد، أو تموت من الولادة

2 - "كل ميت يُختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله، فإنه يُنمى له عمله إلى يوم القيامة، ويأمن فتنة القبر". [أخرجه أحمد والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين وصححه الترمذي] الثامنة عشر: الموت على عمل صالح: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال: لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله خُتم له بها دخل الجنة، ومن صام يوماً ابتغاء وجه الله خُتِم له بها دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله خُتِم له بها دخل الجنة". [رواه الامام أحمد وغيره وإسناده صحيح] [انظر أحكام الجنائز للمحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص 34 مع اختصار في التخريج وبعض الأحاديث]

باب لا يقال فلان شهيد

باب لا يقال فلان شهيد هذا ما ذكره البخاري في صحيحه في (كتاب الجهاد والسير). 1 - قال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الله أعلم بمن يجاهد في سبيله، والله أعلم بمن يُكلَم في سبيله". 2 - ثم شرح ابن حجر في كتابه فتح الباري [جـ 6/ 90]: قوله: (باب لا يقال فلان شهيد) أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي، وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال: "تقولون في مغازيكم فلان شهيد، ومات فلان شهيداً، ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم، ولكن قولوا كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:. "من مات في سبيل الله، أو قُتل فهو شهيد". [حديث حسن أخرجه أحمد وغيره] ثم قال ابن حجر: وعلى هذا فالمراد النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد، بل يجوز أن يقال ذلك على وجه الإجمال. 3 - ثم شرح ابن حجر الحديث الأول فقاك: يُكلَم: يُجرَح، وهذا طرف من حديث تقدم .. ووجه أخذ الترجمة منه يظهر من حديث: "مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله". [متفق عليه] ولا يطلع على ذلك إلا بالوحي، فمن ثبت أنه في سبيل الله أعطي حكم الشهادة. فقوله: "والله أعلم بمن يُكلَم في سبيله": أي فلا يعلم ذلك إلا من أعلمه الله، فلا ينبغي إطلاق كل مقتول في الجهاد أنه في سبيل الله. 4 - ثم ذكر المصنف حديث سهل بن سعد في قصة الذي بالغ في القتال حتى قال المسلمون: ما أجزأ أحد، ما أجزأ، ثم كان آخر أمره أنه قتل نفسه، ووجه أخذ الترجمة أنهم شهدوا برجحانه في أمر الجهاد، فلو كان قتل لم يمتنع أن يشهدوا له بالشهادة، وقد ظهر منه أنه لم يقاتل لله، وإنما قاتل غضباً لقومه، فلا يطلق على كل مقتول

في الجهاد أنه شهيد لاحتمال أن يكون مثل هذا، وإن كان مع ذلك يعطى حكم الشهداء في الأحكام الظاهرة. ولذلك أطبق السلف على تسمية المقتولين في بدر وأُحد وغيرهما شهداء، والمراد بذلك الحكم الظاهر المبني على الظن الغالب والله أعلم. [انتهى]. 5 - الخلاصة: مما تقدم من الأحاديث وقول الصحابة والعلماء يدل على أنه لا يجوز إطلاق كلمة (شهيد) على كل من قتل، لأن هذه من الأمور الغيبية لا تثبت إلا بالوحي، وعلينا أن نقول كما علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قاتل في سبيل الله أو قتل فهو شهيد" وقد تقدم. ومن أراد التفصيل فعليه بقراءة كتاب: (القول السديد في أنه لا يقال فلان شهيد).

موعظة الرسول عند دفن الميت

موعظة الرسول عند دفن الميت ويجوز الجلوس عنده أثناء الدفن بقصد تذكير الحاضرين بالموت وما بعده، لحديث البراء بن عازب قال: "خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يُلحَد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[مستقبلاً القبلة] وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، [فجعل ينظر إلى السماء، وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثاً]، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر، مرتين، أو ثلاثاً. [ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر] [ثلاثاً]، ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كان وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحَنوط (¬1) من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملَك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة (وفي رواية: المطمئنة)، أُخرجُي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة مِن فِيِّ السقاء، فيأخذها، (وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلَّى عليه كل مَلك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يُعرَج بروحه من قِبَلِهم)، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، فذلك قوله تعالى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ}. [سورة الأنعام، آيه 61] ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وُجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها فلا يمرون -يعني- بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان ابن فلان - بأحسن اسمائه التي كانوا يُسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى ¬

_ (¬1) الحنوط: ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة.

السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيُشيِّعه مِن كل سماء مُقرَّبوها، إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: اكتبوا كتاب عبدي في عليين: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}. [سورة المطففين 19 - 21] فيكتب كتابه في عِليين ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض، فإني، [وعدتهم أنّي] منها خلقتهم وفيها أُعيدهم ومنها أُخرجهم تارةً أُخرى، قال: فـ[يُرِدُّ إلى الأرض] وتعاد روحه في جسده، [قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا وَلَّوا عنه] [مدبرين]، فيأتيه مَلكان [شديدا الانتهار] فـ[ينتهرانه]، ويُجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإِسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله، فآمنت به، وصدَّقت، [فينتهره فيقول: مَن ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ وهي آخر فتنة تُعرض على المؤمن، فذلك حين يقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. [سورة إبراهيم آية 27] فيقول ربي الله، وديني الإِسلام، ونبيِّي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فينادي منادٍ في السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، قال: فيأتيه من رَوحها وطيبها، ويُفسح له في قبره مدَّ بصره، قال: ويأتية (وفي رواية: يُمثل له) رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، [أبشر برضوان من الله، وجنات فيه نعيم مقيم]، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: [وأنت فبشرك الله بخير] مَن أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح [فوالله ما علمتك إلا كنت سريعاً في إطاعة الله، بطيئاً في معصية الله، فجزاك الله خيراً]، ثم يُفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجِّل قيام الساعة، كيما أرجع إلى أهلي ومالي، [فيقال له: اسكن]، قال:

وإن العبد الكافر (وفي رواية: الفاجر) إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة [غلاظ شداد]، سود الوجوه، معهم المسوح (¬1) [من النار]، فيجلسون منه مدَّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة أُخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتُفرق في جسده فيتزعها كما ينتزع السُّفود [الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب]، [فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وتغلق أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه مِن قِبَلِهم]، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان ابن فلان - بأقبح أسمائه التي كان يُسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيُستفتح له، فلا يُفتَح له، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} (¬2). فيقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: اكتبوا كتابه في سجين، في الأرض السفلى، [ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أُعيدهم، ومنها أُخرجهم تارة أخرى] فتُطرَح روحه [من السماء] طرحاً [حتى تقع في جسده] ثم قرأ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ، فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}. [سورة الحج 31] فتعاد روحه في جسده. [قال: فإنه ليسمع خفق نعال أصحابة إذا ولَّوا عنه]. ويأتيه ملَكان [شديدا الانتهار، فينتهرانه، ويُجلسانه]، فيقولان له: مَن ربك؟ ¬

_ (¬1) المسوح: جمع مسح، وهو ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفاً وقهراً للبدن. (¬2) سم الخياط: ثقب الإبرة.

[فيقول: هاه هاه (¬1) لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري]، فيقولان: فما تقول في هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فلا يهتدي لاسمه، فيقال: محمد! فيقول: هاه هاه لا أدري [سمعت الناس يقولون ذاك! قال: فيقال: لا دريت]، [ولا تلوت]، فينادي مناد من السماء أن كذب، فافرشوا له من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تخلف فيه أضلاعه، ويأتيه (وفي رواية: ويُمثل له) رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: [وأنت مشرك الله بالشر] مَن أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر! فيقول: أنا عملك الخبيث، [فوالله ما علمتك إلاكنت بطيئاً عن طاعة الله، سريعاً إلى معصية الله] [فجزاك الله شراً، ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مِرْزَبة! لو ضرب بها جبل كان تراباً، فيضربه ضربة حتى يصير بها تراباً ثم يُعيده الله كما كان، فيضربه ضربة أُخرى، فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين، ثم يفتح له باب من النار، ويمهد من فرش النار]، فيقول: رب لا تُقم الساعة". [رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني وغيره انظر صحيح الجامع رقم 1672]، [وانظر أحكام الجنائز للألباني ص 156] ¬

_ (¬1) هاه: كلمة تقال للتوجع.

ما يستفاد من هذا الحديث

ما يستفاد من هذا الحديث 1 - مشروعية الموعظة عند دفن الميت للحاضرين للعبرة، وعدم مشروعية الرثاء والمدح عند قبر الميت للنهي الوارد بهذا في غير هذا الحديث. 2 - الاستعاذة من عذاب القبر. كيف تخرج روح المؤمن: 1 - نزول ملائكة من السماء بيض الوجوه، ومعهم كفن من أكفان الجنة معطرة يجلسون أمام الميت. 2 - جلوس ملك الموت عند رأس الميت قائلاً: أيتها النفس المطمئنة .. 3 - خروج روح المؤمن بسهولة عند الموت. 4 - صلاة الملائكة على المؤمن بعد خروج روحه. 5 - فتح السماء لاستقبال روح المؤمن. 6 - الملائكة تأخذ روح المؤمن، وتجعلها في كفن مُطيب. 7 - خروج الرائحة الطيبة من روح المؤمن بعد موته. 8 - صعود الملائكة بروح المؤمن إلى السماء، وندائه بأحسن أسمائه. 9 - تشييع الملائكة لروح المؤمن في السموات. 10 - أمر الله للملائكة أن يكتبوا اسمه في عليين. 11 - أمر الله للروح بالعودة إلى الأرض لتعاد إلى جسده. 12 - سؤال الملكين للميت بعد أن يجلساه: مَن ربك؟ ما دينك؟ ومن نبيك؟. 13 - ينادي مناد في السماء (وهو الله): صدق عبدي فأفرشوه في الجنة، وافتحوا له باباً فيها. 14 - عمل المؤمن يصور له بشكل رجل حسن الوجه، ويبشره بما يسره. 15 - يفتح للمؤمن باب من النار، ويقال له: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا (أي الجنة). 16 - المؤمن يقول عندما يرى الجنة: رب عَجل قيام الساعة، كيما أرجع إلى أهلي.

كيف تخرج روح الكافر أو الفاجر؟

كيف تخرج روح الكافر أو الفاجر؟ 1 - نزول ملائكة غلاظ شداد سود الوجوه لقبض روح الكافر أو الفاجر. 2 - جلوس ملك الموت عند رأسه قائلًا: أيتها النفس الخبيثة. 3 - لعن الملائكة له، وإغلاق أبواب السماء، وخروج رائحة كريهة منتنة. 4 - يقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: اكتبو كتابه في سجين في الأرض السفلى. 5 - تُطرح روحه من السماء طرحاً حتى تقع في جسده. 6 - هذا جزاء المشرك بالله، واستشهاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ}. [سورة الحج، آية 31] المشرك: هو الذي يصرف العبادة لغير الله، كأن يدعو غير الله، أو يحتكم لغير شرع الله، أو يحكم بغير ما أنزل الله معتقداً جواز ذلك، أو غير ذلك من العبادة. 7 - ملائكة العذاب تنهر المشرك وتسأله عن ربه ودينه ونبيه، فيجيب بكلمة التوجع: هاه هاه. 8 - يفتح له باب من النار في قبره، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره. 9 - تصوير عمله برجل قبيح المنظر، منتن الرائحة قائلًا له: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد. 10 - يأتيه ملك أعمى أصم أبكم يضربه بمِرزَبّة لو ضُربَ جبل كان تراباً. 11 - يفتح للمشرك باب من النار، فيقول: رب لا تُقم الساعة. اللهم اجعلنا من المؤمنين، وارزقنا جنات النعيم ولا تجعلنا من الكافرين أو الفاجرين، وجنبنا نار الجحيم. وصلى الله على عبدك ورسولك محمد - صلى الله عليه وسلم -. [كتب هذه الإستفادة من الحديث محمد بن جميل زينو] **

(3) توجيه المسلمين إلى طريق النصر والتمكين

(3) توجيه المسلمين إلى طريق النصر والتمكين

موجز توجيه المسلمين رقم (3) * - نواقض الإسلام. * - الكفر وأنواعه. * - الحكم بغير ما أنزل الله. * - كيف تعظم الذنوب. * - أسباب الوقوع فى الذنوب. * - الإبتلاء في القرآن والسنة. * - أحاديث نبوية في الفتن. * - كيف يخرج المسلمون في الفتن. * - الجهاد في سبيل الله. * - من أسباب النصر. * - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. * - التوبة في القرآن والسنة. * - تحريم الظلم بأنواعه. * - الأمر بالدعاء وفوائده وآدابه. * - من دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..... أما بعد: فإن ما حلَّ بالمسلمين اليوم من المصائب والفتن في جميع بلاد العالم الإِسلامي، كاحتلال اليهود لأرض فلسطين والقدس، والشيوعية لأفغانستان، والحروب الطائفية في لبنان، والغزو العراقي للكويت، وما أحدثه من تصدع واختلاف بين العرب والمسلمين، بل هز العالم بأسره، وما تعانيه الأقليات المسلمة من ظلم واضطهاد وغيرها من البلاد الإِسلامية التي تعاني الذل والهوان. 1 - ما أسباب هذه المصائب والمحن؟ 2 - ما سبب اختلاف المسلمين وتسلط بعضهم على بعض؟ 3 - كيف يتخلص المسلمون من هذه المصائب على اختلاف أنواعها؟ 4 - ما هي طرق الوقاية الشاملة من خطر الذنوب والمعاصي؟ 5 - ما هو طريق النصر الذي يعيد العزة للمسلمين؟ 6 - ما هو طريق النجاة من النار والفوز بالجنة؟ هذه الأسئلة سيجد القارىء أجوبة لها مع غيرها من البحوث المهمة في هذه الرسالة. والله نسأل أن ينفع بها المسلمين وأن يعيد لهم مجدهم إنه سميع قريب. محمد بن جميل زينو

الإيمان بالقدر خيره وشره

الإيمان بالقدَر خيره وشره هذا هو الركن السادس من أركان الإيمان، ومعناه كما قال الإِمام النووي في شرحه لهذا الركن في كتاب (الأربعين النووية): إن الله سبحانه وتعالى قدَّر الأشياء في القِدَم، وعلم سبحانه وتعالى أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى، وفي أمكنة معلومة، وهي تقع على حسب ما قدَّره الله سبحانه وتعالى. الأيمان بالقدَر على أنواع: 1 - التقدير في العلم: "وهو الإيمان بأن الله تعالى قد سبق في عِلمه ما يعمله العباد من خير وشر، وطاعة ومعصية قبل خلقهم وإيجادهم، ومَن هو منهم مِن أهل الجنة، ومَن هو منهم من أهل النار، وأعدَّ لهم الثواب والعِقاب جزاءٌ لأعمالهم قبل خلقهم وتكوينهم، وأنه كتب ذلك عنده وأحصاه، وأن أعمال العباد تجري على ما سبق في علمه وكتابه". (نقلاً من كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ص 24) 2 - التقدير في اللوح المحفوظ: ذكر ابن كثير في تفسيره نقلاً عن عبدالرحمن بن سلمان قوله: "ما من شيء قضى الله: القرآن فماقبله وما بعده إلا هو في اللوح المحفوظ". (ج 4/ 497) 3 - التقدير في الرحم: وقد ورد في الحديث: " ... ثم يُرسَل إليه الملَك فينفخ فيه الروح، ويُؤمر بكتب أربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ... ". (رواه البخاري ومسلم) 4 - التقدير في المواقيت: "وهو سوق المقادير إلى المواقيت، والله تعالى خلق الخير والشر، وقدَّر مجيئه إلى العبد في أوقات معلومة". (نقلاً من صرح الأربعين حديث للنووي)

من فوائد الإيمان بالقدر

من فوائد الإيمان بالقدر 1 - الرضا واليقين: قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ}. [سورة التغابن 11] قال ابن عباس: (بأمر الله، يعني عن قدَره وقضائه). وقوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}. [سورة التغابن 11] قال ابن كثير في تفسيرها: (أي ومن أصابته مُصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره، فصبر واحتسب، واستسلم لقضاء الله هدى الله قلبه، وعوَّضه عما فاته من الدنيا هُدىً في قلبه، ويقيناً صادقاً، وقد يخلف عليه ما كان أُخذ منه أو خيراً منه. وقال ابن عباس: يَهدِ قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليُخطئه، وما أخطأه لم يكن ليُصيبه. وقال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله. فيرضى ويسلم 2 - تكفير الذنوب: قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما يصيب المؤمن من وصَب، ولا نصَب، ولا سَقم، ولا حزَنٍ، حتى الهمّ يَهُمُّهُ إلا كفَّر الله به سيئاته". (متفق عليه) 3 - إعطاء الأجر الكبير: قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [سورة البقرة 155 - 157] 4 - غنى النفس: قال - صلى الله عليه وسلم -: (... وارض بما قسمه الله لك تَكن أغنى الناس". (رواه أحمد والترمذي وحسنه محقق جامع الأصول) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الغِنى عن كثرة العَرض، ولكن الغِنى غنى النفس" (متفق عليه) والمشاهد أن كثيراً ممن يملكون الأموال الطائلة، ولا يرضون بها، فيكونون فقراء النفوس، والذي يملك مالاً قليلاً، وهو راض بما قسمه الله بعد الأخذ بالأسباب، فيكون غنياً بنفسه. 5 - عدم الفرح والحزن: قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (سوره الحديد 22)

(نبرأها: نخلقها، تأسوا: تحزنوا) (مختال فخور: متكبر في نفسه فخور على غيره) قال ابن كثير: لا تفخروا على الناس بما أنعم الله به عليكم، فإن ذلك ليس بسعيكم وإنما هو عن قدر الله ورزقه لكم، فلا تتخذوا نِعم الله أشراً وبطراً. وقال عكرمة: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكراً والحزن صبراً. 6 - الشجاعة والإقدام: إن الذي يؤمن بالقدر يكون شجاعاً لا يهاب إلا الله، لأنه يعلم أن الأجل مُقدر، وأن ما أخطأه لم يكن ليُصيبه، وما أصابه لم يكن لِيُخطئه، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرَج مع الكرب، وأن مع العُسر يُسرا. 7 - عدم الخوف من ضرر البشر: قال - صلى الله عليه وسلم -: " ... واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشىءٍ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجَفّت الصُحف". (رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح) 8 - عدم الخوف من الموت: وقد نسب إلى علي -رضي الله عنه- قوله: أيّ يَومَيَّ مِن الموت أفِر ... يوم لم يُقدَر، أم يوم قُدِرْ يوم لم يُقدَر لا أرهَبُهُ ... ومن المكتوب لا ينجو الحذِر 9 - عدم الندم على ما فات: قال - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خير، احرص على ما ينفعك واستعِن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قُل قدَّر الله وما شاء فعل، فإنّ لَوْ تفتح عمل الشيطان". (متفق عليه) 10 - الخير فيما اختاره الله: إذا أصيب المسلم بجرح في يده مثلًا فليحمد الله أنها لم تكسَر، وإذا كُسرت فليحمد الله أنها لم تُقطع، أو لم يكسر ظهره مما هو أخطر، وحدث أن رجلاً تاجراً كان ينتظر طائرة لعقد صفقة تجارية فأذّن المؤذن للصلاة، فدخل ليصلي، ولما خرج وجد الطائرة قدَ أقلعت، فجلس حزيناً على ما فاته، وبعد قليل علم أن الطائرة احترقت في الجو، فسجد شكراً لله على سلامته وتأخره بسبب الصلاة، وتذكر قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬1). (سورة البقرة 216) ¬

_ (¬1) من كتاب أركان الإسلام والإيمان للمؤلف محمد جميل زينو.

الإحتجاج بالقدر

الإحتجاج بالقدر س 1: هل يجوز الاحتجاج بالقدَر؟ ج 1: يجوز الاحتجاج بالقدر على المصائب، لأنها واقعة بقضاء الله وقدره، قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ}. (سورة التغابن: 11) قال ابن عباس: بأمر الله، يعني عن قدره وقضائه. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قُل قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لَوْ تفتح عمل الشيطان". (رواه مسلم) وأما الاحتجاج بالقدر على المعاصي فهو من خصال المشركين الذين قال الله فيهم: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ ..}. (سورة الأنعام: 148) والمحتج بالقدر إما جاهل مُقلِّد أو مُلحد معاند، وهو متناقض في دعواه لا يقبل أن يعتدي عليه أحد، ثم يقول: هذا قضاء الله وقدره! لقد أرسل الله الرسل وأنزل معهم الكتب ليُبينوا للناس طريق السعادة والشقاء، وتكرَّم على الإنسان بالعقل والتفكير، وعرَّفه الضلال والهدى. قال الله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}. (سورة الإنسان: 3) وقال تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}. (سورة الشمس 8 - 10) فإذا ترك الإنسان الصلاة، أو شرب الخمر استحق العقوبة لمخالفته أمر الله ورسوله وعندها يحتاجِ إلى التوبة، ولا ينفعه احتجاجه بالقدر. س 2: هل نترك العمل ونتَّكل على القدر؟ ج 2: لا نترك العمل لقول الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (سورة الليل 5 - 7) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اعملوا فكلٌ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له". (رواه البخاري ومسلم)

يستفاد من الحديث إن المؤمن الذي يحبه الله هو المؤمن القوي الذي يعمل ويحرص على نفعه، ويستعين بالله وحده، ويأخذ بالأسباب؛ فإن أصابه بعد ذلك أمر يكرهه، فلا يندم، بل يرضى بما قدَّره الله: متذكراً قول الله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. (سورة البقرة 216) س 3: ما هي الحكمة من نزول المصائب والكروب؟ ج 3: إن الإنسان عندما يَحس بالقوة يطغى ويستكبر، فيعتقد أنه لن يهزم أمام شيء، فإذا رأى قوته تتضاءل حتى يدركها العجز ورأى الكرب يشتد حتى لم تعد له قوة، وعندها يرى نفسه على حقيقتها ويزول الكبر والطغيان والتجبر، ويلجأ إلى الله موقناً أنه وحده الذي ينقذه، وكل ما عداه هباء. قال الله تعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ}. (سورة فصلت 51) "الأجوبة المفيدة للدوسري"

نواقض الإسلام

نواقض الإسلام إن للإسلام نواقض إذا فعل المسلم واحداً منها فقد فعل الشرك الذي يحبط العمل، ويُخلِّد في النار، ولا يغفره الله إلا بتوية. 1 - دعاء غير الله: كدعاء الأنبياء أو الأولياء الأموات أو الأحياء الغائبين لقول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. (سورة يونس 106) (أي المشركين) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وهو يدعو من دون الله نِدًّا دخل النار". (رواه البخاري) (النِد: المثيل والشريك). 2 - اشمِئزاز القلب من توحيد الله، ونفوره من دعائه والاستغاثة به وحده، وانشراح القلب عند دعاء الرسل أو الأولياء الأموات أو الأحياء الغائبين، وطلب المعونة منهم لقوله تعالى عن المشركين: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}. (سورة الزمر 45) وتنطبق الآية على الذين يحاربون من يستعين بالله وحده، ويقولون عنه وهابي، إذا علموا أن الوهابية تدعو للتوحيد. 3 - الذبح لرسول الله أو ولي لقول الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (سورة الكوثر) (أي صَل لربك واذبح له). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَعن الله من ذبح لغير الله". (رواه مسلم) 4 - النذر لمخلوق على سبيل التقرب والعبادة له، وهي لله وحده. قال تعالى: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا}. (سورة آل عمران 35) 5 - الطواف حول القبر بنية التقرب والعبادة له، وهو خاص بالكعبة. لقول الله تعال: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}. (سورة الحج 29)

6 - الاعتماد والتوكل على غير الله، لقول الله تعالى: {فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ}. (سورة يونس 84) 7 - الركوعٍ أو السجود بنية العبادة للملوك أو العظماء الأحياء أو الأموات إلا أن يكون جاهلاً لأن الركوع والسجود عبادة لله وحده. 8 - إنكار ركن من أركان الإِسلام المعروفة كالصلاة والزكاة والصوم والحج، أو إنكار ركن من أركان الإيمان: وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورُسله واليوم الآخر وبالقدَر خيره وشره، وغير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة. 9 - كراهية الإسلام، أو كراهية شيء مجمع عليه في العبادات أو المعاملات، أو الاقتصاد، أو الأخلاق لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}. (سورة محمد 9) 10 - الاستهزاء بشيء من القرآن، أو الحديث الصحيح المتفق على صحته وأدلته، أو بحكم مجمع عليه من أحكام الإسلام. لقوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ؟ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}. (سورة التوبة 65 - 66) 11 - إنكار شيء من القرآن الكريم، أو الأحاديث الصحيحة مما يوجب الرّدة عن الدين إذا تعمد ذلك عن علم. 12 - شتمُ الربِّ أو لعنُ الدين أو سَبّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو الإستهزاء بحاله، أو نقدِ ما جاء به مما يوجب الكفر. 13 - إنكار شيء من أسماء الله، أو صفاته، أو أفعاله الثابتة في الكتاب والسنة الصحيحة من غير جهل ولا تأويل. 14 - عدم الإيمان بجميع الرسل الذين أرسلهم الله لهداية الناس، أو انتقاص أحدهم لقوله تعالى: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}. (سورة البقرة 285) 15 - الحكم بغير ما أنزل الله إذا اعتقد عدم صلاحيةِ حكم الإسلام أو أجاز الحكم بغيره لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (سورة المائدة 44) 16 - التحاكم لغير الاسلام، وعدم الرضا بحكم الإِسلام، أو يرى في نفسه ضيقاً

وحرَجاً من حكمه لقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. (سورة النساء 65) 17 - إعطاء غير الله حق التشريع كالديكتاتورية، أو الديمقراطية، أو غيرها ممن يسمحون بالتشريع المخالف لشرع الله. لقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}. (سورة الشورى 21) 18 - تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله، كتحليل الزنى أو الخمر أو الربا غير مُتأول، لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}. (سورة البقرة 275) 19 - الإِيمان بالمبادىء الهدامة: كالشيوعية الملحدة، أو الماسونية اليهودية، أو الإشتراكية الماركسية، أو العلمانية الخالية من الدين، أو القومية التي تفضل غير المسلم العربي على المسلم الأعجمي لقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (سورة آل عمران 85) 20 - تبديل الدين والانتقال من الإِسلام لغيره لقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ...}. (سورة البقرة 217) ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بَدَّل دينه فاقتلوه". (رواه البخاري) 21 - مناصرة اليهود والنصارى والشيوعيين ومعاونتهم على المسلمين لقوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}. (سورة آل عمران 28) 22 - عدم تكفير الشيوعيين المنكرين لوجود الله، أو اليهود والنصارى الذين لا يؤمنون بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، لأن الله كفرهم فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ}. (سورة البينة 6) 23 - قول بعض الصوفيين بوحدة الوجود: وهو ما في الكون إلا الله، حتى قال زعيمهم: وما الكَلبُ والخنزيرُ إلا إلهنا ... وما الله إلاراهب في كنيسةِ وقال زعيمهم الحلاج: (أنا هو، وهو أنا) فحكم العلماء عليه بالقتل فأُعدِم.

24 - القول بانفصال الدين عن الدولة، وأنه ليس في الإسلام سياسة حكم لأنه تكذيب للقرآن والحديث والسيرة النبوية. 25 - قول بعض الصوفية: إن الله سلَّم مقالد الأمور لبعض الأولياء من الأقطاب وهذا شرك في أفعال الرب سبحانه، يخالف قوله تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. (الزمر 63) إن هذه المبطلات أشبه بنواقض الوضوء، فإذا فعل المُسلم واحداً منها، فليجدد إسلامه، وليترك المبطل وليتب إلى الله قبل أن يموت فيحبط عمله، ويُخلَّد في نار جهنم. قال الله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. (سورة الزمر 65) وعلمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقول: "اللهم إنا نعوذُ بك مِن أن نُشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم". (رواه أحمد بسند حسن)

الذنوب

الذنوب تعريف الذنوب: هي ترك المأمورات، وفعل المحذورات، أو ترك ما أوجب الله وفرض من كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وارتكاب ما نهى الله عنه، أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}. (النساء 14) أقسام الذنوب: الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر بنص القرآن والسنة وإجماع السلف: قال الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}. (النساء 31) وقال تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ}. (النجم 32) وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مُكفِّراتٌ ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر". (رواه مسلم) والصغائر كما عرّفها العلماء: ما خرج عن حَد أقل الكبائر أو هو ما دون الحدَّين (حد الدنيا، ووعيد الآخرة) ولم يقترن بالنهي عنه وعيد، أو لعن، أو غضب، أو عقوبة، أو نفي الإِيمان عن فاعله.

اجتنبوا الكبائر

اجتنبوا الكبائر 1 - قال الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}. (سورة النساء 31) 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أكبر الكبائر: الإِشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور". (متفق عليه) 3 - الكبيرة: هي كل معصية فيها عقوبة حَدِّ في الدنيا أو وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب، أو لعن من الله أو رسوله. 4 - عدد الكبائر: قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: هي إلى السبعمائة أقربُ منها إلى السبع، غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإِصرار، والكبائر متفاوته في درجاتها. (انظر تفسير ابن كثير) أنواع الكبائر 1 - الكبائر في العقيدة: الشرك بالله وهو العبادة أو الدعاء لغير الله، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". (رواه الترمذي وقال حسن صحيح) والتعليم الشرعي للدنيا فقط، وكتمان العلم، والخيانة، وتصديق الكاهن أو الساحر أو المنجم، والذبح، والنذر لغير الله، وتعليم السحر وتعاطيه، والحلف بغير الله، (كالشرف، والولد والنبي والكعبة وغيرها) ولعن المسلم، أو تكفيره بلا دليل. وعدم تكفير الكافرين، والكذب على الله ورسوله (كالأحاديث الوضوعة لمن يعرف أنها موضوعة)، والأمن من عذاب الله، واللطم والنياحة على الميت، والتكذيب بالقدَر وتعليق التميمة (كالخرز أو النضوة، أو الكف على الولد أو السيارة أو الدار تُعلَّق من العين).

2 - الكبائر في النفس والعقل: قتل النفس بغير حق، وإحراق الإِنسان أو الحيوان بالنار، والاستطالة على الضعيف أو الزوجة، أو التلميذ، أو الخادم، أو الدابة، والغيبة، والنميمة (نقل الكلام السيء للفتنة) والمشروبات المسكرة بأنواعها: (كالخمر والنبيذ والوسكي والبيرة وغيرها) وتناول السموم، وأكل لحم الخنزير والميتة بلا ضرورة، والأشربة الضارة: (كالحشيش والدخان لضررهما)، وقتل الإِنسان نفسه ولو ببطء كالتدخين، والجدال بالباطل، وظلم الناس والاعتداء عليهم، ورد الحق، أو الغضب منه، والسخرية، ولعن المسلم، أو سب أحد الصحابة، والتكبر والعُجب، والتجسُّسُ (التسمع على الناس بما يخفون)، والوشاية عند الحاكم للإِيذاء، والكذب في غالب أقواله، والتماثيل والتصوير لذات الروح من غير ضرورة، كالهوية أو الرخصة أو جواز السفر. 3 - الكبائر في المال: أكل مال اليتيم، والقمار، واليانصيب، والسرقة، وقطع الطريق، وأخذ المال غصباً، والرشوة، ونقص الكيل والميزان، واليمين الغموس (الحلف بالله كذباً لأخذ المال)، والخديعة في البيع والشراء، وعدم الوفاء بالعهد، وشهادة الزور، والغش، والتبذير، والإِضرار بالوصية، (أن يوصي بدين ليس عليه ليمنع الورثة من حقهم)، وكتمان الشهادة، وعدم الرضا بما قسمه الله، ولبس الذهب للرجال، وإطالة الثوب أو البنطال تحت الكعبين. 4 - الكبائر في العبادات: ترك الصلاة، أو تأخيرها عن وقتها بلا عذر، ومنع الزكاة، والإِفطار في رمضان بلا عذر، وترك الحج مع القدرة عليه، والفرار من الجهاد في سبيل الله، وترك الجهاد بالنفس أو المال أو اللسان على من وجب عليه، وترك صلاة الجمعة أو الجماعة من غير عذر، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المستطيع، وعدم التنزه من البول (عدم التطهر من البول بالورق أو الحجر أو الماء)، وعدم العمل بالعلم. 5 - الكبائر في الأسرة والنسب: الزنا، واللواط (إتيان الذكور)، وقذف المحصنات المؤمنات (الطعن في أعراضهن)، وتبرج المرأة، وإظهار شعرها، وتشبه النساء بالرجال، والرجال بالنساء، (كحلق اللحية)، وعقوق الوالدين (عدم إطاعتهما في غير معصية)، وهجر الأقارب من غير سبب مشروع، وعصيان المرأة زوجها في

الكفر وأنواعه

الفراش بلا عذر كالحيض والنفاس، وما يعمله المحلِّل والمحلَّل له من حيل (المحلِّل: هو الذي ينكح زوجة مطلقة ليردها لزوجها الأول وهو المحلَّلُ له). وإنكار المرأة إحسان زوجها، والإنتساب إلى غير الأب مع العلم به، والراضى لأهله بالزنا، وأذى الجار، ونتف الشعر من الوجه أو الحاجب للمرأة أو الرجل. (انظر توجيهات إسلامية لمحمد زينو) الكفر وأنواعه الكفر نوعان: كفر أكبر، وكفر أصغر. فالكفر الأكبر: هو الموجب للخلود في النار. والأصغر: موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود. ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اثنتان في أُمتي، هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت". (رواه مسلم) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". (رواه البخاري ومسلم) وأما الكفر الأكبر فخمسة أنواع: كفر تكذيب، وكفر استكبار وإباء مع التصديق، وكفر إعراض، وكفر شك، وكفر نفاق. 1 - فأما كفر التكذيب: فهو اعتقاد كذب الرسل، وهذا القسم قليل في الكفار، فإن الله تعالى أيد رسله، وأعطاهم من البراهين والآيات على صدقهم ما أقام به الحجة، وأزال به المعذرة، قال الله تعالى عن فرعون وقومه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}. (سورة النمل الآية 14) وقال لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}. (سورة الأنعام الآية 33) وإن سُمي هذا كفر تكذيب أيضاً فصحيح: إذ هو تكذيب باللسان. 2 - وأما كفر الإِباء والاستكبار: فنحو كفر إبليس - فإنه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإِنكار. وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار.

ومن هذا كفر من عرف صدق الرسول. وأنه جاء بالحق من عند الله، ولم ينقد له إباءً واستكباراً وهو الغالب على كفر أعداء الرسل، كما قال الله تعالى عن فرعون وقومه: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ}. (سوره المؤمنون الآيه 47) وقول الأمم لرسلهم: {إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا}. (سورة إبراهيم الآية 10) وقول الله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا}. (سوره الشمس الآية 11) وهو كفرُ اليهود كما قال تعالى عنهم: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}. (سورة البقرة الآية 89) {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}. (سوره البقرة الآية 146) وهو كفر أبي طالب أيضاً. فإنه صدقه ولم يشك في صدقه، ولكن أخذته الحمية، وتعظيم آبائه أن يرغب عن ملتهم، ويشهد عليهم بالكفر. 3 - وأما كفر الإعراض: كأن يُعرض بسمعه وقلبه عن الرسول، لا يُصدقه ولا يكذبه. ولا يواليه ولا يعاديه. ولا يُصغي إلى ما جاء به البتة. (وهو كفر الملحدين اليوم من المتسمَّين بأسماء مختلفة: بالعلمانية، والشيوعية، والماسونية، المقلدين للأفرنج من اليهود والنصارى، المنحلين في كل خلق وفضيلة، زاعمين بجاهليتهم وسفههم: أن هذا هو سبيل الرقي والمدنية). 4 - وأما كفر الشك: فإنه لا يجزم بصدقه ولا بكذبه، بل يشك في أمره. وهذا لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإِعراض عن النظر في آيات صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - جملة. فلا يسمعها ولا يلتفت إليها. وأما مع التفاته إليها، ونظره فيها: فإنه لا يبقى معه شك، لأنها مستلزمة للصدق، ولا سيما بمجموعها فإن دلالتها على الصدق كدلالة الشمس على النهار. 5 - وأما كفر النفاق: فهو أن يظهر بلسانه الإِيمان، وينطوي بقلبه على التكذيب. فهذا هو النفاق الأكبر. فنعوذ بالله منه.

الحكم بغير ما أنزل الله كفر

الحكم بغير ما أنزل الله كفر قال ابن القيم -رحمه الله-: الصحيح: أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين: الأصغر والأكبر، بحسب حال الحاكم. فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة. فهذا كفر أصغر. وإن اعتقد أنه غير واجب وأنه مُخيَّر فيه. مع تيقنه أنه حكم الله. فهذا كفر أكبر. وإن جهله وأخطأه: فهذا مخطىء، له حكم المخطئين. قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- في رسالته القيمة (تحكيم القوانين): "من الممتنع أن يُسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل الله كافراً ولا يكون كافراً، بل هو كافر مطلقاً: إما كفر عمل وإما كفر اعتقاد، وما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة 44) ومن رواية طاووس وغيره يدل أن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر إما كفر اعتقاد ناقل عن الملة، وإما كفر عمل لا ينقل عن الملة، أما الأول، وهو كفر الأعتقاد فهو أنواع: أحدها: أن يجحد الحاكم -بغير ما أنزل الله- أحَقيَّةَ حكم الله ورسوله، وهو معنى ما روي عن ابن عباس، واختاره ابن جرير أن ذلك هو جحود ما أنزل الله من الحكم الشرعي وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم، فإن الأصول المتقررة المتفق عليها بينهم أن من جحد أصلًا من أصول الدين أو فرعاً مجمعاً عليه، أو أنكر حرفاً مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - قطعياً، فإنه كافر الكفر الناقل عن الملة. الثاني: أن لايجحد الحاكم -بغير ما أنزل الله- كون حكم الله ورسوله حقاً، لكن اعتقد أن حكم غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحسن من حكمه، وأتم وأشمل لما يحتاجه الناس من الحكم بينهم عند التنازع، إما مطلقاً أو بالنسبة إلى ما استجد من الحوادث، التي نشأت عن تطور الزمان وتغير الأحوال، وهذا أيضاً لا ريب أنه كفر، لتفضيله أحكام المخلوقين التي هي محض زبالة الأذهان وصرف حثالة الأفكار، على حكم الحكيم الحميد.

وحكم الله ورسوله لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان وتطور الأحوال وتجدد الحوادث، فإنه ما من قضية كائنة ما كانت إلا وحكمها في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، نصاً وظاهراً أو استنباطاً أو غير ذلك، عَلم ذلك من عَلمه وجَهله من جهله، وليس معنى ما ذكره العلماء من تَغَيُّر الفتوى بتغير الأحوال ما ظنه مَن قَلَّ نصيبهم أو عُدم من معرفة مدارك الأحكام وعللها، حيث ظنوا أن معنى ذلك بحسب ما يلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية، وأغراضهم الدنيوية وتصوراتهم، الخاطئة الوبيئة، ولهذا تجدهم يحامون عليها، ويجعلون النصوص تابعة لها منقادة إليها، مهما أمكنهم، فيحرفون لذلك الكلم عن مواضعه، وحينئذ معنى تغير الفتوى بتغير الأحوال والأزمان مراد العلماء منه: ما كان مستصحبه فيه الأصول الشرعية، والعلل المرعية، والمصالح التي جنسها مراد الله تعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن المعلوم أن أرباب القوانين الوضعية عن ذلك بمعزل، وأنهم لا يقولون إلا على ما يلائم مراداتهم، كائنة ما كانت، والواقع أصدق شاهد. الثالث: أن لا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله، فهذا كالنوعين اللذين قبله، وفي كونه كافراً الكفر الناقل عن الملة، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق، والمناقضة والمعاندة لقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ونحوها من الآيات الكريمة الدالة على تفرد الرب بالكمال، وتنزيهه عن مماثلة المخلوقين، في الذات والصفات والأفعال، والحكم بين الناس فيما يتنازعون فيه. الرابع: أن لا يعتقد كون حكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلاً لحكم الله ورسوله. فضلا عن أن يعتقد كونه أحسن منه. لكن اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله، فهذا كالذي قبله يصدق عليه ما يصدق عليه: لاعتقاده جواز ما علم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه. الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله ولرسوله، وتشكيلًا وتنويعاً وحكماً وإلزاماً ومراجع ومستندات، فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع ومستمدات، مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلهذه المحاكم مراجع هي: القانون الملفق من شرائع شتى، وقوانين كثيرة،

كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك. فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة، مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به وتقرهم عليه، وتحتمه عليهم، فأي كفر فوق هذا الكفر، وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة. وذكرُ أدلة جميع ما قدمنا على وجه البسط معلومه معروفة، لا يحتمل ذكرها هذا الموضع، فيا معشر العقلاء! ويا جماعات الأذكياء أُولى النهى! كيف ترضون أن تجري عليكم أحكام أمثالكم، وأفكار أشباهكم، أو من هم دونكم، ممن يجوز عليهم الخطأ، بل خطأهم أكثر من صوابهم بكثير، بل لا صواب في حكمهم إلا ما هو مستمد من حكم الله ورسوله، نصاً أو استنباطاً، تدَعونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم، وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم، وفي أموالكم وسائر حقوقكم، ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحكم الله ورسوله الذي لا يتطرق إليه الخطأ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وخضوع الناس ورضوخهم لحكم ربهم خضوع ورضوخ لحكم من خلقهم تعالى ليعبدوه، فكما لا يسجد الخلق إلا لله، ولا يعبدون إلا إياه ولا يعبدون المخلوق، فكذلك يجب أن لا يرضخوا ولا يخضعوا أو ينقادوا إلا لحكم الحكيم العليم الحميد، الرؤوف الرحيم، دونه حكم المخلوق، الظلوم الجهول، الذي أهلكته الشكوك والشهوات والشبهات، واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات، فيجب على العقلاء أن يربأوا بنفوسهم عنه، لما فيه من الاستعباد لهمٍ، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط، والأخطاء، فضلاً عن كونه كفراً بنص قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. (المائدة 44) السادس: ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر، والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم، وعاداتهم التي يسمونها "سلومهم"، يتوارثون ذلك منهم ويحكمون به ويحضون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاء على أحكام الجاهلية، وإعراضاً ورغبة عن حكم الله ورسوله، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

كيف تعظم الذنوب

وأما القسم الثاني من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزل الله، وهو الذي لا يخرج من الملة، فقد تقدم أن تفسير ابن عباس -رضي الله عنهما- لقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. قد شمل ذلك القسم، وذلك في قوله -رضي الله عنه- في الآية: (كفر دون كفر) وقوله أيضاً: (ليس بالكفر الذي تذهبون اليه) إ هـ. وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية، بغير ما أنزل الله مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق مع اعترافه على نفسه بالخطأ. وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملة، فإنه معصية عظمى أكبر من الكبائر كالزنا، وشرب الخمر، والسرقة، واليمين الغموس، وغيرها، فإن معصية سماها الله في كتابه: كفراً، أعظم من معصية لم يسمها كفراً، نسأل الله أن يجمع المسلمين على التحاكم الى كتابه، انقياداً ورضاءً، إنه ولي ذلك والقادر عليه" (انظر تحكيم القوانين) كيف تعظم الذنوب اعلم أن الذنوب تكبر بأسباب: 1 - منها الإصرار والمواظبة: ولذلك قيل لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار. 2 - ومنها أن يستصغر الذنب: فإن الذنب كلما استعظمه العبد من نفسه صغر عند الله تعالى وكلما استصغره كبر عند الله تعالى لأن استعظامه يصدر عن نفور القلب عنه، وكراهيته له. وذلك النفور يمنع من شدة أثره به واستصغاره يصدر عن الأُلف به، وذلك يوجب شدة الأثر في القلب، والقلب هو المطلوب تنويره بالطاعات والمحذور تسويده بالسيئات، وقد جاء في الأثر"المؤمن يرى ذنبهُ كالجبل فوقه يخاف أن يقعَ عليه، والمنافق يرى ذنبه كَذُبابٍ مرَّ على أنفه فأطاره" (رواه البخاري) 3 - ومنها السرور بالذنب والفرح والتبجح (¬1): واعتداد التمكن من ذلك نعمة، والغفلة عن كونه سبب الشقاوة، فكلما غلبت حلاوة الذنوب عند العبد كبرت المعاصي وعظم أثرها في تسويد قلبه، حتى إن من المذنبين من يمتدح بذنبه ويتبجح به، لشدة فرحه بمقارفته (¬2) إياه، كما يقول: أما رأيتني كيف مزقتُ ¬

_ (¬1) التبجح: الفخر. (¬2) مقارفته الذنوب: مباشرتها وإرتكابها.

عرضه؟ وكيف ذكرتُ مساويه حتى أخجلتهُ؟ وكيف استخففت به؟ وكيف لبَّست عليه؟ ويقول المعامل في التجارة: أما رأيت كيف روّجت عليه الزائف؟ وكيف خدعته؟ وكيف غبنته في ماله؟ وكيف استحمقته؟ فهذا وأمثاله تكبر به الذنوب، فإن الذنوب مهلكات، وإذا دُفع العبد إليها، وظفر الشيطان به في الحمل عليها، فينبغي أن يكون في مصيبة وتأسف بسبب غلبة العدو عليه، وبسبب بعده من الله تعالى. فالمريض الذي يفرح بأن ينكسر إناؤه الذي فيه دواؤه حتى يتخلص من ألم شربه، لا يُرجى شفاؤه. 4 - ومنها أن يتهاون بستر الله عليه: وحلمه عنه، وإمهاله إياه، ولا يدرى أنه إنما يُمهل مقتاً ليزداد بالإِمهال إثماً. فيظن أن تمكنه من المعاصي عناية من الله تعالى به. فيكون ذلك لأمنه من مكر الله، وجهله بمكامن الغرور بالله: كما قال الله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. (المجادلة 8) 5 - ومنها أن يأتى الذنب ويظهره بأن يذكره بعد إتيانه: أو يأتيه في مشهد غيره، فإن ذلك جناية منه على ستر الله الذي سدله عليه وتحريك لرغبة الشر فيمن أسمعه ذنبه، أو أشهده فعله. فهما جنايتان انضمتا إلى جنايته، فغلظت به، فإن أضيف إلى ذلك الترغيب للغير فيه والحمل عليه، وتهيئة الأسباب له، صارت جناية رابعة، وتفاحش الأمر. وفي الحديث: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين". (متفق عليه) المسلم إذا أذنب ذنباً ولم يجهر به ستره الله عليه وأمره إلى الله تعالى، وهذا لأن من صفات الله ونعمه أنه يظهر الجميل ويستر القبيح، ولا يهتك الستر، فالإِظهار كفران لهذه النعمة. وقال بعضهم: لا تذنب، فإن كان ولا بد فلا تُرغّب غيرك فيه فتذنب ذنبين: ولذلك قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ}. (التوبة 61) وقال بعض السلف: ما انتهك المرء من أخيه حرمة أعظم من أن يساعده على معصية، ثم يُهونها عليه. 6 - ومنها أن يكون المذنب عالماً يُقتدى به: فإذا فعله بحيث يُرى ذلك منه كبر ذنبه،

تنبيه مهم

كإطلاق اللسان في الأعراض وتعديه باللسان في المناظرة، وقصده الاستخفاف، واشتغاله من العلوم بما لا يقصد منه إلا الجاه، كعلم الجدل والمناظرة. فهذه ذنوب يُتَّبَعُ العالم عليها، فيموت العالم ويبقى شرُّه مستطيراً في العالم آماداً متطاولة. فطوبى لمن إذا مات ماتت ذنوبه معه. قال تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}. (سورة يس12) والآثار ما يلحق من الأعمال بعد انقضاء العمل والعامل. (انظر إحياء علوم الدين للغزالي) "بتصرف بسيط" تنبيه مهم أقول: إن ما ذكره الغزالي صحيح، ولكن هل وقع الغزالي في كتابه فيما حذرمنه؟ الجواب: نعم، فقد قال في كتابه كلاماً خطيراً سيتحمل وزره؛ من ذلك ما ذكره تحت عنوان: (باب حكاية المحبين ومكاشفاتهم) حيث ذكر هذه القصة: قال أبو تراب يوماً: لو رأيت أبا يزيد: فقال له صديقه: إني عنه مشغول، قد رأيت الله تعالى فأغناني عن أبي يزيد! قال أبو تراب: ويلك تغتر بالله -عَزَّ وَجَلَّ-! لو رأيت أبا يزيد (البسطامي) مرة واحدة كان أنفع لك من أن ترى الله سبعين مرة!! ثم قال الغزالي: فأمثال هذه المكاشفات لا ينبغي أن ينكرها المؤمن. "انظر إحياء علوم الدين ج 4/ 365" أقول للغزالي: بل يجب على المؤمن أن ينكرها لأنها كذب، وكفر، فالله تعالى لم يره أحد في الدنيا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنكم لن تروا ربكم -عَزَّ وَجَلَّ- حتى تموتوا) "رواه مسلم" والقول: بأن رؤية أبا يزيد البسطامي أنفع من رؤية الله زندقة وكفر؛ فكيف يجوز للغزالي أن يذكر هذه الخرافات، وكيف يجوز أن يلقب الغزالي بحجة الإِسلام، والإِسلام بريء من أقواله السابقة، وقد أمر الخليفة ابن تشفين بإِحراق كتاب إحياء علوم الدين لوجود أباطيل كثيرة فيه، فليحذر القارىء هذا الكتاب، ولا يأخذ منه إلا ما وافق الكتاب والسنة.

الإبتلاء في القرآن الكريم

الإبتلاء في القرآن الكريم 1 - قال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}. (سورة الملك 2) خلق الله الموت، وخلق الحياة وما فيها من ابتلاء ومصائب ليختبرنا أينا أحسن عملاً من غيره 2 - وقال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ}. (البلد 4) (تعب ومشقة وبلاء ومشاكل). 3 - وقال تعالى: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}. (العنكبوت 1 - 3) فالفتنة: هي اختبار الله للمؤمنين ليعلم الله الصادقين ويعلم الكاذبين عند الشدائد. 4 - قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}. (البقرة 214) لا تحسبوا دخول الجنة سهلاً بدون جهاد؛ فقد أصاب من قبلكم الحرب والمرض .. وزُلزلوا حتى قال الرسول والذين معه حين تأخر النصر عنهم: (متى نصر الله؟ ... ألا إن نصر الله قريب). 5 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدنيا سجن المؤمن وجَنة الكافر". "صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق (18/ 93) شرح النووى" فالمؤمن الصادق يصبر على ما يصيبه في الدنيا ليكون له النعيم المقيم، والكافر منعم في الدنيا كأنها جنته، ويكون له العذاب المقيم يوم الجزاء.

الإبتلاء في السنة المطهرة

الإبتلاء في السنة المطهرة وكما تحدث القرآن الكريم عن الإبتلاء. تحدثت السنة المطهرة عنه، فقال - صلى الله عليه وسلم - عندما سُئل عن أي الناس أشدُّ بلاءاً، قال: "الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتُلى على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة". (رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح) وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة". (أخرجه أحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح) وعن عبدالرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: "ابتُلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالضراء فصبرنا، ثم ابتُلِينا بالسرَّاء بعده فلم نصبر". (رواه الترمذي وقال حديث حسن) وتعوذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفتن فقال: "اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمتَ الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمتَ الوفاة خيراً لي. اللهم وأسالك خشيتك في الغيب والشهادة وأسالك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسالك نعيماً لا ينفدُ. وأسالك قرَّة عين لا تنقطع. وأسألك الرضاء بعد القضاء. وأسالك بَردَ العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مُضلّة. اللهم زيِّنا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين". (صحيح سنن النسائي 1237)

أنواع الإبتلاء والصبر عليه

أنواع الإبتلاء والصبر عليه 1 - الخوف والجوع والقتل: قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}. (البقرة 155) 2 - الحرب والجهاد: قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ}. (محمد 31) فالإبتلاء بالحرب ليعلم الله المجاهدين والصابرين. 3 - المرض: قد يكون الإبتلاء بالمرض ليختبر الله صبر الإِنسان ويسمع دعاءه، قال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. (الأنبياء 83) 4 - السجن: نوع من الاختبار ليعلم الله الصابر من غيره كما حصل ليوسف عليه السلام حيث بقي في السجن ثمان سنوات بتهمة تمس شرفه، وقد خرج بريئاً مكرماً وصار وزيراً. 5 - فتنة المال والولد: قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}. (التغابن 15) المال والأولاد اختبار من الله لعبده ليعلم قدرته على تربية أولاده، وأداء زكاة ماله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم المال الصالح للمرء الصالح". (رواه أحمد وهو صحيح) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له". (رواه مسلم) شرح النووى (11/ 85) 6 - الإيذاء من الناس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم". (رواه ابن ماجه والترمذي وهو صحيح) فالأنبياء جميعاً آذاهم قومهم وجادلوهم، وكذبوهم، وحاولوا قتلهم، وأخرجوهم من وطنهم، ولكنهم صبروا فكان النصر حليفهم، قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ}. (سورة يوسف 110) وقال عن لقمان الحكيم وهو يوصي ولده: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. (لقمان 17)

أسباب الوقوع في الذنوب

أسباب الوقوع في الذنوب 1 - الإبتلاء بالخير والشر قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}. (الانبياء35) وقال سبحانه: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}. (العنكبوت 1 - 3) وقال سبحانه: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. (الأعراف 168) قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: لا بُد من الإبتلاء بما يؤذى الإِنسان، فلا خلاص لأحد مما يؤذيه البتة. ولهذا ذكر الله تعالى في غير موضع من كتابه أنه لا بد أن يُبتلى الناس. والإبتلاء يكون بالسّراءِ والضرّاء، ولا بد أن يُبتلى الإِنسان بما يسّره وما يسوؤه. فهو محتاج إلى أن يكون صابراً شكوراً. سأل رجل الشافعي فقال: يا أبا عبد الله، أيما أفضل للرجل، أن يُمَكن أويُبتلى؟ فقال الشافعي: لا يُمكّن حتى يُبتلى، فإن الله ابتلى نوحاً، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. فلما صبروا مكّنهم فلا يظن أحد أن يخلص من الألم البتة. (مدارج السالكين لابن القيم 2/ 283) 2 - ضعف الإيمان واليقين بالله وعدم الخوف منه سبحانه إن ضعف إيمان العبد بخالقه ورازقه ومدبر أمره، الذي لا يخفى عليه من خلقه خافية، أمر عظيم خطير، حيث أن عدم الخوف من الله تعالى وعدم خشيته ومراقبته تجعل الانسان يستخف بوعد الله ووعيده. فأما وعد الله في الدنيا فبالنصر والسعادة والسيادة. وأما في الآخرة فجنته التي عرضها السموات والأرض. أعدها الله لمن

اتقاه. وأما وعيده في الدنيا فبالشقاء والذل والمهانة وعدم الطمأنينة وأما في الآخرة فبالأنكال والأغلال والسلاسل يُسحبون إلى النار وبئس القرار. لهذا كان لزاماً على كل عبد مؤمن موفق أن يتقي الله ويخشاه حق خشيته فيأتمر بأمره وينتهي عن نواهيه. ولقد كان أخوف الناس وأشدهم خشية لله تعالى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال: "والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له". (رواه مسلم) وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أصحابه شيء فخطب فقال: "عُرضت عليّ الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر. ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، قال: فما أتى على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أشدّ منه. قال: غَطوا رؤوسهم ولهم خنين". (الخنين: صوت البكاء). وعن أبي ذر -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع الا وملَك واضع جبهته لله ساجداً، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وماتلذذتم بالنساء على الفُرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله" قال أبو ذر: لَوَدِدتُ أني كنتُ شجرة تُعضَد. (رواه الترمذي وابن ماجه وعنده حسن) وكذلك كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أشد الناس خشية لله وأخوفهم منه. قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (لو نادى مناد من السماء أيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجلاً واحداً لخفت، أن أكون أنا هو). وروى عنه أنه لما طُعن قال: (لو أن لي طِلاعَ الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه). وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: (كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه، فقال لي: ضع رأسي. قال: فوضعته على الأرض، فقال: ويلي وَوَيل أمي إن لم يرحمني ربي). (شرح السنة للبغوى 14/ 373)

3 - الجهل بالله تعالى لقد ذمَّ الله تعالى الجهل وأهله وبين قبح أثره ووخيم عاقبته. فقال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. (المائدة 50) وقال سبحانه: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}. (الأعراف 199) وصف سبحانه عباد الرحمن بقوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}. (الفرقان 63) وتتحدث السنة المطهرة عن الجهل، فيقول - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالًا، فسُئلوا فأفتَوا بغير عِلم فضلّوا وأضلوا". (رواه البخاري) قال العلامه ابن القيم -رحمه الله-: والجهل داء قاتل وشفاؤه ... أمران في التركيب متفقان نص من القرآن أو من سنة ... وطبيب فذاك العالم الرباني ولما كان الجهل داءاً دويًّا، ومرضاً مستحكماً قوياً كان دواؤه الذي هو العلم أصعب شيء على النفس وأشقه، وكلما كانت الغاية غالية، اقتضت همة عالية ونفس سامية، لذا أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن حماية الأمة من الضلال والإِضلال إنما هو بالعلم، وقد امتدح الله سبحانه وتعالى العلم وأهله العاملين به وأثنى عليهم بقوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}. (فاطر 28) وقوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. (آل عمران 18) فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى ويخشاه في أي مكان وفي أي زمان كما أن عليه أن يخرج من عداد الجاهلين بالله وبأسمائه وصفاته إلى عِداد العالمين به، وبما يجب له سبحانه من إخلاص العبادة. وما يجوز وما يستحيل في حقه سبحانه، وهذا هو التوحيد الذي هو حق الله على العبيد.

4 - حب الدنيا والركون إلى الشهوات قال الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}. (آل عمران 14) عدّد الله سبحانه وتعالى في هذه الآية جملة من الشهوات التي يرغبها ويحبها البشر ويطمأنون إليها، ثم بيَّن سبحانه أن ذلك كله متاع زائل عاجل، وعند الله أفضل المرجع والمنقلب والثواب، فالواجب على الإنسان أن يكون على حذر من الدنيا، وأن يتذكر ما ذهب من عُمرِه، هل كان في طاعة الله أم في معصيته، وأن يتذكر ما جاء في القرآن الكريم من عِبر وعظات وآيات محكمات تزهِّد في الدنيا. وتُرغِّب في طلب الآخرة. قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. (يونس 24) وقال سبحانه: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ}. (آل عمران 185) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}. (لقمان 33) وقال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}. (العنكبوت 64) ولقد حذَّر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإفتتان بالدنيا والركون إلى شهواتها فقال - صلى الله عليه وسلم -: "فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تُبسط عليكم الدنيا كما بُسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككلم كما أهلكتهم". (رواه البخاري ومسلم) وعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله دُلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس. قال: "ازهد في الدنيا يحبك

الله، وازهد فيما عند الناس يُحبك الناس". (حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره) وعن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك الأُمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومِن قِلَّة نحن يومئذ؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وليَنزِعَن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليَقذِفَن في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يا رسول الله! وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت". (رواه أبو داود، وذكره الألباني في الصحيحة 958) 5 - الغفلة وعدم الاعتبار لقد غرَّت الأماني أكثر خلق الله فتركوا سبيل الهدى وأعرضوا عن دار التهاني والقرار، فوقعوا في شرَكِ الردى، وظنوا أن يتركوا سدى، وغفلوا عن قوله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}. (القلم 45) وقوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (الحجر 3) وقوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ}. (المؤمنون 55 - 56) إن الواجب على الإنسان أن لا يغفل عن هذه الآيات البينات وأن يعتبر ويتعظ مما آل إليه حال كثير من الشعوب والبلاد. قال تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ}. (سوره ق 36) (نقبوا: ساروا). قال الشاعر: ياغافلاً عمَّا خُلقت له انتبه ... جَدَّ الرحيلُ ولستَ باليقظان سار الرفاقُ وخلَّفُوكَ مع الأوُلى ... قَنِعُوا بذا الحظِّ الخسيس الفانِ ورأيت أكثرَ مَن تَرى مُتخلِّفاً ... فتبعتَهُم ورضيتَ بالحَرمانِ منَّتك نفسُك باللحاق مع القعودِ ... عن المسير وراحةِ الأبدانِ ولسوفَ تعلمُ حينَ يَنكشِفُ الغِطا ... ماذا صَنعْتَ وكُنتَ ذا أمكَانِ

أحاديث نبوية في الفتن

أحاديث نبوية في الفتن 1 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرَّف لها تسشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليَعُذ به". (رواه البخاري ومسلم) [من تشرف لها تستشوفه: أي من تعرض لها أتته ووقعٍ فيها]. 2 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "تُعرَض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب أُشرِبَها نُكِتَ فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نُكِتَ فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة، ما دامت السموات والأرض، والآخر: أسود مُربادَّاً كالكوز مُجخِّياً لا يعرف معروفاً ولا يُنكر منكراً، إلا ما أُشرب من هواه". (رواه مسلم في الإيمان) [مرباداً: مُغبراً، مُجخِّياً: مائلًا]. 3 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "بادروا بالأعمال: فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً، ويسمي كافراً، ويسمى مؤمناً، ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا". (رواه مسلم) 4 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملَّة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة وهي الجماعة". (رواه أحمد وغيره وحسنه الحافظ) زاد قي رواية: "وإنه سيخرج من أُمتي أقوام تتجارى بهم الأهواء، كما يتجارى الكلَب بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخلَه". (رواه أحمد وغيره وإسناده صحيح) [يتجارى الكلَب: هو الوقوع في الأهواء الفاسدة، والكلَب: داء معروف يعرض للكلب إذا عض حيواناً]. 5 - قال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم، لا يدري

كيف يخرج المسلمون من الفتن؟

القاتل فيم قَتل، ولا المقتول فيم قُتل؟ فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: الهَرجُ القاتل والمقتول في النار". (رواه مسلم) [الَهرج: القتل] كيف يخرج المسلمون من الفتن؟ اذا أراد المسلمون الخلاص من الفتن على اختلافها، فعليهم أن يرجعوا الى كتاب ربهم، ويعملوا به، ويطبقوا حدوده، ويحكموا به، كما فعل أسلافهم، وقد رُوي حديث مرفوع وموقوف على علي -رضي الله عنه-، وفي سنده ضعف، إلا أن معناه صحيح، وهو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إنها ستكون فتن، قلتُ وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله، كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحُكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي مَن تركه مِن جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهُدى بغيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يشبع منه العلماء، ولا يَخلَق عن كثرة الرَّد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم بنته الجن إذ سمعته أن قالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} (سوره الجن 1) هو الذي من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أُجر، ومن دعا إليه هُدي الى صراط مستقيم". أقول: هذا هو الدواء الناجع الذي وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للخلاص من الفتن، فما على العرب والمسلمين إلا أن يأخذوا هذا الدواء المفيد والمجرب، ليتخلصوا من هذه الفتن التي يعيشون فيها، وأورثت العداوة والبغضاء بينهم، وطمع العدو فيهم ولا عز للعرب والمسلمين إلا بالرجوع إلى الإسلام الذي فيه عزهم ونصرهم، وقد قال الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كلمة خالدة تكتب وترفع على الرؤوس للعمل بها، وهي قوله: (إننا قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله). (صححه الحاكم ووافقه الذهبي) فهذا الذل والهوان الذي أصاب المسلمين هو محاولتهم طلب العزة من غير الإسلام كالإشتراكية، والرأسمالية، والقومية العربية، والعلمانية، وغيرها من المبادىء الهدامة

آثار المعاصي والذنوب

المخالفة لتعاليم الإسلام، والتي هي من وضع البشر، وقد فشلت كل هذه المبادىء، ولم يبق إلا تطبيق كتاب رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنه تنزيل من حكيم حميد وهو أعلم بمصالح عباده الذين خلقهم. اللهم وفق المسلمين للعمل بكتاب ربهم، ليعود لهم عزهم ونصرهم، فقد وعد الله عباده المؤمنين بالنصر فقال: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}. (سورة الروم 47) * * * آثار المعاصي والذنوب 1 - حرمان العلم، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تُطفىء ذلك النور. قال الشافعي: شَكوتُ إلى وكيع سوء حفظى ... فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخبرني بأن العلم نور ... ونور الله لا يؤتاه عاصي 2 - حرمان الرزق، فكما أن التقوى مجلبة للرزق، فترك التقوى مجلبة للفقر. وما أستُجلب رزق بمثل ترك المعاصي. 3 - حرمان الطاعة، فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أن يصد عن الطاعة لكانت كافية. 4 - إن المعاصي تُوهن القلب والبدن، أما وهنها للقلب فأمر ظاهر. بل لا تزال تُضعفه حتى تزيل حياته بالكلية. 5 - إن المعاصي تُقصِّر العمر، وتمحق البركة، فإن البرَّ كما يزيدُ من العمر فالفجور يُقصّر العمر. 6 - إن المعاصي تزرع أمثالها، ويولد بعضها بعضاً حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها. 7 - إن الذنوب تضعف القلب عن إرادته، فتقوى إرادة المعصية وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن تنسلخ من القلب إرادة التوبة بالكلية. 8 - إن كل معصية من المعاصي هي ميراث عن أمة من الأمم التي أهلكها الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فاللوطية ميراث عن قوم لوط، وأخذ الحق بالزائد ودفعه بالناقص ميراث عن قوم

شعيب، والعلو في الأرض بالفساد ميراث عن قوم فرعون، والتكبر والتجبر ميراث عن قوم هود، فالعاصي لابس ثياب بعض هذه الأمم وهم أعداء الله. 9 - إن المعصية سبب لهوان العبد على ربه، قال الحسن البصري -رحمه الله-: هانوا عليه فعصوه، ولو عَزُّوا عليه لعصمهم، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}. (الحج 28) 10 - إن غير المذنب من الناس والدواب يعود عليه شؤم ذنب المذنب فيحترق هو وغيره، بشؤم الذنوب والظلم. 11 - إن العبد لا يزال يرتكب الذنب حتى يهون عليه ويصغر في قلبه وذلك علامة الهلاك. فإن الذنب كلما صغر في عين العبد عَظُم عند الله، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب ودع على أنفه فقال به هكذا، فطار". (رواه البخاري) 12 - إن المعصية تورث الذل، فإن العز كل العز في طاعة الله. قال عبد الله بن المبارك -رحمه الله-: رأيت الذنوب تُميت القلوب ... وقد يوث الذُّل إدمانُها وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها 13 - إن المعاصي تُفسد العقل، فإن للعقل نوراً، والمعصية تطفىء نور العقل، وإذا طُفىء نوره ضعف ونقص. 14 - إن الذنوب إذا تكاثرت طُبع على قلب صاحبها فكان من الغافلين، قال تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. (المطففين 14) 15 - إن الذنوب تحدث في الأرض أنواعاً من الفساد في المياه والهواء والزروع والثمار والمساكن، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. (الروم 41) 16 - إن الذنوب تذهب الحياء الذي هو مادة حياة القلب، وهو أصل كل خير وذهابه ذهاب الخير أجمعه، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحياء خير كله". (رواه البخاري ومسلم)

قال الشاعر: فما والله ما في العيش خير ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء 17 - إن الذنوب تُضعف في القلب تعظيم الرب جل جلاله، وتضعف وقاره في قلب العبد شاء أم أبَى ولو تمكن وقار الله وعظمته في قلب العبد لما تجرأ على معاصيه. 18 - إن الذنوب تستدعي نسيان الله لعبده وتركه وتخليته بينه وبين نفسه وشيطانه، وهناك الهلاك الذي لا يُرجى معه نجاة. 19 - إن الذنوب تخرج العبد من دائرة الإِحسان وتمنعه ثواب المحسنين، فإن الإِحسان إذا باشر القلب منعه من المعاصي. 20 - إن الذنوب تزيل النعم وتحُل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب ولا حلت به نقمة إلا بذنب، قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (ما نزل بلاء إلا بذنب وما دُفع إلا بتوبة). قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}. (الشورى 30) وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. (الأنفال 53) ولقد أحسن القائل: إذاكنت في نعمة فارعها ... فإن الذنوب تزيل النعم وحُطها بطاعة ربِّ العباد ... فرب العباد سريع النقم وإياك والظلم مهما استطعت ... فظلم العباد شديد الوخم وسافر بقلبك بين الورى ... لتبصر آثار من قد ظلم فتلك مساكنهم بعدهم ... شهود عليهم، ولا تتهم وما كان شيء عليهم أَضر ... من الظلم وهو الذي قد قصم فكم تركوا من جنان ومن ... قصور، وأُخرى عليهم أَطم صَلُوا بالجحيم وفات النعيم ... وكان الذي نالهم كالحلم [نظر: الجواب الكافي لابن القيم [ص 60: 110] بتصرف

الجهاد في سبيل الله

الجهاد في سبيل الله الجهاد واجب على كل مسلم، ويكون بالمال وهو الإِنفاق، ويكون بالنفس وهو القتال، ويكون باللسان والقلم وهو الدعوة إليه، والدفاع عنه، والجهاد على أنواع: 1 - فرض عين: وهو ضد العدو المهاجم لبعض بلاد المسلمين، كاليهود الآن الذين احتلوا فلسطين؛ فالمسلمون المستطيعون آثمون حتى يخرجوا اليهود منها بالمال أو النفس. 2 - فرض كفاية: إذا قام به البعض سقط عن الباقي، وهو الجهاد في سبيل نقل الدعوة الإِسلامية إلى سائر البلاد، حتى يحكمها الإِسلام، فمن استسلم من أهلها فبها، ومن وقف في طريقها قوتل حتى تكون كلمة الله هي العليا، فهذا الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة فضلاً عن الأول. وحين ترك المسلمون الجهاد وغَرَّتْهم الدنيا والزراعة والتجارة أصابهم الذل، وصدق فيهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تبايعتم بالعِينة (¬1)، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلَّط الله عليكم ذلاً، لا ينزعهُ عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم". (صحيح رواه أحمد) 3 - جهاد حكام المسلمين: ويكون بتقديم النصيحة لهم ولأعوانهم: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدِّين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". (رواه مسلم) ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" (حسن رواه أبو داود والترمذي) وبيان طريق الخلاص من ظلم الحكام الذين هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا هو أن يتوب المسلمون إلى ربهم، وُيصححوا عقيدتهم، ويُربُّوا أنفسهم وأهليهم ¬

_ (¬1) أن يبيع الرجل شيئاً من غيره بثمن مؤجل، ويسلمه للمشتري، ثم يشتريه منه قبل قبض الثمن بثمن أقل من ذلك القدر يدفعه نقداً.

على الإسلام الصحيح، تحقيقاً لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. (سورة الرعد 11) وإلى ذلك أشار أحد الدعاة المعاصرين بقوله: أقيموا دولة الإِسلام في قلوبكم، تُقَم لكم على أرضكم. وكذلك فلا بد من إصلاح القاعدة لتأسيس البناء عليها، ألا وهو المجتمع: قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (¬1). (سورة النور 55) 4 - جهاد الكفار والشيوعيين والمحاربين من أهل الكتاب: ويكون بالمال والنفس واللسان حسب الاستطاعة: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم". (صحيح رواه أحمد) 5 - جهاد الفساق وأهل المعاصي: ويكون باليد، واللسان، والقلب لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم منكراً فلْيُغيِّره بيده، فإن لمْ يستطع فبلسانه، فإن لم يستطعْ فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان. (رواه مسلم) 6 - جهاد الشيطان: ويكون بَمخالفته وعدمٍ اتباع وساوسه. قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. (سوره فاطر 6) 7 - جهاد النفس: ويكون بمخالفتها، وحملها على طاعة الله، واجتناب معاصيه. قال تعالى على لسان امرأة العزيز التي اعترفت بمراودتها ليوسف: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}. (سورة يوسف 53) وقال الشاعر: وخالِف النفسَ والشيطانَ واعصهما ... وإنْ هما محَّضاك النُصح فاتهم اللهم وفقنا لأن نكون من المجاهدين العاملين المخلصين ¬

_ (¬1) اختصاراً من كتاب (تعيقات على شرح الطحاوية للألباني).

واجب الإصلاح بين المتقاتلين

واجب الإصلاح بين المتقاتلين قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 9 - 10]. يقول الله تعالى آمرًا عباده بالإِصلاح بين الفئتين الباغيتين بعضهم على بعض، فسماهم مؤمنين مع الاقتتال وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج عن الإِيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقول الخوارج ومَن تابعهم من المعتزلة ونحوهم. وهكذا ثبت في صحيح البخاري من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب يومًا ومعه على المنبر الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، فجعل ينظر إليه مرة، وإلى الناس أخرى ويقول: "إن ابني هذا سيد، ولعل الله تعالى أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". (رواه البخاري) فكان كما قال - صلى الله عليه وسلم - أصلح الله تعالى به بين أهل الشام وأهل العراق بعد الحروب الطويلة والواقعات المهولة. وقوله تعالى: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ}: أي حتى ترجع إلى أمر الله ورسوله، وتسمع للحق وتطيعه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "انصُر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قلت: يا رسول الله هذا نصرتُه مظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: تمنعه من الظلم، فذاك نصرك إياه". (رواه البخاري ومسلم) وقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}. [الحجرات: 9]. أي اعدلوا بينهما فيما كان أصاب بعضهم لبعض بالقسط وهو العدل.

شروط تحقيق النصر

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المقسطين عند الله تعالى يوم القيامة على منابر من نور على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا". (رواه مسلم) وقوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة}: أي الجميع إخوة في الدين كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يُسلمه". (رواه مسلم) وفي الصحيح: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (انظر تفسير ابن كثير ج 4/ 211) شروط تحقيق النصر إن القارىء لسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجهاده يرى المراحل التالية: 1 - مرحلة التوحيد: بقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة عشر عامًا في مكة المكرمة، وهو يدعو قومه إلى توحيد الله في العبادة والدعاء والحكم ومحاربة الشرك، حتى ثبتتْ هذه العقيدة في نفوس أصحابه وأصبحوا شجعانًا لا يخافون إلا الله. فيجب على الدعاة أن يبدأوا بالتوحيد، ويُحذروا من الشرك ليكونوا برسول الله من المقتدين. 2 - مرحلة الأخوة: لقد هاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة لِيكوِّن المجتمع المسلم القائم على التحابب، فأول ما بدأ به هو بناء مسجد يجتمع فيه المسلمون لعبادة ربهم، ويتاح لهم الإجتماع كل يوم خمس مرات، لينظموا حياتهم، وقد بادر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المؤاخاة بين الأنصار سكان المدينة، وبين المهاجرين من مكة الذين تركوا أموالهم، فعرض الأنصار أموالهم للمهاجرين وقدَّموا لهم كل ما يحتاجون إليه. ولقد وجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - سكان المدينة، وهم من الأوس والخزرج بينهم عداوة قديمة، فأصلح بينهم، وأزال الحقد والعداوة من صدورهم، وجعلهم إخوة متحابين في الإِيمان والتوحيد كما جاء في الحديث: "المسلم أخو المسلم" [رواه مسلم] 3 - الإستعداد: لقد أمر القرآن الكريم بالإستعداد للأعداء فقال: {وأعِدوا لهم ما أستطَعْتُم مِن قُوَّة}. [سورة الأنفال: 60]

{وكان حقا علينا نصر المؤمنين}

وفسرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "ألا إن القوة الرمي". (رواه مسلم) والرمي تعليمه واجب على المسلمين حسب استطاعتهم، فالمدفع والدبابة والطائرة وغيرها من الأسلحة تحتاج إلى تعليم الرمي عند استعمالها، وليت طلاب المدارس تعلموا الرماية، وأجروا المباريات والمسابقات لاستفادوا في الدفاع عن دينهم ومقدساتهم؛ ولكن الأولاد يضيعون أوقاتهم في لعب الكرة، وإجراء المباريات، فيكشفون الأفخاذ التي أمرنا الإِسلام بسترها ويضيعون الصلوات التي أمرنا الله بالمحافظة عليها. 4 - وعندما نعود إلى عقيدة التوحيد، ونكون إخوانًا متحابين، ونستعد للأعداء بالسلاح سيتحقق النصر إن شاء الله للمسلمين كما تحقق النصر للرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته من بعده .. قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنْ تنصروا الله ينصُركم ويُثبتْ أقدامكم}. {سورة محمد: 7] 5 - ليس هذا معناه أن هذه المراحل منفصلة، بمعنى أن مرحلة الأخوة لا تكون مع مرحلة التوحيد، فهذه المراحل يمكن أن تتداخل (¬1). {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} هذه الآية الكريمة تبين أن الله تعهد للمؤمنين بالنصر على أعدائهم، وهو وعد لا يُخلَف، فقد نصر الله رسوله في غزوة بدر والأحزاب وغيرهما من الغزوات، ونصر أصحاب رسول الله بعده على أعدائهم، وانتشر الإِسلام وفتحت البلاد، وانتصر المسلمون، رغم الأحداث والمصائب، وكانت العاقبة للمؤمنين الذين صدقوا الله في إيمانهم وتوحيدهم وعبادتهم ودعائهم لربهم في وقت الشدة والرخاء، وهذا القرآن يحكي حال المؤمنين في غزوة بدر، وهم قليل في العدد والعدة، فيدعون ربهم: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}. [سورة الأنفال: 9] ¬

_ (¬1) من كتاب الفرقة الناجية للمؤلف محمد بن جميل زينو.

فاستجاب الله دعاءهم، وأمدهم بالملائكة يقاتلون معهم فيضربون أعناق الكفار، ويضربون أطرافهم، وذلك حين قال: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}. [الأنفال: 12]. وتم النصر للمؤمنين الموحدين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. [آل عمران: 123]. واستقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - القبلة ثم مدَّ يديه فجعل يهتف بربه (داعيًا مستغيثًا): "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني به، اللهم إن تُهلِك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض". (رواه مسلم) ونرى المسلمين اليوم يخوضون المعارك ضد أعدائهم في أكثر البلاد ولا ينتصرون فما هو سبب ذلك؟ هل يختلف وعد الله بالنسبة للمؤمنين؟ لا أبدًا لا يختلف ولكن أين المؤمنون حتى يأتيهم النصر المذكور في الآية؟ نسأل المجاهدين: 1 - هل استعدوا بالإِيمان والتوحيد اللذين بدأ بهما الرسول دعوته في مكة قبل القتال؟ 2 - هل أخذوا بالسبب الذي أمرهم به ربهم بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] وقد فسرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرمي. 3 - هل دعوا ربهم وأفردوه بالدعاء عند القتال، أم أشركوا معه غيره فراحوا يسألون النصر من غيره ممن يعتقدون فيهم الولاية، وهم عبيد الله، لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، ولماذا لا يقتدون بالرسول في دعائه لربه وحده؟ قال تعالى: {أليسَ الله بكافٍ عبده} [سورة الزمر: 36] 4 - وأخيرًا هل هُم مجتمعون ومتحابون فيما بينهم شعارهم قول ربهم: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتَذهبَ ريحكُم} [سورة الأنفال 46] إذا حققتم الإِيمان المطلوب، فسيأتيكم النصر الموعود قال الله تعالى: {وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين} [سورة الروم 47]

من أسباب النصر

من أسباب النصر أرسل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جيشًا بقيادة سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- لفتح بلاد فارس وكتب إليه عهدًا هذا نصه: 1 - (تقوى الله): أما بعد فإني آمرك ومَن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العُدة على العدُو، وأقوى المكيدة في الحرب. 2 - (ترك المعاصي): وآمرك ومَن معك أن تكونوا أشدَّ احتراسًا من المعاصي مِنكم مِن عدوكم، فإن ذنوبَ الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما يُنصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم، وعُدتنا ليست كَعُدتهم فإن استوينا في المعصية كان لهم علينا الفضل في القوة، وإنْ لم نُنصَرْ عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا. واعلموا أنَّ عليكم في سَيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إن عدونا شرٌّ منا فلن يُسلط علينا وإنْ أسأنا، فَرُبِّ قوم سُلِّطَ عليهم مَن هو شرٌّ منهم كما سُلِّط علي بني إسرائيل كفار المجوس لما عملوا بالمعاصي، (وكما سلطت اليهود على العرب المسلمين). 3 - (الإستعانة بالله): وسَلوا الله النصرَ على أنفسكم كما تسألونه النصرَ على عدوكم، وأسألُ الله ذلك لنا ولكم. (ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية)

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما الدعامتان الأساسيتان اللتان يقوم عليهما صلاح المجتمع، وهما من خصائص هذه الأمة الإِسلامية، قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [سورة آل عمران: 110] وحين تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فسد المجتمع، وانحطت الأخلاق، وساءت المعاملة، و ... ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بفرد دون آخر، بل هو واجب على كل مسلم رجلاً أو امرأة، عالمًا أو عاميًّا كل حسب قدرته وعمله قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن رأى منكم مُنكرًا فلْيُغَيِّره بيده. فإن لم يستطعْ فبلسانه، فإن لم يستطعْ فبقلبه، وذلك أضعفُ الإِيمان". (رواه مسلم) [والمنكر: ما أنكره الشرع]. وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 1 - الخطبة: يوم الجمعة والعيدين، يُبين فيها أنواع المنكرات. 2 - المحاضرة أو المقالة: في مجلة أو صحيفة لبيان أمراض المجتمع وإعطاء العلاج الشافي. 3 - الكتاب: يعرض المؤلف ما يريد بيانه للناس من أفكار لإِصلاح الناس. 4 - الموعظة: تكون في مجلس فيتكلم أحد الحاضرين مثلًا عن أضرار الدخان الجسمية والمالية. 5 - النصيحة: تكون بين الأخ وأخيه سِرًّا لترك خاتم الذهب، أو تحذيره من ترك الصلاة، أو تحذيره من دعاء غير الله. 6 - الرسالة: من أفيد الوسائل، فكل إنسان يستطيع أن يقرأ صفحات قليلة عن الصلاة أو الجهاد، أو الزكاة، أو عن الكبائر. كدعاء الأموات وطلب المدد منهم وغير ذلك. 7 - الشريط الإِسلامي: مفيد جدًّا، ولا سيما لمن لا يقرأ.

شروط الآمر

شروط الآمر 1 - أن يكون أمرهُ ونهيه برفق حتى تقبله النفوس قال تعالى مخاطبًا موسى وهارون: {اذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43، 44]. فإذا رأيت إنسانًا يشتم ويكفر، فانصحه برفق، واطلب منه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم الذي كان سببًا في هذا الشتم، وأن الله الذي خلقنا وأنعم علينا بنعم كثيرة يستحق الشكر، وأن هذا الكفر لا يُجدي نفعًا، بل يكون سببًا في شقاء الدنيا وعذاب الآخرة، ثم تأمره بالتوبة والاستغفار. 2 - أن يعرف الحلال والحرام فيما يأمر به، حتى ينفع ولا يضر بجهله. 3 - يحسن بالآمر أن يكون مُطبِّقًا لما يأمر به، ومبتعدًا عما ينهى عنه، حتى تكون الفائدة أتم وأنفع، قال تعالى مخاطبًا من يأمر ولا يعمل: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44]. وعلى المبتلى أن يُحذر مما هو واقع فيه معترفًا بخطئه. 4 - أن نخلص في العمل، وندعو للمخالفين بالهداية، ويكون لنا العذر عند الله، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 164]. 5 - أن يكون الآمِر شجاعًا لا يخاف في الله لومة لائم، ويصبر على ما قد يُصيبه. عملاً بوصية لقمان لولده حين قال له: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17]

أنواع المنكرات

أنواع المنكرات 1 - من منكرات المساجد: زخرفتها وتلوينها، وتعداد مآذنها، ووضع اللوحات المكتوبة أمام المصلي، إذ فيها إشغاله عن الخشوع وخاصة القصائد الشعرية التي فيها استغاثات بغير الله، والمرور أمام المصلي، وتخطي الرقاب بين الجالسين، ورفع الصوت بالدعاء أو القرآن أو الكلام، أو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيشوشون على المصلين إذ الإِسرار بها هو الوارد، قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَجهَرْ بعضُكم على بعض في القرآن". (صحيح رواه أبو داود) والبَصْق والسُعال بصوتٍ مرتفع، وإيراد بعض الواعظين والخطباء الأحاديث الموضوعة والضعيفة وعدم ذكر درجتها، رغم وجود الأحاديث الصحيحة وكثرتها التي تغني عنها، وطلب المدد والعون من غير الله تعالى في المساجد والمآذن، وعند إنشاد القصائد بمناسبة الإحتفال، وظهور رائحة الدخان من بعض المصلين، والصلاة بثوب وسخ له رائحة كريهة، ورفع الصوت بشدة، والرقص والتصفيق أثناء الذكر، والبيع والشراء، وإنشادُ الضائع، وعدم إلصاق الكتف بالكتف والقدم بالقدم عند صلاة الجماعة. 2 - من منكرات الشوارع: خروج النساء سافرات أو متكشفات، أو يتكلمن ويضحكن بصوت مرتفع، وإمساك الرجل بيد المرأة ومحادثتها بلا خجل، وبيع أوراق اليانصيب، وبيع الخمر في الحانات، وصور الرجال أو النساء بأوضاع مخزية تفسد الأخلاق، وطرح الأوساخ في الشوارع، ووقوف بعض الشبان للتفرج على النساء، ومزاحمة النساء للرجال في الشوارع والأسواق والسيارات. 3 - من منكرات الأسواق: الحلف بغير الله كالشرف والذمة وغيره، والغش، والكذب في الربح والمشترى، ووضع البسطات في الطريق، والكفر والشتم، ونقص الكيل والميزان، والمناداة بصوت مرتفع. 4 - من المنكرات العامة: الاستماع إلى الموسيقا أو الأغاني الخليعة، واختلاط الرجال

الصبر وأنواعه

بالنساء من غير المحارم، ولو من الأقارب كابن العم والخالة وأخي الزوج وغيره، وتعليق الصور أو التماثيل ذات الأرواح على الجدران، أو جعلها على المناضد، ولو لنفسه أو أبيه، والإِسراف في الطعام والشراب واللباس والأثاث، وتقديم الدخان لضرره للجسم والمال والجار، واللعب بالنرْد، وعقوق الوالدين، واقتناء المجلات الخليعة، وتعليق التمائم للأطفال أو على أبواب الدور، أو في السيارات كالخرز الأزرق، والكف، ونضوة الفرس، واعتقاد أنها ترد العين، وتدفع البلاء، وانتقاص أحد الصحابة. ومن الكفر الإستهزاء بطاعة الله كالصلاة والحجاب واللحية وغيرها مما جاء به الإِسلام (¬1). الصبر وأنواعه الصبر: هو حبس النفس على ما تكره، وهو أنواع: 1 - الصبر على طاعة الله: كأداء مناسك الحج والعمرة -من إحرام، ومبيت بمنى، ووقوف بعرفة، ومبيت بمزدلفة، ورمي، وذبح، وحلق، وطواف، وسعي، وتحلل- على الوجه المشروع والمطلوب، وغير ذلك من العبادات. 2 - الصبر عن معاصي الله: باجتناب الرفَث، والفسوق، والجدال بالباطل، وغيرها من المعاصي، قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197]. [الرفث: الجماع والتقبيل]، [الفسوق: المعاصي]. 3 - الصبر على مفارقة الأهل، والأحباب، والأوطان: وذلك بذكر الله وشكره، وطلب الأجر من الله، قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}. [البقرة: 200] 4 - الصبر على تكاليف الحج والصدقات وغيرها: فأجر النفقة لا يضيع عند الكريم، بل يضاعفه له، ويخلفه عليه، ويزيده من فضله، قال الله تعالى: ¬

_ (¬1) من كتاب توجيهات إسلامية للمؤلف.

{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}. [سبأ: 39] قال - صلى الله عليه وسلم - لعائشة -رضي الله عنها- في عمرتها: "إن لكِ من الأجر على قدر نصبَك ونفقَتك". (صحيح رواه الحاكم) [النصب: التعب]. 5 - الصبر على المتاعب البدنية: في الحل والترحال: والإنتقال من بلد إلى بلد. 6 - الصبر على ضياع مال أو أصحاب: وعلى المسلم أن يدعو الله بما ورد ويأخذ بالأسباب وبالتفتيش عن ضالته: سئل ابن عمر -رضي الله عنهما- عن الضالة، فقال: يتوضأ ويُصلي ركعتين، ثم يتشهد، ثم يقول: "اللهم رادَّ الضالة، هادي الضَّلالة، تهدي من الضَّلال، رُدَّ عليَّ ضالَّتي بقدرتك وسلطانك، فإنها من فضلك وعطائك". (قال البيهقي هذا موقوف وهو حسن) 7 - الصبر على جميع المشاكل التي تصيب المسلم: وذلك بالإلتجاء إلى الله، ودعائه وحده، ولا سيما في الليل قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تعارَّ من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلَّى قُبلت صلاته". (رواه البخاري وغيره) 8 - استعن بالصبر والصلاة على مصائب الدنيا: قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ}. [البقرة: 45] 9 - واعلم أن ما يصيبك من مرض، أو تعب، أو أذى، أو غير ذلك، فهو تكفير عن سيئاتك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يُصيب المسلم من نصَب، ولا وَصَب، ولا هَمّ، ولا حزن، ولا أذىً، ولا غَمّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا غفر الله بها من خطاياه". (متفق عليه) [النصب: التعب]، [الوَصَب: المرض]. 10 - عليك بالصبر: حتى تكون ممن قال الله تعالى فيهم: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}. [البقرة: 155 - 157]

طرق الوقاية من الذنوب

طرق الوقاية من الذنوب أولًا: تقوى الله -عَزَّ وَجَلَّ-: على الإِنسان أن يتقي الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فإن التقوى هي وصية الله تعالى للأولين والآخرين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}. [النساء: 131] فما مِن خير عاجل ولا آجل ظاهر ولا باطن، إلا وتقوى الله سبيلٌ موصلٌ إليه ووسيلة مبلِّغة له، وما من شرٍّ عاجل ولا آجل ظاهر ولا باطن، إلا وتقوى الله عز وجل حِرز متين وحصين للسلامة منه والنجاة من ضرره. وقد علَّق الله العظيم في كتابه الكريم على التقوى من خيرات عظيمة من ذلك: 1 - المعية الخاصة: والمقتضية للحفظ والعناية والتأييد: قال الله تعالى: {واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين}. [البقرة: 194] 2 - المحبة لمن اتقى الله، قال تعالى: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين}. [التوبة: 7] 3 - التوفيق للعلم، قال سبحانه: {واتقوا الله ويعلمكم الله}. [البقرة: 282] 4 - نفي الخوف والحزن عن المتقي المصلح، قال سبحانه: {فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}. [الأعراف: 35] وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتقِ الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحُها وخالقِ الناسَ بخلُق حسَن". (حديث صحيح) والتقوى: هي أن يعمل العبد بطاعة الله على نور من الله يرجو ثواب الله، وأن يترك معصية الله، على نور من الله، يخشى عقاب الله. وقال ابن رجب الحنبلي: تقوى العبد لربه، أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه

من غضبه وسخطه وقاية تقيه من ذلك، وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه. لذا كان على المسلم أن يلتزم بها فيعمل بطاعة ربه ويبتعد عن سخطه في كل مكان وعلى أي حال: قال الشاعر: خلِّ الذنوب صغيرها ... وكبيرها فهو التقى واصنع كماشٍ فوق أرضِ ... الشوك يحذر ما يرى لا تحقِرَن صغيرة ... إن الجبال من الحصى قيل لأبي الدرداء: يقولون الشعر وأنت ما حُفظ عنك شيء؟ فقال: يريد المرء أن يؤتى مناه ... ويأبى الله إلا ما أرادا يقول المرء فائدتي ومالي ... وتقوى الله أولى ما استفادا وقال ابن السماك الواعظ: يا مُدمن الذنب أما تستحي ... والله في الخلوة ثانيكا أغرّك من ربك إمهاله ... وستره طول مساويكا ثانيًا: التوبة: تعريف التوبة: هي العلم بعظم الذنب، والندم عليه، والقصد المتعلق بالترك في الحال والاستقبال. منزلة التوبة: إن التوبة هي حقيقة دين الإسلام، والدين كله داخل في مسمى التوبة، وبهذا استحق التائب أن يكون حبيب الله. فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. وإنما يحب الله مَن فَعَل ما أمر به وتَرَكَ ما نهى عنه. والتوبة هي الرجوع مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا إلى ما يحبه ظاهرًا وباطنًا. ويدخل في مسماها الإسلام، والإيمان، والإحسان، وتتناول جميع المقامات. ولهذا كانت غاية كل مؤمن. وبداية الأمر وخاتمته. وأكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها، فضلًا عن القيام بها علمًا وعملًا وحالًا. ولم يجعل الله تعالى محبته للتوابين إلا وهم خواص الخلق لديه.

التوبة في القرآن الكريم

ولولا أن التوبة اسم جامع لشرائع الإِسلام، وحقائق الإِيمان لم يكن الرب تعالى يفرح بتوبة عبده ذلك الفرح العظيم، فجميع ما تكلم فيه الناس من المقامات والأحوال هو تفاصيل التوبة وآثارها. (مدارج السالكين لابن القيم 1/ 178) حقيقة التوبة: إن حقيقة التوبة هي الرجوع إلى الله تعالى بالتزام فِعل ما يحب، وترك ما يَكره. فهي رجوع من مكروه إلى محبوب. فالرجوع إلى المحبوب جزء مسماها. والرجوع عن المكروه الجزء الآخر. ولهذا علق سبحانه الفلاح المطلق على فعل المأمور وترك المحظور بها. فقال: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعَلكم تفلحون}. [النور: 31] فكل تائب مفلح. ولا يكون مفلحًا إلا من فعل ما أُمر به وتَرَكَ ما نُهي عنه. وقال الله تعالى: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}. [الحجرات: 11] وتارك المأمور ظالم، كما أن فاعل المحظور ظالم، وزوال اسم "الظلم" عنه إنما يكون بالتوبة الجامعة للأمرين. فالناس قسمان: تائب، وظالم، ليس إلا. فالتائبون هم: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}. [التوبة: 112] فحفظ حدود الله: جزء التوبة، والتوبة هي مجموع هذه الأمور. وإنما سُمي تائبًا لرجوعه إلى أمر الله من نهيه، وإلى طاعته من معصيته. (مدارج السالكين 1/ 181) حكم التوبة: قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإذا تاب من بعضها صحَّت عما تاب منه. التوبة في القرآن الكريم ورد ذكر التوبة في القرآن الكريم في مواضع كثيرة منها: 1 - قوله تعالى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}. [البقرة: 128] 2 - وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}. [البقرة: 222]

التوبة في السنة المطهرة

3 - وقوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}. [النساء: 17، 18] 4 - وقوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. [الأنعام: 54] 5 - وقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}. [طه: 82] 6 - وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلى اللَّهِ مَتَابًا}. [الفرقان: 68 - 71] التوبة في السنة المطهرة عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها". (رواه مسلم) وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو يقول: "ربِّ أعِنِّي ولا تُعِن عليَّ، وانصرني ولا تنصُر عليَّ وامكُر لي ولا تمكُر علَيَّ، واهدني ويَسِّر الهدى لي، وانصُرني على مَن بغى عليَّ، ربِّ اجعلني لك شكَّارًا، لك ذكَّارًا، لك رهّابًا، لك مِطواعًا، لك مُخبِتًا، إليك أوّاهًا منيبًا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، وسَدّد لساني، واهدِ قلبي، واسلُل سخيمة صدري". (رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح)

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا. فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ على راهب فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله. فكمَّل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ على رجل عالم. فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة. انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلًا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط. فأتاهم ملَك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة". (رواه البخاري ومسلم) وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلًا وبه مهلَكُه ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى اشتد عليه الحرّ والعطش أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني، فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده". (رواه البخاري ومسلم) وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أخطأتم حتى تبلغ خطايكم السماء ثم تبتم لتاب عليكم" (رواه ابن ماجه وإسناده حسن) وعن أبي هريرة أيضًا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" (رواه مسلم) وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان يُعدّ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المجلس الواحد مئة مرة من قبل أن يقوم: "رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم". (رواه الترمذي وقال حسن صحيح) شروط التوبة: 1 - الإِقلاع عن الذنب. 2 - الندم على فعله.

3 - العزم على أن لا يعود إليه أبدًا. فإن فقد أحد هذه الثلاثة لم تصح توبته ويزاد شرط رابع: إذا كان الذنب يتعلق بحق آدمي، فعليه إذًا أن يبرأ من حق صاحبها، فإن كان مالاً أو نحوه ردَّه إليه، وإن كان حدَّ قذف مكّنه منه أو طلب عفوه، وإن كان غيبة استحلّه منها. وزاد ابن المبارك على ما سبق من الشروط للتوبة فقال: الندم، والعزم على عدم العود، ورد المظلمة، وأداء ما ضيع من الفرائض، وأن يعمد إلى البدن الذي ربّاه بالسحت فيذيبه بالهم والحزن حتى ينشأ له لحم طيب، وأن يذيق نفسه ألم الطاعة كما أذاقها لذة المعصية. (الفتح 11/ 103) التوبة النصوح: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}. [التحريم: 8] قال عمر بن الخطاب وأبي بن كعب -رضي الله عنهما-: التوبة النصوح: أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه، كما لا يعود اللبن إلى الضرع. وقال الحسن البصري: هي أن يكون العبد نادمًا على ما مضى، مجمعًا على أن لا يعود فيه. وقال ابن القيم -رحمه الله-: النصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء: الأول: تعميم جميع الذنوب واستغراقها بها بحيث لا تدع ذنبًا إلا تناولته. الثاني: إجماع العزم والصدق بكليته عليها بحيث لا يبقى عنده تردد، ولا تلوُّم ولا انتظار، بل يجمع عليها كل إرادته وعزيمته مبادرًا بها. الثالث: تخليصها من الشوائب والعلل القادحة في إخلاصها، ووقوعها لمحض الخوف من الله وخشيته، والرغبة فيما لديه، والرهبة مما عنده. لا كمن يتوب لحفظ جاهه وحرمته، ومنصبه ورياسته ولحفظ حاله، أو لحفظ قوته وماله، أو استدعاء حَمدِ الناس، أو الهرب من ذمهم، أو لئلا يتسلط عليه السفهاء، أو لقضاء نهمته من الدنيا، أو لإِفلاسه وعجزه، ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله -عَزَّ وَجَلَّ-. (مدارج السالكين 1/ 178)

علامات قبول التوبة: قال ابن القيم -رحمه الله-: للتوبة المقبولة علامات منها: 1 - أن يكون بعد التوبة خيرًا مما قبلها. 2 - ومنها أنه لا يزال الخوف مصاحبًا له لا يأمن مكر الله طرفة عين. 3 - ومنها انخلاع القلب ندمًا وخوفًا. 4 - ومن موجبات التوبة الصحيحة أيضًا كسرة خاصة تحصل للقلب لا يُشبهها شيء تُكَسِّر القلب بين يدى الربّ كَسرة تامة قد أحاطت به من جميع جهاته وألقته بين يدى ربه طريحًا ذليلًا خاشعًا. وقال -رحمه الله-: إذا أراد الله بعبده خيرًا فتح له أبواب التوبة والندم والإنكسار والذل والافتقار والاستعانة به. وصدق الإلتجاء إليه، ودوام التضرع والدعاء والتقرب إليه. ثمرة التوبة: للتوبة ثمرتان: إحداهما: تكفير السيئات حتى يصير كمن لا ذنب له. والثانية: نيل الدّرجات حتى يصير حبيبًا. وللتكفير أيضًا درجات: فبعضه محو لأصل الذنب بالكلية، وبعضه تخفيف له، ويتفاوت ذلك بتفاوت درجات التوبة. قال ابن القيم -رحمه الله-: لأهل الذنوب ثلاثة أنهار عظام يتطهرون بها في الدنيا، فإن لم تفِ بطهرهم طُهِّروا في نهر الجحيم يوم القيامة: 1 - نهر التوبة النصوح. 2 - ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطة بها. 3 - ونهر المصائب العظيمة المكفرة. فإذا أراد الله بعبده خيرًا أدخله أحد هذه الأنهار الثلاثة. فورد القيامة طيبًا طاهرًا، فلم يحتج إلى التطهير الرابع. (مدارج السالكين 1/ 178) تأخير التوبة ذنب تجب التوبة منه: إن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها عصى بالتأخير. فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى. وهي توبة تأخير التوبة،

وقلَّ أن تخطر هذه ببال التائب. بل عنده: أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة. ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة، مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم، فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه. (مدارج السالكين لابن القيم ص 1/ 178) ثالثًا: الاستغفار: حقيقة الاستغفار: تغطية الذنب بالعفو عنه. والاستغفار نوعان: مفرد، ومقرون بالتوبة. فالمفرد: كقول نوح -عليه السلام- لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}. [نوح: 10، 11] وكقول صالح -عليه السلام- لقومه: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. [النمل: 46] وكقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. [البقرة: 199] وقوله سبحانه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. [الأنفال: 33] والمقرون: كقوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى}. [هود: 3] فالاستغفار المفرد كالتوبة، بل هو التوبة بعينها مع تضمنه طلب المغفرة من الله وهو محو الذنب وإزالة أثره ووقاية شرّه. والغفّار: اسم من أسماء الله تعالى، وهو الذي أظهر الجميل وستر القبيح، والذنوب من جملة القبائح التي سترها الله بإسبال ستره عليها في الدنيا، والتجاوز عن عقوبتها في الآخرة. (المقصد الأسنى ص 80) وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على الاستغفار بقوله: "من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك، إلا غُفر له ما كان في مجلسه ذلك". (رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه) وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومِن كل هَمٍ فرَجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب". (رواه أحمد في المسند وقال الشيخ أحمد شاكر إسناده صحيح وأبو داود وابن ماجه) سيد الإستغفار: عن شداد بن أوس -رضي الله عنه-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: سيد الاستغفار أن يقول: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوءُ لك بنعمتك علَيَّ، وأبوء لك بذنبي اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال: ومن قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يُمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يُصبح فهو من أهل الجنة". (رواه البخاري) رابعًا: ذكر الله تعالى: لقد أمر الله تعالى بالإِكثار من ذكره، وذلك لسهولته وأهميته، لذلك كان أفضل الذكر "لا إله إلا الله"، ومعناها: (لا معبود بحق إلا الله). عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومُحيت عنه مئة سيئة، وكانت حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه". (متفق عليه) ومن قال: "سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حُطَّت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر". (رواه البخاري ومسلم) وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سبَّح الله في دبُر كُلِ صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". (رواه مسلم)

خامسًا: الأعمال الصالحة: 1 - أداء الفرائض والنوافل: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله قال: مَن عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله تردُّدِي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته". (رواه البخاري) وأفضل صلاة النافلة صلاة الليل، قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}. [الإسراء: 79] 2 - صدقة التطوع: وهي من أفضل القربات وخير الطاعات وهي كفارة للذنوب والخطايا، وفي حديث حذيفة -رضي الله عنه- عندما سأل عمر: مَن يحفظ حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة؟ قال حذيفة: أنا سمعته، يقول: "فتنة الرجل في أهله وماله وجاره، تُكفرها الصلاة والصيام والصدقة". (رواه البخاري ومسلم) وفي حديث معاذ الطويل: "ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنة، والصدقة تُطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار". (رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح) 3 - صوم النفل: إن الصوم جُنّة ووقاية لصاحبه عن الآثام والمعاصي فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من صام يومًا في سبيل الله بَعّدَ الله وجهه عن النار سبعين خريفًا". (رواه البخاري ومسلم) وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، في النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه". (رواه البخاري ومسلم) 4 - الحج والعمرة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن حج فلم يرفُث ولم يفسُق رجع كيوم ولدته أُمه". (رواه البخاري ومسلم)

تحريم الظلم بأنواعه

وعن أبي هريرة أيضًا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". (رواه البخاري ومسلم) وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة". (رواه البخاري ومسلم) 5 - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. [الأحزاب: 56] وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا". (رواه مسلم) تحريم الظلم بأنواعه قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 42، 43] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فيما روى عن ربه تبارك وتعالى: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا .. ". (حديث قدسي رواه مسلم) ظلم العبد لربه: 1 - مِن ظلم العبد لربه دعاؤه غيره، وهو من الشرك: وقد نهى الله تعالى عن ذلك فقال: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [الظالمين: المشركين]. [يونس: 106] 2 - ومن الظلم الإِلحاد في أسماء الله: قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. [الأعراف: 180]

أ - عن ابن عباس في قوله: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه}. قال: إلحاد الملحدين أن دعَوا الَّلات في أسماء الله. ب - وقال قتادة: يلحدون: يشركون في أسمائه. (ذكره ابن كثير في تفسيره) ج - أقول: ومن الإِلحاد زيادة بعض الصوفية اسم "هو" ويعتبرونه من أسماء الله، ولا دليل عليه. 3 - ومن الظلم تحريف صفات الله وعدم إثباتها كقولهم: استوى: بمعنى استولى! وقد ورد في البخاري عن مجاهد وأبي العالية معنى استوى: علا وارتفع. (كتاب التوحيد 8/ 175) ظلم العبد لغيره: 1 - أن يقتل أخاه، أو يضر به، أو يشتمه، أو يأكل ماله بغير حق. 2 - أن يغتاب المسلم أخاه، أو ينقل الكلام السيء للآخرين، وهو ما يسمى بالنميمة. 3 - أن يؤخر المسلم دينه الذي عليه وهو قادر على وفائه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مطل الغني ظلم". (صحيح رواه أحمد وغيره) 4 - أن يغتصب المسلم أرض غيره. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ظلم قِيدَ شِبر من الأرض طُوِّقه من سبع أرضين". (متفق عليه) وفي رواية البخاري: "خسف به إلى سبع أرضين". وقد وقع الاغتصاب من قبل العراق على أرض الكويت، فشرَّدوا أهلها، وسيتحملون أوزارهم كما وقع الإغتصاب من اليهود على أرض فلسطين، وشردوا أهلها، واحتلوا المسجد الأقصى والمسؤولية تقع على المسلمين القادرين على الجهاد لإِخراج الظالمين من الأراضي المغتصبة، ورفع الظلم عن المظلوم، والأخذ على يد الظالم عملاً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قلت: يا رسول الله أنصره مظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه". (متفق علمه) 5 - ومن الظلم أن يحتقر المسلم أخاه، أو يكذب عليه، أو يغشه، أو يسلمه لأعدائه لإِلحاق الضرر به:

وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وعرضه، وماله". (رواه البخاري ومسلم) ظلم العبد لنفسه: قال الله تعالى: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}. [الطلاق: 1] أي شرائعه ومحارمه، ومن يخرج عنها ويتجاوزها إلى غيرها ولا يأتمر بها فقد ظلم نفسه بفعل ذلك. (انظر تفسير ابن كثير) ظلم العبد للحيوان: 1 - من ظلم العبد للحيوان تعذيبه وقت الذبح: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، ولْيُحِدَّ أحدكم شفرته، ولْيرح ذبيحته". (رواه مسلم) 2 - من ظلم العبد للحيوان منعه من الطعام: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت". (رواه مسلم) [الخشاش: الحشرات].

الأمر بالدعاء

الأمر بالدعاء 1 - قال الله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}. (غافر 60) 2 - وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}. [الأعراف: 55، 56] يأمرنا الله تعالى في هذه الآيات أن ندعوه ليستجيب لنا، وطلب أن يكون الدعاء سرًّا في حالة التذلل له فإن الله لا يحب المعتدين في الدعاء بالتشدق ورفع الصوت، وأمرنا أن ندعوه خوفًا من عقابه وطمعًا في رحمته. (انظر تفسير الجلالين) قلت: هذه الآيات صريحة في الرد على فريقين: 1 - الفريق القائل: بأن إبراهيم -عليه السلام- حينما أُلقي في النار، فقال له جبريل: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا. قال جبريل: فسَلْ ربك، فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي. (ذكره المفسر إسماعيل حقي وأقره الصابوني حينما حقق هذا الأثر وأورده ابن عراق في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشيعة الموضوعة وقال: (1/ 250)، قال ابن تيمية موضوع) انتهى. هذا الأثر يخالف القرآن الذي أثبت الدعاء لجميع الأنبياء، ومنهم إبراهيم -عليه السلام-، الذي ورد دعاؤه في القرآن. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". (صحيح رواه الترمذي وغيره) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن لا يدع الله يغضب عليه". (صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "سلوا الله كل شيء حتى الشِّسع، فإن الله تعالى إن لم يُيَسِّره لم يَتَيسَّر". (حسنه الألباني بشواهده في الضعيفة 1/ 29) 2 - الفريق الثاني: الصوفية التي تقول: إنهم لا يعبدون الله خوفًا من ناره، ولا طمعًا في جنته، فالقرآن يرد عليهم بأن الله يأمركم أن تدعوه خوفًا من ناره وطمعًا في جنته، كما فعلت الأنبياء: قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}. [الأنبياء: 90]

من فوائد الدعاء

من فوائد الدعاء 1 - الدعاء يرد القضاء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر". (رواه الترمذي وحسنه بشواهده كما في السلسلة الصحيحة رقم 154) 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء". (رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني في المشكاة) معنى الحديث الأول: الدعاء من قدر الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فقد يقضي بشيء على عبده قضاء مقيدًا، فإن دعاه اندفع عنه ما قضاه عليه، وفيه دليل على أنه سبحانه يدفع بالدعاء ما قضاه على عبده. وإن البر وصلة الأرحام تزيد في العمر. قوله: (القضاء): أراد به الأمر المقدَّر لولا دعاؤه. وقوله: (ولا يزيد في العمر): يعني في العمر الذي كان يقصر لولا بِرُّه. 3 - الدعاء له فوائد ثلاثة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر. قال: الله أكثر". (صحيح رواه أحمد انظر المشكاة ج 2/ رقم 2259) من شروط الدعاء وآدابه 1 - الإِخلاص: من أهم الشروط، قال الله تعالى: {فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون}. (غافر: 14) 2 - تجنب الحرام في الأكل والمشرب والملبس: وفي الحديث قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبرَ يمدُ يديه إلى السماء يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يستجاب له؟ ". (رواه مسلم) 3 - عدم العجلة في الإستجابة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يُستجب لي". (متفق عليه) 4 - السؤال بعزم ورغبة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، وليعزم المسألة، وليُعَظِّم الرغبة، فإن الله تعالى لا يعظمُ عليه شيء أعطاه". (رواه مسلم)

أوقات إجابة الدعاء

5 - رفع اليدين عند الدعاء للسماء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى حَييٌّ كريم، يحب إذا رفع الرجل إليه يديه أن لا يردهما صِفرًا خائبتين". (رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع 1757) 6 - استقبال القبلة عند الدعاء: لقد استقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع القبلة في المواطن الآتية: "على الصفا والمروة، وفي وقوف عرفة، وعند المشعَر الحرام، وبعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى". (رواه البخاري ومسلم) 7 - البدء بالدعاء لنفسه: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ ذكر أحدًا، فدعا له بدأ بنفسه". (صححه الألباني في الجامع 4720) 8 - تكرار الدعاء ثلاثًا: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا دعا ثلاثًا، وإذا سأل سأل ثلاثًا" (متفق عليه) 9 - السؤال بأسماء الله الحسنى: قال الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}. [الأعراف: 180] 10 - الدعاء بالعافية، والاستكثار من السؤال: أ - قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يا عباس يا عم رسول الله أكثر الدعاء بالعافية". (صححه الألباني في الصحيحة 1523) ب - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سأل أحدكم فليُكثر، فإنما يسأل ربه". (صحيح على شرط الشيخين) 11 - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الدعاء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل دعاء محجوب حتى يُصلَّى على النبي - صلى الله عليه وسلم -". (حسن رواه البيهقي) أوقات إجابة الدعاء 1 - في الليل والثلث الأخير منه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله فيها خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة". (رواه مسلم ج 2/ 175) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: مَن يدعوني فأستجب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ ". (رواه البخاري ومسلم)

الذين يستجاب دعاؤهم

[ينزل ربنا: نزولًا يليق بجلاله ليس كمثله شيء، وهو دليل على أن الله فوق العرش على السماء]. 2 - الدعاء عند نزول الكرب والمصائب: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: "لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنت من الظالمين". لمْ يَدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له. (صحيح رواه أحمد) 3 - الدعاء بين الأذان والإِقامة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعوة لا تُرَد بين الأذان والإِقامة". (رواه أحمد وإسناده صحيح) 4 - الدعاء عند الأذان وجهاد الأعداء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اثنتان لا تُردَّان -أو قلَّما تُردَّان- عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضًا". (رواه أبو داود، وقال الحافظ حسن صحيح) 5 - الدعاء عند السجود في الصلاة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقرب ما يكون العبد من ربه -عَزَّ وَجَلَّ-، وهو ساجد، فأكثروا الدعاء". (رواه مسلم رقم 482) 6 - تحري الدعاء يوم الجمعة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه الله إياه". (متفق عليه) الذين يستجاب دعاؤهم 1 - دعاء المضطر: قال الله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62] 2 - دعاء المظلوم مطلقا ولو كان كافرًا أو فاجرًا: أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تُحمل على الغمام، يقول الله تعالى: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين". (صحيح كما في الصحيحة 868) ب - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة". (صحيح كما في الصحيحة 871)

المحرم من الدعاء

ج - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرًا، فإنه ليس دونها حجاب". (حسن رواه أحمد) د - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "دعوة المظلوم مستجابة، وإن كان فاجرًا، ففجوره على نفسه". (حسنه الألباني في الجامع) 3 - دعوة الصائم والمسافر والوالد: أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر". (صحيح انظر الصحيحة 1797) ب - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث دعوات مستجابات ولا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم". (حسنه الألباني في الصحيحة 596) 4 - دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعاء المرء المسلم مستجاب لأخيه بظهر الغيب، عند رأسه ملك مُوكل، كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك: آمين ولك بمثل ذلك". (رواه مسلم) 5 - الدعاء وقت الرخاء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن سَرّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فلْيُكثِر الدعاء في الرخاء". (صححه الحاكم ووافقه الذهبي) المحرم من الدعاء 1 - دعاء غير الله من الأنبياء أو الأولياء الأموات: قال الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [الظالمين: المشركين]. [يونس: 106] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". (رواه الترمذي وقال حسن صحيح) فالدعاء عبادة كالصلاة يحرم صرفه لغير الله من الأموات أو الغائبين، وهو من الشرك الأكبر المحبط للأعمال. 2 - الدعاء على النفس بالموت أو الشر: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتمنين أحدكم الموت لِضُرٍّ نزل به، فإن كان لا بُدَّ متمنيًا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي". (متفق عليه)

الدعاء المستجاب

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على مما تقولون". (رواه مسلم وغيره) 3 - الدعاء على الأولاد والخدم والأموال بالشر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، ولا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءٌ، فيستجاب لكم". (صحيح رواه أبو داود) 4 - تمني الحرب ولقاء العدو: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف". (رواه مسلم) الدعاء المستجاب إذا أردت النجاح في اختبار أو أي عمل فاقرأ الدعاء الآتي: 1 - سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يقول: "اللهم إني أسألك بأني أشهدُ أنكَ أنتَ الله لا إله إلا أنتَ الأحدُ الصمَدُ الذي لم يَلِد ولم يولَد ولم يَكن - له كُفُوًا أحد، فقال - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئِلَ به أعطى". (صحيح رواه أحمد، وأبو داود وغيرهما) 2 - دعوة في النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: "لا اله إلا أنت سُبحانك إني كُنت من الظالمين". لمْ يَدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجابَ الله له. (صحيح رواه أحمد) 3 - يجب أن تأخذ بأسباب النجاح وهو العمل والاجتهاد مع الدعاء. دعاء الضائع سُئل ابنُ عمر -رضي الله عنهما- عن الضَّالةِ فقال: يتوضأ ويُصلي ركعتين، ثم يتشهد، ثم يقول: "اللهم رادَّ الضَّالَّة، هادِيَ الضَّلالة، تهدي من الضَّلال، رُدَّ عليَّ ضالَّتي بِقُدْرتِك وسُلطانِك، فإنها من فضلِك وعطائك". (قال البيهقي هذا موقوف وهو حسن)

دعاء الليل مستجاب

دعاء الليل مستجاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تعارَّ من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله كبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن قام فتوضأ ثم صلَّى قُبلت صلاته". (رواه البخاري وغيره) [تعارَّ: استيقظ]. نصائح وتوجيهات 1 - قرأت الدعاء المستجاب من أجل شفائي من الأمراض التي أصابتني فشفاني الله، وقرأته من أجل تيسر بعض الأعمال المتعبة، فسهل الله لي وأراحني من معاناتها. بفضل الله، ثم بقراءة هذا الدعاء. 2 - إنى أنصح كل مسلم إذا وقع في أي مشكلة، لا سيما إخواننا في الكويت، وفلسطين، وأفغانستان، وغيرها من البلاد الإِسلامية أن يلجأوا إلى الله وحده، ويقرأوا هذا الدعاء مع الأخذ بالأسباب التي أمر الإِسلام بها كالاستعداد للجهاد، وأخذ الدواء للمريض ولا سيما الأدوية الواردة في الطب النبوي كالعسل، والحبة السوداء، وماء زمزم، وغيرها من العلاجات المفيدة. 3 - إني أنصح إخواني المسلمين في جميع بلاد العالم أن يدعوا لإِخوانهم بالنصر والتأييد، وأن يعيد الله المهاجرين إلى بلادهم، والفلسطينيين إلى أوطانهم، وغيرهم من المسلمين المشردين، لأن دعاء المسلم لأخيه في ظهر الغيب مستجاب، ولا سيما هذا الدعاء المبارك الذي استفاد منه الكثيرون لحل مشاكلهم، مهما كانت هذه المشاكل.

دعاء من القرآن الكريم

دعاء من القرآن الكريم {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}. [الكهف: 10] {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. [البقرة: 201] {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}. [آل عمران: 8] {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}. [الحشر: 10] {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة: 4] {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}. [البقرة: 286] {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}. [الأعراف: 89] {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}. [يونس: 85، 86] {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ}. [الدخان: 12] {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}. [الأعراف: 126] من دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - - " اللهم احفظني بالإِسلام قائمًا، واحفظني بالإِسلام قاعدًا، واحفظني بالإِسلام راقدًا، ولا تُشمت بي عدوًا ولا حاسدًا، اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك". (حسن رواه الحاكم) - "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تُبلِّغنا به جنتك، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا، ومَتِّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على مَن ظلمنا، وانصرنا

على مَن عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا مَن لا يرحمنا". (حسن رواه الترمذي) 3 - "اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى". (رواه مسلم) 4 - "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك". (رواه مسلم) 5 - "اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم والغرَق والحرق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مُدبرًا، وأعوذ بك أن أموت لَديغًا". (صحيح روه النسائي) 6 - "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجأة نِقمتك، وجميع سخطك". (رواه مسلم) 7 - "اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء". (صحيح رواه النسائي والحاكم) 8 - "اللهم متعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارث مني، وانصرني على من ظلمني، وخذ منه بثأري". (حسن روه الترمذي) 9 - "اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحُب المساكين، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون". (رواه مسلم) 10 - "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرَم، والقسوة، والغفلة، والعيلة والذلة والمسكنة، وأعوذ بك من الفقر، والكفر، والفسوق والشقاق والنفاق، والسمعة والرياء، وأعوذ بك من الصُّم، والبُكم، والجنون، والجذام، والبرَص، وسَيِّء الأسقام". (روه مسلم) 11 - "اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم". (رواه مسلم)

إلهي أنت المغيث وحدك

إلهي أنت المغيثُ وحدَك يا مَن يرى ما في الضمير ويَسمعُ ... أنت المعَدُّ لكل ما يتوقَعُ يا من يُرجَّى لِلشدائد كُلِها ... يا من إليه المشتكى والمفزَعُ يا من خزائِنُ رِزقهِ في قول كن ... امنُن فإن الخيرَ عندك أجمعُ ما لي سوى فقري إليك وسيلة ... فبالإفتقار إليك فقري أدفعُ ما لي سوى قَرعي لبابك حيلةٌ ... فلئِن رُدِدتُ فأيُّ باب أقرَعُ وَمن الذي أدعو وأهتِفُ باسمِه ... إن كانَ فضلُك عن فقيرك يُمنَعُ حاشا لجودِك أن تُقنِّطَ عاصيًا ... الفضل أجزلُ وَالمواهبُ أوسعُ ثم الصلاةُ على النبي وآله ... (مَن جاء بالقرآن نورًا يسطَعُ) - صلى الله عليه وسلم -

(4) صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - مسائل مهمة عن العمرة والحج

(4) صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - مسائل مهمة عن العمرة والحج

موجز لمحتويات كتاب صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (4) * - صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة. * - الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخطب في عرفات. * - خلاصة أعمال العمرة والحج. * - بدأ أعمال الحج والمنافع العظيمة فيه. * - منافع الحج الدنيا والآخرة. * - أنواع الصبر في الحج. * - شروط الإحتفاظ بمنافع الحج. * - وصايا مهمة للحجاج. * - من آداب المسجد النبوي. * - مشهد الحجيج (شعر ابن القيم). * - مناجاة وتوجع (شعر).

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فهذه رسالة في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخطبة حجة الوداع، وأعمال العمرة والحج، والمنافع العظيمة في الحج، لمعرفة أداء مناسك الحج على الوجه المطلوب بأسلوب سهل، مع بعض الوصايا المهمة للحاج والمعتمر، وبحث مهم من آداب زيارة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والله أسأل أن ينفع بها المسلمين ويجعلها خالصة لوجهه الكريم. محمد بن جميل زينو

صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -

صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال جابر -رضي الله عنه-: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث بالمدينة تسع سنين لم يحج، ثم أذَّن (¬1) في الناس في العاشرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجٌّ [هذا العام]، فقدم المدينة بَشَرٌ كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة (¬2)، فولدت أسماء بنت عُميس محمد بن أبي بكر -رضي الله عنه-، فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف أصنع؟ قال: "اغتسلي واستثفري (¬3) بثوب وأحرمي"؛ فصلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد [وهو صامت] (¬4). الإحرام: (¬5) ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء [أهل بالحج] (¬6) قال جابر: فنظرتُ إلى مَد بصري من بين يديه من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا ¬

_ (¬1) معناه: أعلمهم بذلك ليتأهبوا للحج ويتعلموا المناسك. (¬2) اسم مكان قريب من المدينة صلى فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ركعتين. (¬3) ضعي خرقة محل الدم. (¬4) يعني: لم يُلَبِّ، وإنما لبَّى على الناقة. (¬5) وطيبته عائشة قبل إحرامه كما في الصحيح. (¬6) رفع صوته بالتلبية، وفي حديث أنس في الصحيحين: أهلَّ بالحج والسرة معًا وهو الصحيح كما بينه ابن القيم.

وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويلَه، وما عمل به من شيء عملنا به (¬1) فأهلَّ بالتوحيد: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك". وأهلَّ الناس بهذا الذي يُهلّون به، فلم يَرُدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم شيئًا منه، ولزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلبيته. قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج. دخول مكة والطواف: (للعمرة) حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن (وفي رواية: الحجر الأسود) (¬2). فرمل (¬3) ثلاثًا، ومشى أربعًا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم -عليه السلام- فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فجعل المقام بينه ويين البيت [فصلى ركعتين]. فكان يقرأ في الركعتين: {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد}. [ثم ذهب إلى زمزم فشرب منها، وصبَّ على رأسه، ثم رجع إلى الركن فاستلمه. ¬

_ (¬1) فيه إشارة إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يبين لأصحابه ما نزل عليه من القرآن، وهو النبي يعرف تأويله (تفسيره) وفيه رَدٌّ على فريقين من الناس: أ - الصوفية الذين يستغني أحدهم عن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يزعمونه من العلم اللدني الذي يرمز إليه أحدهم بقوله: "حدثني قلبي عن ربي" بل زعم الشعراني في "الطبقات الكبرى"أن أحد شيوخه (المجذولين) والذين يترضى هو عنهم! كان يقرأ قرآنًا غير قرآننا، ويُهدي ثواب تلاوته لأموات المسلمين!! ب - طائفة يسمون أنفسهم بـ "القرآنيين" والقرآن مهم بريء، يزعمون أن لا حاجة بهم لفهم القرآن إلى السنة. (ذكره الشيخ الألباني في حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -). (¬2) أي مسحه بيده، وقبَّله. واستلم الركن اليماني ولم يقبله، كما في حديث ابن عمر، وورد التسمية والتكبير عند الحجر الأسود فقط. (¬3) الرمَل: إسراع المشي مع تقارب الخُطى.

الوقوف على الصفا والمروة: ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (¬1) أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقى عليه، حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحَّد الله وكبره وقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده". ثم دعا بين ذلك، وقال مثل هذا ثلاث مرات. ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت (¬2) قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدَتا (¬3) مشى حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا. الأمر بفسخ الحج إلى العمرة: حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال: "لو أني استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أسُقِ الهَديَ وجعلتها عمرة، فمَن كان منكم ليس معه هَدي فليَحل وليجعلها عمرة". وفي رواية: فقال: "أحِلوا من إحرامكم، فطوفوا بالبيت، وبين الصفا والمروة، وقصِّروا، وأقيموا حلالًا، حتى إذا كان يوم التروية فأهِلّوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة". (متفق عليه) فقام سراقة بن مالك بن جعشُم فقال: يا رسول الله [أرأيت عُمرتنا (وفي لفظ: مُتْعتنا)، ألِعامنا هذا أم لأبدٍ؟ فشبك رسول الله أصابعه واحدة في الأخرى وقال: "دخلتِ العمرة في الحج "مرتين" [إلى يوم القيامة]، لا بل لأبدٍ أبَد. ¬

_ (¬1) البقرة 158. (¬2) انصبت قدماه: انحدرت. (¬3) ارتفعت قدماه عن بطن الوادي.

خطبته - صلى الله عليه وسلم - بتأكيد الفسخ: فقام فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه فقال: "أبالله تعلموني أيها الناس!؟ قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم اِفعلوا ما آمركم به فإني لولا هَديي لحلَلت كما تَحِلون، ولكن لا يَحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محِله، ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرت لم أسُقِ الهَدي". فحلَّ الناس كلهم وقصَّروا إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هَدي، وليس مع أحدٍ منهم هَدي إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلحة. قدوم علي من اليمن: وقدم علي ببُدن (¬1) النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجد فاطمة -رضي الله عنها- ممن حَلَّ، ولبست ثيابًا صبيغًا واكتحلت فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا. قال: فكان علي بالعراق يقول: فذهبتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُحرِّشا (¬2) على فاطمة للذي صنعَت مُستفتيًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكرَتْ عنه، فأخبرته أني أنكرتُ ذلك عليها، فقال: "صدَقتْ، صدَقتْ"، ماذا قلتَ حين فرضتَ الحج؟ (أي نويت). قال علي: قلتُ: اللهم إني أُهِلُّ بما أهَلَّ به رسولك. قال - صلى الله عليه وسلم -: "فإن معي الهدي فلا تَحِلُّ". قال جابر: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن، والذي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة [بدنة]. قال جابر: فَحَلَّ الناس كلهم وقصَّروا إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هَدي. ¬

_ (¬1) ببُدن: جمع بدنة، وهي الإبل. (¬2) مُحرِّشًا: يذكر له ما يقتضي عتابها.

التوجه إلى منى محرمين: فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهَلّوا بالحج. [قال: ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عائشة -رضي الله عنها- فوجدها تبكي فقال: "ما شأنك؟ " قالت: شأني أني قد حِضتُ، وقد حَلَّ الناس، ولم أَحلِل، ولم أطف بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن، فقال: "إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاغتسلي ثم أهلِّي بالحج، ثم حجي واصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا تصلِّي" [ففعلَت]. "عزا الشيخ الألباني هذه الرواية إلى الإمام أحمد وغيره في كتابه حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -" وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلَّى بها (يعني منى) الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس، وأمر بقُبةٍ مِن شعر تُضرَب له بنمرة. التوجه إلى عرفات: فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضُربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرُحِلت له (¬2). ¬

_ (¬1) جاوز المزدلفة ولم يقف بها. (¬2) فرُحلت له: جُعل عليها الرحل.

الرسول يخطب في حجة الوداع

الرسول يخطب في حجة الوداع خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عرفات وقال: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيَّ هاتين موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث -كان مسترضعًا في بني سعد فقتلَته هُذيل- وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانِ الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن أن لا يوطِئن فُرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مُبرِّح، ولهن عليكم رزقهن، وكِسوتهن بالمعروف. وإني قد تركت فيكم ما -لن تضلوا بعد - إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلَّغت وأدَّيت ونصحت. فقال: بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، ويُنكتُها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد (ثلاث مرات) (ينكتها: يميلها). وقال - صلى الله عليه وسلم - عند الرمي يوم النحر: لتأخذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعلّي لا أحج بعد حجتي هذه. وقال أيضًا: ويحكم أو قال ويلكم -لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض" [أخرج الخطبة مسلم عن جابر]

يستفاد من خطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - تحريم سفك الدماء البريئة، وأخذ الأموال بغير حق، وهذا تأكيد لصيانة النفوس، والملكية الفردية، والقضاء على الإشتراكية الفاشلة، وهي فرع من الشيوعية الملحدة، وقد عرف الناس بطلانها فثاروا عليها ليتخلصوا منها. 2 - تحريم أخذ الربا، وهو الزائد على رأس المال قَلَّ أو كَثُر. قال تعالى: {وإن تُبتم فلكم رؤوسُ أموالِكم}. [البقرة: 279] 3 - فيها الحث على مراعاة حق النساء، والوصية بهن ومعاشرتهن بالمعروف، وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الوصية بالنساء، وبيان حقوقهن، والتحذير من التقصير في ذلك. 4 - استحلال فروج النساء بالزواج الشرعي، كقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء}. [النساء: 3] 5 - لا يجوز للزوجة إدخال أحد يكرهه الزوج في بيته، سواء كان رجلاً أجنبيًّا، أو امرأة، أو أحدًا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك كما ذكره النووي. 6 - يجوز للرجل أن يضرب زوجته -إذا خالفته فيما تقدم- ضربًا ليس بشديد ولا شاق، ولا سيما الإبتعاد عن ضرب الوجه، أو تقبيحه، فإنه من المحرمات، وقد ورد النهي عن ذلك؛ وهذا من قوامة الرجال على النساء كما قال الله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}. [سورة النساء: 34] 7 - فيها الحث على التمسك بكتاب الله الذي فيه عز المسلمين ونصرهم، والتمسك بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - المبينة للقرآن، وأن سبب ضعف المسلمين اليوم هو تركهم الحكم بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نصر لهم إلا بالرجوع إليهما. 8 - فيها الدليل الواضح على علُو الله على عرشه، حيث رفع الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصبعه إلى

السماء ليُشهد الله على أنه بلَّغ الرسالة. 9 - فيها الأمر بأخذ مناسك الحج، وغيرها عنه- صلى الله عليه وسلم - من أقواله وأفعاله، وتقريره، وفيها إشارة إلى وداعه لأصحابه. التحذير من القتال بين المسلمين، وهو من الكفر العملي الذي لا يخرج صاحبه من الإِسلام، وهو كقوله في: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر". (متفق عليه) الجمع بين الصلاتين في عرفة: ثم أذَّن بلال، ثم أقام فصلَّى الظُّهر ثم أقام فصلَّى العصر، ولم يُصَلِّ بينهما شيئًا، ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات (¬1). وجعل حبل المشاة (¬2) بين يديه، واستقبل القبلة (¬3)، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه. الإفاضة من عرفات: ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وفي رواية أفاض وعليه السكينة)، وقد شنق للقصواء الزمام (¬4)، حتى إن رأسها ليُصيب مَورك (¬5) رحله ويقول بيده اليمنى: "أيها الناس السكينة السكينة" كلما أتى حبلًا من الحبال (¬6) أرخى لها قليلًا حتى تصعد. ¬

_ (¬1) صخرات مفترشاة في أسفل جبل الرحمة، قال النووي: وهو الموقف المستحب، وما اشتهر من صحو الجبل فغلط. (¬2) مجتمعهم. (¬3) وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه وقف يدعو رافعًا يديه. (¬4) ضمّ وضيق. (¬5) الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه. (¬6) الحبل المستطيل من الرمل.

المبيت في المزدلفة: حتى اذا أتى المزدلفة فصلَّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يُسبِّح (¬1) بينهما شيئًا، ثم اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة. الوقوف على المشعر الحرام: ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام (¬2) فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلَّله ووحده؛ فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا وقال: "وقفتُ ههنا، والمزدلفة كلها موقف". (رواه مسلم وغيره) الدفع من المزدلفة لرمي الجمرة: فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيمًا، فلما دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرت به ظُعن (¬3) يجرين، فطفق الفضل ينظر اليهن، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه التي الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر (¬4) ينظر، حتى أتى بطن مُحَسِّر، فحرك قليلًا. رمي الجمرة الكبرى: ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي ¬

_ (¬1) لم يصل نفلًا. (¬2) قال جماهير المفسرين وأهل السير والحديث: المشعر الحرام جميع المزدلفة (نووي). (¬3) نساء. (¬4) فيه دليل على وجوب غض البصر عن النساء.

عند الشجرة، فرماها [بسبع حصيات] يُكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف (¬1). رمى من بطن الوادي يقول: "لتأخذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه". النحر والحلق: ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين [بدنة] بيده؛ ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر [ما بقي] وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجُعلت في قِدر فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها. وفي رواية: نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[فحلق] وجلس [بمنى يوم النحر] للناس، فما سئل عن شيء [قُدِّم قبل شيء] إلا قال: "لا حَرج لا حَرج" (¬2). الإفاضة لطواف الإفاضة: ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت أفطافوا، فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يَسقُون على زمزم فقال: "انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس لنزعتُ معكم" (¬3) فناولوه دلوًا فشرب منه. (رواه مسلم وغيره عن جابر انظر حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - للمحدث الألباني) ¬

_ (¬1) حصى الخذف: بقدر حبة الحمص الكبيرة. ومن الخطأ ما يفعله بعض الجهلة بالرمي بالأحذية وغيرها مخالفين هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه وذلك حين قال: "لتأخذوا عني مناسككم". (¬2) معناه: افعل ما بقي عليك، وقد أجزأك ما فعلته ولا حرج عليكم في التقديم والتأخير. واعلم أن أفعال يوم النحر أربعة: رمي جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق، ثم طواف الإفاضة، والسنة ترتيبها، فلو خالف وقدم بعضها على بعض جاز ولا فدية عليه لهذا الحديث وغيره (قاله النووي). (¬3) معناه: لولا خوفي أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج ويزدحموا عليه بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الإستقاء لاستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا الإستقاء "ذكره الإمام النووي".

خلاصة أعمال العمرة

خلاصة أعمال العمرة 1 - الإِحرام في إزار ورداء، ولبسهما على طهارة. 2 - الإِحرام من الميقات بحج أو عمرة، أو بهما، ورفع الصوت بالتلبية. 3 - فسخ الحج ممن نواه مُفردًا، أو قرن إليه عمرة ولم يَسقْ الهدي (الذبيحة). 4 - طواف القدوم سبعة أشواط، والإضطباع فيها، والرمَل في الثلاثة الأُوَل منه (الرمَل: الإسراع، الإضطباع: كشف الكتف الإِيمن). 5 - التكبير عند الحجر، وتقبيله، أو الإشارة إليه، ومسح الركن اليماني فقط. 6 - صلاة ركعتين بعد الطواف خلف المقام إن تيسر له أو في أي مكان من المسجد يقرأ فيهما بـ: {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد}. 7 - الشرب من ماء زمزم، والصبّ منها على الرأس، والعود إلى استلام الحجر الأسود أو الإِشارة إليه. 8 - الوقوف على الصفا مستقبل القبلة يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ويقول مثل هذا ثلاث مرات، ثم يدعو بين ذلك رافعًا كفيه إلى السماء. 9 - المشي بين الصفا والمروة سبعا، والهرولة بين الميلين الأخضرين للرجال القادرين على الهرولة دون النساء، يحسب الذهاب مرة، والرجوع مرة، وينتهي عند المروة. 10 - الوقوف على المروة، والذكر والدعاء عليها كما فعل على الصفا. 11 - ختم السعي على المروة، وتحلل المتمتع بقص الشعر لا الحلق إذا كان وقت الحج قريبًا وإلا فليحلق رأسه وليحذر حلق اللحية فهو حرام.

خلاصة أعمال الحج

خلاصة أعمال الحج (1) الِإحرام بالحج يوم الثامن من ذي الحجة، من منزله لمن كان دون الميقات، والخارج عن الميقات يحرم من الميقات. (2) الذهاب إلى منى يوم الثامن والمبيت فيها، وأداء الصلوات في أوقاتها مع قصر الرباعية. (3) التوجه يوم التاسع إلى عرفات، والوقوف بها نهارًا أو ليلًا، والجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم مع القصر. (4) الوقوف بعرفة مفطرا؛ وَاستقبال القبلة رافعًا يديه يدعو. (5) الإِفاضة من عرفة بعد الغروب إلى المزدلفة، وعليه السكينة مُلبيًا. (6) الجمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير في المزدلفة، مع قصر العشاء، بأذان واحد، وإقامتين بدون صلاة السنة. (7) المبيت بمزدلفة بدون إحياء الليل، وعليه صلاة الفجر في وقتها. (8) الوقوف عند المشعر الحرام -والمزدلفة كلها مَشْعَر- مستقبل القبلة داعيًا حامدًا مكبرًا مهللًا حتى ظهور نور الصباح. (9) التوجه من المزدلفة إلى منى قبل أن تطلع الشمس. (10) الذهاب إلى الجمرة الكبرى ضحى، ورميها يوم النحر بسبع حصيات (قدر الحمصة) والتكبير مع كل حصاة ويمتد وقت الرمي إلى الليل. (11) بعد رمي الجمرة الكبرى، والحلق أو التقصير يكون التحلل الأصغر. (12) رمي الجمرات الثلاث في كل يوم منها بعد الظهر. ويجوز التوكيل بالرمي عن الضعفاء. (13) الذبح للقارن (¬1) والمتمتع (¬2)، فمن لم يجد من المتمتعين فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع لأهله. ¬

_ (¬1) القارن: من أحرم بعمرة وحج معًا يكفيه سعي واحد. (¬2) المتمتع: من أتى بعمرة في أشهر الحج، ثم تحلل، ثم أتى بالحج. وهو الذي أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

14 - ذبح شاة عن واحد؛ أو جمل أو بقرة عن سبعة في مكة أو منى، والأكل منها؛ ومدة الذبح إلى رابع أيام العيد. 15 - طواف الإِفاضة بدون رمَل (إسراع)، ومن بقي في لباس الِإحرام فلا يكشف كتفه والإحلال بعده الحل كله. 16 - السعي للمتمتع، ولمن لم يسعَ من القارنين. 17 - الرجوع إلى منى، والمكث فيها أيام العيد الثلاثة الأخيرة. 18 - الطواف للوداع واجب، وفي تركه ذبح شاة.

المنافع العظيمة في الحج

المنافع العظيمة في الحج قال الله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}. (سورة الحج 27) 1 - قال ابن عباس: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} قال: منافع الدنيا والآخرة: أما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البُدن والذبائح والتجارات. 2 - وكذا قال مجاهد وغير واحد: إنها منافع الدنيا والآخرة، كقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}. (البقرة 198) وقوله: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} (انظر تفسير ابن كثير ج 3/ 216) 3 - وقال العلامة محمد الأمين في تفسيره أضواء البيان: قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ}: هي لام التعليل: وهي متعلقة بقوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِر}. (سورة الحج 27) أي إن تؤذِّن فيهم يأتوك مشاة وركبانًا، لأجل أن يشهدوا: أي يحضروا منافع لهم، والمراد بحضورهم المنافع: حصولها لهم. وقوله: {مَنَافِعَ} جمع منفعة، ولم يبين هنا هذه المنافع ما هي؟ وقدجاء بيان بعضها في بعض الآيات القرآنية، وأن منها ما هو دنيوي، وما هو أُخروي: أما الدنيوي فكأرباح التجارة إذا خرج الحاج بمال تجارة معه، فإنَّه يحصل له الربح غالبًا، وذلك نفع دنيوي. وقد أطبق علماء التفسير على أن معنى قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (سورة البقرة 198)

أنه ليس على الجاج إثم ولا حرج إذا ابتغى ربحًا بتجارة في أيام الحج، إِن كان ذلك لا يشغله عن شيء من أداء مناسكه. وإيضاح المعنى: وأذِّن في الناس بالحج يأتوك مشاة وركبانًا، لأجل أن يشهدوا منافع لهم، ولأجل أن يتقربوا إليه بإراقة دماء ما رزقهم من بهيمة الأنعام مع ذكرهم اسم الله عليها عند النحر والذبح. (انظر أضواء اليان 5/ 489)

منافع الحج في الدنيا

منافع الحج في الدنيا الحج له منافع دنيوية كثيرة أهمها: 1 - التعارف بين المسلمين الوافدين من بلادهم على اختلاف ألسنتهم وألوانهم يتم في الحج، حيث تأتي الشعوب والقبائل من كل فج عميق، ومن بلاد مختلفة، وتجتمع في مكان واحد، فيتم التعارف بسهولة. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}. (الحجرات 13) وعن طريق التعارف في العمرة والحج يتم التآلف: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الأرواح جنود مُجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف". (متفق عليه) فعلى الوافدين إلى الحج أن يتعارفوا، ويُسلّموا على بعضهم حتى يحصل التحابب بينهم: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم". (رواه مسلم) 2 - الوحدة الإِسلامية: يقول الشيخ محمد الأمين: ومن تلك المنافع ... : تيسر اجتماع المسلمين من أقطار الدنيا في أوقات معينة في أماكن معينة ليشعروا بالوحدة الإِسلامية، ولتمكن استفادة بعضهم من بعض فيما يهم الجميع من أمور الدنيا والدين، وبدون فريضة الحغ، لا يمكن أن يتسنى لهم ذلك، فهو تشريع عظيم من حكيم خبير، والعلم عند الله تعالى. (أضواء البيان) 3 - التعاون بين المسلمين: الحج مؤتمر عظيم للمسلمين، ليتعارفوا ويتحابوا، ويتعاونوا على حل مشاكلهم

الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، وغيرها من المشاكل التي يعانيها المسلمون في بلادهم، ولا سيما الأقليات المسلمة، وما تعانية من الإضطهاد، والتمييز العنصري في جنوب أفريقيا، والحرب الطائفية في لبنان وما تعانيه من التفرقة والإختلاف، والجهاد الأفغاني ضد الإستعمار الشيوعي الماكر، واليهود الذين احتلوا فلسطين والمسجد الأقصى، ومحاولتهم القضاء على الشعب الفلسطيني وإخراجه من أرضه بالقوة. كل ما تقدم من المشاكل التي يعانيها العالم الإِسلامي يمكن بحثها في الحج، عملَا بقوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}. (الحج 28) وقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. (المائدة 2) وعملَا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنصُر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قيل: كيف أنصره ظالمًا؟ قال: تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره". (رواه البخاري) 4 - الذبائح واللحوم: ومن المنافع الدنيوية ما يستفيد المسلمون من البُدن والذبائح التي ينحرونها ويأكلون منها، ولا سيما الفقراء الذين ينتظرون هذا اليوم العظيم، وقد أمكن الإستفادة من اللحوم عن طريق الثلاجات، ثم ترسل إلى فقراء المسلمين في البلاد النائية، عملاً بقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}. (الحج 28) وقوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى}. (الحج 32) 5 - التجارة في الحلال: يمكن الإِستفادة من موسم الحج في تبادل السلع والمنتجات ولا سيما الإِسلامية، وبيعها للحجاج لتشجيع الاقتصاد في العالم العربي والِإسلامي، وقد اقترح بعض الدعاة إقامة معرض دولي تعرض فيه المنتوجات الصناعية والزراعية في موسم الحج للإستفادة منها وتشجيعها. إن الإِسلام يحيى للوافدين إلى الحج التجارة فيما أحله الله كالأطعمة والألبسة وغيرها من المباحات، ويُحرم التجارة في الأمور المحرمة كالمخدرات على اختلاف أنواعها مما يضر بعقول المسلمين وأجسامهم، فليتق الله هؤلاء الذين يتاجرون بالمخدرات، ويأخذون المال الحرام، وسيعاقبون على هذا يوم القيامة.

وقد توعدت الحكومة السعودية بإنزال أقصى العقوبات لمثل هؤلاء المجرمين، فجزاها الله خيرًا. وقد أفتى العلماء في السعودية وغيرها بتحريم الدخان، والتجارة فيه؛ لأنه يضر الجسم، ويؤذي الجالس، ويتلف المال. فعلى المسلم ألا يشربه، ولا يتاجر فيه، ولا يقدمه لضيوفه، ولا يأخذ منه لأصدقائه، عملاً بقوله. تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. (المائدة 2) 6 - يحسن بالوافدين أن يأخذوا السواك إلى بلادهم، فيبيعوه إلى إخوافهم أو يقدموه هدية لهم، فإن فيه منافع عظيمة أقرها الطِّيب الحديث، فهي خير من الفرشاة الاصطناعية والمعجون، فإن السواك فيه رائحة عطرية، تفيد الأسنان، وتعطي الفم رائحة طيبة، تفيد أكثر من المعجون، وقد استعمله بعض المدخنين، ومضغوا قشره فأغناهم عن الدخان وتركوه. وقد ورد في فضل السواك أحاديث، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: أ - "لولا أن أشق على أُمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء". (صحيح رواه مالك والشافعي) ب - "لولا أن أشق على أُمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة". (متفق عليه) ج - السواك مطهرة للفم مَرضاة للرب. (صحيح رواه أَحْمد وغيره) د - السواك يُطيب الفم، وُيرضي الرب. (صحيح رواه الطبراني) يجب قطع رأس السواك بعد استعماله مدة لتوسخه، وليخرج قسم نظيف من السواك. 7 - التمر: هو خير ما يتاجر به الحاج ويأخذ منه للهدايا. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تصبح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سُم ولا سحر". (متفق عليه)

منافع الحج. والعمرة في الآخرة

منافع الحج. والعمرة في الآخرة العمرة والحج لهما فوائد عظيمة في الآخرة، منها: 1 - غفران الذنوب: قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة: 203] ذكر الطبري في تفسير الآية أقوالًا لأهل العلم ثم قال: وأولى هذه الأقوال بالصحة قول من قال: فمن تعجل من أيام مني الثلاثة، فنفر في اليوم الثاني فلا إثم عليه يحط الله عنه ذنوبه، إن كان قد اتقى في حجه، فاجتنب فيه ما أمر الله باجتنابه، وفعل فيه ما أمر الله بفعله، وأطاعه بادائه على ما كلفه من حدوده، ومن تأخر إلى اليوم الثالث منهن، فلا إثم عليه لتكفير الله ما سلف من آثامه وإجرامه إن كان اتقى الله في حجه بأدائه بحدوده، وإنما قلنا إن ذلك أولى تأويلاته، لتظاهر الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أ - "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسُق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه". (متفق عليه) ب - "تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة". (صحيح رواه أحمد) وقد نقل العلامة الشنقيطي في (أضواء البيان) قول الطبري ورجحه. (ذكرنا قول الطبري مختصرًا) 2 - فضل الصلوات في مكة بمائة ألف، وفي مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بألف صلاة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من أَلْف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة". (رواه مسلم)

وقال رسول الله يك: "صلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة". (صحيح رواه أَحْمد) 3 - مباهاة الله بأهل عرفة الملائكة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول فم: انظروا إلى عبادي جاؤوني شُعثًا غُبرا" (صحيح رواه البيهقي وغيره) 4 - فضل الدعاء في يوم عرفة: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له" (حسن رواه مالك) ومعنى (لا إله إلا الله): لا معبود بحق إلا الله. فعلى المسلم أن يكثر من قول هذه الكلمة الطيبة، وأن يكثر من الدعاء في يوم عرفة؛ وليحذر دعاء غير الله من الأموات والغائبين؛ لأنه من الشرك الذي يبطل الحج والأعمال كلها. 5 - يستحب للحاج رفع الصوت بالتلبية، وإراقة دم الذبائح لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الحج العَجُّ والثجُّ". (حسن رواه الترمذي) [العَج: رفع الصوت بالتلبية، والثجُّ: الذبائح].

أنواع الصبر في الحج

أنواع الصبر في الحج من منافع الحج الصبر: وهو حبس النفس على ما تكره، وهو أنواع: 1 - الصبر على طاعة الله: بأداء مناسك الحج والعمرة - من إحرام، ومبيت بمنى، ووقوف بعرفة، ومبيت بمزدلفة، ورمي، وذبح، وحلق، وطواف، وسعي، وتحلل - على الوجه المشروع والمطلوب. 2 - الصبر عن معاصي الله: باجتناب الرفَث، والفسوق، والجدال بالباطل، وغيرها من المعاصي: قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (البقرة 197) (الرفث: الجماع والتقبيل) (الفسوق: المعاصي). 3 - الصبر على مفارقة الأهل، والأحباب، والأوطان وذلك بذكر الله وشكره، وطلب الأجر من الله. قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}. (البقرة 200) 4 - الصبر على تكاليف العمرة والحج، فأجر النفقة لا يضيع عند الكريم، بل يضاعفه له، ويخلفه عليه، ويزيده من فضله: قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}. (سبأ 39) قال - صلى الله عليه وسلم - لعائشة -رضي الله عنها- في عمرتها: "إن لك من الأجر على قدر نصَبك ونفقتك". (صحيح رواه الحاكم) (النصَب: التعب). 5 - الصبر على المتاعب البدنية في الحل والزحال، والإنتقال من بلد إلى بلد، ومن

مشعر إلى مشعر، ومن مكان لآخر. وليعلم الحاج أن هذا من الجهاد الذي يؤجر عليه لقوله - صلى الله عليه وسلم - "الحج جهاد كل ضعيف". (حسن رواه ابن ماجه) 6 - الصبر على ضياع مال أو أصحاب، وعلى المسلم أن يدعو الله بما ورد ويأخذ بالأسباب بالتفتيش عن ضالته: سُئل ابن عمر -رضي الله عنهما- عن الضالة، فقال: "يتوضأ ويُصلي ركعتين، ثم يتشهد، ثم يقول: "اللهمَّ رادَّ الضالة، هادي الضلالة، تهدي من الضلال، رُدَّ عليَّ ضالتي بقدرتك وسلطانك، فإنَّها من فضلك وعطائك". (قال البيهقي هذا موقوف وهو حسن) 7 - الصبر على جميع المشاكل التي تصيب الحاج، وذلك بالإلتجاء إلى الله، ودعائه وحده، ولا سيما في الليل: قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تعارّ من الليل، فقال: لا إله إلا إله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهمَّ اغفر لي أو دعا استُجيب له، فإن توضأ وصلى قبلتْ صلاته". (رواه البخاري وغيره) وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم". (حسن رواه البزار) 8 - استعن بالصبر والصلاة على مصائب الدنيا: قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (البقرة: 45) 9 - واعلم أن ما يصيبك من مرض، أو تعب، أو أذى، أو غير ذلك، فهو تكفير عن سيئاتك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يُصيب المسلم من نصَب، ولا وَصب، ولا هَمّ، ولا حزن، ولا أذى، ولا غَمّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه". (متفق عليه) [النصب: التعب، الوَصَب: المرض]

10 - عليك بالصبر حتى تكون ممن قال الله تعالى فيهم: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة: 155 - 157)

شروط الإحتفاظ بمنافع الحج

شروط الإحتفاظ بمنافع الحج إذا أردت الإحتفاظ بمنافع الحج المتقدمة فاجتنب مايلي: 1 - الإِلحاد في الحرم: قال الله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}. (الحج 25) أ - قال ابن كثير: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ}: أي يَهُم فيه بأمر فظيع من المعاصي الكبار. ب - وقوله: (بظلم) أي عامدًا قاصدًا أنه ظلم ليس بمتأول كما قال ابن جريج عن ابن عباس: هو التعمد. ج - وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: بظلم: بشرك. د - وقال مجاهد: أن يُعبَد فيه غير الله، وكذا قال قتادة وغير واحد. هـ - وقال العوفي عن ابن عباس: (بظلم) هو أن تستحل من الحرم ما حرم الله عليك من إساءة، أو قتل، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له العذاب الأليم. و- وقال مجاهد: (بظلم) يعمل فيه عملاً سيئًا، وهذا من خصوصيات الحرم أنه يعاقب البادي فيه الشر إذا كان عازمًا عليه وإن لم يوقعه. (انظر نفسير ابن كثير ج 3/ 214) أقول: ومن الإِلحاد في الحرم ما يفعله المجرمون مِن قتل الأبرياء، وترويع الآمنين، وينطبق عليهم قول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. (المائدة 33) علمًا بأن المشرك كان يلقى قاتل أَبيه، فيُعرض عنه احترامًا للحرم، والمسلم أحق باحترام البيت وتعظيمه من المشرك، والله تعالى يقول:

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا}. (البقرة 125) والحكومة السعودية -وفقها الله- قامت بواجبها بإنزال العقوبة العادلة على هؤلاء المجرمين الذين يسعون في الأرض فسادًا ويلحدون في الحرم، وقد توعدهم الله يوم القيامة بالعذاب. 2 - الشرك بالله: وهو صرف العبادة لغير الله كدعاء الأموات والغائبين لقول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. (يونس 106) [الظالمين: المشركين] وإذا وقع المسلم في الشِّرك بَطَل حَجه وعمله لقول الله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (سورة الزمر 65) 3 - الرياء: وهو العمل الذي يراد به السمعة، فيحج ليقول عنه الناس: الحاج، علمًا بأن كلمة (الحاج) التي يطلقونها على من حج البيت لم يعرفها السلف الصالح، فلم نسمع عن واحد منهم قال في أخيه: (الحاج عمر) مثلًا؛ لأنها من بدع المتأخرين. فأخلص حجك لله يَا أخي المسلم وقل كما قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ حَجة لا رياء فيها ولا سُمعة" (صحيح رواه ابن ماجه)

وصايا مهمة للحاج

وصايا مهمة للحاج إذا أردت المزيد من فوائد الحج فاعمل بهذه الوصايا: 1 - رافق أهل الصلاح والعلم واستفد منهم. 2 - تحمّل أذى جيرانك، ولا تؤذ أحدًا من إخوانك، وادفع بالتي هي أحسن. 3 - استعمل السواك، وخذ هدايا منه مع زمزم والتمر لأهلك، فقيد وردت أحاديث في فضلها. 4 - احذر لمس النساء والنظر إليهن، واحجب نساءك عن الرجال. 5 - تلطف بمن حولك أثناء الطواف وتقبيل الحجر والسعي، والرمي، فهو من الرفق المطلوب، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من يُحرَم الرفق يُحرَم الخير كله". (روه مسلم) 6 - احذر الرفث والفسوق والمخاصمة، حتى يكون حجك مقبولًا. 7 - احذر شرب الدخان، وسوء الأخلاق، والشتم والسباب، وحلق اللحية، فهي محرمة، ولا سيما أثناء أداء مناسك العمرة والحج. 8 - كن سمحًا في بيعك وشرائك حتى يرحمك الله، وحسِّن أخلاقك ولا تواجه أحدًا بما يكره، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى". (رواه البخاري) 9 - لا تضيع أوقاتك في الأسواق، والبيع والشراء والقيل والقال. 10 - أكثر من قراءة القرآن، والطواف بالكعبة، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. 11 - لا ترفع صوتك بالدعاء عند الطواف ففيه تشويش على الطائفين، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "اربَعوا على أنفسكم فإنكم ليس تدعون أصَمَّ، ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم". (رواه مسلم) [اربَعوا: ارفقوا بأنفسكم، ولا ترفعوا أصواتكم فالله يسمعكم]

من آداب المسجد النبوي

من آداب المسجد النبوي 1 - زيارة مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - مستحبة لمن استطاع، ولا يتوقف عليها صحة الحج، وليس لها وقت مُحدد. 2 - احرص على صلاة الجماعة، ولا سيما في المسجد الحرام، ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وفي المسجد النبوي بألف صلاة. 3 - إذا دخلت المسجد، فقدم رجلك اليمنى وقيل: بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، ثم صل ركعتين تحية المسجد، ثم سلم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلًا: السلام عليك يَا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا عمر، وإن أردت الدعاء فاستقبل القبلة، وأسأل الله بمحبتك لرسوله - صلى الله عليه وسلم -. 4 - اذهب إلى مسجد قباء وصل فيه لقوله - صلى الله عليه وسلم - "من تطهير في بيته ثم أتى مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة كان له أجر عمرة تامة". (صحيح رواه أَحْمد) 5 - تستحب زيارة البقيع، وشهداء أُحد، دون المساجد السبعة في المدينة المنورة لعدم وجود دليل عليها. 6 - احذر لمس أو تقبيل الشباك أو الجدار وغيرهما. 7 - الرجوع إلى الوراء عند مغادرة المسجد بدعة لا دليل عليه. 8 - السفر إلى المدينة يكون بنية زيارة المسجد النبوي، ثم السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الدخول، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) "متفق عليه"

ذكريات مفيدة

ذكريات مفيدة 1 - اقرأ كتابًا عن مناسك الحج، لتتعلم أحكامه، وأسأل العلماء، واسمع المحاضرات. 2 - لا تنس أن تأخذ لأهلك بعض الهدايا النافعة كالكتب المفيدة، ومجلة التوعية الإِسلامية التي توزعها مجانًا مراكز التوعية الإِسلامية في مكة والمدينة وغيرهما. 3 - تذكر وأنت في مكة أو المدينة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقي في مكة 13 عامًا يدعو إلى كلمة التوحيد، فاقتد به، وذكر الناس بكلمة "لا إله إلا الله" ومعناها: لا معبود بحق إلا الله، وذكرهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله". (رواه الترمذي وقال حسن صحيح) ومن التوحيد أن تسال أهلك وإخوانك: أين الله؟ وتعطيهم الجواب: في السماء، فقد سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - جارية: "أين الله؟ قالت في السماء، قال لها من أنا؟ قالت رسول الله، فقال لصاحبها: أعتقها فإنها مؤمنة". (رواه مسلم) الخلاصة الحج ركن من أركان الإِسلام له منافعِ دنيوية وأخروية، فبادر إليه عند الإستطاعة قبل أن تمرض أو تفتقر، أو تموت عاصيًا؛ واحذر الإِشراك باللهِ، والرياء، والإِلحاد في الحرم، والرفث والفسق والجدال الباطل في الحج ... ومن علامة الحج المقبول أن تكون أحسن حالًا في عقيدتك وعبادتك ومعاملاتك وأخلاقك، و ... وعليك بالدعاء قائلًا: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}

مشهد الحجيج

مشهد الحجيج 1 - أما والذي حج المحبون بيته ... ولَبّوا له عند المهَلِّ وأحرموا 2 - وقد كشفوا تلك الرءوسَ تواضعًا ... لِعزة مَن تعنو الوجوه وتُسلِمُ 3 - يُهلون بالبيداء لبيك ربَّنا ... لك الملك والحمد الذي أَنْتَ تعلمُ 4 - دعاهم فلَبَّوه رضًا ومحبَّة ... فلما دعوه كان أقربَ منهمُ 5 - وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة ... ومغفرة ممن يجود ويُكِرمُ 6 - فلله ذاك الموقف الأعظم الذي ... كموقف يومِ العَرض بل ذاك أعظمُ 7 - ويدنو به الجبار جلّ جلاله ... يُباهي بهم أملاكه لهو أكرمُ 8 - يقول عبادي قد أتوني محبّة ... وإني بهم بَرٌّ أجُودُ وأرحمُ 9 - فأشهدكم أني غفرت ذنوبهم ... وأعطيتهم ما أمَّلوه وأُنعِمُ العلامة ابن قيم الجوزية

مناجاة وتوجع

مناجاة وتوجع 1 - إليك إلهي قد أتيت مُلبيا ... فبارك إلهي حجتي ودعائيا 2 - قصدتك مضطرًا وجئتك باكيًا ... وحاشاك ربي أن ترد بكائيا 3 - كفاني فخرًا أنني لك عابد ... فيا فرحتي إذا صرتُ عبدًا مواليا 4 - إلهي فأنت الله لا شيء مثله ... فأفعم فؤادي حكمة ومعانيا 5 - أتيتُ بلا زاد، وجودُك مطمعي ... وما خاب من يهفو لجودك ساعيًا 6 - إليك إلهي قد حضرتُ مُؤمِّلًا ... خلاصَ فؤادي من ذنوبي مُلَبِّيا 7 - وكيف يرى الإنسان في الأرض مُتعة ... وقد أصبح القدسُ الشريف ملاهيا 8 - يجوس به الأنذال مِن كل جانب ... وقد كان للأطهار قدسًا وناديا 9 - معالم إسراء، ومهبطُ حكمة ... وروضة قرآن تعطر واديا

(5) من بدائع القصص النبوي الصحيح

(5) من بدائع القصص النبوي الصحيح

المقدمة

المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فإن النفوس تحب القصص، وتتأثر بها, لذلك تجد في القرآن أنواعًا من القصص النافع، وهو من أحسن القصص. وكان من حكمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن اقتدى بكتاب ربه، فقص علينا من الأنباء السابقة ما فيه العِبَر، باللفظ الفصيح، والبيان العذب البليغ، ويمتاز بأنه واقعى وليس بخيالي. {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى , إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى}. "النجم 3 - 4" وإن بعض شبابنا قد مالوا إلى القصص الأجنبي الضار، إذ أكثره جنسي مائع أو بوليسي مجرم، يوقعهم في الفاحشة والإنحراف كما يريده أعداء الإِسلام. لذلك كان واجبًا على الكاتب الإِسلامي أن يقدم نماذج من القصص الديني الصحيح، فإن فيها تهذيب الأخلاق، وتقريب الشباب من الدين. وإني أقدم نموذجًا من بدائع القصص النبوي، وهي مختارة من الأحاديث الصحيحة، وجعلتها على شكل حِوار، ومشاهد، حتى كأنك ترى وقائع القصة أمامك، وجعلت لكل قصة عبرة في آخرها للاستفادة منها، فالله تعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}. "يوسف آية 111" وأحب أن أنبه إلى أمور مهمة: 1 - شرحت بعض الكلمات التي تساعد القارئ على فهم القصة. مثل: (فلقيه)، فقنت: (فلقي ضماد محمدًا - صلى الله عليه وسلم -). 2 - نقلت الفعل الماضي إلى الفعل المضارع ليرى القارئ القصة وكأنها أمامه 3 - حذفت كلمة (قال) من النص استغناء عنها بذكر القائل أول السطر. 4 - الكلام الذي بين المعقوفين [] وهو وصف لحالة القائل وهو من كلام المؤلِّف. 5 - لا يفهم من هذا الحِوار وَالمشاهد جواز عملية التمثيل ولا سيما تمثيل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، وهو حرام. والله أسال أن ينفع بها المسلمين، ويجعلها خالصة لله تعالى.

الغلام المؤمن والساحر

الغلام المؤمن والساحر * الملِك والساحر. *الراهب والغلام. * الغلام والأفعى. * الغلام والأعمى. * تعذيب من آمن. * الغلام يُعذب. * الغلام يُضحِّي بنفسه. * احتراق الكفار. * من عبرة القصة وفوائدها.

الغلام والأفعى

الغلام المؤمن والساحر عن صهيب -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (كان مَلِك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر؛ فلما كبر الساحرُ، قال للملِك: إني قد كبِرتُ فابعث إليَّ غلامًا أُعلِّمه السحر؛ فبعث إليه غلَامًا يُعلمه، فكان في طريقه إذا سلك راهبٌ، فقعد إليه وسمع كلامَه فأعجبه؛ فكان إذا أتى الساحر مَرَّ بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيتَ الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر). الغلام والأفعى "بينما الغلام سائر إذ رأى دابة عظيمة (أفعى) قد حبست الناس". الغلام [يخاطب نفسه]: اليوم أعلم، الساحر أفضل أم الراهب؟ الغلام [يأخذ حجرًا]: اللهمَّ إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس. "يرمي الغلام الدابة فيقتلها ويمضي الناس". الراهب [متعجبًا]: "يأتي الغلام الراهب فيُخبره". أي بُني أنتَ اليوم أفضل مني، قد بلغ مِن أمرِك ما أرى، وإنك ستُبتلى، فإن ابتُليتَ فلا تدل عليَّ. "الغلام يُبرىء الأكمه (الأعمى) والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء (الأمراض) ".

الغلام والأعمى

الغلام والأعمى "يسمع جليس للملك كان قد عمي، فيُقدِّم للغلام هدايا كثير". الأعمى [راجيًا]: كل هذه الهدايا لك إن أَنْتَ شفيتني! الغلام [مرشدًا]: إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي الله تعالى، فإن أنت آمنت بالله دعوتُ الله فشفاك. "يؤمن الأعمى فيشفيه الله تعالى". "يأتي الجليس الملِك، فيجلس إليه كما كان يجلس". الملك [متعجبًا]: من رَدَّ عليك بصركَ؟!! الجليس [في فرح]: ربي! الملك [منكرًا] أوَ لك رَبٌّ غيري؟!! الجليس [في شجاعة وإيمان]: ربي وربك الله. "يأخذه الملك فلم يزل يعذبه حتى يَدُل على الغلام فيُؤتى بالغلام". الملك [مهددًا]: أيْ بُنيَّ قد بلَغ مِن سحرك ما تُبرىء الأكْمَهَ والأبرص، وتفعل وتفعل!! الغلام: إني لا أشفي أحدًا، إنما يَشفي الله تعالى. تعذيب من آمن "يأخذ الملك الغلام، فلا يزال يُعذبه حتى دَل على الراهب، فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك فيأبى، فيدعو الملِك بالمنشار، فيضع المنشار في مفرق رأسه فيشقه به حتى يقع شقاه على الأرض!! ". "ثم جيء بجليس الملك، فقيل له: ارجع عن دينك فيأبى، فيضع المنشار في مفرق رأسه، فيشقه به حتى وقع شقاه".

الغلام يعذب

الغلام يُعذب "يؤتى بالغلام، فيقال له: ارجع عن دينك، فيأبى، فيدفعه الملك إلى نفر من أصحابه". الملك [غاضبًا]:اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذِروْته، فإن رجع عن دينه، وإلا فاطرحوه. "يذهبون بالغلام، ويصعدون به الجبل". الغلام [داعيًا عليهم]: اللهم اكفِنيهم بما شئت. "يَرْجف بهم الجبل فيسقطون ويجيء الغلام يمشي إلى الملك". الملك [في حيرة ودهشة]: ما فعل أصحابك؟! الغلام [في شجاعة وإيمان]: كفانيهم الله تعالى. "يدفعه الملك إلى نفر من أصحابه". الملك: اذهبوا فاحملوه في قُرقُور (زَوْرَق) وتوسّطوا به البحر، فإن رجع عن دينه، وإلا فاقذفوه. "يذهبون بالغلام". الغلام [داعيًا]:اللهم اكفنيهم بما شئت. "تنكفىء بهم السفينة فيغرقون!! ويجيء الغلام إلى الملك يمشي!! ". الملك [في قهر وخذلان]: ما فعل أصحابك؟ الغلام [في طمأنينة وثبات]:كفانيهم الله تعالى.

الغلام يضحي بنفسه

الغلام يضحي بنفسه الغلام [للملك]: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به!!! الملك [في عجز ويأس]: ما هو؟ الغلام [آمرًا]: تجمعُ الناسَ في صعيد واحد، وتصلبني على جذْع، ثم خذ سهمًا مِن كِنانتي، ثم ضع السهم في كَبِد القوس، ثم قل: (بسم الله رب الغلام)!! ثم ارمني، فإنك إذا فعلتَ ذلك تقتلني. "يَجمعُ النَّاسَ في صعيد واحد، ويَصلبُ الغلامَ على حذع، ثم يأخذ الملك سهمًا من كنانة الغلام، ثم يَضع السهم في كبد القوس ثم يقول: (بسم الله رب الغلام) ثم يرميه، فيقع السهم في صُدْغه، فيضع يده في صدغه في موضع السهم ويموت". الناس [يهتفون]: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام. "يجيء الجند إلى الملك". الجند [في أسف]: أرأيتَ ما كنتَ تحذر، قد والله نزل بكَ حَذَرُك، قد آمن الناس. الملك [فِي غيظ]: احفِروا الأخدود (الخنادق) بأفواه السكك واضْرِموا فيها النيران، ومَن لم يرجع عن دينه فاقحِموه فيها (اطرحوه). "الجند على أطراف الأخدود، يَعْرضون الشعب المؤمن على النَّار، ويَعْرضون عليهم أن يرجعوا عن دينهم، فمن لم يرجِع أوقْعوه في النَّار". "على حافَّة النَّار امرأة معها رضيع تخشى عليه فتترد، وتتقاعس أن تقع في النَّار". الرضيع [يقول]: يَا أُمَّهْ اصبري فإنك على حق. "ذكر قصة أصحاب الأخد والإِمام مسلم 4/ رقم 3005"

احتراق الكفار

احتراق الكفار قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} "البروج 10" 1 - قال ابن جرير بعد ذكره قصة أصحاب الأخدود: وإنما قلت ذلك أولى التأويلين بالصواب للذي ذكرنا عن الربيع في العلة: وهو أن الله أخبر أن لهم عذاب الحريق مع عذاب جهنم؛ ولو لم يكونوا أُحرقوا في الدنيا لم يكن لقوله: {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} معنى مفهوم مع أخباره أن لهم عذاب جهنم؛ لأن عذاب جهنم من عذاب الحريق مع سائر أنواع عذابها في الآخرة. "ج 30 ص 135" 2 - قال القرطبي في تفسيره قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}. أي حرَّقوهم بالنار، فلهم عذاب جهنم لكفرهم، ولهم الحريق في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار. وقيل: {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب كفرهم بما أحرقوا المؤمنين. 3 - ذكر المفسر الألوسي نقلاً عن ابن جرير وغيره: أن الله بعث على المُؤْمنين ريحًا تقبض أرواحهم قبل الوصول إلى النار، وأن النار خرجت فأحرقت هؤلاء الكفار الذين كانوا على حافتي الأخدود. ويدل عل هذا قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ}. وقوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}.

من فوائد القصة 1 - كل مولود يولد على الفطرة، فاقتضت الفطرة السليمة أن تكون مع الحق والخير دائمًا وترفض الشر، فوجَّهتِ الغلام نحو الخير حين سمع الحق من الراهب ونبذت الشر المتمثل في الساحر الكافر. 2 - لا بأس بالكذب للنجاة من كيد الكافرين عند الضرورة. 3 - علم الغلامُ بفطرته أن الحق مع الراهب ولكن أراد أن يقيم الحجة (مثل إبراهيم -عليه السلام-) حين أقام الحجة على قومه. 4 - الدعاء إلى الله أن يظهر له الحق وُيبين له وجه الصواب ويقطع الشك باليقين، وهذا شأن المؤمن يلجأ إلى الله دائمًا لحل مشكلاته. 5 - إماطة الأذى عن الطريق وتخليص الناس مِن كرب وقعوا فيه، مشروع ومطلوب يؤجَر المسلم عليه، كما صرحت بذلك الأحاديث. 6 - المؤمن الصادق هو الذي ينسِبُ فعل الكرامة إلى الله وليس إلى نفسه. 7 - الاعتراف بالفضل ولو إلى غلام صغير: (أي بُني أنت اليوم أفضل مني). 8 - كل من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وصدع بالحق لا بُدَّ من أن يُبْتَلى، فعليه بالصبر، وله الأجر الكبير عند الله. قال الله تعالى على لسان لقمان يوصي ولده: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} "لقمان 17" 9 - كل من أخطأ في تعبيره لا يُترك في خطئه، بل يُبين كله وجه الصواب، لا سيما في عقيدة التوحيد، فالغلام يقول للوزير: إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي الله تعالى. وهذا مطابق لقول الله تعالى عن إبراهيم: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]. 10 - إن لله رجالًا أقوياء بإيمانهم، فمهما عُذِّبوا لا يرجعون عن دينهم، ولا يُرضون الطغاة بكلمة فيها ضعف أو كفر، ولو حُرِّقوا، أو نُشِروا أو أُغرقوا وهو الأفضل

وقد أشار إليهم الله سبحانه بقوله: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} "آل عمران: 146" وقد سمح الله للمؤمن أن ينطق بالكفر إذا أُكره عليه فقال سبحانه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. "النحل 106" 11 - لا بُدَّ لكلمة الحق أن تنتصر، فالملك يعجز عن قتل الغلام، ولا يتم له ذلك إلا بطريقة يرسمها الغلام للملك، يعقبها إيمان الشعب واندحارُ الملك، ويتحقق قول الله تعالى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. "التوبة 40" 12 - الغلام المؤمن يُضحِّي بنفسه ليؤمن الناس، وهذا شأن المؤمنين المخلصين يسعون لإنقاذ أُمتهم، ولو أدَّى ذلك إلى استشهادهم، فهم إلى الجنة ذاهبون: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. "آل عمران 169" 13 - يُثبت الله المؤمنين بالحُجَج البيَّنات، وُيؤيد دينهم بالكرامات، فهذا هو الرضيع ينطق: (يَا أُمَّه اصبري فإنك على الحق). والأم تستجيب لهذا الأمر، وتُلقي بنفسها مع طفلها صابرة محتسبة. 14 - مصير المؤمنين إلى الجنة بعد موتهم، ومصير الكفار الحرق في الدنيا، وعذاب جهنم في الآخرة.

أبرص وأقرع وأعمى

أبرص وأقرع وأعمى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع النبي- صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن ثلاثة في بني إسرائيل: (أبرص وَأقرع وأعمى) أراد الله أن يبتليهم (يختبرهم)، فبعث إليهم ملَكًا:) "يأتي الملَك الرجل الأبرص". الملك: أيُّ شيءٍ أحبُّ إليك؟ الأبرص: لَون حسن، وجلْد حَسَن، ويذهبُ عني الذي قد قذرني الناس! "يمسحه الملَك، فيذهب عنه قذرُه، ويُعْطَى لونًا حسنًا، وجلدًا حسنًا! ". الملك: فأيُّ المالِ أحبُّ إليك؟ الأبرص: الإِبل. "يُعطَى ناقة عُشرَاء (حاملًا) ". الملك: بارك الله لك فيها. "يأتي الملَك الرجل الأقرع". الملك: أيُّ شيءٍ أحبُّ إليك؟ الأقرع: شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قذِرني الناس. "يمسحه الملَك فيذهب عنه داؤه ويعطى شعرًا حسنًا". الملك: فأيُّ المال أحبُّ إليك؟ الأقرع: البقَرَ. "يُعطى بقرة حاملًا". الملك: بارك الله لك فيها. "يأتي الملَكُ الرجلَ الأعمى". الملك: أيُّ شيءٍ أحبُّ إليك؟

الأعمى: أن يَرد الله إليَّ بصَري، فأُبصِر به الناس. "يمسحه الملَك، فيردَّ الله إليه بصره". الملَك: فأيُّ المال أحبُّ إليك؟ الأعمى: الغنم. "يُعطى شاة والدًا (حاملًا) ". "كان لهذا وادٍ من الإبل، ولهذا وادٍ من البقر، ولهذا وادٍ من الغنم". "يأتي الملَك الرجلَ الأبرص في صورة الأبرص" الملَك: رجلٌ مسكين قد انقطعتْ بي الحِبالُ في سفري، فلا بَلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرًا أتبلَّغ عليه في سفري (أصل به إلى أهلي). الأبرص [في ضيق]: الحقوق كثيرة!! الملَك [في استغراب]: كأني أعرفك، ألم تكن أبرصَ يقْذَرُكَ الناس؟ فقيرًا فأعطاك الله؟! الأبرص [في إنكار]: إنما ورِثْتُ هذا المال كابِرًا عن كابِر! (أبًا عن جَد)!! الملَك: إن كنتَ كاذبًا فصيَّرك الله إلى ما كنت. "ثم يأتي الملَكُ الرجلَ الأقرع في صُورة الأقرع". الملَك: رجلٌ مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك الشعر الحسن والمنظر الحسن والمال، بقرةً أتَبَلّغ بها في سفري. الأقرع [في ضجر]: الحقوق كثيرة!!! الملَك [متعجبًا]:كأني أعرفك، ألم تكن أقرع يَقْذَرُك الناس؟! فقيرًا فأعطاك الله؟! الأقرع [في استكبار]: إنما ورثْتُ هذا المال كابِراً عن كابر! (أبًا عن جَد).

الملَك: إن كنت كاذبًا فصيَّرك الله إلى ما كنت. "يأتي المَلك الرجلَ الأعمى في صورة الأعمى". الملَك: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رَدَّ عليك بصرك- شاة أتبلّغ بها في سفري. الأعمى [شاكرًا معترفًا]: قد كنتُ أعمى فرَّد الله إليَّ بصري، فخُذْ ما شئتَ ودَعْ ما شئت؛ فوالله لا أجْهدك اليومَ (لا أعارضك) بشيء أخذته لله عَزَّ وَجَلَّ. الملك: أمْسِكْ مالك، فإنما ابتُليتم (اختُبرتم)، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك. "البخاري 4/ 146، مسلم رقم 2964"

من عبرة القصة وفوائدها 1 - اختبار الله لعبادة، سنة الله في أرضه، كما أخبر الله به في كتابه. 2 - الإبتلاء يكون في الجسم والمال والأولاد وغيرها. 3 - الملائكة تتصور أحيانًا على هيئة البشر، وتتكلم، وتمسح على المريض فيبرأ بإذن الله. 4 - لا شيء أحب لِلمُبتَلى بالمرض من ذهاب مرضه ومعافاته. 5 - الله هو الذي يُعطي ويمنع، وُيغني ويُفقر، بتقديره وحكمته. 6 - من التوحيد والأدب أن تنسب الشفاء والغنى إلى الله وحده: "قد كنت أعمى فردَّ الله بصري". 7 - الإِنسان الجاهل يبخل وقت الغنى، والعاقل يعطي بسخاء متذكرًا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من يوم يُصبح العباد فيه إلا ملَكان ينزلان، فيقول أحدهما: (اللهم أعطِ مُنفِقًا خلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمسِكًا تلَفًا) ". "متفق عليه" 8 - بعض الأغنياء ينسون ماضيهم ويغضبون ممن يذكرهم به. 9 - مَن شكر النعمة، وأعطَى الفقراء زاده الله غنى، وبارك له؛ ومَن بخل فقد عرَّض نفسه لزوال النعمة وسخط الرب القائل: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}. "إبراهيم 7" 10 - إنكار النعمة يجلب النقمة، ويُسبب الشقاء. 11 - الكرم يجلب النعمة ويذهب بالنقمة، ويُرضى الرب، والبخل يجلب السوء ويسخط الرب. 12 - المؤمن يفي بما وعد ولا يبخل، والمنافق يعاهد. ويعد، ولكن لا يفي بعهده ووعده، كما قال الله تعالى عن المنافقين: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ. فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}. "التوبة 75" وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان). "متفق عليه"

أصحاب الغار والصخرة

أصحاب الغار والصخرة عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (انطلق ثلاثة نفرٍ ممن كان قبلكَم، حتى آواهم المبيت إلى غار، فدخلوه، فانحدَرتْ صخرة من الجبل، فسدَّت عليهم الغارَ، فقالوا: إنه لا يُنجْيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله تعالى بصالحِ أعمالكم). قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغْبِق [أُقدّم] قبلهَما أهلًا ولا مالاً، فنأى بي طلب الشجر يومًا [أبعدْتُ] فلم أُرِحْ عليهما [فلم أرجع] حتى ناما، فحلبتُ لهما غبَوقهما [حِصتهما] فوجدتُهما نائمين، فكرهت أن أوقظَهما وأن أغْبق قبلهما أهلًا أو مالًا؟ فلبثتُ - والقدحُ على يدي- أنتظرُ استيقاظهما حتى برَق الفجرُ، والصبية يتضاغون عند قدمَي [يصيحون] فاستيقظا فشربا غبوقهما [شربا اللبن] اللهم إن كنت فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة. "فانفرَجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منها". وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عَمٍّ كانت أحبَّ الناس إليَّ، فأردتها على نفسها، فامتنعَتْ مني، حتى ألَمّتْ بها سَنة من السنين [أصابها جوع] فجاءتني، فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تُخليَ بيني وبين نفسها، ففعلَتْ، حتى إذا قدرت عليها، قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، [لا تقربني إلا بنكاح شرعي] , فتحرجت من الوقوع عليها.

فانصرفت عنها وهي أحبُّ الناس إليَّ؛ وتركتُ الذهب الذي أعطيتها!! اللهم إن كنتُ فعلت ذلك ابتغاءَ وجهك فافرُجْ عنا ما نحن فيه. "فانفرجَت الصخرةُ غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها". وقال الثالث: اللهم استأجرت أجَراء، وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فَثمَّرْت [كثرتُ] أجره حتى كَثُرتْ منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يَا عبدَ الله أدِّ إليَّ أجري, فقلتُ: كل ما ترى من أجرك، من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يَا عبد الله لا تستهزىء بي. فقلت: إني لا أستهزىء بك؛ فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئًا!!! اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه. "فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون". "والقصة في البخاري 4/ 369 ومسلم 2743".

من فوائد القصة قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} "المائدة 35" [قال قتادة: تقربوا إليه بطاعته، والعمل بما يرضيه]. 1 - الأعمال الصالحة وقت الرخاء يستفيد منها الإِنسان وقت الشدة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (احفظ الله يَحفظك، احفظ الله تجده تجاهك [أمامك] تعرَّف إلى الله في الرخاء، يَعرِفك في الشدة). "صحيح رواه أحمد والترمذي" 2 - يجب على المسلم أن يلجأ إلى الله وحده دائمًا بالدعاء وخاصة حين نزول الشدائد، ومن الشرك الأكبر دعاء الأموات الغائبين: قال الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. "يونس 106" [الظالمين: المشركين]. 3 - مشروعية التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة, وهي نافعة ومفيدة، ولا سيما عند الشدة، وعدم مشروعية التوسل بالذوات والجاه. 4 - حب الله مُقدَّم على حب ما تهوى النفوس من الشهوات. 5 - مَن ترك الزنى والفجور خوفًا من المولى نجاه الله من البلوى. 6 - من حفظ حقوق العمال حفظه الله وقت الشدة، ونجاه من المحنة. 7 - الدعاء إلى الله مع التوسل بالعمل الصالح يُفتِّت الصخور، ويُفرِّج الكروب. 8 - بر الوالدين وإكرامهما مقدم على الزوجة والأولاد. 9 - حق الأجير يُحفَظ له، ولا يجوز تأخيره، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أعطوا الأجير أجرَه قبل أن يجفّ عرقه). "صحيح رواه ابن ماجة" 10 - استحباب تنمية مال الأجير الذي ترك حقه، وهو عمل جليل، وهو من حق الأجير.

11 - شَرْع مَن قبلنا هو شرعٌ لنا إذا أخبر الله تعالى أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - به على طريق المدح، ولم يثبت نسخه، وهذه القصة قصَّها علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مدح هؤلاء النفر الثلاثة لنقتدي بهم في عملهم. 12 - طلب الِإخلاص في العمل حيث قال كل واحد: (اللهم إنْ كنْت فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك ففرجْ عنا ما نحن فيه). 13 - إثبات الوجه لله سبحانه من غير تشبيه: قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. "الشورى 11"

وليمة جابر المباركة

وليمة جابر المباركة عن جابر -رضي الله عنه- قال: إنَّا كنا يوم الخندق نَحْفر، فعرضتْ كُدْيةٌ شديدة [صخرة] فجاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: هذه كُدية عرضَتْ في الخندق. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أنا نازل. "يقوم الرسول وبطنه معصوبة بحجر". قال جابر: ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذَوقًا. "يأخذ النبي- صلى الله عليه وسلم - المعْول، فيضرب؛ فيعود كثيبًا أهْيَل [ترابًا ناعمًا] ". جابر: يَا رسول الله اِئذن لي إلى البيت. جابر لامرأته [متأثرًا]: رأيت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا [جوعًا] ما في ذلك صبر، فعندك شيء؟ المرأة: عندي شعير وعَنَاق [الأنثى من ولد الماعز]. "يذبح جابر العنَاق، وتطحن امرأته الشعير، ثم يجيء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ". جابر [سرًا]: طُعَيِّمٌ لي [طعام قليل] فقم أَنْتَ يَا رسول الله ورجل أو رجلان. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: كم هو؟ جابر: سخلة وقليل من شعير. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: كثير طيب، قل لها لا تنزع القدِر ولا الخبز من التنور حتى آتي. الرسول - صلى الله عليه وسلم -[لصحبه]: قوموا. "يقوم المهاجرون والأنصار".

جابر لامرأته [في حيرة]: ويْحكِ قد جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرون والأنصار ومن معهم!!! المرأة [في دهشة]: هل سألك!!! جابر: نعم. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ادخلوا ولا تَضاغَطُوا [تزاحموا]. "يكسر الرسول الخبز ويجعل عليه اللحم، ويُغطي القِدرَ والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه، ثم ينزِع، فلم يزل يكسر ويغرف حتى شبعوا وبقي منه". الرسول للمرأة: كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة. "أصل القصة في البخاري 5/ 46، ومسلم".

من فوائد القصة 1 - مشاركة الرسول القائد جنده في حفر الخندق، وعدم تميزه عليهم. 2 - شكوى الصحابة لقائدهم من صخرة عجزوا عنها لما يعلمون من قوته، فاستجاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم، وفتَّتَ الصخرة مع شدة جوعه. 3 - حب الصحابة لقائدهم، وسعيهم لإطعامه وسَدِّ جوعه. 4 - محافظة الصحابة على النظام، وعدم الذهاب بدون إذن من القائد. 5 - نساء الصحابة يتصفن بالإيثار والكرم والحب للرسول - صلى الله عليه وسلم -. 6 - القائد المخلص لا يشبع وحده، بل يدعو أصحابه معه. 7 - الرسول - صلى الله عليه وسلم - يأمر أصحابه بالنظام: (أُدخلوا ولا تضاغطوا). 8 - إكرام الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بالمعجزة، بتكثير الطعام حتى شبعوا جميعًا ومن حكمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يغطي القِدر والتنور إظهارًا للبركة لا للإيجاد والخلق وهما من الله وحده، محافظة على عقيدة التوحيد. 9 - القائد العظيم في جنده أشبه بالأب في أسرته؛ يغرف لهم الطعام بيده، ويُقدمه بنفسه. 10 - اهتمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأفراد أمته كاهتمامه بجنده: (كلي هذا واهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة).

جوع الصحابة والرسول - صلى الله عليه وسلم -

جوع الصحابة والرسول - صلى الله عليه وسلم - " يخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد، ويأتيه أبو بكر". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما جاء بك يا أبا بكر؟ أبو بكر: خرجت أَلْقَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانظر في وجهه، والتسليم عليه. "فلم يلبث أن جاء عمر -رضي الله عنه-". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما جاء بك يا عمر؟! عمر: الجوع يا رسول الله. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: وأنا قد وجدت بعضَ ذلك!! "ينطلقون إلى منزل أبي الهيثم بن التَّيِهان الأنصاري، وكان رجلاً كثير النخل والشاء [الغنم] ولم يكن له خَدَم فلم يجدوه". الجماعة [لامرأته]: أين صاحبُك؟ المرأة: انطَلقَ يَسْتَعْذِب لنا الماء. "فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة ماء عذب فوضعها، ثم جاء يلتزم النبي - صلى الله عليه وسلم - ويُفدّيه بأبيه وأمه، ثم انطلق بهم إلى حديقته فبسط لهم بساطًا، ثم انطلق إلى نخلة فجاء بقِنو [عنقود البلح] فوضعه". النبي - صلى الله عليه وسلم -: أفلا تَنقَيْتَ لنا من رُطبه؟. أبو الهيثم: يَا رسول الله إني أردت أن تختاروا من رُطَبه وبُسره [حلوه ومُرَّة]. "الرسول وصاحباه يأكلون منه ويشربون". رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تُسألون عنه

يوم القيامة!! ظِلٌّ بارد، ورُطبٌ طيّب، وماءٌ بارد. "ينطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعامًا". النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تذبحنَّ لنا ذات دَرٍّ [حليب]. "يذبح لهم عناقًا أو جَديًا ويأتيهم بها فيأكلون". [الجدي: ولد المعز] النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل لك خادم؟. أبو الهيثم: لا. النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإذا أتانا سَبْيٌّ [أسْرىَ] فأتِنا. "يأتي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -[خادمان] ليس معهما ثالث، فيأتيه أبو الهيثم". النبي - صلى الله عليه وسلم -: اخترْ منهما. أبو الهيثم: يَا رسول الله اختَر لي. النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن المستشار مؤتمن، خذْ هذا فإنِّي رأيته يصلي واستَوصِ به معروفًا. "ينطلق أبو الهيثم فيخبر زوجته بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". المرأة: ما أَنْتَ ببالغٍ حَقٍّ ما قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بأن تُعتقه. أبو الهيثم: فهو عتيق [حُر]!! النبي - صلى الله عليه وسلم -[وقد بلغه الخبر]: إن الله لم يبعَث نبيًا ولا خليفة إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تَألُوه خَبالًا [لا تُقَصِّرُ في إفساده] ومن يُوقَ بطانةَ السوء فقد وُقِيَ: [أي حُفظ]. [البطانة: خاصة الرجل الذين يبطنون أمره] "انظر القصة في شمائل الترمذي صحيحة، وانظر مختصر الشمائل للألباني 79".

من فوائد القصة 1 - الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصاحباه يعانون الجوع، ويسعون لسده بطريقة مشروعة. 2 - يجوز للرجل أن يذهب إلى بيت صاحبه لتناول الطعام بدون دعوة إن كان يعلم سعة حالة؟ وطيب نفسه: فالصحابي الجليل أبو الهيثم دخل السرورُ إلى قلبه حينما وجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - صاحبيه في بستانه. 3 - التنبيه على فضل النعمة مهما كانت، والحذ على شكر خالقها، وعدم الإنشغال بها عن المنعم، قال الله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} "سورة إبراهيم 7" 4 - إذا رأى الضيف إكرامًا زائدًا من صاحب البيت، فخشي وقوعه في خطأ نصحه برفق كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تذبحن لنا ذات دَرٍّ) [أي ذات لبن]. 5 - المكافأة على المعروف مطلوبة، فرسول الكرم يكافىء صاحب البيت ويَعِده بخادم. 6 - لا يحتاج أبو الهيثم إلى وساطة لطلب الخادم، فعندما يلتقي الرسول به وقد جاءه خادمان، فسرعان ما يقول له: "اختر منهما". وإذا طلبت إلى كريم حاجةً ... فلقاؤه يكفيك والتسليمُ 7 - العاقل يستشير مَن هو أتم نظرًا: (يَا رسول الله اخْتَرْ لي). 8 - الصلاة علامة التقوى: (خذ هذا فإني رأيته يصلي). 9 - وصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالخدم لا سيما المصلين: (استوصِ به معروفًا). 10 - حب الصحابة لتحرير الأرقاء، وموافقته لزوجته الصالحة على إعتاقه. 11 - على المسلم العاقل أن ينتقي أصحابه من أهل الصلاح ليذكروه بالخير، ويشجعوه عليه، وأن يبتعد عن قرناء السوء كيلا يذكروه بالشر ويحسِّنوه إليه، وكذلك شأن الزوجة الصالحة والشريرة لها تأثير على الزوج. 12 - جواز المعانقة لغير القادم من سفر.

جرة الذهب

جرة الذهب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (اشترى رجل من رجل عقارًا له [أرضًا] فوجد الرجلُ الذي اشترى العقار في عقاره جرةً فيها ذهب!!) المشترى [للبائع] خذ ذهبك مني، إنما اشتريتُ منك الأرض، ولم أشتر منك الذهب!!! البائع [ممتنعًا] إنما بعتك الأرض وما فيها. "يَحتكمان إلى رجل". الحكم: ألكُما ولد؟ أحدهما: لي غلام. الآخر: لي جارية. الحكَم: أنكحوا [زوجوا] الغلام للجارية وأنفقوا على أنفسكما منه، وتصدقا. "انظر القصة في البخاري 6/ 375، رقم الحديث 1721 في مسلم".

من فوائد القصة 1 - أداء الأمانة مطلوب لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلى أَهْلِهَا}. [النساء 58] 2 - القناعة كنز لا يفنى تعود بالخير والبركة على صاحبها. 3 - مشروعية الاحتكام إلى عالم بالكتاب والسنة، دون الذهاب إلى المحاكم المدنية التي تضيع الأموال والأوقات عملاً بقول الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللَّهِ وَالرَّسُول}. "النساء 59" 4 - من رضي بما أعطاه الله كان من أغنى الناس لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أ - (وارض بما قسمه الله لكَ تكن أغنى الناس). "صحيح رواه أحمد" ب - (ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس). "متفق عليه" 5 - الرزق مقسوم، لا بد أن يصل إليك في وقته ومقداره. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت). "صححه ابن حبان وحسنه الألباني في الصحيحة" 6 - على المسلم أن يقنع بالحلال، ويترك الحرام والطمع فيما ليس له، ويأخذ بالأسباب المشروعة للرزق، وأن العمل الصالح يكفل له السعادة في الدنيا والآخرة. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اتقوا الله وأجملوا في الطلب). "صححه الألباني في صحيح الجامع" (أي خذوا الحلال، واتركوا الحرام). 7 - الحُكم العادل يُرضي المحتكمين. 8 - عدم الطمع فيما ليس للإِنسان.

الأمانة في الخشبة العجيبة

الأمانة في الخشبة العجيبة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أنه ذَكَرَ رجلَا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أنْ يُسْلِفه [يُقْرضه] أَلْف دينار.) المقرض: ايتني بالشهداء أُشْهِدُهم. المقترض: كفى بالله شهيدًا! المقرض: فائتني بالكفيل. كفى باللهِ كفيلًا! المقرِض: صدقت! "يدفع الرجل للمقترض الألف دينار إلى أجَلٍ مُسمًى، فيخرج بها في البحر، فإذا قضى حاجته، التمس مركبًا يركبها يَقْدمُ عليه للأجل الذي أجّلَه، فلم يجد مركبًا، فيأخذ خشبة فينقُرها، فيُدْخِل فيها أَلْف دينار!! وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم يُزَجِّج موضعها [يَسُدَّه] ثم يأتي بها إلى البحر". المقترض [آسفًا]: اللهم إنك تعْلم أني كنت تسلَّفتُ فلانًا [اقترضتُ منه] أَلْف دينار، فسألني كفيلًا، فقلتُ: كفى باللهِ كفيلًا، فرضي بك، وسألني شهيدًا، فقلت: كفى بالله شهيدًا، فرضي بك، وإني جَهَدْتُ [بذلت جهدي] أن أجد مركبًا أبعثُ إليه الذي له، فلم أقدر، وإني أسْتَودِعُكهَا؟ [أضعها أمانة عندك]. "يَرْمي المقترضُ بالخشبة في البحر حتى تلج فيه [تجري] ثم ينصرف وهو في ذلك يلتمس مركبًا يخرج إلى بلده، فيَخرُج الرجل الذي كان أسلفه ينظر، لعل مركبًا قد

جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال!!! فيأخذها لأهله حَطَبًا!! فلما نشرها وجد المال والصحيفة!!! ثم يَقْدمُ الذي كان أسلفه، فيأتي بالألف دينار من جديد". المقترض: والله ما زلتُ جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدتُ مركبًا قبل الذي أتيتُ فيه. المقرِض: هل كنتَ بعثتَ إليَّ بشيء؟ المقترض: أخبرك أني لم أجدْ مركبًا قبل الذي جئتُ فيه. المقرِض: فإن الله قد أدَّى عنك الذي بعثتَ في الخشبة. "فانصرف بالألف الدينار راشدًا". "انظر القصة في البخاري 3/ 56".

من فوائد القصة 1 - القرضُ الحسن مشروع والمقرض له أجر عظيم. 2 - مشروعية كتابة الدَّين، ووقت أدائه، والإشهاد عليه حفظًا للحقوق. 3 - للمقرض أن يأخذ رهنًا، أو كفيلًا من المستقرض ليحفظ حقه من الضياع. 4 - لصاحب الدَّين أن يرَضى ممن عليه الدَّين بشهادة الله وكفالته، إذا لم يجد شهداء، أو كفيلًا. 5 - على المسلم أن يأخذ بالأسباب ويتوكل على الله عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعقلها وتوكل). "حسن رواه الترمذي" فالمقترض ينقر الخشبة، ويضع الدنانير فيها، ويسدها، ثم يدعو الله متوكلًا عليه. 6 - مَن رضي باللَه شهيدًا، أوكفيلًا كفاه، وحفظ له حقه. فالمقترض حينما رضي بالله شهيدًا وكفيلًا رَدَّ عليه ماله. 7 - على المسلم العاقل ألا يكتفي بالأسباب الغيبية وحدها، بل يأخذ بالأسباب الحسية، فالمقترض لم يكتف بما أرسله للمقرض في الخشبة، بل أتى بالدنانير من جديد حينما وجد سفينة تحمله إلى صاحب الدين، ولكن المقرض أخبره بأن الله أدَّى عنه بما أرسله في الخشبة. 8 - على المقترض أن يبذل جهده ويسلك كل السبل لوفاء دينه في وقته المحدد. 9 - إذا أحسن المسلم النية وفقه الله لأداء دينه. 10 - أداء الحقوق، ووفاء الدين واجب، لا يجوز تأخيره، إذا لم يوفه في الدنيا، فسوف يدفعه يوم القيامة من حسناته، وربما كان سببًا في دخوله النار.

صوت في سحابة

صوت في سحابة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: "بينا رجل بفلاة من الأرض، فسمع صوتًا في سحابة: (اسقِ حديقة فلان) فتنحَّى ذلك السحاب، فأفرغ ماءه في حَرّة [أرض ذات حجارة سوداء] فإذا شَرْجة [ساقية] مِن تلك الشِراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبَّعَ الماءَ، فإذا رجل قائم في حديقته يُحوّل الماء بمسْحاته) [مجرفته]. الرجل [لصاحب الحديقة]: يا عبد الله، ما اسمك؟ صحب الحديقة: اسمي فلان، للاسم الذي سمع في السحابة. فقال له: يا عبد الله لِم تسألني عن اسمي؟ الرجل: إني سمعت صوتًا في السحاب الذي هذا ماؤه! يقول: اِسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ صاحب الحديقة: أما إذ قلتَ هذا، فإني انظر إلى ما يخرج منها، فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثًا، وأرُدّ فيها ثلثه. وفي رواية: أجعل ثلثه في المساكين والسائلين وابن السبيل. "القصة في صحيح مسلم 2984".

من فوائد القصة 1 - تسخير الله الملائكة والمطر لعباده المتصدقين الذين يؤدون حقوق الفقراء من أموالهم. 2 - التصدق على الفقراء يؤدي إلى زيادة الرزق، قال الله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}. "سورة ابراهيم 7" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة". "روى الترمذي أوله وقال حديث حسن صحيح" 3 - المؤمن العاقل يحفظ حق الفقراء، وحق عياله، وحق حديقته.

إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-

إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- * إبراهيم يأتي بإسماعيل إلى مكة. * أم إسماعيل تخاف على ولدها. * أم إسماعيل تبحث عن ماء. * ماء زمزم ينبع. * إبراهيم والمرأة الأولى. * إبراهيم والمرأة الثانية. * الخليل يلتقي بإسماعيل. * بنيان البيت العتيق. * من عبر القصة وفوائدها.

هاجر وولدها إسماعيل

هاجر وولدها إسماعيل لما كان بين ابراهيم وبين أهله ما كان [من أمر الغيرة بين زوجته الحُرة سارة العقيم وبين هاجر أم ولده إسماعيل]، وأمر الله إبراهيم أن يسكن هاجر وابنها أرض الحجاز، جاء إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بأم إسماعيل [هاجر] وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت تحت دَوْحَةٍ [شجرة] فوق زمزم من أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذٍ أحد، وليس بها ماء ووضع عندهما جِرابًا [كيسًا] فيه تمر وسقاء [قربة] فيه ماء. "يرجع إبراهيم منطلقًا، فتتبعه أم إسماعيل". هاجر: أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟! "جعلت هاجر تقول ذلك لِإبراهيم مرارًا وهو لا يلتفت إليها!! ". هاجر: آلله أمرك بهذا؟ إبراهيم: نعم. هاجر: إذًا لا يضيعنا [الله]!!! "ترجع هاجر وينطلق إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، حتى إذا كان عند الثّنِيّة [مكان بمكة] حيث لا يرونه يستقبل بوجهه البيت". إبراهيم [داعيا]: " {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} "سورة إبراهيم 37"

أم إسماعيل تبحث عن الماء

أم إسماعيل تبحث عن الماء: "جعلت أم إسماعيل تُرضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ولدها، وجعلت تنظر إليه يتَلوَّى، فتنطلق كراهية أن تنظر إلى طفلها وهو يكاد يموت عطشًا. فتجد الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فتقوم عليه، ثم تستقبل الوادي، تنظر هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها [ثوبها] ثم تسعى سعي الإِنسان المجهود [المُتعَب] حتى تجاوزت الوادي، ثم تأتي المَروة فتقوم عليها علَّها ترى أحدًا؟ فلا ترى أحدًا؛ وفعلت ذلك سبع مرات". قال ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فذلك سعيُ الناس بينهما". ماء زمزم ينبع: "تُشرف هاجر آخر مرَّة على المروة فتَسْمع صوتًا، فتقول: صَهٍ!! [تريد نفسها] ثم تسمّعت فسمعت أيضًا". هاجر [لنفسها]: قد أسمعتَ إن كان عندك غُواث [إغاثةَ فأغِثْ] فإذا هي بالملَك عند موضع زمزم، يبحث بعقبه [بجناحه] حتى ظهر الماء؛ فجعلت تُحوِّضُه [تجعله حوضًا]، وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف، [فتشرب وتُرضْع ولدها].

نزول جرهم قرب الماء

قال ابن عباس -رضي الله عنهما- قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت زمزم عينًا معينًا" [تجري على وجه الأرض]. الملَك: لا تخافوا ضَيعةً [هلاكًا]، فإن ههنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يُضيع أهله. "وكان البيت مرتفعًا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله". نزول جُرْهُم قرب الماء: "تبقى هاجر وحدها حتى تَمرَّ بها رِفقة مِن جُرْهُم ينزلون أسفل مكة فيرون طائرًا عائقًا [يحوم]، فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جَريًّا [رائدًا] فإذا هم بالماء؟ فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا وأم إسماعيل عند الماء. جُرْهُم: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ هاجر: نعم، ولكن لا حَقَّ لكم بالماء. جُرْهُم: نعم. "تنزل جُرْهُم عند هاجر ويرسلون إلى أهليهم فينزلون معهم". قال ابن عباس -رضي الله عنه- قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فألفى [وجد] ذلك الحيُّ أمَّ إسماعيل تحب الأنس).

إبراهيم وامرأة إسماعيل الأولى

إبراهيم وامرأة إسماعيل الأولى: "بعد نزول جرهم عند هاجر، شبَّ اساعيل بينهم، وتعلم العربية منهم وأنفَسَهُمْ [سبقهم]، وأعجبهم حين شبَّ، فلما بلغ أشُده زوَّجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل". "يجيء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته [يتفقد أسرته] فلا يجد إسماعيل في البيت بل يجد زوجته". إبراهيم: أين إسماعيل؟ المرأة: خرج يبتغي لنا [يطلب الرزق]. إبراهيم: كيف عيشكم وحالكم؟ المرأة [في اشمئزاز]: نحن بِشرٍّ!!! نحن في ضيق وشدة، وشكت إليه!! إبراهيم: إذا جَاء زوجك فاقرئي -عليه السلام-، وقولي له: يُغيِّر عتبة بابه (¬1) [زوجته]. "يأتي إسماعيل كأنه آنس شيئًا". إسماعيل [مستغربًا]: هل جاءكم أحد؟ زوجته [في احتقار]: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألَنا عنك، فأخبرته، وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنَّا في جَهد، وشدة! إسماعيل: فهل أوصاك بشيء؟ زوجته: نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غَيّرْ عتبة بابك! إسماعيل: ذاك أبي، وقد أمرني أن أُفارقكِ، الحقي بأهلكِ؛ وطلقها. ¬

_ (¬1) كناية عن طلاقها، لأن دخول الزوج إلى بيته من طريق عتبته فكنى بها عن تغيير الزوجة، وأن يدخل بزوجة غيرها.

إبراهيم والمرأة الثانية

إبراهيم والمرأة الثانية: "يتزوج إسماعيل من جُرْهُمْ امرأة أُخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بَعْدُ فلم يجده، فيدخل على امرأته فيسأل عنه". إبراهيم: أين إسماعيل؟ المرأة: ذهب يبتغي لنا [الطعام من صيد وغيره]. إبراهيم: كيف عيشكم؟ المرأة: نحن بخير وسعة. إبراهيم: وما طعامكم وشرابكم؟ المرأة: طعامنا اللحم وشرابنا الماء. إبراهيم: اللهم بارك لهم في اللحم والماء، فإذا جاء زوجك فاقرئي -عليه السلام- ومُريه [يُثَبِت عتبة بابه]. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: بركة بدعوة إبراهيم صلى الله عليهما وسلم. "يجيء إسماعيل" إسماعيل [مستغربًا]: هل أتاكم من أحد؟ الزوجة [في فرح]: نعم أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنَّا بخير. إسماعيل: فأوصاكِ بشيء؟ الزوجة: نعم: يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تُثبّتَ عتبة بابك. إسماعيل: ذاك أبي، وأنت العتبة، أمرني أن أُمسِكَكِ.

الخليل يلتقي بإسماعيل

الخليل يلتقي بإسماعيل: "يلبث إبراهيم عنهم ما شاء الله، ثم يجيء بعد ذلك وإسماعيل يَبري نبلًا له تحت دوحة [شجرة] قريبة من زمزم يراه إسماعيل فيقوم إليه ويتعانقان". بنيان البيت إبراهيم: يا إسماعيل إن الله يأمرني بأمر. إسماعيل: فاصنع ما أمرك الله. إبراهيم: وتعينني؟ إسماعيل: وأعينك. إبراهيم: فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتًا، وأشار إلى أكمَة [تَلَّة] مرتفعة على ما حولها. "عند ذلك رفعا القواعد من البيت وجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر [المقام] فوضعه له، فقام وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة". إبراهيم واسماعيل: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. "انظر القصة في صحيح البخاري 4/ 113".

من فوائد القصة

من فوائد القصة 1 - المؤمن يستسلم لأوامر الله، وُيؤثر طاعتَه ومحبتَه على كل شيء، ولو كان الزوجة الصالحة أو الولد الوحيد: فإبراهيم يُنفذ أمر الله تعالى حينما أمره أن يحمل زوجته [هاجر] وولدها الرضيع [إسماعيل] إلى واد غير ذي زرع، ولا ماء ولا أنيس. 2 - المرأة الصالحة تستجيب لأمر الله، وطاعة زوجها مع الصبر والإِيمان بالله قائله: (إذن لا يضيعنا الله). 3 - إبراهيم يترك زوجته الوفية، وولده الصغير في الوادي بعد أن زودهم بكيس من التمر، وسقاء فيه ماء، ثم دعا لهم: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ}. "إبراهيم 36" وبذلك يعلمنا إبراهيم -عليه السلام- أن نجمع بين الدعاء والأخذ بالأسباب. 4 - أم إسماعيل تبحث عن الماء عندما نفد من عندها، وتأخذ بالأسباب وتسعى بين الصفا والمروة عدة مرات حتى وجدت الماء [زمزم]. 5 - يجوز للإِنسان إذا سمع صوتًا أن يطلب الغوث والعون كما فعلت أم إسماعيل وهذا من مقدور المخلوق أن يفعل ذلك، بخلاف الميت والغائب. 6 - إن الله اصطفى آل إبراهيم، وجعل من ذريته الأنبياء والمرسلين، فكيف يَرضى إبراهيم لولده إسماعيل بزوجة لا تحيا بروحها، بل تعيش لجسدها، ولا يهمها إلا الطعام والشراب، فتزدري ضيفها أبا زوجها، فتجحد نعمة ربها، وتشكو سوء معيشتها، لذلك أشار ابراهيم على ولده إسماعيل بفراقها، والتخلص منها. 7 - الزوجة الثانية لإسماعيل صالحة، تحترم ضيفها، وتشكر نعمة ربها، فلذلك يشير إبراهيم على ولده إسماعيل بإمساكها ورعايتها. 8 - الطاعة والصبر عاقبة محمودة، وذكرى خالدة، فالمكان الموحش الذي نزلت فيه هاجر أم إسماعيل، وهو مجدب يصبح فيما بعد حرمًا آمنًا، وبلدًا مسكونًا، فيه ماء مبارك [زمزم] تهوي إليه أفئدة الناس، وتأتيه الثمرات، وتقصده الوفود للحج من كل فج عميق، ليستفيدوا في حل مشاكلهم، ويشهدوا المنافع الدنيوية والأخروية.

أرض التوبة

أرض التوبة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلّ على راهب، فأتاه). القاتل [نادمًا]: إني قتلت تسعة وتسعين نفسًا، فهل لي من توبة؟ الراهب [في غباوة وجهل]: لا. "الرجل يقتل الراهب فيكمل به المائة". "ثم يسأل عن أعلم أهل الأرض، فيدلونه على رجل عالم". القاتل: إني قتلت مائة نفس، فهل لي من توبة؟ العلم [في ثقة]: نعم، ومن يحول بينك وبين التوبة؟! انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسًا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم؛ ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوءْ. "ينطلق الرجل حتى إذا نَصَفَ الطريق [وصل نصفه] أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب". ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلًا بقلبه إِلى الله تعالى. ملائة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط. "يأتيهم ملَك في صورة آدمي فجعلوه بينهم". المَلك [يحكم]: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له. "الملائكة تقيس ما بين الأرضين فتجد التائب أقرب إلى الأرض التي أراد بشبر، فتقبضه ملائكة الرحمة". "انظر القصة في البخاري 4/ 149، ومسلم رقم 2766".

من فوائد القصة قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. "الزمر 53" 1 - المذنب لا ييأس من رحمة الله، ولو ملأ الأرض ذنوبًا، بل يجب عليه أن يتوب إلى ربه حالًا، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}. (الشورى 25] 2 - لا بد للجاهل من سؤال عالم بالكتاب والسنة حتى يحل مشكلاته. 3 - لا يجوز للعابد أن يفتي الناس إذا كان جاهلًا، ولو تزيا بزي العلماء، فإن ضرره أكثر من نفعه، وقد يعود الوبال عليه كما في هذه القصة؛ ولو كان هذا الراهب عالمًا لما سد باب التوبة على من سأله، ولما عرَّض نفسه للقتل. 4 - العالم: هو الذي يفتح للناس باب التوبة، ويُغلق باب القنوط من الرحمة، فهو كالطبيب يأخذ بيد المريض نحو الشفاء، ويفتح له باب الرجاء. 5 - على المذنب اذا أراد توبة صادقة أن يهجر أصحابه الذين اشترك معهم في الذنب، وأن يهجر الأماكن التي يرتادها للمعصية. 6 - على التائب أن يرافق الصالحين ليعتاد فعل الطاعات وترك السيئات قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم مَن يُخالل". "حسن رواه أبو داود والترمذي" 7 - التحاكم إلى عالم بالكتاب والسنة مشروع عند الإختصام. 8 - لا تحتقر مذنبًا مهما فعل، لأنك لا تدري بم يُختم له: ففي الحديث: "إن الرجل ليعمل عمل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة". "متفق عليه" زاد البخاري: (وإنما الأعمال بخواتيمها).

أهمية خطبة الحاجة وتأثيرها على النفوس

أهمية خطبة الحاجة وتأثيرها على النفوس " يقدم رجل من (أزد شَنوءه) يُدعى (ضِماد بن ثعلبة الأزدي) وكان يرقي من هذه الريح [مَس الجن] فسمع إشاعة". سفهاء مكة [يشيعون]: إن محمدًا مجنون! ضماد [في نفسه]: لو أني أتيت هذا الرجل، لعل الله يشفيه على يديَّ. "يلقى ضماد محمدًا - صلى الله عليه وسلم -". ضِماد [ناصحًا]: يا محمد، إني أرقي من هذه الريح [الجنون]، وإن الله يشفي على يدي من شاء، فهل لك؟ [أي هل لك رغبة في رقيتي؟]. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: ضِماد [متأثرًا]: أعِد عليَّ كلماتك هؤلاء. "يعيد الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطبته ثلاث مرات". ضماد: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلَغْنَ قاموس البحر! [وسطه، ولُجَّتهَ] هاتِ يدَك أبايعك على الإِسلام. "يبايع ضِماد الرسول - صلى الله عليه وسلم - " الرسول - صلى الله عليه وسلم -[مستفهمًا]: وعلى قومك؟ ضِماد: وعلى قومي (أبايعك على قومي). "يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيمرون على قومه".

صاحب السرية [للجيش]: هل أصبتم من هؤلاءشيئًا؟ رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة [وعاء للوضوء]. صاحب السرية: ردوها، فإن هؤلاء قوم ضِماد. "رواه مسلم رقم 868".

من فوائد الحديث والقصة 1 - العرب قبل الإِسلام كانت تعتقد بمس الجن، ويسمونه [الريح]، وجاء الإِسلام، فأقره، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}. "البقرة 275" 2 - من العرب مَن كان يرقي من مَس الجن، وربما استعانوا بالجن، فأبطل الإِسلام هذه الاستعانة، وقال الله تعالى عنهم: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: 6] [زاد الكفار خوفًا وإثمًا وطغيانًا]. وبعض المسلمين يستعينون بالجن لمداواة المرضى، أو لِفَكّ السحر، وهذا من الشرك الأكبر الذي يحبط العمل، ويزيدهم طغيانًا وكفرًا، وعلى المسلم أن يتداوى بقراءة المعوذتين. أ - كان رسول - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من أعين الجان، وأعين الإنسان، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سواهما. "رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح" ب - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين، وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه بالمعوذات وأمسح بيده عليه رجاء بركتها. "رواه البخاري وغيره" 3 - من الجرب في الجاهلية مَن يعتقد أن الشافي هو الله وحده، وبعض المسلمين- مع الأسف الشديد - يعتقدون أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وغيره يشفي من الأمراض المختلفة: فقد قال الأخ (أحمد محمد جمال) في جريدة المدينة: وفي روايات متعددة يصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفسه بأنه "رحمة مهداة" إلى الإِنسانية، ليخرجها من الظلمات إلى النور، ويشفي قلوبها وأبصارها وأبدانها من الأسقام الحسية والمعنوية معًا، والدليل على رَد كلامه ما جاء في القرآن والحديث: أ - قال الله تعالى على لسان إبراهيم: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}. "الشعراء 80"

ب - وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم رب الناس أذهب الباس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك ... شفاء لا يغادر سَقمًا". "متفق عليه" 4 - خطبة الحاجة يسمعها (ضماد) فيتأثر بها ويطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - إعادتها، ويبايعه على الإِسلام مع قومه، لأنها تحتوي على حمد الله، والإستعانة به، وأن المعبود بحق هو الله وحده.

النص الكامل لخطبة الحاجة

النص الكامل لخطبة الحاجة إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} "آل عمران 102" {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}. "النساء 1" {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}. "الأحزاب 70، 71" أما بعد: فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهدي هديُ محمد، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. "رواه مسلم والنسائي وغيرهما"

من فوائد هذه الخطبة العظيمة

من فوائد هذه الخطبة العظيمة 1 - هذه الخطبة وردت من حديث لجابر -رضي الله عنه- قال فيه: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك إذا خطب، كما رواها مسلم والنسائي وغيرهما، وذلك يشمل الخطيب كلها، وبصورة خاصة خطبة الجمعة، فقد جاء التنصيص عليها عند مسلم في رواية له؛ فعلى الخطباء أن يُحيوا هذه السنة. "ذكره الألباني" 2 - يستفاد من الخطبة عدم الاستعاذة عند قراءة الآيات أثناء الخطبة، أو الكلامٍ، أو المحاضرات، أو غيرها لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يستعذ عند قراءتها، والإستعاذة شرعت عند قراءة القرآن فقط. 3 - قول الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} فيه دليل على جواز السؤال بالله تعالى، وأما حديث: "لا يسأل بوجه الله إلا الجنة" فضعيف، وعلى فرض صحته، فهو محمول على سؤال الأمور الحقيرة. "ذكره الألباني في السلسلة الضعيفة 1/ 5 " 4 - يجوز الاقتصار على جزء من أول الخطبة كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أول القصة التي أسلم فيها الصحابي (ضماد). هذه هي خطبة الحاجة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه أن يقولوها بين يدي كلامهم في أمور دينهم سواء كانت خطبة نكاح، أو جمعة، أو محاضرة، وللشيخ الألباني رسالة مطبوعة اسمها: (خطبة الحاجة).

معجزة نبوية مباركة

معجزة نبوية مباركة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع!! وإنْ كنتُ لأشدُّ الحجرَ على بطني من الجوع!! ولقد قعدتُ يومًا على طريقهم الذي يخرجون منه. فمرَّ أَبو بكر، فسألته عن آية في كتاب الله، ما سألته إلا لِيُشبعني، فمرَّ ولم يفعل. ثم مَرَّ بي عمر، فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا لِيُشبعني، فمرَّ ولم يفعل. ثم مرَّ بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبا هرّ [لقب الصحابي أَبو هريرة]. أبو هريرة: لَبيك يا رسول الله. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِلحق. "يمضى الرسول إلى بيته فيتبعه أبو هريرة، يدخل الرسول فيستأذن له فيجد لبنًا في قَدَح". رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أين هذا اللبن؟ أهل البيت: أهداه لك فلان، أو فلانه .. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبا هِرّ. أبو هريرة: لبيك يا رسول الله. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِلحَقْ إلى أهل الصُّفَّة فادعهم لي. وأهل الصفة أضياف الإِسلام؛ لا يأوون إلى أهل ولا مال ولا على أحد، وكان إذا أتته صدقة بعث الرسول بها إليهم ولم

يتناول منها شيئًا، وإذا أتته هدية أرسل اليهم وأصاب منها وأشركهم فيها. "يسْتاء أَبو هريرة من ذلك". أبو هريرة [يخاطب نفسه]: وما هذا اللبن في أهل الصفة؟! كنت أحقّ أن أُصيبَ مِن هذا اللبن شَربة أتقوَّى بها، فإذا جاء، وأمرني [رسول الله] فكنتُ أنا أعطيهم!!! وما عسى أن يبلُغني مِن هذا اللبن؟! ولم يكن من طاعِة الله وطاعةِ رسوله بُدٌّ. "يدعوهم أَبو هريرة فيُقبلون ويستأذنون فأذن لهم ويأخذون مجالسهم من البيت". رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا هِرّ!. أبو هريرة: لَبيك يا رسول الله. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذْ فأعطهم! "يأخذ القدحَ أَبو هريرة، فيُعطيه الرجلَ فيشربُ حتى يَروى، ثم يُعطيه الآخر فشرب حتى يَروى، حتى ينتهي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد رَوِيَ القومُ كلهم!! فيأخذ الرسول القدحَ فيضعُه على يده وهو ينظر إلى أبي هريرة ويبتسم!! ". رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبا هِر. أبو هريرة: لَبيك يا رسول الله. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بقيتُ أنا وأنت. أبو هريرة: صدقتَ يا رسول الله. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقعُدْ فاشرب. "يقعد أبو هريرة ويشرب". رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اشرب. "يشرب ثانيًا أَبو هريرة والرسول لا يزال يقول اشرب اشرب".

أَبو هريرة: لا والذي بعثك بالحق لا أجد له مَسلَكًا. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فأرِني!. "يناوله أَبو هريرة القدح، فيحمد الله ويسمي ويشرب الفضلة". "انظر القصة في صحيح البخاري 7/ 179".

من فوائد القصة قال الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}. "سورة الحشر 9" 1 - الصحابة الذين تعودوا الجوع، ولم يذوقوا حلاوة الرفاهية، مكتفين بحلاوة الإِيمان، هم الذين فتحوا القلوب بالقرآن والأخلاق قبل أن يفتحوا البلاد بالسنان. 2 - صدق فراسة النبي، وذكاؤه فيما يراه في وجوه أصحابه، وتعهده إياهم: (فتبسم حين رآني، وعرف ما بي). 3 - تكريم الرسول للفقراء، ودعوتهم إلى بيته، دليل على اهتمامه بهم. 4 - الرسول المربي الحكيم يُربي أبا هريرة على الكرم والإِيثار، وينتزع من نفسه حب الذات: (اِلحقْ بأهل الصفة فادعُهم لي). وُيعلمه أن يبدأ بغيره قبل نفسه: (خذ فأعطهم). 5 - ملاطفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرة الذي ساءه كثرة الشاربين مع قلة اللبن تتجلَّى في مناداته مرارًا: (أبا هر - أبا هِر). 6 - الرسول المربي كما علَّم الإِبهار لأبي هريرة على غيره يُحققه بذاته، بل يقدم أبا هريرة على نفسه قائلًا: (اِشرَب اِشرَب) وما زال أَبو هريرة يَشرب، حتى امتلأ لبنًا، بعد أن امتلأ قناعة وايثارًا، والطبيب الناجح يكرر الدواء لمريضه حتى يحصل له الشفاء بإذن الله. 7 - من السنة أن يشرب المسلم قاعدًا كما علم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا هريرة: (اقعد فاشرب). - ومن السنة التسمية عند الشرب والحمد على نعم الله، وصاحب البيت آخر القوم شرابًا.

المتخلفون عن الجهاد

المتخلفون عن الجهاد * تخلُّف كَعب. * كعب يتردَّد في الجهاد. *الرسول يتفقد الغزاة. * الرسول يعود مِن تبوك. * كعب يعترف بالذنب. * الهَجر جزاء المتخلّفين. * كعب يتسوَّر على ابن عمه البستان. * ملِك غسان يطمع في كعب. * أمر المتخلفين باعتزال النساء. * البشارة بالتوبة. * كعب يهتزّ للبشرى. * الرسول يبرق وجهه بالسرور. * كعب يتصدق بماله. * كعب يعاهد الرسول على الصدق. * من عبرة القصة وفوائدها.

تخلف كعب

المتخلفون عن الجهاد " كعب بن مالك يتحدث عن تخلفه في غزوة تبوك": لم أتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك، غير أني كنت تخلَّفت في بدر ولم يعاتِب أحدًا تخلَّف عنها، إنما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون يريدون عير قريش [قافلتهم] حتى جمع الله تعالى بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد. ولقد شهدتُ مع رسول الله ليلة العقبة (¬1) حين تواثقنا (¬2) على الإِسلام، وما أُحِبُّ أنَ لي بها مَشهدَ بدر، وإنْ كانت بَدرٌ أذكْرَ في الناس منها [أكثر شهوة، وأعظم ذكرًا]. تخلف كعب: وكان من خبري حين تخلفتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك أني لم أكن قطُّ أقوى ولا أَيسر مني [أغنى] حين تخلفتُ عنه في تلك الغزوة، والله ما جمعتُ قبلها راحلتين قط حتى جمعتها في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُريد غزوة إلا ورّى [أوهم غيرها] بغيرها. حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَرٍّ شديد، واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا [فلاة لا ماء فيها] ¬

_ (¬1) هي التي بايع فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأنصار على الإسلام والنصرة قبل الهجرة، والعقبة: هي التي في طرف منى من ناحية مكة، تضاف إليها جمرة العقبة. (¬2) تعاقدنا وتعاهدنا.

كعب يتردد في الجهاد

واستقبل عدوًا كثيرًا، فجلَّى للمسلمين أمرهم [وضَّح] ليتأهبوا أهبة غزوهم [ليستعدوا] فأخبرهم بوجهه الذي يريد [بمقصده]، والمسلمون مع رسول الله كثير، ولا يجمعهم كتاب حافظ: يريد الديوان [سجل الجندية]. قال كعب: فقلَّ رجل يُريد أن يتغيّب إلا ظنَّ أن ذلك سيخفى (لكثرة الجيش) ما لم ينزل فيه وحي الله. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصْعَرُ [أميلُ]. كعب يتردد في الجهاد: فتجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه، وطَفقتُ أغدو لكي أتجهَّز معهم، فأرجع ولم أقض شيئًا، وأقول في نفسني: أنا قادر على ذلك إذا أردت؛ فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد [سافروا]، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديًا والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئًا، ثم غَدوتُ فرجعت ولم أقض شيئًا. فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارطَ الغزوُ [سبقوا] فهممت أن أرتحل فأُدركهم، فيا ليتني فعلت، ثم لم يُقَدَّرْ لي ذلك. فطفقتُ إذا خرجتُ في الناسِ بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْزُنني أني لا أرى لي أُسْوَةَ إلا رجلاً مغموصًا عليه [مطعونًا] في النفاق أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء.

الرسول يتفقد الغزاة

الرسول يتفقد الغزاة: "ولم يذكرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ تبوك". رسول الله [وهو جالس في القوم]: ما فعل كعب؟ رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه بُرداهُ والنظر في عِطْفيه! [إعجابه بشبابه وثيابه]. معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هو على ذلك رأى رجلاً مُبيِّضًا [لابس البياض] يزول به السراب [يتحرك]، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كُنْ أبا خيثمة [اللهم اجعله أبا خيثمة]، فإذا هو أَبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون [عابوه]. رجوع الرسول من تبوك: قال كعب بن مالك: فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلًا [راجعًا] من تبوك، حضرني هَمّي فطفقتُ أتذكر الكذب وأقول: بمَ أخرج مِن سخطه غدًا؟ واستعنتُ على ذلك بكل ذي رَأي من أهلي، فلما قيل لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظلَّ قادمًا [دنا قدومه]؛ زاح عني الباطل وعرفت أني لن أخرج منه أبدًا بشيء فيه كذب، فأجمعت [عزمت] صِدقَه. وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادمًا، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلَّفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعةً وثمانين رجلاً، فقبل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم ووكَلَ سرائرهم إلى الله تعالى.

كعب يعترف بالذنب

كعب يعترف بالذنب: قال كعب: حتى جئتُ [رسول الله] فلما سلَّمتُ تبسم تَبسُّمَ المُغْضَب، ثم قال: تعال، فجئت أمشي حتى جلستُ بين يديه. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[في عتب وغضب]: ما خلَّفكَ؟ الم تكلن قد ابتعتَ ظهرك؟ [اشتريت ركابك]؟ كعب [في صدق واعتراف]: بلى إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني ساخرج من سخطه بعذر، ولقد أُعْطيتُ جَدَلًا لكنني والله لقد علمتُ لئن حدثتك اليوم حديثَ كذبٍ ترضى به عني لَيوشِكنَّ الله أن يُسْخِطك علَيّ. ولئن حدثتُك حديثَ صدقٍ تجدُ عليَّ فيه، إني لأرجو فيه عفوَ الله، والله ما كان لي عذر! واللُه ماكنتُ قط أقوى ولا أيسرَ مني حين تخلفتُ عنك!! رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما هذا فقد صدق؛ فقُمْ حتى يقضي الله فيك. "يَثبُ رجال من بني سلمة يتبعون كعبًا". قوم كعب: والله ما علمناك أذنبت ذنبًا قبل هذا، ولقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المتخلفون، فقد كان كافيك ذنبك استغفارُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لك. كعب: فوالله ما زالوا يؤنّبونني [يلوموني] حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأُكذِّب نفسي. كعب لقومه: هل لقي هذا معي من أحد؟ قوم كعب: نعم لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت، وقيل لهما مثل ما قيل لك.

الهجر جزاء المتخافين

كعب: من هُما؟ قومه: مرارة بن الربيع العَمْري، وهلال بن أُمية الواقفي. قال كعب: فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرًا فيهما أُسوة، فمضيتُ حين ذكروهما لي. الهجر جزاء المتخافين: قال كعب: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة مِن بين مَنْ تخلف عنه، فاجتنبَنا الناسُ وتغيروا لنا، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض [تغيرت] فما هي بالأرض التي أعرف. ولبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباي فاستكانا [ضعُفَا] وقعدا في بيوتهما يبكيان!، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدَهم [أقواهم]؛ أخرجُ فأشهدُ الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق، ولا يُكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟! ثم أصلي قريبًا منه وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إليَّ، وإذا التفتُّ نحوه أعرض عني (¬1). ¬

_ (¬1) يا قلب صبرًا على هجر الأحبة لا ... تجزع لذاك، فبعضُ الهجر تأديبُ

كعب يتسور على ابن عمه

كعب يتسور على ابن عمه: قال كعب: حتى إذا طال ذلك عليَّ من جفوة المسلمين مشيتُ حتى تسوَّرتُ جدار حائط أبي قتادة [بستانه] وهو ابن عمي وأحبُّ الناس إليَّ، فسلمتُ عليه فوالله ما رَدَّ عليَّ السلام. فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تَعْلَمُنى أحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؟ فسكت، فعدتُ فناشدته، فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليتُ حتى تسورتُ الجدار. ملك غسان يطمع في كعب: قال كعب: فبينما أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي [فلاح] من نبَط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: مَن يدل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يُشيرون له إليَّ!!! حتى جاءني، فدفع إليَّ كتابًا من ملك غسان [وكان نصرانيًا] وكنت كاتبًا فقرأته، فإذا فيه: "أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مَضيعة فالحقْ بنا نُواسِكْ"!! فقلت حين قرأتها: وهذه أيضًا من البلاء، فتيممتُ [فقصدت] بها التنور فسجَرتها بها [حرقت الكتاب].

أمر المتخلفين باعتزال النساء

أمر المتخلفين باعتزال النساء: قال كعب: حتى إذا مضت أربعون -ليلة- من الخمسين، واستلبت [أبطأ] الوحي إذا رسولُ رسولِ الله يأتيني. رسول النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تعتزل امرأتك! كعب: أُطلقها أم ماذا أفعل؟ رسول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا بل اعتزلها ولا تقربها. كعب لامرأته: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في الأمر "يُرسل النبي إلى (هلال ومرارة) بإعتزال نسائهما، فتجيء امرأة هلال بن أمية رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ". امرأة هلال: يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه؟ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا، ولكن لا يقربك! امرأة هلال: إنه والله ما به من حركة إلى شيء، ووالله مازال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. أهل كعب: لو استأذنتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأتك، فقد أذن لامرأة هلال بن أُمية أن تخدمه. كعب: لا أستأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما يدريني ماذا يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استأذنتُه فيها وأنا رجل شاب؟ "يلبث كعب بذلك عشر ليال، فيكمل له الخمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا".

البشارة بالتوبة

البشارة بالتوبة: قال كعب: ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله: قد ضاقت علَي نفسي، وضاقت عليَّ الأرض بما رحُبَت، سَمعْتُ صوت صارخ أو فى [صعد] على سلع [جبل] يقول بأعلى صوته: يا كعبُ بن مالك أبشرْ، فخررتُ ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فَرَجٌ، وآذن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جميع الناس بتوبة الله -عَزَّ وَجَلَّ- علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يُبشروننا: فذهب قِبلَ صاحبَيَّ، مُبشرون وركض إليَّ رجل فرسًا [استحثه للِإسراع]، وسعى ساع من "أسلم" قِبَلَي وأوفى على الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس. كعب يتصدق للبشرى: قال كعب: فلما جاءني الذي سمعتُ صوته يبشرني نزعت له ثَوبيَّ فكسوتهم إياه ببشارته -والله ما أملك غيرَهما يومئذٍ- واستعرتُ ثوبين ولبستهما؛ وانطلقتُ أتأمم [أقصد] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلقاني الناس فوجًا فوجًا يُهنئوني بالتوبة ويقولون: لِتَهنِكَ توبة الله عليك، حتى إذا دخلت المسجد فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس حوله الناس فقام طلحة بن عبيد الله يُهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره إ! فكان كَعب لا ينساها لطلحة.

الرسول ييرق وجهه من السرور

الرسول ييرق وجهه من السرور: قال كعب: فلما سلمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال وهو يبرقُ وجهه من السرور: (أبشر بخير يومٍ مرَّ عليك مُذ ولدتك أمك). كعب: أمِن عندك يا رسول الله أم مِن عند الله؟ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا بل من عند الله. "وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سُرَّ استنار وجهه الشريف حتى كأنَّ وجهه قطعةُ قمر، وكنا نعرف ذلك منه". كعب يتصدق بماله كله: "كعب يجلس بين يدي الرسول". كعب: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله. رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك. كعب: إني أُمسك سهمي الذي بخيبر. كعب يعاهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الصدق: قال كعب: يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أُحدِّث إلا صدقًا ما بقيت. فوالله ما علمت أحدًا من المسلمين أبلاه الله تعالى [وفقه] في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن مما أبلاني الله تعالى [وفقني]. والله ما تعمدتُ كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله تعالى فيما بقي.

وأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}. "التوبة 117 - 119" قال كعب: والله ما أنعم الله علَيَّ من نعمةٍ قَط، بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أكون كذبته، فأهلَك كما هلك الذين كذبوا. إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} "التوبة 95 - 96" قال كعب: وكنا تخلَّفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة 118" وليس الذي ذكر الله مما خُلِّفنا [تخلفنا] عن الغزو وإنما هو تخليفُه إيانا، وإرجاؤه أمرَنا [أي تأخيره] عمن حلف له، واعتذر إليه، فقبل منه. "انظر القصة في البخاري 5/ ص 130 ومسلم 4/ رقم 2769".

من فوائد القصة

من فوائد القصة قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ}. "التوبة 120" 1 - يجوز للمسلم أن يتحدث بذنبه بعد توبته -كما فعل كعب- ليشجع على التوبة من الذنب، لا سيما إذا كان ذنبه مكشوفًا معروفًا للناس. أما الذنب السري الذي ارتكبه المسلم، أو الذنب الجهري الذي لم يتب منه، فلا يجوز له أن يتحدث عنه لئلا يشجع غيره عليه، ويكون فيه المجاهرة التي حذر منها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "كل أُمتي معافًى إلا المجاهرين". "متفق عليه" ومَثل كعب -رضي الله عنه- مثل رجل أُصيب بعلَّة خطيرة فأجرى له الطبيب عملية جراحية ناجحة، وحرم عليه بعض الأطعمة، فاستجاب، وصبر، وقاسى من حرمانه ما قاسى، حتى تم شفاؤه، فهل في حديث هذا المريض -إذا حدث- إغراء بالعلة، أم وصية بالصبر والطاعة؟! 2 - قد يتوفر للإِنسان المال والأسباب لقيامه بواجب الجهاد، ومع هذا كله يرتكب الذنب الكبير، والخذلان، والتقصير لو استجاب لدواعي الكسل والتسويف، وحب اللذة العاجلة كما حصل لكعب، وقد لا تتوفر للإِنسان الأسباب للقيام بواجب الجهاد، ومع هذا تراه يحب الجهاد ويحرص عليه، كما جرى للفقراء الذين جاءوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طالبين أن يحملهم، فلم يجد ما يحملهم عليه للذهاب للجهاد، فتولَّوا وهم يبكون، ولكن لنيتهم الطيبة يسَّرَ الله لهم مطايا، فحملهم عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 3 - إن المؤمن يتألم فيما لو أهمل واجبه، يقول كعب: (يُحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا منافقًا، أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء). 4 - المؤمن لا يخذل أخاه، بل يدافع عنه، فمعاذ بن جبل يقول للرجل: (بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا).

5 - المقاطعة والهجر هو علاج ناجح لرد المخطئين إلى جادة الصواب، وما ورد من النهي عن الهجر فمحمول على التقاطع من أجل الدنيا، والتشفي. 6 - الصحابة كلهم يُطيعون قائدهم، ويُنفذون وصيته، فابن عم كعب لا يَرد عليه السلام، ولما جاءت بطاقة من ملك غسان، وجاء حاملها يسأل عن كعب، لم يجبه أحد باللسان، بل بالإشارة وإن كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يراهم. 7 - المؤمن الكامل لا يبيع دينه ولو بملك الدنيا، فلما جاء كتاب الملك النصراني يعرض على (كعب) اللحاق به عدَّ هذا من البلاء، وحرق كتابه. 8 - العلاج بالهجر لا يقتصر تنفيذه على الناس، بل يشمل البيت، فيؤمر المتخلَّفون بإعتزال نسائهم، فربما كان من المثبطات عن الجهاد حب البقاء بجانب الزوجة والشهوات. 9 - السجود لله، والشكر له حين مجيء الفرح، وهذا ما فعله كعب -رضي الله عنه-: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا جاء أمر يُسَرُّ به، خرَّ ساجدًا، شكرًا لله تعالى). "صحيح رواه أحمد"

قصة إسلام سيد أهل اليمامة

قصة إسلام سيد أهل اليمامة " بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قِبَل نجدٍ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: (ثُمامة بن أُثال) سيد أهل اليمامة، فر بطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ماذا عندك يا ثمامة؟ [ما تظن أني فاعل بك]؟ ثمامة: عندي خير يا محمد إن تقتلْ تقتلْ ذا دَمٍ: [تقتل من عليه دم مطلوب به، وهو مستحق عليه، فَلا عتب عليك في قتله]، وإن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تُعطَ منه ما شئت. "فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كان يوم الغد". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما عندك يا ثمامة؟ ثمامة: عندي خير يا محمد ... "فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كان يوم الغد". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ماذا عندك يا ثمامة؟ ثمامة: عندي ما قلت لك، إن تُنعم تُنعم على شاكر. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أطلقوا ثمامة. "يطلق الصحابة ثمامة، فينطلق إلى نخل قريب من المسجد فيغتسل، ثم يدخل المسجد. ثمامة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجهٌ أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهُكَ أحبَّ الوجوه إليَّ، والله ما

كان من دين أبغض إليَّ من دينك، فقد أصبح دينُك أحبَّ الدين كله إليَّ، والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فقد أصبح بلدُك أحبَّ البلاد كلها إليَّ، وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ "يبشره الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويأمره أن يعتمر". "يقدم ثمامة إلى مكة". المشركون [لثمامة]: أصَبأت؟ [أتركت دين آبائك]؟ ثمامة: لا [ما خرجت من الدين، لأن عبادة الأوثان ليست بدين حق]، ولكن أسلمت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. "هذا لفظ مسلم رقم 1764 في الجهاد، وأورده البخاري مختصرًا".

من فوائد هذا الحديث والقصة 1 - ربط الكافر في المسجد ليطلع على عبادة المسلمين وأخلاقهم. 2 - المنَّ على الأسير الكافر، وتعظيم أمر العفو على المسيء: لأن ثمامة أقسم أن بغضه انقلب حبًا في ساعة واحدة لما أسداه النبي - صلى الله عليه وسلم - من العفو والمن بغير مقابل. 3 - مشروعية الاغتسال عند الإِسلام. 4 - تستحب الملاطفة لمن يرجى إسلامه من الأسارى، ولا سيما من يتبعه على إسلامه العدد الكثير من قومه (مثل ثامة فهو زعيم قومه). 5 - مشروعية بعث السرايا إلى بلاد الكفار، وأسر مَن وُجد منهم، والتخيير بعد ذلك في قتله أو الإِبقاء عليه. "انظر فتح الباري ج 8/ 88" 6 - كان المشركون يقولون لمن أسلم منهم (صابىء) أي تارك دينه، ودين آبائه الذين يدعون الأولياء من دون الله، ليصرفوا الناس عنه ويذموه. وفي عصرنا من دعا إلى التوحيد، وأمر بدعاء الله وحده، وحذر من دعاء غير الله من الأنبياء والأولياء وغيرهم قال عنه بعض الناس المنحرفين (وهابي) ليصرفوا الناس عن دعوته، وهي في الحقيقة دعوة الأنبياء جميعًا، وعلى رأسهم خاتم الأنبياء سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. 7 - إن عبادة الأوثان لا تسمى دينًا حقًا، لأنها من وسوسة الشياطين، تخالف الفطرة والدين والعقل.

صحابي جليل يتحدث عن إسلامه

صحابي جليل يتحدث عن إسلامه عمرو بن عبَسة السلمي يقول: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل في مكة يخبر أخبارًا، فقعدت على راحلتي، فقدمت عليه فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخفيًا حِراءٌ عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة. [حراء: غضاب مغمومون من دعوته]. عمرو [يسأل الرسول]:ما أنت؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أنا نبي. عَمرو بن عبسة: وما نبي؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أرسلني الله. عَمرو: فبأي شيء [أرسلك]؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أرسلني بصلة الرحم، وكسر الأوثان، وأن يُوحَّدَ الله ولا يُشرَك به شيء. عَمرو: فمنَ معك على هذا؟ [أي على الدين؟]. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: حُرٌ وعَبدٌ، [أبو بكر وبلال]. عَمرو: إني مُتَّبِعك. [مؤمن بك وبدينك]. الرسول - صلى الله عليه وسلم -:إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سمعت بي قد ظهرت فائتني. "يذهب عمرو إلى أهله، ويقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وكان عمرو في أهله، فجعل يتخبر الأخبار ويسأل الناس حتى قدم عليه نفر من أهل المدينة".

عمرو: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ النفر من أهل المدينة: الناس إليه سِرَاعٌ، وقد أراد قومه قتله، فلم يستطيعوا ذلك. [سِراع: يسارعون في دخول دينه]. "يقدم عَمرو المدينة، ويدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". عَمرو: يا رسول الله أتعرفني؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: نعم، أنت الذي لقيتني بمكة. عَمرو: يا رسول الله أخبرني عما علُّمك الله، وأجهلُه، أخبرني عن الصلاة؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "صَلِّ صلاة الصبح، ثم أقصِر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قَرْنَي شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صلِّ، فإن الصلاة مشهودة [تشهدها الملائكة] محضورة حتى يستقل الظل [كناية عن وقت صلاة الظهر] بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإنه حينئذ تُسْجَر [توقد] جهنم، فإذا فاء [رجع من الغرب إلى الشرق] الفيء فَصَلِّ فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى تُصلِّيَ العصر، ثم أقصر عنِ الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قَرْنيَ شيطان [كناية عن جنبي رأسه] وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صَلِّ ما بدا لك). عَمرو: يا نبيَّ الله فالوضوء حدثني عنه. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ما منكم من رجل يُقرِّب وضوءه، فيُمضمض ويستنشق ويستنثر إلا خرَّت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه مع الماء، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله تعالى إلا خرَّت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، أو مع آخر قطرة من الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرَّت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرَّت خطايا

رأسه من أطراف شعره ومن أُذنيه مع الماء، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين إلا خرَّت خطايا رجليه مع الماء، فإن هو قام فصلَّى، فحمد الله وأثنى عليه ومجَّده بالذي هُوَ له أهل، وفرَّغ قلبه لله في صلاته، إلا انصرت من خطيئته كهيئته يوم وَلدَته أُمه". "أخرجه مسلم في صلاة المسافرين رقم 832".

من فوائد هذا الحديث والقصة 1 - من العرب قبل الإِسلام من كان ينكر عبادة الأوثان، لأنها تخالف العقل والفطرة. 2 - بدأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعوته سرًا، ومع ذلك كان قومه يتسلطون عليه، وهو صابر، وفي هذا درس مفيد للدعاة أن يصبروا على الأذى. 3 - الإِسلام يأمر بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وعبادة الله وحده، وعدم الإشراك به. 4 - الدعوة كانت ضعيفة في بادىء الأمر، فلم يؤمن به من الأحرار إلا أبا بكر، ومن العبيد إلا بلال. 5 - وثوق الرسول - صلى الله عليه وسلم - من ظهور دعوته، ونصيحته لعَمرو أن يأتيه عند ذلك. 6 - إسراع الناس إلى الدخول في الإِسلام رغم التهديدات، ودخول عمرو على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ليتعرف عليه، ويذكره الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلقياه في مكة. 7 - أهمية العلم والتعليم والسؤال عما يجهله الإِنسان، ولا سيما في الأمور المهمة من الدين كالوضوء والصلاة، وغيرها، وذلك بعد معرفة توحيد الله، وعدم الإِشراك به. 8 - فضل الوضوء والصلاة الخاشعة، وأنها سبب في خروج المصلي من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه. 9 - تعليم الرسول - صلى الله عليه وسلم - للصحابي أوقات الصلاة الخمس، والأوقات التي تمنع فيها الصلاة.

(6) معجزة الإسراء والمعراج

(6) معجزة الإسراء والمعراج

موجز لمحتويات كتاب معجزة الإسراء والمعراج رقم (6) * - المعجزات النبوية المحمدية. * - ما هو الإسراء والمعراج؟ * - متى كان الإسراء والمعراج؟ * - حديث الإسراء والمعراج الصحيح. * - خلاصة معجزة الإسراء والمعراج. * - من عبرة الإسراء والمعراج. * - هل رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة المعراج؟ * - عقوبة العصاة كما رآها الرسول - صلى الله عليه وسلم -. * - من فضائل الإسراء والمعراج. * - الآيات الكبرى التي رآها الرسول - صلى الله عليه وسلم -. * - من بدع الإسراء والمعراج.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فإن الله تعالى أيَّد نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بمعجزات كثيرة ومتنوعة: أ - المعجزة الدائمة: لقد كانت معجزات الأنبياء السابقين حسية تنقضي في زمانها، وهي لمن شاهدها، أما معجزة نبينا الكبرى وهي القرآن الكريم فهي معنوية دائمة تحدى فيها الناس جميعًا إلى يومنا هذا. ب - المعجزات المؤقتة: وقد أعطى الله لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - معجزات حسية كثيرة: كنبع الماء من بين أصابعه، وتكثير الطعام، وانشقاق القمر، ونطق الجماد، فمنها ما وقع التحدي به، ومنها ما وقع دالًا على صدقه من غير سبق تحد. وكان هذه المعجزات المؤقتة: الإِسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به إلى السموات العلى حتى انتهى إلى سدرة المنتهى. وقد سميت الرسالة: "معجزة الإِسراء والمعراج" وأحب أن أنبه إلى أمور مهمة: 1 - استغنيت عن كلمة (قال) من النص بذكر اسم القائل أول السطر. 2 - الكلام الذي بين المعقوفتين []، هو وصف لحالة القائل من كلام المؤلف. 3 - لقد جعلت الأحاديث على شكل حوار ومشهد: كأنك ترى الحادث أمامك. 4 - لا يجوز تمثيل الأحاديث، لا سيما الملائكة والرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته. والله أسأل أن ينفع بها المسلمين ويجعلها خالصة لوجهه الكريم.

معجزة الإسراء والمعراج

معجزة الإسراء والمعراج 1 - المعجزة: هي أمر خارق للعادة قد يكون مقرونًا بالتحدي صراحة أو ضمنًا، يجري الله هذا الأمر على يد أنبيائه. والمعجزة دالة على صدق النبي، فمتى ظهرت المعجزة على يد إنسان وقارن ظهورها دعوى النبوة علمنا بالضرورة صدقه، لأنه من المستحيل أن يؤيده الله وهو كاذب. 2 - المعجزات ليست من صنع الأنبياء: المعجزات التي يجريها الله على يد أنبيائه هي من صنع الله وتأييده لهذا النبي، وليس من صنعه، والدليل أن موسى -عليه السلام- لما أراه الله معجزته الكبرى، وهي العصا ليأنس بها، فانقلبت حية ولَّى خائفًا، ولو كانت من صنع موسى لما خاف منها. 3 - المعجزة ليست من المستحيلات: المعجزة ليست من قبيل المتسحيل العقلي، فإن مخالفة السنن الكونية المعروفة داخلة في نطاق الممكنات العقلية، وإذا كان سبحانه ربط الأسباب بالمسببات، فليس من المحال أن يضع نواميس خاصة بخوارق العادات يعرفها هو سبحانه، غير أننا لا نعرفها، ولكننا نرى أثرها على يد من اختصه الله بفضل منه ورحمة، وإذا اعتقدنا أن الله قادر مختار لا يعجزه شيء سهل علينا الإِيمان بأنه لا يمتنع عليه أن يحدث الحادث على أي هيئة. أقول: إن الله الذي خلق الأسباب والمسببات قادر على تغييرها: أ - خلق الله آدم بدون أم ولا أب، لأنه خلقه من تراب. ب - خلق الله عيسى من أم بدون أب كما قال عنه: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. "آل عمران 59"

يقول جل وعلا: (إن مثل عيسى عند الله) في قدرة الله حيث خلقه من غير أب (كمثل آدم) حيث خلقه من غير أب، ولا أم، بل: (خلقه من تراب، ثم قال له كُن فيكون). "ذكره ابن كثير ج 1/ 367" الفرق بين المعجزة والمخترعات: إن المعجزة ليست معروفة السبب من الخلق، بخلاف المخترعات فهي معروفة السبب ولا تدخل في نطاق المعجزات ولا تقاربها، إذ هي مبنية على تجارب ونظريات داخلة تحت طاقة الإِنسان وعمله وقدرته وهي جارية على السنن الكونية المعروفة، وليست خارجة عنها، وما سمعنا بمخترع يدعي النبوة. "انظر كتاب الإسراء والمعراج للشيخ محمد أبو شهبه ص 11" الفرق بين المعجزة والسحر: إن المعجزة غير معروفة السبب العادي لنا، بخلاف السحر، فهو وإن خفي في الظاهر على كثير من الناس مما يعلمه بعضهم، وله قواعد وأسباب يتوصل بها إليه، وكثير مما نظن أنه سحر لا يعدو أن يكون خيالًا وخفة يد، وشعوذة، فكن على بيّنة من ذلك، ولا يشكل عليك الأمر فيلتبس الباطل بالحق المبين، فشتان ما بين صنع الله رب العالمين، وأعمال الدجالين المشعوذين. "المصدر نفسه السابق". الفرق بين المعجزة والكرامة: الأمر الخارق للعادة إن ظهر على يد رجل أوتي النبوة فهو المعجزة، وإن ظهر على يد رجل صالح، فهو الكرامة، وهي ثابتة للأولياء المؤمنين المتقين. وأما ما يظهر على يد الفساق من الغرائب، فهو من الدَجل والشعوذة.

المعجزات النبوية المحمدية

المعجزات النبوية المحمدية 1 - المعجزة الدائمة: لقد كانت معجزات الأنبياء حسية تنقضي في وقتها، وهي لمن شاهدها، أما معجزة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فهي دائمة كبرى، لأن رسالته عامة لكل الناس، ومستمرة إلى يوم القيامة، وصالحة لكل زمان ومكان: قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً). "سبأ 28" وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (وكان كل نبي يُبعث إلى قومه خاصة، وبُعثتُ إلى الناس عامة). "متفق عليه" إن المعجزة الكبرى الدائمة لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - هي القرآن الكريم الباقي إلى يوم القيامة. 2 - المعجزات الحسية: لقد أعطى الله نيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - معجزات حسية كثيرة فاقت الأنبياء قبله: نقل عن الإِمام الشافعي أنه كان يقول: ما أعطى الله نبياً إلا وأعطى محمداً - صلى الله عليه وسلم - ما هو أكثر منه، فقيل له: أعطى عيسى بن مريم إحياء الموتى، فقال الشافعي: حنين الجذع أبلغ، لأن حياة الخشبة أبلغ من إحياء الموتى؛ ولو قيل: كان لموسى فَلْقُ البحر عارضناه بفلْقِ القمر، وذلك أعجب، لأنه آية سماوية؛ وإن سئلنا عن انفجار الماء من الحجر عارضناه بانفجار الماء من بين أصابعه و - صلى الله عليه وسلم -، لأن خروج الماء من الحجر معتاد، أما خروجه من اللحم والدم فأعجب؛ ولو سئلنا عن تسخير الرياح لسليمان عارضناه بالمعراج. "انظر مناقب الإمام الشافعي ص 38" 3 - المنكرون للمعجزات الحسية: قد يقول بعض المنكرين للمعجزات الحسية: إن القرآن وحده يكفي معجزة دالة

على صدق النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا حاجة لهذه المعجزات الحسية التي يستبعدها العقل! فنقول لهم: إن تحكيم العقل في الغيبيات، وخوارق العادات ليس من الحكمة، لأن العقل له منطقة لا يتجاوزها، وقد قال الإِمام الشافعي -رضي الله عنه-: كما أن للبصر مجالاً لا يعدوه، فكذلك للعقل مجال لا يتجاوزه، ولو أن كل شيء لا يقع تحت الحس، أو لا يستسيغه العقل، أو يخالف المألوف والعادة ننكره لوقعنا في متاهات من الضلال والغي والجحود والإِنكار. الخلاصة: إن كل شيء أخبر الشارع بوقوعه، فهو في دائرة الإِمكان، ومن يدَّع الإستحالة فعليه البيان. "انظر كتاب الإسراء والمعراج للدكتور محمد أبو شهبة"

ما هو الإسراء والمعراج؟

ما هو الإسراء والمعراج؟ الإِسراء: هو ذهاب الله بنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - راكباً على البراق من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى في القدس في جزء من الليل، ثم رجوعه من ليلته. المعراج: هو صعود الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الأقصى في تلك الليلة بعد إسرائه إلى السموات العلى، ثم إلى سدرة المنتهى، ثم رجوعه إلى بيت المقدس من تلك الليلة. أ - ثبوت الإِسراء والمعراج: الإِسراء ثابت في القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة الكثيرة: أما القرآن ففي قول الله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، لِنرِيَه من آياتنا إنه هو السميع البصير" "الإِسراء 1" يستفاد من هذه الآية فوائد ومعان سامية: 1 - بدأ الآية بلفظ {سبحان} لأن من قدر على هذا، فهو مستحق للتنزيه والتقديس، وفيها معنى التعجب، وما أجدر الإِسراء أن يُتعجب منه! 2 - وفي ذكر العبد في هذا المقام تشريف، وتحذير أن يُتَّخذَ الإِسراء وسيلة لرفع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مقام العبودية إلى مقام الألوهية. 3 - وذكر لفظ وليلاً هو مع أن الإِسراء لا يكون إلا ليلًا، للِإشارة إلى أنه في جزء من الليل. 4 - والمسجد الحرام بمكة: وسمي حراماً لحرمته، والمسجد الأقصى: وسمي بالأقصى لبعده من المسجد الحرام. 5 - والمراد بقوله: {باركنا حوله} البركات الدينية، والدنيوية: أ - أما بركاته الدينية، فلكونه مقر الأنبياء، ومهاجر الكثير منهم، وقبلتهم، ومهبط الملائكة، وهو أحد المساجد الثلاثة التي تُشَد إليها الرحال: مسجد مكة،

ومسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس، والتي يضاعف فيها ثواب الصلاة. ب - وأما الدنيوية فلما يحيط بها من الأنهار الجارية، والزروع والبساتين النفرة. 6 - (لنُريه من آياتنا) المراد بها ما أراه الله لنبيه في هذه الليلة من مخلوقات الله وآلائه، وجلاله، وعجائب صنعه، والتعبير بـ (مِن) هنا غاية البلاغة، لأن الله أرى نبيه بعض آياته لا كلها، إذ آيات الله لا تنتهي، ولا يتسع لها قلب بشر. 7 - وما أبلغ أن يختم الآية بقوله: (إنه هو السميع البصير) فهو وعد للمؤمنين بالِإسراء بالجميل، والثواب الجزيل، ووعيد للمكذبين المرجفين للصدر السابق نفسه" وأما أحاديث الإِسراء فستأتي فيما بعد إن شاء الله. وأما المعراج: فهو ثابت في الأحاديث الصحيحة التي رواها البخاري ومسلم وغيرهما. ب - الإِسراء والمعراج بالروح والجسد: جمهور السلف والخلف من العلماء على أن الإِسراء والمعراج كانا في ليلة واحدة، وبروح الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجسده، وهو الذي يدل عليه قوله تعالى في أول سورة الإِسراء (بعبده) ولا يكون إلا بالروح والجسد. وهناك أحاديث صحيحة تشير إلى أن الإِسراء والمعراج كانا بالروح والجسد: منها أنه شُق صدره الشريف، وركب البراق، وعُرج به إلى السماء، ولاقى الأنبياء، وفُرضت عليه الصلوات الخمس، وأن الله كلمه، وأنه كان يرجع بين موسى -عليه السلام- وبين ربه -عَزَّ وَجَلَّ-.

الإسراء ووحدة الوجود

الإسراء ووحدة الوجود لقد وقع بعض الكتاب المعاصرين في وحدة الوجود حين كتبوا عن الإسراء، فقال الدكتور محمد حسين هيكل في كتابه: (حياة محمد - صلى الله عليه وسلم -): فهذا الروح القوي قد اجتمعت فيه في ساعة الإسراء والمعراج وحدة هذا الوجود بالغة غاية كمالها، .. تداعت في هذه الساعة كل الحدود أمام بصيرة محمد، واجتمع الكون كله في روحه فوعاه منذ أزله إلى أبده، وصوره في تطور وحدته إلى الكمال عن طريق الخير والفضل. بطلان فكرة وحدة الوجود: وفكرة وحدة الوجود فكرة خاطئة وافدة إلى الإِسلام فيما وفد إليه من آراء فاسدة، وهي من مخلفات الفلسفات القديمة، وقد انتصر وتشيع لها بعض المتصوفة الذين ينتسبون إلى الإِسلام، وكتب فيها، فكان عاقبتهم الإلحاد في الله وصفاته. وقد أبان بطلانها كثير من علماء الأمة الراسخين في العلم المتثبتين في العقيدة؛ والقول بها يؤدي إلى القول بالطبيعة، وقدم العالم، وإنكار الألوهية، وهدم الشرائع السماوية، التي قامت على أساس التفرقة بين الخالق والمخلوق، وبين وجود الرب، ووجود العبد، ومقتضى هذا المذهب أن الوجود واحد، فليس هناك خالق ومخلوق، ولا عابد ومعبود، ولا قديم وحادث، وعابدوا الأصنام والكواكب، والحيوانات حين عبدوها إنما عبدوا الحق، لأن وجودها وجود الحق، إلى آخر خرافاتهم التي ضلوا بسببها، وأضلوا غيرهم، والتي أضرت بالمسلمين، وجعلتهم شيعاً وأحزاباً. ولقد بلغ من بعضهم أنه قال: إن النصارى ضلوا لأنهم اقتصروا على عبادة ثلاثة، ولو أنهم عبدوا الوجود كله لكانوا راشدين. وتفسير الإِسراء والمعراج بهذه الفكرة يقتضي إنكارهما على حسب ما جاء به القرآن والسنة الصحيحة المشهورة، فليس هناك إسراء حقيقة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بذات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس هناك عروج بالنبي من بيت المقدس إلى السماوات السبع .. ، وما الداعي إلى ذلك ما دام الكون كله قد اجتمع في روح النبي كما قال

صاحب هذا الرأي، فالمسجد الحرام، والمسجد الأقصى في روحه، والسموات وما فيهن في روحه، ثم ما الداعي إلى كل هذا التكلف والإغراب من الدكتور هيكل -يرحمه الله- في فهم نصوص صريحة جاءت بلسان عربي مبين؟! "انظر الإسراء والمعراج للشيخ محمد أبو شهبة ص 32 - 34"

متى كان الإسراء والمعراج؟

متى كان الإسراء والمعراج؟ 1 - يكاد يجمع المحققون من العلماء على أن الإِسراء والمعراج كانا بعد البعثة المحمدية، وأنهما كانا في اليقظة والمنام: [كما سيأتي في بحث عقوبة العصاة]. 2 - وقد اختلف العلماء في أي سنة كان؟ وفي أي شهر؟ أ - قال البعض: إنهما كانا قبل الهجرة بسنة، وإلى هذا ذهب الزهري، وعروة بن الزبير، وابن سعد وادعى ابن حزم الِإجماع على هذا. ب - والذي عليه أكثر المحققين أنهما كانا في شهر ربيع الأول، وقيل في شهر ربيع الآخر، وقيل في شهر رجب وهو المشهور بين الناس. ج - والذي ترجح عند العلماء أن الإِسراء والمعراج كانا في ليلة الثانية عشر من شهر ربيع الأول فقد ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" أثراً عن جابر وابن عباس يشهد لذلك: قال جابر وابن عباس: (وُلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفيل يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول، وفيه بُعث، وفيه عُرِج به إلى السماء، وفيه هاجر). أقول: يشهد لبعض هذا الأثر الحديث الآتي: "سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الإثنين؟ قال: ذاك يوم وُلدتُ فيه، وفيه بُعثت، وفيه أنزل عليَّ" (أي القرآن). "رواه مسلم" 3 - الإِسراء والمعراج والعلم الحديث: الإِسراء والمعراج حق أخبر بهما القرآن والسنة، فوجب التصديق بهما، وأنهما من المعجزات، وهما أمران ممكنان للعقل، ومن ادعى استحالتهما فعليه البيان. إن العلم الحديث يطالعنا الآن باكتشافات جديدة: فالطائرة النفاثة تسبق سرعة الصوت، وأمكن الصعود إلى القمر، إلى غير ذلك من المخترعات؛ فإذا كان الإِنسان مع ضعفه قد استطاع أن يقوم بمثل هذه الاختراعات التي جعلت من المسافات البعيدة قريبة ضمن قوانين دقيقة، أفلا يقدر خالق هذا الإِنسان والكون أن ينقل رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى حيث أراد بقدرة فائقة وسرعة عجيبة؟ إنه على كل شيء قدير.

الحوادث التي سبقت الإسراء

الحوادث التي سبقت الإسراء إن القارىء لسيرة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - يرى أن حادثة الإِسراء والمعراج قد سبقتها أحوال قاسية، وحوادث أليمة، أحاطت بالرسول من كل جانب واعترضت سبيل دعوته وسببت له مشاكل كثيرة، لو حصلت لغيره من الدعاة والمصلحين لأوهنت قواهم وأعاقتهم عن دعوتهم، ولكن ما في الرسول - صلى الله عليه وسلم - من شجاعة وصبر، وإيمان بصدق دعوته جعله يستهين بكل ما يحصل له ويعترض طريقه، ولعل في هذا درساً عملياً مفيداً للدعاة والمصلحين من حملة رسالته ليقتدوا به، ويستهينوا بالصعاب التي تعترض سبيلهم. وأهم هذه الحوادث الأليمة التي سبقت إسراءه - صلى الله عليه وسلم - ثلاث: 1 - موت عمه أبي طالب: لا شك أن أبا طالب كان نصيراً لابن أخيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وحامياً له، حيث لم يجرؤ أحد أن يُلحِق بالنبي أذىً شديداً إلا بعد موت عمه، إذ وجد الكفار فرصة سانحة للإستخفاف بشأنه والإِمعان في إيذائه - صلى الله عليه وسلم -. 2 - خروجه إلى الطائف: لقد ضاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالمشركين في مكة ذَرْعاً بعد كل هذا التكذيب والإِيذاء الذي صدر منهم له، فكان لا بد له من الإِنتقال إلى بلد آخر لنشر الدعوة فيه. وخرج الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف أقرب بلد إلى مكة، وله فيها أقارب وأرحام لعله يستعين بهم على المشركين في بلده، وعسى أن يجد منهم عطفاً عليه؛ وتصديقاً لدعوته، وتسلية لمصابه، وإكراماً لضيافته؛ ولكن الأمر كان على العكس تماماً؛ إذ ما كاد يعرض الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليهم دعوته حتى خفّوا لتكذيبه وإخراجه من بلدهم، ولم يكتفوا بذلك حتى سلَّطوا عليه عبيدهم وسفهاءهم يقذفونه بالحجارة مما أدمى قدميه، ولم يعد يستطيع متابعة السير عليهما، فجلس قرب بستان لأحد أعدائه؛ وقد أسند ظهره إلى حائط، يمسح الدم بيده بعد أن أنهكه التعب والجوع والجراح؛ وإذا بملَك الجبال يهبط من السماء وَيعْرِض عليه أن يطبق عليهم

الجبلين فيهلكهم، فلا يكون جواب الرسول الكريم الرحيم إلا أن يقول: (بَلْ أرْجُوا أنْ يُخْرجَ الله مِنْ أصلابهم مَنْ يَعْبُد اللهَ وحدَه؛ لا يشرِك به شيئاً). "متفق عليه" جلس الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفكر كيف يستطيع أن يدخل مكة بعد هذا كله، فأرسل إلى الأخنس بن شريق أن يدخل مكة في حمايته وجواره، فأبى، ثم أرسل إلى المطعم بن عدي بطلبه هذا، فرضي، وكان يذكرها له. 3 - موت خديجة: لقد زاد في مرارة هاتين الحادثتين (موت عمه وخروجه إلى الطائف) موت زوجته الوفية "خديجة" -رضي الله عنها- التي كانت تخفف آلامه، وتشجعه في دعوته، وتمده بأموالها؛ فخلا الميدان من العم الشفيق الناصر، وانطفأ سراج البيت بموت الزوج الحبيب المؤنس، فسمى بعضهم ذاك العام "عام الحزن". بعد كل هذه الحوادث الأليمة، والهزات النفسية التي زادت من هموم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأتعابه، أراد الله أن يكرمه بِالِإسراء والمعراج ليريه من آياته وليلتقي بالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- الذين وجدوا في دعوتهم من الصعاب مثل ما وجده في دعوته ها هم الأنبياء يقتدون به في بيت المقدس، وها هي الملائكة ترحب به في السماوات، وكأنه قيل له: يا محمد لئن كان يؤذيك شتم السفهاء في الأرض أما يُرضيك ترحيب الملائكة والمرسلين بك في السماوات؛ لئن اصطف حولك الجاهلون المجرمون يرشقونك بالحجارة، فهاهم الأنبياء يصطفون خلفك لتؤمهم في صلاتهم.

حديث الإسراء والمعراج

حديث الإسراء والمعراج 1 - الإسراء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أتيتُ بالبراق - وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت المسجد فصليت فيه تحية المسجد ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل -عليه السلام- بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل -عليه السلام-: اخترت الفطرة). "رواه مسلم: انظر جامع الأصول ج 11/ 300" 2 - المعراج: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فُرِجَ عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففَرج صدري (شقه)، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بِطَست من ذهب ممتلىء حكمة وإيمانًا، فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا) "رواه البخاري ج 1 - 91" : "نطلق جبريل -عليه السلام- (بالرسول - صلى الله عليه وسلم -) حتى أتى السماء الدنيا". جبريل [خازن السماء]: افتح. الخازن: مَنْ هذا؟ جبريل: جبريل. الخازن: هل معك أحد؟ جبريل: نعم معي محمد - صلى الله عليه وسلم -. الخازن: وقد أرسل إليه؟ (هل دعاه مولاه)؟ جبريل: نعم. الملائكة: مرحباً به نعم المجيء جاء. "فلما فتح علونا السماء الدنيا فإذا رجل قاعد، على يمينه أسْوِدة (أرواح كثيرة) وعلى يساره أسْوِدة، إذا نظر قِبَل يمينه ضحك، وإذا نظر قِبل يساره بكى".

الرجل [في فرح]: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح. محمد - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ هذا؟ جبريل: هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نَسَمُ بنيه (أرواحهم) فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى. "ثم صعد جبريل بي إلى السماء الثانية". جبريل [للخازن]: افتح. الخازن: مَنْ هذا؟ جبريل: جبريل. الخازن: هل معك أحد؟ جبريل: نعم معي محمد - صلى الله عليه وسلم -. الخازن: وقد أرسل إليه؟ جبريل: نعم. الملائكة: مرحباً به، فنعم المجيء جاء. "ففتح فلما خلصت (دخَلت)، فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة". جبريل: [للرسول - صلى الله عليه وسلم -]: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: فسلمت عليهما، فردا (السلام). يحيى وعيسى: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. "ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح ففتح". [وقالت الملائكة للرسول مثل ما قالوا له في السماء الثانية]. "فلما خلَصتُ فإذا يوسف -عليه السلام- فسلَّمت عليه، فرَدَّ (السلام) ". ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح [فقالت الملائكة للرسول مثل ما تقدم]

فلما خلصتُ فإذا إدريس فسلَّمتُ عليه، فرَدَّ (السلام) ". "ثم صعد بي (جبريل) حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، [فقالوا له مثل ما سبق]. فلما خلصتُ (دخلت) فإذا هارون، فسلمت عليه فرَدَّ (السلام) ". * * * "ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح [فقالوا مثل ما سبق]. فلما خلصتُ فإذا موسى، فسلمتُ عليه، فردَّ (السلام) ". "ثم صعد بي حتى أتى السماء السابعة فاستفتح جبريل". الخازن: مَن هذا؟ جبريل: جبريل. الخازن: ومَن معك؟ جبريل: محمد - صلى الله عليه وسلم -. الخازن: وقد بُعث إليه؟ جبريل: نعم. الملائكة [فى فرح]: مرحباً به، فنعم المجيء جاء. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: فلما خلصتُ (دخلت). جبريل: هذا أبوك إبراهيم فسلّم عليه. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: فسلمتُ عليه، فردَّ السلام وقد أسند ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف مَلَك لا يعودون إليه. إبراهيم: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح. "ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة

وثمرها كالقلال (الجرار الكبيرة)، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيَّرت، فما أحد يستطيع أن ينعتها لحسنها فأوحى الله إليَّ ما أوحى، ففرض عليَّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فنزلت إلى موسى". موسى: ما فرض ربك على أُمتك؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: خمسين صلاة. موسى: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أُمتك لا تطيق ذلك، فإني قد بَلَوتُ بني إسرائيل وخبرتهم. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: فرجعت إلى ربي، فقلت: يا رب خفف عن أمتي، فحطَّ عني خمساً. "فرجعت إلى موسى فقلت: حَطَّ عني خمساً". موسى: إنَّ أُمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف. "فلم أزل أرجع بين رب تبارك وتعالى وبين موسى -عليه السلام-، حتى قال: الربُّ تعالى: يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة، بكل صلاة عشر، فذلك خمسون صلاةً، ومَن همَّ بحسنة فلم يعملها كُتبت له حسنة، فإن عملها كُتبت عشراً، ومَن همَّ بسيئة ولم يعملها لم تُكتب شيئاً، فإن عملها كُتبت سيئةً واحدةً. "قال: فنزلتُ فانتهيتُ إلى موسى فأخبرته". موسى: ارجع إلى ربَّك فاسأله التخفيف. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه، (ولكن أرضى وأُسلِّم). "قال: ثم انطلق بي جبريل حتى نأتي سدرة المنتهى، فغشيها ألوان، لا أدري ما هي؟ قال: ثم أُدخلتُ الجنة فإذا فيها جنابذ (قصور) اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك". "القصة في البخاري ومسلم انظر جامع الأصول ج 11/ 292"

من فوائد حديث المعراج

من فوائد حديث المعراج 1 - أن للسماء أبواباً حقيقية، وحفَظَة موكلين بها. 2 - وفيه إثبات الإستئذان، وأنه ينبغي لمن يستأذن أن يقول أنا فلان، ولا يقتصر على (أنا) لأنه ينافي مطلوب الإستفهام. 3 - أن المار يسلم على القاعد، وإن كان المار أفضل من القاعد. 4 - وفيه استحباب تلقي أهل الفضل بالبشر والترحيب والثناء والدعاء. 5 - جواز مدح الإِنسان المأمون عليه الإفتتان في وجهه. 6 - جواز الإستناد إلى القبلة بالظهر وغيره مأخوذ من استناد إبراهيم إلى البيت المعمور وهو كالكعبة في أنه قبلة من كل جهة. 7 - وفيه جواز نسخ الحكم قبل وقوع الفعل (تخفيف الصلاة من خمسين إلى خمس). 8 - فضل السير بالليل على السير بالنهار، لما وقع أن الإِسراء وقع بالليل، ولذلك كانت عبادته - صلى الله عليه وسلم - بالليل، وكان أكثر سفره بالليل، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بالدُلجة، فإن الأرضَ تُطوى بالليل). "صحيح رواه أبو داود" 9 - وفيه أن التجربة أقوى من تحصيل المطلوب من المعرفة الكثيرة: يستفاد ذلك من قول موسى -عليه السلام- للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه عالج الناس قبله وجربهم. 10 - ويستفاد من تحكيم العادة، والتنبيه بالأعلى على الأدنى، لأن من سلف من الأمم كانوا أقوى أبداناً من هذه الأمة، وقد قال موسى: إنه عالجهم على أقل من ذلك فما وافقوه. 11 - وفيه أن الجنة والنار قد خُلقتا، لقوله في بعض طرقه التي بينتها: (عُرضتْ علَيَّ الجنة والنار). 12 - فيه استحباب الِإكثار من سؤال الله تعالى، وتكثير الشفاعة عنده، لما وقع منه - صلى الله عليه وسلم - في إجابته مشورة موسى في سؤال التخفيف. 13 - وفي فضيلة الاستحياء، وبذل النصيحة لمن يحتاج إليها وإن لم يستشير الناصح في ذلك. "انظر فتح الباري ج 7/ 217"

14 - الرضا والتسليم بعد المراجعة من الرسول - صلى الله عليه وسلم -. 15 - تخفيف الصلوات من خمسين إلى خمس صلوات، وهي التي فرضها الله على عباده، والأجر خمسون صلاة، وهذا فضل من الله على عباده بشفاعة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. 16 - الَهمُّ بالحسنة بدون عمل تكتب حسنة، بعكس السيئة فلا تكتب. 17 - مضاعفة العمل بالحسنة إلى عشر حسنات، والعمل بالسيئة لا يضاعف، بل تكتب واحدة.

خلاصة معجزة الإسراء والمعراج

خلاصة معجزة الإسراء والمعراج لقد لخص الحافظ ابن كثير حادثة الإِسراء والمعراج فقال: 1 - والحق أنه -عليه السلام- أسري به يقظة لا مناماً من مكة إلى بيت المقدس راكباً البُراق، فلما انتهى إلى باب المسجد ربط الدابة عند الباب، ودخله فصلَّى في قبلته تحية المسجد ركعتين. 2 - ثم أُتي بالمعراج وهو كالسلم ذو درج يرقى فيه، فصعد فيه إلى السماء الدنيا، ثم إلى بقية السموات السبع، فتلقاه من كل سماء مقربوها، وسلم على الأنبياء الذين في السموات بحسب منازلهم ودرجاتهم، حتى مر بموسى الكليم في السادسة، وإبراهيم الخليل في السابعة، ثم جاوز منزلتهما - صلى الله عليه وسلم - وعليهما وعلى سائر الأنبياء، حتى انتهى إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام (أي أقلام القدر بما هو كائن). 3 - ورأى سدرة المنتهى (¬1)، وغشيها من أمر الله تعالى عظمة عظيمة، من فَراش من ذهب وألوان متعددة، وغشيتها الملائكة، ورأى جبريل على صورته وله ستمائة جناح، ورأى رفرفاً (¬2) أخضر قد سد الأفق. [سدرة المنتهى: شجرة ذات ثمر كبير وأوراق طويلة تغشاها الملائكة وفَراش الطير]. 4 - ورأى البيت المعمور، وإبراهيم الخليل باني الكعبة الأرضية مسند ظهره إليه، لأنه الكعبة السماوية يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة يتعبدون فيه، ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة. 5 - ورأى الجنة والنار، وفرض الله عليه هنالك الصلوات الخمسين، ثم خففها إلى خمس رَحمة منه ولطفاً بعباده، وفِى هذا اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمتها. 6 - ثم هبط إلى بيت المقدس، وهبط معه الأنبياء، فصلى بهم لما حانت الصلاة، ويحتمل الصبح من يومئذ، ومن الناس من يزعم أنه أمَّهم في السماء، والذي ¬

_ (¬1) سميت بذلك لأنها ينتهي إليها علم الرسل والملائكة، ولم يجاوزها أحد إلا نبينا - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) حلة جبريل وثيابه.

تظاهرت به الروايات أنه بيت المقدس، ولكن في بعضها أنه كان أول دخوله إليه، والظاهر أنه بعد رجوعه إليه، لأنه لما مَرَّ بهم في منازلهم جعل يسأل عنهم جبريل واحداً واحداً، وهو يخبر بهم، وهذا هو اللائق لأنه كان أولًا مطلوباً إلى الجناب العلوي ليفرض عليه وعلى أمته ما يشاء الله تعالى، ثم لما فرغ من الذي أريد به اجتمع به هو وإخوانه من النبيين، ثم أظهر شرفه عليهم بتقديمه في الإمامة، وذلك عن إشارة جبريل -عليه السلام- في ذلك. 7 - ثم خرج من بيت المقدس، فركب البراق وعاد إلى مكة بغلس والله أعلم. 8 - وأما عرض الآنية من اللبن والعسل، أو اللبن والخمر، أو اللبن والماء أو الجميع، فقد ورد أنه في بيت المقدس، وجاء أنه في السماء، ومحتمل أن يكون هاهنا وهاهنا لأنه كالضيافة والله أعلم. "تفسير ابن كثير 3/ 22"

من عبرة الإسراء والمعراج

من عبرة الإسراء والمعراج 1 - شق الصدر: من أراده الله لأمر عظيم أعده إعداداً قوياً، فموسى -عليه السلام- حينما أرسله الله إلى الطاغية فرعون جعل له آية العصا، وأجرى له تجربة عملية، حتى لا يخاف حينما تنقلب حية تسعى؛ كذلك الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - شق جبريل صدره، وملأه حكمة وإيماناً، ليتأهب لما يراه في الإِسراء والمعراج، والقلب إذا طاب بالإِيمان طاب الجسد كله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ألا وهي القلب) "متفق عليه" 2 - البراق: لقد زاد الله في تكريمه لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل إليه مركوباً يحمله، ودليلاً يؤنسه، فأرسل إليه جبريل بالبراق يحمله إليه، علماً بأن أهل الجنة يذهبون إليها راكبين مُكرمين كما قال عنهم ربهم: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} وهكذا يفعل العظماء إذا دَعَوا إلى ضيافتهم عزيزاً عليهم. [سورة مريم 85] 3 - ربط البراق بالحلقة: لقد علمنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نأخذ بالأسباب، فربط البراق بالحلقة، وهو لا ينافي التوكل، وقد قال النبي و - صلى الله عليه وسلم - وللأعرابي الذي كانت معه ناقته: (إعقلها وتوكل). "حسن رواه الترمذي" 4 - المسجد الأقصى: إن مرور الرسول - صلى الله عليه وسلم - به، وصلاته بالمسجد، ولقاءه بالأنبياء فيها فوائد وعبر: أ - لعل من الحكمة أن يفهم الناس أن دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - عامة لكل بلد، بل تسير مسرى الشمس والقمر. ب - إن اقتداء النبيين بالرسول - صلى الله عليه وسلم - دليل على أن شرعه ناسخ، وأن الاقتداء به واجب على الأنبياء وغيرهم. ج - وفي مسراه إشارة إلى وحدة الأنبياء في دعوتهم إلى الإِيمان والتوحيد، وربط بين الأماكن المقدسة: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى. د - زيارة الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمسجد الأقصى تلويح وإشارة للمسلمين أن يشدوا الرحال إليه، ويطهروه من الوثنية واليهودية المجرمة، وبشارة لهم بفتح بيت المقدس.

5 - سنة التعارف: لقد قام جبريل بسنة التعريف بالأنبياء في السماء، وأن التعارف من سنن الإِسلام، لأنه سبيل المحبة والتعاون بين المسلمين، فعلى المسلم أن يتعرف على أخيه، ويسأله عن اسمه. 6 - شعور الأب نحو أولاده: فقد رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - آدم في السماء يضحك فرحاً حينما يرى أولاده السعداء، ويبكي ألماً حينما يرى أولاده الأشقياء، وهذا شعور كل والد نحو ولده، فليت الأولاد يقدرون هذا ويسلكون طريق السعادة والخير ليدخلوا الفرح على أبيهم، ويبتعدوا عن الشقاء لئلا يحزنوه. 7 - الجرأة في الحق: لقد صارح الرسول - صلى الله عليه وسلم - قومه بما رأى في إسرائه، ولم يحسب حساباً لتصديقهم أو تكذيبهم، وفي هذه الجرأة قدوة للمصلحين أن يجهروا بالحق، قال الله تعالى: {الذين يُبلِّغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله}. [الأحزاب 39] 8 - فرض الصلاة: كل العبادات نزل بها الوحي على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو في الأرض، أما الصلاة فقد رفع الله رسوله إلى فوق السموات، حتى فرضها عليه وعلى أمته، أليس هذا دليلاً على أهمية الصلاة، وأنها معراج أرواح المؤمنين إلى رب العالمين؟ ومن فضل الله العظيم أن الصلاة فُرضت خمسين في الأصل، ثم خففت إلى خمس بشفاعة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وبقي الأجر في الأصل خمسين. 9 - إثبات العلو لله تعالى: إن عروج الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى السموات العلى، وإلى سدرة المنتهى حتى كلمه ربه تعالى دليل واضح على عفو الله تعالى فوق سمواته، علماً بأن هناك أدلة صريحة من القرآن، والأحاديث على ذلك: أ - قال الله تعالى: {ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات}. [البقرة 29] قال مجاهد وأبو العالية: [استوى، علا وارتفع]. "رواه البخاري في كتاب التوحيد ج 8/ 175] ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي، فهو مكتوب عنده فوق العرش). "رواه البخاري" 1 - لقد عرج الرسول - صلى الله عليه وسلم - السموات العلى، حتى بلغ سدرة المنتهى، فكان هذا المعراج رمزاً للارتفاع عن حياة مليئة بالمشكلات والمظالم، إلى عالم تسوده الرحمة والطمأنينة.

لئن صعد الإِنسان في هذا العصر المادي إلى الفضاء، وحاول الوصول إلى القمر، ليسيطر بظلمه على عالم آخر، فلقد رفعك الله يا رسول الرحمة فوق سماواته إلى مكان لم يصله غيرك، لتنقذ العالَم وتحرر هذا الإِنسان من العبودية لغير الله وتخلصه من ظلم أخيه الإنسان، ثم نزلتَ إلى الأرض لتنشر بتعاليمك السمحة العدل والرحمة للناس كافة. ألا ما أحوج الإِنسان اليوم إلى هذه التعاليم، ليرتفع من حضيض المادة ويتطلع نحو السماء، فيعيش بروحه وأخلاقه، وتنجو الإِنسانية المهددة بالحروب من ظلمه وجشعه.

هل رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة المعراج

هل رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة المعراج اختلف العلماء في الرؤية على قولين؟ 1 - قال فريق منهم: إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه. 2 - وقال آخرون: إنه لم ير ربه. أقول: الصحيح من هذه الأقوال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير ربه، والدليل على ذلك ما يلي: أ - لقد صح عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفِرية على الله". "متفق عليه" ب - وفي رواية ثانية للبخاري أنها قالت: "مَن حدَّثك أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه فقد كذب، وهو يقول: {لا تُدركه الأبصار} ". "الأنعام 103" وللعلماء أدلة أخرى أنقلها للقارئ ليكون على بينة من أمره: 1 - تحقيق شيخ الإِسلام: قال ابن تيمية في الفتاوى ما نصه: (وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة، ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك، بل النصوص الصريحة في نفيه أولى، كما في صحيح مسلم عن أبي ذر قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل رأيت ربك؟ قال: (نورٌ أنَّى أراه)؟ .. وفي الصحيحين عن ابن عباس في قوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنةً للناس والشجرة الملعونة في القرآن) "الإسراء 60" قال: هي رؤيا عين أُريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أُسريَ به، وهذه (رؤيا الآيات) لأنه أخبر الناس بما رآه بعينه ليلة المعراج، فكان ذلك فتنة لهم، حيث صدقه قوم، وكذبه قوم، ولم يخبرهم بأنه رأى ربه بعينه، وليس في شيءٍ من أحاديث المعراج الثابتة ذكر ذلك، ولو كان قد وقع ذلك لذكره، كما ذكر ما دونه وقد ثبت بالنصوص الصحيحة، واتفاق سلف الأمة أنه لا يرى الله أحدٌ في الدنيا بعينه،

إلا ما نازع فيه بعضهم من رؤية نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصة واتفقوا على أن المؤمنين يرون الله يوم القيامة عياناً كما يرون الشمس والقمع. "انظر الفتاوى ج 6/ 509" 2 - ورجح العلامة محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان عدم الرؤية فليراجع التفسير. "ج 3/ 363" ومثله ابن حجر في الفتح. "ج 8/ 608"

الرسول يفاجىء المشركين بالإسراء

الرسول يفاجىء المشركين بالإسراء لما رجع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مسراه إلى بيت عمه أبي طالب وأخبر بنت عمه (أم هانيء) أنه يريد أن يخرج إلى القوم ويخبرهم بما رأى في مسراه من عجيب قدرة الله، تعلقت بردائه. أم هانئ [في رجاء]: أنشدك الله يا ابن عمي ألا تحدث بهذا قريشاً؛ فيكذبك مَن كان صدّقك. "الرسول يضرب بيده على ردائه، فينزعه منها ثم يخرج مسرعًا". أم هانئ [لجاريتها]: اتبعيه وانظري ماذا يقول. الجارية [بعد عودتها]: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى نفر من قريش في الحطيم فقعد حزيناً حيث عرف أن الناس تكذبه، وما أحبَّ أن يكتم ما أكرمه الله به. أبو جهل [كالمستهزئ]: هل كان من شيء؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: نعم أُسري بي الليلة. أبو جهل: إلى أين؟!! الرسول - صلى الله عليه وسلم -: إلى بيت المقدس. أبو جهل [في دهشة]: ثم أصبحت بين ظهرانَيْنا؟!! رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم. أبو جهل [متحديًا]: أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني؟ الرسول [في شجاعة وتصميم]: نعم. أبو جهل [صائحًا]: يا معشر بني كعب. "قريش تَنفضُّ من مجالسها وتسرع نحو الصوت". أبو جهل [لمحمد]: حدّث قومك بما حدثتني.

الرسول [يتحدث إليهم]: إني أُسري بي. قريش: إلى أين؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: إلى بيت المقدس. "قريش في ضجة وصفير وتصفيق". المُطْعِم [مكذبًا]: أنا أشهد أنك كاذب؛ نحن نضرب أكباد الإِبل إلى بيت المقدس ذهاباً في شهر، تزعم أنك أتيته في ليلة واحدة؟! واللات والعزى لا نصدقك. "رجال يسعَون إلى أبي بكر بالخبر". أبو بكر: إن قال ذلك فقد صدق!! قريش: أتصدقه على ذلك؟! أبو بكر: إني لأصدقه فيما هو أبعدُ من ذلك: أصدقه على خبر السماء يأتيه في لحظة. الرسول [لأبي بكر]: إن الله قد سماك "الصديق". "انظر السيرة النبوية لابن هشام بتصرف 1/ 402" "وانظر البداية والنهاية لابن كثير بتصرف: 3/ 141"

آيات صدقه في الإسراء

آيات صدقه في الإسراء 1 - وصفه بيت المقدس: "لما رجع محمد - صلى الله عليه وسلم - وحدث قريشًا عن إسرائه، وأنه أتى بيت المقدس -وكان فيهم من سافر إليه مرات في تجارته- عجبوا وكذبوا". المطعم بن عدي: كل أمرك كان قبل اليوم أمَماً (يسيراً) غير قولك اليومِ أنا أشهد أنك كاذب؛ نحن نضرب أكباد الإبل مُصْعَدًا شهراً، ومُنْحَدَرًا شهرًا، تزعم أنك أتيته في ليلة!! واللات والعزى لا أصدقك. أبو بكر [في أسف]: يا مطعم بئسما قلت لابن أخيك جَبَهْتَه وكذَّبتَه، أنا أشهد أنه صادق. قريش [في استغراب]: صف لنا بيت القدس: كيف بناؤه وهيئته وقربه من الجبل؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: بناؤه كذا وكذا، وقربه من الجبل كذا ... "وما زال الرسول ينعت لهم حتى التبس عليه النبت، فكرب كرباً ما كرب مثله، فجيء بالمسجد وهو ينظر إليه، حتى وضع دون دار عقيل". قريش: كم للمسجد من باب؟ "ينظر الرسول جهة المسجد، ويعدها باباً باباً، وكأنه بناها بيده". يا واصف الأقصى أتيت بوصفه ... وكأنك الرسَّام والبنَّاء أبو بكر [في فرح]: صدقت؛ أشهد أنك رسول الله. قريش [لأبي بكر]: أفتصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟

أبو بكر [في إيمان]: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك: أصدقة بخبر السماء بغُدوةٍ ورَوْحَةٍ. 2 - إخباره عن العير: قريش [في امتحان]: أخبرنا عن عيرنا؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أتيت على عير بني فلان (قافلتهم) بالروحاء قد أضلوا ناقة لهم، فانطلقوا في طلبها، فانتهيت إلى رحالهم فليس بها منهم أحد، وإذا قَدَحُ ماءٍ فشربت منه، ثم انتهيت إلى عير بني فلان فيها جمل عليه غِرارتان (عِدلان) غِرارة سوداء وغرارة بيضاء، فلما حاذيتُ العير نفرت، وضرِع ذلك البعير وانكسر. قريش [للرسول]: متى تَقْدُم عيرنا؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: تقدم يوم الأربعاء مع طلوع الشمس من الثنيَّة وفيها فلان وفلان، يَقدُمها جمل أورق (أسمر). قريش: هذه والله آية. "تخرج قريش يشتدّون ويركضون مبكرين صباح ذلك اليوم نحو الثنية التي وصف ينتظرون بفارغ الصبر حتى تطلع الشمس ليكذبوه". أحدهم [في شماتة]: هذه الشمس قد طلعت!! الآخر [في حسرة وخزي]: وهذه العير قدْ أقبلت يقدمُها جمل أورق فيها فلان وفلان كما قال محمد. قريش [في عناد]: هذا سحر مبين. "انظر السيرة النبوية لابن هشام بتصرف ج 1/ 402" "وانظر البداية والنهاية بتصرف ج 3/ 111"

زيارة المسجد الأقصى

زيارة المسجد الأقصى إن المسجد الأقصى يعتبره المسلمون أولى قبلتيهم، ومسرى رسولهم الكريم، وإن ما حوله من بلاد باركها الله وجعلها موطن النبوات سابقاً، أصبحت اليوم مهددة باليهود اللئام. وإن في زيارة المسلمين للمسجد الأقصى وما حوله حافزاً قوياً يثير في النفوس الهمم للدفاع عن بيت المقدس واسترداد ما اغتصبه اليهود. لهذا حض الإِسلام على زيارة المسجد الأقصى، ونوَّه بفضله ومضاعفة الثواب لمن يصلى فيه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: 1 - (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى). "رواه البخاري ومسلم" 2 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جواباً لمن سأله عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو في مسجده؟: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولَنِعمَ المُصلَّى ..) "أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وهو كما قالا" [أي إن الصلاة في مسجد الأقصى تعادل 250 صلاة]

عقوبة العصاة كما رآها الرسول - صلى الله عليه وسلم -

عقوبة العصاة كما رآها الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن سمرة بن جندب: "كان رسول - صلى الله عليه وسلم - مما يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحد منكم من رؤيا؟ فيقص عليه ما شاء الله أن يقص". الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ذات غداة: إنه أتاني الليلة آتيان (جبريل وميكائيل)، وإنهما ابتعثاني (نبهاني من النوم) جبريل وميكائيل [للرسول - صلى الله عليه وسلم -]: انطلق ... "وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه، فيُثلَغ رأسه (يُكسر) فَيَتَدَهْدَه (يتدحرج) الحجر هاهنا: فيتبع الحجرَ فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصبح رأسه كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: سبحان الله، ما هذان؟! جبريل وميكائيل: انطلق، انطلق ... "فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلُّوب من حديد، وإذا هو يأتي أحدَ شِقَّي وجهه، فيُشرشِر (يقطع) شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر، فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، قال: فما يفرغ من ذلك الجانب، حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: سبحان الله! ما هذان؟ جبريل وميكائيل: انطلق، انطلق ..

"فانطلقنا، فأتينا على مثل التنور، فإذا فيه لغط وأصوات، فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهَب من أسفلَ منه، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوْضَوْا" (أخرجوا أصواتاً). الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما هؤلاء؟! جبريل وميكائيل: انطلق، انطلق ... "فانطلقنا، فأتينا على نهر أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شطر النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة، فيفغر له فاه، فيُلقمه حجراً، فينطلق فيسبح، ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه فَغَر (فتح) فاه، فألقمه حجراً". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما هذان؟ جبريل وميكائيل: انطلق، انطلق ... "فانطلقنا، فأتينا على رجل كريه المرآة (المنظر) وإذا عنده نار يَحشها (يوقدها)، ويسعى حولها". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا؟ جبريل وميكائيل: انطلق، انطلق ... "فانطلقنا، فأتينا على روضة مُعْتَمَّة (طويلة النبات) مُعشِبة، فيها من كل نور (زهر) الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل، لا أكاد أرى رأسه طولًا في السماء، وإذا حول الرجل أكثر من ولدان رأيتهم قط". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا، ما هؤلاء؟ جبريل وميكائيل: انطلق، انطلق ... "فانطلقنا، فأتينا على روضة عظيمة لم أر قط أعظم منها ولا أحسن".

جبريل وميكائيل: ارْق (اصعدَ). "فارتقينا فيها إلى مدينة مبنية بلَبن ذهب، ولَبِن فضة فأتينا باب المدينة. فاستفتحنا ففتح لنا، فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راءٍ وشطر منهم كأقبح ما أنت راءٍ". الملائكة [لهؤلاء الرجال]: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر. "وإذا نهر معترض يجري كان ماءه المحض من البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا، وقد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورة". الملائكة [للرسول - صلى الله عليه وسلم -]: هذه جنة عدن، وهذاك منزلك. "فسما بصري صعُداً (مرتفعاً)، فإذا قصر مثل الرَّبابة البيضاء (السحابة البيضاء) ". جبريل وميكائيل: هذاك منزلك. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: بارك الله فيكما، ذراني فأدخلَه. الملائكة: أما الآن فلا، وأنت داخلُه. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: فإني رأيت منذ الليلة عجباً، فما هذا الذي رأيت؟! جبريل وميكائيل: أما إنا سنخبرك. عقوبة تارك القرآن والصلاة: أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يُثْلغ (يُكسر) رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة. عقوبة الرجل الكذاب: وأما الرجل الذي أتيت عليه يُشَرشِرُ شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق. عقوبة الزناة والزواني: وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني.

عقوبة آكل الربا: وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر، ويُلقَم الحجارة، فإنه آكل الربا. وظيفة خازن جهنم: وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم. إبراهيم وحوله الأولاد: وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم، وأما الولدان الذين حَوْله، فكل مولود مات على الفطرة. بعض المسلمين [للرسول - صلى الله عليه وسلم -]: يا رسول الله: وأولاد المشركين؟ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأولاد المشركين. الذي تجاوز الله عنهم: وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسَن، وشطر منهم قبيح، فإنهم قوم خلطوا عملاً صالحاً، وآخر سيئًا تجاوز الله عنهم. "رواه البخاري انظر فتح الباري ج 12/ 438، باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح"

من فوائد الرؤيا في الحديث

من فوائد الرؤيا في الحديث 1 - أن الإِسراء وقع يقظة ومناماً (وأن المنام تحقق يقظة ليلة الإِسراء). 2 - وفيه أن بعض العصاة يعذبون في البرزخ. 3 - وفيه من تلخيص العلم، وهو أن يجمع القضايا جملة، ثم يفسرها على الولاء (الترتيب) ليجتمع قصورها في الذهن. 4 - التحذير من النوم عن الصلاة المكتوبة، وعن رفض القرآن لمن يحفظه (ترك العمل به). 5 - التحذير من الزنا، وأكل الربا، وتعمد الكذب. 6 - أن الذي له قصر في الجنة لا يقيم فيه وهو في الدنيا، بل إذا مات، حتى النبي والشهيد. 7 - الحث على طلب العلم، واتباع من يلتمس منه ذلك. 8 - فضل الشهداء، وأن منازلهم في الجنة من أرفع المنازل. 9 - أن من استوت حسناته وسيئاته يتجاوز الله عنهم. اللهم تجاوز عنا برحمتك يا أرحم الراحمين. 10 - الإهتمام بأمر الرؤيا والسؤال عنها، وفضل تعبيرها، واستحباب ذلك بعد صلاة الصبح، لأنه الوقت الذي يكون فيه البال مجتمعاً. 11 - استقبال الإِمام أصحابه بعد الصلاة إذا لم يكن بعدها راتبة، وأراد أن يعظهم، أو يفتيهم، أو يحكم بينهم. 12 - ترك استقبال القبلة للإِقبال عليهم لا يكره، بل يشرع كالخطيب. "انظر فتح الباري للحافظ ابن حجر ج 12" 13 - وفي الحديث دليل أيضاً على أن الأولاد الذين ماتوا على الفطرة هم في الجنة، حتى أولاد المشركين.

من فضائل الإسراء والمعراج

من فضائل الإسراء والمعراج 1 - كفران الذنوب لمن لم يشرك بالله شيئاً: عن عبد الله بن مسعود قال: (لما أُسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السابعة، إليها ينتهي ما يُعرج به من الأرض فئقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها فيُقبض منها، وقال: {إذ يغشى السدرة ما يغشى} قال: فَراش من ذهب، قال: فأُعطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً: أُعطي الصلوات الخمس، وخواتيم سورة البقرة، وغُفِر لمن لم يشرك بالله من أُمَّته شيئاً المُقحِمات). "رواه مسلم" (أي الكبائر من الذنوب المهلكات التي تقحم صاحبها في النار)، (فَراش: طيور). 2 - دعاء التعوذ من الجن: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رأيت ليلة أسري بي عفريتاً من الجن يطلبني بشعلة من نار، كلما التفتُّ إليه رأيته، فقال جبريل: ألا أُعلمك كلمات تقولهن، فتنطفئ شعلته ويخرُّ لِفِيهِ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بلى، فقال جبريل: قلْ: أعوذ بوجه الله الكريم، وبكلمات الله التامات التي لا يجاوِزهُنَّ بَرٌّ ولا فاجر: من شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن طوارق الليل، إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمان). "رواه أحمد وحسنه محقق جامع الأصول" 3 - ثواب المجاهدين: "مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قوم يزرعون ويحصدون في يوم!! كلَّما حصدوا عاد كما كان!! " الرسول [لجبريل]: ما هذا؟ جبريل: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله، يضاعَف لهم الحسنة إلى سبعمائة ضعف، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين. 4 - تخفيف الصلوات من خمسين إلى خمس صلوات، مع بقاء أجر خمسين صلاة.

الآيات الكبرى التي رآها الرسول - صلى الله عليه وسلم -

الآيات الكبرى التي رآها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى: (لقد رأى من آيات ربه الكبرى). "سورة النجم 18" وهي كقوله: (لِنُرِيَك من آياتنا الكبرى) "سورة طه 23" أي الدالة على قدرتنا وعظمتنا، وبهاتين الآيتين استدل من ذهب من أهل السنة أن الرؤية (لله) لم تقع، لأنه قال: (لقد رأى مِن آيات ربه الكبرى). ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك وقال ذلك للناس. "ذكره ابن كثير في تفسيره" والآيات التي رآها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإِسراء والمعراج كثيرة: 1 - جبريل -عليه السلام-: (رأى جبريل له ستمائة جناح في صورته). "متفق عليه" (ما كذب الفؤاد ما رأى): قال: (رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل عليه حُلتا رَفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض). (الرفرف: الثياب الخضر). (ثم دنا فتدلى) يعني جبريل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -. (فكان قاب قوسين أو أدنى): القاب: نصف أصبع، وقال بعضهم: ذراعين كان بينهما. (فأوحى إلى عبده ما أوحى): معناه: فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد ما أوحى، أو فأوحى الله إلى عبده محمد ما أوحى بواسطة جبريل، وكِلا المعنيين صحيح. "ذكره ابن كثير" (ولقد رآه نزلة أخرى): قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما ذاك جبريل، لم يره في صورته التي خُلق عليها إلا مرتين: رآه منهبطاً من السماء إلى الأرض سادًّا عِظم خَلقه ما بين السماء والأرض). "متفق عليه" 2 - سدرة المنتهى: قال الله تعالى: (إذ يغشى السدرة ما يغشى). "النجم 1" وفي الحديث: (فلما غشِيَها من أمر الله ما غشِيها تغيَّرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها). "رواه مسلم"

وقال ابن مسعود: لما أُسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السابعة، إليها ينتهي ما يُعرج به من الأرض، فيُقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها، فيُقبض منها. "ذكره ابن كثير في تفسيره" وفي الحديث: (ثم رُفعتُ إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قِلال هجر، وإذا أوراقها كآذان الفيلة). "رواه البخاري" (نبقها مثل قلال هجر: أي ثمرها كبير). 3 - البيت المعمور: وفي الحديث: (فرُفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، وإذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم). وفي رواية: (البيت المعمور مسجد في السماء بحذاء الكعبة، لو خرَّ لخرَّ عليها). "رواه البخاري" واستُدل من الحديث على أن الملائكة أكثر المخلوقات لأنه لا يعرف من جميع العوالم ما ينجرد من جنسه في كل يوم سبعون ألفاً غير ما ثبت عن الملائكة في هذا الحديث. 4 - الأنهار الأربعة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أ - (ثم رفعتُ إلى سدرة المنتهى .. وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة. "الكوثر والسلسبيل" وأما الظاهران فالنيل والفرات). "رواه البخاري ومسلم" ب - ووقع في حديث شريك: (ومضى به يرقى السماء، فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد، فضرب بيده، فإذا هو مسك أذفر! فقال - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك). ج - ووقع في رواية يزيد عن أنس عند ابن أبي حاتم: أنه بعد أن رأى إبراهيم قال: (ثم انطلق بي على ظهر السماء السابعة حتى انتهى إلى نهر عليه خيام اللؤلؤ والياقوت والزبرجد، وعليه طير خضر، أنعَمُ طير رأيت. قال جبريل: هذا الكوثر الذي أعطاك الله، فإذا آنيته الذهب والفضة، يجري على رضراض من الياقوت والزبرجد، ماؤه أشد بياضاً من اللبن).

قال - صلى الله عليه وسلم -: (فأخذت من آنيته، فاغترفت من ذلك الماء، فشربت، فإذا هو أحلى من العسل وأشد رائحة من المسك). د - قال الحافظ في الفتح: ووقع في "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة (أربعة أنهار في الجنة: النيل والفرات، وسيحان وجيحان). فيحتمل أن تكون سدرة المنتهى مغروسة في الجنة، والأنهار تخرج من تحتها، فيصح أنها من الجنة. هـ - قال النووي: في هذا الحديث أن أصل النيل والفرات من الجنة، وأنهما يخرجان من أصل سدرة المنتهى ... والحاصل: أن أصلها في الجنة، وهما يخرجان أولًا من أصلها، ثم يسيران إلى أن يستقرا في الأرض، ثم ينبعان واستدل به على فضيلة ماء النيل والفرات لكون منبعهما الجنة، وكذا سيحان وجيحان. و- قال القرطبي: لعل ترك ذكرهما في حديث الإِسراء، لكونهما ليسا أصلاً برأسهما، وإنما يحتمل أن يتفرعا عن النيل والفرات. وقيل: إنما أطلق على هذه الأنهار أنها أنهار من الجنة تشبيهاً (¬1) لها بأنهار الجنة لما فيها من شدة العذوبة والحسن والبركة، والأول أولى والله أعلم. 5 - الخطباء القوالون: "ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار". الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا يا جبريل؟ جبريل: هؤلاء الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر، وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون. "صححه الألباني في السلسلة رقم 292" ¬

_ (¬1) ذهب الشيخ محمد أبو شهبة في كتابه الإِسراء والمعراج: إلى أن النيل والفرات وردا على سبيل التمثيل والتصوير، وأن ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - هو مثال لهما، كما مثلت له الجنة في الحائط.

بدع الإسراء والمعراج

بدع الإسراء والمعراج 1 - الإحتفال بليلة الإسراء والمعراج، وهذا الإحتفال لم يفعله الرسول صلي الله عليه وسلم والصحابة والتابعون، ولو كان الإحتفال خيراً لسبقونا إليه، والأصل في الأمور التعبدية -ومنها الإحتفال بعيد المولد النبوي، والإسراء والمعراج وغيرها- المنع حتى يأتي الدليل من الشارع، ولم يأت دليل من الشارع على فعله فعلمنا أنه من البدع المحدثة في الدين، وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - منها فقال: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. "رواه النسائي والترمذي وقال حديث حسن وصحيح " 2 - قراءة قصة المعراج في ليلة السابع والعشرين من رجب، وتخصيصها بالذكر والعبادة والدعاء والصوم والعمرة والصلاة، وليعلم أن قصة المعراج المنسوبة إلى ابن عباس كلها أباطيل وأضاليل ولم يصلح منها إلا أحرف قليلة، ومن فظيع ما نراه أن بعض المشايخ الذين لا علم لهم بصحيح الحديث من سقيمه يقرأون هذه القصة على الناس في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، والناس يصدقون أولئك المشايخ، علماً أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث المتواتر: " من كذب عَليَّ مُتعمداً فلْيتبَّوأ مقعده من النار". "متفق عليه" ومما جاء في معراج ابن عباس أن هناك سماء من ذهب، وفضة ونحاس وكلها كذب. 3 - وقد ذهب أكثر المحققين من أهل العلم والتاريخ والسير أن الإِسراء والمعراج كان في ليلة الثانية عشر من شهر ربيع الأول، وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية -أثراً عن جابر وابن عباس يشهد لذلك. قال جابر وابن عباس: "ولد رسول صلي الله عليه وسلم عام الفيل يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول وفيه بُعث، وفيه عُرج به إلى السماء وفيه هاجر. وعروج الرسول صلي الله عليه وسلم إلى السماء دليل على أن الله في السماء وفوق العرش كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة.

الإسراء والمعراج

الإسراء والمعراج أسْرَى بكَ الله ليلاً إذ ملائكُهُ ... والرسْل في المسجد الأقصى على قَدَم لمَّا خَطَرتَ به التفُوا بسيدهم ... كالشُّهبِ بالبَدْر أو كالجُنْدِ بالعَلَمِ صلَّى وراءَك مِنْهم كل ذِي خَطِر ... ومن يَفُزْ بحبيب الله يأتَمِم جُبْتَ السماواتِ أو ما فوقهُنَّ بهم ... على منوَّرة دُرِّية اللّجَمَ (¬1) مشيئةُ الخالقِ الباري وصنعته ... وقدرةُ الله فوقَ الشَّك والتُّهَمِ حَتَّى بلغتَ سماء لا يُطارُ لها ... على جَنَاحٍ ولا يُسعى على قَدَم وقيل: كل نبي عند رتبته ... ويا محمد هذا العرش فاسْتَلِم (¬2) خطَطْتَ للدين والدنيا علومهما ... يا قارىء اللوح بل يا لامس القلمِ (¬3) أحطْتَ بينهما بالسِّرِّ وانكشفَتْ ... لك الخزائنُ من علمٍ ومن حكمِ وضاعفَ القربُ ما قُلِّدَت من مِنَنٍ ... بلا عِدَادٍ وما طُوَّقتَ من نعَمِ "أمير الشعراء أحمد شوقي" ¬

_ (¬1) مراده البراق، والصحيح أن المعراج لم يكن على البراق: الذي ورد ذكره في الإسراء فقط. (¬2) لم يثبت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصل إلى العرش، ولم يأذن له أحد باستلامه، وهذا غُلُو. (¬3) لم يَرِد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قرأ اللوح المحفوظ، ولم يلمس القلم، بل ورد أنه وصل إلى مكان سمع فيه صريف الأقلام (صوت كابتها)، وأول البيت فيه غلُو وإطراء لا يرضاهما الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بل نهى عنهما.

الإسراء والمعراج " للبوصيري" (¬1) قال في بردته (¬2): يا خير من يَمم العافون ساحته ... سعياً وفوق متون أنيُق الرُسم ومَن هو الآية الكبرى لمعتبر ... ومن هو النعمة العظمى لِمغتنِم سريت من حرم ليلاً إلى حرم (¬3) ... كما سرى البرق في داج من الظُلم وبتَّ ترقى إلى أن نلت منزلة ... من قاب قوسين لم تدرَك ولم تُرَمِ وأنت تخترق السبع الطباق بهم ... في موكب كنت فيهم صاحب العلَم فحُزتَ كل مقام غير مشترك ... وجُزتَ كل مقام غير مزدَحِم ¬

_ (¬1) البوصيري شاعر معروف ولد عام 608 هـ وتوفي 695 هـ بالإسكندرية، وقبره بها معروف، وهو من الشعراء الصوفيين الذين وصفوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بأوصاف لا يرضاها النبي لأنها من خصائص الله وحده. (¬2) قصيدة البردة معروفة ومشهورة حفظتها منذ صغري كلها، يتجلى فيها قوة الأسلوب، وروعة البيان، ولكن العلماء أخذوا. عليه فيها الغلو والإطراء حتى إن الشيخ أحمد القطان نقدها في شريط، وبين المساوىء التي وقع فيها. وسمعت أن الشيخ محمد نسيب الرفاعي مبعوث الإفتاء في الأردن له رد عليها، ورددت عليها في مجلة التوعية الإسلامية. وإني أذكر للقراء بعض الأبيات منها ليتبينوا عوارها والشرك فيها: 1 - يا أكرمَ الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حدوث الحادث العمم 2 - فإن مِن جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علمُ اللوح والقلم 3 - ما سامني الدهر ضيماً واستجرت به ... إلا ونلت جوارًا منه لم يُضم 4 - لو ناسبت قدره آياتُه عظمًا ... أحيا اسمه حين يُدعى دارسَ الرِمَم ففي البيت الأول ينادي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويقول: ليس لي ملاذ إلا أنت عند نزول المصائب العامة، وهذا من الشرك الأكبر، لأن المفرج للمصائب هو الله وحده: قال الله تعالى: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء .. ؟). "النمل 64" وفي الثاني يقول: إن الدنيا والآخرة من جود الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفضله، وأن من علومه علم اللوح والقلم، وهذا كذب، وهو من الإطراء والغلو المنهي عنهما، فالدنيا والآخرة من خلق الله، وعلم اللوح والقلم لم يطلع عليه أحد. وفي الثالث: يعتقد أن الدهر إذا أصابه بضر فيستجير بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فيكشفه، وهذا من الشرك الذي لا يخفى على مسلم، لأن الكاشف للضر هو الله وحده: قال تعالى: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه). "الإسراء 67" وفي الرابع يقول: لو أن الله أعطى نبيه ما يستحقه من المعجزات لأحيا اسم الرسول الميت، ولكن الله لم يفعل! هذا اتهام لله تعالى بالتقصير في حق محمد - صلى الله عليه وسلم -. تعالى الله عما يقول الشاعر علُوًا كبيرًا. (¬3) لم يثبت اسم الحرم إلا للحرم المكي والمدني بنص الأحاديث؛ أما المسجد الأقصى فلا يقال له الحرم.

بُشرى لنا معشر الإِسلام إن لنا ... من العناية ركناً غير منهدم لما دعا الله داعينا لطاعته ... بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم وقال البوصيري في قصيدته (الهمزية): فصفى الليلة التي كان المخـ ... ـتار فيها على البراق استواء وترقى به إلى قاب قوسـ ... ـين وتلك السعادة القعساء رُتَبٌ تسقط الأماني حسرى ... دونها ما وراءهن وراء ثم وافى يُحدث الناس شكراً ... إذ أتته مِن ربه النَّعماء وتحدَّى فارتاب كلُّ مُريب ... أو يبقى مع السيول الغُثاء وهو يدعو إلى الإله وإن شقْـ ... ـقَ عليه كفرٌ به وازدراء ويدل الورى على الله بالتو ... حيد (¬1) وهو المحَجَّةُ البيضاء ¬

_ (¬1) هذا التوحيد الذي دل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمته عليه أن يفردوه بالعبادة ومنها الدعاء، وجميل جدًّا أن يذكره الشاعر في قصيدته الهمزية، لكنه يتنافى مع ما ذكره من الشرك ولا سيما قوله في قصيدته التي سماها (البردة) كذباً: ومن تكن برسول الله نصرته ... إن تلقه الأسد في آجامها تهم وهذا الكلام يتنافى مع قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: (وما النصر إلا من عند الله). "الأنفال 10"

(7) كيف نربي أولادنا وما هو واجب الآباء والأبناء

(7) كيف نربي أولادنا وما هو واجب الآباء والأبناء

موجز كيف نربي أولادنا رقم (7) * - وصايا لقمان الحكيم لابنه. * - وصايا نبوية مهمة للأولاد. * - أركان الإِسلام والإيمان. * - قصة رائعة مفيدة جدًّا. * - نصائح نبوية للآباء والأبناء. * - مسؤولية الأبوين والمعلم. * - واجب المربي. * - خطر تحديد النسل. * - فضل الصلوات والتحذير من تركها. * - حكم الغناء والموسيقا. * - حكم الصور والتماثيل. * - هل الدخان حرام. * - إعفاء اللحية واجب. * - بر الوالدين.

الإهداء

الإهداء 1 - إلى كل أم وأب يريدان السعادة لأولادهم. 2 - إلى المعلمين والمعلمات الذين هم الأسوة لطلابهم. 3 - إلى الطلاب والطالبات الذين يريدون النجاح. 4 - إلى الآباء والأبناء جميعاً أقدم لهم هذه الرسالة. سائلًا الولى أن ينفع بها القراء ويجعلها خالصة لله تعالى. المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد فإن موضوع تربية الأولاد مهم جداً، يتوقف عليه مصلحة الآباء والأبناء معاً، بل يتوقف عليه مستقبل الأمة والمجتمع؛ لذلك اهتم به الإِسلام، والمربون، وعلى رأسهم المربي الكبير، محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي بعثه الله معلما ومرشدًا للآباء والأبناء، ليكفل لهم السعادة في الدنيا والآخرة. لذلك نجد القرآن الكريم -الذي فيه صلاحنا وفلاحنا- يذكر الله تعالى فيه قصصاً تربوية نافعة، كقصة لقمان الحكيم وهو يوصي ولده بوصايا نافعة مهمة، وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغرس في نفس ابن عمه عبد الله بن عباس عقيدة التوحيد منذ الصغر، وسيجد القارىء هذا كله، مع غيرها من واجب الآباء نحو الأبناء، وكذلك واجب الأبناء نحو الأبوين. والله أسأل أن ينفع بها القراء، ويجعلها خالصة لله تعالى.

وصايا لقمان الحكيم لابنه

وصايا لقمان الحكيم لابنه قال الله تعالى: (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه). "لقمان 13" هذه وصايا نافعة حكاها الله تعالى عن لقمان الحكيم: 1 - (يا بُني لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم). "لقمان 13" احذر الشرك في عبادة الله، كدعاء الأموات أو الغائبين، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" ولما نزل قوله تعالى: {والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانَهم بِظلم} "الأنعام 82" شق ذلك على المسلمين، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: {يا بُني لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم}). "متفق عليه" 2 - (ووصينا الإِنسان بوالديه حملته أُمه وَهْناً على وَهن، وفصالُه في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير). "لقمان 14" ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده البر بالوالدين لعظم حقهما، فالأم حملت ولدها بمشقة، والأب تكفل بالإِنفاق فاستَحقا من الولد الشكر لله ولوالديه. 3 - (وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به عِلم فلا تُطِعهما، وصاحِبهما في الدنيا مَعروفاً، واتبعْ سبيلَ مَن أنابَ إليَّ، ثم إليّ مرجعكم فأُنبئكم بما كنتم تعملون). "لقمان 15" قال ابن كثير: "أي إن حرصا عليك كل الحرص أن تتابعهما على دينهما، فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنع ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفًا أي محسناً إليهما؛ واتَّبِعْ سبيل المؤمنين". أقول: يؤيد هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف). "متفق عليه" 4 - {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}. "لقمان 16" قال ابن كثير: أي إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة خردل أحضرها الله

تعالى يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، وجازى عليها إن خيراً فخير، وإن شراً فشَرٌ. 5 - (يا بني أقِم الصلاة)، أدها بأركانها وواجباتها بخشوع على الوجه المشروع. 6 - (وأمُرْ بالمعروف وانهَ عن المنكر)، بلُطف ولين بدون شدة. 7 - (واصبرْ على ما أصابك)، علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر سيناله أذىً فأمره بالصبر، قال - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم). "صحيح رواه أحمد وغيره" (إن ذلك من عزم الأمور)، أي إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور. 8 - (ولا تصَعِّر خدَّكَ للناس). "سورة لقمان 18" قال ابن كثير: لا تُعرِض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك احتقاراً منك لهم، واستكباراً عليهم، ولكن ألِن جانبك وابسُطْ وجهك إليهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة). "صحيح رواه الترمذي وغيره" 9 - (ولا تمش في الأرض مَرحَاً)، أي خيلاء متكبراً جباراً عنيداً، لا تفعل ذلك يبغضك الله، ولهذا قال: (إن الله لا يحب كل مختال فخور). "سورة لقمان 18" أي مُختال مُعجَب في نفسه، فخور على غيره. "ذكره ابن كثير" 10 - (واقصِد في مشيك)، أي امش مشياً مقتصداً، ليس بالبطيء المتثبط، ولا بالسريع المفرط، عدلًا وسطاً بين بين. 11 - (واغضُض مِن صوتك)، أي لا تبالغ في الكلام، ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه، ولهذا قال: (إن أنكر الأصوات لَصوت الحمير). "لقمان 19" قال مجاهد: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير. أي غاية مَن رفع صوته أنه يُشبه بالحمير في علُوه ورَفعه، ومع هذا هو بغيض إلى الله، وهذا التشبيه بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أ - (ليس لنا مَثل السوء، العائد في هِبته كالكلب يعود في قيئه). "رواه البخاري" ب - (إذا سمعتم أصواتَ الديكه، فسلوا الله مِن فضله؛ فإنها رأت ملَكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوّذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا). "متفق عليه" "انظر تفسير ابن كثير ج 3/ 446"

من هداية الآيات 1 - مشروعية وصية الوالد لابنه بما ينفعه في الدنيا والآخرة. 2 - البدء بالتوحيد والتحذير من الشرك لأنه ظلم يحبط الأعمال. 3 - وجوب الشكر لله، وللوالدين، ووجوب برهما وصلتهما. 4 - وجوب طاعة الوالدين في غير معصية الله، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف). "رواه البخاري" 5 - وجوب اتباع سبيل المؤمنين الموحدين، وتحريم اتباع المبتدعين. 6 - مراقبة الله تعالى في السر والعلن، وعدم الاستخفاف بالحسنة والسيئة مهما قلَّت أو صغرت. 7 - وجوب إقام الصلاة بأركانها وواجباتها والإطمئنان فيها على الوجه المطلوب. 8 - وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن علم، ولطف حسب استطاعته. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من رأى منكم منكرًا فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان). "رواه مسلم" 9 - الصبر على ما يلحق الآمر والناهي من أذى، وأنه مِن عزم الأمور. 10 - تحريم التكبر والإختيال في المشي وغيره. 11 - الإعتدال في المشي المطلوب، فلا يُسرع ولا يُبطىء. 12 - عدم رفع الصوت زيادة على الحاجة، لأنه من عادة الحمير.

وصايا نبوية مهمة للأولاد

وصايا نبوية مهمة للأولاد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كنت خلفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقال لي: يا غلام إني أُعلمك كلمات: 1 - احفظِ الله يحفظك: امتثل أوامر الله، واجتنب نواهيه يحفظك في دنياك وآخرتك. 2 - احفظ الله تجده تجاهك (أمامك): احفظ حدود الله، وراع حقوقه تجد الله يوفقك وينصرك. 3 - إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله: إذا طلبت الإِعانة على أمر من أمور الدنيا والآخرة فاستعن بالله، ولا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها غير الله، كشفاء المرض، وطلب الرزق، فهي مما اختص الله بها وحده. "ذكره النووى والهيتمي" 4 - واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قدكتبه الله عليك: الإِيمان بالقدر الذي كتبه الله على الإِنسان خيره وشره يجب الإِيمان به. 5 - رُفعت الأقلام وجَفت الصحف: "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" العباد لا يعلمون ما قدر الله عليهم وقد أُمروا بالعمل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اعملوا فكلٌ مُيَسَّرٌ لما خُلِق له). "رواه مسلم" وفي رواية غير الترمذي: 6 - تَعرَّف إلى الله في الرخاءِ يعرفك في الشدة: أدِّ حقوق الله والناس وقت الرخاء ينجيك وقت الشدة. 7 - واعلم أن ما أخطأك لم يكن لِيصيبَك، وما أصابك لم يكن لِيخطئك: إذا منعك الله شيئًا فلن يصل إليك وإذا أعطاك الله شيئًا فلن يمنعه أحد. 8 - واعلم أن النصر مع الصبر: النمر على العدو والنفس متوقف على الصبر. 9 - وأن الفرَج مع الكرب: وأن الكرب الذي ينزل بالمؤمن سيكون بعده الفرج. 10 - وأن مع العسر يسرا: وأن العسر الذي يحل بالمسلم سيأتي معه اليسر واليسران. "حسنه محقق جامع الأصول بشواهده"

من فوائد الحديث 1 - حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - للأطفال، وإركاب ابن عباس خبفه، ومناداته: يا غلام لينتبه. 2 - أمر الأطفال بطاعة الله، والإبتعاد عن معاصيه، يوفر لهم السعادة في الدنيا والآخرة. 3 - الله ينجي المؤمن عند الشدائد إذا أدى حق الله والناس عند الرخاء والصحة والغنى. 4 - غرس عقيدة التوحيد بسؤال الله تعالى، والإستعانة به وحده في نفوس الأطفال، وهو من واجب الوالدين والمربين. 5 - غرس عقيدة الإِيمان بالقدر خيره وشره في الأطفال، وهي من أركان الإِيمان. 6 - تربية الطفل على التفاؤل، ليستقبل الحياة بشجاعة وأمل، وليكون فردًا نافعًا في أمته: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرَج مع الكرب، وأن مع العُسر يُسرا).

أركان الإسلام

أركان الإِسلام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بُني الِإسلامُ على خمس: 1 - شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله: (لا معبود بحق إلا الله، ومحمد تجب طاعته في دين الله وهو المبِّلغ عن الله). 2 - وإقام الصلاة: (أداؤها بأركانها وواجباتها والخشوع فيها على الوجه المشروع). 3 - وإيتاء الزكاة: (تجب الزكاة إذا ملك المسلم 85 غرامًا ذهبًا أوما يعادلها من النقود يدفع 5.2 في المئة منها بعد سنة، وغير النقُود لكل منها مقدار معين). 4 - وحج البيت: (إذا توفر للمسلم مال يكفيه ذهابًا وإيابًا وجب الحج عليه). 5 - وصوم رمضان: (الإمتناع عن الطعام والشراب، والجماع وجميع المفطرات من الفجر حتى الغروب مع النية). "متفق عيه" أركان الإِيمان 1 - أن تؤمن بالله: (بوجوده ووحدانيته في الصفات والعبادة وأنه فوق العرش). 2 - وملائكته: (مخلوقات من النور لتنفيذ أوامر الله). 3 - وكتبه: (التوراة والإِنجيل والزبور والقرآن وهو أفضلها). 4 - ورسله: (أولهم نوح وآخرهم محمد - صلى الله عليه وسلم -). 5 - واليوم الآخر: (يوم الحساب لمحاسبة الناس على أعمالهم). 6 - وتؤمن بالقدر خيره وشره. "رواه مسلم" (الرضاء بالقدر خيره وشره، لأنه بتقدير الله مع الأخذ بالأسباب). ملحوظه مهمة: يجب على المربي أن يعلم الأولاد هذه الأركان من الصغر.

قصة رائعة مفيدة

قصة رائعة مفيدة عن معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه- قال: (وكانت لي جارية ترعى غنمًا لي قِبَل "أحُد والجوانية" فاطلعت ذات يوم، فإذا بالذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسَف كما يأسفُون، لكني صككتُها صكَّة، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعظُم ذلك علَيَّ، قلتُ: يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: (أعتقها فإنها مؤمنة). "رواه مسلم وأبو داود" (صككتها: ضربتها ولطمتها).

من فوائد الحديث والقصة كان الصحابة يرجعون عند أي مشكلة ولو كانت صغيرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعلموا حكم الله فيها. 2 - {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]. 3 - إنكار الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الصحابي ضربه للجارية وتعظيمه لذلك الأمر. 4 - العتق يكون للمؤمن لا للكافر، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اختبرها ولما علم بإيمانها أمر بإعتاقها، ولو كانت كافرة لما أمر بعتقها. 5 - وجوب السؤال عن التوحيد، ومنه علُوُّ الله على عرشه، ومعرفة ذلك واجب. 6 - مشروعية السؤال بأين الله، وأنه سنة حيث سأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 7 - مشروعية الجواب بأن الله في السماء (أي على السماء) لإِقراره عليه الصلاة والسلام جواب الجارية ولموافقة الجواب للقرآن الذي يقول: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ}. [الملك: 16] (قال ابن عباس: هو الله)، (وفي السماء بمعنى: على السماء). 8 - صحة الإِيمان تكون بالشهادة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة. 9 - اعتقاد أن الله في السماء دليل على صحة الإِيمان، وهو واجب عك كل مؤمن. 10 - الرد على خطأ من يقول إن الله في كل مكان بذاته، والحق أن الله معنا بعلمه لا بذاته. 11 - طلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - للجارية ليختبرها دليل على أنه لا يعلم الغيب وهو إيمان الجارية، وهو رد على الصوفية القائلين بأنه يعلم الغيب. وقد أطلعه الله على بعض الأمور بوحي من الله تعالى: قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: 26]

نصائح نبوية للآباء والأبناء

نصائح نبوية للآباء والأبناء 1 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كُلكم راع ومسؤول عن رَعيته، فالِإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية، وهي مَسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). "متفق عليه" 2 - عن عبد الله بن مسعود قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: (أن تجعل لله نِدًّا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يُطعَم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك). "متفق عليه" [الند: المثيل والشريك]. 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (اتقوا الله واعدلوا في أولادكم). "متفق عليه" اعدلوا بين أولادكم في الأموال، والعطايا، وفي كل شيء. 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (كل مولود يولدُ على الفطرة، فأبواه يُهودانه، أو يُنصِّرانه، أو يُمَجسانه، كمثل البهيمة تُنتِج البهيمة، هل ترى فيها جدعًا). "رواه البخاري" أي يهودان المولود بعد أن خُلق على الفطرة، تشبيهًا بالبهيمة التي جُدِعت بعد أن خُلِقت سليمة. "انظر فتح الباري 3/ 250" [جُدعت البهيمة: قطعت أذنها]، [يُمَجِّسانه: يجعلانه مجوسيًا]. 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من الكبائر شتم الرجل والديه: يَسب أبا الرجل فيسب أباه، ويَسب أُمه فيسب أُمه). "متفق عليه" 6 - جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، مَن أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أُمك)، قال: ثم من؟ قال: (أُمك)، قال: ثم من؟ قال: (أُمك)، قال: ثم من؟ قال: (أبوك). "متفق عليه"

مسؤولية الأبوين والمعلم

مسؤولية الأبوين والمعلم قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}. [التحريم: 5، 6] الأم والأب والمعلم والمجتمع مسئولون أمام الله عن تربية هذا الجيل، فإن أحسنوا تربيته سعد وسعدوا في الدنيا والآخرة، وإن أهملوا تربيته شقيَ، وكان الوزر في عنقهم، ولهذا جاء في الحديث: (كُلكم راع، وكُلكم مسئول عن رعيته). "متفق عليه" فبشرى لك أيها المعلم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فوَالله لأنْ يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حُمْرِ النَّعم). "رواه البخاري ومسلم" وبشرى لكما أيها الأبوان بهذا الحديث الصحيح: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له). "رواه مسلم" فليكن إصلاحُك لنفِسك أيها المربب قبل كل شيء؛ فالحسن عند الأولاد ما فعلت، والقبيح ما تركت، وإن حسن سلوك المعلم والأبوين أمام الأولاد أفضل تربية لهم.

واجب المربي والمعلم

واجب المربي والمعلم 1 - تعليم الطفل النطق بـ "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" وإفهامه معناها عندما يكبر: (لا معبود بحق إلا الله). (ومحمد - صلى الله عليه وسلم - أرسله الله لتبليغ دين الله). 2 - غرس محبة الله والإِيمان به في قلب الولد، لأن الله خالقنا ورازقنا ومغيثنا وحده لا شريك له. 3 - تعليم الأولاد أن يسألوا الله ويستعينوا به وحده لقوله - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعنْ بالله). رواه الترمذي وقال حسن صحيح" التحذير من المحرمات 1 - تحذير الأولاد من الكفر والسب واللعن والكلام البذيء، وإفهامهم بلطف أن الكفر حرام يسبب الخسران ودخول النار؛ وعلينا أن نحفظ ألسنتنا أمامهم لنكون قدوة حسنة لهم، فالأب أو المعلم الذي يسبُ ويلعن سيتعلم الأولاد منهما. 2 - التحذير من الشرك بالله: ومنه دعاء غير الله من الأموات، وطلب المعونة منهم، فهم عباد لا يملكون ضرًا ولا نفعًا، قال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106] 3 - تحذير الأولاد من الميسر بأنواعه كاليانصيب، والطاولة، وغيرها ولو كانت للتسلية، لأنها تجر إلى القمار، وتورث العداوة، وأنها خسارة لهم ولمالهم ولوقتهم، وضياع لصلواتهم، وتحذيرهم من المسكرات بأنواعها، فهي محرمة لضررها. 4 - منع الأولاد من قراءة المجلات الخليعة، والصور المكشوفة، والقصص البوليسية والجنسية، ومنعهم من مثل هذه الأفلام في السينما، والتلفزيون، والفيديو لضررها على أخلاقهم ومستقبلهم. 5 - تحذير الولد من التدخين وإفهامه أن الأطباء أجمعوا على أنه يضر الجسم ويورث

تعليم الصلاة

السرطان، وينخر الأسنان، كريه الرائحة، معطل للصدر ليست له فائدة فيحرم شربه وبيعه وينصح بأكل الفواكه والموالح عوضًا عنه، واستعمال السواك المفيد. 6 - تعويد الأولاد الصدق قولاً وعملًا، بأن لا نكذب عليهم ولو مازحين، وإذا وعدناهم فلنوف بوعدنا وفي الحديث: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّثَ كَذب، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا أؤتمِنَ خان). "رواه البخاري ومسلم" 7 - أن لا نطعم أولادنا المال الحرام كالرشوة والربا والسرقة ومنها الغش وهو سبب لشقائهم وتمردهم وعصيانهم. 8 - عدم الدعاء على الأولاد بالهلاك والغضب لأن الدعاء قد يستجاب بالخير والشر، وربما يزيدهم ضلالًا، والأفضل أن نقول للولد: أصلحك الله. 9 - منع الأولاد من سماع الموسيقى والغناء الفاحش الذي يضر بأخلاقهم. تعليم الصلاة 1 - يجب تعليم الصبي والبنت الصلاة في الصغر ليلتزماها عند الكبر لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعًا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرًا، وفرِّقوا بينهم في المضاجع). "صحيح، انظر صحيح الجامع للألباني" والتعليم يكون بالوضوء والصلاة أمامهم، والذهاب بهم إلى المسجد وترغيبهم بكتاب فيه كيفية الصلاة لتتعلم الأسرة كلها أحكام الصلاة، وهذا مطلوب من المعلم والأبوين، وكل تقصير سيسألهم الله عنه. 2 - تعليم الأولاد القرآن الكريم، فنبدأ بسورة الفاتحة والسور القصيرة وحفظ (التحيات لله ...) لأجل الصلاة، وأن نخصص لهم معلمًا للتجويد وحفظ القرآن والحديث ... 3 - تشجيع الأولاد على صلاة الجمعة والجماعة في المسجد وراء الرجال، والتلطف في نصحنا لهم إن أخطأوا، فلا نزعجهم ولا نصرخ بهم، لئلا يتركوا الصلاة ونأثم بعد ذلك، وعلينا أن نتذكر طفولتنا حتى نعذرهم. 4 - تعويد الأولاد الصوم منذ السابعة ليتعودوه عند البلوغ.

الستر والحجاب

الستر والحجاب 1 - ترغيب البنت في الستر منذ الصغر لتلتزمه في الكبر، فلا نلبسها القصير من الثياب، ولا البنطال والقميص بمفردهما لأنه تشبه بالرجال والكفار، وسبب لفتنة الشباب والإغراء، وعلينا أن نأمرها بوضع منديل (غطاء) على رأسها منذ السابعة من عمرها، وبتغطية وجهها عند البلوغ، وباللباس الأسود الساتر الطويلِ الفضفاض الذي يحفظ شرفها، وهذا القرآن الكريم ينادي المؤمنات جميعًا بالحجاب فيقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}. [الأحزاب: 59] وينهى الله تعالى المؤمنات عن التبرج والسفور فيقول: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] 2 - توصية الأولاد أن يلتزم كل جنس بلباسه الخاص ليتميز عن الجنس الآخر، وأن يبتعدوا عن لباس الكفار وأزيائهم كالبنطال الضيق، وغير ذلك من العادات الضارة، ففي الحديث الصحيح: (لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المتشبِّهين من الرجالِ بالنساء، والمتشبِّهات من النساء بالرجال، ولعن المخنثين من الرجال، والمترجِّلات من النساء). "رواه البخاري" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من تشبه بقوم فهو منهم). "صحيح رواه أبو داود"

الأخلاق والآداب

الأخلاق والآداب 1 - نُعود الطفل استعمال اليد اليمنى في الأخذ والعطاء والأكل والشراب، وأن يكون قاعدًا، وأن يُسمي الله في أوله، ويحمده في آخره. 2 - تعويد الولد النظافة، فيقص أظافره، ويغسل يديه قبل الطعام وبعده، وتعليمه الإستنجاء وأخذ الورق بعد البول ليمسحه، أو الغسل بالماء لتصح صلاته، ولا ينجس لباسه. 3 - أن نتلطف في نصحنا لهم سرًا، وأن لا نفضحهم إن أخطأوا فإن أصرُّوا على العناد تركنا الكلام معهم ثلاثة أيام ولا نزيد. 4 - توصية الأولاد بالسكوت عند الأذان، وإجابة المؤذن بمثل ما يقول، ثم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعاء الوسيلة: (اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته). "رواه البخاري" 5 - أن نجعل لكل ولد فراشًا مستقلًا إذا أمكن، وإلا فلحافًا مستقلًا، والأفضل تخصيص غُرفة للبنات، وغرفة للبنين وذلك حفظًا لأخلاقهم وصحتهم. 6 - تعويده ألا يرمي الأوساخ في الطريق، وأن يرفع ما يؤذي عنه. 7 - التحذير من رفاق السوء ومراقبتهم من الوقوف في الشوارع. 8 - التسليم على الأولاد في البيت والشارع والصف بلفظ: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته). 9 - توصية الولد بالإِحسان إلى الجيران وعدم إيذائهم. 10 - تعويد الولد إكرام الضيف واحترامه وتقديم الضيافة له.

الجهاد والشجاعة

الجهاد والشجاعة 1 - يفضل تخصيص جلسة للأصة، وللتلاميذ يقرأ فيها المعلم كتابًا في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ليعلموا أنه القائد الشجاع. وأن صحابته كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية فتحوا بلادنا، وكانوا سببًا في هدايتنا، وانتصروا بسبب إيمانهم وقتالهم وعملهم بالقرآن والسنة، وأخلاقهم العالية. 2 - تربية الأولاد على الشجاعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن لا يخافوا إلا الله، ولا يجوز تخويفهم بالأكاذيب والأوهام والظلام. 3 - أن نغرس في الأولاد حب الإنتقام من اليهود الظالمين، وأن شبابنا سيُحررون فلسطين والقدس حينما يرجعون إلى تعاليم الإِسلام والجهاد في سبيل الله وسينتصرون بإذن الله. 4 - شراء قصص تربوية نافعة إسلامية مثل سلسلة قصص القرآن الكريم، والسيرة النبوية وأبطال الصحابة والشجعان من المسلمين مثل كتاب: 1 - الشمائل المحمدية والأخلاق النبوية والآداب الإِسلامية. (كتاب مهم جدًا). 2 - من بدائع القصص النبوي الصحيح. (كتاب جيد جدًا للأولاد). 3 - معجزة الإِسراء والمعراج. 4 - وغيرها من الكتب المفيدة.

العدل في العطاء بين الأولاد

العدل في العطاء بين الأولاد 1 - عن النعمان بن بشير قال: (تصدق عليَّ أبي ببعض ماله، فقالت أمي [عَمرة بنت رواحة]: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلق أبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لِيُشهده على صدقتي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله، وأعدلوا بين أولادكم). "متفق عليه" وفي رواية: (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فلا تشهدني إذن، فإني لا أشهد على جَور). "أخرجه مسلم والنسائي" 2 - الزم العدل -يا أخي المسلم- بين أولادك في العطاء والوصية، ولا تحرم أحدًا من الورثة حقه، بل عليك أن ترضى بما فرض الله وقسم، ولا تتأثر بالهوى والميل لبعض الورثة دون الباقين، فتعرض نفسك لدخول النار، وكم أخطأ أشخاص كتبوا أموالهم لبعض ورثتهم، فأصبح الحقد والبغض بين الورثة، وذهبوا للمحاكم فضيعوا أموالهم للحكام والمحامين. والحديث يقول: (لا وصيَّة لِوارِث) "حسن رواه الترمذي"

حل مشاكل الشباب

حل مشاكل الشباب إن أفضل علاجٍ لمشكلة الشباب هو الزواج إن أمكن ذلك وتيسرت الأسباب كوجود مهر عملاً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرْج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجاء). "متفق عليه" [وِجاء: يُخفف شهوة الجماع]. ولا يمنع الزواج إتمام الدراسة إذا كان الفتى من عائلة غنية، وله أب يكفيه ما يحتاجه، أو كان عند الولد مال أو عمل. وعلى الوالد أن لا يتأخر عن زواج ولده إذا بلغ سن البلوغ إذا كان الوالد غنيًا، فذلك خير من تركه ولده عزبًا يؤم بيوت الفحش، ويلطخ أباه بسمعة سيئة، فيجني على نفسه وولده. وعلى الولد أن يطلب من أبيه الزواج إذا كان غنيًا، وأن يتلطف بطلبه، ويحرص على رضاه، ويعامله بالإحسان. وليعلم كل إنسان أن الله - ما حرم شيئًا إلا أحل شيئًا مكانه: حرم الربا، وأحل التجارة، وحرم الزنا، وأحل الزواج، وهو أفضل حل لمشاكل الشباب. إذا لم يتيسر للشاب الزواج، لأنه فقير لا يملك المهر والنفقة، فأفضل علاج له: 1 - الصوم الشرعي: عملاً ببقية الحديث السابق: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجاء). أي إن الصوم حفظ للشاب، لأنه يخفف الشهوة. والصوم ليس الإمتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل يشمل الإمتناع عن النظر إلى المحرمات، ومخالطة النساء، ومشاهدة الأفلام المثيرة، والروايات الخليعة، والمسلسلات الجنسية. فعلى الشاب أن يحفظ بصره عن النساء، فإن الله جعل الصحة مع العفاف، والمرض والمصائب في اتباع الشهوات إن لم يكف عنها، ولم ينظر إليها إلا من

سبيلها، وسبيلها الزواج، وهناك طيب السمعة وحسن الأثر. 2 - التصعيد والتسامي: ذكر علماء النفس أن الغريزة الجنسية في الإنسان يمكن تصعيدها وترقيتها، فإذا لم يتيسر لك الزواج، فلا تقرب الفاحشة وعليك بالتسامي: وهو أن تنفس عن نفسك بجهد روحي كالصلاة والصوم وقراءة القرآن، والحديث النبوي، والسيرة العطرة، وغيرها، أو بالانقطاع إلى العمل، والانغماس في البحث، أو أعمال الرسم والأشغال: كرسم المناظر للأنهار والأشجار والجبال الخالية من الأشخاص، أو عمل ثريات من الدف الرقيق .. أو غير ذلك من الهوايات النافعة .. 3 - الرياضة البدنية: هي جهد جسدي، فالإِقبال عليها، والعناية بالتربية البدنية، والإشتراك في الفرق الكشفية والنوادي الأدبية الخالية من اختلاط الشباب والفتيات، كل ذلك يلهي الشاب عن التفكير في غريزته الجنسية، ويفيده في الإبتعاد عن الزنا الذي يضر الشاب في جسمه وأخلاقه ودينه ... فعندما يشعر الشاب بقوة غريزته الجنسية، فما عليه إلا أن يقوم بعمل بدني يصرف هذه الطاقة الزائدة: فالركض لمسافات طويلة، وحمل الأثقال، والمصارعة، والسباق، وتعلم الرماية، والسباحة والمباريات العلمية وغيرها يخفف من الشهوة. 4 - الكتب الدينية: وأهمها قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية وكتب التفسير، واستحفاظ شيء من القرآن والحديث غيبًا، والإطلاع على السيرة النبوية، وتاريخ الخلفاء الراشدين والعظماء المفكرين، وسماع المحاضرات الدينية والعلمية والقرآن الكريم من إذاعة القرآن الكريم، وغيرها. الخلاصة: الدواء النافع للشباب هو الزواج، فإن لم يكن فالصوم والتسامي والرياضة، والعلم النافع، وهو مسكن قوي ينفع ولا يؤذي، ثم حفظ البصر عما نهى الله عنه، والإلتجاء إلى الله أن يسهل لهم الزواج. 5 - على الشباب المسلم أن يستفيد من هذا الدعاء لحل مشاكله. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن تعارَّ مِن الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال اللهم اغفر لي، أو دعا استُجيب له، فإن توضأ وصلَّى قبلت صلاته). [تعارَّ: استيقظ]. "رواه البخاري"

خطر تحديد النسل

خطر تحديد النسل 1 - قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. [الكهف: 46] المال والأولاد من النعم الإلهية يسعى إليها الإِنسان بفطرته، وهما من زينة الحياة، ولكن شياطين الِإنس وسوسوا لبعض الناس أن يُحددوا عدد أولادهم، ويطلبوا تحديد أموالهم وممتلكاتهم مخالفين الفطرة، مع أن المال والأولاد لهما نفع مشترك في حياة الإِنسان وبعد مماته: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات الإِنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له). "رواه مسلم" 2 - لقد حث الإِسلام على كثرة الأولاد، والتزوج من امرأة ولود: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة). "صحيح انظر إرواء الغليل 1784" 3 - إن الإِسلام لا يجيز تحديد النسل إلا لضرورة مرض الزوجة حسب رأي طبيب مسلم، وما عداها من الأسباب كقلة المال والفقر فلا يجوز التحديد: قال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ}. [البقرة: 268] 4 - إن أعداء الإِسلام يسعون لتقليل عدد المسلمين، بينما هم يتابعون الجهود لزيادة المواليد ورفع عدد السكان، ليتفوقوا عليهم، ويذلوهم كما هو حاصل في مصر وغيرها من البلاد الإِسلامية ويسمونه تنظيم الأسرة، وبدأوا يقدمون لهم أقراص مغ الحمل بالمجان بدلاً من تقديم (قرص الخبز) ليشجعوهم على تحديد النسل! فهل عرف المسلمون خطر هذا العمل المخالف لدينهم؟

فضل الصلوات والتحذير من تركها

فضل الصلوات والتحذير من تركها 1 - قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ}. "سورة المعارج" وقال الله تعالى: {وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}. "سورة العنكبوت" 3 - وقال تعالى: (فويلٌ للمصلّين الذين هُم عن صَلاتهم سَاهون} "سورة الماعون 34" [غافلون عنها يؤخرونها عن وقتها بدون عذر]. 4 - وقال تعالى: {قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون} "سورة المؤمنون 1" 5 - وقال تعالى: (فخلَف من بعدهم خَلْفٌ أضاعوا الصلاة واتَّبعوا الشهوات فسوف يلقون غَيًّا}. [خسرانًا]. "سورة مريم 59" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أرأيتُم لو أنَّ نهرًا بباب أحَدِكم يَغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درَنه شيء؟ تالوا: لا يبقى من دَرنه شيء، قال: فذلك مَثلُ الصلواتِ الخمس يَمحو الله بهن الخطايا) "متفق عليه" 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر). "صحيح رواه أحمد وغيره" 8 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (بين الرجُل وبين الشركِ والكفر تركُ الصلاة). "رواه مسلم"

من أحاديث الصلاة

من أحاديث الصلاة 1 - (صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي). "رواه بخاري" 2 - (إذا دخل أحدكم المسجد فلْيركع ركعتين قبل أن يجلس). "رواه البخاري" [وتسمى تحية المسجد]. 3 - (لا تجلسوا على القبور، ولا تصلُّوا إليها). "رواه مسلم" 4 - (إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة). "رواه مسلم" 5 - (أُمِرْتُ أن لا أكُفَّ ثوبًا). "رواه مسلم" [النهي عن الصلاة وكُمُّهُ مشمر أو ثوبه]. "ذكره النووي" 6 - (أقيموا صفوفكم وتراصُّوا، قال أنس: وكان أحدُنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه). "رواه البخاري" 7 - (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وَأْتوها وأنتم تمشون، وعليكم السَّكينة، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتموا). "متفق عليه" 8 - (إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مِرْفقيك). "رواه مسلم" 9 - (إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع والسجود). "رواه مسلم" 10 - (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله) "رواه الطبراني والضياء وصححه الألباني وغيره بشواهده" 11 - (قالت عائشة: "ما كان رسول - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان، ولا في غيره، على إحدى عشرة ركعة، يُصلي أربعًا، فلا تسأل عن حُسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا، فقلت: أتنام قبل أن توتر؟ فقال يا عائشة: إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي"). "متفق عليه" 12 - (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الفجر). [ويدخل في الحديثين صلاة التراويح] "رواه البخاري 2/ 45"

تعلم الوضوء والصلاة

تعلم الوضوء والصلاة الوضوء: شمِّرْ عنْ يديك إلى المرفقين، وقل: {بسم الله}. 1 - اغسلْ كفيك وتمضمضْ، واستنشقِ الماء "ثلاث مرات". 2 - اغسلْ وجهك (ثلاثًا". 3 - اغسلْ يديك إلى المرفقين، اليمنى فاليسري "ثلاثًا". 4 - امْسحْ رأسك كُلَّهُ مع الأذنين. 5 - اغسلْ رِجليك إلى الكعبين (اليمنى فاليسرى) "ثلاثًا". التيمم: إذا تعذر عليك الماء فامسح وجهك وكفيك بالتراب بعد أن تضرب بكفيك التراب ثم تنفضهما ليبقى فيهما قليل من التراب بدلاً عن الوضوء للصلاة. ويكون تعذر استعمال الماء إما لخوف الضرر من استعماله، أو لعدم وجود الماء، أو قلته عند مسافر هو بحاجة إليه.

صلاة الصبح

صلاة الصبح الصَّلاة: "فرض الصبح ركعتان" (النية محلها القلب). 1 - استَقبل القبلة وارفع يديك إلى أذنيك، وقل: {الله أكبر}. 2 - ضَعْ يَدَك اليُمْنى على اليُسرى على صَدْرِك، واقرأ: {سبحانك اللهم وَبِحمدِك، وتباركَ اسْمُكَ وتعالى جدُّك ولا إله غْيرُك} {ويجوز قراءة غيرها مما ورد في السنة). الركعة الأولى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (سِرًا). {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، آمين. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. [أو غيرها من السور]. 1 - ارْفَعْ يَدَيْك، وَكَبَرْ، وَارْكع، وَضَعْ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وقُلْ: (سُبْحان رَبي العظيمْ) ثلاثًا. 2 - ارفع رأسك ويديك وقُلْ: (سمع الله لِمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد). 3 - كَبرْ واسجد وضع كفيك، ورُكبتيك، وجبهتك، وأنفَك، وأصابع رجليك على الأرض تجاه القبلة وقل: (سبحان ربيَ الأعلى) ثلاثًا. 4 - ارفع رأسك من السجود، وكبِّرْ، وضع يديك على ركبتيك وقل: (رَب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني). 5 - أُسْجد على الأرض ثانية، وكبِّرْ: وقل: (سبحان ربيَ الأعلى) ثلاثًا.

الركعة الثانية 1 - انهض إلى الركعة الثانية، وتعوَّذ، وسَمِّ واقرأ سورة الفاتحة وسورة قصيرة، أو ما تيسر من القرآن. 2 - ارْكعْ واسجُدْ كما تعَلمت، واجلس بعد السجود الثاني واقبض أصابع كفك اليمنى وارفع السبابة اليُمنى واقرأ: (التحيات لله، والصَّلوات والطَيِّبات * السَّلامُ عليْكَ أيها النبي ورحمةُ الله وبركاته، السلامُ عليْنَا وعلى عباد الله الصالحين * أشهدُ أن لا إله إلّا الله، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله * اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميْدٌ مجيد اللهم بَاركْ على محمدٍ وعلى آل محمَّدٍ، كلما بَاركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حَميد مجيد). 3 - اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. 4 - التفتْ يمينًا ويسارًا وقُلْ في كل مرة: {السلام عليكم ورحمة الله}. جدول عدد ركعات الصلاة الصلوات - السنة القبلية - الفرض - السنة البعدية الصبح - 2 - 2 - 0 الظهر - 2 و 2 - 4 - 2 العصر - 2 و 2 - 4 - 0 المغرب - 2 - 3 - 2 العشاء - 2 - 4 - 2 و 3 وتر الجمعة - 2 تحية المسجد - 2 - 2 في البيت أو و 2 فى المسجد

من أحكام الصلاة

من أحكام الصلاة 1 - السُّنة القبلية: تُصلَّى قبل الفرض والسنة البعدية بعده. 2 - تَمهَلْ وانظر مكان سجودك ولا تلتفت. 3 - اقرأ إذا لم تسمع الإِمام، واقرأ الفاتحة في الجهرية في سكتاته. 4 - فرض الجمعة ركعتان ولا تجوز إلا في المسجد بعد الخطبة. 5 - فرض المغرب ثلاث: صل ركعتين كما صليت الصبح، وعند الانتهاء من قراءة التحيات كلها لا تُسلّم وقم إلى الركعة الثالثة رافعًا يديك إلى كتفيك مُكبرًا، واقرأ الفاتحة فقط، وتمم صلاتك كما تعلمت في الصبح، ثم سلّم يمينًا ويسارًا. وقل: (السلام عليكم ورحمة الله). 6 - فرض الظهر والعصر والعشاء أربع: افعل ما فعلته في صلاة الصبح، وبعد أن تقرأ التحيات لله .. كلها لا تسلِم وقم إلى الركعة الثالثة، ثم الرابعة واقرأ الفاتحة، وتمم صلاتك ثم سلِّم يمينًا ويسارًا. 7 - الوتر ثلاث: صَلِّ ركعتين وسلِّم، ثم صلِّ ركْعة منفردة وسلّمْ، والأفضل أن تدعو بما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل الركوع أو بعده: (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولّني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يَذِل مَن واليت، ولا يَعِزُّ مَن عاديت، تباركتَ ربنا وتعاليت). "رواه أبو داود بسند صحيح" 8 - قف وكبرِّ إذا اقتديت مع الإِمام ولو كان راكعًا، ثم تابعه، وتُحسب لك ركعة إن لحقته في الركوع، وإلا فلا تُحسَب. 9 - إذا فاتتك ركعة أو أكثر مع الإِمام فتابعه حتى آخرالصلاة ولا تسلم مع الإِمام، وَقمْ إلى صلاة الركعات الباقية. 10 - احذر السرعة في الصلاة فإنها مبطلة لها، فقد رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يسرعِ في صلاته فقال له: (ارجع فصلّ فإنك لم تُصلِّ)، فقال له في الثالثة: علِّمني

يا رسول الله؟ فقال: (.. اركِع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفعِ حتى تستوي قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا). "متفق عليه" 11 - إذا فاتك واجب من واجبات الصلاة، فتركت القعود الأول مثلًا، أو شككت في عدد الركعات، فخذ بالأقل واسجد سجدتين في آخر الصلاة وسلِّم، وهذا يسمى سجود السهو. 12 - لا تكثر الحركة في الصلاة، فهي منافية للخشوع، وربما سببت فساد الصلاة إذا كانت كثيرة وغير ضرورية. 13 - وقت صلاة العشاء ينتهي عند منتصف الليل فلا يجوز تأخيرها إلا لضرورة، وأما صلاة الوتر فوقتها إلى طلوع الفجر.

وجوب صلاة الجمعة والجماعة

وجوب صلاة الجمعة والجماعة صلاة الجمعة والجماعة واجبة على الرجال للأدلة الآتية: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. [الجمعة: 9]. 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم - (من ترك ثلاث جُمع تهاونًا بها، طبع الله على قلبه) "صحيح رواه أحمد" 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لقد هَمَمت أن آمُرَ بالصلاة فتقام، ثم أُخالف إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة، فأُحرّقَ عليهم). "رواه البخاري 3/ 91" 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من سمع النداء، فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر). (العذر: الخوف أو المرض). "صحيح رواه ابن ماجه" 5 - (أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُرخص له، فرخص له، فلما ولَّى دعاه فقال: هل تسمع النداء (بالصلاة)؟ قال: نعم، قال: فأجب). "رواه مسلم". 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من اغتسل، ثم أتى الجمعة، فصلى ما قُدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأُخرى، وفضل ثلاثة أيام) [أي زيادة ثلاثة أيام]. "رواه مسلم" 7 - وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من سَرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فلْيحافظ على هذه الصلوات الخمس، حيث يُنادي بهن، فإن الله شرع لنبيكم سُنن الهدى، وإنهنَّ من سُنن الهدى ولو أنكم صَليتم في بيوتكم كما يُصلى هذا المتخلِف في بيته لتركتم سُنة نبيكَم ولوتركتم سنة نبيكم لضلَلْتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به يهادَى بين الرجلين حتى يُقامَ في الصف. "رواه مسلم" (يُهادَى بين الرجلين: يتكىء عليهما)

كيف أصلي الجمعة مع آدابها

كيف أصلي الجمعة مع آدابها 1 - أغتسل يوم الجمعة، وأقلِّم أظفاري، وأتطيب وألبسُ ثيابًا نظيفة، بعد الوضوء. 2 - لا آكل ثومًا أو بصلًا نيئًا، ولا أشرب دخانًا، وأُنظف فمي بالسواك أو المعجون. أصلي ركعتين عند الدخول إلى المسجد، ولو كان الخطيب على المنبر امتثالًا لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا، حيث قال: (إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب، فلْيركعْ ركعتين وليتجوَّزْ فيهما). [أي يخففهما]. "متفق عليه" 4 - أجلس لسماع الخطبة من الإمام ولا أتكلم. 5 - أصلي مع الامام ركعتين فرض الجمعة مقتديًا، (النية بالقلب). 6 - أصلي أربع ركعات سنة الجمعة البعدية، أو ركعتين في البيت، وهو الأفضل. 7 - الإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم الجمعة. 8 - تحرِّي الدعاء يوم الجمعة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه). "متفق عليه" 9 - قراءة سورة الكهف لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من قرأ سورة (الكهف) في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين). "انظر صحيح الترغيب 738" وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من قرأ سورة (الكهف) يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه وبين البيت العتيق) [البيت العتيق: المسجد الحرام].

حكم الغناء والموسيقا

حكم الغناء والموسيقا قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا} [لقمان: 6] أكثر المفسرين على أن المراد {بلَهْو الحديث} هو الغناء. وقال ابن مسعود: هو الغناء. وقال الحسن البصري: نزلت في الغناء والمزامير. 2 - وقال تعالى يخاطب الشيطان: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64] (الغناء والمزامير). وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ليَكُوننَّ من أُمتي أقْوامٌ يَستحِلُّونَ الحِرَ (الزنا) والحرير، والخمر والمعازِف). [الموسيقا]. "صحيح رواه البخاري، وأبو داود" والمعنى: سيأتي من المسلمين أقوام يعتقدون أن الزنا، ولبس الحرير الأصلي، وشرب الخمر، والموسيقا حلال، وهي حرام. والمعازف: كل ما له نغمة وصوت مطرب: كالعود، والناي، والطبل، والكوبة، والدُف وغيرها، حتى الجرس لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الجَرسُ مَزَامير الشيطان). "رواه مسلم" وهو دال على الكراهية لصوته، وكانوا يعلقونه في أعناق الدواب لأن فيه شبهًا بالناقوس وشكله الذي يستعمله النصارى، ويمكن الإستغناء عن الجرس بصوت البلبل في البيوت والمدارس وغيرها وهو جهاز يباع في الأسواق. 4 - ونقل عن الشافعي في كتاب القضاء: الغناء لَهوٌ مكروه، يشبه الباطل، من استكثر منه فهو سفيه تُرَدُّ شهادته.

الغناء في الوقت الحاضر

الغناء في الوقت الحاضر أغلب الغناء الآن في الأعراس والحفلات، وفي الإِذاعات يتحدث عن الحب والهوى، والقبلة واللقاء، ووصف الخدود والقدود، وغيرها من الأمور الجنسية التي تثير الشهوة عند الشباب، وتشجعهم على الفاحشة والزنا وتقضي على الأخلاق. 2 - وإذا اجتمع الغناء والموسيقا من المغنين والمغنيات -الذين سرقوا أموال الشعب باسم الفن والمسرح، وذهبوا بأموالهم إلى أوربا واشتروا الأبنية والسيارات- أفسدوا أخلاق الشعب بأغانيهم المائعة، وأفلامهم الجنسية، وافتتن الكثير من الشباب وأحبوهم من دون الله، حتى كان المذيع وقت حرب اليهود 1967 م، يقول للجنود: سيروا للأمام فإن معكم المطرب فلانًا وفلانة .. حتى كانت الهزيمة المنكرة أمام اليهود المجرمين، وكان المفروض أن يقول لهم: سيروا فالله معكم بمعونته. وأعلنت إحدى المطربات .. أنها ستقيم حفلتها الشهرية التي تقام في القاهرة ستقيمها في تل أبيب قبل حرب اليهود 1967 م، إذا انتصرنا، بينما وقف اليهود بعد الحرب على حائط المبكى في القدس يشكرون الله على نصرهم!!!. 3 - حتى الأغاني الدينية لا تخلو من المنكرات، فاسمعها تقول: وقيل كلُ نبي عند رتبته ... ويا محمدُ هذا العرش فاستلم وهذا الشطر الأخير كذب على الله ورسوله يخالف الحقيقة، وهو من الغلُو. علاج الغناء والموسيقا الإبتعاد عن سماعها من الراديو والتلفزيون وغيرهما، ولا سيما الأغاني الخليعة، والمصحوبة بالموسيقى. 2 - وأعظم مضاد للغناء والموسيقا ذكر الله وتلاوة القرآن، ولا سيما قراءة سورة البقرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الشيطان ينفر من البيت الذي يُقرأ فيه سورة البقرة). "رواه مسلم" قال تعالى: {يا أيها الناسُ قد جاءتْكم موعظةٌ من رَبِّكُمْ وشفِاءٌ لما في الصدور وهُدى ورحمةٌ للمؤمنين}. [سورة يونس57] 3 - قراءة السير النبوية والشمائل المحمدية، وأخبار الصحابة.

المستثنى من الغناء

المستثنى من الغناء - الغناء يوم العيد ودليله حديث عائشة: (دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها، وعندها جاريتان تضربان بدُفَّين (وفي رواية عندي جاريتان تغنيان) فانتهرهما أبو بكر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: دَعهُنَّ فإن لَكل قوم عيدًا، وإن عيدنا هذا اليوم).- "رواه البخاري" 2 - الغناء مع الدف وقت النكاح لإِعلانه وتشجيعه، ودليله قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فصلُ ما بين الحلال والحرام، ضربُ الدف، والصوت في النكاح). صحيح رواه أحمد" [هذا للبنات فقط]. 3 - النشيد الإِسلامي وقت العمل مما يساعد على النشاط، ولا سيما إذا كان فيه الدعاء، فقد كان الرسول يتمثل بقول ابن رواحة، ويشجع العاملين في حفر الخندق قائلًا: اللهم لا عيش إلا عيشُ الآخره ... فاغفِرْ للأنصار والمهاجره فيجيب الأنصار والمهاجرون: نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا وكان - صلى الله عليه وسلم - يحفر التراب مع صحابته ويتمثل بقول ابن رواحة: والله لولا الله ما اهتَدينا ... ولا تصدَّقنا ولا صلّينا فأنزلَنْ سَكِينةً علينا ... وثَبَتِ الأقدامَ إن لاقَيْنا والمشركون قد بغَوْا علينا ... إذا أرادوا فتنةً أبَيْنا يرفع بها صوته أبينا ... أبينا. "متفق عليه" 4 - النشيد الذي فيه توحيد الله، أو محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر شمائله، أو فيه حث على الجهاد والثبات وتقوية الأخلاق، أو الدعوة إلى المحبة والتعاون بين المسلمين، أو فيه ذكر محاسن الإِسلام ومبادئه وغير ذلك مما يفيد المجتمع في دينه وأخلاقه ... 5 - يسمح من المعازف الدُّف فقط في وقت العيد والنكاح للنساء ولا يجوز استعماله في الذكر أبدًا، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يستعمله، وكذا صحابته من بعده رضي الله عنهم. وقد أباحه الصوفيون لأنفسهم وجعلوا الدف في الذكر سنة، وهو بدعة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إيَّاكم ومُحدَثاتِ الأمور، فإن كُلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"

حكم الصور والتماثيل

حكم الصور والتماثيل قام الإِسلام ليدعو الناس جميعًا إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة غير الله من الأولياء والصالحين، المتمثلة في الأصنام والتماثيل والتصاوير، والأضرحة، والقبور، والقباب، وغيرها من المظاهر التي تؤدي للشرك. وهذة الدعوة قديمة منذ أرسل الله الرسل لهداية الناس، قال الله تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمَّةٍ رسولًا أنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} "سوره النحل 36" (الطاغوت: كل ما عبد مِن دون الله برضاه). وقد ورد ذكر هذه التماثيل في سورة نوح -عليه السلام-، وأكبر دليل على أن هذه كانت تمثل رجالًا صالحين هوما ذكره البخاري عنِ ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {وقالوا لا تَذَرُنَّ آلِهتكم، ولا تَذَرُنَّ وَدَّاً ولا سُوَاعًا، ولا يَغوثَ وَيَعوق ونَسْرَاً وقد أضلّوا كثيرًا}. "سورة نوح 23 - 24" قال: (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إلى قومهم، أن انصوبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا (تماثيل) وسمُوها بأسمائهم، ففعلوا ولم تُعبد، حتى إذا هلك أولئك ونُسخ العلم عُبدت). فهَذه القصة تفيد أن سبب عبادة غير الله هي التماثيل الممثلة في الزعماء. يظن الكثير من الناس أن هذه التماثيل، ولا سيما التصاوير أصبحت حلالًا، لعدم وجود من يعبد الصور والتماثيل في هذا العصر، وهذا مردود من عدة وجوه: 1 - إن عبادة الصور والتماثيل لا تزال تُعبدُ في هذا العصر، فصورة عيسى وأمه مريم، تُعبدُ من دون الله في الكنائس حتى الصليب يركعون له!! وهناك لوحات فنية لعيسى ومريم تباع بأغلى الأثمان، وتعلق في البيوت لعبادتها وتعظيمها. 2 - وهذه تماثيل الزعماء في البلاد المتقدمة ماديًا والمتأخرة روحيًا تُكشف لها الرءوس، وتُحنى لها الظهور عند المرور على تمثال منها: كتمثال جورج واشنطن في أمريكا،

ونابليون في فرنسا، وتمثال لينين وستالين في روسيا، وغيرها من التماثيل الموضوعة في الشوارع، يركع المارون لها؛ وسرت فكرة التماثيل إلى بعض البلاد العربية، فقلدوا الكفار، وأقاموا التماثيل في شوارعهم، ولا تزال تنصب التماثيل في بقية الدول العربية والإِسلامية، ويجب صرف هذه الأموال في بناء مساجد ومدارس ومشافي وجمعيات خيرية فيكون نفعها أجدى وأنفع، ولا بأس بتسميتها بأسمائهم. 3 - إن هذه التماثيل بعد مرور زمن طويل سوف تحنى لها الرءوس، وتعظم وتعبد، كما حصل في أوربا وتركيا وغيرها من البلاد، وسبقهم في ذلك قوم نوح -عليه السلام-، حيث نصبوا تماثيل زعمائهم، ثم عظموهم وعبدوهم. 4 - لقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب قائلاً: (لا تدعِ تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا مُشرِفًا إلا سوَّيته). "رواه مسلم" [مشرفًا: مرتفعًا، سوَّيته: جعلته قريبًا من الأرض]. وفي رواية: (ولا صورة إلا لطختها) "صحيح رواه مسلم" (أي طمستها).

الصور والتماثيل المسموح بها

الصور والتماثيل المسموح بها 1 - يسمح بصورة وتمثال الشجر والنجوم والشمس والقمر، والجبال والحجر والبحر والنهر، والمناظر الجميلة، والأماكن المقدسة كصور الكعبة والمدينة والمسجد الأقصى، وبقية المساجد إن خلت من صور إنسان أو حيوان وما له روح، ودليله قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: (إنْ كُنت لا بُدُّ فاعلًا فاصنع الشجر وما لا نفْس له). "رواه البخاري" 2 - الصور الموضوعة على الهوية والجواز للسفر، ورخصة السيارة وغيرها من الأمور الضرورية فمسموح بها للضرورة. 3 - تصوير المجرمين من القتلة والسارقين وغيرهم لإِلقاء القبض عليهم للقصاص منهم، وكذا ما تحتاجه العلوم كالطب. 4 - يُسمح للبنات باللعب المصنوعة في البيت من الخرق، على شكل طفلة صغيرة تلبسها الثياب وتنظفها وتنيمها، وذلك لتتعلم تربية الأولاد عندما تكون أماً، والدليل قول عائشة: (كنت ألعب بالبنات عند النبي - صلى الله عليه وسلم -). "رواه البخاري" ولا يجوز شراء اللُّعب الأجنبية للأطفال، ولا سيما البنات السافرات المتكشفات، فتتعلم منها وتقلدها وتفسد المجتمع بذلك، بالإِضافة إلى صرف الأموال للبلاد الأجنبية واليهودية.

هل الدخان حرام؟

هل الدخان حرام؟ لم يكن الدخان موجودًا في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولقد جاء الإِسلام بأصول عامة تحرم كل ضار بالجسم، أو مؤذ للجار، أو مُتلف للمال، وإليك الأدلة الآتية على حكم الدخان: 1 - قال الله تعالى: {ويُحِلُّ لهمُ الطيبات، ويُحرِّمُ عليهم الخبائث}. "الأعراف 257" (والدخان من الخبائث الضارة، كريه الرائحة). 2 - وقال تعالى: {ولا تُلقوا بأيديكم إلى التَّهلُكَة}. "سورة البقرة 196" (والدخان يوقع في الأمراض المهلكة كالسرطان والسل وغيرهما). 3 - وقال تعالى: {ولا تقتُلوا أنفُسَكم}. "سورة النساء 29" (والدخان قتل بطيء للنفس). 4 - وقال تعالى عن ضرر الخمر: {وإثمُهما أكبرُ مِن نفْعهما}. "سورة البقرة 219" (والدخان ضرره أكبر من نفعه، بل كله ضرر". 5 - وقال تعالى: {ولا تُبَذِّرْ تَبْذيرًا، إن المبذِّرينَ كانوا إخوانَ الشياطين}. "سورة الإسراء 27" (والدخان تبذير واسراف من عمل الشيطان). 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضَرَرَ ولا ضِرار). "صحيح رواه أحمد" (والدخان يضر صاحبه، وُيؤذي جاره، ويُتلف ماله). 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (وَكَره (الله) لكم إضاعة المال). "متفق عليه" (والدخان ضياع لمال شاربه يكرهه الله ويُحرمه). (والكراهة: تعني التحريم في الكتاب والسنة وعند السلف).

إعفاء اللحية واجب

إعفاء اللحية واجب 1 - قال الله تعالى في حق الشيطان: (ولآمُرَنهم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْق الله} "سورة النساء 119" (وحلق اللحية تغيير لخلق الله وطاعة للشيطان). 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: {جُزُّوا الشوارب وأرخو اللِّحى، خالفوا المجوس}. "رواه مسلم" (أي قصوا ما طال عن الشفة من الشارب، واعفوا اللحية مخالفة للكفار). 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر الخ ..). "رواه مسلم" (وإعفاء اللحية من خلق الله يحرم حلقها). 4 - (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء). "رواه البخاري" (وحلق اللحية تشبه بالنساء، معرض للطرد من رحمة الله). 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لكني أمرني رب -عَزَّ وَجَلَّ- أن أعفيَ لحيتي وأن أقص شاربي). (وإعفاء اللحية أمر من الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو واجب). "حسن رواه ابن جرير"

بر الوالدين

بر الوالدين إذا أردت النجاح في الدنيا والآخرة فاعمل بالوِصايا الآتية: 1 - خاطب والديك بأدب ولا تقلْ لهما أُفٍّ، ولا تَنْهرْهُما، وقل لهما قولاً كريمًا. 2 - أطعْ والديك دائمًا في غير معصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. 3 - تلطَّف بوالديك ولا تعبس بوجههِما، ولا تُحدق النظر إليهما غاضبًا. 4 - حافظ على سمعة والديك وشرفهما ومالهما، ولا تأخذ شيئًا بدون إذنهما. 5 - اعمل ما يسرهما ولو من غير أمرهما كالخدمة وشراء اللوازم، والإجتهاد في طلب العلم. 6 - شاورهما في أعمالك كلها واعتذِرْ لهما إذا اضطررت للمخالفة. 7 - أجبْ نداءهما مُسرعًا بوجهٍ مُبتسم قائلًا: نعم يا أمي ويا أبي، ولا تقل يا بابا وماما، فهي كلمات أجنبية، وهذا إبراهيم -عليه السلام- يقول لأبيه الكافر: {يا أبتِ}. 8 - أكرم صديقهما وأقرباءهما في حياتهما، وبعد موتهما. 9 - لا تجادلهما ولا تُخطِّئهما وحاول بأدب أن تبين لهما الصواب. 10 - لا تعاندهما، ولا ترفع صوتك عليهما، وأنصت لحديثهما، وتأدب معهما، ولا تزعج أحد إخوانك إكرامًا لوالديك. 11 - انهض إلى والديك إذا دخلا عليك، وقبَّل رأسهما كما فعلت فاطمة مع الرسول. 12 - ساعدْ أُمك في البيت، ولا تتأخر عن مساعدة أبيك في عمله. 13 - لا تسافر إذا لم يأذنا لك ولو لأمر هام، فإن اضطُررت فاعتذر لهما، ولا تقطع رسائلك عنهما. 14 - لا تدخُل عليهما بدون إذن ولا سيما وقت نومهما وراحتهما. 15 - إذا كنت مبتلى بالتدخين فلا تدخن أمامهما، وحاول تركه فهو حرام ومُضِر. 16 - لا تتناول طعامًا قبلهما، وأكرمهما في الطعام والشراب. 17 - لا تكذبْ عليهما، ولا تلُمهما إذا عملا عملاً لا يُعجبك.

18 - لا تُفضل زوجتك، أوولدك عليهما، واطلب رضاءهما قبل كل شيء ففي الحديث: (رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما). "رواه الطبراني وصححه الألباني" 19 - لا تجلس في مكان أعلى منهما، ولا تمدَّ رجليك في حضرتهما متكبرًا. 20 - لا تتكبر في الانتساب إلى أبيك ولو كنت موظفًا كبيرًا، واحذر أن تنكر معروفهما أو تؤذيهما ولو بكلمة. 21 - لا تبخل بالنفقة على والديك حتى يشكواك، فهذا عارٌ عليك، وسترى ذلك من أولادك، فكما تدين تُدان. 22 - أكثر من زيارة والديك وتقديم الهدايا لهما، واشكرهما على تربيتك وتعبهما عليك، واعتبر بأولادك وما تقاسيه معهم. 23 - أحقُ الناس بالِإكرام أُمك ثم أبوك واعلم أن الجنة تحتَ أقدام الأمهات. 24 - احذر عقوق الوالدين وغضبهما فتشقى في الدنيا والآخرة، وسيعاملك أولادك بمثل ما تعامل به والديك. 25 - إذا طلبت شيئًا من والديك فتلَطفْ بهما واشكرهما إن أعطياك، واعذرهما إن منعاك، ولا تكثر طلباتك لئلا تزعجهما. 26 - إذا أصبحت قادرًا على كسب الرزق فاعمل، وساعد والديك. 27 - إن لوالديك عليك حقًا، ولزوجك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه، وحاول التوفيق بينهما إن اختلفا، وقدَّمْ الهدايا للجانبين سرًا. 28 - إذا اختصم أبواك مع زوجتك فكن حكيمًا وأفهم زوجتك أنك معها إن كان الحق بجانبها وأنك مُضطر لترضيتهما. 29 - إذا اختلفت مع أبويك في الزواج والطلاق فاحتكموا إلى الشرع فهو خير عون لكم. 30 - دعاء الوالدين مستجاب بالخير والشر، فاحذر دعاءهما عليك بالشر. 31 - تأدب مع الناس فمَن سبَّ الناس سَبُّوه، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من الكبائر شتم الرجل والديه: يَسُبُّ أبا الرجل فيسبُّ أباه ويَسُب أمه فيسب أمه). "متفق عليه" 32 - زُرْ والديك في حياتهما وبعد موتهما، وتصدَّق عنهما، وأكثر من الدعاء لهما قائلًا: {رَبِّ اغفرْ لي ولوالدَيَّ}، {رَبِّ ارحْمهما كما رَبَّياني صغيرًا}.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حقوق الطبع غير محفوظة ولكل مسلم حق الطبع سمحت بطبعه مديرية المطبوعات إذا أردت أن يكون لك الأجر في حياتك وبعد موتك، فاطبع هذا الكتاب، أو ساهم في طبعه، واتصل بالمؤلف ليساعدك على الطبع بأرخص سعر ممكن ويرسل لك نسخة مزيدة ومنقحة ص. ب: 601 مكة هاتف البيت: 5561827 مكة دار الصميعي للنشر والتوزيع هاتف وفاكس: 4262945 - 4251459 الرياض - السويدي - شارع السويدي العام ص. ب: 4967 - الرمز البريدي: 11412 المملكة العربية السعودية

المجلد الثالث

مقدمة المجلد الثالث إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومَنِ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فإني أقدم للقراء الكرام المجلد الثالث من: مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع. 1 - شهادة الإِسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله: هذا الكتاب يساعد القراء على معرفة أركان الإِسلام والإِيمان، وعلى معرفة معنى: لا إله الإِ الله، ومكانتها، وفضلها، وحقيقتها، وفوائدها، وشروطها، ونواقضها، ومعنى محمد رسول الله. 2 - كيف نفهم التوسل؟ ذكرت فيه التوسل المشروع والممنوع والأحاديث الشائعة في التوسل، وشبهات حول التوسل، وأنواع التوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأن التوسل والدعاء يطلب من الأحياء لا من الأموات. 3 - أخطاء شائعة يجب تصحيحها على ضوء الكتاب والسنة: يتحدث هذا الكتاب عن أخطاء من الكفر، والشرك الأكبر، والشرك الأصغر، وأخطاء تتعلق في حق الله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأخطاء في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخطاء في حق المسلم وغيره. وأخطاء في أحوال المسلمين عامة. 4 - كيف اهتديت إلى التوحيد والصراط المستقيم: تحدثت فيه عن سيري مع جماعة الإِخوان، والصوفية، وجماعة التبليغ، وكيف انتقلت إلى الجماعة السلفية التي تهتم بالتوحيد الذي دعت إليه جميع الرسل، وعلى رأسهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأنها تقوم على الدليل من الكتاب والسنة.

5 - دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بين المعارضين والمؤيدين: ذكرت فيه نبذة عن حياته، ودعوته للتوحيد، ومحاربته للشرك والبدع، وأنه لم يبتدع مذهبًا خامسًا، بل كان مذهبه حنبليًا، يُقدم الدليل من الكتاب والسنة. وذكرت أقوال المعارضين لدعوته، والمؤيدين المنصفين، من علماء الشرق والغرب. 6 - نداء إلى المربين والمربيان لتوجيه البنين والبنات: يتحدث المؤلف عن مهمة المربي الناجح وشروطه، ووظيفة المعلم وواجباته، وعن وصايا لقمان الحكيم لابنه، وذكرت آداب المعلم والمعلمة، وآداب الطالب والطالبة، وعلاقة المعلم بالطلاب، والمعلمة بالطالبات. 7 - تكريم المرأة في الإِسلام: هذا الكتاب يتحدث عن إهانة المرأة عند العرب قبل الإِسلام، ومكانتها المرموقة في الإِسلام، حتى بلغ من تكريمه لها أن خصص لها سورة، سماها "سورة النساء" وبالغ في تكريمها حينما أوجب عليها الحجاب. 8 - تحفة الأبرار في الأدعية والآداب، والأذكار: ذكرتُ فيه فضل الدعاء، وآدابه، وفوائده، وشروطه، ونماذج من الأدعية المأثورة، ثم تكلمت عن آداب الأكل والشرب، والسفر والسلام، وغيرها من الآداب. وتحدثت عن فضل الذكر وفوائده، وأنواعه، والذكر المسنون والمبتدع. 9 - فضائل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام - صلى الله عليه وسلم -: ذكرت في هذا الكتاب فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعناها، وصفتها، وفوائدها، ومواضعها، وعدم الجهر بها، ولا سيما بعد الأذان. ثم تكلمت عن أنواع من الصلوات المبتدعة المخالفة لهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ومن أراد التفصيل فليقرأ الكتب السابقة، أو محتوياتها آخر الكتاب. والله أسأل أن ينفع بها المسلمين، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم. 1/ 8/ 1417 هـ محمد بن جميل زينو

محتويات مجموعة رسائل التوجيهات الاسلامية 1 - شهادة الإِسلام لا إله إلا الله. 2 - كيف نفهم التوسل على ضوء الكتاب والسنة؟. 3 - أخطاء شائعة يجب تصحيحها على ضوء الكتاب والسنة. 4 - كيف اهتديت إلى التوحيد والصراط المستقيم. 5 - دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بين المعارضيين والمؤيدين. 6 - نداء إل المربين والمربيات لتوجيه البنين والبنات. 7 - تكريم المرأة في الإِسلام على ضوء الكتاب والسنة. 8 - تحفة الأبرار في الأدعية والآداب والأذكار. 9 - فضائل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام - صلى الله عليه وسلم -.

(1) شهادة الإسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله

(1) شهادة الإِسلام لا إله إلا الله محمد رسولُ الله

موجز شهادة الإِسلام * أركان الإِسلام والإيمان. * مكانة لا إله إلا الله وفضلها. * معنى لا إله إلا الله. * تحقيق الشهادتين. * الأنبياء دينهم واحد. * متى تنفع لا إله إلا الله. * أفضل شعب الإِيمان. * شروط لا إله إلا الله. * حقيقة لا إله إلا الله. * معني محمد رسول الله. * أهمية التوحيد وفضله. * نواقض لا إله إلا الله.

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فإن التوحيد الذي جاءت به الرسل جميعًا، وعلى رأسهم محمد - صلى الله عليه وسلم - يتمثل في شهادة: "لا إله إلا الله" التي تكررت في القرآن والسنة، حيث اعتبرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - الركن الأول للإِسلام، ومن أجل هذه الشهادة قامت المعارك، حتى دخل الكفار الإِسلام. وقد تكلمت عنها إجمالًا في بعض كتبي، وأحببت أن أُفردها في رسالة خاصة، بعد أن توسعت في شرحها ولا سيما وقد قال البخاري في صحيحه: [باب العلم قبل القول والعمل] لقول الله تعالى: {فَاعلَم أَنَّهُ لا إله إلا الله}. "سورة محمد: 19" فبدأ بالعلم، وأن العلماء هم ورثة الأنبياء. "فتح الباري 1/ 159" وسأشرح لكم: مكانتها، وفضلها، وحقيقتها، ونفعها، ومعناها، وشروطها، ونواقضها، وغيرها من الأمور المهمة والله أسال أن ينفع بها المسلمين ويجعلها خالصة لله تعالى محمد بن جميل زينو

أركان الإسلام

أركان الإِسلام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بُنيَ الإِسلام على خمس: 1 - شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. (لا معبود بحق إلا الله، ومحمد تجب طاعته في الدين). 2 - وإقام الصلاة: (أداؤها بأركانها وواجباتها والخشوِع فيها). 3 - وإيتاء الزكاة: (تجب الزكاة إذا ملك 87 غرامًا ذهبًا أو ما يعادلها من النقود بدفع 5 و 2 في المائة منها بعد سنة، وغير النقود لكل منها مقدار معين). 4 - وحج البيت: (مَن استطاع إليه سبيلا). 5 - وصوم رمضان: (الإمتناع عن الطعام والشراب. وجميع المفطرات مِن الفجر حتى الغروب مع النية) "متفق عليه" أركان الإِيمان 1 - أن تؤمن بالله: (بوجوده ووحدانيته في الصفات والعبادة). 2 - وملائكته: (مخلوقات من نور لا نراهم لتنفيذ أوامر الله). 3 - وكتبه: (التوراة والإِنجيل والقرآن وهو أفضلها). 4 - ورُسُله: (أولهم نوح وآخرهم محمد). 5 - واليوم الآخر: (يوم الحساب لمحاسبة الناس على أعمالهم). 6 - وتؤمن بالقدَر خيره وشره: "رواه مسلم" (الرضا بالقدر خيره وشره، مع الأخذ بالأسباب).

مكانة لا إله إلا الله

مكانة لا إله إلا الله 1 - قال الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. "آل عمران آية 18" 2 - {وما أرسَلنَا من قَبلِكَ من رسُولٍ إلا نُوحي إِليه أَنه لا إله إلا أنا فاعبُدُون}. [الأنبياء آية 25] 3 - وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال لا إله إلا الله، وكفر بما يُعبَدُ من دون الله حَرُم ماله ودمه وحسابه على الله). "رواه مسلم" وهذه الكلمة هي التي يدخل بها الكافر الإِسلام، فمن قالها عصم ماله ودمه، ومن لم يقلها لم يعصم دمه وماله. 4 - وهذه الكلمة الطيبة أول ما يدعو إليها المسلم، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا إلى اليمن قال له: (إنك تأتي قومًا مِن أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله). "متفق عليه" 5 - قال ابن القيم في زاد المعاد عن مكانة لا إله إلا الله: إنها كلمة يعلنها المسلمون في أذانهم واقامتهم وخطبتهم وخُلقت لأجلها جميع المخلوقات، وبها أرسل الله الرسل، وبها انقسمت الخليقة إلى مؤمنين وكافرين، ولأجلها جُرِّدت سيوف الجهاد، وهي حق الله على العباد فهي كلمة الإِسلام ومفتاح دار السلام، وعنها يُسأل الأولون والآخرون، فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يُسأل عن مسألتين: (ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتمُ المرسلين؟). وجواب الأولى: بتحقيق لا إله إلا الله معرفة وإقرارًا وعملًا. وجواب الثانية: بتحقيق أن محمدًا رسول الله معرفة وانقيادًا وطاعة. 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (المسلم إذا سُئِل في القبر: شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله)."رواه مسلم" فذلك قول الله تعالى: {يثبتُ الله الذين آمنوا بِالقولِ الثابِتِ في الحياة الدُنيا وفي الآخِرة}. "سورة إبراهيم آيه 27" 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (بُني الإِسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله). الحديث "متفق عليه"

8 - وقال ابن عُيينة: ما أنعم الله على العباد نعمة أعظم من أن عرَّفهم: لا إله إلا الله. 9 - وقال ابن رجب في كتابه "كلمة الإِخلاص": إن لا إله إلا الله لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا. 10 - وقال ابن عباس في قوله تعالى: {مثلًا كَلِمةً طَيِّبةً}: شهادة أن لا إله إلا الله. "تفسير ابن كثير ج 2/ 530" 11 - الخلاصة: إن لهذه الكلمة مكانة في الدين، وأهمية في الحياة، وأنها أول واجب على العباد، لأنها الأساس الذي تُبنى عليه جميع الأعمال، فهي كلمة الإِخلاص، وشهادة الحق، ودعوة الحق، وبراءة من الشرك، ولأجلها خلق الله الخلق: قال تعالى: {وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ والِإنس إلا لِيَعبُدُون}. "سورة الذاريات"

فضل لا إله إلا الله

فضل لا إله إلا الله - قال الله تعالى: {فَاعلَم أنهُ لا إله إلا الله}. "سوره محمد 19" وقد استدل البخاري -رحمه الله- تعالى من هذه الآية على تقديم العلم فقال: [باب العلم قبل القول والعمل] 2 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الإِيمان بِضْعٌ وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) [البضع: من ثلاثة إلى تسعة] "رواه مسلم" 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن تعارَّ (أي استيقظ) مِن الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلَّى قُبلت صلاته). "رواه البخاري" - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عند الكرب: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورَب العرش الكريم). "رواه مسلم" 5 - سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يقول: (اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلِد ولم يولَد ولم يكن له كفوًا أحد، فقال - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئِل به أعطى). "صحيح رواه أحمد" 6 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يَدْعُ بهارجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له). "صحيح رواه أحمد" 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال حين يسمع المؤذن (¬1) وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًا وبمحمد رسولًا وبالإِسلام دينًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه). "رواه مسلم" 8 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما ¬

_ (¬1) حين يقول المؤذن: أشهد ألا إله إلا الله.

صنعت، أبوءُ لك بنعمتك عليَّ، وأبوءُ بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فمات من يومه أو ليلته دخل الجنة). [أبوء: أعترف] "صحيح رواه أحمد" 9 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلته أنا والنبيون مِن قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له). "حسن رواه مالك" 10 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عَدل عَشر رقاب، وكُتبت له مائة حسنة، ومُحيَت عنه مائة سيئة، وكانت له حِرزًا مِن الشيطان يومه ذلك حتى يُمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا أحدٌ عمل أكثر مِن ذلك). "متفق عليه" 11 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن توضأ فأحسن الوضوء، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فُتحَت له أبواب الجنة، يدخل مِن أيِّها شاء). "صحيح رواه النسائي وغيره" 12 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن كان آخر كلامه "لا إله إلا الله" دخل الجنة). "أخرجه الحاكم وغيره بسند صحيح" الخلاصة: إن فضائل هذه الكلمة كثيرة، وحقائقها، وموقعها من الدين فوق ما يصفه الواصفون، ويعرفه العارفون فهي رأس الإِسلام مطلقًا وهي حقيقة الأمر كله.

لا معبود بحق إلا الله

لا معبود بحق إلا الله هذا هو التفسير الصحيح لشهادة (لا إله إلا الله) وبعبارة أوضح: (لا أحدَ يستحق العبادة في الوجود إلا الله). والعبادة اسم جامع لما يحبه الله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة كالصلاة، والذبح، والنذر ولاسيما الدعاء لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163] والدليل على تفسير "لا معبود حق إلا الله" قول الله تعالى: 1 - {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}. [الحج: 62] 2 - وقوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلَالٍ} [الرعد: 14]. أ - قال علي -رضي الله عنه-: (له دعوة الحق): قال: التوحيد. ب - وقال ابن عباس وغيره: (له دعوة الحق): لا إله إلا الله. جـ - وقال غيره: ومعنى الكلام أن الذي يبسط يده إلى الماء إما قابضًا وإما متناولًا له من بُعد، كما أنه لا ينتفع بالماء الذي لم يصل إلى فيه الذي جعله محلًا للشرب، فكذلك هؤلاء المشركون الذين يعبدون مع الله إلهًا آخر غيره لا ينتفعون بهم أبدًا في الدنيا والآخرة، ولهذا قال: {مَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلَالٍ} "ابن كثير 2/ 507" أقول: لقد حكم الله على الذين يدعون غير الله بالكفر والضلال كما صرحت الآية. 1 - وأهَم هذه المفاهيم التي يحتاج إلى تصحيحها، بل ذلك ضرورة: مفهوم "لا إله إلا الله"، وهذه الكلمة التي هي رأس الإِسلام مطلقًا كما قال الإِمام ابن تيمية في الرسالة التدمرية. 2 - ويقول شارح العقيدة الطحاوية وهو من الأحناف: قوله: (ولا إله غيره): هذه كلمة التوحيد التي دعت إليها الرسل كلهم، كما تقدم ذكره، وإثبات التوحيد بهذه الكلمه باعتبار النفي والإثبات المقتضي للحصر، فإن الِإثبات المجرد قد يتطرق إليه الاحتمال، ولهذا -والله أعلم- لما قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} قال بعده: {لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}. [البقرة: 163]

لا إله في الوجود إلا الله

فإنه قد يخطر ببال أحد خاطر شيطاني: هب إن إلهنا واحد، فلغيرنا إله غيره، فقال تعالى: {لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}. "انظر الطحاوية 109" لا إله في الوجود إلا الله هذا التفسير غير صحيح للأسباب الأتية: 1 - أن الآلهة المعبودة من دون الله كثيرة: أ - الهندوس في الهند يعبدون البقر، وهىِ بمنزلة الآلهة عندهم. ب - النصارى يعبدون عيسى، وهو بمنزلة الإِله عندهم. جـ- بعض المسلمين يعبدون الأموات، ولا سيما الأنبياء والأولياء، حيث يدعونهم مِن دون الله، ويسغيثون بهم، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" د - والدليل على تعدد الألهة الموجودة قوله تعالى: 1 - {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [هود: 101] ب - {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} [الأحقاف: 28] جـ - {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138] فهذه الآيات تفيد وجود آلهة متعددة، ولكنها باطلة، والمعبود بحق هو الله وحده، والدليل قول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62] فشمل ذلَك جميع الآلهة المعبودة من دون الله من البشر والملائكة والجن وسائر المخلوقات وتفيد آية الأعراف السابقة أن المسلم إذا تكلم بكلام كفر، وهو لا يدري، فنُبه على ذلك فإنه لا يكفر كما فعل بنو اسرائيل، والصحابة الذين سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -.

لا خالق إلا الله

لا خالق إلا الله اختلف الناس في معنى "لا إله إلا الله" إلى طوائف: الطائفة الأولى تقول: إن معناها: لا خالق ولا رازق إلا الله، فإذا اعتقد المسلم أن الله وحده هو الخالق والرازق أصبح مؤمنًا، فإذا دعا غير الله، وقال: يا رسول الله أغثني، يا جيلاني اشفني، أو نذر له، أو توجه إلى قبره وطاف به لا يضر بزعمهم، ما دام يعتقد أن الله هو الخالق والرازق، والرب وحده. وهذا خطأ ظاهر، لأن المشركين الذين قاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يعتقدون أن الله وحده الرب والخالق والرازق والمدبر للأمور قال الله تعالى عن المشركين: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} "يونس آية 31" وبعض المنتسبين للإِسلام يعتقدون أن هناك أقطابًا أربعة يُدَبِّرُون الكون! وهذا شرك بالله يجب أن يتوبوا منه، لأن المدبر للأُمور هو الله وحده، وغيره عاجز عن تدبير نفسه فضلًا عِن غيره. فإن قيل: إذا كانوا يعتقدون أن الله وحده هو الرب والخالق والرازق والمدَبّرُ للكون، فكيف عبد هؤلاء المشركون غير الله؟ فالجواب: عبدوا غير الله ابتغاء التقرب إلى الله، وليكونوا شفعاءهم عند الله. قال تعالى عنهم: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}. "سورة الزمر آية 3" وقال تعالى عن المشركين: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}. "سورة يونس آية 18" فزعموا أنهم لا يعبدون غير الله إعراضًا عنه، بل يعبدونهم ويدعونهم للإقبال على الله، فإن هؤلاء شفعاء عند الله بزعمهم يتقربون بهم إلى الله. وبعض المسلمين -هداهم الله- لا يرون بأسًا في دعاء الأولياء الأموات، فقد سمعناهم يقولون: لا ندعوا الأولياء على اعتقاد أنهم قادرون على قضاء حوائجنا، وإنما ندعوهم على أنهم يشفعون لنا عند الله، ولهم منزلة عند الله، وزعموا أن هذا لا يناقض التوحيد، وهذا خطأ لأن الله تعالى يقول:

لا مطاع إلا الله

{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [أي المشركين] "سورة يونس آية 106" وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" فكما أن الصلاة عبادة لا تجوز لغير الله، فكذلك الدعاء عبادة لا يجوز لغير الله. لا مطاع إلا الله الطائفة الثانية تقول: إن معنى "لا إله إلا الله": لا مطاع بحق إلا الله، أو لا أحد يستحق الطاعة إلا الله، فمن أطاع غير الله فقد كفر بزعمهم، ولهذه الطائفة قصة يحسن ذكرها: وذلك أنه لما كان جميع أهالي الهند متفقين على مطالبة الحرية والإستقلال، وطرد الإِنجليز من الهند، ولم يختلف في ذلك حزب من الأحزاب، ولا ملة من الملل، واستعدوا للتضحية بكل ما يملكون في هذا السبيل، قامت طائفة من المسلمين بمشاركة الناس في هذا الجهاد، محتجين بحجة هي أقوى عندهم من جميع الحجج، وذلك زعمهم أن الناس بسبب خضوعهم لقوانين الحكومة البريطانية أصبحوا مشركين لأن إطاعة القوانين عندهم عبادة بلا شك، وزعموا أنه مفهوم لا إله إلا الله زاعمين أن معناه: لا مطاع إلا الله ولهم في هذا مؤلفات كثيرة. وعلى هذا الأساس حكموا بالكفر على المسلمين الذين أكرمهم الله بالإِيمان، وأعلن في مُحكَم كتابه أنه تقبل منهم ذلك حيث يقول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. "سورة التحريم" ولا شك أن امرأة فرعون عاشت مطيعة لأوامر زوجها (فرعون) وقوانين حكومته، ومع ذلك جعلها الله مثلًا للمؤمنين، فالله الحمد على هذا التيسير والتخفيف. ومعروف للجميع ما ذكر الله لنا عن يوسف -عليه السلام- من قبوله الوظيفة تحت الملك الكافر كما يعرف الجميع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعث جماعة من الصحابة إلى الحبشة يطلبون الأمن، ولم يعملوا هناك انقلابًا ثوريًا ضد النجاشي، بل عاشوا مطمئنين هادئين. وعلى هذا الأساس حرفوا معاني الآيات التي جاء فيها الأمر بعبادة الله، والنهي عن عبادة غيره، كما فسروا الطاغوت بإطاعة قوانين الحكومة غير المسلمة، رغم ما اتفق عليه المفسرون من أن المراد من عبادة الطاغوت عبادة اللآلهة الباطلة.

تفسير سيد قطب

وهذه المزاعم كلها غلُو منهم، ودين الله براء منه، وهذه الطائفة صنم جماعة التكفير والهجرة التي ظهرت في مصر وغيرها من البلاد. [صنو جماعة التكفير: أي أُختها ومثيلتها] "انظر رسالة الخلاف الأساسي للشيخ عمر مليباري" تفسير سيد قطب ومن الخطأ ما فسر به "سيد قطب" قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: 1 - {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ}. "سورة القصص آية 70" [أي فلا شريك له في الخلق والإختيار] "في ظلال القرآن 5/ 2707" أقول: هذا معنى من معاني الربوبية التي اعترف بها المشركون كما تقدم، ضيَّع به المعنى الحقيقي لكلمة "لا إله إلا الله" كما سبق تفسيرها الصحيح: لا معبود بحق إلا الله، لأن الإِله: معناه المعبود، وليس معناه الخالق. 2 - وقريب منه قوله في تفسير قوله تعالى: {إِلَهِ النَّاسِ}. "سورة الناس" [والإِله: هو المستعلي المستولي المتسلط] "الظلال 6/ 4010" أقول: إن الإستعلاء والسلطان والحكم والملك والسيادة من صفات الرب ومثلها الخلق والرزق والإِحياء والإِماتة والتدبير التي اعترف بها المشركون، كما تقدم في سورة يونس. والعرب كانوا يعرفون معنى الإِله: هو المعبود، ولذلك رفضوها لأنها تدعوهم إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة آلهتهم، كما قال الله عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} "سورة الصافات 35 - 36" وقال الله تعالى يَحكي قول المشركين {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} "سورة ص آية 5" قال ابن كثير: [أي أزَعَمَ أن المعبود واحد لا إله إلا هو] فقد فسر ابن كثير: الإِله: المعبود.

تفسير ابن تيمية

تفسير ابن تيمية قال ابن تيمية -رحمه الله-: الإِله هو المستحق للعبادة، فأما من اعتقد في الله أنه رب كل شيء وخالقه، وهو مع هذا يعبد غيره، فإنه مشرك بربه، مُتخذ من دونه إلهًا آخر فليست الإِلهية هي الخلق، أو القدرة على الخلق، أو القدم كما يفسرها هؤلاء المبتدعون في التوحيد من أهل الكلام، إذ المشركون الذين شهد الله ورسوله بأنهم مشركون من العرب وغيرهم لم يكونوا يشكون في أن الله خالق كل شيء وربه، فلو كان هذا هو الإِلهية لكانوا قائلين: إنه لا إله إلا الله. فهذا موضع عظيم جدًا ينبغي معرفته لما قد لُبِّسَ على طوائف من الناس أصل الإِسلام، حتى صاروا يدخلون في أمور عظيمة هي شرك ينافي الإِسلام لا يحسبونها شركًا وأدخلوا في التوحيد والإِسلام أمورًا باطلة ظنوها من التوحيد وهي تنافيه، وأخرجوا من الإِسلام والتوحيد أمورًا عظيمة لم يظنوها من التوحيد وهي أصله، فأكثر هؤلاء المتكلمين لا يجعلون التوحيد إلا ما يتعلق بالقول والرأي، واعتقاد ذلك دون ما يتعلق بالعمل والإِرادة واعتقاد ذلك. بل التوحيد الذي لا بُد منه لا يكون إلا بتوحيد الإِرادة والقصد، وهو توحيد العبادة، وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله: أن يقصد الله بالعبادة ويريده بذلك دون ما سواه، وهذا هو الإِسلام، فإن الإِسلام يتضمن أصلين: إحداهما: الاستسلام لله. والثاني: أن يكون ذلك له سالمًا، فلا يشرك به أحد في الإِسلام له وهذا هو الإستسلام لله دون سواه. "الفتاوي الكبرى 5/ 250"

لا حاكم إلا الله

لا حاكم إلا الله وقريب من هذا التفسير: لا مطاع بحق إلا الله، وقد تبين خطأ هذا التفسير كما تقدم ما ذكره "سيد قطب في كتابه معالم في الطريق" حين قال: وأخيرًا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات تزعم لنفسها أنها مسلمة! وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإِطار، لا لأنها تعتقد بألوهية غير الله، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضًا (¬1) ولكنها تدخل في هذا الإِطار لأنها تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها، فهي- وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله - تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها وشرائعها، وقيمها وموازينها، وعاداتها، وتقاليدها (¬2) ... وكل مقومات حياتها تقريباً!! والله سبحانه وتعالى يقول عن الحاكمين: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. "سورة المائدة 44" كما أنه سبحانه قد وصف اليهود والنصارى من قبل بالشرك والكفر والحيدة عن عبادة الله وحده، واتخاذ الأحبار والرهبان أربابًا من دونه لمجرد أن جعلوا للأحبار والرهبان ما يجعله الذين يقولون عن أنفسهم أنهم مسلمون اعتبر الله سبحانه ذلك من اليهود والنصارى شركًا، كاتخاذهم عيسى ابن مريم ربًا يؤلهِّونه، ويعبدون سواه، فهذه كتلك: خروج من العبودية لله وحده، فهي خروج من دين الله، ومن شهادة أن لا إله إلا الله (¬3) إلى أن يقول: وإذا تعين هذا فإن موقف الإِسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها وشرعيتها في اعتباره. ¬

_ (¬1) يعلق الشيخ ربيع بن هادي قائلًا: بل كثير في هذه المجتمعات يُضفون على أناس صفات الإله، كاعتقادهم أنهم يعلمون الغيب، يتصرفون في الكون، ويُفَرِّجُونَ الكروب، ويتقدمون لهم بالشعائر التعبدية من الإستغاثة في الشدائد، والدعاء والخوف، والرجاء والتوكل والطواف بقبورهم، وتعظيم هذه القبور، وإقامة الأعياد والاحتفالات والموالد لهذه الأضرحة، وشد الرحال إليها وتقديم الذبائح والنذور بالأموال الطائلة لها، كل هذه الأمور وغيرها من أنواع الشرك لا يعدها "سيد قطب" من أنواع الشرك الناقضة للتوحيد المنافية لمعنى: "لا إله إلا الله"، ونحن لا نكفر إلا من قامت عليه الحجة. (¬2) ومن تقاليدها لباس البدلة الأفرنجية والكرافت وحلق اللحية. (¬3) وهذا واضح في تكفير المجتمعات الإسلامية.

ملاحظات على كلام سيد قطب

ملاحظات على كلام سيد قطب 1 - تكفيره للمجتمع الإِسلامي: وذلك حين قال في "معالم في الطريق" "وأخيرًا يدخل في المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة"! أقول: لا يجوز تكفير المجتمعات الإِسلامية، بعد أن أكرمها الله تعالى بالِإسلام، وإلحاقها بالمجتمع الجاهلي الذي لم يدخل الإِسلام. أ - قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تزال طائفة مِن أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم: تعال صَلِّ لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمير، تكرمة لهذه الأُمة). "رواه مسلم" ب - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قال الرجل هلك الناسُ فهو أهلَكهم). "رواه مسلم" قال الخطابي: معناه: لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهمِ ويقول: فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم، أي أسوأ حالًا منهم بما يلحقه من الإِثم في عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه، ورؤيته أنه خير منهم. "4/ 224" وقد بوب الإِمام مسلم في كتابه فقال: (باب النهي من قول: هلك الناس) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أيما رجل مسلم أكفرَ رجلاً مسلمًا، فإن كان كافرًا، وإلا كان هو الكافر). "رواه البخاري" وقال الله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}. "سورة الحجرات" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والظن فإن الظن أكذبُ الحديث). "متفق عليه" 2 - وقال (سيد قطب) في كتابه "معالم في الطريق": وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإِطار، لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضًا! أقول: إن هذا الكلام يدل على أنه لا يهتم بالشرك الموجود في أكثر البلاد وهو دعاء الأولياء من دون الله كقولهم: المدد يا سيدي الحسين! والطواف حول قبر الحسين وزينب والنذر للقبور، واعتقاد أن الأولياء يعلمون الغيب، ويتصرفون في الكون وهم الأبدال والأقطاب والأغواث وغيرها من أنواع العبادة التي لا تجوز إلا لله وحده، والتي

يعتبرها الإِسلام من الشرك الأكبر التي يُخلَّد صاحبها في النار، فكان الواجب عليه أن يحذر منها، لأن الرسل جميعًا حذروا منها، والقرآن الكريم يهتم بالتوحيد، ويحذر من الشرك المنتشر الآن، ولا سيما الدعاء الذي قال فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" وقال الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [الظالمين: المشركين]. "سورة يونس: 106" 3 - ثم يقول "سيد قطب" في كتابه "معالم في الطريق": ولكنها (أي المجتمعات الإِسلامية) تدخل في هذا الِإطار (أي المجتمع الجاهلي) لأنها تدين بحاكمية غير الله ... والله تعالى يقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. "المائدة آية44" أقول: ليت قائل هذا الكلام الذي فيه تكفير للمجتمعات الإِسلامية رجع إلى تفسير ابن كثير عند تفسير هذه الآية حيث فصَّل وأجاد وأفاد حين قال: أ - قال السدي: ومن لم يحكم بما أنزل الله فتركه عمدًا، أو جار وهو يعلم فهو من الكافرين. وقال ابن عباس: مَن جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به فهو ظالم فاسق رواه ابن جرير، ثم اختار أن الآية المراد بها أهل الكتاب، أو مَن جَحد حُكمَ المنزل في الكتاب. ب - قال ابن طاووس: وليس كمَن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله. جـ- وقال الثوري عن عطاء أنه قال: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق. "رواه ابن جرير" د - وقال وكيع: (ومَن لم يحكم بما أنزل الله) الآية: قال: ليس بكفر ينقل عن المِلة. هـ - وقال طاووس عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. "سوره المائدة" قال: ليس بالكفر الذي تذهبون إليه. "ابن كثير ج 2/ 61" أقول: من هذه الأقوال عن الصحابة والتابعين يتبين خطأ تفسير سيد قطب للآية وتكفيره للمجتمع الإِسلامي، وهذه بادرة خطيرة انتشرت بين بعض الجماعات الإِسلامية مع الأسف الشديد، أسأل الله لنا ولهم الهداية.

تفسير محمد قطب

تفسير محمد قطب {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. "سورة المائدة" يقول "محمد قطب" في كتابه "لا إله إلا الله": 1 - لما قال الناس لابن عباس -رضي الله عنه- إن هؤلاء يقصدون الأمويين- يحكمون بغير ما أنزل الله، فما القول فيهم؟ قال قولته الشهيرة: إنه كفرٌ دون كفر، إنه ليس الكفر الذي تعلمون، كفرٌ لا يُخرج مِن الملة إلخ. أ - أقول: فتحت للأخ محمد قطب هاتفًا، وسألته عن صحة هذا النقل عن الأمويين، فلم يذكر المرجع وقلت له: لم يذكر الطبري ولا ابن كثير هذا التخصيص. ب - ثم رجعت إلى تفيسر الطبري فرأيته يرجح تخصيص الآية بأهل الكتاب حيث قال: وأولى الأقوال عندي بالصواب قول من قال: نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات، ففيهم نزلت، وهم المَعنِيون بها. "ج 10/ 358 تحقيق محمود شاكر" ثم قال: إن الله تعالى عَمَّ بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كل من لم يحكم بم أنزل الله جاحدًا به هو بالله كافر، كما قال ابن عباس، لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه، نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي. "ج 10/ 358 تحقيق محمود شاكر" أقول: يستفاد من تفسير الطبري هذا ما يلي: 1 - أن الآية نزلت في أهل الكتاب، وتعُم مَن جحد حكم الله وهو عالم كما قال ابن عباس، ومفهومه أن مَن حكم بغير ما أنزل، غير جاحد، أو غير عالم بالحكم لا يكفر، والدليل قوله تعالى في سورة المائدة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}."المائدة: 45" {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. "سورة المائدة" 2 - لم يذكر الأخ "محمد قطب" أيضًا "وحدة الوجود عند الصوفية" في نواقض لا إله إلا الله، واكتفى بذكر فكرة "الفناء" التي قال عنها في بحث آخر: "في الصوفية الهندية يسعى الإِنسان لتحقيق الخلود، ولا يتم هذا إلا بالفناء في

"الروح الأعظم" والإتحاد معه وهذا لا يتم إلا بتعذيب الجسد وإهانته لتنطلق الروح من أوهاقه، وترفرف في عالم النور .. " "ص 134" أقول: إن فكرة الفناء التي عرفها الأخ "محمد قطب" تختلف عن وحدة الوجود التي ذكرها أخوه "سيد قطب" في تفسيره كما سبق. فكان عليه أن يذكرها في نواقض الشهادة، ويذكر نصها، ومن أخذ بها كابن عربي وغيره حيث قال: الربُّ عبد، والعبدُ رَب ... ياليت شِعري مَنِ المُكَلف؟ وقال غيره: وما الكلب والخنزير إلا إلهنا ... وما الله إلاراهبٌ في الكنيسة 3 - لم يُفصِّل في ذكر النواقض حينما عدها كما فصّل في الحكم بغير ما أنزل الله، علمًا بأن دعاء غير الله، والإستعانة والنذر والذبح لغير الله وقع فيه علماء أهل البدع والعوام. 4 - لم يذكر الطواف حول القبور بنية العبادة والتقرب كالطواف حول قبر الحسين وغيره. 5 - لم يذكر في النواقض عقيدة بعض الصوفية المعتقدين بأن هناك أقطابًا أربعة يُدَبرون أمور الكون! مع أن المشركين السابقين يسندون التدبير لله. 6 - قال إن التفلت من التكاليف طبعِ بشري صاحب الإِنسان منذ نشأته: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}."سورة طه آية 115" أقول: لا يجوز لأي مسلم كان إطلاق هذا التعبير لعدم صحته، ولما فيه من المس بكرامة النبي آدم الذي نسيَ أمرَ ربه ولم يتفلت؛ ولو أنه قال: إن الخطأ والنسيان مِن طبيعة الإِنسان لكان صوابًا لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (كلُّ بني آدمَ خطاء وخيرُ الخطائين التوابون) "حسن رواه أحمد" وقال العلماء: ما سُمِّيَ الإِنسان إنسانًا إلا لِنِسيَانه.

من لم يستطع الحكم بالقرآن

من لم يستطع الحكم بالقرآن قال شيخ الإِسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوي: وكذلك الكفار: مَن بلغه دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - في دار الكفر، وعلم أنه رسول الله فآمن به وآمن بما أُنزل عليه، واتقى الله ما استطاع كما فعل النجاشي وغيره، ولم تمكنه الهجرة إلى دار الإِسلام ولا التزام جميع شرائع الإِسلام، لكونه ممنوعًا من الهجرة وممنوعًا من إظهار دينه، وليس عنده مَن يعلمه جميع شرائع الإِسلام: فهذا مؤمن مِن أهل الجنة، كما كان مؤمن آل فرعون مع قوم فرعون وكما كانت امرِأة فرعون، بل وكما كان يوسف الصديق عليه السلام مع أهل مصر، فإنهم كانوا كفارًا ولم يمكنه أن يفعل معهم كل ما يعرفه من دين الإِسلام، فإنه دعاهم إلى التوحيد والإِيمان فلم يجيبوه: قال الله تعالى عن مؤمن آل فرعون: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا}. "سورة غافر آية 34" وكذلك النجاشي هو وإن كان ملك النصارى فلم يطعه قومه في الدخول في الإِسلام، بل إنما دخل معه نفر منهم، ولهذا لما مات لم يكن هناك أحد يصلي عليه، فصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة خرج بالمسلمين إلى المصلى فصفهم صفوفًا وصلى عليه، وأخبرهم بموته يوم مات وقال: (إن أخًا لكم صالحًا مِن أهل الحبشة مات) وكثير من شرائع الإِسلام أو أكثرها لم يكن دخل فيها لعجزه عن ذلك، فلم يهاجر ولم يجاهد ولا حج البيت، بل قد روي أنه لم يُصَل الصلوات الخمس ولم يَصُم شهر رمضان، ولم يُؤد الزكاة الشرعية؛ لأن ذلك كان يظهر عند قومه فينكرونه عليه وهو لا يمكنه مخالفتهم، ونحن نعلم قطعًا أنه لم يكن يمكنه أن يحكم بينهم بالقرآن، والله قد فرض على نبيه بالمدينة أنه إذا جاءه أهل الكتاب لم يحكم بينهم إلا بما أنزل إليه؛ وحذره أن يفتنوه عن بعض ما أنزل الله إليه. وهذا مِثل الحكم في الزنا للمحصَن بحد الرجم، وفي الديات بالعدل؛ والتسوية في الدماء بين الشريف والوضيع، والنفس بالنفس والعين بالعين، وغير ذلك. والنجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن، فإن قومه لا يقرونه على ذلك، وكثيرًا

ما يتولى بين المسلمين والتتار قاضيًا بل وإمامًا، وفي نفس أمور العدل يريد أن يعمل بها فلا يمكنه ذلك، بل هناك من يمنعه ذلك، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعهِا، وعمر بن عبد العزيز عودي وأوذي على بعض ما أقامه من العدل، وقيل: أنه سُمَّ على ذلك. فالنجاشي وأمثاله سعداء في الجنة وإن لم يلتزموا من شرائع الإِسلام ما لا يقدرون على التزامه، بل كانوا يحكمون بالأحكام التي يمكنهم الحكم بها. ولهذا جعل الله هؤلاء من أهل الكتاب، قال الله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}. "آل عمران: 199" وهذه الآية قد قال طائفة من السلف: إنها نزلت في النجاشي، ويُروى هذا عن جابر وابن عباس وأنس، ومنهم من قال: فيه وفي أصحابه، كما قال الحسن وقتادة. وهذا مراد الصحابة ولكن هو المطاع، فإن لفظ الآية لفظ الجمع لم يرد واحد. "انظر مجموع الفتاوي جـ 19/ 217"

تحقيق الشهادتين (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)

تحقيق الشهادتين (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) قال الإِمام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}. "الكهف: 110" هذان الأصلان (¬1) هما تحقيق الشهادتين اللتين هما رأس الإِسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدًا رسول الله. 1 - فإن الشهادة لله بأنه لا إله الا هو: تتضمن إخلاص الألوهية له، فلا يجوز أن يتألَّه القلب غيره: لا بحب، ولا خوف، ولا رجاء، ولا إجلال، ولا إكبار، ولا رغبة، ولا رهبة، بل لا بُد أن يكون الدين كله لله .. فإنْ كان بعض الدين لله وبعضه لغيره كان في ذلك من الشرك بحسبه. 2 - والشهادة بأن محمدًا رسول الله: تتضمن تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أمر، فما أثبته وجب إثباته، وما نفاه وجب نفيه. كما يجب على الخلق أن ثبتوا ما أثبته الرسول لربه من الأسماء والصفات، وينفوا عنه ما نفاه عنه من مماثلة المخلوقات وعليهم أن يفعلوا ما أمرهم به، وينتهوا عما نهى عنه، ويُحلوا ما أحله ويحرموا ما حرمه، فلا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، ولا دين إلا ما شرعه الله ورسوله، ولهذا ذم الله المشركين في سورة الأنعام والأعراف وغيرهما لكونهم حرموا ما لم يحرمه الله، ولكونهم شرعوا دينًا لم يأذن به الله .. وقد قال تعالى لنبيه: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} "الأحزاب: 46" فأخبره بأنه أرسله داعيًا إليه بإذنه: فمن دعا إلى غير الله فقد أشرك، ومَن دعا إليه بغير إذنه فقد ابتدع، والشرك بدعة، والمبتدع يَؤول إلى الشرك. ولم يوجد مبتدع إلا مر فيه نوع من الشرك كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}. "التوبة آية: 31" وكان مِن شركهم: أنهم أحَلّوا لهم الحرام فأطاعوهم، وحرموا عليهم الحلال ¬

_ (¬1) العمل الصالح، وعدم الشرك بالعبادة حسب فهم الآية.

فأطاعوهم: قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}. "التوبة: 29" ففرق بعدم إيمانهم بالله واليوم الآخر: أنهم لا يُحرِّمون ما حَرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق، والمؤمنون صدَّقوا الرسول فيما أخبر به عن الله واليوم الآخر: فآمنوا بالله واليوم الآخر وأطاعوه فيما أمر ونهى، وحَلل وحَرم، فحَّرموا ما حَرم الله ورسوله، ودانوا دين الحق. فإن الرسول يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويُحرم عليهم الخبائث، فأمرهم بكل معروف، ونهاهم عن كل منكر، وأحل لهم كُل طيب، وحرَّم عليهم كل خبيث. "انظر كتاب الصرط المستقيم لابن تيمية"

الأنبياء دينهم واحد

الأنبياء دينهم واحد يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية في كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم: ولما كان أصل الدين الذي هو دين الإِسلام واحدًا وإن تنوعت شرائعه: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد، والأنبياء إخوة وإن أولى الناس بابن مريم لأنا، فليس بيني ويينه نبي). "معنى الحديث متفق عليه" فدينهم واحد: وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وهو يُعْبَد في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت: وهو دين الإِسلام في ذلك الوقت فمن خرج عن شريعة موسى قبل النسخ (¬1) لم يكن مسلمًا، ومن لم يدخل في شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد النسخ لم يكن مسلمًا. ولم يشرع الله لنبي من الأنبياء أن يعبد غير الله البته: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}. "الشورى آية 13" متى تنفع لا إله إلا الله إن المسلم ينتفع بهذه الكلمة إذا عرف معناها، وعمل بمقتضاها ولما كانت هناك أحاديث يُتوَهم منها أن مجرد التلفظ بها يكفي، وقد تعلق بهذا الوهم بعض المسلمين، فكان لابُد مِن إزالة هذا الوهم: 1 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله حرَّم على النار مَن قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجهَه). "رواه البخاري" 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما مِن عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلا حَرمَه الله على النار). "رواه مسلم" 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاك، فيُحجَب عن الجنة). "رواه مسلم ج 1/ 244/ شرح النووي" 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال لا إله إلا الله مخلِصًا دخل الجنة). "صحيح رواه أحمد" 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن كان آخر كلامه "لا إله إلا الله" دخل الجنة). "صحيح رواه أحمد انظر صحيح الجامع" ¬

_ (¬1) إشارة إلى أن الإِسلام نسخ شريعة موسى.

وأحسن ما قيل في معناها ما قاله شيخ الإِسلام ابن تيمية وغيره: إن هذه الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها، كما جاءت مقيدة، وقالها خالصًا مِن قلبه، مستيقنًا بها قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين، فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة فيمن شهد أن لا إله إلا الله خالصًا مِن قلبه لأن الإِخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى، بأن يتوب مِن الذنوب توبة نصوحًا، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك، فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه يخرج مِن النار مَن قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه ما يزن شعيرة، وما يزن خردلة، وما يزن ذرة. وتواترت بأن كثيرًا مِمن يقول: لا إله إلا الله يدخل النار، ثم يخرج منها، وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثرَ السجود مِن ابن آدم، فهؤلاء كانوا يُصَلون ويسجدون لله، وتواترت بأنه يحرم على النار مَن قال لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لكن جاءت مقيده بالقيود الثقال؛ وأكثر مَن يقولها لا يعرف الإِخلاص ولا اليقين، ومَن لا يعرف ذلك يخشى أن يُفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها. وأكثر من يقولها يقولها تقليدًا وعادة لم يخالط الإِيمان بشاشة قلبه، وغالب مَن يُفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث: (سمعت الناسَ يقولون شيئًا فقلته). "رواه الترمذي وحسنه الألباني" وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم وهم أقرب الناس من قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}. "سورة الزخرف آية 23" وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث، فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مصرًا على ذنب أصلًا، فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه مِن كل شيء، فإذًا لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله، ولا كراهية لما أمر الله، وهذا هو الذي يحرم على النار، وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإن هذا الإِيمان وهذه التوبة، وهذا الإِخلاص وهذه المحبة، وهذا اليقين لا تترك له ذنبًا إلا يُمحى كما يُمحى الليل بالنهار. "انظر تيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد" انتهى كلامه -رحمه الله-

الرد علي بعض الشبهات

الرد علي بعض الشبهات بعض الناس يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر على أُسامة قتل مَن قال: "لا إله إلا الله" وقال: (أقَتلتَه بعد أن قال لا إله إلا الله) "رواه البخاري" وأحاديث أُخرى في الكفِّ عَمن قالها، والجواب: 1 - إن أسامة قتل رجلاً ادعى الإِسلام بسبب أنه ظن أنه ما ادعاه من النطق بالشهادة هو خوف على دمه وماله، فأنكر عليه الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الظن، لأنه قتل رجلاً أظهر الإِسلام، ومن أظهر الإِسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك والدليل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}. [أي فتثبتوا] "سورة النساء: 94" فالآية تدل على أنه يجب الكف عن قتله حتى يظهر منه ما يخالف الإِسلام، وكل من أظهر الإِسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يناقض الإِسلام. 2 - الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي أنكر على أُسامة قتل مَن قال: لا إله إلا الله: هو الذي قال: (أُمِرتُ أن أُقاتلَ الناسَ حتى يقولوا لا إله إلا الله). "رواه البخاري" 3 - قاتل الرسول - صلى الله عليه وسلم - اليهود، وهم يقولون: لا إله إلا الله. 4 - قاتل أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بني حنيفة وهم يشهدون: أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله ويُصَلون ويدعون الإِسلام. 5 - وكذلك الذين حرقهم (¬1) علي بن أبي طالب كانوا يقولون لا إله إلا الله؛ أما الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيهم: (قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون مِن الدين مروق السهم مِن الرمية يقتلون أهل الإِسلام، ويَدَعون أهل الأوثان، لَئن أنا أدركتهم لأقتلَنهم قتلَ عاد). "رواه البخاري" هؤلاء الخوارج كانوا أكثر الناس تهليلًا، فلم تنفعهم لا إله إلا الله ولا كثرة العبادة، ولا ادعاء الإِسلام لما ظهر منهم مخالفة الشريعة ومن أخطائهم تكفير المسلم المرتكب للكبيرة والخروج على الحاكم المسلم. فليحذر المسلمون التشبه بهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن تشبه بقوم فهو مِنهم) "صحيح رواه أبو داود" ¬

_ (¬1) اعترض على التحريق ابن عباس والدليل معه.

رد الحافظ ابن رجب

رد الحافظ ابن رجب قال الحافظ ابن رجب في رسالته (كلمة الإِخلاص) على قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أمِرت أن أقاتلَ الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله). "رواه مسلم" قال: فهِمَ عمر وجماعة مِن الصحابة: أن مَن أتى بالشهادتين امتنع مِن عقوبة الدنيا بمجرد ذلك، فتوقفوا في قتال مانعي الزكاة، وفهم الصديق أنه لا يمتنع قتاله إلا بأداء حقوقها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحَقها وحسابهم على الله) "رواه مسلم" وقال: (والزكاة حق المال) وهذا الذي فهمه الصديق قد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صريحًا غير واحد من الصحابة منهم ابن عمر وأنس وغيرهما وأنه قال: (أُمِرت أن أقاتل الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويُقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) "رواه مسلم" وقد دل على ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}. "سوره التوبة آية 5" كما دل قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}. "سورة التوبة آية 11" على أن الأُخوة في الدين لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد فإن التوبة مِن الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد، فلما قرر أبو بكر هذا للصحابة رجعوا إلى قوله ورأوه صوابًا فإذا عُلِم أن عقوبة الدنيا لا ترتفع عمن أدى الشهادتين مطلقًا، بل ويعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإِسلام فكذلك عقوبة الآخرة، وقال أيضًا: وقالت طائفة من العلماء: المراد من هذه الأحاديث أن التلفظ بلا إله إلا الله سبب لدخول الجنة والنجاة مِن النار، ومقتضى لذلك. ولكن المقتضى لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع -وهذا قول الحسن ووهب بن منبه وهو الأظهر- ثم ذكر عن الحسن البصري أنه قال للفرزدق وهو يدفن امرأته: ما أعددتَ لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة، قال الحسن نِعمَ العُدة، لكن. لا إله إلا الله شروط فإياك وقذف المحصنات، وقيل للحسن إن ناسًا يقولون مَن قال لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال: مَن قال لا إله إلا الله فأدّى حقها وفرْضها دخل الجنة.

وقال وهب بن مُنَبه لِمن سأله: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة قال: بلى، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك .. اهـ "ص 13 - 14 كلمة الإخلاص" وأظن أن في القدر الذي نقلته من كلام أهل العلم كفاية في رَد هذه الشبهة التي تعلق بها مَن ظن أومن قال لا إله إلا الله لا يكفر، ولو فعل ما فعل من أنواع الشرك الأكبر التي تمارس اليوم عند الأضرحة وقبور الصالحين مما يناقض كلمة لا إله إلا الله تمام المناقضة ويُضادها تمام المضادة، وهذه طريقة أهل الزيغ الذين يأخذون من النصوص ما يظنون أنه حجة لهم من النصوص المجملة، ويتركون ما تبينه وتوضحه النصوص المفصلة كحال الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض وقد قال الله في هذا النوع من الناس: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}. "سوره آل عمران: 7 - 9" اللهم أَرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه وصل اللهم على محمد وآله وصحبه أجمعين. "انظر كتاب (حقيقة لا إله إلا الله) من كلام صالح الفوزان"

أفضل شعب الإيمان

أفضل شعب الإِيمان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الإِيمان بضعٌ وسِتون شُعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق). "رواه مسلم" وقد لخص الحافظ في الفتح ما أورده العلماء بقوله: إن هذه الشعب تتفرع من أعمال القلب وأعمال اللسان وأعمال البدن: 1 - فأعمال القلب: المعتقدات والنيات، وهي أربع وعشرون خصلة: الإِيمان بالله، ويدخُل فيه الإِيمان بذاته، وصفاته وتوحيده بأنه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. "سورة الشورى: 11" واعتقاد حدوث ما دونه، والإِيمان بملائكته وكتبه ورسله، وبالقدر خيره وشره، والإِيمان باليوم الآخر، ويدخل فيه السؤال في القبر (ونعيمه وعذابه)، والبعث والنشور، والحساب والميزان والصراط، والجنة والنار، ومحبة الله، والحبُّ والبغضُ فيه، ومحبةُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، واعتقاد تعظيمه: ويدخُل فيه الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - واتباع سنته، والإِخلاص: ويدخل فيه ترك الرياء والنفاق، والتوبة والخوف، والرجاء والشكر والوفاء، والصبر، والرضا بالقضاء والقدر والتوكل والرحمة، والتواضع: ويدخل فيه توقير الكبير، ورحمة الصغير، وترك الكِبر والعُجْب، وترك الحسد، والحقد، وترك الغضب. 2 - وأعمال اللسان: وتشمل على سبع خصال: التلفظ بالتوحيد (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله)، وتلاوة القرآن، وتعلم العلم وتعليمه، والدعاء، والذكر: ويدخل فيه الإستغفار، (والتسبيح) واجتناب اللغو. 3 - وأعمال البدن: وتشمل على ثمان وثلاثين خصلة: أ - منها ما يتعلق بالأعيان، وهي خمسَ عشرة خصلة: التطهُر حِسًا وحكمًا: ويدخل فيه اجتناب النجاسات، وستر العورة، والصلاة فرضًا ونفلًا، والزكاة كذلك، وفك الرقاب، والجود: ويدخل فيه إطعام الطعام، وإكرام الضيف، والصيام فرضًا ونفلًا، والإعتكاف، والتماس ليلة القدر، والحج والعمرة، والطواف كذلك، والفرار بالدِّين: ويدخل فيه الهجرة من دار الشرك إلى دار الإِيمان والوفاء بالنذر والتحرى في الأيمان:

(بأن يكون الحلف عند الحاجة)، وأداء الكفارات: (مثل كفارة اليمين وكفارة الجماع في نهار رمضان). ب - ومنها ما يتعلق بالأتباع وهي ست خصال: التعفف بالنكاح، والقيام بحقوق العيال، وبر الوالدين ويدخل فيه: اجتناب العقوق، وتربية الأولاد، وصلة الرحم، وطاعة السادة (فى غير معصية الله)، والرفق بالعبيد. جـ - ومنها ما يتعلق بالعامة، وهي سبع عشرة خصلة: القيام بالِإمارة مع العدل، ومتابعة الجماعة، وطاعة أولي (¬1) الأمر، والإِصلاح بين الناس: ويدخل فيه قتال الخوارج (¬2) والبغاة، والمعاونة على البر والتقوى: ويدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، والجهاد. ومنه المرابطة، وأداء الأمانة، ومنه أداء الخُمس، والقرض مع وفائه، وإكرام الجار، وحسن المعاملة: ويدخل فيه جمع المال من حِلّه، وإنفاقه في حقه، ويدخل فيه: ترك التبذير والِإسراف، ورد السلام، وتشميت العاطس، وكف الأذى عن الناس، واجتناب اللهو، وإماطة الأذى عن الطريق. فهذه 69 خصلة، ويمكن عدها 79 خصلة باعتبار أفراد ما ضُم بعضه إلى بعض مما ذكر والله أعلم. "انظر فتح الباري ج 1/ 52" أقول: هذا الحديث المتقدم، يدل على أن التوحيد هو كلمة لا إله إلا الله أعلى مراتب الإِيمان وأفضلها. فعلى الدعاة أن يبدأوا بالأعلى ثم الأدنى، وبالأساس قبل البناء، وبالأهم فالمهم، لأن التوحيد هو الذي جمع الأمة العربية والأعجمية على الإِسلام، وكوّن منهم الدولة المسلمة دولة التوحيد. ¬

_ (¬1) المراد بأُولي الأمر: الحكام المسلمين إذا لم يأمروا بمعصية. (¬2) الخوارج هم الذين يُكفرون المسلم بارتكاب الكبائر.

شروط "لا إله إلا الله"

شروط "لا إله إلا الله" س 1 - ما هي شروط "لا إله إلا الله" وما معناها؟ ج 1 - اعلم يا أخي المسلم -هدانا الله وإياك- أن "لا إله إلا الله" مفتاح الجنة، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك. وأسنان هذا المفتاح هي شروط "لا إله إلا الله" الآتية: 1 - العلم بمعناها: وهو نفي المعبود بحق عن غير الله، وإثباته لله وحده. قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ}. "سورة محمد آية 19" (أي لا معبود في السموات والأرض بحق إلا الله). وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة). "رواه مسلم" 2 - اليقين المنافي للشك: وذلك أن يكون القبب مستيقنًا بها بلا شك. قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}. "سورة الحجرات آية 15" (لم يرتابوا: أي لم يَشُكُّوا) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله لا يلقى اللّة بهما عبدٌ غيرُ شَاكٍّ، فيُحجبُ عن الجنة). "رواه مسلم" 3 - القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه: قال الله تعالى حكاية عن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}. "سورة الصافات آية 35، 36" (أي يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون). "ذكره ابن كثير" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أُمِرتُ أن أُقاتل الناسَ حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمَن قال لا إله إلا الله فقد عصَم مني ماله ونفسه إلا بحق الإِسلام وحسابه على الله -عَزَّ وَجَلَّ-). "متفق عليه" 4 - الإنقياد والإستسلام لما دلت عليه: قال تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ}. "سورة الزمر آية 54" (أي ارجعوا إلى ربكم واستسلموا له). "ذكره ابن كثير" 5 - الصدق المنافي للكذب، وهو أن يقولها صدقًا من قلبه.

قال الله تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}. "سورة العنكبوت آية 1 - 3" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما مِن أحَد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله صِدقًا مِن قلبه إلا حَرمَه الله على النار). "متفق عليه" 6 - الإِخلاص: وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك. قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}. "سورة البينة آية 5" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أسعَد الناس بشفاعتي يوم القيامة مَن قال لا إله إلا الله خالصًا مِن قلبه، أو نفسه). "رواه البخاري" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله حَرمَ على النار مَن قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله -عَزَّ وَجَلَّ-). "رواه مسلم جـ 1/ 456" 7 - المحبة لهذه الكلمة الطيبة، ولما اقتضَت ودلَّت عليه، ولأهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها، وبُغض ما ناقض ذلك. قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}. (أندادًا: شركاء). "سورة البقرة: آية 116" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجدَ بهِن حلاوة الإِيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سِواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يُقذفَ في النار). "متفق عليه" (بتصرف من كتاب الولاء والبراء للشيخ محمد بن سعيد القحطاني). 8 - أن يكفر بالطاغوت: وهو الشيطان وما يدعو إليه من عبادة غير الله، ويؤمن بالله ربًا ومعبودًا بحق. قال الله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}. "سورة البقرة آية 256" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال لا إله إلا الله، وكفرَ بما يُعبَد مِن دون الله حَرُم ماله ودمه). "رواه مسلم" 9 - ومن شروطها أن تقال كاملة، فلا يجوز الفصل بين النفي والإثبات: فلا يقال: (لا إله) عدة مرات ويقال بعد ذلك (إلا الله) عدة مرات كما يفعل الصوفية لأن ذلك من البدع المحدثة، ولأن فيها نفي الألوهية عن الله، وذلك صريح الكفر ثم

الِإثبات بعد ذلك بمدة لا يفيد شيئًا وهو من التلاعب في ذكر الله، ولو مات القائل بعد النفي كيف يكون حاله؟ 10 - والذكر بالاسم المفرد لم يرد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كقولهم: (الله) ويكررونها آلاف المرات، محتج الصوفية على ذلك بقوله تعالى: (قل الله) ولو قرأوا أول الآية لعرفوا خطأ استدلالهم: وأولها: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ. . . . قُلِ اللَّهُ} الآية. (أي قل الله أنزله) "سورة الأنعام 91" 11 - لا يجوز استبدال كلمة (الله) بكلمة (هو) كما يفعل الصوفية حينما يقولون (ياهو) لأن (هو) ليست من أسماء الله، بل هو ضمير منفصل مثل قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ}. "سورة البقرة" فكلمة (هو) ضمير يعود على الإِله.

حقيقة لا إله إلا الله

حقيقة لا إله إلا الله وفيها نفي الإِلهية عن غير الله، وإثباتها لله وحده. 1 - قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ}. "سورة محمد" فالعلم بمعناها واجب ومقدم على سائر أركان الإِسلام. 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال لا إله إلا الله مخلِصًا دخل الجنة). "صحيح رواه أحمد" والمخلص هو الذي يفهمها، ويعمل بها، ويدعو إليها قبل غيرها، لأن فيها التوحيد الذي خلق الله العالم لأجله. 3 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب حين حضره الموت ياعَم قل: (لا إله إلا الله، كلمة أُحاج لك بها عند الله، وأبى أن يقول لا إله إلا الله)."رواه البخاري ومسلم" 4 - بقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة ثلاثة عشر عامًا، يدعو العرب قائلًا: قولوا لا إله إلا الله، فقالوا إلها واحدًا ما سمعنا بهذا؟ لأن العرب فهموا معناها، وأن مَن قالها لا يدعو غير الله، فتركوها ولم يقولوها، قال الله تعالى عنهم في سورة الصافات: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ}. "سورة الصافات" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال لا إله إلا الله، وكفرَ بما يُعبَدُ مِنْ دون الله، حَرم مالُه ودمهُ). "رواه مسلم" ومعنى الحديث أن التلفظ بالشهادة يستلزم أن يكفر وُينكر كل عبادة لغير الله، كدعاء الأموات وغيره. والغريب أن بعض المسلمين يقولونها بالسنتهم، ويخالفون معناها بأفعالهم ودعائهم لغير الله!! 5 - "لا إله إلا الله" أساس التوحيد والِإسلام، ومنهج كامل للحياة، يتحقق بتوجيه كل أنواع العبادة لله، وذلك إذا خضع السلم لله، ودعاه وحده، واحتكم لشرعه دون غيره. 6 - قال ابن رجب: "الِإله" هو الذي يطاع ولا يعصى هَيبة له وإجلالًا، ومحَبة وخوفًا ورجاء، وتوكلًا عليه، وسؤالًا منه، ودعاء له، ولا يصلح هذا كله إلا لله -عَزَّ وَجَلَّ- فمَن أشرك مخلوقًا في شيء مِن هذه الأمور التىِ هي من خصائص الإِله، كان ذلك

معنى محمد رسول الله

قدحًا في إخلاصه في قوله: "لا إله إلا الله"، وكان فيه مِن عبودية المخلوق، بحسب ما فيه من ذلك. 7 - إن كلمة "لا إله إلا الله" تنفع قائلها إذا لم ينقضها بشرك، فهي شبيهة بالوضوء الذي ينقضه الحدث. قال - صلى الله عليه وسلم -: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة". "حسن رواه الحاكم" معنى محمد رسول الله الإِيمان بأنه مرسل من عند الله، فنصدقه فيما أخبر، ونطيعه فيما أمر، ونترك ما نهى عنه وزجر، ونعبد الله بما شرع. 1 - يقول الشيخ أبو الحسن الندوي في كتاب النبوة ما نصه: الأنبياء -عليهم السلام- كان أول دعوتهم، وأكبر هدفهم في كل زمان وفي كل بيئة، هو تصحيح العقيدة في الله تعالى وتصحيح الصلة بين العبد وربه، والدعوة إلى إخلاص الدين لله، وإفراد العبادة لله وحده، وأنه النافع والضار المستحق للعبادة والدعاء والإلتجاء والنسك (الذبح) وحده، وكانت حملتهم مركزة موجهة إلى الوثنية في عصورهم، المُمَثلة بصورة واضحة فى عبادة الأوثان والأصنام، والصالحين المقدسين من الأحياء والأموات. 2 - وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له ربه: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. "سورة الأعراف: 188" وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُطروني كما أطرَتِ النصارى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله". "رواه البخاري" والإِطراء: هو الزيادة والمبالغة في المدح فلا ندعوه من دون الله كما فعلت النصارى في عيسى ابن مريم، فوقعوا في الشرك، وعلمنا أن نقول: "محمدٌ عبدُ الله ورسوله". 3 - إن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تقتضي طاعته في دعاء الله وحده، وعدم دعاء غيره، ولو كان رسولًا أو وليًا مقربًا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

أهمية التوحيد

(إذا سألتَ فسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل به هَمٌّ أو غَمٌّ قال: "يا حيُّ يا قيُّوم برحمتك أستغيث". "حسن رواه الترمذي" ورحم الله الشاعر حين قال: اللهَ أسأل أن يُفرِّج كربَنا ... فالكربُ لا يمحوه إلا الله أهمية التوحيد 1 - لقد خلق الله الثقلين لعبادته، وأرسل الرسل ليدعوا الناس إلى توحيده، وهذا القرآن الكريم يهتم بعقيدة التوحيد في أكثر من سوره، ويبين ضرر الشرك على الفرد والجماعة وهو سبب الهلاك في الدنيا، والخلود في نار الآخرة. 2 - إن الرسل جميعًا بدأوا دعوتهم إلى التوحيد الذي أمرهم الله بتبليغه للناس، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ}. "سورة الأنبياء: 25" وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقي ثلاثة عشر عامًا في مكة، وهو يدعو قومه إلى توحيد الله ودعائه وحده دون سواه، وكان فيما أنزل الله عليه: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا}. "سورة الجن: 20" ويربي الرسول - صلى الله عليه وسلم - أتباعه على التوحيد منذ الصغر: فيقول لابن عمه عبد الله بن عباس: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله) "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" وهذا التوحيد هو حقيقة دين الإِسلام الذي بُني عليه، والذي لا يقبل الله من أحد سواه. 3 - لقد علَّم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يبدأوا دعوتهم للناس بالتوحيد، فقال لمعاذ حينما أرسله إلى اليمن: "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي رواية إلى أن يُوحِّدوا الله". "متفق عليه" 4 - إن التوحيد يتمثل في شهادة لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ومعناها لا معبود بحق إلا الله، ولا عبادة إلا ما جاء به رسول الله، وهي التي يدخل بها الكفار الإِسلام، لأنها مفتاح الجنة، وتُدخل صاحبها الجنة إذا لم ينقضها بعمله.

من فضل التوحيد

5 - لقد عرض كفار قريش على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المُلك والمال والزواج وغيرها مِن مُتَع الحياة مُقابل أن يترك دعوة التوحيد، ومهاجمة الأصنام، فلم يرض منهم ذلك، بل استمر في دعوته يتحمل الأذى مع صحابته إلى أن انتصرت دعوة التوحيد بعد ثلاثة عشر عامًا، وفتحت مكة بعد ذلك، وكسِرت الأصنام، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}. "الإسراء: 81" 6 - التوحيد وظيفة المسلم في الحياة فيبدأ حياته بالتوحيد وُيودِّعها بالتوحيد، ووظيفته في الحياة إقامة التوحيد، والدعوة إلى التوحيد، لأن التوحيد يُوَحد المؤمنين، ويجمعهم على كلمة التوحيد. فنسأل الله أن يجعل التوحيد آخر كلامنا. من فضل التوحيد 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}. "سورة الأنعام" عن عبد الله بن مسعود قال لَما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين، وقالوا أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليسِ ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. "متفق عليه" فهذه الآية تبشر المؤمنين الموحدين الذين لم يلبسوا إيمانهم بشرك، فابتعدوا عنه، أن لهم الأمن التام من عذاب الله في الآخرة، وأولئك هم المهتدون في الدنيا. 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الإِيمان بضعٌ وستون شعبة: فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق". "رواه مسلم" 3 - جاء في كتاب (دليل المسلم في الإعتقاد والتطهير). لفضيلة الشيخ عبد الله خياط ما يلي: التوحيد يسبب السعادة ويُكفِّر الذنوب المرء بحكم بشريته وعدم عصمته قد تَنزلِق قدمه، ويقع في معصية الله، فإذا كان من أهل التوحيد الخالص من شوائب الشرك، فإن توحيده لله، وإخلاصه في قول لا إله إلا الله، يكون أكبر عامل في سعادته وتكفير ذنوبه ومحو سيئاته، كما جاء في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

نواقض لا إله إلا الله

"مَن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلِمَتهُ ألقاها إلى مريم ورُوح منه، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ، أدخلَه الله الجنة على ما كان مِن العمل". "رواه البخاري ومسلم" أي إن جملة هذه الشهادات التي يشهدها المسلم بهذه الأصول تستوجب دخوله الجنة دار النعيم، وإن كان في بعض أعماله مآخذ وتقصيرات، كما جاء في الحديث القدسي: قال الله تعالى: "يا ابن آدم إنك لو أتيتَني بقُرابِ الأرض خطايا ثم لقيتَني لا تشركُ بي شيئًا لأتيتُك بِقُرَابها مغفرة". "حسن رواه الترمذي" نواقض لا إله إلا الله على المسلم أن يتعلم هذه النواقض حتى لا يقع فيها، فيخرج من الإِسلام الذي أكرمه الله به، فيموت كافرًا. وأهم هذه النواقض: 1 - دعاء غير الله: كدعاء الأنبياء أو الأولياء الأموات أو الأحياء الغائبين لقول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. (أي المشركين) "سورة يونس: 106" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن مات وهو يدعو مِن دون الله نِدًا دخل النار) "رواه البخاري" (النِد: المثِيل والشريك) 2 - اشمِئزاز القلب مِن توحيد الله، ونفوره من دعائه والإستعانة به وحده، وانشراح القلب عند دعاء الرسل أو الأولياء الأموات أو الأحياء الغائبين، وطلب المعونة منهم لقوله تعالى عن المشركين: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}. "سورة الزمر: 45" (وتنطبق الآية على الذين يحاربون من يستعين بالله وحده ويقولون عنه وهابي، إذا علموا أن الوهابية تدعو للتوحيد). 3 - الذبح لرسول الله أو ولي لقول الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. "سورة الكوثر" (أي اذبح لربك) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله مَن ذبح لغير الله). "رواه مسلم" 4 - النذر لمخلوق على سبيل التقرب والعبادة له، وهي لله وحده.

قالت امراة عمران: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا}. "سورة آل عمران آية 35" 5 - الطواف حول القبر بنية التقرب والعبادة له، وهو خاص بالكعبة، لقول الله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}. "سورة الحج: 29" 6 - الإعتماد والتوكل على غير الله، لقول الله تعالى: {فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ}. "سورة يونس: 84" 7 - الركوع أو السجود بنية العبادة للملوك أو العظماء الأحياء أو الأموات إلا أن يكون جاهلًا لأن الركوع والسجود عبادة لله وحده. 8 - إنكار ركن من أركان الإِسلام المعروفة كالصلاة والزكاة والصوم والحج، أو إنكار ركن من أركان الإِيمان: وهي الإِيمان بالله وملائكته ورُسِله واليوم الآخر، وبالقدَرِ خيره وشره، وغير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة. 9 - كراهية الإِسلام، أو كراهية شيء من تعاليمه في العبادات أو المعاملات، أو الإقتصاد، أو الأخلاق لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}. "سورة محمد: 9" 10 - الإستهزاء بشيء من القرآن، أو الحديث الصحيح، أو بحكم من أحكام الإِسلام، لقوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}. "سورة التوبة" 11 - إنكار شيء من القرآن الكريم، أو الأحاديث الصحيحة مما يوجب الرّدة عن الدين إذا تعمد ذلك عن علم. 12 - شتمُ الربِّ أو لعنُ الدين أو سَبّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو الإستهزاء بحاله، أو نقد ما جاء به مما يوجب الكفر. 13 - إنكار شيء من أسماء الله، أو صفاته، أو أفعاله الثابتة في الكتاب والسنة الصحيحة من غير جهل ولا تأويل. 14 - عدم الإِيمان بجميع الرسل الذين أرسلهم الله لهداية الناس، أو انتقاص أحدهم لقوله تعالى: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}. "سورة البقرة" 15 - الحكم بغير ما أنزل الله إذا اعتقد عدم صلاحية حكم الإِسلام أو أجاز الحكم بغيره

لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. "المائدة 44" 16 - التحاكم لغير الإِسلام، وعدم الرضا بحكم الإِسلام أو يرى في نفسه ضيقًا وحرَجًا في حكمه لقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. "سورة النساء: 65" 17 - إعطاء غير الله حق التشريع كالدكتاتورية، أو الديمقراطية، أو غيرها ممن يسمحون بالتشريع المخالف لشرع الله لقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}. "سورة الشورى آية 21" 18 - تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله، كتحليل بعض العلماء الربا غير متأول، لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}. "سورة البقرة آية 275" 19 - الإِيمان بالمبادىء الهدامة: كالشيوعية الملحدة، أو الماسونية اليهودية، أو الإشتراكية الماركسية، أو العلمانية الخالية من الدين، أو القومية التي تفضل غير المسلم العربي على المسلم الأعجمي لقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. "سورة آل عمران: 85" 20 - تبديل الدين والإنتقال من الإِسلام لغيره لقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}. "سورة البقرة" ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن بدل دينَه فاقتلوه). "رواه البخاري" 21 - مناصرة اليهود والنصارى والشيوعيين ومعاونتهم على المسلمين لقوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}. "سوره آل عمران" 22 - عدم تكفير الشيوعيين المنكرين لوجود الله، أو اليهود والنصارى الذين لا يؤمنون بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، لأن الله كفرهم فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ}. "سورة البينة: 6"

وحدة الوجود في الظلال

23 - قول بعض الصوفيين بوحدة الوجود: وهو: ما في الكون إلا الله، حتى قال زعيمهم: وما الكلبُ والخنزيرُ إلا إلهنا ... وما الله إلاراهبٌ في كنسيةٍ وقال زعيمهم الحلاج: (أنا هو، وهو أنا) فحكم العلماء عليه بالقتل فأعدِم. 24 - القول بانفصال الدين عن الدولة، وأنه ليس في الإِسلام سياسة لأنه تكذيب للقرآن والحديث والسيرة النبوية. 25 - قول بعض الصوفية: إن الله سلّم مقاليد الأمور لبعض الأولياء من الأقطاب وهذا شرك في أفعال الرب سبحانه يخالف قوله تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. "سورة الزمر آية 63" إن هذه المبطلات أشبه بنواقض الوضوء، فإذا فعل المسلم واحدًا منها، فليُجَدد إسلامه، ولْيترُك المبطل ولْيَتُب إلى الله قبل أن يموت فيحبط عمله، ويُخلَّد في نار جهنم: قال الله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. "سورة الزمر" وعلمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقول: "اللهم إنا نعوذ بك مِنْ أن نُشركَ بك شيئًا نعلَمه، ونستغفرك لما لا نعلم" "رواه أحمد بسند جيد" وحدة الوجود في الظلال 1 - كنت مولعًا في ظلال القرآن لمؤلفه "سيد قطب" ولما قرأته وجدت وحدة الوجود في تفسير أول سورة الحديد وسورة الإِخلاص، وغيرها من الأخطاء التي تتنافى مع عقيدة الإِسلام كقوله عن تفسير الإستواء الوارد في عدة آيات: كناية عن السيطرة والهيمنة؛ وهذا مخالف للتفسير الوارد في البخاري عن مجاهد وأبي العالية: في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ}. "سورة البقرة آية: 29" قال مجاهد وأبو العالية: علا وارتفع. "انظر كتاب التوحيد ج 8" 2 - ذكرت ذلك لأخيه "محمد قطب" وقلت له: علِّقْ على كلام أخيك في الظلال، فقال لي: أخي يتحمل مسؤولية كلامه. وبعد سنين طلبت مني "إحدى دور النشر" نشر كتابي الجديد: (شهادة الإِسلام: لا إله إلا الله محمد رسول الله). فذكرت فيه من نواقض الشهادتين: وحدة الوجود عند الصوفية وقرأت في كتاب (لا إله

إلا الله عقيدة وشريعة ومنهج حياة) لمؤلفه "محمد قطب" ذكر فيه نواقض لا إله إلا الله، ولم يذكر وحدة الوجود، فاتصلت به هاتفيًا من مكة. قلت له: أنت مشرف على طبعة الشروق "في ظلال القرآن" أنا أطالبك بالتعليق في الحاشية امتثالًا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - القائل: "مَن رأى منكم منكرًا فلْيُغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإِيمان". "رواه مسلم" وأنت تستطيع أن تُغيره بلسانك وقلمك، فقال لي: شكر الله سعيك، فشكرته على ذلك، وطلبت منه نسخة فيها تعليقه على وحدة الوجود فسكت، وأسأل الله أن يوفقه لذلك. 3 - قمت بزيارة لأحد العلماء البارزين وعنده أحد مدرسي العقيدة الإِسلامية، وذكرت له وحدة الوجود في الظلال، فاستغرب ذلك، وأحضر كتاب الظلال من مكتبته وبدأ يقرأ فيه من أول تفسير سورة الحديد، حتى وصل إلى قوله: ولقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقة الأساسية الكبرى وهاموا فيها وبها، وسلكوا إليها مسالك شتى، بعضهم قال: إنه يرى الله في كل شيء في الوجود، وبعضهم قال: إنه رأى الله من وراء كل شيء في الوجود، وبعضهم قال إنه رأى الله فلم ير غيره في الوجود، وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة إذا تجاوزنا عن ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجال، إلا أن ما يؤخذ عليهم على وجه الِإجمال هو أنهم أهملوا الحياة بهذا التصور، والإِسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه الحقيقة، ويعيش بها ولها". "انظر الظلال ج 6/ 3479 - 3480" فأنكر العلماء الموجودون هذه الوحدة، ووافقوا على أن يُعَلق "محمد قطب" عليها. 4 - ولسيد قطب -يرحمه الله- كلام في كتبه يخالف وحدة الوجود، لكنه لم يُصرح بالرجوع عنها، وله كتابات جيدة، ولكنه ليس بمعصوم لأنه بشر يخطىء، فالواجب بيان هذه الأخطاء نصيحة للقراء وفي الحديث: (الدين النصيحة). "رواه مسلم" 5 - وهناك أخطاء كثيرة في ظلال القرآن جمعها الشيخ عبد الله الدويش في كتابه: "المورد الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال" وكتاب "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وأفكاره" للشيخ ربيع بن هادي، فليُرجع إليهما. وليت الشيخ محمد قطب أخذ بهذه الأخطاء وعلق عليها في طبعة الشروق لأنه مشرف عليها فهو مسؤول أمام الله عنها وأسأل الله أن يوفقه لذلك.

لا تصدق الدجالين

لا تصدق الدجالين قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أتى عرَّافًا أوكاهِنًا فصدَّقه بما يقول فقد كفرَ بما أُنزِلَ على محمد". "صحيح رواه أحمد" يحرم تصديق المنجِّم والكاهِن والعراف والساحر والرمَّال والمندِّل وغيرهم ممن يدعي العلم بما في النفس، أو بالماضي والمستقبل، لأن ذلك من اختصاص الله وحده كما قال: {وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}."سورة الحديد: 6" {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}. "سورة النمل: 65" وما يقع من الدجالين إنما هو التخمين والمصادفة، وأكثره كذب من الشيطان لا يغتر به إلا ناقص العقل، ولو كانوا يعلمون الغيب لاستخرجوا الكنوز من الأرض، ولما أصبحوا فقراء يحتالون على الناس لأكل مالهم بالباطل، وإن كانوا صادقين فليُخبرونا عن أسرار اليهود لإِحباطها. رُكنا لا إله إلا الله لها ركنان: الركن الأول النفي - والركن الثاني الإِثبات؛ والمراد بالنفي نفيُ الإلهية عما سوى الله تعالى مِن سائر المخلوقات. والمراد بالإِثبات إثبات الإِلهية لله سبحانه فهو الإِله الحق وما سواه من الآلهة التي اتخذها المشركون فكلها باطلة: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}. "سورة الحج آية 62" قال الإِمام ابن القيم: فدلالة لا إله إلا الله على إثبات إلهيته أعظمُ مِن دلالة قوله: الله إله، وهذا لأن قول (الله إله) لا ينفي إلهية ما سواه بخلاف قول: لا إله إلا الله فإنه يقتضي حصر الألوهية ونفيها عما سواه، وقد غلط غلطًا فاحشًا كذلك مَن فسرَ الإله بأنه القادر على الإختراع فقط.

من فوائد لا إله إلا الله

من فوائد لا إله إلا الله لهذه الكلمة إذا قيلت بصدق وإخلاص وعمل بمقتضاها ظاهراً وباطنًا فوائد حميدة على الفرد والجماعة مِن أهَمها: 1 - اجتماع الكلمة التي ينتج عنها حصول القوة للمسلمين والإنتصار على عدوهم لأنهم يدينون بدين واحد وعقيدة واحدة كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}. "سورة آل عمران آية 103" وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. "الأنفال آية 62 - 63" والإختلاف والتناحر في العقيدة يسبب التفرق والنزاعِ والتناحر كما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}. "سورة الأنعام آية 159" وقال تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}. "سورة المؤمنون: 53" فلا يجمع الناس سوى عقيدة الإِيمان والتوحيد التي هي مدلول لا إله إلا الله، واعتبرْ ذلك بحالة العرب قبل الإِسلام وبعده: (كان العرب في الجاهلية متفرقون فجمعهم الإِسلام). 2 - توفر الأمن والطمأنينة في المجتمع الموَحد الذي يدين بمقتضى لا إله إلا الله لأن كُلَّا من أفراده يأخذ ما أحل ويترك ما حرم عليه تفاعلًا مع عقيدته التي تُملي عليه ذلك، فيَنكَف عن الاعتداء والظلم والعدوان ويَحل محل ذلك التعاون والمَحبة والموالاة في الله عملاً بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. "سورة الحجرات آية 10" يظهر هذا جليًا في حالة العرب قبل أن يدينوا بهذه الكلمة وبعد ما دانوا بها، فقد كانوا مِن قبل أعداء متناحريبن يفتخرون بالقتل والنهب والسلب، فلما دانوا بها أصبحوا إخوة متحابين كما قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}. "الفتح آية 29" وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}. "آل عمران آية 103" 3 - حصول السيادة والإستخلاف في الأرض وصفاء الدين والثبوت أمام تيارات الأفكار والمبادىء المختلفة كما قال تعالى:

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}. "النور آية 55" فربط سبحانه حصول هذه المطالب العلية بعبادته وحده لا شريك له الذي هو معنى ومقتضى لا إله إلا الله. 4 - حصول الطمأنينة النفسية والإستقرار الذهني لمن قال لا إله إلا الله وعمل بمقتضاها لأنه يعبد ربًا واحدًا يعرف مراده وما يُرضيه فيفعله ويعرف ما يُسخطه فيجتنبه بخلاف مَن يعبد آلهة مُتعددة كل واحد منها له مراد غير مراد الآخر كما قال تعالى: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}. "سورة يوسف: 39" وقال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا}. "الزمر آية 29" قال الإِمام ابن القيم -رحمه الله-: هذا مثل ضربه الله سبحانه للمُشرك والموَحد، فالمشرك بمنزلة عبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون متشاحنون؛ والرجل المتشاكس: السيء الخلق. فالمشرك لما كان يعبد آلهة شتى شُبه بعبد يملكه جماعة متنافسون في خدمته لا يمكنه أن يبلغ رضاهم أجمعين، والموحد لما كان يعبد الله وحده فمثله كمثل عبد لِرَجل واحد قد سَلِم له وعلم مقاصده وعرف الطريق إلى رضاه فهو فى راحة مِن تشاحن الخلَطاء فيه بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه مع رأفة مالكه ورحمته له وشفقته عليه وإحسانه إليه وتوليه لمصالحه فهل يستويان هذان العبدان. "إعلام الموقعين 1/ 187" 5 - حصول السمو والرفعة لأهل لا إله إلا الله في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}. "الحج: 31" فدلتَ الآية على أن التوحيد عُلوٌ وارتفاع وأن الشرك هبوط وسُفول وسقوط. قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: شبه الإِيمان والتوحيد في علوه وسعته وشرَفه بالسماء التي هي مصعده ومهبطه، فمنها هبط إلى الأرض وإليها يصعَد منها، وشبه تارك الإِيمان والتوحيد بالساقط مِنْ السماء إلى أسفل سافلين من حيث التضييق الشديد والآلام المتراكمة والطير التي تخطف أعضاءه وتُمزقه كل مُمَزق بالشياطين التي يرسلها الله

دعاء الليل المستجاب

تعالى وتؤزه وتزعجه وتقلقه إلى مظان هلاكه، والريح التي تهوي به في مكان سحيق هو هواه الذي يحمله على إلقاء نفسه في أسفل مكان وأبعده عن السماء. "إعلام الموقعين 180" 6 - عصمة الدم والمال والعرض، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أُمِرتُ أن أُقاتلَ الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها). "رواه البخاري" وقوله (بحقها): معناه: أنهم إذا قالوها وامتنعوا من القيام بحقها وهو أداء ما تقتضيه من التوحيد والإبتعاد عن الشرك والقيام بأركان الإِسلام أنها لا تعصِم أموالهم ولا دماءَهم بل يُقتلون وتؤخذ أموالهم غنيمة للمسلمين كما فعل بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاءه. هذا - ولهذه الكلمة آثار عظيمة على الفرد والجماعة في العبادات والمعاملات والآداب والأخلاق ... وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. "من كلام الشيخ صالح الفوزان" دعاء الليل المستجاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن تعارَّ من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن قام فتوضأ ثم صلى قُبلت صلاته). "رواه البخاري وغيره" قرأت هذا الدعاء من أجل شفائي من الأمراض التي أصابتني فشفاني الله، وقرأته من أجل تيسر بعض الأعمال المتعبة، فسهل الله لي وأراحني من معاناتها. بفضل الله ثم بقراءة هذا الدعاء. إني أنصح كل مسلم إذا وقع في أي مشكلة، لا سيما إخواننا في الكويت، وفلسطين، وأفغانستان، وغيرها من البلاد الإِسلامية أن يلجأوا إلى الله وحده، ويقرأوا هذا الدعاء مع الأخذ بالأسباب التي أمر الإِسلام بها كالاستعداد للجهاد، وأخذ الدواء للمريض لا سيما الأدوية الواردة في الطب النبوي كالعسل، والحبة السوداء، وماء زمزم، وغيرها من العلاجات المفيدة.

(2) كيف نفهم التوسل على ضوء الكتاب والسنة

(2) كيف نفهم التوسل على ضوء الكتاب والسنة

موجز كيف نفهم التوسل؟ * - التوسل المشروع والممنوع * - ولله الأسماء الحسنى فاعوه بها * - معنى لا إله إلا الله * - إياك نعبد وإياك نستعين * - استعن بالله وحده * - الدعاء لا يحتاج إلى واسطة * - الدعاء هو العبادة * - أحاديث ضعيفة في التوسل * - شبهات حول التوسل * - التوسل بالأحياء لا بالأموات * - خلاصة البحث * - دفع توهم

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسله. أما بعد فإن موضوع التوسل مُهمٌّ جدًا، أخطأ فيه كثير من المسلمين، لعدم معرفة حقيقته التي جاءت في الكتاب والسنة ظاهرة جلية، وقد بينت في هذه الرسالة التوسل المشروع، والتوسل الممنوع، مع الأدلة من القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى يكون المسلم على عِلم وبصيرة بما يقول ويدعو، فيكون توسله ودعاؤه مستجابًا، وحتى لا يقع في الشرك الذي يُحبط العمل، نتيجة الجهل، كما هو حال بعض المسلمين اليوم هداهم الله. والله أسال أن ينفع بها المسلمين، ويجعلها خالصة لله تعالى. محمد بن جميل زينو

التوسل المشروع وأنواعه

التوسل المشروع وأنواعه قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}. "سورة المائدة: آية 35" [قال قتادة: تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه]. والتوسل المشروع هو الذي أمر به القرآن، وعلمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعمل به الصحابة، وله أنواع عديدة أهمها: 1 - التوسل بالإِيمان: قال تعالى يقص توسل عباده بإيمانهم: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ}. "سورة آل عمران: آية 193" 2 - التوسل بتوحيد الله: كدعاء يونس -عليه السلام- حين ابتلعه الحوت: قال الله تعالى عن يونس: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}. "سورة الأنبياء 87 - 88" 3 - التوسل بأسماء الله قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}. "سورة الأعراف: آية 180" ومن دعاء الرسول بأسمائه قوله: "أسألك بكل اسم هوَ لك .. ". "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" 4 - التوسل بصفات الله: كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا حَيّ يا قيوم برَحمَتكِ أستغيث". "حسن رواه الترمذي" 5 - التوسل بالأعمال الصالحة: كالصلاة، وبر الوالدين، وحفظ الحقوق، والأمانة والصدق، والذكر، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحبنا له ولأصحابه، وغيرها من الأعمال الصالحة، وهذه قصة أصحاب الغار الذين حُبسوا، فتوسلوا إلى الله ببر الوالدين، وإعطاء حق الأجير، وترك الزنا، وهي من الأعمال الصالحة، ففرج الله عنهم: عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم، حتى آواهم المبيت إلى غار، فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل، فسدَّت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالِكم.

قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق [أُقدِّمُ، قبلهما أهلًا ولا مالاً، فنأى بي طلب الشجر [أبعدتُ] يومًا فلم أرِحْ [فلم أرجع] عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما [حصتَهما] فوجدتهما نائمَين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق فبلهما أهلًا أَو مالاً؛ فلبثت -والقدح على يدي- أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، والصبية يتضاغون عند قدمي [يصيحون] فاستيقظا فشربا غبوقهما [شربا حصتهما من اللبن]. اللهم إن كنتُ فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه مِن هذه الصخرة، "فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منها". وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحَب الناس إليَّ، فأرَدْتها على نفسها فامتنعَت مني، حتى ألمتْ بها سنة مِن السنين [أصابها جوع] فجاءتني، فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تُخلي بيني وبين نفسها، ففعلَتْ، حتى إذا قدرت عليها، قالت: إتقِ الله ولا تُفض الخاتم إلا بحقه. [لا تقرَبني إلا بنكاح شرعي]، فتحَرَّجْتُ من الوقوع عليها، فانصرفتُ عنها وهي أحب الناس إليَّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها!! اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه. "فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها". وقال الثالث: اللهم استأجرت أُجراء، وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمَّرْت [كثَّرْتُ] أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله أدِّ إليَّ أجري، فقلت: كل ما ترى مِن أجرك، من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال يا عبد الله لا تستهزىء بي فقلت: إني لا أستهزىء بك، فأخذه كله فاستاقه ولم يترك منه شيئا!! اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه. (فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون). "القصة في البخاري ومسلم" وبعض المسلمين -هداهم الله- تركوا التوسل بالأعمال الصالحة، ولجأوا إلى الأموات يتوسلون بهم، أو بأعمال الموتى، مخالفين بذلك هدي

نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي علّمهم التوسل إلى الله بإيمانهم بالله، وبحبهم لنبيهم، وحبهم لأصحابه، والصالحين من الأولياء، لأن حبهم من العمل الصالح. يقول الشيخ أحمد الرفاعي: اطلبوا حوائجكم من الله بمحبته لأوليائه. فهلا أخذ الصوفية بهذا التوسل المشروع، لأن محبة الله لأوليائه من صفاته -عَزَّ وَجَلَّ-. - التوسل بدعاء الأحياء الصالحين كما فعل عمر -رضي الله عنه-: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا قُحطوا استسقى بالعباس فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا - صلى الله عليه وسلم - فتسقنا وإنا نتوسل إليك بعَمِّ نبينا - صلى الله عليه وسلم - فاسقنا، قال فيُسقَون. "رواه البخاري" هذا الحديث دليل على أن المسلمين كانوا يتوسلون بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في حال حياته يطلبون الدعاء منه لنزول المطر، فلما انتقل إلى الرفيق الأعلى، لم يطلبوا منه الدعاء، بل طلبوا من العباس عمِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حي، فقام العباس يدعو لهم.

التوسل الممنوع

التوسل الممنوع التوسل الممنوع: هو الذي لا أصل له في الدين وهو على أنواع: 1 - التوسل بالأموات، وطلب الحاجات منهم، والاستعانة بهم، كما هو واقع اليوم، ويسمونه توسلًا، وليس كذلك، لأن التوسل هو الطلب من الله بواسطة مشروعة كالإِيمان والعمل الصالح وأسماء الله الحسنى، أما دعاء الأموات فهو إعراض عن الله، وهو من الشرك الأكبر، لقول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [الظالمين: المشركين] "سورة يونس: آيه 106" 2 - أما التوسل بجاه الرسول كقولك: (يارب بجاه محمد اشفني) ففيه نظر، لأن الصحابة لم يفعلوه، ولأن عمر الخليفة، توسل بالعباس حيًا بدعائه، ولم يتوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد موته عندما طلب نزول المطر، وأما حديث: (توسلوا بجاهي) لا أصل له، كما قال شيخ الإِسلام ابن تيمية، وهذا التوسل البدعي ليس بشرك وقد يؤدي للشرك، وذلك إذا اعتقد أن الله محتاج لواسطة، كالأمير والحاكم، لأنه شبه الخالق بالمخلوق. وقال ابو حنيفة: (أكره أن أسأل الله بغير الله). "كما في الدر المختار" 3 - وأما طلب الدعاء من الرسول بعد موته، كقولك: (يا رسول الله ادع لي) فغير جائز، لأن الصحابة لم يفعلوه، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات الإِنسان انقطع عمله إلا مِن ثلاث: صدقة جارية، أو عِلم يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له). "رواه مسلم"

{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}

{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} 1 - يأمرنا الله تعالى في هذه الآية أن ندعوه بأسمائه الحسنى، فإن أول واجب على العبد هو معرفة ربه ومولاه، وذلك بمعرفة أسمائه وصفاته التي وصف بها نفسه في كتابه أو وصفه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته من غير تحريف ولا تأويل، وكذلك من غير إدخال للعقل في تصور الكيفية أو محاولة التشبيه والتمثيل بالمخلوقات، فهو كما وصف نفسه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. "سورة الشورى: آية 11" 2 - القيام بحقوق كل اسم وصفة لله سبحانه بالتعبد له بهذه الأسماء والصفات، ودعائه بها وتأثر القلب بها، فأسماء الله العظيم المجيد المتكبر المتعال الأعلى ذو الجلال والإِكرام وأنه فوق عباده على العرش استوى، تملأ القلب تعظيمًا له وإجلالًا وخوفًا منه ورهبة، وأنه لا ملجأ منه إلا إليه، وأسماء الخبير السميع البصير العليم الشهيد تملأ القلب مراقبة لله في الحركات والسكنات، ومن أسمائه الرحمن الرحيمِ البَرُّ الكريم الجواد الرزاق تملأ القلب محبة له وشوقًا إليه وطمعًا في رزقه ورحمته وحمدًا له وشكرا. وكلما ازداد الإِنسان معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد عبودية لله قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا مَن أحصاها دخل الجنة). "رواه البخاري" [أحصاها: حفظها وقام بحقوقها] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أصاب عبدًا هَمٌّ ولا حزن فقال: "اللهم إني عبدُك، وابن عبدِك، وابن أَمَتِكَ، ناصِيَتي بيدك، ماض فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، اسألك بكل اسم هُوَ لك، سَمَّيتَ به نفسك، أو أنزلتَه في كتابك، أو علَّمته أحدًا مِن خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيعَ قلبي، ونورَ بصري، وجلاء حُزني، وذهاب هَمي" إلا أذهب الله هَمَّه وحزنه، وأبدله مكانه فرحًا". "صحيح رواه أحمد"

معنى لا إله إلا الله

معنى لا إله إلا الله (لا معبود بحق إلا الله) فيها نفي الإِلهية عن غير الله، وإثباتها لله وحده. 1 - قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ}. "سورة محمد: آية 19" فالعلم بمعناها والعمل بمقتضاها واجب ومقدم على سائر أركان الإِسلام. 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من قال لا إله إلا الله مخلصًا دخل الجنة". "صحيح رواه أحمد" والمخلص هو الذي يفهمها، ويعمل بها، ويدعو إليها قبل غيرها، لأن فيها التوحيد الذي خلق الله العالم لأجله. 3 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب حين حضره الموت، يا عَمُّ قل: "لا إله إلا الله، كلمة أُحاجُّ لك بها عند الله، وأبى أن يقول لا إله إلا الله". "رواه البخاري ومسلم" 4 - بقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة ثلاثة عشر عامًا، يدعو العرب قائلا: قولوا لا إله إلا الله، فقالوا إلهًا واحدًا ما سمعنا بهذا؟ لأن العرب فهموا معناها، وأن من قالها لا يدعو غير الله فتركوها ولم يقولوها، قال الله تعالى عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} "سورة الصافات: آية 35 - 37" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال لا إله إلا الله، وكفر بما يُعبَد مِن دون الله حَرُمَ ماله ودمه). "رواه مسلم" ومعنى الحديث: أن التلفظ بالشهادة يستلزم أن يكفر وينكر كل عبادة لغير الله، كدعاء الأموات وغيرهم. والغريب أن بعض المسلمين يقولونها بألسنتهم، ويخالفون معناها بأفعالهم ودعائهم لغير الله!! 5 - (لا إله إلا الله) أساس التوحيد والإِسلام، ومنهج كامل للحياة، يتحقق بتوجيه كل أنواع العبادة لله، وذلك إذا خضع المسلم لله، ودعاه وحده، واحتكم لشرعه دون غيره. 6 - قال ابن رجب: (الإِله) هو الذي يطاع ولا يُعصى هيبة له وإجلالًا، ومحبة وخوفًا ورجاء، وتوكلًا عليه، وسؤالًا منه، ودعاءً له، ولا يصلح هذا كله إلا لله -عَزَّ وَجَلَّ-، فمَن أشرك مخلوقًا في شيء مِن هذه الأمور التي هي من خصائص الإله، كان ذلك

قدحًا في إخلاصه في قوله: (لا إله إلا الله)، وكان فيه من عبودية المخلوق، بحسب ما فيه من ذلك. 7 - إن كلمة (لا إله إلا الله) تنفع قائلها إذا لم ينقضها بشرك فهي شبيهة بالوضوء الذي ينقضه الحدث. قال - صلى الله عليه وسلم -: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة). "حسن رواه الحاكم" 8 - إن كلمة التوحيد "لا إله إلا الله) يكون الدعاء بعدها مستجاب. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تعارَّ مِن الليل [أي استيقظ] فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. فإن دعا استُجيب له، وإن توضأ وصلَّى قُبلت صلاته". "رواه البخاري وغيره"

{إياك نعبد وإياك نستعين}

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (نخصك بالعبادة والدعاء والإستعانة وحدك) 1 - ذكر علماء العربية أن الله تعالى قدم المفعول به (إياك) على الفعل (نعبد ونستعين) ليخص العبادة والإِستعانة به وحده، ويحصرهما فيه دون سواه. 2 - إن هذه الآية التي يكررها المسلم عشرات المرات في الصلاة وخارجها، هي خلاصة سورة الفاتحة، وهي خلاصة القرآن كله 3 - إن العبادة في هذه الآية تعم العبادات كلها مثل الصلاة والنذر والذبح ولا سيما الدعاء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" فكما أن الصلاة عبادة لا تجوز لرسول ولا لولي فكذلك الدعاء عبادة، فهو لله وحده قال تعالى لرسوله: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا}. "سورة الجن: آية 20" 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنتَ سبحانك إني كنت مِن الظالمين لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له". "صححه الحاكم ووافقه الذهبي" وذو النون هو الرسول يونس -عليه السلام- الذي قص الله علينا خبره في القرآن الكريم حين قال: أ - {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}. "سورة الأنبياء: آية 87، 88" [نقدر عليه: نُضيِّق عليه في بطن الحوت، أو نقضي عليه] ب - وقال الله تعالى مخاطبًا نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم -: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}. [مكظوم: مغموم] [سورة القلم: آية 48 - 50]

استعن بالله وحده

استعن بالله وحده قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله". "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" 1 - يقول الإِمام النووي في تفسير هذا الحديث ما خلاصته: إذا طلبت الإِعانة على أمر من أمور الدنيا والآخرة فاستعن بالله، ولا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها غير الله، كشفاء المرض وطلب الرزق والهداية، فهيَ مما اختص الله بها وحده قال الله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ} "سورة الأنعام: آية 17" 2 - من أراد حجة فالقرآن يكفيه، ومن أراد مغيثًا فالله يكفيه، ومن أراد واعظًا فالموت يكفيه، ومن لم يكفه شيء من ذلك، فإن النار تكفيه، قال الله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ}. "سورة الزمر: آيه 36" قال ابن كثير: يعني أنه تعالى يكفي مَن عَبَدَهُ وتوكل عليه. "انظر التفسير 4/ 54" 3 - يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني في الفتح الرباني: "سلوا الله ولا تسألوا غيره، استعينوا بالله ولا تستعينوا بغيره، ويحك بأي وجه تلقاه غدًا، وأنت تنازعه في الدنيا، مُعرض عنه، مُقبل على خلقه، مُشرك به، تُنزل حوائجك بهم، وتتكل بالمهمات عليهم، ارفعوا الوسائط بينكم وبين الله فإن وقوفكم معها هَوَسْ، لا ملك ولا سلطان، ولا غنى، ولا عز إلا للحق -عَزَّ وَجَلَّ-، كن مع الحق، بلا خلق. [أي كن مع الله بدعائه وحده بلا واسطة من خلقه]. 4 - الإستعانة المشروعة؛ أن تستعين بالله على حل مشاكلك، وأن تأخذ بالتوسل المشروع الذي مرَّ ذكره. والإستعانة الشركية: أن تستعين بغير الله كالأنبياء والأولياء الأموات، أو الأحياء الغائبين، فهم لا يملكون نفعًا ولا ضرًا، ولا يسمعون الدعاء، ولو سمعوا ما استجابوا لنا، قال الله تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ}. سوره فاطر: آية 14" أما الاستعانة بالأحياء الحاضرين فيما يقدرون عليه من بناء مسجد أو أخذ مساعدة مالية، وغير ذلك، فهي جائزة لقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. "سورة المائدة: آية 2" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". "رواه مسلم"

الدعاء لا يحتاج إلى واسطة

الدعاء لا يحتاج إلى واسطة لو تتبع المسلم الآيات الموجودة في القرآن عن السؤال والجواب، لوجد أن الناس كانوا يسألون الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أمور، فيأتيه الوحي من السماء ليجيب عنها، ويبلغهم حكمها عن الله. من هذه الآيات -وما أكثرها- قول الله تعالى: 1 - {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ؟ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}. "سورة الأنفال: 1" 2 - {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ؟ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} "البقرة: 219" 3 - {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ؟ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} "البقرة 222" 4 - {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى؟ قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ}. "البقرة: 220" 5 - {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ؟ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}. "المائدة: 4" فهذه الآيات تدل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان واسطة بين الله وعباده في تبليغ الأحكام، أما الدعاء الذي ورد عنه السؤال للرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلم يسبق الجواب عنه بـ (قل)، بل كان عنه الجواب مباشرة من الله -عَزَّ وَجَلَّ-، قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي؟ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}. "البقرة: 186" فلم يسبق الجواب كلمة (فقل) إني قريب. فدلت هذه الآية على أن الدعاء لا يحتاج إلى واسطة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو غيره من الرسل والأولياء لأن الله تعالى قريب يسمع دعاء عبده فيجيبه.

الدعاء هو العبادة

الدعاء هو العبادة هذا الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي، يدل على أن الدعاء من أهم أنواع العبادة، فكما أن الصلاة لا تجوز أن تكون لرسول أو ولي، فكذلك لا يُدعى الرسول أو الولي من دون الله. 1 - إن المسلم الذي يقول: يا رسول الله أو يا رجال الغيب غوثًا ومددًا، هو دعاء وعبادة لغير الله، ولو كانت نيته أن الله هو المغيث، ومثله مثل رجل أشرك بالله -عَزَّ وَجَلَّ- وقال: أنا في نيتي أن الإِله واحد، فلا يُقبل منه هذا، لأن كلامه دل على خلاف نيته، فلا بُدَّ من مطابقة القول للنية والمعتقد، وإلا كان شركًا أو كفرًا لا يغفره الله إلا بتوبة. 2 - فإن قال هذا المسلم أنا في نيتي أن أتخذهم واسطة إلى الله، كالأمير الذي لا أستطيع أن أدخل عليه إلا بواسطة: أقول: هذا تشبيه الخالق بالمخلوق الظالم الذي لا يدخل عليه أحد إلا بواسطة، وهذا التشبيه من الكفريات. قال الله تعالى منزهًا ذاته وصفاته وأفعاله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. "سورة الشورى: آية 11" فتشبيه الله بمخلوق عادل كفر وشرك، فكيف إذا شبهه بإنسان ظالم؟ تعالى الله عما يقوله الظالمون علوًا كبيرًا. والأمير العادل لا يحتاج لواسطة، فكيف بأعدل الحاكمين؟ 3 - لقد كان المشركون في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتقدون أن الله هو الخالق والرازق، ولكنهم يدعون الأولياء الممثلين في الأصنام واسطة تقربهم إلى الله، فلم يرض الله منهم هذه الواسطة، بل كَفَّرهم وقال لهم: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}. "سورة الزمر: آية 3" والله تعالى سميع قريب لا يحتاج إلى واسطة. قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}. "سورة البقرة: آية 186" 4 - إن هؤلاء المشركين كانوا يدعون الله وحده عند المصائب والشدائد:

قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}. "سورة يونس: آية 22" ولكن المشركين كانوا يدعون أولياءهم الممثلة في الأصنام وقت الرخاء، فكفرهم القرآن ولم يرضَ منهم دعاءهم لله وحده وقت الشدائد، فما بال بعض المسلمين يدعون غير الله من الرسل والصالحين، ويستغيثون بهم، ويطلبون المعونة منهم وقت الشدائد والمحن ووقت الرخاء!! ألم يقرأوا قول الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}. "سورة الأحقاف: آية 5 - 6" 5 - يظن الكثير من الناس أن المشركين الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا يدعون أصنامًا من الحجارة وهذا خطأ، لأن الأصنام الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا في الأصل رجالًا صالحين: ذكر البخاري عنِ ابن عباس -رضي الله عنه- في قوله تعالى في سورة نوح: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}. "سورة نوح: آية 23" قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إلى قومهم، أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا، وسموها بأسمائه، ففعلوا ولم تُعبَد، حتى إذا هلك أولئك ونُسيَ العلم عُبدت. (أي الأصنام). 6 - قال الله تعالى منكرًا على الذين يدعون الأنبياء والأولياء والجن: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}."سورة الإسراء: آية 56 - 57" عن ابن مسعود قال: كان نفرٌ من الإِنس يعبدون نفرًا من الجن، فأسلم النفر من الجن، فاستمسك الآخرون بعبادتهم فنزلت: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}. "متفق عليه" قال الحافظ ابن حجر: استمر الإنس الذين كانوا يعبدون نفرًا من الجن على عبادة الجن،

والجن لا يرضون بذلك لكونهم أسلموا، وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة. وروى الطبري من وجه آخر عن ابن مسعود فزاد فيه: والإِنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم وهذا هو المعتمد في تفسير الآية. "انظر فتح الباري ج 8/ 397" والوسيلة: هي القربة، كما قال قتادة، ولهذا قال: {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}. "انظر تفسير ابن كثير" أقول: في هذه الآية رد على الذين يدعون غير ربهم من الأنبياء والأولياء ويتوسلون بهم، ولو توسلوا بإيمانهم بهم، وحبهم لهم -وهو من العمل الصالح- لكان حسنا، لأنه من التوسل المشروع. يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية ما خلاصته: نزلت هذه الآية في جماعة من الإِنس كانوا يعبدون الجن ويدعونهم من دون الله: فأسلم الجن وقيل نزلت في جماعة من الإِنس كانوا يدعون المسيح والملائكة. فهذه الآية تنكر على من يدعو غير الله ولو كان نبيًا أو وليا. 7 - يزعم البعض أن الاستغاثة بغير الله جائزة ويقولون: المغيث على الحقيقة هو الله، والإستغاثة بالرسول والأولياء تكون مجازًا كما تقول شفاني الدواء والطبيب، وهذا مردود عليهم في قول ابراهيم -عليه السلام-: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}. "سورة الشعراء: آية 80" أكد بالضمير (هو) في كل آية ليدل على أن الهادي والرازق والشافي هو الله وحده لا غيره، وأن الدواء قد يسبب الشفاء وليس شافيًا. 8 - الكثير من الناس لا يفرق بين الاستغاثة بحي أو بميت والله تعالى يقول: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ}. "سوره فاطر: آية 22" أما قوله تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}. "سورة القصص: آية 15" فهي حكاية عن رجل استغاث بموسى حيًا ليحميه من عدوه، وقد فعل ذلك. {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}. "سوره القصص: آية 15" وأما الميت فلا يستطيع الِإجابة لعدم قدرته على ذلك، قال تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} "سورة فاطر: آية 14"

(وهذا نص صريح أن دعاء الأموات شرك). وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}. "سورة النحل: آية 20 - 21" 9 - ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الناس يوم القيامة يأتون الأنبياء فيستشفعون بهم، حتى يأتوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فيستشفعوا به أن يُفرِّج عنهم، فيقول: أنا لها، ثم يسجد تحت العرش ويطلب من الله الفرج وتعجيل الحساب، وهذه الشفاعة طلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو حي يكلمه الناس ويكلمونه، أن يشفع لهم عند الله ويدعو لهم بالفَرَج، وهذا ما سيفعله - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي. 10 - وأكبر دليل على الفرق بين الطلب من الحي والميت هو ما فعله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما نزل بهم القحط، فطلب من العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو لهم، ولم يطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد انتقاله للرفيق الأعلى. 11 - يظن بعض أهل العلم أن التوسل كالإستغاثة مع أن الفرق بينهما كبير، فالتوسل هو الطلب من الله بواسطة فتقول مثلاَ: (اللهم بحبك وحبنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحبنا لأوليائك فرِّج عنا) فهذا جائز. أما الاستغاثة البدعية فهي الطلب من غير الله فتقول: (يا رسول الله فَرِّج عنا) وهذا غير جائز وهو شرك أكبر لقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. (أي المشركين) "سورة يونس: آية 106" وقال تعالى آمرًا نبيه أن يقول للناس: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا}. "سورة الجن: آية 21" {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا}. "سورة الجن: آية 20" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" وقال الشاعر: الله أسأل أن يُفرج كربنا ... فالكرب لا يمحوه إلا الله

أحاديث ضعيفة في التوسل

أحاديث ضعيفة في التوسل 1 - (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم). "لا أصل له في شيء من كتب الحديث" مع أن جاهه - صلى الله عليه وسلم - أعظم من جاه جميع الأنبياء، ولكنه لم يأمرنا بالتوسل بجاهه، بل علمنا أن نتوسل بحب الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهو من صفات الله وأن نتوسل بحبه - صلى الله عليه وسلم -، لأن حبه من العمل الصالح، فنقول: (اللهم بحبك لرسولك، وحبنا له فرج عنا) 2 - من خرج من بيته إلى الصلاة، فقال: (اللهم إني أسالك بحق السائلين عليك، وأسألك بحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشَرًا ولا بَطرًا ... أقبل الله عليه بوجهه). "رواه أحمد وإسناده ضَعيف لأنه من رواية عطية العوفي، وهو ضعيف كما قال النووي والذهبي" 3 - قصة خلاصتها: أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في حاجة له، فكان عثمان لا يلتفت إليه، فشكا الرجل إلى عثمان بن حنيف، فعلمه دعاء الأعمى الذي علمه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -. . .) "القصة ضعيفة والحديث صحيح وسيأتي" فقرأه، ثم ذهب إلى عثمان فقضى حاجته، بعد أن رده أول مرة ... إلى آخر القصة. وهذه القصة ضعيفة منكرة لأمور ثلاثة: 1 - ضعف حفظ المتفرد بها. 2 - والإختلاف عليه فيها. 3 - ومخالفته للثقات الذين لم يذكروها في الحديث، وأمرٌ واحد كاف لإسقاط هذه القصة فكيف بها مجتمعة؛ هذا وفي القصة جملة إذا تأمل فيها العاقل العارف بفضائل الصحابة وجدها من الأدلة على نكارة القصة وضعفها، وهي أن الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- كان لا ينظر في حاجة الرجل ولا يلتفت إليه، فكيف يتفق هذا مع ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الملائكة تستحي مِن عثمان، ومع ما عرف به من رفقه بالناس، وبِره بهم، ولينه معهم؟ هذا كله يجعلنا نستبعد وقوع ذلك منه، لأنه ظلم يتنافى مع شمائله -رضي الله عنه- وأرضاه. "انظر كتاب التوسل للشيخ الألباني ص 88، 91" 4 - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح بصعاليك المهاجرين. "مرسل ضعيف عند المحدثين" 5 - (لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب بحق محمد إلا غفرت لي، فقال يا آدم: وكيف عرفت محمدًا ولم أخلقه؟ قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت فيَّ من روحك رفعتُ

رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبًا لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال: (غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك). "قال الذهبى حديث موضوع" وهذا الحديث الموضوع يخالف القرآن في موضعين: أ - ذكر الله سبحانه وتعالى أنه قبل توبة آدم وحواء بسبب قولهما: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} "الأعراف 23" ب - أن الله تعالى قال عن سبب خلق آدم وغيره من الإِنس والجن: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. "سوره الذاريات 56"

شبهات حول التوسل

شبهات حول التوسل الشبهة الأولى يحتجون على جواز التوسل بجاه الأشخاص وحرمتهم وحقهم بحديث أنس: (أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال فيُسقَون). "رواه البخاري" فيفهمون مِن هذا الحديث أن توسل عمر -رضي الله عنه- إنما كان بجاه العباس -رضي الله عنه-، ومكانه عند الله سبحانه، وأن توسله كان مجرد ذكر منه للعباس في دعائه، وطَلَبٍ منه لله أن يسقيهم من أجله، وقد أقره الصحابة على ذلك، فأفاد بزعمهم ما يدعون. وأما سبب عدول عمر -رضي الله عنه- عن التوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - بزعمهم- وتوسله بالعباس، فإنما كان لبيان جواز التوسل بالمفضول، مع وجود الفاضل لا غير، وفهمهم هذا خاطىء، وتفسيرهم هذا مردود من وجوه كثيرة أهمها: 1 - أن عمر -رضي الله عنه- صرح بأنهم كانوا يتوسلون بنبينا - صلى الله عليه وسلم - في حياته، وأنه في هذه الحادثة توسل بعمه العباس، ومما لا شك فيه أن التوسلين من نوع واحد: توسلهم بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتوسلهم بالعباس، وإذ تبين للقارىء أن توسلهم به - صلى الله عليه وسلم - إنما كان توسلًا بدعائه - صلى الله عليه وسلم -، فتكون النتيجة أن توسلهم بالعباس إنما هو توسل بدعائه أيضًا، بضرورة أن التوسلين من نوع واحد. 2 - أن طريقة توسل الأصحاب الكرام بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كانت إذا رغبوا في قضاء حاجة، أو كشف نازلة أن يذهبوا إليه - صلى الله عليه وسلم -، ويطلبوا منه مباشرة أن يدعو لهم ربه، أي أنهم كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - ليس غير. ويرشد إلى ذلك قوله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}. "سورة النساء: آية 64" 3 - فهذه الاحاديث وأمثالها مما وقع في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وزمن أصحابه الكرام رضوان الله عليهم تُبين بما لا يقبل الجدال أو المماراة أن التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو بالصالحين الذي كان عليه السلف الصالح هو مجيء المتوسِّل إلى المتوسَّل به وعرضه حاله له، وطلبه منه أن يدعوا له الله سبحانه، ليحقق طلبه، فيستجيب هذا له، ويستجيب من ثم الله

الشبهة الثانية

سبحانه وتعالى دعاءه. 4 - لو كان توسل عمر -رضي الله عنه- إنما هو بذات العباس أو جاهه عند الله تعالى، لما ترك التوسل به - صلى الله عليه وسلم - بهذا المعنى، لأن هذا ممكن لو كان مشروعًا، فعدول عمر عن هذا إلى التوسل بدعاء العباس -رضي الله عنه- أكبر دليل أن عمر والصحابة الذين كانوا معه كانوا لا يرون التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا جرى عمل السلف من بعدهم، كما جرى في توسل معاوية بن أبي سفيان، والضحاك بن قيس، ويزيد بن الأسود الجرشي، وفيهما بيان دعائه بصراحة وجلاء. الشبهة الثانية بحديث عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أُدعُ الله أن يعافيني. قال: "إن شئتَ دعوتُ لك، وإن شئتَ أخرتُ ذاك، فهو خير. "وفي رواية: وإن شئت صبرت فهو خيرٌ لك"، فقال: ادعه. فأمره أن يتوضأ، فيُحسِن وضوءه، فيصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء. اللهم إني أسألك، وأتوجَّه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهتُ بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقْضى لي، اللهم فشَفعه فيَّ [وشَفعني فيه]). قال ففعل الرجل فبرأ. "أخرجه في المسند (4/ 138)، ورواه الترمذي انظر التوسل وأنواعه وأحكامه ص 75" "وهو حديث صحيح" يرى المخالفون أن هذا الحديث يدل على جواز التوسل في الدعاء بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره من الصالحين، إذ فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -علَّم الأعمى أن يتوسل به في دعائه، وقد فعل الأعمى ذلك فعاد بصيرًا. والجواب: 1 - أن الأعمى إنما جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدعو له، وذلك قوله: أُدعُ الله أن يعافيني، فهو قد توسل إلى الله بدعائه - صلى الله عليه وسلم -، لأنه يعلم أن دعاءه - صلى الله عليه وسلم - أرجى للقبول عند الله بخلاف دعاء غيره، ولو قصد الأعمى التوسل بذات النبي - صلى الله عليه وسلم -، أوجاهه أوحقه لما كان ثمة حاجة إلى أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويطلب منه الدعاء له، بل كان يقعد في بيته، ويدعو ربه بأن يقول مثلًا: "اللهم إني أسألك بجاه نبيك ومنزلته عندك أن تشفيني، وتجعلني بصيرًا) ولكنه لم يفعل لماذا؟ لأنه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم، ويعرف أنه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة، ويذكر فيه اسم المتوسَّل به، بل لا بد أن يشتمل على المجيء إلى مَن يعتقد فيه الصلاح والعلم بالكتاب والسنة وطلب الدعاء منه.

2 - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعده بالدعاء مع نصحه ببيان ما هو الأفضل له، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئتَ دعوتُ، وإن شئت صبرتَ فهو خيرٌ لك". وهذا الأمر الثاني هو ما أشار إليه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه -أي عينيه- فصبر عوضته منهما الجنة". "رواه البخاري" 3 - إصرار الأعمى على الدعاء وهو قوله: (اُدعه) فهذا يقتضي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعا له، لأنه - صلى الله عليه وسلم - خيرٌ مَن وفى بما وعد، وقد وعده بالدعاء له إن شاء كما سبق، فقد شاء الدعاء، وأصرَّ عليه، فإذن لابُدَّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا له فثبت المراد. 4 - وقد وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - الأعمى إلى النوع الثاني من التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، ليجمع له الخير من أطرافه، فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين، ثم يدعو لنفسه. 5 - أن في الدعاء الذي علمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: (اللهم فشفِّعْه فيَّ) وهذا يستحيل حمله على التوسل بذاته، أوجاهه، إذ المعنى: اللهم اقبل شفاعته - صلى الله عليه وسلم - فيَّ، أي اقبل دعاءه في أن ترد بصري عليَّ. والشفاعة لغة الدعاء، وهو المراد بالشفاَعة الثابتة له - صلى الله عليه وسلم - ولغيره من الأنبياء والصالحين يوم القيامة، وهذا يبين أن الشفاعة أخص منِ الدعاء، إذ لا تكون إلا إذا كان هناك اثنان يطلبان أمرًا، فيكون أحدهما شفيعًا للآخر، بخلاف الطالب الواحد الذي لم يشفع غيره. فثبت بهذا الوجه أن توسل الأعمى، إنما كان بدعائه - صلى الله عليه وسلم - لا بذاته. 6 - إن مما علَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - الأعمى أن يقوله: (وشفِّعني فيه) (¬1) أي اقبل شفاعتي، أي دعائي في أن تقبل شفاعته - صلى الله عليه وسلم - أي دعاءه في أن تَرُدَّ عليَّ بصري. هذا لا يمكن أن يُفهم سواه. ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها، ولا يتعرضون لها من قريب ولا من بعيد، لأنها تنسف بنيانهم من القواعد، وتجتثه من الجذور، ذلك أن شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأعمى مفهومة، ولكن شفاعة الأعمى في الرسول - صلى الله عليه وسلم - كيف تكون؟ ¬

_ (¬1) هذه الجملة صحت في الحديث، أخرجها أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وهي وحدها حجة قاطعة على أن حمل الحديث على التوسل بالذات باطل، كما ذهب إليه بعض المؤلفين حديثًا، والظاهر أنهم علموا ذلك، ولهذا لم يوردوا هذه الجملة مطلقًا، الأمر الذي يدل على مبلغ أمانتهم في النقل، وقريب من هذا أنهم أوردوا الجملة. التي قبلها: (اللهم فشفعه في) من الأدلة على التوسل بالذات، وأما توضيح دلالتها فمما لم يتفضلوا به على القراء، ذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

لا جواب ذلك عندهم البتة. ومما يدل على شعورهم بأن هذه الجملة تبطل تأويلاتهم أنك لا ترى واحدًا منهم يستعملها، فيقول في دعائه مثلًا: اللهم شفِّع فيَّ نبيك، وشَفِّعني فيه. 7 - إن هذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه المستجاب، وما أظهره الله ببركة دعائه من الخوارق والإِبراء من العاهات، فإنه بدعائه - صلى الله عليه وسلم - لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره، ولذلك رواه المصنفون في دلائل النبوة كالبيهقي وغيره، فهذا يدل على أن السرَّ في شفاء الأعمى إنما هو في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويؤيده أنَّه ليس كل من دعا به من العميان قد عُوفي، بل على الأقل لعوفي واحد منهم، هذا ما لم يكن، ولعله لا يكون أبدًا. كما أنه لو كان السر في شفاء الأعمى أنه توسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقدره، وحقه، كما يفهم عامة المتأخرين، لكان من المفروض أن يحصل هذا الشفاء لغيره من العميان الذين يتوسلون بجاهه - صلى الله عليه وسلم -، بل ويضمون إليه أحيانًا جاه جميع الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين. "انظر كتاب (التوسل) للشيخ الألباني"

التوسل بالأحياء لا بالأموات

التوسل بالأحياء لا بالأموات 1 - هناك أحاديث ضعيفة في التوسل يستشهد بها الذين يجيزون التوسل بكل أنواعه، ويتركون الأحاديث الصحيحة في التوسل بأسماء الله وصفاته، والتوسل بأعمال الإنسان الصالحة، والتوسل بطلب الدعاء من الأحياء الصالحين، أو يتأولونها على غير وجهها والمراد منها، كما يتأولون طلب عمر بن الخطاب من العباس أن يدعو لهم بنزول المطر، ولم يطلب من الرسول بعد وفاته، فقالوا: هذا يدل على جواز الطلب من المفضول مع وجود الفاضل، وهذا خطأ كبير. 2 - ولو كان طلب الدعاء من الميت جائزًا لفعله الصحابة ولو مرة واحدة، ولا سيما مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أفضل الخلق، ولكنهم لم يفعلوا، لأنهم عرفوا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع طلبهم، حتى السلام عليه - صلى الله عليه وسلم - لا يسمعه إلا بواسطة الملائكة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله ملائكة سيَّاحين في الأرض يُبلغوني عن أُمتي السلام" "صححه الحاكم ووافقه الذهبي" وعرف الصحابة رضوان الله عليهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يستطيع أن يدعو لهم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإِنسان انقطع عمله إلا مِن ثلاث: صدقة جارية، أو عِلم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له". "رواه مسلم" والرسول - صلى الله عليه وسلم - داخل في هذا الحديث لأن الله تعالى يقول: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}. "سورة الزمر: 30" 3 - ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأنبياء تبقى أجسامهم لا تبلى كغيرهم من الأموات، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حَرَّمَ على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" "صحيح رواه أبو داود" وحياته - صلى الله عليه وسلم - في قبره حياة برزخية، تُرَدُّ إليه روحه حين تُبلغه الملائكة السلام. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِن أحد يُسلم عليَّ إلا رَدَّ الله علي روحي حتى أرُدُّ -عليه السلام-". "رواه أبو داود وحسن إسناده الشيخ الألباني في المشكاة" مفهوم الحديث: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع السلام عليه، ولا يَرُدُّ عليه، إلا بعد رَدِّ روحه عليه، وهي خاصة به - صلى الله عليه وسلم -. وحياته - صلى الله عليه وسلم - في قبره، ليست كحياتنا، ولو كان كذلك لما ترك الصحابة الصلاة خلفه، ولرجعوا إليه فيما اختلفوا فيه، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، بل رجعوا إلى كتاب ربهم، وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -.

خلاصة البحث

خلاصة البحث 1 - إذا تبين للقارىء الكريم ما أوردناه من الوجوه الدالة على أن حديث الأعمى إنما يدور حول التوسل بدعائه - صلى الله عليه وسلم - وأنه لا علاقة له بالتوسل بالذات، فحينئذ يتبين له أن قول الأعمى في دعائه: - (اللهم إني أسالك وأتوجَّه إليك بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -) إنما المراد به أتوسل إليك بدعاء نبيك، أي على حذف المضاف، وهذا أمر معروف في اللغة كقول الله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا}. "سورة يوسف آية 82" [أي أهل القرية وأصحاب العير، ونحن ومخالفونا متفقون على ذلك، أي على تقدير مضاف محذوف، وهو مثل ما رأينا في دعاء عمر -رضي الله عنه- توسله بالعباس، فإما أن يكون التقدير: إِني أتوجه إليك بـ[جاه] نبيك، يا محمد إني توجهت بـ[ذاتك] أو [مكانتك] إلى ربي كما يزعمون. وإما أن يكون التقدير إني أتوجه إليك بـ[دعاء] نبيك، يا محمد إني توجهت [بدعائك] إلى ربي كما هو قولنا. ولا بد لترجيح أحد التقديرين من دليل يدل عليه: فأما تقديرهم [بجاه] فليس لهم عليه دليل لا من هذا الحديث ولا من غيره، إذ ليس في سياق الكلام، ولا سياقه تصريح، أو إشارة لذكر الجاه، أو ما يدل عليه إطلاقًا، كما أنه ليس عندهم شيء من القرآن أو السنة أو فعل الصحابة يدل على التوسل بالجاه، فبقي تقديرهم من غير مرجح، فسقط من الإعتبار والحمد لله. أما تقديرنا فيقوم عليه أدلة كثيرة تقدمت في الوجوه السابقة. "انظر كتاب التوسل أنواعه وأحكامه للشيخ الألباني"

التوسل بالرسول ثلاثة أقسام

التوسل بالرسول ثلاثة أقسام القسم الأول: أن يتوسل بالإِيمان به، واتباعه، وهذا جائز في حياته وبعد مماته. القسم الثاني: أن يتوسل بدعائه، أي بأن يطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له، فهذا جائز في حياته لا بعد مماته لأنه بعد مماته متعذر. القسم الثالث: أن يتوسل بجاهه ومنزلته عند الله، فهذا لا يجوز في حياته ولا بعد مماته لأنه ليس وسيلة إذ أنه لا يوصل الإِنسان إلى مقصوده لأنه ليس من عمله. فإذا قال قائل: جئت إلى الرسول- عليه الصلاة والسلام- عند قبره، وسألته أن يستغفر لي، أو أن يشفع لي عند الله فهل يجوز ذلك أم لا؟ قلنا لا يجوز، فإذا قال: أليس الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}؟. "سورة النساء الآية 64" قلنا له: بلى، إن الله يقول ذلك، ولكن يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا}. وإذ هذه ظرف لما مضى وليست ظرفًا للمستقبل لم يقل الله {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا}. بل قال: {إِذْ ظَلَمُوا} فالآية تتحدث عن أمر وقع في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واستغفار الرسول- صلى الله عليه وسلم -. بعد مماته أمر متعذر لأنه إذا مات الإِنسان انقطع عمله إلا من ثلاث كما قال الرسول- صلى الله عليه وسلم - "صدقة جارية، أو عَلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". "رواه مسلم" فلا يمكن لإِنسان بعد موته أن يستغفر لأحد، بل ولا يستغفر لنفسه أيضًا لأن العمل قد انقطع. فتاوى الشيخ ابن عثيمين 1/ 89

دفع توهم

دفع توهم هذا ولا بد من بيان ناحية هامة تتعلق بهذا الموضوع، وهي أننا حينما ننفي التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاه غيره من الأنبياء والصالحين فليس ذلك لأننا ننكر أن يكون لهم جاه، أو قدر أو مكانة عند الله، كما أنه ليس ذلك لأننا نبغضهم، وننكر قدرهم، ومنزلتهم عند الله، ولا تشعر أفئدتنا بمحبتهم، كما افترى علينا الدكتور البوطي في كتابه. (فقه السيرة ص 354) فقال ما نصه: "فقد ضل أقوام لم تشعر أفئدتهم بمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وراحوا يستنكرون التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته .. ". كلا ثم كلا، فنحن ولله الحمد من أشد الناس تقديرًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأكثرهم حُبًا له، واعترافًا بفضله - صلى الله عليه وسلم -، وإن دلَّ هذا الكلام على شيء فإنما يدل على الحقد الأعمى الذي يملأ قلوب أعداء الدعوة السلفية على هذه الدعوة وعلى أصحابها، حتى يحملهم على أن يركبوا هذا المركب الخطر الصعب، ويقترفوا هذه الجريمة البشعة النكراء، ويأكلوا لحوم إخوانهم المسلمين، ويكفرونهم دونما دليل، اللهم إلا الظن الذي هو أكذب الحديث، كما قال النبي الأكرم - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث). "متفق عليه" ولا أدري كيف سمح هذا المؤلف الظالم لنفسه أن يصدر مثل هذا الحكم الذي لا يستطيع إصداره إلا الله -عَزَّ وَجَلَّ-، المطلع وحده على خفايا القلوب ومكنونات الصدور، ولا تخفى عليه خافية. أتراه لا يعلم جزاء من يفعل ذلك، أم أنه يعلم، ولكنه أعماه الحقد الأسود والتحامل الدفين على دعاة السنة؟ أي الأمرين كان فإننا نذكره بهذين الحديثين الشريفين لعله ينزجر عن غَيِّه، ويفيق من غفلته، ويتوب من فعلته. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما رجل أكفرَ رجلاً مسلمًا فإن كان كافر وإلا كان هو الكافر". "متفق عليه" وقال - عليه أفضل الصلاة والسلام -: (إن من أربى الربى الإستطالة في عرض المسلم بغير حق) "رواه أحمد وأبو داود وإسناده صحيح" كما نقول له أخيرًا: ترى هل دريت يا هذا بأنك حينما تقول ذاك الكلام فإنك ترد على سلف هذه الأُمة الصالح، وتُكفر أئمتها المجتهدين ممن لا يجيز التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره بعد وفاتهم كالإِمام أبي حنيفة وأصحابه -رحمهم الله تعالى-، وقد قال أبو حنيفة:

"أكره أن يُتوسل إلى الله إلا بالله" كما تقدم. فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ونعود لنقول: إن كل مخلص منصف ليعلم علم اليقين بأننا والحمد لله من أشد الناس حُبًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أعرفهم بقدره وحقه وفضله - صلى الله عليه وسلم -، وبأنه أفضل النبيين، وسيد المرسلين، وخاتمهم وخيرهم، وصاحب اللواء المحمود، والحوض المورود، والشفاعة العظمى، والوسيلة والفضيلة، والمعجزات الباهرات، وبأن الله تعالى نسخ بدينه كل دين، وأنزل عليه سبعًا من المثاني والقرآن العظيم، وجعل أُمته خير أُمة أخرجت للناس. إلى آخر ما هنالك من فضائله - صلى الله عليه وسلم - ومناقبه التي تبين قدره العظيم، وجاهه المنيف صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا. أقول: إننا -والحمد لله- من أول الناس اعترافًا بذلك كله، وإن منزلته - صلى الله عليه وسلم - عندنا محفوظة أكثر بكثير مما هي محفوظة لدى الآخرين، الذين يدعون محبته، ويتظاهرون بمعرفة قدره، لأن العبرة في ذلك كله إنما هي في الِإتباع له - صلى الله عليه وسلم -، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، كما قال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} "سورة آل عمران: آية 31" ونحن بفضل من الله من أحرص الناس على طاعة الله -عَزَّ وَجَلَّ-، واتباع نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهما أصدق الأدلة على المودة والمحبة الخالصة بخلاف الغلو في التعظيم، والإِفراط في الوصف اللذين نهى الله عنهما، فقال سبحانه: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ}. "سورة النساء: آية 17" كما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنهما فقال: (لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله). "رواه البخاري، والترمذي في الشمائل" ومن الجدير بالذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل من الغلُو في الدين أن يختار الحاج إذا أراد رمي الجمرات بمنى الحصوات الكبيرة وأمر أن تكون مثل حصى الخذف. فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة العقبة: "هاتِ ألْقط لي. قال فلقطت له نحو حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال: مثل هؤلاء -ثلاث مرات- وإياكم والغلُو في الدين، فإنما هلك مَن كان قبلكم بالغلُو في الدين" "صحيح رواه أحمد وغيره" ذلك لأنه يعدُّ مسألة رمي الجمار مسألة رمزية الغرض منها نبذ الشيطان ومحاربته، وليس

حقيقة يراد بها قتله وإماتته، فعلى المسلم تحقيق الأمر، ومنابذة الشيطان عدو الإِنسان اللدود بالعداء ليس غير، ومع هذا التحذير الشديد من الغلو في الدين، وقع المسلمون فيه مع الأسف، واتبعوا سنن أهل الكتاب، فقال قائلهم: دَعْ ما ادعَتْه النصارى في نبيهمِ ... واحكم بما شئت مدحًا فيه واحتكِم فهذا الشاعر الذي يعظمه كثير من المسلمين، ويترنمون بقصيدته هذه المشهورة بالبردة. ويتبركون بها، وينشدونها في الموالد وبعض مجالس الوعظ والعلم، ويعُدون ذلك قربة إلى الله تبارك وتعالى، ودليلًا على محبتهم نبيهم - صلى الله عليه وسلم -. أقول: هذا الشاعر قد ظن أن النهي الوارد في (حديث الإِطراء) منصبًا فقط على الإدعاء بأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ابن الله، فنهى عن هذه القولة، ودعا إلى القول بأي شيء آخر مهما كان. وهذا غلط بالغ وضلال مبين، وذلك لأن للإِطراء المنهي عنه في الحديث معنيين اثنين أولهما مطلق المدح، وثانيهما المدح المجاوز للحد. وعلى هذا فيمكن أن يكون المراد من الحديث النهي عن مدحه - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا، من باب سد الذريعة، والإكتفاء باصطفاء الله تعالى له نبيًا ورسولًا، وحبيبًا وخليلًا، وبما أثنى سبحانه عليه في قوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}. "سورة القلم آية 4" إذ ماذا يمكن للبشر أن يقولوا فيه بعد قول الله تبارك وتعالى هذا؟ وما قيمة أي كلام يقولونه أمام شهادة الله تعالى هذه؟ وإن أعظم مدح له - صلى الله عليه وسلم - أن نقول فيه ما قال لربنا عز وجل: إنه عبدُ له ورسول، فتلك أكبر تزكية له - صلى الله عليه وسلم -، وليس فيها إفراط ولا تفريط، ولا غلُو ولا تقصير، وقد وصفه ربنا سبحانه وهو في أعلى درجاته، وأرفع تكريم من الله تعالى له، وذلك حينما أسرى وعرج به إلى السموات العُلى، حيث أراه من آيات ربه الكبرى، وصفه حينذاك بالعبودية فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}. "سورة الإسراء آية 1" ويمكن أن يكون المراد: لا تبالغوا في مدحي، فتصفوني بأكثر مما استحقه، وتصبغوا عليَّ بعض خصائص الله تبارك وتعالى. ولعل الأرجح في الحديث المعنى الأول لأمرين اثنين: أولهما تمام الحديث، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فقولوا عبد الله ورسوله) أي اكتفوا بما وصفني به الله -عَزَّ وَجَلَّ- من اختياري عبدًا له ورسولًا، وثانيهما ما عقد بعض أئمة الحديث له من الترجمة، فأورده الإِمام الترمذي

مثلًا تحت عنوان: "باب تواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - "، فحملُ الحديث على النهي عن المدح المطلق هو الذي ينسجم مع معنى التواضع ويأتلف معه. "انظر كتاب التوسل أنواعه وأحكامه لفضيلة الشيخ الألباني" أقول: لعل الذي رجحه فضيلة الشيخ ناصر من عدم مدحه - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا هو المرجوح لأسباب، منها: 1 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سمع من أصحابه، كحسان شاعر النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره مدحًا فأقره، ولم ينكر المديح من أصحابه. 2 - أن فضيلة الشيخ ذكر في كتابه "التوسل" أوصافًا كثيرة فيها مدح للرسول - صلى الله عليه وسلم -كما في الصفحة 86 من الكتاب المذكور، وكذلك في الصفحة 88، وقد مرت قبل قليل حيث قال فيها: " .. إلى آخر ما هنالك من فضائله - صلى الله عليه وسلم -، ومناقبه، وجاهه المنيف ... " 3 - أن المراد بالإِطراء الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم". أي لا تبالغوا في مدحي، كما بالغت النصارى في مدح عيسى -عليه السلام- حينما قالوا: هو ابن الله!، بل قولوا: عبد الله ورسوله.

لا تدعوا مع الله أحدا

لا تدعوا مع الله أحدا قولوا لمن يدعو سوى الرحمنِ ... مُتخشعًا في ذلة العبدان يا داعيًا غير الِإله ألا اتئِد ... إن الدعاء عبادة الرحمن أنسيت أنك عبده وفقيره ... ودعاؤه قد جاء في القرآن الله أقرَب مَن دعوتَ لِكُربة ... وهو المجيب بلا توسط ثان هل جاء دعوة غيره في سنة؟ ... أم أنت فيه تابع الشيطان؟ إن كنت فيما تدعيه على هدى ... فلتأتنا بسواطع البرهان والله ما دعت الصحابة غيره ... يتقربون به كذِي الأوثان لكن هذا الفعل كان لديهمو ... شركًا، وفروا منه للإِيمان ليس التوسل والتقرب بالهوى ... بل بالتُّقى والبر والإِحسان هذا كتاب الله يفصل بيننا ... هل جاء فيه توسلوا بفلان؟ إن التوسل في الكتاب لواضح ... وإذا فطنت فإنه نوعان (¬1) الشيخ عبد الظاهر أبو السمح -رحمه الله- مدير دار الحديث بمكة المكرمة إلَهي أنت المغيث وحدك يا مَن يرى ما في الضمير ويَسمَع ... أنت المعَدُّ لِكل ما يُتوقع يا مَن يُرجى للشدائد كلها ... يا من إليه المشتكى والمفزع مالي سوى فقري إليك وسيلة ... فبالإفتقار إليك فقري أدفع مالي سوى قرعي لبابك حِيلة ... فلئِن رُدِدتُّ فأيَّ باب أقرع ومَن الذي أدعو وأهتِف باسمه ... إن كان فضلك عن فقيرك يُمنع حاشا لجودك أن تُقَنِّطَ عاصيًا ... الفضل أجزل والمواهب أوسع ثم الصلاة على النبي وآله ... (مَن جاء بالقرآن نورًا يسطع) ¬

_ (¬1) توسل المؤمنين بطاعة الله وأسمائه والعمل الصالح. وتوسل المشركين بدعائهم لأوليائهم الممثلة في الأصنام.

(3) أخطاء شائعة يجب تصحيحها على ضوء الكتاب والسنة

(3) أخطاء شائعة يجب تصحيحها على ضوء الكتاب والسنة

موجز أخطاء شائعة * أخطاء من الشرك والكفر. * أخطاء من الكفر. * أخطاء من الشرك الأصغر. * أخطاء في حق الله تعالى. *أخطاء تتعلق بعلم الغيب. * أخطاء في حق الإِسلام. * أخطاء في معنى الإله. * أخطاء في حق العبادات. * أخطاء في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -. * أخطاء في التحليل والتحريم. * أخطاء في حق المسلم. * أخطاء في حق غير المسلم. * أخطاء في أحوال المسلمين عامة. * أخطاء في عادات الناس.

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فقد انتشرت بين الناس أمراض خطيرة، أشد خطرًا من أمراض الأوبئة والأجسام، ألا وهي الأخطاء الشائعة التي فشت بين الناس، بسبب الجهل، وحسبها كثير من الأُمة هيِّنة، وهي عند الله عظيمة، لأنها تحتوي على الشرك الأكبر والأصغر، والكفر، وغيرها من الأمور المهمة التي سببت للمسلمين الذل في الدنيا، وسببت لبعضهم الخسران في الآخرة. قال الله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}. "سورة النور 15" وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ العبد ليتكلَّمُ بالكلمة ما يتبيَّنُ فيها، يَزلُّ بها في النار أبعد ما بين المشرِقِ والمغرب). "متفق عليه" وعملًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن رأى منكم منكرًا فلْيُغَيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإِيمان). "رواه مسلم" فإني أعرض لإخواني المسلمين بعض هذه الأخطاء وطريقة إصلاحها، ليرجع عنها من وقع فيها، ويتوبوا إلى ربهم، ليتحقق لهم النصر في الدنيا ودخول الجنة في الآخرة. والله أسأل أن ينفع بها المسلمين ويجعلها خالصة لوجهه الكريم. محمد بن جميل زينو

أخطاء من الشرك الأكبر

أخطاء مِن الشرك الأكبر 1 - الخطأ: (يا رسول الله، يا جاه النبي، يا بدوي، أغثني، اشفني، المدد يا حسين، يا جيلاني). وغيرها من الأدعية الشركية. فهذا دعاء لغير الله تعالى، وهو من الشرك الأكبر الذي نهى الله عنه بقوله: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [الظالمين: المشركين] "يونس 106" وذلك لأن هؤلاء المدعوين لا يملكون النفع ولا الضر لا لأنفسهم ولا لغيرهم، لا في الرخاء، ولا في الشدة؛ بل هم عن دعاء هؤلاء غافلون كما قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}. "الأحقاف 5، 6" وقال الله تعالى على لسان ابراهيم: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}. "النمل 62" وقال الله تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}. "سورة الشعراء 80" الصواب: (يا حَيُّ يا قَيُوم برحمتك أستغيثُ، اشفني). وغير ذلك من الأدعية الخالصة لله تعالى، لأن الشافي والمغيث هو الله وحده. ومن دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أ - "اللهِم رَب الناس أذهب البأس اشِفِ أنتَ الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يُغادِرُ سَقمًا" "متفق عليه" ب - وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "دعوة ذى النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: {لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له" "صحيح رواه أحمد وغيره" 2 - الخطأ: (لا حول لله) فيها نفي القدرة عن الله تعالى وهو من الكفر. الصواب: (لا حول إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله) فيها إثبات القدرة والقوة لله تعالى وحده. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة). "صحيح رواه أحمد"

3 - الخطأ: (الله موجود في كل مكان، الله في قلبي). هذا القول يوجب تعدد ذات الله (أو حلوله) ووجوده في أماكن نجسة وقذرة كالحمامات وغيرها، وهي مكان. الصواب: (الله على السماء وفوق العرش، والله معنا في كل مكان بعلمه يسمع ويرى). كما قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلى السَّمَاءِ}. "البقرة: 29" أي علا وارتفع كما جاء في البخاري "كتاب التوحيد ج 18/ 175" وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تأمنوني وأنا أمين مَن في السماء". "متفق عليه" [مَن في السماء: أي على السماء أراد به الله تعالى]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي فهو مكتوب عنده فوق العرش). "رواه البخاري" 4 - الخطأ: (خلق الله الدنيا لأجل محمد - صلى الله عليه وسلم -) وهذا مخالف لصريح القرآن. فقد خلق الدنيا قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - وخلقها (ومحمدًا) لعبادته وحده لا شريك له. ومحمد - صلى الله عليه وسلم - بشر كسائر الناس إلا أنه يوحى إليه. قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} الآية. "الكهف 110" الصواب: (خلق الله الدنيا وما فيها لعبادته). قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. "الذاريات 56" 5 - الخطأ: (خلق الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مِن نور، ومن نوره خلقت الأشياء) وهذا كذب وافتراء على الوحي، فقد جاء الكتاب والسنة والواقع بخلاف ذلك. أما الكتاب فقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}. الآية. "الكهف 110" فقوله مثلكم: أي مثل سائر الناس في الخلق من طين والمرض والهرم والأكل والشرب والفرح والحزن وغير ذلك. وأما السنة فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بَشرٌ أنسى كما تَنسَون). "حديث صحيح أخرجه أحمد" وأما الواقع: فقد اتصف - صلى الله عليه وسلم - بسائر صفات البشر بغير ميزة عنهم في طبائعهم وأفعالهم الفطرية إلا ما اختصه الله تعالى بالوحي وبالمعجزات المؤيدة لدعوته.

وهل يقول عاقل: إن الله خلق الحية والعقرب وغيرهما التي أمرنا الإِسلام بقتلها - من نور محمد؟ الصواب: (محمد - صلى الله عليه وسلم - بشرٌ ولدَ من أبوين أكرمه الله بالوحي، ولم تُخلق مِن نوره الأشياء). 6 - الخطأ: (مُطِرْنا بنوء كذا وكذا) وهو كفرٌ أكبر إذا اعتقد أن المطر ينزل بواسطة النجوم والكواكب، ففي الحديث القدسي: (أصبح مِن عبادي مؤمن وكافر؛ فأما مَن قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما مَن قال مُطِرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي، مؤمن بالكواكب) "متفق عليه" الصواب: (مُطِرنا بفضل الله، ورحمته) وذلك لأن الله تعالى هو الذي خلق المطر وأنزله بقدرته. 7 - الخطأ: (هذا الشيء خلقته الطبيعه، هذا مِن صنع الطبيعة، شاءت الطبيعة، وهبته الطبيعة، سُنَّةُ الطبيعة) وهذا من الشرك فليست الطبيعة خالقة ولا لها سنة ولا صنع وهي مخلوقة وليست خالقة. قال الله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}. الآية. "الأنعام 102" وقال تعالى: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}. الآية "فاطر 43" الصواب: (هذا الشيء خلقه الله تعالى، هذه سُنة الله في الطبيعة، هذه سُنة الله في الكون). 8 - الخطأ: (إن لله عبادًا يقولون للشيء كن فيكون) وهذا من الشرك والكذب؛ فهو مخالف للكتاب والسنة والواقع أما الكتاب، فقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. "يس 82" ولو كان الأمر كذلك لكان النبى - صلى الله عليه وسلم -أولى بهذه المنزلة. وقد قال تعالى: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا}. "الجن 21: 22" وأما السنة فقد قال - صلى الله عليه وسلم - حين أنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قال: "يا معشرَ قريش -أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم لا أُغني عنكم مِن الله شيئًا. يا بني عبد مناف لا أُغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب لا أُغني عنكَ مِن الله شيئًا، يا صفية عمة رسول الله، لا أُغني عنكِ مِن الله شيئًا؛ يا فاطمة بنت محمد سَليني ما شئت مِن مالي لا أُغني عنكِ من الله شيئًا". "رواه البخاري"

ومن الشرك أن يقال: كما جاء في كتاب: (الكافي في الرد على الوهابي): إن لله عبادًا يقولون للشيء كن فيكون، وهذا كذب يخالف القرآن والأحاديث، سبحانك هذا بهتان عظيم. وأما الواقع فيشهد بخلاف ذلك صراحة. وإذا كان الأمر كذلك فهل من أولياء يخرجون المسلمين من مصائبهم ومحنهم ومذلتهم التي وصلوا إليها؟ الصواب: (كل شيء بأمر الله وقدرة الله ومشيئته). قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} "سورة يس 82" 9 - الخطأ: (الأولياء يعلمون الغيب) وهذا كذب صريح على الله تعالى حيث يقول: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}. "النمل 65" وكذب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: (لا يعلم الغيب إلا الله) "حسن رواه الطبراني" ومخالف للواقع وهو من كلام الصوفية المردود. الصواب: (لا يعلم الغيب إلا الله) "كما تقدم في الحديث" وقد يُطلع الله تعالى بعضَ رسله بأمور غيبية لِإظهار دلالات نبوتهم ومعجزاتهم قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}. "سورة الجن 29" 10 - الخطأ: (لماذا يارب، ماذا عملت لكي تفعل بي هكذا) وهذا اعتراض على الله تعالى في تقديره، وهو من الكفر، والله تعالىِ يقول: {وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. [البقرة 216" وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الإِيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره". "أخرجه مسلم" الصواب: (قدَّر الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون). وعلى المصاب أن يحمد الله على ما أصابه، فلو كسرت يده مثلًا فليحمد الله على أن رجله أو ظهره لم ينكسر، وقد قال الله تعالى بشأن الصابرين: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} "البقرة 155 - 157"

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ولا تقل لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان). "رواه مسلم" 11 - الخطأ: (ما صدقت على الله أن يتم الأمر الفلاني) وفي هذا نسبة العجز لله تعالى وهو كفر، والله قادر على كل شيء. وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. "يس 82" إلا أن قصد بها أنه يَستبعد وقوع ذلك بعد حصوله له بعد معاناة وتعب فلا بأس، وهو خلاف الأَولَى. الصواب: (ما توقعت أن ينقضى الأمر الفلاني). 12 - الخطأ: (يا خيبة الدهر، هذا زمن أقشر، الزمن غدار، يا خيبة الزمن الذي رأيتك فيه). وهذا سَبٌّ للدهر وهو حرام، ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي: "يؤذيني ابنُ آدم يَسبُ الدهرَ، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أُقلِّب الليل والنهار". "متفق عليه" وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر" "أخرجه البخاري" الصواب: (يقول المصاب الحمد لله، قدر الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون) قال الله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}. "البقره 156" 13 - الخطأ: تسمية المولود (عبد النبي، عبد الرسول، عبد الصادق) وغيرها وذلك لأن فيها نسبة العبودية لغير الله. قال الله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}. "مريم 93" الصواب: (عبدُ رَب النبي، عبد رَب الصادق، عبد الله، عبد رب الرسول) وأمثالها. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أحب الأسماء إلى الله عبد الله، وعبد الرحمن" "أخرجه مسلم" 14 - الخطأ: بعض الناس يقولون: (لولا النبي ما كان شمس ولا قمر): وهي أُغنية لعبد الرحمن الأبنودي. وهو مصري (قصة أبي زيد الهلالي) وهذا كذب على الله ورسوله، لأن الشمس والقمر موجودان قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُطروني كما أطرتِ النصارى ابنَ مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله). "أخرجه مسلم"

الصواب: (لولا النبي - صلى الله عليه وسلم - لكانت العرب في جاهلية). 15 - الخطأ: (تسمية بعض الناس بـ: مَلِك الملوك) الصواب: (مَلك السعودية، مَلكِ المغرب، مَلِك الأردن وغير ذلك مِن الأسماء المباحة) قال - صلى الله عليه وسلم -: (أخنع الأسماء عند الله رجل تَسمَّى بملِك الملوك). "أخرجه البخاري" قال سفيان: يقول غيره تفسيره: شاهان شاه. 16 - الخطأ: (أنا نصراني، أنا يهودي، لو فعلت كذا): وهذا خطأ فاحش يقوله بعض الناس من باب اليمين وحكمه حكم اليمين لأن القائلين بذلك يظنون أن هذه العبارة أوكد من الحلف بالله تعالى فيريدون أن يؤكدوا ما يقولون بمثل هذه العبارة. أما إذا اعتقد تعظيم ذلك، أو أراد أن يكون متصفًا بذلك كفر، وإن أراد البعد عن ذلك لم يكفر. الصواب: (والله، ورَب الكعبة، وما أشبهها مِن الحلف بالله). قال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن كان حالفًا فلْيحلِف بالله أو لِيصْمُت). "متفق عليه" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن حلف بمِلَّةٍ غير الإِسلام كاذبًا فهو كما قال). "متفق عليه" قال النووي -رحمه الله-: فيه بيان غلظ تحريم اليمين الفاجرة، والحلف بملة غير الإِسلام كقوله: هو يهودي أو نصراني إن كان كذا وكذا. أقول: على المسلم أن يبتعد عن هذه الكلمات التي تكون سببًا في خروجه من الإِسلام 17 - الخطأ: (قول البعض عند بداية حديثه): (باسم العروبة، وكذلك باسم الوطن، باسم الشعب). الصواب: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحمدِ الله والثناء عليه). وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم اصحابه البداءة بخطبة الحاجة كما كان يعلمهم السورة من القرآن. قال الشيخ (محمد الحامد السوري عالم حماه) ما نصه: شاع في استفتاح الاحتفالات أن يقول عريف الحفل: باسم الله العلي القدير، باسم العروبة، باسم الوطن، نفتتح هذا الحفل ..... الخ. الإفتتاح باسم العلي القدير، حميد جدًا، ولا ملام عليه، بل فيه أجر مهما صحبته نية صالحة، ولم يداخل الحفل مخالفة شرعية، لكنه باسم العروبة وباسم الوطن غير

جائز شرعًا لإخلاله بالتوحيد وهو آكد حق الله على العبيد. ولو أن شركًا لفظيًا نحو هذا صحب ذكر الله على الذبيحة لحرم أكلها واعتبرت كالميتة ولو كان المذكور مع اسم الله رسولًا أو مَلَكًا أو كائنًا غير اسم الله -عَزَّ وَجَلَّ-. إننا مع تقديرنا للعروبة والوطن اللذين تكتنفها تشريعات الله تعالى وتعليماته السامية -مع تمجيدنا لها، ودعوتنا لنصرهما- لا نرى بالتسمية بهما سائغة، لما فيها من خدش التوحيد، وجرحه، والتوحيد ركن الله الشديد، وعماده الأقوى، وهو أعظم مطلوب ابتعث الله عليه كل نبي مرسل."انتهى من كتاب ردود على أباطيل" أقول: وجدت في الكتاب المذكور أخطاء شركية تعارض التوحيد، وذلك حينما سُئل: هل هناك أقطاب وأبدال وأغواث؟ فقال: نعم هناك أقطاب وأبدال وأغواث، ولكن لا يسمى الغوث غوثًا إلا حينما يُلتجأ إليه .. وهناك شرك أكبر وقع فيه كثير من الصوفية، فالأبدال والأغواث يلتجئون إليهم عند الشدائد، ويستغيثون بهم عند المصائب، والله تعالى يرد عليهم حينما قال عن الصحابة: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} "الأنفال 9" {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ} "التوبة 118" فالمغيث والملجأ هو الله وحده وقد طلبت من ولده عبد الرحمن أن يعلق على الكتاب فرفض وقال: أبي يتحمل المسئولية. 18 - الخطأ: (الرجل الفلاني لا يستحق الخير أو الشر) هذا اعتراض على الله تعالى بأنه غير عادل وحكيم ينزل الشر على من لا يستحق، أو يعطي الخير لمن لا يستحق، وربما يؤدي هذا الإعتراض إلى الكفر الذي يخرجه من الإِسلام، لأن الشر والخير قد يكون ابتلاء من الله كما قال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} "سورة الأنبياء 35" الصواب: (الرجل الفلاني ابتلاه الله ليَختبره): قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} "سورة البقرة 155 - 157"

19 - الخطأ: قول بعض الناس (معبودة الجماهير، معبود الجماهير، أُحبه لدرجة العبادة) وهذا شرك أكبر لأن العبادة لا تجوز إلا لله وحده، وقد خلق الله الخلق لذلك قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. "الذاريات 56" الصواب: (محبوب الجماهير، أحبه حبًا كثيرًا). ولا يقول (محبوبة الجماهير) لأن المرأة لا يجوز أن يحبها غير زوجها ومحارمها من أبيها وأخيها وغير ذلك، ولا يجوز لها أن تكون محبوبة للأجانب. وقد أطلق هذا اللقب الفاحش على مغنية مصرية مشهورة واسمها (شادية) وقد تابت في الآونة الأخيرة بفضل من الله تعالى، وارتدت الحجاب وتبرأت من هذا الفيلم الماجن الذي يثير الغريزة الجنسية عند النساء والرجال ويدعوهم إلى الفاحشة.

أخطاء من الكفر

أخطاء من الكفر 1 - الخطأ: (سَب الرب، وشتمه أو لعنه، أو سَب الدين أو لعنه). كل هذه العبارات التي يقولها بعض المسلمين صغارًا وكبارًا تسبب الخروج من الإِسلام، وهي من الشيطان الذي يريد للمسلم الكفر، والهلاك، والخسران في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}. "الحشر 16 - 17" الصواب: (سب الشيطان ولعنه). لأن الشيطان هو الذي كان السبب في الشجار، وهو الذي وسوس للإنسان بالكفر، ولذلك نلعنه، وقد لعنه الله في القرآن، ولعنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وعلينا أن ننصح مَن يسب الربَّ والدين بأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويتوب، ويستغفر الله من كلامه. ومن الخطأ أن تقول للغضبان: صَلِّ على النبي فإنه قد يَسُبُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكون السبب. 2 - الخطأ: (سَب النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو شتمه، أو تحقيره، أو الإستهزاء به). لأن الإِيمان بأن محمدًا رسول الله من أركان الإِيمان لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "بني الإِسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" وحُكم مَن سَب الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُقتل، كما ذكر شيخ الإِسلام في كتاب: (الصارم المسلول في حكم شاتم الرسول - صلى الله عليه وسلم -) فليرجع إليه. الصواب: (سَب الشيطان ولعنه). لأن الشيطان سبَب في هذا الكفر فنلعنه، ونستعين بالله عليه وعلينا أن نقول للغضبان: (استعِذ بالله مِن الشيطان الرجيم، ولا نقول له: صَلِّ على النبي). 3 - الخطأ: ومن الكفر ما قال ابن هانيء الأندلسي للحاكم: (ما شئتَ لا ما شاءت الأقدار ... فاحكم فأنت الواحد القهار). وهذا الكلام كان من أسباب سقوط الأندلس الإسلامية في أيدي النصارى. الصواب: (الواحد القهار: هو الله وحده لا غيره): قال الله تعالى: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} "إبراهيم: 14"

أخطاء من الشرك الأصغر

أخطاء من الشرك الأصغر 1 - الخطأ: (ما شاء الله وشئت، هذا مِن الله ومنك، ومثله: لولا الله وفلان، الله لي في السماء وأنت لي في الأرض، هذا مِن فضل الله وفضلك، أنا في حب الله وحبك، أنا بالله وبك)، وغيرها من الألفاظ. ولا بُد مِن كلمة (ثم)؛ وهذا مِن الشرك الخفي لأنه يخفى على كثير من الناس: فقدجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما شاء الله وشئت قال: أجعلتني لله نِدًا؟. قل ما شاء الله وحده". "صحيح أخرجه أحمد وغيره" الصواب: (ماشاء الله ثم شاء فلان) قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ماشاء الله ثم شاء فلان" "صحيح رواه أحمد وأبو داود". 2 - الخطأ: (والنبي، بالشرف، بالذمة، بالكعبة، بالأمانة، وحياة سيدي فلان، وحياة أولادي)، وغيرها. وهي مِن الشرك الأصغر، وقد تكون مِن الشرك الأكبر إذا اعتقد الحالف أن المحلوف به -وهو الولي أو غيره- يضر وينفع، أو يخاف إن حلف به كاذبًا. قال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن حلف بغير الله فقد أشرك) "صحيح رواه أحمد وغيره" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن حلف بالأمانة فليس مِنا) "صحيح رواه أبو داود" الصواب: (ورَبّ النبي، ورَب الكعبة، والله)، (وأمثالها) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائِكم فإذا حلفَ أحدكم فليحيف بالله أو لِيَصمُت) "متفق عليه" قال عمر: فما حلفت بعدها ذاكرًا ولا آثرًا. 3 - الخطأ: (شاءت الظروف أن يحصل كذا، شاءت الأقدار أن يحصل كذا وكذا) وهذا لفظ منكر، لأن الظروف جمع ظرف، والظرف هو الزمان، والأقدار جمع قدر، والزمان والقدر لا مشيئة لهما، والمشيئة لله وحده. قال الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} "الإنسان 30". الصواب: (اقتضى قدَر الله كذا وكذا، قدَّر الله وما شاء فعل)

4 - الخطأ: قول بعض الناس لمنع الحسد (خمسة وخميسة) ويأتون بكفٍّ مصنوع أو نعل أو حذوة حصان لدفع الضرر والعين ويُعلقونه على باب البيت أو السيارة وغيرهما: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن علَّق تميمة فقد أشرك). "صحيح رواه أحمد" [التميمة: النعل أو الخرزة أو الودعة أو غيرها]. الصواب: أ - قراءة المعوذتين: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ). ب - قول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. قال الله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ} "سورة الكهف 39". ج - قراءة التسمية الواردة في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قال حين يُمسي: بسم الله الذي لا يَضرُ معِ اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم "ثلاث مرات" لم يُصبه فُجْأةً بلاءٌ حتى يُصبح، ومَن قالها حين يُصبح ثلاث لم يصبه فُجْأةً بلاءٌ حتى يُمسي" "صحيح رواه أبو داود". قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا حول ولا قوة إلا بالله كنز مِن كنوز الجنة" "صحيح رواه أحمد" 5 - الخطأ: كتابة لفظ (الله - محمد) في مستوى واحد على الجدران، أو الكتب أو المصاحف، أو غيرها لأن ذلك يوهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نِدًّا لله ومساوِيًا له في المنزلة وهذا لا يجوز، فالله تعالى خالق، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - مخلوق الصواب: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) لأن هذه الجملة وردت في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الإِسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله) "رواه مسلم" ولأن هذه الجملة تثبت أن الإِله هو الله، وأن محمدًا رسول الله.

أخطاء في حق الله تعالى

أخطاء في حق الله تعالى 1 - الخطأ: (فلان ربنا افتكره) وهي كلمة تطلق على من توفاه الله وهي كفر، لأن فيها نسبة الغفلة والنسيان إلى الله تعالى. وهذا تَنقُّص لرب العالمين. قال الله تعالى: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى؟ قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} "سوره طه 51 - 52" وقال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} "سورة مريم 64" الصواب: (فلان توفاه الله) أو نحو ذلك. 2 - الخطأ: قول بعض الناس للآخر: (الله يسأل عن حالك). الصواب: (أسأل الله أن يحتفي بك) أو (يلطف بك) وما أشبهها وذلك لأن (الله يسأل عن حالك) توهم أن الله تعالى يجهل الأمر فيحتاج إلى السؤال عنه: قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. تفيد هذه الآية أن الله معنا بعلمه، لأن الله بدأ الآية بالعلم "سورة المجادلة 7" {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ. . . . . .} وختمها بالعلم {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فهو معنا يعلم أحوالنا، وليس معنا بذاته. 3 - الخطأ: (فلان له المثل الأعلى) وهي لا تجوز على سبيل الإِطلاق، لأن مَن له المثل الأعلى مطلقًا هو الله وحده. قال الله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} "الروم 27". فلا تجوز إلا مقيدة. الصواب: (فلان كان له المثل الأعلى في كذا وكذا). 4 - الخطأ: (العصمة لله وحده) وذلك تعبير خاطىء لأن العصمة لا بد لها مِن عاصم، والله تعالى هو الخالق وحده وما عداه مخلوق، وليس له عاصم. الصواب: قول: (الصواب في كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - والعصمة لرسله وأنبيائه) 5 - الخطأ: قول: (بسم الشعب، بسم الوطن، بسم العروبة) وهي نوع من الشرك إن قصد التبرك والإستعانة، وقد يكون شركًا أكبر بحسب ما يقوم في قلب صاحبه من التعظيم بما استعان به.

أخطاء تتعلق بعلم الغيب

الصواب: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يكتبها في رسائله للملوك "انظر ص 15" 6 - الخطأ: (ليس في الإمكان أبدع مما كان) الصواب: (في الإمكان أبدع مما كان)، لأنَ الجزم بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان من التكهن بالغيب؛ وأمور الغيب لا يعلمها إلا الله، قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ}. "الأنعام 59" والله تعالى فعَّال لما يريدَ. قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} "القصص 68" أخطاء تتعلق بعلم الغيب 1 - الخطأ: (هذا ولد شقي) الصواب: (هذا ولدٌ مهمل، كثير اللعب أصلحه الله) فهذا دعاء نافع لإِصلاح الولد. لأن القطع بأن فلانًا شقي ليس إلا لله وحده لأنه من علم الغيب قال الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} "النمل 65" وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يعلمُ الغيبَ إلا الله" "حسن رواه الطبراني" والشقاء هو سوء الحال والمنقلَب. قال الله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} "هود 105 - 106" 2 - الخطأ: (المغفور له، المرحوم، الشهيد). الصواب: (فلان نرجو له المغفرة، نرجو له الرحمة.) لأن القطع بأن فلانًا شهيد، أو مرحوم من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله قال الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} "النمل 65" قال البخاري: باب لا يقال فلان شهيد: عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الله أعلم بمَن يجاهد في سبيله، والله أعلم بمَن يُكلَم في سبيله" "أخرجه البخاري" [يُكلَم: يُجرَح].

أخطاء في أسماء الله

أخطاء في أسماء الله 1 - الخطأ: (يا هو، يا موجود) وهذا لا يجوز لأن "هو" أو"موجود" ليست من أسماء الله تعالى وهي توقيفية وليس على ذلك دليل من كتاب ولا سنة، ولأن غير الله موجود أيضًا كالشمس والقمر وغيرهما. قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. "الأعراف 180" الصواب: (يا الله، يا رحمن، يا رحيم) وغيرها من الأسماء الواردة في الكتاب والسنة. 2 - الخطأ: (يا ستار، عبد الستار) لأن اسم الستار ليس من أسماء الله تعالى. الصواب: (يا ستير، عبد الستير) فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حَيِيٌّ سِتِّير يحب الحياء والسِّتر، فإذا اغتسل أحدكم فليَستَتر". "صحيح رواه أبو داود والنسائي" 3 - الخطأ: (بعض الناس يدعو الله بأسماء غير أسمائه مثل) (يا خفِي الألطاف) أو تسمية (المهندس الأعظم) قال ذلك د/ مصطفى حسين في أحد كتبه؛ وهذا خطأ لأن أسماء الله تعالى توقيفية ولا يجوز وضع اسم له تعالى بغير إذن منه من كتاب وسنة. وقد قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. "الأعراف 180" فالله أعلم بأسمائه وصفاته وما أخبرنا به وجب الإِيمان به ودعاؤه به، وما استأثر بعلمه منها فهو غيب لا يجوز التكهن به. الصواب: (يا رحمن، يا رحيم، يا غفور) وغيرها مما ورد في الكتاب والسنة. 4 - الخطأ: (هل أنت صائم أم فاطر؟) الصواب: (هل أنت صائم أم مفطر؟) وذلك لأن الفاطر بمعنى الخالق: فالفاطر هو الله تعالى وحده: قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. "سورة فاطر آية 1" 5 - الخطأ: فلان (المتوفِّي) بكسر الفاء. الصواب: فلان (المتوفَّى) بفتح الفاء. لأن (المتوفِّي) بكسر الفاء، اسم فاعل وهو الله تعالى.

أخطاء في حق الإسلام

قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}. "الزمر 42" و (المتوفَّى) بفتح الفاء اسم مفعول (الميت) وهو الذىِ وقعت عليه الوفاة. أخطاء في حق الإِسلام 1 - الخطأ: كلمة (حرية الفكر) أو (حرية الاعتقاد) وهي كلمة كثيرًا ما تسمع وتقرأ، وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد أي لكل أحد أن يعتقد ما شاء، وهذا كفر بالِإجماع، ومن اعتقد ذلك فهو كافر، لأنه لا يسوغ لأحد أن يعتقد أنه يجوز له أن يتديَّن بغير دين محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} "آل عمران 19" وأما قوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} "سورة الكهف 29" فليس الأمر هنا للتخيير، بمعنى أن العبد له أن يختار الإِيمان أو الكفر، كما زعم الشعراوي في الإذاعة، وإنما الأمر هنا للوعيد والتهديد بدليل قوله تعالى بعدها مباشرة: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} "سورة الكهف آية 29" الصواب: (حرية العمل للخير أو الشر) قال الله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} البلد 10" أي دلَّه الله على الطريق، فهو الذي يختار الحق فيكون شاكرًا، أو يختار الباطل فيكون كافرًا كما قال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} "سوره الإنسان 3" 2 - الخطأ: إطلاق بعض الكتاب والمؤلفين لفظ: (إشتراكية الإِسلام) وكذلك إطلاق (ديمقراطية الإِسلام). الصواب: (أحكام الإِسلام، سماحة الإِسلام، عدالة الإِسلام) ونحوها من الأوصاف الإسلامية. فالإشتراكية (هي الشيوعية في الحقيقة) مذهب هدام يقضي في الظاهر باشتراك سائر طوائف الشعب في الطعام، والملبس، والمسكن بقدرٍ متساوٍ، تقوم بتوزيعه حكومة الدولة، ولا يملكون أموالًا ولا غيرها من العقارات، والأراضي، بل كلها ملك للدولة بزعمهم وهي تستخلفها فيها ولكنها (الإشتراكية) في الحقيقة حكم قهري على الشعب يحقق المصلحة للطبقة الحاكمة فقط وغايتها أن تجعل من الأغنياء فقراء

بالإستيلاء على أموالهم باسم الإشتراكية، والواقع يشهد بذلك حكمت روسيا الشيوعية سبعين عامًا ذاق فيها الروس ألوانًا من الذُّلِّ والظلم والمهانة والقهر والجوع، وفي ذات الوقت حقق الحزب الحاكم فيها حينئذ ثراءً فاحشًا، وأموالًا طائلة على حساب الشعب، ثم لم تلبث الشيوعية أن انهارت أمام رفض المحكومين لها ومقاومتهم لها بكل ما يملكون. وقد تكلم الشيخ "محمد قطب"عنها في كتاب: "واقعنا المعاصر" وكتاب: "مذاهب فكرية معاصرة" فليرجع إليها، وبعدها يتبين أنه لا اشتراكية في الإِسلام وأنه لا علاقة بينهما. وقد انخدع بها كثير من الناس حتى بعض المؤلفين منهم الشيخ "مصطفى السباعي" كتابًا سماه "اشتراكية الإِسلام" وقد تعقبه الشيخ "محمد الحامد" -رحمه الله- ببعض ما فيه في كتاب سماه "نظرات في كتاب" "اشتراكية الإِسلام" ومما انتقده عليه هذه التسمية فقال: [هذا وإني آخذ على فضيلة الدكتور السباعي قبل كل شيء تسميته كتابه باسم "اشتراكية الإِسلام" وإن كان قد مهَّد لها تمهيدًا وبَرَّرَ لها بما يسلك في نفس قارئه لكنه- وفقه الله - لو فطن إلى أن العناصر اليسارية التي يدافعها أهل العلم الديني وقاية لدين الله وحماية له من تهديماتها، وبين الفريقين، معركة فكرية مُستعرَة الأوار، وقد طارت هذه العناصر، فرحًا بهذه التسمية، تستغل بها عقول الدهماء التي لا تدرك هدفه من اختياره لهذا الاسم- أقول لو فَطِنَ لهذا لكان له نظر في هذه التسمية ولا اختار لكتابه اسمًا آخر يحقق له مراده في احتراز من استغلال المضللين. الإِسلام هو الإِسلام وكفى، هو هو بعقائده، وأحكامه العادلة الرحيمة، فالدعوة إليه باسمه المحض أجدى وأولى من حيث أنه قسم يرأسه، وهو شرع الله الحكيم" "نظرات في كتاب اشتراكية الإسلام صفحة 7". يقول (محمد بن جميل زينو) إن الشيخ محمد الحامد عليه مؤاخذات خطيرة في كتابه: (ردود على أباطيل) مرت قبل ذلك في نفس الكتاب. وأما السباعي فله أخطاء أُخرى فهو يقول: يحق لغير المسلم أن يتولى أعلى مقعد في الدولة!!! "انظر مجلة الحضارة الإسلامية التي نشرت هذا الكلام عنه". وهذا خطأ كبير لأن غير المسلم يشمل الكافر، والمجوسي، واليهودي، والنصراني، وغيرهم، فهل يحق لهؤلاء أن يكونوا ولاة على المسلمين ورؤساء يحكمونهم؟

الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} "النساء 144" وأما الديمقراطية فهي حكم الشعب بالشعب للشعب والله تعالى لا يرضى إلا أن يكون حكم الشعب بشريعة الله رب العالمين. قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} "سوره الأنعام 162" وقال تعالى على لسان يوسف: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} "سورة يوسف 40" كما أن الديمقراطية تقضي بحرية العقيدة وأن لكل أحدٍ أن يعتقد ما يشاء والله تعالى يقول: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} "سورة آل عمران 85" فليس بين الإِسلام والديمقراطية نقاط التقاء، بل هي مضادة له ومعارضة، والأقرب أن نقول: الإِسلام والديمقراطية متغايران. وليراجع في ذلك المرجع السابق (مذاهب فكرية معاصرة)، (واقعنا المعاصر) للداعيه محمد قطب. 3 - الخطأ: قول البعض: (الدين أفيون الشعوب). وهذه المقولة المنكودة هي (لكارل ماركس) من دعاة الشيوعية الأوائل، ويقصد بها أن الدين يحدث بالشعوب أثرًا كأثر الأفيون (وهو نوع من المخدرات) على الأفراد بمعنى أنه يجعلها في حالة هلامية غير متزنة أو كالأحلام، وفي هذا من القدح في الإِسلام بمكان. على أن العكس من ذلك هو الصحيح، وهو أن الإِسلام أيقظ الشعوب المظلومة، وحقق لها العدالة والمساواة وسجل التاريخ في ذلك سجلًا حافلًا. بالبطولات والأمجاد التي على أثرها هُدِّمت كافة الأمبراطوريات الباطلة في الدنيا بأصها، وقامت بدلاً منها خلافة راشدة أخذت بنواصي سائر الشعوب إلى ما يصلحها من العدل والإخاء والرحمة ونصرة الحق والأمان بعد أن كان مفقودًا في عصور الجاهلية. الصواب: (الدين صلاح الشعوب واستقامتها).

4 - الخطأ: قول البعض: (فلاسفة الإِسلام) على بعض من اتصفوا بالعلم وكتبوا كتبًا إسلامية. الصواب: (علماء الإِسلام) "فليس للإسلام فلاسفة وليس في ألفاظهم فصاحة ولا بلاغة" انتهى من مجموع الفتاوى للشيخ ابن تيمية -رحمه الله- 19/ 186. أقول: علم الفلسفة من العلوم الذميمة التي أنكرها وقال بحرمتها أكثر العلماء، وتبرأ منها أكثر من أعتنقها في حياته كالغزالي وغيره، وذلك لأن الفلسفة تخرب العقول، وتشكك في أصل التوحيد، وغير مُستقاة من الشريعة المطهرة. وممن انخدع بالفلسفة حتى جَرته إلى الكفر والإلحاد في نهاية المطاف ابن سيناء، والفارابي، وابن عربي حيث قال ابن سيناء: أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم، فكلانا من القرامطة (الباطنية) الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد ولا رب ولا خالق ولا رسول مبعوث. "انتهى من كلام ابن القيم رحمة الله من كتاب إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان 2/ 262" ومن الخطأ تسمية بعض المدارس والمستشفيات باسمه. - وأما الفارابي فكان متابعًا للفكر الإغريقي، وكان يؤمن بالدين اليوناني القديم، وفرَّ مع مجموعة معه إلى فارس من مدينة (جند يسابور) بعد تنصير الملوك، وأنشأوا مدينة فاصلة -بزعمهم- احتذاها نظريًا (الفارابي) وطبقها عمليًا (حمدان قرمط) الصابىء الحراني ونفذها أناس في مدينة (هجر)، وهم الذين سرقوا الحجر الأسود، وانتهكوا حرمة المسلمين وقتلوا الحجيج. - وأما ابن عربي، فقد تأثر بالفلسفة الأفلاطونية المحدثة، بالعناصر التي أدخلها (إخوان الصفا) من إغريقية ونصرانية، وفارسية الأصل. حتى قال بوحدة الوجود الذي يقضي برفض الإِسلام أساسًا، ومفهومه أن الله والعالم شيء واحد وأن الله هو صورة هذا العالم المخلوق وأن الله جلَّ وعلا لم يخلق الخلق مباشرة ومن عدم، ولكن خلق عقلًا، والعقل هو الذي ناب عنه سبحانه في خلق الكون، كما أنكر العذاب المؤبد، ومن المؤسف أن أفكار هؤلاء تدرس لأبنائنا في المدارس الثانوية، وتسمى مدارس ومستشفيات بأسمائهم.

أخطاء في معنى الإله

أخطاء في معنى الإله 1 - الخطأ: (معنى لا إله إلا الله: لا خالق، ولا رَب إلا الله) لأن الِإله ليس معناه الخالق والرازق؛ وهو ما يسمى توحيد الربوبية الذي يعتمده الصوفية، والأشاعرة، والفلاسفة، واعترف به المشركون. قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ. فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} "الزخرف 87" ولم يرض منهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا التوحيد وحاربهم لأنهم لم يعترفوا بتوحيد الألوهية قال تعالى عن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ}. "الصافات 35 - 37" الصواب: معنى (لا إله إلا الله): (لا معبود بحق إلا الله) لأن معنى الإله: المعبود. ولما كانت المعبودات كثيرة -فمن الناس من يعبد البقر كالهندوس في الهند، ومنهم مَن يعبد الأولياء ويدعونهم مِن دون الله كالصوفية وغيرهم- كان لازمًا أن نضيف في التعريف كلمة (بحق) حتى نخرج جميع المعبودات الباطلة، والدليل قول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} "الحج 62" فالمعبود: المدعو بحق هو الله وحده، وكل مَن دعا غير الله حتى ولو كان المدعو نبيًا، أو وليًا مُقَربًا؛ فعمله باطل، لأن الدعاء هو العبادة: كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة" "صحيح رواه أحمد" وصرف العبادة لغير الله تعالى مِن الشرك الأكبر الذي يحبط العمل، لقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الظالمين: المشركين] "يونس 106" وقال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} "الأنعام 88"

أخطاء في العبادات

أخطاء في العبادات الخطأ: (قول بعض المصلين بعد الصلاة): (حَرَمًا) ويقول الآخر: (جَمعًا) أو (تقبل الله) فيقول الآخر: (منا ومنكم) لأن فيها انشغالًا عن أذكار الصلاة. والنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يقولوا ذلك، وثبت السلام في حديث المسيء في صلاته حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "السلام عليك يا رسول الله، فقال وعليك السلام ارجع فصَلِ فإنك لم تُصَلِّ" "متفق عليه" الصواب: (لا يقال شيء وينشغل بأذكار الصلاة أو السلام عليكم عند ذهابه من المسجد أو دخوله على المصلين، فيرد المصلي بيده، وغير المصلي بلسانه). 2 - الخطأ: (عند الوضوء يقولون للمتوضيء: (زمزم) أي تتوضأ من زمزم). لأنه لم يرد فضل الوضوء بماء زمزم، والوارد هو: (ماء زمزم لما شُرِبَ له) "صحيح رواه أحمد" الصواب: (السلام عليكم) على المتوضىء، ويستحب للمتوضىء أن يقول: (اللهم اغفر لي ذنبي وَوَسع لي في داري، وبارك لي في رزقي) "صحيح رواه النسائي" ويقول المتوضىء بعد الوضوء: (أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) "رواه مسلم" 3 - الخطأ: (صدق الله العظيم) عند الفراغ من قراءة القرآن. الصواب: (لا تقال لأنها لم ترد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يفعلها الصحابة ولا التابعون ولا السلف الصالح رضوان الله عليهم وهو أمرٌ محدث). فالله تعالى يقول: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} "النساء 87" ومع ذلك لم يقلها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا صحابته الكرام وهذه البدعة أماتت سنة وهي الدعاء بعد التلاوة: لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قرأ القرآن فليسألِ الله به" "حسن رواه الترمذي" فنقول: اللهم إنا نتوسل إليك بما قرأنا مِن القرآن أن تنصر المسلمين. 4 - الخطأ: (عند إرادة الصلاة يقولون: (نويت أصلي الظهر -مثلًا-) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل ذلك). ولكن يقال في الحج: (لبيك اللهم حجة أو عمرة) لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الصواب: (على المسلم أن يستحضر بقلبه أنه سيصلي الظهر -مثلًا- ولا يقل ذلك بلسانه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما الأعمال بالنيات". "أخرجه البخاري" والنية محلها القلب كما قال العلماء. 5 - الخطأ: (قول المأموم إذا قال الإمام في الصلاة:) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يقول: (استعنت بالله) الصواب: (الإنصات أو قراءة الفاتحة في سكتات الإِمام). قال الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. "الأعراف 204" عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جُعِلَ الإمام لِيؤتَم به، فإذا كبَّر فكبروا، وإذا قرأ فأنصِتوا". "رواه مسلم" 6 - الخطأ: (قول المأموم إذا بلغ الإِمام "وَلَا الضَّالِّينَ" - "رب اغفر لي وارحمني" - ليكون التأمين عليها). الصواب: (الإنصات لما سبق، ولأن الفاتحة تشتمل على أكمل الثناء والمحامد والدعاء لله تعالى مما يستحق التأمين). قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "قال -عَزَّ وَجَلَّ-: [قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفَين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمِدني عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم. قال الله: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين. قال: مجَّدني عبدي، وقال مَرَّة: فَوَّضَ إليَّ عبدي، وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صِراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل]. "رواه مسلم" 7 - الخطأ: (الإشارة باليد اليمنى عند السلام في الصلاة - والإِشارة باليد اليسرى عند السلام في آخر الصلاة). لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأذناب خيل شُمْسٌ". "رواه مسلم" الصواب: (الإلتفات بالرقبة نحو اليمين، ثم الشمال آخر الصلاة للتسليم). (كان - صلى الله عليه وسلم - يُسلم عن يمينه، وعن يساره حتى يُرى بياضُ خده). "رواه مسلم" وعن وائل بن حجر قال: (صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يُسلِّم عن يمينه:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته). "قال ابن حجر في بلوغ المرام: "رواه أبو داود بإسناد صحيح" 8 - الخطأ: (إحياء ليلة النصف من شعبان). لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، والتابعين، والأئمة المجتهدين لم يفعلوا ذلك. الصواب: (ذكر الله تعالى في الثلث الأخير مِن الليل عامة). قال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليسَ منه فهو رَد). "رواه مسلم" وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول: هل مِن سائل فأُعطيه، هل مِن تائب فأتوب عليه، حتى يطلع الفجر". "أخرجه مسلم" 9 - الخطأ: (تخصيص شهر رجب أو غيره بالصيام كاملًا) الصواب: قال - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصوم صوم أخي داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يفرُّ إذا لاقى". "صحيح رواه الترمذي والنسائي" 10 - الخطأ: (الوسوسة بالوضوء بزيادة عدد الغسلات على ثلاث والتشكيك بالوضوء أو الإِسراف في الماء). الصواب: (غسل الأعضاء ثلاث مرات على الأكثر فقد توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً ثلاثًا ثم قال: (هكذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وظلم). "صحيح أخرجه أبو داود" وعلى المؤمن أن يقتصد في ماء الوضوء وعدم الإسراف فيه أيضًا لما سبق. 11 - الخطأ: (قراءة القرآن في الركوع أو السجود). وقد ذكر ذلك كتاب (الدعاء المستجاب من الكتاب والسنة) وفيه أخطاء كثيرة. الصواب: قول: (سبحانك اللهم رَبنا وبحمدك اللهم اغفر لي ثلاثًا). كما في الحديث المتفق عليه عن عائشة. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ألا وإني نُهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا أما الركوع فعظموا فيه الربَّ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمِنٌ أن يستجاب لكم). "رواه مسلم" 12 - الخطأ: (رفع البصر إلى السماء في الصلاة). الصواب: (النظر موضع السجود؛ فإن ذلك أقرب إلى الخشوع).

قال - صلى الله عليه وسلم -: (لَيَنتَهِيَن أقوامٌ يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم أبصارهم) "رواه مسلم" 13 - الخطأ: قول (لا قدَّر الله) لأن فيها نفي التقدير عن الله الذي قدَّر جميع الأشياء بعلمه. الصواب: (قدَّر الله وما شاء فعل) "رواه مسلم" وذلك لأن الله تعالى قد قدَّركل شيء وأنهى تقديره قبل خلقه السموات والأرض. قال - صلى الله عليه وسلم -: (الإِيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورُسله واليوم الآخِر وتؤمن بالقدَر خيرِه وشَره) "رواه مسلم" 14 - الخطأ: (الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الأذان والإقامة والجهر بها بعد الأذان). الصواب: (لا تقال قبل الأذان والِإقامة وتقال سِرًا بعد الأذان لأنها قبل الأذان لم تثبت)، وأما بعده فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صَلُّوا عليَّ) "رواه مسلم " ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا صحابته الجهر بها. والصلاة الإبراهيمية هي الواردة كما في حديث أبي مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال جوابًا على أصحابه في ذلك: (اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد) "رواه مسلم" أقول: الجهر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - يشوِّش على المصلين الذين يصلون السنة - وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن) "صحيح رواه أحمد" 15 - الخطأ: قول الداعي بعد الدعاء (إنك على ما تشاء قدير) ومعناها على غير ما تشاء عاجز غير قادر، وهذا كفر لأن فيه نسبة العجز لله تعالى الصواب: {إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} "سورة آل عمران 26"

أخطاء في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -

أخطاء في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - الخطأ: (زرت قبرَ الرسول - صلى الله عليه وسلم -) لأن زيارة القبر تتنافى مع الأدب، وليس عليها دليل شرعي من كتاب أو سنة وكرهها الإمام مالك. الصواب: (زرت مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -) قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُشَد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) "متفق عليه" 2 - الخطأ: (بعض الناس يدعون الله فيقولون): (يارب أكرمنا بجاه النبي) وهذا بدعة لم يرد عليها دليل من كتاب أو سنة، ولم يفعله الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون وأما حديث: (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) فهو حديث موضوع الصواب: (يا رب أكرمنا بحبنا وإيماننا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -) لأن الحب والإيمان من العمل الصالح. أخطاء في التحليل والتحريم 1 - الخطأ: (عَليَّ الحرام، عليَّ الطلاق، تحرُم عَليَّ عيشتي، عَليَّ الحرام مِن ديني) على سبيل القسم. وهذا من فواحش القول إذ يُحَرِّمُ بها الإِنسان على نفسه ما لم يُحرمه الله -عَزَّ وَجَلَّ- عليه: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ. . .} "التحريم 1" وأما التشريع بالتحليل والتحريم فقد قال تعالى ذامًّا مشركي قريش حين أحلُّوا ما حَرَّم الله تعالى مِن الأشهر الحُرم: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ. فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ. وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} "التوبة 37"

وقال تعالى عن اليهود الذين قالوا عن الميتة: (إنها ذبيحة الله): {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ. وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ. وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} "الأنعام 121" فهي بمنزلة الحلف بغير الله تعالى مع ما فيها من المضادَّةِ للشرع معنىً. وإن أراد بقوله (عَلَي الطلاق والحرام) لزوجته، فقد وقع الطلاق والفراق. الصواب: الحلف بالله وحده (والله، ورب الكعبة) قال - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا حلف أحدكم فليحلف بالله أو ليصمت" "متفق عليه" 2 - الخطأ: (أفكار وهابية). كنت أقرأ على الشيخ الذي درست عليه حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله". "صحيح رواه الترمذي" فأعجبني شرح النووي حين قال: "ثم إن كان الحاجة التي يسألها، لم تجر العادة (¬1) بجريانها على أيدي خلقه، كطلب الهداية والعلم ... وشفاء المرض وحصول العافية سأل ربه ذلك، وأما سؤال الخلق والإعتماد عليهم فمذموم" فقلت للشيخ هذا الحديث وشرحه يفيد عدم جواز الاستعانة بغير الله، فقال لي: بل تجوز!! قلت وما دليلك؟ فغضب الشيخ وصاح قائلًا: إن عمتي تقول يا شيخ سعد (وهو مدفون في مسجده تستعين به)، فأقول لها يا عمتي وهل ينفعك الشيخ سعد؟ فتقول: أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني إ! قلت له: إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب، ثُم تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة! فقال لي عندك أفكار وهابية أنت تذهب للعمرة وتأتي بكتب وهابية!!! وكنت لا أعرف شيئًا عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايح: فيقولون عنهم: الوهابيون مخالفون للناس لا يؤمنون بالأولياء وكراماتهم، ولا يحبون الرسول، وغيرها من الاتهامات الكاذبة فقلت في نفسي إن كانت الوهابية تؤمن بالإستعانة بالله وحده، وأن الشافي هو الله وحده، فيجب أن أتعرف عليها، سألت ¬

_ (¬1) لفظ العادة لم يرد في حق الله، الوارد {سُنَّةَ اللَّهِ} الآية من سورة الأحزاب.

عن جماعتها فقالوا لهم مكان يجتمعون فيه مساء الخميس، لإلقاء دروس في التفسير والحديث والفقه، فذهبت إليهم مع أولادي وبعض الشباب المثقف، فدخلنا غرفة كبيرة، ننتظر الدرس، وبعد فترة دخل علينا شيخ كبير السن، فسلَّم علينا وصافحنا جميعًا مبتدئًا بيمينه، ثم جلس على مقعد، ولم يقم له أحد، فقلت في نفسي هذا شيخ متواضع لا يحب القيام. بدأ الشيخ الدرس بقوله: (إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره) إلى آخر الخطبة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بها خطبه ودروسه، ثم بدأ يتكلم باللغة العربية، ويورد الأحاديث ويبين صحتها وراويها، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما ذكر اسمه؛ وأخيرًا وُجِّهت له الأسئلة المكتوبة على الأوراق، فكان يجيب عليها بالدليل من القرآن والسنة، ويناقشه بعض الحاضرين فلا يرد سائلًا، وقد قال في آخر درسه: الحمد لله على أننا مسلمون وسلفيون (¬1)، وبعض الناس يقولون إننا وهابيون، فهذا تنابز بالألقاب، وقد نهانا الله عن هذا بقوله: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} "سورة الحجرات 11" وقديمًا اتهموا الإمام الشافعي بالرَّفض فردَّ عليهم قائلًا: إنْ كان رَفضًا حُبُّ آل محمدٍ ... فليشهد الثقلان أني رافضي ونحن نردُّ على مَن يتهمنا بالوهابية بقول أحد الشعراء: إنْ كان تابعُ أحمدٍ (¬2) مُتوهِّبًا ... فأنا المقِرُّ بأنني وهَّابي ولما انتهى خرجنا مع بعض الشباب معجبين بعلمه وتواضعه وسمعت أحدهم يقول: هذا هو الشيخ الحقيقي!!! الصواب: (دعوة سلفية) بمعنى أنها تعمل بالكتاب والسنة حسب فهم السلف الصالح وهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته والتابعون والأئمة المجتهدون. فالسلفيه: تدعو إلى التوحيد وإثبات ما أثبته الله لنفسه، أو ما أثبته له رسوله من الأسماء والصفات من غير تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل. ويسعون من أجل تحكيم شريعة الله بالتي هي أحسن من غير تكفير ولا إرهاب، ولا تدمير. ¬

_ (¬1) السلفيون: الذين يتبعون طريقة السلف الصالح (الرسول وصحابته). (¬2) المراد بأحمد النبي - صلى الله عليه وسلم - ورد اسمه في القرآن.

أخطاء في حق المسلم

أخطاء في حق المسلم 1 - الخطأ: (فلان بعيد عن الهداية، أو عن الجنة، أو عن مغفرة الله) يقولها بعض الناس إذا شاهد من أسرف على نفسه بالذنوب. الصواب: (فلان نرجو له الهداية، نرجو له المغفرة) لأن القطع بأنه بعيد عن الهداية مِن التألي على الله بغير علم وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا.} "الإسراء 36" وقال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} "سورة الزمر 53" وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُدِّثَ أن رجلاً قال: "والله لا يغفر الله لفلان". وأن الله تعالى قال: "مَن ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفرَ لفلان، فإني قد غفرتُ لفلان، وأحبطت عمَلك" "أخرجه مسلم" فمآل أحوال الناس من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله وحده. 2 - الخطأ: كلمة (أنا) (لي) (عندي). الصواب: (فلان بن فلان) فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن استخدام كلمة (أنا) إذا دلَّت على المجهول، أو دلَّت على التعال والتكبُّرِ عن جابر بن عبد الله قال: (أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في دَين كان على أبي، فدفعت الباب، فقال: مَن ذا؟ فقلت (أنا)، قال: أنا ..... أنا كأنه كرهها) "متفق عليه" قال ابن القيم في زاد المعاد: وليحذر كل الحذر مِن طغيان (أنا) و (لي) و (عندي)، فإن هذه الألفاظ الثلاثه ابتُليَ بها (إبليس) و (فرعون) و (قارون). فـ {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} لإبليس، {ولِي مُلْكُ مِصْرَ} لفرعون، {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} لقارون. إ. هـ باختصار. 3 - الخطأ: (فلان كافر) وهي من أشنع الكلمات في حق المسلم، يقولها بعض المسلمين لكل من لا يرضون عنه .. وفي الحديث: (أيما امرِىءٍ قال لأخيه يا كافر، فقد باءَ بها أحدهما إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه) "أخرجه مسلم"

الصواب: (فلان عاصي) لمن عصى أمر الله، أو أمر أبويه. قال - صلى الله عليه وسلم -: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) "حسن رواه أحمد" 4 - الخطأ: (قبح الله وجهه) الصواب: (هداه الله، أصلح الله حاله) قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تقولوا قبح الله وجهه) "صحيح أخرجه البخاري في الأدب المفرد" وذلك لما فيه من الجرأة على الله تعالى والتقول عليه بغير عِلم. 5 - الخطأ: (يا حمار، يا تيس، يا كلب) عن المسيب قال: "لا تقل لصاحبك يا حمار، يا كلب، يا خنزير فيقول يوم القيامة: أتراني خُلِقْتُ كلبًا، أو حمارًا، أو خنزيرًا" "رواه ابن أبي شيبة. وفيه عن مجاهد وغيره" (¬1) قال النووي: (فصل: ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قوله لمن يخاصمه (يا حمار، يا تيس، ياكلب) ونحو ذلك فهذا قبيح من وجهين: أ - أحدهما أنه كذب (أي لم يخلقه الله حمارًا، أو تيسًا، أو كلبًا). ب - (والآخر أنه إيذاء (لأن الإنسان يتأذى بهذه الكلمات التي تهينه). وهذا يخالف قوله: يا ظالم، ونحوه فإن ذلك يسامح به لضرورة المخاصمة، مع أنه يصدق غالبًا، فقلَّ إنسان إلا وهو ظالم لنفسه ولغيرها) انتهى كلام النووي (¬2). أقول: إن هذه الكلمات القاسية التي يقولها المسلم لأخيه تتنافى مع ما جاء في القرآن وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}. "سورة الإِسراء70" وآدم خلقه الله مِن طين، ونفخ فيه من روحه كما أخبر عن ذلك في القرآن الكريم. والبشر جميعًا من أولاد آدم -عليه السلام-. فقول الرجل لأخيه (يا حمار، يا كلب) كذب وافتراء على القرآن، ولا سيما قوله (ابن كلب). فيه شتم لآدم -عليه السلام- الذي هو أبوه، وهو الأب للبشر جميعًا. وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه". "متفق عليه" فكما أن المسلم لا يحب أن يقال له (كلب، حمار، تيس) وغيرها من الكلمات البذيئة فلا يجوز له أن يقولها لأخيه المسلم. ولو نظر المسلم بعين البصيرة لرأى أن هذه الكلمات النابية موجهة إليه بالذات، لأنه يوجهها إلى أخيه المسلم، وهو أخوه، شاء ¬

_ (¬1) انظر معجم المناهي اللفظية ص 351 (¬2) المصدر نفسه.

أم أبى، لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. "الحجرات 10" لذلك يحسن بالمسلم العاقل أن يقول لمن يقول له هذه الافتراءات (خنزير، بغل، كلب) حتى (ظالم، فاسق، فاجر، كافر) وغيرها من الكلمات القاسية، عليه أن يقول له (أنا أخوك) أي إذا كُنتُ خنزيرًا أو كلبًا أو فاسقًا أو كافرًا، فأنت مثلي لأنني أخوك. ولا يجوز له أن يقابل الكلمات النابية بمثلها عملاً بقول الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. "سوره فصلت 34" وقوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. "سورة النحل125" ومن الغريب والمؤسف أن يقول الوالد لابنه (ابن كلب) فكأنه يقول: إن والدك كلب وأنت ولده. الصواب: (أصلحك الله وهداك). فالدعاء للولد والعاصي وغيرهما أنفع، لعل الله يجيب الدعاء. 6 - الخطأ: (ابن حرام، ابن زنا): للمحتال والنصاب والمفسد. ومعناه أن والدته زنت وجاءت به في الحرام، وهذا رمي لامرأة مسلمة بالزنا، فإما أن يقيم على ذلك أربعة شهود - وهيهات- وإما أن يُجلد ثمانين جَلدة لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا، وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. "سورة النور 4، 5" وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}. "النور 23 - 25" أقول: إذا كان بعض الأشخاص أساؤوا في معاملاتهم، فلا يجوز اتهام أمهاتهم ولا سيما في الزنا: قال الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. "سورة فاطر 18" الصواب: (أن يقال لهذا الشخص المخطىء): عملك عمل المحتالين والنصابين والمفسدين.

7 - الخطأ: كلمة (الأصوليين) وهي كلمة يصف الغرب بها المسلمين للدلالة على الجمود الفكري، ومعاداة التحرر والإنشقاق الديني) ووقع في ذلك بعض الِإعلاميين الإِسلاميين حيث أخذوا ينقلون تلك الأخبار المعادية للإِسلام وأصبحوا يتداولونها عن جهل بمقاصد أصحابها، أو غرض في نفوس بعضهم، فكانوا بفعلهم هذا أعوانًا للأعداء على الإِسلام والمسلمين. الصواب: نقول: (الأصوليون) في الإِسلام هم العلماء المتمسكون بأصول الدين مع القدرة على استنباط الأحكام). 8 - الخطأ: (وجهك يقطع الرزق) (لا أتفاءل بوجهك). الواجب: تركها لأن ادعاء شيء كهذا هو ضرب من ادعاء معرفة الغيب وهو لله تعالى وحده قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}. [النمل: 65] وهذا مع ما فيه من التشاؤم قال - صلى الله عليه وسلم -: (الطِيَرَة شرك) "صحيح رواه أحمد" وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب التفاؤل ويكره التشاؤم. وبما أن المسلم لا يريد أن تقال له هذه الجملة فلا يقولها لغيره. الصواب: (وجهك يُبشر بالخير) (أتفاءل بوجهك). 9 - الخطأ: (فلان لعنه الله، أو يقول لأخيه الله يلعنك). وذلك لأن اللعن معناه الطرد من رحمة الله، فكأنه يدعو على أخيه بالطرد من رحمة الله، وهذا حرام لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (لعنُ المؤمن كقتله). "رواه البخاري ومسلم" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء). "رواه مسلم" الصواب: (فلان أصلحه الله، الله يهديك). وغير ذلك من العبارات اللطيفة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه). "أخرجه البخاري"

أخطاء في حق غير المسلم

أخطاء في حق غير المسلم 1 - الخطأ: قول (أخي) لغير المسلم، أو الضحك إليه لطلب المودة. الصواب: (فلان أو ابن فلان). لأنه ليست هناك أُخوة إلا أُخوة النسب أو الرضاع، وتبقى بعدها أُخوة الدين، والكافر ليس أخًا في الدين والله تعالى يقول على لسان نوح: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}. [هود: 45، 46] وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. "سورة الحجرات: 10" 2 - الخطأ: قول الرجل (مسيحي) على النصراني. الصواب: (نصراني) لأن الله سماهم (نصارى). قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ. . .}. الآية. "سورة المائدة" أخطاء في أحوال المسلمين عامة 1 - الخطأ: (تولي بعض النساء أمورَ المسلمين). وقد انتشرت هذه الظاهرة في كثير من بلدان المسلمين، حتى إن المرأة وصلت إلى أعلى منصب في الدولة، في بعض الدول الإِسلامية. قال - صلى الله عليه وسلم -: (لن يُفلحَ قومٌ ولَّوا أمرَهم امرأة). "رواه البخاري" - وكذا فإن سليمان -عليه السلام- حين علم أن هناك مَن يسجد للشمس مِن دون الله -وكان أمرهم إلى الملِكة بلقيس- أتى بهم صاغرين حتى أرغمهم على النزول على حكمه، وترك عبادة الشمس، وأن يعبدوا الله وحده لا شريك له، فتركت الملكة مملكتها المزعومة ونزلت على حكم سليمان -عليه السلام-. الصواب: (تولية أمور المسلمين للرجال المسلمين الأتقياء) ليأخذوا بنواصي العباد إلى ما فيه الخير والصلاح؛ لأنهم أقوى على تحمل الصعاب مِن النساء واللواتي يتعرضن للحمل والولادة وتربية الأولاد، وتنظيم البيت والأسرة. قال الله تعالى:

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34] فإذا تولت المرأة عملاً فسوف يتعرض بيتها للدمار: فهذه مديرة تقول: "ذهبت لعملي صباحًا وولدي الصغير مريض يبكي، ولما عدت وجدته ميتًا، فندمت حيث لا ينفع الندم". 2 - الخطأ: (ترك الحكم بشريعة الإِسلام في البلدان الإسلامية). الصواب: (يجب على الحكومات التمسك بالحكم بشريعة الله وحده ونبذ كل تشريع يخالف شريعة الإِسلام حتى ينصرهم الله). قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ. . . الظَّالِمُونَ. . . الْفَاسِقُونَ. . .} الآيات "سورة المائدة 44 - 45 - 47" وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. [النساء: 65] وقال تعالى مخاطبًا نبيه: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ. . .} الآية. [المائدة: 49] فإن حكم الحاكم بغير شريعة الإِسلام معتقدًا عدم صلاحيتها، أو أن غيرها أفضل منها، أو مساوية لها، فهو كافر خارج من الإِسلام بإجماع المسلمين. وأما إن حكم بغير الإِسلام معترفًا بأفضليته، وتقصيره في عدم حكمه بالإسلام، واعترافه بخطئه وأنه مذنب، فهو ظالم لنفسه، ويكون واقعًا في كبائر الذنوب، وعليه أن يتوب، ويرجع إلى الله تعالى. ويوم ترك المسلمون حكم الله، أصابهم الذل والهوان والتفرق ولا عزَّ لهم إلا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}. [محمد: 7]

أخطاء في عادات الناس

أخطاء في عادات الناس 1 - الخطأ: (قول بعض الناس لمن خرج من الحمام (شُفيتم) ويقول الآخر (الخارج) شفاك الله). الصواب: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته). ويقول الخارج من الحمام: (غفرانك) "صحيح أخرجه البخاري في الأدب المفرد" لأن كلمة (شفيتم) لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه والخروج عن منهج السلف خروج في الحقيقة عن الطريقة السَّوِيَّة. قال - صلى الله عليه وسلم -: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها). "أخرجه مسلم. 2 - الخطأ: (قول بعض الناس عند النوم): (تصبح على خير). ويقول الآخر: (وأنت من أهل الخير). وعند الصباح يقولون: (صباح الخير). ويقول الآخر: (صباح النور). وعند المساء يقولون: (مساء الخير). ويقول الآخر: (مساء النور). لأن ذلك من تقليد اليهود والنصارى في عاداتهم. الصواب: (القول في الصباح والمساء في كل الأوقات): (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:) لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) "رواه مسلم" ويمكن القول بعد السلام (مرحبًا بالقوم، صبحكم الله بالخير، الله يُمسيكم بالخير) يخالف تحية غير المسلمين. وفي الحديث: (من تشبه بقوم فهو منهم). "صحيح رواه أبو داود" 3 - الخطأ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) عند الطعام. لأنها شرعت في كتابة الرسائل، وفي أوائل سور القرآن. الصواب: (بسم الله) (فقط) وقد أنكر عبد الله بن عمر أن تقال كاملة كما في المستدرك 1/ 11 للحاكم، وذكر السيوطي في (الحاوي) أنها بدعة مذمومة: قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أكل أحدكم طعامًا فليذكر اسم الله فإن نسي أن يذكر الله في أوله، فليقل بسم الله على أوَّلِه وآخره) "صحيح رواه أبو داود والترمذي" والتسمية الكاملة تقال عند قراءة أول سورة القرآن، وعند كتابة الرسائل.

4 - الخطأ: (البقية في حياتك) وتقال عند التعزية. لأن قول (البقية في حياتك) خطأ إن قصد بها أن باقي حياة المتوفَّى في حياة ابنه، أو أخيه، أو قريبه، والميت قد استوفى أجله ولم يبق له منه شيء. قال الله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} الآية. [الأعراف: 34] الصواب: (إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مُسَمَّى فلتصبر ولتحتسب) "رواه البخاري" 5 - الخطأ: (تشبه الرجال بغير المسلمين بحلق اللحى وإطالة الشارب وعدم صبغ الشيب) الصواب: الواجب (إعفاء اللحية وقص الشارب، وصبغ الشعر الأبيض). عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أعفو اللحَى وجُزّوا الشوارب وغَيِّروا شَيبكم ولا تَشبَّهوا باليهود والنصارى) "صحيح رواه أحمد" 6 - الخطأ: (الأكل والشرب بالشمال) الصواب: الأكل والشرب باليمين وذكر اسم الله أولًا وهو: (بسم الله) (وإذا نسي فليقل بسم الله أوله وآخره). قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) "رواه مسلم" 7 - الخطأ: (أنا عندي طبع لا أستطيع تغييره). وهي كلمة كثيرًا ما تقال: على سبيل الإعتداد بالرأي، والثبات على موقف الخطأ في الخصومة، وغيره. الصواب: (إن فيَّ طبعًا أسأل الله تعالى منه العفو والعافية والإصلاح، والإستسلام لله تعالى وأوامره). قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 112] قال ابن القيم -رحمه الله-: والإسلام هو الإستسلام لله بالتوحيد والإنقياد له بالطاعة: قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ. . .} الآية. انتهى. "سورة البقرة"

8 - الخطأ: (لم يُخلَق مَن يَرُد لي كلمة) وهي كلمة كثيرًا ما تقال في البلدان العربية على سبيل التحدي مِن الخصوم، وفيها من الكِبْر والغرور، والأمن مِن مَكرِ الله تعالى. فادعاء العلم بأن الذي يستطيع فعل أمرٍ لم يُخلق بعدُ هو في حقيقة الأمر، ادعاء علم الغيب، والله تعالى يقول: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}. [النمل: 65] وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يعلم الغيبَ إلا الله) "حسن رواه الطبراني" وليس لأحدٍ كائنًا مَن كان سبيل إلى الحصر في ذلك أو القطع بأمر كهذا، وهو من التقوُّل على الله تعالى بغير علم. والله تعالى يقول: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36] الصواب: (لم أرَ إلى الآن مَن يَردُّ كلمتي) والأولى تركها أيضًا لقول مالك -رضي الله عنه-: كل واحدٍ يؤخذ من قوله ويُرَد إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم -. 9 - الخطأ: (قول بعض الناس: (الفاتحة على روح فلان) عند إخبارهم بوفاته (أو حين دخول المقبرة). فهي بدعة لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الخلفاء الراشدين ولا مَن بعدهم مِن السلف الصالح. الصواب: (الدعاء لفلان بالمغفرة والرحمة والقبول). فقد قال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه بعد دفن الميت: (استغفروا لأخيكم وسَلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل) "صحيح رواه الحاكم وغيره" 10 - الخطأ: (قول بعض الناس: (نَسيتُ آية كذا). الصواب: (نُسِّيتُ آية كذا وكذا) بتشديد السين وكسرها. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (بئس ما لِأَحَدِكمٍ أن يقول نَسيت آية كَيتَ وكَيت، بل نُسِّيَ. واستذكروا القرآن فإنه أشد تَفَصِّيًا مِن صدور الرجال مِن النَّعَم). "متفق عليه" 11 - الخطأ: (قول بعض الناس للآخر يوم العيد (العفو لله ورسوله). وهي منتشرة عند أهل السودان خاصة وبعض البلدان الأُخرى وهي نوع من إطراء النبي - صلى الله عليه وسلم - والمبالغة في مدحه وإعطائه أنواعًا من الدرجات التي لم تكن له، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تطروني كما أطرَتِ النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله) [تطروني: تبالغوا في مدحي] "أخرجه البخاري"

فهو لا يملك المغفرة لأحد بعد موته: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ}. [آل عمران: 135] وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25] وقال - صلى الله عليه وسلم -: (يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت مِن مالي لا أُغني عنكِ مِن الله شيئًا) "رواه البخاري" فلو كان يملك العفو لها لكفاها مؤنة العمل في الدنيا والحساب في الآخرة. الصواب: (تقبل الله منا ومنكم). 12 - الخطأ: (كل عام وأنتم بخير) في أيام العيد وغيره. . . . لأنه لم يرد عن السلف، ولأن هذه الجملة عطلت سُنَّة شرعية، وقول: (كل عام وأنتم بخير) تركٌ لما جاءت به الآثار الصحيحة عن الصحابة -رضوان الله عليهم-، والخير في اتباع السلف الصالح لا اتباع غيرهم: الصواب: (تقبل الله منَّا ومنكم) لأن ما قبل العيد الصوم، أو الحج ويحتاج إلى دعاء القبول. 13 - الخطأ: (إقامة الأعياد المختلفة كعيد الميلاد وعيد رأس السنة وعيد الأُم ونحو ذلك) الصواب: (إحياء الأعياد المشروعة فقط وهي عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك). عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَد) "متفق عليه" 14 - الخطأ: (لو لم أدخل المسجد لما سُرقت محفظتي) فهذا فيه اعتراض على أقدار الله تعالى بعد وقوعها، وقد قدر الله كل ما يصيب الإنسان من خير وشر قبل أن يخلقه، بل قبل أن يخلق الدنيا كلها. قال الله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] وقال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] الصواب: (قدَّرَ الله وما شاء فعل) قال - صلى الله عليه وسلم -: (ولا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدَّرَ الله وما شاء فعل، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان) "أخرجه مسلم"

15 - الخطأ: (عُباد الشمس = اسم نبات) وهذا لا يجوز لأن الأشجار لا تعبد الشمس كما قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [الحج: 18] فالمعبود بحق هو الله تعالى وحده. الصواب: (دوار الشمس) لأنه يدور مع الشمس 16 - الخطأ: (أنا عبدك ومخدومك) وهذا خطأ كبير فالناس كلهم عبيد الله وحده، وليسوا عبيدًا لأحد. قال الله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: 93] فلا يجوز إلا لمن كان مملوكًا فعلًا لغيره كما قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] الصواب: (أنا عبد لله وخادمك) لأن المخدوم هو الذي يخدمه غيره، والمتكلم أراد أنه خادمه. 17 - الخطأ: (لعنة الله على المرض هو الذي أعاقني) وهذا من أعظم القبائح لأنه لعن لما قدره الله تعالى وهو المرض وذلك بمنزلة سبِّ الله تعالى، ولا يجوز لمسلم أن يكثر اللعن والطعن: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان) "رواه مسلم" الصوب: (قدَّر الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون). قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] 18 - الخطأ: (خسرتُ في الحج كذا وكذا، خسرت في العمرة كذا وكذا، خسرت في الجهاد كذا وكذا) وهذه غير صحيحة؛ لأن ما بذل في طاعة الله تعالى ليس بخسارة وإنما هو الربح الحقيقي. . قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111] الصواب: (صرفت في الحج كذا وكذا).

أخطاء في حق الناس

19 - الخطأ: (علي محمد إبراهيم) بدون وضع كلمة (ابن). الصواب: (علي بن محمد بن إبراهيم) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عن نفسه: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب). وكان السلف من الصحابة والتابعين يذكرون أسماءهم كذلك مثل أبي بكر، واسمه عبد الله بن أبي قحافة، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب 20 - الخطأ: (تعِس الشيطان) إذا عثرت دابته أو سيارته. الصواب: (بسم الله) عن أبي المليح عن رجل قال: كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - فعثرَت دابته فقلتُ: تعِسَ الشيطان، فقال: (لا تقل تعِسَ الشيطان، فإنك إذا قلت ذلك، تعاظم حتى يكون مثل البيت ويقول بقوتي، ولكن قل: بسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب) "صحيح رواه أبو داود والنسائي" أخطاء في حق الناس 1 - الخطأ: (السيد)، (السيد فلان). الصواب: (سيد بني فلان) ولا تُعَرَّفْ (بأل) وذلك لأن (السيد) لا تجوز لكافر ولا فاسق، أو منافق. قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تقولوا للمنافق سيدَنا فإنه إن يكُ سيدكم فقد أسخطتم ربكم) "صحيح أخرجه دواد عن بريدة" فلا تجوز إلا مقيدة (مضافة) إلى قومه أو إلى قبيلته فيقال سيد بني فلان ولا تعرف (بأل). وأما (السيد) المطلق. ومن لم يكن ذو سيادة، فلا تجوز. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - للأنصاري حينما جيء (بسَعد) جريحًا راكبًا على الحمار: (قوموا إلى سيدكم) "رواه البخاري" وفي روايه غير البخاري (قوموا إلى سيدكم فأنزلوه) ولا حجة في هذا الحديث للقيام إلى القادم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخاطب الأنصار أن يقوموا إلى سيدهم فينزلوه من فوق الحمار، ولم يقم الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين إلى سعد -رضي الله عنه-.

أخطاء في التسمية

أخطاء في التسمية 1 - الخطأ: (تسمية الأشياء بغير مسمياتها): كتسمية (ربا البنوك): (فوائد البنوك). وتسمية (الخمر): (مشروبات روحية). وتسمية (الزنا): (علاقات جنسية). الصواب: (التسمية بما سَمَّى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وفي ذلك من الفوائد الكثيرة كمعرفة الناس، لما حرمه الله سبحانه وتعالى اسمًا، ووصفًا، لينفروا منه بعد معرفة ضرره، وعقوبته، وحتى لا يصغر قبح الحرام في نفسنا، بعد تغير الإسم المذموم): قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية "البقرة: 278، 279" وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} "المائدة: 90، 91" وقال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} "الإسراء: 32" 2 - الخطأ: (الكرْم) وإطلاقها على العِنب. الصواب: (العنب) فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تسمية العنب بـ (الكرْم) وقال: (لا تقولوا الكرمَ، ولكن قولوا العِنب والحبلَةَ). "رواه مسلم" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ويقولون الكَرمُ، إنما الكرمُ قلب المؤمن) "أخرجه مسلم" وهذا لأن هذه اللفظة تدل على كثرة الخير، والمنافع في المسمى بها، وقلب المؤمن هو المستحق لذلك. 3 - الخطأ: (التكني بكنية (أبي الحكم) لأن الحكم هو الله، فلا يجوز التكني به. الصواب: (التكني بالكُنى المستحبة (كأبي عبد الله وعبد الرحمن). "رواه مسلم" قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) "رواه مسلم" وفي حديث المقدام بن شريح بن هانىء لما وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قدومه سمعهم

يكنُّونه بأبي الحكم فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (إن الله هو الحَكَم وإليه الحُكم، فلِمَ تُكنى أبا الحكم؟ فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني، فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أحسن هذا فما لكَ مِن الولد؟ قال شريح، ومسلم، وعبد الله قال: فما أكبرهم؟ قلت: شريح. قال: فأنت أبو شريح) "صحيح رواه أبو داود" 4 - الخطأ: (التسمي بأسماء فيها تزكية مثل): (بَرَّهَ، خليفة الله، وكيل الله، وغيرها). الصواب: (التسمي بالأسماء المشروعة): (كزينب، أسماء، عبد الله، عبد الرحمن، وغيرها) نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسمي بَرَّهَ، وقال: (لا تُزَكوا أنفسَكم، الله أعلم بأهل البِر منكم) "صحيح رواه أبو داود" وكذا (جويرية) بنت الحارث الخزاعية كان اسمها (بَرَّهَ) فغيَّره إلى (جويرية) كما في صحيح مسلم وغيره. وكذا لا يصح التسمي بـ (وكيل الله) أو (خليفة الله) لأن الوكيل مَن يتصرف عن موكله بطريقة النيابة، والله -عَزَّ وَجَلَّ- لا نائب له ولا يخلفه أحد، بل هو الذي يخلف عبده، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل) "رواه مسلم" 5 - الخطأ: (التسمي بأسماء قبيحة). (كحَرب، صَعب، حزن، عُصَيَّة، عاصية، مُرَّة، وما أشبهها) الصواب: (التسمي بأسماء حسنة (كحسن، حسين، وغيرهما) فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الاسم الحسن، ويتفاءل به، ومن تأمل السُّنة وجد معان في الأسماء مرتبطة بها، حتى كان معانيها مأخوذه منها، وكان الأسماء مشتقة من معانيها، فتأمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: ("أسلَمَ: سالمها الله" "وغِفار: غفرَ الله لها" "وعُصَيَّة عصَتِ الله ورسوله"). "رواه البخاري ومسلم" وإذا أردت أن تعبرف تأثير الأسماء في مسمياتها فتأمل حديث: سعد بن المسيب عن أبيه عن جده قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:

(ما اسمك؟ قلت، (حزن)، فقال: أنت (سهل) قال: قلت: لا أُغيِّر اسمًا سمانيهِ أبي، قال ابن المسيب، فما زالت تلك الحزونة فينا بعد) "رواه البخاري" [الحزونة: الغلظة] ومنه أرض حزنة، وأرض سهلة، "انتهى مختصرًا من "تحفة المودود" ص 120 - 125" وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غَيِّر اسم (عاصية)، وقال: أنت (جميلة) "رواه ومسلم" ولما ولد الحسلى لعلي -رضي الله عنه- سماه (حربًا) فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (أروني ابني ما سميتموه؟ قلنا: (حربًا) قال: بل هو (حسن). "صححه الحافظ في الإصابة) 6 - الخطأ: قول البعض (التطرف الديني) على مَن تمسك بالإسلام. الصواب: (الغلو الديني) كما في الحديث: (إياكم والغُلو في الدين) "صحيح رواه أحمد وغيره" وهذا إذا كان مَن يطلق عليه ذلك قد خرج عن أحكام الدين بالمبالغة فيها. وقد لهج المتحدثون بهذا الاصطلاح (التطرف الديني) في مطلع القرن الخامس عشر الهجري، وقد حصل فيه رجوع عامة الشباب المسلمين إلى الله تعالى، والتزامهم بأحكام الإِسلام، وآدابه، والدعوة إليه، فكان قبلُ يُنبذ مَن هذا سبيله بالرجعية والتعصب والجمود ونحوها. ودين الله بين الغالي والجافي، وعلماء الإِسلام في كل عصر يقررون النهي عن الغُلو في الدين ويحثون على التوبة في نفس الوقت فقُلبت الموازين في هذه الأزمان، فصار التائب المنيب إلى ربه يُنبَذ بأنه متطرف للتنفير منه، وشَلّ حركة الدعوة إلى الله تعالى. 7 - الخطأ: (أم المؤمنين) ويطلقها بعض الأزواج على زوجاتهم، وقول بعضهم عن زوجته (مدام) كلمة فرنسية وفيها تشبُّه بالأجانب. وقولهم (أم المؤمنين) حرام لأن مقتضاه أن يكون هو نبيّ لأن الذي يوصف بأمهات المؤمنين هُنَّ زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -. الصواب: (أم عبد الله، أو أم فلان) يذكر اسم ولده، أو يقول: (زوجتي، أو أهلي) بدل (مدام).

(4) كيف اهتديت إلى التوحيد والصراط المستقيم

(4) كيف اهتديت إلى التوحيد والصراط المستقيم

موجز كيف اهتديت * كنت نقشبنديًا * كيف انتقلت إلى الطريقة الشاذلية. * مجلس الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. * الضرب بالشيش (بسيخ حديد). * درس عجيب من شيخ صوفي. * كيف اهتديت إلى التوحيد. * مناقشة مع شيخ صوفي. * موقف المشايخ من التوحيد. * الخروج مع التبليغ للدعوة. * الجماعة الصوفية. * جماعة الدعوة والتبليغ. * جماعة الإخوان المسلمين. * السلفيون وأنصار السنة المحمدية. * حزب التحرير. * جماعة الجهاد وغيرهم.

المقدمة

المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا فضل له، ومن يُضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فقد تلقيت رسالة من طالب تركي من بلدة (قونية) هذا نصها: إلى محمد بن جميل زينو المدرس في دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أستاذنا الكريم: أنا طالب في كلية الشريعة (في قونية)، وأخذت كتابكم "العقيدة الإِسلامية" "أطروحة" وترجمت كتابكم إلى اللغة التركية ولكن أحتاج إلى ترجمة حياتكم للطبع، وأنا أريد من فضلكم أن ترسل هذه المعلومات إلى العنوان الآتي شكرًا لفضيلتكم من الآن والسلام على من اتبع الهدى (¬1). "بلال بارومجي" وقد طلب مني بعض إخواني من طلبة العلم أن اكتب قصة حياتي والمراحل التي مررت بها منذ الصغر إلى أن بلغت من العمر قريبًا من 70 سنة وكيف اهتديت إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة عقيدة السلف الصالح التي تستند على الدليل من القرآن الكريم والحديث الصحيح، وهذه نعمة كبيرة لا يعرفها إلا من ذاقها: وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين قال: (ذاقَ طعمَ الإِيمان مَن رضيَ بالله رَبًا، وبالإِسلام دينًا، وبمُحمد رسولًا). "رواه مسلم" ولعل القارئَ يجد في هذه القصة عبرًا ودروسًا نافعة لمعرفة الحق من الباطل. والله أسأل أن ينفع بها المسلمين، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم. محمد بن جميل زينو 1/ 1/ 1415 هـ ¬

_ . . . . . . . . . . . . . (¬1) هذا السلام بهذه الصيغة لا يجوز إلقاؤه على المسلم، بل هو لغير المسلم الذي لم يتبع الهدى، أما السلام على المسلم فيكون بلفظ: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

الولادة والنشأة

الولادة والنشأة 1 - ولدت في مدينة حلب في سورية عام 1925 م (¬1) حسب الجواز، الموافق 1344 هجري، وعمري الآن سبعون سنة تقريبًا، ولما بلغت من العمر عشر سنين تقريبًا دخلت في مدرسة خاصة وتعلمت القراءة والكتابة. 2 - انتسبت إلى مدرسة (دار الحفاظ) وبقيت فيها خمس سنوات حفظت خلالها القرآن غيبًا مع التجويد. 3 - دخلت مدرسة في حلب كانت تسمى (الكلية الشرعية التجهيزية) وهي الآن الثانوية الشرعية، وهي تابعة للأوقاف الإِسلامية، وكانت المدرسة تدرس العلوم الشرعية والعصرية: فقد درست فيها التفسير، والفقه الحنفي، والنحو، والصرف، والتاريخ والحديث وعلومه، وغيرها من العلوم الشرعية. ومن العلوم العصرية درست فيها الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، واللغة الفرنسية، وغيرها من العلوم التي برع فيها المسلمون قديمًا كعلم الجبر مثلًا. أ - وأذكر أني درست علم التوحيد في كتاب اسمه (الحصون الحميدية) وهو يركز على توحيد الرب، وإثبات أن لهذا العالم خالقًا وربًا، وقد تبين لي فيما بعد أنه خطأ وقع فيه كثير من المسلمين والمؤلفين، والجامعات، والمدارس التي تدرس العلوم الشرعية؛ لأن المشركين الذين حاربهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يعترفون بأن الله خالقهم: قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}. [الزخرف: 87] بل الشيطان الذي -لعنه الله- كان يعترف بأن الله ربه: قال تعالى يخبر عن قوله: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ}. [الحجر: 39] ب - أما توحيد الِإله الذي هو الأساس الذي ينجو به المسلم، فلم أدرسه وكنت لا أعلم شيئًا عنه، شأن بقية المدارس والجامعات الذين لا يدرسونه، ولا يعلم عنه الطلاب شيئًا. والله تعالى أمر الرسل جميعا أن يدعوا إليه، وقد دعا إليه خاتم الرسل محمد - صلى الله عليه وسلم - قومه، فامتنعوا واستكبروا كما أخبر الله عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ}. [الصافات: 35] ¬

_ (¬1) من المؤسف أن يكون التاريخ الميلادي هو المنتشر حتى في البلاد الإِسلامية إلا البلاد السعودية فإنها تعتمد التاريخ الهجري وهو الواجب لأنه تاريخ إسلامي، يرمز إلى الهجرة التي أعز الله بها الإِسلام.

لأن العرب المشركين كانوا يعرفون معناها، وأن من قالها لا يجوز له أن يدعو غير الله، وبعض المسلمين يقولونها بألسنتهم، ويدعون غير الله، فينقضونها. ج - أما توحيد الصفات فكانت المدرسة تتأول آيات الصفات كبقية المدارس في أكثر بلاد المسلمين مع الأسف الشديد، وأذكر أن المدرس كان يفسر قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. [طه: 5] (استوى: بمعني استولى) ويستشهد بقول الشاعر: قد استوى بِشرٌ على العراق ... مِن غير سيف ودمٍ مهراق قال ابن الجوزي: هذا الشعر لا يُعلم قائله، وقال آخرون: نصراني، وكلمة (استوى) ورد تفسيرها في البخاري عند قول الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلى السَّمَاءِ} [البقرة: 29] قال: مجاهد وأبو العالية: (استوى: علا وارتفع). "البخاري كتاب التوحيد جـ 8/ 175" فهل يجوز لمسلم أن يترك قول التابعين في البخاري، ويأخذ بقول شاعر مجهول؟ وهذا التأويل الفاسد الذي ينكر عُلُوَّ الله على عرشه يخالف عقيدة الإِمام أبي حنيفة، ومالك وغيرهما، فقد قال الإِمام أبو حنيفة الذي يدرسون مذهبه: (مَن قال لا أعرف رَبي في السماء أم في الأرض فقد كفر)؛ لأن الله يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} "سورة طه: 5" (وعرشه فوق سبع سماوات). "انظر شرح العقيدة الطحاوية 322" 4 - وقد حصلت على شهادة المدرسة عام 1948، ونلت الشهادة الثانوية العامة، ونجحت في مسابقة بعثة للأزهر، لكنني لم أذهب لأسباب صحية، ودخلت دار المعلمين في حلب، وعملت مدرسًا لمدة 29 سنة تقريبًا، ثم تركت التدريس. 5 - بعد استقالتي من التدريس جئت بعمرة إلى مكة عام 1399 هـ، وتعرفت على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وعرف أن عقيدتي سلفية، فاعتمدني مدرسًا في الحرم المكي وقت الحج، ولما انتهى موسم الحج أرسلني إلى الأردن للدعوة إلى الله، فذهبت، ومكثت في مدينة "الرمثا" في جامع صلاح الدين، فكنت إمامًا وخطيبًا ومدرسًا للقرآن، وكنت أزور المدارس الإِعدادية وأُوجه الطلاب إلى عقيدة التوحيد، فكانوا يتقبلونها بقبول حسن.

6 - وفي شهر رمضان من عام 1400 هـ جئت بعمرة إلى مكة، وبقيت إلى بعد الحج، وتعرفت على طالب من طلاب دار الحديث الخيرية بمكة، وطلب مني أن أكون مدرسًا عندهم لأنهم في حاجة إلى مدرسين، ولاسيما في مصطلح علم الحديث، فاتصلت بمديرها فأبدى استعداده، وطلب مني تعميدًا من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، فكتب إلى المدير يطلب منه أن أكون مدرسًا عندهم، فدخلت المدرسة، ودرست الطلاب التفسير، والتوحيد، والقرآن الكريم، وغيرها من الدروس. 7 - ومن فضل الله بدأت بإصدار رسائل صغيرة مختصرة، ومبسطة، فكان لها قبول في جميع بلاد العالم، وقد ترجم بعضها إلى الإِنجليزي، والفرنسي، والبنغالي، والأندنوسي، والتركي، والأوردو، وغيرها من اللغات، وسميتها: (سلسلة التوجيهات الإِسلامية) وصلت إلى أكثر من عشرين رسالة طبع منها مئات الآلاف، وأكثرها مجانية، يجدها القارىء على ظهر غلاف الرسالة بأسمائها وأرقامها. والله أسال أن ينفع بها المسلمين، ويجعلها خالصة لوجه الله تعالى.

كنت نقشبنديا

كنت نقشبنديًا كنت منذ الصغر أحضر الدروس في المساجد والحلقات للذكر، وقد شاهدني شيخ الطريقة النقشبندية، فأخذني إلى زاوية المسجد، وبدأ يعطيني أوراد الطريقة النقشبندية، ولكن لصغر سني لم أستطع أن أقوم بما أمرني به من الأوراد إلا أنني أحضر مجالسهم مع أقاربي في الزوايا، وأسمع ما يقولون من القصائد والأناشيد، وحينما يأتي ذكر اسم الشيخ كانوا يصيحون بصوت مرتفع، فيزعجني هذا الصوت المفاجىء في الليل، ويسبب لي الرعب والمرض، وعندما تقدمت في السن بدأ قريب لي يأخذني إلى مسجد الحي لأحضر معه ما يسمونه (الختم) فكنا نجلس على شكل حلقة، وأحد الشيوخ يوزع علينا الحصى ويقول: "الفاتحة الشريفة، الإِخلاص الشريف" فنقرأ بعدد الحصى سورتي الفاتحة والإِخلاص، والاستغفار، والصلاة على النبي بالصيغة التي يحفظونها، وأذكر منها (اللهم صل على محمد عدد الدّواب) يقولونها جهرًا آخر الذكر وبعدها يقول الشيخ الموكل بالختم: (الرابطة الشريفة) ويقصدون بها أن يتصوروا شيخهم في حال ذكرهم لأن الشيخ يربطهم بالله في زعمهم، فكانوا يهمهمون، ويصيحون، ويعتريهم الخشوع حتى إن أحدهم شاهدته يقفز فوق رءوس الحاضرين من مكان مرتفع من شدة وَجْدِه، كأنه البهلوان فاستغرب هذا التصرف والصياح عند ذكر شيخ الطريقة، ودخلت مرة على بيت قريبي هذا، فسمعت نشيدًا من جماعة الطريقة النقشبندية يقولون فيه: دلوني بالله دلوني ... على شيخ النصر دلوني اللي يبري العليل ... ويشفي المجنونا وقفت على باب البيت، ولم أدخل، وقلت لصاحب البيت: هل الشيخ يُبرىء العليل، ويشفي المجنون؟ قال: نعم، قلت له: الرسول عيسى بن مريم -عليه السلام- الذي أعطاه الله معجزة إحياء الموتى وشفاء الأكمه والأبرص يقول: بإذن الله، فقال لي: وشيخنا يفعل بإذن الله! قلت له: ولماذا لا تقولون بإذن الله؟! علمًا بأن الشافي هو الله وحده، كما قال إبراهيم -عليه السلام-: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}. [الشعراء: 80]

ملاحظات على الطريقة النقشبندية

ملاحظات على الطريقة النقشبندية 1 - تمتاز هذه الطريقة بأورادها السّرية الخفية، فليس فيها رقص ولا تصفيق مما عند غيرهم من الطرق المشهورة. 2 - هذا الاجتماع على الذكر، وتوزيع الحصى على كل واحد، والموكل بالختم يأمرهم أن يقولوا كذا، ووضعهم الحصى في كأس ماء ليشربوا منه، ويستشفوا به، هذا كله من البدع التي أنكرها الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود حينما دخل المسجد، فرأى جماعة يتحلقون، وبأيديهم الحصى، يقول أحدهم: سبّحوا كذا، افعلوا كذا عدد الحصى التي بأيديهم، فقال لهم موبخًا: "ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح قال: فعدُّوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم؟ هؤلاء صحابة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - متوافرون وهذه ثيابه لم تُبلَ وآنيته لم تُكسَر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى مِلَّة أهدى مِن ملة محمد، أو مفتتحوا باب ضلالة؟ "حسن رواه الدارمي والطبراني" وهذه قضية منطقية سليمة، فهؤلاء إما أن يكونوا أهدى من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأنهم وُفِّقُوا إلى عمل لم يصل إليهِ علم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإما أن يكونوا في ضلالة، والفَرَض الأول منتف حتمًا؛ لأنه لا أحد أفضل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يبق إلا الفَرَض الآخر. 3 - الرابطة الشريفة: ويعنون بها أن يتصوروا صورة الشيخ أمامهم في الذكر ينظر إليهم، ويراقبهم لذلك تراهم يخشعون ويصيحون بأصوات منكرة غير واضحة، وهذه مرتبة الإِحسان التي وردت في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الإِحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك). "رواه مسلم" ففي هذا الحديث يرشدنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نعبد الله كأننا نراه، وإذا كنا لا نراه، فإنه يرانا، هذه مرتبة الإِحسان التي هي لله وحده، قد أعطوها لشيخهم وهذا من الشرك الذي نهى الله عنه بقوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}. [النساء: 36] فالذكر عبادة لله لا يجوز أن نشرك به أحدًا، ولو كان من الملائكة أو الرسل والمشايخ دون رتبتهم، فلا يجوز إشراكهم من باب أولى! والحقيقة أن تصور الشيخ في الذكر موجود أيضًا في الطريقة الشاذلية، وغيرها من الطرق الصوفية كما سيأتي.

4 - هذا الصياح الشديد الذي يعتريهم عند ذكر الشيخ، أو طلب المدد من غير الله كأهل البيت، ورجال الله، هو من المنكرات بل هو من الشرك المنهي عنه، فإذا كان الصياح عند ذكر الله منكرًا؛ لأنه يتنافى مع قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}. "سورة الأنفال: 2" وفي قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أيها الناسِ إرْبعوا على أنفسِكم، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم). "متفق عليه" فإن الصياح والخشوع والبكاء عند ذكر الأولياء أشد إنكارًا لأن هذا يدل على الإستبشار الذي حكاه الله عن المشركين حين قال: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}. [الزمر: 45] 5 - الغلو في شيخ الطريقة واعتقادهم أنه يشفي المرضى، مع أن الله تعالى ذكر قول إبراهيم -عليه السلام- في القرآن الكريم. {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}. [الشعراء: 80] (وقصة الغلام المؤمن الذي كان يدعو للمرضى، فيشفيهم الله، حين قال له جليس الملك: لك هذا المال إن أنت شفيتني! فقال له الغلام: (أنا لا أشفي أحدًا إنما يشفي الله إن أنتَ آمنتَ بالله دعوت الله فشفاك). "القصة رواها مسلم في صحيحه" 6 - الذكر عندهم باللفظ المفرد وهو (الله) آلاف المرات هي وِردهم، مع أن هذا الذكر بلفظ (الله) لم يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن صحابته ولا التابعين، ولا عن الأئمة المجتهدين، بل هو من بدع الصوفية؛ لأن لفظ (الله) مبتدأ، ولم يأت بعده خبره، فأصبح الكلام ناقصًا، ولو أن إنسانًا نادى اسم (عمر) عدة مرات، فنقول له: ماذا تريد من عمر؟ فلم يرد علينا إلا باسم (عمر، عمر) لقلنا إنه معتوه، لا يدري ماذا يقول؟ ويستشهد الصوفية على الذكر المفرد بقول الله تعالى: {قُلِ اللَّهُ} ولو أنهم قرأوا الكلام الذي قبله لعرفوا أن المراد: قل الله أنزل الكتاب، ونص الآية: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ. . . قُلِ اللَّهُ} "سورة الأنعام: 91" [أي قل الله أنزل الكتاب].

كيف انتقلت إلى الطريقة الشاذلية

كيف انتقلت إلى الطريقة الشاذلية تعرفت على شيخ من الطريقة الشاذلية حسن الصورة والأخلاق وزارني في بيتي، وزرنه في بيته، فأعجبني لين كلامه، وحديثه، وتواضعه، وكرمه، فطلبت منه أن يعطيني ورد الطريقة الشاذلية، فأعطاني أورادها الخاصة بها وكانت عنده زاوية يأوي إليها بعض الشباب، ويقيمون فيها الذكر بعد صلاة الجمعة. زرته مرة في بيته، فرأيت صورة شيوخ كثيرين للطريقة الشاذلية، مُعلّقة على الجدار، فذكَّرته بالنهي الوارد عن تعليق الصور، فلم يستجب، مع أن الحديث واضح ولا يخفى عليه وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن البيت الذي فيه الصُوَر لا تدخله الملائكة). "متفق عليه" (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصور في البيت ونهى الرجل أن يصنع ذلك). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" وبعد سنة تقريبًا أحببت زيارة الشيخ، وأنا في طريقي إلى أداء العمرة، فدعاني مع ولدي ورفيقي إلى طعام العشاء وبعد الإنتهاء قال لي: هل تسمع شيئًا من الأناشيد الدينية من هؤلاء الشباب؟ فقلت: نعم، فأمر الشباب الذين حوله -وكانت اللحى الجميلة تعلو وجوههم- أن ينشدوا فبدأوا ينشدون بصوت واحد نشيدًا خلاصته: (من كان يعبد الله طمعًا في جنته، أو خوفًا من ناره، فقد عبد الوثن). فقلت لهم: ذكر الله آية في القرآن يمدح فيها الأنبياء قائلًا: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90] فقال لي الشيخ: هذه القصيدة التي ينشدونها هي: (لسيدي عبد الغني النابلسي) فقلت له: وهل كلام الشيخ مُقدم على كلام الله، وهو معارض له؟! فقال لي أحد المنشدين: سيدنا علي -رضي الله عنه- يقول: "الذي يعبد الله طمعًا في جنته، عبادة التجار" فقلت له: في أي كتاب وجدت هذا القول لسيدنا علي، وهل هو صحيح؟ فسكت، فقلت له: هل يعقل أن يخالف علي -رضي الله عنه- القرآن وهو من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن المبشرين بالجنة؟ ثم التفت رفيقي قائلًا لهم: ذكر الله تعالى عن وصف المؤمنين يمدحهم قائلًا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16] فلم يقتنعوا، وتركت الجدال معهم، وانصرفت الى المسجد للصلاة فلحقني منهم

شاب، وقال لي: نحن معكم، والحق معكم، ولكن لا نستطيع أن نتكلم، وأن نرُدَّ على الشيخ! قلت له: لماذا لا تتكلمون الحق؟ قال: سوف يخرجنا من السكن إن تكلمنا: وهذا مبدأ صوفي عام فإن شيوخ التصوف أوصوا تلاميذهم ألا يعترضوا على الشيخ مهما غلط وقالوا لهم عبارتهم المشهورة: "ما أفلح مريد قال لشيخهِ لِمَ؟ " متجاهلين قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (كُل بني آدم خطاء وخيرُ الخطائين التوابون). "حسن أخرجه أحمد والترمذي" وقول مالك -رضي الله عنه-: "كُل واحد يؤخذ مِن قوله ويُرَد إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم -". مجلس الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهبت مع بعض المشايخ إلى أحد المساجد لحضور هذا المجلس فدخلنا حلقة الذكر، وهم يرقصون، ويمسكون بأيدي بعضهم، ويتمايلون، ويرتفعون، وينخفضون، ويقولون: الله، الله. . . وكل واحد من الحلقة يخرج إلى الوسط، ويشير بيديه إلى الحاضرين لينشطوا في الحركة والتمايل. . . . . حتى وصل الدور إليّ لأخرج، وأشار إليّ رئيسهم بالخروج، لأزيد من حركتهم ورقصهم، فاعتذر أحد المشايخ الذين معي وقال له: اتركه إنه ضعيف؛ لأنه يعرف أني لا أحب مثل هذا العمل، ورآني ساكنًا لا أتحرك، فتركني رئيسهم وأعفاني من الخروج إلى وسط الحلقة، وكنت أسمع قصائد من أصوات جميلة، لكنها لا تخلو من طلب المدد والعون من غير الله! ولاحظت أن النساء يجلسن على مكان مرتفع ويتفرجن على الرجال وكانت فتاة منهن متبرجة قد ظهر شعرها وساقها، ويداها ورقبتها، فأنكرت ذلك في قلبي، وقلت لرئيس المجلس في آخر الجلسة: إن فتاة فوقنا سافرة، لو أنك ذكرتها مع النساء بالحجاب في المسجد لكان عملاً طيبًا فقال لي: نحن لا نذكر النساء، ولا نقول لهن شيئًا! قلت له: لماذا؟ قال لي: إذا نصحناهن فسيمتنعن عن الحضور للذكر! فقلت في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله، ما هذا الذكر الذي تظهر فيه النساء، ولا ينصحهن أحد؟ وهل يرضى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا وهو القائل: (مَن رأى منكم منكرًا فلْيُغَيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان). "رواه مسلم"

الطريقة القادرية

الطريقة القادرية دعاني أحد شيوخ الطريقة مع شيخي الذي درست عليه النحو والتفسير، فذهبنا إليه في بيته، وبعد تناول طعام العشاء وقف الحاضرون يذكرون ويقفزون، ويتمايلون، ويقولون الله، الله، وكنت واقفًا معهم لا أتحرك، ثم جلست على المقعد حتى انتهى الشوط الأول، ورأيت العرَق يسيل منهم، فجاءوا بمنشفة ليمسحوا العرَق عنهم، وبما أن الوقت قارب نصف الليل، فتركتهم وذهبت إلى بيتي، وفي اليوم الثاني قابلت أحد الجالسين معهم، وكان مدرسًا معي، وقلت له: إلى متى بقيتم على حالكم؟ فقال لي: إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل وذهبنا إلى بيوتنا للنوم! قلت له: وصلاة الصبح متى صليتموها؟ فقال لي: لم نصلها في وقتها، وفاتتنا. قلت في نفسي ما شاء الله على هذا الذكر الذي يُضيع صلاة الفجر، وتذكرت قول عائشة تصف الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (كان ينام أول الليل، ويُحيي آخره). "متفق عليه" وهؤلاء الصوفيون بالعكس يُحيون أول الليل بالبدع والرقص، وينامون آخره ليضيعوا صلاة الفجر، وقد قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5] [أي يؤخرونها عن وقتها]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (رَكعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها). "رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع"

التصفيق في الذكر

التصفيق في الذكر كنت في مسجد، قد أقيمت فيه حلقة ذكر بعد صلاة الجمعة فجلست أنظر إليهم، ولكي يشتد بهم الوجْدُ والطرب جعل أحدهم يُصفق بيديه، فأشرت إليه أن هذا حرام لا يجوز، فلم يترك التصفيق، ولما انتهى نصحته فلم يقبل، وقابلته بعد مدة لأذكره بأن هذا التصفيق من عمل المشركين حين قال الله عنهم: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35] [المكاء: الصفير، التصدية: التصفيق]. فقال لي ولكن الشيخ الفلاني أباحه! فقلت في نفسي: هؤلاء ينطبق عليهم قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}. [التوبة: 31] ولما سمع عدي بن حاتم الطائي -رضي الله عنه- الآية، وكان نصرانيًا قبل أن يسلم، فقال يا رسول الله: إنا لسنا نعبدهم! فقال له - صلى الله عليه وسلم -: (أليسَ يُحلون لكم ما حرم الله فتُحلونه، ويُحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ قال: بلى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فتلك عبادتهم). "حسن أخرجه الترمذي والبيهقي" وحضرت ذكرًا آخر في مسجد كان المنشد يصفق أثناء الذكر، فقلت له بعد الإنتهاء: إن صوتك جميل ولكن هذا التصفيق حرام، فقال لي: نغم الغناء لا يتم إلا بالتصفيق وقد رآني شيخ أكبر منك فلم ينكر عليّ! ويلاحظ مَن حضر ذكرهم أنهم يُلحدون في أسماء الله، فيقولون: (الله - أه - هي - هو - ياهو) وهذا التبديل والتحريف حرام يحاسبون عليه يوم القيامة.

الضرب بالشيش (بسيخ الحديد)

الضرب بالشيش (بسيخ الحديد) هناك زاوية للصوفية قريبة من بيتنا، ذهبت إليها لأطلع على ذكرهم، وبعد العشاء حضر المنشدون، وكانوا يحلقون اللحى، وجعلوا يقولون بصوت واحد: هاتِ كاس الراح ... واسقِنا الأقداح يرددون هذا البيت، ويتمايلون، ويعيد البيت رئيسهم بمفرده ثم يتبعه الآخرون أشبه بجماعة المغنين والمطربين! ولا يخجلون من ذكر الخمر في المسجد الذي جُعل للصلاة والقرآن، لأن الراح معناها هنا الخمر، والخمر حرمها الله في كتابه، والرسول في أحاديثه. ثم بدأت الدفوف تضرب بشدة، وتقدم أحدهم وكان كبير السن فخلع قميصه، وصاح بأعلى صوته: يا جداه! ويقصد به الإستغاثة بأحد أجداده الأموات من أبناء الطريقة الرفاعية؛ لأنهم مشهورون بهذا العمل! ثم أخذ سيخًا من حديد، وأدخله في جلد خاصرته، وهو يصيح يا جداه، ثم جاء رجل يرتدي اللباس العسكري، حليق اللحية، فأخذ كأسًا من الزجاج وجعل يقضمه بأسنانه! فقلت في نفسي: إن كان هذا الجندي صادقًا فلماذا لم يذهب إلى اليهود ويحاربهم بدلاً من أن يكسر الكأس بأسنانه، وكان ذلك عام 1967 م حينما احتل اليهود جزءًا كبيرًا من الأرض العربية واندحرت الجيوش العربية، وخسرت الحرب، وكان هذا الجندي من بينهم لم يفعل شيئًا مع أنه كان حليق اللحية. 1 - إن بعض الناس يظنون أن هذا العمل كرامة، ولم يعلموا أن هذا العمل من الشياطين المجتمعين حولهم يساعدونهم على ضلالهم؛ لأنهم أعرضوا عن ذكر الله وأشركوا بالله حين استغاثوا بأجدادهم، مصداقًا لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 36، 37] والله تعالى يُسخر لهم الشياطين ليزيدوهم ضلالًا، لقول الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا}. [مريم: 75] 2 - ولا غرابة من مساعدة الشياطين لهم وقدرتهم على ذلك، كما هو المشاهد. والذين ذهبوا إلى الهند كالرحالة ابن بطوطة وغيره شاهدوا من المجوس أكثر من هذا! 3 - فالمسألة ليست مسألة كرامة ولا ولاية، بل ضرب الشيش وغيره من عمل الشياطين المجتمعين حول الغناء والمعازف التي هي من مزامير الشيطان، وأغلب الذين يقومون

بهده الأعمال يرتكبون المعاصي، بل يشركون بالله جهرًا فكيف يكونون من الأولياء وأصحاب الكرامات؟ والله تعالى يقول: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}. [يونس: 62، 63] فالولي هو المؤمن التقي الذي يبتعد عن الشرك والمعاصي، ويستعين بالله وحده عند الشدائد والرخاء، وقد تأتيه الكرامة عفوًا وبدون طلب وشهرة أمام الناس. 4 - وقد ذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية عن أفعال أمثال هؤلاء وغيرهم فقال: ولا تحصل لهم هذه الأفعال عند قراءة القرآن والصلاة؛ لأن هذه عبادات شرعية إيمانية، محمدية، تطرد الشياطين. . . وتلك عبادات بدعية شركية، شيطانية، فلسفية، تستجلب الشياطين. 5 - والغريب أن واحدًا ممن تأثروا بالفكر الصوفي هو (سعيد حوى) قد انطلت عليه هذه الأباطيل، فراح يكتب عنها، ويدعو إلى دراسة الطريقة الرفاعية، ويروي حادثة سمع بها يقول عنها: حدثني رجل نصراني أن رجلاً ضربه في بطنه، فخرج السيخ من ظهره. .!! ثم يقول: وقد يكون صاحب هذه الكرامة فاسقًا، فتكون لجده!! "انظر كتاب تربيتنا الروحية 74" فالكاتب يأخذ الحادثة عن رجل نصراني، وقد يكون كاذبًا، وهل تكون الكرامة لفاسق؟ ومتى كانت بالوراثة؟ الكرامة تكون للأولياء المتقين، ولا تكون بالوراثة، ولا تكون لفاسق، وإذا حصل شيء خارق للعادة لفاسق، فلا يُسمى كرامة، كما زعم "سعيد حوى" بل يكون استدراجًا لهم، ليزيدهم في الضلال، وسبق أن ذكرت أن المجوسِ يقومون بأعمال أشد من ضرب السيخ! 6 - ثم إن رجلاً سلفيًا كلف أحد هؤلاء المشعوذين الذين يضربون أنفسهم بالشيش، أن يدخل دبوسًا في عينه، فامتنع وخاف، مما يدل على أنه يدخل الشيش في جلده بسيخ خاص، والذين كانوا يتعاطون مثل هذه الأعمال ثم تابوا تحدثوا عن الدم الذي كان يسيل منهم، ويغسلونه بعد ذلك. 7 - وحدثني مسلم صادق رأى بعينه جنديًا يضرب نفسه بسيخ حديد له شكل خاص، ورأى الدم يسيل من مكان السيخ، ولما أخذوه إلى قائده العسكري قال له: نحن نضربك على رجليك بالبارودة فإن كنت صادقًا فاصبر وتحمل، ولما نُفذَ الضرب به بدأ يبكي ويصيح ويولول، ويستغيث، ولم يتحمل الضربات، وبدأ الجنود يضحكون.

الخلاصة أن الضرب بالشيش لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه، ولا التابعون، ولا الأئمة المجتهدون ولو كان فيه خيرًا لسبقونا إليه، ولكنه من فعل المبتدعين المتأخرين المستعينين بالشياطين، المشركين برب العالمين وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من هذه البدع فقال: (إياكم ومحدَثاتِ الأمور، فإن كل محدَثة بدعة، وَكل بدعة ضلالة، وَكل ضلالة في النار). "صحيح رواه النسائي" وعمل هؤلاء المبتدعة مردود عليهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن عَمِل عمَلًا ليسَ عليه أمرنا فهو رَدّ). [أي مردود عليه]. "رواه مسلم" وهؤلاء المبتدعة يستعينون بالأموات والشياطين، وهو من الشرك الذي حذر الله منه بقوله: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}. [المائدة: 72] وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن مات وهو يدعو مِن دون الله نِدًّا دخل النار). "رواه البخاري" [الند: المثل والشريك]. وكل من اعتقد بهم أو ناصرهم، فهو منهم.

الطريقة المولوية

الطريقة المولوية كانت لهم زاوية خاصة في بلدي تسمى (المولوية) وهي مسجد كبير تقام فيه الصلوات، وفيه عدد كبير من الأموات، لها سياج، قد بُني فوق القبور من الأحجار المزخرفة المرتفعة، والتي كتب عليها آيات من القرآن، واسم صاحب القبر، وأبيات الشعر، كان هؤلاء الجماعة يُقيمون "حضرة" كل جمعة أو في المناسبات ويلبسون على رءوسهم (الكلاخ) طربوش طويل من صوف رمادي ويستعملون الناي، وبعض الآلات الموسيقية عند الذكر يُسمع من بعيد، وشاهدت أحدهم يقف وسط الحلقة، وهو يدور حول نفسه مرارًا، ولا يتحرك من مكانه، ويحنون رءوسهم عند طلب المدد من شيخهم جلال الدين الرومي وغيره. 1 - والغريب أن المساجد في كثير من بلاد المسلمين، وهذا المسجد منها يدفنون الأموات فيها متشبهين باليهود والنصارى: حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد يُحذر ما صنعوا). "رواه البخاري" والصلاة إلى القبور منهي عنها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تجلسوا على القبور، ولا تُصَلُّوا إليها). "رواه مسلم وأحمد" أما البناء على القبور كالشواهد، والقباب والجدران، والكتابة عليها، وتدهينها فاسمع نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك: (نهى أن يُجصَّص القبرُ، وأن يُبنى عليه). "أخرجه مسلم" وفي رواية: (نهى أن يكتب على القبر شيء). "رواه الترمذي والحاكم ووافقه الذهبي" [يُحصص: يُطلى بالجص والدهان]. 2 - أما استعمال المعازف في المساجد والذكر فهو من بدع الصوفية المتأخرين، وقد حرم الرسول - صلى الله عليه وسلم - الموسيقا بقوله: (لَيكونَن مِن أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمرَ والمعازف). [الحِرَ: الزنا]. "رواه البخاري تعليقًا وأبو داود وصححه الألباني وغيره" ويستثنى من المعازف الدف يوم العيد والنكاح للنساء.

3 - وكان هؤلاء يتنقلون في المساجد لإقامة ما يسمى (النوبة) وهي الذكر مع المعازف، وكانوا يسهرون في الليل ويسمع أهل الحي أصوات المعازف المنكرة! 4 - كنت أعرف واحدًا منهم كان يُلبس ولده (البزنيطة) التي يلبسها الكفار، فأخذتها سرًا ومزقتها، فانزعج هذا الصوفي من تمزيق البرنيطة وعاتبني غاضبًا، فقلت له: أخذتني الغيرة على ولدك الذي يتزيا بزي الكفار واعتذرت له، وكان يعلق لوحة في مكتبه كتب عليها: (يا حضرة مولانا جلال الدين). فقلت له: كيف تنادي هذا الشيخ الذي لا يسمع ولا يستجيب؟ فسكت. هذه خلاصة عن الطريقة المولوية.

درس عجيب من شيخ صوفي

درسٌ عجيب مِن شيخ صوفي ذهبت مرة مع أحد الشيوخ الى درس في أحد المساجد، وقد اجتمع إليه عدد من المدرسين والمشايخ، وكانوا يقرأون في كتاب اسمه: (الحِكم لابن عجيبة) وكان الدرس عن تربية النفس عند الصوفية، وقرأ أحدهم في الكتاب المذكور هذه القصة العجيبة: 1 - دخل رجل صوفي الحمام للإغتسال، ولما خرج من الحمام سرق المنشفة التي يعطيها صاحب الحمام للمغتسل، وأبقى طرفها مكشوفًا حتى يراه الناس ويوبخونه ويسبونه، لأجل أن يذل نفسه ويربيها على الطريقة الصوفية، وبالفعل فقد خرج الصوفي من الحمام فلحقه صاحب الحمام، ورأى طرف المنشفة تحت ثوبه، فوبخه، وأساء إليه، والناس يستمعون إليه ويرون هذا الشيخ الصوفي الذي سرق المنشفة من الحمام، وقد انهالوا عليه بالسب والشتم وغير ذلك مما يفعله الناس مع السارق، وقد أخذوا صورة سيئة عن هذا الرجل الصوفي!! 2 - رجل صوفي آخر أراد أن يربي نفسه ويذلها، فحمل كيسًا في رقبته وملأه جوزًا، وخرج إلى السوق، وكان كلما مرّ صبي قال له: أُبصق على وجهي حتي أَعطيك جوزة: (فاكهة يحبها الأطفال) فيبصق الصبي علي وجه الشيخ فيعطيه جوزة، وهكذا كان البصاق مِن أولاد الشوارع يتوارد على وجه الشيخ طمعًا في أخذ الجوزة، والشيخ الصوفي مسرور، وعند سماعي لهاتين القصتين كدت أتميز غيظًا، وضاق صدري من هذه التربية الفاسدة التي يتبرأ منها الإِسلام الذي كرم الإنسان بقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ. . .}. [الإسراء: 70] فقلت للشيخ الذي معي بعد خروجنا: هذه هي الطريقة الصوفية في تربية النفس! وهل تكون تربيتها في السرقة المحرَّمة التي حكم الشرع بقطع يد السارق؟ أم هل تكون بالمهانة والصغار وارتكاب أخس الأعمال؟ إن الإِسلام يأبى هذا العمل، ويأباه العقل السليم الذي كرم الله به الإِنسان، وهل هذه من الحِكم التي سمى الشيخ كتابه (الحِكَم لابن عجيبة)!! ومن الجدير بالذكر أن هذا الشيخ الذي يترأس الدرس له أتباع وتلاميذ كثيرون، فمرة أعلن الشيخ أنه يريد الحج فذهب التلاميذ للإكتتاب عنده وتسجيل أسمائهم ليرافقوه إلى الحج، حتى النساء بدأن الإكتتاب وربما احتجن إلى بيع الحلي من أجل ذلك،

حتى بلغ عدد الراغبين كثيرًا، واجتمعت الأموال لديه كثيرة جدًا، ثم أعلن عدم استطاعته الحج، ولم يرد الأموال لأصحابها، بل أكلها بالحرام، وصدق عليه قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. . .}. [التوبة: 34] وسمعت أحد أتباعه وهو من الأغنياء الذين عاملوا الشيخ يقول عن الشيخ: أكبر دجال وأكبر محتال!!

الذكر في المساجد عند الصوفية

الذكر في المساجد عند الصوفية 1 - حضرت مرة ذكرًا للصوفية في مسجد الحي الذي أسكن فيه وجاء رجل منهم حسن الصوت لينشد لهم الأناشيد والقصائد أثناء الذكر في حلقة اجتمع فيها أهل الحي، وكان مما سمعته من هذا الصوفي قصيدة أذكر منها قوله: يا رجال الغيب ساعدونا أنقذونا انصرونا. . . إلى آخر هذه الإستغاثات، وطلب الحاجات من الأموات الذين لا يسمعون، ولو سمعوا ما استجابوا لهم، ولا يملكون النفع لأنفسهم فضلًا عن غيرهم، وقد أشار القرآن إلى هؤلاء فقال: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}. [فاطر: 13، 14] وبعد الخروج من الذكر وانتهائه قلت للشيخ إمام المسجد الذي شارك فيه: إن هذا الذكر لا يستحق أن يسمى ذكرًا؛ لأنني لم أسمع فيه ذكر الله، ولا طلبًا من الله، ولا دعاء، وإنما سمعت نداء ودعاء لرجال الغيب، ومن هم رجال الغيب الذين يستطيعون نصرنا وإنقاذنا ومساعدتنا. فسكت الشيخ، وأكبر رد على هؤلاء قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}. [الأعراف: 197] 2 - ذهبت مرة أُخرى إلى مسجد آخر فيه عدد كبير من المصلين وفي المسجد شيخ صوفي له أتباع، وبعد الصلاة قاموا إلى الذكر فبدأوا يقفزون ويرقصون في الذكر وهم يصيحون الله -آه- هي، واقترب المنشد من الشيخ، وبدأ يرقص أمامه ويتمايل كأنه مغنية أو راقصة، وهو يتغزل بشيخه، والشيخ ينظر إليه مبتسمًا راضيًا وكنت أزور هذا الشيخ أحيانًا مع شيخي وهو من الصوفية أيضًا، ومرة ذهبنا إليه بعد رجوعه من الحج، وجلسنا نستمع إليه، فبدأ يتحدث عن ركوبه في سيارة مريحة عريضة من نوع (أمريكي) وذلك حين تنقله من مكة إلى المدينة، فقلت في نفسي: ما الفائدة من هذا الكلام، وكان الأَولى أن يتحدث عن فوائد الحج الإجتماعية والروحية وغيرها تحقيقًا لقول الله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}. [الحج: 28]

كيف يعامل الصوفية الناس

كيف يعامل الصوفية الناس 1 - اشتريت من أحد تلاميذ الشيخ الصوفي المذكور حانوتًا وشرطت عليه أن يكفل المستأجر إذا تأخر عن دفع الِإيجار فرضي بذلك، وبعد فترة امتنع المستأجر عن الدفع، فراجعت المالك السابق الذي اشتريت منه، فرفض أن يدفع شيئًا بحجة أنه ليس لديه ما يدفعه، وبعد أيام قليلة يذهب هذا الصوفي مع شيخه إلى الحج، فعجبت له، وعرفت أنه كاذب. ثم شكوت أمري لبعض تلامذة الشيخ المقربين ما فعل هذا الرجل الذي غشني وباعني الحانوت من مستأجر لا يدفع الِإيجار فلم يفعل شيئًا وقال لي: ماذا نفعل معه؟ ولو كان منصفًا لاستدعاه وطلب منه أن يؤدي حق الناس. وكنت أتردد على مكان هذا الكفيل، وعنده معمل للنسيج، فرآني أحد تلامذة الشيخ الذي كان ينشد القصائد ويتمايل أمام الشيخ راقصًا، فعرف أني أريد زميله، وطلبت منه أن يدلني عليه، وذكرت له عمله، فبدلًا من أن ينصفني انهال علَيَّ بالكلام الفاحش والبذيء، فتركته فقلت في نفسي: هذه أخلاق الصوفية وقد حذر منها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (أربعٌ مَن كنّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة مِن النفاق حتى يدعها: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصَم فجرَ). "متفق عليه"

كيف اهتديت إلى التوحيد؟

كيف اهتديت إلى التوحيد؟ كنت أقرأ على الشيخ الذي درست عليه حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله). "رواه الترمذي وقال: حسن صحيح" فأعجبني شرح النووي حين قال: "ثم إن كانت الحاجة التي يسألها، لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه، كطلب الهداية والعلم. . وشفاء المرضى وحصول العافية سأل ربه ذلك، وأما سؤال الخلق والإعتماد عليهم فمذموم". فقلت للشيخ هذا الحديث وشرحه يفيد عدم جواز الإستعانة بغير الله، فقال لي: بل تجوز!! قلت وما دليلك؟ فغضب الشيخ وصاح قائلًا: إن عمتي تقول يا شيخ سعد (وهو مدفون في مسجد تستعين به) فأقول لها يا عمتي وهل ينفعك الشيخ سعد؟ فتقول: أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني!! قلت له: إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب، ثم تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة! فقال لي عندك أفكار وهابية، أنت تذهب للعمرة وتأتي بكتب وهابية!!!! وكنت لا أعرف شيئًا عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايخ: فيقولون عنهم: الوهابيون مخالفون للناس لا يؤمنون بالأولياء وكراماتهم، ولا يحبون الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وغيرها من الإتهامات الكاذبة! فقلت في نفسي إن كانت الوهابية تؤمن بالإستعانة بالله وحده، وأن الشافي هو الله وحده، فيجب أن أتعرف عليها، سألت عن جماعتها فقالوا: لهم مكان يجتمعون فيه مساء الخميس، لإِلقاء دروس في التفسير والحديث والفقه، فذهبت إليهم مع أولادي وبعض الشباب المثقف، فدخلنا غرفة كبيرة، وجلسنا ننتظر الدرس، وبعد فترة دخل علينا شيخ كبير السن، فسلم علينا وصافحنا جميعًا مبتدئًا بيمينه، ثم جلس على مقعد، ولم يقم له أحد، فقلت في نفسي هذا الشيخ متواضع لا يحب القيام. بدأ الشيخ الدرس بقوله: (إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره) إلى آخر الخطبة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بها خطبه ودروسه، ويتكلم باللغة العربية الفصحى، ويورد الأحاديث، ويبين صحتها وراويها، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما ذكر اسمه، وأخيرًا وُجِّهت له الأسئلة المكتوبة على الأوراق، فكان يجيب عليها بالدليل من القرآن والسنة، ويناقشه بعض الحاضرين فلا يرد سائلًا، وقد قال في آخر درسه: الحمد لله على أننا مسلمون وسلفيون (هم الذين يتبعون السلف الصالح: الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته)،

معنى وهابي

وبعض الناس يقولون إننا وهابيون، فهذا تنابز بالألقاب، وقد نهانا الله عن هذا بقوله: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}. [الحجرات: 11] وقديمًا اتهموا الإِمام الشافعي بالرَّفض فردَّ عليهم قائلًا: إن كان رَفضًا حُبُّ آل محمدٍ ... فليشهدِ الثقلانِ أني رافضي ونحن نردُّ على مَن يتهمنا بالوهابية بقول أحد الشعراء: إن كان تابعُ أحمدٍ مُتوهِّبًا ... فأنا المقِرُّ بأنني وهَّابي ولما انتهى خرجنا مع بعض الشباب معجبين بعلمه وتواضعه وسمعت أحدهم يقول: هذا هو الشيخ الحقيقي!!! معنى وهابي أطلق أعداء التوحيد على الموحد كلمة (وهابي) نسبة إلى محمد بن عبد الوهاب، ولو صدقوا لقالوا: (محمدي) نسبة إلى اسمه (محمد)، وشاء الله أن تكون (وهابي) نسبة إلى (الوهاب) وهو اسم من أسماء الله الحسنى. فإذا كان الصوفي ينتسب إلى جماعة يلبسون الصوف، فإن الوهابي ينتسب إلى الوهاب، وهو الله الذي وهب له التوحيد، ومكنه من الدعوة إليه بتوفيق الله.

مناقشة مع الشيخ الصوفي

مناقشة مع الشيخ الصوفي 1 - لما علم الشيخ الذي كنت أدرس عليه أنني ذهبت إلى السلفيين واستمعت إلى الشيخ محمد ناصر الدين الألباني غضب غضبًا شديدًا لأنه يخشى أن أتركه وأتحول عنه، وبعد فترة من الزمن جاءنا شخص من جيران المسجد ليحضر الدرس معنا في المسجد بعد المغرب، وبدأ يقص علينا أنه سمع من درس أحد المشايخ الصوفية يقول: إن تلميذًا له تعسَّر على زوجته المخاض والولادة، فاستغاث بشيخ صغير (ويقصد نفسه) فولدت، وذهب العسر عنها، فقال له الشيخ الذي ندرس عليه: وماذا فيها؟ فقال له: هذا شرك فقال له الشيخ اسكت، أنت لا تعرف الشرك أنت رجل حداد، ونحن المشايخ عندنا علم، ونعرف أكثر منك، ثم نهض الشيخ إلى غرفته، وجاء بكتاب "الأذكار للنووي" وبدأ يقرأ قصة ابن عمر أنه كان إذا خدرت رجله قال: يا محمد!! فهل أشرك؟ فقال له الرجل: هذا ضعيف "أي غير صحيح" فصاح الشيخ به غاضبًا: أنت لا تعرف الصحيح من الضعيف، ونحن العلماء نعرف ذلك، ثم التفت إليَّ وقال لي: إذا حضر هذا الرجل مرة أخرى سأقتله! وخرجنا من المسجد، وطلب الرجل مني أن أرسل ولدي معه ليأتي بكتاب (الأذكار) بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، فجاء به وأعطاني إياه، وإذا بالقصة يقول عنها المحقق (ضعيفة) وفي اليوم الثاني أعطاه ولدي الكتاب فوجد أن القصة غير صحيحة، فلم يعترف بخطئه وقال: هذه من فضائل الأعمال يؤخذ فيها بالحديث الضعيف!! أقول: إن هذه ليست من فضائل الأعمال كما يزعم الشيخ، بل هي من العقيدة التي لا يجوز الأخذ فيها بالحديث الضعيف علمًا بأن الإِمام مسلم وغيره يرون عدم الأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، والقائلين من المتأخرين بجواز الأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال بشروط عديدة قَلّ أن تتوفر، وهذه القصة ليست حديثًا، وليست من فضائل الأعمال بل هي من أساس العقيدة كما أسلفت، وفي اليوم الثاني جئنا إلى الدرس، وبعد تسليم الشيخ من الصلاة، خرج من المسجد، ولم يجلس كعادته إلى الدرس. 2 - حاول الشيخ أن يقنعني بأن الإستعانة بغير الله جائزة كالتوسل، فبدأ يعطيني بعض الكتب، ومنها كتاب: "محق التقول في مسألة التوسل" لمؤلفه "زاهد الكوثري".

فقرأت فيه، فإذا به يجيز الإستعانة بغير الله، ويأتي إلى حديث: (إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" فقال عنه الكوثري: طرقه واهية (أي ضعيف) لذلك لم يأخذ به علمًا بأن الحديث ذكره الإِمام النووي في كتابه الأربعين النووية، ورقمه التاسع عشر، وقد روى الحديث الإِمام الترمذي وقال عنه حسن صحيح واعتمده النووي وغيره من العلماء، فعجبت من الكوثري كيف رَدَّ الحديث؛ لأنه خالف عقيدته، فازددت بغضًا فيه وفي عقيدته، وازددت حبًا في محبة السلفيين وعقيدتهم التي تمنع الإستعانة بغير اللهص للحديث المتقدم ولقول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [الظالمين: المشركين]. [يونس: 106] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" 3 - وعندما رآني شيخي لم أقتنع بالكتب التي أعطاها لي، هجرني وأشاع عني (وهابي احذروه) فقلت في نفسي لقد قالوا عن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -: (ساحر أو مجنون) وقالوا عن الإِمام الشافعي رافضي فرد عليهم قائلًا: إن كان رَفضًا حُب آلِ محمدٍ ... فليشهَدِ الثقلان أني رافضي واتهموا أحد الموحدين بالتوهب فرد عليهم قائلًا: إن كان تابعُ أحمدٍ مُتَوَهبًا ... فأنا المقِرُّ بأنني وَهابي أنفي الشريك عن الِإله فليسَ لي ... رَبٌ سوى المتفَرّدِ الوهاب لا قبة تُرجى، ولا وَثنٌ ولا ... قبرٌ له سَبَبٌ من الأسباب وإنني أحمد الله الذي هداني للتوحيد وعقيدة السلف الصالح، وبدأت أدعو إلى التوحيد وأنشره بين الناس أُسوة بسيد البشر الذي بدأ دعوته في مكة بالتوحيد ثلاثة عشر عامًا، وتحمل مع أصحابه الأذى فصبر، حتى انتشر التوحيد، وتأسست دولة التوحيد بفضل الله.

موقف المشايخ من التوحيد 1 - أصدرت نشرة مكونة من أربع صفحات عنوانها: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، إياك نعبد وإياك نستعين، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) وشرحت معناها، واستشهدت بقول النووي في شرح الحديث، وقول غيره من العلماء الداعين إلى التوحيد، ولئلّا يقول المشايخ عن النشرة: إنها وهابية ذكرت قول الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه "الفتح الرباني": "سَلوا الله، ولا تسألوا غيره، استعينوا بالله ولا تستعينوا بغيره، وَيحكَ بأيِّ وَجهٍ تلقاه غدًا، وأنت تنازعه في الدنيا، مُعرضٌ عنه، مُقبلٌ على خَلقه مُشرِك به، تُنزل حوائجَك بهم، وَتتكِل بالمهمات عليهم! ارفعوا الوسائط بينكم وبين الله، فإن وقوفكم معها هَوَس، لا مُلك ولا سلطان، ولا غِنى، ولا عِز إلا للحَق عَز وجل، كن مَعَ الحق، بلا خلق". [أي كن مع الحق بدعائه بلا واسطة من خلقه]. هذه خلاصة النشرة المكونة من أربع صفحات صغيرة، وقد سمحت بطبعها وزارة الِإعلام، وطبعت منها ثلاثين ألف نسخة، وقد وزع ولدي منها نسخًا قليلة، وسمع أحد المشايخ يقول: هذه نشرة وهابية، ووصَلتْ إلى شيخ كبير في البلد، فأنكرها، وطلب مقابلتي فذهبت إلى بيته وكان هذا الشيخ قد درس معي في مدرسة الخسروية بحلب، وهي الآن الثانوية الشرعية، ولما قرعت الجرس خرجت بنت فقلت لها: "محمد زينو"، فدخلت ثم رجعت، فقالت لي: سيأتي للمدرسة بعد قليل، فانتظره هناك، فجلست عند دكان الحلاق المجاور لبيته حتى خرج، فلحقته، وقلت له: ماذا تريد مني؟ فقال لي: لا أريد هذه النشرة! قلت له: لماذا؟ فقال: لا نريدها، فقلت له وقد وصلنا إلى باب المدرسة: سأدخل معك إلى المدرسة، وأقرأ الرسالة، فقال: لا يوجد عندي وقت! قلت له: طبعت منها ثلاثين ألف نسخة، وكلَّفتنا مالاً وجهدًا، فماذا نفعل بها، هل نحرقها؟ فقال لي: نعم احرقها!! قلت في نفسي سأذهب إلى الشيخ محمد السلقيني أستاذي في الفقه الحنفي، فذهبت إليه، وقلت له: عندي رسالة صغيرة فقال لي أحد المشايخ: احرقها، فقال لي: اقرأها عليَّ، فقرأتها عليه، فقال لي: هذه الرسالة فيها القرآن كلام الله، وفيها أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف نحرقها؟ فقلت له: جزاك الله خيرًا، سوف أوزعها، ولن أحرقها،

وبعد فترة وزعتها، ووجدَت قبولًا عند الشباب المثقف، حتى إنني وجدت مَن طبعها ووزعها في مكتبة الوتار بالمسكية في مدينة دمشق، فحمدت الله على أن هيأ لهذه الرسالة مَن يطبعها ويوزعها مجانًا ليعم نفعها، وتذكرت قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}. [التوبة: 32، 33] ثم طبعتُ هذه الرسالة في كتابي (منهاج الفرقة الناجية) فالذي يريد الاطلاع عليها يقرأ الكتاب المذكور، فسيجدها بنفس العناوين المذكورة آنفًا. 2 - أهدى إليَّ أحد المشايخ كتابًا فيه قصة ثعلبة المشهورة ولما أراد تجديد طبع الكتاب نصحته أن يرجع إلى أقوال العلماء، ولا سيما في كتاب: الإِصابة في أسماء الصحابة لابن حجر، فقد نبَّه هو وغيره على عدم صحتها، فلم يقبل النصيحة، وقال لي: أنت نشيط اُتركْ هذه المسائل! قلت: إذا تركتها فسوف أدعو إلى التوحيد الذي علمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه عبد الله بن عباس وهو غلام، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (يا غلام إني أعلمك كلمات. . . . إذا سألت فاسأل الله، واذا استعنت فاستعن بالله. . .) إلى آخر الحديث الذي ذكره النووي وقال عنه الترمذي: (حسن صحيح) فقال لي: نحن نسأل غير الله!!! رد الحديث بكل وقاحة وسوء أدب، مخالفًا قول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [أي المشركين]. [يونس: 106] ثم مضت سنوات قليلة وإذا بهذا الشيخ الذي يسأل غير الله يُقتل ولده، ويوضع ولداه في السجن، ويترك داره ويهاجر إلى بلد آخر، فلا يلوي على شيء، وقدَّر الله أن ألتقي بهذا الشيخ في الحرم المكي الشريف، والأمل على أنه عاد إلى رشده، ورجع إلى الله يسأله الستر والحماية والنصر فسلمت عليه، وقلت له: إن شاء الله سنعود إلى بلادنا، ويُفرج الله عنا، فيجب علينا أن نتوجه إلى الله ونسأله العون والتأييد، فهو القادر وحده، فما رأيك؟ فقال لي: المسألة فيها خلاف! قلت له: وأي خلاف؟ أنت إمام مسجد وتقرأ في صلاتك كل ركعة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ويكررها المسلم في يومه عشرات المرات، ولا سيما في صلاته، فلم يتراجع هذا الشيخ الصوفي

النقشبندي عن خطئه، بل أصر، وبدأ يجادل، ويعتبر المسألة خلافية ليبرر موقفه الخاطىء! إن المشركين الذين حاربهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يدعون أولياءهم في وقت الرخاء، ولكن إذا وقعوا في شدة أو كرب سألوا الله وحده، كما قال الله تعالى عنهم: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}. [يونس: 22] وقال عن المشركين: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}. [النحل: 53] 3 - دخلت مرة على شيخ كبير له طلاب وأتباع، وهو خطيب وإمام مسجد كبير، وبدأت أتكلم معه عن الدعاء وأنه عبادة لا يجوز إلا لله وحده، وأتيت له بدليل من القرآن وهو قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}. [الإسراء: 56، 57] فما المراد من قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ. .}؟ فقال لي: الأصنام، قلت له: المراد: الأولياء والصالحون. . فقال لي نرجع إلى تفسير ابن كثير، فمدَّ يده إلى مكتبته، وأخرج تفسير ابن كثير فوجد المفسر يقول أقوالًا كثيرة أصحها رواية البخاري التى تقول: "قال ناس مِن الجن كانوا يُعبدون فأسلَموا، وفي رواية: كان ناسٌ مِن الإِنس يعبدون ناسًا من الجن فأسلم الجن وتمسّك هؤلاء بدينهم". "جـ 3/ 46" فقال لي الشيخ: الحق معك، ففرحت بهذا الإعتراف الذي قاله الشيخ، وبدأت أتردَّدُ عليه وأجلس في غرفته، وفوجئت مرة كنت عنده فقال للحاضرين: إن الوهابية نصف كفار؛ لأنهم لا يؤمنون بالأرواح، فقلت في نفسي لقد بدل الشيخ رأيه وخاف على منصبه فافترى على الوهابية، والإِيمان بالأرواح لا ينكره الوهابية؛ لأنها ثابتة في القرآن والحديث، ولكنهم ينكرون أن تكون للروح تصرفات كإغاثة الملهوف، وعون الأحياء، ونفعهم وضرهم؛ لأن هذا مِن الشرك الأكبر الذي ذكره القرآن عن الأموات بقوله: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}. [فاطر: 13، 14]

فهذه الآية صريحة في أن الأموات لا يملكون شيئًا، وأنهم لا يسمعون دعاء غيرهم، وعلى فرض سماعهم لا يستطيعون الإِجابة، ويوم القيامة يكفرون بهذا الشرك الذي صرحت به الآية: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}. [فاطر: 14]

لا يعلم الغيب إلا الله

لا يعلم الغيب إلا الله 1 - كنت مع بعض المشايخ في مسجد الحي نتدارس القرآن بعد الفجر، وكلهم مِن حفظة القرآن الكريم. وقد مرَّ معنا حين تلاوة القرآن قوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}. [النمل: 65] فقلت لهم: إن هذه الآية دليل واضح على أنه لا يعلم الغيب أحد إلا الله، فقاموا عليَّ وقالوا: الأولياء يعلمون الغيب!! فقلت لهم: ما هو دليلكم؟ فبدأ كل واحد يقص قصة سمعها من بعض الناس، وأن الولي الفلاني يُخبر بأمور غيبية! قلت لهم: هذه القصص قد تكون كاذبة وليست دليلًا، ولا سيما وأنها تعارض القرآن، فكيف تأخذون بها، وتتركون القرآن؟!! ولكنهم لم يقتنعوا وبدأ بعضهم يصيح وأخذه الغضب، ولم أجد واحدًا منهم أخذ بالآية، بل اتفقوا جميعًا على الباطل ودليلهم قصص خرافية تناقلوها ليس لها أصل، وخرجت من المسجد ولم أحضر معهم في اليوم الثاني، بل جلست مع أطفال أقرأ معهم القرآن، فهو خير لي من الجلوس مع حفظة للقرآن يخالفون عقيدته ولا يُطبقون أحكامه، والواجب على المسلم إذا رأى أمثال هؤلاء أن لا يجالسهم امتثالًا لقوله تعالى: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. [الأنعام: 68] وهؤلاء ظالمون أشركوا مع الله عبادًا يعلمون الأمور الغيبية في زعمهم، والله يخاطب رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويأمره أن يقول للناس: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. [الأعراف: 188] وهؤلاء الحفظة لكتاب الله سيكون القرآن حجة عليهم لا لهم كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (والقرآن حُجةٌ لك أو عليك). "رواه مسلم" وقد ضرب الله مثلًا للذين لا يعملون بالكتب المنزلة مِثل التوراة فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. [الجمعة: 5] فهذه الآية وإن كانت في حق اليهود الذين علموا التوراة ولم يعملوا بها فهي تنطبق على كل من يعلم القرآن ولا يعمل به، وقد استعاذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من هذا العلم الذي لا

ينفع فقال: (اللهم إني أعوذ بك مِن عِلم لا ينفع). "رواه مسلم" [أي لا أعمل به، ولا أُبلِّغه غيري ولا يبدل مِن أخلاقي السيئة]. وفي الحديث: (اقرأوا القرآن واعملوا به ولا تأكلوا به). "صحيح. أخرجه أحمد وغيره" 2 - كنت أُصلي في مسجد قريب من داري، وكان إمامه يعرفني، ووجد مني الدعوة إلى توحيد الله وعدم دعاء غيره، فأعطاني كتابًا اسمه "الكافي في الرد على الوهابي" وأظن أنه "لزيني دحلان" الذي كان مفتيًا في مكة قبل الحكم السعودي، وإذ به يقول فيه: إن هناك رجالًا يقولون للشيء كن فيكون! فعجبت مِن هذا القول الكاذب؛ لأن هذا مِن صفاتِ الله وحده، والبشر عاجزون عن خلق الذباب، بل عاجزون أن يستردوا ما أخذه الذباب من طعامهم، وقد ضرب الله تعالى مثلًا للناس يُبين ضعف المخلوقات فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}. [الحج: 73] فحملت الكتاب إلى صاحبه وقد حفظ القرآن معي في دار الحفاظ وقلت له: هذا الشيخ يدعي أن رجالًا يقولون للشيء كن فيكون؟ فهل هذا صحيح؟ فقال لي نعم، وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كن ثعلبة" فكان ثعلبة! قلت له: هل كان ثعلبة معدومًا فأوجده الرسول من العدم، أم كان غائبًا، وكان بانتظاره وقد تأخر، ولما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبحًا من بعيد تفاءل وقال: "كن ثعلبة" كأنه يقول أدعو الله أن يكون القادم هو ثعلبة، حتى يسير الجيش ولا يتأخر، فاستجاب الله دعاءه، وكان القادم ثعلبة، فسكت الرجل، وعرف بطلان كلام الشيخ المؤلف، والكتاب مازال موجودًا عند صاحبه.

جولة مع جماعة التبليغ

جولة مع جماعة التبليغ 1 - جماعة التبليغ لها نشاط واسع في البلاد العربية والإِسلامية، حتى في البلاد الأجنبية كفرنسا وغيرها من البلاد. وتمتاز هذه الجماعة بالتواضع في رحلاتها، والإِخلاص في دعوتها، والنظام في سفرها، ومأكلها، وخروجها، ومقر عملها المساجد التى تنزل فيها، وتذهب إلى المقاهي وغيرها لتأتي بأهلها إلى المساجد لأداء الصلاة، وُيلقي أحد أفرادها بيانًا على المجتمعين في المسجد، وهذا عمل طيب. 2 - للجماعة أمير عام هو الشيخ إنعام الحسن، ومقره في باكستان، ولهم اجتماع عام، وغالبًا ما يكون في باكستان، وفي كل بلد لهم أمير يأخذون برأيه عند المشورة. ولهم كتاب يسمى (تبليغ نصاب) باللغة الأوردية، وترجم إلى العربية وللعلماء عليه مآخذ، من حيث العقيدة، وفي أفكار الصوفية وغيرها، وأكثر ما يعتمدون عليه من الكتب: أ - رياض الصالحين: وهو كتاب جيد، ولا سيما النسخة المحققة التي تُبين الحديث الصحيح من الضعيف، وهذا مُهِم جدًا عند أهل العلم. ب - حياة الصحابة: كتاب جيد، ولكن فيه أحاديث ضعيفة وموضوعة، يحتاج إلى تحقيق وتخريج، كما سيأتي بيان ذلك فيما بعد إن شاء الله. ولهم صفات ستة يتمسكون بها، ويعلمونها لأفراد جماعتهم، وسيأتي مناقشتها فيما بعد، وهذه الشروط كما يلي: 1 - تحقيق كلمة "لا إله إلا الله، محمد رسول الله". 2 - إقامة الصلاة بالخشوع والخضوع. 3 - العِلم مع الذكر. 4 - إكرام المسلمين. 5 - إخلاص النية لله تعالى. 6 - الدعوة إلى الله تعالى.

الخروج مع التبليغ للدعوة

الخروج مع التبليغ للدعوة لقد تأثرت بادىء الأمر بدعوتهم، وخرجت معهم في عدد من البلدان: 1 - خرجت معهم في مدينة حلب التي أسكنها، وتجولنا في المساجد، ولا سيما يوم الجمعة، فخرجنا جماعة إلى خي مِن أحياء حلب يُسمى (قرلق) فيه مسجد كبير، ودخلت المسجد قبل صلاة الجمعة، وخرجت مع ابن عمتي -بناء على توجيه الأمير- إلى السوق، ودخلنا "مقهى كبير" فيه ناس يلعبون بالنرد والطاولة، والأوراق التي فيها تصاوير للصبي، وللبنت والرجل الكبير وكانت مهمتنا تنحصر في دعوة الناس إلى الصلاة، فدعوناهم واستجابوا إلا القليل منهم وعد بأن يكمل اللعب ثم يأتي المسجد. ولما انتهينا من الجولة في الأسواق، ذهبنا الى المسجد، وكان الأمير ينتظرنا، ولما وصلنا أعطاني كتاب "رياض الصالحين" وطلب مني أن أقرأ "من آداب المسجد" فقرأت فيه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن أكل ثومًا أو بصلًا فليَعتَزِلنا، وليعتَزل مسجدَنا ولْيقعد في بيته) "متفق عليه" فشرحت للحاضرين في المسجد الحديث، وبينت لهم أن رائحة الدخان أشد من رائحة الثوم والبصل، فعلى المسلم أن يجتنبه لأنه يضر جسمه، ويؤذي جاره، ويتلف ماله، ولا فائدة من التدخين. . وإذ بالأمير ينظر إلى الكتاب الذي أقرأه، وهو "رياض الصالحين" كأنه يقول لي: هذا الكلام عن التدخين غير موجود في الكتاب، فلا تقُله! وهذا خطأ؛ لأن التدخين منتشر بين المسلمين، حتى بين المصلين، فلا بُدَّ من التحذير منه، ولا سيما عند التحذير من أكل الثوم والبصل عند دخول المسجد. ولاحظت عند الأحباب (جماعة التبليغ) بعض الأحاديث الضعيفة، فذكرتهم بذلك فقالوا لي: تعال معنا إلى الأمير العام في الأردن، فكلِّمه بذلك. 2 - ذهبت مع الجماعة إلى مدينة (حماه) فكنا ندق الأبواب، فيخرج صاحب البيت، ويدعوه الأمير إلى الحضور إلى المسجد ليجتمع بهم ويسمع الدرس والبيان، دخلت على أميرهم في مسجدهم، فقال للوفود الحاضرين: نحن سجدنا لله، فأسجد الله لنا العالم!!

وهذا خطأ كبير، فالسجود عبادة لا يجوز لغير الله. قال الله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}. [النجم: 62] وسمعت رجلاً يناقش الأمير قائلًا: لماذا تفصلون الدين عن السياسة؟ وتقولون: لا سياسة في الدين، مع أن الدين فيه سياسة، فسكت الأمير ولم يعط الجواب كما هي عادتهم ورأيت شابًا يدخن على باب المسجد وله لحية جميلة، فنصحته أن يترك التدخين، وأعطيته قلنسوة هدية، فوضعها على رأسه، وألقى السيجارة على الأرض، فعلم الأمير بذلك واستدعاني، وأنكر عليَّ ذلك وقال لي: اتركه يدخن في الغرفة المجاورة للمسجد حتى يتركه بنفسه! أقول: هذا خطأ فادح، يتركه يدخن حتى في الغرفة التي بجانب المسجد، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يَستطع فبلسانه، فإن لم يَستطع فبقلبه، وذلك أضَعف الإِيمان). "رواه مسلم" ومررنا في سوق بلدة (حماه) فقال أحد المرافقين: لا أريد أن أمُرَّ بهذا السوق؛ لأن والدي سوف يراني ويغضب؛ لأنني تركته في الدكان وحده، وتركت زوجتي وحدها في البيت، وهي على أهبة الولادة فقلت له: هذا لا يجوز شرعًا اذهب إلى والدك واعتذر منه، أو اكتب له رسالة، واذهب إلى زوجتك واسأل عنها، فقد تكون مريضة أو بحاجة إلى من يرعاها هي وأولادها، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كفى بالمرء إثمًا أن يُضَيعَ مَن يعول). "حسن رواه أحمد وغيره" 3 - ثم ذهبنا إلى دمشق، ودخلنا مسجد "كفر سوسة" فألقى بعد الصلاة شاب بيانًا ذكر فيه حديثًا قال فيه: (الدنيا قرار من لا قرار له) وبعد أن انتهى من كلمته قلت له: هل هذا حديث صحيح؟ فقال لي: سمعته من الأحباب، قلت له: هذا لا يكفي، فالتفت إلى رجل عالم بجانبه وسأله عن الحديث؟ فقال له: هذا ليس بحديث، ثم نصحته برفق أن يتحرى الأحاديث الصحيحة ويبتعد عني الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولما رآني أميرهم جاءني وقال لي لا تعلمه، الله يعلِّمه!! عِلمًا بأنه يخصص لهم دروسًا في الفقه وغيره. ومضت أعوام، وجئت إلى مكة، فرأيت الرجل يذهب إلى الحرم قبل صلاة الجمعة، فلحقت به، وسلمت عليه، وقلت له: أنت أبو شاكر، فقال لي نعم: قلت له:

أنت الذي كنت في دمشق وقلت لي: لا تعلم هذا الشاب، الله يعلمه، فقال نعم: قلت: كيف تقول ذلك؟ وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما العلم بالتعلم). "حسن انظر صحيح الجامع" فقال لي: إنني أخطات؛ ونصحته ألا يرفض العلم والنصيحة، علمًا بأنه مدرس في الطائف، ولا بد أنه متعلم حتى أصبح معلمًا. وذهبت في جولة معهم وكنا ثلاثة، فدخلنا غرفة فيها شباب يلعبون بالورق، ويسمونه (الشدة) وفيها تصاوير وأرقام وأعداد، فتكلمت مع الشباب برفق، وقلت لهم: هذا حرام يضيع أوقاتكم، ويجر إلى لعب الميسر، ويورث العدواة بين اللاعبين، فاقتنعوا وبدأوا يمزقون الورق الذي كانوا يلعبون به، وأعطوني بعضها حتى أشاركهم في تمزيقها، فمزقت بعض الأوراق مشاركة لهم وكسبًا للأجر، ثم ذهبوا معنا إلى الصلاة في المسجد. ولما علم بذلك أميرهم استدعاني، وأنكر عليَّ تمزيق الورق الذي كانوا يلعبون به، قلت له: لقد طلبوا منى مشاركتي لهم في التمزيق ففعلت، وهم الذين بدأوا بتمزيق الورق قبلي، فلم يقبل ذلك! قلت في نفسي: هؤلاء يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (مَن رأى منكم منكرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان). "رواه مسلم" 4 - ثم ذهبت معهم إلى الأردن، ولهم مسجد كبير في (عمان) يجتمعون فيه، فنزلنا في المسجد، وصلينا فيه، ثم ألقى أحد المسؤولين بيانًا ذكر فيه أشياء غريبة، قال يخاطب الحاضرين: أ - يا أحبابنا لا تأكلوا كثيرًا، حتى لا تتغوطوا كثيرًا، فالِإمام الغزالي ذهب إلى الحج مدة شهر ولم يتغوط (أي لم يذهب للحمام) فقال له أحد الجالسين: مِن أين أتيت بهذه القصة؟ فأنكرها عليه؛ لأنه لا يمكن للإِنسان البقاء مدة شهر دون قضاء حاجته، ثم قام الرجل من المسجد، وترك الإجتماع. ب - ثم قال في بيانه وهو يقرأ من كتاب: (حياة الصحابة): لما رجع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الطائف التقى بخادم اسمه (عداس) فسأله الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن بلده؟ فقال من بلد (نينوى) قال له: من بلدة (يونس -عليه السلام-) ذاك أخي في النبوة، فسجد

عداس للرسول - صلى الله عليه وسلم -. لقد استغربت هذا الكلام: كيف يرضى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يسجد له (عداس) والسجود لا يجوز إلا لله. وهذه القصة غير صحيحة، والصحيح: أن (عداس) أكبَّ على قدمي الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقبلهما، وهذا التقبيل يختلف عن السجود تمامًا، فالكتاب (حياة الصحابة) يحتاج إلى تحقيق لمعرفة الصحيح من الضعيف والموضوع، وقد نصحت الأخ (محمد علي دولة) وطلبت منه أن يحقق الكتاب لأنه هو الذي تولى طبعه ونشره، فقال لي: الكتاب كله في الفضائل، وليس فيه أحكام، قلت له: هذا غير صحيح، وأتيت له بحديث أورده مؤلف (حياة الصحابة) وهو: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم). قال عنه المحدثون: إنه موضوع، فسكت الأخ "محمد علي دولة". وقد التقيت بالشيخ نايف العباسي -رحمه الله- تعالى في دمشق وقلت له: لقد قرأت في كتاب "حياة الصحابة" الذي حققته ما يلي: لما رجع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الطائف، وقد دعاهم للإِسلام، فردوا عليه دعوته، وآذوه، فجلس يقول: (اللهم أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، إلى مَن تكِلُني؟ إلى عَدُو يتجهمني، أم إلى قريب ملَّكته أمري، إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي. . إلى آخر الدعاء). "ضعفه الألباني" كيف يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - معاتبًا ربه: إلى من تكلني؟! [أي تتركني] والله تعالى يقول له: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. [الضحى: 3] [أي ما تركك ربك وما أبغضك]. "انظر تفسير ابن كثير" فقال لي الشيخ نايف العباسي: والله كلامك صحيح، رسول الله لا يقول هذا الكلام، ولكني حققت الكتاب من الناحية التاريخية واللغوية، وهذا الكتاب يحتاج إلى مثل الشيخ ناصر الدين الألباني ليخرِّج أحاديثه. قلت له: إن الشيخ ناصر حفظه الله ضعَّف الحديث، وقال: في متنه نكارة، ولعله يشير إلى قوله: (إلى مَن تكلني؟) التي تخالف القرآن والواقع. 5 - حضرت اجتماعًا لهم خطب فيه أميرهم (سعيد الأحمد) فقال:

مَرَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - على بناء فقال لأصحابه لمن هذا؟ قالوا لفلان، ولما مرَّ صاحب البناء على الرسول - صلى الله عليه وسلم - سلّم عليه فلم يرد -عليه السلام-، وأخبره الصحابة السبب، فذهب الصحابي وهدم البناء حتى يرد -عليه السلام-. أقول: هذا الحديث غير صحيح؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (نِعمَ المال الصالح للرجل الصالح). "صحيح رواه أحمد"

مناقشة شروط الجماعة

مناقشة شروط الجماعة 1 - تحقيق كلمة (لا إله إلا الله، محمد رسول الله). إن التحقيق يعني الفهم والتطبيق، فهل فهم معنى هذه الكلمة الطيبة -التي هي الركن الأول من أركان الإِسلام الوارد في حديث جبريل الذي رواه مسلم- هؤلاء الجماعة؟ وهل دعوا إلى تطبيقها والعمل بها؟ الواقع أنهم لا يعلمون معناها الحقيقي، وهو: (لا معبود بحق إلا الله ومحمد مبلغ دين الله الذي ارتضاه). والدليل على هذا التعريف قول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}. [الحج: 62] ولو عرفوا معناها لدعَوا إليها قبل غيرها؛ لأنها تدعو إلى توحيد الله ودعائه وحده دون سواه لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" فكما أن الصلاة عبادة لله، لا تجوز لرسول ولا لولي، فكذلك الدعاء عبادة لا يجوز طلبه من الرسول ولا من الأولياء. ولم أسمع من جماعة التبليغ الدعوة إلى فهمها والعمل بها، وأن الذي يدعو غير الله وقع في الشرك الذي يُحبط العمل لقول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [أي المشركين] [يونس: 106] 2 - إقامة الصلاة بالخشوع والخضوع: وإقام الصلاة: يعني معرفة شروطها، وواجباتها، وأركانها، وما يتعلق بها من أحكام: كسجود السهو مثلًا، طبقًا لما جاء في الحديث: (صَلّوا كما رأيتُموني أصلِّي). "رواه البخاري" فهل قام جماعة التبليغ بتعليم هذه الأمور لجماعتهم، وهل بيَّنوا لجماعتهم أن الخشوع في الصلاة يعني حصر الفكر في القراءة والتسبيح وعدم إكثار الحركة في الصلاة وغيرها من الأعمال المهمة؟

3 - العِلم مع الذكر: هذا الشرط كبقية الشروط لم يحققه جماعة التبليغٍ، وسبق أن ذكرت أنني نصحت أحد الشباب الذي ألقى بيانًا ذكر فيه حديثًا موضوعًا، فقال لي أميرهم، أُتركه لا تُعلمه، الله يُعلمه! مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إنما العِلم بالتعلم). "حسن انظر صحيح الجامع" وزارني وفد منهم من الأردن، وبينت لهم عقيدة التوحيد، ومنها الإعتقاد أن الله في السماء كما أخبر عن نفسه في قول الله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ}. [الملك: 16] قال ابن العباس: هو الله تعالى. وذكرت لهم حديث الجارية التي سألها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أين الله؟ قالت في السماء، قال: مَن أنا؟ قالت أنت رسول الله، فقال لصاحبها: أعتِقها فإنها مؤمنة). "رواه مسلم" فأُعجب الحاضرون بهذه المعلومات، وطلبوا مني بعض الرسائل للعلم، علمًا بأن كثيرًا منهم، لا يريدون قراءة كتب العلم، وقد أهديت لاثنين منهم بعض الرسائل ليأخذوها معهم، ويقرأوها مع جماعتهم، فلم يأخذوها، وكان مِن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقبل الهدية. وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "تَهادوا تحابوا". "حديث حسن انظر صحيح الجامع" 4 - إكرام المسلمين: الواقع أنهم يكرمون ضيوفهم، ولا سيما عند الطعام، ويتحدثون عن إكرام العلماء، وليتهم أخذوا بنصيحتهم، وقبلوا توجيهاتهم، وقد خرجت معهم في عدد من البلدان، فلم يسمحوا لي مرة بالتحدث إليهم، بل يسمحون لواحد من جماعتهم ولو كان جاهلًا أن يتحدث للناس، وهذا يضر أكثر مما ينفع، فيأتي بأحاديث مكذوبة كما مَر قبل قليل، ويأتون بحديث لم يثبت عند الطعام ويقولون: (تحدثوا عند الطعام ولو بثمن أسلحتكم). "لم أجده في كتب الحديث" 5 - إخلاص النية لله تعالى: وهو شرط مهم، وقد يتحقق عند بعضهم، فيذهب بنية الدعوة، وينفق من ماله، والإِخلاص محله القلب، لا يعلمه إلا الله، وكثيرًا ما يتحدث أفرادهم، ولا سيما

الأمراء منهم عن دعوتهم، وأنهم فعلوا كذا، وكان عددهم كذا، واستجاب لهم كثير من الأفراد، وأسأل الله أن يكونوا مخلصين في عملهم، ولكن الإخلاص لا بد له مِن العلم، حتى ينفع صاحبه، وتنتفع به الأُمة، فقد ذكر البخاري -رحمه الله- تعالى في كتابه (باب العلم قبل القول والعمل). واستدل بقول الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ}. [محمد: 19] وسبق أن ذكرت أن الأحباب -هداهم الله- لا يهتمون بالعلم. 6 - الدعوة إلى الله: هذا مبدأ طيب، يجب على كل مسلم أن يهتم به كل حسب مقدرته، ولكن الدعوة إلى الله لها شرط مُهم بيَّنه الله تعالى بقوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}. [يوسف: 108] يقول تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى الثقلين الجن والإِنس آمرًا له أن يخبر الناس أن هذه سبيله، وطريقته، ومَسلكه، وسنته، وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان هو وكل مَن اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي. (وسبحان الله) أي وأُنزه الله، وأُجله، وأُعظمه، وأُقدسه عن أن يكون له شريك، أو نظير، أو عديل، أو نديد، أو ولد، أو والد، أو صاحبة، أو وَزير، أو مشير، تبارك وتقدس وتنزه عن ذلك كله علوًا كبيرا). "انظر تفسير ابن كثير جـ 2/ 495"

الدين النصيحة

الخلاصة إن هذه الشروط وإن كانت غير منسجمة، لكن الجماعة ينقصهم تطبيق هذه الشروط عمليًا، ولا سيما العلم، وتحقيق كلمة التوحيد والدعوة إليها قبل غيرها أُسوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بقي في مكة ثلالة عشر عامًا يدعو الناس إليها، وتحمل في سبيلها الأذى، ولكنه صبر حتى نصره الله، والعرب تعرف معنى التوحيد في كلمة (لا إله إلا الله) ولذلك لم يقبلوها؛ لأنها تدعوهم إلى عبادة الله ودعائه وحده، وترك دعاء غيره ولو كانوا من الأولياء والصالحين: قال الله تعالى عن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ}. [الصافات: 35 - 37] الدين النصيحة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم". "رواه مسلم" وعملًا بقول هذا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فإني أوجه نصيحتي لجميع الجماعات الإِسلامية أن يتقيدوا بما جاء في القرآن، والأحاديث الصحيحة، حسب فهم السلف الصالح -رضوان الله عليهم-: كالصحابة والتابعين، والأئمة المجتهدين، ومن سار على طريقتهم.

الجماعة الصوفية

الجماعة الصوفية 1 - نصيحتي للصوفية أن يُفردوا الله بالدعاء والإستعانة عملاً بقول الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. [الفاتحة: 5] وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" وعليهم أن يعتقدوا أن الله في السماء لقول الله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ}. [الملك: 16] قال ابن عباس: هو الله. "ذكره ابن الجوزي في تفسيره" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ألا تأمنوني، وأنا أمين مَن في السماء). "متفق عليه" [ومعنى في السماء: أي على السماء]. 2 - عليهم أن يتقيدوا بذكرهم بما ورد في الكتاب والسنة، وعمل الصحابة. 3 - ألا يُقدّموا قول مشايخهم على قول الله ورسوله، عملاً بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}. [الحجرات: 1] [أي لا تقدموا قولاً أو فعلًا على قوِل الله ورسوله]. "ذكره ابن كثير" 4 - عليهم أن يعبدوا الله، ويدعوه خوفًا من ناره، وطمعًا في جنته، عملاً بقوله تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا}. [الأعراف: 56] وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار). "رواه أبو دواود بسند صحيح" 5 - على الصوفية أن يعتقدوا أن أول المخلوقات من البشر آدم -عليه السلام- وأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من نسل آدم، وجميع الناس من ذريته خلقهم الله من تراب، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ}. [غافر: 67] وليس هناك دليل على أن الله خلق محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من نوره، والمعروف أنه وُلد من أبوين.

جماعة الدعوة والتبليغ

جماعة الدعوة والتبليغ: 1 - نصيحتي لهم أن يتقيدوا في دعوتهم بما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة، وأن يتعلموا القرآن والتفسير والحديث حتى تكون دعوتهم على علم لقول الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}. [يوسف: 108] وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إنما العلم بالتعلم). "حسن انظر صحيح الجامع" 2 - أن يتقيدوا بالأحاديث الصحيحة، ويجتنبوا الأحاديث الضعيفة والموضوعة لئلا يدخلوا تحت قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع). "رواه مسلم" 3 - على الأحباب أن لا يفصلوا الأمر بالمعروف عن النهي عن المنكر؛ لأن الله تعالى جمع بينهما في كثير من الآيات مثل قول الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. [آل عمران: 104] وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهتم، ويأمر المسلمين بتغيير المنكر فيقول: (مَن رأى منكم منكرًا فلْيُغَيرهُ بيده، فإنْ لم يَستطيع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان). "رواه مسلم" 4 - أن يهتموا بالدعوة إلى التوحيد، وتقديمها على غيرها عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله). "متفق عليه" وفي رواية: (إلى أن يوحدوا الله). "رواه البخاري" وتوحيد الله يعني إفراده بالعبادات ولا سيما الدعاء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"

جماعة الإخوان المسلمين

جماعة الإخوان المسلمين: 1 - نصيحتي لهم أن يُعَلَّمُوا أفراد جماعتهم التوحيد بأنواعه: توحيد الرب، وتوحيد الإِله، وتوحيد الأسماء والصفات؛ لأنها مهمة جدًا يتوقف عليها سعادة الفرد والجماعات. بدلاً من الإِغراق في السياسة والواقع المزعوم، وليس معناه جهل أحوال البلاد والعباد ولكن لا إفراط ولا تفريط. 2 - أن يبتعدوا عن أفكار الصوفية المخالفة لعقيدة الإِسلام، فقد رأينا كثيرًا منهم يذكر في كتبه عقائد صوفية باطلة: أ - فهذا رئيسهم في ممر عمر التلمساني له كتاب (شهيد المحراب) فيه عقائد صوفية خطيرة بالإِضافة إلى تعلم الموسيقا. ب - وهذا "سيد قطب" يذكر في كتابه (الظلال) وحدة الوجود عند الصوفية، ذكرها في أول سورة الحديد، وغيرها من التأويلات الباطلة وقد كلمت أخاه "محمد قطب" أن يُعلق على الأخطاء العقدية باعتباره مُشرفًا على طبعة "الشروق" فرفض وقال: أخي يتحمل المسؤولية، وقد شجعني على مراجعته الشيخ عبد اللطيف بدر المشرف على مجلة التوعية بمكة. جـ - وهذا "سعيد حوى" يذكر في كتابه "تربيتنا الروحية" عقائد الصوفية، وقد مر ذكرها في أول الكتاب. د - وهذا "الشيخ محمد حامد" من سورية أهداني كتابًا اسمه: "ردود على أباطيل" فيه مواضيع جيدة كتحريم التدخين وغيرها، إلا أنه ذكر فيه: أن هناك أبدالًا وأقطابًا وأغواثًا، ولكن لا يسمى الغوث غوثًا إلا حينما يُلتجأ إليه!!! والإلتجاء إلى الأغواث والأقطاب من الشرك الذي يحبط العمل وهي أفكار صوفية باطلة ينكرها الإِسلام. وقد طلبت من ولده عبد الرحمن أن يُعلق على كلام والده فرفض ذلك. 3 - ألَّا يحقدوا على إخوانهم السلفيين الذين يدعون إلى التوحيد ومحاربة البدع والتحاكم إلى الكتاب والسنة، فهم إخوانهم: قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. [الحجرات: 10] وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). "متفق عليه"

السلفيون، وأنصار السنة المحمدية

السلفيون، وأنصار السنة المحمدية: 1 - وصيتي لهم أن يستمروا في دعوتهم إلى التوحيد والحكم بما أنزل الله، وغيرها من الأمور المهمة. 2 - أن يرفقوا في دعوتهم، ويستعملوا اللين من القول مهما كان الخصم عملاً بقول الله تعالى: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. [النحل: 125] وقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: {اذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}. [طه: 43، 44] وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن يُحرَم الرفق يُحرَم الخيرَ كله). "رواه مسلم" 3 - أن يصبروا على ما يصيبهم من أذى، فإن الله معهم بنصره وتأييده: قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}. [النحل: 127، 128] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل مِن المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم). "صحيح رواه أحمد وغيره" 4 - ألا ينظر السلفيون إلى قول مَن خالفهم بأن عددهم قليل؛ لأن الله تعالى يقول: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}. [سبأ: 13] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (طوبى للغرباء، قيل مَن هم يا رسول الله؟ قال: أنُاسٌ صالحون قليل في أناس سوء كثير، مَن يعصيهم أكثر ممن يطيعهم). "صحيح رواه أحمد وابن المبارك"

حزب التحرير

حزب التحرير 1 - وصيتي لهم أن يطبقوا تعاليم الاسلام على أنفسهم قبل أن يطالبوا غيرهم بتطبيقه، فقد زارني في سورية منذ عشرين سنة تقريبًا شابان منهم، وقد حلقوا لحاهم، وظهرت رائحة الدخان منهم، وطلبوا مني المناقشة لأنضم إليهم، فقلت لهم: أنتم تحلقون اللحى، وتشربون الدخان، وهما محرمان شرعًا، ثم تبيحون لأنفسكم مصافحة النساء، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لأن يُطعن في رأس أحدكم بمِخيط مِن حديد خيرٌ له مِن أن يمَس امرأةً لا تحل له). "صحيح رواه الطبراني" فقالا لي: ورد في البخاري أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يصافح النساء عند البيعة!! فقلت لهما: غدًا ستأتياني بالحديث، فذهبا ولم يعودا، فعرفت كذبهما، وأن البخاري لم يذكر ذلك أبدًا، وإنما ذكر البيعة للنساء بدون مصافحة. والغريب أن يبيح المصافحة للنساء بعض الِإخوان المسلمين، أمثال الشيخ محمد الغزالي، ويوسف القرضاوي، بناء على مناقشة جرت بيني وبينه، استدل بحديث الجارية التي كانت تأخذ بيد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليقضي حاجتها. "رواه البخاري" أقول: إن استدلاله غير صحيح، علمًا بأن الجارية حينما أخذت بيده لم تمسه، بل لمست كُم القميص الذي على يده؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (لا والله ما مسَّت يده يد امرأة قط في المبايعة، ما بايعهن إلا بقوله: قد بايعتك على ذلك) "رواه البخاري" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إني لا أصافح النساء). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" 2 - سمعت خطبة من شيخ ينتمي إلى حزب التحرير في الأردن يحمل على الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، ولما جئت إلى بيته شكا إلىَّ والد زوجته، وقال، إن الشيخ ضرب زوجته على عينها فتأثرت! فقلت له: أنت تطالب الحكام بتطبيق الشرع، وأنت لم تطبق الشرع في بيتك، هل صحيح أنك ضربت زوجتك على عينها، فقال: نعم، ولكنها ضربة خفيفة بكأس الشاي! قلت له: طبق الإِسلام على نفسك أولًا، ثم طالب غيرك بتطبيقه، فالرسول - صلى الله عليه وسلم -: (سُئل ما حَقُّ زوج أحدنا عليه؟ قال أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضربَ الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت). "صحيح أخرجه الأربعة" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا ضرَبَ أحدكم خادمَه، فليتقِ الوجه). "حسن رواه أبو دواد"

جماعة الجهاد وغيرهم

جماعة الجهاد وغيرهم 1 - نصيحتي لهم أن يرفقوا في دعوتهم وجهادهم، ولا سيما بالحكام عملاً بقول الله تعالى لموسى حينما أرسله إلى فرعون الكافر: {اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى}. [النازعات: 17، 18] وقوله تعالى: {اذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}. [طه: 43، 44] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن يُحرَم الرفق يُحرَم الخيرَ كُله). (رواه مسلم) 2 - النصيحة لأئمة المسلمين والحكام: تكون بمعاونتهم على الحق وطاعتهم فيه، وأمرهم به، ونهيهم، وتذكيرهم برفق، وترك الخروج عليهم بالسيف إذا ظهر منهم حَيف أو سوء عشرة. "انظر قول الخطابي في شرح الأربعين حديثًا" قال صاحب العقيدة الطحاوية: (أبو جعفر الطحاوي): ولا نرى الخروج على أئمتنا، وولاة أُمورنا وإن جاروا، ولا ندعوا عليهم، ولا ننزع يدًا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله -عَزَّ وَجَلَّ- فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة. 1 - قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}. [النساء: 59] 2 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن أطاعني فقد أطاع الله، ومَن عصاني فقد عصى الله، ومَن يطع الأمير فقد أطاعني، ومَن يعص الأمير فقد عصاني). "رواه البخاري ومسلم" 3 - وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: (إن خليلي أوصاني أن أسمَع وأُطيع، وإن كان عبدًا حبشيًا مُجدّع الأطراف). "رواه مسلم" 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة). "متفق عليه" 5 - وعن حذيفة بن اليمان قال: (كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يُدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير مِن شر؟ قال: نعَم فقلت: هل بعد ذلك الشر مِن خير؟ قال نعم وفيِه دَخَنْ، قال: قلت: وما دخَنه؟ قال: قوم يَستنون

بغير سُنتي، ويهدون بغير هَديي، تعرف منهم وتُنكر، فقلت: هل بعد ذلك الخير مِن شر؟ قال: نعم: دعاة على أبواب جهنم. مَن أجابهم إليها قذفوه فيها، فقلت يا رسول الله، صِفهم لنا؟ قال: نعم قومُ من جلدتنا يتكلمون بألسنَتِنا، قلت: يا رسول الله، فما ترى إذا أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامَهم فقلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعَض على أصل شجَرة، حتى يُدركَكَ الموت، وأنت على ذلك). "متفق عليه" 6 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن رأى مِن أميره شيئًا يكرهه فليصبر، فإنه مَن فارق الجماعة شبرًا فمات، فمِيتته جاهلية). "متفق عليه" 7 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (خيار أئمتِكم الذين تحبونهم، ويحبونكم، وتُصَلون عليهم، ويُصلون عليكم، وشِرار أئمتكم الذين تبغضونهم، ويبغضونكم، وتلعنونهم، ويلعنونكم، فقلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك، قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا مَن وُلَّي عليه وال، فرآه يأتي شيئًا مِن معصية الله، فليكره ما يأتي مِن معصية الله، ولا ينزِعَن يدًا مِن طاعته). "رواه مسلم" 8 - وقد دل الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولي الأمر، ما لم يأمروا بمعصية، فتأمل قول الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] كيف قال: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، ولم يقل: وأطيعوا أولى الأمر منكم؛ لأن أولى الأمر، لا يُفرّدون بالطاعة، بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله، وأعاد الفعل مع الرسول؛ لأن مَن يطع الرسول فقد أطاع الله، فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله، بل هو معصوم في ذلك، وأما ولي الأمر فقد يأمر بغير طاعة الله، فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله. وأما طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم مِن المفاسد أضعاف ما يحصل مِن جَورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات، ومضاعفة الأجور، فإن الله ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء مِن جنس العمل، فعلينا بالاستغفار والتوبة وإصلاح العمل، قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}. [الشورى: 30] وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. [الأنعام: 129]

فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم فليتركوا الظلم. "انظر شرح العقيدة الطحاوية 380 - 381" 9 - جهاد حكام المسلمين: ويكون بتقديم النصيحة لهم ولأعوانهم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الدين النصيحة. قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم). "رواه مسلم" ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر). "حديث حسن رواه أبو داود والترمذي" وبيان طريق الخلاص من ظلم الحكام الذين هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسِنتنا هو أن يتوب المسلمون إلى ربهم، ويُصححوا عقيدتهم، وُيرَبّوا أنفسهم وأهليهم على الإِسلام الصحيح، تحقيقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. [الرعد: 11] وإلى ذلك أشار أحد الدعاة المعاصرين بقوله: (أقيموا دولة الإِسلام في صدوركم تقم لكم على أرضكم). وكذلك لا بُد مِن إصلاح القاعدة لتأسيس البناء عليها ألا وهو المجتمع: قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. [النور: 55] "اختصارًا من كتاب تعليقات على شرح الطحاوية للشيخ الألباني"

نصيحتي إلى جميع الجماعات

نصيحتي إلى جميع الجماعات لقد بلغت من الكِبَر عتيًا، وعمري الآن يقرب من السبعين عامًا، وإني أحِبُّ الخير إلى جميع الجماعات، وعملًا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الدين النصيحة). "رواه مسلم" فإني أقدم النصائح الآتية: 1 - أن يتمسكوا بالقرآن، والسنة النبوية، عملاً بقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا}. [آل عمران: 103] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (تركت فيكم أمرين لن تضِلوا ما تمسكتم بها: كتابَ الله، وسنة رسوله). "رواه مالك وصححه الألباني في صحيح الجامع" 2 - إذا اختلفت الجماعات، فعليهم أن يرجعوا إلى القرآن والحديث وعمل الصحابة عملاً بقول الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها). "صحيح رواه أحمد" 3 - أن يهتموا بعقيدة التوحيد التي ركز عليها القرآن، وقد بدأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعوته إِليها، وأمر أصحابه أن يبدأوا بها. 4 - لقد عاشرت الجماعات الإِسلامية، فرأيت أن الدعوة السلفية تلتزم الكتاب والسنة حسب فهم السلف الصالح: الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته والتابعين، وقد أشار إلى هذه الجماعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (ألا إن مَن قبلكم مِن أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملَّة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة). "رواه أحمد وحسنه الحافظ" وفي رواية: (كلهم في النار إلا واحدة: ما أنا عليه وأصحابي) "رواه الترمذي وحسنه الألباني" يخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن اليهود والنصاري تفرقوا كثيرًا، وأن المسلمين سيفترقون أكثر منهم، وأن هذه الفرق ستكون عرضة لدخول النار، لانحرافها، وبعدها عن كتاب ربها وسنة نبيها، وأن فرقة واحدة، تنجو من النار، وتدخل الجنة، وهي الجماعة المتمسكة بالكتاب والسنة وعمل الصحابة.

وتمتاز الدعوة السلفية بالدعوة إلى التوحيد، ومحاربة الشرك، ومعرفة الأحاديث الصحيحة، والتحذير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة ومعرفة الأحكام الشرعية بأدلتها وهذا مهم جدًا لكل مسلم. واني أنصح إخواني المسلمين أن يلتزموا بالدعوة السلفية؛ لأنها هي الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة التي قال فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تزال طائفة مِن أُمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم مَن خذلهم حتى يأتي أمر الله) "رواه مسلم" اللهم اجعلنا من الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة. الخلاصة 1 - على الجماعات الإسلامية أن يبتعدوا عن التحزب الممقوت الذي يؤدي إلى الفُرقة وأن يتعاونوا فيما بينهم فيما ينفع المسلمين ويعود عليهم بالخير والنفع لقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. [المائدة: 2] وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (كونوا عباد الله إخوانا: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا، وأشار إلى صدره، بحسب امرىء مِن الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دَمه وماله وعِرضه). "رواه مسلم" 2 - على الجماعات الإسلامية ألا يتحاسدوا، ولا يتباغضوا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تحاسَدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابرَوا. . .). "رواه مسلم" 3 - على كل جماعة من الجماعات الإسلامية أن يقبلوا النصيحة إذا كانت موافقة للقرآن والحديث الصحيح، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الدين النصيحة). "رواه مسلم" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون). "حسن رواه أحمد وغيره" 4 - وأختم كلمتي بالدعاء الآتي: اللهم أصلح ذات بيننا، وألِّف بين قلوبنا، واهدنا سبل السلام، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، سِلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

تنبيهات على ملاحظات

تنبيهات على ملاحظات لقد مَنَّ الله تعالى عليَّ، وبدأت أدعو إلى توحيد الله تعالى وأصدرت أكثر من عشرين مؤلفًا طبع كل منها مرات متعددة بكميات كبيرة، وترجم بعضها إلى اللغة الإنجليزية، والفرنسية، والأندونيسية، والأوردية، والبنغالية، والتركية، وغيرها، وأكثر هذه الكتب كانت تطبع بمساعدة المحسنين، وتوزع مجانًا، وبعضها يباع في المكتبات التي يطبعونها على حسابهم، وقد كتبت على كل كتاب العبارة الآتية: لكل مسلم حق الطبع والترجمة، ومن له ملاحظة على الكتب، فليخبر المؤلف مشكورًا. 1 - لقد وصلني كتاب من الأمارات العربية عنوانه: (عقيدة الإمام الحافظ ابن كثير) لمؤلفه: (محمد عادل عزيزة) فلما قرأته وجدته لم يلتزم الأمانة العلمية حتى في الأحاديث النبوية حيث بتر الحديث الذي ذكره ابن كثير عند تفسير قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}. [القلم: 42] وهو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة. . ". إلى آخر الحديث الذي رواه البخاري ومسلم. وقال في كتابه: لقد تخبط محمد جميل زينو في كتابه (منهاج الفرقة الناجية) تخبطًا كثيرًا في صفحة 16 وغيرها، ويعلم الله أنني فرحت، وقلت: لعلي أخطأت، فأصلح خطئي، ولما نظرت في كتابي المذكور وجدت ما يلي: (قال الإِمام أحمد، قال الإمام الشافعي، قال الخطيب البغدادي) فهتفت للمؤلف وقلت له: ما هو التخبط الذي ذكرته في كتابي؟ فقال لي: الكتاب ليس عندي، فقلت له: لماذا حذفت الحديث الذي يفسر الآية من تفسير ابن كثير؟ فقال لي: الحديث مِن المتشابهات!! فقلت له: ولماذا بترت قول ابن كثير في تفسير: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} حيث اختار الوقف المفسر الطبري، ليثبت أن الله في السماء؟ فقال لي: حتى انظر، ولم يعترف بخطئه، وقد رددت على هذا المؤلف في كتاب اسمه: (بيان وتحذير من كتاب عقيدة الإِمام الحافظ ابن كثير).

2 - وقد قرأت في كتاب عنوانه (في مدرسة النبوة) للأخ أحمد محمد جمال قال فيه: ولقد عجبت للأخ (محمد جميل زينو) حين كتب في جريدة الندوة يوم 26/ 4/ 1411 هـ يستنكر صيغة الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - اعتاد بعض المسلمين ترديدها، وهي قولهم (اللهم صَلِّ على محمد طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها) وقال: إن الشافي والمعافي للأبدان والقلوب والعيون هو الله وحده، والرسول لا يملك النفع لنفسه ولا لغيره- إلخ. وأوَد للأخ محمد زينو أن يعلم أن لهذه الصيغة مفهومين صحيحين: أ - إن طب القلوب وعافية الأبدان، ونور الأبصار صفة، أو ثمرة للصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد عرفنا من الأحاديث السابقة فضل الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبركاتها وأنها صادرة من الله -عَزَّ وَجَلَّ-. . . وصلاة الله على العباد هي الرحمة والبركة والعافية والشفاء. ب - إن طب القلوب، وعافية الأبدان، ونور الأبصار صفة للرسول نفسه. . وهذه أيضًا لا نكران عليها، ولا غرابة فيها فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ذاته -كما وصفه القرآن الكريم- رحمة في قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. [الأنبياء: 107] وهو كذلك نور وضياء، كما وصفه القرآن في قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}. [الأحزاب: 45، 46] وفي روايات متعددة يصف الرسول نفسه بأنه رحمة مُهداة إلى الإنسانية ليخرجها من الظلمات إلى النور، ويشفي قلوبها وأبصارها، وأبدانها مِن الأسقام الحسية والمعنوية معًا، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أنا رحمة مُهداة). "أخرجه ابن عساكر" (إني رحمة بعثني الله). "رواه الطبراني" (إني لم أُبعَث طعانًا، وإنما بُعِثت رحمة). "رواه مسلم" 1 - أقول: إن الصيغة السابقة التي قال عنها المؤلف اعتاد الناس ترديدها. لا تجوز لأن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عبادة، والعبادة مبناها على التوقف حتى يأتي الدليل، ولا دليل على هذه الصيغة، ولا سيما أنها تخالف جميع الروايات التي وردت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، والسلف الصالح، بالِإضافة إلى أن فيها غلُوًا وإطراء لا يرضاه الله والرسول - صلى الله عليه وسلم -. فهل يجوز لمسلم أن يترك الصيغة التى علمها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه،

ويأخذ بصيغة من أقوال الناس، والتي تخالف الصيغ المشروعة؟ 2 - لقد بتر الكاتب من كلامي شيئًا مهما، وهو استشهادي بقول الله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ}. [الأعراف: 188] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُطروني كما أطرَتِ النصارى ابنَ مريم، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله) "رواه البخاري" 3 - وأما قول الكاتب: وصلاة الله على العباد هو الرحمة والبركة والعافية والشفاء:- قال ابن كثير: الصلاة من الله تعالى على عبده ثناؤه عند الملائكة. وقال غيره: الصلاة من الله -عَزَّ وَجَلَّ- الرحمة. "تفسير ابن كثير جـ 3/ 495" هذا التفسير الصحيح يبطل تفسير المؤلف (أحمد محمد جمال) الذي لا دليل عليه. 4 - وأما استشهاده بقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. [الأنبياء: 107] فإني أنقل للقارىء ما قاله العلامة محمد أمين الشنقيطي في تفسيرها: وما ذكره الله جل وعلا في هذه الآية: مِن أنه ما أرسله إلا رحمة للعالمين يدل على أنه جاء بالرحمة للخلق فيما تضمنه هذا القرآن العظيم، وهذا المعنى جاء موَضحًا في مواضع مِن كتاب الله: أ - كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. [العنكبوت: 51] ب - وقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}. [القصص: 86] جـ - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال: (إنى لم أبعَث لعانًا، وإنما بُعثت رحمة). "رواه مسلم" "انظر أضواء البيان للشنقيطي 4/ 694" وأما الطبري فقال ما خلاصته: أرسل الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رحمة لجميع العالم مؤمنهم وكافرهم، فأما مؤمنهم فإن الله هداه به وأدخله -بالإِيمان به وبما جاء مِن عند الله - الجنة، وأما كافرهم فقد دفع عنه عاجل البلاء الذي كان ينزل بالآمم المكذبة لِرسلها مِن قبله. 5 - وأما قول الكاتب: وهو (أي الرسول) نور وضياء كما وصفه القرآن في قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}. [الأحزاب: 45، 46]

وإني أنقل للقارىء ما قاله المفسرون: أ - قال ابن كثير في تفسيره: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا على أُمتك، ومَبشرًا بالجنة ونذيرًا مِن النار، وداعيًا إلى شهادة أن لا إله إلا الله بإذنه وسراجًا منيرًا بالقرآن. فقوله تعالى: {شَاهِدًا} أي لله بالواحدانية، وأنه لا إله غيره، وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}. [النساء: 41] وقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} أي بشيرًا للمؤمنين بجزيل الثواب، ونذيرًا للكافرين من ويل العقاب. وقوله جلت عظمته: {وَدَاعِيًا إِلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} أي داعيًا للخلق إلى عبادة ربهم عن أمره لك بذلك. وقوله تعالى: {وَسِرَاجًا مُنِيرًا}: أي وأمْرُكَ ظاهر فيما جئت به من الحق كالشمس في إشراقها وإضاءتها لا يجحدها إلا معاند. "انظر تفسير ابن كثير جـ 3/ 497" ب - وقال ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير: {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} أي أنت لمن اتبعك (سراجًا) أي: كالسراج المضيء في الظلمة يُهتدى به. "جـ 6/ 400" ج - وقال الطبري في تفسيره: {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} ضياء لخلقه بالنور الذي أتيتهم به من عند الله وإنما يعني بذلك أنه يهدي به مَن اتبعه مِن أُمته. "نقلاً عن الطبري باختصار" 6 - وقال المؤلف في كتابه (في مدرسة النبوة): وفي روايات متعددة يصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفسه بأنه: "رحمة مهداة" إلى الِإنسانية ليخرجها من الظلمات إلى النور، ويشفي قلوبها، وأبصارها من الأسقام الحسية والمعنوية معًا: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أنا رحمة مهداة) "صحيح: انظر صحيح الجامع" (إني رحمة بعثني الله). "هذا الحديث يشهد له ما قبله" (إني لم أُبعث لعانًا، وإنما بُعثتُ رحمة). "رواه مسلم" أقول: إن كلام المؤلف (أحمد محمد جمال) عليه ملاحظات: أ - لم يذكر المؤلف دليلًا على كلامه سوى ما أورده من حديث: (إنما أنا رحمة مهداة) وقد تقدم تفسير الرحمة في الآية للعلامة الشنقيطي، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاء بالرحمة للخلق فيما تضمنه هذا القرآن العظيم.

ب - وأما قول المؤلف: (ليُخرج الإنسانية من الظلمات إلى النور). . . فليته رجع إلى تفسير ابن كثير حيث قال فيها: {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ}. [إبراهيم: 1] أي إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب لتخرج الناس مما هم فيه مِن الضلال والغي إلى الهدي والرشد، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ}. [الحديد: 9] فالآيات صريحة بأنه أخرج الناس مِن الظلمات إلى النور بالقرآن المنزل عليه. ج - وأما قول المؤلف: (ويشفي قلوبها وأبصارها من الأسقام الحسية والمعنوية معًا) ويقصد النبي - صلى الله عليه وسلم -! فلم يأت بدليل صريح على ذلك، علمًا بأن الشافي للأمراض هو الله وحده: قال تعالى على لسان إبراهيم -عليه السلام-: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80] أكَّد بالضمير المنفصل، ليؤكد على أن الشافي هو الله وحده وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم رَبَّ الناس أذهب الباسَ اشفِ أنت الشافي، لا شِفاءَ إلا شفاؤك شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَما) "أخرجه البخاري" وقصة الغلام والأعمى التي وردت في الحديث تدل على أن الشافي هو الله وحده: فورد فيها أن الأعمى أتى الغلام بهدايا كثيرة وقال له سأهبها لك أجمع إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي الله فإن أنت آمنت بالله دعوتُ الله فشفاك. (فآمن بالله فدعا له فشفاه الله). "القصة رواها مسلم 4/ 3005" فالآية السابقة والأحاديث المتقدمة تدل على أن الشافي هو الله وحده، ولم يذكر المؤلف (أحمد محمد جمال) مثالًا واحدًا على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصف نفسه بأنه (يشفي) كما زعم، وهذا أمر خطير جدًا، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال عليَّ ما لم أقل، فليتبوَّأ مقعده من النار). "حسن رواه أحمد" وقد سألت سماحة الشيخ ابن باز مفتي السعودية عن كلام (أحمد محمد جمال) فقال: إنه شرك.

الخلاصة

الخلاصة إن كلام المؤلف (أحمد محمد جمال) ليس عليه دليل، وفيه غلُو وإطراء نهى عنهما الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلًا: 1 - (إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك مَن كان قبلكم بالغلُو في الدين). "صحيح رواه أحمد" 2 - (لا تطروني كما أطرت النصاري ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله) "رواه البخاري" ولا سيما حينما ادعى المؤلف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصف نفسه، بأنه يشفي القلوب والأبصار من الأسقام الحسية والمعنوية معًا! وكلمة (يشفي) فعل مضارع يفيد الحال والمستقبل، وهذا لا يمكن أبدًا، ولم يحدث هذا الشفاء في الوقت الحاضر والمستقبل. 3 - وما ذكرته من التنبيهات على كتاب (في مدرسة النبوة) هو من باب النصيحة للمسلمين عامة، ولقراء الكتاب المذكور خاصة. والله أسأل أن ينفع بها المسلمين ويجعلها خالصًا لله تعالى.

تنبيه هام

تنبيه هام 1 - أقول: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - له معجزات كثيرة، ولكنها كانت في حياته، وهذه نماذج منها. أ - عن عبد الله بن مسعود قال: كنا مع رسول الله في سفر فقَلَّ الماء، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: اطلبوا لي فضلة من ماء. الصحابة يجيئون بإناء فيه ماء قليل، فيدخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يده في الِإناء. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (حي على الطهور المبارَك، والبركة مِن الله). قال ابن مسعود: لقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. "رواه البخاري" يلفت الرسول - صلى الله عليه وسلم - نظر أصحابه إلى أن الماء المبارك الذي ينبع من بين أصابعه إنما بركته من الله وحده الذي خلق هذه المعجزة، وهذا حرص من الرسول على توجيه أُمته إلى التوحيد، ولذا قال لهم: (والبركة من الله). ب - وهذا علي -رضي الله عنه- يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويشتكي عينيه، فبصق الرسول - صلى الله عليه وسلم - في عينيه، ودعا له، فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع. "رواه البخاري" أقول: إن هذه المعجزات كانت في حياته، وإن عليًا دعا له الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد أن بصق في عينيه فبرأ؛ لأن دعاء النبي مستجاب، أما بعد موته - صلى الله عليه وسلم - فقد توقف طلب الدعاء منه وانقطعت المعجزات لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات الإِنسان انقطع عمله إلا مِن ثلاث: صدقة جارية، أو عِلم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له). "رواه مسلم" وهذا أبو طالب عَم الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يدافع عنه، لما حضرته الوفاة دعاه الرسول إلى الإِيمان فأبى، ومات مشركًا، ونزلت فيه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. [القصص: 56] "رواه البخاري"

(5) دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين المعارضين والمؤيدين

(5) دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين المعارضين والمؤيدين

موجز دعوة محمد بن عبد الوهاب * ما معنى وهابي * محمد بن عبد الوهاب * معركة التوحيد والشرك * الدعوة المحمدية * أسماء الله توقيفية * هل يكفي توحيد الربوبية؟ * الدعوة لا تقوم على العنف والتكفير * الإفتراء على الدعوة * اتهامات مردودة * مناقشة حول الوهابية * ردود على أباطيل * محمد بن عبد الوهاب في مرآة العلماء

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونسنغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فإن الناس اختلفوا فِي مفهوم هذه الدعوة: 1 - يرى البعض أنها مذهب خامس خارج على المذاهب الأربعة! 2 - وفريق آخر يرى أنهم لا يُحبون الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأولياء. 3 - ويرى آخرون أن الوهابيين متشددون يكفرون المسلمين. 4 - وذهب كثير من العلماء إلى أن هذه الدعوة سلفية ترجع إلى الكتاب والسنة في عقيدتها وجميع أمورها، وتنكر البدع في الدين. وسأُبين في هذه الرسالة الصحيح من الأقوال بالدليل والبرهان وأقوال العلماء المنصفين، وأن المسلم العاقل إذا أراد أن يعرف حقيقتها وجب عليه الرجوع إلى كتبها لا إلى أقوال أعدائها ليكون عادلًا في حكمه، عملاً بقول الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّثَ بكل ما سمع". "رواه مسلم في مقدمته" والله أسأل أن ينفع بها المسلمين ويجعلها خالصة لوجهه الكريم.

ما معنى وهابي؟

ما معنى وهابي؟ اعتاد الناس أن يُطلقوا كلمة وهابي على كل من يخالف عاداتهم ومعتقداتهم وبدعهم، ولو كانت هذه المعتقدات فاسدة، تخالف القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة، ولا سيما الدعوة إلى التوحيد ودعاء الله وحده دون سواه. كنت أقرأ على شيخٍ حديث ابن عباس في الأربعين النووية، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله". "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" فأعجبني شرح النووي حين قال: "ثم إن كانت الحاجة التي يسألها، لم تجر العادة (¬1) بجريانها على أيدي خلقه، كطلب الهداية والعلم. . وشفاء المرض وحصول العافية سأل ربه ذلك، وأما سؤال الخلق والإعتماد عليهم فمذموم". فقلت للشيخ هذا الحديث وشرحه يفيدان عدم جواز الإستعانة بغير الله، فقال لي: بل تجوز!! قلت وما دليلك؟ فغضب الشيخ وصاح قائلًا: إن عَمتي تقول يا شيخ سعد (وهو مدفون في مسجده تستعين به)، فأقول لها يا عمتي وهل ينفعك الشيخ سعد؟ فتقول: أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني!! قلت له: إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب، ثُم تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة! فقال لي عندك أفكار وهابية أنت تذهب للعمرة وتأتي بكتب وهابية!!! وكنت لا أعرف شيئًا عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايخ: فيقولون عنهم: الوهابيون مخالفون للناس لا يؤمنون بالأولياء وكراماتهم، ولا يحبون الرسول، وغيرها من الإتهامات الكاذبة! فقلت في نفسي إذا كانت الوهابية تؤمن بالإستعانة بالله وحده، وأن الشافي هو الله وحده، فيجب أن أتعرف عليها. سألت عن جماعتها فقالوا لهم مكان يجتمعون فيه مساء الخميس، لِإلقاء دروس في التفسير والحديث والفقه، فذهبت إليهم مع أولادي وبعض الشباب المثقف، فدخلنا غرفة كبيرة، وجلسنا ننتظر الدرس، وبعد فترة دخل علينا شيخ كبير السن، فسلَّم علينا وصافحنا جميعًا مبتدئًا بيمينه، ثم جلس على مقعد، ولم يقم له أحد، فقلت في نفسي: هذا شيخ متواضع لا يحب القيام. ¬

_ (¬1) لو قال النووي -رحمه الله-: لم تجر (سنة الله) بدل العادة لكان صوابًا لقوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ}. [الأحزاب: 62]

بدأ الشيخ الدرس بقوله: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. إلى آخر الخطبة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بها خطبه ودروسه، ويتكلم باللغة العربية الفصحى، ويورد الأحاديث، ويبين صحتها وراويها، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما ذكر اسمه، وأخيرًا وُجّهت له الأسئلة المكتوبة على الأوراق، فكان يجيب عليها بالدليل من القرآن والسنة، ويناقشه بعض الحاضرين فلا يرد سائلًا، وقد قال في آخر درسه: الحمد لله على أننا مسلمون وسلفيون، وبعض الناس: يقولون: إننا وهابيون، فهذا تنابز بالألقاب، وقد نهانا الله عن هذا بقوله: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}. "سورة الحجرات" وقديمًا اتهموا الإمامٍ الشافعي بالرَّفض فردَّ عليهم قائلًا: إنْ كان رَفضًا حُبُّ آلِ محمدٍ ... فليشهد الثقلانِ أني رافضي ونحن نردُّ على مَن يتهمنا بالوهابية بقول أحد الشعراء: إنْ كان تابعُ أحمدٍ مُتوهِّبًا ... فأنا المقِرُّ بأنني وهَّابي ولما انتهى خرجنا مع بعض الشباب معجبين بعلمه وتواضعه وسمعت أحدهم يقول: هذا هو الشيخ الحقيقي!!!

محمد بن عبد الوهاب

محمد بن عبد الوهاب ولد في بلدة (العُيَيْنة) في نجد سنة 1115 هـ حفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة، وتعلم على والده الفقه الحنبلي، وقرأ الحديث والتفسير على شيوخ من مختلف البلاد، ولا سيما في المدينة المنورة وفهم التوحيد من الكتاب والسنة، وراعه ما رأى في بلده (نجد) والبلاد التي زارها من الشرك والخرافات والبدع، وتقديس القبور التي تتنافى مع الإِسلام الصحيح، فقد سمع النساء في بلده يتوسلن إلى فحل النخل ويَقُلْنَ: (يا فحل الفحول أريد زوجًا قبل الحول)! ورأى في الحجاز من تقديس الصحابة، وأهل البيت والرسول ما لا يسوغ إلا الله، فقد سمع في المدينة استغاثات بالرسول ودعائه من دون الله، مما يخالف القرآن الكريم وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [أي المشركين] [يونس: 106] والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لابن عمه عبد الله بن عباس: "إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله" "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" قام الشيخ يدعو قومه للتوحيد ودعاء الله وحده؛ لأنه هو القادر والخالق، وغيره عاجز عن دفع الضر عن نفسه وغيره، وأن محبة الصالحين تكون باتباعهم لا باتخاذهم وسائط بينهم وبين الله، ودعائهم من دون الله!! 1 - وقوف المبطلين ضده: وقف المبتدعون ضد دعوة التوحيد التي تبناها الشيخ، ولا غرابة فقد وقف أعداء التوحيد في زمن الرسول وقالوا مستغربين: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}. [ص: 5] وبدأ أعداء الشيخ يحاربونه، ويشيعون عنه الأكاذيب، ويتآمرون على قتله، والخلاص من دعوته، ولكن الله حفظه، وهيأ له من يساعده حتى انتشرت دعوة التوحيد في الحجاز والبلاد الإِسلامية، وما زال بعض الناس إلى يومنا هذا يشيعون الأكاذيب، يقولون إنه ابتدع مذهبًا خامسًا، مع أن مذهبهُ حنبلي، ويقولون: الوهابيون لا يحبون الرسول، ولا يصلون عليه! مع أن الشيخ -رحمه الله- له كتاب (مختصر سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -) وهذا دليل على حبه للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد افتروا عليه الأكاذيب التي سيحاسبون عليها يوم القيامة، ولو درسوا كتبه بإنصاف لوجدوا فيها

القرآن والحديث وأقوال الصحابة؛ حدثني رجل صادق: أن أحد العلماء كان يحذر في دروسه من الوهابية، فأعطاه أحد الحاضرين كتابًا بعد أن نزع اسم المؤلف محمد بن عبد الوهاب، فقرأه وأعجبه ولما علم بمؤلفه بدأ يمدحه. 2 - ورد في الحديث: قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم بارك لنا في شامنا، وفي يمَنِنا، قالوا وفي نَجْدِنا، قال: مِن هنا يَطلع قَرْنُ الشيطان" "رواه البخاري" يظن بعض الناس أن النجد الوارد في الحديث هو نجد الحجاز وهذا خطأ؛ لأن النجد الوارد في الحديث هو نجد العراق للأدلة الآتية: أ - عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم الكبيرة سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الفتنة تجيء مِن ها هنا، وأومأ بيده نحوَ المشرق، مِن حيثُ يطلع قرنُ الشيطان" "رواه مسلم" ب - وقال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان في المدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها وهي مشرق أهل المدينة. وأصل النجد: ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغَور، فإنه ما انخفض منها، وتُهامة كلها من الغور، ومكة من تهامة. "انظر فتح الباري جـ 3/ 46 - 47" أقول: إن الحديث الذي في مسلم يشرح كلمة (نجد) الواردة في صحيح البخاري، والمراد منها العراق. وكذلك قول الخطابي يؤيد هذا القول، وأورد هذا ابن حجر، فدل على تأييده على أن المراد هو نجد العراق، وليس نجد الحجاز. أقول: لقد ظهرت الفتن في العراق حيث قتل الحسين بن علي -رضي الله عنه-، خلافًا لما يظنه بعض الناس أن الراد نجد الحجاز حيث لم يظهر فيها شيء من الفتن التي ظهرت في العراق، بل ظهر من نجد الحجاز التوحيد الذي خلق الله العالم لأجله، والذي من أجله أرسل الله الرسل. 3 - ذكر بعض العلماء المنصفين أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو من مجددي القرن الثاني عشر الهجري، وقد ألفوا كتبًا عنه، ومن هؤلاء المؤلفين الشيخ علي الطنطاوي أخرج سلسلة عن أعلام التاريخ، ذكر منهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأحمد بن عرفان،

ذكر فيه أن عقيدة التوحيد وصلت إلى الهند وغيرها بواسطة الحجاج المسلمين الذين تأثروا بها في مكة، فقام الإنكليز وأعداء الإِسلام يحاربونها؛ لأنها تُوَحدّ المسلمين ضدهم، وأوعزوا إلى المرتزقة أن يُشوهوا سُمعتها، فأطلقوا على كل موحد يدعو للتوحيد كلمة (وهابي)، وأرادوا به المبتاع، لِيصرفوا المسلمين عن عقيدة التوحيد التي تدعو إلى دعاء الله وحده، ولم يعلم هؤلاء الجهلة أن كلمة (وهابي) نسبة إلى (الوهاب) وهو اسم من أسماء الله الذي وهب له التوحيد، ووعده الجنة.

معركة التوحيد والشرك

معركة التوحيد والشرك 1 - إن معركة التوحيد مع الشرك قديمة منذ زمن الرسول نوح -عليه السلام- حينما دعا قومه إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة الأصنام، وبقي فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا. وهو يدعوهمِ إلى التوحيد، فكان ردهم كما ذكر القرآن: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا}. "سورة نوح" روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية قال: هذه أسماء رجالٍ صالحين من قوم نوح، فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إلى قومهم، أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا، وسموهم بأسمائهم ففعلوا ولم تُعبد، حتى إذا هلك أولئك ونُسيَ العِلمُ عُبدَتْ: (أي الأحجار والأنصاب التي هي التماثيل). 2 - ثم جاء الرسل من بعد نوح يدعون قومهم إلى عبادة الله وحده، وترك ما يعبدون من دونه من الآلهة التي لا تستحق العبادة، فاسمع إلى القرآن وهو يحدثك عنهم فيقول: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ}. "سورة الأعراف" {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ}. "سورة الزخرف" وكان رَدُّ المشركين على جميع الأنبياء بالمعارضة والإستنكار لما جاءوا به، ومحاربتهم بكل ما يستطيعون من قوة. 3 - وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي كان معروفًا عند العرب قبل البعثة بالصادق الأمين، لما دعاهم إلى عبادة الله وتوحيده، وترك ما كان يعبد آباؤهم نسوا صدقه وأمانته، وقالوا: (ساحِرٌ كذَّاب) وهذا القرآن يحكي ردهم فيقول: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}. "سورة ص" {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}. "سورة الذاريات"

هذا موقف الرسل جميعًا من الدعوة إلى التوحيد، وهذا هو موقف أقوامهم المكذبين المفترين. 4 - وفي عصرنا الحاضر حينما يدعو المسلم إخوانه إلى الاخلاق والصدق والأمانة لا تجد معارضًا له، فإذا قام يدعو إلى التوحيد الذي دعت إليه الرسل وهو دعاء الله وحده، وعدم سؤال من سواه من الأنبياء والأولياء الذين هم عباد الله قام الناس يعارضونه ويتهمونه بتهم كاذبة، ويقولون عنه (وهابي)! ليصدوا الناس عن دعوته، وإذا جاءهم بآية فيها توحيد قال قائلهم: (هذه آية وهابية)!! وإذا جاءهم بحديث: ". . وإذا استعنت فاستعِن بالله" "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" قال بعضهم: (هذا حديث وهابي)! وإذا وضع المصلي يديه على صدره، أو حرَّك أصبعه في التشهد، كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال الناس عنه وهابي!! فأصبح الوهابي رمزًا للموحد الذي يدعو ربه وحده، ويتبع سنة نبيه، والوهابي منسوب للوهَّاب. وهو اسم من أسماء الله الذي وهب له التوحيد، وهو أكبر نعمة من الله على الموحدين. 5 - على دعاة التوحيد أن يصبروا، ويتأسوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال له ربه: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا}. "سورة المزمل" {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا}. "سورة الإنسان" 6 - على المسلمين أن يقبلوا دعوة التوحيد، ويحبوا دعاته؛ لأن التوحيد دعوة الرسل عامة، ودعوة رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فمن أحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحب دعوة التوحيد، ومن أبغض التوحيد فقد أبغض الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

موقف المشايخ من التوحيد

موقف المشايخ من التوحيد 1 - أصدرت نشرة مكونة من أربع صفحات عنوانها: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، إياك نعبد وإياك نستعين، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله). وشرحت معناها، واستشهدت بقول النووي في شرح الحديث، وقول غيره من العلماء الداعين إلى التوحيد، ولئلا يقول المشايخ عن النشرة: إنها وهابية ذكرت قول الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه: "الفتح الرباني": "سَلوا الله، ولا تسألوا غيره، استعينوا بالله ولا تستعينوا بغيره، ويحك بأي وَجهٍ تلقاه غدًا، وأنت تنازعه في الدنيا، مُعرِض عنه، مُقبل على خلقه مُشرك به، تُنزل حوائجَك بهم، وتتكِلُ بالمهمات عليهم! ارفعوا الوسائط بينكم وبين الله، فإن وقوفكم معها هَوَس، لا ملك ولا سلطان، ولا غنىً، ولا عز إلا للحق -عَزَّ وَجَلَّ-، كن مع الحق، بلا خلق". (أي كن مع الحق بدعائه بلا واسطة من خلقه). هذه خلاصة النشرة المكونة من أربع صفحات صغيرة، وقد سمحت بطبعها وزارة الإِعلام، وطبعت منها ثلاثين ألف نسخة، وقد وزع ولدي منها نسخًا قليلة، وسمع أحد المشايخ يقول: هذه نشرة وهابية، ووصَلتْ إلى شيخ كبير في البلد، فأنكرها، وطلب مقابلتي فذهبت إلى بيته وكان هذا الشيخ قد درس معي في مدرسة الخسروية بحلب، وهي الآن الثانوية الشرعية، ولما قرعت الجرس خرجت بنت فقلت لها: "محمد زينو"، فدخلت ثم رجعت، فقالت لي: سيأتي للمدرسة بعد قليل، فانتظره هناك، فجلست عند دكان الحلاق المجاور لبيته حتى خرج، فلحقته، وقلت له: ماذا تريد مني؟ فقال لي: لا أريد هذه النشرة! قلت له لماذا؟ فقال: لا نريدها، فقلت له وقد وصلنا إلى باب المدرسة: سأدخل معك إلى المدرسة، وأقرأ الرسالة، فقال لا يوجد عندي وقت! قلت له طبعتُ منها ثلاثين ألف نسخة، وكلَّفتنا مالاً وجُهدًا، فماذا نفعل بها، هل نحرقها؟ فقال لي نعم احرقها!! قلت في نفسي سأذهب إلى الشيخ محمد السلقيني أستاذي في الفقه الحنفي، فذهبت إليه،

وقلت له عندي رسالة صغيرة فقال لي أحد المشايخ: احرقها، فقال لي اِقرأها عليَّ، فقرأتها عليه، فقال لي: هذه الرسالة فيها القرآن كلام الله، وفيها أحاديث رسول الله عون كيف نحرِقها؟ فقلت له: جزاك الله خيرًا، سوف أوزعها، ولن أحرقها، وبعد فترة وزعتها، ووجدَت قبولًا عند الشباب المثقف، حتى إنني وجدت مَن طبعها ووزعها في مكتبة الوتار بالمسكية في مدينة دمشق، فحمدت الله على أن هيأ لهذه الرسالة من يطبعها ويوزعها مجانًا ليعم نفعها، وتذكرت قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}. [التوبة: 32، 33] ثم طبعت هذه الرسالة في كتابي (منهاج الفرقة الناجية) فالذي يريد الاطلاع عليها يقرأ الكتاب المذكور، فسيجدها بنفس العناوين المذكورة آنفًا. 2 - أهدى إليّ أحد المشايخ كتابًا في قصة ثعلبة المشهورة ولما أراد تجديد طبع الكتاب نصحته أن يرجع إلى أقوال العلماء، ولا سيما في كتاب الِإصابة في أسماء الصحابة لابن حجر، وقد نبه هو وغيره على عدم صحتها، فلم يقبل النصيحة، وقال لي: أنت نشيط اتركْ هذه المسائل! قلت إذا تركتها فسوف أدعو إلى التوحيد الذي علمه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: لابن عمه عبد الله بن عباس وهو غلام، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يا غلام إني أعلمك كلمات. . . إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. . ." إلى آخر الحديث الذي ذكره النووي وقال عنه الترمذي: (حسن صحيح) فقال لي: نحن نسأل غير الله!!! رد الحديث بكل وقاحة وسوء أدب مخالفًا قول الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. [أي المشركين]،. [يونس: 106] ثم مضت سنوات قليلة وإذا بهذا الشيخ الذي يسأل غير الله يُقتل ولده، ويوضع ولداه في السجن، ويترك داره ويهاجر إلى بلد آخر، فلا يلوي على شيء، وقدَّر الله أن التقي بهذا الشيخ في الحرم المكي الشريف، والأمل على أنه عاد إلى رشده، ورجع إلى الله يسأله الستر والحماية والنصر فسلمت عليه، وقلت له: إن شاء الله سنعود إلى بلادنا، وُيفرّجَ الله عنا، فيجب علينا أن نتوجه إلى الله ونسأله العون والتأييد، فهو

القادر وحده، فما رأيك؟ فقال لي المسألة فيها خلاف! قلت له وأي خلاف؟ أنت إمام مسجد وتقرأ في صلاتك كل ركعة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ويكررها المسلم في يومه عشرات المرات، ولا سيما في صلاته، فلم يتراجع هذا الشيخ الصوفي النقشبندي عن خطئه، بل أصرَّ، وبدأ يجادل، ويعتبر المسألة خلافية لِيُبرر موقفه الخاطئ! إن المشركين الذين حاربهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يدعون أولياءهم في وقت الرخاء، ولكن إذا وقعوا في شدة أو كرب سألوا الله وحده، كما قال الله تعالى عنهم: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}. [يونس: 22] وقال عن المشركين: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}. [النحل: 53] 3 - دخلت مرة على شيخ كبير له طلاب وأتباع، وهو خطيب وإمام مسجد كبير، وبدأت أتكلم معه عن الدعاء وأنه عبادة لا يجوز إلا لله وحده، وأتيت له بدليل من القرآن وهو قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}. [الإسراء: 56، 57] فما المراد من قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ. . .}؟ فقال لي: الأصنام، قلت له: المراد الأولياء الصالحون. . فقال لي نرجع إلى تفسير ابن كثير، فمدَّ يده إلى مكتبته، وأخرج تفسير ابن كثير فوجد المفسر يقول أقوالًا كثيرة أصحها رواية البخاري التي تقول: "قال ناس من الجن كانوا يُعبدون، وفي رواية كان ناس من الإِنس يَعبدون ناسًا من الجن فأسلم الجن وتمسّك هؤلاء بدينهم". "ج 3/ 46" فقال لي الشيخ: الحق معك، ففرحت بهذا الإعتراف الذي قاله الشيخ، وبدأتُ أتردُّدُ عليه وأجلس في غرفته، وفوجئت مرة كنت عنده فقال للحاضرين: إن الوهابية نصف كفار؛ لأنهم لا يؤمنون بالأرواح، فقلت في نفسي لقد بدل الشيخ رأيه وخاف على منصبه فافترى على الوهابية، والإِيمان بالأرواح لا يُنكره الوهابية؛ لأنها ثابتة في القرآن

والحديث، ولكنهم ينكرون أن تكون للروح تصرفات كإغاثة الملهوف، وعون الأحياء، ونفعهم وضرهم؛ لأن من هذا الشرك الأكبر الذي ذكره القرآن عن الأموات بقوله: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}. [فاطر: 13، 14] فهذه الآية صريحة في أن الأموات لا يملكون شيئًا، وأنهم لا يسمعون دعاء غيرهم، وعلى فرض سماعهم لا يستطيعون الإِجابة، ويوم القيامة يكفرون بهذا الشرك الذي صرحت به الآية: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}. "سورة فاطر"

التعقيب على كتاب الخطيب

التعقيب على كتاب الخطيب قال الشيخ صالح الفوزان: الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده: وبعد: فقد اطلعت على كتاب عنوانه "الدعوة الوهابية؟ محمد بن عبد الوهاب العقل الحر والقلب السليم" للأستاذ عبد الكريم الخطيب. والكتاب في جملله يتضمَّن دراسة تحليليَّة لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من حيث الأسس التي قامت عليها، وطريقتها، وثمرتها، والحاجة إليها، وما قُوبِلت به من خصومها. وهو كتاب جيد في بعض مواضيعه، وسَيّئٌ في مواضيع أُخرى منه، فقد أدركت عليه ملاحظات مهمَّة وخطيرة لا يسعني المرور بها دون تعليق عليها، بيانًا للحق، ونصحًا للخلق، وإنصافًا لهذه الدعوة المباركة، برد ما يُلْصِقُه بها أعداؤها من تُهم، وما يقذفونها به من شبهات، شأنها في ذلك شأن كل دعوة إصلاح. ناهيك بما حصل لدعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على يد خصومها من ذلك. ولعل الأستاذ الخطيب قد وقع في تلك الأخطاء تأثُّرًا بما يسمع أو يقرأ مما يمليه أو يلقيه خصوم هذه الدعوة، دون تنبُّه لأهدافهم وأغراضهم، وإن كان الأستاذ قد أزاح عن هذه الدعوة المباركة كثيرًا مما لفَّقه أعداؤها من شُبهات، لكنه أبقى على بعضها مما لولاه لكان كتابه جيَدًا مئة في المئة. وكان الشيخ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم وفَّقه الله قد لاحظ على الأستاذ كثيرًا من تلك الأخطاء بملاحظات مختصرة طُبِعَت مع كتابه في طبعته الأخيرة دون أن يغيِّر من واقع تلك الأخطاء شيئًا، مما يدلُّ على إصراره عليها. وهذا مما يؤكّد عليَّ تقديمِ ملاحظاتي هذه بدافع النصح وتجلية الحقيقة، لعل الأستاذ يعيد النظر في كتابه، فيُنَحِّي عنه تلك الهفوات ليَسْلَمَ من تَبِعتِها، ويُجنِّب القراء - خصوصًا الذين لا يعرفون هذه الدعوة معرفة جيِّدة عن الوقيعة فيها، فالرجوع إلى الحق خير من التَّمادي في الباطل. وهذه الملاحظات بعضها جاء عرضًا في غير صميم الموضوع، وإليك بيانها بالتفصيل.

الدعوة المحمدية

الدعوة المحمدية 1 - تسميته لدعوة الشيخ بالدعوة الوهَّابية، وتسميته لأتباعه أيضًا بالوهَّابية. - ولعل الأستاذ فعل ذلك مجاراة لخصوم الدعوة الذين ينبزونها بهذا اللقب لمقصد خبيث لم يتنَبّه له، فهذه التسمية - خطأ من ناحية اللفظ ومن ناحية المعنى: أ - أما الخطأ من ناحية اللفظ، فلأن الدعوة لم تُنْسب في هذا اللقب إلى مَن قام بها -وهو الشيخ محمد-، وإنما نُسبت إلى عبد الوهاب -الذي ليس له أي مجهود فيها-، فهي نسبة على غير القياس العربي، إذ النسبة الصحيحة أن يقال: (الدعوة المحمَّدية). لكن الخصوم أدركوا أن هذه النسبة حسنة لا تُنَفِّر عنها، فاستبدلوها بتلك النسبة المزيَّفة. ب - وأما الخطأ من ناحية المعنى، فلأن هذه الدعوة لم تخرج عن نهج مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم، فكان الواجب أن يقال: (الدعوة السلفية). لأن القائم بها لم يبتدع فيها ما يُنْسَب إليه، كما ابتدعِ دعاة النِّحَل الضالَّة من الِإسماعيلية والقرمطيَّة، إذ هذه النِّحَل الضَّالَّة لو سُمِّيَت سلفية، لأبى الناس والتاريخ هذه التسمية؛ لأنها خارجة عن مذهب السلف، ابتدعها من قام بها. فالنسبة الصحيحة لفظًا ومعنى لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن يُقال: الدعوة المحمَّدية، أو الدعوة السلفية. لكن لما كانت هذه النسبة تغيظ الأعداء؛ حرَّفوها، ولذلك لم تكن الوهابية معروفة عند أتباع الشيخ، وإنما ينبزهم بها خصومهم، بل ينبزون بها كل مَن دان بمذهب السلف، حتى ولو كان في الهند أو مصر وإفريقية وغيرها، والخصوم يريدون بهذا اللقب عزل الدعوة عن المنهج السليم، فقد أخرجوها منٍ المذاهب الأربعة، وعدُّوها مذهبًا خامسًا: {حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}. [البقرة: 109]

الخلاف بين الصحابة

الخلاف بين الصحابة 2 - قال الأستاذ في (ص 12): "فالحرب التي دارت بين علي ومعاوية قد اختلط فيها الرأي بالهوى، والدين بالسياسة". - هكذا قال سامحه الله، مع أن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعدم الخوض فيما شجَرَ بينَهم؛ لأنهم في ذلك معذورون، إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، وإن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطؤوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور. قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: "ثم القدر الذي ينكر مِن بعضهم قليل نَزْرٌ مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم، من الإِيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة، والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح، ومَن نظر في سيرة القوم -بعلم وبصيرة- وما مَنَّ الله عليهم به من الفضائل، علم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء".

أسماء الله توقيفية

أسماء الله توقيفية 3 - وفي (ص 20) لما تحدَّث عن الكائنات، قال: "لا بدَّ من قوة وراء هذه الظواهر جميعها، لا بد من موجد لها، قائم عليها، منظِّم لوجودها، ممسك ببقائها، سمِّ هذه القوة ما شئت من أسماء، وبأية لغة، وعلى أي لسان، إنها (الله)، خالق الكون، ومدبِّر الوجود، وهذا ما يسمَّى بالتوحيد، أي: الإِيمان بالقوة الواحدة المُوجدَة لكل شيء، والمتصرفة في كل شيء" اهـ. ولنا على هذه الجملة ملاحظتان: الأولى: أنه جوَّز أن يسمَّى الله قوَّة وهذا خطأ؛ لأن أسماء الله توقيفية، فلا يسمَّى إلا بما سمَّى به نفسه، أو سماه به رسوله، وقد سمَّى نفسه بالقوي، كما قال تعالى: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}. [الشورى: 19] وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}. [هود: 66] والقوة صفته، كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}. [الذاريات: 58] فالقويُّ: اسمه، والقوَّة صفته سبحانه، وهناك فرقٌ بين الإسم والصفة. ثم إنه لا يجوز لنا أن نسمي الله بما شئنا من أسماء؛ لأن أسماءَه توقيفية، فلا نسمّيه إلا بما سمَّى به نفسه.

هل يكفي توحيد الربوبية

هل يكفي توحيد الربوبية الملاحظة الثانية: أنه فسَّر التوحيد بأنه الإقرار بأن الله هو مدبِّر الوجود وموجده، فإن أراد أن هذا هو توحيد الرُّبوبية، فهذا صحيح، لكن هذا التوحيد لا يكفي ولا ينجي من عذاب الله، ولا يدخل صاحبه في الإِسلام، ولا يعصم دمه وماله؛ لأن الكفار يقرُّون بهذا وهم الكفار. قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}. [الزخرف: 87] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}. [العنكبوت: 61] وإن أراد أن هذا هو التوحيد المطلق المطلوب من الخلق، فهذا خطأ واضح، لما ذكرنا من أن الكفار أقرُّوا به ولم ينفعهم في الدنيا، ولا ينفعهم في الآخرة، وسمَّاهم الله كفارًا لمَّا لم يُقِرُّوا بتوحيد الإِلهيِّة الذي هو عبادته وحده لا شريك له. قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: "فإقرار المرء بأن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه لا ينجيه من عذاب الله إن لم يقَترِنْ به إقرارً بأنه لا إله إلا الله، فلا يستحق العبادة أحدٌ إلا هو، وأن محمدًا رسول الله، فيجب تصديقه فيما أخبر به وطاعته فيما أمر". وقال أيضًا: "وقد أخبر الله سبحانه عن المشركين من إقرارهم بأن الله خالق المخلوقات ما بيَّنَه في كتابه فقال: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}. [الزمر: 38] وذكر آيات كثيرة في هذا المعنى، ثم قال: وبهذا وغيره يُعْرَف ما وقع من الغلط في مسمَّى التوحيد، فإن عامة المتكلِّمين الذين يُقَرِّرُون التوحيد في كتب الكلام والنظر غايتهم أن يجعلوا التوحيد ثلاثة أنواع، فيقولون: هو واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له، وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث، وهو توحيد الأفعال، وهو أن خالق العالم واحد. . . ويظنُّون أن هذا هو التوحيد المطلوب، وأن هذا هو

معنى قولنا: (لا إله إلا الله)، حتى يجعلوا معنى الإِلهيَّة القدرة على الاختراع. ومعلوم أن المشركين من العرب الذين بُعِثَ إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولًا لم يكونوا يخالِفونه في هذا، بل كانوا يُقِرُّون بأن الله خالق كل شيء، حتى إنهم كانو يُقِرُّون بالقدر أيضًا، وهم مع هذا مشركون" اهـ.

التناقض في كتاب الخطيب

التناقض في كتاب الخطيب 4 - وفي (ص 74 - 75) يقول الأستاذ: "بدأت الدعوة (يعني: دعوة الشيخ) حادة عنيفة مطبوعة بطابع التطرف والمغالاة، فكان طبيعيًا أن يلقاها الناس بعناد وتطرُّف، ومثل هذا لا يجعل للسلم مجالًا بين الطرفين المتقابلين. . .". إلى أن قال: "بدأت (يعني: الدعوة) بإنكار المجتمع الإِسلامي كله، فالمسلمون جميعًا في نظر الوهابيِّين قد انسلخوا عن الإِسلام بما أدخلوا على دينهم من بدع ومحدثات، كالتوسل بغير الله، ورفع القباب على قبور الموتى ممن يعتقد فيهم الصلاح، وهذا لون من الشرك بالله، وفي هذا بعض الحق، ولكنْ فيه كثيرٌ من المبالغة والغلو. . .". إلى أن قال: "كان لا بدَّ أن يحدث هذا (يعني: شدة الخلاف بينهم وبين غيرهم) بعد أن وضع الوهَّابيون دعوتهم في هذا الإِطار الذي يحصر الإِسلام في دعوتهم، ويجعل كل مَن انحرف عنها منحرفًا عن الإِسلام، داخلًا في مداخل الكفر والِإلحاد، ونجد هذا واضحًا في الكتب التي ألَّفها علماء الوهَّابيين" اهـ. - والجواب أن نقول: هكذا يصف الأستاذ دعوة الشيخ بهذه الأوصاف: أ - الغلو والتطرف والعنف. ب - تكفير جميع المسلمين، وحصر الإِسلام في تلك الدعوة، وتكفير من انحرف عنها. جـ - أن كتب علماء الوهَّابية تشتمل على تكفير المسلمين. وجوابنا على ذلك أن نقول: أولًا: قد تناقض الأستاذ في كتابه هذا تناقضًا واضحًا في موضوع دعوة الشيخ، فبينما هو يصفها بهذه الصفات المنفِّرة التي ربما يكون قد قرأها من كتب خصومها، أو سمعها من أفواههم، {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}، بينما هو يُسَطِّرُ هذه الصفات هنا، إذا هو في آخر كتابه يقول في (ص 111 - 112): "ودعوة محمد بن عبد الوهاب من الكلم الطيب، إنها تستند إلى الحق، وتدعو له، وتعمل في سبيله، ولهذا كانت دعوة مباركة، وفيرة الثمر، كثيرة الخير، لقد قام

صاحبها يدعو إلى الله لا يبتغي بهذا جاهًا، ولا يطلب سلطانًا، وإنما يضيء للناس معالم الطريق، ويكشف لهم المعاثر والمزالق التي أقامها الشيطان على جوانبه. ولقد اصطدمت هذه الدعوة وهي وليدة في مهدها بقوة عاتية، لو لم تكن تستند إلى أصول ثابتة من الحق، وتقوم على دعائم قوية من الإِيمان، لقضي عليها من أول صدمة، وَلَماَ واصلت سيرها في الحياة، ولما بقي منها في قلوب الناس أثر يُنْتَفَع إلى أن قال: "لقد وقف أتباع هذه الدعوة وقفة لا يمكن أن توصف بأقل من مواقف الشهداء من أتباع الأنبياء وحوارييهم. . .". إلى أن قال بعدما ذكر موقفهم من حملة إبراهيم باشا: "وهكذا الدعوات الخالصة والمبادىء السليمة أشبه بالمعادن الكريمة، تزيدها النار وهجًا وبريقًا، وكالنبت الطيب يزيده الحريق أريجًا وطيبًا، فلقد كانت هذه الدماء الزكية التي أُريقت في سبيل الدعوة أكرم على الله من أن تذهب هدرًا، أو تضيع هباء، ولقد كانت غذاء طيبًا لتلك الشجرة المباركة، فزكت وأينعت وأطلعت أطيب الثمرات. . .". هذا ما قاله الأستاذ في ثنائه على دعوة الشيخ وتزكيتها. فهل تراه نسي ما كتبه قبل ذلك من وصفها بتلك الصفات المنفِّرة: الغلو، والتطرف، وتكفير جميع المسلمين؟! كيف نجمع بين طرفي كلامه وهما نقيضان، والجمع بين النقيضين، مستحيل، فكيف يجتمع في دعوة الشيخ هذا وذاك؟! ثانيًا: إذا كانت دعوة الشيخ هي الحق، كما شهد به الأستاذ وغيره، وكما هو الواقع الذي لا شك فيه، فما خالفها، فهو الباطل قطعًا، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلَالُ}. [يونس: 32] وليست هذه المخالفة في مسألة اجتهادية فرعية، بل في صميم العقيدة. فهل يرى الأستاذ جهاد المخالف الذي أصر على مخالفته وعاند؛ هل يرى جهاده في سبيل العقيدة غُلُوًّا وعُنفًا وتَطَرفًا؟. إذًا، فأين موضوع الجهاد في سبيل الله؟. وهل الشيخ وأتباعه جاهدوا إلا لأجل تصحيح العقيدة والقضاء على الشرك؟ وهل جاهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من قبل إلا لأجل هذا؟!

الدعوة لا تكفر المسلمين

الدعوة لا تكفر المسلمين ثالثًا: وأما دعواه أن مِن سِماتِ الدعوة تكفير المسلمين، فلنترك الجواب عنها للشيخ محمد بن عبد الوهاب نفسه. قال -رحمه الله- في رسالته إلى السويدي -عالم من أهل العراق كان قد أرسل إليه كتابًا، وسأله عما يقول الناس فيه- فأجاب بهذه الرسالة، ومنها: "وأخبرك أني ولله الحمد مُتَّبع، ولستُ بمُبتَدع، عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة، لكنِّي بيَّنتُ للناس إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء (الغائبين) والأموات من الصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يُعْبَد الله به من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه ملك مقرَّب ولا نبيُ مرسل، وهو الذي دَعَتْ إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة. . .". إلى أن قال -رحمه الله-: "ومنها ما ذكرتُم أنِّي أكفِّر جميع الناس إلا من اتَّبعني، وأزعم أن أنكِحَتَهم غير صحيحة، ويا عَجَبًا! كيف يدخل هذا في عقل عاقل؟! هل يقول هذا مسلم؟! إني أَبرأْ إلى الله من هذا القول الذي ما يصدر إلا عن مُختلِّ العقل". ثم قال: "وأما التكفير، فأنا أكفَر مَن عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبَّه، ونهى عنه، وعادى مَن فعله، فهذا هو الذي أُكفِّره، وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك" وقال -رحمه الله- في رسالة له: "وأما ما ذُكِرَ لكم عني، فإني لم آته بجهالة، بل أقول - ولله الحمد والمنة، وبه القوة: ولست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أُعظمهم، مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم، بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها أول أُمته وآخِرَهم، وأرجو أني لا أردُّ الحق إذا أتاني، بل أَشْهِدُ الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم من الحق، لأقبلنَّه على الرأس والعين، ولأَضرِبَنَّ الجدار بكل ما خالفه من أقوال أئمتي حاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لا يقول إلا الحق" اهـ.

التثبت واجب

التثبت واجب إنه يجب عليك أيها الأستاذ أن تحاسِبَ نفسك على ما تقول وتكتب، ولا ترسل القول جزافًا، وأن تتثبَّت قبل أن تصدر الحكم؛ عملاً بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}. [الحجرات: 6] رابعًا: وأما دعواه أن كتب علماء الوهَّابية تشتمل على تكفير المسلمين إلا مَن كان يدين بدعوتهم، فنحن نطالبه أن يُبرز لنا كتابًا واحدًا من كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب أو من كتب أبنائه وأحفاده وكتب تلاميذهم. . . إلى يومنا هذا يُصَدِّق ما نسبه إليهم من تكفيرهم للمسلمين. وبالجملة؛ فالأستاذ وصف دعوة الشيخ بصفات مذهب الخوارج: الغلُو، والتطرف، والعنف، وتكفير المسلمين، وحصر الإِسلام فيهم. من أين استقى هذه المعلومات الخاطئة عن الدعوة؟! لا بد أنه استقاها من كتب خصومها، وما هذا شأن الباحث المنصف، فضلًا عن العالم المسلم الذي يعلم أنه سيحاسَب بين يدي الله عن كل كلمة يقولها أو يكتبها. {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}. [ق: 18] 5 - ويقول الأستاذ في (ص 82): "وإذن؛ فنستطيع أن نقول: إن هذه الدعوة مهما كان اتصالها بالسياسة، فقد بقي اللون الغالب عليها هو الدين، وظل صاحب الدعوة هو صاحب الكلمة في المجتمع الذي استجاب له بما فيه من حكام ومحكومين. . . إلخ". - ونقول له: هل الدين منفصل عن السياسة؟! إن الدين فيه السياسة الصحيحة، والشريعة الإِسلامية دين ودولة، فالسياسة الصحيحة لا تقوم إلا على الدين.

هدم معالم الشرك

هدم معالم الشرك 6 - في (ص 93) يتكلَّم الأستاذ في موضوع هدم القباب المقامة على القبور، فيقول: "وقد بدأ هذا العمل صاحبُ الدعوة محمد بن عبد الوهاب، فهدم القبة المقامة على قبر زيد بن الخطاب، ثم تلا ذلك هدم كثير من قباب الصحابة والتابعين، ثم تجاوز هذا إلى قبر الرسول الكريم وإلى الكعبة الشريفة، فحالوا بين الناس ويين التمسُّح بهما والتماس البركة منهما، وكان ذلك هو الذي أثار ثائرة المسلمين في كل مكان، وعدُّوا من أجله الوهَّابيين حربًا على الإِسلام؛ لأنهم لا يقدسون مقدساته، ولا يوقرون حرماته". - والجواب على ذلك أن نقول: إن هدم القباب المقامة على القبور هو واجب جميع المسلمين، تنفيذًا لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال: "لا تَدَعْ قبرًا مُشْرِفًا إلا سوَّيته". "رواه مسلم" وأما التمسُّح بالكعبة، فالوارد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو استلام الحجر الأسود، وتقبيله، واستلام الركن اليماني دون بقية الأركان. ولهذا أنكر ابن عباس -رضي الله عنهما- على معاوية -رضي الله عنه- لما كان يستلم أركان الكعبة كلها، ويقول: ليس من البيت شيء مهجور، وذكر له ابن عباس فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتلا عليه هذه الآية الكريمة: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. [الأحزاب: 21] فتراجع معاوية -رضي الله عنه- عن رأيه اتِّباعًا للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقال صدقت. وهذا شأن المسلم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}. [الأحزاب: 36] فادعاء الأستاذ أن علماء الدعوة يمنعون التمسح بالكعبة مطلقًا ادعاء خاطئ، وأما التمسح بقبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهو حرام، ووسيلة من وسائل الشرك، وكذا التمسح بقبر غيره من باب أولى، والمنع من ذلك واجب، وهو من محاسن الدعوة لا مِن مثالبها. قال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى". "وأما سائر جوانب البيت والركنان الشاميان ومقام إبراهيم، فلا يُقَبَّل، ولا يُتَمَسَّح به باتفاق المسلمين المتبَّعين للسنة المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا لم يكن التمسُّح بذلك وتقبيله مستحبًّا، فأولى أن لا يُقَبَّل ولا يتمسح بما هو دون ذلك.

واتفق العلماء على أنه لا يستحبُّ لمن سلَّم على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند قبره أن يُقَبل الحجرة، ولا يتمسَّح بها، لئلا يضاهي بيت المخلوق بيت الخالق، ولأنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ لا تجعل قَبْري وَثَنًا يُعْبَد". "صحيح رواه أحمد" وقال: "لا تَتَّخِذوا قبري عيدًا". "حسن رواه أحمد" وقال: "إن مَن كان قبلكم كانوا يتَّخِذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك". "رواه مسلم" فإذا كان هذا دين المسلمين في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو سيد ولد آدم، فقبر غيره أولى أن لا يُقَبَّل ولا يُسْتَلَم). "جـ 27/ 126" وقال أيضًا: "ولا يُستَلَم من الأركان إلا الركنين اليمانيين دون الشاميين؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما استلمهما خاصة؛ لأنهما على قواعد إبراهيم، والآخران هما في داخل البيت، فالركن الأسود يُستلم ويُقبَّل، واليماني يُستلم ولا يُقبَّل، والآخران لا يُستلمان ولا يُقبلان، والاستلام هو مسح باليد، وأما سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء والصالحين وصخرة بيت المقدس، فلا تستلم، ولا تُقبَّل باتفاق الأئمة" اهـ. "جـ 26/ 121" فالتبرك بالبقاع والقبور والآثار إذا كان القصد منه التعلُّق على غير الله في حصول البركة وطلبها من غيره فهذا شركٌ، فماذا على علماء الدعوة إذا حالوا بين الناس وبين الشرك ووسائله نصحًا للخلق وغَيرة للحق؟!

الدين ينكر البدع

الدين ينكر البدع ثم يعدُّ الأستاذ منع التمسح بقبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - تعريضًا لمقامه وقبره للأذى. "انظر صفحة 94 من كتابه" ويا سبحان الله! إن الذي يؤذي الرسول حقيقة هو الذي يجعل قبره وثنًا يُعبد، ويرتكب ما نهى عنه، أو يدافع بلسانه وقلمه عمَّن يفعل ذلك. وقوله: "وكان ذلك هو الذي أثار ثائرة المسلمين في كل مكان. . ." إلخ، قولٌ فيه مجازفة وتقوُّل على المسلمين، فالمسلمون بالمعنى الصحيح يؤيدون علماء الدعوة في ذلك، ولا ينكره إلا الجهال الذين لا يعرفون من الإِسلام إلا اسمه، أو المعاندون من عُبّاد القبور، وهؤلاء وأولئك لا اعتبار لإِنكارهم في ميزان الحق ومجال النقد. ثم الدَّاعية إلى الحق لا بدَّ أن يُعادَى وتُحاكُ ضدُّه التُّهم، ولنا بما جرى لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبما جرى لإِخوانه النبيِّين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وما جرى على أتباعهم، لنا في ذلك أكبر أسوة وأعظم عبرة. ثم إن الأستاذ أراد أن يلطِّف الموضوع، ويغطِّي ما مر في كلامه من شطحات، فقال: "إن هذه الأمور (يعني: الأمور التي أنكرها الشيخ) بمنزلة ورم خبيث يحتاج إلى يد نطاسي بارع للقضاء عليه"؟! 7 - ثم يقول: "ولو أن الوهَّابية قد أخذت الأمر مأخذًا هيِّنًا، ودعت أول ما دعت إلى ترك البدع الصارخة، كالزار والتمائم وغير ذلك مما كان يعيش عليه كثير من المسلمين في ذلك الحين، ولو أن الوهابيِّين فعلوا هذا، لكان تمهيدًا طيّبًا ومقدمة ناجحة لما تنطوي عليه دعوتهم من تحرير العقل الإِسلامي وتحرير العقيدة الإِسلامية مما غشيها من جهل وضلال". هكذا يرى الأستاذ طريقة الدعوة الناجحة أن يترقَّى بها من الأدنى إلى الأعلى، بحيث يبدأ بإنكار البدع أولًا،. ثم بإنكار الشرك. ولنا على ذلك ملاحظتان:

الأولى: عده التمائم من البدع، مع أنها قد تكون شركًا إذا اعتقد معلقها أنها تدفع الشر بذاتها، وكذا إذا كان فيها ألفاظ شركية، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرُّقى والتمائم والتِّوَلة شِرْكٌ" "صحيح رواه أحمد وغيره" الثانية: إن هذه الطريقة التي وصفها للدعوة مخالفة لطريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالرسول أول ما بدأ بإنكار الشرك، فلبث في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد وإنكار الشرك قبل أن يأمر بالصلاة والزكاة والصيام والحج، والنهي عن البدع إنما يكون بعد صلاح العقيدة، بحيث يبدأَ بالأهم فالأهم، بل هذه طريقة جميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، كل نَبِيٍّ أول ما يبدأ قومه بقوله: {يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}. [الأعراف: 59] 8 - يتكلَّم الأستاذ عن الإستعانة بالمخلوق، فيقول: "إن الإنسان الذي يؤمن بالله ويضمُّ قلبه على توحيده لا يخلو أبدًا في حالات مختلفة من أن ينظر من غير قصد إلى غير الله فيما يطرقُه من أحداث ذلك في الوقت الذي لا يخلى فيه قلبه من ذكر الله والإِيمان بتفرده بالألوهية، ونحن نرى أن مثل هذه الإلتفاتات العارضة لا يمكن أن تقطع الطريق على المسلم، وأن تعزله عن ربه، وتسلكه في عداد الكافرين الملحدين، كما تقول بذلك الدعوة الوهابية، فأي إنسان لا تخف نفسه من غير قصد إلى التماس العون من ذوي الجاه وأصحاب السلطان؟. . .". إلى أن قال: "فهل لو أُلقي مسلمٍ اليوم في النار، ثم جاءه أحدٌ يَمُدُّ إليه يد الخلاص، أيكون هذا المسلم كافرًا أو ملحدًا إذا قبل العون؟! إن التوحيد الخالص على الوجه الذي تُصَوِّرُهُ الدعوة الوهَّابية يُحتِّم على مثل هذا الإِنسان ألا يستعين بغير الله. فكيف الأمر إذن وصاحب الدعوة نفسه قد مدَّ يده إلى أمير العُيينة أولًا، ثم إلى الأمير محمد بن سعود ثانيًا؟! فهل في هذا ما ينقص التوحيد أو يفسد العقيدة؟! فإن الأخذ بالأسباب أمر يدعو إليه العقل، ويزكيه الدين، وغاية ما في الأمر أن يَضِلَّ بعض الناس عن جهل عن الإتجاه إلى الأسباب السليمة المتَّصلة بالمسببات، وذلك ما يمكن أن نفسر به تعلُّق بعض الجهلة بالأضرحة ونحوها، أنهم ضَلُّوا الطريق، فلم يتعرَّفوا على الأسباب الصحيحة، ومثل هذا يوصف بالجهل، ولا يتَّهم صاحبه بالكفر والخروج عن الدين" اهـ "ص 101"

وقد كرَّر الأستاذ كلمة: "من غير قصد" فهل مراده أن هذه الأشياء التي ذكرها تصدر من نائم أو ناس أو مجنون أو غير مميّز أو مكره؟! فكل من هؤلاء مرفوع عنه القلم بنصوص الأحاديث، فلا داعي إلى هذا التطويل. وماذا يقصد بالإلتفاتة العارضة إلى غير الله التي نسب إلى الدعوة الوهابية تكفير مَنْ فعلها؟! إن كان قصده الالتفات بطلب الحاجات وتفريج الكربات إلى الأموات والغائبين؛ فهذا كفر بإجماع المسلمين، ليس في الدّعوة الوهابية فحسب؛ لأنه دعاء لغير الله: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117] والآيات في هذا كثيرة.

الإستعانة الجائزة

الإستعانة الجائزة وإن قصد بهذا الالتفات الإستعانة بالمخلوق الحي الحاضر فيما يقدر عليه كما يظهر من قوله: "فأي إنسان لم تخف نفسه من غير قصد إلى التماس العون من ذوي الجاه والسلطان"؛ فهذا مباحٌ، وقد تجنى الأستاذ على دعوة الشيخ في قوله: إنها تكفِّر مَنْ فعل ذلك وتعدُّه ملحدًا. وهو يردّ على نفسه ويتناقض في قوله حين يقول: "وصاحب الدعوة قد مد يده إلى أمير العُيينة أولًا، ثم إلى الأمير محمد بن سعود ثانيًا". فقد ردَّ على نفسه فيما نسبه إلى هذه الدعوة، ونحن نزيده بيانًا في هذه المسألةُ من كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حيث يقول -رحمه الله- في كشف الشبهات ما نصه: "فإن الإستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها؛ كما قال الله تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} وكما يستغيث الإِنسان بأصحابه في الحرب أو غيره في أشياء يقدر عليها المخلوق، ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء، أو في غيبتهم، في الأشياء التي لا يقدر عليها إِلا الله" اهـ. وأما قوله عن تعلُّق بعض الجهلة بالأضرحة: "إنهم ضلوا الطريق، فلم يتعرَّفوا على الأسباب الصحيحة، ومثل هذا يوصف بالجهل، ولا يُتَّهم صاحِبه بالكفر والخروج عن الدين" فنقول له: من تعلق على الأضرحة عن جهل؛ بُيِّن له الحق، ودُعِي إلى التوحيد، فإن أصر على التعلّق بالأضرحة بعد ذلك؛ يستغيث بها، ويطلب الحاجات منها؛ فهو كافر خارج عن الدين؛ كشأن المشركين الأوَّلين الذين دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى التوحيد، فأبوا، وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا}؛ لأن الجهل يَزُولُ بالبيان، ولا يبقى على الضَّلَالِ بعد البيان إِلا معاندٌ للحق.

رد الإتهام بالتكفير

رد الإتهام بالتكفير 9 - وفي الصفحات (103 و 104 و 105) يكتب الأستاذ كلامًا معناه أن الوهابية تسارع إلى تكفير الناس بتعليقهم التمائم، وتمسُّحهم بالأضرحة، مع كثرة من يفعل ذلك، وخطورة التكفير وقسوته، وكون من يفعل هذه المخالفات فعلها عن جهل، ومِنْ أنه يُمكن العلّاج عن طريق النصح والإِرشاد .. إلخ. ونحن نجيب الأستاذ عن ذلك بما سبق أن شرحناه بأن علماء الدعوة لا يُكفِّرون الناس بمجرد تعليق التمائم، والتمسح بالأضرحة مطلقًا، بل في ذلك تفصيل: فمَن علَّق التميمة أو تمسَّح بالضريح يعتقد في ذلك جلب النفع ودفع الضر من دون الله؛ فهذا شرك. ومن فعله يعتقده سببًا من الأسباب فقط مع اعتقاده أن جلب النفع ودفع الضر من الله؛ فهو محرم، ووسيلة من وسائل الشرك. ومن فعل ذلك جاهلًا؛ بُيَن له، وأرشد، فإن استمر بعد ذلك، مُنع منه بالقوة. وكثرة من يفعله ليست حجة: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} "الأنعامَ آية 116" وأما كون التكفير فيه قسوة وخطورة؛ فذلك لا يمنع من إطلاقه على مَنْ اتَّصف به، وعلماء الدعوة -والحمد لله- لا يكفِّرون إِلا مَنْ كفَّره الله ورسوله. وأما قول الأستاذ: "إنه بعد أن انتشر العلم في المجتمع الإِسلامي، وخلصت العقول من تصورات الجهل؛ ذهبت أو كادت تذهب كل هذه الصور التي كانت تعيش في المجتمع الإِسلامي؛ من تعظيم القبور، والتمسح بالأضرحة"؛ فهذا كلام ينقضُه الواقع، وما قبر أحمد البدوي، ومشهد الحسين، وغيرهما ... وما يُفعل عند هذه الأضرحة الآن من الشرك الأكبر بخافٍ على الأستاذ، ولا بعيد عن بلده.

الدعوة لا تقوم على العنف

الدعوة لا تقوم على العنف 10 - قد أكثر الأستاذ من وصف الدعوة بالحدة والعنف والمبالغة والغلو والتعصب والخطأ في أسلوبها، وهذه صفات ذميمة قد برَّأ الله الدعوة منها، فهي ولله الحمد دعوة حكيمة صافية مبنيَّة على العلم النافع والجهاد الصادق والصبر؛ أسوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وترسُّمًا لخطاه. وسأنقل فقرات مما كتبه الأستاذ في صفحات متعددة ما كان ينبغي له أن يكتبها: ففي (ص 74) يقول: "بدأت الدعوة حادة عنيفة مطبوعة بطابع التطرف والمغالاة ... فلقد بدأت الدعوة بما كان يجب أن تنتهي إليه، بل بأكثر مما كان يجب أن تنتهى إليه، بدأت بإنكار المجتمع كله". ويقول في (ص 76): "كان ينبغي أن تسلك الدعوة مسلكًا أسلم عاقبة من هذا، لو أنها بدأت أقل عنفًا مما كانت عليه". ويقول في (ص 81): "ولكن تعَصَّبَ الوهابيِّين (كذا! والصواب: الوهَّابيون) لرأيهم فبالغوا فيه، وتعصَّب عليهم المجتمع الاسلامي في جملته، فأنكر دعوتهم". وفي (ص 93) يقول: "وفي الحق أن الدعوة الوهابية في بَدْئِهَا قد. أخطات خطأ بيِّنًا في أخذ الناس بهذا الأسلوب الحاد العنيف؛ دون أن تُدْخِل في حسابها الأثر النفسي الذي يطغى على شعور المسلمين". وفي (ص 95) يقول: "فموضوع الدعوة سليم غاية السلام، ولكن في أسلوبها بعدٌ كثيرٌ عن أساليب التربية" وفي (ص 103) يقول: "ونقول: إن هذه المبالغة وهذا الغلو في تنقية العقيدة الإِسلامية من رواسب الشرك قد وسَّعَت هُوَّة الخلاف بين جمهور المسلمين والوهابيِّين" اهـ. - والجواب أن نقول للأستاذ: من أي مرجع اسْتَقَيْتَ هذه المعلومات وعرفت هذه الصفات عن الدعوة التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه؟ "

هل وجدت في كتب أصحابها ما يسوِّغ قولك" فها هي - ولله الحمد - موجودة وميسورة، دُلَّنا على وأحد منها يُصدِّق ما تقول. أم تَلَقيْتَ ذلك من كتب خصومها؟ فما كان يجوز لك أن تحكم على الخصم اعتمادًا على كلام خصمه. ثم قوله: "إن المجتمع الإِسلامي بأسره أو معظمه قام في وجه هذه الدعوة ورفضها" قول مردود، فهذه كتب علماء المسلمين بالعشرات والمئات تُثْني على هذه الدعوة وتناصرها وتدافع عنها؛ من علماء الهند، واليمن، والعراق، والشام، ومصر، وغيرهم مما لا أحصيه الآن مما تضمُّه المكتبة الإِسلامية من الكتب التي تنافح عن هذه الدعوة، إنما قام في وجهها فئات من علماء الضَّلالة الذين قال فيهم وفي أمثالهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أخافُ على أُمَّتي الأئمةَ المضلِّين" "صحيح رواه الترمذي" إن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وجزاه عن الإِسلام والمسلمين خير الجزاء تترسَّم خُطا دعوة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، فقد بدأ دعوته بتبصير الناس طريق الحق، وتصحيح العقيدة بالبيان والتعليم، فلما اجتمع حوله تلاميذ وأنصار اقتنعوا بدعوته؛ طلب من الأمراء مَنْ يحميه ويناصره حتى يُبلِّغ هذه الدعوة إلى ما حوله من البلاد؛ كما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يَعْرِض نفسه على القبائل؛ يطلُبُ من يؤيِّده حتى يبلغ دعوة ربه، فلما وجد الشيخ من الأمراء مَنْ يساعده؛ جهر بالدعوة، وكتب إلى العلماء والوُلاة في البلدان المجاورة يدعو إلى الله سبحانه، ويطلب منهم المناصرة، فاستجاب له من استجاب، وعاند مَنْ عاند، فكان لا بد من الجهاد في سبيل الله؛ لإِعلاء كلمة الله، وتطهير البلاد من الشرك أُسوةً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما هاجر إلى المدينة، ووجد له أنصارًا فيها. وليس في هذا عنفٌ أو غلوٍّ أو تعصُّب؛ كما زعمت أيها الأستاذ، بل هو سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في جهاد مَنْ عاند الحق، وأصَرَّ على الطغيان بعد البيان والإِنذار. وختامًا؛ نقول: يجب على الأستاذ أن يعيد النظر في كتابه، فيُصفيه من هذه التناقضات التي شوَّهت جماله، وطمست معالمه، ويَستقي معلوماته من المراجع الصحيحة عن الدعوة المباركة، وعلى الأخص كتب الشيخ ورسائله، ككتاب التوحيد، وكتب أحفاده وتلاميذهم وغيرهم من العلماء؛ مثل "تيسير العزيز الحميد"، و "فتح المجيد" و "الدرر السَّنِيَّة في الأجوبة النجدية"، و "غاية الأماني

الرد على أبي زهرة

في الرد على النبهاني" لعلّامة العراق محمود شكري الألوسي، و "صيانة الإِنسان عن وسوسة الشيخ دحلان" لعلامة الهند محمد بشير السهسواني ... وغيرها مما يوضح أهداف هذه الدعوة المباركة، ويرد شبهات خصومها. هذا ما نرجوه من الأستاذ الكريم. ونسأل الله لنا وله التوفيق فيما نقول ونعمل، هو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. الرد على أبي زهرة قال الشيخ صالح الفوزان: 1 - عدَّ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوِهاب نِحلة ومذهبًا محدَثًا مستقلًا أطلق عليه لفظ الوهَّابية وعدَّه من جملة المذاهب الضَّالَّة التي أدرجها تحت عنوان: (مذاهب حديثة): وهي الوهابية، والبهائية، والقاديانية. "تاريخ المذاهب الإسلامية 207". - ومن المعلوم وواقع دعوة الشيخ أنه ليس صاحب مذهب جديد، وإنما هو في العقيدة على مذهب السلف أهل السنة والجماعة، وفي الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-، ولم يستقلَّ ولا بمسألة واحدة عن هؤلاء. فكيف يعدُّه أبو زهرة صاحب مذهب جديد، ويدرجه ضمن المذاهب الضالة والنِّحَل الفاسدة؟ قاتل الله الجهل والهوى والتقليد الأعمى. وإذا كان هو يعيب على الوهابية ما توهَّمه من تكفيرهم للناس، فكيف يُبيح لنفسه هذا الذي عابه على غيره؟! 2 - ثم قال: "ومُنشى الوهابية هو محمد بن عبد الوهاب، وقد درس مؤلَّفات ابن تيمية، فراقت في نظره، وتعمَّق فيها، وأخرجها من حَيِّز النظر إلى حيِّز العمل". - هكذا قال عن مرتبة الشيخ محمد بن عبد الوهاب العلمية: إنه لم يدرس إِلا مؤلَّفات ابن تيمية!! وكأنه لم يقرأ ترجمة الشيخ وسيرته، ولم يعرف شيئًا عن تحصيله العلمي، أو أنه عرف ذلك وكتمه بقصد التقليل من شأنه، والتغرير بمن لم يعرف شيئًا عن الشيخ. ولكن هذا لا يستر الحقيقة، ولا يحجب الشّمس في رابعة النهار، فقد كتب المنصفون عن الشيخ -رحمه الله- مؤلَّفات كثيرة انتشرت في الأقطار، وعرفها الخاص والعام، وأنه -رحمه الله- تعمَّق في دراسة الفقه والتفسير والحديث والأصول وكتب

العقيدة التي من جملتها مؤلَّفات شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وقد تخرَّج على أيدي علماء أفذاذ وأئمة كبار في مختلف الفنون في بلاد نجد والحجاز والإِحساء والبصرة، وقد أجازوه في مرويَّاتهم وعلومهم، وقد ناظر ودرَّس وأفتى وألَّف في الفقه والحديث والعقيدة حتى نال إعجاب من اجتمع به أو استمع إلى دروسه ومناظراته، أو قرأ شيئًا من مؤلَّفاته، ومؤلَّفاته تدلُّ على سعة أُفُقه وإدراكه في علوم الشريعة، وسعة اطلاعه وفهمه، ولم يقتصر فيما ذكر في تلك المؤلِّفات على كتب ابن تيمية -كما يظن الجاهل أو المتجاهل - بل كان ينقل آراء الأئمة الكبار في الفقه والتفسير والحديث؛ ممَّا يدل على تبحُّره في العلوم، وعمق فهمه، ونافذ بصيرته، وها هي كتبه المطبوعة المتداولة شاهدة بذلك والحمد لله، ولم يكن -رحمه الله- يأخذ من آراء شيخ الإِسلام ابن تيمية ولا من آراء غيره إِلا ما ترجَّح لديه بالدليل، بل لقد خالف شيخ الإِسلام في بعض الآراء الفقهية.

الإفتراء على الدعوة

الإفتراء على الدعوة 3 - ثم قال عمَّن أسماهم بالوهابيَّة: "وإنهم في الحقيقة لم يزيدوا بالنسبة للعقائد شيئًا عما جاء به ابن تيمية ولكنَّهم شدَّدوا فيه أكثر مما شدَّد، ورتَّبوا أمورًا علمية لم يكن قد تعرَّض لها ابن تيمية؛ لأنها لم تشتهر في عهده، ويتلخَّص ذلك فيما يأتي: أ - لم يكتفوا بجعل العبادة كما قررها الإِسلام في القرآن والسنة، وكما ذكر ابن تيمية، بل أرادوا أن تكون العادات أيضًا غير خارجة على نطاق الإِسلام، فليلتزم المسلمون ما التزم، ولذا حرَّموا الدخان، وشدَّدوا في التّحريم، حتى إن العامة منهم يعتبرون المدخن كالمشرك، فكانوا يشبهون الخوارج الذين يكفِّرون مرتكب الذنب. ب - وكانوا في أول أمرهم يحرمون على أنفسهم القهوة وما يماثلها، ولكن يظهر أنهم تساهلوا فيها فيما بعد. ج - أن الوهابية لم تقتصر على الدعوة المجردة، بل عمدت إلى حمل السيف لمحاربة الخالفين لهم، باعتبار أنهم يحاربون البدع، وهي منكر تجب محاربته، ويجب الأخذ بالأمر بالعروف والنهي عن النكر. د - أنها كانت كلما مُكِّن لها من قرية أو مدينة أتت على الأضرحة هدمًا وتخريبًا. هـ - أنهم تعلَّقوا بأمور صغيرة ليس فيها وثنية ولا ما يؤدِّي إلى وثنية، وأعلنوا استنكارها؛ مثل التصوير الفوتغرافي، ولذلك وجدنا ذلك في فتاواهم ورسائلهم التي كتبها علماؤهم. و- أنهم توسَّعوا في معنى البدعة توسُّعًا غريبًا، حيث إنهم ليزعمون أن وضع الستائر على الروضة الشريفة أمر بدعيٌّ، ولذلك منعوا تجديد الستائر عليها ... ". إلى أن قال: "وإننا لنجد فوق ذلك منهم مَن يعدُّ قول المسلم: (سيدنا محمد) بدعة لا تجوز، ويغلون في ذلك غلوًا شديدًا". إلى أن قال: "وإنه يلاحظ أن علماء الوهابيِّين يفرضون في آرائهم الصواب الذي لا يقبل الخطأ وفي آراء غيرهم الخطأ الذي لا يقبل التصويب، بل إنهم يعتبرون ما عليه غيرهم من إقامة الأضرحة والطواف حولها قريبًا من الوثنية". انتهى ما قاله في حق مَن سماهم الوهابية، ويظهر أنه امتلأ صدره غِلًا وحقدًا وغيظًا عليهم، فتنفس الصعداء بإفراغ بعض ما عنده، والله سبحانه مطلعٌ على كل قائل وقلبه:

{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] وجوابنا عن ذلك من وجوه: الوجه الأول: قوله: "إنهم في الحقيقة لم يزيدوا بالنسبة للعقائد شيئًا عما جاء به ابن تيمية"؛ معناه أن ابن تيمية في نظره جاء بعقائد ابتدعها من عنده، وأن الوهابية عدُّوه مُشَرِّعًا. وقد سبق الجواب عن هذه الفرية، وبيَّنَّا أن شيخ الإِسلام ابن تيمية لم يبتدع شيئًا من عنده، بل كان على عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين والقرون المفضلة، لم يستحدث شيئًا من عنده. وإننا نتحدَّى كل من يقول مثل هذه المقالة الظالمة أن يبرز لنا مسألة واحدة خالف فيها شيخ الإِسلام ابن تيمية مَن سبقه من سلف الأمة. غاية ما في الأمر أنه جدَّد عقيدة السلف، ونشرها، وأحياها بعدما اندرست ونسيها الكثيرون. ونقول أيضًا: إن شيخ الإِسلام محمد بن عبد الوهاب وغيره من أئمة الدعوة لم يقتصروا على كتب شِيخ الإِسلام ابن تيمية، بل استفادوا منها ومن غيرها من الكتب السليمة المفيدة المتمشِّية على منهج السلف؛ يعرف هذا مَن طالع كتبهم. الوجه الثاني: أن قوله: "لم يكتفوا بجعل العبادة كما قررها الإِسلام في القرآن والسنة" فرية عظيمة واتهام خطير لعلّماء دعوة التوحيد في نجد بأنهم ابتدعوا عبادات لم يشرعها الله ورسوله. ولكن الله فضحه وبيَّن كذبه، حيث لم يجد مثالًا لما قال إِلا تحريم الدخان، وهذا مما يدل على جهله؛ فإن تحريم الدخان ليس من قسم العبادات والعقائد، وإنما هو من قسم الأطعمة والحلال والحرام والفروع. وأيضًا فإن تحريم الدخان لم يختصَّ به علماء الدعوة في نجد، بل حرَّمه غيرهم من علماء الأمة؛ لخبثه وضرره، وها هي الآن تقام أنشطة مكثفَّة للتحذير من شرب الدخان وتوعية الناس بأضراره من قبل المنظمات الصحية العالمية. وقوله: "حتى إن العامَّة منهم يعتبرون المدخن كالمشرك". هذه فرية أخرى، ولو صح أن أحدًا من العامة حصل منه ذلك، فالعاميُّ ليس بحجة يُعاب به أهل العلم، ولكن عوامَّ أهل نجد - والحمد لله - يعرفون من الحق أكثر مما يعرفه علماء الضَّلالة، يعرفون ما هو الشرك وما هو المحرَّم الذي لا يعُدُّ شركًا بما يقرؤون وما يسمعون من دورس التوحيد وكتب العقائد.

الوجه الثالث: قوله: "كانوا في أول أمرهم يحرِّمون القهوة وما يماثلها". نقول: هذا كذب ظاهر، ولم يأت بما يُثبِت ما يقول، وما زال علماء نجد وعامتهم يشربون القهوة في مختلف العصور، وهذه كتبهم وفتاواهم ليس فيها شيء يؤيد ما يقوله، بل فيها ما يكذبه؛ فإن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرّحمن -رحمه الله- أنكر على مَن قال بتحريم القهوة من الجهال، وردَّ عليه، وله في ذلك رسالة مطبوعة مشهورة. الوجه الرابع: قوله: "إن الوهابية لم تقتصر على الدعوة المجردة، بل عمدت إلى حمل السيف لمحاربة المخالفين لهم باعتبار أنهم يحاربون البدع". أقول: أولاً: قوله: "إن الوهابية لم تقتصِر على الدعوة المجردة" يدل على جهله، فإن الدعوة المجرَّدة لا تكفي مع القدرة على مجاهدة أعداء الإِسلام؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاء بالدعوة والجهاد في سبيل الله. ثانيًا: قوله: "إنهم حملوا السيف لمحاربة من خالفهم". هذا كذب عليهم؛ فإنهم لم يحاربوا خصومهم لمجرد مخالفتهم، بل حاربوهم لأحد أمرين: إما للدفاع عن أنفسهم إذا اعتدى عليهم أحد، وإما لإزالة الشرك إذا احتاجت إزالته إلى قتال، وتاريخ غزواتهم شاهذ بذلك، وهو مطبوعٌ متداوَل في أكثر من كتاب.

من فضائل الدعوة

من فضائل الدعوة الوجه الخامس: قوله: "إنها كانت كلَّما مُكِّنَ لها من قرية أو مدينة؛ أتت على الأضرحة هدمًا وتخريبًا". أقول: هذا من فضائلهم، وإن عدَّه هو وأضرابه من معايبهم؛ لأنهم ينفِّذون بذلك وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله لعلّي -رضي الله عنه-: "لا تَدَعْ قبًرا مشرفًا إِلا سوَّيته". [رواه مسلم] فأي عيب في ذلك إذا أزالوا مظاهر الوثنية، وعملوا بالسنة النبوية؟ ولكن أهل الجهل والضلال لا يعلمون، فيعتقدون الحسن قبيحًا، والقبح حسنًا، والمنكر معروفًا، والمعروف منكرًا، وقد تكاثرت الأدلة على تحريم البناء على القبور لأن ذلك من وسائل الشرك، فلا بدَّ من هدم الأضرحة وإزالة مظاهر الوثنية، وإن غضب أبو زهرة وأضرابه ممَّن يَرَون بقاء الأضرحة التي هي منابت الوثنية وأوكارها. الوجه السادس: قوله: "إنهم تعلَّقوا بأمور صغيرة"، ثم مثَّل لذلك بتحريم التصوير الفوتغرافي. والجواب عن ذلك: أوَّلًا: إن التصوير ليس من الأمور الصغيرة، بل هو من كبائر الذنوب؛ للأحاديث الصحيحة في النّهي عنه، والتحذير منه، ولعن المصورين، والإِخبار بأنهم أشد الناس عذابًا يوم القيامة؛ من غير تفريق بين التصوير الفوتغرافي وغيره، ومَن فرَّق؛ فعليه الدّليل، والمحذور في التصوير والتعليل الذي حُرمَ من أجله متحقَّقان في جميع أنواع الصور الفوتغرافية وغيرها. وثانيًا: قوله: "إن التصوير لا يؤدِّي إلى وثنية" قول مردود؛ لأن التصوير من أعظم الوسائل التي تؤدِّي إلى الوثنية، كما حصل لقوم نوح لما صوَّروا الصالحين، وعلّقوا صورهم على مجالسهم، وآل بهم الأمر إلى أن عبدوا تلك الصور، كما ورد ذلك في "صحيح البخاري" وغيره عند تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} "نوح آية 23" الوجه السابع: قوله: "إنهم توسَّعوا في معنى البدعة توسُّعًا غريبًا، حتى إنهم ليزعمون أن وضع ستائر على الروضة الشريفة أمرٌ بدعيٌّ، ولذلك منعوا تجديد الستائر عليها".

والجواب عن ذلك أن نقول: أوَّلًا: هو لا يدري ما هي الروضة الشريفة، فيظن أنها الحجرة النبوية، وليس الأمر كذلك: فالروضة في المسجد، وهي ما بين منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيته لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة". [متفق عليه] والحجرة النبوية خارج الروضة، وكانت خارج المسجد قبل التوسعة التي أجراها الوليد بن عبد الملك. ثانيًا: الروضة لا يمكن وضع ستائر عليها، ولا يُتَصَوَّر، وإنما يقصد الحجرة النبوية؛ يريد أن تجعل مثل الأضرحة القبورية، فتجعل عليها الستور كما على الأضرحة، وهذا لا يجوز لأمرين: 1 - لأنه لم يكن من عمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين والقرون المفضلة، فلم يكن عليها ستائر في وقتهم. 2 - لأنه وسيلة إلى الشرك، بل ستر سائر الحيطان عمومًا إسراف لا ينبغي فعله. قال في "المغني" (7/ 9): "فأما ستر الحيطان بستور غير مصوَّرة؛ فإن كان لحاجة من وقاية حَر أو بَرد فلا بأس لأنه يستعمله في حاجته، فأشبه الستر على الباب وما يلبسه على بدنه، وإن كان لغير حاجة؛ فهو مكروهٌ وعذرٌ في الرجوع عن الدعوة (يعني: إلى الوليمة).

اتهامات مردودة

اتهامات مردودة الوجه الثامن: قوله: "وإنا لنجد فوق ذلك منهم من يعدُّ قول سيدنا محمد بدعة لا تجوز، ويغلون في ذلك غلوًا شديدًا". والجواب عن ذلك نقول: هذا كذب من القول، فعلماء الدعوة يثبتون ما ثبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - من الصفات الكريمة، ومنها أنهم يعتقدون أنه سيد ولد آدم، وأفضل الخلق على الإِطلاق، لكنهم يمنعون الغلوِّ في حقه - صلى الله عليه وسلم -؛ عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُطْروني كما أطرت النصارى ابن مريم". "رواه البخاري" ويمنعون الابتداع، ومن ذلك أن يقال: (سيدنا) في المواطن التي لم يرد قول ذلك فيها؛ كالأذان والإِقامة، والتشهد في الصلاة، وكذا رفع الأصوات قبل الأذان؛ يقول: اللهم صل وسلم على سيدنا رسول الله، أو بعد أداء الصلوات؛ كما يفعله المبتدعة بأصوات جماعية. وهذا هو الذي أظنه يقصده في كلامه، حيث يراه يُفعل عندهم، فظنَّه مشروعًا وهذا هو الذي ينكره علماء الدعوة في المملكة العربيّة السعودية، وينكره غيرهم من أهل التحقيق والعمل بالسنة وترك البدعة في كل مكان؛ لأنه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وغلو في حقه - صلى الله عليه وسلم -، والغلو ممنوع. أما قول سيدنا رسول الله في غير مواطن البدعة؛ فعلماؤنا لا ينكرونه، بل يعتقدونه، ويقولون: هو سيدنا وإمامنا - صلى الله عليه وسلم -. الوجه التاسع: قوله: "وفي سبيل دعوتهم يُغلِظون في القول، حتى إن أكثر الناس، لينفرون منهم أشد النفور". والجواب عن ذلك أن نقول: أولًا: هذا الكلام من جملة الإتهامات التي لا حقيقة لها، وهذه كتب علمائنا ورسائلهم والحمد لله ليس فيها تغليظ؛ إِلا فيما يُشرع فيه التغليظ، وليس فيها تنفير، وإنما فيها الدعوة إلى الله بالبصيرة والحكمة والموعظة الحسنة، وكتبهم في ذلك مطبوعة ومتداولة ومنتشرة، وكل من اتصل بهم؛ فإنه يُثني عليهم، وقد كتب المنصفون عنهم الشيء الكثير في تاريخهم الماضي والحاضر، من حسن السياسة، وصدق المعاملة، والوفاء بالعهود، والرفق بالمسلمين، وأكبر شاهد على ذلك من يفد إلى مكة المشرَّفة للحج والعمرة كل عام، وما يشاهدونه من العناية بخدمة الحجيج، وبذل المجهود في توفير

راحتهم، مما أطلق الألسنة والأقلام بالثناء عليهم وعلى حكومتهم، وكذلك من يفدون إلى المملكة للعمل فيها يشهد أكثرهم بذلك. ثانيًا: وأما قوله: "حتى إن أكثر الناس لينفرون منهم أشد النفور" فهو من أعظم الكذب وخلاف الواقع؛ فإن الدعوة التي قاموا بها في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- إلى هذا العهد -وهي الدعوة إلى الإِسلام، وإخلاص التوحيد، والنهي عن الشرك والبدع والخرافات- قد لاقت قبولًا في أرجاء العالم، وانتشرت انتشارًا واسعًا في كثير من الأقطار، وما هو على صعيد الواقع الآن أكبر شاهد وأعظم دليل على ما ذكرنا. ويتمثَّل ذلك فيما تبذله الحكومة السعودية التي هي حكومة الدعوة -أدام الله بقاءها وسدَّد خطاها- بتوجيه من علمائها ورغبة من حكامها بفتح الجامعات الإِسلامية التي تخرج الأفواج الكثيرة من أبناء العالم الإِسلامي على حسابها. ويتمثَّل ذلك أيضًا في إرسال الدعاة إلى الله في مختلف أرجاء العالم، وفي توزيع الكتب المفيدة، وبذل المعونات السخية للمؤسسات الإِسلامية، ومد يد العون للمعوزين في العالم الإِسلامي، وإقامة المؤتمرات والندوات، وبناء المساجد والمراكز الإِسلامية؛ لتبصير المسلمين بدينهم، مما كان له أعظم الأثر والقبول الحسن - والحمد لله -. وهذا واقع مشاهد، وهو يبطل قول ذلك الحاقد: "إن أكثر الناس لينفرون منهم أشد النفور". لكن كما قال الشاعر: لي حِيْلَةٌ فيمَن يَنُـ ... ـمُّ ومالي في الكَذَّاب حِيلَهْ مَن كَانَ يَخْلُقُ مَا يَقُو ... لُ فَحِيلَتي فيهِ قَليلَهْ الوجه العاشر: قوله: "وإنه يُلاحظ أن علماء الوهابيين يفرضون في آرائهم الصواب الذي لا يقبل الخطأ، وفي رأي غيرهم الخطأ الذي لا يقبل التصويب". والجواب عنه أن نقول: هذا من جنس ما قبله من التهجُّم الكاذب الذي لا حقيقة له، فهذه كتب علمائنا ومناقشاتهم لخصومهم ليس فيها شيء مما ذكره، بل فيها ما يكذِّبه به من بيان الحق وتشجيع أهله، ورد الباطل بالحجة والبرهان، ودعوة أهله إلى الرجوع إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يدَّعوا لأنفسهم العصمة من الخطأ، ويرفضوا ما عند غيرهم من الصواب؛ كما وصمهم بذلك. وهذا إمامهم وكبيرهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- يقول في إحدى رسائله التي

وجهها لخصومه: "وأرجو أني لا أردُّ الحق إذا أتاني، بل أُشهِدُ الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق؛ لأقبلنَّها على الرّأس والعين، ولأضربنَّ الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي، حاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لا يقول إِلا الحق" انتهى. وكلهم والحمد لله على هذا المنهج الذي قاله الشيخ.

الجهل بالوثنية

الجهل بالوثنية الوجه الحادي عشر: قوله: "بل إنهم يعتبرون ما عليه غيرهم من إقامة الأضرحة والطواف حولها قريبًا من الوثنية". والجواب عنه أن نقول: كلامه هذا يدل على جهله بمعنى الوثنيَّة، فلم يدر أنها تتمثل في تعظيم القبور بالبناء عليها والطواف حولها وطلب الحوائج من أصحابها والاستغاثة بهم، فلذلك استغرب استنكار ذلك واعتباره من الوثنية!! وكأنه لم يقرأ ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية من استنكار الاستشفاع بالموتى، واتخاذهم أولياء، لِيُقربوا إلى الله زلفى، ولم يقرأ نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن البناء على القبور، واتخاذها مساجد، ولعن من فعل ذلك!! وإذا لم تكن إقامة الأضرحة والطواف حولها وثنية فما هي الوثنية؟ لكن كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "تُنْقَض عُرى الإِسلام عروة عروة إذا نشأ في الإِسلام مَن لا يعرف الجاهلية". ألم يكن شرك قوم نوحٍ متمثِّلًا في دعاء الأموات؟ ألم تكن اللَّات ضريحًا لرجل صالح كان يَلُتُّ السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره، وطافوا حوله؟! ولو كان هذا الكلام صادرًا عن عاميٍّ لا يعرف الحكم؛ لهان الأمر، لأن العامي جاهل، وتأثيره على الناس محدود، لكن الذي يؤسفنا أن يكون صادرًا عمَّن يدعي العلم، وقد صدرت عنه مؤلفات كثيرة؛ فهذا قد يكون تأثيره على الناس - خصوصًا محدودي الثقافة - شديدًا؛ نظرًا لكثرة مؤلفاته، وسمعته الواسعة، وإحسان الظن به. ولكن الحق سينتصر بإذن الله: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} "سورة الرعد: 17" والعلّم لا يقاس بكثرة الإِصدارات، وإنما يُقاس بمدى معرفة الحق من الباطل، والهدى من الضلال، والعمل بذلك. وإلا فكيف يُتصوَّر من مسلم -فضلًا عمن ينتسب إلى العلم- أن يتفوَّه بأن الطواف بالأضرحة ليس من الوثنية؟!

أليس الطواف عبادة، وصرف العبادة لغير الله وثنية وشرك؟! فالطائف بالأضرحة إن كان قصده التقرب إليها بذلك؛ فلا شك أن هذا شرك أكبر؛ لأنه تقرَّب بالعبادة إلى غير الله، وإن كان قصده بالطواف حول الضريح التقرُّب إلى الله وحده فهذه بدعة ووسيلة إلى الشرك لأن الله لم يشرع الطواف إِلا حول الكعبة المشرفة ولا يُطاف بغيرها على وجه الأرض. هذا وإننا ندعو كل مَن بلغه شيء من تشويه دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب أو قرأ شيئًا من الكتب التي تُروِّج هذا التشويه؛ أمثال كتب الشيخ محمد أبي زهرة؛ فعليه أن يتثبَّت وأن يراجِع كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتب العلماء الذين جاءوا من بعده وحملوا دعوته؛ ليرى فيها تكذيب تلك الشائُعات، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} "الحجَرات آية 6" وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتب علماء الدعوة من بعده ميسورة والحمد لله، وهي توزَّع على أوسع نطاق، عن طريق الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإِفتاء والدعوة والإِرشاد ومكاتبها في الداخل والخارج، وفي موسم الحج كل سنة، وهي لا تدعو إلى مذهب معين أو نحلة محدثة، وإنما تدعو إلى العمل بكتاب الله وسنة رسوله ومذهب أهل السنة والجماعة، ونبذ البدع والخرافات، والاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسلف الأمة، والقرون المفضلة. وصلّى الله على نبيِّنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

مناقشة حول الوهابية

مناقشة حول الوهابية قال الدكتور عبد العزيز عبد اللطيف: وأذكر أنني كنت في زيارة إلى ماليزيا للمشاركة في ندوة .. فقال لي مرة أحد القضاة هناك: أنتم تدرسون في بلادكم العقيدة الوهابية، قلت له: المذهب الفقهي السائد في المملكة هو المذهب الحنبلي، والمرجع الرئيس في كليات الشريعة وأصول الدين، وهي الكليات التخصصية، والمتخرجون منها يتولون تدريس "الإعتقاد" في المراحل الإِعدادية والثانوية. المرجع الرئيسي هو العقيدة الطحاوية للإِمام أبي جعفر الطحاوي الحنفي .. وشرحه للإِمام علي بن علي بن أبي العز الحنفي .. فأنت ترى أن صاحب المتن والشرح هم من علماء الحنفية، ولا ضير في ذلك، لأنه ليس للإمام أبي حنيفة مذهب يختلف عما عند أخيه الإِمام أحمد كما ليس للإِمام مالك والشّافعيّ وسائر الأئمة مذهب يختلف عن مذهب أبي حنيفة وأحمد، والجميع أسرة واحدة وأصحاب اعتقاد واحد .. لأن موردهم واحد، ومشربهم واحد .. وكذا الحال بالنسبة لمعتقد الإِمام محمد بن عبد الوهاب. ولو جاء واحد من هؤلاء -وحاشاه- بقول مبتدع من عنده يخالف قول الله أو قول رسوله أو إجماع السلف لضربنا بقوله عُرض الحائط .. وأخذنا بقول الله ورسوله .. وإلا تعرضنا لسخط الله ومقته. ولو رجع هؤلاء إلى كتب الأئمة ذاتها لتجلى لهم الأمر ولتبين لهم أنها الدسائس المغرضة التي شوهت الحقيقة عندهم، والتلبيس الذي أرخى بسدوله المظلمة على وجه الحق البين. وأذكر أنني دخلت مرة على الأستاذ "عبد الجليل شلبي" مدير تحرير مجلة الأزهر إبان تحضيري لأطروحة علمية عن التقريب بين السنة والشيعة عام 1399 هـ وجرى حديث عن موضوع الشيعة والسنة، فقال لي: وصيتي إليك ألا تأخذ مذهب طائفة إِلا من كتبها ومصادرها المعتمدة عندها، فلقد أتى عليَّ حين من الدهر كنت أظن في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الظنون، بل كنت أعدها من فئات الخوارج، فلما رجعت إلى مصادرهم تجلت لي الحقيقة، وأسفر الليل عن صبحه .. فإذا بي واهم وأن هذه الدعوة هي دعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له. ودعاوى وتقولات المبتدعة على بعض الأئمة أو مذاهبهم كثيرة وما أسهل الدعوى، ولكن العبرة بصدق الأقوال باقترانها بالبرهان الذي يشهد بصحتها (¬1) " ¬

_ (¬1) راجح: كتاب [دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب] للدكتور عبد العزيز بن عبد اللطيف.

معتقد السلفية

معتقد السلفية 1 - كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب حنبلي المذهب في دراسته لكنه لم يكن يلتزم ذلك في فتاواه إذا ترجح لديه الدليل فيما يخالفه، وعليه فإن فكرت دعوة الشيخ سلفية في أصولها حنبلية في فروعها (¬1). 2 - دعت إلى فتح باب الاجتهاد بعد أن ظَلَّ مُغلقًا منذ سقوط بغداد سنة 656 هـ. 3 - أكدت على ضرورة الرجوع إلى الكتاب والسنة، وعدم قبول أي أمر في العقيدة ما لم يستند إلى دليل مباشر وواضح منهما. 4 - اعتمدت منهج أهل السنة والجماعة في فهم الدليل والبناء عليه. 5 - دعت إلى تنقية مفهوم التوحيد مطالبة المسلمين بالرجوع به إلى ما كان عليه المسلمون في الصدر الأول للإِسلام. 6 - توحيد الأسماء والصفات: وهو إثبات الأسماء والصفات التي أثبتها الله لنفسه وما أثبتها رسوله - صلى الله عليه وسلم - له من غير تمثيل ولا تكييف ولا تأويل. 7 - التركيز على مفهوم توحيد العبودية. {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] 8 - إحياء فريضة الجهاد، فقد كان الشيخ صورة للمجاهد الذي يمضي في فتح البلاد، ينشر الدعوة ويزيل مظاهر الشرك التي انحدر إليها الناس. 9 - القضاء على البدع والخرافات التي كانت منشرة آنذاك بسبب الجهل والتخلف من مثل: أ - زيارة قبر يزعمون أنه قبر الصحابي ضرار بن الأزور وسؤاله قضاء الحاجات. ب - زيارة قبة يقولون إنها لزيد بن الخطاب. ج - التردد على شجرة يقولون إنها شجرة أبي دجانة وأخرى تسمى الطرفية. هـ - زيارة مغارة تسمى مغارة بنت الأمير. - تقسيم التوسل إلى نوعين: أ - توسل مرغوب فيه وهو ما كان بأسماء الله الحسنى، أو بالعمل الصالح. ¬

_ (¬1) إن الدعوة السلفية تقوم على الدليل حتى في الفروع عملاً بقول الأئمة المجتهدين: إذا صح الحديث فهو مذهبي).

ب - توسل مبتدع منهي عنه وهو ما كان بالذوات الصالحة "بجاه الرسول، بحرمة الشيخ فلان ... " 10 - منع بناء القبور وكسوتها وإسراجها وما إلى ذلك من البدع التي تصاحبها. 11 - التصدي لشطحات الطرق الصوفية ولما أدخلوه على الدين من أشياء لم تكن فيه من قبل. 12 - تحريم القول على الله بلا علم. {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] 13 - إن كل شىء سكت عنه الشارع فهو عفو لا يحل لأحد أن يحرمه أو يوجبه أو يستحبه أو يكرهه. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} "المائدة: آية 101" 14 - إن ترك الدليل الواضح والإستدلال بلفظ متشابه هو طريق أهل الزيغ كالرافضة والخوارج. {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} "آل عمران: 7" 15 - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور متشابهات فمن لم يفطن لهذه القاعدةُ وأراد أن يتكلم عن كل مسألة بكلام فاصل فقد ضل وأضل. 16 - ذكر الشيخ في بيانه لأنواع الشرك ومراتبه أنه: أ - شرك أكبر: وهو شرك العبابة والقصد والطاعة والمحبة. ب - شرك أصغر: وهو الرياء لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث رواه الحاكم: "يسير الرياء شرك". ج - شرك خفي: قد يقع فيه المؤمن وهو لا يعلم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الشرك في هذه الأمة أخفى مِن دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة اللّيل". 17 - لقد عملت هذه الدعوة على إيقاظ الأمة الإِسلامية فكريًا بعد أن رانت عليها سجف من التخلف والخمول والتقليد الأعمى. 18 - العناية بتعليم العامة وتثقيفهم، وتفتيح أذهان المثقفين منهم ولفت أنظارهم إلى البحث عن الدليل ودعوتهم إلى التنقيب في بطون أمهات الكتب والمراجع قبل قبول أَيَّةِ فكرة فضلًا عن تطبيقها. 19 - للشيخ مصنفات كثيرة أهمها (كتاب التوحيد فيما يجب من حق الله على العبيد) و (كتاب الإِيمان) و (كشف الشبهات) و (آداب المشي إلى الصلاة) و (مسائل الجاهلية) و (مختصر السيرة النبوية) وعدد من المختصرات والرسائل التي تدور حول أمور فقهية وأصولية أكثرها في التوحيد. "انتهى كلام الفوزان".

ردود على أباطيل

ردود على أباطيل 1 - التقيت برجلِ في سورية يقول عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- إنه مبتدع مذهبًا خامسًا ويقصد المذاهب الأربعة. قلت له: إن الشيخ مذهبه حنبلي معروف في كتبه، فكيف تقول ذلك؛ وهذا من الكذب والافتراء. التقيت في مكة بدكتور يدرس في إحدى الجامعات فقال لي: سمعنا عنك يا شيخ محمد زينو أنك وهابي! فقلت له: وماذا تعرف عن الوهابية؟ قال لي: إنهم يقولون: العصا أفضل من محمد! فقلت له أين وجدت هذا الكلام؟ قال لي: سمعته من الناس! قلت له: أنت رجل تُدرس في الجامعة ثم تأخذ بأقوال الناس! مثلك لا يفعل ذلك، هذا لا يفعله إِلا العوام، فسكت ولم يعط جوابًا. أقول: هذا من الافتراء على الوهابية الذي سيحاسبون عليه يوم القيامة، وكلام الدكتور لا يقوله إِلا حاقد، أو جاهل، وما أكثرهم في هذا الزمان؟ كنت أتردد على بعض المشايخ في سورية، فرأيت منه استجابة لدعوة التوحيد بعد أن أقمت عليه الحجة في قول الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} "سورة الإسراء: آيات 56 - 57" وأن الآية نزلت في حق ناس من الجن كانوا يُعبَدون. وفي رواية: كان ناس من الآية يعبدون ناسًا من الجن فأسلم الجن، وتمسك هؤلاء بدينهم. "رواه البخاري وانظر تفسير ابن كثير" وبعد فترة قال لأتباعه: الوهابية نصف كفار! لأنهم لا يؤمنون بالأرواح! أقول: لقد خاف الشيخ على منصبه فافترى على الوهابية بأنهم لا يؤمنون بالأرواح، والصحيح أنهم يؤمنون بالأرواح، ولكن ينكرون أن يكون لها تصرفات تنفع غيرها أو تضر، لأن هذا لله وحده، وفي الحديث: "إذا مات الانسان انقطع عمله إِلا من ثلاث: صدقة جارية، أو عِلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". "رواه مسلم"

من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب

4 - كان أحد العلماء يطعن في الشيخ محمد بن عبد الوهاب في درسه، فقدّم اليه أحد طلابه كتابًا للشيخ المذكور بعد أن نزع غلافه، فقرأه الشيخ وأعجب به، فقال له الطالب: هذا الكتاب للشيخ محمد بن عبد الوهاب، فندم على عمله وبدأ يمدح الشيخ حينما رأى كلامه موافقا للكتاب والسنة. من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب 1 - كتاب "أصول الإِيمان". 2 - الأصول الثّلاثة وأدلتها: ضمن مجموعة: ثلاثة الأصول وأدلتها، ويليها شروط الصلاة وأركانها وواجباتها، وأربع قواعد. 3 - التوحيد الذي هو حق الله على العبيد. 4 - ثلاث مسائل في طلب العلم. 5 - خُطب شيخ الإِسلام محمد بن عبد الوهاب. 6 - الرد على الرافضة. 7 - مختصر زاد المعاد. 8 - مختصر السيرة النبوية. 9 - مسائل الجاهلية. 10 - كشف الشبهات. 11 - معنى الطاغوت. 12 - الجامع لعبادة الله وحده. 13 - تفسير كلمة التوحيد. 14 - تلقين أصول العقيدة العامة. 15 - المسائل الأربع.

الجذور الفكرية والعقائدية

الجذور الفكرية والعقائدية: - لقد تَرَسَّمَ الشيخ في دعوته أعلامًا ثلاثة استَنَّ طريقتهم وهم: 1 - الإِمام أحمد بن حنبل (164 - 241 هـ). 2 - ابن تيمية (661 - 728 هـ). 3 - محمد بن قيم الجوزية (691 - 751 هـ). - فكانت دعوته صدى لأفكارهم وترجمة لأهدافهم في واقع عملي: الإنتشار ومواقع النفوذ: 1 - انتشرت العقيدة السلفية مع الحكم السعودي في بلدان نجد، وقد دخلت الرياض سنة 1187 هـ كما واصلت انتشارها في أرجاء الجزيرة العربية ودخلت مع الحكم السعودي مكة المكرمة عام 1219 هـ والمدينة المنورة التي بايع أهلها عام 1220 هـ. 2 - انتقلت الدعوة مع وفود الحجاج إلى خارج الجزيرة العربيّة. 3 - لقد تركت هذه الدعوة بصماتها وآثارها على حركات الإِصلاح التي قامت في العالم الإِسلامي بعد ذلك. 4 - من أراد المزيد من المعلومات فليقرأ كتاب: آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب تأليف د/ أحمد محمد الطيب.

الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب

الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب 1 - محمد رشيد رضا: قال في التعريف بكتاب: (صيانة الإِنسان): لم يخل قرن من القرون التي أكثر فيها البدع من علماء ربَّانيِّين عدول يُجددون لهذه الأُمة أمر دينها ... ولقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده، وترك البدع والمعاصي. 2 - طَه حسين: قال في محاضرات الأدبية في جزيرة العرب: " ... هذه الحركة الإِصلاحية التي أحدثها محمد بن عبد الوهاب شيخ من شيوخ نجد ... دعوة قوية إلى الإِسلام الخالص النقي المطهَّر من شوائب الشرك والوثنية". 3 - محمد بن إسماعيل الصنعاني: "صاحب: سبل السلام" بعد أن بلغته دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أثنى عليه بقصيدة رائعة جاء فيها: سلامي على نجدٍ ومَن حَل في نجدِ ... وإن كان تسليمي على البُعد لا يُجدي وقد صدرت مِن سفح صنعا سقى الحيا ... ربَاهَا وحَياها بقهقهة الرعدِ قفي واسألي عن عالم حل سُوحها ... به يهتدى مَن ضل عن منهج الرشد محمد الهادي لِسُنَّة أحمد ... فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي لقد أنكرَتْ كل الطَّوائف قوله ... بلا صدر في الحق منهم ولاورد وماكل قول بالقبول مقابل ... وما كل قول واجب الرد والطرد سوى ما أتى عن ربنا ورسوله ... فذلك قول جَل ياذا عن الرد وأما أقاويل الرجال فإنها ... تدور على قدر الأدلة في النقد وقد جاءت الأخبار عنه بأنه ... يُعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي وينشر جهرًا ما طوى كل جاهل ... ومبتدع منه، فوافق ما عندي

4 - قال محمد حامد الفقي: الوهابية نسبة إلى الإِمام المصلح شيخ الإِسلام محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر، وهي نسبة على غير القياس العربي والصحيح أن يقال المحمدية، لأن اسم صاحب هذه الدعوة والقائم بها هو محمد، لا عبد الوهاب. ثم قال بعد كلام: وإن الحنابلة متعصبون لمذهب الإِمام أحمد في فروعه ككل أتباع المذاهب الأخرى، فهم لا يَدَّعون، لا بالقول، ولا بالكتابة أن الشيخ ابن عبد الوهاب أتى بمذهب جديد، ولا اخترع علمًا غير ما كان عند السلف الصالح، وإنما كان عمله وجهده إحياء العمل بالدين الصحيح وإرجاع الناس إلى ما قرره القرآن في توحيد الأُلوهية والعبادة لله وحده ذلًا، وخضوعًا، ودعاء، ونذرًا، وحَلِفًا، وتوكلًا. وطاعة شرائُعه. وفي توحيد الأسماء والصفات، فيؤمن بآياتها كما وردت، لا يحرف ولا يؤول، ولا يُشبِّه، ولا يُمثل، على ما ورد في لفظ القرآن العربي المبين، وما جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وما كان عليه الصحابة وتابعوهم والأئمة المهتدون، من السلف والخلف -رضوان الله عليهم-. في كل ذلك وأن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله لا يتم على وجهه الصحيح إلا بهذا. 5 - قال د/ محمد تقي الدين الهلالي: في كتاب: "محمد بن عبد الوهاب مصلِح مَظلوم ومفترى عليه": لا يخفى أن الإِمام الرباني الأواب محمد بن عبد الوهاب قام بدعوة حنيفية جددت عهد الرسول الكريم والأصحاب وأسس دولة ذكرت الناس بدولة الخلفاء الراشدين. 6 - قال خير الدين الزركلي: في كتابه "الأعلام": محمد بن عبد الوهاب: زعيم النهضة الدينية الإِصلاحية الحديثة في جزيرة العرب ... انتهج منهج السلف الصالح ودعا إلى التوحيد الخالص ونبذ البدع وتحطيم ما علّق بالإسلام من الأوهام. 7 - قال محمد خليل هراس: في رسالته "الحركة الوهابية": إن صيانة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لكتب الإِمام ابن تيمية وإحياءه لها تعتبر مفخرة من مفاخر هذا الشيخ ستظل تذكر له بالعرفان والتقدير، فإن كتب شيخ الإِسلام ورسائله كانت مطمورة تحت ركام الإِهمال والنسيان، لا يسمح لها أهل البدع والإلحاد أن ترى النور، ولا أن تقوم بدورها الخطير في توجيه العالم الإسلامي نحو الطريق الصحيح.

بل كثيرًا ما كانوا يحذرون من قراءتها ويقرنونها بكتب الفلاسفة في جواز الإستنجاء بها. فلما قامت حركة الإمام محمد بن عبد الوهاب المباركة أخذت تنقب عن تلك الثروة العظيمة التي خلَّفها شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية -رحمهما الله تعالى-. وجدَّ المسؤولون عن هذه الدعوة في إبراز هذه الكنوز بالطبع والنشر. 8 - محمد عبده: أثنى على الشيخ محمد بن عبد الوهاب فوصفه بالمصلح العظيم، ويُلقي تبعة وقف دعوته على الأتراك ... 9 - قال محمد أبو زهرة: في كتاب المذاهب الإسلامية: ظهرت الوهابية في الصحراء العربية نتيجة للإفراط في تقديس الأشخاص والتبرك بهم وطلب القربى من الله بزيارتهم ونتيجة لكثرة البدع التي ليست من الدين وقد سادت هذه البدع في المواسم الدينية والأعمال الدنيوية؛ فجاءت الوهابية لمقاومة كل ذا وأحيت مذهب ابن تيمية. 10 - عبد العزيز بن باز قال هذا الشيخ الجليل في كتاب "الشيخ محمد بن عبد الوهاب": "الحمد لله الذي مَنَ على عباده في كل زمان فترة بإيجاد أئمة هدى يدعون الناس إلى الصراط المستقيم، ويرشدونهم إلى الطريق القويم ويبصرون بكتاب الله أهل العمى. ويصبرون منهم على الأذى ينفون عن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - إنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وتحريف الغالين، يشرحون لهم حقيقة الدين، ويكشفون لهم الشبه بواضحات البراهين، وكان من جملة هؤلاء الأئمة المهتدين والمصلحين الإِمام العلامة والحبر الفهامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب طيب الله ثراه وأكرم في الجنة مثواه ... استمر في الدعوة ودرس العلوم الشرعية وشجع على الجهاد بأنواعه وألف المؤلِّفات النافعة والرسائل المفيدة في بيان العقيدة الصحيحة ورد ما يخالفها بأنواع الأدلة والبراهين حتى ظهر دين الله وانتصر حزب الرحمن وذل حزب الشيطان، وانتصرت العقيدة السلفية في الجزيرة العربيّة وما حولها. 11 - قال يمدح الشيخ محمد بن عبد الوهاب أبو السمح عبد الظاهر المصري: "إمام المسجد الحرام سابقًا"

أسفي على الشيخ الإِمام محمد ... حَبر الأنام العالم الرباني علَم الهدى بَحر الندى مُفني العدا ... مَن شن غارتَه على الأوثان مَن قام في نجدٍ مقام نبوةٍ ... يدعو إلى الإِسلام والإِيمان حتى غدت نجدٌ كرَوض مُزهر ... فنالَ في ظلل مِن العرفان أحيا لنا الدين الحنيف كما ... أتى وأقامه بالسيف والبرهان برهانه القرآن والسنن التي ... تُروى لنا عن سَيد الأكوان كَم حاربَ الشرك الخبيث ... وأهله وأذاقهم في الحرب كل هوان وأبان توحيدَ العبادة بعدما ... دُرسَت معالمه من الأذهان 12 - قال عباس محمود العقاد في كتابه: "الإِسلام في القرن العشرين": "وظاهرة من سيرة محمد بن عبد الوهاب أنه لقي في رسالته عنتًا فاشتد كما يشتد من يدعو غير سميع؛ ومن العنت إطباق الناس على الجهل والتوسل بما لا يضر ولا ينفع ... وقد عبر على البادية زمان يتكلمون فيه على التعاويذ والتمائم وأضاليل المشعوذين والمنجمين ويدعون السعي من وجوهه توسلًا بأباطيل السحرة والدجالين حتى في الإستسقاء ودفع الوباء، فكان حقًا على الدعاة أن يصرفوهم عن هذه الجهالة، وكان من أثر الدعوة الوهابية أما صرفتهم عن ألوان البدع والخرافات. 13 - قال علي الطنطاوي في كتابه: "الشيخ محمد بن عبد الوهاب": " ... نشأ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- فرأى شمس الله له الخير فقدر له أن يكون أحد الذين أخبر الرسول أنهم يُبعَثون لِيجَددوا لهذه الأمة دينها، بل لقد كان أحق بهذا الوصف مِن كل مَن وصف به في تاريخنا، فقد حقق على يديه عودة نجد إلى التوحيد الصحيح، والدين الحق ... ". 14 - قال د/ وهبة الزحيلي: "جهر ابن عبد الوهاب بدعوته سنة 1143 هـ /1730 م فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فكانت دعوته الشعلة الأولى لليقظة الحديثة في العالم الإِسلامي كله. وقد وجه اهتمامه لمسألة التوحيد التي هي عماد الإِسلام والتي دخلها الفساد لدى كثير من الناس".

15 - قال مناع خليل القطان: بعد أن ذكر سوء الحالة الدينية والسياسية في نجد قال: "ومض في الأفق بريق الأمل، وأراد الله أن يزيح الغمة ويعيد للأمة صفاء عقيدتها، ويخلصها من أوضار الشرك والجهالة، ويبدد غيوم اليأس والقنوط فارتفع صوت يردد كلمة التوحيد التي بعث بها الرسل "لا إله إلا الله" ... يحيى في النفوس العقيدة الخالصة ... ويدعوها إِلى نبذ البدع والخرافات، ويستقي لها من نبع الإِسلام الصافي ومورده العذب القرآن والسنة، وما كان عليه السلف. كان هذا الصوت صوت الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي تجاوبت أصداؤه في ربوع نجد وفي ديار الإِسلام". 16 - محمد ناصر الدين الألباني: قال هذا المحدث الكبير ردًا على المحتجين بالحديث التالي على دم الإِمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر ثم أقبل على القوم فقال: "اللهم بارك لنا في مدينتا، وبارك لنا في مُدِّنا وصاعنا، اللهم بارك لنا في حرَمنا، وبارك لنا في شامنا" فقال رجل: وفي العراق؟ فسكت، ثم أعاد، فقال: الرجل وفي عراقنا فسكت. ثم قال: "اللهم بارك لنا في مدينتا ... " ثم ذكر الحديث وقال: حديث صحيح ثم قال: ومما سبق ندرك مبلغ الحقد الدفين والبغض الحقير والإفتراء الأثيم الذي يكنه جماعة السوء لهذا الإِمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -يرحمه الله تعالى- وأجزل ثوابه الذي أخرج الناس من ظلمات الشرك إِلى نور التوحيد الخالص وقد اعتبروا ذلك من الفتن، ونسجوا حوله الأكاذيب والإِشاعات المغرضة، ليصرفوا الناس عن هذه الدعوة. وفي كلام بعض العلماء ما يبين حال كثير من هذه الأُمة قبل الدعوة من الشرك القبيح فمن ذلك قول عالم صنعاء محمد بن إسماعيل الصنعاني في قصيدة: (ذُكر منها سابقًا).

أقوال المستشرقين

أقوال المستشرقين 1 - دائرة المعارف البريطانية: الوهابية اسم لحركة التطهير في الإِسلام. والوهابيون يتبعون تعاليم الرسول وحده (القرآن والسنة) ويُهملون كل ما سواها، وأعداء الوهابية هم أعداء الإِسلام الصحيح. 2 - قال كبير المستشرقين "جولدسيهر": "إذا أردنا البحث في علاقة الإِسلام السُّني بالحركة الوهابية نجد أنه مما يسترعي انتباهنا خاصة من وجهة النظر الخاصة بالتاريخ الديني الحقيقة الآتية: يجب على مَن ينصب نفسه للحكم على الحوادث الإِسلامية أن يعتبر الوهابيين أنصارًا للديانة الإِسلامية على الصورة التي وضعها النبي فغاية الوهابية هي إعادة الإِسلام كما كان". 3 - وقال الكاتب الإِنكليزي "برانجس": "لقد أشاع أعداء هذا الرجل العظيم وأتباعه بأنهم كفار، إلا أن الحقيقة أنهم متبعون تمامًا للكتاب والسنة وحركتهم حركة تطهير خالصة في الإِسلام. كما أشاع هؤلاء الأعداء أنهم نَهوا الناس عن زيارة المدينة، وهذا ليس بصحيح فإنهم نهوهم فقط عن ارتكاب الأعمال الشركية عند الروضة المطهرة، كما نَهوا عنها عند قبور الأولياء الآخرين". 4 - قال المستشرق الفرنسي "هنري لاوست": "إن السلفية لقبٌ على الحركة الوهابية لأنها أرادت إعادة الإِسلام إلى صَفائه الأول في عهد السلف الصالح. إن هذه الحركة السلفية تتميز عن غيرها بأن نظرياتها أدنى إلى العقل وأنها تفتح باب الإجتهاد وتكافح الخرافات والغُلو في الدين وتجتهد في التوفيق بين الدين وبين مطالب العصر".

عقيدة المسلم

عقيدة المسلم إن كان تابعُ أحمدٍ (¬1) متَوهِّبًا ... فأنا المقِرُّ بأنني وهَّابي أنفي الشريكَ عن الإِله فليسَ لي ... رَبٌّ سِوى المتفردِ الوَهاب لا قبةٌ تُرجى ولا وثَنٌ ولا ... قبرٌ له سَبَبٌ من الأسباب كلا ولا حَجَرٌ، ولا شجرٌ ولا ... عين (¬2) ولا نُصُبٌ مِن الأنصاب أيضًا ولست مُعلِّقًا لِتميمَة (¬3) ... أو حَلْقة، أو وَدعَة أو ناب لِرَجاء نفع، أو لِدفع بلِيةٍ ... الله ينفَعني، ويدفَعُ ما بي والإبتداع وكُل أمرٍ مُحْدَثٍ ... في الدين يُنكره أولو الألباب أرجو بأني لا أُقاربُه ولا ... أرضاه دِينًا، وهو غيرُ صواب وأعوذ مِن جهمية (¬4) عنها عَتتْ ... بخلافِ كل مُوَّوِّل مُرتاب والإستواء (¬5) فإن حسبيَ قدوةً ... فيه مَقالُ السادةِ الأنجاب الشافعي ومالكِ وأبي حنيفةَ ... وابن حنبل التقي الأواب وبعصرنا مَن جاء معتَقِدًا به ... صاحوا عليه مُجَسّمٌ وهَّابي جاء الحديث بغُربة الإِسلام ... فَلْيَبكِ المحِب لِغُربة الأحباب فالله يَحمينا، ويَحفَظ دينَنا ... مِن شَرِّ كل مُعانِدٍ سَبَّاب ويُؤيِّد الدينَ الحنيف بعصبَة ... مُتمَسِّكينَ بسُنة وكتاب لا يأخذون برأيهم وقياسِهم ... ولهم إلى الوحْيَين خيرُ مآب قد أخبرَ المختار عنهم أنهم ... غُرَباءُ بين الأهلِ والأصحاب سَلكوا طريق السالكين إلى الهُدى ... ومَشَوْا على مِنهاجهم بصَوَاب مِن أجلِ ذا أهلُ الغلُوِّ تنافروا ... عنهم فقلنا ليسَ ذا بعُجاب نفرَ الذين دعاهم خيرُ الورى ... إذ لَقَّبوه بساحِرٍ كذاب معَ عِلمِهم بأمانةٍ وديانةٍ ... فيه ومَكرُمة، وصِدق جواب صلّى عليه الله ما هبَّ الصَّبا ... وعلى جميع الآلِ والأصحاب الشيخ مُلا عُمران ¬

_ (¬1) المراد بأحمد هو الرسول - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) عين ما يغتسلون بها للتبرك والشفاء. (¬3) التميمة: الخرزة ونحوها وتوضع للحماية من العين. (¬4) الجهمية: فرقة ضالة تنكر أن الله في السماء، وتقول إن الله في كل مكان. (¬5) الإستواء: هو العلُو والإرتفاع كما فسّره التابعي مجاهد في البخاري.

(6) نداء إلى المربين والمربيات لتوجيه البنين والبنات

(6) نداء إلى المربين والمربيات لتوجيه البنين والبنات

موجز نداء إلى المربين والمربيات * مهمة المربي الناجح. * شروط المربي الناجح. * وظيفة المعلم. * واجبات المعلم. * وصايا نبوية مهمة للأولاد. * كيف قامت الدولة الإسلامية. * الطرق التربوية الناجحة. * المكافآت والعقوبات. * العقوبات التربوية المفيدة. * إلى المعلمات والمدرسات.

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إِلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فإن مهمة المربي عظيمة جدًا، وعمله من أشرف الأعمال إذا أتقنه، وأخلص لله تعالى فيه، ورَبَّى الطلاب التربية الإِسلامية الصحيحة. والمربي والمربية يشمل المدرس والمدرسة، والمعلم والمعلمة، ويشمل الأب والأُم، وكل من يرعى الأولاد. فالمدرس مربي الأجيال، وعليه يتوقف صلاح المجتمع وفساده، فإذا قام بواجبه في التعليم، فأخلص في عمله، ووجه طلابه نحو الدين والأخلاق، والتربية الحسنة سعد الطلاب وسعد المعلم في الدنيا والآخرة، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه علي رضي الله عنه: (فوالله لأن يهدى الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حُمر (¬1) النَّعَم). "متفق عليه" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مُعلّم الخير يَستغفر له كل شيء، حتى الحيتان في البحر) "صحيح رواه الطبراني" وإذا أهمل المعلم واجبه، ووجه طلابه نحو الإنحراف، والمبادىء الهدامة، والسلوك السيء، شقي الطلاب، وشقي المعلم، وكان الوزر في عنقه، وهو مسئول أمام الله تعالى لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -يلى: (كُلُّكُم رَاعٍ وكُلُّكُم مسئولٌ عن رَعيته). "متفق عليه" والمعلم راع في مدرسته، وهو مسؤول عن طلابه. فليكن إصلاحك لنفسك أيها المربي والمعلم قبل كل شيء، فالحسن عند الأولاد ما فعلت، والقبيح عند الطلاب ما تركت؛ وإن حُسن سلوك المربي والمعلم والمعلمة والأب أفضل تربية لهم. وقد كتبت هذه الرسالة إلى إخواني المعلمين وأخواتي المعلمات ليستفيدوا منها في عملهم بعد خبرة في التعليم استمرت أربعين عامًا، ليعرفوا كيف يكونوا معلمين ناجحين. والله أسأل أن ينفع بها المسلمين، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم. ¬

_ (¬1) حُمر النعم: الإبل الجيدة، وفي زماننا السيارات الفاخرة.

شروط المربي الناجح

شروط المربي الناجح 1 - أن يكون ماهرًا في مهنته، مبتكرًا في أساليب تعليمه، محبًا لوظيفته وطلابه، يبذل جهده لتربيتهم التربية الحسنة، يزودهم بالمعلومات النافعة، ويعلمهم الأخلاق الفاضلة، ويعمل على إبعادهم عن العادات السيئة فهو يُربي ويُعلم في آن واحد. 2 - أن يكون قدوة حسنة لغيره، في قوله وعمله، وسلوكه. مِن حيث قيامه بواجبه نحو ربه، وأُمته وطلابه، يحب لهم من الخير ما يحبه لنفسه وأولاده، يعفو ويصفح، فإن عاقب كان رحيمًا: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه) "متفق عليه" 2 - مِن شروط المعلم الناجح أن يعمل بما يأمر به الطلاب من الآداب والأخلاق وغيرها من العلوم، وليحذر مخالفة قوله لفعله، وليسمع قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2، 3] وهذا إنكار على من قال قولاً ولم يعمل به. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم إني أعوذ بك مِن عِلم لا ينفع). "رواه مسلم" [أي لا أعمل به، ولا أُبلغه غيري، ولا يُهذب مِن أخلاقي]. وقول الشاعر: يا أيها الرجل المعلم غيره ... هَلَّا لنفسك كان ذا التعليم 4 - على المعلم أن يعلم أن وظيفته تشبه وظيفة الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى لهداية البشر وتعليمهم، وتعريفهم بربهم وخالقهم، وكذلك هو في منزلة الوالد في عطفه على طلابه، ومحبته لهم، وأنه مسئول عن هؤلاء الطلاب: عن حضورهم، واهتمامهم بدروسهم، بل يحسن به أن يساعدهم في حَل مشاكلهم وغير ذلك مما يُعَدّ من مسئولياته، قال - صلى الله عليه وسلم -: (كُلُّكم رَاعٍ وكُلُّكُم مسئولٌ عن رَعيته). "متفق عليه" وليعلم أنه مسئول أمام الله عن طلابه ماذا علّمهم؟ وهل أخلص في البحث عن السبُل الميَسرة لإِرشادهم، وتوجيههم التوجيه السليم؟. قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله سائلٌ كُل راعٍ عما استرعاه، أحفِظَ ذلك أم ضيَّعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته). "حسن رواه النسائي عن أنس".

ثم إن عليه أن يخاطبهم بها يفهمون كل على قدر فهمه: قال علي -رضي الله عنه-: حَدَّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّب الله ورسوله؟ "أخرجه البخاري في العلم: باب من خص قومًا دون قوم في العلم" 5 - إن المعلم بحكم مِهنته يعيش بين طلاب تتفاوت درجات أخلاقهم وتربيتهم وذكائهم، لذلك فإن عليه أن يسعهم جميعًا بأخلاقه، فيكون لهم بمنزلة الوالد مع أولاده، عملاً بقول المربي الكبير نبيّنا محمد - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أنا لكم بمَنزلة الوالد أُعَلِّمكم). "صحيح رواه أحمد وأبو داود" 6 - على المعلم الناجح أن يتعاون مع زملائه، وينصحهم ويتشاور معهم لمصلحة الطلبة، ليكونوا قدوة حسنة لطلابهم، وعليهم جميعًا أن يتقيدوا برسول الله - رضى الله عنه-، حيث خاطب الله تعالى المسلمين بقوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] 7 - التواضع العلمي: الإعتراف بالحق فضيلة، والرجوع إليه خير من التمادي في الخطأ، فعلى المعلم أن يتأسَّى بالسلف الصالح في طلبهم للحق والإِذعان له إذا تبين لهم أن الحق بخلاف ما يُفتون أو يعتقدون. والدليل على ذلك ما ذكره ابن أبي حاتم في كتابه (مقدمة الجرح والتعديل) حين ذكر قصة مالك -رضي الله عنه- ورجوعه عن فتواه حينما سمع الحديث؛ وذكرها بعنوان: [باب ما ذكر من اتباع مالكٍ لآثارِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ونزوعه عن فتواه عندما حُدِّث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه] قال ابن وهب: سمعت مالكًا سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال: ليس ذلك على الناس. قال: فتركته حتى خف الناس، فقلت له: عندنا في ذلك سنة، فقال: وما هي؟ قلت: حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة، وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي: قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدلُّك بخنصره ما بين أصابع رجليه، فقال: إن هذا الحديث حسن، وما سمعت به قط إِلا الساعة؛ ثم سمعته بعد ذلك يُسأل فيأمر بتخليل الأصابع. "انظر مقدمة الجرح والتعديل ص 30 "

ولو أردنا استقصاء الأمثلة من حياة السلف لما كفتنا هذه الورقات، لذا يجب على المعلم الذي يريد النجاح في مهنته، أن يذُعن للحق ويتراجع عن خطئه إذا أخطأ، ويعلِّم طلابه هذا الخلق العظيم، ويبين لهم فضل التواضع والرجوع إلى الحق، وأن يطبق ذلك عمليًا في الفصل، فإذا رأى إجابات بعض الطلبة أفضل من إجابته، فَلْيُعِلن ذلك وليعترف بأفضلية إجابة هذا الطالب، فذلك أدعى لكسب ثقة طلابه ومحبتهم له. لقد عشت قرابة أربعين عامًا معلمًا ومربيًا، وإن أنس، لا أنسى ذلك المعلم الذي أخطأ في قراءة حديث، فلما رده بعض الطلاب أصرَّ على خطئه، وجعل يجادل بالباطل، فسقط هذا المعلم في نظر طلابه، ولم يعد موضع ثقتهم. ولا أزال أذكر بعض المعلمين الصادقين الذين كانوا يعترفون بخطئهم، ويتراجعون عنه، لقد أحبهم الطلاب، وازدادت ثقتهم بهم، وأصبحوا موضع إجلال وإكبار. فحبذا لو سار المعلمون جميعًا سير هؤلاء ونهجوا نهجهم في الرجوع إلى الحق. 8 - الصدق والوفاء بالوعد: على المعلم أن يلتزم الصدق في كلامه، فإن الصدق كله خير، ولا يربي تلاميذه على الكذب، ولو كان في ذلك مصلحة تظهر له: حدث أن سأل أحد الطلاب معلمه مستنكرًا تدخين أحد المعلمين، فأجابه المعلم مدافعًا عن زميله، بأن سبب تدخينه هو نصيحة الطبيب له، وحين خرج التلميذ من الصف قال: إن المعلم يكذب علينا. وحبذا لو صدق المعلم في إجابته، وبين خطأ زميله، بأن التدخين حرام، لأنه مضر بالجسم، مؤذ للجار، متلف للمال، فلو فعل ذلك لكسب ثقة الطلاب وحبهم، ويستطيع أن يقول هذا المعلم إلى طلابه: إن المعلم فرد من الناس تجري عليه الأعراض البشرية، فهو يصيب ويخطىء، وهذا نبيّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - يقرر ذلك في حديثه قائلًا: (كل بني آدم خطاء، وخيرُ الخطائين التوابون). "حسن رواه أحمد" لقد كان بإمكان المعلم المسئول أن يجعل سؤال الطالب عن تدخين معلمه درسًا لجميع الطلبة، فيفهمهم أضرار التدخين، وحكمه الشرعي، وأقوال العلماء فيه، وأدلتهم، فيكون بذلك قد استفاد من سؤال الطالب واستعمله في التربية والتوجيه. قال - صلى الله عليه وسلم -:

وظيفة المعلم

(وما يزال الرجل يصدق ويتحزَى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقًا، وما يزال الرجل يكذب ويتحرِّى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا). "متفق عليه" فالصدق خلق عظيم ينبغي على المعلم أن يزرعه في طلابه، ويحببهم إليه، ويعودهم عليه، وليكن مطبقًا له في أقواله وأفعاله، حتى في مزاحه معهم عليه أن يكون صادقًا، فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يمزح ولا يقول إِلا حقًا. وليحذر المعلم أن يكذب على طلابه ولو مازحًا أو متأولًا، وإذا وعدهم بشيء فعليه أن يفي بوعده، حتى يتعلمون منه الصدق، والوفاء قولاً وعملًا، لأن الطلاب يعرفون الكذب ويدركونه، وإن لم يستطيعوا مجابهة المعلم به حياءً منه، وقد رأينا في قصة المعلم الذي دافع عن زميله المدخن، كيف أدرك الطلاب كذبه. 9 - الصبر: على المعلم أن يتحلَّى بالصبر على مشاكل الطلاب والتعليم، فإن الصبر أكبر عون في عمله الشريف. قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} "البقرة: 45" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن الذي يُخالط الناسَ ويصبر على أذاهم خيرٌ مِن المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم). "صحيح رواه أحمد" وظيفة المعلم إن وظيفة المعلم لا تقف عند حشو أدمغة الطلاب بالمعلومات فحسب، بل يتجاوزها إلى تربية شاملة تقوم على تصفية العقائد والسلوك، مما ينافي الدين القويم، فعلى المعلم الناجح أن يجعل كلام طلابه وسلوكهم في الفصل مستمدًا من الهدي النبوي الصحيح، قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31] وسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تدل على أنه كان مربيًا حكيمًا، ومعلمًا، ومرشدًا، وناصحًا، ورؤوفًا، ومحبوبًا، ومخلصًا. فعلى المعلم أن يتصف بهذه الأوصاف، ولا سيما الإِخلاص، فعليه أن يخلص عمله لله، ولا ينظر إلى المال، فإن أعطي ولو قليلًا شكر، وإن لم يُعط صبرَ، وسيرزقه الله تعالى في الدنيا، ويكتب له الأجر في الآخرة.

من واجبات المعلم

من واجبات المعلم 1 - إلقاء السلام: على المعلم إذا دخل الفصل أن يسلم فيقول: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وليعلم أن هذا السلوك الإِسلامي العظيم يقوي أواصر المحبة والثقة بين الطلاب بعضهم مع بعض، وبين المعلم والطلاب، ذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (أوَلا أدُلكم على شيء إذا فعلتموه تحابَبتم، أفشوا السلام بينكم). "رواه مسلم" ولا يغني عن السلام كلمة: صباح الخير أو مساء الخير، ولا بأس بها بعد السلام مع تغيير لها كأن يقول: صبحك الله بالخير، فتحمل معنى الدعاء، ولا بد هنا من التنبيه على شيء مُهم قد وقع فيه كثير من المعلمين -سامحهم الله- تأثرًا بالعادات والتقاليد، وهو تمثل الطلبة قيامًا لمعلمهم زاعمين أن هذا من الأدب المطلوب، وأنه رمز لتوقير المعلم وتبجيله، وقد أخطأوا، فما يسمى خلاف الشرع أدبًا إِلا في قاموس المعرضين عن شرع الله، ذلك أن أنس بن مالك -رضي لله عنه- قال: (ما كان شخصٌ أحبَّ إليهم مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له، لما يعلمون مِن كراهيته لذلك). "صحيح رواه الترمذي" وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: يحذر الناس من عادة القيام: (مَن أحب أن يَتمثَّل له الناس قيامًا، فليتبَوَّأ مقعده مِن النار). "صيحيح رواه أحمد" ويجوز لصاحب البيت أن يقوم إلى استقبال ضيوفه، أو يقوم إلى معانقة قادم من سفر، لأن الصحابة -رضوان الله عليهم- فعلوه، وهو من إكرام الضيف، والترحيب بالقادم ولا عبرة بقول الشاعر: قُم للمعلم وَفِّهِ التبجيلا: لمخالفته قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كره القيام له، وهدَّد من أحبه بدخول النار، عِلمًا بأن الاحترام لا يكون بالقيام، بل يكون بالطاعة، وامتثال الأمر، وإلقاء السلام والمصافحة، وغيرها من الآداب. 2 - من واجب المعلم أن يعلم طلابه الإستعانة بالله، ويعلمهم حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنت فاستعن بالله). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"

3 - أن يحذر المعلم طلابه من الشرك: وهو صرف العبادة لغير الله: كدعاء الأنبياء والصالحين وغيرهم، عملاً بوصية لقمان لولده التي قال فيها: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] 4 - على المعلم أن يعلم طلابه الصلاة في المدرسة، ويأخذهم إلى المسجد ليصلوا مع الجماعة، ويشرف عليهم بنفسه ليتعلموا آداب المسجد، فيدخلوه بنظام وهدوء، ويبدأ بتعليم الطلاب الوضؤ والصلاة منذ السابعة للبنت والصبي على السواء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعًا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرًا، وفرَّقوا بينهم في المضاجع). "صحيح رواه البزار وانظر صحيح الجامع" 5 - وعلى المربي أن يعلم طلابه التوكل على الله كما قال موسى لقومه: {فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} "يونس: 84" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنكمِ توكلون على الله تعالى حقِّ توكله لرزقكم كما يرزقَ الطير تغدو خِماصًا، وتروح بطانًا). "صحيح رواه أحمد والترمذي" وأن الأخذ بالأسباب واجب، لقوله - صلى الله عليه وسلم - لصاحب الناقة: (إعقِلْها وتوكل). "حسن رواه الترمذي " 6 - على المدرس كذلك أن يغرس روح التضحية والجهاد في سبيل الله ضد أعداء الإِسلام من الكفرة، واليهود، والملحدين، وأن يربط أذهان الطلاب بأمجاد سلفهم، وغزوات نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويشحذ هِمَمهم على التأسي بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إيمانهم وأخلاقهم. 7 - ثم إن عليه أن يقنع طلبته أن العرب قوم أعزهم الله بالإِسلام، فمهما ابتغوا العزة في غيره أذلهم الله كما قال عمر -رضي الله عنه-. فلا نصر على الكفار إِلا بالرجوع إلى تحكيم كتاب الله، وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في حياتنا وأمورنا كلها، مع إعداد القوة من الأسلحة الحديثة، والشباب المسلم المدَرب، الذي يكون قد ترَبى على الرجولة وتشبع بالإِيمان، والتزم النهج الصحيح، والعقيدة السليمة. وعليه فيمكننا القول بأن المعلم في استطاعته إذا أخلص في عمله والتزم المنهج الإِسلامي في تربيته وتعليمه أن يبني جيلًا قويًا يمكنه دفع عدوان المعتدين، وأن يحمل راية التوحيد ليدك حصون الكفر والشرك، ويُحرر الإِنسانية الحائرة، فيُرشدها إلى ربها

ويُعرفها بخالقها، ويخلصها مِن الظلم الذي تعيش فيه، لذلك خاطب الله تعالى رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - المعلم الأول والمربي الكبير - بقوله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} "إبراهيم: آية 1" ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه: (إنما أنا رحمة مُهداة) "صحيح: انظر صحيح الجامع رقم 2245" فعلى المربي والمعلم أن يجعل قدوته، وقدوة طلابه رسول رب العالمين إلى الناس أجمعين لأن الله وصفه بقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] 8 - على المعلم أن يحذر طلابه من المبادىء الهدامة: كالشيوعية الملحدة، والماسونية اليهودية، والإشتراكية الماركسية، والعلمانية الخالية مِن الدين، والقومية التي تُفضل غيرَ المسلم العربي على المسلم الأعجمي لقول الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} "آل عمران: 85" ويحذرهم من الدكتاتورية والديمقراطية التي تحكم بغير شرع الله. تحذير الطلبة من عقوق الوالدين، ووجوب طاعتهما في غير معصية الله: لقول الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23 - 24]

وصايا لقمان الحكيم لابنه

وصايا لقمان الحكيم لابنه قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ} [لقمان: 13] هذه وصايا نافعة حكاها الله تعالى عن لقمان الحكيم: 1 - {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] احذر الشرك في عبادة الله، كدعاء الأموات أو الغائبين، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي حسن صحيح" ولما نزل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] شَقَّ ذلك على المسلمين، وقالوا: أينا لا يَظلم نفسه؟. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. "متفق عليه" 2 - {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14] قال ابن كثير: ثم قرن وصيته إياه بعبادة الله وحده البِرَّ بالوالدين لعظم حقهما، فالأُم حملت ولدها بمشقة، والأب تكفل بالإِنفاق، فاستحقا من الولد الشكر. 3 - {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَن أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 15] قال ابن كثير: أي إن حرصا عليك كل الحرص أن تتبعهما على دينهما، فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنع ذلك مِن أن تصاحبهما في الدنيا معروفًا أي محسنًا إليهما، واتَّبعْ سبيل المؤمنين. أقول: يؤيد هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطّاعة في المعروف). "متفق عليه" 4 - {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 16] قال ابن كثير: أي إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة خردل أحضرها الله تعالى

يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، وجازى عليها إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر. 5 - {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ}: أي أدَّها بأركانها وواجباتها وسنَنِها بخشوع. 6 - {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ}: بلطف ولين بدون شدة حسب طاقتك وجُهدك. 7 - {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ}. عَلِمَ أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر سيناله أذى فأمره بالصبر، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل مِن المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم). "صحيح رواه أحمد وغيره" {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. أي إن الصبر على الناس لِمَن عزم الأمور. 8 - {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}. قال ابن كثير: لا تُعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم احتقارًا منك لهم، واستكبارًا عليهم، ولكن ألِن جانبك وابسُط وجهك إليهم: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تبسُّمُك في وجهِ أخيك لكَ صَدقة). "صحيح رواه الترمذي وغيره " 9 - {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} أي خيلاء متكبرًا عنيدًا، لا تفعل ذلك يبغضك الله، ولهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}. أي مختال معجب في نفسه، فخور على غيره. "ذكره ابن كثير" 10 - {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ}: أي امش مشيًا مقتصدًا، ليس بالبطيء المتثبط، ولا بالسريع المفرط، بل عدلًا وسطًا بين بَين. "ذكره ابن كثير" 11 - {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} أي لا تبالغ في الكلام، ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه، ولهذا قال: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 19] قال مجاهد: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير: أي غاية مَن رفع صوته أنه يُشبَّه بالحمير في علُوه ورفعه، ومع هذا هو بغيض إلى الله، وهذا التشبيه بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليسَ مِنا مَثلُ السوء، العائد في هِبّتِه كالكلب يعود في قَيئه). "رواه البخاري" (إذا سمعتم أصواتَ الديَكة فسلوا الله مِن فضله، فإنها رأت ملَكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا). "متفق عليه، انظر تفسير ابن كثير جـ 3/ 446 "

من هداية الآيات

من هداية الآيات 1 - مشروعية وصية الوالد لابنه بما ينفعه في الدنيا والآخرة. 2 - البدء بالتوحيد والتحذير من الشرك لأنه ظلم يحبط الأعمال. 3 - وجوب الشكر لله، وللوالدين، ووجوب برهما وصلتهما. 4 - لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إنما الطاعة في المعروف. 5 - وجوب اتباع سبيل المؤمنين الموحدين، وتحريم اتباع المبتدعين. 6 - مراقبة الله تعالى في السر والعلن، وعدم الاستخفاف بالحسنة والسيئة مهما قلَّت أو صغرت. 7 - وجوب إقام الصلاة بأركانها وواجباتها والإطمئنان فيها. 8 - وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللطف حسب استطاعته. قال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن رأى منكم منكرًا فليغَيره بيده، فإن لم يَستَطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان). "رواه مسلم" 9 - الصبر على ما يلحق الأمر والناهي مِن أذى، وأنه مِن عزم الأمور. 10 - تحريم التكبر والإختيال في المشي. 11 - الإعتدال في المشي مطلوب، فلا يُسرع ولا يُبطىء. 12 - عدم رفع الصوت زيادة عن الحاجة، لأنه مِن عادة الحمير.

وصايا نبوية مهمة للأولاد

وصايا نبوية مهمة للأولاد على المربي والمربية سواء كان مدرسًا أو مُدرسة، أو معلمًا أو معلمة، أو أبًا أو أُمًا أن يعلم الأولاد هذه الوصايا النافعة لهم، ويكتبها لهم على اللوح، ليكتبوها في دفاترهم ليحفظوها، ثم يشرحها لهم، وقد وردت في حديث صحيح هذا نصه: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كنت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقال لي: يا غلام إني أعلمك كلمات: 1 - (احفظ الله يحفظك): أي امتثل أوامر الله، واجتنب نواهيه يحفظك في دنياك وآخرتك. 2 - (احفظ الله تجده تجاهك). أي أمامك، فاحفظ حدود الله، وراع حقوقه تجد الله يوفقك، وينصرك. 3 - (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله). أي إذا طلبت الإِعانة على أمر من أمور الدنيا والآخرة، فاستعن بالله، ولا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله وحده كشفاء مرض، أو طلب رزق فهي مما اختص الله بها وحده. "انظر شرح الحديث للنووي في الأربعين النووية" 4 - (واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إِلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إِلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجَفت الصُحف). "رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح" (على المسلم أن يؤمن بالقدر الذي كتبه الله عليه خيره وشره) من فوائد الحديث 1 - حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - للأولاد، وإركاب ابن عباس خلفه.، ومناداته يا غلام. 2 - أمر الأطفال بطاعة الله، والإبتعاد عن معاصيه ليسعدوا في الدنيا والآخرة. 3 - الله ينجي المؤمن عند الشدائد إذا أدى حق الله، وحق الناس عند الرخاء والصحة والغنى. 4 - غرس عقيدة التوحيد في نفوس الأطفال: بسؤال الله تعالى والإستعانة به. 5 - تثبيت عقيدة الإِيمان بالقدر خيره وشره فهي من أركان الإِيمان. 6 - تربية الطفل على التفاؤل، ليستقبل الحياة بشجاعة وأمل، وليكون فردًا نافعًا في أُمته.

من آداب الإسلام

من آداب الإِسلام اعلم يا أخي المسلم - هدانا الله وإياك - أن الإِسلام جاء بآداب وأخلاق تكفل للمسلم والمجتمع السعادة في الدنيا والأخرة، ومن هذه الأداب: 1 - النظافة: كن نظيفًا في بيتك، وعملك، وملبسك، وجسمك، ولا سيماعند ذهابك للمسجد لأداء الصلوات، وخاصة صلاة الجمعة، فاغتسل وتطيب والبس أحسن الثِّياب. ولا تذهب بثياب وسخة، أو ذوات رائحة كريهة، ولا تطأ بساط المسجد بجورب وسخ فيه رائحة الأقدام المؤذية، فذلك يؤذي المصلّين، حيث يضع أحدهم جبهته وأنفه على البساط، فيتأذى من الرائحة التي علقت بالبساط من رائحة الجورب، وقد ينفر من الصلاة وعليك باستعمال السواك، ولا سيما عند الوضوء والصلاة، فقد حث الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمته عليه في أحاديث كثيرة، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: (السواك مَطهرة لِلفَم، مَرضاة للرب). "صحيح روه أحمد" واحذر أكل الثوم أو البصل قبل ذهابك للمسجد والعمل، لئلا تؤذي المصلين والجلساء برائحته، فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن أكل ثومًا أو بصلًا، فلْيَعتزِلنا، وليْعتزِلْ مسجدَنا، وليقعُد في بيته) "متفق عليه" علمًا أن رائحة الدخان التي تفوح من بعض المصلّين أشد كرهًا من الثوم والبصل، وقد حرم العلماء التدخين لضرره على الجسم والمال والجيران، وهو من الخبائث التى حذر الله تعالى منها فقال: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - (لا ضَرر ولا ضِرار). "صحيح رواه أحمد" والدخان يضر الجسم، ويؤذي الجار، ويتلف المال، فاحذر شربه فهو من كبائر الذنوب. 2 - المعاملة مع الناس: (أ) أحِب للناس ما تحب لنفسك مِن الخير فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول:

(لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه). "متفق عليه" (ب) كن سمحًا في البيع والشراء فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (رَحِم الله عبدًا سمحًا إذا باع، سَمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى). "رواه البخاري" (ج) خالط الناس وانصحهم واصبر على أذاهم، حتى تكون ممن قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل مِن المسلم الذي لا يخالطهم، ولا يصبر على أذاهم). "رواه الترمذي وإسناده صحيح" 3 - الإِنصات وقبول الحق: اقبل الحق مِن قائله، ولو كان صغيرًا أو خصمًا، واحذر رَدَّ الحق من الناس واحتقارهم، فقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من هذا العمل فقال: (لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مِثقال ذَرةٍ مِن كِبر، قيل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حَسَنًا، ونعله حسَنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكِبر بطَر الحق، وغَمْطُ الناس). "رواه مسلم" [بطَر الحق: رَدُّ الحق، غمطُ الناس: احتقارهم]. 4 - الإعتراف بالخطأ: إذا أخطاءت فاعترف بخطئك، واعتذر منه، فإن الإعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (كل بني آدم خطاء، وخَيرُ الخطائين التوابون). "رواه الترمذي وحسنه محقق جامع الأصول" والتوابون: هم الذين يعترفون بأخطائهم، ويرجعون عنها، ويتوبون إلى الله. 5 - العدل وقول الحق: (أ) كن عادلًا ولو بين أعدائك، ولا تحملك العداوة لقوم على ظلمهم، فالله تعالى يقول: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8] (ب) قل الحق ولو على نفسك، أو أقاربك، أو أصدقائك، فقد أمر الله تعالى بذلك فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135]

6 - الإستسلام لأوامر الدين: استسلم لأحكام الدين وأوامره، فإن الإِسلام مشتق من الإستسلام، ولا تقس أحكام الدين برأيك وعقلك، فإن العقل له حدٌّ ينتهي إليه، وكثيرًا ما يخطئ العقل، ويعجز عن تفسير جميع أمور الدين، لذلك قال علي -رضي الله عنه-: (لو كان الدين بالرأي لكان المسح على أسفلِ الخفّ أولى مِن المسح على أعلاه). "رواه أبو داود. وصححه محقق جامع الأصول" إن المسلم الحقيقي هو الذي ينفذ أوامر الشرع دون معرفة الأسباب التي خفيت عليه فهو كالجندي يطيع أمر قائده دون مناقشة، لأنه يعلم أن قائده أعلم منه؛ وعندما حرم الإِسلام لحم الخنزير امتثل المسلمون للأمر، ولم يسألوا عن السبب وبعد مضي أربعة عشر قرنًا كشف الطب الحديث عن ضرره، وعرفنا أن الله لم يحرم شيئًا إِلا لضرره. 7 - العدل في الوصية: لا تحرم أحدًا من الورثة حقه، بل ارض بما فرض الله وقسم، ولا تتأثر بالهوى والحب والميل لأحد الورثة، فتخصه بشيء دون الباقين: عن النعمان بن بشير قال: (تصَدق عَليَّ أبي ببعضِ مالِه، فقالت أمي [عَمرة بنت رواحه]: لا أرضى حتى تُشهد رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلق أبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لِيشهِدَه على صدقتي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفعلتَ هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم). "متفق عليه" وفي رواية قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فلا تُشهدني إذن، فإني لا أشهَد على جَور). "أخرجه مسلم والنسائي" وكم أخطأ أشخاص كتبوا أموالهم لبعض ورثتهم، فأصبح الحقد والبغض والحسد بين الورثة، وذهبوا للمحاكم، وأضاعوا أموالهم للمحامين، بسبب هذا الخطأ. 8 - حقوق الجار: احذر أذى الجار قولاً وفعلًا، فقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أذاه فقال: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن: الذي لا يأمَن جارُه بوائقه) "رواه البخاري" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن كَان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذ جاره). "رواه البخاري" لا ترم الأوساخ في طريق الناس، ولا سيما أمام جيرانك كقشر الموز، أو البطيخ

وغيرهما التي تؤذي المارة، وأعرف رجلاً كسرت رجله بسبب قشرة الموز، وبقي ستة أشهر في الفراش. حاول أن تزيل الأذى عن طريق الناس ولا سيما الجيران لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (وتُميط الأذى عن الطريق صَدقة). "متفق عليه" إذا أصيب جارك بمصيبة فراع شعوره، وواسه في مصيبته، وساعده لتخفيف حزنه، ولا ترفع صوت المذياع عاليًا، ولا تسمح لأهلك وضيوفك برفع أصواتهم تأمينًا لراحة الجيران، ولا سيما إذا كان منهم المريض، والمتعب الذي يحتاج كل منهما إلى النوم والراحة. 9 - الوفاء بالوعد: إذا وعدت إنسانًا ولو طفلًا فأوف بوعدك في وقته المحدد، ويتم البيع والشراء بمجرد الاتفاق والوعد، ولا حاجة للعربون، وهو دفع شيء من المال ضمانًا للوفاء بالبيع، فالمؤمن إذا قال صدق، وإذا وعد وفَّى، وكل من أخلف بوعده، فقد اتصف بصفة المنافقين لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذبَ، وإذا وَعدَ أخلف، وإذا اؤتمِن خان). "متفق عليه" 10 - آداب عيادة المريض: لقد رغب الإِسلام في عيادة المريض، ولا سيما إذا كان المريض قريبًا أو جارًا، فعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مَرضتُ فلم تَعدني، قال: يارب كيف أعودك وأنت رَب العالمين؟ قال: أما علمتَ أن عبدي فلانًا مَرض فلم تَعده، أما علمتَ أنك لو عُدته لوجَدتني عنده). "رواه مسلم" ومن آداب عيادة المريض: (أ) أن تكون الزيارة قصيرة، حتى لا تزعج المريض، فربما كان في حاجة إلى راحة أو نوم أو قضاء حاجة إِلا إذا كان يأنس بك. (ب) أن لا تكثر الكلام عنده، وأن لا تطلب منه قصة مرضه. (ج) أن تُدخل إلى قلب المريض الفرح والسرور، وتزيد في أمله بالشفاء (د) أن تقول للمريض: لا بأس عليك طهور، وأن تدعو له بالشفاء، فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن عاد مريضًا لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرات: أسال الله العظيمَ رَبَّ العرشِ العظيم أن يشفيك، إِلا عافاه الله). "صحيحه الحاكم ووافقه الذهبي"

11 - آداب النظر: إذا رأيت امرأة سافرة، فغُضَّ بصرك عنها، فإن العين تزني، وزنا العينين النظر إلى ما حرم الله وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (يا عَلي لا تُتبع النظرةَ النظرة، فإن لكَ الأُولى، ولَيست لك الآخرة). "رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني في صحيح الجامع" واعلم أن هذه النظرة لن تفيدك إِلا حسرة وندامة: فإذا كنت متزوجًا، ونظرت على امرأة أجمل من زوجتك، فإن نفسك تتغير مع زوجتك، ويصيبك الهم والنزاع مع زوجتك وقد كنت قبل النظر مسرورًا راضيًا بزوجتك. وإذا كنت قبلُ أعزبًا، فإن نظرك إلى المرأة الأجنبية قد يحرك في نفسك الشهوة، وربما ساقك الشيطان إلى ارتكاب الفاحشة، لذلك أمر الله تعالى المؤمنين فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30] وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (ما تركتُ فِتنة بَعْدي أضَرَّ على الرجال مِن النِّساء) "رواه مسلم" 12 - آداب النصيحة: لقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النصيحة فقال: (الدين النصيحة: قيل لِمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولِأَئِمة المسلمين وعامتهم). "رواه مسلم" ولكن النصيحة لها آداب يجب مراعاتها، نأخذها من المربي الكبير سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -: (أ) فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بينما نحن في المسجد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَهْ مَهْ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُزرموه دعوه، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء مِن هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة وقراءة القرآن، قال: وأمرَ رجلاً مِن القوم فجاء بدلوٍ مِن ماء، فسَنَّه عليه). [أي: صَبَّه عليه]. [لا تزرموه: لا تقطعوا بوله فتضروه]. "رواه مسلم" (ب) روى مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ عطسَ رجلٌ مِن القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني

القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أُماه ما شأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكنني سكت، فلما صلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما نهرَني ولا ضرَبني ولا شتمَني، ثم قال: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء مِن كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن). "رواه مسلم"

من آداب الزيارة والإستئذان

مِن آداب الزيارة والإستئذان 1 - قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} [النور: 27 - 29] عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: الإستئناس: الإستئذان. "ذكره ابن كثير" 2 - هذه آداب شرعية أدّب الله بها عباده المؤمنين وذلك في الإستئذان أمرَهم أن لا يدخلوا بيوتًا غير بيوتهم حتى يستأنسوا أي يستأذنوا قبل الدخول ويُسَلِّموا بعده، وينبغي أن يستأذن ثلاث مرات فإن اذن له وإلا انصرف كما ثبت في الصحيح أن أبا موسى حين أستأذنَ على عمر ثلاثًا فلم يؤذَن له انصرف ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له، فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما أرجعك؟ قال: إني استأذنت ثلاثًا ولم يُؤذن لي، وإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إذا استاذن أحدكم ثلاثًا ولم يؤذن له فلْينَصَرف). "متفق عليه" فقال عمر: لَتأتِني على هذا ببَيِّنة وإلا أوجعتك ضربًا، فذهب إلى ملأ من الأنصار فذكر لهم ما قال عمر، فقالوَا: لا يشهد لك إِلا أصغرنا، فقام معه أبو سعيد الخدري فأخبر عمر بذلك فقال: ألهاني عنه الصفق بالأسواق. "انظر تفسير ابن كثير 3/ 278 "

من فوائد الآيات والحديث

مِن فوائد الآيات والحديث 1 - على الزائر أن لا يدخل البيت قبل أن يستأذن من أهله، ويجد قبولًا ورغبة في دخوله. 2 - على الزائر أن يبدأ من يزورهم بالتحية قائلًا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً}. [النور: 61] 3 - قال مجاهد: إذا دخلت المسجد فقل: السلام على رسول الله، وإذا دخلت على أهلك فسلم عليهم، وإذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. "انظر نفسير ابن كثير 3/ 305" ولا فرق في لفظ السلام بين الرجال والنساء، فالمرأة المسلمة تسلم على النساء وعلى أقاربها من الرجال المحرمين عليها كإخوتها وأولادهم، والرجل يُسلم على النساء المحرمات عليه. 4 - لا يجوز للمرأة الدخول إلى دار أحد دون إذن كما هي عادة بعض النساء، فربما كان الرجل وحده في البيت، فتقع الخلوة المحرمة، وربما كان عريانًا أو نائمًا مع أهله. 5 - احذر أن تعودِّ أهلك وأولادك الكذب فتوصيهم مثلًا أن يقولوا إذا دق الباب: (غير موجود) وأنت في الدَّار، والأجدر أن تعتذر عن الخروج إذا كنت مشغولًا، فذلك خيرٌ في الدنيا والآخرة، وعلى الزائر أن يقبل العذر لقول الله تعالى: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى} [النور: 28] 6 - لا يجوز للزائر أن يحد بصره إلى داخل الدار حين الإستئذان، لأن الإِذن جُعل من أجل النظر: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن اطَّلعَ في بيتٍ قوم بغير إذنهم، فقد حَل لهم أن يفقؤوا عينه). "رواه مسلم" وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب مِن تلقاء وجهه، ولكنه مِن ركنه الأيمن أو الأيسر، وبقول: (السلام عليكم. السلام عليكم). "صحيح رواه أحمد"

7 - لا تدخل بيتًا لا يوجد فيه صاحبه، أو أحد أولاده الراشدين من الذكور لقول الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ} [النور: 28] ولا عبرة بإذَن المرأة الأجنبية كأخت الزوجة وابنة العم والخال والخالة، وزوجة الأخ. 8 - يجب الإستئذان قبل الدخول عند زيارة الأقارب كبيت عمك، وأخيك، وخالك، حتى من السنة أن تستأذن على أخواتك: قال ابن جريج: سمعت عطاء بن أبي رباح يخبر عن ابن عباس قال: ثلاث آيات جحدهن الناس، قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] قال: ويقولون: إن أكرمهم عند الله أعظمهم بيتًا، والأدب كله قد جحده الناس: قال: قلت أستأذن على أخواتي أيتام في حجري معي في بيت واحد؟ قال نعم، فرددت عليه ليرخص لي فأبى، فقال: أتحب أن تراها عُريانة؟ قلت لا، قال فاستأذن. أما زوجة الأخ والعم والخال وأخت الزوجة، فلا تجوز الخلوة مع إحداهن في بيت واحد، ولا رؤيتها مكشوفة، أو متزينة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والدخول على النساء، فقال رجل مِن الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمُو؟ قال الحمُو: الموت) [الحموُ: أخو الزوج وقريبه]. "رواه البخاري" 9 - إذا دخلت بيتك، فسلِّم على أهلك، وأعلمهم بصوتك قبل دخولك لقول جابر بن عبد الله: (إذَا دَخَلْتَ على أهلِكَ فَسَلمْ عَليهمْ تحيةً مِن عِنْدِ اللهِ مُبَاركةً طَيبة). "ذكره ابن كثير" قالت زينب زوجة عبد الله بن مسعود: كان عبد الله بن مسعود إذا جاء مِن حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه. "ذكره ابن كثير في تفسيره وقال: إسناده صحيح" 10 - عوّد أولادك منذ الصغر أن يستأذنوا عند دخولهم إلى دُور غيرهم ولو كانوا من أقاربهم. 11 - يحسن أن تكون زيارتك قصيرة، فربما كان صاحب المنزل على موعد أو كان مشغولًا: قال الله تعالى يخاطب المؤمنين: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53]

12 - على الزائر الأعمى أن يستأذن كغيره حتى يحتجب النساء منه، والخلوة به محرمة. 13 - لا يجوز النظر إلى كتاب أخيك أو رسالته دون إذن منه، فربما كان فيه سِرٌّ. متى يباح الدخول بدون استئذان؟ 1 - إذا عرض أمر مفاجىء شديد في دار كإنقاذ أطفال وغيرهم، أو مال من حريق، فادخل بدون استئذان. 2 - يجوز الدخول بدون إذن إلى الأماكن الآتية: الفنادق، والخانات التي ينزل فيها المسافرون، والبيوت المعَدة للضيافة، ودوائر الحكومة، والدكاكين، والمساجد، وغيرها من الأماكن العامة، قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} [النور: 29]

الطريق الصحيح للإستئذان المشروع

الطريق الصحيح للإستئذان المشروع 1 - إذا أردت زيارة أحد، فعليك بدق الباب بلطف، واصبر واقفًا على يمين الباب حتىِ لا ترى داخل البيتِ حين فتح الباب، فقد تخرج امرأة يحرم النظر إليها، فإن لم يرُدَّ أحد، فَدُق الباب مرة ثانية، وتمهل، ثم مرة ثالثة يكون بعدها الإذن: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إذا استأذَنَ أحدُكم ثَلاثًا فلم يُؤذَن له، فَلْيرَجِعْ) "متفق عليه" 2 - يفضل الانتظار بين الدقة الأولى والثانية بمقدار ما ينتهي صاحب الدار مِن صلاته إن كان يصلي، وأن لا تكون الدقات قوية متتابعة تسبب الخوف والإنزعاج. 3 - وإذا قيل لك منَ هذا؟ فقل: "فلان" واذكر اسمك الصريح وكنيتك حتى تعرف، ولا تقل "أنا" فلا تُعرف بها مَن أنت: عن جابر -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدققت الباب، فقال: (مَن ذا؟ فقلتُ: أنا، فقال - صلى الله عليه وسلم - أنا، أنا، كَأَنَّهُ كرِهَهَا). "متفق عليه" قال ابن كثير: وإنما كره ذلك لأن هذه اللفظة لا يُعرف حتى يفصح باسمه أو كنيته التي هو مشهور بها، وإلا فكل واحد يعبر عن نفسه بأنا، فلا يحصل بها المقصود من الإستئذان، وهو الإستئناس المأمور به في الآية. "التفسير ج 3/ 279 " 4 - لا تسمح لزوجتك وبناتك أن يفتحوا الباب، أو يجيبوا الهاتف إذا كنت في البيت أو أحد صبيانك، فإن لم يكن هناك أحد، فلا بأس أن يرد النساء من وراء الباب لئلا يراهن الأجنبي، والرد يكون بكلمة (مَن؟) وأن يكون الصوت خشنًا عاديًا ليس فيه ليونة وخضوع، لئلا يثير إعجاب السامع، وَيفتَتِن بالصوت لقول الله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32] ولا يجوز للمرأة أنِ تفتح الباب لترى مَن يدقَ الباب، لأن الله تعالى يقول: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]

استئذان الأولاد والخدم والأقارب

استئذان الأولاد والخدم والأقارب قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 58] قال ابن كثير: هذه الآيات اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعض: فأمر الله تعالى المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم مما ملكت أيمانهم، وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم في ثلاثة أحوال: 1 - مِن قبل صلاة الغداة (الفجر) لأن الناس إذ ذاك يكونون نيامًا في فراشهم. 2 - وقت القيلولة (مِن الظهيرة) لأن الإِنسان قد يضع ثيابه مع أهله في تلك الحالة. 3 - ومن بعد صلاة العشاء، لأنه وقت النوم، فيؤمر الخدم الصغار والأطفال ألا يدخلوا على أهل البيت في هذه الأحوال، لما يخشى أن يكون الرجل على أهله، أو نحو ذلك من الأحوال. وإذا دخلوا في غير هذه الأحوال فلا جناح عليكم في تمكينكم إياهم، ولا عليهم إن رأوا شيئًا في غير تلك الأحوال. 4 - إذا بلغ الأطفال الحُلم (البلوغ) وجب عليهم أن يستأذنوا على كل حال. "انظر تفسير ابن كثير جـ 3/ 302" أقول: على المربي والمربية أن يُعلموا الأطفال والبالغين والخدمِ هذه الآداب الإجتماعية التي جاء بها الإِسلام عند دخولهم لبيوت آبائهم وذلك حفاظًا على أخلاقهم، حتى لا يرَوا مِن أهلهم ما لا يجوز لهم رؤيته، وحبذا لو قام المسؤولون في الإِعلام في البلاد الإِسلامية بتعليم الأولاد هذه الآداب في التلفاز والمجلات، فيحفظوا عليهم أخلاقهم؛ ومن المؤسف أن نجد الولد يرى في التلفاز هذه المغريات، والإختلاط والرقص والغناء، وغير ذلك من المسَلسَلات الجنسية التي تفسد الأخلاق، وتزيد في الإنحراف، وعلى الآباء والأمهات أن يشجعوا البنين والبنات على الزواج، فلا يغالوا في المهور والتكاليف، والحفلات، والذبائح، وغيرها من المصاريف التي تُثقل عاتق الشباب،

فيرغبون عن الزواج الشرعي، وربما طلبوا البغاء السري. وعلى الأبناء مِن بنين وبنات أن يطالبوا الأباء بالزواج وتيسير المهور تشجيعًا للزواج الشرعي الذي يصرفهم عن المفاسد والمغريات ويحفظ لهم صحتهم ودينهم وشرفهم. 5 - لا يجوز للزائر أن يحد بصره إلى داخل الدار حِينَ الإستِئذان، لأن الإذن جُعِل مِن أجل النظر: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم، فقد حَل لهم أن يفقَؤوا عينه). "رواه مسلم" وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب مِن تلقاء وجهه، ولكنه من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: (السلام عليكم. السلام عليكم). "صحيح رواه أحمد"

من آداب المعلم والمعلمة

مِن آداب المعلم والمعلمة يحسن بالمعلم والمعلمة أن يراعوا في الدرس ما يلي: 1 - إلقاء السلام على الطلاب حين دخوله بلفظ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ولا يجوز غيرها مثل: صباح الخير، لعدم ورودها في الشرع، وبعد تحية الإِسلام يجوز أن يقال هذا وغيره، وعلى المعلم أن يوجه نظر الطلاب إلى رد السلام بلفظ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وأن لا يسمح المعلم والمعلمة بقيام الطلاب والطالبات عند دخول المدرس للنهي المتقدم في رسالة المعلم وواجبه. 2 - إقبال المعلم والمعلمة على الطلبة بوجه مبتسم لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (تبَسمك في وجه أخيك صدقة) "صحيح رواه الترمذي وغيره" 3 - بدء الدرس بخطبة الحاجة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بها كلامه ونصها: (إنَّ الحمدَ لله نحمَدُه ونستعينُه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسِنا وسَيئاتِ أعمالِنا مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هاديَ له. وأشهد ألا إله إِلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .... أما بعد: فإن أصدقَ الحدِيث كلام اللهِ تعالى، وخيرَ الهدي هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم -. إلى آخِر الخطبة). 4 - استعمال الكلام الطيب مع الطلاب: فيقول للطالب المحسن: أحسنت، بارك الله فيك، ويقول للطالب المخطىء أصلحك الله وهداك، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (والكلمة الطيبة صدقة). "متفق عليه" 5 - اجتناب الكلام الذي فيه تجريح أو استهزاء، لأن الطلاب يتعلمون من المعلم الكلام الطيب، والكلام السَّيء. 6 - تنبيه الطلبة النائمين أو المتشاغلين بغير دروسهم، أو الذين يتكلمون في الدرس مع بعضهم، وغير ذلك. 7 - تنظيم الأسئلة في الدرس، فلا يسمح للطالب بالسؤال قبل طلب الإِذن، ولا يجاب عن سؤاله.

8 - مراعاة المعلمين والمعلمات والآداب الإِسلامية ليتعلمها الطلاب والطالبات، فإذا عطس المعلم فليحمد الله وليقل له مَن بجانبه: يرحمك الله، فيجيب العاطس: يهديكم الله ويُصلح بالكم، وإذا تثاءب المعلم فليضع يده اليسرى على فمه، ولا يقل: (ها، ها) فقد نَهَى الرسول عيه عن ذلك فقال: (إذا تثاءب أحدكم فليضع يَدَه على فمه، فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب). "متفق عليه" 9 - على المعلمين والمعلمات أن يراعوا النظافة في لباسهم، وأن يظهروا أمام الطلاب بمظهر جميل بدون تكبر عملاً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مِثقال ذرة مِن كِبر، قيل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حَسنًا، ونعله حسنة، قال إن الله جميل يحب الجمال، الكِبرُ: بطرُ الحق وغمط الناس) [أي احتقارهم] "رواه مسلم" 10 - على المدرسين والمدرسات إذا كانوا في مدرسة مختلطة، فيها الذكور والإِناث من المعلمين والطلبة - وهو مخالف لتعاليم الإِسلام كما هو معلوم - عليهم أن يضعوا الطلاب أمامهم، ومن ورائهم الطالبات، تجنبًا لحدوث المشاكل، وعلى المدرسين أن ينبهوا الطلاب إلى عدم الإختلاط بالطالبات، فلا يجوز الكلام معهن إِلا بقصد النصيحة وبدون خلوة ومن وراء حجاب، وعلى المدرسات ألا يختلطن بالمدرسين، وأن يجلسن في مكان منعزل حفاظًا على شرفهن وعفافهن من الإختلاط، وكان من واجب وزارة التربية أن تفصل مدارس البنين والبنات عملاً بتعاليم الإِسلام، وقد طبقت السعودية الفصل فنجحت، وأنشات رئاسة تعليم البنات للإشراف على تعليم الطالبات في جميع المراحل، فحفظت الطالبات مِن مشاكل الطلاب بالفصل بينهما. وما مثل المدارس المختلطة إِلا كما قيل: ألقاه في اليَم مكتوفًا ثم قال له ... إياك إياك أن تبتَل بالماء

من آداب الطلاب والطالبات

مِن آداب الطلاب والطالبات على الطلاب والطالبات مراعاة الأداب الآتية في الدرس: 1 - احترام المعلم والمعلمة، لأنهما يُعلمان الطلبة ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وهما أكبر سنًا، وقد أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بتوقيرهما واحترامهما فقال: (ليس منا مَن لم يُجل كبيرنا، ويَرحم صغيرنا، ويعرف لعاِلمنا حَقه). "حسن رواه أحمد" 2 - الإِنصات إلى ما يلقيه المعلم والمعلمة، والمدرس والمدرسة للإستفادة من الدرس. 3 - عدم التكلم في الدرس إِلا بإذن، حتى يبقى الدرس هادئًا، ليس فيه فوضى. 4 - الإستئذان في الأسئلة، وعدم الإِكثار منها، حفاظًا على وقت الدرس، وعدم ضياعه. 5 - امتثال أمر المعلم والمعلمة، وقبول التوجيه والنصيحة منهما، ما لم يأمرا بمعصية الله. 6 - عدم الاشتغال بغير مادة الدرس للإستفادة منه. 7 - الإنتباه التام لما يلقيه المدرس، وعدم النوم في الدرس. 8 - تسجيل النقاط الهامة في الدرس على دفتر خاص لمراجعتها وحفظها. 9 - إذا دخل طالب متأخر الدرس فعليه أن يستأذن قبل دخوله، ثم يُسلم على إخوانه. 10 - على الطلاب والطالبات إذا كانوا في مدرسة مختلطة، فيها المدرسون والمدرسات؛ وهذا مخالف للفطرة ولتعاليم الإِسلام الذي يحفظ شرف البنات من الإختلاط بالبنين، وهذا من المؤسف أمر واقع في كثير من بلاد المسلمين: أقول: على الطلاب أن لا يختلطوا بالطالبات، ولا يخرجوا معهن، ولا يُسمعوهن الكلام البذيء، وليبتعدوا عهن، ولو سألنا طالبًا هل تحب أن ينظر الطلاب إلى أختك، ويمزحوا معها، أو يكلموها كلاماً مشبوهًا لرفض ذلك وقال: لا أرضى أن يقولوا لها، وكذلك لا يحبه الطلاب لأخواتهن، وعلى الطالبات أن يلتزمن الحجاب الشرعي والوقار، ويبتعدن عن الطلاب لئلا يسمعن من الطلاب ما يسيء إلى شرفهن وسمعتهن، ويؤثر ذلك على الفتاة حين تخطب للزواج. 11 - كذلك على الطالبات أن يحتجبن من الطلاب، فلا يجوز أن تكشف شعرها أو صدرها أو وجهها، ولا سيما في المرحلة المتوسطة والثانوية والجامعة، ولا يجوز لها وضع الأصباغ والزينة والكحل والعطر وغيرها، وهذا يكون للزوج وفي البيت، وأما العطر

فهو يحرم على النساء جميعًا عند خروجهن من البيت لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة استعطرت، ثم خرجت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية). "حسن رواه أحمد" كذلك لا يجوز للطالبات مصافحة الطلاب والرجال الأجانب ليحافظن على سمعتهن وشرفهن، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يُطعَن في رأس أحدِكم بمِخيط مِن حديد خير له من أنْ يمَس امرأة لا تحل له). "صحيح رواه الطبراني وغيره"

المعلم المسلم داعية

المعلم المسلم داعية على المعلم المسلم أن يكون داعية بين إخوانه المعلمين، فينصحهم ويرشدهم ويدعوهم إلى التمسك بالإِسلام والعمل والأخلاق الحميدة، والقدوة الحسنة بأسلوب حكيم، عملاً بقول الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159] وقوله تعالى: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125] والجدال في هذه الآية يشمل المسلمين وغير المسلمين. وإذا وجد في المدرسين بعض المعلمين والطلاب من غير المسلمين، فلنعاملهم بالحسنى وندعوهم إلى الإِسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال الحسن عملاً بقول الله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46] وتطبيقًا لهذه المبادىء القرآنية السلمية فإليك هذه القصص الواقعية: 1 - كنت قديمًا في سورية معلمًا، وكان في المدرسة معلم نصراني اسمه (جودت) فناقشته بلطف وقلت له: هل توافق معي في أن الأنبياء كلهم إخوة؟ فقال نعم، قلت له: إن المسلم يؤمن بعيسى -عليه السلام-، وأُمّه مريم لها سورة باسمها في القرآن الكريم، فأنا أشهد أن لا إله إِلا الله وأن محمدًا رسول الله، فقال: وأنا أشهد أن لا إله إِلا الله وأن محمدًا رسول الله، فقلت له: الآن أصبحت أخًا لنا في الإِسلام، وقد زاد إيمانك بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالإِضافة إلى إيمانك بعيسى -عليه السلام-. 2 - كنت أُعلِّم في مدرسة بها طالب نصراني، فكنت أذكر له بعض القصص، عن عيسى -عليه السلام- وأُمه مريم التي جاءت في القرآن الكريم، فأحبني وبدأ يداوم على الحضور في درس الديانة، وله الحق في الخروج من الدرس لأنه غير مسلم، فكان

يحفظ درس القرآن الكريم قبل طلاب المسلمين، وكنت أشجعه على ذلك، حتى شعر به أبوه فمنعه من حضور درس التربية الإِسلامية تعصبًا منه وظلمًا. 3 - كان طالب نصراني يدرس مع طلاب مسلمين، وكنت أدرسهم التربية الإِسلامية، وكان يلازم الدرس ويحبه لما يسمعه من قصص عيسى ومريم واحترام المسلمين لهم. ويسألني أسئلة متعددة. 4 - إن واجب كل مسلم إذا وجد معه من غير المسلمين أن يحسن معاملته معهم ليريهم محاسن الإِسلام، ثم يدعوهم إلى الإِسلام، وقد رأيت عاملًا من الدروز في الفندق، فدعوته للصلاة فاعتذر لجهله، فعلمته الوضوء والصلاة، فبدأ يداوم عليها في المسجد، ويسمع الدروس في المسجد، وكان يقرع عليَّ باب الغرفة لصلاة الجماعة. 5 - على المربي أن يكون عالمًا بسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليعلمها طلابه، لأن أهميتها عظيمة لهم.

كيف قامت الدولة الإسلامية في عهد النبوة

كيف قامت الدولة الإسلامية في عهد النبوة 1 - البدء بالدعوة: بدأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعوته في مكة، فآمن به نفر قليل، ثم ازداد عددهم. 2 - تكوين الجماعة: لقد استطاع الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يكوِّن جماعة في مكة، وقد ربى هذه الجماعة على التوحيد، الذي يتمثل في كلمة (لا إله إِلا الله)، ومعناها: (لا معبود بحق إِلا الله) لأن المعبودات الباطلة كثيرة، والمعبود بحق هو الله سبحانه وتعالى، والدليل قوله عَز من قائل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62] وأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - نوع مهم مِن أنواع العبادة فقال: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" وقد تحمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنواع البلاء مع جماعته مما لقيه من المشركين في مكة، وأمرهم بالصبر حتى النصر. 3 - توسيع الجماعة: بعد أن كوَّن الجماعة المسلمة في مكة، بدأ يبحث عن جماعة أُخرى في المدينة، فاتصل بهم أيام الحج، ودعاهم إلى الإِسلام، وبايعوه في بيعة العقبة الأولى والثانية. 4 - الإهتمام بالتوحيد: وكان اهتمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالتوحيد ظاهرًا حينما أرسل معاذًا إلى اليمن وقال له: (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إِلا الله، وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله). "متفق عليه" وكل من أراد إقامة الدولة الإِسلامية، فعليه أن يبدأ بعقيدة التوحيد أُسوة بالرسول القائد - صلى الله عليه وسلم -؛ ومَن خالف هذه الطريقة، فسيكون مصيره الفشل، لأنه خالف الطريقة النبوية في إقامة الدولة الإِسلامية ولا بُدَّ من إقامة الدولة في القلوب -وأساسها العقيدة- حتى تقوم على الأرض. وقد قال أحد الدعاة المعاصرين: أقيموا دولة الإِسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم. وعلينا أن نطبق تعاليم الإِسلام -وأهمها التوحيد- على أنفسنا وأهلينا وجماعتنا حتى يُكتب لنا النصر.

س - البعض يقول إن الإِسلام سيعود مِن قبل الحاكمية، والبعض الآخر يقول سيعود عن طريق تصحيح العقيدة، والتربية الجماعية، فأيهما أصح؟ ج - أجاب الداعية المعروف محمد قطب على هذا في محاضرة ألقاها في دار الحديث المكية بمكة المكرمة فقال: مِن أين تأتي حاكمية هذا الدين في الأرض إن لم يكن دعاة يصححون العقيدة، ويؤمنون إيمانًا صحيحًا، ويُبتُلون في دينهم فيصبرون، ويجاهدون في سبيل الله، فيحكم دين الله في الأرض. قضية واضحة جدًا، ما يأتي الحاكم من السماء ما ينزل من السماء، وكل شيء يأتي مِن السماء، لكن بجهد مِن البشر فرضه الله على البشر، قال الله تعالى: {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْض} [محمد: 4] 5 - المجتمع الصالح: لقد هيأ النبي - صلى الله عليه وسلم - البيئة الصالحة في المدينة قبل الهجرة، ولما هاجر إليها تكوَّن المجتمع المسلم من المهاجرين والأنصار على أساس التوحيد والمحبة، ونشأت الدولة الإِسلامية التي يحكمها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن والسنة. ثم جاء الخلفاء الراشدون فساروا على طريقه، وفتحوا البلاد، وأوصلوا لنا الدين كاملًا، وكان النصر حليفهم.

منهاج الدعوة السلفية

منهاج الدعوة السلفية 1 - هنالك جماعات إسلامية كثيرة تدعوا إلى الإِسلام والحكم بشريعة الله والسعي لإِقامة الدولة الإِسلامية كما كانت في عهد الخلفاء الراشدين ومَن بعدهم ليعيدوا للمسلمين عزهم ومجدهم وقوتهم. والرسول - صلى الله عليه وسلم - دعا المسلمين وأمرهم أن يتمسكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم، وقام صحابته من بعده وهم السلف الصالح من هذه الأمة، فنفذوا كلام قائدهم، وفتحوا البلاد حتى أوصلوا لنا هذا الدين كاملًا، ونصرهم الله نصرًا مؤزرًا. 2 - الواجب على المسلمين أن يسيروا على طريق السلف الصالح: الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، حتى ينصرهم الله، وكل جماعة تدعوا إلى التمسك بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملًا، فهي الطائفة المنصورة، والجماعة السلفية، وهم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية. 3 - الجماعة السلفية: هي. الجماعة الوحيدة ذات المنهج الصحيح تدعو إلى تطبيق القرآن والسنة، والإهتمام بعقيدة التوحيد التى اهتم بها القرآن، وركز عليها، وأمر المسلمين أن يكرروها في جميع ركعات صلاتهم. وهي قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] السلفيون يتمسكون بالسنة، ويميزون بين الأحاديث الصحيحة والضعيفة والموضوعة، فيأمرون بالأخذ بالأحاديث الصحيحة، وترك الأحاديث الضعيفة والموضوعة عملاً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال علَيَّ ما لم أقل فليتَبوأ مقعدَه مِن النار). "حسن رواه أحمد" والسلفيون: ينتسبون إلى السلف الصالح، وهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته من بعده، ولا ينتسبون لغيرهم. ومن أصول دعوتهم: فهم الكتاب والسنة حسب فهم السلف الصالح: (الرسول والصحابة والتابعين). (ب) إذا صح النقل شهد العقل، ولا عكس. (ج) سمعنا وأطعنا. حب النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً، واتباعه عملاً.

(د) ديننا دين اتباع لا دين ابتداع. (هـ) الأصل في العقيدة والعبادة التوقف حتى يأتي الدليل، وفي المعاملات والمأكولات الإِباحة حتى يأتي التّحريم. 5 - كل من سار على منهج الكتاب والسنة والصحابة كان سلفيًا - نسبة للسلف الصالح وهم الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون -رضوان الله عليهم- أجمعين - وهم أهل السنة والجماعة. وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن الفرقة الناجية فقال: هم السلفيون، وكل من سار على منهج السلف الصالح من أي جماعة كانت. [سمعت السؤال والجواب في الحرم المكي]

نصيحة عامة

نصيحة عامة 1 - على المسلمين جميعًا، والمرَبين والدعاة والجماعات الإِسلامية أن يقتدوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيبدأوا بالدعوة إلى التوحيد لتكثير الجماعة الإِسلامية، ثم ليجدوا البيئة الصالحة، حتى يتقوى المجتمع المسلم الصالح، فإذا توفرت الشروط خرج الحاكم المسلم العادل الذي يحكم بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويتحقق للمسلمين عزهم ونصرهم. 2 - الواجب على المسلمين عامة، والدعاة منهم خاصة أن يطبقوا حكم الإِسلام على أنفسهم وأهليهم قبل أن يطالبوا الحكام بتطبيقه، حتى يكتب لهم النجاح، فقد رأينا بعض الجماعات الإِسلامية لا يطبقون الإِسلام في معاملاتهم مع الناس بل لا يقبل بالحكم إذا حُكِم عليه، وهذا ما حصل من بعض الأفراد. 3 - إن السعي للحكم بما أنزل الله واجب كل مسلم، ويكون بالرفق والحكمة والموعظة الحسنة عملاً بقول الله تعالى: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] 4 - لا يجوز استعمال العنف والمظاهرات للمطالبة بحكم الشريعة الإِسلامية، لأنها ليست إسلامية، ولا تحقق المطلوب، بل قد يحصل معها أضرار جسيمة على الفرد والمجتمع، والجماعات الإِسلامية، وهذا ما حصل في بعض البلاد العربية والإِسلامية، ومن الغريب جدًا، بل من المؤسف أن تخرج مظاهرة نسائية في بلد عربي مسلم يطالبن بتطبيق القرآن والحجاب الشرعي، وما دَرَين أنهن خالفن القرآن الذي يأمرهن بعدم الخروج، قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] [أي إلزمن بيوتكن ولا تخرجن] 5 - والآية التي يستدل بها بعضهم على تكفير المسلمين: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] قال ابن عباس: مَن أقَرَّ به فهو ظالم فاسق، واختاره ابن جرير.

وقال عطاء: كفر دون كفر [أي كفر أصغر غير مخرج من الإِسلام] (أ) فالحاكم إذا حكم بغير ما أنزل الله وهو معترف به فهو ظالم فاسق يجب نصحه برفق، والدعاء له بالصلاح. (ب) وأما الحاكم الذي جحد حكم الله، أو استبدل به قانونًا وضعيًا يعتقد أنه أصلح، فهو كافر مرتد عن الإِسلام، وهذا أيضًا يجب نصحه برفق عملاً بقول الله تعالى لموسى وهارون أن ينصحا فرعون الكافر الذي ادعى الربوبية: {اذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43، 44] على الدعاة أن يتريثوا في إقامة الحكم الإِسلامي، ويصبروا على ما يصيبهم مِن أذى أُسوة بالرسول الأمين - صلى الله عليه وسلم - وأن يستمروا في الدعوة إلى توحيد الله في العبادة والدعاء والحكم، والجهاد في سبيل الله، والتربية الإِسلامية، لإِيجاد المجتمع الصالح الذي يحكم بكتاب الله وسنة رسوله في جميع شئون الحياة.

النشاط المدرسي

النشاط المدرسي النشاط المدرسي له فوائد عظيمة للطلاب، وله أنواع عديدة: 1 - الكلمة الطيبة: يفضل اجتماع الطلاب صباحًا قبل دخولهم للدرس، فيلقي عليهم المدرس أو أحد الطلبة شيئًا من آيات القرآن والحديث النبوي، وتفسير مبسط للقرآن والحديث. 2 - القصة: إن الطلاب يحبون القصص فعلى المعلم والمعلمة الإِكثار منها في حديث الصباح، وأثناء الدرس، وفي الرحلات المدرسية، وغيرها، ولا سيما القصة التي تبث العقيدة السليمة في نفوس الطلاب، وسأذكر بعض القصص النافعة التي وردت في السنة المطهرة: عن معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه- قال: (... وكانت لي جارية ترعى غنمًا لي قِبلَ أُحدُ والجوانية، فاطلعتُ ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، ولكني صَكَكتها صَكة (ضرَبتها ولَطَمتها) فأتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعظَّم ذلك عَليَّ، قلت يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال: (ائتني بها، فقال لها: أين الله؛ قالت في السماء، قال مَن أنا؟ قالت أنتَ رسول الله، قال: أعتِقها فإنها مؤمنة). "رواه مسلم"

من فوائد القصة

من فوائد القصة 1 - كان الصحابة يرجعون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل مشكلة ليعلموا حكم الله ورسوله فيها. 2 - الرضا بحكم الله ورسوله لقول الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] 3 - إنكار الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الصحابي معاوية ضربه للجارية وتعظيمه لذلك الأمر (فلينتبه المربون). 4 - وجوب السؤال عن التوحيد، ومنه علُو الله على خلقه، وأنه واجب. 5 - مشروعية السؤال بأين الله. حيث سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الجارية: أين الله؟ 6 - مشروعية الجواب بأن الله في السماء (أي على السماء) لإِقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - جواب الجارية. 7 - اعتقاد أن الله في السماء دليل على صحة الإِيمان، وهو واجب على كل مسلم، وقد ذكره الله تعالى في كتابه فقال: {أَأَمِنْتُمْ مَن فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: 16] قال ابن عباس: هو الله. 8 - صحة الإِيمان بالشهادة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه رسول الله. 9 - خطأ من يقول: إن الله في كل مكان بذاته، والصواب أن الله في السماء، ومعنا بعلمه يسمعنا ويرانا. 10 - طلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - للإختبار دليل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب، كما تزعم الصوفية. 11 - العتق يكون لمؤمن لا لكافر، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اختبرها، ولما علِم بإيمانها أمر بإعتاقها. 3 - مجلة الحائط: ومن النشاط المدرسي المفيد وجود مجلة الحائط في مكان بارز في المدرسة تُسجل فيها بعض الحِكَم، والأمثال، والأخبار والمسابقات، وأوقات الاختبار وغير ذلك.

ويشترك في إعداد هذه المجلة الطلاب بإشراف المدرس، وينتقي بعض الطلبة الذين يجيدون الخط، ليكتب حكمة اليوم أو الأسبوع: آية من القرآن، أو حديثًا نبويًا، أو بيتًا من الشعر يحتوي على خلق عظيم، أو فائدة تربوية كقول الشاعر: والأُم مدرسة إذا أعدَدتها ... أعددتَ شَعبًا طيبَ الأعراق وقول الشاعر: اللهَ أسأل أن يُفرِّج كَربَنا ... فالكربُ لا يمحوه إِلا الله 4 - المسابقات الدينية والترفيهية: المسابقات لها دور كبير في نشاط أذهان الطلاب، وذلك حينما يوجه المدرس أسئلة للطلاب في مواضيع متنوعة، ويحاول كل طالب أن يجيب عليها. ويحسن بالمعلم أن يقدم المكافآت المعنوية والمادية للمتسابقين لتشجيعهم. 5 - الرحلات المدرسية والزيارات: على المدرسة أن تنظم زيارات للطلاب يزورون فيها المساجد، والمزارع، والمقابر والمصانع والمدارس المجاورة ليتم التعارف بين المدرسين والطلاب. وتقوم المدرسة برحلات للقرى المجاورة، أو الذهاب إلى مكان فيه فهر أو بحر ليتعلم الطلاب السباحة، وهي مهمة جدًا. 6 - زيارة الآباء والأمهات: على المدرسة أن تدعو الآباء والأمهات لزيارة المدرسة للتعاون على تربية الأولاد، كذلك تدعو الأمهات لزيارة مدرسة البنات للتعرف على حل المشاكل التي قد تحدث. ومن المهم جدًا أن يتحد موقف الآباء والأمهات والمدرسين والمدرسات نحو الطلاب والطالبات، فلا يكون تعارضًا في موقف البيت والمدرسة، وكل هذا يؤثر في حياة الأولاد وسلوكهم، فعلى الآباء والأمهات إذا رأوا تصرفًا من المدرس أو المدرسة لم يعجبهم، فلا يظهروا ذلك أمام أولادهم، ولهم أن يراجعوا المدرسة بدون حضور أولادهم، حتى يبقى للمدرسين والمدرسات احترام في نظر الطلاب والطالبات.

المسابقات في المدرسة

المسابقات في المدرسة يحسن بالمدرسين والمدرسات إيجاد مسابقات علمية للطلاب والطالبات فإن المسابقات تزيد في قدرتهم على التفكير والحفظ، فتتفتق أذهانهم بالمعلومات ويشعرون بالسرور والفرح. وللمسابقات أنواع كثيرة، فعلى المدرس أن يقدم الأهم على المهم: 1 - حفظ القرآن الكريم: يستطيع المعلم والمعلمة أن يُكلِّفوا الطلاب والطالبات بحفظ سورة من القرآن، أو جزء منه، ثم تجرى مسابقة بين كل طالبين أو أكثر، وتعطى العلامة الجيدة أو الجائزة للفائز من المتسابقين، ويمكن توسيع المسابقة بين فصلين أو مدرستين، أو بين بلاد متنوعة كما تفعل المملكة العربية السعودية في وسائل الإِعلام: (أ) برنامج إذاعي عنوانه (ناشيء في رحاب القرآن) يُعرض في التلفاز طفل يحفظ شيئًا من كتاب الله، وهذا يشجع الأطفال على حفظ القرآن بالإِضافة إلى المكافآت التي تُقدم لهم. (ب) مسابقة عالمية تقوم بها وزارة الحج والأوقاف لحفظ كتاب الله وتفسيره وتجويده سنويًا، وتشجيعهم بالمكافآت المادية والمعنوية، وبيان الأجر العظيم الذي ينالونه من حفظ القرآن. (ج) برنامج باسم (أبناء الإِسلام) وهو برنامج إسلامي ناجح تقوم به رابطة العالم الإِسلامي. 2 - حفظ الحديث الشريف: على المعلم والمعلمة إجراء مسابقات في حفظ الأحاديث النبوية، لأنها مهمة جدًا فهي المصدر الثاني في التشريع بعد القرآن الكريم وتفيد الطلاب في الدين والدنيا. 3 - اللغة العربية: على المربي والمربية أن يتكلموا مع طلابهم باللغة العربية ويشجعوهم على ذلك ويجُروا لهم مسابقات في التحدث باللغة العربية مع زملائهم ومعلميهم، وتشجيع الفائز الذي يجيد الكلام بالعربي، ولا يتكلم بالعامي، كما يفعل العوام.

4 - حفظ الشعر: علينا أن نشجع الطلاب والطالبات على حفظ أبيات من الشعر ذات المعاني الجميلة التي تدعو إلى التوحيد والجهاد، فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحفر الخندق مع صحابته، ويتمثل بقول ابن رواحة: والله لولا الله ما اهتَدَينا ... ولا تصَدَّقنا ولا صَلينا فأنزلَن سَكينة علينا ... وثبِّت الأقدام إن لا قينا والمشركون قد بغَوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا (يرفع بها صوته أبينا أبينا). "متفق عليه"

كيف ندرس القرآن الكريم

كيف ندرس القرآن الكريم 1 - يكتب المدرس السورة أو الآيات المراد حفظها على السبورة أو على ورقة يعلقها على الجدار بخط واضح مع التشكيل أو في المصحف. 2 - يقرأ المدرس النص القرآني بصوت واضح مع الترتيل وتحسين الصوت، ويقطع القراءة، لحديث أم سلمة لما سئلت عن قراءة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: كان - صلى الله عليه وسلم - يُقطِّعُ قراءته آية آية: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. "صحيح رواه الترمذي" 3 - لا بأس أن يردد الطلاب مع المدرس الآية إذا كانوا صغارًا ليتعودوا النطق الصحيح، وإن كانوا كبارًا فلا يحتاجون لذلك. 4 - يعطى الطلاب مهلة لحفظ النص وقراءته سرًا لئلا يشوش الطلاب بعضهم على بعض لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن ذلك فقال: (لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن). "رواه البخاري" 5 - لا يجوز السرعة في قراءة القرآن لقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: (لا تنثروه نثرَ الرمل، ولا تَهذوه هَذَّ الشِعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هَمُّ أحدِكم آخِرَ السورة). "رواه البغوى" [الهذ: الإِسراع في القراءة]. 6 - ألا يسمح المدرس للطلاب بقول: (صدق الله العظيم) لعدم وجود دليل شرعي عليها، ولأن القرآن عبادة لا يجوز إدخال شيء زائد عليها، ولئلا يظنها الطلاب أنها من القرآن.

الرياضة البدنية

الرياضة البدنية تهتم المدارس بالرياضة البدنية اهتمامًا كبيرًا، وتخصص للرياضة مدرسًا ومعلمًا خاصًا، وعلى المدرب الرياضي أن يبين لطلابه، وكذلك المدربة الرياضية أن تبين للطالبات أن الإِسلام كما يهتم بالتربية الدينية، فيهتم أيضًا بالتربية البدنية ليجعل المسلم قويًا في دينه وبدنه عملاً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خير، احرِص على ما ينفعك واستعِن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت ... كان كذا وكذا، ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان). "رواه مسلم" ولأن المؤمن القوي في جسمه أقوى وأنشط على أداء العبادات البدنية كالصلاة والصيام والحج والجهاد وغيرها، لذلك يحسن بالمدرب الرياضي الناجح أن يبين للطلاب فوائد العبادات البدنية وربطها بتقوية الجسم: 1 - الصلاة: هي عبادة، ولكنها لا تخلو من فوائد للبدن، فالقيام والركوع والسجود رياضة مقوية للجسم. 2 - الصِّيام: عبادة قد أثبت الأطباء فوائد له، فهو يقوي المعدة وجهاز الهضم وينشط الكبد وغيرها من الفوائد العظيمة. 3 - الحج: عبادة، وفيه أنواع الرياضة المفيدة: (أ) الغسل قبل الإِحرام بالحج: وفيه نشاط للدورة الدموية، ونظافة للجسم تشمل نظافة الجلد والشعر، كما أنه أوجب الغسل للجنابة ويوم الجمعة، وأوجب الوضوء للصلاة، وكلها أعمال رياضية مفيدة للجسم. (ب) الطواف: عبادة وفيه السير والرَّمَل: وهو الإِسراع بخطى قصيرة، وقد أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليرى المشركون قوة المسلمين.

(ج) السعي: عبادة وفيه السير مسافة طويلة، مع الهرولة بين الميلين، والصعود إلى جبل الصفا والمروة، وفيه رياضة. (د) الإنتقال من المشاعر من منى إلى عرفات، والرجوع إلى مزدلفة، والمبيت في منى لرمي الجمرات في عدة أيام. (هـ) رمي الجمار: عبادة، وفيه فوائد عظيمة للجسم، وفوائد عسكرية لتعليم الرمي، فإن الله تعالى أمر بالمؤمنين به فقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] وقد فسر الرسول - صلى الله عليه وسلم - القوة بالرمي فقال: (ألا إن القُوَّة الرمي، ألا إن القُوَّة الرمي). "رواه مسلم" وقد حثَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تعلم الرمي فقال: (مَن تعلم الرميَ ثم نسيَه فليس منا أو قد عصى). "رواه مسلم" ولا يزال الرمي إلى يومنا هذا له مكانته، فالطيارة والصاروخ والمدافع تحتاج إلى معرفة الرمي. 4 - الخيل: كانت في زمن الإِسلام من لوازم الجهاد، وما زالت بعض الدول تجري سباقًا بالخيل، وتشجع على الفروسية لما لها من فوائد رياضية للجسم، حتى بعض الدول الأجنبية تعتني بالفروسية. 5 - السباق: هذا نوع جميل من الرياضة يفيد الجسم، وقد سابق الرسول - صلى الله عليه وسلم - عائشة، فسبقته ثم سبقها. الخلاصة: على المدرس الناجح ولا سيما المختص بالرياضة أن يبين للطلاب أنواع الرياضة التي جاء بها الإِسلام وألا يضيعوا أكثر الأوقات في لعب الكرة، ولا سيما إذا سببت إضاعة الصلاة، وأورثت العداوة والشحناء، وقد رأيت في مستشفى النور بمكة شابًا مصابًا في ساقه بمرض عضال، ولما سألته عن السبب أجاب أن أحد اللاعبين حينما رآه انتصر عليه رمى بنفسه على ساقه فكسرت وحُمل إلى المستشفى، وتعذر برؤها.

الطرق التربوية الناجحة

الطرق التربوية الناجحة على المعلم والمعلمة أن يسلكوا طرق التربية الناجحة التىِ جاء بها القرآن الكريم وجاءت بها السنة المطهرة لتربية جيل مسلم مهذب شجاع يدافع عن دينه وأمته: 1 - الخوف والرجاء. على المدرسين والمدرسات أن يغرسوا فِى نفوس طلابهم الخوف من الله تعالى، لأنه شديد العقاب على العاصين لأمره، التاركين لفرائضه، فقد توعد العصاة بالنار المحرقة يوم القيامة، وهي أشد حرارة من نار الدنيا بكثير، وبالمقابل فإن الله تعالى وعد المؤمنين والطائعين المؤدين حقوق الله بالجنة الواسعة التي فيها الانهار والأشجار والثمار والحور العين وغيرها من أنواع النعيم المقيم، والدليل على طريقة الجمع بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة آيات وأحاديث: (أ) - قال الله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر: 49، 50] وقوله تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الأعراف: 56] ففي هذه الآية يأمر الله تعالى عباده أن يدعو، والدعاء من العبادة خوفًا من ناره، وطمعًا في جنته، ليكون المسلم بين الخوف والرجاء، فيستقيم سلوك الطالب ويصلح حاله. (ب) - وفي الحديث: (اللهم إني أسأَلُكَ الجنة، وأعوذ بك من النار). "صحيح رواه أبو داود" وهذه الآيات، وهذا الحديث رد على الصوفية القائلين بأنهم يعبدون الله لا طمعًا في جنته ولا خوفًا من ناره، وكأنهم لم يسمعوا القرآن والحديث الذي تقدم ذكرهما. 2 - القِصَّة الهادفة: القصة لها تأثير على النفس، فعلى المربين والمربيات أن يكثروا من القصص النافعة، وهي كثيرة في القرآن الكريم، وفي السنة المطهرة: (أ) قصة أصحاب الكهف: تهدف إلى إنشاء جيل مؤمن بالله، يحب التوحيد، ويكره الشرك.

(ب) - قصة عيسى عليه السلام: وتهدف إلى اعترافه بأنه عبد الله، وليس هو ابن الله كما زعمت النصاري. (ج) - قصة يوسف عليه السلام: ومن أهدافها التحذير من اختلاط الرجال والنساء لما له من عواقب وخيمة. (د) - قصة يونس عليه السلام: وتهدف إلى الإستعانة بالله وحده، ولا سيما حين نزول المصائب. (هـ) - قصة أصحاب الغار: قصها الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه ليعلمهم التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة كرضاء الوالدين، وأداء الحقوق لأصحابها، وترك الزنى خوفًا من الله. والسنة مليئة بالقصص النافعة. الخلاصة: على المربين جميعًا أن يكثروا من القِصَصِ النافعة لطلابهم، فهي خير عون لهم على تربية الأجيال، وليحذروا القِصص السيئة التي تشجع على اقتراف السرقات والفواحش والإنحراف في السلوك. أقول: صدرت لي كتب مفيدة للشباب عنوانها: 1 - من بدائع القصص النبوي الصحيح. 2 - معجزة الإِسراء والمعراج نشر دار المنار في الخرج. 3 - قطوف من الشمائل المحمدية والأخلاق النبوية والآداب الإِسلامية (مطبوع سابقًا) وغيرها من الكتب المفيدة. 4 - الصوفية في ميزان الكتاب والسنة. 5 - معلومات مهمة من الدين لا يعلمها كثير من المسلمين. 6 - أركان الإِسلام والإِيمان. 7 - العقيدة الإِسلامية من الكتاب والسنة الصحيحة. 8 - دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين المعارضين والمؤيدين. 9 - شهادة الإِسلام لا إله إِلا الله. 10 - تحفة الأبرار في الأدعية والآداب الأذكار. 11 - التحذير الجديد من مختصرات الصابوني في التفسير. 12 - فضائل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام.

المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد

المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد إن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجال، وعلى المدرس والأب أن يشجعا الطلاب والأولاد على الصلاة في المسجد ليعتادوها عند الكبر، ويسهل عليهم الذهاب إلى المسجد ومن هذا التشجيع المجرب المفيد أن يرسم الجدول الآتي على السبورة ليكتبه الطلاب في دفاترهم. ويذهبون إلى صلاة الجماعة في المسجد، ويكتب الإِمام أو المؤذن اسمه ويوقع (¬1)، ثم يأتي الطالب بالجدول يوميًا إلى المدرس ليوقع عليه في المكان المخصص له ليضع العلامة الجيدة للطالب المثالي في السلوك والتربية الإِسلامية ويقدم له الهدايا والجوائز. اسم الطالب ................................................. اسم المسجد الذي يصلي فيه ................................ ثم يضع جدولاً به أيام الإسبوع والصلوات الخمس ثم أمام كل صلاة الإمام الذي يؤمهم ثم أخيراً توقيع الدرس أمام كل يوم. الأيام ... الصبح ... الظهر ... العصر ... المغرب ... العشاء ... توقيع المدرس السبت ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الأحد ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الأثنين ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الثلاثاء ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الأربعاء ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الخميس ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الجمعة ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... الإمام ... ¬

_ (¬1) الطالبة تصلي في البيت، ويوقع وليها بدلاً من الإمام وتقدمها لمدرستها.

التحذير من الأمور الضارة

التحذير من الأمور الضارة 1 - العادات السيئة: على المعلم الناجح في التربية والتعليم أن يصرف طلابه عن العادات السيئة كالكتابة باليسار، والإنحناء وقت الكتابة، وإلقاء الأوراق على الأرض، وقلع الورق من الدفاتر وتلويثها بالحبر، والكتابة بخط رديء، والكلام البذيء، والسَّب واللعن ... وغير ذلك من العادات السيئة، وأخطر عادة هي عادة التدخين التي تفشت بين الطلاب بشكل ينذر بالخطر، وعلى المربين والمعلمين أن يحذروا طلابهم بشتى الأساليب والطرق، ويجدر بالمعلم أن يشرح لهم أضرار التدخين حتى يُكرِّهم فيه، فيبين لهم أن الدخان يجلب الرائحة الكريهة، ويسبب اصفرار أسنان المدخن، وأصابعه، وتراكم مادتي النيكوتين والقطران التي يحتوي عليهما في الرئتين حيث يسبب ذلك الموت العاجل، وأن هذا قتل للنفس التي حرم الله، ولا بأس أن ينقل لطلابه ما أذاعته لجنة الأطباء العالمية من أن الدخان يورث سرطان الرئة والدم والبلعوم وغيرها من الأمراض الخطيرة. وأما من ابتلي من المعلمين بهذا السم وتعاطيه فعليه أن لا يدخن أمام تلامذته ولا أمام الناس عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل أُمتي معافى إِلا المجاهرين). "متفق عليه" والواجب أن ينقطع عن التدخين مطلقًا. وللمعلم أن يبين لطلبته كذلك أن المدخن يؤذي جليسه من البشر، وكذلك يؤذي الملَكين الذين وكلهما الله تعالى بكتابة حسناته وسيئاته، والأذى في ديننا حرام. فإذا استطاع المعلم أن يقنع طلبته بكلامه ثم رأوا أفعاله مطابقة لكلامه، فيعلم أنه سلك الطريق السليم والصراط القويم. 2 - السينما والتلفزيون: لقد نتج عن غزو الكفار لديار المسلمين أن تهدمت أخلاق المجتمعات الإسلامية وعمها الإنحلال الأخلاقي باسم الحرية والديمقراطية وغير ذلك من الأسماء الطنانة التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ولقد صاحب استعمار الكفار لديار المسلمين

هذا الغزو الفكري الذي نراه في كثير من البلاد العربية والإِسلامية، ومن هذا الغزو دور السينما التي تمثل خطرًا عظيمًا على الشباب المسلم. أما خطورته فكونه سببًا لشيوع الرذيلة وغيرها، وأما الهدف فهو توجيه الشباب إلى ما يضره ولا يفيده، حتى لا يستفيد من طاقاته ولا يوظفها لمصلحة دينه وبلده، وهذا هو تخطيط اليهودية العالمية، ومن العجب أن لا يتنبه المسئولون لهذه الأخطار ولا يعملون على إزالتها، وعندما تكون الأفلام علمية، أو أخلاقية، أو دينية، فلا بأس بها، كافلام تعلم الطلاب الوضوء والصلاة، واحترام المعلم، وطاعة الوالدين وغيرها مما ينفع الطلاب. فعلى المعلم الناجح أن يفهم طلابه مضار السينما والتلفاز والفيديو، ويبين لهم خطر الأفلام الخليعة التي تقتل الفضيلة والرجولة في نفوس الطلاب وتعلمهم السّرقة والاجرام، وكم من سارق أو مجرم اعترف بأنه تعلم أسلوب الإِجرام مما يعرض في السينما أو الفيديو من الأفلام، والقصص الواقعية تشهد على ذلك، أضف إلى ذلك ما تسبب من تعب للعيون لأنها تحدق في الظلام، وتسبب كذلك الاختناق بسبب الهواء الفاسد، وخسارة المال في غير ما طائل. فعلى المعلم أن يشرح هذه الأمور للطلبة، ويبين لهم أن الطالب لو اشترى كتابًا علميًا أو قصة مفيدة لكان أفضل بكثير، وقد حفظ الله البلاد السعودية من السينما وما يجري فيها من الإختلاط. 3 - الميسِر واليانصيب: على المعلم الناجح في التربية والتعليم أن يراقب طلابه دائمًا ويلفت نظرهم إلى أن اللعب على الشوكلاته والحلوى وغيرها هو من القمار الذي يجعل صاحبه مُعرضًا لغضب الرب وإفلاس الجيب، وُينبههم إلى أن الذي يتعود على اللعب على هذه الأمور البسيطة سَيُجَر بعدها إلى أن يلعب بالمال، وربما بالعرض، وقد حدث ذلك حينما خسر أحدهم ماله ولم يبق معه شيء، فباع بنته، ثم خسر فباع لترًا من دمه فخسر، ووُجِد بعد ذلك ميتًا في أحد فنادق بيروت. ولو كان في الميسِر خير لما نهانا الله عنه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي

الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90، 91] وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن لَعِبَ بالنردَشير فكأنما غمسَ يدَه في لحَم خنزيرٍ ودمه). "رواه مسلم" ومن هذا نخلص إلى أنه لا يجوز اللعب بالورق والنرد ولو كان للتسلية، لأنه يؤدِّي إلى القمار كما يورث الشجار بين اللاعبين، وحدث أنه حصل خلاف بين صديقين يلعبان بالنرد للتسلية فتصايحا، واتهم واحد صديقه بتحريك القطعة الخشبية، وحلف أحدهما بالطلاق على عدم تحريكها فلم يُصدقه ودخلت العداوة بينهما فلم يكلم أحدهما الآخر وهما جيران. 4 - السب والتشاجر: لقد تفشى منذ عهد غير بعيد ظاهرة سيئة للغاية هي تشاجر الطلبة وسب بعضهم بعضًا، وربما بلغ ببعضهم أن يسب الدين، فعلى الأولياء العناية بأولادهم والأخذ على أيديهم وعدم التسامح في هذا أبدًا، فما عرف سلفنا هذه العادة السيئة أبدًا، وينبغي أن يتعاون المعلم مع ولي أمر الطالب حتى تُقتلع هذه العادة من جذورها وتعالج بالحكمة والموعظة الحسنة، ولقد حصل منذ زمن أن رأيت طالبًا يسب زميله بدينه فاقتربت منه وقلت له: ما اسمك يا بني؟ وفي أي صف؟ ومن أي مدرسة؟ ثم قلت له: مَن الذي خلقك؟ قال: الله، وقلت: مَن أعطاك السمع والبصر، وأطعمك الفواكه والخضر؟ قال: الله، قلت فما هو واجبك نحو من أعطاك هذه النِعم؟ قال: الشكر، قلت له: وماذا كنت تقول قبل قليل؟ فخجل، وقال إن زميلي هو الذي اعتدى عَلَيَّ، فقلت: إن الله لا يقبل الإعتداء وقد نَهَى عنه فقال سبحانه: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190] ولكن مَن الذي وسوس لرفيقك حتى ضربك؟ فقال: الشيطان، قلت: إذن عليك أن تسب شيطانه (¬1) فقال لرفيقه: يلعن شيطانك، ثم قلت له: عليك أن تتوب إلى ¬

_ (¬1) الأولى للمسلم أن يستعيذ بالله فيقول عند الغصب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لقوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36] وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - للغضبان: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" "متفق عليه"

الله وتستغفره، لأن سبك للدين كفر فقال: استغفر الله العظيم وأشهد أن لا إله إِلا الله وأن محمدًا رسول الله، فشكرته وطلبت منه أن لا يعود، وأن ينصح زملاءه إذا رأى أحدهم سب الدين. أما الشجار والمشاجرة فعلى المعلم أن يُفهم الطلاب أنهم إخوة ولا يجوز للأخ أن يُقاتل أو يسب أخاه وقد نهانا المربي الأكبر سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: (سِباب المؤمن فسوق وقتاله كفر) "متفق عليه" فينبغي أن يسود بين الطلبة جو الإِخاء والمحبة، وعلى المعلم أن يرشدهم إلى ما يزيد مِن أخوتهم ومحبتهم قال - صلى الله عليه وسلم -: (أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) "رواه مسلم"

المكافآت والعقوبات

المكافآت والعقوبات المعلم الناجح لا يلجا إلى العقوبات المادية إِلا قليلًا، وبقدر ما تقتضيه الضرورة، فهو دائمًا يقدم المكافآت على العقوبات، لأنها تشجع الطالب على التعلم، وطلب المزيد من التريية والتعليم، بعكس العقوبات فإنها تترك أثرًا سيئًا في نفس الطالب، مما يحول بينه وبين الفهم والعلّم ويقتل في نفسه روح المثابرة والتقدم، وكثيرًا من الطلاب يتركون المدرسة من أجل ما يرونه من بعض المعلمين من أنواع القسوة والظلم، ولقد اعتاد الطلاب أن ينعتوا المعلم القاسي بالظالم. ولنبدأ بالمكافآت وأنواعها قبل العقوبات لأنها الأصل، هي المقدمة دائمًا: 1 - الثناء الجميل: على المعلم الناجح أن يثني على الطالب إذا رأى منه أي بادرة حسنة في سلوكه، أو في اجتهاده، فيقول للطالب الذي أحسن الجواب: أحسنت، بارك الله فيك أو نعم الطالب فلان، فمثل هذه الكلمات اللطيفة تشجع الطالب وتقوي روحه المعنوية، وتترك في نفسه أحسن الأثر، مما يجعله يحب معلمه ومدرسته، ويتفتح ذهنه للتدريس، ويكون في نفس الوقت مشجعًا لرفاقه أن يقتدوا به في أدبه وسلوكه واجتهاده لينالوا الثناء والتشجيع من معلمهم فذلك خير لهم من العقوبات المادية التي يتعرضون لها. 2 - المكافآت المادية: إن الولد بطبيعته يحب المكافاة المادية، ويحرص على اقتنائها، ولذلك فعلى المعلم أن يستجيب لهذه المحبة، ويقدمها للطالب في المناسبات. فالتلميذ المجتهد أو الخلوق أو الذي يقوم بواجبه نحو ربه من صلاة وغيرها من الأعمال الخيرية والمدرسية، ثم يأخذ مكافأة مادية من معلمه سوف يجد نفسه مسرورًا أمام رفاقه قد أشبع في نفسه غريزة حب التملك، ويستحسن للمعلم أن يضع للطالب علامة جيدة في سلوكه والمادة التي أجاد فيها.

3 - الدعاء: على المعلم أن يشجع الطالب المجتهد أو الأديب أو المصلي بالدعاء له قائلًا: وفقك الله أرجو لك مستقبلًا باهرًا، وللطالب المقصر أو المسيء: أصلحك الله وهداك. 4 - لوحة الشرف: من المفيد جدًا أن تكون في المدرسة لوحة شرف كبيرة توضع في مكان بارز ويسجل عليها أسماء الطلبة حسب تميزهم على غيرهم في السلوك، أو الإجتهاد، أو النظافة، وغير ذلك، فيكون هذا الإِعلان تشجيعًا للطلاب على الاقتداء بهم، حتى تسجل أسماؤهم على اللوحة. 5 - الإستحسان: عند صعود أحد الطلاب الصف لشرح درس أو إلقاء محفوظة، أو حل مسألة، أو تسميعٍ سورة من القرآن، فعلى المعلم أن يربت على كتف الطالب إذا أحسن تشجيعًا له قائلا بارك الله فيك. 6 - الإِعداد: أن يَعدَّ المعلم نفسه واحدًا من طلابه المجيدين، وأن ينتسب إليهم وهذه مكافأة عظيمة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار). "متفق عليه" 7 - التوصية: وذلك بأن يوصي المعلم الطلاب والمعلمين بالطالب الجيد خيرًا تشجيعًا له، ولرفاقه الذين سيقتدون به في اجتهاده وأخلاقه. 8 - المصاحبة: يستطيع المعلم أن يصحب ويرافق الطلاب الذين يريد مكافأتهم في ذهابه معهم إلى المسجد، أو إلى الرحلات المدرسية، فالطلاب يعتزون بمرافقتهم لمعلمهم ويفرحون بذلك. 9 - توصية أهل الطالب: يستطيع المعلم أن يكتب رسالة ويرسلها مع الطالب يذكر فيها محاسن الطالب ويثني عليه، وفي ذلك تشجيع لأسرة الطالب ليعاملوا ولدهم بالتي هي أحسن، وهذا

يشجع الطالب على التقدم والسلوك الحسن، وعلى المعلم أن يسأل عن أخلاق الطلاب وسلوكهم في البيت، ومحافظتهم على الصلاة في المسجد، ويكلف الطلاب أن يأتوا بأوراق من أولياء أمورهم وإمام مسجده، يثبتون فيها حسن سيرتهم وأدائهم للصلوات مع الجماعة. 10 - مساعدة الفقراء: على المعلم أن يقوم بانتقاء عدد من الطلاب لجمع التبرعات للفقراء، وأن يساهم معهم في ذلك بشيء من المال ليقتدي الطلاب به، ويتم توزيع المال بإشراف المعلم والطلاب على إخوانهم المحتاجين إلى الكساء أو الطعام، أو الكتب، أو الأدوات المدرسية، وعلى المعلم أن يشكر الطلاب المتبرعين أمام رفاقهم تشجيعًا لهم ولبقية الطلبة لكي يتبرعوا وينالوا الأجر العظيم عند الله، وأن الله سيخلف عليهم المال الذي أنفقوه، ويذكر المعلم للطلاب قول الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39] ويمكن للمعلم أو المدير أن يُقدِّم من هذا الصندوق بعض المال، لشراء بعض الهدايا لإِعطائها للطالب المجتهد، أو المطيع لأوامر المعلم والوالدين، أو النظيف في ملبسه، أو سلوكه الحسن.

العقوبات وأضرارها

العقوبات وأضرارها على المعلم الناجح أن يجتنب العقوبات المادية، وذلك لأنها خطر على الطالب وعلى المعلم كذلك، وإضاعة لوقته، حيث أن الطالب قد يتضرر من ضرب المعلم له، مما يسبب الوحشة بينه وبين معلمه، وقد يتطور الحال إلى تعرض المعلم للمسئولية أمام المفتش والمحاكم الجزائية، وولي الطالب المضروب، مما يسيء إلى سمعته ومكانته ودوره في خدمة أمته، ويندم المعلم عندئذ حين لا ينفعه الندم، فيضطر إلى وضع الوسطاء لحل مشكلته، وقد لا تحل إِلا بالمحاكم الجزائية، فينال جزاء ما اقترفت يداه، وكل هذا سببه استعمال العقوبات المادية، ولذلك فقد قرر المسئولون منع هذه العقوبات، فوجب الإنتهاء عنها وتحاشي الوصول لاستخدامها، إِلا في حالة الضّرورة القصوى كتأديب بعض الطلاب المنحرفين الذين لا ينفع معهم غير ذلك، أو لحفظ هيبة الدرس ونظامه بعد أن يكون المعلم قد قدم النصائح والتوجيهات لهؤلاء الطلاب فلم يرتدعوا، لذلك كما يقول المثل العربي: "آخر الدواء الكي". أضرار العقوبات المادية 1 - عرقلة سير الدرس وتأخيره على الطلاب جميعًا. 2 - إنفعال المعلم والطالب أثناء العقوبات وتأثير ذلك عليهما معًا. 3 - احتمال وقوع الضرر للطالب المضروب في وجهه أو عينه أو أذنه أو غير ذلك من الجوارح والأعضاء. 4 - قطع فهم الدرس على الطالب المعاقب. 5 - قطع سلسلة أفكار المعلم حين العقوبة. 6 - تعرض المعلم للمسئولية أمام المحاكم والأهالي والمفتش. 7 - ضياع الوقت على الطلاب وتأثرهم بما يجري في الدرس. 8 - فقد التبجيل والإحترام المتبادل بين الطالب ومعلمه.

العقوبات الممنوعة

العقوبات الممنوعة إذا احتاج المعلم إلى العقوبات أحيانًا فعليه أن يجتنب ما يلي: 1 - الضرب على الوجه: وذلك شائع بين المعلمين، حيث يضربون الطالب على وجهه، وربما أصاب أحدهم عينه أو أذنه، وتعرض للمسئولية والمحاكمة ودفع الغرامة، وكان سببًا في تعطيل أحد حواسه، ولذلك فقد نَهَى الرسول عليه الصلاة والسلام عن ضرب الوجه فقال: (إذا ضرب أحدكم خادمه فليتق الوجه). "حديث حسن: انظر صحيح الجامع 187" 2 - القسوة الشديدة: المعلم القاسي في ضربه يطلق عليه الطلاب اسمًا قاسيًا ويقولون عنه: "فلان معلم ظالم"، وكفى بهذا الاسم شرًا، فليس بعد الظلم والقسوة إِلا الندم، فكم رأينا بعض الأساتذة يعتذرون لأولياء الطلاب والمسئولين بعد إنزال العقوبة القاسية على طلابهم. فالله الله معاشر المعلمين في فلذات الأكباد، ارفقوا بهم فإن الرفق كله خير. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن يُحرَم الرفق يُحرَم الخيرَ كله). "رواه مسلم" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما كان الرفق في شيء إِلا زانه، ولا نُزع مِن شيء إِلا شانه) "رواه مسلم" 3 - الكلام السيء: على المعلم أن يجتنب ما يسيء إلى الطالب من ألفاظ نابية قد تسبب له نفورًا وانحرافًا، وربما كانت سببًا في انحرافه وميله للإِجرام في المستقبل، فالمعلم الذي يقول للطالب: خبيث، ملعون، مجرم ... وغيرها من الكلمات القاسية التي تجرح شعور الطالب، وتحلمها بدوره ليقولها لرفيقه في المدرسة أو لأخيه في البيت، وتكون المسئولية على ذلك المربي الذي سن لطلابه أن يتعلموا مثل هذا الكلام الذي لا يليق بمعلم أن يتفوه به، وفي الحديث الصحيح: (... ومَن سَنَّ في الإِسلام سُنة سَيئة فعليه وِزرُها وَوِزرُ مَن عمل بها مِن بعده مِن غير أن ينقص مِن أوزارهم شيء). "رواه مسلم وغيره"

4 - الضرب عند الغضب: قال أبو مسعود: كنت أضرب غلامًا لي بالسوط، فسمعت صوتًا مِن خلفي: (اعلم أبا مسعود) فلم أفهم الصوت مِن الغضب، قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو يقول (اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود) قال: فألقيت السوط مِن يدي. فقال: (اعلم أبا مسعود أن الله أقدَر عليك منك على هذا الغلام، فقلت لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا). "رواه مسلم" 5 - الرفس بالرجل: وقد رأيت بعض المعلمين يرفسون بأرجلهم ونعالهم، وربما أصاب ذلك الرفس محلًا خطيرًا أودى بحياة الطالب، وتقع المسئولية، ويندم حيث لا ينفع الندم، مع العلم أن الرفس ليس من شيمة الإنسان. 6 - الغضب الشديد: على المعلم الناجح في درسه أن يملك أعصابه، ويدرك مزايا الطفولة ليعذر الأطفال في تصرفاتهم، وليتذكر عمله حين كان طالبًا في المدرسة، فربما كان أشد سُوءً في تصرفاته، فإذا تذكر المعلم خفَّ غضبه، وملك نفسه وكان شجاعًا حقًا: فقد قال المربي الكبير محمد - صلى الله عليه وسلم -: (ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يَملك نفسَه عندَ الغضب). "متفق عليه" وليحذر المربي سواء كان معلمًا أو أبًا أن يعاقب عند الغضب، لئلا يؤذي مَن يعاقبه، تكون العاقبة السيئة، وعلى المعلم أن يسجل أسماء المخالفين ليعاقبهم آخر الدرس، وإني أعرف معلمًا لحق بولده ليعاقبه في حالة الغضب فخاف الولد وهرب، وقد عثر في هروبه فصُدعت رجله، وحُمل إلى المجبر ليداويه، وندم الأب على عمله. وقام بعض المدرسين بمعاقبة أحد طلابه في حالة غضبه، فجعل يسب ويشتم ويكفر والطلاب ينظرون إليه باحتقار، وإذا تكرر غضب المربي أمام طلابه، وعلا صياحه، وكثر هياجه، أثر في نفوس طلابه وغُرِست فيهم تلك العادة السيئة واقتدوا بمعَلمِهم في سلوكهم وأعمالهم، فأصبحوا يغضبون، ويشتمون وو ..

علاج الغضب

علاج الغضب: إذا اعترى المربي الغضب فليسارع إلى الدواء الشَّافي الذي وصفه له الطبيب الخبير محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: (أ) (إذا غضب أحدكم فقال: أعوذ بالله، سكن غضبه). "صحيح: انظر صحيح الجامع 1708" (ب) (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع). "صحيح: انظر صحيح الجامع 707" ومعلوم أن الغضب من الشيطان، وعلى الإنسان أن يستعيذ بالله منه لينصرف عنه وفي تغيير وضع الغضبان من القيام إلى الجلوس فائدة عظيمة لصرف غضبه، ولا سيما الوضوء ففيه الأدوية المفيدة. العقوبات التربوية المفيدة هناك عقوبات تربوية ناجحة يجدر بالمعلم استعمالها نحو المخالفين لأداب الدرس ومكانة الأستاذ، وهي عقوبات تربوية مأمونة العواقب، مضمونة النجاح بمشيئة الله وهي على أنواع: 1 - النصح والإِرشاد: وهي طريقة أساسية في التربية والتعليم لا يستغني عنها، وقد سلكها المربي الكبير مع الأطفال والكبار: (1) أما مع الأطفال، فقد رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - غلامًا تطيش يده في الطعام فقال له يعلمه الأكل: (يا غلام سَمِّ الله تعالى وكُلْ بيمينك وكُلْ مما يليك). "متفق عليه" ولا يقولن أحد إن هذه الطريقة قليلة التأثير مع الصغار، فقد جربتها بنفسي عدة مرات فكان لها أطيب الأثر، وقد تقدم في موضوع التحذير من الأمور الضارة قصة الولد الذي كان يَسب الدين كيف نصحته وقبل النصح. وحدث مرة حينما كنت سائرًا في الشارع مع أحد المعلمين فرأينا طفلًا يبول في وسط الشارع فصاح به المعلم: ويلك ويلك .. لا تفعل، فَذُعِرَ الصبي وقطع بوله وهرب، فقلت لذلك المعلم: لقد أضعت علينا النصح لذلك الولد، فقال لي:

وهل يجوز أن أترك الولد يبول في الشارع أمام الناس، قلت له: لا، فقال المعلم: وماذا تريد أن تفعل غير ذلك؟! قلت له: أترك الطفل حتى ينتهي من بوله، ثم أدعوه إليَّ، وأتعرف عليه، ثم أقول له: يا بُنَي إن هذه الشوارع طريق للمارة، لا يجوز فيها البول، وقريبًا منك مكان (دورة مياه) فاحذر أن تعود لمثل هذا فأنت ولد مهذب، أرجو لك الهداية والتوفيق. فقال لي: هذه طريقة حكيمة ومفيدة، قلت له: هذه طريقة مربي الإِنسانية محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، وحدثته بقصة الأعرابي المشهورة التي تأتي الآن: (ب) أما النصح والإرشاد مع البالغين فأكبر مثال على تأثيرها قصة الأعرابي الآتية: (عن أنس -رضي الله عنه- قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد). أصحابه - صلى الله عليه وسلم -: (يصيحون به) مَهْ مَهْ (أي اترك). الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُزْرموه دعوه (لا تقطعوا بوله). (يترك الصحابة الأعرابي يقضي بوله ثم يدعو الرسول الأعرابي). الرسول (للأعرابي): (إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر إنما هي لِذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن). الرسول (لأصحابه): (إنما بُعِثتم مُيسِّرين، ولم تُبعثوا مُعَسِّرين صُبوا عليه دَلوًا مِن الماء) الأعرابي: اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لقد تحجَّرتَ واسعًا) (أي ضيقت واسعًا). "متفق عليه" 2 - التعبيس: يستطيع المعلم أن يعبس في وجه طلابه أحيانًا إذا رأى منهم فوضى ليحافظ على نظام الدرس وهيبته، فذلك خير من التساهل معهم أولا، حتى إذا ما اشتطوا عاقبهم. 3 - الزجر: كثيرًا ما يلجأ المربي إلى زجر أحد الطلاب الذين يكثرون الأسئلة لضياع الدرس، أو يستخفون بالمعلم، أو غير ذلك من الأخطاء التي يرتكبها الطالب، فإذا ما زجره وصاح به المعلم سكت وجلس بأدب، وهذه الطريقة استعملها الرسول المربي صلوات الله وسلامه عليه حين رأي رجلاً يسوق بدنَه: الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (اركبها).

الرجل: أنها بدنة. الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (اركبها). (يركب الرجل البدنة يساير النبي - صلى الله عليه وسلم - والنعل في عنقها). "رواه البخاري" 4 - الكف عن العمل: حينما يرى المعلم الطلاب يتكلمون في الدرس فيطلب منهم الكف عن الكلام بصوت قوي، فقد طلب الرسول عليه الصلاة والسلام من الشخص الذي تجشأ في حضرته وقال له: (كُفَّ عنا جُشاءك). "حسن انظر صحيح الجامع 4367" 5 - الإِعراض: بإمكان المربي أن يُعرض عن ولده أو تلميذه إذا رأى منه كذبًا أو إلحاحًا في أسئلة غير مناسبة، أو غيرها من الأعمال الخاطئة، فيشعر المتعلم بإعراض معلمه أو أبيه عنه، فيرجع عن خطئه. 6 - الهجر: على المربي أن يهجر ولده أو تلميذه إذا ترك الصلاة أو ذهب إلى السينما أو قام بعمل مناف لآداب الدرس، وأكثر الهجر ثلاثة أيام لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل لِمسلم أن يَهجرَ أخاه فوق ثلاثٍ لَيال) "متفق عليه" فإن في الهجر تأديبًا للابن وللطالب معًا، قال الشاعر: يا قلب صَبرًا على هَجرِ الأحِبة لا ... تجزَع لِذاك فبَعض الهجرِ تأديب 7 - التوبيخ: للمربي أن يوبخ ولده أو طالبه إذا اقترف ذنبًا كبيرًا، ولم يؤثر فيه النصح والإِرشاد. 8 - جلوس القرفصاء: إذا ضاق المعلم بأحد الطلاب ذرعًا لكسله، أو وقاحته أو غير ذلك فليخرجه من مكانه وليجلسه أمامه جلوس القرفصاء على قدميه، ويرفع يديه إلى الأعلى، وهذا ما يتعب التلميذ ويكون ذلك عقوبة له، وذلك أفضل بكثير من معاقبته باليد أو العصا. 9 - معاقبة الأب: إذا تكرر الخطأ من الطالب فليرسل المعلم إلى وليه، ويكلفه معاقبته بعد أن ينصحه، وبذلك يتم التعاون بين المدرسة والبيت على تربية الطالب.

10 - تعليق العصا: يستحب للمعلم والمربي والأب أن يعلق السوط الذي يضرب به على الجدار ليراه الأولاد فيخافوا من العقاب لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (عَلِّقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه أدب لهم). "حسنه الألباني في صحيح الجامع" قوله: (يراه أهل البيت) فيرتدعون عن ملابسة الرذائل، خوفًا لأن ينالهم منه نائل. قال ابن الأنباري: لم يُرِدْ به الضرب، لأنه لم يأمر بذلك أحدً، وإنما أراد لا ترفع أدبك عنهم. وقوله: (فإنه أدب لهم) أي هو باعث لهم على التأديب، والتخلق بالأخلاق الفاضلة، والمزايا الكاملة. "ذكره المناوي في فيض القدير ج 4/ 322 " 11 - الضرب الخفيف: يجوز للمربي والأب أن يضرب ضربًا خفيفًا، إذا لم تنفع الوسائل المتقدمة، ولا سيما لأداء الصلاة لمن كان عمره عشر سنين لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (عَلِّموا أولادكم الصَّلاة إذا بلغوا سبعًا، واضربوهم عليها إذا بَلغوا عَشرًا، وفرِّقوا بَينهم في المضاجِع). "صحيح رواه البزار وغيره" والتفريق في المضاجع بين الأولاد عند النوم أمرٌ مُهم، ولا سيما البنت والصبي، حتى يحفظ الأب أولاده من الإنحراف، ولا سيما ما يراه الأطفال من المسلسلات الجنسية والأفلام الخلاعية في السينما والتلفاز والفيديو، مما يزيد في انحرافهم، فلينتبه الأباء والأمهات، وإذا لم يتمكنوا فعليهم أن يباعدوا بينهم، ويضعوا لكل واحد غطاءً مستقلًا، وليراقبوهم.

أخطاء بعض المعلمين والموظفين

أخطاء بعض المعلمين والموظفين هناك أخطاء منتشرة بين كثير من الناس، ولا سيما بين المدرسين والموظفين والعمال وغيرهم ممن يقومون بمصالح الشعب، لذلك يجب تصحيح أوضاعهم وسلوكهم، لأنهم مسئولون عن أعمالهم أمام الله تعالى، فقد قال -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93] وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله سائلٌ كل راع عما استرعاه: أحفِظَ ذلك أم ضَيَّعه)؟ "حسن رواه النسائي" اِعلم يا أخي المسلم -هدانا الله وإياك- أن بعض الموظفين والمدرسين مقصرون يحتاجون إلى نصح: 1 - لا تتأخر عن الدوام المحدد، فتضر الناس، وتؤخر أعمالهم فالمعلم والموظف الذي لا يأتي إِلا متأخرًا يكون مهملًا لواجبه يأخذ راتبه حرامًا على قدر تأخره، ومن المؤسف أنه لا يوجد في الدوائر من يراقب دوام الموظف الذي يتأخر عن عمله، أو يذهب بعد دوامه ليقضي مصالحه، ويترك أعماله ومراجعيه؛ وإن وجد المراقب وهو الرئيس والمسئول، فلا يقوم بواجبه أحيانًا. 2 - لا تضيع أوقاتك في قراءة الجرائد والمجلات، واستقبال الأصدقاء، وغير ذلك مما يسبب تأخير العمل، ولا سيما إذا كان هناك مراجعون ينتظرون معاملاتهم، أو كان هناك طلاب ينتظرون مدرسهم، وكثيرًا ما يأتي الموظف زائر مِن أصدقائه، فيستقبله ويتحدث إليه ويقدم له الضيافة، ويترك أعماله، وحدث هذا في إحدى الدوائر حينما جاء ضيف لهذا الموظف، فأدخله الغرفة، وأغلق الباب لئلا يدخل عليه المراجعون، ولم يفتح الباب إِلا بعد مدة طويلة، والناس يقفون على أرجلهم يقاسون شدة الحر والازدحام ينتظرون الموظف، وكثيرًا ما يأخذ الآذن الرشوة من المراجعين ليأخذ منهم الأوراق، والموظف غافل عن هذه الرشوة، لا يبالي بما يعانيه المراجعون من عناء وتعب وعندما يراجعه أحد الواقفين يصيح به الموظف ويخرجه، لينتظر دوره، وقد غفل عن اللوحة التي بجانبه، وقد كتب عليها، الزيارات الخاصة ممنوعة. هذه المآسي المسئول عنها هم بعض الرؤساء الذين يتساهلون معهم، فإن عثمان -رضي

الله عنه- قال: إن الله ليزَع بالسلطان ما لا يزَع بالقرآن. 3 - راقب الله سبحانه وتعالى في عملك سواء كنت حاكمًا أو مدرسًا أو موظفًا، واعطف على إخوانك المراجعين، وعاملهم بمثل ما تحب أن يعاملوك، وأنجز لهم أعمالهم، وقدم لهم النصيحة فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (الدين النصيحة، قلنا لِمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئِمة المسلمين وعامتهم). "رواه مسلم" وليست النصيحة من واجب العالم الذي يعظ الناس في المسجد فحسب، بل هي واجبة على كل مسلم ولا سيما المدرسين، وكم من موظف لم ينصح المراجع، حتى كلفه ذلك عناء ومشقة ومالًا. 4 - لا تتكبر على المراجعين فأنت من الشعب وهم إخوانك، وأنت تأخذ الراتب لتخدمهم وتقضي مصالحهم وتذكر وصية لقمان الحكيم لولده التي ذكرها الله تعالى حين قال: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] واجب العامل وصاحب العمل: 1 - اعمل بإخلاص، ولا تضيع وقتك بدون عمل، حتى تأخذ الأجر حلالًا. 2 - انصح صاحب العمل، واحذر غشه ولو كان غير مسلم لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن غش فليسَ منا). "صحيح رواه الترمذي" 3 - عليك بإتقان العمل لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله يحب إذا عَمِلَ أحدكم عملاً أن يُتقنه). "حسن رواه البيهقي" 4 - احرص على الوفاء بوعدك، ولا تخلف به، لتكسب ثقة الناس، ولئلا تقع في ذنب كبير: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (آية المنافق ثلاث: إذا حَدَّث كذب، وإذا وَعدَ أخلفَ، وإذا اؤتِمن خان). "متفق عليه" 5 - على صاحب العمل أن يعطي العامل بالقدر الذي يستحقه، ولا سيما إذا كان بينهما اتفاق، وأن لا يتأخر عن دفع حقه لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (مَطلُ الغَني ظْلم). "متفق عليه"

التقليد الأعمى ضار: إن من العيوب المنتشرة بين المسلمين، والأخطاء التي يجب تركها هو التقليد الأعمى، فبعض المسلمين - أصلحهم الله - كالببغاء يُردد عن الغرب أو الشرق كل كلمة أو فعل من غير أن يفهم ما يقول أو يفعل، أو ليقال عنه متمدن، أو متطور، وهذا خطأ كبير. 1 - احذر يا أخي المسلم أن تقلد غيرك تقليدًا أعمى حتى تسأل عنه، وتعرضه على الإِسلام، فقد يكون محرمًا كلبس خاتم الخطبة الذي تقدمه الزوجة للزوج زعمًا منها أن هذا الخاتم يمنعه من الإختلاط بالفتيات، ونسيت أن الزوج بإمكانه أن يخلعه عندما يريد الإختلاط، وهذه العادة مأخوذة عن النصارى، ولا سيما إذا كان الخاتم من الذهب المحرم على الرجال، وقد نَهَى الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسلمين عن التشبه بالكفرة فقال: (مَن تشبه بقوم فهو منهم). "صحيح رواه أبو داود" 2 - ومن التقليد المذموم، الذي جلب للمسلمين الذلة والصغار الحكم بقوانين الغرب المخالفة للإسلام، وترك الحكم بشريعة الله -عَزَّ وَجَلَّ- التي أعزت المسلمين في عصر النبوة والصحابة ومَن بعدهم. 3 - احذر لبس الذهب فهو محرم على الرجال حلال للنساء، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل، فنزعه فطرحه، وقال: (يعمَد أحدكم إلى جمَرة مِن نار، فيجعلها في يده! فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذ خاتمك انتفِع به، قال: لا والله لا آخذه أبدًا وقد طرَحه رسول الله). "رواه مسلم"

من فوائد الحديث

من فوائد الحديث 1 - كل من رأى منكرًا كلبس الذهب فعليه تغييره بيده إن استطاع، كما بين ذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (مَن رأى منكم منكرًا فليُغَيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان). "رواه مسلم" 2 - تشبيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذهب بالجمرة من النار يدل على أنه من الكبائر. 3 - يجوز الإنتفاع بالخاتم وبيعه، لقول الصحابة في نص الحديث: (خذ خاتمك انتفع به). 4 - استجابة الصحابي لفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعدم أخذه بعد طرح الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدل على إيمان قوي، وتضحية بالمال. الخلاصة: على الشباب المسلم أن يلبسوا خاتم الفضة، فهو أجمل من الذهب في شكله الجميل الفضي اللامع، وسعره أرخص من الذهب بكثير، وقد أحله الإِسلام للرجال والنساء، وقد نصحت أحد إخواني اللابسين لخاتم الذهب، وذكرت له حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فما كان منه إِلا أن استجاب، وخلعه من يده وأعطاني إياه، فبعته، واشتريت له خاتمًا من فضه، ورددت له بقية المال، ففرح كثيرًا، وتبعه بقية المعلمين في ذلك، وحق عليه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن سَنَّ في الإِسلام سُنة حسنة فله أجرها وأجر مَن عَمِل بها مِن غير أن ينْقصَ مِن أجورهم شيء). "رواه مسلم" 5 - علينا أن نقلد الغرب في الإختراعات الحديثة كالطائرات، والدبابات والغواصات وغيرها من الأسلحة المتطورة، حتى لا نحتاج إليهم، وندافع بها عن ديننا وأرضنا لا أن نقلدهم في التبرج والرقص والميوعة، وغيرها من الأمور الضارة: وصدق قول الشاعر حين قال: قلَّدوا الغربي، لكن بالفجور ... وعن اللب استعاروا بالقشور 6 - نهانا الإِسلام أن يقلد بعضنا بعضًا في الأمور السيئة حيث قال ابن مسعود: "لا يكن أحدكم إمَّعة، يقول: إن أحسنَ الناسُ أحسَنت، وإن أساءَ الناس

أسأت، ولكن وَطَنوا أنفسكم على أن تحسنوا إذا أحسن الناس، وألا تظلموا إذا أساء الناس". ومن المؤسف أننا إذا نصحنا بعض الناس ألا يغشوا ولا يكذبوا، وألا تسفر نساؤهم تراهم يتعللون قائلين: الناس كلهم يكذبون، ويغشون، وتسفر نساؤهم، كأنهم يريدون الإقتداء بهم، فاحذر يا أخي المسلم السير مع التيارات الفاسدة، والتقاليد الضارة. لا تتشبه بلباس الأجانب كلباس البنطال الضيق الذي يجسم العورة، ولا سيما في شعار الرأس، فلا تقلد الإِفرنج، وتلبس البرنيطة، فهي شعار الكفرة واليهود والنصارى، وفي الحديث: (مَن تشَّبه بقوم فهو مِنهم). "صحيح رواه أبو داود" وعليك بالتشبه بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، والصالحين من الرجال، ولا تنظر إلى غير المتمَسكين بالإِسلام.

إلى المعلمات والمدرسات

إلى المعلمات والمدرسات إن التوجيه المتقدم للمربين والمعلمين ينطبق على المربيات والمعلمات من حيث الصفات التي يتحلى بها المدرسون، وواجباتهم وغير ذلك من الأمور المهمة اليَ تقدمت، ويزيد عليها أمور مهمة تتعلّق بالمعلمات والمدرسات: الحجاب: على المعلمة والمدرسة أن تدخل المدرسة والفصل بحجاب كامل ويفضل الأسود منه على غيره من الألوان لأنه أبعد عن الفتنة، ولأن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28] خرج نساء الأنصار كان على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سوداء يلبسنها. "انظر تفسير ابن كثير ج 3/ 1518" والمعلمة أو المدرسة إذا دخلت المدرسة والفصل بحجاب وحشمة وَوَقار بعيدة عن الزينة المصطنعة على وجهها كانت مثالًا عمليًا للطالبات أن تقتدين بها في لباسها الإِسلامي الساتر، بعكس المعلمة التي تدخل المدرسة والدرس وهي سافرة تضع الأصباغ على وجهها، وليس عليها مظهر الحشمة والوقار فسوف تكون أسوة سيئة للطالبات، وعليها وزرها وَوِزر طالباتها. 1 - على المعلمة والمدرسة أن تحث الطالبات على الحجاب الشرعي وأنه شعار المرأة المسلمة، وتبين لهن شروط الحجاب الذي هو في صالح المرأة، وتكريم لها، لكي يحفظ شرفها. 2 - استيعاب الحجاب لجميع البدن حتى الوجه ولونه أسود، ولا يجوز إظهار اللباس الذي تحت الحجاب. 3 - ألا يشبه الحجاب ملابس الرجال للنهي الوارد عنه في الحديث: (لعن الله المتشبهات مِن النساء بالرجال). "رواه البخاري" 4 - ألا يكون لون الحجاب زاهيًا أو ملونًا، بحيث يلفت النظر. 5 - وهذا الحجاب يجب أيضًا على النساء اليهوديات والنصرانيات إذا تزوجهن المسلم لقول

الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}. 6 - على المعلمة المسلمة أن تأمر الطالبات بغطاء الرأس عندما تكون في سن السابعة من عمرها لتتعود على الحجاب عند البلوغ، وأسوة بتعليم الصلاة في هذا السن لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سِنين، وفرَّقوا بينهم في المضاجِع). "حسن رواه أحمد وغيره" والضرب المراد بالحديث ضربًا غير مُبرح بعيدًا عن الوجه.

خلاصة الرسالة

خلاصة الرسالة على المربي أن يكون حكيمًا في تربيته وتعليمه، وأن يحب مهنته وعمله، وأن يكون محبوبًا من زملائه وطلابه، ينصحهم ويرشدهم بحكمة ولطف عملاً بقول الرب جل وعلا: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] وليعلم المعلم أن عمله من أشرف الأعمال وأنبلها، وأن مستقبل الأُمة والدين والوطن يتوقف على توجيهه لطلابه، وتربيتهم، وتعليمهم ماينفعهم، وما يجعل منهم شبابًا مؤمنين محبين لدينهم وأُمتهم، معتزين بأجدادهم الذين فتحوا لنا البلاد، ومن يدري؟ فلعله يخرج مِن طلابه مَن يكون رئس دولة، أو قائد جيش، أو غيرها من الأمور المهمة التي يتوقف عليها مستقبل الأمة، ولا سيما ونحن على أبواب معركة حاسمة مع الصهيونية، نحتاج فيها إلى إعداد جيل مؤمن قوي شجاع لا يهاب الموت، يعتبر الشهادة في سبيل الله، وتحرير الأرض المحتلة أسمى أمانيه. وعلى المعلم أن يمثل الشخصية الإِسلامية المحبوبة أمام زملائه وطلابه، ليكون لهم القدوة الحسنة في التضحية والِإيثار، والقيام بالواجب، والكرم وحسن الخلق والمعاشرة، لتنطبع هذه الصفات الحسنة في نفوس طلابه وزملائه، واضعًا نصب عينيه قول الله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93] وقول الله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74] وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (كُلُّكُم رَاع وكُلُّكُم مسئولٌ عن رَعيته). "متفق عليه" والمعلم راع في مدرسته وهو مسئول عن طلابه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فوالله لأن يهديَ الله بك رَجلًا واحدًا خير لك مِن حُمرِ النعم). (متفق عليه) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات الإِنسان انقطع عمَله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو عِلم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له). "رواه مسلم" والمدرس يستفيد من تعليم طلابه العلم النافع بعد موته. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا عِلما وصلى الله على مُحمد وعلى آله وسلم.

(7) تكريم المرأة في الإسلام على ضوء الكتاب والسنة المطهرة

(7) تكريم المرأة في الإِسلام على ضوء الكتاب والسنة المطهرة

موجز تكريم المرأة في الإِسلام * قوامة الرجل للتنظيم لا للاستبداد. * الرجال قوامون على النساء. * علاج المرأة العاصية. * تكريم الإِسلام للأم. * حق الزوجة وحق الزوج. * الحِكمة في خلق الرجل والمرأة. * سَبب اختلاف الرجل عن المرأة. * حِجاب المرأة المسلمة. * تعدد الزوجات تكريم للمرأة. * المرأة سِلاح ذو حدين. * فساد المرأة والرجل.

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: لقد كرم الإِسلام المرأة بأن جعلها مربية الأجيال، وربط صلاح المجتمع بصلاحها، وفساده بفسادها، لأنها تقوم بعمل عظيم في بيتها، ألا وهو تربية الأولاد الذين يتكوَّن منهم المجتمع، ومن المجتمع تتكون الدولة المسلمة. وبلغ من تكريم الإِسلام للمرأة أن خصص لها سورة من القرآن سماها "سورة النساء" ولم يخصص للرجال سورة لهم، فدل ذلك على اهتمام الإِسلام بالمرأة، ولا سيما الأم، فقد أوصى الله تعالى بها بعد عبادته فقال -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23] وقد حملها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمانة تربية الأولاد فقال مكرمًا لها: (.. والمرأة راعية في بيت زَوجها وهي مَسؤولة عن رَعيتها). "متفق عليه" ومن أراد الزيادة عن تكريم الإِسلام للمرأة، فليقرأ الكتاب. والله أسال أن ينفع به القراء، ويجعله خالصًا لله تعالى.

المرأة عند العرب في الجاهلية

المرأة عند العرب في الجاهلية 1 - لم يكن للمرأة حق الإِرث، وكانوا يقولون في ذلك: لا يرثنا إلا من يحمل السيف، ويحمي البيضة. 2 - لم يكن للمرأة على زوجها أي حق، وليس للطلاق عدد محدود، وليس لتعدد الزوجات عدد معين، وكانوا إذا مات الرجل، وله زوجة وأولاد من غيرها، كان الولد الأكبر أحق بزوجة أبيه من غيره، فهو يعتبرها إرثًا كبقية أموال أبيه! وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان الرجل إذا مات أبوه، أو حموه، فهو أحق بامرأته إن شاء أمسكها، أو يحبسها حتى تفتدي بصداقها، أو تموت فيذهب بمالها". [الصدَاق: المهر]. 3 - وقد كانت العدة في الجاهلية حولًا كاملًا، وكانت المرأة تحد على زوجها شرّ حِداد وأقبحه، فتلبس شر ملابسها، وتسكن شر الغرف، وتترك الزينة والتطيب والطهارة، فلا تمس ماء، ولا تقلم ظفرًا، ولا تزيل شعرًا، ولا تبدو للناس في مجتمعهم، فإذا انتهى العام خرجت بأقبح منظر، وأنتن رائحة. 4 - كان العرب في الجاهلية يُكرهون إماءهم على الزنا، ويأخذون أجورهم: حتى نزل قول الله تعالى: {ولَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النور: 33] 5 - وكان عند العرب في الجاهلية أنواع من الزواج الفاسد الذي يوجد عند كثير من الشعوب، ولا يزال بعضه إلى اليوم في البلاد الهمجية: أ - منها اشتراك الرهط من الرجال في الدخول على امرأة واحدة، وإعطائها حق الولد تلحقه بمن شاءت منهم. ب - ومنها نكاح الإستبضاع: وهو أن يأذن الرجل لزوجه أن تمكن من نفسها رجلاً معينًا من الرؤساء المتصفين بالشجاعة، ليكون لها ولد مثله! ج - ومنها نكاح المتعة: وهو المؤقت، وقد استقر أمر الشريعة على تحريمه، ويبيحه فِرَق الشيعة الإِمامية. د - ومنها نكاح الشغار: وهو أن يزوج الرجل امرأة: بنته، أو أخته، أو من هي تحت ولايته على أن يُزوجه أخرى بغير مهر، صداقُ كل واحدة بُضعُ الأُخرى. وهذان النوعان مبنيان على قاعدة اعتبار المرأة ملكًا للرجل يتصرف فيها كما يتصرف في أمواله وبهائمه.

وأد البنات في الجاهلية

ولا يزالان موجودين عند بعض الشعوب الهمجية كالغجر!! وأما المرتقون من العرب كقريش، فكان نكاحهم هو الذي عليه المسلمون اليوم من الخطبة، والمهر، والعقد، وهو الذي أقره الإِسلام، مع إبطال بعض العادات الظالمة للنساء فيه من استبداد في تزويجهن كرها، أو عَضلهن -أي منعهن من الزواج- أو أكل مهورهن، إلى غير ذلك. يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "كنا في الجاهلية لا نعُد النساء شيئًا، فلما جاء الإِسلام، وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقًّا". "رواه البخاريِ" "انظر كتاب المرأة بين تكريم الإِسلام وإهانة الجاهلية" وأد البنات في الجاهلية كان العرب في الجاهلية يكرهون البنات، ويدفنونهن في التراب أحياء خشية العار، وقد أنكر الإِسلام هذه العادة، وصورها القرآن في أبشع صورة، فقال عن العرب في الجاهلية: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ؟! أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58، 59] وقد بالغ الله سبحانه وتعالى في الإنكار عليهم في دفن البنات، فقال: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9]

تكريم المرأة في الإسلام

تكريم المرأة في الإِسلام 1 - لم يعتبر الإِسلام المرأة مكروهة، أو مهانة، كما كانت في الجاهلية، ولكنه قرر حقيقة تزيل هذا الهوان عنها: وهي أن المرأة قسيمة الرجل لها ما له من الحقوق، وعليها أيضًا من الواجبات ما يلائم تكوينها وفطرتها، وعلى الرجل بما اختص به من الرجولة، وقوة الجلد، وبسطة اليد، واتساع الحيلة، والصبر على التعب والمكاره، أن يلي رياستها، فهو بذلك وليها يحوطها، ويذود عنها بدمه، وينفق عليها من كسب يده. 2 - ومن مظاهر تكريم المرأة في الإِسلام أن سواها بالرجل في أهلية الوجوب والأداء، وأثبت لها حقها في التصرف، ومباشرة جميع الحقوق كحق البيع، وحق الشراء، وحق الدائن، وحق التملك، وغيرها. 3 - وقد كرم الإِسلام المرأة، وذلك حينما أخبر الله تعالى في القرآن بأن الله خلقنا من ذكر وأنثى، وجعل ميزان التفاضل العمل الصالح والتقوى فقال عز من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] 4 - ومن مظاهر تكريم المرأة في الإِسلام الإهتمام بتعليمها: عن أبي سعيد الخدري: قالت النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (غَلبَنَا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهن فيه، فوعظهن، وأمرهن، فكان مما قال لهن: ما مِنكن امرأة تُقدِّم ثلاثًا مِن وَلدها إلا كان لها حِجابًا مِن النار، فقالت امرأة: واثنين؟ فقال: واثنين" [معنى تقدم: تحتسب وترضى بموت أولادها] "رواه البخاري" 5 - ومن مظاهر تكريم الله للمرأة أن ذكرها بجانب الرجل قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]

سورة النساء تكريم للمرأة

سورة النساء تكريم للمرأة لم يذكر الله تعالى في كتابه سورة الرجال، بل ذكر سورة النساء، وهذا دليل على تكريم المرأة، وقد تحدثت السورة عن أمور هامة تتعلق بالمرأة والأسرة والدولة والمجتمع، وأن معظم السورة تتحدث عن حقوق النساء، فلذلك سميت سورة النساء، والمتأمل لهذه السورة الكريمة يرى فيها تكريمًا للمرأة. 1 - خلق الله المرأة من ضلع الرجل، وبث منهما الرجال والنساء: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} "النساء: 1" وهذه الآية جزء من خطبة الحاجة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يبدأ بها خطبه، وهي مهمة جدًّا، ولا سيما للمتحدثين، والدعاة والوعاظ. 2 - المحافظة على حقوق اليتامى من النساء: قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3] قالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حِجر وليها تُشركه في ماله، وُيعجبه مالها وجمالها، فيريد أن يتزوجها بغير أن يُقسط في صَداقها، فيُعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنُهوا أن ينكحوهن إلا أن يُقسطوا إليهن، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق، وأُمروا أن ينكحوا ماطاب لهم من النساء سواهن. قال عروة: قالت عائشة: ثم إن الناس استفتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية، فأنزل الله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} قالت عائشة: وقول الله في الآية الأُخرى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} رغبة أحدِكم عن يتيمته إذا كانت قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا مَن رغبوا في مالها وجمالها من النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال والجمال. "رواه البخاري" 3 - الإقتصار على زوجة واحدة إذا خاف عدم العدل: لقول الله تعالى:

فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] أي إن خفتم تعدد النساء أن لا تعدلوا، فاقتصروا على واحدة، وهذا تكريم للمرأة. 4 - النساء لهن نصيب من الإِرث: قال الله تعالى: {وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7] وكان الميراث في الجاهلية للذكور دون الإِناث. 5 - التفاوت في الميراث بين الرجل والمرأة: قال الله تعالى .. {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] أي يأمركم الله في أولادكم للذكر مثل حصة البنتين، وذلك لأن الرجل هو الذي يُنفق على عياله، وهو الذي يدفع المهر للمرأة. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السُدس والثلث، وجعل للزوجة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع. "رواه البخاري" 6 - المهر يدفعه الزوج للزوجة حسب الِاتفاق: قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] عن ابن عباس: النحلة: المهر، وقيل فريضة مسماة، ولا ينبغي تسمية المهر كذبًا بغير حق، وعلى الرجل أن يدفع المهر عن طيب نفس، فإن طابت نفسها عن شيء منه بعد تسميته، فليأكله حلالا طيبًا. 7 - الأمر للأزواج أن يعاشِروا زوجاتهم بالمعروف: قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] أي طيِّبوا أقوالكم وحسّنوا أفعالكم وهيئاتكم حسب قدرتكم لزوجاتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (خيُركم خيركم لأهلِه، وأنا خيركم لأهلي). "رواه الترمذي وصححه الألباني"

8 - على الزوج أن يحسن إلى زوجته، حتى في حالة كُرهِها: قال الله تعالى: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19] أي فعسى إن صبرتم على إمساكهن مع الكراهة لهن أن يكون في ذلك خير كثير لكم في الدنيا والآخرة. قال ابن عباس: هو أن يعطف عليها فيرزق منها ولدًا، ويكون فيه خير كثير. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كَرِهَ منها خُلقًا رضي منها خُلُقًا آخر). [أي لا يبغضها بغضا يؤدي إلى تركها]. "رواه مسلم" 9 - لا يجوز استرداد المهر بعد المفارقة: قال الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20] أي إذا أراد أحدكم مفارقة زوجته، والزواج من غيرها، فما له أن يسترد من مهرها شيئًا، ولو كان قنطارًا من المال. وقوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21] روي عن ابن عباس: أن المراد بذلك العقد "بين الزوج والزوجة". وعن ابن عباس أيضًا قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وقال - صلى الله عليه وسلم - في خطبة حجة الوداع: (استوصوا بالنساء خَيرًا، فإنكم أخَذتموهن بامانة الله، واستَحلَلتم فروجَهن بكلمةِ الله) "رواه مسلم" 10 - ومن مظاهر تكريم المرأة تحريم المحارم من النسب، وما تبعه من الرضاع: قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23] فتحريم هؤلاء على الرجال له حِكَم عظيمة، وأهداف سامية، تقتضيها الفطرة، فتحريم نكاح الأُختين لئلا يورث العداوة بين الأخوات.

قوامة الرجل للتنظيم لا للإستبداد

قوامة الرجل للتنظيم لا للإستبداد قال - صلى الله عليه وسلم -: (كل نفسٍ مِن بَني آدم سَيد، فالرجل سَيد (¬1) أهلِه، والمرأة سَيدة بيتها). "صححه الألباني في صحيح الجامع" 1 - إن قوامة الرجل على المرأة قاعدة تنظيمية تستلزمها هندسة المجتمع، واستقرار الأوضاع في الحياة الدنيا، فهي تشبه قوامة الرؤساء وأولي الأمر، فإنها ضرورة يستلزمها المجتمع الإِسلامي والبشري، ويأثم المسلم بالخروج عليها مهما يكن من فضله على الخليفة المسلم في العلم، أو في الدين، إلا أن طبيعة الرجل تؤهله لأن يكون هو القيم، فالرجل أقوى من المرأة وأجلد منها في معركة الحياة، وتحمل مسؤولياتها، فالمشاريع الكبيرة يديرها الرجال، والمعارك الحربية يقودها الرجال، ورئاسة الدولة العليا يضطلع بها الرجال، وهكذا ترى الأمور الهامة يوفق فيها الرجال غالبًا، ويندر أن تفلح امرأة إلا أن يكون من ورائها رجل يساعدها. 2 - إن النطاق الذي تشمله قوامة الرجال، لا يمس كيان المرأة ولا كرامتها، وهذا هو السر في أن الله تعالى لم يقل: "الرجال سادة على النساء" وإنما اختار هذا اللفظ الدقيق {الرجال قوامون على النساء} ليفيد بأنهم يقومون بالنفقة عليهن والذب عنهن؛ وشأن القوامين أنهم يصلحون ويعدلون، لا أنهم يستبدون ويتَسلطون. "انظر المراة بين تكريم الإِسلام وإهانة الجاهلية ص 130" ¬

_ (¬1) المراد بالسيد هنا الزوج كما في قصة يوسف: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}

الرجال قوامون على النساء

الرجال قوامون على النساء قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34] قال ابن كثير في تفسير الآية: الرجل رئيس المرأة وكبيرها والحاكم عليها، ومؤدبها إذا اعوجت، لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك الملك الأعظم لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لن يُفلِح قومٌ وَلَّوا أمرُهم امرأة). "رواه البخاري" وكذا منصب القضاء (¬1) وغير ذلك. 2 - وقوله تعالى: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} أي من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولما كان الرجل أفضل من المرأة ناسب أن يكون قيّمًا عليها، كما قال تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] وعليها أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته، وطاعته: أن تكون محسنة لأهله، حافظة لماله. فالصالحات من النساء قانتات مطيعات لأزواجهن، تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله. ¬

_ (¬1) لأن هذه المناصب تتنافى مع فطرتها وعملها الأساسي: وهو الحمل والإنجاب، ورعاية البيت، وتربية الأولاد، وإعداد الجيل المسلم المدافع عن دينه ووطنه.

علاج المرأة العاصية لزوجها

علاج المرأة العاصية لزوجها 1 - قال الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34] أي والنساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على أزواجهن، والمرأة الناشزة: المترفعة على زوجها، الناكرة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له، فمتى ظهر له منها أمارات النشوز، فليعظها، وليخوفها عقاب الله في عصيانه، فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته، وحرم عليها معصيته، لا له عليها من الفضل والإِفضال، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها). "صحيح رواه الترمذي" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبَت عليه، لعَنتها الملائكة حتى تصبح). "رواه البخاري" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا باتت المرأة هاجرة (¬1) فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح). "رواه مسلم" 2 - وقوله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}: قال ابن عباس: الهجر: هو ألا يجامعها ويضاجعها على فراشها، ويوليها ظهره، ولا يكلمها مع ذلك. وعن ابن عباس: يعظها، فإن هي قبلت، وإلا هجرها في المضجع، ولا يكلمها من غير أن يرد نكاحها، وذلك عليها شديد. وقوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ}: أي إذا لم يرتدعن بالموعظة ولا بالهجران، فلكم أن تضربوهن ضربًا غير مُبرِّح قال الحسن البصري: يعني غير مؤثر. قال الفقهاء: هو ألا يكسر فيها عضوًا، ولا يؤثر فيها شيئًا. أقول والقائل "محمد بن جميل زينو": على الرجل إذا ضرب زوجته أن يجتنب الوجه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أ - (إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته). "رواه أحمد وصححه الألباني في الصحيحة" ¬

_ (¬1) عصيان المرأة لزوجها، ولا سيما إذا طلبها للجماع خطر على المرأة، لأن ذلك قد يؤدي لوقوع زوجها في الزنا، أو بتركها والزواج من غيرها.

ب - (إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه). "رواه مسلم" ج - (إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا تقل قبح الله وجهَك، ووجهَ مَن أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته). "حسن رواه أحمد" 4 - وقوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا}: إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يُريده منها مما أباحه الله له منها فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضربها ولا هجرانها. 5 - وقوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا (¬1) كَبِيرًا}: تهديد للرجال إذا بغَوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي الكبير وَليُّهن، وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن. 6 - التحكيم في الصلح أو الفراق: قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 35] بعد أَن ذكر حال نفور الزوجة شرع بذكر حال نفور الزوجين، وطلب حكمًا ثقة من أهل المرأة، وحَكمًا ثقة من أهل الرجل، ليجتمعا، فينظرا في أمرهما، ويفعلا ما فيه المصلحة مما يريانه من التفريق، أو التوفيق. وتشوف الشارع إلى التوفيق بين الزوجين فقال: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} "سورة النساء" فينظر الحكمان، فإن كان الرجل هو المسيء، حجبوا عنه امرأته، وقصروه على النفقة، وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها نفقة. "انظر تفسير ابن كثير" هذه بعض مظاهر تكريم المرأة في سورة النساء. * * * ¬

_ (¬1) هذا دليل على علو الله فوق عرشه كما دلت عليه الآيات، والأحاديث الصحيحة.

تكريم الإسلام للأم

تكريم الإِسلام للأم 1 - قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36] قال ابن عباس: يريد البر، برهما مع اللطف، ولين الجانب، فلا يغلظ لهما في الجواب، ولا يحد النظر إليهما، ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما كالعبد بين يدي السيد تذللًا لهما. 2 - وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23، 24] لقد أمر الله تعالى بعبادته وحده في الآيتين، وقرن بعبادته البر بالوالدين، وهذا يدل على أهمية إكرام الأم والأب، ونهى الأولاد أن يقولوا للوالدين قولاً سيئًا، حتى ولا التأفُف الذي هو أدنى مراتب القول السيء، ولا يجوز للأولاد أن ينهروهما، ويصدر منهم كلام قبيح، بل على الأولاد أن يخاطبوا الوالدين بالرفق واللين، والقول الحسن، ولاسيما الأُم. (جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، مَن أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أُمك" قال ثم مَن؟ قال: "أُمك" قال: ثم مَن؟ قال: "أُمك" قال: ثم مَن؟ قال: "أبوك "). "متفق عليه" فأنت ترى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أوصى بالأم ثلاث مرات، وهذا تكريم للمرأة المسلمة.

حق الزوجة وحق الزوج

حق الزوجة وحق الزوج 1 - لقد كرم الإِسلام الزوجة، وجعل لها حقوق، ولزوجها عليها حقوق، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلن ذلك في أكبر اجتماع، وذلك حينما خطب الناس في حجة الوداع، وفي عرفات، فكان مما قاله في خطبته: 2 - (فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستَحلَلتم فروجَهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطِئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك، فاضربوهن ضَربًا غيرَ مُبرِّح (شديد)، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما -لن تضلوا بعده- إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد بأنك قد بلغت وأدِّيت ونصحت. فقال: بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، ويَنكتها (يميلها) إلى الناس: (اللهم اشهد) (ثلاث مرات). "أخرج الخطبة مسلم عن جابر"

من فوائد الخطبة العظيمة

من فوائد الخطبة العظيمة 1 - فيها الحث على مراعاة حق النساء، والوصية بهن، ومعاشرتهن بالمعروف، وقد جاءت أحاديث كثيرة تبين حقوق النساء، وتحذر من التقصير في ذلك. 2 - استحلال فروج النساء بالزواج الشرعي، كقول الله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] 3 - لا يجوز للزوجة إدخال أحد يكرهه الزوج في بيته، سواء كان رجلاً أجنبيًا، أو امرأة، أو أحدًا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك كما ذكره النووي. 4 - يجوز للرجل أن يضرب زوجته -إذا خالفته كما تقدم- ضربًا ليس بشديد، ولا سيما الإبتعاد عن ضرب الوجه، أو تقبيحه، فإنه من خلق الله، ولأن فيه السمع والبصر، وقد يتضرر بالضرب. 5 - شهادة الصحابة على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة. 6 - فيها الدليل الواضح على عُلو الله على عرشه، حيث رفع الرسول - صلى الله عليه وسلم - إصبعه إلى السماء ليُشهد الله على أنه بلغ الرسالة. وهناك آيات كثيرة، وأحاديث صحيحة تثبت أن الله على السماء، وهو قول الأئمة الأربعة وغيرهم، ومن الخطأ قول بعض الناس: إن الله في كل مكان! لأن هناك أماكن نجسة، وقذرة يستحيل أن يكون الله فيها، كالحمامات وغيرها. واذا قلنا: إن الله معنا في كل مكان بعلمه يسمعنا ويرانا، فهذا صحيح، لأن الله تعالى يقول لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46]

الحكمة في خلق الرجل والمرأة

الحكمة في خلق الرجل والمرأة 1 - خلق الله الخلائق على اختلافها من الإنس والجن لهدف عظيم، وهو العبادة، ولتحقيق العبودية لله تعالى وحده دون غيره من المخلوقات: قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] 2 - وقد خلق الله الناس مِن ذكر وأنثى، وميَّز كلًا منهما بخصائص تختلف عن غيره في طبيعته، وطاقته، وقدرة تحمله؛ ومن ثم فالمهام الملقاة على أحدهما تختلف عن الآخر بشكل متناسب، ومتناسق، فلم يكن ذلك اعتباطًا؛ وإنما على علم ودراية، ذلك هو الخالق سبحانه وتعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَن خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] فكان مِن مهمة الرجل طلب العيش والرزق، والبحث عنه، والإنفاق على الزوجة والأسرة، وهذا ما لا تستطيعه المرأة على الوجه الأكمل وكان من مهمة المرأة أن تستقبل ذلك الزوج المتعَب من طلب الرزق، فتذهب عنه العناء، وتمسح عنه التعب، وتكون له راحة وتشجيعًا: قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21] والمرأة وسيلة لإنجاب الأولاد، وتربيتهم التربية الصالحة، في حين يكون الرجل خارج البيت. 4 - ومن هذه المهام ما لا يستطيع الرجل أن يقوم بها على الوجه الأكمل كالغسيل والطبيخ، ومنها ما لا يستطيع القيام بها أبدًا كالحمل والإرضاع؛ فمثل الرجل والمرأة كمثل الليل والنهار، لكل واحد منهما دوره ومهمته، فالنهار للإبصار والتحرك والعمل والنشاط، فيكون فيه طلب الرزق والكسب من أجل الإنفاق، وهذا ينطبق على الرجل. وأما الليل فهو للسكن، والهدوء، والنوم، والإستقرار، وهذا ينطبق على المرأة، وقد ذكرت قبل قليل الآية التي تشير إلى هذا العمل. إذن فالرجل والمرأة لكل واحد منهما دوره في الحياة، فلا يحاول أحد منهما أن يقوم بمهام الآخر، فإن ذلك لن يكون، وإذا حصل فتكون النتائج عكسية وسلبية، إما عليهما، أو على أولادهما، أو على المجتمع، ذلك لأنها تجري على عكس ما فُطرت وجُبلت عليه المرأة، والرجل كذلك، قال الله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} "الروم" "انظر كتاب المرأة في الإِسلام للشيخ الفاضل فيصل المولوي"

سبب اختلاف الرجل عن المرأة

سبب اختلاف الرجل عن المرأة ومن اختلاف وظيفة الرجل ومهامّه عن وظيفة المرأة ومهامها ترتب اختلاف في الأحكام الشرعية: 1 - الشهادة: اشترط الإِسلام لهذه المسألة رجلين، فإن لم يكن فرجل وامرأتان كما قال الله تعالى: {فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] ليس امتهانًا، أو احتقارًا للمرأة، وإنما بحكم فطرتها، قليلة الاهتمام بأمور الجرائم، أو البيع أو الشراء والمداينات وما سواها؛ فقد لا تنتبه، أو تنسى بحكم اشتغالها في تربية الأولاد، وتدبير المنزل، وغير ذلك من الأمور المهمة، أضف إليها ما تقوم به من الرضاع وما ينتابها من الحيض والنفاس، وغيرها. فإن كانت معها واحدة أُخرى تذكرها فيكون ذلك أثبت للحق، وأدفع للظلم، فذلك قوله تعالى: {أنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] فشهادة المرأة قبلها الإِسلام، ولم يرفضها، على أن يصحبها شهادة امرأة ثانية تذكرها إن نسيت، أو لم تنتبه إحقاقًا للحق، ودفعًا للظلم. 2 - الميراث: فقوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ليس هدرًا لحقوق المرأة، وحاشاه، بل حفاظًا عليه، ذلك أن المرأة أخذت حقها من الميراث، وأخذ الرجل ضعف ما أخذت، لأنه مكلف بالإنفاق عليها، ودفع المهر لها، ودفع النفقة للمعتدة، وهي غير مكلفة بذلك؛ فاختلاف نصيبها في الميراث عن نصيب الرجل إنما هو نتيجة لاختلاف وظيفتها عن وظيفة الرجل، وليس انتقاصًا لحقها، أو كرامتها. 3 - الدية: في القتل غير العمد، فإن من الحكمة أن يفرض الإِسلام دية الرجلِ، ضعف دية المرأة، لأن المقتول حينما يكون رجلاً، فقد خسرت عائلته رجلاً كان ينفق عليها، فتأخذ عائلته الدية ضعف ما إذا خسرت امرأة غير مكلفة بالإنفاق، بل هي يُنفَقُ عليها، فكان اختلاف الدية باختلاف الوظيفة بين الرجل والمرأة. 4 - رئاسة الدولة والإمارة: إن من خصائص رئيس الدولة، أو الأمير في الإِسلام أن يكون إمامًا في الصلاة، وقائدًا عسكريًا في الحرب، والمرأة لا تستطيع، ولا يمكنها أن تقوم بمثل هذه المهام لفطرتها التي تغلب عليها العاطفة، ولضعف جسمها، ومرورها في فترات حمل، وطمث وغير ذلك من الظروف التي تمر بها المرأة دون

الرجل، فضلًا عن عدم جواز الإمامة في الصلاة لها (لما فيه من الفتنة). "انظر كتاب المرأة في الإِسلام للشيخ فيصل مولوي" 5 - الطلاق: فالزوج الرجل هو الذي يُنفق المال في دفع المهر للزوجة، وهو الذي يدفع النفقة في مدة العدة، وهو بمقتضى رجاحة عقله، ومزاجه، يكون أصبر من المرأة على ما يكره، فلا يسارع إلى الطلاق لأدنى غضب يحصل له؛ ولو كان الطلاق من حق الرجل والمرأة سواء لكثر الطلاق إلى أضعاف، كما حصل في بلاد الإفرنج. لذلك ومن أجل الأسباب المتقدمة جعل الإِسلام الطلاق من الرجل وحده .. "انظر كتاب فقه السنة للسيد سابق" يقول محمد بن جميل زينو: الطلاق في الحقيقة إنما هو نعمة وتكريم للمرأة المسلمة، حيث يخلصها من حياة نكدة، أو من زوج ظالم، أو لا يعدل، أو لا يقيم أركان الإِسلام، أو لدوام شقاق بين الزوجين، رغم تدخل الأقرباء من الطرفين، أو لعدم وجود الحب بين الزوجين، أو غير ذلك من الأسباب التي يتعذر الحياة معها، ولا يكون إلا بالفراق والطلاق وقد جعل الإِسلام الطلاق على مراحل، قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] ففي الطلقة الأولى يحق للزوج أن يراجع زوجته، وتعود إليه، وفي المرة الثانية أيضًا، أما الطلقة الثالثة فتحرم عليه، حتى تتزوج، ثم يطلقها زوجها، فيحق للزوج الأول أن يجدد الزواج بعقد جديد.

حجاب المرأة المسلمة

حجاب المرأة المسلمة 1 - قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59] 2 - وتحدث القرآن عن غطاء الرأس للمرأة، فقال بصيغة الأمر: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] 3 - وقد نهى عن التبرح بشتى صوره، فقال الله تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] إن نساء الجاهلية كن يلبسن غطاء الرأس ويضربنه على ظهورهن فتظهر أعناقهن، ونحورهن، وآذانهن بالحلي والأقراط، فنهى الله تعالى عن ذلك وأمر المؤمنات بسترها: وهذه شروط الحجاب: (1) استيعاب الحجاب جميع بدن المرأة حتى الوجه. (2) ألا يكون الحجاب ضيقًا بحيث يصف ما تحته من سِمَن وظهور ثدي وغيره. (3) ألا يكون رقيقًا فيصِف، أو يشف ما تحته. (4) ألا يشبه لباس الكافرات لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن تشبه بقوم فهو منهم). "أخرجه أبو داود وصححه الألباني" (5) ألا يشبه ملابس الرجال للنهي الوارد عن ذلك في الأحاديث. (6) ألا يكون زاهيًا، أو ملونًا يجذب الأنظار، وأفضله الأسود.

لباس الرجل والمرأة

لباس الرجل والمرأة قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن جرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أُم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يُرخين شبرًا، قالت: إذن تنكشِف أقدامُهن، قال: يُرخين ذراعًا، ثم لا يزدن). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" يستفاد من الحديث 1 - أن لباس المرأة يجب أن يكون عريضً وطويلًا يغطي القدمين، بعكس الرجال الذين أمرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقصروا الثياب إلى نصف الساق، ولا يزيدون على الكعبين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما أسفل من الكعبين مِن الإزار ففي النار). "رواه البخاري" وفي عصرنا انعكس الأمر، فأصبح الرجال يطيلون ثيابهم أسفل الكعبين، ويتعرضون لدخول النار، وأصبح النساء يقصرن فوق الكعبين، ويتعرضن بهذا العمل وغيره لحرمانهن من دخول الجنة كما أخبر بذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (ونساءٌ كاسياتٌ عاريات، مُميلات مائلات، رؤوسهن كأسنِمَة البُخت المائلة، لا يَدخلنَ الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجَد من مسافة كذا وكذا). "رواه مسلم" والمعنى أن المرأة التي تكشف ساقها، أو شيئًا من جسمها، أو تلبس الثياب الشفافة، أو تتمايل في مشيتها وشعرها مرتفع كأنه سَنم جمل لا تدخل الجنة حتى تلقى جزاءها. 2 - إذا كان قدَم المرأة لا يجوز كشفه، فوجهها بالأولى، لأنها تعرف به، وفيه الفتنة أكثر، وسفور المسلمة تقليد للكفار والأجانب، وتشبه بهم: وفي الحديث: (مَن تشبه بقوم فهو منهم). "صحيح رواه أبوداود" وليت المسلمين قلدوا الكفار في المخترعات النافعة كصنع الدبابات والطائرات وغيرها مما يفيد الأمة ولكن كما قال الشاعر: قلدوا الغربيَّ، لكن بالفجور ... وعن اللب استعاروا بالقشور 3 - وتغطية وجه المرأة مستفاد أيضًا من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تنتقب المرأة المحرِمة، ولا تلبَس القفازين). "رواه البخاري" النقاب: هو غطاء الوجه الذي تشده المرأة على وجهها. القفازين: ما تغطي المرأة بهما كفيها ويسمى بالكفوف. ومفهوم الحديث: أن المرأة غير المحرِمَة تضع النقاب على وجهها وتلبسَ القفازين.

الحجاب تكريم وحفظ للمرأة

الحجاب تكريم وحفظ للمرأة 1 - لقد كرم الإِسلام المرأة، وفرض عليها الحجاب ليحفظها من الأشرار وأعين الناس، ويحفظ المجتمع من سفورها. الحجاب يبقي المودة بين الزوجين، فالرجل عندما يرى امرأةً أجمل من امرأته تسوء العلاقات بينهما، وربما يؤدي ذلك إلى الفراق والطلاق، بسبب هذه المرأة السافرة التي فتنت الزوج، فلم تَعُد تعجبه زوجته. المرأة المسلمة في نظر الإِسلام أشبه بالجوهرة النفيسة التي يسعى صاحبها لإخفائها وسترها عن أعين الناس. تقول المستشرقة (فرانسواز ساجان): أيتها المرأة الشرقية، إن الذين ينادون باسمك، ويدعون إلى خلع حجابك، ومساواتك بالرجل، إنهم يضحكون عليك، فقد ضحكوا علينا من قبلك. ويقول (فون هرمر): الحجاب هو وسيلة الإحتفاظ بما يجب للمرأة من الإحترام والمكانة الشيء الذي تغبط عليه.

تعدد الزوجات تكريم للمرأة

تعدد الزوجات تكريم للمرأة 1 - إن الإِسلام الحكيم الذي أباح تعدد الزوجات، هو في مصلحة النساء قبل الرجال، حتى يكفل للبنات والأرامل العيش السعيد في بيوت أزواجهن. بدلاً من أن يكن عالة في بيوت من يعولهن كالأخ والولد، وغيرهما. 2 - إن الدعوة إلى عدم تعدد الزوجات يسبب قلة النسل الذي يسعى إليه أعداء الإِسلام لتقليل عددهم، والسيطرة عليهم، كما أنه يسبب كثرة العوانس في البيوت مما يعرضهن للفتنة والفساد والزنا، لأن النساء أكثر عددًا من الرجال حسب الِإحصاء، ولا سيما حينما يتعرض الرجال للقتل في المعارك والحروب، ولذلك قامت مظاهرة نسائية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى تطالب بتعدد الزوجات. 3 - إن تعدد الزوجات يوافق هذا الزمن، لأن الأمم ينظر إليها بعدد نفوسها، وكلما ازداد عددهم قويت شوكتهم، وبما أن الحروب في فلسطين، والعراق، والبوسنة والهرسك، وكشمير، وأفغانستان وغيرها من البلاد الإِسلامية سببت قلة الرجال، وكثرة الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن، فإن الإِسلام يريد من المسلمين ألا يتركوا هؤلاء للجوع والفتنة والفساد فسمح بتعدد الزوجات. 4 - تقول الزعيمة العالمية (أني بيزانت): متى وزنا الأمور بقسطاس العدل المستقيم ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإِسلامي أرجح وزنًا من البغاء الغربي الذي يسمح أن يتخذ الرجل امرأة لمحض إشباع شهوته، ثم يقذف بها إلى الشارع متى قضى منها أوطاره. أقول: هذه شهادة امرأة كافرة على حسن تعدد الزوجات، والفضل ما شهدت به الأعداء.

المرأة سلاح ذو حدين

المرأة سلاح ذو حدين 1 - لقد حاول أعداء الإِسلام في كل عصر من العصور إبعاد المسلمين عن دينهم بوسائل متعدد لا تحصى، وكانت إحدى أهم هذه الوسائل المستهدفة هي المرأة المسلمة، لأنها نصف المجتمع، ووليدة النصف الثاني (من الذكور) ومربيته، فبصلاحها يصلح المجتمع، وبفسادها يفسد المجتمع وينحل، فلذلك نرى أنهم وضعوا كل جهودهم وأفكارهم الشيطانية مستخدمين وسائل الإعلام كالتلفاز، والفيديو، والدش وغيرها من الوسائل التي وضعوا فيها أفلامًا خليعة تفسد المرأة المسلمة. 2 - وقد استطاع شياطين الغرب بمساعدة شياطين الشرق إفساد المرأة المسلمة، فسلخوها من حجابها وعفتها وكرامتها، وأدخلوها جميع ميادين العمل، وجعلوا منها دعايات لتصريف منتجاتهم، فأصبحت المرأة المسلمة بعيدة عن دينها وحجابها، ففسدت الأسرة وفسد المجتمع بفسادها، فانحجب نصر الله عن هذه الأمة، ونزل بها سخطه وغضبه، وأصبحنا أذل أمة بعد أن كنا أعز أمة وصدق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين قال: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ولو ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله. 3 - وكذلك لا ننسى أن انحراف المرأة، والإنحراف بالمرأة كان السبب الأول في أن حضارات قديمة إنهارت وتمزقت كل ممزق ونزل بها العقاب الإِلهي كالأوجاع والأمراض الفتاكة وغيرها كما وقع لليونان، والرومان والفرس والهنود، وبابل وغيرها من الممالك. "انظر كتاب الحجاب للمؤودي" 4 - أما في عصرنا الحاضر، فلا زلنا نسمع عن البراكين التي هددت سكان إحدى المدن الِإيطالية المشهورة بالفساد والدعارة، ونوادي المرأة، وإذا انتقلنا إلى البلاد الإِسلامية لرأينا كيف أن غضب الله -عَزَّ وَجَلَّ- وسخطه قد نزل في هذه البلاد بسبب الفساد والإنحلال، وانتشار الزنا والفاحشة؛ فكثرت بسبب ذلك الزلازل والفتن وغيرها من أنواع العذاب والهلاك والحروب المدمرة، ولن يرفع الله عنا العذاب إلا بالتوبة والرجوع إلى الله. 5 - إن المرأة تملك مجموعة من المواهب العظيمة الجديرة بأن تبنى أُمة، لو قامت بواجبها في تربية الأولاد الذين يتكون منهم المجتمع، كما أنها تستطيع أن تهدم أُمة إذا فسدت أخلاقها، وتركت الواجبات الملقاة على عاتقها، لذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

فساد المرأة والرجل

(إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء). "رواه مسلم" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما تركت فتنة بعدي في الناس أضرَّ على الرجال من النساء). "رواه البخاري" 6 - إن المرأة هي نصف الأمة، ثم هي التي تلد لنا النصف الآخر، فهي أُمة بأسرها. فساد المرأة والرجل لقد تفنن أعداء الإِسلام في إفساد المرأة المسلمة بوسائل وأساليب عديدة لا يمكن حصرها، وجميعها مخططة ومدروسة لإِفساد المرأة المسلمة وسلخها من دينها وأخلاقها وعفتها، فكانت الأزياء والموديلات المكشوفة إحدى هذه الوسائل الفتاكة، إنهم يعلمون جيدًا ميول المرأة إلى اقتناء الفساتين المكشوفة، والكوافيرات، وأدوات الزينة المتنوعة، لفتنة الرجال في المعامل والمصانع والمتاجر التي دخلتها المرأة باسم العمل والتقدم والرقي والحضارة الزائفة. فالمرأة حينما تذهب إلى وظيفتها، فلا بُد لها -حسب العادة- من أنواع الألبسة الجذابة، والموديلات المتعددة، والتسريحات المختلفة، وغيرها من أنواع الزينة التي تتغير وتتبدل، وهذا ما يدفعها لصرف مرتبها الشهري لتظهر بمظهر أنيق وجذاب، علما بأن أكثر الملابس وأنواع الزينة مستوردة من البلاد الأجنبية الموالية للصهيونية لتمدها بالمال للقضاء على المسلمين، فوقع المسلمون في الخسارة المادية، والخسارة الأخلاقية، والتشبه بالكفرة، وصدق فيهم قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لتركَبن سنَن مَن كان قبلكم شِبرًا بشِبر، وذراعًا بذراع، حتى لو أن أحدَهم دخل جُحرَ ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدَهم جامعَ امرأته بالطريق لفعلتموه). "صححه الألباني في الصحيحة وصحيح الجامع" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما تركت فتنة بعدي أضَر على الرجالِ مِن النساء)."متفق عليه"

مسؤولية المرأة المسلمة

مسؤولية المرأة المسلمة لقد كرم الإِسلام المرأة، وألزمها بعمل عظيم في بيتها، وهو تربية أولادها التربية الصالحة، فمن يدري؟ فلعل هذا الطفل الذي تربيه يكون له مستقبل عظيم، فقد يكون رئيس دولة، أو قائد جيش، أو أي عمل كبير يتوقف عليه صلاح المجتمع باكمله، ولهذا قال أحد الحكماء: إن المرأة التي تهز السرير لطفلها بيمينها، تهز العالم بأسره. وصدق الشاعر حين قال: الأم مدرسة إذا أعددتها ... أعددت شعبًا طيب الأعراق فعمل المرأة في بيتها مهم جدًّا إذا قامت بتربية أولادها التربية الصالحة وهو عمل فطري عند المرأة تميل إليه، وتحب القيام به. تدبير المنزل: المرأة هي سيدة بيتها، فهي مسؤولة عنه، تسعى لتحسينه، وتهيئة جميع الوسائل لجعله مأوى يأوي إليه الزوج فينسى أتعابه، وقد قدم لزوجته ما يحتاج إليه البيت من نفقات متعددة، وأراحها من عناء طلب الرزق الذي لا تستطيعه المرأة. فالرجل عليه مسؤولية، والمرأة عليها مسؤولية، كل حسب اختصاصه وفطرته وميوله، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: (كُلكُم راع وكلكم مَسؤول عن رَعيته، فالِإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها) "متفق عليه"

نتائج عمل المرأة خارج البيت

نتائج عمل المرأة خارج البيت لقد كان لعمل المرأة خارج البيت نتائج سيئة على نفسها وأسرتها والمجتمع ومنها: 1 - مزاحمة الرجال يوميًا في الحافلات والعمل، وقد تتعرض للإِرهاق والتعب، والخطورة أحيانًا بسبب الِإزدحام والعمل، فيفقدها بعض أنوثتها وجمالها. 2 - إن عمل المرأة خارج البيت يشغلها عن واجباتها المنزلية، وتربية أولادها، وقد يستاء الرجل من إهمالها، فيضطر إلى طلاقها وفراقها، أو الزواج من غيرها. 3 - قد يسبب العمل طلاقها، وهدم أسرتها، وتشتيت أولادها بسبب علاقتها مع رجل في العمل، لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. 4 - إن عمل المرأة يسبب فراقها لأولادها مما يقفدهم عاطفتها وتربيتها لهم، وقد يسبب انحرافهم وشذوذهم مما يدفعهم إلى الجرائم، كما أوضحت تلك النتائج في المجتمعات الغربية. 5 - ومن النتائج السيئة أن الوظيفة قد تقضي على الطفل: فهذه موظفة حان وقت دوامها، وولدها مريض، وهو ينادي أُمه: إلى من تتركيني وحدي في البيت؟ ولكن الأم كانت مضطرة للإلتحاق بعملها فتركته وهو يقول: أمي، أمي، بصوت خافت؟ وحينما عادت الأم إلى البيت وجدت ولدها جثة هامدة قد فارق الحياة، وحزنت وبكت على طفلها، وندمت على فعلها حيث لا ينفع الندم، وقالت في نفسها: ما هي الفائدة من هذه الوظيفة، بل ما الفائدة من المال الذي يكون سببًا في موت طفلي، وهو أعز ما يملكه الإِنسان.

المرأة سبب البطالة في المجتمعات الغربية

المرأة سبب البطالة في المجتمعات الغربية 1 - لقد دخلت المرأة جميع ميادين العمل في المجتمعات الغربية، فكثرت البطالة في تلك المجتمعات بشكل متفاقم، مما تعسر على علماء الإقتصاد إيجاد حلول لتخفيف حدة البطالة، أو توقيف زيادتها على الأقل، وكان السبب الرئيسي والمباشر للبطالة في تلك المجتمعات هو دخول المرأة جميع ميادين العمل دون استثناء: مزاحمة الرجال في الدوائر الحكومية والشركات، والمصانع، وغيرها من الوظائف. 2 - أن الأزمات الاقتصادية التي أصابت المجتمعات الغربية جعلها تسرح عددًا كبيرًا من الموظفين والعمال، وأول ما وقع عليه التسريح هم الرجال، لأن أصحاب الشركات والمصانع والمحلات التجارية وغيرها يفضلون الإحتفاظ بالمرأة على الرجل لما للمرأة من جاذبية وأنوثة وإغراء لجلب الزبائن والحلفاء. 3 - ومن المؤسف أن تحذوَ البلاد العربية والِإسلامية حذوَ المجتمعات الغربية فتدخل المرأة ميادين العمل في دوائر الحكومة، حتى المحاماة، وكثيرًا ما تدخل الشركات، والمؤسسات الخاصة والعامة، وحتى المعامل، مما سبب البطالة للرجال الذين عليهم مسؤولية الإِنفاق على أسرتهم، وتدهورت الأخلاق، وانتشرت الفاحشة في تلك الأماكن التي اختلط فيها الرجال والنساء، وساءت العلاقة بين الزوج وزوجته نتيجة هذا الإختلاط.

خطر الإختلاط في المدارس

خطر الإختلاط في المدارس إن اختلاط الرجال والنساء ولا سيما في المدارس له خطر عظيم على الرجل والمرأة، وعلى الطلاب والطالبات. 1 - كانت إحدى كليات الزراعة في بلد عربي إسلامي تجري تجارب لطلابها وطالباتها في المزرعة، فكان أحد الطلاب يذهب بطالبة إلى أماكن الحمامات، ليختلي بها في الحمام بعد أن ترك التجارب الزراعية، وقد رآه حارس المزرعة يدخل الحمام مع زميلته، وهذه السمعة السيئة تؤثر على الطالبة أكثر من الطالب. 2 - كثيرًا ما يجتمع المدرسون والمدرسات في غرفة واحدة، ويحصل المزاح، وتتبادل الضحكات، فيكون الفساد، وتتغير نفسية الزوج على زوجته، فلم تعد تعجبه، لأنه رأى أجمل منها، وكانت المشاكل بين الزوجين التي تؤدي إلى الطلاق، والسبب في هذا الفراق هذه المدِّرسة السافرة التي جلست مع المدرس فأفسدته. 3 - حتى الأطفال الصغار الذين كانوا يتعلمون عند المعلمة، ثم انتقلوا إلى الصف الذي يعلمهم فيه معلم كانوا يتحدثون لمعلمهم عن مشاكلهم مع المعلمة؛ وأن أحد الطلبة كان ينظر إلى فخذ المعلمة عندما تنحني نحو الأرض. 4 - لقد حمى الله البلاد السعودية من هذا الإختلاط الضار في جميع مراحل التعليم، فكانت الطالبة السعودية أكثر التزامًا بالحجاب والأخلاق من غيرها.

شروط عمل المرأة المسلمة

شروط عمل المرأة المسلمة إن الإِسلام الذي كرم المرأة أحسن تكريمٍ، وسمح لها بالعمل النبيل ضمن أسرتها ومجتمعها، حتى تكون عنصرًا أساسيا وفعالًا في بناء الأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، والدول المسلمة، فالإِسلام لا يمنع المرأة منعًا باتًا، بل حدد لها نوعية العمل، مع ما يتناسب وطبيعتها التي فطرها الله عليها، ووضع لعملها شروطًا تحفظ لها كرامتها: 1 - ألا تختلط المرأة بالرجال في عملها، فهذا الإختلاط يضر بالمرأة والرجال. 2 - أن يكون العمل بموافقة الزوج أو الأب، أو الأخ، أو مَن هو مسؤول عنها. 3 - أن يتناسب العمل مع طبيعتها بعيدًا عن الِإرهاق والتعب الشديد الشاق. 4 - يجب على المرأة أن تعمل في المجالات التي تعود على المجتمع بالنفع والفائدة: (أ) في مجال التربية والتعليم: لتستطيع أن تعلم البنات بدلاً من تعليم الرجال لهن. (ب) في مجال الطب، والتمريض النسائي حتى تداوي النساء بدلاً من الأطباء. (ج) الخياطة النسائية: لكي تخيط لبنات جنسها فلا يذهبن إلى الخياطين من الرجال. 5 - ألا يأخذ عملها جُل وقتها، وأن تعطي شيئًا من وقتها لأداء واجباتها المنزلية، وتلبية رغبات زوجها، والحرص على تربية أولادها. 6 - ألا تتزين عند خروجها، ولا تضع المساحيق على وجهها، ولا تتعطر، بل تلبسَ الجلباب الأسود الطويل العريض، وتغطي الوجه عند ملاقاة الرجال.

كيف تختار المرأة زوجها وكيف يختارها؟

كيف تختار المرأة زوجها وكيف يختارها؟ 1 - لا تنظري إلى المال والجاه والجمال، واختاري صاحب الدين لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أتاكم مَن ترضون خُلُقه ودينَه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فِتنة في الأرض وفساد عريض). "حسن رواه الترمذي وغيره" 2 - إذا أحبك الزوج صاحب الدين فسيكون لك عونًا على أمور دينك ودنياك. 3 - إذا لم يحبك فهو على الأقل لا يكرهك، ولا يظلمك ويحتقرك، فهو يعمل بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يَفرك مؤمن مؤمنة، إن كَرِهَ منها خلقًا، رضيَ منها غيره). "رواه مسلم" 4 - الزوج المتدين يكون لك عونًا على تربية أولادك التربية الإِسلامية الصحيحة. 5 - سيكون الإِسلام هو المرجع الأساسي لحياتكما ترضيان الحكم به، فيحقق لكما سعادة الدنيا والآخرة. 6 - الزوج المتدين ينصحك إذا أخطأت، ويبين لكِ الصواب، فاقبلي منه. 7 - على الزوج المسلم أن يختار الزوجة الصالحة المتمسكة بالدين، المحجبة التي تحفظ بيتها وأسرتها من الفساد، وتراعي حق الزوج عليها امتثالًا لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسَبها، ولجمالها، ولدِينها، فاظفَر بذاتِ الدين ترِبَتْ يداك). "متفق عليه" والهدي النبوي يبين للزوجين أن العبرة للعمل لا للشكل: قال: - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامِكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) "مسلم"

حرية المرأة في اختيار زوجها

حرية المرأة في اختيار زوجها لقد كرم الإِسلام المرأة، وحفظ لها حقها في اختيار الزوج، واحترم إرادتها وهذا الموقف من أدق المواقف في حياتها، وأمسها بمستقبلها ويتجلى هذا التكريم وهذه الحرية للمرأة فيما يلي: إذن البنت في الزواج: لقد أعطى الإِسلام حق المرأة البكر في اختيار الزوج. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجارية يُنكحها أهلها، أتُستأمر أم لا؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نغم تُستأمَر) فقالت: فقلت له: إنها تستحي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فذلك إذنها، إذا هي سكتت). "أخرجه البخاري في النكاح" 1 - البكر الصغيرة: يجوز للأب أن يزوج بنته الصغيرة بدون إذنها، قال الحافظ ابن حجر إذ لا معنى لاستئذان من لا تدري ما الإِذن؟ ومن يستوي سخطها وسكوتها. "فتح الباري 9/ 193" والدليل من القرآن قول الله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] والأيِّم: الأنثى التي ليس لها زوج صغيرة كانت أو كبيرة. والدليل من السنة أن أبا بكر زوج عائشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين. "متفق عليه" 2 - المرأة البالغة الثيب: وهي التي تزوجت ثم فارقت زوجها فلا يجوز تزويجها بغير إِذنها ورضاها، وإذنها كلامها. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُنكَح الأيِّم: حتى تُستأمَر). "رواه البخاري" قال الحافظ ابن حجر: وظاهر الحديث أن الأيِّم: هي الثيِّب التي فارقت زوجها بموت أو طلاق لمقابلتها بالبكر، وهذا هو الأصل. والمعنى: لا يعقد عليها حتى يطلب الأمر منها، وتأمر بذلك. "فتح الباري" قال البغوي: فإن زوجها وليها بغير إذنها فالنكاح مردود. وعن خنساء بنت خدام الأنصارية -رضي الله عنها-: "أن أباها زوجها وهي ثيِّب، فَكرهَت ذلك، فأتَت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فردَّ نكاحها". "أخرجه البخاري"

3 - البكر البالغة: لا يجوز لوليها أن يزوجها حتى يأخذ رأيها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُنكَح البكر حتى تُستأذن، ولا الثيب حتى تُستَأمر، فقيل له: إن البكر تستحي، فقال: إذنها صماتها وفي رواية البِكر يَستأذنها أبوها). "رواه البخاري" وهذا الإستئذان يشمل الأب وغيره، ممن هو ولي عليها. وأيضًا فإن الأب ليس له في أن يتصرف في مالها إذا كانت بالغة إلا بإذنها، قال ابن القيم -رحمه الله-: ومعلوم أن إخراج مالها كله بغير رضاها أسهل عليها من تزويجها بمن لا تختاره بغير رضاها. "انظر زاد المعاد ج 5/ 99" "انظر هذا البحث في كتاب: (المرأة بين تكريم الإِسلام وإهانة الجاهلية) للأخ محمد إسماعيل المقدم"

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يكرم البنات

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يكرم البنات لقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - الآباء والمربين بحسن صحبة البنات، والعناية بهن، ورغب في الإِحسان إليهن، ورحمتهن: 1 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن عال (¬1) جاريتين حتى تبلُغا (¬2) جاء يوم القيامة أنا وهو -وضم أصابعه- أي معًا). "رواه مسلم" 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من عال جاريتين حتى يُدركا، دخلتُ أنا وهو الجنة كهاتين). "رواه مسلم" 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن كان له ثلاث بنات فصبرَ عليهن، وأطعمَهن، وسقاهن وكساهن مِن جدَته - (يعني ماله) - كُن له حِجابًا من النار) "صححه الألباني في صحيح الجامع" 4 - (منَ ابتُليَ مِن هذه البنات بشيء فأحسن إليهن، كُن له سِترًا من النار) "متفق عليه" قوله - صلى الله عليه وسلم -: (بشيء) يصدق على البنت الواحدة. 5 - وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (جاءت مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعَمتها ثلاثَ تمرات، فأعطت كل واحدة تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لِتأكلها فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صَنعَت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الله قد أوجبَ لها بها الجنة، أو أعتقها من النار". "متفق عليه" 6 - وقال محمد بن سليمان: البنون نِعَم، والبنات حسنات، والله -عَزَّ وَجَلَّ- يحاسب على النِعم، ويجازي على الحسنات. ¬

_ (¬1) عال: قام بمؤونة بنتين، وأتفق عليهما. (¬2) حتى تبلغا: أي تتزوجا، قال القرطبي: أي إلى أن تستقرا بأنفسهما، وذلك أن يُدخَل بهن، ولا يعني بلوغ المحيض، إذ قد تتزوج قبل ذلك، وقد تبلغ غير مستقلة بنفسها، ولو تُركت لضاعت، ولذا لا تسقط نفقتها عن الأب بالبلوغ، بل بالدخول بها.

القرآن يكرم الإناث

القرآن يكرم الإناث جاء الإِسلام يكرم الِإناث، وينهى عن كراهية البنات والحزن لولادتهن، وأن هذا التشاؤم من عمل الجاهلية. 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 59] إن هذا العمل مِن ضعف الإِيمان وزعزعة اليقين، لكونهم لم يرضوا بما قسم الله لهم من الِإناث، ومن الغريب أن بعض المسلمين والمسلمات يكرهون ولادة البنات، ويحبون ولادة البنين، كانهم لم يسمعوا قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 49، 50] وما سماه الله هبة فهو أولى بالشكر، وبحسن القبول أحرى، قال واثلة بن الأسقع: إن مِن يُمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، وذلك أن تعالى يقول: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ}. فبدأ بالِإناث. "انظر: الجامع لأحكام القرآن" أقول: والأُم تستفيد مِن بنتها في مساعدتها أكثر من البنين ولا سيما في البيت. 3 - وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أن رجلاً كان عنده، وله بنات، فتمنى موتهن، فغضب ابن عمر، فقال "أنت ترزقهن؟ ". "رواه البخاري في الأدب المفرد" 4 - قال الإِمام المحقق ابن قيم الجوزية -رحمه الله-: فقسم سبحانه وتعالى حال الزوجين إلى أربعة أقسام اشتمل عليها الوجود، وأخبر أن ما قدره بينهما من، الولد، فقد وهبهما إياه، وكفى بالعبد تعرضًا لمقته أن يتسخط ما وهبه (الله تعالى) وبدأ سبحانه وتعالى بذكر الإِناث، فقيل: جبرًا لهن لاستثقال الوالدين لمكانهن، وقيل- وهو أحسن- إنما قدمهن للسياق لأن سياق الكلام أنه فاعل ما يشاء، لا ما يشاء الأبوان, فإن الأبوين لا يريدان إلا الذكور غالبًا، وهو سبحانه قد أخبر أنه يخلق ما يشاء، فبدأ بذكر النصف الذي يشاء، ولا يريده الأبوان. وعندي وجه آخر: وهو أنه سبحانه قدم ما كانت تؤخره الجاهلية من أمر البنات، حتى كانوا يئدوهن، أي هذا النوع المؤخر عندكم مقدم عندي على الذكر، وتأمل

كيف نكر سبحانه الِإناث، وعرَّف الذكور، فجبر نقص الأنوثة بالتقديم وجبر نقص التأخير بالتعريف. "انظر: تحفة المؤود بأحكام المولود ص 20 - 21" 5 - وقال ابن القيم: وقد قال الله تعالى في حق النساء: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19] وهكذا البنات أيضًا قد يكون للعبد فيهن خيرًا في الدنيا والآخرة، ويكفي في قبح كراهتهن أن يكره ما رضيه الله، واعطاه عبده. (انظر تحفة المودود ص 126" ولعله من أجل هذا نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تهنئة المتزوج بعبارة: (بالرفاء والبنين)، لأن فيها الدعاء له بالبنين دون البنات، فعن الحسن أن عقيل بن أبي طالب تزوج امرأة من جُشم، فدخل عليه القوم، فقالوا: بالرفاء والبنين، فقال: لا تفعلوا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، قالوا: فما نقول يا أبا زيد؟. قال: قولوا: بارك الله لكم، وبارك عليكم، إنا كذلك كنا نؤمر. "رواه أحمد وغيره، وهو قوي بمجموع طرقه" "انظر آداب الزفاف للشيخ الألباني ص 176"

كرامة المرأة المسلمة

كرامة المرأة المسلمة لقد بلغ من كرامة المرأة المسلمة أنها كانت تجير الخائف، وتفك الأسير، وهذا يدل على احترام المرأة المسلمة غاية الإحترام: 1 - فقد أجازت أم هانىء بنت أبي طالب رجلين مِن أحمائها (¬1) كُتب عليهما القتل قالت -رضي الله عنها-: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوبه، فسلّمتُ عليه، فقال: "مَن هذه؟ " فقلت: "أنا أُم هانىء بنت أبي طالب" فقال: "مرحبًا بأم هانىء" فلما فرغ مِن غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفًا في ثوب واحد، فلما انصرف قلت: "يا رسول الله، زعم ابن أمي علي: أنه قاتلٌ رجلاً قد أجرتُه (¬2) فلان بن هبيرة .. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قد أجَرنا من أجرتِ يا أم هانىء) قالت أم هانىء: وذلك ضُحى. "رواه البخاري" 2 - ولما أسر المسلمون أبا العاص بن الربيع، وغنموا ماله فيما أسروا وغنموا وكان زوج زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن الإِسلام فرَّق بينهما، استجار أبو العاص بزينب -رضي الله عنها-، فوعدته خيرًا وانتظرت حتى صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر بالمسلمين، ثم وقفت على بابها -في المسجد- فنادت بأعلى صوتها: إني قد أجرتُ أبا العاص بن الربيع .. ، فمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أيها الناس هل سمعتم ما سمعت؟) قالوا: نعم. قال: (فو الذي نفسي بيده ما علمت بشيء مما كان حتى سمعتم الذي سمعتم: المؤمنون يدٌ على مَن سِواهم، يُجير عليهم أدناهم، وقد أجَرنا من أجارت). "جاء معنى هذا الحديث في البخاري" فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى منزله دخلت عليه زينب فسألته أن يرد على أبي العاص ما أُخذ منه، ففعل. وقد عاد أبو العاص بعد ذلك إلى مكة، فأدى الحقوق إلى أهلها، ثم آب إلى المدينة مسلمًا، فرد عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - زوجه زينب). "انظر سير أعلام النبلاء 1/ 332، والإصابة 7/ 48" ¬

_ (¬1) أحمائها: جمع حمَو، والمراد أبو الزوج ومن كان قِبلَه. (¬2) أجرته: منعت مَن يريده بسوء وآمنته شره وأذاه.

تحريم قتل النساء في الحرب

تحريم قتل النساء في الحرب لقد بلغ من تكريم الإِسلام للمرأة أنه حرم قتلها، وقتل الأطفال والشيوخ في الجهاد إلا أن يقاتلوا، فيدفعوا بالقتل: 1 - فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث جيشًا قال: "انطلقوا باسم الله، لا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلًا صغيرًا، ولا امرأة، ولا تغلُّوا، وضُموا غنائمكم، وأصلِحوا وأحسِنوا إن الله يحب المحسنين". "حسنه محقق جامع الأصول بشواهده" 2 - وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: وُجدَت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان، وفي رواية: (فأنكر). "متفق عليه" 3 - وعن رباح بن الربيع -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة، فرأى الناس مجتمعين على شيء، فبعث رجلاً فقال: اُنظر علامَ اجتمع هؤلاء؟ فجاء فقال: على امرأة قتيل، فقال: "ما كانت هذه لِتقاتِل" قال: وعلى المقدمة خالد بن الوليد، قال: فبعث رجلاً، فقال: "قل لخالد: لا تقتلَن امرأة ولا عسيفًا". (العسيف: الأجير). "حسنه الألباني في الإرواء ج 5/ 35" 4 - وصدق المستشرق الفرنسي حين قال: ما عرف التاريخ فاتحًا أرحمَ مِن العرب.

محافظة الإسلام على سمعة المرأة

محافظة الإِسلام على سمعة المرأة 1 - لقد بلغ من محافظة الله تعالى على سمعة المرأة المسلمة أنه أنزل في هذا المعنى قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة، يحذر فيه من إشاعة السوء عن المرأة المسلمة، فقال -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] فجعل الله سبحانه في هذه الآية عقوبة القاذف المتهم للمرأة المسلمة بالزنا جلد ثمانين جلدة، إذا لم يأت بأربعة شهداء، ثم دعَّم هذه العقوبة بعدم قبول شهادته أبدًا، ثم وصفه بالفسق الذي يستحقه. 2 - لم يكتف سبحانه وتعالى بهذا العقوبات، بل هددهم بما هو أشد، فقال -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 23 - 25] 3 - وفي حديث الِإفك بالنسبة لعائشة أُم المؤمنين أنزل الله تبرأتها في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]

الوحي ينتصر للمرأة

الوحي ينتصر للمرأة كان الوحي ينتصر للمرأة إنصافًا لها، وانتصارًا لحقها، بل أنزل سورة خاصة بها تدعى سورة المجادلة: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى علَيَّ بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تقول: (يا رسول الله، أكلَ مالي، وأفنى شبابي، ونثَرت له بَطني، حتى إذا كبِرتْ سِني، وانقطع ولدي ظاهر مني (¬1)!!! "اللهم إني أشكو إليك". قالت: فما برَحتْ حتى جاء جبريل بهذه الآية: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} "المجادلة: آية 1" "رواه البخاري تعليقا، وغيره" لقد نزل الوحي مؤيدًا لهذه المرأة الصالحة التي شكت أمرها إلى الله وجادلت النبي - صلى الله عليه وسلم - في زوجها، وما جرى معها، فاستجاب الله شكواها حالًا؛ وهذه عادة المرأة المسلمة إذا أصابها شيء شكت أمرها إلى الله، ودعت الله وحده، ولم تدعُ غيره، ولم تذهب إلى الكهنة والعرافين، كما يفعل بعض النساء في عصرنا الحاضر، إذا أصابها شيِء لجأت إلى الأولياء تدعوهم، مع أنهم أموات لا يسمعون، ولا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا، فهم بحاجة إلى الدعاء. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 20، 21] ودعاء غير الله من الأموات أو الغائبين من الشرك الذي يحبط العمل: قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} [الجن: 20] وقوله تعالى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] وبعض النساء يذهبن إلى السحرة والكهنة والعرافين الذين قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيهم: (من أتى كاهنًا أو عَرافًا فصدَّقه فيما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد). "رواه أحمد وصححه الألباني" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن أتى عرافًا، فسأله عن شيء لم تُقبَل له صلاة أربعين ليلة). "رواه مسلم" ¬

_ (¬1) أي قال لها: أنت علَي كظهرِ أُمي يريد تحريمها عليه.

العمل بمشورة النساء الصالحات

العمل بمشورة النساء الصالحات 1 - جاء الملك جبريل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غار حراء فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد، وأخبرها الخبر: (لقد خشيتُ على نفسي) (¬1) فقالت خديجة: كلا والله ما يُخزيك الله أبدًا، إنك لَتصِل الرحم، وتحمِل الكَلَّ (¬2)، وتكسِب المعدوم، وتَقري الضيف، وُتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل (¬3) فقالت له خديجة يا ابن عم: اسمع مِن ابن أخيك، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبرَ ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس (¬4) الذي نزَل الله على موسى، يا ليتني فيها جَذعًا ليتني أكون حَيًا إذ يُخرجك قومك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ مخرجِيَّ هم؟ " قال: نعمٍ، لم يأتِ رَجل قط بمِثل ما جئتَ إلا عوديَ، وإن يُدركني يومك أنصرك نَصرًا مؤزرًا). "رواه البخاري في كتاب بدء الوحي" فأنت ترى أن خديجة شجعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الإستمرار في الدعوة، وأن الله لا يتخلَّى عنه لما تعلم من الصفات الحسنة التي كان يتصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثل مساعدة الضعيف، والفقير وإكرام الضيف، ومعاونة أصحاب النوازل والمصائب. قال ابن حجر: وفي هذه القصة من الفوائد: أ - استحباب تأنيس مَن نزل به أمر بذكر تيَسيره عليه، وتَهوينه لَدَيه. ب - أن مَن نزل به أمرٌ استحب له أن يُطلِع عليه مَن يثق بنصيحته، وصِحة رأيه. "فتح الباري 1/ 125 " أقول: حتى ولو كانت امرأة كخديجة، هذا من تكريم الإِسلام للمرأة. 2 - الشروط في عمرة القضاء: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: (قوموا فانحروا، ثم احلِقوا)، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث، مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سَلمَة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدًا منهم حتى تنحر ¬

_ (¬1) خشيت على نفسي من المرض والموت. (¬2) الكَل: الضعيف الذي لا يستقل بأمره. (¬3) ورقة بن نوفل: كان على دين المسيح قبل أن يُبدل. (¬4) الناموس: صاحب السر وهو جبريل -عليه السلام-.

موقف المرأة المسلمة من الدين

بُدْنك، وتدعوا حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد يقتل بعضهم بعضًا غمًا. "رواه البخاري" أ - والقصة دليل على أن المرأة الصالحة تُستشار في شؤون الأمة، ويُعمل برأيها في القضايا المهمة، وتدل على وفور عقل أم المؤمنين أم سلمة وصواب رأيها، حيث نفذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - اقتراحها، وانتهت المشكلة. ب - والقصتان السابقتان: خديجة وأم سلمة، ومشورة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهما في أمور حصلت له يدل على احترام الإِسلام للمرأة، ويُبطل القول المنسوب إلى الخليفة عمر: "شاوروهن وخالفوهن" ومعاذ الله أن يخالف عمر عمَلَ رسول - صلى الله عليه وسلم -، ويخالف القرآن القائل: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] موقف المرأة المسلمة من الدين 1 - إن المسلم رجلاً كان أو امرأة، حينما أعلن كل واحد منهما ولاءه لله -عَزَّ وَجَلَّ- ورضي بالله ربًا، وبالاسلام دينًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولًا كان على كل واحد منهما أن يعطى الثقة التامة والكاملة للتعاليم الإسلامية، لأنها ربانية جاءت لسعادة الرجل والمرأة في الدنيا والآخرة: قال الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: 51] 2 - فلا بُدَّ للمرأة المسلمة أن تذعن لتعاليم الإِسلام وأحكامه التي جاءت لعزتها وكرامتها، وإنصافها في جميع حقوقها مع الرجل وما يتناسب مع فطرتها، وطبيعتها التي فطرها الله عليها، وهو أعلم بخلقها: {أَلَا يَعْلَمُ مَن خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] وقد أشار القرآن من موقف المرأة المسلمة من الدين فقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36] وقد توعد الله تعالى من خالف أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]

وصية امرأة لابنتها في زفافها

وصية امرأة لابنتها في زفافها قالت امرأة تزف ابنتها إلى الملك الحارث بن عمرو الكندي: أي بُنية إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب أو مكرمة نسب لتركت ذلك معك، ولكنها تذكرة للعاقل، ومُنبهة للغافل. أي بُنية: لو استغنت ابنة عن زوج لِغنى أبويها، لكنتِ أغنى الناس عنه، لكنا خُلقنا للرجال، كما خُلق الرجال لنا. أي بُنية: إنك فارقت الوطن الذي منه خرجت، والعش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، أصبح بملكه إياكِ مَلِكًا عليك، فكوني له أمةً يكن لك عبدًا واحفظي له عشر خصال يَكُنَّ لك ذُخرًا. 1 - الصحبة بالقناعة: فإن في القناعة راحة القلب. 2 - المعاشرة بحسن السمع والطاعة: فإن فيهما رضا الرب. 3 - التعهد لموضع عينيه والتفقد لموضع أنفه: فلا تقع عينيه منك على قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا أطيب ريح. 4 - الكحل والماء: واعلمي أن الكحل أحسن الموجود، وأن الماء أطيب المفقود. 5 - التعهد لوقت طعامه: فإن حرارة الجوع ملهبة. 6 - الهدوء عند منامه: فإن تنغيص النوم مغضبة. 7 - الإحتفاظ ببيته وماله: فإن حفظ المال من حسن التقدير. 8 - الرعاية لحشمه وعياله: فإن الرعاية على الحشم والعيال من حسن التدبير. 9 - ألا تفشي له سرًا: فإن أفشيت له سرًا لم تأمني غدره. 10 - ألا تعصي له أمرًا: فإن عصيت أمره أوغرت صدره. وأشد ما تكونين له إعظامًا أشد ما يكون لك إكرامًا، وأكثر ما تكونين له موافقة أحسن ما يكون لك مرافقة؛ واعلمي أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري هواه على هواك ورضاه على رضاك فيما أحببت أو كرهت.

شرط الولي لنكاح المرأة

شرط الولي لنكاح المرأة لقد اشترط الإِسلام موافقة ولي أمر المرأة على نكاحها تكريمًا لها وحفاظًا على مستقبلها، وهو أدرى بها من نفسها. 1 - قال الله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] 2 - قال تعالى حكاية عن قول والد المرأتين اللتين وجدهما موسى على البئر: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27] فالخطاب في الآيتين للرجال، ولو كان للنساء لذكر ذلك، وهذا مستفاد من قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] 3 - وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا نكاح إلا بولي، والسلطان وَلي مَن لا وَلي له)."صحيح رواه أحمد" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا نكاح إلا بولي، وشاهدَي عدل). "صححه الألباني في الإرواء" قال الصنعاني: والحديث دل على أنه لا يصح النكاح إلا بولي، لأن الأصل في النفي نفي الصحة لا الكمال. "انظر: سبل السلام 3/ 117" 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة نُكحِت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، وإن اشتجروا فإن السلطان وَلي مَن لا ولي له). "صححه الحاكم ووافقه الذهبي" 5 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُزوج المرأةُ المرأةَ، ولا تُزوج المرأةُ نفسَها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها). "قال الحافظ في بلوغ المرام: رجاله ثقات، وصحح الألباني الجملة الأولى. وصحح وقف الجملة الأخيرة على أبي هريرة" إن الشرع الحكيم لما اشترط للزواج موافقة الولي، كان له أهداف عظيمة، وفوائد كثيرة، وهي في مصلحة المرأة: 1 - قال الشيخ ولي الله الدهلوي -رحمه الله- في حجة الله البالغة: وفي اشتراط الولي في النكاح تنويه أمرهم، واستبداد النساء بالنكاج وقاحة منهن، منشؤه قلة الحياء، والتعدي على الأولياء، وعدم الإكتراث بهم. 2 - يجب أن يُميز النكاح من السفاح بالتشهير، وأحق التشهير أن يحضر أولياؤها. 3 - أقول: ويشهد لهذا المعنى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

"فصلُ ما بين الحلال والحرام ضرب الدف، والصوت في النكاح". "صحيح رواه أحمد" فهذا الحديث يدل على أن الفرق بين الحلال وهو الزواج الشرعي، وبين الزنا وهو الحرام ضرب الدف للبنات لِإعلانه، وكذلك الغناء النزيه للبنات أيضًا. 4 - كما أن المرأة لقلة تجربتها في المجتمع، وعدم معرفتها شؤون الرجال وخفايا أمورهم غير مأمونة حين تستبد لسرعة انخداعها، وسهولة اغزارها بالمظاهر البراقة دون تفكير في العواقب وقد اشترط إذن الولي مراعاة لمصالحها، لأنه أبعد نظرًا، وأوسع خبرة، وحكمه موضوعي لا دخل فيه للعاطفة أو الهوى، بل يبنيه على اختيار من يكون أحسن عشرة. 5 - وكيف لا يكون لوليها في زواجها إذن، وهو الذي سيكون شاءت أم أبت بل شاء أو أبي المرجع في حالة الاختلاف، وفي حالة فشل الزواج يبوء هو بآثار هذا الفشل. "انظر: كتاب المرأة بين تكريم الإِسلام وإهانة الجاهلية"

واجب ولي المرأة

واجب ولي المرأة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أتاكم من ترضون خُلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عريض) "حسن رواه الترمذي" 1 - يجب على الولي أن يتقي الله فيمن يزوجها به، وأن يراعي خصال الزوج الصالح، فلا يزوجها ممن ساء خلقه، أو ضعف دينه. قال بعض السلف: من زوج كريمته من فاجر فقد قطع رحمها. وقال رجل للحسن: قد خطب ابنتي جماعة، فَمِمَّن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أِبغضها لم يظلمها. 2 - قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: وإذا رضيتْ رجلاً، وكان كفؤًا لها، وجب على وليها كالأب، ثم الأخ، ثم العم أن يزوجها به، فإن عضلها أو امتنع عن تزويجها زوجها الولي الأبعد منه، أو الحاكم بغير إذنه باتفاق العلماء، فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفؤًا لها باتفاق العلماء. وإنما يعضلها أهل الجاهلية والظلمة الذين يزوجون نساءهم لمن يختارونه لغرض، لا لمصلحة المرأة، ويكرهونها على ذلك، أو يخجلونها حتى تفعل ذلك ويعضلونها عن نكاح من يكون كفؤًا لها لعداوة أو غرض، وهو ممن حرمه الله ورسوله، واتفق المسلمون على تحريمه. وأوجب الله على أولياء النساء أن ينظروا في مصلحة المرأة لا في أهوائهم، فإن هذا من الأمانة التي قال الله تعالى فيها: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58] "انظر: مجموع الفتاوى 32/ 39 - 52" 3 - ويجوز للرجل أن يعرض بنته أو أخته على من يرى فيه الصلاح فقد عرض عمر بن الخطاب حفصة على عثمان، ثم على أبي بكر، ثم خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنكحه إياها.

الخنساء قبل الإسلام وبعده

الخنساء قبل الإِسلام وبعده 1 - لقد أصيبت الخنساء بفقد أخيها واسمه (صخر) فجزعت عليه، وحزنت حزنًا شديدًا وقالت فيه الشعر، وذلك قبل الإِسلام. أما بعد الإِسلام، فرزقها الله أربعة أولاد خرجوا إلى معركة القادسية فكان مما أوصتهم به قولها: يا بني إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو، إنكم لبنوا رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما هجَّنت حسبكم، وما غيرت نسبكم، واعلموا أن الدار الآخرة خير من الدار الفانية: اصبروا، وصابروا، واتقوا الله لعلكم تفلحون، فإذا رأيتم الحرب قد شمَّرت عن ساقها، وجلَّلت نارًا على أوراقها، فيمِّموا وطيسها (¬1) وجالدوا رسيسها (¬2) تظفروا بالغنيمة والكرامة في دار الخلد والمقامة. فلما كشرت الحرب عن نابها، تدافعوا إليها، وتواقعوا عليها، وكانوا عند ظن أمهم بهم حتى قتلوا واحدًا بعد واحد. ولما وافتها النعاة بخبرهم، لم تزد على أن قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من الله يجمعني بهم في مستقر الرحمة. "انظر: الإصابة والإستيعاب" فما أعظم الفرق في سلوك الخنساء قبل الإِسلام وبعده، وهذا من فضل الإِسلام وتكريمه. ¬

_ (¬1) الوطيس: المعركة، أو الضرب فيها. (¬2) أصلها.

إهانة المرأة في بلاد الكفر

إهانة المرأة في بلاد الكفر إن وضع المرأة في البلاد التي يزعمون أنها متقدمة في الحضارة وضعٌ حرج، فيه الإِذلال والمهانة، والمجَون والخلاعة، والقسوة والإستغلال في أقسى صورها، وأبشع مظاهرها، لا يقبلها إلا ممسوخ الفطرة، منتكس السريرة، خبيث الطوية: 1 - إن القانون الإِنكليزي حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته. 2 - جاء في مجلة حضارة الإِسلام، السنة الثانية (ص 1078): حدث في العام الماضي أن باع إيطالي زوجته لآخر على أقساط، فلما امتنع المشتري عن سداد الأقساط قتله الزوج البائع. 3 - وقال الأستاذ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: من الغرائب التي نقلت عن بعض صحف إنكلترا في هذه الأيام أنه لا يزال يوجد في بلاد الأرياف الإِنكليزية رجال يبيعون نساءهم بثمن بخس جدًّا كثلاثين شلنًا، وقد ذكرت - أي الصحف الإنكليزية- أسماء بعضهم. 4 - أما في أمريكا التي تتربع على قمة العالم الغربي، فإن المرأة وصلت إلى انحطاط أخلاقي، وانهيار اجتماعي، وتفكك في الأسرة: يقول الدكتور مصطفى السباعي: وأما المرأة فقد دفع بها الوضع الاجتماعي الذي لا يرحم إلى أن أصبحت تُطرد من المنزل بعد سن الثامنة عشرة لكي تبدأ في الكدح لنيل لقمة العيش، وإذا ما أجبرتها الظروف في البقاء في المنزل مع أسرتها بعد هذه السن، فإنها تدفع لوالديها إيجار غرفتها، وثمن طعامها، وغسيل ملابسها، بل تدفع رسمًا معينًا لقاء اتصالاتها الهاتفية. "انظر: المرأة بين الفقه والقانون ص 300" أقول: هذه المعاملة للبنت موجودة حتى الآن في جميع بلاد الكفر، وحدثني ولدي الذي يقيم في فرنسا أن هذا موجود. 5 - أما عن قلة الزواج، وشيوع البغاء، وانتشار الزنا واللواط، وكثرة اللقطاء، وارتفاع نسبة الطلاق، وتغلغل الأمراض التناسلية الفتاكة، ولا سيما مرض الإِيدز المنتشر، والذي لم يُعرف له دواء فحدث عنه ولا حرج، بل لقد وصلت المرأة الغربية إلى درجة من الإنحلال والمهانة ما لا يتصوره عاقل. يقول الدكتور "نور الدين عتر": حدثني صديق أنهى تخصصه العالي في أمريكا حديثًا: أن في الأمريكيين أقوامًا يتبادلون زوجاتهم لمدة معلومة ثم يسترجع كل واحد

فتاة أمريكية تعتنق الإسلام

زوجته المعارة، تمامًا كما يعير القروي دابته، أو الحضري شيئًا من متاع بيته. "انظر: كتابه ماذا عن المرأة ص 15 - 16" وكان أحد القادمين من فرنسا يحدث عن إعارة الزوجة هناك أَيضًا. 6 - فعلى المرأة المسلمة أن تعرف أنها مكرمة، وألا تنخدع في الحضارة الزائفة، حضارة مساواة الرجل بالمرأة، وإنما هي حضارة الإنسان بمساواة الحيوان. فتاة أمريكية تعتنق الإِسلام الإِسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية. 1 - "هاجر" الاسم الجديد "لياميلا" فتاة أمريكية في الثامنة والعشرين من عمرها، طالبة في قسم علم الإجتماع في جامعة ميزوري -كولومبيا-. 2 - بدأت قبل سنتين بدراسة الإِسلام دراسة جادة متعمقة بحثًا عن الحقيقة التي كانت شغلها الشاغل، والتي لم تجدها كما تقول في الثقافة المادية الأمريكية، وبعد سنتين من الدراسة والبحث والتأمل أعلنت "ياميلا" الإِسلام، وغيرت اسمها إلى "هاجر" حيث تقول: إن اسم "هاجر" مُحبَّب إلى نفسي لكونه مرتبطًا بالإِسلام. 3 - تتحدث هاجر عن تجربتها قائلة: منذ مدة طويلة كانت تدور في ذهني تساؤلات عن الكون، والوجود والحياة، وقد أضناني البحث والتفكير عن أجوبة لهذه التساؤلات الفلسفية، ولكن عبثًا لم أجد لها تفسيرًا مقنعًا من خلال دراستي في الثقافة الأمريكية المادية، وكنت أسمع بالإِسلام، ولكن صورته غامضة في ذهني بل مُشوهة، فهو دين يفرق بين الرجل والمرأة، وقائم على العنف والقسوة، وبقيت جاهلة بحقيقة الإِسلام، حتى بدأت أدرك نقاء الإِسلام وتحديه للقوى المادية، فبدأت من حينها أدرس وأبحث عن الإِسلام، وكان البحث في البداية شاقًا جدًا، فليس هناك كتب أمينة عن الإِسلام في اللغة الإنكليزية، ولكني منذ البداية شعرت بحب للإسلام، فهو دين عدل وإنصاف، يعطي الفرد حريته، ويحمله مسؤولية أعماله وأفعاله، وهكذا وبمرور الوقت ازددت وعيًا وفهمًا بالإِسلام، وكان أن هداني الله لاعتناق الإِسلام.

هاجر تدعو للإسلام

هاجر تدعو للإسلام 1 - ومنذ أن أعلنت "هاجر" إسلامها، وهي تعمل بجد ونشاط لنشر الإِسلام، فهي ترى أن رسالتها الآن أن تجاهد في سبيل الإِسلام، وإبلاع دعوته للأمريكيين الذين يجهلون حقيقة الإِسلام بفعل الصورة المشوهة التي صُور الإِسلام بها من خلال أعدائه الحاقدين عليه. 2 - لقد غير الإِسلام هاجر تغييرًا شاملًا، فبعد أن كانت تعيش كأية فتاة أمريكية حياة لاهية أصبحت الآن ملتزمة بقواعد ومبادىء الإِسلام كما تقول: إن هدفي الأسمى أن أجاهد في سبيل الإِسلام، وأن أحارب الرأسمالية، والطغيان والشر، فبعد تجربتي وجدت أن الإِسلام هو الطريق الوحيد لخلاص الِإنسانية من خطر الحروب والمجاعة والفناء. 3 - وعندما سئلت "هاجر" ولماذا الإِسلام بالذات هو السبيل إلى خلاص البشرية؟ أجابت قائلة: إن الإِسلام هو الدين الوحيد الذي يُقدم حلولًا لقضايانا الإجتماعية، والسياسية المعاصرة، إنه نظام حياة شامل يوازن بين مطالب الروح، وحاجات الجسد دونما إخلال، لقد وجدت فيه أجوبة شافية على تساؤلات فلسفية كانت تقلقني وتقض مضجعي. 4 - وحين تتحدث هاجر عن الإِسلام تشعر بالصدق في كلامها، فهي تعي ما تقول، وأحيانًا تنطق بالعبارات الإِسلامية باللغة العربية ولكنها في كل الحالات تفهم جيدًا أن الإِسلام نظام شامل للحياة وليس دين عبادات فقط. الجهاد في نظرها أهم ما في الإِسلام، أو أهم ما يحتاج إليه المسلمون في الوقت الحاضر. 5 - ومنذ إسلام هاجر، غيَّرت أسلوب حياتها، فارتدت اللباس الشرعي، وبدأت تصلي الصلوات الخمس في أوقاتها، وبذلت جهدًا كبيرًا في حفظ الآيات من القرآن، لتستطيع تأدية الصلوات. 6 - وطبيعي أن تواجه صعوبات كبيرة من زميلاتها وعائلتها, ولكن "هاجر" المسلمة كما تقول: أستطيب المصاعب في سبيل عقيدتي، وهذا جدير بالنسبة للمسلمين والمسلمات، ولقد سبق أن عُذب الكثير منهم، لكنهم لم يتحولوا، وأنا لن أبالي إلا بالإِسلام. 7 - ولا يقتصر نشاط "هاجر" على الجانب الديني، فهي نشطة سياسيًا، ومؤمنة بالحقوق

الخليفة ينقذ المرأة الضعيفة

العادلة للشعب الفلسطيني المسلم، لذلك فهي تحاضر وتتحدث عن الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني. إنها حقًا ظاهرة فريدة: فتاة أمريكية بيضاء تتجول إلى داعية إسلامية تذب وتدافع عن قضايا الشعب الإِسلامي في مجتمع لا يُصغي، ولكنها لا تمل ولا تتعب. ورسالتها إلى الشعوب الإِسلامية عامة والعربية خاصة: أنتم الذين أنرتم الدرب للبشرية، فلا تضعفوا أمام غزاة أرضكم المقدسة أمام إسرائيل وحلفائها. الخليفة ينقذ المرأة الضعيفة 1 - لما خرج ملك الروم وفعل في بلاد الإِسلام ما فعل فقتل مَن بها من الرجال، وسبى الذرية والنساء، ومثَّل بمن صار في يده من المسلمين. وسمل أعينهم، وقطع أنوفهم وآذانهم، وبلغ المعتصم أن امرأة هاشمية صاحت وهي أسيرة في أيدي الروم "وامعتصماه" فأجابها وهو جالس على سرير لبيكِ، لبيكِ، ونهض من ساعته، وصاح في قصره النفير، النفير، ثم ركب دابته، ومعه حقيبة فيها زاده، وجمع العساكر، وأحضر قاضي بغداد، وهو عبد الرحمن بن إسحق، وشعبة بن سهل ومعهما ثلاثمائة وثمانية وعشرون رجلاً من أهل العدالة، فأشهدهم على ما وقف من الضِياع: فجعل ثلثًا لولده، وثلثًا لله تعالى، وثلثًا لمواليه، ثم سار فعسكر في غربي "دجلة" ومعه جماعة من القواد، حتى انتصر على الروم، بعد قتالهم مدة طويلة. "انظر: الكامل لابن الأثير 5/ 247" 2 - أقول لقد بلغ من تكريم الإِسلام للمرأة أن سار الخليفة "المعتصم" بجيشه، حينما سمع من امرأة أسيرة في بلاد الروم تنادي لينقذها من الكقار، فلبى نداءها، وسار بنفسه مع جنده حتى يقاتل الكفرة، وينصر المرأة الضعيفة، وهذا يدل على عزة المسلمين، والدفاع عن النساء. 3 - لقد أكبر المسلمون هذا العمل من الخليفة "المعتصم" ولا سيما بعد فتحه "عمورية" وقال فيه الشعراء قصائد تشيد بذلك العمل الطيب والإنتصار الباهر.

أهمية تربية النساء

أهمية تربية النساء 1 - مَن لي بتربية النساء فإنها ... في الشرق علَّة ذلك الإِخفاق (¬1) 2 - الأم مدرسة إذا أعددَتها ... أعددتَ شعبًا طيّبَ الأعراق (¬2) 3 - الأم رَوض إن تعهده الحيا (¬3) ... بالرِي أورَق أيَّما إيراق! 4 - الأم أستاذ الأساتذة الأولى ... شغلتْ مآثرهم مدى الآفاق 5 - أنا لا أقول دعوا النساء سوافرًا (¬4) ... بين الرجال يَجلن في الأسواق 6 - يدرجن (¬5) حيث أردن لا مِن وازع ... يحذرن رقبته ولا مِن واقي 7 - يفعلن أفعال الرجال لواهيًا ... عن واجبات نواعس الأحداق 8 - في دورهن شؤونهن كثيرة ... كشؤون رَب السيف والمزراق (¬6) 9 - كلا ولا أدعوكم أن تُسرِفوا ... في الحجب والتضييق والإِرهاق (¬7) 10 - ليست نساؤكم أثاثًا يُقتنى ... في الدين بين مخادع وطباق 11 - تتشكل الأزمان في أدوارها ... دوَلًا وفن على الجمود بواقى 12 - فتوسطوا في الحالتين وأنصفوا ... فالشّر في التقييد والإِطلاق 13 - رَبوا البنات على الفضيلة إنها ... في الموقفَين لهن خيرُ وَثاق 14 - وعليكم أن تستبين بناتكم ... نورَ الهدى وعلى الحياء الباقي "للشاعر حافظ إبراهيم" ¬

_ (¬1) الإخفاق: عدم الظفر بالمطلوب. (¬2) الأعراق: الأصول. (¬3) الحيا: المطر. (¬4) السوافر: المنكشفات الوجوه. (¬5) يدرجن: بمشين والوازع: الزاجر، والرقبة: المراقب. (¬6) المزراق: الرمح؛ يريد أن شأن المرأة في بيها لا يقل عن شأن القائد في الحرب. (¬7) الإرهاق: الظلم.

(8) تحفة الأبرار في الأدعية والآداب والأذكار

(8) تحفة الأبرار في الأدعية والآداب والأذكار

موجز تحفة الأبرار * - الأمر بالدعاء * - من فوائد الدعاء * - أوقات إجابة الدعاء * - الذين يستجاب دعاؤهم * - المحرم مِن الدعاء * - آداب الأكل والشرب * - آداب السفر * - دعاء الركوب والسفر * - آداب السلام * - فضيلة الذكر * - مِن فوائد الذكر * - الذكر في الصباح والمساء * - الذكر عند النوم والإستيقاظ * - الذكر عند الأذان * - الذكر عند الغضب

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضللْ فلا هادِيَ له. وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فإن الدعاء مهم جدًا، ولا سيما في هذه الأيام التي يرى فيها المسلم إخوانًا له يُذبحون، وئقتلون ويُشردون، فالواجب على كل مسلم أن يدعو لإخوانه المشردين بالنصر والتأييد، وأن يستعين المسلم بدعاء ربه إذا وقع في مصيبة، أو كرْب، أو أي مشكلة، فالدعاء له منزلة عظيمة في الإِسلام، حيث ورد الأمر به في القرآن: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} "غافر: 60" وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاءُ هو العبادة). صحيح رواه الترمذي" وقد جمعت في هذا الكتاب بعض الأذكار والأدعية والآداب من الكتاب والسنة، ولا سيما الأدعية التي ورد فيها نص عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنها مستجابة وقد استعملتها فوجدت فيها الإجابة. والله أسألُ أن ينفع به المسلمين. ويجعله خالصًا لوجهه الكريم. محمد بن جيل زينو

أسباب نشر الأدعية

أسباب نشر الأدعية 1 - استيقظت مرة في منتصف الليل، فرأيت النور مضاءً، فعرفت أن ولدي المريض قد اشتد مرضه، ثم دخلت الغرفة فإذا بوالدته تبكي على ولدها الذي غاب عن وعيه، وحين رأتني ذهبَت إلى غرفة أخرى لِتَستريح، عند ذلك توضأتُ، وصليتُ ركعتين بخشوع، وبعد الإنتهاء قرأت "دعاء الحاجة" وغيره وجعلتُ أقول: يا رَبُّ يا رَبُّ اِرحمْ هذا الطفل المريض حيث لم ينفعه الدواء والأطباء، ومازلت أُلحُّ في الدعاء وأبكي حتى شعرت بحركة مِن خلفي، وإذا بولدي المريض الذي لا يستطيع الحركة ينهض بنفسه قائلَا: أريد ماءً، فأعطيته الشراب ثم قلت في نفسي: لقد استجيب الدعاء، ونزل الشفاء. وعند الصباح خرج الولد بنفسه إلى السوق سليمًا مُعافى. يَا ألله! لقد مضى على مرض ولدي أكثر من سنة وهو ينتقل من طبيب لآخر، ويشرب الأدوية دون فائدة، وحينما قرأت هذه الأدعية نزل الشفاء بسرعة، ليتني قرأت الدعاء منذ زمن بعيد. 2 - دخلت مرة إلى عيادة طبيب، فرأيت رجلًا يضع يده على ظهره متألِّمًا، فأعطيته "دعاء الشفاء" فأخذه وجعل يقرؤه واضعًا يده مكان الألم، وبعد دقائق همس الرجل في أذني قائلًا: لقد ذهب الألم ولا حاجة لطبيب. 3 - قرأت "دعاء الليل المستجاب" الذي سيأتي ذكره في الكتاب، فتحقق طلبي بفضل الله، وقرأه ولدي من أَجل أمر عظيم، فسهَّل الله أمره، وقرأه كثير من الناس فاستفادوا منه في جميع حاجاتهم على اختلاف أنواعها. وأنصح كل مسلم أن يعود إلى هذه الأدعية التي سيأتي ذكرها في كل أموره لفائدتها العظيمة.

الأخذ بالأسباب المشروعة

الأخذ بالأسباب المشروعة على المسلم أن يجمع بين الدعاء والأخذ بالأسباب المشروعة: 1 - قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} "سورة الأنفال" وقد فسر الرسول - صلى الله عليه وسلم - القوة بقوله: (ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي). "رواه مسلم" - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (يا عبادَ الله تداوُوا، فإن الله لم يضع داء إلا وضعَ له دواء غير داء واحد: الهرَم [الهرَم: كِبر السِّن والعجز] "صحيح رواه أحمد" 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم - لصاحب الناقة: (اعقلها وتوكل). "حسن رواه الترمذي" 4 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لو أنكمِ تتوكلون على الله حَق توكُّله، لززقكم كما هي زق الطير، تغدو جماصًا، وتروح بطانا). "صحيح رواه أحمد" [فأثبت النبي الذهاب والإِياب للطير، وهي من الأسباب المشروعة]. 5 - يحرم تصديق المنجم، والكاهن، والعراف، والساحر، والرمَّال وغيرهم: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن أتى عَرافًا أو كلاهنًا، فصدَّقه بما يقول، فقد كفرَ بما أنزل على محمد). "صحيح رواه أحمد" وما يقع من الدجالين إنما هو التخمين والمصادفة، وأكثره كذب من الشيطان لا يغتر به إلا ناقص عقل ودين، ومن صدقه فقد كفر بالإِسلام؟ ولو كانوا صادقين لاستخرجوا كنوز الأرض، وأخبرونا عن أسرار اليهود لإحباطها, ولما أصبحوا فقراء يحتالون على الناس لأكل أموالهم بالباطل.

الأمر بالدعاء

الأمر بالدعاء 1 - قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} "غافر: 60 " 2 - وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} "الأعراف: 55، 56" 3 - يأمرنا الله تعالى في هذه الآيات أن ندعوه ليستجيب لنا وطلب أن يكون الدعاء سرًّا في حالة التذللِ له فإن الله لا يحب المعتدين في الدعاء بالتشدق ورفع الصوت، وأمرنا أن ندعوه خوفًا من عقابه وطمعًا في رحمته. "انظر تفسير الجلالين" قلت: هذه الآيات صريحة في الرد على فريقين: أ - الفريق القائل: بأن إبراهيم -عليه السلام- حينما أُلقيَ في النار، فقال له جبريل: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا. قال جبريل: فسَلْ ربك، فقال إبراهيم: (حسبي مِن سؤالي عِلْمُه بحالي) (¬1). هذا الأثر يخالف القرآن الذي أثبت الدعاء لجميع الأنبياء، ومنهم إبراهيم عليه السلام، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاءُ هو العِبَادَة). "صحيح رواه الترمذى وغيره" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن لَمْ يَدْعُ الله يَعضَبْ عليه) "صححه الحاكم وواففه الذهبي، وحسنه الألباني" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (سَلُوا الله كُلَّ شيء حتى الشَّسْعَ، فإن الله تعالى إنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ لَمْ يَتَيسَّر). "حسنه الألباني بشواهده" ب. الفريق الثاني: الصوفية التي تقول: إنهم يعبدون الله لا خوفًا مِن ناره، ولا طمَعًا في جنته، فالقرآن يرد عليهم بأن الله يأمركم أن تدعوه خوفًا من ناره وطمَعًا في جنته، كما فعلت الأنبياء. ¬

_ (¬1) ذكره المفسر إسماعيل حقي وأقره الصابوني حيما ذكر هذا الأثر وأورده ابن عراق في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة وقال: قال ابن تيمية: موضوع. (1/ 250).

من فضائل الدعاء

من فضائل الدعاء 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} "سورة البقرة، الآية: 186" 2 - وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} "غافر: 60". 3 - وقال الله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} "سورة الفرقان: 77". 4 - وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاءُ هو العِبَادَة). ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}. "صحيح رواه أبو داود" 5 - وقال الرسِول - صلى الله عليه وسلم -: (لَيْسَ شَيءٌ أكرمَ على الله مِن الدُّعاءِ). "حسن رواه الترمذي" 6 - وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أفضلُ العبادةِ الدعاءُ). "صحيح رواه الحاكم"

من آداب الدعاء

من آداب الدعاء 1 - الإِخلاص: من أهم الآداب، قال الله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}. "سورة غافر: الآية: 14" 2 - أن يدعو الله وهو طاهر: وفي الصحيحين: عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: (قال أبو عامر: قل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستغفر لي، فدعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بماء فتوضأ ورفع يديه ... الحديث). 3 - عدم العجلة في الإستجابة والسؤال ببطون الأكف: أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يُستجاب لأحَدِكم ما لم يَعْجَل، يقول: دعوتُ فلم يُستجب لي). "متفق عليه" ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألتم الله تعالى فاسْألُوهُ ببُطُونِ أكُفِّكُمْ ولا تسْألُوهُ بظُهُورهَا). "صحيح رواه أبو داود" أقول: رفع اليدين إلى السماء دليل على أن الله تعالى فوق العرش على السماء السابعة. 4 - استقبال القبلة عند الدعاء: لقد استقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع القبلة، واستقبل القِبلة في المواطن الآتية: (على الصفا والمروة، وفي وقوف عرفة، وعند المَشعَر الحرام، وبعد رَمي الجَمرة الصغرى والوسطى). "رواه البخاري ومسلم" 5 - البدء بالدعاء لنفسه: (كانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا ذَكَرَ أحَدًا فَدَعَا لَهُ بَدَأَ بنَفْسِهِ). "صححه الألباني في الجامع 4720" لكن لا يخص نفسه إذا كان إمامًا وذلك في القنوت، والمصَلون يؤمّنون خلفه، ويجوز أن يخص نفسه في السجود وأول الصلاة لثبوت ذلك بالأحاديث الصحيحة. 6 - السؤال بعزم ورغبة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دعا أحدكم فلَا يَقُلْ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لي إنْ شِئْتَ، وَلْيَعْزم المَسْألَةَ، ولْيُعَظِّمِ الرّغْبَةَ، فإنً الله تعالى لا يَعْظُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أعْطاهُ). "رواه مسلم" 7 - تكرار الدعاء ثلاثًا: (كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وإذا سألَ سألَ ثَلاثًا). "متفق عليه"

من فوائد الدعاء

8 - السؤال بأسماء الله الحسنى: قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}. "الأعراف: 180" 9 - البدء بالحمد أو الثناء: (إذ دخلَ رخل فَصلَّى فقال: اللهُمَّ اغفر لي وارحمني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عجلت أيها المصلي إذا صليت فقعدت فاحْمدِ الله بما هو أهله، وصَلَّ علَيَّ ثم ادعُه). "رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح" 10 - الدعاء بالعافية، والإستكثار مِن السؤال: أ - قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (يَا عباس يَا عَمَّ رسول الله: أكثِر الدعاء بالعَافية). "صححه الألباني في الصحيحة 1523" ب - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سأل أحدُكُم فليُكْثِر، فإنما يَسْألُ رَبّه). "صحيح على شرط الشيخين" 11 - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الدعاء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلَّ دُعاءٍ مَحجُوبٌ حَتَّى يُصلَّى على النبي - صلى الله عليه وسلم -). "حسن رواه البيهقي" مِن فوائد الدعاء أ - الدعاء يرد القضاء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَردُّ القضاء إلا الدعاء ولا يزِيد في العمر إلَّا البرّ) "رواه الترمذي وحسنه الألباني بشواهده" 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الدعاء ينفع مما نزَلَ ومما لم يَنْزلْ، فعليكم عبَادَ الله بالدعاءِ). "رواه أحمد والترَمذي وحسنَه الألباني في المشكاة" معنى الحديث الأول: الدعاء مِن قدر الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فقد يقضي بشيء على عبده قضاء مُقيدًا، فإن دعاه اندفع عنه ما قضاه عليه، وفيه دليل على أنه سبحانه يدفع بالدعاء ما قضاه على عبده، وإن البر وصلة الأرحام تزيد في العمر. 3 - ومن فوائد الدعاء أَيضًا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما مِن مسلم يدعو بدَعْوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يُعجِّلَ له دَعْوَتَهُ، وإما أن يَدَّخِرَها له في الآخرة، وإما أن يَصْرف عنه مِن السُّوء مِثْلَهَا، قالوا: إذن نكْثِر. قال الله أكثَرُ). "صحيح رواه أحمد. انظر المشكاة ج 2/ رقم 2259"

أوقات إجابة الدعاء

أوقات إجابة الدعاء 1 - في الليل والثلث الأخير منه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنّ في الليل ساعة لا يُوافقها رجل مسلم يسأل الله فيها خيرًا مِن أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كلَّ ليلة). "رواه مسلم ج 2/ 175" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (يَنزل ربُّنا كلَّ ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثُلث الليل الآخر، فيقولُ مَن يدعُوني فأسْتَجيبَ لَهُ؟ مَن يَسْأَلُني فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَسْتَغْفِرُني فَأَغْفِرَ لَه؟). "رواه البخاري ومسلم" [ينزل ربنا: نزولًا يليق بجلاله ليس كمثله شيء، وهو دليل على عُلُو الله تعالى]. 2 - الدعاء عند نزول الكرب والمصائب: قال - صلى الله عليه وسلم -: (دَعوةُ ذي النُّون إذْ دَعَا بها وهو في بَطْنَ الحُوت: "لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين". لم يَدع بها رَجلٌ مسلم في شيء قطُّ إلَّا استجاب الله له). "صحيح رواه أحمد" 3 - الدعاء بين الأذان والإِقامة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الدَّعوة لا تُرَدُّ بين الأذان والإقامة) "رواه أحمد وإسناده صحيح" 4 - الدعاء عند الأذان وجهاد الأعداء: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: (اثْنَتَانِ لا تُردِّان: -أو قلَّما تُردِّانِ- عند النِّداءِ، وعند البَأْسِ حينَ يَلْحَمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا). "رواه أبو داود، وقال الحافظ: حسن صحيح" 5 - الدعاء في السجود في الصلاة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أقرَبُ ما يكون العبدُ مِن ربه -عَزَّ وَجَلَّ- وهُوَ ساجِد، فأكثرُوا الدعاء). "رواه مسلم رقم 482" 6 - تحري الدعاء يوم الجمعة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن في الجمعة لساعة (1) لا يُوَافقُها مسلِم يسْألُ الله فيها خيرًا إلا أعْطَاهُ الله إيَّاه). [(1) رجح الحافظ في الفتح أنها بعد العصر للآثار الواردة فيها] "متفق عليه"

الذين يستجاب دعاؤهم

7 - الدعاء عند صياح الدِّيَكةِ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سَمِعتم صياحَ الدِّيَكة فاسْألوا الله مِن فَضْلهِ فإنها رأتْ مَلَكًا، وإذا سمعتم نَهيقَ الحِمَار فَتَعَوّذوا بالله مِن الشَّيطان فإنه رأى شيطانًا). "رواه البخاري ومسلم" 8 - الدعاء عند نزول المطر: كان - صلى الله عليه وسلم - رأى المطر قال: (اللهم صَيِّبًا نافعًا). [صَيبًا: مطرًا]. "رواه البخاري" الذين يستجاب دعاؤهم 1 - دعاء المضطر: قال الله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}. "النمل: 62" 2 - دعاء المظَلوم مطلقًا ولو كان كافرًا أو فاجرًا: أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تُحمَل على الغَمَامِ، يقول الله تعالى: وعِزَّتي وجَلالي لأنصُرنَّكِ ولو بعد حين). "صحيح كما في الصحيحة 868" ب - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (اتقوا دعوة المظلوم فإنها تَصْعدُ إلى السماء كأنّها شَرَارَة). "صحيح كما في الصحيحة 871" جـ - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرًا، فإنه ليس دونها، حجاب). "حسن رواه أحمد" د - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (دعوة المظلوم مُستجابة، وإن كان فاجرًا، ففجوره على نفسه). "حسنه الألباني في الجامع" 3 - دعوة الصائم والمسافر والوالد: أ - قال - صلى الله عليه وسلم -: (ثِلاثُ دعَوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر). "صحيح انظر الصحيحة 1797" ب - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاث دعوات مستجابات لا شَك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم). "حسنه الألباني في الصحيحة 596"

4 - دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (دعاء المرِءِ المسلم مُستجابٌ لأخيه بِظَهْر الغيب، عند رأسه مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّما دَعَا لأخيه بخيْرِ قال الملَكُ: آمين ولك بمِثل ذلك). "رواه مسلم" 5 - الدعاء وقت الرخاء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن سَرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكَرْب، فليُكْثِر الدُّعاء في الرخاء). "صححه الحاكم ووافقه الذهبي" 6 - دعاء الذاكر الله كثيرًا والإِمام العادل: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثة لا يَردُّ الله دعاءَهم: الذاكرُ الله كثيرًا، والمظلوم والإِمامُ المُقسِطُ). "حسن رواه البيهقي" [المقسِط: العادل]. دعاء المسلم على الكافر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يُستجاب لنا فيهم ولا يُستجاب لهم فينا). "متفق عليه"

المحرم من الدعاء

المحَرم مِن الدعاء 1 - دعاء غير الله من الأنبياء أو الأولياء وغيرهم: قال الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. "سورة يونس: الآية: 106" [الظالمين: المشركين]. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاءُ هو العبادةُ). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" فالدعاء عبادة كالصلاة يحرم صرفه لغير الله من الأموات أو الغائبين وغيرهم، وهو من الشرك الأكبر المحيط للأعمال. 2 - الدعاء على نفسه بالموت أو الشر: أ - قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا يَتَمَنَّينَّ أَحدُكُمٍ الموتَ لِضُرٍ نَزَلَ بهِ، فإن كان لا بُدَّ مُتَمَنيًا فليقل: اللهم أحْيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وَتَوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي). "متفق عليه" ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يُؤَمِّنُونَ على ما تقولون). "رواه مسلم وغيره" 3 - الدعاء على الأولاد والخدم والأموال بالشر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تدعوا على أنفسِكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خَدَمِكُم، ولا تدعوا على أموالِكم، لا توافقوا مِن الله ساعة يُسأل فيها عطاءٌ فيُستجاب لكم). "رواه مسلم" 4 - تمني الحرب ولقاء العدُوِّ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يَا أيها الناس لا تَتَمَنَّوا لقاء العدُو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف). "رواه مسلم"

5 - الدعاء بالإِثم والمعصية: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما مِن مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يُعجِّل له دعوته، وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرة، وإما أن يَصرف عنه مِن السُّوء مثلها. قالوا. إذًا نُكثِر. قال: الله أكثر). "صحيح رواه أحمد" 6 - الإعتداء في الدعاء: قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} "الأعراف: 55" قال ابن القيم -رحمه الله-: أ - قيل: المراد أنه لا يحب المعتدين في الدعاء. كالذي يسأل ما لا يليق به من منازل الأنبياء وغير ذلك، وقد روى أبو داود في سننه من حديث حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نعامة أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال يا بُني، سَلِ الله الجنة وتعَوذ من النار، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إنه سيكون في هذه الأمة قوم يَعْتَدُون في الطُّهُور والدُّعاء. "صحيح رواه أبو داود وأحمد" وعلى هذا فالإعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإِعانة على المحرمات، وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله، مثل أن يسأله تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب، أو يسأله أن يطلعه على غيبه، أو يسأله أن يجعله من المعصومين، أو يسأله أن يهب له ولدًا من غير زوجة ولا أمة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء. فكل سؤال يناقض حكمة الله أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أويتضمن خلاف ما أخبر به فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله. ب - وفُسِّر الإعتداء برفع الصوت أَيضًا في الدعاء. قال ابن جُرَيج: مِن الإعتداء رفيع الصوت في الدعاء، والنداء في الدعاء والصياح. "انظر بدائع التفسير 2/ 232"

شروط الدعاء

شروط الدعاء 1 - أن لا يكون له فيما سأل غرض فاسد؛ كسؤال المال والجاه والولد والعافية، وطول العمر للتفاخر والتكاثر، والإستعانة بها على الشهوات والمعاصي. 2 - أن لا يكون الدعاء على وجه الإختبار لربه تعالى، بل يكون سؤالًا محضًا خالصًا لله، إذ العَبد ليس له أن يختبر ربه. 3 - أن لا يشغله الدعاء عن فريضة حاضرة كصلاة الجماعة فيفوتها فيكون عاصيًا. 4 - أن يسأل الله تعالى حاجته صغيرة كانت أو كبيرة، ولا يستعظمها على الله: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألتم الله فاسألوه الفِردوسَ فإنه أوسطُ الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجَّر أنهار الجنة). "رواه البخاري". [أوسطُ الجنة: أي في وسَطِها]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لِيَسأل أحدُكم رَبه حاجتَه كلها، حتى يسأله شِسْع نعلِه إذا انقطع). [الشِّسْعُ: سَير النعل وشراكه]. "حسنه الترمذي وهو كما قال" 5 - أن لا يسأل الله بألفاظ لا يُفهم معناها: كأن يقول: (اللهم إني أسألك بمعاقد العِزِّ مِن عرشك). لأنه لا يَعرف معناها كل أحد. 6 - أن لا يُسيء الأدب في الدعاء مع الله تعالى. 7 - أن يدعوا الله بأسمائه الحسنى، ولا يدعوه بما لا يتضمن ثناء وإن كان حقًا: قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}. "الأعراف: 180" فلا يقال: يا ضار ويا خالق العقَارب والحيات؛ لأنها مؤذية. 8 - أن يدعوه مع إظهار الفقر والمسكنة والتضرع والخشوع: قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}. "الأعراف: 55"

9 - أن يتجنب الحرام في المأكل والمشرب والملْبس، وفي الحديث: (ثم ذكرَ الرجلَ يُطيل السفرَ أشْعَث أي، يَمُدُّ يديه إلى السماء، يا ربُّ يا ربُّ، ومطعَمه حرام، ومَشربه حرام، وغُذِيَ بالحرام فأنَّى يُستجاب له) "رواه مسلم" 10 - أن يدعو الله بقلبٍ خاشع موقن بالإِجابة لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإِجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً مِن قلب غافل لاهٍ). "حسن رواه الطبراني" 11 - أن يدعوا الله خوفًا من عذابه، وطمعًا في رحمته: قال الله تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا}. "الأعراف: 56"

الخوف والرجاء

الخوف والرجاء قال الله تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} "الأعراف: 56" يأمر الله سبحانه وتعالى عبادة أن يدعوا خالقهم ومعبودهم خوفًا من ناره وعذابه، وطمعًا في جنته ونعيمه. قال الله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ}. "الحجر: 49 - 50" لأن الخوف من الله يحمل العبد على الإِبتعاد عن معاصي الله ونواهيه، والطمع في جنته ورحمته يحفزه على العمل الصالح، وكل ما يُرضي ربه. ما تهدي إليه هذه الآيات: 1 - أن يدعوَ العبد ربه الذي خلقه، وهو الذي يسمع دعاءه، ويجيبه. 2 - عدم دعاء غير الله، ولو كان نبيًا أو وليًا أو ملكًا؛ لأن الدعاء عبادة كالصلاة لا تجوز إلا لله. 3 - أن يدعوَ العبد ربه خائفًا من ناره، راغبًا في جنته. 4 - في الآية رَد على الصوفيين القائلين: بأنهم لا يعبدون الله خوفًا منه، أورغبة فيما عنده؛ لأن الخوف والرغبة من أنواعِ العبادة وقد امتدح الله الأنبياء وهم صفوة البشر فقال: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}. "الأنبياء:90" 5 - في الآية ردٌّ على النووي في كتابه "الأربعين النووية" عندما شرح حديث: (إنما الأعمال بالنيات) حيث قال: وإذا وُجد العمل وقارنته النية فله ثلاثة أحوال: الأول: أن يفعل ذلك خوفًا من الله تعالى: وهذه عبادة العبيد. الثاني: أن يفعل ذلك لطلب الجنة والثواب، وهذه عبادة التجار. الثالث: أن يفعل ذلك حياءً من الله وتأدية لحق العبودية وتأدية للشكر .. وهذه عبادة الأحرار.

وقد علق الشيخ محمد رشيد رضا على هذا الكلام في "مجموعة الحديث النجدية" فقال: هذا التقسيم أشبه بكلام الصوفية منه بكلام فقهاء الحديث. والتحقيق أن الكمال الجمع بين الخوف الذي سماه عبادة العبيد، وكلنا عبيد الله، والرجاء في ثواب الله وفضله الذي سماه عبادة التجار. أقول: والشيخ متولي الشعراوي يتبنى عقيدة الصوفية في كتبه، حيث ذكر هذا التقسيم السابق، بل زاد في شططه حينما فسر في التلفاز (الرائي): قوله تعالى: {وَلَا يُشرِك بعِبَادَةِ رَبِّهِ أحَدَا}. "الكهف: 110" فقال: والجنة أحد. (كأنه يعني: عبادة الله تعالى طلبًا لجنته شرك). قال الشعراوي في كتابه "المختار من تفسير القرآن العظيم": النوع الثالث: أنه يعبده لأنه يستحق أن يُعبد واستدل بحديث قدسي (لو لم أخلُق جنة أو نارًا أما كنتُ أهلًا لأن أُعبد). "ج 2/ 25" "لم أجده في كتب الحديث" وهذا الحديث لم يذكر درجته والظاهر عليه الكذب؛ لأنه يخالف القرآن، وهذا الكلام الذي ذكره في كتابه يؤيد ما قاله في الرائي عندما فسرَ الآية بقوله: (والجنة أحد). فإن قال قائل: أراد الشعرواي أن مَن عبد الجنة فقد أشرك نقول له: لا يوجد في الدنيا فن يقول: إنه يعبد الجنة، ولكن هذا التفسير من الشعرواي تدليس وإخفاء لعقيدة الصوفية التي يتبناها في كتبه. والصوفية تقول: إنما يعبدون الله لا طمعًا في جنته ولا خوفًا من ناره! ويستدلون بقول رابعة العدوية: إن كنتُ أعبدك خوفًا من نارك فاحرقني فيها.

الدعاء لا يحتاج إلى واسطة

الدعاء لا يحتاج إلى واسطة لو تتبع المسلم الآيات الموجودة في القرآن عن السؤال والجواب، لوجد أن الناس كانوا يسألون الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أمور، فيأتيه الوحي من السماء ليجيب عنها، ويبلغهم حكمها عن الله. من هذه الآيات -وما أكثرها- قول الله تعالى: 1 - {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}. "الأنفال: 1" 2 - {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}. "البقرة: 219" 3 - {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} "البقرة: 222" 4 - {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} "البقرة: 220" 5 - {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}. "المائدة: 4" فهذه الآيات تدل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان واسطة بين الله وعبادة في الأحكام والتبليغ، أما الدعاء الذي ورد عنه السؤال للرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلم يكن الجواب عنه بـ (قل)، بل كان عنه الجواب مباشرة من الله -عَزَّ وَجَلَّ-، قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} "البقرة: 186" فدلت هذه الآية على أن الدعاء لا يحتاج إلى واسطة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو غيره من الرسل والأولياء؛ لأن الله تعالى قريب يسمع دعاء عبده فيجيبه.

(الدعاء هو العبادة)

(الدعاء هو العبادة) هذا الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي، يدل على أن الدعاء من أهم أنواع العبادة، فكما أن الصلاة لا تجوز أن تكون لرسول أو ولي، فكذلك لا يُدعى الرسول أو الولي من دون الله. 1 - إن المسلم الذي يقول: يا رسول الله أو يا رجال الغيب غوثًا ومددًا، هو دعاء وعبادة لغير الله، ولو كانت نيته أن الله هو المغيث، ومثله مثل رجل أشرك بالله -عَزَّ وَجَلَّ- وقال: أنا في نيتي أن الإِله واحد، فلا يُقبل منه هذا؛ لأن كلامه دل على خلاف نيته، فلابُدَّ من مطابقة القول للنية والمعتقد، وإلا كان شركًا أو كفرًا لا يغفره الله إلا بتوبة. 2 - فإن قال هذا المسلم أنا في نيتي أن أتخذهما واسطة إلى الله، كالأمير الذي لا أستطيع أن أدخل عليه إلا بواسطة. أقول: هذا تشبيه الخالق بالمخلوق الظالم الذي لا يدخل عليه أحد إلا بواسطة، وهذا التشبيه من الكفريات. قال تعالى منزهًا ذاته وصفاته وأفعاله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} "الشوري: 11" فتشبيه الله بمخلوق عادل كفر وشرك، فكيف إذا شبهه بإنسان ظالم؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا. 3 - لقد كان المشركون في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتقدون أن الله هو الخالق والرازق، ولكنهم يدعون الأولياء المُمَثلين في الأصنام واسطة تقربهم إلى الله، قلم يرض منهم هذه الواسطة، بل كفرهم وقال لهم: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَن هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}. "الزمر: 3" والله تعالى قريب سميع لا يحتاج إلى واسطة، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}. "البقرة: 186" 4 - إن هؤلاء المشركين كانوا يدعون الله وحده عند المصائب والشدائد: قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} "يونس: 22"

ولكن المشركين كانوا يدعون أولياءهم المُمَثلة في الأصنام وقت الرخاء، فكفرهم القرآن، ولم يرض منهم دعاءهم لله وحده وقت الشدائد؟ فما بال بعض المسلمين يدعون غير الله من الرسل والصالحين، وشحتغيثون بهم، ويطلبون المعونة منهم وقت الشدائد والمحن ووقت الرخاء؟!! ألم يقرأوا قول الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَن لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}. "الأحقاف: 6،5" 5 - يظن الكثير من الناس أن المشركين الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا يدعون أصنامًا من الحجارة وهذا خطأ؛ لأن الأصنام الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا في الأصل رجالًا صالحين: ذكر البخاري عنِ ابن عباس -رضي الله عنه- في قوله تعالى في سورة نوح: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} "نوح: 23". قال هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إلى قومهم، أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تُعبد، حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلم عُبدت. [أي الأصنام]. 6 - قال تَعالى منكرًا على الذين يدعون الأنبياء والأولياء والجن: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}. "الإسراء: 56، 57" عن ابن مسعود قال: كان نفرٌ من الإِنس يعبدون نفرًا من الجن، فأسلم النفر من الجن، فاستمسك الآخرون بعبادتهم فنزلت: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}."ذكره ابن كثير وأصله في البخاري" قال الحافظ: استمر الإنس الذين كانوا يعبدون نفرًا من الجن على عبادة الجن، والجن لا يرضون بذلك لكونهم أسلموا، وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة.

وروى الطبري من وجه آخر عن ابن مسعود فزاد فيه: والإِنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم، وهذا هو المعتمد في تفسير الآية. "انظر فتح الباري ج 8/ 397" والوسيلة: هي القربة، كما قال قتادة، ولهذا قال: {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}. "انظر ابن كثير ج 3/ 47" أقول: في هذه الآية رد على الذين يدعون غير ربهم من الأنبياء والأولياء ويتوسلون بهم، ولو توسلوا بإيمانهم بهم، وحُبهم لهم -وهو من العمل الصالح- لكان حسنًا، لأنه من التوسل المشروع. يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية ما خلاصته: نزلت هذه الآية في جماعة من الإنس كانوا يعبدون الجن ويدعونهم من دون الله، فأسلم الجن، وتمسك هؤلاء بدينهم. وقيل نزلت في جماعة من الإنس كانوا يدعون المسيح والملائكة. فهذه الآية تنكر على من يدعون غير الله ولو كان نبيًا أو وليًا. 7 - يزعم البعض أن الإستعانة بغير الله جائزة ويقولون: المغيث على الحقيقة هوالله، والإستعانة بالرسول والأولياء تكون مجازًا كما تقول شفاني الدواء والطبيب. وهذا مردود عليهِم في قول إبراهيم -عليه السلام-: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} "الشعراء: 80" أكد بالضمير (هو) في كل آية ليدل على أن الهادي والرازق والشافي هوالله لا غيره، وأن الدواء سبب الشفاء وليس شافيًا. 8 - الكثير من الناس لا يفرق بين الاستغاثة بحي أو بميت والله تعالى يقول: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} "فاطر: 22" أما قوله تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}. "القصص: 15" فهيِ حكايته عن رجلِ استغاث بموسى حيًا فيما يقدر عليه، وقد فعل ذلك: {فوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضى عَلَيهِ} "القصص: 15" وأما الميت فلا يستطيع الإجابة لعدم قدرته، قال تعالى: {إن تَدعُوهُم لَا يَسمَوُا دُعَاءَكُم وَلَو سمِعُوا مَا استَجَابُوا لَكُم وَيَومَ القِيامَةِ يَكفُرُونَ بِشِرككُم وَلَا يُنَبئُكَ مِثلُ خَبِيرٍ}. "فاطر: 14"

(وهذا نص صريِح في أن دعاء الأموات شرك). وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} "النحل: 21" 9 - ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الناس يوم القيامة يأتون الأنبياء فيستشفعون بهم، حتى يأتوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فيستشفعوا به أن يُفرّج عنهم فيقول: أنا لها، ثم يسجد تحت العرش ويطلب من الله الفرج وتعجيل الحساب، وهذه الشفاعة طلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو حَيٌّ يكلمه الناس ويكلمهم، أن يشفع لهم عند الله ويدعو لهم بالفرج، وهذا ما فعله - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي. 10 - وأكبر دليل على الفرق بين الطلب من الحي والميت هو ما فعله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما نزل بهم القحط، فطلب من العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله لهم، ولم يطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد انتقاله إِلى الرفيق الأعلى. 11 - يظن بعض أهل العلم أن التوسل كالإستغاثة مع أن الفرق بينهما كبير، فالتوسل. هو الطلب من الله بواسطة فتقول مثلًا: (اللهم بحُبك وحُبنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحُبنا لأوليائك فرِّج عنا) فهذا جائز. أما الإستغاثة البدعية فهي الطلب من غير الله فتقول: (يا رسول الله فرِّج عنا) وهذا غير جائز وهو شرك أكبر لقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} "يونس: 106" [أي المشركين] وقال تعالى آمرًا نبيه أن يقول للناس: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا}. "الجن: 21،20" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألتَ فأسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله) (¬1) "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" اللهَ أسألُ أن يُفرجَ كربَنا ... فالكَربُ لا يمحوه إلا الله ¬

_ (¬1) لقد قال المبتدع "زاهد الكوثري" هذا الحديث طرقه واهيه. وذلك في كتابه "محق التقول في التوسل": لأن الحديث يخالف عقيدته كما أن المبتدع عبد الله الحبشي ذكر في أحد كتبه أن هذا الحديث لا يقول: لا تسألوا غير الله ولا تستعينوا إلا بالله، وهذا كذب.

دعاء من القرآن الكريم

دعاء من القرآن الكريم {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} "الكهف: 10" {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} "البقرة: 201" {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} "آل عمران: 8" {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} "الممتحنة: 4" {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} "البقرة: 286" {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} "الأعراف: 85 - 86" {فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} "يونس: 85" {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} "الدخان: 12" {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}. "الأعراف: 126" {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} "آل عمران: 16" {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} "البقرة: 250" {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} "آل عمران: 192" {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} "آل عمران: 193" {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} "آل عمران: 194". {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا}. "النساء: 75" {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} "آل عمران: 147"

من دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -

مِن دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - (اللهم احفَظني بالإِسلام قائمًا، واحفَظني بالإِسلام قاعدًا، واحفظني بالإِسلام رَاقدًا ولا تُشْمِتْ ب عدوًا ولا حاسدًا، اللهم إني أسألك مِن كل خيرٍ خزائنه بيدك، وأعوذ بك مِن كل شر خزائه بيدك)."حسن رواه الحاكم" 2 - (اللهم احْيني مِسكينًا وأمِتني مسكينًا، واحشُرني في زمرة المساكين). "صحيح رواه ابن ماجه والطبراني وغيرهما" 3 - (اللهم استُر عَوْراتي وآمِنْ رَوْعَاتي، واقضِ عَنَي دَيْني) "حسن رواه الطبراني" 4 - (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عِصمَة أمري، وأصلح لي دنيايَ التي فيها مَعاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير، واجعل الموتَ راحةً لي مِن كل شر). "رواه مسلم" 5 - (اللهم اغفِر لي خطيئتي وجَهلي، وإسرافي في أمري، وما أنتَ أعلم به مني. اللهم اغفِر لي خَطَئي وعَمدي، وهَزلي وجدِّي، وَكُل ذلك عندي. اللهم اغفِر لي ما قدَّمتُ وما أخّرتُ، ومًا أسرَرتُ وما أعلَنت، أنتَ المُقدِّم وأنت المُؤخِّر، وأنتَ على كُل شيء قدير). "متفق عليه" 6 - (اللهم اغفِر لي ذنبي، ووَسِّع لي في داري، وبارك لي في رِزقي) "حسن رواه الترمذي" 7 - (اللهم اغفِر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم أنعِشْني واجبُرْني، واهدني لِصالِح الأعمال والأخلاق فإنه لا يهدي لصالِحها ولا يصرف سَيئها إلا أَنْتَ). "حسن رواه الطبراني" 8 - (اللهم اقسِم لنا مِن خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومِن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومِن اليقين ما يُهوّن علينا مُصيبات الدنيا، ومَتِّعنا بأسماعِنا وأبصارنا وقُوَّتنا ما أحيَيتنا، واجعَلْه الوارثَ منا، واجعَل ثأرَنا على مَن ظلمَنا، وانصُرنا على مَن عادانا، ولا تجعل مُصِيبتَنا في ديننا، ولا تجعَل الدنيا أكبَر همنا، ولا مَبلغَ عِلمِنا، ولا تُسَلط علينا مَن لا يرحمنا). "حسن رواه الترمذي والحاكم" 9 - (اللهم أمْتِعني بسمعي وبصَري حتى تجعَلْهما الوارِثَ مِني، وعافنِي في ديني وفي جسدي، وانصرني مِمن ظلمَني حتى تُريَني فيه ثأري

اللهم إني أسلمتُ نفسي إليك، وفوَّضتُ أمري إليك، وألجاتُ ظهري إليك، وَخلّيتُ وجهي إليك، لا مَلْجأ ولا مَنجى منك إلا إليك، آمنتُ برسولك الذي أرسلتَ، وبكتابك الذي أنزلت). "صحيح رواه الحاكم" 10 - (اللهم أنتَ خلقتَ نفسي، وأنتَ توفّاها، لك مَمَاتها ومحْيَاها، إن أحيَيْتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها، اللهم إني أسألك العافية). "رواه مسلم" 11 - (اللهم بارك لِأُمتي في بكورها) "صحيح رواه ابن حبان والطبراني وغيرهما" - (اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمتَ الحياة خيرًا لي، وتوقي إذا علمتَ الوفاة خيرًا لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الإِخلاص في الربها والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيمًا لا يَنْفَد وأسألك قُرة عين لا تنقطع، وأسألك الربها بالقضاء، وأسألك برْدَ العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظرِ إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضرَّاء مضرة، ولا فتنة مُضِلَّة، اللهم زَيِّنَّا بزينة الإِيمان، واجعلنا هداة مهتدين). "صحيح رواه النسائي والحاكم" 13 - (اللهم كما حسَّنت خَلْقي فحسِّن خُلُقي). "صحيح رواه أحمد" 14 - (اللهم لك أسلمت، وبك آمنت وعليك توكلت، وإليك أنبْتُ، وبك خاصمتُ، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلَّا أَنْتَ، أن تُضِلَني، أَنْتَ الحيُّ الذي لا يموت والجن والإِنس يموتون). "رواه مسلم" 15 - (اللهم مَتعني بسَمعِي وبَصَري، واجعَلهُما الوارثَ مِني وانصُرني على مَن ظلمَني، وَخذ منه بثأري). "حسن رواه الترمذي والحاكم" 16 - (اللهم مَن آمن بك، وشهد أني رسولك، فحبِّب إليه لقاءَك، وسَهِّل عليه قضَاءك، وأقلِل له مِن الدنيا، ومَن لم يؤمن بك، ويشهد أني رسولك فلا تُحَبِّب إليه لقاءَك، ولا تُسَهل عليه قضاءَك، وكَثّر له مِن الدنيا). "صحيح رواه الطبراني" 17 - (اللهم مَن وَليَ مِن أمر أُمتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشقُقْ عليه، وَمَن وَلي مِن أمر أُمتي شيئًا فَرَفق بهم فارْفُقْ بهِ). "رواه مسلم"

من سؤال الرسول - صلى الله عليه وسلم -

مِن سؤال الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - (اللهم إني أسألك العِفَّة والعافية في دنياي وديني وأهلي ومالي، اللهم استر عَوْرَتي، وآمن رَوْعَتي، واحْفَظني من بين يدَيَّ ومن خلْفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بك أن اغتال مِن تحتي). "صحيح رواه البزار" 2 - (اللهم إني أسألك الهُدى والتُّقى والعفاف والغنى). " رواه مسلم" 3 - (اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم. اللهم إني أسألك مِن خير ما سألك به عبدُك ونبيك، وأعوذ بك مِن شر ما عاذ به عبدك ونبيك. اللهم إني أسألك الجنة وما قرَّب إليها مِن قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرَّب إليها مِن قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاءٍ قضيْتَه لي خيرًا). "صحيح رواه ابن ماجة" 4 - (اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم) "صحيح رواه الطبراني" 5 - (اللهم إني أسألك مِن فضلك ورحمتك، فإنه لا يمْلِكُها إلا أنت). "صحيح رواه الطبراني"

من استعاذة الرسول - صلى الله عليه وسلم -

مِن استعاذة الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1 - (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك مِن عُقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك). "رواه مسلم" 2 - (اللهم إني أعوذ بك مِن الَبرص والجُنون والجُذام، ومن سيءَ الأسقام). "صحيح رواه أبو داو والنسائي وغيرهما" 3 - (اللهم إني أعوذ بك مِن التَّردِّي والهَدْم والغَرَق والحَرْق، وأعوذ بك أن يَتَخَبَّطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مُدْبرًا، وأعوذ بك أن أموت لديغًا). "رواه النسائي والحاكم وهو صحيح" 4 - (اللهم إني أعوذ بك مِن العَجز والكسَل، والجُبْن والبخل والهرَم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك مِن عذاب النار، وأعوذ بك مِن فتنة المَحْيا والمَمَات). "متفق عليه" 5 - (اللهم إني أعوذ بك من العَجْز والكَسَل، والجُبْن والبُخْل والهَرَم، والقسوة، والغفلة، والعَيلة، والذِّله، والمسكَنة، وأعوذ بك مِن الفقر والكفَر، والفسوق والشقاق والنفاق، والسُّمعة والرياء، وأعوذ بك مِن الصمَم، والبُكْم، والجنون، والجُذام، والبرَص وَسيّءَ الأسقام "صحيح رواه الحاكم والبيهقي" 6 - (اللهم إني أعوذ بك مِن العجز والكسل، والجُبْن والبُخْل والهرَم وعذاب القبر، وفتنة الدجال، اللهم آتِ نفسي تقواها، وَزكها أنتَ خير مَن زكَاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك مِن علمٍ لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبعَ، ومن دعوةٍ لا يستجابُ لها) "رواه مسلم" 7 - (اللهم إني أعوذ بك مِن الفقر والقِلَّة والذِّلة وأعوذ بك مِن أن أظلِمَ أو أُظلَم). "صحيح رواه أبو دواد والنسائي وغيرهما" 8 - (اللهم إني أعوذ بك مِن الكسل والهرَمِ والمأْثم والمغرَم، ومن فتنة القبر وعذاب القبر، ومن فتنة النار وعذاب النار، ومن شر فتنة الغنى، وأعوذ بك مِن فتنة الفقر، وأعوذ بك مِن فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل عني خطاياي بالماء والثلج والبرَد، وَنقِّ قلبي مِن الخطايا كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدنس، وباعِد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب). "متفق عليه"

9 - (اللهم إني أعوذ بك مِن الهَمِّ والحَزَن، والعَجز والكسل، والبُخل والجُبن، وضِلَع الدَّين، وغَلَبة الرجال). "متفق عليه" 10 - (اللهم إني أعوذ بك مِن جار السُوء في دار المُقامة، فإن جارَ البادية يتحول). "حسن رواه الحاكم" 11 - (اللهم إني أعوذ بك مِن زوالِ نعمتك، وتَحوّلِ عافيتك وفُجأةِ نقمتك، وجميع سَخَطِك). "رواه مسلم" 12 - (اللهم إني أعوذ بك مِن شرِّ ما عملت، ومن شرِّ ما لم أعمل). "رواه مسلم" 13 - (اللهم إني أعوذ بك مِن عذاب القبر، وأعوذ بك من عذاب النار، وأعوذ بك من فتنة المَحْيا والمَمَات وأعوذ بك من فتنة المسيح الدَّجَّال). "رواه البخاري" 14 - اللهم إني أعوذ بك من غَلَبَة الدَّيْن، وغلبة العدوّ، وشماتةِ الأعْدَاء). "صحيح رواه النسائي والحاكم" 15 - (اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن دعاءٍ لا يُسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن عِلْم لا ينفع، وأعوَذ بك من هؤلاء الأربع). "صحيح رواه الترمذي والنسائي وغيرهما" 16 - (اللهم إني أعوذ بك مِن يوم السُّوء، ومن ليلة السُّوء، ومن ساعة السُّوء، ومن صاحب السُّوء، ومن جار السُّوء في دار المقامة). "حسن رواه الطبراني" 17 - (اللهم رَبَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد - صلى الله عليه وسلم -، نعوذ بك مِن النار). "حسن رواه الطبراني والحاكم" 18 - اللهم إني أعوذُ بك مِن شَرِّ سَمعي، ومِن شَرِّ بصَري، ومِن شرِّ لساني، ومِن شَرِّ قلبي، ومِن شَرّ مَنِيَّتي). "صحيح رواه أبو داود" 19 - (اللهم إني أعوذ بك مِن عِلم لا ينفع). "رواه مسلم" [أي عِلم لا أعمل به، ولا أُعلِّمه، ولا يُبذل أخلاقي وأقوالي وأفعالي، أو عِلم لا يُحتاج إليه في الدين ولا في تعلمه إذن شرعي] "ذكره المظهري وانظر فيض القدير"

دعاء الإستخارة

دعاء الإستخارة عن جابرِ -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعلِّمنا الإستخارة في الأمور كلها، كما يُعلِّمنا السورة مِن القرآن، يقول: (إذا هَمَّ أحدُكم بالأمر فليَركَع ركعتَين مِن غير الفريضة ثم ليَقل: اللهم إني استخيرُك بعِلمِك وأستقدِرُك بقُدرَتك، وأسألك مِن فَضلِك العظيم، فإنكَ تقدِرُ ولا أقْدِرُ، وتَعلَمُ ولا أعلَم، وأنتَ عَلَّام الغيوب. اللهم إن كنتَ تعلَم أن هذا الأمرَ (¬1) خيرٌ لي في ديني ومَعايثي وعاقبة أمري، -أو قال في عاجل أمري وآجله- فاقدُرهُ لي ويَسِّرْهُ لي، ثم باركْ لي فيه، وإن كنتَ تعلمُ أن هذا الأمرَ شرُّ لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري، -أو قال في عاجل أمري وآجله- فاصرفهُ عني واصرفني عنه، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيث كان، ثم رَضِّني به) (¬2) (قال ويُسمي حاجته). "رواه البخاري" وهذه الصلاة والدعاء يفعلهما الإنسان لنفسه كما يشرب الدواء بنفسه مُوقنًا أن ربه الذي استخاره سَيوجِّههُ للخير، وعلامة الخير تَيسُّرُ أسبابه، واحذر الإستخارة المبتدَعة التي تعتمد على المنامات وحساب اسم الزوجين وغيرهما مما لا أصل له في الدين. ¬

_ (¬1) أي الزواج أو الشركة أو التجارة أو السفر أو غيرهما. (¬2) يقرأ دعاء الإستخارة بعد الصلاة.

دعاء الشفاء

دعاء الشفاء 1 - ضَعْ يدَك على الذي تأَلمِ مِن جسدك وقيل: (بسم الله) ثلاثًا، وقيل سبعَ مرات: (أعوذ بالله وقدرته مِن شَرِّ ما أجدُ وأُحاذر). "رواه مسلم" 2 - اللهم رَبَّ الناس، أذهب البأس، اشفِ أنتَ الشافي لا شفاءَ إلا شفاؤك شفاءً لا يُغادرُ سَقمًا). "متفق عليه" 3 - (أعوذ بكلمات الله التامَّة مِن كل شيطان وَهامَّة ومن كل عين لامَّة). "رواه البخاري" [الهامّة: حشرات سامّة، الَّلامَّة: السوء]. 4 - مَن عاد مريضًا لم يحضُر أجلُه فقال عنده سبع مرات: (أسأل الله العظيم، رَبَّ العرش العظيم أن يَشفيَك، إلا عافاه الله). "صححه الحاكم ووافقه الذهبي" 5 - من رأى مُبتلى فقال: (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممَّن خلق تفضيلًا، لم يُصِبْه ذلك البلاء). "حسن رواه الترمذي" 6 - إن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم، فقال جبريل: (باسم الله أرقيك مِن كل داء يؤذيك، ومن شَر كل نفس وعين، باسم الله أرقيك، والله يشفيك). "رواه مسلم" 7 - اقرأ الفاتحة والمُعَوذتين واطلُب الشفاء مِن الله وحده، وأجمع بين الدعاء والدواء، وتصدَّق للفقراء لتُشفى بإذن الله. دعاء الضائع سُئل ابن عُمر -رضي الله عنهما- عن الضَّالة فقال: يتوضأ ويُصلي ركعتين، ثم يتشهد، ثم يقول: (اللهم رَادّ الضالَّة، هاديَ الضَّلالة، تهدي مِن الضَّلال رُدّ علَيَّ ضالَّتي بقدرتك وسلطانك، فإنها مِن فضلك وعطائك). "قال البيهقي: هذا موقوف على ابن عمر وهو حسن"

الدعاء المستجاب

الدعاء المستجاب إذا أردت النجاح في اختبار أو أي عمل فاقرأ الدعاء الآتي: 1 - سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يقول: (اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلد ولم يُولد ولم يكن له كُفُوًا أحد). فقال - صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى). "صحيح رواه أحمد، وأبو داود" 3 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: {لا إله إلا أنتَ سبحانك إني كنت مِن الظالمين}. (لم يدعُ بها رَجلٌ مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له). "صحيح روه أحمد" 3 - دعاء الليل المستجاب: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن تعارَّ مِن الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يُحي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيِء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلَا باللهِ، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن قام فتوضأ ثم صَلَّى قُبلت صلاته). [تعار: استيقظ]. "رواه البخاري"

نصائح وتوجيهات

نصائح وتوجيهات 1 - قرأت هذا الدعاء من أَجل شفائي من الأمراض التي أصابتني فشفاني الله، وقرأته من أَجل تيسير بعض الأعمال المتعبة، فسهَّل الله لي وأراحني من معاناتها بفضل الله، ثم بقراءة هذا الدعاء. 2 - إني أنصح كل مسلم إذا وقع في مشكلة، لا سيما إخواننا في كشمير، وفلسطين، وأفغانستان، وغيرها من البلاد الإِسلامية أن يلجاوا إلى الله وحده، ويقرأوا هذا الدعاء مع الأخذ بالأسباب التي أمر الإِسلام بها كالإستعداد للجهاد، وأخذ الدواء للمريض ولا سيما الأدوية الواردة في الطب النبوي كالعسل، والحبة السوداء، وماء زمزم، وغيرها من العلاجات المفيدة 3 - إني أنصح إخواني المسلمين في جميع بلاد العالم أن يدعو لإخوانهم بالنصر والتأييد، وأن يُعبد الله المشردين إلى بلادهم، والفلسطينيين إلى أوطانهم، وغيرهم من المسلمين المشردين؛ لأن دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجاب ولا سيما هذا الدعاء المبارك الذي استفاد منه الكثيرون لحل مشاكلهم، مهما كانت هذه المشاكل.

آداب الأكل والشرب

آداب الأكل والشرب 1 - الأكلُ والشرب مِن الطيبات وتجنب المُحَرّمات: أ - قال الله تعاليْ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} "البقرة: 172" ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أمرَ المؤمنين بما أمرَ به المرسلين فقال: {يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} ثم ذكرَ الرجلَ يُطيل السفرَ أشعثَ أغبرَ يَمُدُّ يديه إلى السماء: يا رَبُّ يا رَبُّ ومَطعَمُه حرام ومشرَبه حرام وغُذيَ بالحرام فأنّى يُستجاب له)؟ "رواه مسلم" 2 - التسمية على الطعام والشراب (بسم الله): أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا غلام سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مِمّا يليك (1) [أي من أمامك] "رواه البخاري ومسلم" ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أكل أحدكم طعامًا فليذكر اسم الله، فإن نسيَ أن يذكر الله في أوله، فليقل: بسم الله على أوّلَه وآخره). "صحيح رواه أبو داود وغيره" 3 - الأكل والشرب باليمين وألَّا يأكل مِن وسط الطعام: أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذ أكل أحدكم فليأكل بيَمينه، وإذا شرِبَ فلْيَشْرَب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله) "رواه مسلم" ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن البَركة تنزل في وسط الطعام، فكلوا مِن حافّاته، ولا تأكلوا مِن وَسَطِه). "صحيح رواه الترمذي" 4 - أن لا يأكل ولا يشرب في آنية الذهب والفضة: قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة). "رواه البخاري ومسلم" 5 - لَعْقُ اليد والصَحْفة وأكل اللُّقْمَة الساقِطَة بعد إماطة الأذى عنها: أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سقطت لُقمةُ أحدكم فليُمِط عنها الأذى ولْيأكلها ولا يَدَعْها للشيطان، ولْيَسْلُت أحدكم الصحفة، فإنكم لا تدرون في أيّ طعامِكم تكون البْركة) [ولْيَسلُت: ولْيَمسَح] "رواه مسلم"

ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليُمِط ما بها مِن الأذى وليأكُلْها ولا يَدَعها للشيطان، ولا يمسَح يده بالمنديل، حتى يلعقَها أو يُلْعِقها، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة) [يلعقها: يمَصها بفمه] "رواه مسلم" 6 - الإجتماع على الطعام: أ - قال - صلى الله عليه وسلم -: (طعام الواحدِ يكْفي الإثنين، وطعام الإثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية). "رواه مسلم" ب - وقال الصحابة -رضي الله عنهم-: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع قال: فلعلكم تَفْتَرِقُون؟ قالوا: نعم قال: (فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسمَ الله عليه يُبَارَكْ لكم فيه). "حسن رواه أبو داود" 7 - أن لا يشرب قائمًا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يشْربَنَّ أحدٌ منكم قائمًا). "رواه مسلم" 8 - أن لا يتنفس في الإِناء ولا يشرب مِن فَمِ السقاء ولا مِن ثُلْمَة القدح: أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يُمْسِكَنَّ أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسَّح من الخلا بيمينه، ولا يتنفَّس في الإناء). "رواه البخاري ومسلم" ب - (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -عن الشرب مِنْ في السِّقاء) "رواه البخاري" [في السقاء: أي فَم السِّقاء]. ج - (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب مِن ثُلْمَة القدح، وأن يَنْفُخَ في الشراب) [الثُلْمة: الكَسْر]. "صحيح رواه أبو داود" 9 - إذا فرغ من طعامه وشرابه حمد الله: أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تعالى ليَرضى عن العبد أن يأكلَ الأكلة، أو يشرب الشربة فيحمَد الله عليها). "رواه مسلم" ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن أكل طعامًا ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورَزقنيهِ من غير حَولٍ ولا قوة. غُفِرَ له ما تقدم مِن ذنبه، ومَن لبسَ ثوبًا فقال: الحمدُ لله الذي كساني هذا ورَزقنيه مِن غيرِ حَول مني ولا قوة، غُفِرَ له ما تقدم مِن ذنبه وما تأخر). "حسن رواه أحمد"

ج - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وأبدلنا خيرًا منه، وإذا شرب لبنًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وَزدنا منه، فإنه ليسَ شيء يُجْزي مِن الطعام والشراب إلَّا اللبن). "حسن رواه أبو داود وغيره" د - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رُفعتْ مائدته قال: (الحمدُ لله حَمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه، الحمد لله الذي كفانا وآوانا، غيرَ مَكفي ولا مَكفور، ولا مُوَدَّع، ولا مُستغنى عنه رَبّنا) "رواه البخاري" [غير مكفي: قائم بنفسه. مودع: متروك]. 10 - أن لا يعيبَ الطعام، واستحباب مدحه: أ - قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: (ما عابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا قط، إن اشتهاه أكله وإلَّا تركه) "رواه البخاري ومسلم" ب - وعن جابر -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل أهله الأُدْمَ؟ فقالوا: ما عندنا إلَّا خَلّ. فدعا به. فجعل يأكل ويقول: (نِعْمَ الأُدْمُ الخَلّ، نعمَ الأُدْمُ الخَلّ). "رواه مسلم"

آداب السفر

آداب السفر 1 - استحباب الخروج يوم الخميس أول النهار: أ - (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يُحب أن يخرج يوم الخميس). "رواه البخاري" ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم بارك لأُمتي في بُكُورِهَا) "صحيح رواه أحمد" 2 - استحباب طلب الرفقة، وأن يُؤمِّرُوا أحدهم: أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لو أن الناسَ يعلمون مِن الوَحدة ما أعلَم ما سارَ راكبٌ بليلٍ وحده). "رواه البخاري" ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الراكبُ شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركبٌ). "حسن رواه أحمد" جـ - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا خرج الثلاثة في سَفر فليؤمَّروا أحدَهم). "حسن رواه أبو داود" 3 - استحباب المسير في الليل: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بالدُّلْجَةِ، فإن الأرض تُطْوَى بالليل) "حسن رواه أبو داود" 4 - توديع المسافر والدعاء له: أ - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلًا قال: يا رسول الله إني أريد أن أسافر فأوْصِني: قال: (عليك بتقوى الله والتكبير على كل شَرَفٍ). فلما ولَّى الرجل قال: (اللهم اطوِ له البُعْدَ، وهَوِّن عليه السَّفر). "حسن رواه الترمذي" [الشرَف: المُرتفع مِن الأرض]. ب - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يَسْتَوْدع الجيش قال: (أستودعُ الله دينكم وأمَانَتَكُم وخواتيمُ أعمالِكُم) "صحيح رواه أبو داوه" جـ - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ودَّع رجلاً أخذ بيده فلا يَدَعْها حتى يكون الرجل هو الذي يَدَعُ يَدَهُ ويقول: (أستودعُ الله دينك وأمانتك وخواتيم عمَلك) "صحيح رواه أحمد"

5 - استحباب الدعاء في السفر، وما يقوله إذا نزل منزلًا: أ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاث دعوات مُسْتجابات لا شكَّ فيهن: دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده). "حسن رواه الترمذي" ب - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من نِزل منزلًا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامّات مِن شَرّ ما خَلق لم يضُرُّه شيء حتى يَرتحِل مِن منزله ذلك). "رواه مسلم" 6 - استحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (السفر قطعة مِن العذاب، يمنع أحدكم طعامه، وشرابه ونومه، فإذا قضى أحدكم نُهْمَتَهُ مِن سَفَره، فَلْيَعْجَل إلى أهله) [نهمته: أي مُهمته] "رواه البخاري ومسلم" 7 - استحباب ابتداء القادَم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قَدِمَ مِن سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين). "رواه البخاري ومسلم"

دعاء الركوب والسفر

دعاء الركوب والسفر 1 - قال جابر -رضي الله عنه-: (كنا إذا صعدنا كبّرنا، وإذا نزلنا سبَّحْنا). "رواه البخاري" 2 - إذا ركبت سيارة أو طائرة أو غيرها فقل: أ - بسم الله والحمد لله {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}. (¬1) "الزخرف: 13، 14" الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سبُحانك إني ظلمتُ نفسي فاغفِرْ لي. فإنه لا يغفر الذنوب إلَّا أنت). "رواه الترمذي وقال: حسن صحيح" ب - اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمَل ما ترضى. اللهم هَوّن علينا سفرنا هذا، واطَوِ عَنا بُعدَه. اللهم أنتَ الصاحبُ في السفر، والخليفة في الأهل. اللهم إني أعوذ بك مِن وعْثَاء (¬2) السفر، وكآبة المنظر وسوء المُنقلَب (¬3) في المال والأهل. "رواه مسلم" 3 - وإذا رجع المسافر قالهن وزاد عليهن: (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون). "رواه مسلم" ¬

_ (¬1) مُقرِنين: مُطقين. لمُنقلبون: لراجعون. (¬2) وَعثاء السفر: شِدته. (¬3) سوء المنقَلب: سوء الرجوع.

آداب السلام

آداب السلام 1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} "النساء: 86" 2 - وقال تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} "النور: 61" 3 - سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الإِسلام خير؟ قال: (تُطعِم الطعام وتَقرأُ السلام على مَن عَرَفت ومَن لم تَعْرِف). "رواه البخاري ومسلم" 4 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم). "رواه مسلم" 5 - وقال عمران بن حصين -رضي الله عنه-: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليكم. فردّ عليه ثم جلس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (عَشر) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله. فردّ عليه فجلس. فقال: (عشرون) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فردّ عليه، فجلس فقال: (ثلاثون). "حسن رواه أبو داود" 6 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن أولى الناس بالله مَن بدأهم بالسلام). "صحيح رواه أبو داود" 7 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه). "حسن رواه الطيالسي" 8 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يُسلِّم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير). "رواه البخاري ومسلم" 9 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا لقى أحدكم أخاه فَلْيُسَلِّم عليه، فإن حالت بينها شجرة أو جدار أو حَجَر، ثُم لَقِيَهُ فليُسَلِّم عليه). "صحيح رواه أبو داود" 10 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تَبْدَؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لَقِتمْ أحدَهم في طريق فاضْطروه إلى أضيقه). "رواه مسلم"

فضل الذكر

فضل الذكر 1 - قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. "الرعد: 28" 2 - وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}. "البقرة: 152" 3 - وقال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} "الأحزاب: 41" 4 - وقال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}. "الأعراف: 205" 5 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (سبق المُفَرِّدون) قالوا: وما المُفَرِّدون يا رسول الله؟ قال: (الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات). "رواه مسلم" 6 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَثلُ الذي يذكرُ رَبَّه، والذي لا يَذكرُ ربه، مَثل الحَيِّ والميَت). "رواه البخاري ومسلم" 7 - وقال رجل يا رسول الله: إن شرائع الإِيمان قد كثرت علَيَّ، فأخبرني بشيء أتشبث به: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يزال لسانك رَطبًا مِن ذكر الله تعالى). "صحيح رواه أحمد" [رَطبًا: أي مكثرًا مِن ذكره]

من فوائد الذكر

مِن فوائد الذكر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمسِ كلماتٍ أن يعفلَ بهنَّ، وأن يأمرَ بني إسرائيلَ أن يعملوا بهنَّ، فكأنهُ أبطأ بهنَّ، فأوحَى الله إلى عيسى: إما أن يُبَلِّغَهُن أو تُبَلِّغهُن، فأتاهُ عيسى فقال له: إنك أمرِتَ بخمس كلمات أن تعملَ بهن، وتأمُرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فإما أن تُبَلَغَهُن وإما أنَ أبلَّغَهُنَّ، فقال له: يا روح الله إني أخشى إن سبقتني أن أُعذَّبَ أو يُخسَفَ بي، فجمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد فقعدَ على الشرُفات فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: 1 - إن الله أمرني بخمسِ كلماتٍ أن أعملَ بهنَّ وآمُركم أن تعملوا بهنّ: أ - وأوَّلهُنَّ: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا: فإن مَثل مَن أشرَك بالله كمثل رجل اشترى عبدًا مِن خالص ماله بذهب أو وَرِقٍ، ثم أسكنه دارًا، فقال: اعملْ وارفعْ إليّ، فجعل العبدُ يعملُ ويرفعُ إلى غير سيِّده، فأيُّكم يرضى أن يكون عبدُهُ كذلك، وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوهُ ولا تُشركوا به شيئًا. ب - وأمركم بالصلاة: وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا فإن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يُقبلُ بوجههِ على عبدِه ما لم يلتفت. ب - وأمرَكم بالصيام: ومَثلُ ذلك كمثل رجلٍ معه صُرَّةُ مِسْكٍ في عِصابَةٍ كلُّهُم يجدُ ريحَ المسكِ، وإن خَلُوفَ فَم الصَّائمِ أطيبُ عند الله مِن ريحِ الِمسكِ. د - وأمرُكم بالصدقةِ: ومَثلُ ذلك كمَثلِ رجلٍ أسرَهُ العدُو فشدُّوا يديه إلى عنقِه، وقدَّموهُ لِيَضربوا عُنقهُ فقال لهم: هل لكم أن أفتديَ نفسي منكم؟ فجعل يفتدي نفسه منهم بالقليلِ والكثير حتى فكَّ نفسهُ. هـ - وأمرُكم بذكر الله كثيرًا: ومَثَل ذلك كمَثل رجل طلَبَهُ العدُوُّ سِرَاعًا في أثَرِهِ فأتى حِصنًا حصينًا فاحرزَ نفسهُ فيه، وإن العبدَ أحصن ما يكونُ مِن الشيطان إذا كان في ذكرِ الله تعالى. 2 - وأنا آمركم بخمس: أمرني الله بهنَّ: الجماعةِ، والسمعِ والطاعةِ، والهجرةِ، والجهاد في سبيل الله، فإنه مَن فارقَ الجماعة قيدَ شِبرٍ فقد خلعَ رِبْقَةَ الإِسلام مِن عُنُقه، إلا أن يُراجِعَ، ومَن دعا بدعوة الجاهلية فهو مِن جُثاءِ جهنم، وإن صام وزعم أنه مسلم، فادعُوا بدعوةِ الله التي سَماكم بها المسلمين المؤمنين عبادَ الله) صحيح

الذكر في الصباح والمساء

الذكر في الصباح والمساء 1 - قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} "الأحزاب: 41، 42" [الأصيل: ما بين العصر إلى المغرب]. 2 - وقال تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعَام:52] 3 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال حين يُصبح وحين يُمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة، لم يأتِ أحدٌ بأفضلَ ممَّا جاء به، إلا أحدٌ قال مِثلَ ما قال، أو زاد عليه). "رواه مسلم" 4 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (سَيِّد الاستغفار: اللهم أنتَ رب لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك مِن شر ما صنعتُ، أبوءُ لك بنعمتك علي، وأبوءُ بذنبي، فاغفِر لي، فإنه لا يغفرُ الذُّنوبَ إلا أنت: مَن قالها حين يُمسي فمات مِن ليلته دخل الجنة، ومَن قالها حين يُصبح فمات مِن يومه دخل الجنة). "رواه البخاري" 5 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال حين يُمسي ثلاث مرات: أعوذ بكلمات الله التامَّات مِن شَرِّ ما خلق، لم يَضُرَّه لَدْغَةُ حَيَّةٍ في تلك الليلة). "صحيح رواه الترمذي" 6 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما مِن عبدٍ يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضُرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرضِ، ولا في السماءِ، وهوَ السميعُ العليمُ، ثلاث مرات لم يَضُرَّه شيء). "صحيح رواه الترمذي" 7 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال إذا أصبح: لا إله إلَا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير كان له عَدلُ رَقبَةٍ من وَلد إسماعيل، وكُتبت له بها عشرُ حسنات، وحُطَّ عنه بها عشرُ سيئات، ورُفعَ له بها عشرُ درجات، وكان في حِرز من الشيطان حتى يُمسي، وإذا قالها إذا أمسى كان له مِثل ذلكَ حتى يُصبح). "صحيح رواه أحمد"

8 - وقال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: يا رسول الله مُرْني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قل: اللهم فاطرَ السموات والأرض عالِمَ الغيبِ والشهادةِ رَبَّ كُلِّ شيء ومَليكَه، أشهدُ أن لا إله إلا أنت، أعَوذ بك مِن شر نفسم، ومن شر الشيطان وشِركهِ، وأن أقترفَ على نفسي سُوءًا أو أجُرَّه إلى مسلِم: قُلْهَا إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مَضجعَك). "صحيح رواه أحمد"

الذكر عند النوم والإستيقاظ

الذكر عند النوم والإستيقاظ 1 - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول: (باسمِك اللهمَّ أحيا وباسمِك أموت). وإذا استيقظ قال: (الحمدُ لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النُّشور). "رواه البخاري" 2 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه من الليل قال: (بسم الله وضعتُ جنبي، اللهم اغفر لي ذنبي وأخْسِيءْ شيطانيِ وفُكَّ رِهَاني، وثَقَلْ مِيزَاني، واجعلني في النَّدِيِّ الأعْلَى). "صحيح رواه أبو داود والحاكم" 3 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه قرأ: {قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} "حسن رواه الطبراني" 4 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خَدِّه ثم يقول: (اللهم قِني عذابَك يوم تبعثُ عِبادك). "صحيح رواه أبو داود" 5 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه قال: (الحمد لله الذي أطعمَنا وسقانا وكفانا وآوانا فَكَمْ ممَّن لا كافي له ولا مُؤْي له). "رواه مسلم" 6 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه كل ليلة: (جمع كفيه ثُم نَفَثَ فيهما فَقَرأ فيهما {قل هُوَ الله أحدُ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثم يمسح بهما ما استطاع مِن جسده يَبْدأ بهما على رأسه وَوَجهه وما أقبل مِن جسده يفعل ذلك ثلاث مرات). "رواه البخاري ومسلم" 7 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه يقول: (اللهم رَبَّ السموات وربَّ العرش العظيم، ربَّنا وربَّ كل شيء فالِقَ الحَبِّ والنَّوَى ومُنْزِلَ التَوَراةِ والإِنْجيلِ والفرقان، أعوذ بكَ مِن شر كل شيء أنت آخذٌ بناصيته. اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخرُ فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقَكَ شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدَّينَ وأغننا مِن الفقر). "رواه مسلم"

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قام أحدُكم عن فراشه ثم رجع إليه فلينفضه بصِنفةِ إزاره ثلاث مرات، فإنه لا يدري ما خلفه عليه بَعده، وإذا اضطجع فليقل باسمِكَ رَبي وضعتُ جَنبي وَبكَ أرفعهُ، فإن أمسكتَ نفسي فارحَمها وإن أرسَلتها فاحفَظها بما تحفَظ به عبادَك الصالحين) [صِنفِة إزاره: أي حاشيته]. "رواه البخاري ومسلم" 9 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي وفاطمة: (ألَا أدُلُّكمَا على ما خَيْرٌ لكما مِن خادم، إذا أوَيْتُمَا إلى فراشكما فسبِّحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكَبّرا أربعًا وثلاثين). قال علي: فما تركتهن منذ سمعتهن مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قيل له: ولا ليلة صِفِّين؟ قال: ولا ليلة صِفِّين. "رواه البخاري ومسلم" 10 - وقال رسول الله -صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إذا أتيتَ مضْجعكَ فتوضأ وضُوءَك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن. وقل: اللهم أسلمتُ نفسي إليك وفوَّضت أمري إليك رَغبة ورَهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا مِنكَ إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزِلت، وبنبيِّك الذي أرسلت، واجعلهن مِن آخر كلامك، فإن مِتَّ مِن لَيلتكِ مِتَ وأنت على الفطرة). "رواه البخاري مسلم" 11 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن تعارّ مِن الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفِر لي أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصَلّى قُبلت صلاته) "رواه البخاري" [تعار: استيقظ]. 12 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: (يعقد الشيطانُ على قافية رأس أحدِكم إذا هو نام ثلاث عُقَد، يَضرب مكان كل عُقدة: عليك لَيلٌ طويل فارقُد، فإن استيقظ فذكرَ الله انحلَّت عُقدةٌ، فإن توضأ انحلت عُقدة، فإن صلَّى انحلَّت عُقَدُة كلُّها، فأصبح نشيطًا طيِّبَ النفس، وإلا أصبحَ خبيثَ النفسِ كسلان). "متفق عليه"

الذكر عند الدخول والخروج من المنزل

الذكر عند الدخول والخروج من المنزل 1 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال إذا خرج من بيته: بسم الله توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى: يقال له: كُفيت ووُقيتَ وهُديتَ، وتنحَّى عنه الشيطان. فيقول شيطان آخر: كيف لك برجل قد هُدِيَ وكُفِيَ ووُقِي)؟ "صحيح رواه الترمذي" 2 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مَبيتَ لكم ولا عَشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله: قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعَشاء). "رواه مسلم" الذكر عند دخول المسجد والخروج منه 1 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دخل أحدكم المسجد فلْيُسَلِّم على النبي، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فَلْيُسَلِّم على النبي وليقل: اللهم اعصِمني من الشيطان). "صحيح رواه النسائي" 2 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دخل أحدكم المسجد فلْيُصَلِّ على النبي وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرَج فَلْيُسَلِّم على النبي وليقل: اللهم إني أسألك مِن فضلك). "رواه مسلم" 3 - وكان رسول ال - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل المسجد قال: (أعوذ بالله العظيم وبوجْههِ الكريم وسُلطانِه القديم مِن الشيطان الرجيم). وقال: (فإذا قال ذلك قال الشيطان: حُفِظ مِني سائرَ اليوم). "صحيح رواه أبو داود"

الذكر عند الأذان

الذكر عند الأذان 1 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن). "روه البخاري ومسلم" 2 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صَلّوا عليَّ، فإنه مَن صَلَّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سَلُوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلُّا لعبدَ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمَنْ سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة). "رواه مسلم" 3 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلَا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدًا رسول الله. قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: حيّ على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حيّ على الفلاح. قال: لا حولَ ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر. قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله قال: لا إله إلا الله مِن قلبه دخل الجنة). "رواه مسلم" وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال حين يسمع النداء: اللهم رَبّ هذه الدعوة التامَّة والصلاةِ القائمة آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا عمودًاا لذي وعدته، حَلَّت له شفاعتي يوم القيامة). "رواه البخاري" 5 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، رضيتُ بالله رَبًا وبمُحمدٍ رسولًا، وبالإِسلام دينًا، غُفر الله له ما تقدم من ذنبه). "رواه مسلم" 6 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الدعوة لا تُردُّ بين الأذان والإِقامة). "صحيح رواه أحمد" وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اثنتان لا تُردَّان؛ الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يَلْحَم بعضهم بعضًا). "صحيح رواه أبو داود"

الذكر بعد الصلاة

الذكر بعد الصلاة 1 - كان - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثًا وقال: (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام). "رواه مسلم" 2 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلّم لم يَقْعُد إلا مِقْدار ما يقول: (اللهم أنتَ السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلالِ والإِكرام). "رواه مسلم" 3 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في دُبُر كلِّ صلاة مكتوبة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مَانِعَ لما أعْطيْتَ ولا مُعْطِيَ لما مَنَعْتَ ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ). [الجدّ: الحظ والغنى] "رواه مسلم" 4 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوّذ دُبُر الصلاة: (اللهم إني أعوذ بك مِن الجُبن، وأعوذ بك من البُخْل، وأعوذ بك مِن أرْذَلِ العُمُر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر). "رواه البخاري" 5 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن قرأ آيَة الكُرسي دُبُر كلِّ صلاة، لم يَمنعه مِن دخولِ الجنة إلا الموت). "صحيح رواه النسائي" 6 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمُعاذ: "والله إني لأحِبُّكَ فقال: أوصيك يا معاذ: لا تَدَعَنَّ دُبُرَ كل صلاة تقول: اللهم أعِني على ذِكرك وشكركَ وحُسن عبادتك). "صحيح رواه النسائي" 7 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مُعَقِّباتٌ لا يَخيبُ قائِلُهنَّ: ثلاث وثلائون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربعٌ وثلاثون تكبيرة، في دُبُر كل صلاة مكتوبة). " رواه مسلم" 8 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن سبّح الله في دُبُر كُل صَلاة ثلاثًا وثلاثين، وحَمِدَ الله ثلاثًا وثلاثين، وكبِّر ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعٌ وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلَّا الله

وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير غُفِرتْ خطاياه وإن كانت مثلَ زبد البحر). "رواه مسلم" 9 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول دُبُر كل صلاة حين يُسَلِّم: (لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلَا بالله، لا إله إلَّا الله ولا نعبدُ إلا إياه، له النعْمَةُ، وله الفضلُ، وله الثناء الحسنُ. لا إله إلا الله مُخلِصِين له الدين ولو كره الكافرون). "رواه مسلم" 10 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (خَصلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلَّا دخل الجنة، ألَا وهما يسير، ومَن يعملُ بهما قليل، يُسبح الله في دُبُر كُل صلاة عشرًا، ويَحمَده عشرًا، ويُكبَر عشرًا، فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، ويُكَبرُ أربعًا وثلاثين إذا أخذ مضجعه، ويَحمَدُهُ ثلاثًا وثلاثين ويُسبّح ثلاثًا وثلاثين، فتلك مائة باللسان، وألف في الميزان. فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟ "صحيح رواه أحمد" 11 - وعن عقبة بن عامر قال: (أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ بالمعوذتين دُبُر كُل صلاة). "متفق عليه" ولفظ أحمد وأبي داود: بالمعوذات: [قل هو الله أحد] مِن المعوذات.

الذكر عند الغضب

الذكر عند الغضب 1 - قال الله تعالى.: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} "فصلت: 36" 2 - وقال سليمان بن صُرَد: كنت جالسًا مع رسول الله غير ورجلان يَسْتبَّان وأحدهما قد احمر وجْهُه، وانتفخت أوْدَاجُه!! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني أعلَمُ كلمة لو قالها لذهبَ عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله مِن الشيطان الرجيم، ذهبَ عنه ما يجد). "رواه البخاري مسلم" 3 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا غضب أحدكم وهو قائم، فلْيجلِسْ، فإن ذهب عنه الغضب، وإلَّا فلْيضْطَجِعْ). "حسن رواه أبو داود"

الذكر عند الكرب والمصائب

الذكر عند الكرب والمصائب 1 - كان رسول لله - صلى الله عليه وسلم - يدعو عند الكرب: (لا إله إلَّا الله العظيم الحليم، لا إله إلَّا الله رَبُّ العرش العظيم، لا إله إلَّا الله رَبُّ السماواتِ السبع، ورَب الأرض، ورَبُّ العرش الكريم). "رواه البخاري ومسلم" 2 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (دعواتُ المكروب: اللهم رَحمتَك أرجو، فلا تكِلْني إلى نفسي طرفةَ عَين، وأصلحْ لي شأني كله، لا إله إلَّا أنت). "حسن رواه أحمد" 3 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما أصاب عبدًا هَمٌّ ولا حزنٌ فقال: اللهم إني عبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمَتِكَ، ناصِيتَي بيدك ماض فيَّ حُكْمُك عَدْلٌ فيَّ قضاؤُك، أسألُك بكل اسم هو لكَ سَمَّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمتهَ أحدًا مِن خلقك، أو اسْتأثَرْتَ به في علم الغيب عندك أن تجعلَ القرآن ربيعَ قلبي ونورَ صَدري، وجلاء حُزني وذهاب همِّي، إلَّا أذهبَ الله هَمَّه وحُزنه وأبدَله مكانه فرَحًا). "صحيح رواه أحمد" 4 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما مِن عبدٍ تُصيبُهُ مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهِم أْجُرْني في مُصيَبتي، واخْلُفْ لي خيرًا منها، إلَّا آجَرَهُ الله في مُصيبته وأخْلَفَ له خيرًا منها). "رواه مسلم" الذكر وكفارة المجلس 1 - قال رسول لله - صلى الله عليه وسلم -: (ما مِن قوم يقومون مِن مَجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلَّا قاموا عن مثل جيفَة حِمارٍ، وكان ذلك المجلسُ عليهم حَسْرة يوم القيامة). "صحيح رواه أبو داود" 2 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن جلس في مجلس فكثُر فيه لَغَطُهُ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك. أشهد أن لا إله إلَّا أنتَ أستغفِرُكَ وأتوبُ إليك، إلَّا كفَّر الله له ما كان في مجلسه ذلك). "صحيح رواه الترمذي"

احذر قراءة هذه الكتب

احذر قراءة هذه الكتب قدمت لك هذه المجموعة من الأدعية والآداب والأذكار من القرآن والأحاديث "الصحيحة" وعليك أن تحذر هذه الكتب: 1 - الدعاء المستجاب من السنة والكتاب لمؤلفه أحمد عبد الجواد، فقد رأيت فيه أحاديث ضعيفة ومتناقضات، فقد ذكر أحاديث صحيحة تمنع المسلمين من قراءة القرآن في ركوع الصلاة، ثم ذكر قراءة آية مِن القرآن عند الركوع، وقد رأيته في الحرم المدني ونصحته فلم يستجب، بل غضب وردًّا لحق!. 2 - المجموعة المباركة لمحمد عبده بابا: فيها كذب لا يخفى على كل مسلم. 3 - العهود السليمانية: ويزعم صاحبها أن سليمان أخذ العهد على الحيات وكلها كذب. 2 - وصية الشيخ أحمد خادم الحجرة النبوية: ويزعم فيها أنه رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال له: خذ هذه الوصية واكتبها أربعين مرة فيحصل لك مِن الخير كذا وكذا، وإذا لم يكتبها يحصل له مِن الشر كذا وكذا، وفيها مِن الكذب الظاهر، وقد نبه عليها سماحة الشيخ ابن باز، وأبطلها. 5 - أفضل الصلوات للشيخ يوسف النبهاني قال في كتابه: (اللهم صَلّ على مُحمدٍ حتى تجعل منه الأحَدِيّة القَيومِية). أقول: الأحدِية القيومية مِن صفات الله، جعلها للرسول - صلى الله عليه وسلم -. 6 - دليل الخيرات: فيه صلوات مبتدعة تخالف الكتاب والسنة، وقد وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه أجير، وجرثومة، وغيرها من الأوصاف، وفيه أدعية شركية وإلحادية كقوله: اللهم انشلني مِن أوحال التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة ... إلى آخره. 7 - رأيت كتابًا للأستاذ محمود مهدي استانبولي عنوانه: (حَرقوا هذه الكتب) ذكر فيها أسماء كتب كثيرة منها: كتاب الطبقات الكبرى للشعراني، وكرامات الأولياء للشعراني، وخزائن الأسرار، ونزهة المجالس، والروض الفائق، ومكاشفات القلوب للغزالي، والعرائس للثعالبي، فكلها كتب يحرم طبعها وبيعها وقراءتها إلَّا على وجه الإِنكار والرد عليها؛ وذلك لما فيها من المخالفات الشرعية.

(9) فضائل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام - صلى الله عليه وسلم -

(9) فضائل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام - صلى الله عليه وسلم -

موجز فضائل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام - صلى الله عليه وسلم - * الأمر بالصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - * حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - * صفة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - * فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - * معنى الصلاة والسلام والبركة * مواضع الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. * فوائد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. * الجهر والاسرار بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - * كيفية الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - * الصلوات المبتدعة والصلاة النارية * كتاب دلائل الخيرات وما فيه * حسان يمدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - * من مكارم أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم -

المقدمة

المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد .. فإن موضوع (فضائل الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -) مُهِمٌ جدًا؛ لأنها من العبادة التي أمرنا الله تعالى بها في قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} "الأحزاب: 56" قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن صلَّى عليَّ واحدة صلَّى الله عليه بها عَشرًا). "رواه مسلم" وقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن صلَّى عليَّ واحدة صلَّى الله عليه عشر صلوات، وحَطَّ عنه عشرَ خطيئات، ورفع له عشر درجات). "صحيح رواه أحمد وغيره" وبما أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من العبادة، فلا بد لها من التقيد بما ورد في السنة، وأن نبتعد عن الصلوات المبتدعة التي أحدثها المتأخرون. وقد ذكرت حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة والدعاء وفي المجالس، وعند ذى اسمه - صلى الله عليه وسلم -، كما ذكرت معنى الصلاة والسلام على النبي وآله - صلى الله عليه وسلم -، وفوائدها. والله أسال أن ينفع بها المسلمين ويجعلها خالصة لله تعالى. محمد بن جميل زينو 10/ 1/ 1417 هـ

الأمر بالصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -

الأمر بالصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} "الأحزاب: 56". 1 - قال ابن عباس: يًصَلّون: يُبرِّكون. [أي يدعون له بالبركة]. 2 - وقال أبو العالية: صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء. "رواه البخاري تعليقًا" 3 - وقال ابن كثير: والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عبادة بمنزلة عبده ونبيه في الملأ الأعلى بأنه يُثني عليه عند الملائكة المقرَّبين، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين: السفلي والعلوي جميعًا. 4 - وقال القرطبي: هذه الآية شرف الله بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - حياته وموته، وذكر منزلته منه، والصلاة من الله رحمته ورضوانه، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، ومِن الأُمة الدعاء والتعظيم لأمره؛ وقد أمر الله تعالى عبادة بالصلاة على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - دون أنبيائه تشريفًا له. من فوائد الآية 1 - بيان شرف الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومنزلته العالية عند ربه. 2 - الأمر بالصلاة والسلام عليه من الله تعالى. 3 - الصلاة والسلام على النبي من صفات المؤمنين. 4 - لم يأمرنا الله بقراءة الفاتحة للرسول - صلى الله عليه وسلم -كما يفعله البعض.

حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -

حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - قال القرطبي: لا خلاف في أن الصلاة عليه فرض في العمر مرة، وفي كل حين من الواجبات وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلَّا مَن لا خير فيه. 2 - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة مرة عند الطحاوي، وكلما ذكر اسمه عند الكرخي، وهو الإحتياط، وعليه الجمهور. وقال أبو السعود وهذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} "الأحزاب: 56" دليل على وجوب الصلاة والسلام عليه مطلقًا من غير تكرار. وقال القسطلاني: قيل هي مستحبة، وقيل واجبة في التشهد الأخير من كل صلاة، وعليه الشافعي, وهو رواية عن الإِمام أحمد. وقيل تجب في الصلاة من غير تعيين لمحل منها، وقيل تجب في خارج الصلاة، وقيل كما ذُكر، وقيل في كل مجلس مرة وإن تكرر ذكره فيه، وقيل تجب في العمر مرة واحدة، وقيل تجب في الجملة من غير حصر، وقيل يجب الإِكثار منها من غير تقييد بعدد. 3 - وقوله: {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} مَصدر مؤكد، قال الإِمام: ولم تؤكد الصلاة لأنها مُؤكَّدة بقوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}. 4 - وقيل: إن السلام تسليمه عما يؤذيه، فلما جاءت هذه الآية -عقيب ذكر ما يؤدي النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ والأذية: إنما هي من البشر- فناسب التخصيص بهم والتأكيد. أقول: هذه الآية من باب الإكتفاء على حد قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ...} أي والبرد. والمعنى: إن الله وملائكته يُصَلون على النبي ويُسلِّمون. "انظر فتح البيان للمفسر صديق حسن خان 7/ 409"

حكم الصلاة على النبي في الصلاة

حكم الصلاة على النبي في الصلاة عن أبي مسعود البدري أنهم قالوا: يا رسول الله أما السلام فقد عرفنا فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا؟ فقال: قولوا: (اللهم صَل على محمد وعلى آلِ محمد ...) وذكره. "رواه أحمد وغيره وأصله في مسلم" 1 - ومن ههنا ذهب الشافعي -رحمه الله- إلى أنه يجب على المصلي أن يصلي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير، فإن تركه لم تصح صلاته. "انظر تفسير ابن كثير 83" 2 - قوله: (قولوا) استدل بذلك على وجوب الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد، وإلى ذلك ذهب عمر وابنه عبد الله، وابن مسعود، وجابر بن زيد، والشعبي، ومحمد بن كعب القرظي، وأبو جعفر الباقر، والهادي والقاسم والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحق، وابن المواز، واختاره القاضي أبو بكر بن العربي. وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب: منهم مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي وغيرهم. "نيل الأوطار جـ2/ 321" إن هذا الأمر (قولوا) يصلح للاستدلال به على الوجوب، وأما على بطلان الصلاة بالترك ووجوب الإِعادة لها فلا؛ لأن الواجب لا يستلزم عدمه العدم، كما يستلزم ذلك الشروط والأركان. "انظر تفسير الشوكاني ج 4/ 301" 3 - وجميع هذه الأدلة التي استدل بها القائلون بالوجوب لا تختص بالأخير، وغاية ما استدلوا به على تخصيص التشهد الأخير بها حديث: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس في التشهد الأوسط كما يجلس على الرُّضَفْ). [الرضَفُ: الحجارة الحامية] "ضعفه الألباني وغيره" وليس فيه إلَّا مشروعية التخفيف وهو يحصل بجعله أخف من التشهد الأخير. "نيل الأوطار 324" 4 - والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول مذهب الشافعي كما نص عليه في كتابه (الأُم) وصرح به النووي وهو اختيار الوزير ابن هبيرة الحنبلي في (الإِفصاح) ونقله ابن رجب في: (ذيل الطبقات).

صفة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -

صفة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - عن أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن عنده فقال: يا رسول الله: أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف نُصلِّي عليك إذا"نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك؟ قال: (قولوا: اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صَليتَ على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آلي إبراهيم في العالَمين إنك حميد مجيد. والسلام كما قد علمتم). "رواه مسلم" 2 - عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال: خرج علينارسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: قد عرفنا كيف نسلِّم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: (قولوا: اللهم صَلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صَليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد). "رواه البخاري ومسلم" 3 - عن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصليِ عليك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قولوا: اللهم صَل على محمد وعلى أزواجه وذُرِّيته، كما صلِّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد). "رواه البخاري ومسلم" 4 - عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال: (قل: اللهم صَلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صَليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد). "صحيح رواه أحمد" 5 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال إنهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (قولوا: اللهم صَلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد). "صحيح رواه الطحاوي"

فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -

فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن صَلَّى علَيَّ واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا). "رواه مسلم" 2 - عن أبي الدرداء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن صَلَّى عليَّ حين يُصبح عشرًا، وحين يُمسي عشرًا، أدركته شفاعتي يوم القيامة). "حسن رواه الطبراني" 3 - عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن لله ملائكه سَيَّاحين يُبلِّغوني عن أُمتي السلام). "صحيح رواه النسائي" 4 - عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن صَلَّى عليَّ واحدة صَلى الله عليه عشرَ صلوات، وحَطَّ عنه عشرَ خطيئات، ورفع له عشرَ درجات). "صحيح رواه أحمد وغيره" 5 - وعن عبد الله بن بُسر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كُلُّ دعاء محجوب حتى يُصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم -). "رواه ابن المخلد في المنتقى وهو حسن بشواهده" 6 - وعن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (البخيل مَن ذُكرتُ عنده فلم يُصَلِّ علَيَّ). "حسن رواه الترمذي" 7 - وعن زيد بن خارجة -رضي الله عنه- قال: أنا سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: (صَلُّوا عَليَّ فاجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد). "حسن رواه النسائي" 8 - عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج في ثلُثي الليل فيقول: (جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه). وقال أُبي: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أُصلِّيَ مِن الليل، أفأجعل لك ثلُث صلاتي؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الشَّطْر) [أي النصف].

قال: أفاجعل لك شطرَ صلاتي؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الثلثان أكثر). قال: أفأجعل لك صلاتي كلها؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذن يُغفر لك ذنبك كله). "جيد رواه الترمذي" المعنى: أن الصحابي أراد أن يجعل من الليل وقتًا معينًا للصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - .. ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا جعلتَ هذا الوقت من الليل كله للصلاة عليَّ يُغفر ذنبك كله.

معنى الصلاة والسلام والبركة

معنى الصلاة والسلام والبركة 1 - أما الصلاة فهي في اللغة: الدعاء، ومنه قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} "التوبة: 103" أ - وأما مِن الله ثناؤه عليه وذكره في الملأ الأعلى. وقيل: مغفرته ورحمته وهو ضعيف. وصلاة الملائكة وغيرهم: الدعاء بالصلاة من الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة. ب - قال الحافظ: وقال الحليمي في الشعب: معنى الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (تعظيمه) فمعنى قولنا: اللهم صَل على محمد: (عَظِّمْ محمدًا) والمراد تعظيمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار مثوبته، وتشفيعه في أمته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود. وعلى هذا فالمراد بقوله تعالى: {صلُّوا عليه}: ادعوا ربكم بالصلاة عليه. ا. هـ. جـ - وقال ابن القيم: بل الصلاة المأمور بها فيها "أي في الآية" هي الطلب من الله ما أخبر به عن صلاته وصلاة ملائكته، وهي ثناء عليه وإظهار لفضله وشرفه، وإرادة تكريمه وتقريبه. فهي تتضمن الخبر والطلب، وسُمي هذا السؤال والدعاء منا نحن صلاة عليه لوجهين: أحدهما: أنه يتضمن ثناء المصلي عليه والإِشارة بذكر شرفه وفضله، والإِرادة والمحبة كذلك من الله تعالى فقد تضمنت الخبر والطلب. والوجه الثاني: أن ذلك سُمي منا صلاة لسؤالنا مِن الله أن يصلي عليه؛ فصلاة الله عليه: ثناؤه وإرادته لرفع ذكره وتقريبه، وصلاتنا نحن عليه: سؤالنا الله تعالى أن يفعل ذلك به. ا. هـ. "جلاء الأفهام ص 81" 2 - وأما معنى التسليم: فهو السلام الذي هو من أسماء الله الحسنى عليك: وتأويله: لا خلوت من الخيرات والبركات وسلمت من المكاره والآفات؛ إذ كان اسم الله تعالى إنما يُذكر على الأمور توقعًا لاجتماع معاني الخير والبركة فيها، وانتفاء عوارض الخلل والفساد عنها.

ويحتمل أن يكون"السلام" بمعنى"السلامة" أي: ليكن قضاء الله تعالى عليك السلامة. أي: "سَلِمتَ من الملام والنقائص" فإذا قلت: اللهم سلِّم على محمد، فإنما تريد منه: اللهم اكتب لمحمد في دعوته وأُمته وذكره السلامة من كل نقص فتزداد دعوته على مَمَر الأيام علُوًا وأُمته تكاثرًا وذِكره ارتفاعًا. 3 - وأما البركة فهي النَّماء والزيادة، والتبريك الدعاء بذلك ويقال: باركه الله، وبارك فيه، وبارك عليه، وبارك له. وأما قوله: (وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم). فهذا دعاء يتضمن إعطاءه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم وإدامته وثبوته له ومضاعفته له وزيادته. "انظر جلاء الأفهام ص 165"

من هم آل النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

مَن هم آل النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ اختلف العلماء في مَن هُم آل النبي- صلى الله عليه وسلم - على أربعة أقوال: 1 - إنهم الذين حُرمت الصدقة عليهم، وهم بنو هاشم وبنو المطلب. 2 - إنهم ذرِّيته وأزواجُه خاصة. 3 - إنهم أتباعه إلى يوم القيامة. 4 - إنهم الأتقياء مِن أُمته. والراجح من أقوال العلماء هو القول الأول للأدلة الآتية: أ - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤتى بالتمر عند صِرَام النخل، فيجيء هذا بتمرة، وهذا مِن تمره حتى يصير عنده كوم مِن تمر، فجعل الحَسن والحسين يلعبان بذلك التمر، فأخذ أحدهما تمرة فجعلها في فيه، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجها من فيه، فقال: (أما علمتَ أن آل محمدٍ لا يأكلون الصدقة). "رواه البخاري" [صِرام النخل: قطفه]. ب - عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إن فاطمة رضي عنها أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي - صلى الله عليه وسلم - مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا نورَث ما تركناه صدقة، إنما يأكل آلُ محمدٍ مِن هذا المال يعني مال الله، ليس لهم أن يزيدوا على المأكل). "متفق عليه" جـ - عن عبد الله بن الحارث أن عبد المطلب بن ربيعة أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث قال لعبد المطلب بن ربيعة، وللفضل بن العباس -رضي الله عنهما-: إِئتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولا له: استَعمِلْنا يا رسول الله على الصدقات -فذكر الحديث- وفيه: فقال لنا: (إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحِل لِمُحمد، ولا لآلِ محمد). "رواه مسلم"

توضيحات حول الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -

توضيحات حول الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - قد يشكل على بعض الناس كيف طلب النبي - صلى الله عليه وسلم - له من الصلاة ما لِإبراهيم مع أنه - صلى الله عليه وسلم - أفضل من إبراهيم -عليه السلام- مع أن الأصل أن المشبِّه به فوق المشبّه؟! والجواب عن هذا الإِشكال من وجهين: الأول: إن آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم فإذا طلب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولآله من الصلاة مثل ما لِإبراهيم وآله- وفيهم الأنبياء- حصل لآل محمد - صلى الله عليه وسلم - من ذلك ما يليق بهم. وتقرير ذلك: أن يجعل الصلاة الحاصلة لإِبراهيم ولآله وفيهم الأنبياء جملة مقسومة على محمد - صلى الله عليه وسلم - وآله، ولا ريب أنه لا يحصل لآل النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ما حصل لآل إبراهيم وفيهم الأنبياء، بل يحصل لهم ما يليق بهم، فيبقى قِسم النبي - صلى الله عليه وسلم - المتوفرة التي لم يستحقها آله مختصة - صلى الله عليه وسلم -. الثاني: أن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - هو مِن آل إبراهيمِ بل هو من خير آل إبراهيم، فيكون قولنا: (كما صَليتَ على آل إبراهيم) متناولًا للصلاة عليه وعلى سائر النبيين مِن ذرية إبراهيم، ثم قد أمرَنا الله أن نُصلِّى عليه وعلى آله خصوصًا بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عموماً وهو فيهم، ويحصل لآله من ذلك ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له - صلى الله عليه وسلم -. وتقرير هذا أنه يكون قد صلَّى عليه خصوصًا، أو طلب له من الصلاة ما لآل إبراهيم وهو داخل معهم، ولا ريب أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم أكِمل من الصلاة الحاصلة له دونهم، فيطلب له من الصلاة هذا الأمر العظيم الذي هو أفضل مما لإِبراهيم قطعًا ويظهر حينئذ فائدة التشبيه. "انظر جلاء الأفهام ص 150 - 160" 2 - يرى القارئ أَيضًا أنه ليس في شيء منها لفظ: (السيادة) ولذلك اختلف المتأخرون في مشروعية زيادتها في الصلوات الإِبراهيمية، ولا يتسع المجال الآن لنفصل القول في ذلك. وذكر مَن ذهب إلى عدم مشروعيتها اتباعًا لتعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - الكامل لأُمته حين سُئل

عن كيفية الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - فأجاب آمرًا بقوله: (قولوا: اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد). "رواه البخاري ومسلم" ولكني أُريد أن أنقل إلى القراء الكرام هنا رأي الحافظ ابن حجر العسقلاني في ذلك باعتباره أحد كبار علماء الشافعية الجامعين بين الحديث والفقه، فقد شاع لدى متأخري الشافعية خلاف هذا التعليم النبوي الكريم! أ - فقال الحافظ محمد بن محمد الغرابيلي، وكان ملازمًا لابن حجر، قال -رحمه الله- ومن خطه نقلتُ-: (وسُئل "أي الحافظ ابن حجر" أمتع الله بحياته عن صفة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة أو خارج الصلاة سواء قيل بوجوبها أو ندبيتها هل يشترطافيها أن يصفه - صلى الله عليه وسلم - بالسيادة كأن يقول مثلَا: اللهم صلِّ علي سيدنا محمد أو على سيد الخلق وعلى سيد ولد آدم؟ أو يقتصر على قوله: اللهم صلِّ على محمد؟ وأيهما أفضل الإتيان به لعدم ورودِ ذلك في الآثار؟ فأجاب -رضي الله عنه-: نعم اتباع الألفاظ المأثورة أرجح، ولا يُقال: لعله ترك ذلك تواضعًا منه - صلى الله عليه وسلم -كما لم يكن يقول عند ذكره - صلى الله عليه وسلم -: (- صلى الله عليه وسلم -) وأُمته مندوبة إلى أن تقول ذلك كما ذُكر؛ لأنا نمَول: لو كان ذلك راجحًا لجاء عن الصحابة ثم عن التابعين، ولم نقف في شيء من الآثار عن أحد مِن الصحابة ولا التابعين لهم قال ذلك، مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك. وهذا الإِمام الشافعي أعلى الله درجته، وهو من أكثر الناس تعظيمًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبة كتابه الذي هو عمدة أهل مذهبه: (اللهم صَل على محمد) إلى آخر ما أداه إليه اجتهاده وهو قوله: كما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون، وكأنه استنبط ذلك من الحديث الصحيح الذي فيه (سبحان الله عدد خلقه) فقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لأُم المؤمنين ورآها أكثرت التسبيح وأطالته: (لقد قلتُ بعدَكِ كلماتٍ لو وُرنت بما قلتِ لورنتهن فذكر ذلك) "رواه مسلم" وكان - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الجوامع من الدعاء. "انظر صفة الصلاة للألباني" 3 - أفضل الصيغ ما علَّمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -، لأنه لا يختار لهم وكذا لنفسه إلا الأشرف والأفضل؛ ومن ثَم صوَّبَ النووي في الروضة أنه لو حلف لَيُصَلِّين عليه - صلى الله عليه وسلم - أفضل الصلاة لم يَبرَّ إلَّا بتلك الكيفية، وَوَجّهه السبكي بأنه من أتى بها فقد صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - بيقين وكل من جاء بلفظ غيرها فهو

من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك؛ لأنهم قالوا: كيف نصلي عليك؟ قال: (قولوا ...). فجعل الصلاة عليه منهم هي قولهم كذا. 4 - لا يُشرع تلفيق صيغة صلاة واحدة من مجموع هذه الصيغ بل ذلك بدعة في الدين وإنما السنة أن يقول هذا تارة وهذا تارة كما بينه شيخ الإِسلام ابن تيمية. "انَظر صفة الصلاة للألباني ص 135 - 139" 5 - قوله: (إنك حميد مجيد). فالحميد فعيل مِن الحمد، وهو بمعنى محمود وهو أبلغ من المحمود فإن فعيلًا إذا عُدِلَ به عن مفعول دلَّ على أن تلك الصفة قد صارت مثل السجية الغريزية والخلق اللازم كما إذا قلت فلان ظريف أو شريف أو كريم، ولهذا يكون هذا البناء غالبًا من فَعُل بوزن شرُفَ. فالحميد الذي له من الصفات وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محمودًا وإن لم يحمده غيره فهو حميد في نفسه، والمحمود مَن تعلق به حَمْدُ الحامدين. وهكذا المجيد والمُمَجد، والحمد والمَجد إليهما يرجع الكمال كله، فإن الحمد يستلزم الثناء والمحبة للمحمود، وأما المجد فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال، كما يدل عليه موضوعه في اللغة فهو دال على صفات العظمة والجلال، والحمد يدل على صفات الإِكرام، والله سبحانه ذو الجلال والإِكرام. ولما كانت الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي ثناء الله تعالى عليه وتكريمه، والتنويه به ورفع ذكره زيادة حبه وتقريبه كما تقدم كانت مشتملة على الحمد والمجد فكان المصلي طلب من الله تعالى أن يزيد في حمده ومجده فإن الصلاة عليه هي نوع حمد له وتمجيد، هذه حقيقتها فذكر في هذا المطلوب الإسمين المناسبين له وهما أسماء الحميد والمجيد. "جلاء الأفهام ص 173"

مواضع الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

مواضع الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ 1 - في الصلاة في آخر التشهد: فقد روى مسلم عن أبي مسعود قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن عنده فقال: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إٍ ذا نحن صلينا في صلاتنا صلَّى الله عليك؟ قال: (قولوا: اللهم كل على محمد وعلى آل محمد كما صَلّيتَ على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آلِ إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم). "رواه مسلم" 2 - في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية: فقد روى الشافعي عن أبي أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإِمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرًا في نفسه ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويُخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن ثم يُسلِّم سرًا في نفسه. 3 - بعد إجابة المؤذن: لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مِثلَ ما يقول ثم صَلُّوا علَيَّ فإنه مَن صلَّى عَليَّ صلاة صَلَّى الله عليه بها عشرًا ثم سَلُوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلَّا لعبد من عباد الله تعالى وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حَلَّتْ له شفاعتي). "رواه مسلم" 4 - عند الدعاء: لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كلُّ دعاء محجوب حتى يُصَلَّى على النبي - صلى الله عليه وسلم -). "رواه ابن مخلد في المنتقى وهو حسن بشواهده" 5 - عند دخول المسجد والخروج منه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وليقل: اللهم افتح لي أبوابَ رحمتك، وإذا خرَج فليُسَلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وليقل: اللهم اعصِمني مِن الشيطان الرجيم). "صحيح رواه النسائي" 6 - عند اجتماع القوم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما جلسَ قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه ولم يُصَلُّوا على نبيهم إلَّا كان عليهم تِرة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفرَ لهم). "صحيح رواه الترمذي"

7 - عند ذكره - صلى الله عليه وسلم -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (البخيل مَن ذُكرت عنده فلم يُصَلِّ عليّ). "صحيح رواه أحمد وغيره" 8 - يوم الجمعة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن مِن أفضل أيامكم يوم الجمعة: فيه خُلق آدم، وفيه قُبض، وفيه النفخة، وفيه الصَعقة، فأكثروا علَيَّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علَيَّ؛ إن الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء). "صحيح رواه أحمد" 9 - في أول النهار وآخره: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن صَلى عليَّ حين يُصبح عشرًا، وحين يُمسي عشرًا أدركته شفاعتي يوم القيامة). "حسن رواه الطبراني"

فوائد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

فوائد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ 1 - امتثال أمر الله تعالى القائل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. "الأحزاب 56" 2 - موافقته سبحانه في الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - وإن اختلفت الصلاتان. 3 - موافقة ملائكته فيها. 4 - حصول عشر صلوات من الله تعالى على المصلي عليه مرة. 5 - أنه يُرفع له عشر درجات، ويُكتب له عشر حسنات، ويمحو عنه عشر سيئات. 6 - أنه أدعى لاستجابة دعائه إذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - 7 - أنها سبب لشفاعته - صلى الله عليه وسلم - إذا قرنها بسؤاله الوسيلة. 8 - أنها سبب لصلاة الله على المصلِّي عليه - صلى الله عليه وسلم -. 9 - أنها سبب لِرَد روح النبي - صلى الله عليه وسلم - ليرد الصلاة والسلام على المصلِّي عليه والمسلِّم عليه. 10 - أنها سبب لطيب المجلس، وأن لا يكون حسرة على أهله يوم القيامة. 11 - أنها تنفي عن العبد اسم البخيل إذا صلَّى عليه عند ذكره - صلى الله عليه وسلم -. 12 - نجاة المصلي من الدعاء عليه برغم الأنف إذا تركها عند ذكره. 13 - أنها سبب لإِبقاء الله سبحانه الثناء الحسن للمُصلِّي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أهل السماء والأرض؛ لأن المصلِّي طالب من الله أن يُثني على رسوله وُيكرمه وُيشرفه والجزاء من جنس العمل. 14 - أنها سبب للبَركة في ذات المصلي وعمله وعمره وأسباب مصالحه؛ لأن المصلي داع ربه أن يبارك عليه وعلى آله وهذا الدعاء مستجاب والجزاء من جنسه. "جلاء الأفهام 247 - 249 "

الجهر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -

الجهر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتاد المؤذنون في البلاد الإِسلامية -ما عدا السعودية- الجهر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان أو قبله، فما حكم الشرع فيه؟ الجهر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان أو قبله لم يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم -. والمؤذنون في عهده: (بلال وأبو محذورة وغيرهما). ولم يفعله الصحابة والخلفاء الراشدون والتابعون، ولو كان الجهر خيرًا لسبقونا إليه. 1 - الأذان عبادة مبناها على التوقف حتى يأتي الدليل، ولا دليل على الجهر من الكتاب والسنة. 2 - الأذان ألفاظ معروفة يبدأ بقول المؤذن: (الله أكبر) وينتهي عند قول المؤذن (لا إله إلَّا الله). 3 - الجهر بالصلاة بعد الأذان لم يقله أحد من الأئمة الأربعة والذين من بعدهم من القرون المفضلة. 4 - الجهر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان يشوش على الصلين الذين يصلون السنة بعد الأذان، وقد دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسجد فرأى جماعة يُصلون وجماعة يقرأون القرآن، فقال: (أيها الناس: كُلكم يناجي ربه، لا يَجهرْ بعضكم على بعض في القرآن). "صحيح رواه أحمد" فإذا كان قارئ القرآن قد نهاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يجهر بقراءته ويرفع صوته لئلا يُشوش على المصلين، فما بالك بالجهر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فهو أولى بالمنع من الجهر بالقرآن. 5 - اعتاد المؤذنون المتأخرون: أن يجهروا بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل صلاة الجمعة وقبل أذان الفجر، وأما أذان المغرب فلا يجهرون بعده، فما هو السبب، وما الدليل على هذا التفريق: قبل الأذان تارة، وتارة بعده، وتارة عدمه؟ 6 - وهناك زيادة في الأذان: (حَي على خير العمل) أحدثها الفاطميون (الدروز) حتى جاء السلطان صلاح الدين فأبطلها بعد أن أزال الدولة الفاطمية في مصر. "انظر خُطط المقريزي" 7 - لقد تبين للقارىء أن الجهر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان أوقبله لا دليل عليه من الكتاب والسنة، وإنما هي بدعة أحدثها المتأخرون؛ لأن الله تعالى أنكر على المشركين بدعهم فقال الله تعالى ينكر على المشركين بدعهم: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}. "الشورى: 21"

وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من البدع فقال: 1 - (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ). "متفق عليه" 2 - (مَن عَمِل عمَلًا ليس عليه أمرنا فهو رَد). "رواه مسم" [ردٌّ: أي مردود على صاحبه غير مقبول]. 3 - وقال ابن عمر: كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة. 4 - وقال حذيفة: كل عبادة لم يتعبدها أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فلا تعبدوها. 5 - وقال غضيف من التابعين: ما ظهرت بدعة إلِّا تُرك مثلها سُنة. 6 - وقال الإِمام مالك: مَن ابتدع في الإِسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} "المائدة: 3" فما لم يكن يومئذ دينًا، فلا يكون اليوم دينًا. 7 - وقال الشافعي: مَن استحسَن فقد شرَّع، ولو جاز الاستحسان في الدين لجاز ذلك لأهل العقول من غير أهل الإِيمان، ولجاز أن يُشرَع في الدين في كل باب، وأن يُخْرِج كل إنسان شرعًا جديدًا.

الإسرار بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -

الإسرار بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - 1 - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان سِرًّا هو المطلوب: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صَلَّوا عليّ، فإنه مَن صلَّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلَّا لعبد من عباد الله تعالى، وأرجو أن أكون أنا هو، فمَن سأل الله لي الوسيلة حلَّت له شفاعتي). "رواه مسلم" والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان لم يَرد عن المؤذنين والصحابة أنهم جهروا بها، فلا بد أنهم قالوها سرًّا لا جهرًا. 2 - وقال - صلى الله عليه وسلم - عن دعاء الوسيلة الواردة في الحديث السابق: (اللهم رَبَّ هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مَقامًا محمودًا الذي وعدته). "رواه البخاري" وهذا الدعاء يقوله المسلمون بعد الأذان سرًّا، بعد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - سرًّا، وقد وردا في حديث واحد، فلماذا يرفع المؤذنون أصواتهم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يرفعون أصواتهم بدعاء الوسيلة؟ فعلى المؤذنين أن يقولوها سرًّا. 3 - الصلاة على النبي دعاء وقد أمر الله بالسرِّ فيه: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين}. "الأعراف: 55" [لا يحب الله المعتدين في الدعاء بالتشدق ورفع الصوت فيه]. "ذكره الجلالبن" وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا أيها الناس اربَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصَمَّ ولا غائبًا، إنه معكم إنه سميع قريب). "متفق عليه" [اربَعوا: ارفقوا واخفضوا أصواتكم].

أقوال الأئمة في حكم الجهر

أقوال الأئمة في حكم الجهر هل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - جهرًا عقب الأذان حرام أم حلال؟ فأقول وبالله التوفيق: "القائل أبو يوسف عبد الرحمن عبد الصمد". قبل البدء في الجواب أود أن ألفت أنظار الشيخين الشيخ حسين والشيخ أديب الكيلاني وأعيد إلى أذهانهما ما أجبت به أمامهما في دائرة الإِفتاء بحماة أمام المفتي عندما سئلت: (على فرض أن مؤذنًا ماجهر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عقب الأذان كالأذان، فهل هذا الجهر حلال أم حرام؟) فقلت: (هذا المؤذن أحد رجلين: رجل يعلم أن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء والصحابة من بعده مع التابعين وتابع بما فيهم الأئمة الأربعة -رضوان الله عليهم- أجمعين لم يجهروا بها قط مدة ثلاثة قرون بل خمسة قرون، وعلى علم أَيضًا أن أول من أحدثها وجهر بها الروافض العبيديون بمصر - كما سماهم الإِمام الشعراني. (ثم قال بلسان الحال أو المقال: عدم الجهر بها لا يكفي في زماننا لأن الوقت تغير، والناس أَيضًا قد تغيروا): "شو عليه لو جهرنا ورغبنا الناس في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكرناهم بها"؟ فأقول: الويل كل الويل له، لقد تنكب الصراط المستقيم وجانب الطريق السوِي ورغب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، وعَدَلَ عما كانت عليه الصحابة والتابعين وتابع التابعين بما فيهم الأئمة الأربعة الأعلام وحسبه من الإثم أن يقدم هدي الروافض على هديه - صلى الله عليه وسلم - وما كانت عليه القرون الثلاثة المفضلة وأن يرى العمل بهدي الروافض أكثر نفعًا أو أكثر تذكيرأ من العمل بهديه - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها؛ فقدم شر الأمور على خيرها عافانا الله وإياكم من ذلك. وأما الرجل الآخر فَمِن الرعاع رأى الناس قد جهروا وجميع المشايخ ساكتون بل ومستحبون له ويدعون إليها ويعادون من ترك الجهر بها، ويلمزونه تارة بالوهابب وتارة بأنه ينكر المذاهب ويستنقص الأئمة زورًا وبهتانًا. فأقول: إن كان بلغه أن الجهر بها

عقب الأذان كالأذان ليس من هدي القرون الثلاثة المفضلة وأنه من هدي الروافض، وأنهم أول من أحدثوها وأصرَّ على الجهر بها فحكمه حكم الأول آثم قلبه ومنحرف عن جادة الصواب، وإذا لم يبلغه ذلك فنقول: لقد عمل عملَا لم يرد في الشرع وليس عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تفعله القرون الثلاثة المفضلة، ونكل أمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. هذا ما أجبت به في دائرة الِإفتاء أمام جَمٍّ غفير من المشايخ وغيرهم. وهذا هو جوابي الآن عن هذا السؤال) "راجع كتاب خطاب مفتوح لدائرة الإفتاء بحماة" وأود أن أنقل لكم ما قاله الأَزْهَر بخصوص هذه البدعة كما سماها. 1 - (لا كلام في أن الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - عقب الأذان مطلوبان شرعًا لورود الأحاديث الصحيحة بطلبهما .. لكن لا مع الجهر، بل يسمع نفسه أو من كان قريبًا منه. إنما الخلاف في الجهر بهما على الكيفية المعروفة، والصواب أنها بدعة مذمومة بهذه الكيفية التي جرت بها عادة المؤذنين من رفع الصوت بهما كالأذان والتمطيط والتغني، فإن ذلك إحداث شعار ديني على خلاف ما عهد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته والسلف الصالح من أئمة المسلمين، وليس لأحد بعدهم ذلك، فإن العبادة مقصورة على الوارد عنه - صلى الله عليه وسلم - بإجماع الأئمة فلا تثبت باستحسان أحد من غير هؤلاء، ولا بإحداث سلطان عادل أو جائر، ومن العجب أنهم يفعلون هذا بقصد التقرب إليه تعالى، وقد ثبت بالنقل الصحيح الصريح أنَّه لا يُقرِّب إلى الله تعالى إلَّا العمل بما شرع، وعلى الوجه الذي شرع). 2 - قال العلامة ابن حجر في الفتاوى الكبرى: (وقد استفتي مشايخنا وغيرهم في الصلاة والسلام عليه - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان على الكيفية التي يفعلها المؤذنون فأفتوا أن الأصل سنة والكيفية بدعة). وقال الإِمام الشعراني نقلاً عن شيخه: (لم يكن التسليم الذي يفعله المؤذنون في أيامه - صلى الله عليه وسلم - ولا الخلفاء الراشدين، بل كان في أيام الروافض بمصر) انتهى. 3 - وقد سئل الأستاذ شيخنا الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية بإفادة من مديرية المنوفية في 24 مايو 1904 نمرة: (765) عن مسائل منها: ما اشتهر من الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - عقب الأذان في الأوقات الخمس إلَّا

المغرب فأجاب بقوله: أما الأذان فقد جاء في الخانية أنه ليس لغير المكتوبات وأنه خمس عشرة كلمة، وآخره لا إله إلا الله وما يذكر بعده أو قبله كله من المستحدثات المبتدعة، ابتُدِعت للتلحين لا شيء آخر، ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين ولا عبرة بقول من قال إن شيئًا من ذلك بدعة حسنة لأن كل بدعة في العبادات على هذا النحو فهي سيئة. ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين فهو كاذب. 4 - وقال العلامة ابن حجر في فتاويه الكبرى: (مَن صَلَّى عَلى النبي قبل الأذان وقال محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده معتقدًا سُنِّيَته في ذلك المحل يُنهى ويُمنع؛ لأنه تشريع بغير دليل ومن شرع بغير دليل يزجر ويمنع) انتهى. "من كتاب الإبداع في مضار الإبتداع ص 174" طِبق ما قرره المجلس الأعلى من مناهج التعليم لقسم الوعظ والخطابة بالأزهر الشريف للشيخ علي محفوظ -رحمه الله- رحمة واسعة، فقرر تدريسه في كلية أصول الدين بالأزهر.

الصلوات المبتدعة

الصلوات المبتدعة نسمع كثيرًا من صيغ الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مبتدعة لم ترد في كلام الرسول وصحابته والتابعين والأئمة المجتهدين، بل هي من وضع المشايخ المتأخرين. وقد راجت هذه الصيغ بين العوام وأهل العلم فأخذوا يقرأونها أكثر مما يقرأون الصلوات الواردة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وربما تركوا الوارد الصحيح ونشروا الصلوات المنسوبة إلى مشايخهم، ولو أمعنا النظر في هذه الصلوات لرأينا فيها مخالفة لهدي الرسول الذي نصلي عليه: ومن هذه الصلوات المبتدعة قولهم: 1 - الصلاة والسلام عليك يا أولَ خلق الله: أقول: هذا مخالف لما جاء به القرآن من أن أول المخلوقات من البشر هو: آدم عليه السلام. قال الله تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} "ص: 71" والصواب أن يُقال: الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله أو يا خاتم رسل الله. 2 - اللهم صَلِّ على محمد وعلى آلِ محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء، وارحم محمدًا وآل محمدًا حتى لا يبقى من الرحمة شيء، وبارك على محمد، وعلى آل محمد حتى لا يبقى من البركة شيء، وسلم على محمدٍ وعلى آل محمدٍ حتى لا يبقى من السلام شيء. أقول: قوله: (حتى لا يبقى من الصلاة شيء ... حتى لا يبقى من الرحمة شيء ... حتى لا يبقى من البركة شيء ...). مِن الفلسفة الفارغة التي فيها من التضييق لرحمة الله الواسعة وبركته وسلامه، وهي منافية لقول الله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} 3 - اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد عدد مَن صَلَّى عليه إلى قوله: اللهم صَلَّ على من كان إذا مشى في البر الأقفر تعلقت الوحوش بأذياله. أقول: هذا مِن الكذب الصريح على النبي - صلى الله عليه وسلم - والغلُو فيه ولا أدري فكيف يزعمون ذلك عنه، وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يخبرنا به فليتقوا الله، وإذا كانت الوحوش تتعلق بذيله، فكيف يستطيع أن يمشي؟

4 - اللهم صَلِّ على محمد وعلى آله بحر أنوارك ومعدن أسرارك. أقول: إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - هو بحر أنوار الله تعالى، ومعدن أسراره، فهل يكون النور قد انطفأ والسر قد مات بموت النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ هذا الكلام لا دليل عليه، وفيه غُلو لا يرضاه الله والرسول - صلى الله عليه وسلم -. 5 - اللهم صَلِّ على مَن تفتقت مِن نوره الأزهار. أقول: وهذا أَيضًا من افتراءات الصوفية فمحمد - صلى الله عليه وسلم - خلق من تراب. قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}. "الكهف: 110" وليست الأزهار منه ولا دليل على ذلك، والله تعالى يقول: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم}. "الإسراء: 36" 6 - اللهم صَلَّ على سيدنا محمد السابق للخلق نوره. أقول: هو لم يخلق مِن نور، بل خُلق مِن تراب، ثم هو من أبوين وليس هو سابق للخلق، بل أول الخلق من البشر آدم -عليه السلام-. قال الله تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} "ص: 71". 7 - اللهم صَلَّ على أفضل مَن طَاب منه البخار وسحابه الفخار، واستنارت بنور جبينه الأقمار، وتضاءلت عند جنود يمينه الغمائم والبحار. أقول: الإدعاء بأن الأقمار قد استنارت من نور جبينه باطل لا دليل عليه، والأقمار موجودة قبل خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -. 8 - اللهم صَلَّ على محمد هو قطب الجلالة. أقول: الزعم بأنه قطب الجلالة شرك بالله؛ لأن الله تعالى وحده هو ذو الجلال والإِكرام. قال الله تعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} "الرحمن: 78". 9 - اللهم صَلِّ على مَن منه انشقت الأسار وَانفلقت الأنوار وفيه ارتقت الحقائق وتنزلت علوم آدم. أقول: مِن أين لهم هذا الزعم الباطل أن علوم آدم تنزلت منه، وكذا انفلاق الأنوار، وقد بيّن الله في كتابه أنه هو الذي علَّم آدم. قال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}. "البقرة: 31"

وقال الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلًا}. "الإسراء: 85" فالله تعالى هو الذي أعطن آدم وذريته العلم، وأكرمهم بذلك، وأمر ملائكته بالسجود له. 10 - اللهم صَلِّ على محمد طِبِّ القلوب ودوائها، وعافيةِ الأبدان وشفائها، ونور الأبصار وضيائها، وعلى آله وسلم. أقول: إن الشافي والمعافي للأبدان والقلوب والعيون هو الله وحده، والرسول لا يملك النفع لنفسه ولا لغيره فهذه الصيغة تخالف قول الله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ}. "يونس:49" وتخالف قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُطروني كما أطرتِ النصارى ابنَ مريم فإنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله). "رواه البخاري" ومعنى الإِطراء: هو مجاوزة الحد أو الزيادة في المدح. 11 - رأيت كتابًا في فضل الصلوات لشيخ لبناني صوفي كبير فيه هذه الصيغة: اللهم صَلِّ على محمد حتى تجعل منه الأحدية القيومية. أقول: الأحَدِية والقَيومِية مِن صفات الله الواردة في القرآن قد جعلها هذا الشيخ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 12 - اللهم صَلِّ على محمد الذي خلقت مِن نوره كل شيء. أقول: الشيء يشمل آدم وإبليس، والقردة والخنازير فهل يقول عاقل بأنهم خلقوا من نور محمد؟! لقد عرف الشيطان خلقه وخلق آدم حين قال في القرآن: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}. "ص:76" فهذه الآية تكذب الصيغة وتبطلها. 13 - الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، ضاقت حيلتي فأدركني يا حبيبَ الله. أقول: الجزء الأول من الصلاة صحيح. ولكن الخطر والشرك في الجزء الثاني. من قوله: (أدرِكني يا حبيب الله)! وهذا مخالف لقول الله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}. "النمل: 62" وقوله: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ}. "الأنعام:17"

وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا أصابهَ همٌّ أو غمٌّ قال: (يا حَيُّ يا قَيُّوم برحمتك أستغيث). "حسن رواه الترمذي" فكيف يجوز لنا أن نقول له: أدركنا ونَجنا!! وهذه الصيغة مخالفة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألتَ فاسألِ الله وإذا استعنتَ فاستعِن بالله). "رواه الترمذي وقال: حسن صحيح" 14 - اللهم صَلِّ على محمد الفاتح لما أُغلِق ... وتُسمى صلاة الفاتح. أقول: قائلها يزعم أن مَن يقرأها أفضل له مِن قراءة القرآن بستة آلاف مرة، ونُقل ذلك عن الشيخ أحمد التيجاني رئيس الطائفة التيجانية. إنها لسفاهة أن يعتقد العاقل فضلًا عن المسلم أن قراءة هذه الصيغة المبتدعة أفضل من قراءة كلام الله مرة واحدة فضلًا عن ستة آلاف مرة، وهذا ما لا يقوله مسلم، وأما وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالفاتح لما أُغلق على إطلاقه دون تقييده بمشيئة الله تعالى، فهو خطأ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفتح مكة إلِّا بمشيئة الله تعالى، ولم يستطع فتح قلب عمّه للإِيمان بالله بل مات على الشرك، والقرآن يخاطب الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلًا: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَن أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} "القصص: 56". وقال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} "الفتح: 1" 15 - اللهم صَلِّ على محمد ما سَجعَتِ الحمائم ونفعَت التمائم! أقول: التميمة هي الخيرزة والخيط ونحوها، التي تعلق على الأولاد وغيرهم للحماية مِن العين، ولا تنفع مُعلِّقا ولا مَن عُلَّقت له، بل هي من أعمال المشركين، قال - صلى الله عليه وسلم -: (مَن علق تميمة فقد أشرَك). "صحيح رواه أحمد" فهذه الصيغة تخالف الحديث وتجعل الشرك والتميمة قربة إلى الله تعالى فنسأل الله العافية والهداية. 16 - صلوات الله عليك يا نبي ... يا مُجليَ الهَمِّ والكُرَب. المقطع الأول من هذا الكلام صحيح، ولكن الخطر والشرك في المقطع الثاني؛ لأن كاشف الهمِّ والكُرَب هوالله وحده. قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ}. "الأنعام: 17" وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا}. "الجن: 21"

الصلاة النارية

الصلاة النارية اللهم صَلِّ صلاة كاملة، وسَلم سلامًا تامًا على سيدنا محمد الذي تنحَل به العُقد وتنفرج به الكرَب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب، وحُسنُ الخواتيم، ويُستسقى الغمام بوجهه الكريم، وعلى آله وصحبه عدد كل معلوم لك. أقول: تُسمى هذه الصلاة (الصلاة النارية) وهي معروفة عند كثير مِن الناس، وأن مَن قرأها 4444 مرة بنيّة تفريج كَرب، أوقضاء حاجة، تُقضى له، وهذا زعم باطل لا دليل عليه، فإن عقيدة التوحيد التي دعا إليها القرآن الكريم، وعلمنا إياها رسوِل الله - صلى الله عليه وسلم - تُحَتم على كل مسلم أن يعتقد أن الله وحده هو الذي يَحل العُقد، ويُفرَج الكُرب، ويقضي الحوائج، ويُعطي ما يطلب الإِنسان حين يدعوه، ولا يجوز لمسلمٍ أن يدعو غير الله لتفريج هَمهِ أو شفاء مرَضه، ولو كان المدعو مَلَكًا مُرسلَا، أو نبيًا مقربًا، وهذا القرآن ينكر دعاء غير الله مِن المرسلين والأولياء فيقول: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} "الإسراء: 57،56" قال ابن مسعود: نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرًا مِن الجِن، فأسلم الجن والإِنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم. "ذكره ابن كثير وأصله في البخاري" 1 - كيف يرضى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن يقال عنه يَحل العُقَد، ويُفَرج الكرب، والقرآن يأمره ويقول له: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} "الأعراف: 188". 2 - وجاء رجل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال له: ما شاء الله وشئت فقال: (أجعَلتني لله نِدًّا قل ما شاء الله وحده). "حسن رواه النسائي" [النِدُّ: المثيل والشريك]. ولو حذفنا كلمة: (به) ووضعنا بدلاً منها كلمة: (بها) لكان معنى الصيغة صحيح، بدون العدد السابق، وتكون كالاتي: (اللهم صَلِّ صلاة كاملة، وسلِّم سلامًا تامًا على محمد التي تُحلُّ بها العُقد).

(أي بالصلاة) لأن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عبادة يُتوسل بها لتفريج الهَمِّ والكرب لأنها من العمل الصالح. 3 - احذر يا أخي المسلم هذه الصَيغ البدعية، التي توقعك في الشرك وتقيد بما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، الذي لا ينطق عن الهوى، والذي في متابعته الهدى والنجاة، وفي مخالفته يكون العمل مردودًا. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَن عمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو ردّ) [أي مردود]. "رواه مسلم"

كتاب دلائل الخيرات

كتاب دلائل الخيرات أما بعد فإن كتاب (دلائل الخيرات) لمؤلفه محمد بن سليمان الجزولي منتشر في العالم الإِسلامي، ولا سيما في المساجد، يقرأه المسلمون كثيرًا، بل ربما قدموه على قراءة القرآن، ولا سيما يوم الجمعة، وتتسابق المطابع في طبعه طمعًا في الربح المادي والدنيوي دون النظر إلى الخسارة الأخروية التي تلحق أصحاب المطابع والقُراء. والنسخة التي بين يدي مكتوب على ظهرها. (الحرمين للطباعة والنشر والتوزيع سنغافورة جده). ولو تصفح المسلم العاقل المطلع على أحكام دينه الكتاب لوجد فيه مخالفات شرعية كبيرة، وأهم هذه المخالفات: 1 - يقول مؤلفه في المقدمة: مُستمِدًا مِن حضرته العابية ويقصد به الرسول - صلى الله عليه وسلم -. "ص 12" أقول: هذا الكلام يخالف القرآن الكريم الذي لا يجيز طلب المدد إلا من الله حيث يقول في محكم كتابه: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} "آل عمران: 125" وكلام (دلائل الخيرات) يخالف قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن باللهِ). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح" 2 - ثم يقول في (حزب النصر لأبي الحسن الشاذلي) المكتوب على الهامش ص 7: (يا هو، ياهو، يا هو، يا من بفضله نسألك العجل). أقول: إن كلمة (هو) ليست من أسماء الله الحسنى، بل هي ضمير يعود على الكلمة التي قبلها، ولذلك لا يجوز إدخال (يا) عليها كما يفعل الصوفية، وهي مِن بدعهم يزيدون في أسماء الله ما ليس منها. 3 - ثم يذكر المؤلف أسماءَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويُعددها، ويصفه بأسماء وصفات لا تليق إلَّا باللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، علمًا بأن أسماء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وردت في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمَد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا العاشر الذي يُحشرَ الناس على قدَمَي. وأنا العاقب الذي ليسَ بعده أحد). "رواه مسلم".

وقد سماه الله رءوفًا رحيمًا. وعن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسمي لنا نفسه أسماء، فقال: (أنا محمد، وأَحمد، والمُقفّي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة). "رواه مسلم" 4 - وأسماء الرسول التي ذكرها كتاب (دلائل الخيرات) هي بدءًا من ص 37 - 47. (مُحْيٍ، مُنجٍ، ناصِرٌ، غَوْثٌ، غياث، صاحِب الفرَج، كاشِفُ الكُربَ، شافٍ). "ص 38، 47،43،40" أقول: هذه الأسماء والصفات لا تليق إلِّا باللهِ، فالمحيي، والمنجي، والناصِر، والمغيث، والشافي، وكاشف الكرب، وصاحب الفرَج هو الله سبحانه وتعالى، وقد أشار القرآن إلى ذلك فقال إبراهيم -عليه السلام-: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} "الشعراء: 78 - 81" وقد أمر الله تَعالى رسوله أن يقول للناس: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا}. "الجن: 21" وقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} "الكهف: 110" أقول: إن صاحب (دلائل الخيرات) خالف القرآن، وسوَّى بين الله ورسوله في أسمائه وصفاته، وهذا مما يتبرأ منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو سمعه لحكمِ على قائله بالشرك الأكبر. جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: ما شاء الله وشئت. فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أجعلتني لله ندًّا؟ قل ما شاء الله وحده). "رواه النسائي بسند حسن" [الندُّ: المثيل والشريك]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبدُ، فقولوا عبد الله ورسوله). [رواه البخاري] [الإِطراء: المبالغة والزيادة في المدح، ويجوز مدحه بما ورد في الكتاب والسنة]. 5 - ثم ذكر بعض أسماء الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مُهَيْمِن، جَبَّار، روح القدس). "ص 41، 42"

والقرآن ينفي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه الصفات فيقول له في القرآن: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} "الغاشية: 22". {وَمَا أنت عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} "ق: 45" وروح القدس هو جبريل -عليه السلام- لقوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}. "النحل:102" 6 - ثم ذكر صاحب الكتاب صفات لا تليق بمسلم فضلًا عن رسول هو من أفضل البشر فيقول عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أحيد، أجير، جرثومة). "ص 37 - 115" وفي أول الكتاب رفع المؤلف الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى درجة الإِله حينما قال: (مُحي، ناصر، شاف، مُنج ..) إلى آخر الأوصاف التي مَرت، وهنا يُنزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى درجة (جرثومة، أجير) وهذا ما تقشعر له الأبدان، وتشمئز منه النفوس، فهي في عرف الناس الشيء الضار الذي يكافح كجرثومة الكل مثلًا، وحاشاه - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، وهو الذي نفع الأمة، وبلَّغ الرسالة، وأنقذ بتعاليمه الناس من الظلم والشرك والتفرقة إلى العدل والتوحيد، وإن أراد بالجرثومة الأصل والسبب فهو غير صحيح أَيضًا. 7 - ثم بعد هذا الكلام الباطل يعود ليصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأوصاف كاذبة فيها الشرك الذي يحبط العمل كقوله في [صفحة 90]: (اللهم صَلِّ على مَن تفتقت من نوره الأزهار، واخضرت من بقية ماء وضوئه الأشجار) وهذا كذب، فالله الذي خلق الأشجار وهو الذي فتق أزهارها، وأعطاها لون الخضرة. 8 - ثم يقول عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -[ص 100]: (والسبب في كل موجود) إن كان قصده أن الموجودات خلقها الله لأجل محمد - صلى الله عليه وسلم - فهذا كذب؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. "الذاريات: 56" 9 - ثم يقول المؤلف ص 198: (اللهم صَلِّ على محمد ما سجَعت الحمائم، وحُمَّت الحوائم، وسرَحت البهائم، ونفعَت التمائم).

وهذا الكلام يخالف كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي نهى عن التمائم فقال: (مَن علَّق تميمة فقد أشرك). "صحيح رواه أحمد" [والتميمة: هي الخرزة أو الودعة أو غيرها تُعلق على الولد، أو السيارة، أو البيت لِرَد العَين] وهي من الشرك: وكلام المؤلف يخالف القرآن الذي يعتبر النفع والضر من الله فيقول الله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. "الأَنعام: 17" 10 - ثم يقول الجزولي: (اللهم صَلِّ على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء، وارحم محمدًا حتى لا يبقى من الرحمة شيء، وبارك على محمد حتى لا يبقى مِن البركة شيء، وسَلّم على محمد حتى لا يبقى من السلام شيء). "ص 64" أقول: هذا كلام باطل يخالف القرآن فإن صلاة الله ورحمته، وبركاته، دائمة لا تنفذ ولا تفنى، قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} "الكهف: 109" 11 - ثم يذكر في آخر الكتاب (الصلاة المشيشية). "ص 259 - 260" التي على الهامش، وهذا نصها: (اللهم صَلِّ على مَن مِنه انشقت الأسرار، وانفلقت الأنوار، وفيه ارتقت الحقائق ... ولا شيء إلا وهو به منوط. إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط) ... إلى آخرها. أقول: هذا كلام باطل في أوله، وسخيف معقد في آخره. ثم يقول في تتمة هذا الدعاء "ص 26" (وزُجَّ بي في بحار الأحدية، وانشُلْني من أوحال التوحيد، وأغرقني في عين بحر الوحدة، حتى لا أرى ولا أسمع ولا أُحِسَّ إلَّا بها). أقول: لاحظ أخي المسلم أن في هذا الدعاء أمرين: أ - قوله: (وانشلْني من أوحال التوحيد). والأوحال هي الأوساخ، فهل للتوحيد أوساخ؟!

إن توحيد الله في العبادة والدعاء نظيف ليس فيه أوحال وأوساخ كما يزعم ابن مشيش، وإنما الأوحال والأوساخ في دعاء غير الله من الأنبياء أو الأولياء، وهو من الشرك الأكبر الذي يحبط العمل، ويُخلد صاحبه في النار. ب - (وزُجّ بي في بحار الأحدية، وأغرقني في عين بحر الوحدة). أقول: هذه وحدة الوجود عند بعض الصوفية التي عبر عنها زعيمهم ابن عربي المدفون بدمشق حيث قال في الفتوحات المكية: العبذ رَبٌّ والرَّبُّ عبدٌ ... يا ليت شِعري مَن المكلَّف؟ إن قلتَ عبدٌ فذاك حَقٌ ... وإن قلتَ رَبٌ فأنى يُكَلف فانظر كيف جعل العبدَ رَبًا، والرب عبدًا، فهما متساويان عند ابن عربي، وابن مشيش الذي ذكر كلامه: (دلائل الخيرات)، والحق أن فيه كثيرًا من دلائل الشرور. 12 - ثم ذكر المؤلف "ص 83" (اللهم صَلِّ على كاشف الغُمة، ومُجلي الظلمة، ومُولي النعمة، ومُؤتي الرحمة). أقول: هذا إطراء زائد لا يرضاه الإِسلام، ولا يرضاه الرسول - صلى الله عليه وسلم -. 13 - ثم يقول علي بن سلطان محمد القاري في ورده الذي سماه: (الحزب الأعظم) المطبوع على هامش: (دلائل الخيرات الذي يبدأ من ص 15): (اللهم صَلِّ على سيدنا محمد السابق للخلق نوره) "ص 178" أقول: هذا الكلام باطل يكذبه الحديث القائل: (إن أولَ ما خلق الله القلم). "رواه أحمد وصححه الألباني" أما حديث: (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر). فهو عند أهل الحديث مكذوب وموضوع وباطل. 14 - جاء في بعض النسخ من كتاب (دلائل الخيرات) وفي آخر قصيدة جاء فيها: بأبي خليل شيخنا وملاذنا ... قطبُ الزمان هو المُسمى محمدُ

يقول: إن شيخه محمد يلوذ به ويلتجىء إليه عند المصائب، وهذا شرك؛ لأن المسلم لا يلوذ إلَّا بالله، ولا يلتجىء إلَّا إليه لأنه حَي قادر، وشيخه ميت عاجز لا ينفع ولا يضر. ويعتقد أن شيخه قطب الزمان، وهذا اعتقاد الصوفية القائلة: إن في الكون أقطابًا يتصرفون في أمور الكون، حيث جعلوهم شركاء لله في تدبير الأمور، مع أن المشركين السابقين يعتقدون أن المُدبر للكون هوالله وحده: قال الله تعالى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}. "يونس: 31" 15 - لقد ورد في كتاب (دلائل الخيرات) أدعية صحيحة، ولكن هذه الطامات الكبرى السابقة الموجودة فيه أفسدت عقيدة القارئ للكتاب إذا اعتقد بها، فلم تعد تنفعه الأدعية الصحيحة وفي الكتاب أخطاء كثيرة، ومن أراد التوسع فليرجع إلى كتاب (كتب ليست من الإِسلام) لمؤلفه الأستاذ محمود مهدي استانبولي حيث تكلم عنه، وعن قصيدة البردة، ومولد العروس، وطبقات الأولياء للشعراني، وتائية ابن الفارض، والأنوار القدسية، والتنوير في إسقاط التدبير، ومعراج ابن عباس، والحِكم لابن عطاء الله الإِسكندري، وغيرها من الكتب التي طالب المؤلف بإحراقها لما فيها من الضرر على عقيدة المسلمين. 16 - احذر يا أخي المسلم قراءة هذه الكتب، وعليك بقراءة كتاب: (فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -) للشيخ إسماعيل القاضي تحقيق المحدث الألباني، كما أن هناك كتابًا جيدًا اسمه (دليل الخيرات) لمؤلفه (خير الدين وانلي) جمع فيه صلوات وأدعية صحيحة يغنيك عن (دلائل الخيرات) الذي يوقعك في الشرك والآثام، واحذر قراءة الصلوات المبتدعة. اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وحببنا فيه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، وكرهنا فيه وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم.

ماذا تعرف عن قصيدة البردة؟

ماذا تعرف عن قصيدة البردة؟ قال البوصيري في قصيدته المشهورة يخاطب الرسول - صلى الله عليه وسلم -: 1 - فإن مِن جودِك الدنيا وضرَّتَها ... ومِن علومِكَ عِلمُ اللوح والقلم هذا الكلام مخالف للقرآن الذي يقول الله فيه: {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى} فالدنيا والآخرة هي من الله ومن خلْقِهِ، وليست من جود الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخلقه، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم ما في اللوح المحفوظ، إذ لا يعلم ما فيه إلا الله وحده، وهذا إطراء ومبالغة في مدح الرسول وأنه يعلم الغيب الذي في اللوح المحفوظ بل إن ما في اللوح من علمه وقد نهانا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الإطراء فقال: (لا تُطْرُوني كَما أطْرَتِ النَّصارى ابْنَ مَرْيم، فَإنّمَا أنا عَبْدٌ فقُولوا عَبْد الله ورسُولُهُ). "رواه البُخَارِي" 2 - ما سامني الدهر ضَيمًا واستَجرت به ... إلَّا ونِلتُ جِوارًا منه لم يُضَم يقول: ما أصابني مرض أوهم وطلبت منه الشفاء أو تفريج الهم إلَّا شفاني وفرَّج هَمي. والقرآن يقول عنِ إبراهيم -عليه السلام-: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}. "الشعراء: 80" والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إذا سألت فاسأل الله وإذا اسْتَعَنتَ فَاستَعِن بالله). "رواه الترمذي وقال: حسن صحيح" 3 - فإن لي ذمة منه بتسميتي محمدًا ... وهو أوفى الخلق بالذِّمَمِ يقول الشاعر: إن لي عهدًا عند الرسول أن يدخلني الجنة؛ لأن اسمي محمدًا، ومن أين له هذا العهد؟ وهل التسمية بمحمد مُبرر لدخول الجنة؟ والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لبنته فاطمة -رضي الله عنها-: (سَليني مِن مالي ما شِئْتِ، لا أُغني عَنْكِ مِن الله شيئًا). "رواه البخاري" 4 - وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة مَن ... لولاه لم تخرج الدنيا مِنَ العدم الشَّاعر يقول لولا محمد - صلى الله عليه وسلم - لما خلقت الدنيا، والله يكذبه ويقول {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. "الذاريات: 56" 5 - أقسَمتُ بالقَمر المنشق إن له ... مِن قلبه نِسبة مبرورة القسم الشَّاعر يقسم ويحلف بالقمر والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول:

(مَن حَلَفَ بَغير الله فقد أشرك). "حديث صحيح رواه أحمد" ثم يقول الشاعر يخاطب الرسول قائلًا: لو ناسبتْ قدرَه آياتُه عِظَمًا ... أحيا اسمُه حين يُدعى دَارسَ الرمَمِ ومعناه: لو ناسبتْ معجزات الرسول- صلى الله عليه وسلم - قدره في العِظَم، لكان الميت الذي أصَبح باليًا يحيا وينهض بذكر اسم الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وهذا الكلام من الشاعر اعتراض على الله، علمًا بأن الله أعطى لنبيه معجزة القرآن وشق القمر. فاحذر يا أخي المسلم قراءة هذه القصيدة وأمثالها المخالفة للقرآن، وهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

حسان يمدح الرسول - صلى الله عليه وسلم -

حسان يمدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - أغرُّ (¬1) عليه للنبوة خاتَم ... مِن الله مَشهودٌ يلوح ويَشهد وضَمَّ الإله اسمَ النبي إلى اسمِه ... إذ قال في خمس المؤذن أشهدُ وشَقَّ له مِن اسمِه لِيُجله ... فذو العرش محمودٌ وهذا محمدُ نبيٌّ أتانا بعد يأس وفترة ... مِن الرسل والأوثانُ في الأرض تُعبَد فأمسى سراجًا مستنيرًا وهاديًا ... يلوح كما لاح الصقيل المُهنَّد وأنذرَنا نارًا، وبشَّرَ جنة ... وعلَّمنا الإِسلام فالله نحمدُ وأنت إله الخلق ربي وخالقي ... لذلك ما عَمرتُ في الناس أشهد تعاليتَ ربَّ الناس عن قول مَن دعا ... سواكَ إلهًا أنتَ أعلى وأمجد لك الخلق والنَّعَماء والأمرُ كله ... فإياك نستهدي وإياك نعبُد * * * بطَيبةَ رَسم للرسول ومعهد ... منيرٌ وقد تعفو الرسومُ وتهمدُ عرفتُ بها رسمَ الرسوَل وعهده ... وقبرًا به واراهُ التُّراب ومَلحَد * * * أعني الرسولَ فإن الله فضلَه ... على البَرية بالتقوى وبالجود فينا الرسول وفينا الحق نتبعه ... حتى المماتِ ونصرٌ غير محدودِ "من ديوان حسان بن ثابت -رضي الله عنه-" ¬

_ (¬1) أغرُّ: أي أبيض.

مكارم أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم -

مكارم أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - يا مَن له الأخلاق ما تهوى العُلا ... منها وما يتعَشَّق الكُبَراء لو لَم تُقِمْ دِينًا لقامَت وحدَها ... دينًا يُضيء بنوره الآناء زانتك في الخلُق العظيم شمائلٌ ... يُغرَى بهن ويُولَعُ الكرَماء وإذا سخوتَ بلغتَ بالجود المَدى ... وفعلتَ ما لا تفعل (الكرَماء) وإذا عفوتَ فقادرًا ومقدَّرًا ... لا يَستهينُ بعفوك الجُهلاء وإذا رَحِمتَ فأنت أمٌّ أو أبٌ ... هذانِ في الدنيا هُما الرُّحَماء وإذا غضِبتَ فإنما هي غَضبة ... في الحق لا ضِغْنٌ ولا بغضاء وإذا رضيتَ ففي مرضاته ... ورضى الكثير تَحلُّمٌ ورِياء وإذا خطبتَ فلِلمنابر هِزةٌ ... تعرو النَّدِيَّ وللقلوب بُكاء وإذا قضيتَ فلا ارتيابَ كأنما ... جاء الخصومَ من السماءَ قضاءُ وإذا أخذتَ العهدَ أو أعطيتَه ... فجميعُ عهدِك ذِمَّة ووفاء بك يا ابْنَ عبد الله قامتْ سمحةٌ ... بالحق مِن مِلل الهُدى غرَّاء بُنِيتْ على التوحيدِ وهي حقيقة ... نادى بها (الحكماء والعقلاء) الله فوق الخلقِ فيها وَحده ... والناسُ تحت لِوائها أكفاء والدين يُسرٌ والخلافة بَيعة ... والأمرُ شورى والحقوقُ قضاءُ أنصفتَ أهلَ الفقر مِن أهل الغنى ... فالكلُّ في حق الحياة سواء ظلموا شريعتَك التي نِلنا بها ... ما لَم يَنَل في رُومة الفقهاء صَلى عليك الله ما صَحِب الدُّجى ... حادٍ وحنَّتْ بالفلا وَجناء "من ديوان الشاعر أحمد شوقي"

§1/1